وما قتلوه ما صلبوه ! ( الرد على القس عوض سمعان )

تقليص

عن الكاتب

تقليص

أَبُو عُبَـيِّدة اكتشف المزيد حول أَبُو عُبَـيِّدة
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • وما قتلوه ما صلبوه ! ( الرد على القس عوض سمعان )

    وما قتلوه وما صلبوه !


    ( الرد على القس عوض سمعان في كتابه : " قضية صلب المسيح بين مؤيد ومعارض " )






    مقدمة

    الحمد لله وحده , والصلاة والسلام على من لا نبي بعده , اللهم يا مسبب الأسباب , ويا مفتح الأبواب , ويا دليل الحائرين , توكلت عليك يا رب العالمين , وأفوض أمري إلى الله, إن الله بصير بالعباد .

    أما بعد ,,

    فلقد جعل الله تبارك وتعالى التوبة والأعمال الصالحات مدار نجاة الإنسان , فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره , ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره , وقد ذكر الله تبارك وتعالى في جميع الكتب السماوية , أن كل نفس بما كسبت رهينة , والإنسان مسؤول على أعماله في الدنيا , ولن يغني مولى عن مولى شيئًا , ولن تغفر الخطايا إلا بالتوبة !

    وقد زعم قوم , أن الإيمان بصلب بشر فداءً عن بقية البشر - المغضوب عليهم بسبب ذنب بشر - لهو مدار النجاة في الدنيا والآخرة !
    وقد كذَّب دعواهم كتابهم الذي يدينون به , ويزعمون أن فيه أصل هذه العقيدة , التي نسبت إلى الله تبارك وتعالى الذل والضعف والهوان , تعالى الله عما يصفون !
    ولهذا رأيت أن أعرض بعض الأدلة النقلية والعقلية والتاريخية على فساد هذه العقيدة , وبيان زيفها وكذبها , والأمر لا يخرج عن المناقشة الهادفة , والحوار البناء .

    ولقد ألف العديد من الباحثين المسيحيين في هذه العقيدة على مر الزمان , العديد من الكتب والأبحاث , ورأينا استشهادهم من القرآن الكريم بعد ليِّ آياته الكريمة التي أنكرت واستنكرت عقائد النصرانية , وتحريفها عن مواضعها , على صحة معتقد " الصلب والفداء " , فكان لا بد من الرد على تلك الكتب والأبحاث بنفس الكيفية , لكن دون الخروج عن حدود الأدب , بل طرح كلام ربنا الذي أنزله على نبينا صلى الله عليه وسلم, حين قال تعالى حكاية عن نبينا عيسى عليه الصلاة والسلام : {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً}النساء157.

    داعمًا هذا الطرح بأدلة نقلية وعقلية وتاريخية , فأسأل الله جل وعلا أن يوفقني في عرض الموضوع بشتى جوانبه , فالمسلم له رأي هام في هذه القضية , فلقد شغلت هذه القضية جزء كبيرًا من القرآن الكريم ( أي عقيدة الخلاص ) .

    وصلى الله وبارك وسلم على نبينا محمد
    وعلى آله وصحبه أجمعين ,,

  • #2
    وفقك الله باذنه

    متابع باذن الله
    {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا
    بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }العنكبوت46


    اقرأ القرآن فانه يحميك من الشيطان
    وانظر بوجهك للسماء وقل احمدك يا رحمن
    اهديتنا القرآن المبين يكون خيرا للعالمين
    وجعلته عونا لنا وهداية فى كل حين


    اعرف دينك

    تعليق


    • #3
      يضع الأعضاء تعليقاتهم على هذا الرابط https://www.hurras.org/vb/showthrea...0327#post20327
      الرجاء عدم احراجنا بحذف ردودكم

      تعليق


      • #4
        الصلب في ميزان الإسلام



        قال الله تبارك وتعالى : {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً}النساء157.

        اتفقت الأمة الإسلامية على ما أصَّلَه القرآن الكريم , من أن المسيح عليه الصلاة والسلام لم يصلب{بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً }النساء158 , فسلمه الله من شر اليهود وأذاهم , فالمسيح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام , لم يُصلب أو يُقتل .
        ورغم أن الصلب يسبق القتل , إذ هو وسيلة للقتل , إلا أن الله تبارك وتعالى قدم القتل على الصلب فقال تعالى : ( وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ ) , بمعنى : أنه لم يُقتل أصلاً , فكيف تزعمون أنه قد صُلب ؟!

        ولقد لخص الشيخ محمد رشيد رضا – رحمه الله – في تفسير " المنار " مجمل أقوال المفسرين قديمًا وحديثًا في هذا الشأن , فقال رحمه الله :

        ( {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ }النساء157. أي وبسبب قولهم ( أي اليهود ) هذا فإنه قول يؤذن بمنتهى الجرأة على الباطل , والضراوة وبارتكاب الجرائم , والإستهزاء بآيات الله ورسله , ووصفه هنا بصفة الرسالة للإذان بتكمهم به عليه السلام واستهزائهم بدعوته , وهو مبني على أنه إنما ادعى النبوة والرسالة فيهم لا الألوهية كما تزعم النصارى , على أن أناجيلهم ناطقة بأنه كان موحدًا لله تعالى , مدعيًا للرسالة كقوله في إنجيل يوحنا : ( وهذه هى الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك , ويسوع المسيح الذي أرسلته ) , ويجوز أن يكون قوله " رسول الله " منصوبًا على المدح والإختصاص للإشارة إلى فظاعة عملهم , ودرجة جهلهم , وشناعة زعمهم , ( وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ ) أي والحال أنهم ما قتلوه كما زعموا تبجحًا بالجريمة , وما صلبوه كما ادعوا وشاع بين الناس , ( وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ ) أي وقع لهم الشبهة أو الشبه فظنوا أنهم صلبوا عيسى وإنما صلبوا غيره , (وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ ) أي وإن الذين اختلفوا في شأن عيسى من أهل الكتاب في شك من حقيقة أمره , أي في حيرة وتردد ما لهم به من علم ثابت قطعي , لكنهم يتبعون الظن أو القرائن التي ترجح بعض الآراء الخلافية على بعض , فالشك هو التردد بين أمرين شامل لمجموعهم لا لكل فرد من أفرادهم , هذا إذا كان – كما يقول علماء المنطق – لا يستعمل إلا فيما تساوى طرفاه بحيث لا يترجح أحدهما على الآخر , والذين يتبعون الظن في أمره هم أفراد رجحوا بعض ما وقع الإختلاف فيه على بعض القرائن أو بالهوى والميل, والصواب أن هذا معنى اصطلاحي للشك , وأما معناه في أصل اللغة فهو نحو من معنى الجهل , وعدم استبانة ما يجول في الذهن من الأمر , فهو إذاً يشمل الظن في اصطلاح أهل المنطق وهو ما ترجح أحد طرفيه , فالشك في صلب المسيح هو التردد فيه أكان هو المصلوب أو غيره , فبعض المختلفين في أمره الشاكين فيه يقول إنه هو , وبعضهم يقول إنه غيره , وما لأحد منهما علم يقيني بذلك وإنما يتبعون الظن , وقوله تعالى : (إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ ) استثناء منقطع كما علم من تفسيرنا له .
        وفي الأناجيل المعتمدة عند النصارى أن المسيح قال لتلاميذه : " كلكم تشكون فيَّ في هذه الليلة" ( مت 26 : 31 , مر 14 : 27 ) . أي التي يُطلب فيها للقتل والصلب .
        فإذا كانت أناجيلهم لا تزال ناطقة بأنه أخبر أن تلاميذه وأعرف الناس به يشكون فيه في ذلك الوقت وخبره صادق قطعًا فهل يُستغرب اشتباه غيرهم وشك من دونهم في أمره ؟
        (وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً ) أي وما قتلوا عيسى ابن مريم قتلاً يقينًا أو متيقنين أنه هو بعينه , لأنهم لم يكونوا يعرفونه حق المعرفة , وهذه الأناجيل المعتمدة عند النصارى تصرح بأن الذي أسلمه إلى الحند وهو يهوذا الإسخريوطي , وأنه جعل لهم علامة أن من قبله يكون هو يسوع المسيح فلما قبله قبضوا عليه . وأما إنجيل برنابا فيصرح بأن الجنود أخذوا يهوذا الإسخريوطي نفسه ظنًا أنه المسيح , لأنه ألقى عليه شبهه . فالذي لا خلاف فيه هو أن الجنود ما كانوا يعرفون شخص المسيح معرفة يقينية , وقيل إن الضمير في قوله تعالى : (وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً ) للعلم الذي نفاه عنهم , والمعنى : ما لهم به من علم لكنهم يتبعون الظن, وما قتلوه يقينًا وتثبتًا به , بل رضوا بتلك الظنون التي يتخبطون فيها , يقال قتلت الشيء علمًا وخبرًا – كما في الأساس – إذا أحطت به واستوليت عليه حتى لا ينازع ذهنك منه اضطراب ولا ارتياب .... والحاصل أن جميع روايات المسلمين متفقة على أن عيسى عليه السلام نجا من أيدي مريدي قتله فقتلوا آخر ظانين أنه هو ) ( عقيدة الصلب والفداء ص 7-9 ) .



        نقد أدلة النصارى النقلية على صلب المسيح عليه السلام
        أولاً : العهد القديم وحادثة الصلب



        * في الرد على زعمهم أن التوراة ( العهد القديم ) تنبأت بصلب المسيح !

        تحتل النبوءات في الفكر المسيحي مكانة سامقة، جعلت بعض النصارى يشترطون لصحة النبوة أن يسبقها نبوءة!
        وحادثة صلب المسيح - كما يعتبرها النصارى - أحد أهم أحداث المعمورة، فكان لا بد وأن يتحدث عنها الأنبياء في أسفارهم، وأن يذكرها المسيح لتلاميذه . فهل أخبرت الأنبياء بصلب المسيح وقيامته ؟ وهل أخبر المسيح تلاميذه بذلك ؟ ! والإجابة النصرانية عن هذا التساؤل كانت بالإيجاب ، وأن ذلك في مواضع كثيرة من الأناجيل والرسائل والأسفار التوراتية ( العهدالقديم ).
        وللأسفار التوراتية دور عظيم في مسألة صلب المسيح ، فقد أكثرت الأناجيل في هذه القصة من الإحالة إلى أسفار التوراة ؛ التي يرونها تتنبأ بالمسيح المصلوب ، وكانت نصف هذه الإحالات إلى المزامير المنسوبة لداود وغيره وقد ذكر عيسى عليه السلام لتلاميذه ضرورة أن تتحقق فيه النبوءات التوراتية بقوله: " لا بد أن يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسى والأنبياء والمزامير" ( لوقا 26/44 ) ويقول: " فتشوا الكتب …. وهي التي تشهد لي " ( يوحنا 5/39 ).والنبوءات التي أحالت إليها الأناجيل بخصوص حادثة الصلب أربع عشرة نبوءة، ذكر متَّى منها ستاً، ومرقس أربعاً، ولوقا اثنتين، بينما ذكر منها يوحنا سبع نبوءات.
        ونخلص من هذا إلى أهمية النبوءات التوراتية المتعلقة بصلب المسيح.
        لذلك فإن العلماء المسلمين ارتضوا محاكمة النصارى في هذه المسألة إلى أسفار التوراة (العهد القديم) ، ذلك بأنه ليس من المقبول أن يتصور أحد أن اليهود يغيرون كتبهم لتتمشى مع معتقدات النصارى ، لذا فهم يرتضون هذه الكتب معياراً للكشف عن الحقيقة.



        يتبع ....

        تعليق


        • #5
          * المزامير .... مؤيد أم معارض ؟!




          تُعد المزامير المنسوبة إلى نبي الله داود أحد أهم النصوص المتعبد بها عند اليهود والنصارى على السواء , وقد أخذ النصارى ينسبون تلك المزامير إلى داود بلا بينة أو دليل وكأن الأمرمحسوم وليس محلاً للنقاش , فإذا ذُكرت المزامير ذُكر داود !
          لكن هذا الموقف المتشدد أصبح يسيرًا على العلماء نقده وتحليله , لأن الأدلة تقف حائلاً بين داود عليه السلام ونسبة تلك المزامير له !

          جاء في مدخل سفر المزامير للترجمة الكاثوليكية ******ية ما نصه : ( يجد المفسرون المعاصرون , في مسائل الصحة الأدبية , مجالاً متسعًا للبحث والجدل , فالحرف العبري الذي يسبق أسماء الأشخاص في العناوين يقبل أكثر من تأويل , فقد يدل على الرجوع إلى المؤلف .....وكان مفهوم الناس لهوية المؤلف وللملكية الأدبية على غير ما هو اليوم من التشدد , فهناك عقبات كبرى تعترض طريقنا , إن أردنا إدراج القصائد في تاريخ بني إسرائيل وتحديد تواريخها , فقد تضم وثيقة متأخرة إلى حد ما تقاليد قديمة العهد , وقد يقدم مؤلفون حديثون على إعادة التأليف لما تركه أسلافهم , فيتبنون أو يكيفون مواد قديمة , وقد يرصعون بمجوهرات جديدة أجزاء قديمة جدًا وحتى بقايا من أدب الشعوب المجاورة , إن أمكن الأمر , لن ينتهي الجدل بسرعة في مسألة عمر النصوص والتأثيرات الغريبة التي طرأت عليها , فهى من أشد المسائل تعقيدًا وصعوبة ) ( مدخل إلى سفر المزامير ص 1107 , 1108 ) .

          ولسوف نستعرض منها في هذه العجالة ستة مزامير فقط، من نبوءات المزامير ، نختصرها من دراسة منصور حسين الرائعة في كتابه الماتع "دعوة الحق بين المسيحية والإسلام"، والتي شملت ستة وثلاثين مزموراً، والمزامير الستة التي اختارها، يجمعها أنها مما يعتبره النصارى نبوءات تحدثت عن المسيح المصلوب.



          1- المزمور الثاني :

          وفيه: " لماذا ارتجت الأمم، وتفكر الشعوب في الباطل، قام ملوك الأرض، وتآمر الرؤساء معا على الرب، وعلى مسيحه، قائلين: لنقطع قيودها ولنطرح عنا رُبُطهما. الساكن في السماوات يضحك، الرب يستهزئ بهم، حينئذ يتكلم عليهم بغضبه، ويرجفهم بغيظه " (المزمور 2/1 - 5 ).

          والمزمور: يراه النصارى نبوءة بالمسيح الموعود. يقول د.هاني رزق في كتابه " يسوع المسيح ناسوته وألوهيته "عن هذا المزمور: " وقد تحققت هذه النبوءة في أحداث العهد الجديد، إن هذه النبوءة تشير إلى تآمر وقيام ملوك ورؤساء الشعب على يسوع المسيح لقتله وقطعه من الشعب، وهذا ما تحقق في أحداث العهد الجديد في فترتين، في زمان وجود يسوع المسيح له المجد في العالم " ويقصد تآمر هيرودس في طفولة المسيح، ثم تأمر رؤساء الكهنة لصلب المسيح.
          ووافقه " فخري عطية" في كتابه " دراسات في سفر المزامير" و"حبيب سعيد" في "من وحي القيثارة " وويفل . ل .كوبر في كتابه "مسيا عمله الفدائي" وياسين منصور في "الصليب في جميع الأديان "، فيرى هؤلاء جميعاً أن المزمور نبوءة بالمسيح المصلوب.

          وقولهم بأن النص نبوءة بالمسيح ورد في سفر أعمال الرسل: " فلما سمعوا رفعوا بنفس واحدة صوتاً إلى الله وقالوا: أيها السيد، أنت هو الإله صانع السماء والأرض والبحر وكل ما فيها. القائل بفم داود فتاك: لماذا ارتجّت الأمم وتفكر الشعوب بالباطل. قامت ملوك الأرض واجتمع الرؤساء معا على الرب وعلى مسيحه. لأنه بالحقيقة اجتمع على فتاك القدوس الذي مسحته هيرودس وبيلاطس البنطي مع أمم وشعوب إسرائيل، ليفعلوا كل ما سبقت فعيّنت يدك ومشورتك أن يكون‏" (أعمال 4/24-31).

          ولا نرى مانعاً في موافقتهم بأن المزمور نبوءة عن المسيح، فالمزمور يتحدث عن مؤامرات اليهود عليه، وهذا لا خلاف عليه بين المسلمين والنصارى، وإنما الخلاف: هل نجحوا أم لا؟ فبماذا يجيب النص ؟ يجيب بأن الله ضحك منهم واستهزأ بهم، وأنه حينئذ أي في تلك اللحظة أرجف المتآمرين بغيظه وغضبه.
          هل يكون ذلك لنجاحهم في صلب المسيح، أم لنجاته من بين أيديهم، ووقوعهم في شر أعمالهم ؟



          2- المزمور السابع :

          وفيه: " يا رب، إلهي عليك توكلت، خلصني من كل الذين يطردونني، ونجني لئلا يفترس كأسد نفسي، هاشماً إياها، ولا منقذ. يا رب، إلهي، إن كنت قد فعلت هذا، إن وجد ظلم في يدي، إن كافأت مسالمي شراً، وسلبت مضايقي بلا سبب، فليطارد عدو نفسي، وليدركها، وليدس إلى الأرض حياتي، وليحط إلى التراب مجدي، سلاه.قم يا رب بغضبك، ارتفع على سخط مضايقي، وانتبه لي. بالحق أوحيت، ومجمع القبائل يحيط بك، فعد فوقها إلى العلا، الرب يدين الشعوب، اقض لي يا رب كحقي، ومثل كحالي الذي في، لينته شر الأشرار، وثبت الصديق، فإن فاحص القلوب والكلى: الله البار، ترسي عند الله مخلص مستقيمي القلوب.الله قاض عادل، وإله يسخط كل يوم، إن لم يرجع يحدد سيفه: مد قوسه وهيأها، وسدد نحوه آلة الموت، يجعل سهامه ملتهبة.هو ذا يمخض بالإثم، حمل تعباً، وولد كذباً، كرى جُبّاً حفره، فسقط في الهوة التي صنع، يرجع تعبه على رأسه، وعلى هامته يهبط ظلمه. أحمد الرب حسب بره، وأرنم لاسم الرب العلي". (مزمور 7/1-17 ) .

          جاء في كتاب " دراسات في المزامير " لفخري عطية: " واضح أنه من مزامير البقية، إذ يشير إلى زمن ضد المسيح، وفيه نسمع صوت البقية، ومرة أخرى نجد روح المسيح ينطق على فم داود بالأقوال التي تعبر عن مشاعر تلك البقية المتألمة، في أيام الضيق العظيمة ".

          والربط واضح وبيِّن بين دعاء المزمور المستقبلي " يا رب، إلهي، عليك توكلت، خلصني من كل الذين يطردونني ونجني.... " وبين دعاء المسيح ليلة أن جاءوا للقبض عليه : (( يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عنِّى هذه الكأس ، ولكن ليس كما أريد أنا بل كما تريد أنت )) متَّى [ 26 : 39 ] .

          ثم يطلب الداعي من الله عوناً؛ أن يرفعه إلى فوق، في لحظة ضيقه " فعد فوقها إلى العلا "، ويشير إلى حصول ذلك في لحظة الإحاطة به " ومجمع القبائل - يحيط بك، فعد فوقها إلى العلا ".ثم يذكر المزمور بأن الله " قاض عادل " فهل من العدل أن يصلب المسيح أم يهوذا؟ ثم يدعو أن يثبت الصديق، وأن ينتهي شر الأشرار، ويؤكد لجوءه إلى الله، مخلص القلوب المستقيمة. ثم يتحدث المزمور عن خيانة يهوذا. وقد جاء : " مد قوسه وهيأها وسدد نحوه آلة الموت " (القُبلة) " ويجعل سهامه ملتهبة ".

          ولكن حصل أمر عظيم، لقد انقلب السحر على الساحر : " هو ذا يمخض بالإثم، حمل تعباً، وولد كذباً، كَرَى جُبّاً، حفره فسقط في الهوة التي صنع، يرجع تعبه على رأسه وعلى هامته يهبط ظلمه " . لقد ذاق يهوذا ما كان حفره لسيده المسيح، ونجا المسيح في مجمع القبائل إلى العلا. ثم ينتهي المزمور بحمد الله على هذه العاقبة :" أحمد الرب حسب بره، وأرنم لاسم الرب العلي " . وهكذا نرى في هذا المزمور صورة واضحة لما حصل في ذلك اليوم، حيث نجى الله عز وجل نبيه، وأهلك يهوذا.

          ولا مخرج للنصارى إزاء هذا النص إلا إنكاره، أو التسليم له، والقول بأن المسيح له ظلم، وله إثم، وأنه ذاق ما كان يستحقه، وأن الله عادل؛ بقضائه قتل المسيح، وأن ذلك أعدل وأفضل من القول بنجاته؛ وصلب يهوذا الظالم الآثم، جزاءً لفعله وخيانته، وإلا فعليهم الرجوع إلى معتقد المسلمين؛ بأن النص نبوءة عن يهوذا الخائن، ولا رابع لهذه الخيارات الثلاثة.



          3- المزمور العشرون :

          وفيه: " ليستجب لك الرب في يوم الضيق. ليرفعك اسم إله يعقوب، ليرسل لك عوناً من قدسه، ومن صهيون ليعضدك، ليذكر كل تقدماتك، وليستسمن محرقاتك، سلاه، ليعطك حسب قلبك، ويتمم كل رأيك، نترنم بخلاصك، وباسم إلهنا نرفع رايتنا، ليكمل الرب كل سؤلك. الآن عرفت أن الرب مخلص مسيحه، يستجيبه من سماء قدسه، بجبروت خلاص يمينه، هؤلاء بالمركبات وهؤلاء بالخيل، أما نحن: فاسم الرب إلهنا نذكره.هم جثوا وسقطوا، أما نحن: فقمنا وانتصبنا، يارب: خلص، ليستجيب لنا الملك في يوم دعائنا" ( المزمور 20/1 - 9 ).

          يقول د .هاني رزق في كتابه " يسوع المسيح في ناسوته ولاهوته ": " تنبأ داود النبي (1056 ق. م)، و(حبقوق النبي 726 ق. م)، بأن الرب هو المسيح المخلص، نبوءة داود النبي، مزمور 20/9 " الآن عرفت أن الرب مخلص مسيحه.... " .
          وفي كتاب " دراسات في سفر المزامير" "يؤكد فخري عطية" هذا، ويقول عن الفقرة التاسعة من هذا المزمور : " في هذا العدد تعبير يشير في الكتب النبوية إلى ربنا يسوع المسيح نفسه، تعبير يستخدمه الشعب الأرضي عن المخلص العتيد ".

          ولكن القراءة المتأنية لهذا المزمور ترينا أنه ناطق بنجاة المسيح ، حيث يبتهل صاحب المزمور طالباً النجاة له في يوم الضيق ، وليس من يوم مر على المسيح أضيق من ذلك اليوم الذي دعا فيه طويلاً، طالباً من الله أن يصرف عنه هذا الكأس : " وإذ كان في جهاد؛ كان يصلي بأشد لجاجة، وصار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض " ( لوقا 22/44 ).
          ويذكر النص إجابة دعائه وإعطاءه ملتمس شفتيه وسؤله وكل مراده : " ليعطك حسب قلبك، ويتمم كل رأيك... ليكمل الرب كل سؤلك".

          وهذ العون والنجاء لما سبق وتقدم به المسيح من أعمال صالحة : " ليذكر كل تقدماتك، وليستسمن محرقاتك".
          وينص المزمور على اسم المسيح وأنه يخلصه من الموت في فقرة ظاهرة لا تخفى حتى على الأعمى : " الآن عرفت أن الرب مخلص مسيحه، يستجيبه من سماء قدسه بجبروت خلاص " فالنص يذكر المسيح بالاسم، ويتحدث عن خلاصه، أن الله رفعه، وأنه أرسل له ملائكة يحفظونه " ليرفعك اسم إله يعقوب، ليرسل لك عوناً من قدسه".

          ويبتهج المزمور لهذه النهاية السعيدة : "نترنم بخلاصك، وباسم إلهنا نرفع رايتنا ".

          ويتحدث المزمور أيضاً عن تلك اللحظة العظيمة، لحظة الخلاص التي نجا فيها المسيح : " هم جثوا وسقطوا، أما نحن فقمنا وانتصبنا " . فهو يتحدث عن لحظة وقوع الجند كما في يوحنا : " فلما قال لهم: إني أنا هو ؛ رجعوا إلى الوراء، وسقطوا على الأرض " (يوحنا 18/6 ).

          فدلالة هذا المزمور على نجاة المسيح أوضح من الشمس في رابعة النهار.

          تعليق


          • #6
            4 -المزمور الحادي والعشرون :

            وفيه: " يا رب ، بقوتك يفرح الملك، وبخلاصك، كيف لا يبتهج جدا ً؟ شهوة قلبه أعطيته، وملتمس شفتيه لم تمنعه، سلاه. لأنك تتقدمه ببركات خير، وضعت على رأسه تاجاً من إبريز حياة، سألك فأعطيته، طول الأيام إلى الدهر والأبد عظيم، مجده بخلاصك، جلالاً وبهاء تضع عليه، لأنك جعلته بركات إلى الأبد، تفرحه ابتهاجاً أمامك، لأن الملك يتوكل على الرب، وبنعمة العلي لا يتزعزع. تصيب يدك جميع أعدائك، يمينك تصيب كل مبغضيك، تجعلهم مثل تنور نار في زمان حضورك، الرب بسخطه يبتلعهم، وتأكلهم النار، تبيد ثمرهم من الأرض، وذريتهم من بين بني آدم، لأنهم نصبوا عليك شراً، تفكروا بمكيدة لم يستطيعوها، لأنك تجعلهم يقولون: تفوق السهم على أوتارك تلقاء وجوههم، ارتفع يا رب بقوتك، نُرنم وتُنغّم بجبروتك " ( المزمور 21/1 - 3 ).

            يقول فخري عطية في كتابه "دراسات في سفر المزامير": " إن المسيح هو المقصود بهذا المزمور" ووافقه كتاب " تأملات في المزامير " لآباء الكنيسة الصادر عن كنيسة مار جرجس باسبورتنج.
            وقولهم صحيح، فقد حكى المزمور العشرون عن دعاء المسيح وعن استجابة الله له، ويحكي هذا المزمور ( 21 ) عن فرحه بهذه الاستجابة " يا رب بقوتك يفرح الملِك، وبخلاصك كيف لا يبتهج جداً... نُرنم وننغّم بجبروتك ". وينص المزمور أن الله أعطاه ما سأله وتمناه " شهوة قلبه أعطيته، وملتمس شفتيه لم تمنعه،.. سألك فأعطيته "، وقد كان المسيح يطلب من الله النجاة من المؤامرة : " إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس " ( متَّى 26/39 ).

            ويذكر المزمور أن الله أعطاه حياة جديدة طويلة إلى قبيل قيام الساعة " حياةً سألَكَ فأعطيتَه، طول الأيام، إلى الدهر، والأبد"، كما وضع عليه إكليل حياة، وهو غير إكليل الشوك الذي وضع على المصلوب، يقول المزمور: "وضعت على رأسه تاجاً من إبريز حياة".
            ويحكي المزمور عن أعداء المسيح الذين تآمروا عليه وفكروا في : " مكيدة لم يستطيعوها " فهم لم يلحقوا الأذى به، فقد فشلت المؤامرة، لأنه رُفع " ارتفع يا رب بقوتك ".
            وأما هؤلاء الأعداء: فترجع مكيدتهم عليهم : " تصيب يدك جميع أعدائك، يمينك تصيب كل مبغضيك.. الرب بسخطه يبتلعهم، وتأكلهم النار، تبيد ثمرهم من الأرض، وذريتهم من بين بني آدم.. تفوق السهام على أوتارك تلقاء وجوههم ".


            5- المزمور الثاني والعشرون:

            وفيه: " إلهي إلهي لماذا تركتني بعيداً عن خلاصي؟ عن كلام زفيري؟ إلهي في النهار أدعو فلا تستجيب، في الليل أدعو فلا هدوّ لي. وأنتَ القدوس الجالس بين تسبيحات إسرائيل، عليك اتكل آباؤنا. اتكلوا فنجيتهم. إليك صرخوا فنجوا. عليك اتكلوا فلم يَخزَوْا.

            أما أنا فدودة لا إنسان. عارُُ عند البشر، ومحتقرُ الشعب. كل الذين يرونني يستهزئون بي. يفغرون الشفاه، ويُنغضون الرأس قائلين: اتكل على الرب فلينجه.لينقذه، لأنه سُرّ به، لأنك أنت جذبتني من البطن. جعلتني مطمئناً على ثديي أمي. عليك ألقيت من الرحم. من بطن أمي، أنت إلهي. لا تتباعد عني لأن الضيق قريب. لأنه لا معين. أحاطت بي ثيران كثيرة، أقوياء باشان اكتنفتني. فغروا علىّ أفواههم، كأسد مفترس مزمجر. كالماء انسكبتُ.انفصلتْ كل عظامي. صار قلبي كالشمع. قد ذاب في وسط أمعائي. يبستْ مثل شَقفَة قوتي. ولصق لساني بحنكي، وإلى تراب الموت تضعني. لأنه قد أحاطت بي كلاب. جماعة من الأشرار اكتنفتني. ثقبوا يدي ورجلي. أُحصى كل عظامي. وهم ينظرون ويتفرسون فيَّ. يقسمون ثيابي بينهم، وعلى لباسي يقترعون". (المزمور 22/1-18).

            ويُجمع النصارى على أن هذا المزمور نبوءة عن المسيح، فقد أحالت إليه الأناجيل , يقول كاتب إنجيل متَّى: " ولما صلبوه اقتسموا ثيابه مقترعين عليها، لكي يتم ما قيل بالنبي: اقتسموا ثيابي بينهم، وعلى لباسي ألقوا قرعة " ( متَّى 27/35 ) ومثله في ( يوحنا 19/24 )، والإحالة إلى هذا المزمور في قوله : " يقسمون ثيابي بينهم، وعلى لباسي يقترعون " .كما أن الرواية التي في المزمور توافق رواية الصلب في صراخ المصلوب: " إلهي إلهي لماذا تركتني " ( متَّى 27/46 ) ( مرقس 15/34 ) .
            ويوافق نص المزمور ما جاء في الأناجيل في بيان حال المصلوب : " كان المجتازون يجدفون عليه، وهم يهزون رؤوسهم قائلين: يا ناقض الهيكل وبانيه في ثلاثة أيام، خلص نفسك، إن كنت ابن الله فانزل عن الصليب، قد اتكل على الله فلينقذه الآن إن أراده " ( متَّى 27/39 - 43 ) فهذا يشبه ما جاء في هذا المزمور " محتقر الشعب، كل الذين يرونني يستهزئون بي .. وينغضون الرأس قائلين: اتكل على الرب، فلينجه".

            كما يوافق النص الأناجيل مرة أخرى في قوله :" جماعة من الأشرار اكتنفتني، ثقبوا يدي ورجلي، أحصي على عظامي " فهي تدل على أخذ المصلوب يوم سُمرت يداه ورجلاه على الصليب. لهذا كله كان إجماع النصارى على أن هذا المزمور نبوءة عن حادثة الصلب، خاصة أن داود لم يمت مصلوباً، فهو إذن يتحدث عن غيره.

            والحق أن المزمور نبوءة عن المصلوب، لكنه ليس عيسى، بل الخائن يهوذا الأسخريوطي، فنراه وهو جزع، يائس، يصرخ: " إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟"، فالمزمور نبوءة عن المصلوب اليائس الذي يدعو فلا يستجاب له : "إلهي، في النهار أدعو فلا تستجيب، في الليل أدعو فلا هُدوّ لي.. عليَك اتكل آباؤنا فنجيتَهم، عليك صرخوا فنجوا، عليك اتكلوا فلم يخزوا. أما أنا فدودة لا إنسان... "
            ويصف المزمور المصلوب بأنه : " دودة لا إنسان، عارُُ عند البشر، محتقَرُ الشعب " فمَن هو هذا اليائس الموصوف بأنه دودة، وأنه عار عند البشر، وأنه محتقر، وأنه لا يستجاب له؟ إنه يهوذا، حيث جعلتْه خستهُ وخيانتهُ كالدودة، وأصبح عاراً على البشر، كلَّ البشر، المسلمين واليهود والنصارى، بل وحتى البوذيين وغيرهم، لأنه خائن، والخيانة خسة وعار عند كل أحد، يحتقره الشعب، ولا يستجيب الله دعاءه.ولا يقبل بحال أن يوصف المسيح بأنه دودة، والعجب من أولئك الذين يدعون ألوهيته كيف يستسيغون تسميته بدودة، بل الدودة هو الخائن يهوذا. ثم كيف يوصف المسيح بالعار، وهو مجد وفخر للبشر؛ بل العار هو يهوذا، ونلاحظ أن النص يصفه بالعار ليس فقط عند جلاديه وأعدائه، بل عند البشر جميعاً، ولا يمكن أن يكون المسيح كذلك، بل تفخر البشرية أن فيها مثل هذا الرجل العظيم الذي اصطفاه الله برسالته ووحيه. كما نلاحظ أن كلمة "عار" تلحق بالشخص نفسه، لا بالصلب الواقع عليه، فهو العار، وهو الدودة.
            وكيف يكون المسيح عاراً وهو الذي يفخر به بولس في قوله : " وأما من جهتي فحاشا أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع " ( غلاطية 6/14 ) فلم الفخر به إن كان عاراً ؟
            وأما وصف المصلوب بأنه " محتقر الشعب" فهو وصف ينطبق على المصلوب وكلمة "الشعب " تشير إلى اليهود وأولئك الذين حضروا الصلب، وكانوا يحتقرون المصلوب.


            6- المزمور المائة والتاسع :

            وفيه: " يا إله تسبيحي، لا تسكت ؛ لأنه قد انفتح علّى فم الشرير، وفم الغش. تكلموا معي بلسان كذب. بكلام بغض، أحاطوا بي وقاتلوني بلا سبب. بدل محبتي يخاصمونني. أما أنا فصلوة. وضعوا علّى شراً بدل خير، وبُغضاً بدل حبي. فأقم أنت عليه شريراً، وليقف شيطان عن يمينه. إذا حوكم فليخرج مذنباً، وصلاته فلتكن خطية. لتكن أيامه قليلة، ووظيفته ليأخذها آخر. ليكن بنوه أيتاماً، وامرأته أرملة. لِيَتِهْ بنَوُه تَيَهَاناً ويستعطوا. ويلتمسوا خبزاً من خِربهم. ليصطد المرابي كل ما له، ولينهب الغرباء تعبه. لا يكن له باسط رحمة، ولا يكن مُتَرَأّفُ على يتاماه. لتنقرض ذريته. في الجيل القادم ليمح اسمهم. ليذكر إثم آبائه لدى الرب ولا تمح خطية أمه. لتكن أمام الرب دائماً. وليقرض من الأرض ذِكرهم. من أجل أنه لم يذكر أن يصنع رحمة، بل طرد إنساناً مسكيناً وفقيراً، والمنسحق القلب ليميته. وأحب اللعنة، فأتته، ولم يسر بالبركة، فتباعدت عنه. ولبس اللعنة مثل ثوبه فدخلت، كمياه في حشاه، وكزيت في عظامه. لتكن له كثوب يتعطف به، وكمنطقة يتمنطق بها دائماً. هذه أجرة مبغضي من عند الرب، وأجرة المتكلمين شراً على نفسي. أما أنت يا رب السيد فاصنع معي من أجل اسمك. لأن رحمتك طيبة نجني. فإني فقير، ومسكين أنا، وقلبي مجروح في داخلي. كظل عند ميله ذهبت. انتفضت كجرادة. ركبتاي ارتعشتا من الصوم، ولحمي هزل عن سمن. وأنا صرت عاراً عندهم. ينظرون إليّ وينغضون رؤوسهم. أعني يا رب، إلهي. خلصني حسب رحمتك. وليعلموا أن هذه هي يدك، أنت يا رب فعلت هذا. أما هم فيلعنون. وأما أنت فتبارك. قاموا وخزوا. أما عبدك فيفرح. ليلبس خصمائي خجلاً وليتعطفوا بخزيهم كالرداء. أحمد الرب جداً بفمي، وفي وسط كثيرين أسبحه. لأنه يقوم عن يمين المسكين، ليخلصه من القاضين على نفسه. ( مزمور 109/1 - 31 )

            وهذا المزمور أيضاً يراه النصارى على علاقة بقصة الصلب، وأن المقصود في بعضه يهوذا، وهو قوله: " ووظيفته ليأخذها آخر، ليكن بنوه أيتاماً، وامرأته أرملة.. ويلتمسوا خبزاً من خربهم " وقد أحال عليه كاتب "أعمال الرسل" وهو يتحدث على لسان بطرس حين قال متحدثاً عن يهوذا:" لأنه مكتوب في سفر المزامير: لتصر داره خراباً، ولا يكن فيها ساكن، وليأخذ وظيفته آخر " ( أعمال 1/15 - 26 ).
            وقد انتخب الحواريون بدلاً من يهوذا تنفيذاً لهذا الأمر يوسف ومتياس، وأقرعوا بينهما، فوقت القرعة علي متياس، فحسبوه مكملاً للأحد عشر رسولاً ( انظر أعمال 1/23 - 26 ).
            إذًا فالنص في هذا المزمور متحدث عن يهوذا ولا ريب، وهذا صحيح، فهو يتحدث عن محاكمته : " وإذا حوكم فليخرج مذنباً " فمتى حوكم يهوذا إذا لم يكن هو المصلوب ؟ والنص يتحدث عن محاكمته، وعن نتيجة محاكمته : " لتكن أيامه قليلة، ووظيفته ليأخذها آخر "، كما يتحدث المزمور عن وقوفه على الصليب، وعن يمينه شيطان، ذاك الذي كان يستهزأ به، فمتى وقف شيطان عن يمين يهوذا، ومتى حوكم إن لم يكن ذلك في تلك الواقعة التي تجلى فيها غضب الله عليه.

            النص كما رأينا يتحدث في شطرين على لسان المسيح.

            ففي الشطر الأول : يتحدث عن الأشرار الذين قاتلوه بلا سبب، ووضعوا عليه الشر بدل الخير.
            وفي الشطر الثاني : يستمطر القائل نفسه اللعنات على هذا الشرير، ويسأل الله الخلاص حسب رحمته " أعِني يا رب، إلهي، خلصني حسب رحمتك.. " ويفرح المسيح لخلاصه "لأنه يقوم عن يمين المسكين، ليخلصه من القاضين على نفسه".


            يتبع ......

            تعليق


            • #7
              * هل ما جاء في سفر إشعياء نبوءة عن صلب المسيح ؟!


              سفر إشعياء يعد من أهم الأسفار الكتابية عند اليهود والنصارى , وهو منسوب إلى أمير الأنبياء إشعياء عليه السلام كما يلقبه أهل الكتاب , لكن علماء الكتاب المقدس ينفون ذلك , بل ويذهبون إلى أن هذا السفر من عمل العديد من المحررين المجهولين !

              جاء في مقدمة السفر : ( يضم سفر أشعياء مجموعة من 66 فصلاً فيها أدلة فكرية وأدبية واضحة على أنها لا تعود إلى زمن واحد , لا عجب أن يكون لكتاب واحد عدة مؤلفين, ففي العهد القديم أسفار أخرى تتسم بهذا الطابع الخليط , ولكن , في حين أن أسماء مؤلفيها غير معروفة ....وأوضح دليل على تعدد المؤلفين يظهر في مطلع الفصل الأربعين , حيث يبدأ مؤلَّف يقال له سفر أشعيا الثاني , فبدون أي تمهيد نجد أنفسنا منقولين من القرن الثامن إلى حقبة الجلاء ( القرن السادس ) ( ! ) ..... يحسن بنا إذًا أن ندرك ما في الكتاب من طابع خليط وألا نحاول أن نُثبت وحدة التأليف إثباتًا اصطناعيًا , أما عرض كيف أُلف سفر أشعيا فآنه محاولة تتضمن قدرًا وافرًا من الإفتراض , فقد كان إنجاز الكتاب بعد الجلاء , لا بل بعد العودة , وهو مفترض بما ورد في الفصول 56-66 , وكان في متناول المحررين , لا أجزاء مبعثرة فقط , بل مجموعات بكل معنى الكلمة ..... هناك نصوص ( مثل 8/1 و16 و30/8 ) تشهد بأن النبي كتب شيئًا من أقواله , ولكن الراجح أن عددًا كبيرًا من أقواله لم يكتبها هو نفسه , بل دونها تلاميذه , نزولاً عن رغبته, أو بعد ذلك بقليل ....من الواضح أنه , فيما يتعلق بعدد وحجم المجموعات التي دخلت في تأليف سفر أشعيا , لا يسعنا إلا أن نتكهن ) (الترجمة الكاثوليكية- مدخل إلى سفر أشعيا ص 1513 , 1514 ) .

              إن النصارى يرون أن ثمة نبوءة في غير المزامير قد وردت في صلب المسيح، ألا وهي ما جاء في إشعيا 52 و 53 وفيه : " هو ذا عبدي يعقل، ويتعالى، ويرتقي ويتسامى جداً، كما اندهش منه كثيرون، كان منظره كذا مفسدة أكثر من الرجل، وصورته أكثر من بني آدم، هكذا ينضح أمماً كثيرين، من أجله يسد ملوكُُ أفواههم، لأنهم قد أبصروا ما لم يخبروا به، وما لم يسمعوه فهموه. من صدق خبرنا، ولمن استعلنت ذراع الرب، نبت قدامه كفرخ، وكعرق من أرض يابسة، لا صورة له ولا جمال فننظر إليه، ولا منظر فنشتهيه، محتقر ومخذول من الناس، رجل أوجاع، ومختبر الحزن، وكمستر عنه وجو هنا، محتقر فلم نعتد به. لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها، ونحن حسبناه مصلوباً، مضروباً من الله ومذلولاً، وهو مجروح لأجل معاصينا، مسحوق لأجل آثامنا، تأديب سلامنا عليه، وبجبره شفينا، كلنا كغنم ضللنا، مِلْنا كل واحد إلى طريقه، والرب وضع عليه إثم جميعنا، ظلم أما هو فتذلل، ولم يفتح فاه، كشاة تساق إلى الذبح، وكنعجة صامتة أمام جازيها، فلم يفتح فاه.من الضغطة ومن الدينونة أخذ، وفي جيله من كان يظن أنه قطع من أرض الأحياء، أنه ضرب من أجل ذنب شعبي، وجعل مع الأشرار قبره، ومع غني عند موته على أنه لم يعمل ظلماً، ولم يكن في فمه غش.أما الرب فسر بأن يسحقه بالحزن، إذ جعل نفسه ذبيحة إثم، يرى نسلاً تطول أيامه، ومسرة الرب بيده تنحج، من تعب نفسه يرى ويشبع، وعبدي البار بمعرفته يبرر كثيرين، وآثامهم هو يحملها، لذلك أقسم له بين الأعزاء ومع العظماء، يقسم غنيمة من أجل أنه سكب للموت نفسه، وأحصي مع أثمةٍ، وهو حمل خطية كثيرين، وشفع في المذنبين " ( إشعيا 52/13 - 53/12 ) ( انظر قضية صلب المسيح بين مؤيد ومعارض لعوض سمعان ص 52 ) .

              ويربط النصارى بينه وبين ما جاء في مرقس : " فتم الكتاب القائل: وأحصي مع أثمة " (مرقس 15/28) ومقصوده كما لا يخفى ما جاء في إشعيا : " سكب للموت نفسه، وأحصى مع أثمة " , ومثله في أعمال الرسل ( أعمال 8/22 - 23 ).

              والنص ولا ريب قد تعرض للكثير من التلاعب والتحوير، وتجزم بهذا التلاعب عندما تلحظ غموض عباراته، وحين تقارن نص إشعيا مع ما جاء في أعمال الرسل، وهو ينقل عنه، وفيه : " وأما فصل الكتاب الذي كان يقرأه، فكان هذا: مثل شاة سيق إلى الذبح، ومثل خروف صامت أمام الذي يجزه، هكذا لم يفتح فاه، في تواضعه انتزع قضاؤه، وجيله من يخبر به، لأن حياته تنتزع من الأرض " ( أعمال 8/ 32- 33 ).

              لذا حق للمحققين أن يروه نصاً حور لينطبق على المسيح، ودليل ذلك أن فيلبس الحواري قرأ النص ولم يفهم منه أنه نبوءة عن المسيح، حتى أطلعه عليه خصي حبشي كان وزيراً لملك كنداكة ملك الحبشة، وبعد هذه القصة تنصر الرجل، وعمّده فيلبس، يقول لوقا: " فبادر إليه فيلبس وسمعه يقرأ النبي إشعياء فقال: ألعلك تفهم ما أنت تقرأ؟ فقال: كيف يمكنني إن لم يرشدني أحد.وطلب إلى فيلبس أن يصعد ويجلس معه.وأما فصل الكتاب الذي كان يقرأه فكان هذا: مثل شاة سيق إلى الذبح ومثل خروف صامت أمام الذي يجزه هكذا لم يفتح فاه. في تواضعه انتزع قضاؤه، وجيله من يخبر به، لأن حياته تنتزع من الأرض.فأجاب الخصي فيلبس: وقال أطلب إليك: عن من يقول النبي هذا؟ عن نفسه أم عن واحد آخر؟ ففتح فيلبس فاه وابتدأ من هذا الكتاب فبشره بيسوع...فعمده، ولما صعدا في الماء خطف روح الرب فيلبس، فلم يبصره الخصي أيضاً، وذهب في طريقه فرحاً، وأما فيلبس فوجد في أشدود" ( أعمال 8/26 -40 ).
              فالخصي هو الذي أوحى إلى فليبس ثم النصارى فكرة تنبؤ نص إشعيا بالمسيح.

              والمسلمون لا يرون في هذا النص أي نبوءة عن المسيح، ويستغرب المسلمون ويستنكرون من الربط بين نص إشعيا وقصة الصلب في الأناجيل، فنص إشعيا يتحدث عن عبد ، فيما يقول النصارى بألوهية المسيح، فكيف يجمعون بين عبوديته لله وألوهيته في وقت واحد؟!
              وهذا العبد قبيح في منظره مخذول محتقر لا يعتد به، فهو ليس المسيح على أي حال : " هو ذا عبدي... كان منظره كذا مفسدة أكثر من الرجل، وصورته أكثر من بني آدم.. لا صورة له ولا جمال فننظر إليه، ولا منظر فنشتهيه، محتقر ومخذول من الناس، رجل أوجاع، ومختبر الحزن، وكمستر عنه وجو هنا، محتقر فلم نعتد به". والنص يتحدث عن الذي : "لم يفتح فاه، كشاة تساق إلى الذبح، وكنعجة صامتة أمام جازيها، فلم يفتح فاه ".
              بينما المسيح تكلم مراراً وتكراراً، فلقد قال لبيلاطس أثناء محاكمته: " أنت تقول: إني ملك، لهذا قد ولدت أنا، ولهذا قد أتيت إلى العالم، لأشهد للحق، كل من هو في الحق يسمع صوتي " (يوحنا 18/37 ) وكان قد قال له قبل: " مملكتي ليست في هذا العالم، لو كانت مملكتي في هذا العالم لكان خدامي يجاهدون لكي لا أسلم إلى اليهود، ولكن الآن ليست مملكتي من هذا " ( يوحنا 18/36 ).
              كما تكلم في المحاكمة لما لطمه أحد الخدم فأجابه المسيح: " إن كنت قد تكلمت ردياً فاشهد على الردي، وإن حسناً فلماذا تضربني ؟ " ( يوحنا 18/22 ) .
              كما تكلم قبلها طويلاً في البستان، وهو يناجي، طالباً من الله أن يعبر عنه هذه الكأس... فإن أصر النصارى بعد ذلك على أن النبوءة تنطبق على المسيح، فقد قالوا إذًا بأن المسيح تكلم وهو مغلق الفم !
              كما يذكر النص شجاعة وتماسكاً لا تتناسب وصراخ المصلوب، وجزعه، وقنوطه، فالمسيح كشاة أمام جازيها صامتة، " وهكذا لم يفتح فاه " ثم إنه " أخذ من السجن والمحاكمة، ومن الذي يعلن إلى جيله أنه قد بتر في أرض الأحياء ، بسبب تعديات شعبي كان مبتلاً ".

              وأما قوله : " من صدق خبرنا، ولمن استعلنت ذراع الرب "، فهو سؤال يفهم منه أن الخبر المقصود هو نجاة المسيح الذي لم يصدقه أحد، ويجيب النصُ - كما يرى الأستاذ منصور حسين - بأن الذي صدق بنجاة المسيح شخص : " محتقر مخذول من الناس، رجل أوجاع، ومختبر الحزن، وكمستر عنه وجوهنا، محتقر فلم نعتد به " . إنه الذي تحمل الأوجاع، والذي احتقر، وباء بإثمه وإثم المتآمرين معه، إنه يهوذا الخائن، الذي رأى عناية الله تحيط بالمسيح وهو يصعد وينجو فهو : " مجروح لأجل معاصينا، مسحوق لأجل آثامنا" . فلقد تحمل يهوذا وزر المؤامرة : "وضع عليه إثم جميعنا " ، لأنه التلميذ الخائن، وكان هؤلاء اليهود كالغنم الضالة : " فكلهم كغنم ضلوا " .
              أما بقية النص فسوف نناقشه عند حديثنا عن عقيدة الفداء والكفارة ونقدهما .


              يتبع .....

              تعليق


              • #8
                * زكريا ويهوذا الخائن , جمع بين نقيضين !

                يقول القس عوض سمعان : ( وزكريا النبي الذي عاش قبل المسيح بخمسمئة سنة - فهو غير نبي الله زكريا عليه السلام الذي كفل مريم عيها السلام - تنبأ عن بيع المسيح بثلاثين من الفضة . وإعطاء هذا المبلغ للفخارى ثمنًا لمقبرة جعلت للغرباء . كما تنبأ عن جرحه وطعنه بالحربة بواسطة مواطنيه الذين أحبهم , فقال عن لسانه :" فوزنوا أجرتي ثلاثين من الفضة فقال لي الرب ألقها إلى الفخاري الثمن الكريم الذي ثمنوني به " . وقال أيضًا : " فيسأله: ما هذه الجروح التي في يديك؟ فيقول : هى التي خرجت بها في بيت أحبائي " .وقال أيضًا : " وأفيض على بيت داود وعلى سكان أورشليم روح النعمة والتضرعات فينظرون إلى الذي طعنوه وينوحون عليه كنائح على وحيد له " ( 12 : 10) . ) (قضية صلب المسيح بين مؤيد ومعارض ص 53 ) .

                لقد أخذ القس عوض سمعان يستنبط من تلك المقصوصات التي قصها من سياق النصوص أن زكريا كان يتنبأ بصلب المسيح عليه السلام وخيانة يهوذا له مقابل ثلاثين من الفضة , فالقس لم يلتزم بما قاله في كتابه : " كل آية من الآيات , سواء في المزامير أو غير المزامير , لا يمكن فهم معناها إلا بالإرتباط مع الآيات السابقة واللاحقة لها , ولذلك يجب أن لا ندرس آية بالإستقلال عن هذه أو تلك" ( المصدر السابق ص 60 ) .

                يقول صفوة مختارة من علماء الكتاب المقدس في تقديمهم لسفر زكريا : ( إن سفر زكريا, شأن سفر أشعيا , لا يمكن أن يُنسب إلى نبي واحد .... نكاد لا نعرف شيئًا عن شخص النبي زكريا , فإنه يتوارى وراء عمله , يعرف نفسه بأنه حفيد عدو ( 1/1و1/7) وربما ابن عدو ( عز5/1و6/14والترجوم ) ويبدو أنه كان في حوالي السنة 500 رئيس أسرة عدو الكهنوتية (نح 12/16 ) , إن إلحاحه على منزلة الهيكل ناتج عن صفته الكهنوتية, وكان من شأن الكاهن أن يجيب عن الإستشارات الطقسية كالتي طُلبت من زكريا في أمر الحفاظ على الأصوام التذكارية أوحذفها ...وأخيرًا فإن اهتمامه بالطهارة والقداسة للأرض المقدسة يوافق العقلية الكهنوتية ) ( الترجمة الكاثوليكية - مدخل إلى سفر زكريا ص 2004 , 2005 ) .

                فليست مشكلة هذه الشهادة التي يزعمها القس أن كاتب إنجيل متَّى أخطأ فيها من حيث الشكل والإطار العام فقط , حين حسبها من سفر أرميا بينما هى من سفر زكريا ( مت 27 : 9 ) . بل إحتوائها على أخطاء موضوعية تتضح لنا حين نقارن بين عناصرها والعناصر التي تحتوي على نهاية يهوذا الخائن , فنجد أن القصتين على طرفي نقيض , ولا يمكن أن تكون الأولى – قصة زكريا – صورة مطابقة للقصة الثانية التي ذكرها متَّى عن نهاية يهوذا أو حتى نبوءة عنها وذلك للآتي :

                1- بطل قصة زكريا هو نبي كريم يتلقى الوحي من الله وفقًا لما جاء في كتابكم , بينما بطل قصة متَّى خائن حقير صارت خيانته مثل سوء في العالمين .

                2- لقد تسلم زكريا ثلاثين من الفضة , ثمنًا كريمًا ارتضاه الله لصنيعه مع شعبه ( راجع زكريا إصحاح 11 ) بينما الفضة التي تسلمها يهوذا ثمنًا خسيسًا يرفضه كل الناس بما فيهم يهوذا الخائن نفسه حين رجع إلى نفسه وحاسبها فإنه خجل لأن يمتلك ثمن الخيانة , وذهب ليودعها في خزينة بيت الرب . ( مت 27 : 3-5 ) .

                3- لما كانت فضة زكريا ثمنًا كريمًا فإنها قبلت في بيت الرب ( زكريا 11 : 13 ) , أما فضة يهوذا , فكما أنها رفضت من يهوذا نفسه , فإنها رفضت كذلك من كهنة إسرائيل المنافقين الذين أبوا أن يقبلوها في خزينة بيت الرب , لأنها ثمن رجس ( مت 27 : 6 ) .

                4- جدير بالذكر أن إنجيل مرقس الذي كان المصدر الرئيسي لإنجيلي متَّى ولوقا , لم يحدد قيمة ثمن الخيانة وإنما قال : " ثم إن يهوذا الإسخريوطي .. مضى إلى رؤساء الكهنة ليسلمه إليهم . ولما سمعوا فرحوا ووعدوه أن يعطوه فضة " ( مر 14 : 10-11 ) . وكذلك في إنجيل لوقا : " فمضى ( يهوذا ) وتكلم مع رؤساء الكهنة وقواد الجند كيف يسلمه إليهم . ففرحوا ووعدوه أن يعطوه فضة فواعدهم " ( لوقا 22 : 4-6 ) . فمن هذا يتبين لنا أن كاتب إنجيل متَّى قد انفرد عن بقية الأناجيل – ومنها إنجيل يوحنا – بتحديد ثمن الخيانة بثلاثين من الفضة ولا نعلم من أين أتى بهذا الرقم . وما ذلك إلا لأن فقرة زكريا تكلمت عن ثلاثين من الفضة والفخارى , ولهذا قرر إعتبارها شهادة عن خاتمة يهوذا وبيعه سيده يسوع , لكنه من غفلته نسب النبوءة خطأ إلى أرميا وليس زكريا فقال : "فتم ما قيل على لسان النبي أرميا : أخذوا ثلاثين من الفضة وهي ثمن الـمُثَمَّن ثَمَّـنَه بها بنو إسرائيل " ( الكاثوليكية – متَّى 27 : 9 ) . ويأبى الله إلا أن يذل من عصاه , وما ذلك على كاتب إنجيل متّى بجديد , فكثيرًا ما أخطأ في النقل والإقتباس من العهد القديم , ثم يقولون هذا من عند الله !

                إذًا فقياس القس عوض سمعان لا يُحتج به , وأما بالنسبة لما استشهد به : " وأفيض على بيت داود وعلى سكان أورشليم روح النعمة والتضرعات فينظرون إلى الذي طعنوه وينوحون عليه كنائح على وحيد له " ( زكريا 12 : 10 ) وزعمه أن هذا ما حدث لحظة صلب المسيح, فنقول : إن الناظر إلى بداية الإصحاح يجده يتحدث عن مصير أعداء أورشليم وليس عن صلب المسيح , ولهذا يُعلق علماء الكتاب المقدس : " يصور هذا الفصل (زكريا 12 :1- 14 ) الحصار الأخير حول أهل أورشليم ... يدور هذا الجزء حول معركة كبرى في المستقبل ضد أورشليم , يقول البعض أنها هرماجدون , آخر معركة عظمى على الأرض . ولن يبقى أحد من أعداء شعب الله إلى الأبد . وأخيرًا سوف يختفي الألم والشر والإضطهاد مرة واحدة وإلى الأبد " ( التفسير التطبيقي للكتاب المقدس ص 1842 ) .

                ففي ذلك اليوم كما يقول الكتاب المقدس : " أفيض على بيت داود وعلى سكان أورشليم روح النعمة والتضرعات فينظرون إلى الذي طعنوه وينوحون عليه كنائح على وحيد له " ولا أرى أيضًا أي ذكر بأن المطعون شخص مصلوب , فهل مجرد ذكر كلمة "طعنوه" يستدل منها على صلب المسيح ؟! وإن كان هناك ذكر بأن المطعون شخص مصلوب فمن يكون هذا المصلوب , المسيح أم غيره ؟! , فالنياحة تعبير عن هول المصيبة وعظم الفاجعة وسوء الخاتمة , ولا توجد فاجعة ولا مصيبة على بني إسرائيل أعظم من أن يكتشفوا بأن الذي عاشوا مفتخرين به إلا وهو صلب المسيح لم يحدث !

                أما استدلال القس بقول الكتاب : " فيسأله: ما هذه الجروح التي في يديك؟ فيقول : هى التي خرجت بها في بيت أحبائي " ( زكريا 13 : 6 ) . على أنه يشير إلى المسيح وصلبه , فهذا من توهمه , ولنستعرض النص من بدايته : " في ذلك اليوم يعتري الخزي كل نبي كاذب يتنبأ من رؤياه , ولا يرتدي مسوح الشعر ليكذب , إنما يقول : أنا لست نبيًا . أنا رجل فلاح أحرث الأرض منذ صباي . وعندما يسأله أحد ( أي النبي الكاذب ) : ما هذه الجروح في يديك ؟ يجيبه : هى التي جرحت بها في بيت أحبائي " ( كتاب الحياة – زكريا 13 : 4-6 ) .

                فالنص كما نرى يتحدث عن الأنبياء الكذبة وعن فضيحتهم في الأيام الأخيرة على الأرض , فسيخجل الأنبياء الكذبة من أنفسهم ولن يحاولوا خداع أحد . ( التفسير التطبيقي ص 1843 ) .
                فلماذا يزعم القس أن النص يشير إلى المسيح ؟ اللهم إلا إذا كان القس يعتبر المسيح نبيًا كاذبًا ! ( وحاشاه عليه الصلاة والسلام ) .

                والأنبياء الكذبة المشار إليهم في الفقرات هم أنبياء البعل الكذبة البالغ عددهم أربع مئة وخمسون رجلاً , والذين قتلهم نبي الله إيليا ( انظر الترجمة الكاثوليكية ص 2023 ) , فلقد كان من عادتهم حين يتنبأون أن يجرحوا ويقطعوا أجسادهم بالسيوف كما حكى عنهم الكتاب : " فصرخوا بصوت أعلى وخدشوا أنفسهم على حسب عادتهم بالسيوف والرماح , حتى سالت دماؤهم عليه . وانقضى الظهر وهم يتنبأون إلى أن حان إصعاد التقدمة , وليس صوت ولا مجيب ولا مصغ " ( 1 ملوك 18 : 28 ) .
                إضافة إلى ذلك أن الترجمة الكاثوليكية غيرت النص الذي يستدل به القس عوض سمعان إلى الآتي : " فيقال له ما هذه الجروح في صدرك ؟ فيقول هى التي جُرحتها في بيت محبي" ( زكريا 13 : 6 ) , فهل سُمر المصلوب من صدره أم من يديه ؟! , وهل سُئل المسيح عليه السلام يومًا : ما هذه الجروح التي في صدرك – أو حتى في يديك - ؟ فقال : جُرحت بها في بيت أحبائي ؟!


                يتبع ....

                تعليق


                • #9
                  * هل تنبأ دانيال النبي بصلب المسيح ؟!



                  يقول القس عوض سمعان : ( وقال الملاك جبرائيل لدانيال النبي الذي عاش قبل المسيح بخمسمئة وخمسين سنة : " فاعلم وافهم أنه من خروج الأمر لتجديد أورشليم وبنائها (الذي حدث في عهد أرتحشتا الملك كما في نحميا 2 : 1-8 ) إلى المسيح الرئيس ( في مجيئه الأول ) سبعة أسابيع واثنان وستون أسبوعًا ( الأسبوع هنا هو أسبوع سنين كما في حزقيال 4 : 5 أي 49 + 434 = 483 سنة ) يُقطع المسيح المسيح (أي يُرفض ويُقتل) وليس له " , ( أي ليس له الملك الذي يحق له ) ( دانيال 9: 25-26 ) . ) .

                  ثم يستطرد القس موضحًا ذلك الخلط التاريخي قائلاً : ( أثبت عظماء المؤرخين صدق التاريخ الذي حددته نبوة دانيال لموت المسيح فقد أجمعوا على أن صدور أمر أرتحشتا لتجديد أورشليم كان سنة 455 ق.م وبذلك يكون الباقي بعد خصم هذا التاريخ من 69 أسبوعًا ( أي 483 سنة ) , هو ما يعادل 28 سنة بعد الميلاد بالنسبة لتاريخ روما , وبعد إضافة سنة الفرق بين التاريخين القديم والحديث ( الذي رأى العلماء وجوب إضافته لضبط التواريخ ) يكون الناتج 29 سنة ميلادية . وهذه هى السنة التي صلب المسيح فيها. لأن المؤرخين القدامى قدَّروا تاريخ ميلاد المسيح بما اكتُشف فيما بعد أنه يوافق سنة 4 ق.م , وذلك عندما قورن بتاريخ روما الذي كان يسود العالم وقتئذ . وبإضافة 29 إلى أربعة يكون الناتج 33 , وهى السن التي صُلب المسيح فيها ) ( قضية صلب المسيح ص53 , 56 ) .

                  لقد احتكم القس إلى التاريخ , الذي لا يصح الإحتكام إليه لإثبات أي عقيدة نصرانية , وذلك لتخبط النصرانية مع التاريخ جملة وتفصيلاً , وسوف نبين ذلك من خلال ما زعمه القس عوض سمعان :

                  1- يعد سفر دانيال من أهم أسفار العهد القديم لاحتوائه على العديد من التنبوءات والإشارات المستقبلية كما يزعم النصارى , وكاتب هذا السفر مجهول , عبر عنه علماء الكتاب المقدس بإسم " الكاتب " , وتاريخ تدوينه يحدده العلماء فيما بين أوائل سنة 163 ق.م وسنة 164 ق.م .( الترجمة الكاثوليكية- مدخل إلى سفر دانيال ص 1853, 1854 ) .
                  وقد وضع علماء آخرون تاريخ تدوينه في عام 535 ق.م تقريبًا . ( التفسير التطبيقي ص 1674 ) .
                  أي أن الفارق حوالي 370 سنة فقط , فهذا هو التاريخ الذي يستدل به القس !

                  2- زعم القس أن الأمر لتجديد أورشليم وبنائها صدر في عهد أرتحشتا الملك , وهذا كذب صريح , لأن أول أمر صدر بتجديد أورشليم وبنائها بعد شتات بني إسرائيل على يد بختنصر , كان على يد كورش ملك فارس كما جاء في الكتاب المقدس : " وفي السنة الأولى لكورش ملك فارس عند تمام كلام الرب بفم إرميا نبه الرب روح كورش ملك فارس فأطلق نداء في كل مملكته وبالكتابة أيضًا قائلاً : هكذا قال كورش ملك فارس جميع ممالك الأرض دفعها لي الرب إله السماء وهو أوصاني أن أبني له بيتًا في أورشليم التي في يهوذا . من منكم من كل شعبه ليكن إلهه معه ويصعد إلى أورشليم التي في يهوذا فيبني بيت الرب إله إسرائيل هو الإله الذي في أورشليم . وكل من بقي في أحد الأماكن حيث هو متغرب فلينجده أهل مكانه بفضة وبذهب وبأمتعة وببهائم مع التبرع لبيت الرب الذي في أورشليم " ( عزرا 1 : 1-4 ) .

                  وقد أكد هذا أحد أهم المصادر التاريخية عند اليهود والنصارى , وهو يوسيفوس المؤرخ اليهودي الكبير , إذ يقول : " فلما كان في السنة الأولى لملك كورش أمر بإحضار شيوخ الجالية ومقدميهم فأخبرهم بما كان قد نذر من بناء أورشليم وإطلاق جالية بني إسرائيل , وقال لهم : من أختار من جميع جالية اليهود أن يمضي إلى مدينة أورشليم لبناء الهيكل الذي خربه بختنصر فليمض ويستعن بالله فإنه يعينه , وأنا كورش عبد الإله العظيم أقدم جميع ما يحتاج إليه لعمارة بيت الله الذي ظفرني بالكلدانيين وأعطاني ملكهم " ( تاريخ اليهود ليوسيفوس ص 14 ) .

                  فهذه هى أول كذبة للقس عوض سمعان , وذلك حين ادعى أن أرتحشتا هو صاحب القرار ببناء أورشليم , فارتحشتا الأول ملك فارس ( 465-424 ق.م ) كان أحد الملوك الذين أخذوا في تكملة البناء لكنه لم يكن أبدًا صاحب القرار ببناء أورشليم . فلقد جاء في الكتاب المقدس (نحميا 2 : 1- 18 ) أن نحميا النبي طلب من أرتحشتا الأول أن يرسله إلى يهوذا لكي يُعيد بناء مقابر آبائه , ويبني الأسوار الخارجية والأبواب لمدينة أورشليم .

                  وبناء الأسوار لم يكن أرتحشتا أول البادئين به أو حتى صاحب القرار , بل : " ظهر الإهتمام بإعادة بناء أسوار أورشليم في أثناء الجلاء ( إشعيا 54/11-12) وبعده ( إشعيا 60/ 10-17) وزكريا 2/5 ت ) . من الراجح أن البادرة يرقى عهدها إلى أيام أحشورش ( عزرا 4/6 ) وهى أمر ثابت في عهد أرتحشتا ( عزرا 4/12-13و16 ) " (الترجمة الكاثوليكية ص 854 ) .

                  3- تذكر المصادر النصرانية أن مدة حكم كورش كانت ما بين (559-530 ق.م) وقد استولى الفرس على بابل بقيادة كورش في عام 539 ق.م فتكون السنة الأولى التي صدر فيها الأمر ببناء أورشليم وتجديدها إبتداءً بالهيكل كان في عام 538 ق.م وليس في عام 455 ق.م كما زعم القس , ففي عام 536 ق.م قاد زربابل – أحد قادة اليهود - الشعب لبناء أورشليم إبتداءً ببناء المذبح ووضع أساس الهيكل ( انظر التفسير التطبيقي ص 990-991 , والترجمة الكاثوليكية ص 838, وهامش الترجمة العربية المشتركة ص 571).

                  وقد أكد ذلك المعلقون على الترجمة الكاثوليكية : " وأما الأجل المذكور فهو إعادة بناء أورشليم وعودة الأسرى , ويتم كل ذلك بحسب 2 أخ 36/22-23 . بالمرسوم الذي أصدره قورش في 538 ق.م " ( الترجمة الكاثوليكية ص 1880 ) .
                  والقس قد زعم أن صدور أمر أرتحشتا لتجديد أورشليم كان سنة 455 ق.م , وهذا كذب صريح أيضًا , لأن نحميا لما ذهب إلى أورشليم لبناء الأسوار والأبواب وجد المدينة بالفعل مكتملة وينقصها الأسوار والأبواب فقط للحماية . وقد كان ذلك في نفس العام الذي يزعم القس أنه كان عام صدور القرار ببناء أورشليم وتجديدها ( 455 ق.م ) !
                  يقول علماء الكتاب المقدس : " ... وها هو نحميا على استعداد لقيادة المجموعة الثالثة الكبرى في العودة إلى أورشليم ( 445ق.م ) . وعند وصوله بعد رحلة إستغرقت ثلاثة أشهر , رأى الهيكل وقد تم بناءه , وتعرف بالآخرين الذي كانوا قد عادوا إلى موطنهم . ولكن نحميا وجد جماعة غير منظمة من الشعب ومدينة بلا دفاعات ولا أسوار لحمايتها .... وحالما وصل نحميا , شرع في برنامج " العودة إلى الأساسيات " , فاهتم بحاجات الشعب المادية بإقامة نظام عادل للحكومة , وإعادة بناء أسوار أورشليم " ( التفسير التطبيقي ص 1019 ) .

                  4- نستعرض الأن أقوال علماء الكتاب المقدس في تفسيرهم لنبوءة دانيال التي يستدل بها القس عوض سمعان وهى : " فاعلم وافهم أنه من خروج الأمر لتجديد أورشليم وبنائها إلى المسيح الرئيس سبعة أسابيع واثنان وستون اسبوعًا يعود ويبنى سوق وخليج في ضيق الأزمنة. وبعد اثنين وستين اسبوعا يُقطَع المسيح وليس له , وشعب رئيس آت يخرب المدينة والقدس وانتهاؤه بغمارة وإلى النهاية حرب وخرب قُضي بها " ( دانيال 9 : 25-26 ) .

                  يقول صفوة مختارة من علماء الكتاب المقدس الإنجليـين : " ثار كثير من الجدل حول الأعداد والأزمنة والأحداث في هذين العددين , وهناك ثلاث وجهات نظر أساسية :
                  (1) تحققت النبوة في الماضي عندما انتهك أنتيوخس أبيفانيوس الرابع حرمة الهيكل سنة 168-167ق.م ( انظر دانيال 11 : 31 ) . (2) تحققت في الماضي عندما دمر القائد الروماني تيطوس الهيكل سنة 70 ميلادية وقُتل مليون يهودي . (3) سوف تتحقق في المستقبل عندما يأتي ضد المسيح ( انظر مت 24 : 15 ) " ( التفسير التطبيقي ص 1706 ).
                  وبعد هذا الطرح الأمين لتفسير النبوءة , فلم يزعموا ما زعمه القس عوض سمعان , رجح المحققون من علماء الكتاب المقدس الرأي الأول :
                  يقول المفسرون في تعليقهم على قول الكاتب " المسيح الرئيس " ما نصه : " لم يتفق أقدم آباء الكنيسة على هوية هذا الرئيس المسيح , ولا على إثبات أن الآية 26 تقصد موت يسوع ... يمكن القول بأن هذا المسيح هو عظيم الكهنة أونيَّا الثالث ( راجع 2ملوك 4/30-38 ) الذي عزله وقتله رجال أنطيوخس أبيفانيوس في حوالي السنة 175ق.م , وقد يكون أيضًا رئيس العهد الوارد ذكره في 11/22 – وهو أونيَّا الثالث أيضًا - " (الترجمة الكاثوليكية ص1880 , 1884 ) .

                  ويقول صفوة مختارة من علماء كتابيـين ولاهوتيـين ينتمون إلى مختلف الكنائس المسيحية من كاثوليكية وأرثوذكسية وإنجيلية في تعليقهم على قول الكاتب " المسيح الرئيس " أو " المختار الذي مسحته " كما جاء في ترجمة أخرى :
                  ( المختار الذي مسحته هو الكاهن الأعظم أونيَّا الثالث الذي قُتل سنة 117 ق.م ) , وفي تعليقهم على الرئيس الذي سيقتل " المسيح الرئيس " وسيخرب المدينة والقدس , يقولون عنه أنه : ( أنطيوخس أبيفانيوس راجع 7 : 25ح . وجاء تفسير متأخر فاعتبر ذلك القائد تيطس الروماني الذي دمر أورشليم سنة 70 ب م ) .

                  إلا أنهم ينفون ذلك فيقولون عن هذا الرئيس أنه : ( يخرب المدينة والمقدس : إشارة إلى احتلال أورشليم ونهاية العبادة في الهيكل سنة 167 ق.م – وهو أنطيوخس كما نقلنا سلفًا - ) ( الترجمة العربية المشتركة ص 1118 ) .

                  فانظر أخي الحبيب , لقد وضعوا تاريخين مختلفين لحادثة واحدة , فزعموا مرة أن أونيَّا الثالث " المسيح الرئيس " قُتل في عام 175ق.م على يد أنطيوخس أبيفانيوس , ومرة في عام 117ق.م ولم يذكروا اسم القاتل !
                  لكنهم اتفقوا على أن " المسيح الرئيس " هو أونيَّا الثالث وليس يسوع , واتفقوا على أن الرئيس المخرب للمدينة والقدس هو أنيطوخس أبيفانيوس في عام 167 ق.م على الراجح عندهم !

                  فإذا كانوا قد اتفقوا على ذلك يكون ما ذهب إليه القس عوض سمعان ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة , وأن – الحسبة المفبركة – التي عرضها علينا لا يُقام عليها دليل , خاصة بعد أن بَيَّـنا أن الأمر بصدور قرار إعادة بناء أورشليم وتجديدها كان في عام 538ق.م وليس كما زعم القس عام 455ق.م .

                  5- أما ما زعمه القس عوض سمعان من أن تأويل الأسابيع ( سبعة أسابيع واثنان وستون أسبوعًا ) وأنها تعادل 483 سنة لأن اليوم يكافيء سنة كما في حزقيال 4 : 5 , فهو أمر فيه جدل كبير بين علماء الكتاب المقدس , ولذلك قال المحققون منهم :
                  " عبثًا حاول بعضهم أن يفسر هذه الأرقام تفسيرًا دقيقًا " (الترجمة الكاثوليكية ص 1781 ) .

                  وإذا عدنا إلى الفقرة التي هى أصل القياس وهى حزقيال 4 : 5 , نجد الآتي : ( وأنا قد جعلت - لك - سني إثمهم حسب عدد الأيام ثلاث مئة يوم وتسعين يومًا فتحمل إثم بيت إسرائيل ) ( الفانديك ) , ( أما عدد الأيام فقد جعلتها - لك - بعدد السنين التي ارتكبوا الإثم فيها وهو ثلاث مئة وتسعون يومًا , فتحمل فيها إثم بيت إسرائيل ) ( الترجمة العربية المشتركة ) , وكما يظهر من الفقرة نجد أن الأمر خاص بحزقيال فقط , فلا يمكن القياس عليه .

                  6- زعم القس عوض سمعان أن المسيح عليه السلام ولد فيما يوافق السنة الرابعة قبل الميلاد , وذلك لإثبات حسبته – المفبركة – ليس إلا , إذ أن تاريخ ميلاد المسيح عليه السلام به تضارب واسع الجدل بين علماء التاريخ عند النصارى , ويلخص لنا هذا التضارب القمص مرقس داود في تعليقه على تاريخ الكنيسة ليوسابيوس القيصري , إذ يقول : " يفترض يوسابيوس هنا أن حكم أوغسطس بدأ بموت يوليوس قيصر كما يقرر يوسيفوس في فصل 9 : 1 من هذا الكتاب , لذا فهو يحدد ( أي يوسابيوس ) تاريخ ميلاد المسيح في سنة 752 لبناء رومة ( أي سنة 2 ق.م ) وهذا يتفق مع ما أقره أكلمنضس الإسكندري الذي قال بأن المسيح ولد بعد غزو مصر بثمانية وعشرين سنة , ومع أبيفانيوس أيضًا , أما إيريناوس وترتليانوس فيقرر بأن المسيح ولد في سنة 751 لبناء رومة ( أي سنة 3 ق.م ) . وعلى كل حال , فقد كثر النزاع حول تحديد تاريخ ميلاد المسيح , ولكنه لا بد أن يكون قبل موت هيرودس الذي حدث في ربيع سنة 750 لبناء رومة (أي سنة 4 ق.م ) ويرجح البعض أنه ولد سنة 7 ق.م ويحدد بعض مؤرخي الكنيسة القبطية يوم الميلاد بأنه تم في يوم 25 كانون الأول ( ديسمبر ) الموافق 28 كيهك ( الخريدة النفيسة ص 16 ) " ( تاريخ الكنيسة ليوسابيوس ص 24 ) .




                  يتبع ......

                  تعليق


                  • #10
                    * شهادة ميخا النبي .... هل ضُرب المصلوب على خده أم على رأسه ؟!

                    يقول القس عوض سمعان : ( وميخا النبي الذي عاش قبل المسيح بسبعمئة وخمسين سنة تنبأ بضرب المسيح بقصبة أو قضيب فقال : " يضربون قاضي إسرائيل بقضيب على خده" (ميخا 5 : 1 ) . ) ( قضية صلب المسيح ص 53 ) .

                    ولما عدت إلى الأناجيل لم أجد أي ذكر لضرب المسيح بقضيب على خده , بل أقصى ما وجدت هو أن اليهود ضربوا المصلوب على رأسه لا على خده بقصبة لا بقضيب وهم يستهزئون به ( متَّى 27 : 30 , مرقس 15 : 19 ) , ولهذا قال القس : " قصبة أو قضيب " !


                    * شهادة سمعان الشيخ للعذراء مريم !

                    يقول القس عوض سمعان : ( وقال سمعان الشيخ للعذراء مريم , عندما حمل المسيح على ذراعيه ابتهاجًا به , وهو لا يزال طفلاً : " وأنت أيضًا يجوز في نفسك سيف " ( لوقا 3 : 35 ) , مشيرًا بذلك إلى الآلام التي تجوز في نفسها عندما ترى المسيح مصلوبًا ) ( قضية صلب المسيح ص 54 ) .

                    وحسبنا أن ننقل ما ذكره المفسرون في تفسير قول سمعان الشيخ : " وأنت أيضًا يجوز في نفسك سيف " : ( تنبأ سمعان أن الناس لن يكونوا على الحياد من الرب يسوع فإما أن يرفضوه بشدة أو أن يقبلوه بفرح . لكن مريم , كأم يسوع , ستحزن للرفض العام الذي سيلاقيه ابنها . وهذه أول مرة يذكر فيها الحزن في إنجيل لوقا ) ( التفسير التطبيقي ص 2069 ) .
                    فهذا كل ما في الأمر , وليس فيه ما يزعمه القس عوض سمعان , فحزن السيدة مريم عليها السلام ليس دليلاً على صلب المسيح , فالأم تحزن لكل ما يواجهه الأبناء من صعوبات مهما كان صغر الأمر وحقارته , وتدعو الله دائمًا بنجاتهم وسلامتهم من كل شر , ويستجيب الله لهم , فكيف بمن اصطفاها الله على نساء زمانها , التي ضربت أعظم الأمثلة في العفة والطهارة والزهد وحسن العبادة , أفلا يستجيب الله لها بنجاة ولدها ؟! أم هل رأته يعاني من قومها منذ يوم ولدته وتركته دون أن تدعو له بنجاته ونصره على من عاداه وحاشاها عليها الصلاة والسلام أن تكون متبلدة الإحساس ؟! فهل يُعقل أن يستجيب الله لها فيصلب ابنها ؟! أم يستجيب الله لها بنجاته وصلب من أراد بابنها السوء ؟! بل على حد زعمكم أن الله أبوه , فكيف لا يقبل الله دعاءً بنجاة ولده ويسلمه لليهود ليصلبوه ؟!

                    تعليق


                    • #11
                      من صلب هو يهوذا وذالك حسب انجيل برنابـــا شكرا لكم.
                      الله لا اله الا هو الحي القيوم

                      تعليق


                      • #12
                        المسيح

                        السلام عليكم ورحمه الله

                        تعليق


                        • #13
                          وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
                          اخي الشطيطي22

                          تعليق


                          • #14
                            انجيل برنابـــا مخفي لان فيه الحقيقة اخوتي لان السيد المسيح دعـــــا فيه انه سوف ياتي رجل من بعده اسمه احمد فاتبعوه.
                            الله لا اله الا هو الحي القيوم

                            تعليق


                            • #15
                              متـــــــــــابع
                              تسجيل متابعة و تقدير ............................... تربت يداك أخي.

                              تعليق

                              مواضيع ذات صلة

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              ابتدأ بواسطة ابن النعمان, 7 ينا, 2024, 10:13 م
                              ردود 0
                              32 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة ابن النعمان
                              بواسطة ابن النعمان
                               
                              ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 21 سبت, 2023, 02:27 ص
                              ردود 0
                              33 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                              بواسطة *اسلامي عزي*
                               
                              ابتدأ بواسطة Mohamed Karm, 21 يون, 2023, 01:43 م
                              ردود 0
                              64 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة Mohamed Karm
                              بواسطة Mohamed Karm
                               
                              ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 6 يون, 2023, 01:44 ص
                              ردود 4
                              52 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                              بواسطة *اسلامي عزي*
                               
                              ابتدأ بواسطة mohamed faid, 23 ماي, 2023, 12:04 م
                              ردود 0
                              19 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة mohamed faid
                              بواسطة mohamed faid
                               
                              يعمل...
                              X