براءة يهوذا و نجاة المسيح

تقليص

عن الكاتب

تقليص

Dexter مسلم اكتشف المزيد حول Dexter
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • براءة يهوذا و نجاة المسيح

    براءة يهوذا و نجاة المسيح

    ملاحظة:
    - هذا المقال مقتبس عن كتاب (إنزعوا قناع بولس عن وجه المسيح) و لمن أراد الحصول على نسخة من الكتاب فهو متوفر في الموقع www.paulsmask.net . و قد قمت باقتباس الفكرة منه بتصرف.
    - جميع أعداد الكتاب المقدس مقتبسة عن الترجمة العربية المشتركة.
    __________________________________________________ _____

    مقدمة

    بسم الله الرحمن الرحيم

    يبين الله تعالى كيف أسلم الحواريون لعيسى عليه السلام من بين بني إسرائيل فيقول عز من قائل :

    فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) (آل عمران)

    و يطلب الله عز وجل أن نكون كمثل الحواريين في نصرة دينه و نبيه فيقول:
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (14) (الصف)

    ثم بعد ذلك يأتي كتبة الأناجيل ليقولوا لنا أن أحد حواريي المسيح قد خانه و سلمه لليهود ليصلب!
    كيف ذلك ؟

    يقول عز من قائل:
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6) (الحجرات)

    و أي فاسق جاء بهذا النبأ؟ إنهم كتبة الأناجيل .. فهل يجوز لنا أن نصدق مزاعمهم و أناجيلهم تقطر كذباً بشهادة أكبر النقاد المسيحيين الغربيين؟ فلا يكاد هؤلاء الكتبة يجتمعون على أمر واحد، فهل نصدق دعواهم في خيانة يهوذا؟

    تعالوا لنتدارس الموضوع سوياً محاولين استخلاص الحقيقة من براثن الأناجيل.



    الـنـيــة المسـبـقــة

    سننتقل معاً إلى نهاية الحفلة التي سكبت فيها الخاطئةُ الطيبَ على رأس المسيح و مسحت أرجله بشعرها، حيث كان كافة التلاميذ موجودين معه في ذلك الوقت.. دعونا من صحة أو كذب هذه الرواية و لننتقل معاً لنرى ما تقوله الأناجيل:

    مرقس [14: 10-11]
    و ذهب يهوذا أسخريوط، أحد التلاميذ الاثني عشر إلى رؤساء الكهنة ليسلم إليهم يسوع. ففرحوا لكلامه و وعدوه بأن يعطوه مالاً. فأخذ يترفب الفرصة ليسلمه.
    متّى [26: 14-16]
    و في ذلك الوقت ذهب أحد التلاميذ الاثني عشر، وهو يهوذا الملقب بالإسخريوطي ، إلى رؤساء الكهنة و قال لهم: ((ماذا تعطوني لأسلم إليكم يسوع؟)) فوعدوه بثلاثين من الفضة. و أخذ يهوذا من تلك الساعة يترقب الفرصة ليسلم يسوع.
    لوقا [22: 1-6]
    و قَرُب عيد الفطر الذي يقال له الفصح. و كان رؤساء الكهنة يبحثون عن طريقة يقتلون بها يسوع لأنهم كانوا يخافون من الشعب. فدخل الشيطان في يهوذا الملقب بالاسخريوطي، و هو من التلاميذ الاثني عشر. فذهب و فاوض رؤساء الكهنة وقادة حرس الهيكل كيف يسلمه إليهم. ففرحوا و اتفقوا أن يعطوه شيئاً من المال. فرضي و أخذ يترفب الفرصة ليسلمه إليهم بالخفية عن الشعب.

    يوحنا ؟؟ للأسف لم ينزل عليه الوحي بذلك !!

    و عند قراءتنا لهذه النصوص فإننا نلاحظ التالي:

    1- كان يهوذا الاسخريوطي أحد تلاميذ المسيح الاثني عشر. فلو أنه خطط لتسلميه لكان الموضوع سراً وما عرف به باقي الحواريين . فكيف لهم أن يعرفوا أين ذهب و ماجرى من حديث بينه و بين رؤساء الكهنة و ما اتفقوا عليه ، في حين أن أحداً من التلاميذ لم يخرج ليتبعه؟

    2- ختم لوقا قصة الخاطئة في إصحاحه السابع دون ذكر لأي شيطان دخل في يهوذا ثم جاء بعد /16/ إصحاحاً فيتذكر ذلك و يقول أن الشيطان دخل في يهوذا قرب عيد الفصح! إن هذه حجة عليه و ليست له، فالذي أخرج الشياطين من الناس [متى 10: 1-4] ألا يعرف أن يخرج الشيطان من أحد حوارييه؟ و كيف عرف كتبة الأناجيل أن الشيطان دخل في يهوذا؟

    3- لقد كان يهوذا الاسخريوطي أحد التلاميذ الاثني عشر الذين قال فيهم المسيح ((متى 10: 19-20 = لا تهتموا حين يسلمونكم كيف أو بماذا تتكلمون، لأنكم ستعطون في حينه ما تتكلمون به، فما أنتم المتكلمون بل روح أبيكم السماوي يتكلم فيكم)) فكيف يزعم لوقا بعد ذلك أن الشيطان دخل يهوذا؟؟ هل روح الآب قد أصبحت شيطاناً الآن؟ و هل انتصر الشيطان على روح الآب و دخل قلبه الممتلئ بالإيمان؟

    4- لقد كان يهوذا الاسخريوطي أحد التلاميذ الذين قال فيهم يسوع ((متى 19: 28 = متى جلس ابن الإنسان على عرش مجده، تجلسون أنتم الذين تبعوني على اثني عشر عرشاً لتدينوا عشائر إسرائيل الإثني عشر)) فهل يبشر يسوع التلاميذ بدخول الفردوس و من ثم يخونه أحدهم بعد ذلك حسبما زعموا؟ أولم يعلم ذلك مسبقاً؟

    5 – لقد كان يهوذا الاسخريوطي أحد التلاميذ الذين قال فيهم يسوع ((أنتم أعطيتم أن تعرفوا أسرار ملكوت السماوات)) فهل بعد ذلك يخون المسيح؟ أولم يعلم المسيح خيانته بلاهوته المزعوم؟

    6- كان يهوذا أمين صندوق المسيح، و قد ائتمنه على أموال الجماعة. فزعم لنا يوحنا أنه كان يختلس باستمرار من هذا الصندوق.. مع أن موضوع الصندوق هذا مناقض لما قاله المسيح ((متى 10: 9 = لاتحملوا نقوداً من ذهب ولا فضة ولا من نحاس في جيوبكم)) و قوله: ((متى 6: 34 = لا يهمكم أمر الغد، فالغد يهتم بنفسه)) .. فهل من كان بعهدته صندوق الجماعة يبيع معلمه و نبيه من أجل حفنة من المال (أو ثلاثين من الفضة كما زعم متّى) وهو الذي كان بمقدوره أن يأخذ من صندوق الجماعة ما هو أكثر من ذلك!

    7- لقد كان يهوذا من بين التلاميذ الذين اختارهم يسوع بنفسه فيقول يوحنا في ذلك ((يوحنا 15: 19 = .. أنا اخترتكم من العالم..)) فلو كان هو الذي اختارهم لنفسه، فهل أخطأ في اختياره؟ و هل يخطئ الإله؟ ثم يأتي يوحنا ليناقض نفسه فيقول ((يوحنا 18: 9 = ما خسرت أحداً من الذين وهبتهم لي)) فإن كان الله قد اختار له التلاميذ، فهل يختار له خائناً و يغش نبيه؟

    8- و السؤال الذي يرمي بثقله على الموضوع: ما حاجة الكهنة ليتفقوا مع يهوذا و يدلهم على المسيح؟ أولم يقل المسيح عند إلقاء القبض عليه: ((متى 26: 55 = أعلى لص خرجتم بسيوف و عصي لتأخذونني؟ كنت كل يوم أجلس معكم في الهيكل أعلّم فما أخذتموني)) أي أن المسيح كان معروفاً لديهم ولا حاجة ليهوذا و لغيره ليدلهم عليه.

    و هكذا نرى أنه لا يوجد سبب واحد مقنع يجعل يهوذا يخون المسيح، و لو أننا قلّبنا الأناجيل صفحة بصفحة فإننا لن نجد منه بادرة واحدة تفيد بأنه يكره المسيح أو يكن له العداء إلى الدرجة التي يخونه فيها و يسلمه للكهنة.


    و للموضوع تتمة ...
    دائماً أنت بقلبي دائماً موردي العذب إذا اشـــــتد الظما
    دائماً أنت ضيائي في الدجى كيف لا تكشف عني الظلما
    أنت يا من ذكره ملء فمي فاستحالت كل أعضـــائي فما
    يا رســـول الله يا من حبه دائمــــاً في القلب يبقى دائماً
    أرشيفي

  • #2
    العشــاء الأخيــر



    مرقس [14: 12-16]
    و في أول يوم من عيد الفطر، حين تذبح الخراف لعشاء الفصح سأله تلاميذه: ((إلى أين تريد أن تذهب لنهيئ لك عشاء الفصح لتأكله؟)) فأرسل اثنين من تلاميذه و قال لهما: ((إذهبا إلى المدينة، فيلاقيكما رجل يحمل جرة ماء فاتبعاه. و عندما يدخل بيتاً قولا لرب البيت: يقول المعلم: أين غرفتي التي آكل فيها عشاء الفصح مع تلاميذي؟ فيريكما في أعلى البيت غرفة واسعة مفروشة مجهزة، فهيئاه لنا هناك)). فذهب التلميذان و دخلا المدينة فوجدا كما قال لهما و هيأا عشاء الفصح.

    متى [26: 17-18]
    و في أول يوم من عيد الفطير، جاء التلاميذ إلى يسوع و قالوا له: ((أين تريد أن نهيء لك عشاء الفصح؟)) فأجابهم: ((إذهبوا إلى فلان في المدينة وقولوا له: يقول المعلم: جاءت ساعتي، و سأتناول عشاء الفصح في بيتك مع تلاميذي)). فعمل التلاميذ ما أمرهم به يسوع و هيأوا عشاء الفصح.

    لوقا [22: 7-13]
    و جاء يوم الفطير، و فيه تذبح الخراف لعشاء الفصح، فأرسل يسوع بطرس و يوحنا وقال لهما: ((إذهبا هيّئا لنا عشاء الفصح لنأكله)). فقالا له: ((أين تريد أن نهيئه؟)) فأجابهما: ((عندما تدخلان المدينة يلاقيكما رجل يحمل جرة ماء، فاتبعاه إلى البيت الذي يدخله. و قولا لرب البيت: يقول المعلم: أين الغرفة التي سأتناول فيها عشاء الفصح مع تلاميذي؟ فيريكما في أعلى البيت غرفة واسعة مفروشة، و هناك تهيئانه)). فذهبا ووجدا مثلما قال لهما فقاما بتهيئة عشاء الفصح.
    يوحنا؟ لا شيء!!

    لسنا هنا لدراسة تناقضات الأناجيل فيما بينها ، و لمن أراد ذلك فما عليه إلا أن يقتني الكتاب المذكور في أول المشاركة، ففيه من الشرح الوافي ما يغنيه عن كتاب آخر. أما ما يتعلق بموضوعنا فسوف نقوم بدراسته بشكل وافي:

    1- كان مجازفة من لوقا أن يحدد اسم التلميذين المرسلين باسميهما ((بطرس و يوحنا))لأنه لم يكن يدري أنه بعد عشر سنوات سيظهر إنجيل آخر منسوب للحواري يوحنا لا يذكر فيه هذه الحادثة ولا حتى بحرف واحد! فهل كان لوقا كاذباً؟ أم أن الوحي الذي نزل على لوقا لم ينزل على يوحنا؟!! هل كان ركوب الجحش أو إضافة الطيب على رأس المسيح من قبل عاهرة كانت تكسب عيشها من كد فرجها أهم من ذكر العشاء الأخير الذي تناوله المسيح على الأرض؟ كيف ينسى يوحنا أمراً هاماً كهذا وهو من أعظم أركان دين المسيحيين اليوم؟

    2- سؤال آخر يطرح نفسه: أين أمضي يسوع الوقت من الصبح حتى المساء لحين إعداد الفصح؟ أين ذهب وماذا قال؟ وماذا فعل؟ و مع ذلك نرى متّى يزعم لنا أن المسيح قال: ((متى 24: 35 = السماء و الأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول)) وها هو و زملاؤه قد أزالوا لنا هنا على الأقل اثني عشرة ساعة من حياة المسيح مع أقواله و أفعاله إضافة إلى ثلاثين سنة من ميلاده إلى حين حمل الرسالة و بدأ التبشير بملكوت الله!!

    مرقس [14: 17-21]
    ولما كان المساء جاء مع تلاميذه الاثني عشر (ويـهـوذا مـعـهـم) و بينما هم جالسون للطعام قال يسوع: ((الحق أقول لكم: واحد منكم سيسلمني و هو يأكل معي)). فحزن التلاميذ و أخذوا يسألونه واحداً فواحداً: ((هل أنا هو؟)) فقال لهم: ((هو واحد من الاثني عشر، وهو الذي يغمس يده في الصحن معي. و ابن الإنسان سيموت كما جاء عنه في الكتب المقدسة، و لكن الويل لم يسلم ابن الإنسان! كان خيراً له ألا يولد))

    متى [26: 20-30]
    و في المساء جلس يسوع للطعام مع تلاميذه الاثني عشر. و بينما هم يأكلون، قال يسوع: ((الحق أقول لكم: واحد منكم سيسلمني)). فحزن التلاميذ كثيراً و أخذوا يسألونه واحداً واحداً: ((هل أنا هو يا سيد؟)) فأجابهم: ((من يغمس خبزه في الصحن معي هو الذي سيسلمني. فابن الإنسان سيموت كما جاء عنه في الكتب ولكن الويل لمن يسلم ابن الإنسان! كان خيراً له ألا يولد)). فسأله يهوذا الذي سيسلمه: ((هل أنا هو يا معلم؟)) فأجابه يسوع: ((أنت قلت)) – أي يهوذا كان معهم-.

    لوقا [22: 21-23]
    ((لكن ها هي يد الذي يسلمني علىالمائدة معي – أي يهوذا كان معهم- . فابن الإنسان سيموت كما هو مكتوب له، ولكن الويل لمن يسلمه!)) فأخذ التلاميذ يتساءلون من منهم سيفعل هذا.

    يوحنا [13: 21-27]
    و عند هذا الكلام، اضطربت نفس يسوع و قال علانيةً: ((الحق الحق أقول لكم: واحد منكم سيسلمني!)) فنظر التلاميذ بعضهم إلى بعض حائرين لا يعرفون من يعني بقوله.... فأجاب يسوع: ((هو الذي أناوله اللقمة التي أغمسها!)). و غمس يسوع لقمة و رفعها و ناول يهوذا بن سمعان الاسخريوطي. فلما تناولها دخل الشيطان فيه. فقال له يسوع: ((إعمل ما أنت تعمله ولا تبطئ)). – يهوذا كان معهم-

    1- ردة الفعل: ذكر مرقس (فحزن التلاميذ) و قال متّى (فحزن التلاميذ كثيراً) و لوقا قال (فأخذ التلاميذ يتساءلون) أما يوحنا فقال (فنظر التلاميذ بعضهم إلى بعض حائرين). نحن نستغرب ردة الفعل الباردة هذه.. فلو أن الرواية قد حدثت فعلاً لما سكت عليها المسيح و التلاميذ! إنها الخيانة! وما جزاؤها إلا الموت! ولو صحت الرواية لقام بطرس شيخ التلاميذ فأغلق الباب على الجميع و طلب من يسوع أن يبين لهم من هوالخائن. أما ردة الفعل الباردة هذه فهي مرفوضة .. و إن دلت على شيء فإنها تدل على عدم صحة الرواية.

    2- لمن سيسلمه يهوذا؟ لكهنة اليهود؟ ألم يكونوا يعرفونه؟ لقد كان عيسى يذهب إلى الهيكل كل يوم و يعلّم و يعظ أمامهم [متّى 21: 23] وهو الذي كان يشفي الأعمى و الأبرص و الأعرج ثم يرسلهم للهيكل ليقدموا القرابين.. وهو الذي ارتجت المدينة عند دخوله وهو راكب على الجحش.. وهو الذي طرد الصيارفة و باعة القرابين في الهيكل.. كيف لا يعرفونه؟

    3- ذكر مرقس (وهو الذي يغمس يده في الصحن معي) و قال متى (من يغمس خبزه في الصحن معي) و ذكر لوقا (يد الذي يسلمني علىالمائدة معي). إنها أقوال غير معقولة! فلو قال المسيح ذلك لما غمس أحد يده في الصحن ولما تناول التلاميذ شيئاً في عيد الفصح، و لسحب الجميع أيديهم من على المائدة ليبعدوا الشبهة عن أنفسهم. فلو كنت جالساً معهم، فهل تجرؤ على الأكل بعد هذا القول؟

    4- خالف يوحنا زملاءه بعد أن فطن لهذه المشكلة فقال: (هو الذي أناوله اللقمة التي أغمسها.. و غمس يسوع لقمة و رفعها و ناول يهوذا بن سمعان الاسخريوطي. فلما تناولها دخل الشيطان فيه). هذا قول مرفوض! فالمسيح الذي جاء ليهدي خراف بني إسرائيل الضالة يقوم بإغواء أحد التلاميذ و يناوله لقمة يدخل الشيطان على أثرها في هذا التلميذ؟؟ من يصدق ذلك؟

    5- كذلك قول يوحنا بعد ذلك (إعمل ما أنت تعمله ولا تبطئ) إنما هو أمر مستهجن من المسيح! فهل من تكتشف أنه سيطعنك من الخلف و يخونك تقول له مثل هذا القول؟

    6- أما فيما نُسب للمسيح أنه قال في متى و مرقس (كان خيراً له ألا يولد) ففيه اعتراض على الله الذي خلق هذا التلميذ – يهوذا – و نحن نرفع المسيح عن هذا القول. و لماذا يتوعد له أساساً؟ ألا يزعم النصارى أنه جاء خصيصاً ليصلب فداءً عن البشرية؟ و أنه سيقوم من الموت في اليوم الثالث؟ فالأولى بهم أن يقدسوا يهوذا لا أن يعتبروه خائناً!

    7- أما ما نسب لعيسى أنه قال (ابن الإنسان سيموت كما جاء عنه في الكتب المقدسة) فإننا نتحدى جميع نصارى العالم أن يأتوا بمثل هذا النص الذي يقول أن ابن الإنسان – سواء كان المقصود به عيسى أو محمد على حد سواء – سيموت و يدفن و يقوم من الموت بعد ثلاثة أيام! إنه كذب و تدليس..


    المهم في ذلك عزيزي القارئ أن تركز على يهوذا من الآن فصاعداً و لا تدعه يغيب عن ناظريك طرفة عين!

    -- للحديث بقية
    دائماً أنت بقلبي دائماً موردي العذب إذا اشـــــتد الظما
    دائماً أنت ضيائي في الدجى كيف لا تكشف عني الظلما
    أنت يا من ذكره ملء فمي فاستحالت كل أعضـــائي فما
    يا رســـول الله يا من حبه دائمــــاً في القلب يبقى دائماً
    أرشيفي

    تعليق


    • #3
      بارك الله فيك أخي الحبيب
      جعله الله في ميزان حسناتك
      أكمل ما عندك ....فنحن متابعون بأذن الله

      تعليق


      • #4
        مرقس [14: 22-26]
        و بينما هم يأكلون، أخذ خبزاً و بارك و كسره و ناولهم و قال: ((خذوا، هذا هو جسدي)). و أخذ كأساً و شكر و ناولهم، فشربوا منها كلهم و قال لهم: ((هذا هو دمي، دم العهد الذي يسفك من أجل أناس كثيرين. الحق أقول لكم: لا أشرب بعد الآن من عصير الكرمة، حتى يجيء يوم فيه أشربه جديداً في ملكوت الله)). ثم سبحوا و خرجوا إلى جبل الزيتون [و معهم يهوذا].

        متى [26: 26-30]
        و بينما هم يأكلون ، أخذ يسوع خبزاً و بارك و كسره و ناول تلاميذه و قال: ((خذوا كلو، هذا هو جسدي)) و أخذ كأساً و شكر و ناولهم و قال: ((إشربوا منها كلكم. هذا هو دمي دم العهد الذي يسفك من أجل أناس كثيرين لغفران الخطايا. أقول لكم: لا أشرب بعد اليوم من عصير الكرمة هذا حتى يجيء يوم فيه أشربه معكم جديداً في ملكوت أبي)). ثم سبحوا و خرجوا إلى جبل الزيتون [و معهم يهوذا].

        لوقا [22: 17-39]
        و أخذ يسوع كأساً و شكر و قال: ((خذوا هذه الكأس و اقتسموها بينكم. أقول لكم: لا أشرب بعد اليوم من عصير الكرمة حتى يجيء ملكوت الله)). و أخذ خبزاً و شكر و كسره و ناولهم و قال: ((هذا هو جسدي الذي يبذل من أجلكم... و أنتم ثبتم معي في محنتي و أنا أعطيكم ملكوتاً كما أعطاني أبي، فتأكلون و تشربون على مائدتي في ملكوتي و تجلسون على عروش لتدينوا عشائر بني إسرائيل الإثني عشر))... ثم قال لتلاميذه: ((عندما أرسلتكم بلا مال ولا كيس و لا حذاء هل احتجتم إلى شيء؟)) قالوا: ((لا)). فقال لهم: ((أما الآن، فمن عنده مال فليأخذه أو كيس فليحمله. و من لا سيف عنده فليبع ثوبه و يشتر سيفاً...)) فقالوا: (( يا رب! معنا هنا سيفان)). فأجابهم: ((كفى!)). ثم خرج و ذهب كعادته إلى جبل الزيتون يتبعه تلاميذه. [ومعهم يهوذا]

        كما ذكرنا سابقاً، فإننا سنتناول ما يهمنا من هذه النصوص و نخضعها للفحص و نهمل ما يخرج عن موضوع خيانة يهوذا و نجاة المسيح. فبغض النظر عن هذا النص المثير للاشمئزاز، إلا أنه حجةً عليهم في النهاية:

        1- نلاحظ من النصوص الثلاثة أن يهوذا كان من بين من أكل من جسد يسوع (الخبز) و شرب من دمه (شراب الكرمة).. فهل من يسري فيه عروقه جسد المسيح و دمه يخون يسوع بعد ذلك و يسلمه لكهنة اليهود؟

        2- أجمع الثلاثة أن المسيح سيشرب الكرمة مجدداً في ملكوت الله (الآب كما ذكر متّى) مما ينسف زعم النصارى من أن يسوع له ملكوت يوم الدينونة، بل إن كل شيء يوم إذن هو لله (أو الآب كما ذكر متّى).

        3- ذكر متّى أنه سيشرب الكرمة في الملكوت مع التلاميذ بمن فيهم يهوذا، فهل بعد ذلك نقول أنه سيخون المسيح؟ و هل يبشر المسيح من يطعنه في ظهره أنه سيجلس معه على نفس المائدة يوم الدينونة؟ و كيف يساوي المسيح بينه و بين باقي التلاميذ يوم الدينونة؟

        4- ذكر لوقا قول المسيح مخاطباً التلاميذ بمن فيهم يهوذا: ((أنتم ثبتم معي في محنتي)) فهل من شهد له المسيح بأنه ثبت معه في المحن يقوم فيسلمه لليهود دونما أي سبب كما أسلفنا؟ هل كان المسيح كاذباً؟ أم أنه لم يعلم من الأساس خيانته و كل ما ذكره لنا كتبة الأناجيل كان كذباً على المسيح؟ و هل يجهل الإله كما زعم النصارى مثل هذا الأمر؟

        5- ذكر لوقا أيضاً على لسان المسيح مخاطباً تلاميذه بمن فيهم يهوذا: ((تجلسون على عروش لتدينوا عشائر بني إسرائيل الإثني عشر)) فهل كذب المسيح في ذلك؟ و أين الوعيد التي أرعبنا بها الكتبة على لسان المسيح لمن سيخونه؟ هل كان ذلك كله كذباً و افتراء؟

        6- من الملفت للنظر طلب المسيح في لوقا أن يحمل كل من التلاميذ سيفاً بمن فيهم يهوذا.. وهل يطلب المسيح من يهوذا أن يبتاع سيفاً ليدافع عنه و هو الذي أخبر بخيانته؟ أين المنطق في ذلك؟ ألم تكن مهمته أن يصلب و يسفك دمه لغفران الخطايا؟ إن هذا يدل على أن ما ذكره الكتبة على لسان المسيح حول الغفران و سفك الدماء إنما كان كذباً و زوراً!!

        أما يوحنا فقد فطن لهذا الأمر فذكر أن يهوذا الاسخريوطي خرج من المنزل لمّا أعطاه يسوع لقمة فدخل الشيطان فيه، فهو بذلك قد خالف كعادته زملاءه الثلاثة.. فأين الوحي الذي نزل على يوحنا من هذه الحادثة الهامة في باقي الأناجيل؟ فلو أن المسيح قد ذكر أن يهوذا سيخونه فعلاً لما غاب عن أذهان الكتبة الثلاثة خروج يهوذا من المنزل و هو الذي تنبأ يسوع بخيانته.. مما يدل أيضاً أن إنجيل يوحنا كُتب ليصحح أخطاء الأناجيل الثلاثة! و لا ننسى أن إنجيل يوحنا كُتب بعد رفع المسيح بحوالي 80-100 سنة أو يزيد.. فكيف كان الكاتب شاهداً على هذا الحدث علماً أن يوحنا الحواري مات قبل كتابة هذا الإنجيل بعشرات السنين؟ نترك القارئ ليجيب عن هذا السؤال!

        و نحيطكم علماً أن يوحنا لم يذكر العشاء الأخير كما ذكرنا، بل كان يسوع مجتمعاً مع تلاميذه للعشاء (ولم يذكر الكاتب أين!) قبل عيد الفصح.. فإن صحت شهادة يوحنا، فلابد أنه كان يتكلم عن حادثة أخرى لم يدونها باقي الكتبة.. و في كلتا الحالتين، تسقط شهادة يوحنا في خروج يهوذا من المنزل و انفصاله عن التلاميذ لاختلاف التوقيت المتفق عليه أنه في يوم الفطير (أي الفصح).
        دائماً أنت بقلبي دائماً موردي العذب إذا اشـــــتد الظما
        دائماً أنت ضيائي في الدجى كيف لا تكشف عني الظلما
        أنت يا من ذكره ملء فمي فاستحالت كل أعضـــائي فما
        يا رســـول الله يا من حبه دائمــــاً في القلب يبقى دائماً
        أرشيفي

        تعليق


        • #5
          جزاك الله خيرا

          متااااااااااااابع
          الـ SHARKـاوي
          إستراتيجيتي في تجاهل السفهاء:
          ذبحهم بالتهميش، وإلغاء وجودهم المزعج على هذا الكوكب، بعدوى الأفكار،
          فالأفكار قبل الأشخاص، لأن الأفكار لها أجنحة، فأصيبهم بعدواها الجميلة. وهذا الواقع المظلم الذي نعيش سيتغير بالأفكار،
          فنحن في عصر التنوير والإعصار المعرفي، ولا بد للمريض أن يصح، ولا بد للجاهل أن يتعلم، ولا بد لمن لا يتغير، أن يجبره الواقع على التغير،
          ولا بد لمن تحكمه الأموات، الغائب عن الوعي، أن يستيقظ من نومة أهل الكهف أو يبقى نائما دون أثر، لا يحكم الأحياء!

          تعليق


          • #6
            مرقس [14: 27-31]
            فقال لهم يسوع: ((ستتركوني كلكم، لأن الكتاب يقول: سأضرب الراعي فتتبدد الخراف. و لكن بعد قيامي أسبقكم إلى الجليل)). فقال له بطرس: ((لو تركوك كلهم، فأنا لن أتركك!)). فأجابه يسوع: ((الحق أقول لك يا بطرس: اليوم، في هذه الليلة، قبل أن يصيح الديك مرتين، تنكرني ثلاث مرات)). فأصر بطرس على قوله: ((لا أنكرك و إن كان علي أن أموت معك!)) و هكذا قال التلاميذ كلهم (بمن فيهم يهوذا).

            متّى [26: 31-35]
            و قال لهم يسوع: ((في هذه الليلة ستتركونني كلكم، فالكتاب يقول: سأضرب الراعي، فتتبدد خراف القطيع. و لكن بعد قيامتي من بين الأموات أسبقكم إلى الجليل)). فقال بطرس: ((لو تركوك كلهم فأنا لن أتركك)). فقال له يسوع: ((الحق أقول لك: في هذه الليلة قبل أن يصيح الديك، تنكرني ثلاث مرات)). فأجابه بطرس: ((لا أنكرك و إن كان علي أن أموت معك)). و هكذا قال التلاميذ كلهم (بمن فيهم يهوذا).

            أما لوقا، فذكر إنكار بطرس وهم مازالوا في البيت يتناولون العشاء الأخير.. أي و يهوذا الاسخريوطي معهم [22: 33-34]
            فأجابه سمعان: ((يا رب، أنا مستعد أن أذهب معك إلى السجن و إلى الموت)). فقال له يسوع: ((أقول لك يا بطرس: لا يصيح الديك اليوم حتى تنكرني ثلاث مرات)).

            أطلب من القراء من الآن فصاعدا فتح عيونهم و عقولهم لما ستذكره الأناجيل في مسألة الاعتقال و المحاكمة و الصلب، حتى يتبين لنا الحق من الكذب.. و بعون الله نتابع:

            1- كما ذكرنا سابقاً، فإن هذه الأعداد مقتبسة عن الترجمة العربية المشتركة.. لذل قمت بفحص ترجمات أخرى للتأكد من قول المسيح في كل من متى و مرقس: ((ستتركونني كلكم)). فوجدت الآتي:
            - تقول الترجمة الكاثوليكية في مرقس ((ستعثرون بأجمعكم)) أما في متى ((سأكون لكم جميعاً حجر عثرة في هذه الليلة)).
            - تقول ترجمة فاندياك في مرقس ((إن كلكم تشكون فيّ في هذه الليلة)) و كذلك في متّى ((كلكم تشكون فيّ في هذه الليلة)).
            نلاحظ تخبط الترجمات العربية في انتقاء الكلمات و محاولتها البائسة في تحريف ما قاله يسوع في تلك اللحظة، فالمعنى بين الترجمات الثلاثة كبير! لذلك قررت الرجوع للترجمات الإنكليزية فوجدت التالي:
            - تقول نسخة الملك جيمس في مرقس ((كلكم ستؤذون بسببي هذه الليلة - All ye shall be offended because of me this night)) و كذلك في متّى ((كلكم ستؤذون بسببي هذه الليلة - All ye shall be offended because of me this night)).
            - تقول النسخة القياسية المنقحة RSV في مرقس ((كلكم سترتدّون هذه الليلة - You will all fall away)) و كذلك في متّى ((كلكم سترتدّون بسببي هذه الليلة - You will all fall away because of me this night)).
            - تقول النسخة العالمية الجديدة NIV في مرقس ((كلكم سترتدّون هذه الليلة - You will all fall away)) و كذلك في متّى ((هذه الليلة كلكم سترتدّون بسببي - This very night you will all fall away on account of me))
            نلاحظ أن الترجمات العربية لم تكن دقيقة بما فيه الكفاية، فحاولت تخفيف المعنى مرة بقولها (ستتركونني) و مرة (سأكون لكم حجر عثرة) و تارةً (ستشكون فيّ) .. أما الترجمة الصحيحة لما قاله يسوع في تلك اللحظة وفقاً للترجمات الإنكليزية الأكثر دقة (RSV – NIV) فهو: ((كلكم سترتدّون هذه الليلة)).

            و السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا سيرتدون عن دينهم؟ ألم يقل لهم أنه سيصلب و أنهم سيغفر لهم بدم يسوع على الصليب؟ ألم يُنبئهم بخيانة يهوذا؟ ألم يذكر لهم أنه سيُصلب و يموت و بعد ثلاثة أيام يقوم؟ فلم الارتداد إذاً؟
            إن هذا العدد بترجمته الصحيحة قد نسف لنا كل مزاعم كتبة الأناجيل بأنه قد أخبرهم بخيانة يهوذا و صلبه و قيامته بعد ثلاثة أيام.. كما نسف ما زعمه النصارى أن يسوع كانت مهمته على الأرض أن يصلب و يموت ثم يقوم من بين الأموات فداءً عن البشرية، فلو أنه قد قال لهم ذلك لما ارتدوا عن دينه عند الصلب و الموت و فق ما نبّأهم يسوع.. بل إن الذي أخبرهم به يسوع أن الله معه و أنه سيبقى إلى آخر الزمان و أنه لن يموت على أيدي اليهود، لذلك قال لهم أنهم سيرتدون عندما يُلقى القبض عليه و يجلد و يحاكم و يصلب فيموت.
            و لماذا يقول لهم ذلك؟ لأنه كان واثقاً أن الله سينجيه و أن الأمر سيتلبس على تلاميذه و في صلب البديل. إن المسيح كان يعلم أن الله سيرفعه عندما ودع أورشليم [متى 23: 37] [لوقا 19: 41] و كان آخر كلام له في أورشليم [متى 23: 39 = لن ترونني بعد اليوم..] قال هذا وهو واثق أن لحظة رفعه إلى السماء قد اقتربت. أما هنا فنراه أكثر وثوقاً، ليس في مسألة الرفع فحسب، بل في ما سيحصل لاحقاً.. وهو أن الكهنة لن ينالوه لأن الصلب سيقع على غيره، فصرح للتلاميذ قائلاً: ((كلكم سترتدون هذه الليلة – أو كلكم تشكون فيّ في هذه الليلة)).
            و ما يدعم قولنا هذا ما ورد في إنجيل يوحنا على لسان المسيح مخاطباً رؤساء كهنة اليهود: ((يوحنا 7: 34 = ستطلبونني ولا تجودني، و حيث أكون أنا لا تقدرون أنتم أن تجيئوا)) أليس ذلك دليل على أن يسوع كان واثقاً من أن الله سيرفعه قبل أن يمسه سوء؟ و قوله كذلك ((يوحنا 8: 21 = أنا ذاهب و ستطلبوني، و في خطيئتكم تموتون. و حيث أنا ذاهب لا تقدرون أنتم أن تجيئوا)). ستطلبوني!! أي للصلب! لكن لن تجدوني .. بل تجدون البديل. و حيث أنا ذاهب – أي إلى السماء – لا تقدرون أنتم أن تجيؤوا.. ((يوحنا 16: 5 = أما الآن فأنا ذاهب إلى الذي أرسلني، و لا أحد منكم يسألني: إلى أين أنت ذاهب؟)) أي أنه لا يستطيع أن يخبركم أكثر من ذلك لأن رسالته تقترب من نهايتها. لكنه طمأنهم بأن نبياً آخر من بعده سيشرح لهم الحقيقة و يخبرهم بكل شيء فقال: ((يوحنا 16: 12-13 = عندي كلام كثير أقوله لكم بعد، و لكنكم لا تقدرون الآن أن تحتملوه. فمتى جاء روح الحق أرشدكم إلى الحق كله، لأنه لا يتكلم بشيء من عنده بل يتكلم بما يسمع و يخبركم بما سيحدث)).. وقوله: ((يوحنا 16: 33 = .. أنا غلبت العالم)) أي عالم؟ أليس هو العالم اليهودي الذي حاك له مؤامرة الموت؟ وهل من يلقى القبض عليه و يجلد و يبصق في وجهه يكون قد غلب العالم؟ كل هذه دلائل على أن المسيح كان يعلم أنه سيرفع إلى السماء قبل أن يتمكن الكهنة من لمسه حتى!
            هل ما زال عندك شك في ذلك؟ تعال إذاً و افتح الأناجيل على العدد [يوحنا 8: 29] و اقرأها بصوت عالٍ لتتمكن من إسماع نفسك و الآخرين:
            ((و الذي أرسلني هو معي، و لم يتركني الآب وحدي، لأني في كل حين أفعل ما يرضيه))
            ثم اقلب الصفحة في نفس الإنجيل على العدد [16: 32] و اقرأها بصوت أعلى:
            ((تجيء ساعة، بل جاءت الآن، تتفرقون فيها، فيذهب كل واحد في سبيله و تتركوني وحدي. ولكن لا أكون وحدي، لأن الآب معي))

            عزيزي القارئ.. لو أن جورج بوش – أقوى رجل في العالم من الناحية العسكرية – كان واقفاً على جبل الزيتون و معه أجهزته الأمنية و جميع أطقم الجيش المريكي بدباباته و طائراته الحربية و ما إلى ذلك، فهل يستطيع عندها حفنة من اليهود و الجنود المسلحين بعصي و سيوف أن يأخذوه و يصلبوه؟ فما بالك من كان الله معه؟

            2- لأن الكتاب يقول سأضرب الراعي فتتبدد الخراف: ما معنى هذا القول؟ إن الكاتب كان قد نزعه من سفر زكريا و ألصقه هنا.. لذا تعالوا نقرأ ما رود في سفر زكريا حول هذا الموضوع [13: 1-9] :
            و قال الرب القدير: ((في ذلك اليوم ينفتح ينبوع لتطهير بيت داوود و سكان أورشليم من الخطيئة و النجاسة. و في ذلك اليوم أقطع أسماء الأصنام عن الأرض فلا تذكر من بعد، كما أزيل أنبياءها، و روحهم النجسة. فإذا تنبأ أحد فيما بعد، يقول له أبوه و أمه الذان ولداه: لن تحيا، لأنك نطقت بالزور باسم الرب. فيطعنه أبوه و أمه حين يتنبّأ. في ذلك اليوم يخزى الأنبياء كل واحد من رؤياه إذا تنبأ و لا يلبسون ثوب الشعر كالأنبياء ليخدعوا الناس، بل يقول واحدهم: ما أنا بنبي. أنا رجل أفلح الأرض لأن أحدهم استخدمني منذ صباي. فيقال له: ما هذه الجراح في يديك؟ فيجيبهم: هي جراح أصبت بها في بيت أحبائي)). و قال الرب القدير: ((استفق أيها السيف على راعي، و على رجل رفقتي، إضرب الراعي فتتبدد الخراف، و أنا أرفع يدي على الصغار. و ينقرض في كل الأرض ثلث سكانها و يهلكون، و الثلث يبقى فيها. فأُدخل هذا الثلث في النار، و أصهره صهر الفضة، و أمتحنه امتحان الذهب. هو يدعي بإسمي و أنا أستجيب له.أنا أقول: هو شعبي، وهو يقول: الرب إلهي)).

            فأي ينبوع هذا الذي يتحدث عنه النص؟ و أي ثلث و أي ثلثين؟ و أي أصنام التي يقطعها من الأرض؟ و لماذا ترك كاتب هذين الإنجيلين النص الذي يقول: ((هو يدعي بإسمي و أنا أستجيب له))؟ لأن هذا النص لا يناسب ما ذهب إليه الإنجيلين من صلب المسيح.. فأخذا منه ما يناسبهما و أهملا الباقي. لذا فإن تتمة النص حجة عليهم لا لهم!.

            3- الذهاب إلى الجليل و أقوال بطرس: ذكر مرقس على لسان المسيح: ((بعد قيامي أسبقكم إلى الجليل)). و قال عن بطرس: ((لو تركوك كلهم، فأنا لن أتركك!. فأجابه يسوع: الحق أقول لك يا بطرس: اليوم، في هذه الليلة، قبل أن يصيح الديك مرتين، تنكرني ثلاث مرات)). لقد وافقه متى بذلك سوى أنه حذف كلمة ((مرتين)) و كذلك لوقا. كما حذف لوقا أيضاً ((بعد قيامي أسبقكم إلى الجليل)). فلماذا فعل ذلك؟
            يقول دينيس أريك نينهام – و هو أستاذ اللاهوت بجامعة لندن و رئيس تحرير سلسلة بايكان لتفسير الإنجيل – في كتابه [تفسير إنجيل مرقس] ص 387-388:
            لقد وُجد جزء من بردية – أي مخطوط قديم – تمثل نسخة من مادة هذا الجزء غير مذكور فيها العدد /28/ في مرقس /الإصحاح 14/ و الذي يقول ((بعد قيامي أسبقكم إلى الجليل)). و كذلك غير مذكور فيها كلمة مرتين المذكورة في العدد /30/ الذي قال فيه: ((الحق أقول لك يا بطرس: اليوم، في هذه الليلة، قبل أن يصيح الديك مرتين، تنكرني ثلاث مرات)).
            عن كتاب المسيح في مصادر العقائد المسيحية للمهندس أحمد عبد الوهاب ص 131

            فمسألة القيام هنا غير مذكورة في المخطوطات القديمة .. إنما هي إضافة لاحقة أضافتها الكنيسة.

            4- فأجابه بطرس: ((لا أنكرك و إن كان علي أن أموت معك)) و هكذا قال التلاميذ كلهم: هذه هي صورة التلاميذ الحقيقية.. مستعدين للموت فداءً عن نبيهم و معلمهم.. و نلاحظ هنا قوله ((و هكذا قال التلاميذ كلهم)) أي بمن فيهم يهوذا! فكيف يقولون لنا بعد ذلك أنه قد خان المسيح؟ للأسف فإن كتبة الإنجيل يناقضون أنفسهم بعد ذلك ليذكروا لنا أنهم تركوه و هربوا!
            دائماً أنت بقلبي دائماً موردي العذب إذا اشـــــتد الظما
            دائماً أنت ضيائي في الدجى كيف لا تكشف عني الظلما
            أنت يا من ذكره ملء فمي فاستحالت كل أعضـــائي فما
            يا رســـول الله يا من حبه دائمــــاً في القلب يبقى دائماً
            أرشيفي

            تعليق


            • #7
              اللـيـلـــة الأخيـــرة


              مرقس [14: 32-42]
              و جاؤوا – و يهوذا معهم - إلى مكان اسمه جتسماني (الجسمانية)، فقال لتلاميذه – و يهوذا معهم - : ((أقعدوا هنا بينما أنا أصلي)). و أخذ معه بطرس و يعقوب و يوحنا. و بدأ يشعر بالرهبة و الكآبة. فقال لهم: ((نفسي حزينة حتى الموت. انتظروا هنا و اسهروا)) و ابتعد قليلاً و وقع على الأرض يصلّي حتى تعبر عنه ساعة الألم، إن كان ممكناً. فقال: ((أبي، يا أبي! أنت قادر على كل شيء، فأبعد عني هذه الكأس. ولكن لا كما أنا أريد، بل كما أنت تريد)). و رجع – إلى التلاميذ الإثني عشر - فوجدهم نياماً – مع يهوذا - ، فقال لبطرس: ((أنائم أنت يا سمعان؟ أما قدرت أن تسهر ساعة واحدة؟ إسهروا و صلوا لئلا تقعوا في التجربة. الروح راغبة و لكن الجسد ضعيف)). و ابتعد ثانية و صلى، فردد الكلام ذاته. و رجع أيضاً فوجدهم نياماً – أي مع يهوذا - ، لأن النعاس أثقل جفونهم و حاروا بماذا يجيبونه. و رجع في المرة الثالثة و قال لهم: ((أنيام بعد و تستريحون؟ يكفي! جاءت الساعة. ها هو ابن الإنسان يسلم إلى أيدي الخاطئين. قوموا ننصرف! اقترب الذي يسلمني!)).

              متّى [26: 35- 46]
              ثم جاء يسوع مع تلاميذه – و يهوذا معهم - إلى موضع اسمه جتسماني، فقال لهم: ((اقعدوا هنا، حتى أذهب و أصلي هناك)). و أخذ معه بطرس و ابني زبدي، و بدأ يشعر بالحزن و الكآبة. فقال لهم: ((نفسي حزينة حتى الموت. انتظروا هنا و اسهروا معي)). و ابتعد عنهم قليلاً و ارتمى على وجههو صلّى فقال: ((إن أمكن يا أبي، فلتعبر عني هذه الكأس. و لكن لا كما أنا أريد، بل كما أنت تريد)). و رجع إلى التلاميذ – الإثني عشر - فوجدهم نياماً – مع يهوذا – فقال لبطرس: ((أهكذا لا تقدرون أن تسهروا معي ساعةً واحدة؟ إسهروا و صلوا لئلا تقعوا في التجربة. الروح راغبة و لكن الجسد ضعيف)). و ابتعد ثانية و صلى، فقال: ((يا أبي، إن كان لا يمكن أن تعبر عني هذه الكأس، إلا أن أشربها، فلتكن مشيئتك)). ثم رجع فوجدهم نياماً – مع يهوذا -، لأن النعاس أثقل جفونهم. فتركهم و عاد إلى الصلاة مرة ثالثة، فردد الكلام نفسه. ثم رجع إلى التلاميذ – الإثني عشر - و قال لهم: ((أنيام بعد و مستريحون؟ جاءت الساعة التي يسلم فيها ابن الإنسان إلى أيدي الخاطئين. قوموا ننصرف! اقترب الذي يسلمني)).

              لوقا [22: 40-46]
              و لما وصل إلى المكان – مع التلاميذ الإثني عشر - قال لهم: ((صلوا لئلا تقعوا في التجربة)). و ابتعد عنهم مسافة رمية حجر و ركع و صلّى، فقال: ((يا أبي، إن شئت فإبعد عني هذه الكأس! و لكن لتكن إرادتك لا إرادتي)). و ظهر له من السماء ملاك يقويه. ووقع في ضيق فأجهد نفسه في الصلاة، و كان عرقه مثل قطرات دم تتساقط على الأرض. و قام عن الصلاة و رجع إلى التلاميذ – الإثني عشر -، فوجدهم نياماً من الحزن. فقال لهم: ((ما بالكم نائمين؟ قوموا و صلوا لئلا تقعوا في التجربة)).

              1- نلاحظ أن مرقس ذكر أن المسيح أخذ معه بطرس و يعقوب و يوحنا، أما متى فقد كنّى يعقوب و يوحنا بابني زبدي. أما لوقا لم يذكر أنه أخذ معه أحداً كيلا يقال له أن سرق النص من متى و مرقس بعد أقفلا عليه أي محاولة لتغيير النص، و هو بذلك ناقض زميليه في هذه النقطة.

              2- أهكذا لا تقدرون أن تسهروا معي ساعةً واحدة: كيف نستطيع أن نصدق ما زعمه كتبة الاناجيل من أن المسيح أعطى تلاميذه القدرة على شفاء الأمراض وها هو عاجز عن إعطائهم ما هو أقل بكثير: القدرة على السهر! وهذا يؤكد أن المسيح لم يُعطهم أي سلطان على شفاء المراض أو إخراج الشياطين.
              3- و ظهر له من السماء ملاك يقويه. ووقع في ضيق فأجهد نفسه في الصلاة، و كان عرقه مثل قطرات دم تتساقط على الأرض: لقد شذ لوقا عن زميليه بذكره ملاك نزل من السماء ليقوي عيسى. فإن كان هذا الملاك قد نزل فعلاً، فلماذا أغفله متى و مرقس؟ و على كل حال ، أرجو من القارئ أن ينتبه جيداً لهذا الملاك الذي نزل من السماء! و السؤال هنا: لماذا يقويه؟ ألم يعلم أنه سيموت لثلاثة أيام ثم يقوم من بين الأموات؟ أم كان ذلك كله كذب و افتراء؟ هذا القول الذي غسلوا به أدمغتنا في الأناجيل مرات عديدة، فهاهم ينسفون قولهم هذا بظهور ملاك يقويه!
              لقد نجّى الله موسى في أحلك الأوقات عندما أدركه فرعون و جنوده فأمره أن يشق البحر بعصاه، فكان كل فرق كالجبل العظيم. لقد كان موسى واثقاً من نجاته لأن الله معه (إن معي ربي سيهدين – الشعراء 62).. كما نجى محمداً في أصعب المواقف عندما كان مختبئاً في غار حراء و المشركون عند باب الغار، و لو أنهم نظروا إلى أقدامهم لأدركوه و أبي بكر معه.. فلما قال له أبو بكر: لو نظر القوم تحت أقدامهم لرأونا! فردّ عليه محمد بكل ثقة (لا تحزن إن الله معنا – التوبة 40).. هكذا حال الأنبياء واثقين من أن الله معهم في جميع الأوقات و أنه ينجيهم في أحلك الظروف.
              لقد كان عيسى أيضاً واثقاً من نجاته فقد قال لتلاميذه من قبل في يوحنا [16: 32] ((لا أكون لوحدي، لأن الآب معي)) و ما إلى ذلك من الأعداد التي ذكرناها آنفاً و التي تبين ثقته بالله، فهل بعد ذلك يتخلى الله عنه؟
              و عودة إلى الملاك الذي ظهر لعيسى وفق لوقا: كيف عرف لوقا أن ذلك القادم من العالم الآخر هو ملاك و لم يكن البديل الذي جاء ليأخذ مكان عيسى؟ ألم يقل أنه لم يأخذ معه أحد من التلاميذ، بل تركهم عند باب الحديقة؟ ألم ينزّل الله كبشاً من العالم الآخر ليفدي اسماعيل من الذبح؟ إن أساليب الله تختلف عن أساليبنا، فهو يعمل مشيئته بطرق لا نعرفها نحن! وما يؤكد قولنا هذا أن الظلام كان قد أسدل ستائره فتعذرت الرؤيا في الليل.كما ذكر لنا لوقا نزول الملاك و لم يذكر صعوده، بالإضافة إلى نقاط أخرى سنذكرها في حينها.. لقد قال المسيح للكهنة في [يوحنا 8: 21] ((أنا ذاهب و ستطلبوني، و في خطيئتكم تموتون. و حيث أنا ذاهب لا تقدرون أنتم أن تجيئوا)) كما قال في يوحنا [16: 32] ((لا أكون لوحدي، لأن الآب معي)).. و هذا ما يؤكد لنا تماماً أن القادم من العالم الآخر تحت جنح الظلام لم يكن ملاكاً ليقوي عيسى كما ذكر لوقا، إنما كان البديل الشبيه الذي أرسله الله ليفدي به عيسى، بدليل ذكر لوقا مجيئه و لم يذكر لنا ذهابه!

              4- نوم التلاميذ: اتفق الملهمون الثلاثة أن التلاميذ جميعهم كانوا نياماً، و انفرد لوقا بقوله: كانوا نياماً من الحزن. إن هذا تبرير غير معقول، وهو عذر أوقح من ذنب. فهل من كان حزيناً أو خائفاً يعرف طريق النوم إليه؟! جرب عزيزي القارئ أن تحاول النوم عندما تكون حزيناً أو خائفاً، فهل يجد النوم طريقاً لأجفانك؟ ولو كانوا جميعاً نياماً، فكيف شهد التلاميذ على صلاة يسوع و غيرها من الأحداث؟ من منهم رأى عرقه ينزل كقطرات دم نازلة على الأرض؟ ثم كيف يهرب التلاميذ جميعهم بعد ذلك فلا يكونوا شهود عيان لما حصل، ثم تراهم يسجلون لنا تلك الأحداث بإصحاح تلو الإصحاح؟ إن هذا يدل على أن كتبة الإنجيل لم يكونوا هم التلاميذ الذين شهدوا الحادثة، و أن ما كتبوه كان من محض خيالهم.

              5- الإتفاق السماوي: يزعم النصارى وجود اتفاق سماوي بين الآب و الإبن لصلب الأخير و غفران الخطايا، و ذلك لقلب هزيمتهم إلى نصر لا يزيد عن كونه من نسج خيالهم و لا يقبله كل ذي لبّ. فإن كان هذا الكلام صحيحاً، فلم طلب من تلاميذه أن يبيعوا ثيابهم و يشتروا سيوفاً؟ أليقشروا التفاح؟ أليست للدفاع عن يسوع؟ لقد كان حريصاً على نفسه ألا يموت و أراد البقاء حياً. و لماذا هذا الاستعداد التكتيكي و التواري بين أشجار الزيتون في ظلمات الليل و صلاته الحارة هذه التي خرّ فيها على وجهه و صلاها بأشد الحاجة حتى صار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض؟ ثم إن يسوع قد تعرض لمحاولات قتل عديدة من قبل الكهنة و الفريسيين كما في [متّى 12: 14]، يوحنا [8: 59]، يوحنا [11: 53]، يوحنا [8: 40] و قد نجاه الله منها، فلو كان هنالك إتفاق سماوي، فلم الهروب من تلك المحاولات إذاً؟

              6- و الآن أعزائي القراء، ماذا قال يوحنا في إنجيله عن هذه الصلاة؟ هل تحبون أن تعرفوا؟ حسناً سأقول لكم.. و لكن لا تندهشوا!! لقد قال: ... لا شـــيء !! نعم لا شيء!! ألم يكن يوحنا شاعد عيان عندما اصطحبه يسوع و أدخله البستان معه؟ أم أنهم كانوا يكذبون علينا في ذلك؟ و كيف نسي الوحي مثل هذا الأمر الهام؟ إن السبب أن إنجيل يوحنا كُتب ليثبت ألوهية يسوع زوراً و افتراءً، و هذه الصلاة التي ذكرها زملاؤه إنما تنسف كامل إنجيله، لذا تجنب مؤلف إنجيل يوحنا ذكرها تماماً!!

              7- بعد هذه الصلاة الحارة و الطلب اللجوج من قبل يسوع لينقذه الله من أيدي أعدائه، هل استجاب له في طلبه هذا؟ المفروض أن يكون الجواب بالإيجاب، و إلا لكان يسوع قد كذب علينا في موعظة الجبل حين قال: [متى 7: 7 = إسألوا تعطوا، أطلبوا تجدوا، دقوا الباب يُفتح لكم] فهل يعطيه الله بدلاً عن ذلك صلباً و طعناً برمح؟

              8- و السؤال هنا: كيف نقول هذا و قد ذكرت الأناجيل الأربعة الصلب المزعوم ليسوع؟ نقول: لقد التبس عليهم الأمر، فالذي أُلقي القبض عليه و صُلب إنما كان الشبيه الذي ذكرناه لتونا و الذي نزل خصيصاً فداءً عن يسوع كما فدى الله إبن إبراهيم بكبشٍ خُلق لهذا الهدف أنزله الله من العالم الآخر. و نحن لا نلومهم على هذا اللبس، فقد كان الشبه بين الإثنين عظيماً لدرجة أنهم ظنوا يسوع معلقاً على الصليب، و لما ظهر لهم يسوع الحقيقي، ظنوا أنه قد قام من بين الأموات. لقد كانت مشيئة الله، و قد أعماهم عنها وقتها و كشفها فيما بعد لمحمد في القرآن الذي أنزله عليه.

              9- الشكوك في صلاة يسوع: إن هذه الصلاة التي أوردتها الأناجيل الثلاثة، و قصة إلقاء القبض على يسوع – كما سنرى بعد قليل – فيها من الثغرات التي لا تغيب عن عين الفاحص الفطن، و تجعلنا نشك في حدوثها فعلاً و في أن الأحداث قد جرت كما ذكرها الملهومن الثلاثة! فما هي هذه الشكوك؟

              أولاً: مما جاء في الأناجيل الثلاثة نفهم أن المسيح و التلاميذ (بمن فيهم يهوذا) ذهبوا إلى الجسمانية بعد العشاء. و العشاء يكون عادة في الليل بعد غياب الشمس. و كذلك من يوحنا [18: 3] نفهم أن الذين جاؤوا للقبض على يسوع (أتوا بمشاعل و مصابيح) مما يؤكد أن الوقت كان ليلاً. و السؤال هنا: كيف رأى لوقا بعد /50/ سنة عندما كتب إنجيله هذه القطرات في جنح الليل و التي كانت كقطرات دم نازلة على الأرض؟
              ثانياً: لمن لا يعرف بيت المقدس نقول لهم أن موقع الجسمانية هذا مقابل للهيكل و لا يفصل بينه و بين الهيكل سوى وادي قدرون. فلو خرج القوم من الهيكل بمشاعل و مصابيح للقبض على يسوع، لرأى الجميع تلك المشاعل و المصابيح من موقعهم في الجسمانية، و كان بإمكانهم أن يهربوا في جنح الليل قبل أن يصل القوم إليهم.
              ثالثاً: سجلت الأناجيل الثلاثة أن التلاميذ كانوا نياماً، فإن صحّ قولهم، فأنى لهم معرفة ما حصل من تفاصيل في ذلك الوقت؟
              رابعاً: ذكر لنا كتبة الأناجيل في أكثر من مناسبة أن المسيح كان يمسك أعين أعدائه فيمر من وسطهم فلا يرونه [يوحنا 8: 59]، [لوقا 24: 31]، [يوحنا 20: 4] .. إلخ. فطالما عنده هذه القدرة، فلم الحاجة إلى تلك الصلاة؟ ألم يكن بمقدوره أن يمر بينهم في جنح الليل و لا يرونه كما فعل في المرات السابقة؟

              لنتابع معاً بقية أحداث الليلة الأخيرة في الجسمانية لنتأكد من صدق ما ذهبنا إليه في براءة يهوذا و صلب البديل و نجاة المسيح:
              دائماً أنت بقلبي دائماً موردي العذب إذا اشـــــتد الظما
              دائماً أنت ضيائي في الدجى كيف لا تكشف عني الظلما
              أنت يا من ذكره ملء فمي فاستحالت كل أعضـــائي فما
              يا رســـول الله يا من حبه دائمــــاً في القلب يبقى دائماً
              أرشيفي

              تعليق


              • #8
                بــراءة يهـــــوذا


                مرقس [14: 43-52]
                و بينما هو يتكلم، وصل يهوذا، أحد التلاميذ الإثني عشر، على رأس عصابة تحمل السيوف و العصي، أرسلها رؤساء الكهنة و معلمو الشريعة و الشيوخ. و كان الذي أسلمه أعطاهم علامة قال: ((هو الذي أقبله، أمسكوه و خذوه في حراسة شديدة)). و لما وصل يهوذا، دنا في الحال إلى يسوع و قال له: ((يا معلم!)) و قبّله. فألقوا أيديهم عليه و أمسكوه. فاستل أحد الحاضرين سيفه، و ضرب خادم رئيس الكهنة فقطع إذنه. و قال لهم يسوع: ((أعلى لص خرجتم بسيوف و عصي لتأخذوني؟ كنت كل يوم بينكم أعلّم في الهيكل فما أمسكتموني، و لكن حدث هذا لتتم الكتب المقدسة)). فتركوه كلهم و هربوا. و تبعه شاب لا يلبس غير عباءة على عريّه فأمسكوه. فترك عباءته و هرب عرياناً.

                متّى [26: 46-56]
                و بينما يسوع يتكلم وصل يهوذا، أحد التلاميذ الإثني عشر، على رأس عصابة كبيرة تحمل السيوف و العصي، أرسلها رؤساء الكهنة و شيوخ الشعب. و كان الذي أسلمه أعطاهم علامة، قال: ((هو الذي أقبّله، فأمسكوه!)) و دنا يهوذ في الحال إلى يسوع و قال له: ((السلام عليك يا معلم!)) و قبّله. فقال له يسوع: ((إفعل ما جئت له. يا صاحبي!)) فتقدموا و ألقوا عليه الأيدي و أمسكوه. و مدّ واحد من رفاق يسوع يده إلى سيفه و استلّه و ضرب خادم رئيس الكهنة، فقطع أذنه. فقال له يسوع: ((ردّ سيفك إلى مكانه. فمن يَأخُذ بالسيف يهلك. أتظن أني لا أقدر أن أطلب إلى أبي، فيرسل لي في الحال أكثر من إثني عشر جيشاً من الملائكة؟ و لكن كيف تتم الكتب المقدسة التي تقول أن هذا ما يجب أن يحدث؟)) و قال يسوع للجموع: ((أعلى لص خرجتم بسيوف و عصي لتأخذوني؟ كنت كل يوم أجلس معكم في الهيكل أعلّم، فما أخذتموني. و لكن حدث هذا كله لتتم كتب الأنبياء)). فتركه التلاميذ كلهم و هربوا.

                لوقا: [22: 47-54]
                و بينما هو يتكلم، ظهرت عصابة يقودها المدعو يهوذا، أحد التلاميذ الإثني عشر، فدنا من يسوع ليقبّله. فقال له يسوع: ((أبقبلةٍ، يا يهوذا، تسلّم ابن الإنسان؟)) . فلما رأى التلاميذ ما يجري قالوا: ((أنضرب بالسيف، يارب؟)) و ضرب واحداً منهم خادم رئيس الكهنة فقطع أذنه اليمنى. فأجاب يسوع: ((كفى. لا تزيدوا!)) و لمس أذن الرجل فشفاها. و قال يسوع للمقبلين عليه من رؤساء الكهنة و قادة حرس الهيكل و الشيوخ: ((أعلى لص خرجتم بسيوف و عصي؟ كنت كل يوم بينكم في الهيكل، فما مددتم أيديكم عليّ. و الآن هذه ساعتكم، و هذا سلطان الظلام)). فقبضوا عليه و أخذوه...

                يوحنا [18: 1-12]
                قال يسوع هذا الكلام و خرج مع تلاميذه، فعبر وادي قدرون وكان هناك بستان، فدخله هو و تلاميذه. و كان يهوذا الذي أسلمه يعرف هذا المكان، لأن يسوع كان يجتمع فيه كثيراً مع تلاميذه. فجاء يهوذا إلى هناك بجنود و حرس أرسلهم رؤساء الكهنة و الفريسيون، و كانوا يحملون المصابيح و المشاعل و السلاح. فتقدم يسوع و هو يعرف ما سيحدث له و قال لهم: ((من تطلبون؟)) أجابوا: ((يسوع الناصري)). فقال لهم: ((أنا هو)). و كان يهوذا الذي أسلمه واقفاً معهم. فلما قال لهم يسوع: ((أنا هو))، تراجعوا و وقعوا إلى الأرض. فسألهم يسوع مرة ثانية: ((من تطلبون؟)) أجابوا: ((يسوع الناصري)). فقال لهم يسوع: ((قلت لكم أنا هو. فإذا كنتم تطلبوني، فدعوا هؤلاء يذهبون)). فتمّ ما قال يسوع: ((ما خسرت أحداً من الذين وهبتهم لي)). و كان سمعان بطرس يحمل سيفاً، فاستلّه و ضرب خادم رئيس الكهنة فقطع أذنه اليمنى، و كان اسم الخادم ملخس. فقال يسوع لبطرس: ((رد سيفك إلى غمده! ألا أشرب كأس الآلام التي جعلها لي الآب)). فقبض الجنود و قائدهم و حرس الهيكل على يسوع و قيدوه، و أخذوه أولاً إلى...

                1- براءة يهوذا: لنسترجع سوياً هذه الأحداث باختصار لنرى منها براءة يهوذا ناصعة كالشمس:
                - في العشاء الأخير: جلس يسوع مع تلاميذه الإثني عشر – أي معهم يهوذا – و ذلك لتناول عشاء الفصح.
                - و أثناء العشاء، ذكر يسوع أن الذي يغمس يده في الصحن معه سيسلمه.. فأجاب يهوذا: ((هل أنا هو يا سيد؟)) – أي يهوذا كان معهم.
                - ثم جاء يسوع إلى بستان اسمه الجستماني (الجسمانية) مصطحباً معه التلاميذ – بمن فيهم يهوذا – فقال لهم: اجلسوا هنا.. ثم رجع فوجدهم نياماً و معهم يهوذا..
                ثم بعد ذلك يقولون لنا أن يهوذا ظهر فجأة مع عصابة لاعتقال يسوع! متى ذهب و أحضرهم في الوقت الذي كان فيه مع التلاميذ كل الوقت في العشاء الأخير و ساعة الذهاب إلى الجسمانية، و كان نائماً كبقية التلاميذ ساعة صلاة المسيح؟ ألا يدل هذا 100% بأن خيانة يهوذا كلها مفبركة لغرض في نفس يعقوب؟ لا شك أن كتبة الأناجيل هنا خانهم ذكاءهم، مما يؤكد براءة يهوذا من الخيانة المزعومة. ولو كانت هذه الشهادة ضد يهوذا في محاكم اليوم لبرّأه القاضي و سجن كتبة الأناجيل الثلاثة بدلاً منه، و سنقوم بتقديم أدلة أخرى على براءته في السطور القليلة القادمة.

                2- نرى في متّى أن يسوع قال ليهوذا: ((يا صاحبي!)). كيف يناديه: يا صاحبي وهو الذي طعنه في ظهره و خانه؟ إن هذا التعبير لا يصح في وصف الخائن. ولو كانت خيانة يهوذا حقيقية، لما قال له ذلك، بل لوصفه بأنه خائن! ألم يقل للكتبة و الفريسيين في وجوههم بأنهم جهلة و عميان و أولاد أفاعي؟ لماذا يخاف هنا و يناديه بالصاحب؟ إنها زلة قلم أخرى لتبرءة يهوذا.

                3- الملهمون الثلاثة (متى و مرقس و لوقا) ذكروا أن يهوذا دلّ على يسوع بقبلة، أما يوحنا فلم يعرف شيئاً عنها، و ذكر أن يهوذا كان واقفاً معهم و لم يدلهم على يسوع.

                4- إفعل ما جئت له: ذكرنا لكم أن الأعداد مقتبسة عن الترجمة العربية المشتركة، و لدى مراجعة باقي الترجمات وجدت أن ترجمة فاندايك ذكرت في ذلك قولاً آخر: ((يا صاحب، لماذا جئت؟)). لذا كنت مضطراً لمراجعة الترجمات الإنكليزية المختلفة فوجدت التالي:
                - نسخة الملك جيمس KJV ذكرت في هذا العدد: ((لماذا جئت يا صديقي؟ Friend, wherefore art thou come?)).
                - النسخة القياسية المنقحة RSV ذكرت أيضاً: ((لماذا أنت هنا يا صديقي؟ Friend, why are you here?)).
                - النسخة العالمية الجديدة NIV ذكرت في الحاشية: (( أو قوله: لماذا جئت يا صديقي؟ Friend, why have you come?)) كما حذت حذوها النسخة الإنكليزية القياسية ESV و غيرها من النسخ..
                إن المخطوطات القديمة ذكرت قول المسيح: ((لماذا أنت هنا يا صديقي؟)) و ذلك وفقاً للنسخة القياسية المنقحة، و المأخوذة من أقدم المخطوطات اليدوية المتوفرة في العالم المسيحي. و هذا يدل على أن يسوع لم يكن يعلم سبب حضور يهوذا المزعوم لاعتقاله، مما ينسف زعم كتبة الأناجيل بأن عيسى قد تنبّأ بخيانة يهوذا المزعومة. أما المخطوطات الأكثر حداثة، فقد حولت هذا النص إلى قوله: ((إفعل ما جئت من أجله)) بعد أن فطن الناسخون إلى هذا التناقض الخطير في قول المسيح، من أجل إكمال التمثيلية التي حاولوا نسجها لنا في خيانة يهوذا التي لا نجد لها سبباً واحداً كما أسلفنا. فإن كان المسيح قد قال ذلك، فلم التحريف إذاً؟ و هذا دليل آخر على براءة يهوذا.

                5- استعمال يهوذا كمرشد في الدلالة على عيسى أمر مرفوض عند كل ذي عقل سليم، لأن كتبة هذه الأناجيل بقولهم هذا إنما يحتقرون ذكائنا أو ينسون ما يكتبون. إن الكهنة و الفريسيين لم يكونوا بحاجة إلى من يدلهم على عيسى أو على تحركاته للأسباب التالية:

                - عند إلقاء القبض على يسوع، ذكرت الأناجيل الثلاثة الأولى قوله: ((كنت كل يوم أجلس معكم في الهيكل أعلّم، فما أخذتموني)). فما حاجتهم إلى الدليل ليرشدهم إليه؟
                - لقد كان كل يوم يعلّم في الهيكل وهو معروف لديهم. ألم يسألوه: ((بأي سلطة تعمل هذه الأعمال؟ و من أعطاك هذه السلطة؟)) [متى 21: 23].
                - ألم يسأله الفريسيون و معلمو الشريعة: ((لماذا يخالف تلاميذك تقاليد القدماء، فلا يغسلون أيديهم قبل الطعام؟)) [متى 15: 2].
                - ألم يكن الفريسيون يتبعون يسوع كظله من مكان إلى آخر حتّى بين الحقول؟ [متى 12: 2].
                - أليسوا هم الذين سألوه: ((أيحل أن ندفع الجزية إلى قيصر أم لا؟)) [متى 22: 17].
                - أليسوا هم الذين سألوه: ((أيحل الشفاء في السبت؟)) [متى 12: 10].
                - أليسوا هم القائلين: ((برئيس الشياطين يطرد الشياطين!)) [متى 9: 34].
                - أليسوا هم الذين سألهم المسيح: ((ما قولكم في المسيح؟ ابن من هو؟)) [متى 22: 42].
                - أليسوا هم الذين قال لهم: ((الحجر الذي رفضه البناؤون صار رأس الزاوية.. سيأخذ الله ملكوته منكم و يسلمه إلى شعب يجعله يثمر)) [متى 21: 41-43].
                - أليسوا هم الذين هاجمهم و لعنهم في إصحاح كامل /23/ و سماهم بالجهلة و العميان و أولاد الأفاعي؟
                - أليسوا هم الذين أبرأ أسقام شعبهم و جعل العرج يمشون و الخرس ينطقون و البرص يطهرون، و الصم يسمعون، و العمي ينظرون؟
                - أليس هو الذي أحيا أليعازر أمام جموع اليهود و شفا ابن رئيس مجمعهم؟
                - أليس هو الذي أطعم الألوف من كسرة خبز و سمكتين؟
                - أليس هو الذي ارتجت له المدينة يوم دخلها منتصراً و الجموع مصطفة على الجانبين يفرشون الطريق بملابسهم و أغصان الشجر و يهتفون: أوصنا.. مبارك الآتي باسم الرب؟
                - أليس هو الذي دخل ساحة الهيكل على رؤساء الأشهاد و قلب موائد الصيارفة و طرد باعة الحمام..؟
                - أليس هو الذي قالوا عنه: ((انتشر صيته في سورية كلها)) [متى 4: 24].
                - لقد ذكر لنا لوقا في العدد [21: 37] ((و كان يسوع في النهار يعلم في الهيكل، و عند المساء يخرج ليبيت في جبل الزيتون)). فما حاجتهم بعد إلى دليل يرشدهم إلى مكانه؟

                6- استلال السيف و قطع الأذن: أنظر عزيز القارئ كيف بدأ هذا المشهد: ذكر مرقس أن أحد الحاضرين استل سيفه و قطع به أذن عبد رئيس الكهنة، ثم صحح متّى في أن الذي استل السيف كان أحد التلاميذ. و لما أخذ لوقا النص عنهم أضاف أن التلاميذ طلبوا الإذن منه أن يشهروا سيوفهم.. ولكن سبق السيف العدل! إذ أن واحداً منهم كان قد قطع أذن عبد رئيس الكهنة، و أضاف لوقا أن المسيح أبرأها. فكيف تغيب مثل هذه المعجزة على باقي كتبة الأناجيل؟ أما يوحنا حدد اسم الضارب بالسيف بأنه سمعان بطرس، وحدد اسم عبد رئيس الكهنة بأنه (ملخس)، و حدد الإذن باليمنى. فهل تحديد اسم عبد رئبس الكهنة، وتحديد الأذن باليمنى أهم من ذكر اسم الحواري البار برنابا الذي باع حقله و نثر الدراهم تحت أقدام التلاميذ و ضيعت اسمه الكنائس و كتبة الأناجيل بين "فلان" و "رجل يحمل جرة ماء"؟
                لقد كان الجنود و خدام و رؤساء الكهنة مسلحين بالسيوف و العصي. فهل يعقل أن يشهر أحد التلاميذ سيفه (الخطوة الأولى) و يقطع أذن عبد رئيس الكهنة (الخطوة الثانية) و يسيل دمه أما الجميع (الخطوة الثالثة) ثم يُبرئ المسيح أذنه و يقول: ((كفى لا تزيدوا.. ردّ سيفك إلى مكانه. فمن يَأخُذ بالسيف يهلك)) (الخطوة الرابعة) و خصومهم أمامهم يتفرجون؟!!! فلو أن بطرس (أو أحدهم) استلّ سيفه، لاستلّ خدام الكهنة سيوفهم في الحال بدون استثناء، ولدارت معركة حامية الوطيس بالسيوف و العصي و أجهزوا فيها على التلاميذ و ربما على معلمهم نفسه! إن هذا غير معقول أبداً!! ولو حدث هذا في أحد الأفلام لصاح الجمهور "سينما أونطة هاتوا فلوسنا".

                7- ردّ سيفك إلى مكانه. فمن يَأخُذ بالسيف يهلك: إن قوله هذا يناقض تماماً طلبه من التلاميذ أن يبيعوا ثيابهم و يشتروا سيوفاً، و ليس من المعقول أن يناقض المسيح نفسه.. فلم السيوف إذاً إن كان يسوع أراد تسليم نفسه من البداية؟ إن هذا يرشح قولنا السابق بأن قائل هذا القول لم يكن المسيح .. بل البديل الذي جاء من العالم الآخر شبيهاً بيسوع.

                8- فتركه التلاميذ كلهم و هربوا: يا للعار .. تلاميذه الذين قال لهم ((متّى 5: 13 = أنتم ملح الأرض، فإذا فسد الملح، فماذا يملّحه؟)) تلاميذه الذين فضلهم عن أمه و قال: ((متّى 12: 48-49 = من هم أمي و من هم أخوتي؟ و أشار بيده إلى تلاميذه و قال: هؤلاء هم أمي و أخوتي)).. تلاميذه الذين بشرهم بالجنة قائلاً: ((متّى 19: 28 = الحق أقول لكم: متى جلس ابن الإنسان على عرش مجده عند تجديد كل شيء، تجلسون أنتم الذين تبعوني على اثني عشر عرشاً لتدينوا عشائر إسرائيل الإثني عشر)) من يصدق ذلك؟ ما الذي يدعوهم للهرب بعد أن تركوا العالم و تبعوه؟ لا معنى لهذا الهرب بعد أن تعاهدوا على حمايته حتى لو ماتوا معه! ألم يقل المسيح لبطرس أنه الصخرة التي يبني عليها الكنيسة و أبواب الجحيم لا تقوى عليها؟أحفنة من الخدام المسلحين يحطمون تلك الصخرة و يهدمون تلك الكنيسة؟ بطرس أنكره و يهوذا خانه و البقية هربوا!! و ماذا عن قول لوقا [22: 31-32] على لسان المسيح أن الشيطان أراد فساد دينهم و أنه طلب من الله ألا يجعل له عليهم سبيلاً؟ و لو أنهم هربوا حقيقة لوبخم بعد القيام المزعوم.. و كيف يكونوا شهود عيان لما حدث بعد ذلك؟ فإما أنهم لم يهربوا وهم كتبة الأناجيل، أو أنهم هربوا فعلاً و كتبة الأناجيل أجانب و غرباء عن المسيح.. فليختاروا واحدة!

                9- التناقض الأعظم: إن الأناجيل الثلاثة الأولى ذكرت لنا أن عملية القبض على يسوع تمت ليلة عيد الفصح بينما ذكر يوحنا أنها تمّت قبل عيد الفصح!!! فهل ألقي القبض على يسوع مرتين؟ إن صدقنا الثلاثة وجب علينا تكذيب يوحنا، إذ يستحيل الجمع بين الروايتين ولا بأي شكل من الأشكال. فكيف ُتبنى على الصلب عقيدة بأكملها إن كانت الأناجيل قد اختلفت في توقيت عماد تلك العقيدة – ألا وهو الصلب؟
                دائماً أنت بقلبي دائماً موردي العذب إذا اشـــــتد الظما
                دائماً أنت ضيائي في الدجى كيف لا تكشف عني الظلما
                أنت يا من ذكره ملء فمي فاستحالت كل أعضـــائي فما
                يا رســـول الله يا من حبه دائمــــاً في القلب يبقى دائماً
                أرشيفي

                تعليق


                • #9
                  المحــاكمـــة الـدينيـــة


                  يذكر لنا مرقس أنه بعد عملية إلقاء القبض على من ظنوه المسيح في الجسمانية تمت المحاكمة مباشرة في نفس الليلة و أنهم أخذوا المتهم إلى رئيس الكهنة، و جاؤوا بشهود زور ادعوا عليه أنه قال: إني أنقض هذا الهيكل المصنوع بالأيادي و في ثلاثة أيام أبني آخر غير مصنوع بأياد، و مع هذا لم تتفق شهادتهم.. فقام رئيس الكهنة في الوسط و سأل "يسوع" أما تجيب بشيء؟ أما هو فكان ساكناً و لم يجب بشيء. [مرقس 26: 57-63]

                  هنا أطلب منك عزيزي القارئ أن تنتبه جيداً: لقد عرفنا عيسى بن مريم شجاعاً بطلاً في قول الحق، لا يخاف لومة لائم في الدفاع عن الدين و حقوق الغير. فهو الذي كان لديه الجرأة ليقول للكهنة و الفريسيين في عقر دارهم: ((أيها العميان، يا أولاد الأفاعي، يا قتلة الأنبياء))، و هو الذي لم يخشاهم أبداً و قال لتلاميذه: ((لا تَخافوهُم. فما مِنْ مَستورٍ إلا سَيَنكَشِفُ، ولا مِنْ خفِـيٍّ إلاَّ سَيُظهَرُ. وما أقولُهُ لكُم في الظَّلامِ، قولوهُ في النُّورِ. وما تَسمَعونَهُ هَمسًا، نادوا بِه على السُّطوحِ - متى 10: 26-27)) و قال أيضاً: ((لا تخافوا الّذينَ يَقتُلونَ الجسَدَ ولا يَقدرونَ أنْ يقتُلوا النَّفسَ، بَل خافوا الّذي يَقدِرُ أنْ يُهلِكَ الجسَدَ والنَّفسَ معًا في جَهَنَّم - متى 10: 28)). وهو الذي هز كراسيهم يوم أعلن أن المسيا القادم سيكون من نسل إسماعيل و لن يكون ابناً لداوود، و لا من جنس اليهود أصلاً ((قال الرب لربي - متى 21: 41-46 )) و يوم قال لهم ((إن ملكوت الله ينزع منكم و يعطى لأمة تعمل إثماره - متى 21: 43)) و كثير غيرها.. إن مواقف المسيح الشجاعة أمام الكهنة لأكثر من أن تحصى ولكن السؤال: لماذا سكت هنا يا ترى؟!!
                  هل يعقل أن يدافع المسيح الشجاع عن الحق سابقاً و يجابه الكهنة في عقر دارهم بكل ذلك الحماس و يسكت هنا في الدفاع عن حقه؟! هل يعقل أن يسكت هنا و هو يعلم تمام العلم أن التهم الموجهة إليه كلها زور و شهادة الشهود باطلة من أساسها جملة و تفصيلاً؟! ماذا طرأ على المسيح؟ هل كان خائفاً؟ هل جبن؟! هل أصيب بالذهول؟ كلا! ليس هذا من عادة المسيح ولا من شيمه!! هذا السكوت المريب وراءه شيء! إذاً فلماذا سكت هنا؟! الجواب بسيط جداً: إن المتهم الماثل أمامهم لا يعرف شيئاً عن هذه التهم لأنه ليس المسيح! إنه ذلك الشبيه البديل الذي أرسله الله من العالم الآخر ليفدي به عيسى، و تمت عملية الاستبدال في الجسمانية ليلاً بالذي ظنه لوقا ملاكاً جاء ليقوي المسيح. أما المسيح نفسه فقد امتدت عناية الرب و حملته بعيداً عن الأنظار. لهذا السبب بقي الماثل أمامهم طول الوقت ساكتاً يستمع و لا يجيب على شيء.



                  تكمــلة المحــاكمـــة الـدينيـــة


                  مرقس [14: 60-66]
                  فقامَ رَئيسُ الكَهنَةِ في وسَطِ المَجلِسِ وسألَ يَسوعَ: ((أما تُجيبُ بِشيءٍ؟ ما هذا الّذي يَشهَدونَ بهِ علَيكَ؟)). فظلَّ ساكِتًا، لا يَقولُ كَلِمةً. وسألَهُ رئيسُ الكَهنَةِ ثانيةً: ((هل أنتَ المَسيحُ اَبنُ الله المُبارَكِ؟)) فأجابَهُ يَسوعُ: ((أنا هوَ. وسَتَرَونَ اَبنَ الإنسانِ جالِسًا عَنْ يَمينِ اللهِ القديرِ، وآتيًا معَ سحابِ السَّماءِ!)) فشَقَّ رَئيسُ الكَهنَةِ ثيابَهُ وقالَ: ((أنَحتاجُ بَعدُ إلى شُهودٍ؟ سَمِعتُم تَجديفَهُ، فما رأيُكُم؟)) فحَكَموا علَيهِ كُلُّهُم بأنَّهُ يَستوجِبُ الموتَ. وأخذَ بَعضُهُم يَبصُقونَ علَيهِ، ويُغَطُّونَ وجهَهُ ويَلطِمونَهُ ويقولونَ لَه: ((تَنَبّأْ)). وتناولَهُ الحَرَسُ بالضَّربِ.

                  متى [26: 62-68]
                  فقامَ رئيسُ الكَهنَةِ وقالَ ليَسوعَ: ((أما تُجيبُ بِشيءٍ؟ ما هذا الّذي يَشهَدانِ بِه علَيكَ؟)) فظَلَّ يَسوعُ ساكِتًا. فقالَ لَه رَئيسُ الكَهنَةِ: ((أستَحلِفُكَ باللهِ الحيَّ أنْ تَقولَ لنا: هَل أنتَ المَسيحُ اَبنُ اللهِ؟)). فأجابَ يَسوعُ: ((أنتَ قُلتَ. وأنا أقولُ لكُم: سترَوْنَ بَعدَ اليومِ اَبنَ الإنسانِ جالِسًا عَنْ يَمينِ اللهِ القَديرِ وآتــيًا على سَحابِ السَّماءِ!)). فشَقَّ رَئيسُ الكَهنَةِ ثيابَهُ وقالَ: ((تجديفٌ! أنَحتاجُ بَعدُ إلى شُهودٍ؟ ها أنتُم سَمِعتُم تَجديفَهُ. فما رأيُكُم؟)) فأجابوهُ: ((يَسْتَوجِبُ الموتَ!)). فبَصَقوا في وَجهِ يَسوعَ ولطَموهُ، ومِنهُم مَنْ لكَمَهُ. وقالوا: ((تَنبّـأْ لنا، أيُّها المَسيحُ، مَنْ ضَربَكَ!))

                  1- من الواضح التنقاض بين الإجابتين، ففي مرقس نرى أن رئيس الكهنة عندما سأل البديل الشبيه ((أأنت المسيح ابن الله المبارك)) فكان جواب البديل: ((أنا هو)). أما متى فقد جعل السؤال: ((هل أنت المسيح ابن الله)) و المقصود من السؤالين واحد وهو: ((هل أنت النبي القادم أي المسيا)) .. و كذلك اختلفت الإجابة فكانت في مرقس ((أنا هو)) و في متى ((أنت تقول)) و الفرق كبير بين الإجابتين ! فأيهما الأصح؟

                  2- حتى الآن و المحاكمة تسير بهدوء، بل ببرود أعصاب من قبل الكهنة، و لكن عندما قال لهم البديل الماثل أمامهم ((سترَوْنَ بَعدَ اليومِ اَبنَ الإنسانِ جالِسًا عَنْ يَمينِ اللهِ القَديرِ وآتــيًا على سَحابِ السَّماءِ!)) استشاط رئيس الكهنة و من معه غضباً و مزق ثيابه و قالوا إنه يجدف. عجباً ! أين التجديف؟! هل هناك شيء محذوف؟ لأن القارئ العادي لا يجد أي تجذيف في إجابة الماثل أماهم حتى لو قرأ النص ألف مرة. فالتجديف هو سب الإله أو وصفه بصفات لا تليق به هو منزه عنها. و المدقق في هذه النصوص يجد أنه لا شهادات الزور التي حاولوا أن يلصقوها بذلك القادم من العالم الآخر الذي ظنوه يسوع، و لا إجابته تعتبر تجديفاً. و لو أنه جدف فعلاً على الإله لكان من حقهم أن يقتلوه حسب شريعتهم التي تقول: ((ومَنْ جدَّفَ على اَسْمِ الرّبِّ، يُقتَلْ قَتلاً. تَرجمُهُ كُلُّ الجماعةِ، دَخيلاً كانَ أم أصيلاً - لاويين 24: 16)) لكنه لم يجدف ، فهل من أحد يخبرنا أين هذا التجديف؟
                  السر في استشاطة رئيس الكهنة غضباً و شق ثيابه هو أن الماثل أمامهم استعمل لفظ "ابن الإنسان" فقال بعبارة أخرى: تسألونني إذا ما كنت أنا النبي القادم أم لا – أي المسيا – و جوابي هو أنني لم أقل ذلك (أنتم تقولون). أما النبي القادم الذي تسألون عنه الذي لقبه دانيال بـ"ابن الإنسان" الذي سيزيل الممالك الأربعة و ينزع منكم النبوة و الملك و الشريعة فهو الآن عن يمين القوة – أي عند الله معززاً مكرماً في السماء – آتياً في سحب السماء – كناية عن سرعة مجيئه.. هنا استشاط رئيس الكهنة غضباً و مزق ثيابه و قال: قد جدف، ما حاجتنا بعد إلى شهود. هاقد سمعتم تجديفه فماذا ترون؟ فأجابوا أنه مستوجب الموت. حينئذ بصقوا في وجهه و لكموه – من حقدهم – لأنه نطق بالحق و ذكرهم بما هو آت عليهم.

                  و الآن ، ماذا قال لوقا؟ لقد خالف لوقا زميليه في توقيت المحاكمة و بدل أن كانت ليلاً قال أنها تمت في صباح اليوم التالي [22: 66-71]:

                  ولمَّا طلَعَ الصُّبحُ اَجتَمعَ مَجلِسُ شُيوخِ الشَّعبِ وهُم رُؤساءُ الكَهنَةِ ومُعَلِّمو الشَّريعةِ، فاَستَدعَوا يَسوعَ إلى مَجلِسِهِم وقالوا لَه: ((إنْ كُنتَ المسيحَ فَقُلْ لنا؟)) فأجابَهُم: ((إنْ قُلتُ لكُم لا تُصَدِّقونَ، وإنْ سألتُكُم لا تُجيبونَ لكنَّ اَبنَ الإنسانِ سيَجلِسُ بَعدَ اليومِ عَنْ يَمينِ اللهِ القَديرِ.)) فقالوا كُلُّهُم: ((أأنتَ اَبنُ اللهِ!)) فأجابَهُم: ((أنتُم تَقولونَ إنِّي أنا هوَ.)) فقالوا: ((أنَحتاجُ بَعدُ إلى شُهودٍ؟ ونحنُ بأنفُسِنا سمِعْنا كلامَهُ مِنْ فَمِهِ.))

                  إن قلت لكم لا تصدقون؟!! إذا كان الماثل أمامهم هو هو عيسى و ليس الشبيه البديل الذي جاء ليصلب بدلاً عن المسيح فإنه يستطيع أن يجيب على سؤالهم بقوله: نعم أنا المسيح القادم! أو: أنا لست المسيح القادم! و ينتهي الأمر. لكن الماثل أمامهم قال لهم: ((لو قلت لكم لا تصدقون، أي لو قلت لكم إني قادم من عالم آخر و أنا غريب عنكم لا أعرفكم و هذه أول مرة أراكم فيها فلن تصدقون! و إن سألت أن تطلقوا سراحي بناء على ذلك فلن تجيبونني ولن تطلقونني. لكن المسيح – النبي القادم الذي لقبه دانيال بابن الإنسان – فإنه الآن عن يمين القوة و سيأتي سريعاً على ملككم و ينسخ شريعتكم و يؤسس مملكته هو.)) فقالوا: ما حاجتنا بعد إلى شهادة لأننا سمعنا من فمه. و بهذا يكون أعقل من متى لأنه ابتعد عن كلمة تجديف.

                  بقي أن نعرف ماذا قال يوحنا الذي جعل المحاكمة ليلاً هو الآخر [18: 12-24]
                  .. وسألَ رَئيسُ الكَهنَةِ يَسوعَ عَنْ تلاميذِهِ وتَعليمِهِ، فأجابَهُ يَسوعُ: ((كَلَّمْتُ النّـاسَ عَلانيةً، وعَلَّمتُ دائِمًا في المَجامِـعِ وفي الهَيكَلِ حَيثُ يَجتَمِـعُ اليَهودُ كلُّهُم، وما قُلتُ شيئًا واحدًا في الخِفيَةِ.. فلِماذا تسأَلُني؟ إِسأَلِ الّذينَ سَمِعوني عمَّا كَلَّمتُهُم بِه، فَهُم يَعرِفونَ ما قُلتُ.)) فلمَّا قالَ يَسوعُ هذا الكلامَ، لَطَمَهُ واحِدٌ مِنَ الحَرَسِ كانَ بِجانِبِهِ وقالَ لَه: ((أهكذا تُجيبُ رَئيسَ الكَهنَةِ؟)) فأجابَهُ يَسوعُ: ((إنْ كُنتُ أخطأتُ في الكلامِ، فقُلْ لي أينَ الخَطَأُ؟ وإنْ كُنتُ أصَبْتُ، فلِماذا تَضرِبُني؟))

                  1- للوهلة الأولى يبدو هذا كلام المسيح لكن الناقد يجد فيه كلام إنشاء معد سلفاً للكتابة. كان لابد للعودة لباقي الترجمات العربية لمعرفة ما يقوله النص حقيقة.. فوجدت أن الترجمة الكاثوليكية و ترجمة فاندايك قد ذكرتا على لسان المسيح: أنا كلمت العالم علانية)) و كذلك النسخة القياسية المنقحة و النسخة القياسية المنقحة الجديدة قالتا:
                  I have spoken openly to the world
                  و الذي فضح الكاتب و كشف أن هذا كلامه و ليس كلام المسيح هو قوله: ((أنا كلمت العالم)) لأن المسيح لم يكلم العالم إنما كلم قومه بني إسرائيل.. و هذا يدل على أن النص مختلق من أساسه..
                  2- ناقض الكاتب متى في قوله المنسوب للمسيح: ((من ضربك على خدك الأيمن فأدر له الآخر.)) إذ جعل المسيح يحتج على ضربه، فمن منهما الصادق؟
                  3- ناقض الكاتب زملاءه الثلاثة أيضاً الذين جعلوا التحقيق يدور حول شهادات الزور الموجهة للمتهم، و فيما أذا كان هو المسيح المنتظر إذ لا نرى شيئاً من ذلك هنا.

                  هذه النقاط الثلاث تحمل نص يوحنا إلى موقع الشك من أساسه ، أقال المسيح ذلك أم لم يقله؟ و لهذه الأسباب نضع نص يوحنا جانباً لتعارضه مع الشهادات الأخرى.

                  هذا و قد جاء في إنجيل مرقس [15: 52] بعد هروب التلاميذ في الجسمانية و إلقاء القبض على الشبيه القادم من العالم الآخر قوله: ((وتبعه شاب لا يلبس غير عباءة على عريّه فأمسكوه. فترك عباءته و هرب عرياناً.)) ثم انتقل مرقس إلى المحاكمة الليلية و بعدها إلى إنكار بطرس و صياح الديك. و ذكر متى نفس الرواية مع تغيير في الألفاظ و الوقائع و كذلك فعل لوقا و يوحنا. و نحن هنا سنركز على بعض النقاط الواردة عندهم:

                  لوقا [22: 54-58]:
                  فقَبَضوا علَيهِ وأخذوهُ – أي القادم من العالم الآخر - ودَخَلوا بِه إلى دارِ رَئيسِ الكَهنَةِ. وكانَ بُطرُسُ يَتبَعُهُ عَنْ بُعدٍ. وأوقَدَ الحرَسُ نارًا في ساحَةِ الدّارِ وقَعَدوا حَولَها، وقعَدَ بُطرُسُ بَينَهُم. فرَأتْهُ خادِمةٌ عِندَ النّـارِ، فتَفرَّسَت فيهِ وقالَت: ((وهذا الرَّجُلُ كانَ معَ يَسوعَ!)) ..

                  يوحنا 18: 12-24
                  .. وكانَ سِمعانُ بُطرُسُ وتِلميذٌ آخَرُ يَتبَعانِ يَسوعَ. وكانَ هذا التِّلميذُ مَعروفًا مِنْ رَئيسِ الكَهنَةِ، فدخَلَ دارَ رَئيسِ الكَهنَةِ معَ يَسوعَ. أمَّا بُطرُسُ فوقَفَ في الخارِجِ عِندَ البابِ. وعادَ التِّلميذُ الآخرُ الّذي يَعرِفُهُ رَئيسُ الكَهنَةِ إلى الخارِجِ وكَلَّمَ الفتاةَ الّتي تَحرُسُ البابَ وأدخَلَ بُطرُسَ. فقالَتِ الفتاةُ لِبُطرُسَ: ((أمَا أنتَ أيضًا مِنْ تلاميذِ هذا الرَّجُلِ؟)) ..

                  1- إذا كان يوحنا معروفاً عند رئيس الكهنة و ذا حظوة عنده فلماذا لم يشفع لمعلمه – على فرض أن المقبوض عليه هو معلمه – أمام رئيس الكهنة أو يدافع عنه و لو بكلمة، إذ ما فائدة المعرفة و الحظوة إن لم يفعل ذلك في الوقت العصيب؟

                  2- قول الخادمة في لوقا: ((وهذا الرَّجُلُ كانَ معَ يَسوعَ)) و في يوحنا: ((أمَا أنتَ أيضًا مِنْ تلاميذِ هذا الرَّجُلِ؟)) يدل على أنه حتى الخادمة كانت تعرف المسيح و تلاميذه أيضاً، مما يسقط رواية خيانة يهوذا الذي جعله كتبة الأناجيل يدل الكهنة على المسيح.

                  و الآن إلى إنكار بطرس:
                  دائماً أنت بقلبي دائماً موردي العذب إذا اشـــــتد الظما
                  دائماً أنت ضيائي في الدجى كيف لا تكشف عني الظلما
                  أنت يا من ذكره ملء فمي فاستحالت كل أعضـــائي فما
                  يا رســـول الله يا من حبه دائمــــاً في القلب يبقى دائماً
                  أرشيفي

                  تعليق


                  • #10
                    إنكــار بطـــرس


                    لن نتناول هنا التناقض الوارد في الروايات فيما يخص هذه الحادثة، و لكننا سنكتفي ببعض النقاط الواردة في هذه الرواية:

                    جاء في إنجيل متى عن رواية إنكار بطرس [26: 69-75]
                    وكانَ بُطرُسُ قاعِدًا في ساحَةِ الدّارِ، فدنَتْ إلَيهِ جاريَةٌ وقالَت: ((أنتَ أيضًا كُنتَ معَ يَسوعَ الجليليّ!)) فأنكَرَ أمامَ جميعِ الحاضرينَ، قالَ: ((لا أفهَمُ ما تَقولينَ.)) وخرَجَ إلى مَدخَلِ السّاحةِ، فَرأتهُ جاريةٌ أخرى. فقالَت لِمَن كانوا هُناكَ: ((هذا الرَّجُلُ كانَ معَ يَسوعَ النّاصريِّ!)) فأنكَرَ بُطرُسُ ثانيةً وحلَفَ، قالَ: ((لا أعرِفُ هذا الرَّجُلَ!)) وبَعدَ قَليلٍ جاءَ الحاضِرونَ وقالوا لِبُطرُسَ: ((لا شَكَّ أنَّكَ أنتَ أيضًا واحدٌ مِنهُم، فلَهْجتُكَ تَدُلُّ علَيكَ!)) فأخذَ يَلعَنُ ويحلِفُ: ((أنا لا أعرِفُ هذا الرَّجُلَ)). فصاحَ الدّيكُ في الحالِ، فتذكَّرَ بُطرُسُ قَولَ يَسوعَ: ((قَبلَ أنْ يَصيحَ الدّيكُ تُنكِرُني ثلاثَ مرّاتٍ)). فخرَجَ وبكى بُكاءً مُرًّا.

                    1- كيف يقسم بطرس شيخ التلاميذ بالكذب الذي قالت عنه الكنيسة أن كل ما يربطه على الأرض يكون مربوطاً على السماء؟ اللهم إلا إذا كانت مسألة ما يربطه على الأرض يكون مربوطاً على السماء هو الكذب بعينه!

                    2- القسم ممنوع حسب قول المسيح في متى [5: 34-37] ((لا تَحلِفوا مُطلَقًا، لا بالسَّماءِ لأنَّها عرشُ اللهِ، ولا بالأرضِ لأنَّها مَوطِـىءُ قدَمَيْهِ، ولا بأُورُشليمَ لأنَّها مدينةُ المَلِكِ العظيمِ. ولا تحلِفْ برَأْسِكَ، لأنَّكَ لا تَقدِرُ أنْ تَجعلَ شَعْرةً واحدةً مِنهُ بيضاءَ أو سوداءَ. فليكُنْ كلامُكُم: نَعَم أو لا، وما زادَ على ذلِكَ فهوَ مِنَ الشِّرِّيرِ)). كما أنه ممنوع حسب الوصية الثالثة من الوصايا العشر ((لا تنطق باسم الرب باطلاً لأن الله لا يبرئ من نطق اسمه باطلاً)) فكيف ينسى شيخ التلاميذ ذلك؟

                    3- قال متى: ((فأخذَ يَلعَنُ ويحلِفُ)) و لا ندري ماذا أخذ يلعن و يحلف، فإن كان المقصود لعن نفسه فتلك مصيبة، و إن قصد لعن المسيح فالمصيبة أعظم!!

                    4- وهنا يجب أن نتذكر قول المسيح في متى [10: 32-33] ((مَنِ اَعترفَ بـي أمامَ النَّاسِ، أعترِفُ بِه أمامَ أبـي الّذي في السَّماواتِ ومَنْ أنْكَرَني أمامَ النَّاسِ، أُنكِرُهُ أمامَ أبـي الّذي في السَّماواتِ)) فها هو بطرس شيخ التلاميذ قد أنكر المسيح المقبوض عليه حسب قولهم ليس مرة ولا مرتين، بل ثلاث مرات. ليس هذا فحسب بل أقسم كذباً أنه لا يعرف المسيح في الوقت الذي نهى فيه المسيح عن القسم حتى لو كان صدقاً ((فليكُنْ كلامُكُم: نَعَم أو لا، وما زادَ على ذلِكَ فهوَ مِنَ الشِّرِّيرِ – متى 5: 37)). و حسب قول متى المذكور أعلاه فإن المسيح سينكر بطرس أمام الله كما أنكره بطرس أمام الناس. و بذا تكون الصخرة التي بنت عليها الكنيسة الآمال قد انهارت و تحولت إلى رمل لا يصح البناء عليه. فكيف تجعل الكنيسة من بطرس وريثاً للمسيح و تجعل نفسها وريثة لبطرس ؟!

                    5- هل يعقل أن يهرب بطرس في الجسمانية أمام المهاجمين ثم يعود و يتبعهم إلى عقر دارهم؟ أي عاقل يفعل هذا؟

                    هذه الأسباب ، إضافة إلى التناقضت في هذه الرواية التي لم نأتي على ذكرها هنا ، دفعت الكثير من المحققين و النقاد أن يصفوها بأنها غير حقيقية ، و أنها اسطورية أمثال نبنهام و بولتمان.


                    المحـاكمــة المدنيـــة


                    نحن الآن في صباح اليوم التالي بعد انتهاء المحاكمة الدينية – محاكمة الكهنة – ليسوع حسب رأي مرقس و متى و يوحنا، أو البديل القادم من العالم الآخر حسب رأينا. و الكهنة و الشيوخ و الجمع كله يستعدون للذهاب للوالي الروماني بيلاطس النبطي لأخذ الموافقة منه على إعدام المتهم.

                    و للذين مازال عندهم شك في أن عيسى قد استبدل بالقادم من العالم الآخر في ظلام الجسمانية، نلفت انتباههم إلى شيء غاب عن ذهن جميع كتبة الأناجيل، و لم يذكروا لنا شيئاً عنه! ألا وهو أن المتهم قد أمضى ليلة كاملة سجيناً عند قيافا تحت حراسة خدامه. وماذا في ذلك؟! قبل أن نجيب نطلب منهم أن يقرؤوا معنا ما جاء في أعمال الرسل [5: 17-20] ((واَشتَدَّت نَقمَةُ رَئيسِ الكَهنَةِ وأتباعِهِ مِنْ شِيعَةِ الصَدُّوقِيِّينَ، فأمسكوا الرُّسُلَ وألقَوهُم في السِّجنِ العامِ ولكنَّ مَلاكَ الرَّبِّ فتَحَ أبوابَ السِّجنِ في الَّليلِ وأخرَجَ الرُّسُلَ وقالَ لهُم: إِذهَبوا إلى الهَيكَلِ وبَشِّروا الشَّعبَ بِتعاليمِ الحياةِ الجديدةِ)) و كذلك أعمال الرسل [12: 6-9] ((وكانَ بُطرُسُ في الليلَةِ التّي عزَمَ هيرودُسُ أنْ يَعرِضَهُ بَعدَها للشَّعبِ نائِمًا بـينَ حارِسَين. وكانَ مُقَيَّدًا بِسلسِلَتَينِ، وعلى البابِ جُنودٌ يَحرِسونَ السِّجنَ. وظهَرَ مَلاكُ الرَّبِّ بَغتَةً، فسطَعَ نُورٌ في داخِلِ السِّجنِ. وضرَبَ المَلاكُ بُطرُسَ على جَنبِهِ، فأيقَظَهُ وقالَ لَه: قُمْ سَريعًا! فاَنحَلَّتِ السِلسِلتانِ عَنْ يَديهِ وقالَ لَه المَلاكُ: شُدَ حِزامَكَ واَربُطْ حِذاءَكَ. ففَعَلَ. ثُمَّ قالَ لَه: إلبَسْ ثَوبَكَ واَتبَعْني))
                    فلو كان عيسى هوالمسجون عند قيافا ، ما الذي يمنع الله من أن ينقذه بهذه الطريقة التي أنقذ بها تلاميذه و يضع مكانه البديل الشبيه؟! لكننا نجزم أن التبديل كان قد حصل قبل ذلك في الجسمانية ليلاً، و الذي يؤكد لنا ذلك هو أقوال الشبيه التي مرت معنا في المحاكمة الدينية.

                    بدأ متى إصحاحه السابع و العشرين بقوله [27: 1-10] :
                    ولمّا طلَعَ الصُّبحُ، تَشاورَ جميعُ رُؤساءِ الكَهنَةِ وشُيوخُ الشَّعبِ على يَسوعَ ليَقتُلوهُ. ُمَّ قَيَّدوهُ وأخَذوهُ وأسلَموهُ إلى الحاكِمِ بـيلاطُسَ. فلمَّا رأى يَهوذا الّذي أسلَمَ يَسوعَ أنَّهُم حكَموا علَيهِ، ندِمَ ورَدَّ الثَّلاثينَ مِنَ الفِضَّةِ إلى رُؤساءِ الكَهنَةِ والشّيوخِ، وقالَ لهُم: ((خَطِئتُ حينَ أسلَمتُ دمًا بريئًا)). فقالوا لَه: ((ما علَينا؟ دَبَّرْ أنتَ أمرَكَ.)) فرَمى يَهوذا الفِضَّةَ في الهَيكلِ واَنْصرفَ، ثُمَّ ذهَبَ وشَنقَ نفسَهُ فأخَذَ رُؤساءُ الكَهنَةِ الفِضَّةَ وقالوا: ((هذِهِ ثمنُ دمِ، فلا يَحِلُّ لنا أنْ نضَعَها في صُندوقِ الهَيكَلِ.)) فاَتَّـفَقوا أنْ يَشتَروا بِها حَقلَ الخَزّافِ ليَجعَلوهُ مَقبرَةً لِلغُرَباءِ ولِهذا يُسَمّيهِ النَّاسُ حقلَ الدَّمِ إلى هذا اليومِ فتَمَّ ما قالَهُ النَّبـيُّ إرميا: ((وأخذوا الثَّلاثينَ مِنَ الفِضَّةِ، وهيَ ما اَتَّفقَ بَعضُ بَني إِسرائيلَ على أنْ يكونَ ثمنُهُ، ودَفَعوها ثَمنًا لِحَقلِ الخزّافِ. هكذا أمرَني الرَّبُّ)). ووقَفَ يَسوعُ أمامَ الحاكِمِ فسألَهُ الحاكِمُ....


                    1- جاء نص رواية انتحار يهوذا كما يبدو للعيان معترضاً لمسألة المحاكمة التاريخية أمام بيلاطس، و المدقق في هذه الرواية يستطيع أن يلمس إقحامها بسهولة. فلو قرأنا الأعداد 1+2+11 نرى التسلسل المنطقي للأحداث. أي أن الأعداد الخاصة بيهوذا [3-10] هي دخيلة على هذا الإصحاح و تشكل رقعة كبيرة ليس هنا مكانها ولا وقتها. و قد اعترف نورتون في الصفحة /63/ من كتابه أن هناك سبع مواضع من هذه الأناجيل هي نصوص إلحاقية من بينها رواية يهوذا في الإصحاح /27/ من إنجيل متى، و كذلك العدد [52-53] من نفس الإصحاح.

                    2- نلاحظ في قول متى أن يهوذا ندم و رد الثلاثين من الفضة إلى رؤساء الكهنة و الشيوخ بينما يقول في العدد الأول أن رؤساء الكهنة و الشيوخ كانوا جميعاً في هذه اللحظة في دار الولاية يدفعون المتهم الذي ظنوه يسوع إلى بيلاطس النبطي! و هذا مايؤكد عليه النص في مرقس [15: 1 – ولمَّا طلَعَ الصُّبحُ تَشاورَ رُؤساءُ الكَهنَةِ والشّـيوخُ ومُعَلِّمو الشَّريعةِ وجَميعُ أعضاءِ المَجلِسِ، ثُمَّ أوثَقوا يَسوعَ وأخَذوهُ وسَلَّموهُ إلى بـيلاطُسَ. فسألَهُ بـيلاطُسُ..]

                    3- لماذا اختاروا هذا الوقت بالذات ليضعوا هذه الرواية عن موت يهوذا؟ الجواب هو أنهم تعمدوا أن يظهروا لنا يهوذا بأنه شنق نفسه قبل صلب يسوع – حسب قولهم – لأنه ظهرت أقوال بعد الصلب تفيد بأن الذي صلب كان يهوذا، و أن المسيح لم يصلب كما ذكر برنابا في إنجيله.

                    4- إن هذه الرواية تناقض ما جاء في أعمال الرسل [1: 18 - ثُمَّ اَشتَرى (أي يهوذا) بِثَمَنِ الجريمَةِ حَقلاً، فوَقَعَ على رَأْسِهِ واَنشقَّ مِنْ وسَطِهِ، واَندَلَقَت أمعاؤُهُ كُلُّها]. و المفهوم الفقهي و القانوني يقول: إذا تضاربت أقوال الشهود سقطت القضية. و أمامكم أقوال متى تتضارب مع أقوال لوقا، فتسقط القضية و تكون البراءة ليهوذا من كل ما نسب إليه من انتحار و انشقاق بطن..

                    و الآن إلى المحاكمة المدنية التي طال انتظارها:

                    [مرقس 15: 1]
                    ولمَّا طلَعَ الصُّبحُ تَشاورَ رُؤساءُ الكَهنَةِ والشّـيوخُ ومُعَلِّمو الشَّريعةِ وجَميعُ أعضاءِ المَجلِسِ، ثُمَّ أوثَقوا يَسوعَ وأخَذوهُ وسَلَّموهُ إلى بـيلاطُسَ.

                    [متى 27: 1-2]
                    ولمّا طلَعَ الصُّبحُ، تَشاورَ جميعُ رُؤساءِ الكَهنَةِ وشُيوخُ الشَّعبِ على يَسوعَ ليَقتُلوهُ. ثُمَّ قَيَّدوهُ وأخَذوهُ وأسلَموهُ إلى الحاكِمِ بـيلاطُسَ.

                    [لوقا 23: 1]
                    وقامَ الحُضورُ كُلُّهُم وجاؤُوا بِه إلى بـيلاطُسَ

                    [يوحنا 18: 28]
                    وأخذوا يَسوعَ مِنْ عِندِ قَيافا إلى قَصرِ الحاكِمِ. وكانَ الوقتُ صَباحًا. فاَمتَنَعَ اليَهودُ مِنْ دُخولِ القَصرِ لِئَلاَّ يَتنَجَّسوا، فلا يتَمكَّنوا مِنْ أكلِ عَشاءِ الفِصحِ.

                    اتفقت الأناجيل الأربعة أن الكهنة و المجمع كله اقتادوا المتهم إلى بيلاطس. إلا أن يوحنا بأسلوبه الإنشائي المعد سلفاً أصاف لنا معلومة جديدة و هي أنهم لم يدخلوا دار الولاية (القصر) لكي لا يتنجسوا قبل أكلهم الفصح مع أن الثلاثة الأوائل ذكروا أن المسيح سبق و تناول الفصح.

                    مرقس [15: 2]
                    فسألَهُ بـيلاطُسُ: ((أأنتَ مَلِكُ اليهودِ؟)) فأجابَهُ: ((أنتَ قُلتَ))

                    متى [27: 11]
                    ووقَفَ يَسوعُ أمامَ الحاكِمِ فسألَهُ الحاكِمُ: ((أأنتَ مَلِكُ اليَهودِ؟)) فأجابُهُ يَسوعُ: ((أنتَ قُلتَ.))

                    إنه لأمر غريب حقاً أن يفاجئنا مرقس بسؤال بيلاطس للمتهم: ((أأنت ملك اليهود؟)) في الوقت الذي لم تصل الشكايات بعد إلى يبلاطس! و و قع متى في نفس الخطأ بعد أن أخذ النص عن مرقس، فلم يخبرانا كليهما كيف عرف الوالي بالتهمة!

                    مرقس [15: 3-5]
                    واَتَّهَمَهُ رُؤساءُ الكَهنَةِ اَتهاماتٍ كثيرةً فسألَهُ بـيلاطُسُ ثانيةً: ((أمَا تُجيبُ بِشيءٍ؟ إسمَعْ كَم يوجِّهونَ مِنَ التُّهَمِ إليكَ!)) فما أجابَ يَسوعُ بِشيءٍ حتّى تَعجَّبَ بـيلاطُسُ.

                    متى [27: 12-14]
                    وكانَ رُؤساءُ الكَهنَةِ والشٌّيوخُ يتَّهِمونَهُ، فلا يُجيبُ بِشيءٍ. فقالَ له بـيلاطُسُ: ((أما تسمَعُ ما يَشهَدونَ بِه علَيكَ؟)) فما أجابَهُ يَسوعُ عَنْ شيءٍ، حتّى تَعجَّبَ الحاكِمُ كثيرًا.

                    مرة أخرى نسأل من الذين لازال عندهم شك: هل هذا الواقف أمام الوالي هو المسيح أم البديل؟ أين المسيح الذي كان يقول بصوت عالي: ((لا تخافوا الّذينَ يَقتُلونَ الجسَدَ ولا يَقدرونَ أنْ يقتُلوا النَّفسَ، بَل خافوا الّذي يَقدِرُ أنْ يُهلِكَ الجسَدَ والنَّفسَ معًا في جَهَنَّم - متى 10: 28))؟ أين المسيح الذي كان يقول: ((فلا تَهتَمُّوا حِينَ يُسْلِمونَــكُم كيفَ أو بِماذا تَتكلَّمونَ، لأنَّـكُم سَتُعطَوْنَ في حينِهِ ما تَتكلَّمونَ بِه. فما أنتُمُ المُتكَلِّمونَ، بَلْ رُوحُ أبـيكمُ السَّماويِّ يَتكَلَّمُ فيكُم - متى 10: 19-20))؟

                    إذا كان هذا الماثل أمام بيلاطس هو المسيح فماذا دهاه؟ ولماذا سكت و لم ينطق بكلمة؟ ولماذا لم يعطه إلهه ما يتكلم به؟ هل كان يكذب عندما قال لتلاميذه لا تخافوا الّذينَ يَقتُلونَ الجسَدَ.. ؟ حاشاه! المسيح لم يكذب لأنه معصوم عن الكذب و لم يخف!

                    الجواب ببساطة، هذا الواقف أمام الوالي ليس المسيح! إنما هو البديل الشبيه الذي أرسله الله ليفدي به عيسى، و كان الشبه بينه و بين المسيح فائق الحد لدرجة أنه لم يلحظه أحد. و لكن ما الإثبات على ذلك؟ الإثبات هو هذا السكوت المطبق هنا، إضافة إلى قول المسيح السابق: ((كلكم ستشكون فيّ في هذه الليلة = كلكم سترتدون هذه الليلة RSV-NRSV)) ثم يجب ألا ننسى أن لوقا ذكر لنا أن شخصاً ظنه ملاكاً جاء ليقوي المسيح – بينما هو البديل الشبيه، و لم يذكر لنا رحيل ذلك الشخص.

                    و الآن للنظر ماذا قال لوقا [23: 1-16]
                    وقامَ الحُضورُ كُلُّهُم وجاؤُوا بِه إلى بـيلاطُسَ، وأخذوا يَتَّهِمونَهُ فيقولونَ: ((وجَدْنا هذا الرَّجُلَ يثيرُ الفِتنَةَ في شَعبِنا، ويَمنَعُهُ أنْ يدفَعَ الجِزيَةَ إلى القَيصَرِ، ويَدَّعي أنَّهُ المسيحُ المَلِكُ.)) فسألَهُ بِـيلاطُسُ: ((أأنتَ مَلِكُ اليَهودِ؟)) فأجابَهُ: ((أنتَ قُلتَ.)) فقالَ بِـيلاطُسُ لِرُؤساءِ الكَهنَةِ والجُموعِ: ((لا أجِدُ جُرمًا على هذا الرَّجُلِ!)) ولكنَّهُم أصَرُّوا على قولِهِم: ((إنَّهُ يُثيرُ الشَّعبَ بتَعليمِهِ في اليَهوديَّةِ كُلِّها، مِنَ الجَليلِ إلى هُنا.)) فسألَ بِـيلاطُسُ عِندَما سَمِعَ هذا الكلامَ: ((هَلِ الرَّجُلُ مِنَ الجليلِ؟)) فلمَّا عَرفَ أنَّهُ مِنْ ولايَةِ هِيرودُسَ أرسَلَهُ إلى هِيرودُسَ، وهوَ في ذلِكَ الوَقتِ نازِلٌ في أُورُشليمَ. فلمَّا رأى هِيرودُسُ يَسوعَ فَرِحَ كثيرًا، لأنَّهُ كانَ يَرغَبُ مِنْ زمانٍ بَعيدٍ أنْ يَراهُ لِكَثرَةِ ما سَمِعَ عَنهُ، ويَرجو أنْ يَشهَدَ آيَةً تَتِمُّ على يدِهِ. فسألَهُ مسائِلَ كثيرةً، فما أجابَهُ عَنْ شيءٍ. وقامَ رُؤساءُ الكَهنَةِ ومُعَلِّمو الشَّريعةِ يَتَّهِمونَهُ ويُشَدِّدونَ علَيهِ التُّهَم. فأهانَهُ هيرودُسُ وجُنودُهُ. واَستَهزَأَ بِه، فألبَسهُ ثَوبًا برّاقًا ورَدَّه إلى بِيلاطُسَ. وتصَالَحَ هِيرودُسُ وبِيلاطُسُ في ذلِكَ اليومِ، وكانا مِنْ قَبلُ مُتَخاصِمَينِ. فدَعا بِـيلاطُسُ رُؤساءَ الكَهنَةِ والزُّعَماءَ والشَّعبَ. وقالَ لهُم: ((جِئتُم إليَّ بِهذا الرَّجُلِ وقُلتُم إنَّهُ يُضلِّلُ الشَّعبَ. فَفَحَصتُهُ أمامَكُم، فما وجَدْتُ أنَّهُ اَرتكَبَ شَيئًا ممَّا تتَّهِمونَهُ بِه، ولا هِيرودُسُ وجَدَ أيضًا، لأنَّهُ رَدَّهُ إِلينا. فلا شيءَ إذًا فعَلَهُ هذا الرَّجُلُ يَستوجِبُ بِه الموتَ. فسأجلِدُهُ وأُخلي سَبـيلَهُ.

                    لقد كان لوقا أذكى الكتبة الأربعة و أفضلهم أسلوباً، فبعد أن اطلع على إنجيلي مرقس و متى، لم يجد كأي عاقل سبباً مقنعاً ليجعل بيلاطس يحكم بالصلب على المتهم الواقف أمامه. إن أن جملة مرقس ((واَتَّهَمَهُ رُؤساءُ الكَهنَةِ اَتهاماتٍ كثيرةً)) و جملة متى ((أما تسمَعُ ما يَشهَدونَ بِه علَيكَ؟)) كلاهما غامضة ولا تفيد القارئ أو تبين له ماهية تلك الشكاوي. لذا بالإضافة إلى تهمة ملك اليهود، اخترع لوقا من عنده تهمتين أخريين لم تردا في أي إنجيل و هما إفساد الأمة و منع اليهود من دفع الجزية لقيصر و كالها على رأس المتهم دفعة واحدة من أجل أن يوجد للقارئ مبررات لصلبه فيصدق القارئ عندما يسمع بقرار بيلاطس بصلب المتهم. إن تهمة واحدة من التهم التي كالها لوقا على رأس المتهم لو كانت حقيقية لكانت كافية لإصدار حكم الموت عليه لأنها تعتبر تحريضاً على الحكم و إثارة الشغب. أي باختصار محاولة انقلاب على الحاكم. ولكننا نرى أن بيلاطس كان أعقل من لوقا و أوسع إدراكاً منه فقال: ((جِئتُم إليَّ بِهذا الرَّجُلِ وقُلتُم إنَّهُ يُضلِّلُ الشَّعبَ. فَفَحَصتُهُ أمامَكُم، فما وجَدْتُ أنَّهُ اَرتكَبَ شَيئًا ممَّا تتَّهِمونَهُ بِه – لوقا 23: 14)) و بذلك يكون لوقا قد ناقض نفسه بنفسه عندما ضخم لنا تلك التهم، و هذا يدل على أنها من اختلاقه لإقناع القارئ فقط بحكم الموت الذي سيصدر، و إنها لا تعبر عن حقيق ما جرى.

                    ثم إننا نجد لوقا يشذ عن زميليه، فادعى أن بيلاطس قد أرسل المتهم إلى هيردوس الذي سأله أسئلة كثيرة و بقي المتهم ساكتاً و أنه ألبسه لباساً لامعاً و أعاده إلى بيلاطس وتصَالَحَ هِيرودُسُ وبِيلاطُسُ في ذلِكَ اليومِ، وكانا مِنْ قَبلُ مُتَخاصِمَينِ [لوقا 23: 6-12]
                    و هذه الرواية لا نجد لها أثراً في الأناجيل الثلاثة ولا ندري من أين أو لماذا أدخلها لوقا في إنجيله و ناقض فيها رواية زملائه. و في هذا الصدد يقول الدكتور "جورج برادفورد كيرد" – رئيس الجمعية الكندية لدراسة الكتاب المقدس – في تفسيره لإنجيل لوقا (ص 247) :
                    ((و على حسب رواية لوقا نجد أن جنود هيردوس و ليس بيلاطس هم الذين ألبسوا يسوع ملابس ملكية خلافاً لمرقس و متى و يوحنا. كما لا يُعرف شيء عن العداوة بين هيردوس و بيلاطس)).

                    و لنرى قول يوحنا في المحاكمة المدنية [18: 28-38]
                    وأخذوا يَسوعَ مِنْ عِندِ قَيافا إلى قَصرِ الحاكِمِ. وكانَ الوقتُ صَباحًا. فاَمتَنَعَ اليَهودُ مِنْ دُخولِ القَصرِ لِئَلاَّ يَتنَجَّسوا، فلا يتَمكَّنوا مِنْ أكلِ عَشاءِ الفِصحِ. فخَرَجَ إلَيهِم بِـيلاطُسُ وسألَهُم: ((بِماذا تَتَّهِمونَ هذا الرَّجُلَ؟)) فأجابوا: ((لَولا أنَّهُ مُجرِمٌ، لما أسلَمْناهُ إلَيكَ.)) فقالَ لهُم بِـيلاطُسُ: ((خُذوهُ أنتُم وحاكِموهُ حسَبَ شريعَتِكُ.)) فأجابوا: ((لا يَجوزُ لنا أنْ نَحكُمَ على أحدٍ بالقَتْلِ.)) فتَمَّ ما قالَ يَسوعُ مُشيرًا إلى المِيتَةِ الّتي يَموتُها. فعادَ بِـيلاطُسُ إلى قَصرِ الحاكِمِ ودَعا يَسوعَ وقالَ لَه: ((أأنتَ مَلِكُ اليَهودِ؟)) فأجابَهُ يَسوعُ: ((أتَقولُ هذا مِنْ عِندِكَ، أمْ قالَهُ لكَ آخَرونَ؟)) فقالَ بِـيلاطُسُ: ((أيهودِيٌّ أنا؟ شَعبُكَ ورُؤساءُ الكَهنَةِ أسلَموكَ إليَّ. فماذا فعَلْتَ؟)) أجابَهُ يَسوعُ: ((ما مَملكَتي مِنْ هذا العالَمِ. لَو كانَت مَملكَتي مِنْ هذاالعالَمِ، لَدافَعَ عنِّي أتباعي حتّى لا أُسلَّمَ إلى اليَهودِ. لا! ما مَملكَتي مِنْ هُنا.)) فقالَ لَه بِـيلاطُسُ: ((أمَلِكٌ أنتَ، إذَنْ؟)) أجابَهُ يَسوعُ: ((أنتَ تَقولُ إنِّي مَلِكٌ. أنا وُلِدْتُ وجِئتُ إلى العالَمِ حتّى أشهَدَ لِلحَقِّ. فمَنْ كانَ مِنْ أبناءِ الحَقِّ يَستَمِـعُ إلى صَوتي.)) فقالَ لَه بِـيلاطُسُ: ((ما هوَ الحقُّ؟)) قالَ هذا وخرَجَ ثانيَةً إلى اليَهودِ وقالَ لهُم: ((لا أجِدُ سَبَــبًا لِلحُكمِ علَيهِ.))

                    نجد في يوحنا أن بيلاطس يسأل المتهم: ((أأنتَ مَلِكُ اليَهودِ؟)) فأجابه المتهم على رأي يوحنا صاحب المواضيع الإنشائية المعدة سلفاً بقوله: ((أتَقولُ هذا مِنْ عِندِكَ، أمْ قالَهُ لكَ آخَرونَ؟)) و يعتبر هذا حشواً و تطويلاً منمقاً يدل على أن كاتب الإنجيل قد أعده سلفاً ولا طائل تحته سوى أنه يفيد كما أفادت الأناجيل الأخرى ((أنت تقول)). و لكن نجد نجد أن يوحنا يستمر في المحاكمة فيقول على لسان بيلاطس: ((شَعبُكَ ورُؤساءُ الكَهنَةِ أسلَموكَ إليَّ. فماذا فعَلْتَ؟)) فيرد المتهم بمعلومة جديدة لم يذكرها أحد من زملائه الثلاثة: ((ما مَملكَتي مِنْ هذا العالَمِ. لَو كانَت مَملكَتي مِنْ هذاالعالَمِ، لَدافَعَ عنِّي أتباعي حتّى لا أُسلَّمَ إلى اليَهودِ. لا! ما مَملكَتي مِنْ هُنا.. أنا وُلِدْتُ وجِئتُ إلى العالَمِ حتّى أشهَدَ لِلحَقِّ. فمَنْ كانَ مِنْ أبناءِ الحَقِّ يَستَمِـعُ إلى صَوتي)).

                    هنا يا عزيزي القارئ يجب أن نتوقف، بل نتوقف وقفة طويلة و نتمعن في قول المتهم الذي نطق فجأة:

                    1- ما مَملكَتي مِنْ هذا العالَمِ: عندما تكون غريباً في بلد ما تقول: ((أنا لست من هذا البلد)) أي لا أنتمي إليه إنما أنتمي لبلد آخر. فهذه الجملة أكبر دليل على أن الواقف أمام بيلاطس لا ينتمي إلى هذا العالم، إنما قادم من عالم آخر كما قلنا. و لأن كتبة الأناجيل ألصقوا لقب ابن الإنسان بيسوع في الوقت الذي يجب على ابن الإنسان وفق نبوءة دانيال أن يؤسس ملكاً، بينما لم يؤسس يسوع ملكاً – لذا قالت الكنيسة و مفسروا الأناجيل أن هذه الجملة تعني أن مملكة المسيح مملكة روحية و هذا غير صحيح، لأن التلاميذ و المسيحيين الأوائل كانوا على بكرة أبيهم ينتظرون أن توجد مملكة أرضية لهذا أخذوا يرددون هذه العبارة ((ليأت ملكوتك، لتكن مشيئتك كما في السماء على الأرض)).

                    2- مما يؤكد أن الماثل أمام بيلاطس هو القادم من العالم الآخر تكملة كلامه الذي قال فيه: ((لَو كانَت مَملكَتي مِنْ هذاالعالَمِ، لَدافَعَ عنِّي أتباعي حتّى لا أُسلَّمَ إلى اليَهودِ. لا! ما مَملكَتي مِنْ هُنا)) فكان لابد لي من مراجعة التراجم الإنكليزية لمعرفة ما قاله يسوع في هذه الجملة:
                    - قالت النسخة الأمريكية القياسية ASV:
                    if my kingdom were of this world, then would my servants fight, that I should not be delivered to the Jews
                    - قالت النسخة القياسية الإنكليزية ESV:
                    If my kingdom were of this world, my servants would have been fighting, that I might not be delivered over to the Jews.
                    فلو كان هذا الماثل أمام بيلاطس هو يسوع لما قال: ((خدامي – Servants)) لأن يسوع ليس له خدام، بل ليس له أين يسند رأسه [متى 8: 20]. ثم لو كان هو يسوع لما قال ((أُسلَّمَ إلى اليَهودِ)) لأنه يهودي مثلهم بل منهم! فلا يقول هذا إلا من كان غير يهودي أو ليس من هذا العالم، و لا يمكن أن يكون إلا الذي جاء من خارج اليهود و من خارج هذا العالم.

                    3- و الدليل الثالث الذي لا يترك مجالاً للشك هو قوله: ((أنا وُلِدْتُ وجِئتُ إلى العالَمِ حتّى أشهَدَ لِلحَقِّ. فمَنْ كانَ مِنْ أبناءِ الحَقِّ يَستَمِـعُ إلى صَوتي)) و كان لا بد من مراجعة التراجم الإنكليزية لمعرفة ما قاله يسوع في هذه الجملة:
                    - قالت النسخة الإنكليزية القياسية ESV:
                    For this purpose I was born and for this purpose I have come into the world--to bear witness to the truth.
                    - قالت النسخة العالمية القياسية ISV:
                    I was born for this, and I came into the world for this: to testify to the truth
                    و غيرها من النسخ الأخرى الكثيرة .. أي لهذه اللحظات العصيبة قد ولدت، و لهذا أتيت إلى عالمكم هذا. و إن الله منذ أن خلقني قد ادخرني لهذا اليوم لأفدي به عيسى و كل من يعرفني من بني جنسي يعرف أني أقول الحق وهم الآن يسمعون صوتي. فهذا القادم من العالم الآخر يقول: لهذا أنا ولدت و أتيت إلى عالمكم هذا. بينما يسوع كان يقول: ((يَجِبُ علَيَّ أن أُبَشِّرَ سائِرَ المُدُنِ بِمَلكوتِ اللهِ، لأنِّي لِهذا أُرسِلتُ - لوقا 4: 43)) فيسوع جاء للتبشير بملكوت الله و لهذا قد أرسل أما هذا الماثل أمامنا فيقول: لهذا اليوم العصيب قد ولدت. فشتان بين الذي أرسل للتبشير و بين الشبيه البديل الذي ولد خصيصاً لفداء يسوع. و إذا ربطنا هذا القول بقوله السابق في لوقا [22: 67] ((إن قلت لكم لا تصدقون)) أي إن قلت لكم أني لست من هذا العالم و أنا من عالم آخر غير عالمكم لا تصدقون. لقد اتضحت الصورة أمامنا أكثر فأكثر!

                    4- من الملاحظ في إنجيل يوحنا أن الحوار بين بيلاطس و المتهم مبتور. إذ بعد أن سأله بيلاطس ((ما هوَ الحقُّ؟)) زعم يوحنا أنه لم ينتظر الجواب إنما خرج إلى اليهود و قال لهم لا أجِدُ سَبَــبًا لِلحُكمِ علَيهِ. و كان المفروض من كاتب هذا الإنجيل أن يتم لنا الحوار لكننا نجده يبتر النص لسبب أو لآخر. و لا ننسى عزيزي القارئ أن طوائف كثيرة آنذاك لم تؤمن بأن المصلوب هو يسوع، منها طائفة الكرنثيون Carinthians و البازيليون Basilidians و هم من أوائل النصارى و قد أنكروا صلب يسوع.

                    هل بعيد على الله أن يفتدي نبيه و رسوله بكائن من عالم آخر غير عالمنا الأرضي؟ ألم يفد الله إبراهيم وهو شاب بملائكة من العالم الآخر جاءت خصيصاً و حملته بعيداً عن النار التي ألقاه قومه فيها؟ ألم يفد الله اسماعيل من الذبج بكبش عظيم جاء من العالم الآخر؟ فلماذا لا يفدي نبيه و رسوله عيسى بنفس الطريقة؟
                    دائماً أنت بقلبي دائماً موردي العذب إذا اشـــــتد الظما
                    دائماً أنت ضيائي في الدجى كيف لا تكشف عني الظلما
                    أنت يا من ذكره ملء فمي فاستحالت كل أعضـــائي فما
                    يا رســـول الله يا من حبه دائمــــاً في القلب يبقى دائماً
                    أرشيفي

                    تعليق


                    • #11
                      لنعد إلى تفاصيل المحاكمة:

                      مرقس [15: 6-15]
                      وكانَ بـيلاطُسُ في كُلِّ عيدٍ يُطلِقُ واحدًا مِنَ السُّجناءِ يَختارُهُ الشَّعبُ. وكانَ رجُلٌ اَسمُهُ باراباسُ مَسجونًا معَ جماعةٍ مِنَ المُتَمرِّدينَ اَرتكَبوا جَريمةَ قَتلٍ أيّامَ الفِتنةِ. فاَحتَشَدَ الجَمعُ وأخذوا يُطالِبونَ بـيلاطُسَ بِما عَوَّدَهُم أنْ ينالوهُ، فقالَ لهُم: ((أتُريدونَ أنْ أُطلِقَ لكُم مَلِكَ اليهودِ؟)) لأنَّهُ كانَ يَعرِفُ أنَّ رُؤساءَ الكَهنَةِ مِنْ حَسَدِهِم أسلَموا يَسوعَ. فهَيَّجَ رُؤساءُ الكَهنَةِ الجَمعَ لِـيختاروا إطلاقَ باراباسَ. فقالَ لهُم بـيلاطُسُ ثانيةً: ((فماذا أفعَلُ بالّذي تَدعونَهُ مَلِكَ اليهودِ؟)) فعادوا لِلصِّياحِ: ((اَصلُبْهُ!)) فقالَ لهُم: ((أيَّ شَرٍّ فعَلَ؟)) فاَرتفَعَ صِياحُهُم: ((أُصلِبْهُ!)) وأرادَ بـيلاطُسُ أن يُرضِيَ الجَمعَ، فأطلقَ لهُم باراباسَ. وبَعدَما جَلَدَ يَسوعَ أسلَمَهُ ليُصْلَبَ.

                      متى [27: 15-26]
                      وكانَ مِنْ عادَةِ الحاكِمِ في كُلِّ عيدٍ أن يُطلِقَ واحدًا مِن السُّجَناءِ يَختارُهُ الشّعبُ. وكانَ عِندَهُم في ذلِكَ الحينِ سَجينٌ شهيرٌ اَسمُهُ يشوعُ باراباسُ. فلمَّا تَجَمْهرَ النَّاسُ سألَهُم بـيلاطُسُ: ((مَنْ تُريدونَ أنْ أُطلِقَ لكُم: يشوعُ باراباسُ أمْ يَسوعُ الّذي يُقالُ لَه المَسيحُ؟)) وكان بـيلاطُسُ يَعرِفُ أنَّهُم مِنْ حَسَدِهِم أسلموا يَسوعَ. وبَينَما بـيلاطُسُ على كُرسِـيِّ القَضاءِ، أرسَلَتْ إلَيهِ اَمرأتُهُ تَقولُ: ((إيَّاكَ وهذا الرَّجُلَ الصّالِـحَ، لأنِّي تألَّمتُ اللَّيلَةَ في الحُلمِ كثيرًا مِنْ أجلِهِ.)) لكنَّ رُؤساءَ الكَهنَةِ والشُّيوخَ حَرَّضوا الجُموعَ على أنْ يَطلُبوا باراباسَ ويَقتُلوا يَسوعَ. فلمَّا سألَهُمُ الحاكمُ: ((أيٌّهُما تُريدونَ أنْ أُطلِقَ لكُم؟))أجابوا: ((باراباسُ!)) فقالَ لهُم بـيلاطُسُ: ((وماذا أفعَلُ بـيَسوعَ الّذي يُقالُ لَه المَسيحُ؟)) فأجابوا كُلُّهُم: ((إصْلِبْهُ!)) قالَ لهُم: ((وَأيَّ شَرٍّ فَعلَ؟)) فاَرتفَعَ صياحُهُم: ((إصْلِبْهُ!)) فلمَّا رأى بـيلاطُسُ أنَّهُ ما اَستفادَ شيئًا، بلِ اَشتَدَّ الاَضطِرابُ، أخذَ ماءً وغسَلَ يَديهِ أمامَ الجُموعِ وقالَ: ((أنا بَريءٌ مِنْ دَمِ هذا الــــرَّجُلِ! دَبِّروا أنتُم أمرَهُ.)) فأجابَ الشّعبُ كُلُّهُ: ((دمُهُ علَينا وعلى أولادِنا!)) فأطلَقَ لهُم باراباسَ، أمَّا يَسوعُ فجلَدَهُ وأسلَمَهُ لـــيُصْلَبَ.

                      لوقا [23: 14-25]
                      وقالَ لهُم: ((جِئتُم إليَّ بِهذا الرَّجُلِ وقُلتُم إنَّهُ يُضلِّلُ الشَّعبَ. فَفَحَصتُهُ أمامَكُم، فما وجَدْتُ أنَّهُ اَرتكَبَ شَيئًا ممَّا تتَّهِمونَهُ بِه، ولا هِيرودُسُ وجَدَ أيضًا، لأنَّهُ رَدَّهُ إِلينا. فلا شيءَ إذًا فعَلَهُ هذا الرَّجُلُ يَستوجِبُ بِه الموتَ. فسأجلِدُهُ وأُخلي سَبـيلَهُ)). وكانَ على بِـيلاطُسَ أنْ يُطلِقَ لهُم في كُلِّ عيدٍ واحدًا مِنَ السُّجناءِ. فَصاحوا بِصوتٍ واحدٍ: ((أقتُلْ هذا الرَّجُلَ وأطلِقْ لنا باراباسَ!)) وكانَ باراباسُ في السِّجنِ لاَشتِراكِهِ في فِتنةٍ وقَعَت في المدينةِ، ولاَرْتكابِهِ جَريمةَ قَتلٍ. فخاطبَهُم بِـيلاطُسُ ثانيةً لأنَّهُ كانَ يُريدُ أنْ يُخلِـيَ سَبـيلَ يَسوعَ، فصاحوا: ((إصلِبْهُ! إصلِبْهُ!)) فقالَ لهُم ثالثةً: ((أيَّ شَرٍّ فعَلَ هذا الرَّجُلُ؟ لا أجِدُ علَيهِ ما يَستَوجِبُ بِه الموتَ. فسأجلِدُهُ وأُخلي سبـيلَهُ!)) فألحّوا علَيهِ بأعلى أصواتِهِم طالِبـينَ صَلبَهُ، واَشتَدَّ صِياحُهُم، فحكَمَ بِـيلاطُسُ أنْ يُجابَ طلَبُهُم، فأطلَقَ الرَّجُلَ الّذي طَلَبوهُ، وكانَ في السِّجنِ لِجريمَةِ قَتلٍ وإثارَةِ فِتنةٍ، وأسلَمَ يَسوعَ إلى مَشيئَتِهِم.

                      يوحنا [18: 38-40]
                      ((ولكِنَّ العادَةَ عِندَكُم أنْ أُطلِقَ لكُم سَجينًا في عيدِ الفِصحِ. أتُريدونَ أنْ أُطلِقَ لكُم مَلِكَ اليَهودِ؟)) فصاحوا: ((لا تُطلِقْ هذا، بل باراباسَ)). وكانَ باراباسُ لِصًّا.

                      و الآن يا عزيزي القارئ أطلب منك أن تفتح أي إنجيل من الأناجيل الأربعة و تقرأ محاكمة هذا المتهم أمام بيلاطس من أولها إلى آخرها و تخبرنا كم من الوقت استغرقت هذه المحاكمة! ستجد أنها لم تتجاوز الدقيقة! فهل محاكمة متهم أمام الحاكم العام للبلد تتم في دقيقة؟ فهل كانت هذه محاكمة حقيقية أم تمثيلية مقتبسة من مكان آخر؟ قبل أن نجيب على هذا السؤال لنكمل فحص النص:

                      1- انفرد متى بإدخال رواية زوجة بيلاطس و حلمها الذي رأته – و ما أكثر الأحلام في المسيحية – و كذلك انفرد بغسيل بيلاطس ليديه و قوله أمام الجميع أنه بريء من دم هذا البار. و يشكك العلماء في هذا الحدث باعتبار أن عملية غسل اليدين لا تكون دليلاً على البراءة إنما هي عادة يهودية، إذ يقول سفر التثنية ((يغسل جميع شيوخ تلك المدينة .. أيديهم و يقولون أيدينا لم تسفك هذا الدم – تثنية 21: 6-7)) لذا من المستبعد أن يكون بيلاطس قد عمل شيئاً كهذا – راجع تفسير إنجيل متى لجون فنتون عميد كلية اللاهوت بليتشيفيلد إنجلترا ص 436.

                      2- ما يزيد في عدم معقولية هذه المحاكمة هو أن بيلاطس كان متأكداً من براءة المتهم ((لا أجِدُ سَبَــبًا لِلحُكمِ علَيهِ - فَفَحَصتُهُ أمامَكُم، فما وجَدْتُ أنَّهُ اَرتكَبَ شَيئًا ممَّا تتَّهِمونَهُ بِه)) إضافة إلى أنه نفسه قد شفع فيه بأن يطلقه في عيد الفصح، هذا عدا أن زوجته حذرته من قتله و أسمته بـ"الرَّجُلَ الصّالِـحَ"، ثم يقولون لنا أنه أسلمه ليصلب و يجلد؟

                      3- دمُهُ علَينا وعلى أولادِنا: انفرد متى بهذه الجملة التي صرخ بها اليهود. و نحن نسأل هنا: إذا كان هذا عهداً قطعوه على أنفسهم أو نذراً أمام الله ثم أمام بيلاطس و الجموع التي كانت واقفة، فكيف يحق لبابا الفاتيكان سنة 1966 أن يغفر لهم و يحلهم من دم المسيح؟

                      4- بالنسبة لعادة إطلاق أحد المسجونين فإن دينيس إريك نينهام – أستاذ في اللاهوت بجامعة لندن و رئيس تحرير مجلة بليكان لتفسير الإنجيل – يقول في تفسيره لإنجيل مرقس ص 411 : ((لا يعرف شيء عن مثل هذه العادة كما وصفت هنا. إن القول بأن عادة الحكام الرومان جرت على إطلاق أحد المسجونين في عيد الفصح، و أن الجماهير كانت هي التي تحدد اسمه بصرف النظر عن جريمته، إنما هو قول لا يسنده أي دليل على الإطلاق، بل إنه يخالف ما نعلمه عن الحكم الروماني لفلسطين و أسلوبه في معاملة أهلها))

                      5- "إصلِبْهُ! إصلِبْهُ!" : اتفقت الأناجيل الأربعة على أن جموع الشعب كانت تصيح بهذه الجملة، فهل يحتقر هؤلاء الكتبة ذكاءنا؟ لنقم سوية بمراجعة ما كتبه هؤلاء في أناجيلهم:

                      - أليسوا هم الذين أخبرونا أن يسوع أبرأ أسقام الجموع و جعل الخرس ينطقون و العرج يمشون و البرص يطهرون و الصم يسمعون و العمي يبصرون؟!
                      - أليسوا هم الذين أخبرونا أنه أحيا اليعازر أمام جموع اليهود و شفى ابنة رئيس مجمعهم؟!
                      - أليسوا هم الذين أخبرونا أنه أطعم 5000 من كسرة خبز و سمكتين؟!
                      - أليسوا هم الذين أخبرونا أن الجموع أرادت أن تخطفه و تجعله ملكاً؟!
                      - أليسوا هم الذين أخبرونا أن أن المدينة ارتجت له يوم دخلها على الجحش و أن الجموع اصطفت على الجانبين و فرشوا الطريق بملابسهم و أغصان الشجر و أخذوا يهتفون "أوصنا.. مبارك الآتي باسم الرب"؟!
                      - أليسوا هم الذين أخبرونا أن خبره ذاع في جميع أنحاء سورية؟
                      أبعد كل هذا يقولون لنا أن الجموع هتفت ((إصلِبْهُ! إصلِبْهُ!))؟ ألم يوجد بين تلك الجموع أشخاصاً يقولون: ((لا تصلبه لأنه شفانا و لأنه أطعمنا))!!؟ أين ذهبت كل تلك الجموع؟

                      6- خُذوهُ أنتُم وحاكِموهُ حسَبَ شريعَتِكُ: انفرد يوحنا بهذا القول على لسان بيلاطس في بداية المحاكمة. وهو قول غير معقول، فهل كان بيلاطس يحكم البلاد بشريعة اليهود أم بقوانين روما و قيصر؟!

                      كل هذه النقاط إضافة إلى تناقضات لم نأتي على ذكرها تضع هذه المحاكمة موضع الشك و الفحص. فمن أين أتت هذه المحاكمة و تفاصيلها؟ يقول روبرتسون – و هو ناقد مسيحي – في كتابه "المسيحيون الوثنيون" ص 338 : ((إن ديانة بعل إله البابليين كانت مساعداً للمسيحية في موضوع هام من موضوعاتها العاطفية وهو رواية محاكمة يسوع و صلبه. و قد وضع البابليون قصة محاكمة بعل في تمثيلية مؤثرة كانت تمثل كل عام قبل مولد المسيح بقرون عديدة. و كانت تمثيلية حافلة بالغموض و الحزن، و قد اكتشف في مطلع هذا القرن بأرض بابل لوحتان يرجع تاريخهما إلى القرن التاسع قبل الميلاد، و سجلت عليها قصة محاكمة بعل و نهايته. و قد سيق اليهود إلى سجن بابل منذ عهد بختنصر و هناك شاهدوا هذه التمثيلية تعرض كل ربيع، و عندما عاد اليهود إلى ديارهم كانت هذه القصة عالقة بأذهانهم و مؤثرة في حياتهم، فانعكست على آدابهم و على حياتهم العامة. و عقب نهاية المسيح ظهرت تمثيلية بعل بنفس عناصرها مع اسم جديد وضع مكان بعل و هذا الاسم هو المسيح، حتى ليمكننا القول أن قصة صلب المسيح كما توردها الأناجيل هي قصة منتحلة تماماً))
                      دائماً أنت بقلبي دائماً موردي العذب إذا اشـــــتد الظما
                      دائماً أنت ضيائي في الدجى كيف لا تكشف عني الظلما
                      أنت يا من ذكره ملء فمي فاستحالت كل أعضـــائي فما
                      يا رســـول الله يا من حبه دائمــــاً في القلب يبقى دائماً
                      أرشيفي

                      تعليق


                      • #12
                        مـن أحــداث الصـلـب


                        حــامـل الصـليـب:

                        مرقس [15: 21-22]
                        وسَخَّروا لِحَمْلِ صَليبِهِ سِمعانَ القِـيرينيَّ، أبا اَسكَندرَ وروفُسَ، وكانَ في الطَّريقِ راجعًا مِنَ الحَقلِ. وجاؤوا بـيَسوعَ إلى المكانِ المَعروفِ بالجُلجُثةِ، أيْ مكانِ الجُمجُمَةِ..

                        متى [27: 32-33]
                        وبَينَما هُمْ خارِجونَ مِنَ المدينةِ صادَفوا رَجُلاً مِنْ قَيرينَ اَسمُهُ سِمْعانُ، فسَخَّروهُ ليَحمِلَ صَليبَ يَسوعَ. ولمَّا وصَلوا إلى المكانِ الّذي يُقالُ لَه الجُلجُثَةُ، أي ((مَوضِعُ الجُمجُمَةِ))

                        لوقا [23: 26-33]
                        وبَينَما هُم ذاهِبونَ بِه، أمسَكوا سِمعانَ، وهوَ رَجُلٌ قِـيرينيٌّ كانَ راجِعًا مِنَ الحَقلِ، فألقَوا علَيهِ الصَّليبَ ليَحمِلَهُ خَلفَ يَسوعَ. وتَبِعَهُ جُمهورٌ كبـيرٌ مِنَ الشَّعبِ، ومِنْ نِساءٍ كُنَّ يَلطِمْنَ صُدورَهُنَّ ويَنُحْنَ علَيهِ. فاَلتَفَتَ يَسوعُ إلَيهِنَّ وقالَ: ((لا تَبكِينَ علَيَّ يا بناتِ أُورُشليمَ، بَلِ اَبكِينَ على أنفُسِكُنَّ وعلى أولادِكُنَّ. سَتَجيءُ أيامٌ يُقالُ فيها: هَنيئًا لِلَّواتي ما حَبِلْنَ ولا ولَدْنَ ولا أرضَعْنَ. ويُقالُ لِلجِبالِ اَسقُطي علَينا، ولِلتِّلالِ غطِّينا. فإذا كانوا هكذا يَفعَلونَ بالغُصنِ الأخضَرِ، فكيفَ تكونُ حالُ الغُصنِ اليابسِ؟)) وساقوا مَعَهُ إلى القَتلِ اَثنَينِ مِنَ المُجرِمينَ. ولمَّا وصَلوا إلى المكانِ المُسمَّى بالجُمجُمَةِ...

                        يوحنا [19: 17]
                        فخرَجَ وهوَ يَحمِلُ صَليبَهُ إلى مكانٍ يُسَمَّى الجُمجُمَةَ، وبالعبرِيَّةِ جُلْجُثَةَ.

                        1- ذكر مرقس أن اسم حامل الصليب "سمعان" و اسم ولديه "اسكندر و روفس" و يبدو أن هذا الشخص كان معروفاً في الحي عندما كتب مرقس إنجيله و ذكر فيه اسم ولديه أيضاً.. و يحتمل أنهما كانا توأمين لأننا في العادة نقول أبو فلان فقط، و ليس أبو فلان و فلان!!

                        أما متى فقد اكتفى بقوله: ((رَجُلاً مِنْ قَيرينَ اَسمُهُ سِمْعانُ)) و لم يذكر اسم ولديه، و حذا لوقا حذوه و أضاف: ((كانَ راجِعًا مِنَ الحَقلِ)). أما يوحنا فقد شذ عن زملائه و جعل حامل الصليب هو المسيح نفسه!! ولكن ما السبب في ذلك؟ يقول الناقد الغربي دينس إيريك نينهام – أستاذ اللاهوت بجامعة لندن و رئيس تحرير سلسلة بايكان لتفسير الإنجيل - في تفسيره لإنجيل مرقس [ص 416] : ((في الوقت الذي كتب فيه الإنجيل الرابع (100-125) كان الادعاء بأن سمعان قد حل مكان يسوع و صلبه بدلاً منه لايزال سارياً في الدوائر الغنوسطية التي كانت لها الشهرة فيما بعد.)) و هذا يدل أنه منذ تلك الأيام كان الناس يشكون في حقيقة المصلوب.

                        2- بالنسبة لموقع الجلجثة فإن التقاليد التي تقول أنه يقع داخل كنيسة القبر المقدس – أي داخل أسوار القدس الحالية – لا يمكن إرجاعها لأبعد من القرن الرابع. كما أنها لا تزال موضع جدل و قد اقترحت أماكن أخرى في عصرنا الحاضر – خارج أسوار المدينة – إلا أن القطع بواحد منها لا يزال بعيد التحقيق .. و ذلك وفقاً لـ"دنيس إريك نينهام" في تفسيره لإنجيل مرقس ص 422.

                        3- انفرد لوقا عن بقية زملائه فذكر لنا أن يسوع قد ألقى خطبة عصماء في النساء المجتمعات على الطريق قبل وصول حامل الصليب إلى جبل الجلجثة. فهل يعقل أن لمن كان في غاية الإنهاك و التعب و المذلة بعد الجلد و اللكم و الضرب و البصق في وجهه و حمل الصليب الثقيل في طريق صعب وعر صعوداً إلى الجبل وهو يلهث و الموت قاب قوسين أو أدنى أن يقف و يخطب في النسوة؟! و هل يعقل أن يسمح له أصلاً بالتوقف لإلقاء مثل هذه الخطبة وهو مخفور من كل جانب؟! فلماذا مثل هذه الرواية في إنجيل لوقا؟ هل هي محاولة منه إثبات أن المصلوب هو نفسه المسيح؟ يقول المفكر براتداند راسل في كتابه "حكمة الغرب" ص 242 : ((كانت طائفة الدوسيين تعتقد أن المسيح لم يكن هو الذي صلب بل بديل أشبه به))



                        شراب المصلوب:
                        مرقس [15: 23-36]
                        وقَدَّموا إليهِ خَمرًا مَمزوجَةً بِمُرٍّ، فرَفَضَ أنْ يَشرَبَها... وفي السَّاعةِ الثَّالِثةِ، صرَخَ يَسوعُ بِصوتٍ عَظيمٍ: ((إيلوئِـي، إيلوئِـي، لما شَبَقْتاني))، أي ((إِلهي، إِلهي، لماذا تَرَكتَني؟)) ... وأسرَعَ واحدٌ مِنهُم إلى إسْفِنجَةٍ وبَلَّلَها بالخَلِّ ووضَعَها على طَرَفِ قصَبَةٍ، ورَفَعَها إلَيهِ لِـيشرَبَ وهوَ يَقولُ: ((إِنتظِروا لِنرى هَلْ يَجيءُ إيليَّا ليُنزِلَهُ.))
                        أي سقاه مرتين في الأولى خَمرًا مَمزوجَةً بِمُرٍّ و الثانية خلاً بينما هو لم يطلب أن يشرب.

                        متى [27: 34-48]
                        أعطَوْهُ خَمرًا مَمزوجَةً بِالمُرِّ، فلمَّا ذاقَها رفَضَ أنْ يَشرَبَها.. ونحوَ السَّاعةِ الثَّالثةِ صرَخَ يَسوعُ بِصوتٍ عَظيمِ: ((إيلي، إيلي، لِما شَبقتاني؟)) أي ((إلهي، إلهي، لماذا تَركتَني؟))... وأسرَعَ واحدٌ مِنهُم إلى إسفِنْجَةٍ، فبَلَّــلَها بالخَلِّ ووضَعَها على طرَفِ قَصبَةٍ ورَفَعها إلَيهِ لِـيَشرَبَ.
                        أي سقاه مرتين في الأولى خَمرًا مَمزوجَةً بِمُرٍّ و الثانية خلاً بينما هو لم يطلب أن يشرب.


                        لوقا [23: 36]
                        واَستَهزَأَ بِهِ الجُنودُ أيضًا، وهُم يَقتَرِبونَ ويُناوِلونَهُ خَلاًّ..
                        أي سقوه خلاً مرة واحدة قبل الصرخة.

                        يوحنا [19: 28-29]
                        ورأى يَسوعُ أنَّ كُلَّ شيءٍ تَمَّ، فقالَ: ((أنا عَطشانُ))، لِـيَتِمَّ الكِتابُ. وكانَ هُناكَ وِعاءٌ مَملوءٌ بالخَلِّ، فغَمَسوا فيهِ إسفنجَةً ووضَعوها على الزُّوفى ورَفَعوها إلى فَمِه.
                        أي سقوه خلاً مرة واحدة بناءً على طلبه.

                        1- من أين أتوا بالخمر و الخل؟ هل كان اليهود يحتفظون بالخمر و الخل في مقابرهم؟ هل هناك أمة في العالم تحتفظ ببراميل الخمر و الخل في المقابر؟! كلا! فمن أين أتى كتبة الأناجيل بهذه الخمرة و الخل؟ من المزمور [69: 22] الذي يقول داوود فيه في صلاته: ((جعَلوا في طعامي عَلْقَمًا، وفي عطَشي سَقَوني خلاُ)) و هو كناية عن سوء الصنيع. لقد راق لهم النص فوضعوه في هذا المكان و نقلوه من عالم الكناية إلى عالم الحقيقة و الواقع، و لنا وقفة لاحقة مع هذه التفاصيل المأخوذة من المزامير.

                        2- ذكر متى في الإصحاح الرابع من إنجيله أن المسيح صام /40/ يوماً دون أن يتناول فيها أي طعام أو شراب. كما أن المسيح قد صرح أيضاً بقوله: [يوحنا 4: 32 - لي طعامٌ آكُلُه لا تَعرِفونَهُ أنتُم] و لنا هنا أن نسأل: هل من يصبر على الجوع و العطش /40/ يوماً يذل نفسه لأعدائه و يقول "أنا عطشان" بسبب ساعة واحدة علماً أن الأناجيل قد ذكرت أنه قبل يوم واحد كان قد أكل الفصح و شرب؟ هذا دليل آخر على أن المصلوب لم يكن المسيح بل شخص آخر بديل شبيه به بدليل عدم قدرته على تحمل العطش بضع ساعات و المسيح كان قد صام /40/ يوماً دون طعام أو شراب.


                        الواقفات عند الصليب:
                        مرقس [15: 40-41]
                        وكانَت هُناكَ جَماعةٌ مِنَ النِّساءِ يَنْظُرنَ عَنْ بُعدٍ، فيهِنَّ مَريَمُ المَجدَليَّةُ ومَريَمُ أم يَعقوبَ الصَّغيرِ ويوسي، وسالومةُ، وهُنَّ اللَّواتي تَبِعنَ يَسوعَ وخدَمْنَهُ عِندَما كانَ في الجَليلِ، وغَيرُهُنَّ كَثيراتٌ صَعِدْنَ معَهُ إلى أُورُشليمَ.

                        متى [27: 55-56]
                        وكانَ هُناكَ كثيرٌ مِنَ النِّساءِ يَنظُرنَ عَنْ بُعدٍ، وهُنَّ اللَّواتي تَبِعنَ يَسوعَ مِنَ الجَليلِ ليَخدُمْنَه، فيهِنّ مَريمُ المَجدليَّةُ، ومَريمُ أمُّ يَعقوبَ ويوسفَ، وأُمُّ اَبنَي زَبدي.

                        لوقا 23: 49
                        وكانَ جميعُ أصدقاءِ يَسوعَ، والنِّساءُ اللَّواتي تَبِعْنَهُ مِنَ الجَليلِ، يُشاهِدونَ هذِهِ الأحداثَ عَنْ بُعدٍ.

                        ذكر مرقس أن جماعة من النسوة كن ينظرن عن بعد، بينهن مريم المجدلية و مريم أم يعقوب الصغير و يوسي و سالومة، و وافقه متى على ذلك سوى أنه أضاف "أم ابني زبدي" و استثنى سالومة. أما لوقا فقد أبهم إذ قال: جميع أصدقاء يسوع و نساء تبعنه من الجليل واقفين من بعيد. و نحن نسأل: إذا كان جميع معارفه و هؤلاء النسوة موجودين ساعة الصلب فأين كانوا ساعة المحاكمة؟ و لماذا لم يصحن جميعهن "لا تصلبه! لا تصلبه!" لاسيما و أن بيلاطس كان يكافح ليجد صوتاً واحداً يدافع معه عن المتهم؟ و السؤال الملفت للنظر: أين كانت أمه ساعة المحاكمة و ساعة الصلب؟؟!! و لماذا ليس لها ذكر هنا؟!! السبب بسيط: أمه لا شأن لها بالمصلوب لأنه ببساطة ليس ابنها، و هذا دليل آخر على أن المصلوب لم يكن المسيح بن مريم بل بدليل له شبيه به.

                        لذا نجد أن يوحنا قد فطن إلى هذه النقطة فجعل أمه من بين النسوة فقال:

                        يوحنا [19:25-27]
                        وهُناكَ، عِندَ صليبِ يَسوعَ، وقَفَت أُمُّهُ، وأُختُ أُمِّهِ مَريَمُ زَوجَةُ كِلوبا، ومَريَمُ المَجدَليَّةُ. ورأى يَسوعُ أُمَّهُ وإلى جانِبها التِّلميذُ الحبـيبُ إلَيهِ، فقالَ لأُمِّهِ: ((يا اَمرأةُ، هذا اَبنُكِ.)) وقالَ لِلتلميذِ: ((هذِهِ أُمُّكَ)).

                        نلاحظ أن يوحنا قد جعل النسوة يقفن عند صليب يسوع على عكس الأناجيل الثلاثة الأخرى التي ذكرت أنهن كن ينظرن عن بعد.

                        يقول جون فينتون – عميد كلية اللاهوت بليتشفيلد في إنكلترا – في تفسيره لإنجيل متى ص 445-446 ((إن مرقس و متى و لوقا يخبروننا أن شهود الصلب كانوا نساء يتبعن يسوع من الجليل إلى أورشليم.. و رغم أن متى قد ذكر في العدد [13: 55] أن اثنين من أخوة يسوع كانا يسميان يعقوب و يوسف فمن الصعب جداً أن يكون قد عنى مريم أم يسوع)). و توافقه على ذلك دائرة المعارف البريطانية إذ تقول: ((نجد في الأناجيل الثلاثة المتشابهة أن النساء فقط تبعن يسوع و أن القائمة التي كتبت بعناية و استفاضة لا تضم والدته)). و يبدو أن يوحنا قد أدخل مسألة أمه الواقفة عند الصلب و قوله لها : يا إمرأة .. فقط ليؤكد لنا أن المصلوب كان يسوع. إذ أن الأقوال بأن المصلوب لم يكن يسوع قد انتشرت و ذاعت خصوصاً بين الكرنثيين Crinthians و البازيليين Basilidiansو الكربوقراطيين Carpocraticys... و هم من أوائل الطوائف النصرانية. لذا نجد ناقداً مثل باريت ينسف رواية يوحنا من أساسها فيقول: ((إنه من غير المحتمل أساساً أن يكون قد سُمح بوقوف أقارب يسوع و أصدقائه بالقرب من الصليب)) – راجع تفسير إنجيل مرقس ص 431 لدنيس إريك نينهام.
                        و تضيف دائرة المعارف البريطانية – جزء 13 ص 19 - قولها ((هذا بينما لا تظهر والدته في أورشليم – حسما ذكرت المؤلفات القديمة إلا قبيل عيد العنصرة [أعمال الرسل 1: 14]. من ذلك يتبين أن شهود الأحداث الرئيسية التي قامت عليها العقائد المسيحية، و هي الصلب و القيام و الصعود – إنما كن على أحسن الظروف – نساء شاهدن ما شاهدن من بعيد ثم قمت بعد ذلك بالرواية و التبليغ))

                        و ما يزيد في عدم معقولية ما رواه يوحنا هو أن مشهد الأم و هي ترى ابنها و فلذة كبدها الوحيد مصلوباً و لا تستطيع أن تفعل حياله شيء لهو أشد المشاهد ألماً في نفس الأم، و لأهون عليها أن تموت على أن ترى ولدها في موقف كهذا. فهل يعقل أن يعذبها الله بهذا المشهد؟


                        على الصليب:
                        لوقا [23: 33-34]
                        ولمَّا وصَلوا إلى المكانِ المُسمَّى بالجُمجُمَةِ، صَلَبوهُ هُناكَ معَ المُجرِمَينِ، واحدًا عَنْ يَمينِهِ والآخَرَ عَنْ شِمالِهِ. فقالَ يَسوعُ: ((إِغفِرْ لهُم يا أبـي، لأنَّهُم لا يَعرِفونَ ما يَعمَلونَ)).

                        لقد ذكرت الأناجيل أن للمسيح سطاناً على الأرض لغفران الخطايا [متى 9: 6] فلو كان المصلوب هو المسيح لغفر لهم بنفسه ولما طلب من أباه أن يغفر لهم. و هذا دليل آخر أن الذي علق على الصليب لم يكن المسيح.

                        لوقا [23: 35-43]
                        ووقَفَ الشَّعبُ هُناكَ يَنظُرونَ، ورُؤساؤُهُم يَقولونَ مُتَهكِّمينَ: ((خَلَّصَ غَيرَهُ فَليُخَلِّصْ نَفسَهُ، إنْ كانَ مَسيحَ اللهِ المُختارَ!)) واَستَهزَأَ بِهِ الجُنودُ أيضًا، وهُم يَقتَرِبونَ ويُناوِلونَهُ خَلاًّ. ويَقولونَ: ((خَلِّصْ نَفسَكَ، إنْ كُنتَ مَلِكَ اليَهودِ!)) وكانَ فَوقَ رأسِهِ لَوحَةٌ مكتوبٌ فيها: ((هذا مَلِكُ اليَهودِ!)) وأخَذَ أحَدُ المُجرِمَينِ المُعلَّقَينِ على الصَّليبِ يَشتُمُهُ ويَقولُ لَه: ((أما أنتَ المَسيحُ؟ فخَلِّصْ نَفسَكَ وخَلِّصْنا!)) فاَنتَهَرَهُ المُجرِمُ الآخَرُ قالَ: ((أما تَخافُ اللهَ وأنتَ تَتحَمَّلُ العِقابَ نَفسَهُ؟ نَحنُ عِقابُنا عَدلٌ، نِلناهُ جَزاءَ أعمالِنا، أمَّا هوَ، فما عَمِلَ سُوءًا.)) وقالَ: ((أُذكُرْني يا يسوعُ، متى جِئتَ في مَلكوتِكَ.)) فأجابَ يَسوعُ: ((الحقَّ أقولُ لكَ: سَتكونُ اليومَ مَعي في الفِردَوسِ.))

                        هنا يا عزيزي القارئ أرى لزاماً أن نتوقف وقفة طويلة بل و طويلة جداً ة نتمعن جيداً في هذا النص. ركزوا معي في في قول لوقا المذكور لأحد اللصين: ((الحقَّ أقولُ لكَ: سَتكونُ اليومَ مَعي في الفِردَوسِ.))

                        فإذا كانت كلمة اليوم تعني اليوم، و ليس لها معنى آخر، كأن تكون غداً أو بعد غد، فهذه الجملة قيلت يوم الجمعة يوم الصلب. أي أن "المصلوب" و اللص سيكونان في الفردوس يوم الجمعة عصراً بعد أن يموتا و تصعد روحيهما إلى خالقهما.
                        و الآن قارنوا أعزائي القراء هذه الجملة التي قيلت من قبل المصلوب يوم الجمعة عصراً مع ما جاء على لسان المسيح يوم الأحد لمريم المجدلية في إنجيل يوحنا [20: 17] ((لا تُمسِكيني، لأنِّي ما صَعِدتُ بَعدُ إلى الآبِ)).

                        السؤال الآن: كيف يقول المصلوب يوم الجمعة للص المؤمن ((إنك ستكون اليوم معي في الفردوس)) بينما بعدها بيومين أي يوم الأحد يقول المسيح ((ما صَعِدتُ بَعدُ إلى الآبِ))؟ أي حسب تعبير اليهود لم أمت لتصعد روحي إلى إلهي. هل كذب المصلوب على اللص المؤمن؟

                        إن قائل الجملة الأولى في لوقا يوم الجمعة ((سَتكونُ اليومَ مَعي في الفِردَوسِ)) هو الشبيه البديل القادم من العالم الآخر الذي ظنه الجميع أنه المسيح لتطابق الشبه بينهما، و بموته تكون روحه قد صعدت إلى خالقها يوم الجمعة. و قائل الجملة الثانية يوم الأحد هو المسيح الحقيقي ابن مريم الذي لم يصلب و بالتالي لم تصعد روحه إلى خالقها و الذي قلنا وقتها أن عناية الرب قد امتدت في الظلام و أخفته عن الأنظار في الجسمانية.



                        آخر الكلمات على الصليب:
                        مرقس [15: 34]
                        وفي السَّاعةِ الثَّالِثةِ، صرَخَ يَسوعُ بِصوتٍ عَظيمٍ: ((إيلوئِـي، إيلوئِـي، لما شَبَقْتاني))، أي ((إِلهي، إِلهي، لماذا تَرَكتَني؟))

                        متى [27: 46]
                        ونحوَ السَّاعةِ الثَّالثةِ صرَخَ يَسوعُ بِصوتٍ عَظيمِ: ((إيلي، إيلي، لِما شَبقتاني؟)) أي ((إلهي، إلهي، لماذا تَركتَني؟))

                        1- هذه الصرخة سببت إشكالات عديدة لدى علماء اللاهوت المسيحي و قلبت كل موازينهم لأنها تكذب زعمهم بأن المصلوب هو الله، إذ كيف ينادي على الله و هو الله؟ و إذا كان المسيح هو الله فكيف هجر أحدهما الآخر؟ كما أنها تنفي أي اتفاق سماوي مزعوم بين الله و ابنه لفداء البشرية، ذلك لأن المصلوب يخاطب الله و يعتب عليه تركه إياه.. مما ينسف ما ألصقوه به من قول إشعياء [53: 7 – وما فتَحَ فمَهُ كانَ كنَعجةٍ تُساقُ إلى الذَّبحِ،] و ها هو يملأ الدنيا صراخاً ((صرَخَ يَسوعُ بِصوتٍ عَظيمِ)) فكيف كان يصرخ بصوت عظيم و في نفس الوقت لم يفتح فاه؟ لنا وقفة كما وعدناكم مع هذه الاقتباسات لدراستها.

                        2- إن هذه الصرخة تنسف جميع المزاعم التي شحنوا فيها الأناجيل و غسلوا بها أدمغتنا إصحاحاً وراء إصحاح قائلين لنا أن يسوع سيصلب و في اليوم الثالث يقوم. فإن كان يسوع يعلم سلفاً أنه في اليوم الثالث يقوم فلم الصراخ إذاً؟ لذا فإن ما نسب للمصلوب من الصراخ ((لماذا تركتني ؟)) ليس له أي معنى و يدل على أن المصلوب لم يكن يسوع.

                        3- إن مسألة صلب يسوع و قتله و القول بأنه بذل نفسه عن الجميع لهو منطق معكوس. لأنه لا يعقل أن يقدم يسوع نفسه ليقتله من يريد الغفران لهم لأن قتلهم له إنما يزيد في خطاياهم ذلك أن الله نهى عن القتل. كما أنه يتنافى كلياً مع ما ذكره متى مقتبسا من المزمور [91: 11-12] حيث قال: [يُوصي ملائِكَتَهُ بكَ، فيَحمِلونَكَ على أيديهِم لئلاَّ تَصدِمَ رِجلُكَ بِحجرٍ – 4: 6] فمن كان محمياً من الله ألا تصطدم قدمه بحجر لا يمكن أن يُصلب! كما أن صلبه يتنافى تماماً مع قوله: [أُريدُ رَحمةً لا ذبـيحةً – متى 9: 13] كما أن صلبه يتنافى مع قوله: [أنا غَلَبتُ العالَمَ – يوحنا 16: 33] و أي عالم؟ إنه العالم اليهودي الذي تآمر على قتله و العالم الروماني الذي وافق على قتله..؟! فهل من يصلب و يقتل يكون قد غلب العالم؟ كل هذا يدل على المصلوب لم يكن يسوع.

                        4- لقد قال لنا المسيح سابقاً [ولا أكونُ وَحدي، لأنَّ الآبَ مَعي – يوحنا 16: 32] فكيف يصرخ الآن و يقول مخاطباً الله : لماذا تركتني؟ فإما أن تكون الأناجيل قد كذبت علينا في ذلك و إما فعلاً كان الله معه فخلصه و نجاه من مكر الكهنة، و بهذا يكون المصلوب شخص آخر.

                        5- سبق و أن ذكرت لنا الأناجيل أكثر من مرة أن المسيح كان يمسك أعين الذين حوله و يختفي عنهم دون أن يشعروا:
                        - فقامُوا، وأخرَجُوهُ إلى خارِجِ المدينةِ، وجاؤوا بِه إلى حافَّةِ الجبَلِ الّذي كانَت مدينتُهُم مَبنيّةً علَيهِ ليُلقُوهُ مِنها. لكِنَّه مَرَّ مِنْ بَينِهِم ومَضى. لوقا [4: 29-30]
                        - فأخذوا حِجارَةً ليَرجُموهُ، فاَختَفى عَنهُم وخرَجَ مِنَ الهَيكَلِ. يوحنا [8: 59]
                        فإن كان المسيح لديه هذه القدرة الخارقة فإنه يستطيع أن يستعملها وقت الشدة و يفلت من أعدائه، و هذا يدل على أن المعلق على الصليب لم يكن المسيح.

                        6- هل حقاً صرخ المصلوب ((إِلهي، إِلهي، لماذا تَرَكتَني؟)) و من هو قائلها؟ يسوع أم البديل الشبيه؟ مستحيل أن يكون يسوع لأنه القائل: مَنْ أرادَ أنْ يَتبعَني، فلْيُنكِرْ نَفسَهُ ويَحمِلْ صَليبَهُ ويتبَعْني، – متى 16: 24] أي أنه كان بطلاً شجاعاً مستعداً للموت في كل لحظة. و القول هنا لا ينطبق عليه لذا لا يمكن الجمع بين القولين و إلا اعتبرنا المسيح منافقاً أم مناقضاً لنفسه – حاشاه. إذاً من الذي قالها؟ البديل؟ مستحيل أيضاً لأنه قال لنا : ((لِهَذَا قَدْ وُلِدْتُ أَنَا، وَلِهَذَا قَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ – يوحنا 18: 37)) أي أنه كان مستعداً لهذه الميتة. فمن القائل هنا إذاً؟ لقد قالها داوود في صلاته و مناجاته لربه في المزمور [22: 2] فراقت لمرقس و رآها تناسب ما ذهب إليه في الصلب فاقتبسها و حولها للآرامية ((إيلوئِـي، إيلوئِـي)) تاركاً بقية المزمور. أما متى فقد حولها للعبرية ((إيلي، إيلي)). و هنا يقول أريك نينهام في تفسيره لإنجيل مرقس ص 427-428 : ((إذا أخذنا هذا المزمور ككل فإنه لا يمكن أن تكون " إيلوئِـي، إيلوئِـي" صرخة يأس بأي حال إنما هي صلاة عبد بار يعاني آلاماً – أي داوود – إلا أنه يثق تماماً في حب الله له و حفظه من الشر و هو مطمئن تماماً لحمايته))


                        أما لوقا فقال [23: 46] :
                        وصرَخَ يَسوعُ صَرخةً قويَّةً: ((يا أبـي، في يَدَيكَ أستَودِعُ رُوحي.)) قالَ هذا وأسلَمَ الرُّوحَ.

                        لقد شذ لوقا عن زميليه و كان الصلب في ذهنه عندما كتب إنجيله، فبحث و فتش و وجد ضالته في المزمور [31: 6] فاقتبس منه ليوهم القارئ بأن تلك نبوءة تحققت. و الحقيقة أن القائل هنا هو داوود قبل أكثر من ألف سنة على تلك الأحداث.

                        أما يوحنا فقد شذ عنهم جميعاً إذ قال [19: 30] :
                        فلمَّا ذاقَ يَسوعُ الخَلَّ قالَ: ((تَمَّ كُلُّ شيءٍ)). وحَنى رأسَهُ وأسلَمَ الرُّوحَ.

                        و لنا أن نسأل كلاً من الكتبة الأربعة: لمن أسلم الروح؟

                        لو أنصف كتبة الأناجيل لأوردوا لنا كل النصوص التي اقتبسوها من المزامير منتهين إلى ما تنتهي إليه تلك النصوص. أما أن يبتروها و يجهضوها ليختاروا ما يناسب غرضهم و يتركوا مالا يناسبهم، فهذا مرفوض عند كل العقلاء. لماذا تراكمت الأخطاء و التناقضات و السرقات من العهد القديم في هذه الإصحاحات الأخيرة بالذات؟ السبب بسيط: وهو أن حقيقة ما حصل غاب عنهم و جميعهم لا يعرف شيئاً عنها و كل منهم كتب ما بدا له. فواحد يقول لنا أن المصلوب صرخ ((إيلوئِـي، إيلوئِـي)) و الآخر يقول ((إيلي، إيلي)) و الثالث ((في يَدَيكَ أستَودِعُ رُوحي)) و الرابع ((تَمَّ كُلُّ شيءٍ))، و واحد يقول سقوه خلاً و الآخر يقول خلاً ممزوجاً بالمر .. فمن نصدق منهم؟ لو كانوا حقاً شهود عيان لما اختلفوا!
                        و بتطبيق القانون الذي يقول: "إذا اتناقضت أقوال الشهود سقطت القضية"، فإنه يستوجب علينا أن نسقط هذه القضية فليس بينهم واحد صادق، فتكون البراءة للمتهم المصلوب، و السجب للشهود – كتبة الأناجيل – الذين ادعوا الشهادة وهم لم يروا شيئاً!
                        دائماً أنت بقلبي دائماً موردي العذب إذا اشـــــتد الظما
                        دائماً أنت ضيائي في الدجى كيف لا تكشف عني الظلما
                        أنت يا من ذكره ملء فمي فاستحالت كل أعضـــائي فما
                        يا رســـول الله يا من حبه دائمــــاً في القلب يبقى دائماً
                        أرشيفي

                        تعليق


                        • #13
                          الصلب و مزامير داوود



                          فيما يخص الهجمة الشرسة على على مزامير داوود و العهد القديم، و انتزاع الأعداد التي توافق الغرض المبيت في الصلب، و تركهم باقي النصوص التي لا توافق ما ذهبوا إليه – إلهي إلهي لماذا تركتني [المزمور 22: 2]، و أعطوه خلاً ممزوجاً بمرارة [المزمور 69: 22]، في يديك أستودع روحي [المزمور 31: 6]، و الاقتراع على الثياب [المزمور 22: 19] – كل ذلك ليوهموا القارئ بصدق ما كتبوا و أن كل ذلك نبوءات عن صلب المسيح يشهد بها العهد القديم. و في ذلك يقول ول ديورانت في كتابه قصة الحضارة – مجلد 11 ص 210 : ((إن الأناجيل بها كثير من الحوادث التي تبدو أنها وضعت خصيصاً لإثبات وقوع كثير من الحوادث الواردة في العهد القديم)).

                          فلو أردنا أن نفعل مثلهم و ننتزع أعداداً تؤيد رأينا في عدم صلب المسيح و نجاته من أعدائه لكان الأمر سهل جداً.. فاقرأ معي يا عزيزي القارئ:
                          - أُعظِّمُكَ يا ربُّ لأنَّكَ نَشَلْتَني وحَرَمْتَ أعدائي الشَّماتةَ بي – [30: 2]
                          - الآنَ عَرفْتُ أنَّ الرّبَّ يُخلِّصُ المَلِكَ الذي مَسَحَهُ. يُعينُهُ مِنْ قُدْسِ سمائِهِ وبِجبَرُوتِ يَمينهِ يُخلِّصُهُ [20: 6]
                          - أُنَجيهِ لأنَّهُ تعَلَّقَ بي. أرفَعُهُ لأِنَّهُ عرَفَ اَسمي. يدعوني فَأستجيبُ لهُ،ومَعَهُ أنا في الضِّيقِ. أُخلِّصُهُ وأُمجدُهُ ، ومِنْ طُولِ الأيّامِ أُشبِعُهُ وأُريهِ خلاصي [91: 14-16]
                          - أرسلَ مِنْ عَليائِه فأخذَني، واَنتَشَلَني مِنَ المياهِ الغامرةِ . نَجاني مِنْ عدُوٍّ لَدُودٍ، ومِنْ مُبغِضٍ أقوى مِنِّي، هاجموني في يومِ بَلِيَّتي فكانَ الرّبُّ سَنَدي أخرَجني إلى الأمانِ وخلَّصَني لأنَّه رضِيَ عنِّي [18: 16-20]
                          - السَّاكِنَ في السَّماواتِ يضحَكُ. الرّبُّ يستهزِئْ بِهِم [2: 4]
                          - عبَثًا يَطالونَ المَلِكَ بِسوءٍ، ويُدَبِّرونَ لَه المَكايدَ [21: 12]

                          و غيرها الكثير الكثير .. إلا أننا لا نغش القارئ و نقولها صراحة إن نصوص هذه المزامير التي أوردوها و النصوص التي أوردناها نحن بل المزامير برمتها ليس لها أي علاقة بصلب المسيح ولا بنجاته، إنما هي كانت صلاة و مناجاة بين داوود و ربه، سطى عليها كتبة الأناجيل مقتبسين منها ما يوافق غرضهم و استغلوها مع بعض نصوص العهد القديم ليقولوا أنها كانت نبوءات عن صلب المسيح.
                          دائماً أنت بقلبي دائماً موردي العذب إذا اشـــــتد الظما
                          دائماً أنت ضيائي في الدجى كيف لا تكشف عني الظلما
                          أنت يا من ذكره ملء فمي فاستحالت كل أعضـــائي فما
                          يا رســـول الله يا من حبه دائمــــاً في القلب يبقى دائماً
                          أرشيفي

                          تعليق


                          • #14
                            عجــائب ما بعد الصـــلب


                            مرقس [15: 33-38]
                            وعِندَ الظُّهرِ، خَيَّمَ الظَّلامُ على الأرضِ كُلِّها حتّى السّاعةِ الثَّالِثةِ.. وصرَخَ يَسوعُ صَرخَةً عاليةً وأسلَمَ الرُّوحَ. فاَنشَقَّ حِجابُ الهَيكَلِ شَطْرَينِ، مِنْ أعلى إلى أسفلُ.

                            متى [27: 51-53]
                            فاَنشَقَّ حِجابُ الهَيكلِ شَطرَينِ مِنْ أعلى إلى أسفَلَ. وتَزلْزَلتِ الأرضُ وتَشقَّقتِ الصٌّخورُ. واَنفتَحَتِ القُبورُ، فقامَتْ أجسادُ كثيرٍ مِنَ القِدَّيسينَ الرّاقِدينَ. وبَعدَ قيامَةِ يَسوعَ، خَرَجوا مِنَ القُبورِ ودَخلوا إلى المدينةِ المقدَّسَةِ وظَهَروا لِكثيرٍ مِنَ النّاسِ.

                            لوقا [23: 44-46]
                            وعِندَ الظُّهرِ خَيَّمَ الظَّلامُ على الأرضِ كُلِّها حتّى السّاعةِ الثَّالِثةِ. واَحتَجَبَتِ الشَّمسُ واَنشَقَّ حِجابُ الهَيكَلِ مِنَ الوَسَطِ. وصرَخَ يَسوعُ صَرخةً قويَّةً...

                            يوحنا: لا شيء

                            كيلا يظن القارئ أن هذه العجائب إنما تدل على أن المصلوب هو يسوع، كان لابد لنا أن نقف عندها قليلاً لدراستها..

                            الظلمـــة:
                            اعتمدت الترجمة العربية المشتركة تواقيتنا الحالية بعد أن حولت النص من التوقيت اليهودي الذي يبدأ النهار فيه من الساعة السادسة صباحاً، و حولت الساعة /12/ إلى كلمة الظهر. لذا، من يراجع باقي الترجمات سيرى التواقيت المذكورة فيها وفقاً للتوقيت اليهودي و ما عليه إلا إضافة /6/ ساعات حتى يصل إلى توقيتنا الحالي.

                            1- ذكر مرقس في [15: 12] من إنجيله أنهم علقوا المتهم على الصليب الساعة التاسعة بتوقيتنا ثم قال في [15: 33] ((وعِندَ الظُّهرِ - بتوقيتنا أي 12 - ، خَيَّمَ الظَّلامُ على الأرضِ كُلِّها حتّى السّاعةِ الثَّالِثةِ – بتوقيتنا)).أما متى و لوقا فلم يذكرا الساعة التي علقوا فيها المتهم على الصليب إلا أنهما وافقا مرقس على الظلمة التي استمرت ثلاث ساعات – حتى الساعة الثالثة بتوقيتنا. لكن المدقق في إنجيل يوحنا للأسف يجد أن المتهم في تلك الساعة – الثانية عشر بتوقيتنا – كان لا يزال عند بيلاطس فلو حدثت هذه الظلمة المفاجئة للفتت انتباه بيلاطس و جميع سكان أورشليم في أنهم مقدمون على أمر خطير بحق ذلك المتهم لدرجة أن السماء غضبت عليهم و تدخلت، و لقام بيلاطس ساعتها بفك أسر المتهم و ذبح كل كهنة اليهود الذين خدعوه. لكن للأسف شيئاً من هذا لم يحدث، بل إن يوحنا الذي قام بالاطلاع على باقي الأناجيل قبل كتابة إنجيله لم يذكر شيئاً عن هذه الظلمة.

                            2- يقول تالس Thallus و هو كاتب عاش في القرن الأول: ((إن الظلمة العجيبة التي يقال انها حدثت وقت المسيح كانت ظاهرة طبيعية و لم تكن أكثر من مصادفة عادية)) – من كتاب محمد في التوراة و الإنجيل و القرآن، إبراهيم خليل أحمد (القس ابراهيم فليبس سابقاً) ص 110

                            3- يقول الدكتور "جورج ب. كيرد ((إن حدوث كسوف للشمس حسب رواية لوقا بينما كان القمر بدراً كما كان وقت الصلب إنما هو ظاهرة فلكية مستحيلة الحدوث!)) – من تفسير إنجيل لوقا، ص 253، الدكتور جورج برادفورد كيرد أستاذ دراسة العهد الجديد بجامعة مكجيل بكندا و عميد كلية اللاهوت المتحدة و أستاذ جامعة أكسفورد و رئيس الجمعية الكندية لدراسة الكتاب المقدس.

                            4- يقول السيد آرثر فندلاي في الصفحة /72/ من كتابة "صخرة الحق" ((فؤلئك الذين كانوا يعبدون الشمس كانوا يقدمون آلاف الضحايا للشمس و كان هذا العدد يتضاعف عندما يحل الكسوف، إذ كانوا يعتقدون أن الإله الشمس غاضب و غير راض عن عباده. و كانوا يعتقدون عندما ينتهي الكسوف أن السبب في انتهائه هو فداء أحد زعماء القبيلة للشعب بتقديم نفسه ضحية، و بذلك يعتبر ذلك الزعيم مخلصهم و مسيحهم و يعتبر شخصاً إلهاً حمل نفسه عذاب شعبه. و على هذا المنوال أحاطت بالمسيح مثل هذه الضلالات إذ قيل أنه حصل على الأرض ظلام))

                            5- مثل هذه الظواهر الطبيعية المصادفة لحدث ما إن دلت على شيء فإنما تدل على جهل الناس، إذ ذكرت الأهرام في /29/ مايو 1964 في الصفحة الأولى بعنوان: التفاصيل الكاملة لليوم الحزين الذي عاشته الهند أمس يوم وفاة زعيمها غاندي، قائلة: ((الطبيعة شاركت الهند أحزانها فاختفت الشمس وراء السحب و أظلم الجو برغم حرارته الشديدة و سقطت الأمطار كأنها تعبر عن دموع تذرفها عليه في حين اجتاحت العاصمة هزة أرضية خفيفة قبل تشييع الجنازة بساعة واحدة))

                            6- و أضيف أنه يوم أعلن العراق استسلامه في حرب الخليج الأولى، أظلمت الدنيا بشكل غريب و مفاجئ في سماء الرياض – عاصمة المملكة العربية السعودية – فهل كان هذا حزناً على العراق؟! كلا! إذ لم تلبث السماء أن أمطرت مطراً غزيراً أسود عرف الجميع بعدها أن دخان آبار البترول الكويتية المحترقة قد وصل سماء الرياض بفعل الرياح مصادفاً طبقة جوية عليا باردة فتكثف و نزل على شكل مطر أسود..

                            7- و أخيراً، يوم مات إبراهيم بن محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم، قال قومه يومها: ((إن الشمس خسفت لموت إبراهيم)) فرد عليهم الصادق الأمين الذي يؤمن باحترام العقول فقال: ((إن الشمس و القمر من آيات الله لا تنخسفان لموت أحد.. ولا لحياته)) فأين الثرى من الثريا؟!!


                            حجاب الهيكل:

                            1- كيف رأوا أن حجاب الهيكل قد انشق في نفس اللحظة التي أسلم فيها المتهم الروح، علماً أن المسافة بين الجلجثة و الهيكل تبعد مسافة أكثر من 1/2 كيلومتر مملوءة بالبيوت التي تحجب رؤية الهيكل، و حجاب الهيكل مقفل عليه داخل قدس الأقداس؟!!

                            2- ماذا يعنينا إن انشق حجاب الهيكل قسمين أو ثلاث أو أربع أو حتى عشر؟! فلو كانت الرواية صحيحة فإنه لا يعدو حجاباً مصنوعاً من القماش سواء أكان قطناً أو صوفاً أو حتى حريراً في أحس الأحوال! فما العلاقة إذا بين موت المتهم و انشقاق حجاب الهيكل؟!

                            3- ما يثبت كذب هذه الرواية أن انشقاق حجاب الهيكل المزعوم عند مرقس و متى حصل بعدما أسلم المصلوب الروح، بينما عند لوقا حدث قبل أن يسلم المصلوب الروح!

                            4- و مما يزيد تأكيد كذب هذه الرواية أن يوحنا الذي يفترض أنه اطلع على الأناجيل الثلاثة قبل كتابة إنجيله لم يذكر شيئاً عن هذه الأحداث!

                            زلزال متى العجيب:

                            ذكر مرقس أنه بعد تلك الصرخة و موت المصلوب انشق حجاب الهيكل، لكننا نرى أن متى وجد أن الظلمة و انشقاق حجاب الهيكل ليسا كافيين بعد موت ابن الله المزعوم، لذا أجرى لنا خياله أعجب زلزال في تاريخ العالم القديم و الحديث من النوع الذي حطم فيه مقياس ريختر. لا لأنه حطم الصخور و فتح القبور فهذا أمر طبيعي في الزلازل، إنما لأنه أخرج لنا أجساد القديسين الراقدين باعثاً فيهم الحياة فجعلهم يخرجون من قبورهم و يدخلون المدينة و يظهرون للكثيرين مما لم يسمع به أحد من قبل ولا من بعد!!

                            فلو ظهرت هذه الأمور الغريبة حقاً لكانت من العجائب و الغرائب الفريدة في العالم، و لسارع المؤرخون إلى تدوينها و نقلها إلى جميع أطراف الدنيا ليعلم بها القاصي و الداني. و لكن للأسف لا نرى أحداً من المؤرخين قد كتب شيئاً عنها و لم يذكرها أحد من العامة الذين كانوا يؤرخون الأمور في حياتهم وفق الزلازل و الكوارث، بل أهملها بقية كتبة الأناجيل عندما شعروا بكذبها. ولو أنها حدثت فعلاً و بيلاطس لم يشعر بالظلمة لشعر على الأقل بذلك الزلزال و بقيام الموتى من قبورهم و لقام بذبح كهنة اليهود، و لقامت جماهير الشعب و قطعتهم إرباً، و لآمن بيلاطس و معه الجيش الروماني في فلسطين كلها، لكن شيئاً من هذا لم يحدث أيضاً!!

                            لذا نجد ديفيد ستراوس – و هو ناقد عاش في القرن التاسع عشر – يقول: ((إن ما ورد في الأناجيل من خوارق الطبيعة يجب أن يعد من الأساطير الخرافية و أن حياة المسيح الحقيقي ينبغي أن تعاد كتابتها بعد أن تحذف منها هذه العناصر أياً كانت صورها)) – محمد في التوراة و الإنجيل و القرآن لمؤلفه ابراهيم خليل أحمد (القس ابراهيم خليل فليبس سابقاً) ص 108

                            و يقول نورتون حامي الإنجيل: ((و الغالب أن أمثال هذه الروايات كانت رائجة بين اليهود بعدما صارت أورشليم خراباً، فلعل أحد كتبها في حاشية النسخة العبرانية لإنجيل متى، و أدخلها الكاتب في المتن. و هذا المتن وقع في يد المترجم فترجمها على حسبه.)) – عن كتاب الفاروق بين الخالق و المخلوق لمؤلفه عبد الرحمن بن سليم البغدادي ص 441

                            كما يقول شارل جانبير: ((من المرجح أن الأحداث الخاصة بالصلب كانت قد فقدت الكثير من وضوحها في ذاكرة المؤمنين قبل تحرير الأناجيل و أنها تأثرت في مخيلتهم بالأساطير المختلفة الشائعة في الشرق)) – عن كتاب يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء للدكتور رؤوف شلبي ص 167


                            --- هذا ما تم كتابته حتى الآن عسى الله أن يعيننا على إكمال الموضوع إلى آخر القيامة المزعومة
                            دائماً أنت بقلبي دائماً موردي العذب إذا اشـــــتد الظما
                            دائماً أنت ضيائي في الدجى كيف لا تكشف عني الظلما
                            أنت يا من ذكره ملء فمي فاستحالت كل أعضـــائي فما
                            يا رســـول الله يا من حبه دائمــــاً في القلب يبقى دائماً
                            أرشيفي

                            تعليق


                            • #15
                              بسم الله ماشاء الله

                              اشكرل اخي في الله على هذا المجهود الكريم واضيف مايلي
                              إنجيل يهوذا يؤكد أن يهوذا لبس هيئة المسيح ، أو شبه به ليكون فداءا عنه
                              ذكرت صحيفة الواشنجتون تايمز THE WASHINGTON TIMES فى عددهـا الصادر فى 7 إبريل 2006 مقالا بعنوان Judas stars as 'anti-hero' in gospel By Julia Duin
                              و جاء فى هذا المقال أن الجمعية الجغرافية الدولية National Geographic
                              أزاحت النقاب عن أحد المخطوطات الأثرية أو الأناجيل التى عثر عليهـا فى المنيا فى مصر ويعود تاريخهـا إلى بداية القرن الثالث الميلادي
                              و أطلق على هذا الإنجيل اسم إنجيل يهوذا "The Gospel of Judas,"
                              وقد اعتبر يهوذا من تلاميذ السيد المسيح، ويذكره التاريخ القبطي أنه هو الرجل الذي خان المسيح و يقول المسلمين أن الله شبهه بالمسيح ليصلب بدلا منه
                              و قد تم ترميم هذا الإنجيل بعد العثور عليه منذ أكثر من عشر سنوات و تمت ترجمته من اللغة القبطية إلى اللغة الانجليزية فى نهاية عام 2005 وأفرج عن هذه الترجمة فى 6 إبريل هذا العام وأصبح هذا الإنجيل يباع فى الأسواق، وقد سجل الإنجيل قبل نهايته أي قبل انتهـاء بعثة المسيح مباشرة هذا النص كما تذكره الصحيفة المشار إليهـا فى مقالهـا المذكور
                              Near the end of the Judas gospel, Jesus tells Judas he will "exceed" the rest of the disciples "for you will sacrifice the man that clothes me."
                              وهذا النص معناه أن المسيح يخاطب يهوذا في نهاية الإنجيل المنسوب إليه ويقول له أنه (أى يهوذا) سوف يختلف عن باقى الحواريين "exceed" the rest of the disciples وأنه سوف يكون الرجل ( the man ) الذي يضحى به كشبيه لى ( يلبسني = clothes me)
                              ونقف ونتأمل كلمة يلبسني الذي عجز المترجم أن يكتبهـا كما جاءت فى آيات القرآن "شبه لهم"
                              .. هكذا يظهر الله الحق وأن المسيح لم يصلب وإنما الشخص الذي صلب هو يهوذا .. وإذا كان المسيحيين قد ادعوا أن إنجيل برنابا تم تأليفه بعد بعثة الرسول فإن هذا المخطوط يؤكد قدمه من الكربون وأوراق البردي أنه مكتوب قبل القرن الثالث الميلادي، بحسب أقوال الصحيفة المشار إليهـا .. بمعنى قبل بعثة الرسول بثلاثة قرون .
                              هل شبه الله يهوذا بالمسيح لخيانته أم كما يقول أنه ضحى بنفسه من أجل المسيح، فلم يذكر القرآن نصاً فى هذا ولكن المسيحيون يدعون أن يهوذا خان المسيح ثم شنق نفسه بعد هذا .. وهذا الإنجيل يدعى أنهـا كانت تضحية من يهوذا صاحب هذا الإنجيل من أجل المسيح ... والله أعلم!!!!
                              بل إقراء الآية في القران الذي انزل من عند الله قبل اكتشاف هذا الإنجيل بقرون قال الله تعالى: ﴿ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا(157)بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا(158)﴾ (النساء:157-158).
                              وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم ...صدق الله العظيم
                              المصدر:صحيفة الواشنجتون تايمز على الرابط التالي:
                              http://www.washtimes.com/national/20...0642-3758r.htm
                              نص منقول
                              بسم الله الرحمن الرحيم (يوم ندعو كل أناس بإمامهم فمن أوتى كتابه بيمينه فأولئك يقرأ ون كتابهم ولا يظلمون فتيلا ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا)0 الإسراء 71-72











                              التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 11 ماي, 2020, 09:20 م.

                              تعليق

                              مواضيع ذات صلة

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              ابتدأ بواسطة ابن النعمان, 7 ينا, 2024, 10:13 م
                              ردود 0
                              32 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة ابن النعمان
                              بواسطة ابن النعمان
                               
                              ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 21 سبت, 2023, 02:27 ص
                              ردود 0
                              33 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                              بواسطة *اسلامي عزي*
                               
                              ابتدأ بواسطة Mohamed Karm, 21 يون, 2023, 01:43 م
                              ردود 0
                              64 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة Mohamed Karm
                              بواسطة Mohamed Karm
                               
                              ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 6 يون, 2023, 01:44 ص
                              ردود 4
                              52 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                              بواسطة *اسلامي عزي*
                               
                              ابتدأ بواسطة mohamed faid, 23 ماي, 2023, 12:04 م
                              ردود 0
                              19 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة mohamed faid
                              بواسطة mohamed faid
                               
                              يعمل...
                              X