للمسلم .. و لغيره !! إن أراد الهدى

تقليص

عن الكاتب

تقليص

شريف المنشاوى اكتشف المزيد حول شريف المنشاوى
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • للمسلم .. و لغيره !! إن أراد الهدى

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

    مقدمة
    الحمد لله و كفى و سلام على عباده الذين اصطفى

    ماهو الإسلام ؟

    بالتأكيد إذا أردت أن تعرف ماهية الشئ ، فلا بد لك من تعريفه ، فالتعريف بلا شك مفتاح الماهية ، أليس كذلك عزيزي ؟
    لذلك : سوف أُورد لك - إن شاء الله - عدة تعريفات للإسلام العظيم تتناسب و حال المدعو المتلقى من جهة مدى فهمه و ثقافته و علمه و سلامة فطرته و نوع الشبهات التى غشيت قلبه و المعاني التى هو بحاجة إلى معرفتها عن الإسلام أكثر من غيرها .
    مثلا : الشخص الحائر الذى قرأ ما يسمى بالفلسفة فاشتبهت عنده الأمور يناسبه تعريفاً ، غير المشتغل بالأمور القانونية و العلوم الإجتماعية ، و هكذا .

    و يجب أن تعرف أن ما سأذكره من تعاريف متنوعة للإسلام ، إنما هو على سبيل التمثيل لا الحصر ، إذ يمكن الإتيان بتعاريف أخرى بعبارات متنوعة و لا مانع من ذلك بشرط أن يكون مضمون التعريف صحيحاً و منطبقاً على معنى الإسلام و أن تكون الفاظ التعريف واضحة صحيحة لا لبس فيها و لا غموض و لا إشتباه .
    و عليك أيضا أن تلاحظ أن هذه التعاريف التى سأذكرها كلها صحيحة و لا تناقض فيما بينها و لا إختلاف لأن كل واحدٍ فيها يستلزم أو يتضمن ما فى التعريف الآخر ، إن الإختلاف فيما بينها هو إختلاف فى الألفاظ لا فى المعانى التى يبرزها هذا التعريف دون ذاك .

    و هذا القدر من الإختلاف لا يؤثر فى وحدة مضمون التعاريف و دلالتها على معنى الإسلام صراحة أو بالتضمن و الإستلزام .
    و كما قلنا فالإختلاف اللفظى ليناسب الفئات المختلفة من الناس قدر الإمكان .
    ثم يحين بعد أن نجمل الإسلام فى تعريفاته المختلفة أن نبحر معاً فى عقيدة الإسلام ( التوحيد ) معناها و تفصيلاتها ، بيانا و تفصيلا ، و من ثم ندلف مبحرين لأخلاق الإسلام و تعاليمه المختلفة و بعض أحكامه ، ليبرز لنا عظم هذا الدين .
    و الله المستعان .

    قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ
    أَنَا وَمَنِ
    اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ

  • #2
    التعريف الأول للإسلام

    نأتى فى البداية لتعريفات الإسلام - كما ذكرت آنفا - ليتسنى لنا معرفة ما هو الإسلام إجمالاً ، و لنبدأ بالتعريف الأول الذى هو :
    الإسلام هو الأجوبة الصحيحة الحقة لثلاثة أسئلة شغلت عقول البشر في القديم و في الحديث ، و ترد على فكر كل إنسان كلما خلا بنفسه و سرح خواطره في أمور الحياة ، أو شيع ميتاً أو شاهد قبوراً ... هذه الأسئلة هى :

    من أين جئنا ؟
    و لماذا جئنا ؟
    و إلى أين المصير ؟

    و الأجوبة الصحيحة لهذه الأسئلة التى أخبر بها رسول الله تكون بمجموعها و تفصيلاتها الإسلام :

    - فعن السؤال الأول يقول الله تعالى :



    { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5) }



    { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13)ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) }



    { الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (7) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (8)ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلا مَا تَشْكُرُونَ (9) }



    { هَلْ أَتَى عَلَى الإنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1) إِنَّا خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2) }



    { فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7) }


    فهذه الآيات الكريمات و أمثالها في القرآن الكريم تبين أن الإنسان لم يكن شيئاً ، كان معدوماً ، فخلقه الله تعالى من تراب ثم جعل نسله من ماء مهين على النحو المذكور في الآيات ، فمن جهة خلق الإنسان الأول و هو آدم عليه السلام كان خلقه من طين أو تراب و من جهة خلق نسله و ذريته كان خلقه من { نطفة من مني يمنى } أي من الماء الدافق الذي يخرج من بين الصلب و الترائب .

    - و عن السؤال الثاني يقول الله تعالى في القرآن الكريم :


    { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ (56) }


    و العبادة تتضمن معرفة الله و محبته و الخضوع له و اتباع منهجه الذى وضعه للإنسان لتكميل نفسه و رفعها إلى المستوى اللائق بها و المستعدة له ، ليظفر بالسعادة الحقيقية هنا و هناك في الدنيا و الآخرة . فالإنسان خلق لعبادة الله بمعناها الواسع .


    - وعن السؤال الثالث يقول الله تعالى في القرآن الكريم :


    { يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلاقِيهِ (6) }


    { اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (11) }


    { إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7) }


    { وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (42) }

    { إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8) }


    فهذه الآيات الكريمة تبين مصير الإنسان بعد موته و هو رجوعه إلى خالقه لمجازاته على أعماله في الدنيا ، و إدخاله الدار التى تلائمه ، فإن كان قد زكى نفسه بعبادة الله و صار من الطيبين فنُزُلَه في دار الطيبين - الجنة - و إن كان قد دنس نفسه و لوثها بأقذار المعصية و أبقى خبثها فنزله في دار الخبيثين - جهنم - أرأيتم الحديد كيف يعالج و ينزع خبثه ،
    ألسنا من عناصر الأرض !!

    هكذا ببساطة و وضوح يا قوم بلا فلسفة مقيتة غالب من يعالجها مفقود ، أعاذنا الله و إياكم .
    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 10 سبت, 2020, 12:21 ص.

    قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ
    أَنَا وَمَنِ
    اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ

    تعليق


    • #3
      التعريف الثاني للإسلام

      نأتي للتعريف الثاني للإسلام العظيم و هو :

      الإسلام هو الخضوع و الإستسلام و الإنقياد لله رب العالمين ، و يُشترط فيه أن يكون إختيارياً لا قسرياً ،

      لأن الخضوع القسري لله رب العالمين أي لسننه الكونية هو أمر عام بالنسبة لجميع المخلوقات ، و لا ثواب فيه و لا عقاب .

      قال تعالى :


      { أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83) }


      فكل مخلوق خاضع لله تعالى و لسنته في :

      وجوده

      و بقائه

      و فنائه

      و الإنسان كغيره من المخلوقات سواء في هذا الخضوع القسري .

      أما الخضوع الإختياري لله رب العالمين فهذا هو جوهر الإسلام المطالب به الإنسان و عليه يكون الثواب و العقاب ،

      و مظهره :

      الإنقياد التام لشرع الله بتمام القبول و الرضا ، و بلا قيد و لا شرط و لا تعقيب ،

      و من ثم كان الإسلام بهذا المعنى هو دين الله المرضي عنده ، و أوحى به إلى رسله الكرام و بلغوه إلى الناس .

      قال تعالى :

      { إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19) }

      { وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85) }

      { وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ (22) }

      { وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132) أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133) }

      ثم خُصَ لفظ الإسلام بالدين الذي جاء به محمد (صلى الله عليه وسلم ) من ربه و بالإنقياد التام له بلا قيد أو شرط ، و بهذا الإنقياد

      يظهر خضوع الإنسان لله رب العالمين خضوعاً إختيارياً و هو جوهر الإسلام كما قلنا .

      و بهذا المعنى الخاص للإسلام جاء قوله تعالى :

      { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3) }


      و على هذا يكون تعريف الإسلام بمعناه الخاص - الذي جاء به محمد (صلى الله عليه وسلم ) - و هو ( المقصود عند إطلاق إسم

      الإسلام ) :

      الإسلام هو الخضوع الإختياري لله رب العالمين و مظهره الإنقياد لشرع الله الذي أوحاه إلى رسوله محمد (صلى الله عليه وسلم ) و أمره

      بتبليغه إلى الناس .






      التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 10 سبت, 2020, 12:21 ص.

      قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ
      أَنَا وَمَنِ
      اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ

      تعليق


      • #4
        تعريفات أخرى للإسلام العظيم


        التعريف الثالث للإسلام العظيم :

        الإسلام هو الروح الحقيقية للإنسان و النور الهادي له في درب الحياة و الشفاء الكافي الوافي لأمراض البشرية

        و الصراط المستقيم الذي لا يضل من سلكه و سار فيه .



        قال تعالى :{ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ (53) }



        و قال تعالى :{ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا (82) }


        و قال تعالى : { وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (44) }



        و من الواضح أن هذا التعريف هو تعريف للإسلام ببعض صفاته اللاصقة به التي لا تنفك عنه ، و على هذا يمكن تعريفه

        بذكر أوصافه الأخرى كأن نقول الإسلام هو دين الفطرة لقوله تعالى :

        { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (30) }


        كما يمكن أن نقول في تعريفه : الإسلام دين التوحيد ، أو دين العلم ، أو دين العدل ، لأن فيه هذه المعاني على أتم الوجوه

        و يدعو إليها و يؤكد عليها ...


        التعريف الرابع للإسلام العظيم :


        الإسلام هو النظام العام و القانون الشامل لأمور الحياة و مناهج السلوك للإنسان التي جاء بها محمد صلى الله عليه و سلم

        من ربه و أمره بتبليغها إلى الناس ، و ما يترتب على إتباعها أو مخالفتها من ثواب أو عقاب .



        قال تعالى :{ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85) }


        فالدين هنا يتضمن المعاني التي ذكرتها و يستلزم غيرها ، و هى بمجموعها تعني الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه

        و سلم من رب العالمين .


        التعريف الخامس للإسلام العظيم :


        الإسلام هو مجموع ما أنزله الله تعالى على رسوله محمد صلى الله عليه و سلم من :

        أحكام العقيدة

        و الأخلاق

        و العبادات

        و المعاملات

        و الإخبارات في القرآن الكريم و السنة المطهرة

        و قد أمره بتبليغها إلى الناس
        .


        قال تعالى :{ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67) }



        و ما أنزله الله عليه هو القرآن و السنة و فيهما جميع الأحكام التي ذكرناها ، و هي دين الله ، و هو الإسلام .



        التعريف السادس و الأخير للإسلام العظيم :


        في حديث جبريل عليه السلام ، حيث جاء بهيئة أعرابي ، يسأل رسول الله صلى الله عليه و سلم ليسمع الحاضرون

        و يتعلموا أمور دينهم ، جاء في هذا الحديث :

        " فأخبرني عن الإسلام " فقال صلى الله عليه و سلم " الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله

        و تقيم الصلاة

        و تؤتي الزكاة

        و تصوم رمضان

        و تحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً "
        .

        فالإسلام هو ما جاء في هذا الحديث .

        و سيأتي شرحه بالتفصيل إن شاء الله تعالى...
        التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 10 سبت, 2020, 12:21 ص.

        قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ
        أَنَا وَمَنِ
        اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ

        تعليق


        • #5
          جزاك الله خيرا

          متاااااااااااااااااااااااااااااااااااابع
          التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 10 سبت, 2020, 12:21 ص.
          الـ SHARKـاوي
          إستراتيجيتي في تجاهل السفهاء:
          ذبحهم بالتهميش، وإلغاء وجودهم المزعج على هذا الكوكب، بعدوى الأفكار،
          فالأفكار قبل الأشخاص، لأن الأفكار لها أجنحة، فأصيبهم بعدواها الجميلة. وهذا الواقع المظلم الذي نعيش سيتغير بالأفكار،
          فنحن في عصر التنوير والإعصار المعرفي، ولا بد للمريض أن يصح، ولا بد للجاهل أن يتعلم، ولا بد لمن لا يتغير، أن يجبره الواقع على التغير،
          ولا بد لمن تحكمه الأموات، الغائب عن الوعي، أن يستيقظ من نومة أهل الكهف أو يبقى نائما دون أثر، لا يحكم الأحياء!

          تعليق


          • #6
            بارك الله فيك أخى الحبيب الشرقاوي


            مرحبا بك في بيتك
            التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 10 سبت, 2020, 12:21 ص.

            قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ
            أَنَا وَمَنِ
            اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ

            تعليق


            • #7
              في الحقيقة لم أقرأ الموضوع

              وطلبي المعتاد من جميع من يكتب موضوع بالكمبيوتر أن يكبر الخط حتى لا نرهق أعيننا

              اشكر لك حسن تفهمك

              وبالله التوفيق
              التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 10 سبت, 2020, 12:21 ص.

              وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ
              أي لا تميلوا إلى الظالمين والكافرين بمودة أو مداهنة أو رضا بأعمالهم فتمسكم النار

              تعليق


              • #8
                وطلبي المعتاد من جميع من يكتب موضوع بالكمبيوتر أن يكبر الخط حتى لا نرهق أعيننا

                اشكر لك حسن تفهمك
                حسناً

                لكِ هذا ، لكن لى تساؤل إستفساري : كيف كتبتِ كلماتك و هي بنفس الحجم الذي كتبتُ به ؟

                كذلك : رجاءً ، إقترحي الحجم المناسب ، و هل الحجم الذي كتبتُ به هذه المداخلة مناسباً لكِ ، لأنني لم أعتد على هذا

                المنتدى بعد ، و لكِ الشكر سلفاً

                و السلام عليكم
                التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 10 سبت, 2020, 12:21 ص.

                قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ
                أَنَا وَمَنِ
                اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ

                تعليق


                • #9


                  نأتي لإكسير حياة قلب المؤمن و قرة عينه و سر قوة تقواه : ( التوحيد ) .. ماهو؟ ، تفصيلياً .. ليهلك من هلك عن بينة ،

                  و يحيا من حَيَّ عن بينة .



                  بداية دعونا نتفكر أو نتذاكر !! .. ما أول ما يجب على العباد ؟

                  سؤأل كبير ، أليس كذلك ، و خاصة لمن يحيا حياته و يعلم - أو يريد أن يعلم - سر وجوده على الارض و الهدف منه .

                  دعوني أجيب ، رب قارئ أوعى من كاتب .

                  إن أول ما يجب على العباد هو معرفة الأمر الذي خلقهم الله له ؛

                  و أخذ عليهم الميثاق به

                  و أرسل به رسله إليهم

                  و أنزل به كتبه عليهم

                  و لأجله خُلقت الدنيا و الآخرة و الجنة و النار

                  و به حُقت الحاقة و وقعت الواقعة

                  و في شأنه تنصب الموازين و تتطاير الصحف

                  و فيه تكون الشقاوة و السعادة

                  و على حسبه تقسم الأنوار و من لم يجعل الله له نوراً فما له من نور .

                  إذن هذا بدوره يدعونا نسأل : ما هو هذا الأمر الذي خلق الله الخلق لأجله ؟

                  تجيبك الآيات عن هذا الأمر ؛

                  قال الله تعالى :

                  { وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ (38) مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (39) }

                  { وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (27) }

                  { وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (22) }

                  { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ (56) }


                  العبادة !! .. فما هو العبد إذن ؟

                  العبد : إن أُريد به المعبَّد أي المذلل المسخر :

                  فهو بهذا المعنى شامل لجميع المخلوقات من العوالم العلوية و السفلية من عاقل و غيره و رطب و يابس و متحرك و ساكن

                  و ظاهر و كامن و مؤمن و كافر و بر و فاجر و غير ذلك من المخلوقات ...

                  الكل مخلوق لله عز و جل مربوب له

                  مسخر بتسخيره

                  مدبر بتدبيره

                  و لكل منها رسم يقف عليه ، و حد ينتهي إليه :

                  و كل يجري لأجل مسمى لا يتجاوزه مثقال ذرة { فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (96) }


                  { وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) }


                  { فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12) } و تدبير العدل الحكيم


                  و العبد : إن أريد بها العابد المحب المتذلل : خُص ذلك بالمؤمنين الذين هم عباده المكرمون ، و أولياؤه المتقون الذين لا خوف

                  عليهم و لا هم يحزنون .

                  عندها : لابد لنا أن نعرف العبادة إذن :

                  نعم يحق لك ذلك :

                  فهي : اسمٌ جامع لكل ما يحبه الله و يرضاه من الأقوال و الأعمال الظاهرة و الباطنة ، و البراءة مما ينافي ذلك و يضاده .

                  عزيزي مرتاد منتدانا :

                  ذكرتُ لك ضمن تعريفات الإسلام العظيم حديث جبريل و فيه جواب النبي صلى الله عليه و سلم عن الإسلام بأنه :

                  " الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله و تقيم الصلاة و تؤتي الزكاة و تصوم رمضان و تحج البيت إن

                  استطعت إليه سبيلاً "

                  و على هذا فأركان الإسلام في ضوء هذا الحديث الشريف ثلاثــــة هم :

                  الأول : شهادة أن لا إله إلا الله

                  الثاني : شهادة أن محمداً رسول الله

                  الثالث : العمل الصالح : و في ذروته الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج .

                  و ذُكرت هؤلاء الأربعة لأهميتها و للتنبيه إلى ضرورة العمل الصالح للمسلم و أنه لا يكفي التلفظ بالشهادتين بل لابد من

                  العمل بمضمونها .

                  و وعدتك في المداخلة السابقة أن أشرح لك هذا الحديث

                  و الحقيقة لابد من الكلام عن هذه الأركان الثلاثة

                  و لهذا هو ما سأقوم به في المداخلات القادمة - إن شاء الله - و سأقسمها - أى الأركان - إلى ثلاثة أقسام .
                  التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 10 سبت, 2020, 12:21 ص.

                  قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ
                  أَنَا وَمَنِ
                  اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ

                  تعليق


                  • #10
                    الركن الأول : شهادة أن لا إله إلا الله .

                    .


                    الركن الأول : شهادة أن لا إله إلا الله .


                    معنى الشهادة :

                    هي تعني العلم و الإعلام و الإخبار و البيان ... و لهذا : سمي الشاهد شاهداً لأنه يخبر بما علم .

                    و البيان و الإخبار كما يكون : بالقول ، يكون : بالفعل .


                    فمن الشهادة بالفعل قول الله تعالى :


                    { مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (17) }


                    فهذه شهادة منهم على أنفسهم بما يفعلونه أي : أن أفعالهم بينت و أظهرت أنهم كفرة .


                    و تتضمن كلمة الشهادة الإقرار و الإعتراف و الإعتقاد ؛

                    فإن الشاهد يعتقد صحة ما يشهد به و يخبر عنه ، فإذا شهد بما لا يعتقده كانت شهادته كاذبة لأن إخباره لا يطابق إعتقاده .


                    قال تعالى :{ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1) }


                    فهم كاذبون لأنهم لا يعترفون بصحة ما يقولون و لا يعتقدون ما يقولون .


                    فكلمة ( أشهد ) إذن تدل على معنى العلم و المعرفة و البيان و تتضمن معنى الإقرار و الإذعان و الإعتقاد .


                    معنى الإله :

                    أما كلمة " إله " فيراد بها المعبود ، و هي تستعمل بمعنى المعبود بحق أو بباطل ، و بهذا وردت في قوله تعالى :


                    { أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (23) }


                    كما تستعمل بمعنى المعبود الحق و بهذا وردت في قوله تعالى :


                    { فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19) }


                    و بهذا أيضاً وردت في قوله عليه الصلاة و السلام : " أن تشهد أن لا إله إلا الله " .


                    معنى كلمة التوحيد :


                    و على هذا يكون معنى كلمة التوحيد - أشهد أن لا إله إلا الله - :

                    إني أعلم و أقر و أعترف و أعتقد بأن المعبود الحق الذي لا يستحق العبادة غيره هو الله تعالى ، و أن أبين ذلك و أظهره

                    بلساني و أفعالي و سلوكي .

                    هذا ، و أن إفراد الله تعالى بالعبادة ، و هو الذي يسمى : بتوحيد الألوهية ، يتضمن توحيد الربوبية و معناه بأن الله تعالى

                    وحده هو رب العالمين ، فصار عندنا التوحيد نوعين (1) توحيد الألوهية . (2) توحيد الربوبية .


                    أولاً : توحيد الألوهية ( و يسمى أيضاً : توحيد القصد و الطلب ) :


                    -- توحيد الألوهية هو الذي بعث الله به جميع رسله .

                    قال تعالى :{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25) }

                    و قال تعالى :{ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36) }

                    و قال تعالى :{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (23) }

                    و قال تعالى :{ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (65) }


                    -- و العبادة لله تقوم على : الحب الخالص لله مع الذل الكامل له ،

                    و مظهر ذلك : توجه العبد إلى الله تعالى بالتوكل عليه و الثقة به و الخوف منه و الإنابة إليه و الطلب منه و الأنس بذكره

                    و الفرار إليه و نشاط الجوارح بتنفيذ شرعه و إقامة دينه و الإنصباغ بصبغته و إيثار محبته و طاعته ، و جعل السلوك

                    و الأقوال و الأفعال و سائر الأحوال على الوجه المرضي عند الله ،

                    و بهذا كله يحقق المسلم معنى أشهد أن لا إله إلا الله بالقول و العمل فيكون صادقاً في شهادته .

                    -- و تزداد معاني العبودية و يرسخ أصلها و يعظم أثرها بقدر علم العبد بمدى فقره و حاجته إلى الله و عدم استغنائه عنه طرفة

                    عين ، و يزداد حب العبد لله و خضوعه له بقدر معرفته بكمال الله و عظيم نفعه و نعمه عليه ، و تفكره في آلائه التي لا تعد

                    و لا تحصى { وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (53) } ، و في تفكره في صفاته و معاني

                    أسمائه الحسنى .

                    -- و بقدر امتلاء القلب بمعاني العبودية يحترز من عبودية غير الله تعالى حتى يصبح عبداً خالصاً لله و هذه أسمى درجة ينالها

                    الإنسان و لذلك وصف الله تعالى رسوله الكريم بوصف العبودية في أرفع منازله ، وصفه بها في مقام تنزل الوحي عليه ،

                    و حين الدعوة إليه ، و حين أسري به صلى الله عليه و سلم و عرج به إلى السماء ،

                    قال تعالى : { فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) } ، { وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (19) }
                    ، { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) }


                    ثانياً : توحيد الربوبية ( و يسمى أيضاً : توحيد المعرفة و الإثبات ) :

                    كلمة الربّ تدل على جملة معاني منها :

                    السيد و مالك الشيء و موجده و المتصرف فيه ، و المربي لغيره و المتكفل بمصلحة الإنسان ، و صاحب السلطان و السيادة

                    النافذ أمره في غيره .

                    و معاني الربوبية هذه و ما تتضمنه أو تستلزمه من معاني أخرى لا يوصف بها و لا يملكها على وجه الحقيقة و الكمال إلا الله

                    تعالى ، و أما غيره فهو مربوب لله و إذا وجد فيه شيء من معاني الربوبية فعلى وجه المجاز و العارية ، فإن كل ما سوى الله

                    مخلوق لله ، منه يستمد وجوده و بقاءه ، و كل ما عنده من صفات الكمال المناسبة للمخلوق ، فالله تعالى هو رب العالمين على

                    وجه الحقيقة ، فلا رب سواه ، فهو الخالق المحيي المميت النافذ أمره في جميع خلقه ، بيده الملك و هو على كل شيء قدير ،

                    يتصرف في الكون كما يشاء لا معقب لحكمه و لا لتصرفه ، و هو القائم على شؤون خلقه و المتكفل بما يصلحهم ، و هو القادر

                    على النفع و الضر ، إذا أراد نفع أحد فلا راد لفضله ، و إن أراد بأحد غير ذلك فلا مانع له من ذلك .

                    قال تعالى :{ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (107) }


                    فالله تعالى هو المتفرد بالعطاء و المنع و النفع و الضر ، و كل ما عدا الله فإنه فقير إليه محتاج إليه { يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15) }


                    فالفقر وصف ذاتي لكل مخلوق ، كما أن الغنى وصف ذاتي لله رب العالمين .

                    ـــــــــــــــــــ
                    و نستكمل إن شاء الله الرحلة ...
                    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 10 سبت, 2020, 12:21 ص.

                    قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ
                    أَنَا وَمَنِ
                    اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ

                    تعليق


                    • #11
                      .




                      دلائل توحيد الربوبية :



                      الدلائل الدالة على ربوبية الله و تفرده بها و عدم مشاركة أحد له فيها كثيرة جداً ، فما من شيء في الكون من أصغر ذرة إلى


                      أكبر جرم إلا و هو يشهد أن الله هو رب العالمين و بالتالي فهو الإله الحق للعالمين .. إن هذا الكون العجيب الغريب المتناسق


                      المنظم يقول بلسان الحال : إن له خالقاً عظيماً هو الله تعالى ، و إن العقل السليم لا يمكنه أصلاً أن يتصور أن هذا الكون


                      وجد بلا موجد و حدث بلا محدث ، فإن قبول هذا التصور مخالف لأي عقل سوي .


                      إن عقولنا تأبى قبول قول من يقول : إن هذا حدث ( صدفة ) بأن أثرت الأمطار في جبل فحفرت فيه حفراً صارت غرفاً


                      لقصر كبير ، شيدت أعمدته، ونقشت نقوشه و مهدت طرقه و أبدعت حدائقه و أزهرت وروده ، هذا الكلام لا يصدقه عاقل ،


                      فكيف إذن يصدق أن هذا الكون الهائل و هذا الإنسان العجيب ، و هذه المخلوقات الغريبة من حيوان و نبات كل ذلك حدث


                      صدفة بلا موجد و لا مدبر و لا منظم ، إن هذا شيء لا يمكن قبوله أبداً .


                      و لهذا فإن الإقرار بربوبية الله و انفراده بها أمر شائع عند البشر و مركوز في فطرة كل إنسان ، و يعترف به حتى المشرك ،


                      قال تعالى :{ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (87) } ، { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (9) }




                      القرآن الكريم و توحيد الربوبية في النفوس :


                      القرآن في آياته يذَّكِر الناس بما هو مركوز في فطرهم و يقرره و هو أن الله وحده هو رب العالمين ،


                      قال تعالى :{ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (10) }



                      و من أنكر وجود الخالق عز و جل بلسانه فإنه مستيقن في باطنه بوجود الله تعالى


                      قال تعالى مخبراً عن أمثال هؤلاء الجاحدين المنكرين :{ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14) }



                      فالإنكار و الجحود من البعض لوجود الخالق هو إنكار محض على وجه المكابرة و العناد و لا يعني خلو فطرة الإنسان


                      من الإحساس العميق بوجود الخالق ، و لهذا إذا زالت الغشاوات عن فطرة الإنسان و زالت مكابرته و عناده فإنه يجد نفسه


                      بلا اختيار منه متوجهاً إلى الله هاتفاً بلسانه مستنجداً به بكل كيانه .


                      إن الإنسان الغافل الناسي الذي لا يخطر بباله الله تعالى ، يجد نفسه مدفوعاً إلى التوجه إلى الله تعالى كلما ألمت به مصيبة أو


                      وجد نفسه في ضيق ، فالمريض الراقد في سريره أو في غرفة العمليات ، و راكب الطائرة الذي يخبر قائدها أن خطراً يواجه



                      الطائرة ، ماذا يفكرون في تلك الساعة ؟ ، إنهم لا يفكرون حتماً بشيء و لا يخطر ببالهم شيء سوى الله تعالى ، به يستجيرون


                      و إليه يتوجهون .


                      و صدق الله العظيم إذ يقول مخبراً عن المشركين :{ وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (32) }



                      إن مسألة وجود الله من البدهيات التي لا توجد بدهية مثلها في الوضوح و الظهور


                      بل أقول إذا لم تصح هذه المسألة في العقول فلا يمكن مطلقاً أن تصح مسألة أخرى غيرها


                      فليس هناك شيء عليه من الأدلة من حيث الكثرة و التنوع مثل مسألة وجود الله تعالى


                      و نستكمل الرحلة إن شاء الله مع التوحيد
                      التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 10 سبت, 2020, 12:20 ص.

                      قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ
                      أَنَا وَمَنِ
                      اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ

                      تعليق


                      • #12
                        جزاك الله خيرا أخي على هذا الموضوع القيم الطيب ونفع به آمين

                        تعليق


                        • #13
                          بسم الله الرحمن الرحيم

                          بارك الله فيك أخي tchelk




                          ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



                          وُجِه إلي سؤالاً من إحدى الأخوات الفضليات بمنتدى التوحيد ؛ و لأهمية السؤال أحببت أن أدرجه هنا

                          مع إجابتي عليه لعموم الفائدة و النفع ، نفعنا الله جميعاً بالخيرات ، و دفع عنا الضرَّ ، آمين :


                          السؤال :


                          هناك بعض النقاط الهامة المتعلقة بتوحيد الربوبية وددت لو تناولتها شريف بتفصيل وبيان كيفية التعامل معها .. سأحاول شرحها قدر استطاعتى .. فبعض الناس يؤمنون بالله حق الايمان لحد ترك الاسباب والاقلال من شأنها بل والتكاسل عنها .. بينما آخرون يؤمنون ايضا بالله ولكن ثقتهم بالاخذ بالاسباب التى تعينهم فى الحياة ثقه بلغت اقصى مداها تكاد ترتقى لمرتبة الربوبية .. فالذى يلتمس الرزق منهم يؤمن ان بدون السعى لايمكن ان يرزقه الله .. وبدون الدواء والطب لاشفاء وهكذا لدرجة اصبح الايمان فيها بالاسباب والمسببات تصل والعياذ بالله لحد الشرك بالله .. ماهو الشكل والمفهوم الصحيح للإيمان الذى يجب ان ياخذ به المسلم فى مسألة توحيد الربوبية لله وحد لا شريك له .. ومدى ايمانه فى الاخذ بالاسباب


                          الرد :



                          فبعض الناس يؤمنون بالله حق الايمان لحد ترك الاسباب والاقلال من شأنها بل والتكاسل عنها .. بينما آخرون يؤمنون ايضا بالله ولكن ثقتهم بالاخذ بالاسباب التى تعينهم فى الحياة ثقه بلغت اقصى مداها تكاد ترتقى لمرتبة الربوبية
                          إليكِ الإجابة أختي الفاضلة أمجاد ، و أرجو أن تكون مستوفية لكل ما دار في ذهنك عن العلاقة بين السبب و التوكل

                          و الإيمان :

                          عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :


                          " لو أنكم كنتم تَوكَّلون على الله حق توكله ، لرزقكم كما يرزق الطير ، تغدو خِمَاصاً و تَرُوح بِطَاناً " .

                          رواه أحمد و الترمذي و النسائي و ابن ماجة و ابن حبان في صحيحه و الحاكم . و قال الترمذي : حسنٌ صحيح .

                          هذا الحديث أصلٌ في التوكل ؛ و أنه من أعظم الأسباب التي يُستجلب بها الرزق ،

                          قال الله عز و جل :{ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) }


                          و قد قرأ النبي صلى الله عليه و سلم هذه الآية على أبي ذرّ و قال له :" لو أن الناس أخذوا بها لكفتهم " يعني أنهم لو حققوا

                          التقوى و التوكل لاكتفوا في مصالح دينهم و دنياهم .

                          قال بعض السلف : بحسبك من التوسل إليه أن يعلم من قلبك حُسْنَ توكلك عليه ، فكم من عبد من عباده قد فوَّض إليه أمره ،

                          فكفاه منه ما أهمه ثم قرأ : وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)

                          و حقيقة التوكل :


                          هو صدق اعتماد القلب على الله عز و جل في استجلاب المصالح ، و دفع المضار ، من أمور الدنيا و الآخرة كلها ،

                          وَكِلَة الأمور كُلِّها إليه ، و تحقيق الإيمان بأنه لا يعطي و لا يمنع و لا يضرُّ و لا ينفع سواه .


                          قال سعيد بن جبير : التوكل جماع الإيمان .

                          و قال وهب بن منبه : الغاية القصوى التوكل .

                          قال الحسن : إن توكل العبد على ربه ؛ أن يعلم أن الله هو ثقَتُه .

                          و في حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " من سَرَّه أن يكون أقوى الناس فلْيتوكل على الله "

                          أخرجه ابن أبي الدنيا في التوكل .

                          و روي عنه صلى الله عليه و سلم : أنه كان يقول في دعائه : " اللهم إني أسألك صِدْقَ التوكل عليك " ابن أبي الدنيا أيضاً

                          و أنه كان يقول : " اللهم اجعلني ممن توكل عليك فكفيته " .

                          هل ؛ التوكل لا ينافي السعي في الأسباب ؟ :


                          إن تحقيق التوكل لا ينافي السَّعْيَ في الأسباب التي قدّرالله سبحانه و تعالى المقدورات بها ، و جَرَت سنته في خلقه بذلك ؛

                          فإن الله تعالى أمر بتعاطي الأسباب مع أمره بالتوكل ؛ فالسعي في الأسباب بالجوارح طاعة له ، و التوكل بالقلب عليه إيمانٌ

                          به

                          قال الله تعالى :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا (71) }


                          و قال تعالى :{ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (60) }


                          و قال :{ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10) }


                          قال سَهْلٌ التُّسْتَرِي : من طعنَ في الحركة - يعني في السعي و الكسب - ؛ فقد طعن في السنة ، و من طعن في التوكل ؛

                          فقد طعن في الإيمان .

                          فالتوكل حالُ النبي صلى الله عليه و سلم ، و الكَسْبُ سُنته ؛ فمن عَمِل على حاله فلا يتركنَّ سُنته .


                          ثمرة التوكل : الرضا بالقضاء :


                          فمن وكل أموره إلى الله و رضي بما يقضيه له و يختاره ؛ فقد حقق التوكل عليه و لذلك كان الحسَن و الفُضَيلُ و غيرهما

                          يفسرون التوكل على الله بالرضا .

                          و التوكل على الله ثلاث درجات :


                          فقد قال ابنُ أبي الدنيا : بلغني عن بعض الحكماء قال : التوكل على ثلاث درجات :

                          أولها ترك الشكاية .

                          و الثانية الرضا .

                          و الثالثة المحبة .

                          فترك الشكاية درجة الصبر

                          و الرضا سكون القلب بما قَسَم الله له ، و هي أرفع من الأولى

                          و المحبة أن يكون حُبُّه لما يصنع الله به .

                          فالأولى للزاهدين .

                          و الثانية للصادقين .

                          و الثالثة للمرسلين ، اهـ

                          فالمتوكل على الله إن صبر على ما يقدره الله له من الرزق أو غيره ؛ فهو صابر . و إن رضي بما يقدر له بعد وقوعه ،

                          فهو الراضي .

                          و إن لم يكن له اختيار بالكلية ، و لا رضا ؛ إلا فيما يقدر له فهو درجة المحبين العارفين ، كما كان عمر بن عبد العزيز يقول :

                          أصبحت و ما لي سرور إلا في مواقع القضاء و القدر .

                          أكتفي بهذا أختي أمجاد ... و لو استوضحتي لزدتك .

                          و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
                          التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 10 سبت, 2020, 12:20 ص.

                          قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ
                          أَنَا وَمَنِ
                          اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ

                          تعليق

                          مواضيع ذات صلة

                          تقليص

                          المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                          ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 9 أغس, 2023, 11:28 م
                          ردود 0
                          25 مشاهدات
                          0 معجبون
                          آخر مشاركة د.أمير عبدالله  
                          ابتدأ بواسطة عادل خراط, 17 أكت, 2022, 01:16 م
                          ردود 112
                          163 مشاهدات
                          0 معجبون
                          آخر مشاركة عادل خراط
                          بواسطة عادل خراط
                           
                          ابتدأ بواسطة اسلام الكبابى, 30 يون, 2022, 04:29 م
                          ردود 3
                          35 مشاهدات
                          0 معجبون
                          آخر مشاركة عاشق طيبة
                          بواسطة عاشق طيبة
                           
                          ابتدأ بواسطة عادل خراط, 28 أكت, 2021, 02:21 م
                          ردود 0
                          119 مشاهدات
                          0 معجبون
                          آخر مشاركة عادل خراط
                          بواسطة عادل خراط
                           
                          ابتدأ بواسطة عادل خراط, 6 أكت, 2021, 01:31 م
                          ردود 3
                          62 مشاهدات
                          0 معجبون
                          آخر مشاركة عادل خراط
                          بواسطة عادل خراط
                           
                          يعمل...
                          X