الديموقراطية والشورى ضدان لا يجتمعان

تقليص

عن الكاتب

تقليص

سيف الكلمة مسلم اكتشف المزيد حول سيف الكلمة
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الديموقراطية والشورى ضدان لا يجتمعان

    الديمقراطية والإسلام.. توأمان أم ضدان؟

    بقلم: حسن الحسن
    لا بدّ من مناقشة فكرة الديمقراطية وأبعاد تجسيدها في العالم الإسلامي بمنتهى الهدوء والروية وحسن التبصر.
    قد يتصور البعض أنّ نقاش فكرة الديمقراطية وتحديد مدى علاقتها بالإسلام، إنما هو جدلٌُ سفسطائي لا طائل منه. والصحيح أنّ هذا الحكم هو في منتهى السطحية، ذلك أنّ مدار بحث الديمقراطية بات شأناً عالمياً، حيث يروج لها الغرب الذي تهيمن حضارته ونفوذه على العالم، على أنها النموذج الأوحد الذي يصلح للعيش البشري السويّ، ويدعو بالتالي إلى نشره وإرسائه، بل وقد يتدخل بالقوة لفرضه، لا سيّما في العالم الإسلامي. كما باتت معاييرُ سلامة الوضع الاجتماعي والثقافي والسياسي العام في أيٍ من دول العالم، تعتمد على مدى ترسيخها القيم الديمقراطية، ودلالات صحتها وعافيتها تقاس بمدى تحقق التحول الديمقراطي فيها.

    ويفترض الغربُ أنّ العالم الإسلامي سيبقى معرضاً للاهتزاز والاضطراب وانعدام الاستقرار طالما غابت الديمقراطية عنه، وطالما بقي الحكم الشمولي الدكتاتوري مستمراً فيه، مما يجعله في نظرهم بؤرة توترٍ ومصدر قلقٍ دائمٍ لباقي العالم، وأنّ انعتاق المسلمين من أتون الظلم والقهر والتخلف، هو رهنٌ بمدى التقدم الديمقراطي في بلادهم.

    ولقوة الدول التي تستند إليها الفكرة الديمقراطية، مضافاً إليها ذلك الوهج الذي حظيت به في العقود الأخيرة، باتت أغلب الفئات الناشطة في الميدان السياسي في العالم الإسلامي، تدّعي الديمقراطية وتدعو لها، بل وتزعم أنّها الهدف الأساسي لها، رغم مناقضتها لها عملياً أو عقائدياً أو كليهما في أغلب الأحيان.
    وبهذا تتضح مدى حساسية القضية، إذ أنها تتعلق بفرض رؤية ما ينبغي أن يكون عليه واقع ومستقبل الأمة الإسلامية. ولهذا كان لا بدّ من مناقشة فكرة الديمقراطية وأبعاد تجسيدها في العالم الإسلامي بمنتهى الهدوء والروية وحسن التبصر.

    وتبدو الحاجة أكثر إلحاحاً لفهم ماهية العلاقة بين الديمقراطية والإسلام، كونه يعتبر العامل الحاسم في تشكيل هوية الأمة التي تعتنقه وتعتبره وحده الصالح لإسباغ الشرعية على أية نظم أو قوانين أو أفكار تنظم شؤون حياتها، وفي حالة عدم شرعية تلك الأفكار والأحكام، فإنّه لن يكتب لها العيش في حضن هذه الأمة حتما، إلا غصبا.

    وُلدت الديمقراطية كفكرة زمن الإغريق، وقد تلى ولادتها بعد عدة مئات من السنين قدوم السيد المسيح عليه السلام، ولم تذكر في الإنجيل قطّ، كما قدم النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ليختم الرسالات السماوية بالإسلام، ولم يرد في القرآن الكريم الذي أوحي إليه، أو السنة النبوية التي رويت عنه، نصٌ ما، يحبذ أو يحظر لفظة الديمقراطية، وعلى الرغم من ترجمةِ كثيرٍ من كتب التاريخ والفلسفة بأنواعها العقائدية والحكمية، فإنّ فكرة الديمقراطية لم تستوقف علماء الإسلام البتة، مع أنهم وقفوا طويلاً أمام أفكار دونها أهمية بكثير، وردت جراء تفاعل الأمة مع غيرها من حضارات وفلسفات الروم والفرس واليونان والهند، وكانت ترجمات كتب وأفكار حكماء اليونان كسقراط وأفلاطون وأرسطو وغيرهم قد قتلت بحثاً، وقد ناقشها علماء الإسلام ليبدوا الموقف الشرعي منها.

    كما نرى فإن القرآن الكريم لم يأت فيه ذكر الديمقراطية في أية آية من آياته لا تلميحا ولا تصريحا، كما أنها لم ترد في الكتب السماوية الأخرى كالإنجيل وغيره، كذلك فهي لم ترد في العقيدة أو الشريعة ولا حتى في أي من كتب فقهاء المذاهب باختلافها، كما أسقطتها الأمة كذلك طوال تاريخها السياسي والحضاري من أجندتها الثقافية والفكرية والسياسية، ولم تلق الديمقراطية بثقلها على العالم الإسلامي، فارضة نفسها بقوة فيه، إلا مع احتلال بلاد الإسلام من قبل الفرنسيين والإنكليز، وخضوعها للاستعمار العسكري المباشر ، فضلاً عن الهيمنة السياسية المطلقة، والغزو الفكري والثقافي، وانهيار دولة الخلافة الإسلامية.

    إذن فنحن أمام محاكمة لفكرة، ليست هي بهامشيةٍ ولا بجديدةٍ أو طارئةٍ على المسلمين، كما يتوهم بعض من ينتظر فتوى لمجتهدٍ يُعمل فيها نظره، ويطل عليها باجتهادٍ معاصر!
    فالديمقراطية وباتفاق، تعني حكم الشعب، الذي يضع قوانينه وينتخب حكامه على حدٍ سواء. وهذا هو تماماً ما كان معمولاً به في أثينا مصدر الفكرة قبل 500 سنة من ميلاد المسيح عليه السلام.

    وقد أخذت الديمقراطية شكلاً أكثر تنظيماً إبّان الثورة الفرنسية وحصول النهضة الحديثة في أوروبا في القرن الثامن عشر، حيث باتت تشكل وجهة نظر متكاملة في الحياة، تضع تصوراتٍ للمجتمع، وتُنظِّمُ علاقة الإنسان بالدين والدنيا على حدٍّ سواء، ونتيجة لاحتدام الصراع بين الفلاسفة والمفكرين من جهة، ورجال الدين سدنة السلطة الحقيقيين من جهة أخرى، أعادت الديمقراطية الإغريقية تجديد نفسها لتفرض فصل الدين عن الحياة كأساسٍ لها، ولتجعل الشعب هو الحاكم أمام فكرة حكم الله والبابوات الذين يدعون تمثيله، ولتحصر الدّين في أماكن خاصة بالعبادة، كما نتج مقتٌ للدين إثر ذلك الاستغلال البشع له في أوروبا من قبل الحكام، حيث كان يصر رجال الدين على الجمود إلى درجة ينفر منها العقل وتحدّ من التطور والتقدم الذي تفرضه العلوم الحديثة، ممّا شكل حالة تضاد بين الكنيسة ممثلة الدين في أوروبا والعلم الذي أنتجه المفكرون والفلاسفة والمبدعون، وكذلك بين إرادة من يمثل الله على الأرض بعقل معطل وبين حاجة المجتمع إلى عقلٍ مواكب للتطورات المادية والبشرية، مما اضطر المفكرين في تلك الأجواء إلى فرض الإقامة الجبرية على الدين ليمكث في الكنيسة، وجعل الدين يختص بالفسلفات الغيبية، ومعالجة الأمور النفسية والروحية الفردية منها فقط لا غير.

    والناظر للإسلام يرى أنّه قد جعل كافة المخلوقات ملكا لله تعالى يتصرف فيها كيفما شاء، قال تعالى ( ألا له الخلق والأمر)، وقد أخضع الخالق المادة لنظام قسري يسير بموجب قوانين وسنن كونية، قال تعالى (لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون) وأوجب على الإنسان اتباع الرسول والتزام رسالته، إلا أنه صنع له إرادة وعقلا يميزانه عن بقية الكائنات، وبهما كان لديه القدرة على الاختيار (إنّا هديناه السبيل إما شاكراً وإمّا كفورا)، وقد اعتبر الله تعالى الإسلام وحده الحق المقبول اتباعه في الحياة (ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه)، من ارتبط به نجا ومن تركه هلك (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا، ونحشره يوم القيامة أعمى)، وجعل منه منهج حياة ونظاما للحكم (إن الحكم إلا لله)، (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم)، (وإن اختلفتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول).

    ومن حيث تنظيم المجتمع وطبيعة كيان الدولة، النظام السياسي فيه، فإنّ نظام الحكم في الإسلام يقوم على قواعد أربعة، على رأسها، قاعدة السيادة للشرع والسلطان للأمة، حيث يستمد الإسلام معالجات شؤون البشر التشريعية، في الاقتصاد والاجتماع والسياسة، من مصدرين وحيدين هما القرآن والسنة، إضافة لمجموعة من القواعد والأصول الشرعية المستمدة منهما. وبهذا يكون الإسلام قد ناقض جوهر الديمقراطية، حيث رفض حق الشعب كله أو أكثريته أو ممثليه بوضع قوانين يتوافقون عليها فيما بينهم دونما اعتبار لدين كالذي تقتضيه وتفرضه الديمقراطية حسب توصيف أهلها لها، ولا يقال هنا فما عيب الديموقراطية إذا حصل أن الناس اتفقوا على وضع تشريع متوافق مع الوحي!؟ الجواب: إن كان كذلك، فلا داعي لموافقتهم، لكون الشرع قد أصدر حكمه فيه وانتهى، وأما إن كان فيه مناقضة لواحدٍ من الأحكام الشرعية، فيردّ ذلك الرأي لا محالة، وإن صوتت عليه جماهير الناس بالغالبية الساحقة، يقول تعالى (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) ويقول أيضا (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله).

    ومن هنا يظهر مدى التباين بين الديمقراطية والإسلام من حيث أصل ما بنيتا عليه، وأن كل ما يجمع بين جوهر الفكرتين وأساسهما إنما هو علاقة تضاد واضحة.
    أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
    والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
    وينصر الله من ينصره

  • #2
    الديموقراطية والشورى ضدان لا يجتمعان

    تابع

    بقلم: حسن الحسن

    من التجني اختصار الديمقراطية بالشورى أو العكس، فالديمقراطية وجهة نظر متكاملة في الحياة ولا قداسة لشيء البتة سوى رغبات الشعب.

    نتناول في هذا البحث علاقة الشورى بالديمقراطية؟ وهل هناك حقاً ثمة تطابق بينهما، تجعل الديمقراطية جزءا من الإسلام أو العكس؟

    إنّ واقع الديموقراطية هو حكم الشعب الذي يقابل حكم الله حتماً، وليس حكم الفرد كما يتصور البعض، إذ أنّ مصطلح الحكم يأخذ وجهين، الأول هو التشريع، وهو الذي يمنح من خلاله الناس حق الاستفتاء والتصويت على القوانين مباشرةً أو بإنابتهم عنهم من يقوم لهم بالتشريع لهم، والثاني هو التنفيذ وهو ما لا يتصور حصوله من قبل شعبٍ من الشعوب أصلاً، إذ أنّ الذي ينفذ الأحكام ويفصل بين الناس هو جهات مختصة، كالوزراء والقضاة وأجهزة الدولة المختلفة، وهذه الجهات تتأهل لذلك من خلال دراساتٍ أكاديمية ومعرفية وخبرات فنية، وبهذا كان حكم الشعب في الفلسفة الديموقراطية هو مقابل حكم الله، هذا هو واقعها وهذا هو ما يؤكده السياق التاريخي والإجرائي لها حتى يومنا هذا.

    واستناداً إلى ما سبق نجد أنّ الديمقراطية تتناقض مع جوهر الإسلام الذي يحصر التشريع بالله تعالى حيث يقول "إن الحُكمُ إلا لله" وبذلك لا يكون هناك داعي للاستطراد في بحث بقية الفروع، لأن تباين جذري العقيدتين، الديمقراطية والإسلام، وتضادهما يغنيان عن بحث التفاصيل.

    إلا أن إصرار البعض على دمقرطة الإسلام وإقحامها فيه، يضطرنا للتعرض لبعض أهم تلك الاعتراضات، بغية إزالة كل لبس يشوب حقيقة المسألة.

    وعليه، فقد التبس ارتباط الديمقراطية بالإسلام لدى البعض، من خلال وجود مفهوم الشورى، والذي يعتبر واحداً من الأحكام الشرعية التي تضبط علاقة الحاكم بالأمة. وبما أن الحكم على الشيء هو فرع عن تصوره، كان لزاماً توضيح واقع الشورى من الجانب الذي يشير إلى شبهة ذلك الارتباط، من غير الغرق في تفاصيل كثيرة ليست ذات صلة وثيقة بالبحث.

    فالشورى هي أخذ الرأي، وتكون ملزمة في حالات، وهو ما يهمنا هنا، لأن الديمقراطية تتحدث عن فكرة إخضاع الحاكم لرأي الأمة. ومن خلال قراءة متفق عليها بين كل من اطلع على الفكر الإسلامي يجد أنه لا شورى في الأحكام الشرعية الأربعة، أي في الواجب والمندوب والمكروه والحرام، ولذلك يبقى أخذ الرأي محصوراً في الدائرة الخامسة وهي المباح.

    كما يؤخذ الرأي من الجهة المتعلق بها، كأصحاب الاختصاص والخبرات فيما هو مرتبط بالأمور العلمية والتقنية والفنية وفي الإدارة والتصميم، وهذا ما فعله النبي الكريم في معركة بدر حيث نزل عند رأي الحباب بن المنذر في ترتيب وضع تمركز الجيش، وعند رأي سلمان الفارسي في حفر الخندق، وهما رجلان فقط، لكنهما من أهل الاختصاص، وقد اكتفى برأييهما دون إجراء مباحثات ومناقشات واسعة في ذلك مع جمهور الصحابة. كما يكون رأي عامة الناس في بعض القضايا المتعلقة بشأنهم كجماعة ملزما، كحال نزول النبي الكريم عن رأيه الذي يرجحه هو في غزوة أحد، إبان مشاورته لأهل المدينة بقتال قريش خارج المدينة أو داخلها. كما ترك الإسلام للحاكم تبني ما يراه مناسباً في قضايا كثيرة وألزم الأمة بطاعته، حتى تشكلت القاعدة الدستورية "رأي الإمام يرفع الخلاف" و"رأي الإمام نافذ" استناداً للنصوص الكثيرة المتضافرة، والتي عطفت طاعة ولي أمر المسلمين الشرعي، في طاعة الله، على طاعة الله ورسوله، كما في قوله تعالى "(يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)".

    ومن التجني اختصار الديمقراطية بالشورى أو العكس. فالديمقراطية هي وجهة نظر متكاملة في الحياة، وهي فكرةٌ أساسية عن الحياة، لا تترك شيئا من أمورها إلا وتمنح الإنسان حق إبداء رأيه فيه والتعليق عليه ونقده، فلا قداسة لشيء البتة سوى رغبات الشعب، وتلزم الأكثرية (ولو شكلياً) الحاكم، سواء من خلال استفتاء عام أو بأغلبية برلمانية (نسبية) في كافة القضايا. فيما تعتبر الشورى حكماً شرعياً فرعياً، لا يحلل ولا يحرم ولا دور لها البتتة خارج دائرة الإباحة، التي تحكمها تفاصيل سبق وتطرقنا لبعضٍ منها أعلاه.

    وخلاصة القول هي:
    إن الإسلام يخضع الإنسان لقاعدة "الحسن ما حسنه الشرع والقبيح ما قبحه الشرع" وأن بغض الإنسان أو حبه لأمر ما لا يعنيان الشيء الكثير، حيث يقول الله تعالى (وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) وأن إجماع الغالبية العظمى من الناس على أمرٍ ليس مبرراً لقبوله حيث يقول الله تعالى (وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ).

    أما بالنسبة لحق انتخاب الأمة لحاكم عام لها، ولممثلين ينوبون عنها يتولون شئون محاسبة الحاكم ونصحه وتقويمه وتسديد أداء الدولة وأجهزتها، إنمّا هو حكم شرعيٌ استمد من الشريعة نفسها وليس من رغبات الناس، يقول النبي الكريم (ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه) ويقول (لا يحل لثلاثة نفر يكونون بأرض فلاة إلا أمّروا عليهم أحدهم)، فقد أناط الشرع سلطة انتخاب الحاكم بالناس أي بالأمة. كما بين شرعية جواز النيابة وتمثيل الآخرين حيث طلب ذلك النبي الكريم صراحة من وفد المدينة، عندما سألهم أن يخرجوا له منهم اثني عشر نقيبا يكونون كفلاء له على قومهم. وأما المحاسبة والتقويم فتدخل ضمن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وضمن التعاون على البر والتقوى ... وهي عبارة عن أحكام شرعية منضبطة بأدلتها المستقاة من الكتاب والسنة ومحددة بكيفيات وترتيبات معينة.

    كما أن النصح والتسديد والتقويم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إنما هي أحكامٌ شرعية منفصلة عن حكم الشورى، وهدفها ضمان أمثل تنفيذ للإسلام وإحسان رعاية شؤون الأمة به، وليس النزول عند رغبة الأكثرية! يقول النبي الكريم "مثل القائم على حدود الله، والواقع فيها، كمثل قومٍ استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها، وأصاب بعضهم أسفلها، فكان الذين فى أسفلها إذا استقوا من الماء مَرُّوا على من فوقهم فآذوهم، فقالوا: لو أنا خَرَقْنا فى نصيبنا خرقاَ ولم نؤذِ مَنْ فوقَنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاًَ، وإن أخذوا على أيديهم نَجَوْا ونَجَوْا جميعاً".

    فمهمة الحاكم المبايع من قبل الأمة وكذلك الممثلين لها هو إبقاء كيان الدولة مسيساً بالشريعة منفذاً لها على اعتبارها تعلو ولا يعلى عليها وهي السيد في المجتمع، وأنّ أية رعاية لشؤون الناس ومصالحهم ينبغي ضبطها بما يرشد إليه الإسلام نفسه، ولذلك كانت بيعة الأمة لحاكمها مشروطة بالحكم بكتاب الله وسنة نبيه. أولا ينسف هذا مفهوم السيادة للأمة، أوليس هذا بالنقيض مما هو عليه النظام الديموقراطي!؟

    ولا ينبغي أن ينصرف ذهن القارئ إلى أن هذا يعني ترسيخاً للاستبداد وتكريساً للدكتاتوية في المجتمع الإسلامي، إذ أن الإسلام قد جعل الشرع السيادة للشرع لا للحاكم، وأوجب على الناس الاحتكام إليه، وهو فوق الحاكم والمحكوم وبينهما، وينبغي خضوعهما له سويةً، وكان الحاكم نائباً ووكيلاً عن الأمة في تنفيذ الشرع وليس سيدا وصيّا على المجتمع أو على الأمة، وكانت صلاحياته منضبطة بمدى ارتباطه بعقد البيعة الشرعي، وعلى هذا الأساس يفهم قول الخليفة أبو بكر الصديق (أيها الناس إني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أطعت فأعينوني، وإن عصيت فقوموني... أطيعوني ما أطعت الله فيكم فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم). وكذلك تنص القاعدة الإسلامية المعروفة على أنه (لا طاعة لمخلوق في معصية الله).

    مما يلفت النظر إلى أن موضوع الحاكم الفرد المستبد لا مكان له في المجتمع الإسلامي من حيث نظام الحكم في الإسلام، اللهم إلا إذا حصل انحراف عن منهج الله، وعندها ينبغي تقويم الخلل بمعالجته وتصويبه، كما هو شأن أي نظام يقع فيه مثل ذلك. ومن هنا جاءت الأحكام الشرعية التي تتناول معالجة كفر الحاكم أو خروجه عن الشريعة ومتى يخلع من منصبه أو ينخلع، ومتى يعزل من منصبه أو يخرج عليه لعدم استمرار شروط صحة ولايته.

    ولذلك ينبغي اتخاذ الآليات المناسبة وتبني الأساليب والوسائل السليمة التي تحفظ العدل في الأمة، وتمنع الجور من الاستمرار، وتضمن استقرار الإسلام كسيد في المجتمع، وهذا مما يلزم الإبداع فيه، لأن انحراف الحاكم قد يجرف الأمة إلى الهاوية، إن استهانت بحقوقها واستهترت بواجباتها، ولم تتدارك التقصير من جانب الحاكم في رعاية شؤونها بحسب الإسلام، وعليه كان لا بد من الاستفادة من كل المعطيات الحديثة من وسائل وأساليب وتقنيات تضمن الأداء الحسن للحاكم والمحكوم، فيما ينطبق عليه قاعدة: "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب".

    ولا يعني هذا إلغاء النظام الإسلامي واستبداله بنظام آخر بحجة الاستفادة مما توصلت إليه البشرية، فنظام الحكم في الإسلام عبارة عن أحكام شرعية ينبغي الانضباط بها وتجسيدها كما جاءت، والمطلوب هو اتخاذ الخطوات التي تؤدي إلى ذلك لا إلى نقيضه. كما أنه ينبغي إدراك أن أي نظام سياسي في الدنيا معرضٌ طالما أن منفذيه هم من البشر للتعرض لهزات أو لخللٍ ما، سواء لهشاشة محتواه أو لسوء تنفيذه أو لكليهما، بما في ذلك النظام الديمقراطي نفسه، وما أكثر وقوع ذلك فيه. وتكون معالجة ذلك برد الأمور لنصابها والاستفادة من الثغرات التي تقع لإيجاد ما يقلل من تعرض النظام السياسي لمثلها.

    وبذلك يتضح أن نظام الحكم في الإسلام هو تلاحم بين الحاكم والمحكوم لضمان إحسان تطبيق شرع الله ومنهجه. وكون أن الإسلام أجاز انتخاب الحاكم من قبل الأمة مباشرة أو من يمثلها من أهل الحل والعقد، كما هو حاصلٌ في النظام الديمقراطي الرأسمالي أو النظام الاشتراكي الشيوعي أو حتى في نظام دولة الفاتيكان حيث يجتمع الكرادلة من أنحاء مختلف العالم لاختيار البابا، فإن ذلك لا يلغي كل تلك الفوارق الشاسعة بين تلك المبادئ والإسلام، ولا يعقل دمجهم سوية بحال لتشابههم في جزئية، فيصبح أحدهما جوهر الآخر رغماً عن أنفه. كما لا يمكن جعل المبدأ كله يأخذ بحالٍ حكم واحدٍ من أحكامه الفرعية، إذ أن في ذلك تعسفاً في الفكر، وإخراجاً للأشياء عن حقيقة ما هي عليه.

    ومن هنا يظهر مدى التباين بين الديمقراطية والشورى من حيث أصل ما بنيتا عليه أو من حيث دلالاتهما ومعنى الالتزام بهما.

    أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
    والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
    وينصر الله من ينصره

    تعليق


    • #3
      الديمقراطية والإسلام..توأمان أم ضدان (3) ... الإسلام والاستفادة من الديمقراطية


      بقلم: المهندس حسن الحسن

      قد يتساءل البعض، أولم يفتح الإسلام آفاق العلم والمعرفة أمام الإنسان، أولم يأخذ المسلمون الكثير من الاكتشافات والإنجازات المدنية عن الآخرين، فلِمَ ذلك الرفض للديمقراطية، أوليست مجرد آلية انتخاب ممكن الاستفادة منها؟


      والجواب على ذلك هو: بلى، إنّ الإسلام أطلق ملكات الإنسان ومواهبه لاستثمار خصائص الطبيعة واستغلال كافة المكونات التي يتميز بها هذا الكون الفسيح فيما يعينه على عمارة الأرض واستعمالها على النحو الأمثل، فيما يحقق له الرقي والرفاهية والطمأنينة أثناء إقامته فيها، وله أن يستفيد من تجارب الآخرين من غير أدنى شك، فالعلم عالمي والمعارف المجردة عن وجهة النظر في الحياة هي مادة يبنى عليها ولا يصح إلغاؤها أو إهمالها، بل إن هذا هو نفس ما فعله النبي الكريم عندما استفاد من خبرات الفرس بحفر الخندق حول المدينة، وكذلك ما استفاد منه الخلفاء الراشدون من تدوين الدواوين وما يتعلق بشؤون الإدارة، حيث التمسوها من عند غيرهم من الأمم.


      لكن كل ما سبق يندرج تحت عموم أدلة عمارة الأرض التي تترك أمور الدنيا ومنجزاتها المادية للبشر، فقد قال النبي الكريم (إن كان أمر دنياكم؛ فشأنكم، وإن كان أمر دينكم؛ فإليَّ). وهذا على خلاف الأفكار والقوانين ذات الصبغة التشريعية التي تقدم معالجات شؤون الإنسان سواءً الخاصة به، أو تلك التي ترتب علاقته بربه أو بغيره، والتي تخضع لدائرة التشريع الإلهي وتنم عن وجهة نظر في الحياة حيث يقول الله تعالى"وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" كما يقول " وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ "، ويقتصر فهم الحكم واستنباطه في ذلك على الوحي وما يستمد منه حصراً يقول الله تعالى "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم" وقوله " مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ"، ويسخر الإنسان في هذا الجانب ملكاته وخبراته المعرفية لفهم مراد الله تعالى من خلال قراءة الإسلام، بما يفيد ويشرح تلك الرسالة من غير حشوٍ فيها ولا تجويفٍ لها ولا إفراغ لها من مضمونها، بل ينبغي التوقف عند دلالات النصوص بحسب ما تقتضيه المعارف اللغوية والشرعية اللازمة لذلك.


      ولا ينبغي أن يولّد هذا الفهم أن هناك تعارضاً أو هوةً بين العلم والإسلام، على العكس من ذلك، فإنّ في ذلك إشارة على صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان، فهو يتعامل مع الإنسان بوصفه كائناً عاقلاً له حاجات عضوية وغرائز معينة مستقرة لا تتأثر بتغير الزمان والمكان. أمّا الأشكال المادية وما يوفره العلم من اختراعات وتطورات مشهودة فقد كانت دائمة العرضة للتغير، وهي من الوسائل التي يستعملها الإنسان ليكيف حياته مع ما يؤدي بها إلى الرقي المدني والرفاهية. وهذا ما أطلق فيه عقل الإنسان ويده حيث قال النبي الكريم ("أنتم أعلم بأمر دنياكم".)


      من هنا اعتبر العقل أداة الإيمان ومفتاح فهم سر الخلق، حيث يسلم تماماً بكل ما بني على ذلك الإيمان لجزمه ويقينه بأساس ما بني عليه. كما ينطلق نفس العقل مبحراً في العلم المتعلق بشؤون المادة وأشكال الحياة ليبدع في معرفة آلاء الله وعظيم خلقه وليستثمره على وجهه الأمثل.

      واستناداً لما سبق، فإنه ينظر في الفكرة المطروحة للنقاش، فإن كانت تحمل صبغة تشريعية تنظم وتعالج شؤون البشر وعلاقاتهم الإنسانية، كان ينبغي ضبطها بما أتى به نص أو وقع عليه اجتهاد مؤيد بالوحي يقول تعالى (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) كما يقول (قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ)، وأما إن كانت متعلقة بالإدارة والوسائل والأساليب فتؤخذ من غير أية غضاضة.

      والديمقراطية محل البحث ليست بطائرة أو ناقلة أو أداة اتصال وتواصل أو اختراع تقني أو آلة طبية أو وسيلة ترفيه، كما أنها ليست تنظيماً إدارياً لبعض مرافق الحياة، إنّما هي باتفاق الباحثين طريقة عيش ونظام حياة، تبلورت في صيغتها المشاهدة نتيجة صراعٍ مريرٍ في أوروبا بين الدين والعلم، أقرّ جراءه بسلطة الدين على أماكن العبادة مع عزله عن الحياة، حيث يتحكم بها البشر بما يرغبون به ويرونه مناسباً لهم، والمتطابقة مع تعريفها إثر نشوئها في أثينا (500 ق.م) بمعنى: حكم الشعب بالشعب، والذي ترجع كل أشكال الديمقراطية مهما اختلفت تسمياتها إليه حتماً.


      فكيف يلتقي فكرٌ قائمٌ على أساس تقديس الإنسان وجعله سيداً في الكون من غير قيدٍ له سوى رأيه وهواه وما يتصوره مصلحة له، مع الإسلام الذي يحذر من الإعراض عن شرع الله تعالى حيث يقول " أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ" بل يعتبر أن الإنسان قاصرٌ عن إدراك كنه الأشياء وتحديد مصلحته، يقول تعالى ( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ، وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم . والله يعلم وأنتم لا تعلمون ).


      وقد يقال لماذا لا نأخذ إذن الديمقراطية على اعتبارها مجرد انتخابات، وهي آلية لتنصيب الحاكم ومبايعته؟ والجواب هو أن هذا الادعاء هو منتهى العبث، فدولة الفاتيكان التي تمثل النصرانية تعتمد نظام الانتخاب لتنصيب البابا فلمَ لا نقول أن الإسلام هو نصرانية، وكذلك الأمر فالشيوعية تبنى على الإلحاد المطلق وهي تعتمد آلية الانتخاب، فلمَ لا نقول عن الإسلام شيوعية!؟


      والحقيقة هي أن المبادئ تبنى على عقائد تستند إلى قواعد فكرية، وأما الآليات والوسائل والأساليب فمن الممكن اشتراك كافة المبادئ والمذاهب والأديان فيها من غير أي داع للخلط بينها. والديمقراطية قد تتم من خلال انتخاب ممثلين عن الشعب أو من خلال الاقتراع والاستفتاء المباشر أو من خلال العصيان المدني والتظاهر الخ وليست الانتخابات هي الحتمية الوحيدة لها، وهي حين تقوم بإنفاذ إحدى تلك الآليات إنما مقصودها هي جعل الشعب هو السيد والمرجع وهو الآمر الناهي، بينما تجد الإسلام يحدد مرجعيته بقوله تعالى (يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر).


      وقد يقال لم لا نأخذ الانتخابات من الديمقراطية إذن طالما أنها مجرد آلية؟ والجواب هو طالما أن الانتخاب ليس حكراً على الديمقراطية، فلم لا تأخذها من حيث شئت، بل لم لا تؤخذ من الإسلام نفسه، فقد قال النبي الكريم للأنصار (أخرجوا إليّ منكم إثني عشر نقيبا)، أولم تنتخب جموع الصحابة أبا بكر الصديق حاكماً عليهم، أوليست الانتخابات متوفرة في الإسلام فلماذا التمسح بالديمقراطية إذن.


      وبهذا فإن انتخاب الأمة لمن ينوب عنها في تطبيق الإسلام عليها أو انتخاب من يمثل مجموعة ما في محاسبة الحاكم أو لمجلس الشورى أو كوكيلٍ في أي قضية ما هو أمرٌ ليس فيه أي غضاضة، ولم يكن هناك حاجة لتجريد الفلسفة الديمقراطية من جوهرها لتقزيمها ووضعها في الانتخابات كي تتواءم مع الإسلام.


      ولهذا ينبغي محاكمة حقيقة الديمقراطية كما هي، لا ما يحاول البعض أن يصوره على أنه ديمقراطية، والمشكلة الكبرى هي أن الذين يتحدثون عن تلخيص الديمقراطية بالانتخابات، فإنهم يتجاوزون ما هو أهم من ذلك بكثير، ففوق أن الديمقراطية كمصطلح هي مفهومٌ يُعنى بمقدس واحد في الحياة هو الإنسان لا شيء سواه، وهو حرٌ بتحقيق رغباته كما يشتهي ويهوى ويراه منفعة له، فإنّ لها أركاناً ينبغي الوقوف عليها ومحاكمتها قبل أن نصل إلى موضوع الانتخابات التي تشكل إحدى آليات تنفيذها وليست الحتمية الوحيدة.


      تعتبر الحريات العامة هي أركان الديمقراطية، والتي تتمثل بالحرية الشخصية، حيث يلبس المرء أو يتعرى ويتزوج أو يزني بمن يشاء وكيفما شاء. الحرية العقائدية، وتشمل حق اختيار عبادة الله أو الشيطان أو التناوب بينهما أو الإلحاد فيهما، حسبما يقضي به هواه. وحرية الرأي والفكر والتعبير حيث يعتبر المرء طليقاً من القيود حراً باختياره وبمناداته بالسلوك الفطري الطبيعي أو بالشذوذ بكل أشكاله الجنسية والفكرية والطعن بالعقائد ونقد الأنبياء وانتقاصهم، ولا مانع طبعاً من ادعاء الألوهية. وتطلق حرية التملك للمرء حيثما تمكَّنَ من التكسب، بغض النظر عن القيم الأخلاقية أو الدينية أو الإنسانية.


      ولو حاكمنا أركان الديمقرطية لوجدناها تتناقض مع الإسلام على نفس مستوى تناقض الفكرة الأساسية لعقيدة الإسلام، حيث الحكم لله لا للشعب. فالحرية الشخصية منضبطة بحسب أحكام الإسلام في الملبس والمأكل والمشرب بنمط معين لا يصح الخروج عنه ولا العدول إلى سواه، وحرية العقيدة فعلى الرغم أن الإسلام لا يجبر غير المسلمين على اعتناقه (لا إكراه في الدين) إلا أن من اعتنق الإسلام فإن حكمه الموت إن ارتدّ بعد إيمانه ولم يتب، يقول النبي الكريم (من بدل دينه فاقتلوه) وهذا مناقض لحرية العقيدة. وكذلك حرية الرأي والتعبير حيث يقول الله تعالى (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيبٌ عتيد) ويقول النبي الكريم (وهل يكب الناس على مناخرهم يوم القيامة إلا حصائد ألسنتهم)، بل إن هناك تعابير عقوبتها القتل كمن ينتقص الرسول عليه الصلاة والسلام. وأما التملك فإن الأصل في الإنسان بحسب أحكام الإسلام أن المال لله وأن الإنسان مجرد وكيل عن الله في التصرف فيه وأنه محاسب على كل ما امتلكه حيث يقول النبي الكريم (وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه).


      لذلك كله نجد أن الديمقراطية تتناقض مع الإسلام سواء من حيث العقيدة أو أركانها الأساسية. ولا يمكن بحال القول بالتوأمة بين الديمقراطية والإسلام. حيث تبنى الأولى على استقلال الإنسان عن الله وحريته المطلقة بينما يحدد الإسلام دور الإنسان وغايته ويضع له نظاماً خاصاً يفرض عليه نمطاً معيناً في العيش . ومن هنا نجد مدى اتساع الهوة والتضاد بين الإسلام والديموقراطية، حيث لا إمكانية لتزاوجهما أو دمجهما إلا بإلغاء أحدهما الآخر حكماً.
      أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
      والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
      وينصر الله من ينصره

      تعليق


      • #4
        ارتقاء المسلمين واستقرارهم في الإسلام لا في الديموقراطية

        بقلم: حسن الحسن

        الغرب الديمقراطي يعاني من التفكك الأسري والانحلال الأخلاقي وسيطرة الفردية الأنانية على سكانه الذين يجتمعون ويتفرقون على أساس فكرة المنفعة.

        ميدل ايست اونلاين
        يتساءل البعض أوليست الديمقراطية هي التي أمنت الرقي والاستقرار في الغرب!؟ أوليست تلك القيم هي غاية ما يسعى لتحقيقه البشر!؟ أوليس من الغباء أن نترك مجتمعاتنا طريحة التخلف والاضطراب يعبث بها حكامٌ فاسدون ومفتون منافقون، بينما نستطيع أن نسمو بها من خلال الديمقراطية!؟

        والجواب هو: لا شكّ بأن الغرب قد حقق تقدماً ملحوظاً في المجال السياسي والاقتصادي، وقد وضع أسساً تتسم بالاستقرار عموماً في هذين المجالين، كما أنّه متفوقٌ مادياً على العالم الإسلامي بشكلٍ واضحٍِ لا ينكره أحد. إلا أنّ المغالطة الكبرى الواقعة في البحث هي ربط تلك النهضة التي يحياها الغرب بتحقق الديمقراطية فيه، كما أنّ المغالطة الأكبر هي ربط الواقع المأساوي البشع الذي تحياه الأمة الإسلامية بالإسلام.

        فبإطلالةٍ سريعةٍ على تاريخ الغرب الديمقراطي يظهر النقيض من ذلك الادعاء، حيث غرقت أوروبا الديمقراطية في عدة صراعاتٍ دمويةٍ طاحنةٍ، وكانت الحربان العالميتان أشنع ما أنتجت تلك الديمقراطيات من حروب على مر التاريخ. ويتضح من خلال تتبع أحوال الغرب عموماً أن الخيار الديمقراطي لم يكن دوماً هو الأسلم أو الأكثر ضماناً للأمن والاستقرار، ويكفي التذكير بأنّ هتلر وموسوليني وبوش إنما أوصلهم النظام الديمقراطي إلى كرسي الحكم، مع أنّ برامج هؤلاء كانت تقوم على فكرة إبادة الخصوم وتحطيم الآخرين والحرب الوقائية، بغية تحقيق أهدافٍ نفعيةٍ أو عصبيةٍ عنصريةٍ وأخرى هشةٍ وتافهةٍ في مجملها.

        ومن الجدير ذكره أن تلك الحالات لم تكن نشازاً في الغرب الديمقراطي، إذ طالما نشأت صراعاتٌ داميةٌ بين القوى المختلفة فيه. أضف إلى ذلك أن دول الغرب الديمقراطية عموماً مارست ومازالت تمارس الاستعمار بأبشع أشكاله بحق الشعوب المغلوبة على أمرها، كما هو الحال الواقع في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، مما يضع علامات استفهامٍ حول ماهية معنى التغول الديمقراطي الذي يطلق العنان للإنسان للإطباق على أخيه الإنسان، ضمن قوانين يسنها ويتحكم بها الأقوى للسيطرة على الأضعف، مزيناً إياها بوضعها في خانة عولمة قيمه الخاصة تحت عنوان القيم الإنسانية المطلقة، مستعملاً إمكانياته الضخمة وآليات الاتصال الحديثة لتحقيقها، معتبراً أن قوته تمنحه الحق بفرض هيمنته وتصوراته على الآخرين، ليس لإنهاضهم وتحريرهم إنما من أجل استغلالهم واستعبادهم، وهذا مشاهدٌ على مدار قرون من الزمان،وما زال قائماً محسوساً في أيامنا هذه.

        وما حلّ بالعالم الإسلامي جراء تحكم الغرب الديمقراطي فيه إلا نماذج ساطعة على ذلك، فها هي مأساة أهل فلسطين ماثلة للعيان، وقد صنعتها لهم بريطانيا العظمى أهم وأقدم ديمقراطية موجودة في العالم الحالي، إضافة إلى جريمة تقسيم بلاد المسلمين التي دبرت بمكيدة فرنسية بريطانية صرفة، وبالسيطرة على ثروات الأمة الإسلامية ونهبها وتنصيب أتباعهم الخلص لهم عليها من حكامٍ تربأ وحوش الغاب أن تتشبه بهم، بل ودعمهم معنوياً ومادياً وسياسياً بكل ما يلزم لشل الأمة الإسلامية ولشد القيد على معصميها وإرغامها على التقوقع والانكفاء عن حركة النهضة والارتقاء. فهذه نماذج لا يمكن أن تخطئها العين أو تنساها الذاكرة مما أنتجته الديمقراطية الغربية في العالم ككل وفي العالم الإسلامي بشكلٍ خاص. ثم هذه إفريقيا تكاد لا تزال تعيش القرون البدائية بعد حوالي قرنين من الاستعمار والاستعباد. بينما نجد في المقابل أن الإسلام دخل الأندلس لينقلها في عقود معدودة الى مستويات تعدل مستوى بلاد الفاتحين أنفسهم ، بل تفوقه في بعض جوانب الحياة. فأين الثرى من الثريا؟

        وبوضع فكرة الديمقراطية ومقتضياتها في سياقها الطبيعي والمنطقي الذي يحكمها من خلال معطيات الفكرة نفسها، نجد أنّ فكرة تقديس الإنسان لنفسه ورغباته وجعله الحكم والحاكم على الأفعال والأشياء بالخير والشر والحق والباطل والمحظور والمسموح، إنما تعزز لا محالة عند صاحبها الناحية الفردية، فتسيطر عليه الأنانية وتجعله يرى العالم ويتعاطى معه من زاوية واحدة معينة هي مصلحته فقط، مما يعلي عنده القيمة المادية على غيرها من القيم الروحية والأخلاقية والإنسانية فتهيمن عليها تدريجياً إلى أن تسحقها، لأن الأصل لديه هو تحقيق أكبر قدرٍ من السعادة التي يتصورها لنفسه، بمعزلٍ عن تلك القيم، التي قد تستغل بدورها في تحقيق طموحه ورغباته، مما يطلق العنان للغريزة لإشباعها إلى حد التخمة، ويتحول العقل إلى مجرد أداة تستعمل في استثمار كل شيء لتحقيق أكبر قدرٍ من اللذة، حيث تساوي هذه لديه السعادة الوحيدة ذات المعنى المبرر عقلاً. ولا يغير من هذه النتيجة شيئاً أن يشرّع للناس مجموعة منتَخَبة من بينهم، لأن فكرة المنفعة القائمة على تحقيق القيمة المادية الخالصة هي المُشَكٍّلَة لمفاهيمهم والمسيطرة على إرادتهم.

        وانطلاقاً مما سبق فقد نتج في الغرب الديمقراطي عموماً التفكك الأسري والانحلال الأخلاقي وسيطرت الحياة الفردية الأنانية على سكانه، الذين يجتمعون ويتفرقون على أساس فكرة المنفعة، مما يلغي آدمية الإنسان ويحوله إلى بهيمة، ترى الإشباع المادي هو كل شيء. وبما أن إشباع الجوعات العضوية منها والغرائزية متناهيةٌ ومقصورةٌ على أعمالٍ طبيعية محددة، يندفع الكثيرون، خصوصاً المترفون منهم، إلى البحث عن أنماطٍ جديدةٍ غير مألوفةٍٍ للإشباع، وهو ما يعزز استباحة فكرة الشذوذ على أوسع مدىً ممكن. كما يؤدي ركون الإنسان إلى القيمة المادية بسد آفاق الناحية الآدمية لديه، فيوصله إلى الاكتئاب ويحفزه على الانتحار.

        ومن هنا كانت الديمقراطية تُعنَى بشكلٍ مباشرٍ ومتلازم بعزل الدين وأبحاثه ومتعلقاته وكل ما يتصور أن له قداسة ما عن التأثير بحياة الإنسان، لِيُترَك له هو وحده الخيار المطلق لتحديد معالم سيره في الحياة استناداً إلى حقائق نسبية وأخرى مطلقة نتاج قوانين طبيعية مزعومة، والتي تخلص إلى كف إرادة الخالق عن التدخل بشؤون الإنسان وتحريره من كل قيدٍ سوى ما يراه مناسباً لاستمرار تلك الحرية على أمثل وجه يراه في الحياة، مما لزم معه فرض العقد الاجتماعي ونموذج الدولة المدنية الحديثة لتأمين استمرارية إطلاق الفرد لحريته وضمان عدم المس بها (وهذا كله مقدوحٌ بصحته إذ يتحول معه الإنسان إلى مجرد عبدٍ أسيرٍ لقوانين أصحاب اللعبة من الأقوياء والمتنفذين وغالباً ما يعامل كالسلعة المجردة لا أكثر).

        من هنا نرى أن ما أنتجه الغرب من فلاسفة وباحثين ومن أنظمة حكمٍ بمختلف أشكالها واختراعاتٍ تقنيةٍ بمختلف إبداعاتها بإيجابياتها وسلبياتها ليس من لوازم فكرة الديمقراطية، كما أنها ليست أصلاً من أصولها ولا حتى فصلاً من فصولها، بما فيها أبرز ما في أنظمة الحكم القائمة في الغرب في أيامنا هذه من فصل السلطات الثلاث، إذ هي مما ارتآه المفكرون مناسباً لضمان استقرار المجتمعات بعيداً عن استئثار شريحةٍ منه أو فئةٍ ما دون غيرها بالملك والسلطة وتحويلها إلى مزرعة خاصة بها مملوءة بالعبيد تمتلكها تلك الفئة ويتوارثها الأقوياء!! بل إن وجود السلطة أصلاً هو مخالفٌ لحرية الإنسان لما تفرضه من قيودٍ وأنظمة، وتلك السلطات لم تكن موجودة قط في ديمقراطية أثينا، حيث كان الناس هم الحكام والمحكومين وكانوا يقترعون بشكلٍ مباشرٍ في المدينة على كل شيءٍ. والسلطة المجردة هي أمرٌ لا بد منه من باب الحاجة إليها لتنظيم شؤون الناس وليس لأنها واجبة، ولذلك لا يوجد عهدٌ أو عقدٌ ثابتٌ ملزمٌ حتميٌ لنظام الحكم، إنما يترك أمر اختياره وتطويره للناس أنفسهم.

        وبالتالي فقد يطرأ تغيرٌ على تلك النظرة لموضوع السلطات خاصة في ظل التحولات الهائلة في ثقافة الإنسان ومعارفه وسرعة الاتصال والتواصل، وصراع الحضارات وتنافس الأقوياء أو توافقهم في زمن العولمة، مما يفرض دراسات تعالج كيفية إدارة شؤونه في ظل عدم جدوى استمرار السلطات القطرية والوطنية وصغر حجم الكوكب نسبياً، حيث ينبغي أن يخضع الجميع لقانون الأقوى الذي يصدر القرار ويلزم الجميع بالتنفيذ على الصعيد العالمي، بل ويتدخل في كل صغيرة وكبيرة من شؤون البشر، مما يلغي الشأن الداخلي للدول، ويفرض نظاماً ذات صبغة عالمية، تحكمه قوانين نسبية مستمدة من ثقافة القوى المتحكمة. مما يعني أن فصل السلطات هو اقتضاء مرحلي يعالج أزمة حكم زمانية ومكانية معينة يمكن الانصراف عنها إلى ما يوائم الواقع أكثر حين تغيره من المنظور الديمقراطي وهو ما نشاهد حصول بعض منه على الصعيد العالمي الآن.

        لذلك فإن الرخاء والاستقرار الاقتصادي والسياسي الذي يحياه الغرب يرجع في مجمله إلى عوامل أخرى لا أثر للديمقراطية فيها إلا بقدر ما تؤمن تلك العوامل، وعلى رأسها انسجام شعوب الغرب مع أنظمة الحكم فيها، ووفرة الثروات الناتجة عن استعباد الآخرين والهيمنة على مقدراتهم، إضافة إلى التقدم التقني الكبير والقوة العسكرية الضخمة والهيمنة السياسية والاستئثار بمقدارت 80% من ثروات شعوب الأرض لصالح البقية القليلة.

        أما بالنسبة للأمة الإسلامية فقد عاشت ثلاثة عشر قرنا من الزمان تتنسم فيها معنى الوجود، حملت فيها رسالة الإسلام بسماحته الخالصة، لتخرج الناس من عبادة المادة إلى عبادة الله، وبنت فيها حضارة زاهرة في الأندلس وآسيا الوسطى وما بينهما من طنجا إلى جاكرتا مروراً بالقاهرة ودمشق وبغداد، واتسمت أحوالها بشكلٍ عام بالاستقرار والوحدة ورهبة الجانب والعزة والاعتزاز بما لديها، مع الاعتراف بوقوع كثيرٍ من العثرات والشكاوى والإساءات التي وقعت هنا وهناك بسبب التقصير في تطبيق الإسلام وبسبب طبيعة حياة البشر التي لا تخلو من كدرٍ وهمٍّ وتقصير وصراع، وهذه هي سنة الله في خلقه وهي ما يدفع بالعباد على الدوام إلى الإبداع والتغيير والتحسين، وهي ما يحفز الأمم عادة بالعمل على دوام الارتقاء.

        كانت الأمة تهيمن عليها حقيقة واحدة وهي: أن علاج مشاكلها إنما يكون بالثبات على الإسلام وأن تصحيح أوضاعها المعوجة إنما يكون بالتزام منهجه وتطبيق معالجاته وتجسيد أنظمته، إذ كانت معايير تمييز رقي الأمة من انحطاطها دوماً مرتبطةً بمدى ارتباطها بدينها. وبهذا الميزان كانت تسير الأمة حتى زمن إسقاط دولة الخلافة عام 1924 وإزاله نظام الحكم في الإسلام تماماً من واقع الوجود في العالم، حيث تحول المسلمون نهبة لغيرهم، ولقمة سائغة يلتهمها أعداؤهم، يحكمهم التخلف والتشرذم والضعف والجمود الذي رسم لهم بعناية فائقة. وبات المسلمون يلهثون وراء كل ناعقٍ يصيح لهم بالتنوير والتطور والتقدم والسير على درب الغزاة المستعمرين ممن حارب الأمة واحتل ديارها وشرذمها وأذلها وسامها سوء العذاب، وصار المسلمون يتأرجحون بين اشتراكية شيوعية ملحدة تغنوا بها ردحاً من الزمان، وليبرالية ساقطة ساقتهم من خذلانٍ إلى خذلان، وبين هذه وتلك سقطوا في فخ القطرية الضيقة والوطنية المقيتة والقومية المنتنة، وعندما ثاب المسلمون إلى رشدهم وبدأوا يعون حاجتهم إلى الارتباط بدينهم والالتزام بشرع ربهم وإعادة دولة الإسلام دولة الخلافة الراشدة من جديد، بدأت مرحلة جديدة من إلغاء الدين، حيث اكتفى البعض بالمطالبة بتطبيق مقاصده العليا بعد تفريغه من محتواه وحشوه بما ينقض غزله عروة عروة من ديمقراطية تشترط خضوع الإنسان لثقافة غربية غريبة عن الإسلام، لا يمكن أخذها من غير أخذ مفاهيمها عن الحياة والمناخات التي تشكلت فيها والتي تؤمر الأمة اليوم بأخذها جملة أو سحقها جملة.

        ونسي المطالبون بالارتماء في أحضان الغرب، المنادون بثقافته وديمقراطيته وقيمه، الداعون إلى مسايرته لتخليصهم مما ابتلاهم هو فيه، أن من لا يستطيع أن يحرر إرادته من براثن أزلام أعدائه، لهو أعجز من أن يتخلص من عدوه الحقيقي، ولهو أشد عجزاً من أن يأخذ ويطالب بالمزيد، لأنه عبدٌ مأمور وليس بسيدٍ مختارٍ.

        إن الأزمة الفكرية الحقيقية التي تكمن عند تبيان علاقة الإسلام بالديمقراطية، هو ما رسخ من مفاهيم عن علاقة الديمقراطية بالكنيسة وإسقاطها على الإسلام متناسين طبيعة الظروف التي نشأت فيها الديمقراطية والمناخات التي تحكمها، وغافلين عن طبيعة الإسلام في نفس الوقت، حيث أن فصل الدين عن الحياة في أوروبا ساهم بشكلٍ مباشر في إحداث نقلة نوعية في تاريخها، لخلوّ النصرانية التي حكمت أوروبا من التشريع أصلاً، مما كان يعني أن استمرار تطبيقها هو لتأمين مصالح فئة ضيقة منتفعة منها، وهو ما فرض قيود التخلف والظلام على تلك الشعوب عدة قرون.

        أما الإسلام فإنه لا يمكن مقارنته بحال مع تلك النصرانية، حيث كان سبباً واضحاً لاستقرار الأمة ورقيها وتقدمها، وما سحقُ الأمة الإسلامية لجبروت فارس والروم وتحرير البلاد والعباد من ظلمهما، وهيمنتها على الوضع الدولي قروناً طويلة، ودخول شعوب بأكملها فيه، إلا بعض دلائل ذلك النجاح الباهر ودلائل واضحة على عظم أثر الإسلام في الشعوب التي اعتنقته وجاهدت في سبيل نشره.

        ولذلك كانت عصور النهضة والرقي والإشراق في حياة الأمة هي زمن إحسان تطبيق الإسلام فيها. وأن المشكلة الحقيقية التي جابهت الأمة وجعلتها تتلكأ، هي ما لحق دولة الخلافة من ثغرات إثر التهاون بالتطبيق الكامل لأحكام الشرع، كغمط الأمة حقها في انتخاب حكامها، وتحول الدولة إلى ملك وراثي، وقلة المحاسبة وما شاكل. لذلك كان التقصير في تطبيق الإسلام، هو الذي أنتج تلك الإخفاقات. وهذا على خلاف الكنيسة التي كان وجودها في السلطة سبب إنهاك البلاد وإهلاك العباد، حيث تحولت إلى وسيلة يستثمرها الحكام وأصحاب النفوس الدنيئة في السيطرة وجمع الثروات واستعباد الآخرين. والحق يقال أن رجال تلك الكنيسة الظلامية المشؤومة في أوروبا في عصور نعتت بأنها القرون الوسطى وعصور الظلمة، تشبه أحوال حكام العرب والمسلمين في أيامنا هذه، حيث أنهم على أتم استعداد للتضحية بالأمة ومصالحها في سبيل نزواتهم واستتباب أمور الحكم لهم، ولو كان ذلك فوق جثث الناس الذين يطالبونهم بأبسط حقوقهم المشروعة.

        ولذلك فإن العودة إلى الإسلام تغني عن المناداة بالديمقراطية، تلك التي لم تشعر الأمة بعازة إليها ولا إلى غيرها من الثقافات طوال فترات تطبيقها دينها، بل كانت الأمم الأخرى عالة على المسلمين وعلى حضارتهم الرائعة، فأمة أعزها الله بالإسلام، أرقى من أن تتركه لاهثة وراء فضلات البشرية.
        أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
        والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
        وينصر الله من ينصره

        تعليق


        • #5
          الديمقراطية: مشروع استعمارٍ أم نهضة؟

          بقلم: حسن الحسن

          يتصورُ البعضُ أنّ مسايرةَ الغرب في فكرة الديمقراطية أمرٌ ضروري وأن مسألة التوافق مع الديمقراطية هي أمرٌ شكلي ومجرد وسيلة لارتقاء سلم الصعود إلى السلطة، ويتساءل ما الضير في استعمال أهداف الغرب لتحقيق مآرب نبيلة؟ هؤلاء يغفلون حقيقة أنّ الغرب ليس بساذجٍ ليخدعوه بمثل تلك الانحناءات.

          ميدل ايست اونلاين
          " بوش: يجب على سكان العالم الإسلامي أن يختاروا الديموقراطية."

          "Bush: People of Islamic World Must Choose Democracy".


          هكذا لخصت كاثلين رم Kathleen T. Rhem من وزارة الدفاع الأميركية كلمة الرئيس بوش التي ألقاها في جامعة غالطة سراي في استنبول في 2004-06-29، والتي تناول فيها الحديث عن أهمية نشر الديمقراطية في الشرق الأوسط الكبير.

          ويُستخلصُ من كلمة بوش أنّ القضية ليست هي البحث عمّا يناسب العالم الإسلامي، أو ما يحبذه وينشده المسلمون لهم من منهجٍ للحياة عن رضىً وطواعيةٍ منهم، إنّما هي إملاءات يجب عليهم تنفيذها بغض النظر عن مدى موافقة الديمقراطية لعقيدتهم من عدمها، وبغض النظر عما إذا كان المسلمون بحاجة لهذه الديموقراطية أم لا. إنّما الواضح أنّ المطلوب أميركياً هو وجوب انصياع المسلمين لها رغم انفهم، وبغض النظر عن قناعاتهم، مع الخضوع التّام لها ولحلفائها في العالم الغربي.

          وتحت هذه السياسة المعلنة تندرج تلك النداءات من بعض المبهورين بالغرب وبضاعته الفاسدة الداعية إلى دمج الديمقراطية بالإسلام، والحوار أو التوافق حتى التلاحم بين الحضارات، بالطبع لصالح الحضارة الغربية وسيادتها في العالم.

          من هنا كانت تلك الجهود الضخمة والمنصبة على إلغاء كل الفوارق والفواصل والتعارض القائم بين الديمقراطية والإسلام، لِيُزَالَ التناقض الموجود حتما بينهما فيتحولا إلى توأمين، ذلك لأنَّ الإسلام يقف كالطود الشامخ أمام الفكرة الديموقراطية الرأسمالية، وهو الذي يمنع استتباب السيطرة لها على العالم الإسلامي، رغم ضعف المسلمين الحالي بسبب غياب الإسلام عن حياتهم ومكر حكامهم به وبهم، لذلك كان لا بدّ لهم من العمل على إزالته من الطريق، ولاستحالة ذلك، تمّ تبني تسوية تلك العوائق من خلال تأويل الإسلام ليقرّ بقبول الديموقراطية ويعترف بشرعيتها، وهو أمرٌ لن يشعر الغرب بالطمأنينة والسكينة والاستقرار وتحقق النصر الكامل له، قبل أن يجسد ذلك في العالم الإسلامي، حيث يراد تحويله إلى ما يشبه أميركا اللاتينية إن لم يكن أسوأ.

          وعليه كان لا بدّ من استعراض بعض الأمور التي ينبغي تسليط الضوء عليها لبلورة أبعاد نشر الديمقراطية في العالم الإسلامي.


          1. إنّ الديمقراطية لا تقتصر على الانتخابات كما يتوهم ويدندن لها البعض، بل هي وجهة نظرٍ في الحياة، تشتمل على ثقافةٍ وقيم ومفاهيم خاصة بها، تتناول الفرد والدولة والمجتمع. وأساس ما تقوم عليه وجهة النظر تلك، تقديس رغبات الإنسان وجعله السيد الأوحد في هذا الكون، وهذه هي القاعدة الفكرية للديموقراطية، والتي ينبغي أن تبنى كافة الأنظمة والقوانين على أساسها.


          2. ليس الهدف من دمقرطة العالم الإسلامي استبدال الاستبداد والظلم والطغم الحاكمة فيه بالعدل والحق والخير (مع نسبية كثيرٍ من هذه المفاهيم)، إنما المقصود منها هو تغيير ثقافة الأمة وقيمها وتصورها للحياة، وبالتالي إتمام عملية ضم الأمة الإسلامية إلى حظيرة العالم الرأسمالي الغربي حضارياً بعد أن تمّ سياسياً.


          3. إنّ غالب الأنظمة الطاغوتية الاستبدادية المتوحشة القائمة في العالم الإسلامي إنما هي أذرع الأخطبوط الأميركي الذي طالما وما يزال يستعملها لتحقيق مصالحه. وما تَفلّتَ من تلك الأنظمة من أميركا فليس بريئا بحال، إذ هو من بقايا المد الاستعماري القديم الإنجلو-فرنسي. ولو كان الغرب بريئا في دعوته إلى شعاراته لتخلى عن تلك الأنظمة المتعفنة، بدلاً من مدها بآلات القمع والتعذيب وأدوات التجسس على المواطنين وتغطية جرائمها طوال استمرار خدمة تلك الأنظمة لها.


          4. إنّ انتصار الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين بمشروعهم الهادف إلى دمقرطة العالم الإسلامي، يعني إلغاء آخر الحضارات الممتنعة عليهم، والتي تشكل تهديداً حقيقياً لهم على المدى البعيد، والذي يبدأ مع بداية ظهور نقطة ارتكاز للأمة، تتمثل بدولة الخلافة التي تجسد مفهوم دار الإسلام. تلك الدولة التي تعني تقديم نظم اقتصادية وسياسية واجتماعية بديلة لما عليه الغرب، وتحدّياً لأطماعه ووقفاً لنهب ثروات الأمةالإسلامية وغيرها من دول العالم المغلوب على أمرها.


          5. إنّ العالم الحالي وبطبيعة سيطرة المبدأ الرأسمالي الديمقراطي عليه، يتحكم فيه معياران هما: القوة والمنفعة. وبما أن العالم الغربي هو من يتحكم بمفاتيح القوة وبمقدرات وثروات البشرية، فإنه الأقدر على الهيمنة والانتصار في ميادين الصراع في مختلف أنحاء العالم، وهو يفعل ذلك لتأمين استمرار استئثاره واستيلائه على مقدرات الأمم بغية تحقيق أعلى درجةٍ من المكاسب له، مما يعني نهاية التاريخ فعلاً لصالحه حضارياً ومادياً، كما تعني أيضا استقرار البشرية على الفكرة الرأسمالية الديمقراطية الليبرالية الفردية الجشعة النهمة التي تنذر بسيادة شريعة الغاب في أبشع صورها على العالم.


          إنّ ما سبق وليس تأويلات اللاهثين وراء تطويع الإسلام للديمقراطية، هو ما يفسر ذلك الإصرار من قبل الغرب عموماً على إكراه العالم الإسلامي على احتضان قيمه ومثله ونظرته إلى الحياة، بل وإلزامه بجعل الديمقراطية ومقتضياتها هي المعيار الأساس للحكم على مدى نهوض الأمة أو انحطاطها، بعد أن كان الإسلام وحده هو العامل الحاسم في تحديد ذلك.

          واستناداً إلى ذلك يتم إدراك معنى دمقرطة العالم الإسلامي، الذي يسوسه الغرب بحسب قاعدة إما وإلا، بمعنى إما أن تقرّ الأمة الإسلامية بفكرة فصل الدين عن الحياة وإطلاق الحريات على النمط الليبرالي ومنح المرأة الحقوق الكاملة من منظور الفكر الغربي الديمقراطي الذي يجعل المساواة والتماثل في الحقوق والواجبات بين الذكر والأنثى هو الأساس، إضافة إلى بناء كل القوانين والتشريعات على أساس تلك القواعد الفكرية، وإلا فمنطق الإكراه المستند إلى قوة مطرقة الغرب هو من سيتكفل بمعالجة استعصاء العالم الإسلامي عليه، وهو ما سيمنح الغرب القدرة على التحكم بمناهج الأمة التعليمية وخطابها الإعلامي والسياسي والديني والثقافي عموماً، ليصيغها بحسب فلسفته هو لما ينبغي أن تكون عليه الحياة.

          ومن أجل ذلك تمّ بناء مراكز فكرية وثقافية وأكاديمية وإطلاق محطات فضائية لتسويق الديمقراطية ونشرها في العالم العربي والإسلامي، كما قامت مراكز قرارٍ غربية بشكلٍ مباشرٍ وغير مباشر، بتمويل حركاتٍ سياسيةٍ ودينيةٍ ودعم مفكرين ومثقفين وإبرازهم، بعد أن ارتضى هؤلاء تطويع الإسلام ودمج الديمقراطية فيه، بل وجعلها جوهر الإسلام وقلبه. وبغض النظر عن نوايا أصحاب تلك الحملة، فإن ذلك يصب مباشرة في جعبة الحملة لتغريب الإسلام وتفريغه من محتواه وجعله شكلاً بمكوناتٍ تنقضه عروة عروة.

          وليس من قبيل الصدفة إطلاق صفة الفكر الإسلامي الوسطي المعتدل المنفتح المتنور والمتطورعلى من يتبنى الترويج للديمقراطية ويعتبرها قضيته الأولى، فيما يعتبر من يفترض التضاد بين الديمقراطية والإسلام ويدعو إلى تطبيق الإسلام وجعله قضيته المصيرية الأولى متشدداَ متطرفاً وأصولياً متزمتاً.


          ولذلك وجد أصحاب ما يطلق عليه التيار المعتدل الغطاء الإعلامي والسياسي والمالي وفسحة رحبة واضحة من المنابر التي انبرى من خلالها هؤلاء بالذبّ عن الديمقراطية وبتجميلها في أعين الناس، وذلك من أجل التأثير على شرائح واسعة من المسلمين، بخاصةٍ مع تطور وسائل الإعلام وسيطرتها على أذهان الناس وقدرتها الواسعة على التأثير في أفهامهم.

          أخيراً، يتصورُ البعضُ أنّ مسايرةَ الغرب في فكرة الديمقراطية في هذا الوقت هو أمرٌ ضروري لازمٌ، إذ أن التغيير من داخل العالم الإسلامي أمرٌ ميؤوس منه، وأن مسألة التوافق مع الديمقراطية هي أمرٌ شكلي وأنها مجرد وسيلة لارتقاء سلم الصعود إلى السلطة، ويتساءل هؤلاء، ما الضير في استعمال أهداف الغرب لتحقيق مآرب نبيلة؟

          يغفل هؤلاء حقيقة أنّ الغرب ليس بساذجٍ ليخدعوه بمثل تلك الانحناءات، بل إن الغرب يستعملهم وهو يعي نواياهم تماماً، وهو إنما يريد منهم إنفاذ مهمات محددة، وينتهي دورهم فور إنجازهم إياها، ولذلك فإنهم على رغم ادعائهم عدم مصادمتهم للغرب وقبولهم بقيمه وتسليمهم بديمقراطيته فإنه لا يثق بهم، وإنما يمتطيهم طالما أنهم يخدمون أهدافه الثقافية والفكرية بما لهم من وزنٍ لدى عامة الناس، هو نفسه الذي منح أكثرهم إياه، لإدراكه براغمياتهم وطريقة تفكيرهم، التي هو أكثر خبرة ودهاء في استعمالها، لأنها صنعته الخالصة.

          والمستيقن حتماً هو أن الغرب لن يدع أحداً يصل إلى السلطة إلا إذا استوثق من أنه مؤمن فعلاً بقيمه محافظاً له على مصالحه، ضمن آليات يحرص على أن تكون مقاليدها الحقيقية بيديه، حتى يمنع من أن يعبث أحدٌ بمصالحه فضلاً عن أن ينقلب عليه.

          لذلك فإنّ القضية ليست بتلك السذاجة التي يتوقعها البعض، فضلاً عن أن المراد هو تحرير الأمة جذرياً من التبعية للغرب وعتقها من ربقة استعباده لها، ولا يكون ذلك بشد وثاقها بحجج واهية إلى حضارته، وتمكين خصومها وأعدائها فكرياً وثقافياً منها بعد أن تمكنوا منها سياسياً، بل وعن رغبة وطواعية ودعوة مؤصلةٍ إلى تبني ثقافته وفكره ورؤاه!

          من هنا أتت أهمية الحذر من الوقوع في فخ استدراج الغرب لتضليل الأمة من خلال شخصيات مرموقة لها وقعها على أسماع الناس. ولذلك كان لا بد من التنبه دائماً إلى ما يقال لا إلى من يقول.

          وخلاصة القول إن الدعوة إلى الديموقراطية في العالم الإسلامي هي مشروعٌ استعماريٌ صرفٌ يدفع الأمة إلى الاستغناء عن هويتها الثقافية والحضارية وقيمها الخاصة بها، ودفعها نحو الذوبان في الغرب والانصهار فيه إلى درجة الانسحاق. بينما يكمن الحل الحقيقي الذي ينهض العالم الإسلامي في العودة إلى تعاليم الإسلام بنقائها وصفائها، وفي العمل من أجل تحقيق تغيير جذريٍ في الأمة الإسلامية بغية تحريرها من براثن الغرب وعتقها من الطواغيت والظلاميين ومن طواقم المستبدين، ودفع كل المجرمين الذين رهنوا مقدرات الأمة وماضيها وحاضرها لإعدائها إلى محاكم عادلة لينالوا ما يستحقونه جراء أفعالهم المشينة وجرائمهم الشنيعة بحق أمتهم ودينهم.
          أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
          والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
          وينصر الله من ينصره

          تعليق


          • #6
            تعليق بقلم / أبو جهاد الأنصاري

            قد لا يجد المرء أكذوبة أكبر من أكذوبة الديمقراطية فى تاريخ البشرية قاطبة
            أكذوبة خدعوا بها الصغير والكبير ، والعالم والجاهل
            ويكفينا دليلاً على هذا ما يمارسه دعاة الديمقراطية فى حق إخوانهم البشر
            فوق كل بقعة من بقع الأرض
            أما الديمقراطية فى ميزان الإسلام فنقول - وبالله التوفيق -

            الديمقراطية هى شرك صريح بربوبية الله العظيم ... كيف؟

            دعاة الديمقراطية علمونا فى مواد العلوم السياسية والنظم والمذاهب السياسية أن
            تعريف الديمقراطية هو : حكم الشعب بالشعب لصالح الشعب
            ولا يخفى على أى دارس للعقيدة الإسلامية الصحيحة أن هذا يتناقض مع قول الله تعالى : (إن الحكم إلا لله)
            و "إن" و "إلا" فى الآية يفيد الحصر والتخصيص

            وكذلك قوله تعالى (ألا له الخلق والأمر)

            فتقديم الجار والمجرور "له" يفيد أيضاً الحصر والتخصيص
            أى أن الله -سبحانه وتعالى- وحده هو المتفرد بالأمر والنهى والتشريع كما أنه متفرد بالخلق.
            والله -سبحانه وتعالى - كما فى الآية (والله يحكم لا معقب لحكمه)
            (وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الأُولَى وَالآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)
            فمغذى الديمقراطية هو إيجاد نظاماً بشرياً يقوم بتشريع التشريعات وسن القوانين التى يظن أنها المناسبة لهذا النظام حتى ولو كانت مناقضة ومباينة لشرع الله
            فنحن عندما نعلم أن الله -سبحانه وتعالى - قضى على السارق بقطع يده
            نجد أن الأنظمة الديمقراطية تقول : لا ..... هذه وحشية ويشاركون الله فيما يخصه ويضعون تشريعات ما أنزل الله بها من سلطان تخالف شرع الله ... وهكذا
            ونجد القرآن قد ذم أولئك الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله

            ووجه الربوبية أنهم شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله
            يقول تعالى : (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ) ،
            (اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)
            ذلك أنهم : (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)
            فهل للمسلمين أن يستيقظوا من سباتهم العميق
            ويفيقوا من وهم الديمقراطية الذى عاشوا دهراً ينتظرونه
            كالظمآن الذى يسير فى الصحراء يرى السرا ب فيحسبه ماءً؟

            وصدق الله:
            (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (39) أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ (40)) [سورة :النور]
            "اللهم اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهتدى من تشاء إلى صراط مستقيم"

            وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
            أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
            والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
            وينصر الله من ينصره

            تعليق


            • #7
              الديموقراطية .. والخارجون عن القانون الإلهي !

              الديموقراطية .. والخارجون عن القانون الإلهي !

              لعل ما كتبه الكاتب تجده عمليا من خلال النظر إلى المجالس النيابيّة البرلمانيّة، فتجدهم أحيانا يعلنون التصويت على تطبيق الشريعة أو عدم تطبيقها ..!!! وأحياناً يصوتون على وجود الخمور.. هل يسمح بها أو لا يسمح ؟؟!!

              والأمثلة على ذلك كثـيرة، والنتيجة في التصويت للأغلبيّـة إذا كانت ضد الإسـلام، أمّا إذا كانت لصالح الإسلام فما أهون من أن يُحلّ المجلس فيسقط التصويت والمشروع الذي صوّت عليه .. والواقع يشهد بذلك.

              وهكذا تكون المشاورة والتصويت على أي أمر كان دون النظر إلى حكمه الشرعي أو كونه يُرضي الله عز وجل أو يُسخطه، بل وحتى لو كان الأمر كفريّا ينظر إلى ما يقوله الشعب ويُرجّحه !!!

              وهذا يصطدم صراحةً مع أصل أصيل في الإسلام، إذ أن الحـكم في الشريعة الإسـلاميّة لله وحده، حيث يعتبر الوحي بشقيه: الكتاب والسنّة، هما المصدر التشريعي الوحيد للأمّة الإسلاميّة.

              قال تعالى:" فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما"
              والحرج كما قال العلماء: هو أدنى ما يشعر به الإنسان من الضيق والكدر، وهو من أعمال القلوب التي تخرم بنقضها أصل الإيمان وتخرج صاحبها إلى الكفر الأكبر. وهذا يقال في من وجد في قلبه(حرج) من أحكام الله، فما ظنك بمن يكرهها، قال تعالى: " والذين كفروا فتعساً لهم وأضل أعمالهم ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم". فتأمل كيف كان كفرهم بسبب كرههم لما أنزل الله، ولا مناص من تفسير الكفر هنا إلا بالكفر الأكبر المخرج من الملة، لأنه كان سبباً في إحباط عملهم، والكفر الأصغر لا يحبط العمل كما هو معلوم.

              وقال أيضاً: "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون". على وفق التفصيل السلفي الأثري المعروف، والذي لخصه حبر الأمة وترجمان القرآن ابن عباس في قاعدة: "كفر دون كفر"، بحسب حال المتلبس في الفعل. (ولإسقاط الحكم الشرعي في هذه المسألة الحساسة على واقع الحكام في هذا الزمان ينظر إلى فتاوى العلماء الأكابر من أمثال الشيخ ابن باز والألباني وابن العثيمين).

              وقال سبحانه وتعالى: "إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه" حيث يدل الاستثناء في الآية الكريمة على إثبات حصر التحاكم لله وحده، ونفيها عن غيره، وأنها من تمام العبودية له سبحانه وتعالى، فهي تدخل بذلك في توحيد الألوهية، وتدخل في توحيد الربوبية باعتبار أن لا حاكم إلا الله، وتدخل أيضا في توحيد الأسماء والصفات، لأن من أسمائه سبحانه وتعالى: الحكم والحكيم.

              وكما بين الكاتب للأسف الشديد نجد أن كثيرا من المسلمين يعتقد أن الديموقراطيّة كالشورى في الإسلام، وهذا خطأ وخلط عجيب، لأن الشورى في الإسلام تقوم على مشاورة العلماء والحكماء وأهل الاختصاص، وهي أول نقطة افتراق بين الشورى والديموقراطية، حيث أن الأخيرة تقوم على مشاورة ممثلي الشعب الذين تفرزهم الدوائر الانتخابية والتي لا يخلو تقسيمها من مصلحة سياسية للحكومة، تلعب بها على الشعب المغفل، فدوائر القبليين تفرز قبليا، ودوائر النفعيين تفرز برجماتيا، ودوائر الطائفيين تفرز مذهبيا، ودوائر الرقاصين تفرز رقاصا!!! وهكذا بحسب ما يفرزه المجتمع والذي لا تؤدي إفرازاته بالضرورة إلى النتائج السليمة، فتصبح في النهاية أمام برلمان مسخ جمع الناس كدراً، وفرق الجهود والمصالح هدراً.

              ونقطة الافتراق الثانية: أن المشاورة في نظام الشورى تكون في شؤون الحكم والسياسة التي لا تتعارض مع الكتاب والسنّة كإعلان الحروب ومعاهدات السلام واختيار الولاة وتنظيم الشؤون الإدارية للدولة وغيرها من الأمور التي ترك فيها الشرع مجال للنظر والمشورة حسب ما يقتضيه واقع الحال وتغيرات الزمان.

              ومن خصائص الديموقراطيّة أنها تسمح بحريّة الإعتقاد: وهي أن للإنسان الحريّة فيما يعتقده، والله سبحانه وتعالى يقول: "ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين"، وله الحرية بأن يمارس عبادته سواء كان كافراً بوذيّاً أم مجوسيّاً أم نصرانيّاً أم يهوديّاً أو من أي ملّة كانت، بل وله الحريّة في إظهـار شعائره وطقوسه كما يريد، فلا تعجب إذا رأيت رجلا في الشـارع يسجد لصنم أو بقرة وإلا فأنت لست ديموقراطيّاً..!! وكأن الإسلام جاء ليحمي الكفار ويضمن لهم حريّة الكفر بالله..!!!

              فإن قلت: إن الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم: "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر".
              قلنا لك: أكمل الآية: "إنا أعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا" فهل كان الله يخير أم يستهزئ بالكفار ويُمهلهم !!

              وإن قلت: فإن الله تبارك وتعالى يقول: " لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي"
              قلنا لك: إرجع أولاً إلى سبب النزول فيتبين لك مناسبة نزول الآية ومعناها ولا تحاول أن تتوسع أو تتعسف في إسقاط معناها على ظروف وملابسات مختلفة.
              ثانياً: إننا لا نكره أحدا على اعتناق الاسلام، بل ما نعتقده يقيناً أن أصل الإيمان في القلب، فلا فائدة إذن من إكراه الناس على دخول ديننا، ما دامت قلوبهم لم تأت بأصل الايمان، وما دام الأمر كذلك، فإكراهنا لهم على دخول الإسلام لا يفيدهم ولا يفيدنا، مثلاً: هل يستطيع أحد أن يرغمك على حب أحد، الجواب: لا، لأن الحب والكره من أعمال القلوب التي لا يستطيع أحد أن يرغم صاحبها على اعتناقها، وكذلك الإيمان بالله، وبمعرفة هذا تتهافت أمامك شبهة انتشار الإسلام بالسيف، إذ لا فائدة من إكراه الناس على أمر لا تعتنقه قلوبهم التي هي أصل ومدار التكليف.

              لكن هناك فرق دقيق بين مفهوم "عدم الإكراه" وبين مفهوم "حرية الإعتقاد" فالأول لا يقودنا بالضرورة إلى الثاني، إذ لا تلازم بينهما، فعدم إكراهي لك على الإسلام لا يلزم منه أنك حر في اعتقاد وفعل ما تريد، ولا يعني كذلك صواب الخيارات الأخرى المتاحة التي هي لازم الحرية بمفهومها الشرعي، ولا يعني بداهة توفير و تسهيل وتقنين هذه الخيارت. لأن الإسلام في الأصل يعطل هذه الخيارات ويحذر منها، فكيف يلتقيان إذن؟ أعني مفهوم "حرية الإختيار" مع التحذير منه؟
              نضرب لذلك مثلاً: هب أن مدرساً يقول لطلابه: من أراد أن ينجح في الاختبار فعليه بهذا الكتاب، ففيه مادة الامتحان، فقال له أحد طلابه: فما رأيك بكتاب كذا وكذا: قال المدرس: ما أضمنه هو كتابي هذا فقط، لا أجبرك على أن تدرس منه، لكنه الوحيد الذي سيؤهلك لاجتياز الامتحان بجدارة وأما الكتب التي ذكرتها فهي غير وافية وفيها بعض الأخطاء فلا أنصح بها وسأحاول منعها والتحذير منها .. لكن الأمر في النهاية لك، فأنا لا أستطيع أن أجبرك على شئ! فهل تفهم من المدرس -حقيقة- أنه يخير طلابه؟؟!

              ومن خصائصها كذلك الحريّة الشخصيّة: وهي تعني أن للإنسان أن يمارس حقه الشخصي في فعل أي شئ من لزنـا ولواط وشرب الخمر دون التدخل في خصوصياته..!! لأن ذلك من حقه الشخصي الذي تعطيه إياه الديموقراطيّة، فانظر كيف تغيب القيم والأخلاق والمصالح العامة تحت ستار الحريات الشخصية، التي هي في الحقيقة أحط درجات العبودية والانقياد، لإنها عبودية للذات وانقياد للغرائز والشهوات.

              ولأن الدول التي تحكم بالديموقراطيّة مأمورة باحترام حقوق الأفراد وحريّاتهم وضمانها، لهذا أنشأت شواطئ العراة..!! وأصدرت قوانين تجيز زواج الرجل برجل آخر وغير ذلك من القرارات الشاذّة، وباسم الحرية فليزن الرجل بأمه أو أخته أو حتى نفسه!! ألم يصرح أحدهم بأن: نعم .. لا مانع .. المهم رضى الطرفين !!!! ولا تقل لي: لا .. لا يا سيدي .. هناك فرق ؟؟! سأقول لك حينها: وما الفرق؟ وما ضابط هذا الفرق؟؟ وما هو حده؟ وتحت أي شعار ستقدر قدره؟!! والناس مختلفون .. ذكورة وأنوثة .. حرارة وبرودة .. أمزجة وأهواء وطبائع .. عادات وتقاليد وأعراف .. ولو تركنا كل واحد يضع ناموسه لاتسع الخرق على الراقع، ولعمت الفوضى، فلا بد من تدخل عادل نزيه، يترفع عن الصفات البشرية، والمصالح الفردية، والمكاسب اللحظية.

              ومن الحريّات التي تكفلها الديموقراطيّة أيضـاً حريّة التعبير عن الرأي، فأنت تستطيع أن تتقدم إلى أي وسيلة من وسائل الإعلام وتقول ما شاء سواء كان الكلام كفراً، أم ردّة، أم إلحاداً، أم فجوراً، دون معاقبة لأن الدستور يكفل لك ذلك..!! ولا مانع من مداعبة الجمهور وإضحاكه بسرد النكت حتى لو كان بطلها هو: الله .. أو رسم كاريكتير ساخر لنبي مرسل، أو ملك مقرب !!!


              فالديموقراطية إذن هي فن التمرد على الأخلاق والقيم باسم الحرية ..

              هي فن التمرد على الحدود البشرية .. والخوض في مطلقات الطبائع الحيوانية ..

              هي فن إيلاف الفجور .. ووأد الحياء .. وقتل الغيرة والمروءة ..

              هي فن يحول الإنسان إلى بهيمة .. لا هم له إلا إشباع غرائزه .. فلا حدود ولا ضوابط ولا مبادئ ..

              ولا ضمان لحياة كريمة ..

              ما يهم أن تثبت أنك حي! ما دمت تقوم بكل الوظائف البيولوجية الطارئة ..

              بغض النظر عن المكان والزمان .. ومع أي شخص كان !!

              فلا يلبث المجتمع أن يتحول إلى مجتمع غابة ممسوخ ..

              البقاء فيه للأسفه .. للأوقح .. وليس للأقوى .. فضلاً عن الأصلح ..

              هي فن لا يتقنه إلا الخارجين عن القانون الإلهي ..

              فن العصابات والسماسرة .. وإن تغنى به الملوك والقياصرة ..!!


              المصدر
              http://70.84.212.52/vb/showthread.ph...8&page=1&pp=15
              أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
              والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
              وينصر الله من ينصره

              تعليق


              • #8
                موضوع رائع ذو أهمية قصوى خصوصاً في ذلك الوقت
                أنصح الجميع بقراءة هذا الموضوع
                فقد يُفيد هذا في فِهم ما قاله الشيخ المهندس عبد المنعم الشحات

                جزاكم الله كل الخير أستاذنا الكريم سيف الكلمة على النقل المبارك
                وجزى الله خيراً كل من نقلت عنهم


                وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ
                وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
                @إن كنت صفراً في الحياة.... فحاول أن تكون يميناً لا يسارا@
                --------------------------------------
                اللهم ارزقني الشهادة
                اللهم اجعل همي الآخرة

                تعليق


                • #9


                  قالي لي أحدهم .. ما معنى الديمقراطية أليست هي حكم الأغلبية ؟؟
                  قلت نعم .
                  قال .. قال لي وما معنى الشورى .. أليست حكم الأغلبية ما لم يتعارض مع الشريعة الاسلامية ..
                  قلت له نعم ..
                  فقال لي .. فهل ترى فرقا لو وضعنا الجملة الآتية :: الشورى .. هي الديمقراطية لما لم تتعارض مع الشريعة الاسلامية ..

                  تعليق


                  • #10
                    الشورى .. هي الديمقراطية لما لم تتعارض مع الشريعة الاسلامية ..
                    قد يعتبر كثيرون انه لا يوجد فارق ولكنه تشبيه مخل عمليا ، لماذا ؟؟


                    لسببين :

                    الأول : انه يقيد واسعا فمصطلح الشورى اوسع واشمل من مصطلح الديمقراطية ، لأنه يطرح ويطلق العنان لجميع فكر الانسان في تنظيم آليات الانتخاب والترشيح والتنظيم والمساهمات الفاعلة في المجتمع دون التقيد بآليات محددة طالما لا يخالف او يتعارض مع تشريع الله سبحانه وتعالى لأنه جزء منها ابتداء وكل ما هو مطلوب في الموضوع هو اتفاق الناس او الجماعة من الناس على آلية محددة لذلك فتعتمد فورا بما يتناسب وظروفهم أيا كانت .


                    الثاني : انه بما ان لدينا مفهوم الشورى في الاسلام وهو اوسع وأشمل ما الذي يضطرنا لتقييده والالتزام بمعاني او مصطلح الديمقراطيه بمعنى أصح بما فيها من اجحاف ثم فوق كل ذلك نستثني منه ما يتوافق مع الشريعه الاسلامية ، فنكون قد اضطررنا انفسنا الى حصر وضغط افكارنا واساليبنا في هذا النفق الضيق جدا بل والشديد الضيق والذي قد لا يستطيع التأقلم مع احوال المجتمع والتفاعل معها بسرعة مناسبة مع أن الاولى ان نتبع الشورى ابتداء ففيها الغنى عما في غيرها من تشوهات وتصادمات عقائدية وفكرية مع الاسلام بل وتسمح للتفكير الابداعي في حل المشكلات طالما كان حلا مشروعا يمكن تطبيقه دون مشكلات ؟!!!!
                    وما الذي يدعونا لأخذ الدنية في ديننا والتبرؤ من اسم الشورى وكأنها تهمة ثم نبحث عن غيرها لنلتصق به فكريا ؟؟؟


                    وبالنهاية بالنسبة لهذا التعريف المقيد يمكننا فقط ان نقول انه يمكن اعتباره جزء من ضمن مفهوم الشورى او يمكن ان نطلق عليه شورى تحت هذا القيد بالتحديد ومشروع (اى لا يتعارض شرعيا) وكافي لمحاولة تطمين الناس ان احتاجوا لذلك لا اكثر ولا اقل
                    شموس في العالم تتجلى = وأنهار التأمور تتمارى , فقلوب أصلد من حجر = وأنفاس تخنق بالمجرى , مجرى زمان يقبر في مهل = أرواح وحناجر ظمئى , وأفئدة تسامت فتجلت = كشموس تفانت وجلى

                    سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا اله الا انت نستغفرك ونتوب اليك ،،، ولا اله الا انت سبحانك إنا جميعا كنا من الظالمين نستغفرك ونتوب إليك
                    حَسْبُنا اللهُ وَنِعْمَ الوَكيلُ
                    ،،،
                    يكشف عنا الكروب ،، يزيل عنا الخطوب ،، يغفر لنا الذنوب ،، يصلح لنا القلوب ،، يذهب عنا العيوب
                    وصل اللهم على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد
                    وبارك اللهم على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم إنك حميد مجيد
                    عدد ما خلق الله - وملئ ما خلق - وعدد ما في السماوات وما في الأرض وعدد ما احصى كتابه وملئ ما احصى كتابه - وعدد كل شيء وملئ كل شيء
                    وعدد ما كان وعدد ما يكون - وعدد الحركات و السكون - وعدد خلقه وزنة عرشه ومداد كلماته




                    أحمد .. مسلم

                    تعليق


                    • #11
                      أخويا الكريم محب ..
                      اعذر لي بساطتي في التفكير ..
                      فالمقالات التي اوردتها حضرتك فيها كثير من التأصيل والأكاديمية ..
                      ولكن انا كمواطن بسيط اريد من الكلام ما قل ودل..
                      بمعنى اذا كان عندي برلمان فيه أعضاء وعرض عليه تشريع ما ..
                      إذا كان هذا البرلمان يتبع النظام الديمقراطي .. فكيف سيكون طريقة تناوله للتشريع والتصويت عليه ؟

                      تعليق


                      • #12

                        فالمقالات التي اوردتها حضرتك فيها كثير من التأصيل والأكاديمية ..
                        ان كانت اسطري القليلة قد عجزت عن التلخيص فاعذرني اخي الكريم ، لا يمكنني التلخيص اكثر ، اعدر قرائه ردي بعض ضبطه نوعا ا لعل في ذلك ما يكون افيد عموما
                        ، لأنه لا يمكنك البعد نهائيا عن التأصيل والأكاديمية طالما تبحث عن فروقات بين مصطلحات


                        بمعنى اذا كان عندي برلمان فيه أعضاء وعرض عليه تشريع ما ..
                        إذا كان هذا البرلمان يتبع النظام الديمقراطي .. فكيف سيكون طريقة تناوله للتشريع والتصويت عليه ؟
                        النظام الديمقراطي يعرفه الجميع وكنا ومازلنا نعيش ونرى مستنقعاته من حولنا في كل مكان فلا ادري كيف اجيب على مثل هذا السؤال

                        لكن الشورى فلها ابعاد اخرى ، فهي مثلا في المجتمعات المغلقة او البعيدة يمكنها الانسجام مع اوضاع هذه الاماكن والمجتمعات بحيث يمكنها التصرف بسرعة مع التطورات اجتماعيا من خلال اي آلية او تنظيم للتعامل مع التطورات دون ان يضطروا لانتظار المعونة من جهات ومراكز اتخاذ القرار في العاصمة او في المراكز الرئيسية البعيدة مكانيا والبعيدة من حيث سرعة الاستجابة لمثل هذه الاحداث على كل المستويات ، بل تعطيهم الحق في حرية الحركة والتنظيم والتصرف بما لا يتعارض مع ثوابت اصولية محددة ..

                        وللتقريب مثل الولايات الامريكية لكل ولاية تشريعاتها الخاصة بها بغض النظر عن غيرها ولكنها بالنهاية تتبع قانون فيدرالي موحد يلتزم به الجميع ..

                        كذلك ستجد في مفهوم الديمقراطية ضرورة الانتخاب الشعبي او الطبقي في تعيينات محددة في مراكز اتخاذ القرار ، في حين ان الشورى يمكن ان تقتصر على اختيارات الوالي او ولي الامر في تحديد واستخدام اهل العلم كل في تخصصه والعمل من خلال توجيهاتهم رأسا اعتمادا على ثقة الناس والجمهور في شخص ولي الامر ونزاهة قراراته وأمانته ، ولكي لا يتفتت القرار العام بين أكثر من رأي او مركز لاتخاذ القرارات في المجتمع ..

                        وهكذا ..
                        شموس في العالم تتجلى = وأنهار التأمور تتمارى , فقلوب أصلد من حجر = وأنفاس تخنق بالمجرى , مجرى زمان يقبر في مهل = أرواح وحناجر ظمئى , وأفئدة تسامت فتجلت = كشموس تفانت وجلى

                        سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا اله الا انت نستغفرك ونتوب اليك ،،، ولا اله الا انت سبحانك إنا جميعا كنا من الظالمين نستغفرك ونتوب إليك
                        حَسْبُنا اللهُ وَنِعْمَ الوَكيلُ
                        ،،،
                        يكشف عنا الكروب ،، يزيل عنا الخطوب ،، يغفر لنا الذنوب ،، يصلح لنا القلوب ،، يذهب عنا العيوب
                        وصل اللهم على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد
                        وبارك اللهم على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم إنك حميد مجيد
                        عدد ما خلق الله - وملئ ما خلق - وعدد ما في السماوات وما في الأرض وعدد ما احصى كتابه وملئ ما احصى كتابه - وعدد كل شيء وملئ كل شيء
                        وعدد ما كان وعدد ما يكون - وعدد الحركات و السكون - وعدد خلقه وزنة عرشه ومداد كلماته




                        أحمد .. مسلم

                        تعليق


                        • #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة المقاتل123 مشاهدة المشاركة

                          قال .. قال لي وما معنى الشورى .. أليست حكم الأغلبية ما لم يتعارض مع الشريعة الاسلامية ..
                          قلت له نعم ..
                          هنالك فرق بين طلب رأي الأغلبية أو أهل الإختصاص في الأمر وبين حكم الأغلبية .

                          فالأولى ليست ملزمة للحاكم إلا في ما يتعارض مع الشريعة .. أما الثانية فهي ملزمة ولا يمكن للحاكم التجاوز عنها.

                          في الأولى إن كان الحاكم يخاف ربه ويسعى لتطبيق الشريعة أقام الشورى وعمل بها .. فلا يمكن للأغلبية أن تجبره على الحكم بغير ما أنزل الله بل هو يجبرهم .. ولا يمكن أن يحكم بمعصية الله لأن ذلك يبيح الخروج عليه وخلعه.

                          أما في الثانية فما حكمت به الأغلبية وإن كان منافيا لما أمر الله به مجبر الحاكم على الحكم به وتنفيذه وإن حكم بغيره خلع وليس له سلطان .

                          كثيرون يحاولون التلبيس على مفهوم الشورى وتقريبه للديمقراطية حتى أصبح هذا الخلط موجودا لدى عامة الناس والقول ان الشورى هي حكم الأغلبية مع شرط الشريعة وهذا ليس صحيحا .. فالشورى طلب الرأي من أهل الإختصاص أو راي ألجماعة ويبقى الإلزام على الحاكم بهذا الرأي هو جوهر الإختلاف بين الشورى والديمقراطية.

                          تعليق


                          • #14
                            طيب واحدة واحدة اقرأ معاكم وخليك معايا بس ما تزهق مني ^_^

                            تقول:
                            إنّ واقع الديموقراطية هو حكم الشعب الذي يقابل حكم الله حتماً، وليس حكم الفرد كما يتصور البعض، إذ أنّ مصطلح الحكم يأخذ وجهين، الأول هو التشريع، وهو الذي يمنح من خلاله الناس حق الاستفتاء والتصويت على القوانين مباشرةً أو بإنابتهم عنهم من يقوم لهم بالتشريع لهم، والثاني هو التنفيذ وهو ما لا يتصور حصوله من قبل شعبٍ من الشعوب أصلاً، إذ أنّ الذي ينفذ الأحكام ويفصل بين الناس هو جهات مختصة، كالوزراء والقضاة وأجهزة الدولة المختلفة، وهذه الجهات تتأهل لذلك من خلال دراساتٍ أكاديمية ومعرفية وخبرات فنية، وبهذا كان حكم الشعب في الفلسفة الديموقراطية هو مقابل حكم الله، هذا هو واقعها وهذا هو ما يؤكده السياق التاريخي والإجرائي لها حتى يومنا هذا.

                            واستناداً إلى ما سبق نجد أنّ الديمقراطية تتناقض مع جوهر الإسلام الذي يحصر التشريع بالله تعالى حيث يقول "إن الحُكمُ إلا لله" وبذلك لا يكون هناك داعي للاستطراد في بحث بقية الفروع، لأن تباين جذري العقيدتين، الديمقراطية والإسلام، وتضادهما يغنيان عن بحث التفاصيل.
                            الديمقراطية هي حكم الشعب ...
                            وبالطبع الشعب يحكم عن طريق من موكلين من الشعب ...
                            يعني بالمعنى الحالي نواب مجلس الشعب .. يعني البرلمان ..
                            يعني الآن البرلمان عندما يشرع شئ .. نستطيع أن نقول ان الشعب شرع ذلك الشئ ..
                            ومن ينفذ هذا التشريع هي الجهات المختصة التي اشرت اليها حضرتك ..
                            أي ان الجهات المختصة والمدربة والمؤهلة تقوم بتنفيذ ما قرره وشرعه الشعب ..

                            في النظام الديمقراطي مثلا ..

                            لو عرض عليه قضية تشريعية ما .. نريد أن نقنن وضع الخمر في البلاد
                            سيعرض الأمر على البرلمان ..
                            بعد مناقشات ومداولات دامت طويلا جاء وقت أخذ القرار
                            وكان السؤال الموافق على تقنين وضع الخمر في البلاد يرفع يده ؟؟
                            وكانت موافقة ..
                            إذا سيتم تقنين الخمر في البلاد بناءا على رأي الاغلبية المنتخبة من الشعب .. اي بناءا على الديمقراطية ..

                            والآن لنأتي الى نظام الشورى ..
                            البرلمان المنتخب من الشعب موجود
                            جاءت اليه قضية تشريع الخمر ...
                            قبل البدء في عملية النقاش .. يسسأل البرلمان نفسه سؤالا .. هذا هذه القضية التي نريد ان نشرعها تتعارض مع نص قاطع صريح بالتحريم في الكتاب والسنة ...
                            نعم تتعارض ..
                            إذا يغلق الموضوع تماما ولا يتم مناقشته لانه يتعارض مع الشريعة الاسلامية ...



                            والآن لاحظ معي أخي الكريم ..

                            لو وضعت الآتي في النظام الأول (( الديمقراطي ))
                            وضعت له قانون يقول (( القرآن هو المصدر الاساسي للتشريع أو بمعنى آخر خذ برأي الاغلبية ما لم يتعارض مع الشريعة الاسلامية ))
                            وجاء له قانون تقنين الخمر ..
                            مااذا سيفعل ؟؟
                            سيرى ان كان هذا الامر يتعارض مع الشريعة أم لا ..
                            وسيغلق الموضوع من بابه ..

                            وبهذا وصلنا الى نفس النتيجة ..


                            ما أحاول قوله ..
                            أننا لا يجب أن نقف عند المصطلحات إن كانت تؤدي نفس المعنى (( ولو في هذه الفترة الحرجة حتى لا نعطي مبرر لاي اجهاض للثورة أو لحكم اسلامي قادم في مراحله الاولى ))
                            ثانيا ::
                            أنني بالقطع لا اقول نستبدل الديمقراطية بالشورى ولكن أقول نكون اكثر مرونة في التعامل مع المصطلحات حتى نجتاز هذه الفترة على الاقل ..




                            تعليق


                            • #15
                              فالشورى طلب الرأي من أهل الإختصاص أو راي ألجماعة ويبقى الإلزام على الحاكم بهذا الرأي هو جوهر الإختلاف بين الشورى والديمقراطية.
                              في الدول المتقدمة او التي تزعم انها على النظام الديمقراطي ..

                              لا يؤخذ قرار كهذا عبثا ..

                              الموافق يرفع يده فيرفع الجميع ايديهم وانتهت المسألة ..

                              ولكن تكون هناك لجان مختصة تدرس الامر بعناية .. وتجمع راي اهل التخصص ثم تعطي تقرير بالنتائج الى البرلمان ..

                              ساعتها البرلمان هو من سيحدد ان كان سيأخذ بالامر أم لا ..


                              وأعتقد أن هذا ما تفعله الشورى ايضا ..


                              اما موضوع الشورى ملزمة للحاكم أو استشارية فهذا امر قرأت عنه وسمعت ان به اختلاف ..
                              فيفولوا انها ملزمة على طول الخط ..
                              ويقولن انها غير ملزمة فيما لم يتعارض مع الشريعة ..

                              تعليق

                              مواضيع ذات صلة

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              ابتدأ بواسطة Islam soldier, 6 يون, 2022, 01:23 م
                              ردود 0
                              167 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة Islam soldier
                              بواسطة Islam soldier
                               
                              ابتدأ بواسطة Islam soldier, 29 ماي, 2022, 11:22 ص
                              ردود 0
                              22 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة Islam soldier
                              بواسطة Islam soldier
                               
                              ابتدأ بواسطة Islam soldier, 29 ماي, 2022, 11:20 ص
                              ردود 0
                              40 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة Islam soldier
                              بواسطة Islam soldier
                               
                              ابتدأ بواسطة عادل خراط, 6 أكت, 2021, 07:41 م
                              ردود 0
                              32 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة عادل خراط
                              بواسطة عادل خراط
                               
                              ابتدأ بواسطة Ibrahim Balkhair, 4 سبت, 2020, 05:14 م
                              ردود 3
                              84 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة Ibrahim Balkhair
                              بواسطة Ibrahim Balkhair
                               
                              يعمل...
                              X