د . كامل النجار : قراءة نقدية غير شريفة (للأخ نيقولا)

تقليص

عن الكاتب

تقليص

الأندلسى مسلم اكتشف المزيد حول الأندلسى
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • د . كامل النجار : قراءة نقدية غير شريفة (للأخ نيقولا)


    د . كامل النجار : قراءة نقدية غير شريفة (للأخ نيقولا)
    =======================================





    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
    الإخوة الكرام ... أثناء تصفحى على شبكة الإنترنت وجدت رسالة لأحد الاخوة إسمه نيقولا يرد فيها على كتاب (قراءة نقدية للاسلام) لشخص يدعى أنه ملحد ويسمى نفسه د/كامل النجار ..

    ــ وقد وجدت أنه من الواجب نشر هذا البحث الماتع للأخ نيقولا لما فيه من فائدة كبيرة ... جزاه الله خير الجزاء على هذا العمل الأكثر من رائع وجعله فى ميزانه ..

    ــ وللأسف الشديد فهذا البحث وجدته منشورا على منتدى واحد فقط على شبكة الانترنت وهو للأسف منتدى غير إسلامى ... لذا وجدت من الضرورى أن تحتوى المنتديات الاسلامية على مثل هذه الأبحاث القيمة فهى أولى بذلك ...

    ــ نقطة أخيرة أننى حاولت أن تكون هناك أى وسيلة اتصال بينى وبين هذا الأخ (نيقولا) لأستأذنه لنقل هذا الموضوع ... ولكن دون جدوى .. فليسامحنى لنقل هذا الموضوع دون استئذانه .. نظرا لأهميته .. وأترككم مع رد الأخ الفاضل نيقولا ....
    [frame="10 98"]
    ـ لقد كنا العلمـاء والمعلِّمين .. يوم كانوا يعيشون في ظلام العصور الوسطى ويدفعون ثمن إلغاء (الكنيسة) لدور العقل .. بينما كنا على الضدّ .. فقد كان (المسجد) في حضارتنا .. جامعاً وجامعةً معاً ..

    ـ وما زال الطريق مفتوحاً أمامنا للعودة إلى قيادة الحضـارة .. وما زلنا نملك المؤهلات ..

    وإننـا بإذن الله ـ لعـــائدون ...
    [/frame]

  • #2
    حيا الله الأخوة :-

    كمسلم لا أعاني من حساسية للنقد فالقرآن يحتوي على كل الإنتقادات التي وجهت للإسلام في بداية الدعوة بدون تعتيم أو تكتم رغم أن معظمها كان إفتراءات بحتة .
    ولكن الكتابات التخريبية الغير شريفة فهي تستحق مني كمسلم دفاعا مضادا .
    الكتاب الذي بين يدي الآن إكتسب شهرة كبيرة في عالم الإنترنت ولا أعرف كيف تم ذلك برغم أنه كتاب غير منهجي وغير محايد على الإطلاق .
    لا أعرف الكاتب وربما هي المرة الأولى التي أقرأ له شيء لذلك فلن أهتم بشخصه وسيكون محور كلامي على محتوى الكتاب .
    قد يتفق معي بعض اللادينين أنفسهم أن الكتاب إجمالا غير موضوعي وسطحي تماما ورغم ذلك تجد معظم الأفكار الإلحادية على الصفحات العربية للإنترنت موجودة في هذا المصدر .
    لذلك كانت فرصة جيدة أن تجتمع كل هذه الإتهامات الموجهة للإسلام أمامي للرد عليها برغم أنها مكدسة ومكثفة جدا بدون فرصة لإلتقاط الأنفاس .
    سأناقش ما جاء في الكتاب فصلا فصلا وربنا يعطينا وإياكم طول العمر .

    قبل أن ابدأ تتبع الرجل لي بعض التعليقات على المقدمة التي كتبها :-
    يقول كامل النجار :-

    نعم أن العالم العربي يمر في مرحلة عصيبة، ولكن من المسئول عن هذه المحنة التي يمر بها العرب والمسلمون عامةً؟ لا شك أنها من صنع العرب والمسلمين أنفسهم ورغبتهم العارمة بالرجوع بانفسهم الى عصر الاسلام الذهبي قبل اربعة عشر قرناً من الزمان. وقاد هذا الهوس بالماضي الجماعات السلفية الي تنفيذ فاجعة 11 سبتمر عام 2001 التي جعلت الإسلام مرادفاً للإرهاب والمسلم مرادفاً للإرهابي، وقسّموا العالم إلى معسكرين متناحرين في رأيهم: (إما فسطاط الإيمان أو فسطاط الكفر.. وإما نحن وإما هم ولا يمكن التعايش بينهما!!) على غرار بعض المتشددين الغربين الذين قالوا: (الغربُ غربٌ والشرقُ شرقٌ ولا يلتقيان). وهذه النزعة الإنتحارية هي ضد الإنسانية والحضارة العالمية، ناهيك عن تناقضها تماماً مع روح الاديان وجوهرها.
    هكذا تلاحظ تلميحا أن الإسلام هو السبب في الوضع الحالي !!

    ليس الاستعمار الذي اثقل كاهل الامة وقسمها دويلات زرع بينها التناحر قبل الرحيل هو السبب !!!
    وليست الغزوات الفكرية لحركات القومية والاشتراكية التي أهدرت سنين من عمر الأمة في تجارب لم تكن لتنجح قط متناسية أن رابطة القرابة العرقية انقسامية بطبيعتها لأنها تقوم على أساس عصبية الأعراق !!

    الإسلام هو سبب كل خراب في العالم عند هؤلاء حتى وهو موجود في الظل لا يحكم!!


    ثم تجده يستخدم مصطلح ( السلفين ) بشكل يدل على جهله التام بالوضع الفكري الإسلامي وإلا فليخبرنا ما العلاقة بين الدعوات السلفية وأحداث 11 أيلول ؟ .
    هل الإسلام جاء ليقسم العالم أم هم الذين قسموه لكتلة شرقية و غربية وزرعوا الكيان الصهيوني بالقوة ليبقى حارسا دائما لهذا التقسيم ؟
    إن المرء ليأسف على هذه العقول المختلة !!



    [bdr][/bdr]

    يقول كامل النجار :-


    ولكن هل كان عصر الخلفاء الراشدين عصراً اسلامياً ذهبياً كما يتوهم السلفيون؟ فاذا نظرنا لهذا العهد نجد ان الخلاف قد دب بين المسلمين بمجرد ان مات النبي. فنجد ان الانصار والمهاجرين أوشكوا ان يتقاتلوا بالسيوف علي من سيخلف الرسول، هل يكون من الانصار ام من المهاجرين. أراد ألانصار ان يبايعوا سعد بن عبادة، واراد المهاجرون ان يكون الخليفة منهم. ولما بايع عمر بن الخطاب أبا بكر قال المهاجرون لن نبايع الا علياً، واعتكف قادتهم في منزل علي بن ابي طالب . فذهب عمر بن الخطاب الى منزل علي وفيه طلحة والزبير ورجالُ من المهاجرين، فقال لهم: والله لتخرجن للبيعة او لاحرقن عليكم البيت. فخرج عليه الزبير مسلطاً سيفه فعثر فسقط منه السيف، فوثبوا عليه واخذوه منه .
    هنا يقرأ كامل النجار التاريخ بدون اعتبار الواقع الإجتماعي وطابع الجدلية داخله .
    حين ندرس تاريخ الامة الاسلامية فلابد أن نعرف أن المسلمين بشر كسائر الناس . وليس من المعقول ان نتوقع تاريخا ملائكيا خال من التدافع الإجتماعي .
    نحن لم نقل أن الاسلام قتل الطابع الجدلي داخل المجتمع البشري فمن يقول ذلك كمن يقول أن الإسلام قضي على الفقر أو قضى على الشر في العالم .
    مشكلة كامل النجار وغيره من مدعي الطوبائية أنهم ينظرون لحدث معين ويجعلون منه كل التاريخ بل ويحصرون تقييم فترة من الفترات في نطاق ضيق يرفضون الخروج منه .
    لم يكن بمقدور الرسول الكريم أن يصب التاريخ في القالب الذي يريده ويتمناه وهذه أيضا ليس وظيفته فهو ليس إلها .
    فالرسول صلي الله عليه وسلم توفي وترك في المسلمين خضوعا لله من ناحية وثورة على الظلم من ناحية أخرى فتجد المسلم خاضع وثائر في نفس الوقت ونشأ عن هذا حركة إجتماعية قلما تجد لها نظيرا في التاريخ .
    فترة الخلافة الراشدة التي يراها كامل النجار غير جديرة بالثقة هي أفضل فترة عدالة مرت على البشرية في التاريخ رغم وجود صراع داخلى في بعض أوقاتها .
    هذا الصراع هو من سنن التدافع في الكون يظهر ويختفي ويعود الأمر كما كان .
    هل معنى أن عمر بن الخطاب مات مقتولا أن فترة حكمه فترة سيئة في التاريخ ؟
    ما قوله إذن في الحكام العرب الآن الذي لم يمت أحدهم مقتولا بل وصلوا لأرذل العمر وهم مازالوا في مناصبهم ؟ هل يراها فترة جيدة ومثالية ؟


    التاريخ يحكي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عاش بسيطا بدون حرس وحاشية .
    عاش وسط البسطاء وكأنه منهم ينام في خيمة أو تحت شجرة وهو الذي كان حاكما لدولة مترامية الأطراف .
    أناس عاشوا بهذا الشكل كانوا عرضة للقتل في أي لحظة ولكنهم لم يكونوا يخشون شيئا .
    لابد أن نعرف أن الفارق كبير بين من يدعو للعدل وهو مظلوم ومن يدعو له وهو حاكم مسيطر بيده مقاليد الأمور .
    فارق كبير أن تنادي بالزكاة وأنت فقيرا معدما وأن تدعو لها وأنت بيدك كنوز الدنيا .
    فارق كبير بين من يدعو للحق لأن فيه مصلحته وبين من يدعو له لأن الله أمره بذلك .
    هذا هو الفارق بين الصادق والمدعي .
    لذلك أقول أن هذه الفترة هي خير فترات التاريخ صدقا وليس تمثيلا
    .



    [line][/line]

    يقول كامل النجار :-

    وحتى البغاء كان متفشيا في تلك الحقبة الذهبية. ففي سنة سبع عشرة ولى عمر ابا موسى الاشعري على البصرة وامره ان يُشخص اليه ( يرسل اليه)المغيرة، وكان المغيرة يختلف على ام جميل، أمرأة من بني هلال توفى عنها زوجها. وكانت ام جميل تغشى المغيرة وتغشى الامراء والاشراف، تبيع جسدها، وكان بعض النساء يفعلن ذلك في زمانها .
    والسرقة كانت متفشية في المدينة في خلافة عمر بن الخطاب. فيحدثنا اهل الذكر ان عمر بن الخطاب جاء الى عبد الرحمن بن عوف في وقتٍ متأخر من الليل، فقال له عبد الرحمن: ما جاء بك في هذه الساعة يا أمير المؤمنين؟ فقال عمر: رفقةٌ نزلت في ناحية السوق خشيت عليهم سُراق المدينة.[13] فالخليفة كان يعلم ان المدينة مليئة بالسارقين، رغم قطع الايدي .


    سأفترض صحة هذه الروايات ولكن ألم يتساءل كامل النجار لماذا يكتب الإمام الطبري هذه الحوادث في كتابه ( تاريخ الطبري ) ؟
    هل حادثة الزنا تستحق أن تكتب في كتب التاريخ ؟
    هل حوادث السرقة تستحق أن تؤرخ في كتب التاريخ ؟
    لو أن مؤرخ معاصر أراد أن يكتب تأريخا عن عصرنا الحالي هل كان سيهتم بذكر حوادث السرقة والزنا ؟

    حتما لم تكن هذه الأمور التافهة لتثير إهتمام أحد فهي شيء تقليدي ومعتاد بل سينبري أي مؤرخ للكتابة عن الأمور الهامة مثل الحروب الدولية والصراعات الإقليمية ..إلخ .
    أقول لكامل النجار أن ذكر حوادث السرقة والزنا في كتاب تاريخ هو دليل على ندرتها وغرابتها وليس لذلك معنى آخر .

    كما سأريكم فيما بعد فكامل النجار لا يفعل شيئا سوى تكسير الرموز وإهالة التراب على الذهب من أجل تمييع الأمور .
    حرب تكسير الرموز هذه يقودها أناس يرفضون مجرد أن يعود الإسلام ليحكم بين الناس .
    هل الوضع الحالي للعالم المنقسم ما بين مترفين يملكون كل شيء وعالم ثالث تحت خط الفقر يثير عندهم الرضا لهذا الحد ؟
    الإنسان أصبح إنسانين والحق أصبح حقين والمعيار أصبح معيارين .
    هل قانون الغاب هذا يستحق الدفاع عنه ؟ العزيز القوي لا عقاب له مهما خالف القانون أما الضعيف المغلوب فمستباح دمه وماله وعرضه .
    هل تعلمون لماذا يعارضون أن يعود الإسلام حاكما ؟
    لأن هذا يدمر خططهم الجرثومية في اغراق العالم في شهواته الحيوانية وسط احتفال وصخب بالعودة لجذور القرود .
    لأن الإسلام بنظامه الإجتماعي قادر أن يحطم مركزية الثروة واحتكار هؤلاء لكل شيء ويمنع امتصاص دماء الشعوب .
    الإسلام قادر أن يمنع موت 30 ألف طفل يوميا لأسباب قابلة للعلاج حسب تقريرات الأمم المتحدة .
    هل تعلمون من هو عدو الدين ؟
    فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين .

    (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ - فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ - وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ - فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ - الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ - الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ - وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) .

    كامل النجار وغيره ليسوا سوى عبيد في هذه البروباجاندا ولا يدرك أنهم خاسرون في النهاية كل شيء :-

    (الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) البقرة 27 .


    [bdr][/bdr]

    يقول كامل النجار :-
    ولعل هذا الكتاب هو الأول من نوعه باللغة العربية الذي يتناول الإسلام بقراءة نقدية علمية محايدة دون أي تطرف أو انحياز لأية جهة. وإني اعتمدت على المصادر الإسلامية الكلاسيكية المحترمة من قبل جميع الفرق والمذاهب الإسلامية، في توضيح وإثبات هذا الرأي أو ذاك. ولكن رغم ذلك سيثور المتزمتون لانهم لا يعرفون التسامح مع الناقدين، وبالتالي سوف اتعرض في جوهر الكتاب الى عدم التسامح في الاسلام والى عدم احترام رأي الغير.




    سنرى الآن ما هي المصادر المحترمة التي يتحدث عنها كامل النجار والتي ذكرها في الهامش :-

    الرجل ينقل لمؤلف اسمه ابن وراق ( اسم مستعار على ما يبدو) . كتبه المنشورة بالانجليزية تحمل أسماء ( لماذا أنا لست مسلما ) و ( أصول القرآن ) و ( ماذا الذي يقوله الاسلام حقا ) وكتابه الأخير هذا يزعم فيه أن الاسلام لا يدعو سوى للدمار والتخريب ويزعم أن القرآن كتاب غير معتدل مختل مليء بالعنف والقسوة ويدعو الناس إلى عدم تصديق المسلمين فهم كذبة على حد زعمه .
    لا تجد أي معلومات تفيدك من هو ابن وراق هذا وما هي مؤهلاته العلمية وإلى أي مؤسسة ينتسب ؟ الأمور ضبابية تماما .
    الرجل كما هو واضح من كتبه يتعامل مع الإسلام كدين شيطاني يجب أن يحرق بالنار لذلك فهو يلجأ لإستخدام كل الطرق الشيطانية لنسف هذا الدين .
    يكذب و يحرف إقتباساته ويستعين بكل أنواع الخداع , لماذا ؟ ألم تفهموا بعد ؟ الرجل يحارب دين شيطاني !!!!
    هذا المؤلف رغم ادعائه انه كان مسلما وكان يحفظ القرآن كاملا إلا ان من يقرأ مقتطفات من كتبه يدرك انه لو كان صادقا حقا فيما يقول فهو إذن يتمتع ببلادة تفكير تجعلك تمزق شعر رأسك غيظا . سوء فهم لا يقاس ( في الحقيقة يستحيل على شخص مثلي أن يصدق اسلامه المزعوم ) .
    أيضا مراجع ابن وراق هذا كلها من كتب أشد المستشرقين عداوة للاسلام وأكثرهم عنصرية وهذا يجعلني أشك في قصة أصله الاسلامي المزعومة بل اشك حتى فيما ان كان يتكلم العربية فالذي كان مسلما لا يدرس الاسلام من كتابات تخرب الاسلام لأغراض عنصرية بشهادة الغربييين أنفسهم .
    كتب كانت تكتب عن الاسلام تحت شعار ( اعرف عدوك ) !!!!!

    أريد أن أقول أن كتب ابن وراق هذا لا تعتمد أي منهجية في دراسة الإسلام بل هي كتابات سوقية مكتوبة بسطحية لإرضاء العوام والسذج ناهيك عن لغة قاسية جدا أصابتني بضغط الدم وأنا أقرأ مقتطفات منه مضطرا .
    كتاب كامل النجار ببساطة هو تجميع لكتب ابن وراق في كتاب واحد .

    يعتمد أيضا على كتاب اسمه ( 23 عاما ) لكاتب اسمه ( علي داشتي ) وهو كاتب ماركسي كما هو واضح من كتاباته . الكتاب عن حياة النبي محمد ويعقد فيه الرجل مقارنات بين رسولنا الكريم وشخصيات مثل لينين و ونابليون وجنكيز خان . الرجل طبعا كماركسي يرفض الوحي و الاسراء ويتعامل بانتقائية غريبة مع الروايات !!!
    فما يؤيد مبادئه يصدقه وما يخالف تفكيره المادي يرفضه ويعتبره خرافات . تشعر منه أيضا بجهل واضح للاسلام ورغم أنه في البداية يقول أنه يرفض كتابات المستشرقين عن الرسول ويعتبرها عنصرية إلا أنه يعود ويكرر نفس كلامهم عندما يقع في مأزق سيقوده للإعتراف بصدق نبوة محمد صلي الله عليه وسلم .
    كتابات علي داشتي مثل ابن وراق كتابات غير محايدة اطلاقا لأشخاص مجهولون لا يقرأ كتبهم سوي المتعصبين الذي هدفهم الوحيد من الحياة هو الحصول على أكبر ربح من تشويه صورة الإسلام .

    كاتب ثالث ينقل منه كامل النجار وهو ( روبرت سبنسر ) :-
    سبنسر صحفي أمريكي يعشق اسرائيل بجنون لذلك لا يكره شيء في الكون بقدر كرهه لحركات المقاومة الفليسطينية ( حماس والجهاد الاسلامي ) .
    أنا لا أتجنى على أحد فسبنسر نفسه يتفاخر بذلك في كل كتاباته .

    الكتاب الذي اختاره كامل النجار لسبنسر يحمل عنوان ( إماطة اللثام عن الإسلام ) وهو يتكلم عن موضوع الجهاد في الاسلام وكيف أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي تسبب في انتشار العنف العالمي .

    أنا لا أفشي سرا عندما أقول أن أسرع وسيلة نجاح للفاشلين في الغرب هو أن تكتب كتابا تهاجم فيه الاسلام والمسلمين . هذا أمر يعرفه الجميع !!!

    لو سألت مثقفا غربيا محايدا من هم أكثر الكتاب تحيزا ضد الاسلام والمسلمين ؟ لقال لك ابن وراق و روبرت سبنسر الذي يزعم كامل النجار أنها مصادر محايدة محترمة !!!!
    لا أحد يمتلك الشجاعة ليدافع عن ابن وراق وسبنسر تحديدا .

    بخصوص المصادر العربية لكامل النجار مثل ( تاريخ الطبري ، ومختصر السيرة لابن هشام وكتب بن كثير ) كثيرا ما تجد الصيغة التي يوردها كامل النجار للرواية تختلف عن الصيغة في المصدر الأصلي وهذا يدلني أن الرجل ينقل الرواية من كتابات مترجمة ( فالترجمة تغير كثيرا في الألفاظ ) .

    حتى القرآن ينقله الرجل من كتب مترجمة فمثلا تجد هذه الجملة في الهامش :-
    ( سفر جونا " يونس"، الاصحاح الاول، ألآية 17 ) .

    وهذا طبعا يجعلني أضع كامل النجار مع بن وراق وداشتي وسبنسر في نفس التصنيف . فهؤلاء مصادرهم جميعا عن الاسلام هي كتابات المستشرقين وهذا مثير للريبة إلى أبعد الحدود !!!!!
    فكما قلت ان معظم المستشرقين والمبشرين كانوا يكتبون عن الإسلام من
    باب ( اعرف عدوك ) و من حقي كمسلم ألا أغفر لهؤلاء كتاباتهم التخريبية عن الإسلام .
    أذكر قول ( جولذير) يوما وهو يرى الهوس الغربي في الهجوم على القرآن متسائلا :-
    ( ترى ماذا يبقى لنا من الكتاب المقدس لو عاملناه بنفس الطريقة ؟ )


    أريد أن أقول أن كامل النجار كما ترى يعتمد على إما كتابات سوقية غير منهجية مثل ابن وراق و داشتي وسبنسر وإما اقتباسات مقتضبة غامضة لا تعكس الصورة كاملة كما يفعل مع المصادر الأخرى كما سنرى لاحقا و يزعم لنا في النهاية أنه يقدم قراءة نقدية ويا لها من قراءة !!!!!

    كلمة أخيرة أتمنى أن تصل لكامل النجار هي :- من يريد أن يرى فعليه أن يفتح عينيه أولا ,لا أن يغمضهما ويكتفي بأن يردد ما يراه الآخرون .

    سننتقل لمناقشة موضوع الكتاب و سأحاول أن أكون هادئا قدر الإمكان ولكن لا أعدكم بشيء فالكتاب كبير وتسبب في انفجار شرايين مخي من الغيظ وأنا الآن رجل أملك مخا بلا شرايين فاغفروا لي زلاتي وأنا في هذه الحالة .



    أخوكم نيقولا
    [frame="10 98"]
    ـ لقد كنا العلمـاء والمعلِّمين .. يوم كانوا يعيشون في ظلام العصور الوسطى ويدفعون ثمن إلغاء (الكنيسة) لدور العقل .. بينما كنا على الضدّ .. فقد كان (المسجد) في حضارتنا .. جامعاً وجامعةً معاً ..

    ـ وما زال الطريق مفتوحاً أمامنا للعودة إلى قيادة الحضـارة .. وما زلنا نملك المؤهلات ..

    وإننـا بإذن الله ـ لعـــائدون ...
    [/frame]

    تعليق


    • #3
      بارك الله فيك أخي وجزاك الله كل خير.

      إن شاء الله تعالى يقوم الأخ الحبيب - وليد المسلم بعمله كتاب الكتروني في موقعه الذي يعده حاليا", وإن شاء الله تعالى سيكون أكبر موقع للرد على النصارى .

      كما يقوم الأخ منور بوضعه في موقعه سبيل الإسلام.

      بارك الله فيك وجزى الله الأخ نيقولا وإياك كل خير.
      كتاب : البيان الصحيح لدين المسيح نسخة Pdf من المطبوع.
      الكتاب الجامع لكل نقاط الخلاف بين الإسلام والنصرانية .
      كتاب : هل ظهرت العذراء ؟ . للرد على كتاب ظهورات العذراء للقس عبد المسيح بسيط.
      مجموعتي الجديدة 2010 : الحوارات البسيطة القاتلة : (7 كتيبات تحتوي حوارات مبسطة).
      يمكنكم تحميل الكتب من : موقع ابن مريم

      تعليق


      • #4
        الفصل الأول
        =========

        في هذا الفصل يستعرض الرجل كيف ظهرت الأديان على وجه الخليقة .
        الرجل يعتمد على النظرة المادية للإنسان كحيوان متطور عاش مراحله الأولى بدون عقيدة وبدون أن يعرف شيئا عن الإله ولكنه اخترع فكرة الآلهة من خلال تفاعله مع ظواهر البيئة المحيطة .
        النظرة المادية تعتبر الأديان هي نتاج بشري وليست وحيا سماويا.
        وتطورت العقائد من التعدد إلى التوحيد تماما كما تطورت العلوم والصناعات بفعل الأزمان .
        لكي لا نقفز على الأمور فلنكن مع الرجل خطوة بخطوة
        :-


        يقول كامل النجار : ــ

        في بداية حياة الانسان على هذه الارض، على حسب رأي علماء علم الاجناس " Anthropology"، كان الانسان بسيطاً في تفكيره وفي استيعابه للظواهر الطبيعية مثل الليل والنهار، والمطر والرعد والبرق وما شابه ذلك. وكانت هذه الظواهر تثير الخوف والرعب في نفسه. ولما عجز الانسان البدائي عن تفسير هذه الظواهر عزاها الى قوة خارقة تتحكم فيها وفي حياته. هذه القوة الخارقة لم تكن محسوسة لديه، اي بمعنى آخر، كانت قوة وراء الطبيعة اي قوة " ميتافيزيقية ****physical". وبالتالي اعتقد الانسان البدائي بوجود " كيان روحي Spiritual Being " يتحكم في الظواهر الطبيعية وفي حياة الانسان. هذه كانت بداية فكرة الاديان عند الانسان البدائي حسب اعتقاد خبير علم الاجناس الانكليزي " تايلر E.B.Taylor" فقد ألف هذا العالم كتاباً يدعى " الثقافة البدائية Primitive Culture" في العام 1871. ويعتبر هذا الكتاب من اهم المراجع في دراسة تاريخ الاديان. ويعتقد " تايلر" هذا ان الاعتقاد ب " الكيان الروحي" هذا نتج من تجربة الانسان الجماعية في اشياء مثل الموت والنوم والاحلام، فجعلته هذه التجارب يعتقد ان الكيان الروحي منفصل عن الجسم ويمكنه ان يعيش حياة مستقلة تماماً. وبالتالي اصبح الانسان الاول يعتقد في ألاشباح والخيالات " Phantoms".
        تايلور إفترض أن الإنسان الأول كان يظن أن ظواهر الطبيعة المحيطة به تمثل كيانات حية تمتلك أرواحا مثلها مثل البشر ولكن إفتراض ( تايلور ) ليس صحيح .
        ففكرة الإنسان عن الروح كشيء غير مرئي متصل بالجسد هي فكرة متقدمة جدا لم توجد في المجتمعات الأولى .
        افتراض ( تايلور ) لمبدأ الروحية كأساس لظهور الأديان هو افتراض قديم ولم يقدم الرجل أدلة قوية تثبت أن القدماء كانوا يعتبرون مظاهر الطبيعة (آلهة ) وليست مجرد( قوى) أو أدوات للآلهة كما هو راجح الآن .


        جدير بالذكر أن نقول أنه بتطور المدرسة النقدية للأنثروبولوجي في نهاية ستينات القرن الماضي اختفى من الحقل مصطلحات مثل ( ثقافة بدائية – شعوب بدائية ) وانتهى موضوع الفرضيات النظرية واسقاطها على الواقع .

        رواد المدرسة الوظيفة للأنثربولوجي كبراون ومالينوفسكي أثبتوا سطحية آراء تايلور وفريزر وخرجوا بأنه لم يوجد مجتمع بدائي بدون دين وبدون علم .
        كامل النجار يقول أن الخوف من مظاهر البيئة المحيطة كان السبب في انبثاق فكرة الله كقوة ميتافيزيقية تتحكم في مصير الانسان :-
        نقول أن الخوف في مواقف الخطر يعيد الناس إلى تذكر الله ولكنه ليس الدافع والمحرك الأول لظهور الدين على وجه الأرض .
        فعندما يري الإنسان الرعد في السماء مثلا فإنه :-
        فد يظن أن الإله غاضب .
        قد يظن أن قوة شريرة غاضبة .
        ولكنه لا يعتقد أن هذا الرعد هو خالق السماء والأرض .
        نحن نتحدث عن الله كمعنى موجود في الذهن . من أين جاء هذا المعنى ؟



        نظرية الخوف هذه لا تفسر أي شيء . وإلا فليخبرنا كامل النجار ما هي العلاقة بين الخوف كشعور وانبثاق فكرة الله ؟ هذا شعور وذاك تصور ومعنى ، ما العلاقة بينهما ؟
        لا يمكن تفسير الأمر سوى بافتراض وجود الله كمعنى مرتبط بالنفس البشرية (فطرة ) يتجلى هذا المعنى ويطفو على السطح عندما يتفاعل مع شعور الخوف .

        موضوع الخوف هذا ذكره القرآن أيضا ولكن بمدلوله الصحيح :-

        ( فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ) [العنكبوت : 65]
        ( وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُم مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ ) [الروم : 33]
        .

        كما تلاحظون القرآن يتحدث عن الخشوع والتذلل الذي يصيب الإنسان في أوقات الشدة نتيجة لتركيبته الإيمانية الفطرية ويجد الإنسان نفسه متعلقا بقوة علوية يشعر أنها الوحيدة القادرة علي مساعدته في بلائه وشدته .
        فالإنسان يبحث عن الأمان وقت الخوف وهو يعلم جيدا أن هذا الامان لن يجده سوي مع المطلق الذي فطره هكذا .
        والخوف ليس عيبا بل هو نعمة وهدف مقصود في ذاته لأنه يكسر غرور الإنسان وعجرفته ويعيده إلى واقعه بأنه مخلوق ضعيف مهما تسلط او تجبر .

        هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ [الرعد : 12]

        أشهر الكتابات التي تجد فيها هذا المعنى واضحا هو كتاب عالم الرياضيات الأمريكي جفري لانج ( الصراع من أجل الإيمان ) فهو يحكي تجربته الخاصة و قصة إعتناقه الإسلام وقد فادني هذا الكتاب كثيرا في التعرف على عقلية الملحد فلم أكن قرأت شيئا كهذا من قبل .


        [bdr][/bdr]

        يقول د. النجار :-

        وبالطبع لم يكن الانسان البدائي يعرف القراءة والكتابة ولذلك كل ما تعلمه كان عن طريق التلقين من آبائه واجداده وبالتالي اصبح علم وحكمة الاباء والاجداد، اي الاسلاف، كنزاً قيماً يحفظه الاشخاص كبار السن في القرية او القبيلة. ويصبح الشخص الاكثر علماً رئيساً للقبيلة، وطبيباً يعالج امراضهم بما تعلمه من الاسلاف، ويحكم بينهم بما يراه عدلاً ان نشب بينهم خلاف. ولا شك ان موت شخص كهذا يمثل فقداً عظيماً للقبيلة، تحاول تعويضه بأن تتخيل ان روح هذا الفقيد ما زالت تعيش بينهم وتحاول ارشادهم الى ما فيه خيرهم. وبالتدريج اصبح لمثل هذه الروح مكانة عظيمة في ثقافة و " فولكلور" هذه المجموعات من البشر، ونتج عن هذا ما يسمى ب " عبادة الاسلاف Ancestor Worship ". فكان اذا اصاب هذه المجموعة شر او مرض، عزوه الى ان روح احد الاسلاف غاضبة عليهم ولذلك وجب عليهم إرضاءها بالرقص وبتقديم الهدايا والقرابين. وهذه الهدايا والقرابين تمثل ركناً مهماً من اركان الدين، اذ يقوم الدين على ركنين: إيمان وعمل. والعمل تابع للايمان، فهو شعائره ومظهره. ومن هذه الشعائر الرقص والسحر والقرابين والمعابد. وما زالت بعض القبائل في امريكا الجنوبية تؤمن بهذا القول وتعمل به .
        إفتراض عبادة الأسلاف الذي قال به ( سبنسر ) تكمن نقاط ضعفه الأساسية في بساطته التي تقترب من حد السذاجة . فالأديان عند الإنسان ليست بهذه البساطة بل هي معاني معقدة جدا ومتشابكة .
        فالإنسان القديم لو كان يعتقد بألوهية أسلافه فكيف كان يظنهم بشرا في البداية ولو كان يعرف أنهم بشر في الحقيقة فكيف تحولوا عنده لآلهة بكل بساطة علما بأن أرواحهم في حاجة لجسد لتستقر والمفروض أن الآلهة ليست في حاجة لشيء ( لاحظوا أننا نتكلم عن بدايات ظهور الدين ولا علاقة لنا بالحالات التي أضافت قدسية زائفة على بعض البشر فيما بعد ) .
        هناك أمثلة حية تنفي فرضية عبادة الأسلاف وهم قبائل وسط استراليا فهم يؤمنون بعقيدة عودة ارواح أسلافهم ولكنهم لا يعبدونهم ولا يعتبرونهم آلهة .
        سبنسر لم يكن موفق في نظرية الدارونية الاجتماعية على أي حال .


        [bdr][/bdr]


        يقول د. كامل النجار :-

        ولكي يُقرّب الانسان البدائي كل هولاء الآلهة الى ذهنه تخيّل لهم اشكالاً معينة ونحت اصناماً تمثلهم على الارض، وجاء وقت اعتقد فيه الانسان ان لهذه الاصنام قوة – اذا تقدم لها بقربان – على ان تفعل الخير له وتُلحق الضرر بأعدائه. فاذا تنازع رجل مع جاره جاء الى صنمه المحبوب وصلى له ليلحق الضرر بجاره، ولكن الجيران هم الاخرون كانت لهم اصنامهم. وبينما يدعو الرجل اصنامه لتضر أعداءه، راح يشعر بالقلق إزاء ما قد تفعله اصنام اعدائه له ولأهل بيته. واضطر الناس ان يفكروا في شئ يحميهم من اصنام اعدائهم، فوضعوا حول اعناقهم تماثيل صغيرة لاصنامهم لحماية انفسهم من قوة الارواح الشريرة التي تُحارب في صفوف الاعداء. واصبحت هذه التماثيل الصغيرة هي التمائم او " الطواطم "Totem و بدأ بعض الناس يعتقدون ان بعض هذه التمائم تستطيع القاء التعاويذ على الآخرين وتجعلهم يمارسون السحر. وراح هولاء البعض يؤمنون بأنهم بهذه التمائم ومناداة الاسماء الحقيقية لبعض الارواح يستطيعون فتح ابواب المستقبل ورؤية ما يُخبئه لهم .
        قام السيد ( روبرتسن سميث ) بشرح تفصيلي لفكرة الطومطم في كتابه ( ديانة الساميين ) وقد أثرت اراءه في الدراسات التي أجريت على الأديان فيما بعد .
        النقد الموجه لهذه الصورة عن الدين البدائي يتمثل أساسا في الآتي :-


        - لا يوجد دليل على أن الإنسان كان يظن هذا الطومطم إلها بل الراجح أن الطومطم يمثل في نظره شيئا له إحترامه ولكنه ليس إلها .

        أمثلة كثيرة لقبائل عندها طومطم ولكنها لم تعبده ولم تضيف عليه أي سمات إلهية .
        - فكرة الطومطم ليست فكرة عالمية منتشرة . فكثير من المجتمعات لم تمر بهذه المرحلة الإنتقالية من تطور الأديان .
        - فكرة الله في المجتمعات عموما هي إحساس بوجود قوة علوية تتحكم في الحياة وتدير شؤونها والطومطم ليس هو هذه القوة بل مجرد رمز لهذه القوة أما الإله نفسه فيكمن فيما وراء الطومطم وليس في الطومطم نفسه .
        - أما أقوى الإنتقادات الموجهة لفكرة الطومطم سواء تم اعتبارها أساس لبداية الأديان أو مرحلة من مراحل تطورها فهو يكمن في كون عقيدة الطومطم لم تكن أكثر من تعبير عن رمز للقبيلة أو المجتمع البسيط تستمد منها القبيلة قوتها الإجتماعية . الجميع يتعامل مع فكرة العقيدة على أساس أنها تنشأ كفكرة موحدة من عقل المجتمع ككل وألغوا تماما العقل الفردي .
        صحيح عقلية الجماعة تؤثر في عقلية الفرد إلى حد ما ولكنها لن تفكر بدلا منه بطبيعة الحال .
        ما تناساه البعض هو أن البحث عن الله هو تفكير فردي خاص بكل فرد على حدة يرفض في أوقات كثيرة هيمنة العقل الجماعي وسيطرتها عليه .
        لهذا أقول ان الطومطم ليس هو العقيدة في الواقع بل مجرد تقليد إجتماعي أو ربما عادة قبلية .
        [frame="10 98"]
        ـ لقد كنا العلمـاء والمعلِّمين .. يوم كانوا يعيشون في ظلام العصور الوسطى ويدفعون ثمن إلغاء (الكنيسة) لدور العقل .. بينما كنا على الضدّ .. فقد كان (المسجد) في حضارتنا .. جامعاً وجامعةً معاً ..

        ـ وما زال الطريق مفتوحاً أمامنا للعودة إلى قيادة الحضـارة .. وما زلنا نملك المؤهلات ..

        وإننـا بإذن الله ـ لعـــائدون ...
        [/frame]

        تعليق


        • #5
          المشاركة الأصلية بواسطة ياسر جبر مشاهدة المشاركة
          بارك الله فيك أخي وجزاك الله كل خير.

          إن شاء الله تعالى يقوم الأخ الحبيب - وليد المسلم بعمله كتاب الكتروني في موقعه الذي يعده حاليا", وإن شاء الله تعالى سيكون أكبر موقع للرد على النصارى .

          كما يقوم الأخ منور بوضعه في موقعه سبيل الإسلام.

          بارك الله فيك وجزى الله الأخ نيقولا وإياك كل خير.
          بارك الله فيك أخى الحبيب ... والله أثلجت صدرى بهذا الخبر ... إذن لا داعى للتكملة ما دام الأخوة سيتكفلون بعمله كتاب إلكترونى ... جزاكم الله خيراً ....


          عموماً لمن يريد الاطلاع على محتوى البحث كله مؤقتاً لحين عمله كتاب إلكترونى ... يمكنه الرجوع لهذا الرابط ...

          http://www.ebnmaryam.com/vb/showthread.php?t=9704

          جزاكم الله خيراً ..
          [frame="10 98"]
          ـ لقد كنا العلمـاء والمعلِّمين .. يوم كانوا يعيشون في ظلام العصور الوسطى ويدفعون ثمن إلغاء (الكنيسة) لدور العقل .. بينما كنا على الضدّ .. فقد كان (المسجد) في حضارتنا .. جامعاً وجامعةً معاً ..

          ـ وما زال الطريق مفتوحاً أمامنا للعودة إلى قيادة الحضـارة .. وما زلنا نملك المؤهلات ..

          وإننـا بإذن الله ـ لعـــائدون ...
          [/frame]

          تعليق


          • #6
            موضوع رائع وأسلوب متميز

            بارك الله في الكاتب والناقل

            أثابكم الرحمن
            [glow="Black"]
            « كَفَى بِالْمَرْءِ عِلْماً أَنْ يَخْشَى اللَّهَ ، وَكَفَى بِالْمَرْءِ جَهْلاً أَنْ يُعْجَبَ بِعِلْمِهِ »
            جامع بيان العلم وفضله - ابن عبد البر
            [/glow]

            [glow=Silver]
            WwW.StMore.150m.CoM
            [/glow]

            تعليق


            • #7
              إذن لا داعى للتكملة ما دام الأخوة سيتكفلون بعمله كتاب إلكترونى
              بل أكمل أخى الحبيب
              أتابع باهتمام منذ أنزلت الموضوع
              الأفضل أن تكون لدينا نسخة ثابتة على المنتدى
              ويتم عمل الكتاب الأليكترونى لنشره بالمنتديات
              فتكون لدينا نسخة على المنتدى نرفع منها الكتاب الأليكترونى كلما اقتضت الحاجة
              فبعض الكتب الأليكترونية لا تفتح بعد فترة لظروف المنتدى المرفوع عليه من حيث المساحة وغير ذلك
              وهذا كتاب جيد يجب ألا نفقده
              كما أتوقع أن تكون هنا إضافات قيمة يضيفها الإخوان يمكن أن تضاف إلى الكتاب الأليكترونى بعد مناقشته
              أرجو ألا أكون قد أثقلت عليك
              إستمر وجزاك الله خيرا
              أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
              والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
              وينصر الله من ينصره

              تعليق


              • #8
                جزاكم الله خيراً اخوانى ...


                نكمل إن شاء الله ...
                [frame="10 98"]
                ـ لقد كنا العلمـاء والمعلِّمين .. يوم كانوا يعيشون في ظلام العصور الوسطى ويدفعون ثمن إلغاء (الكنيسة) لدور العقل .. بينما كنا على الضدّ .. فقد كان (المسجد) في حضارتنا .. جامعاً وجامعةً معاً ..

                ـ وما زال الطريق مفتوحاً أمامنا للعودة إلى قيادة الحضـارة .. وما زلنا نملك المؤهلات ..

                وإننـا بإذن الله ـ لعـــائدون ...
                [/frame]

                تعليق


                • #9
                  تابع الفصل الأول
                  ============

                  يقول د. كامل النجار :-
                  ولما تقدم الانسان البدائي في حياته واصبح مزارعاً، صارت مياه الامطار والانهار مصدر رزقه وقوته. ولما كان اعتماده على فيضان الانهار كبيراً، نجد ان قدماء المصريين، مثلاً، قدموا القرابين من العذارى لنهر النيل لكي يرضى عنهم ويفيض عليهم بالخيرات. وكذلك فعلت مجموعات اخرى من البشر. وقد ارتبطت فكرة خصوبة الارض بخصوبة الام التي تنتج اطفالاً كثيرين، ونتج عن هذا فكرة " الإلهة الام Mother Goddess". ونحت النحاتون الاصنام على هيئة أمرأة حبلى وعارية. وقد وجُدت هذه التماثيل في عدة اقطار في اوروبا والشرق الاوسط والهند. وقد سميت " الالهة الام" بعدة اسماء، فكانت " إنانا Inana" في " سومر Sumeria " و " عشتار Ishtar" في بابل و" عنات Anat" في ارض كنعان ( فلسطين) و " ايسيس Isis" في مصر و " افرودايتي Aphrodite" في اليونان.
                  كما يقول فراس سواح في كتابه ( الأسطورة والمعنى ) ماذا لو وجدنا الأساطير القديمة تصف الإله بأنه ( له عيون كثيرة وله آذان كثيرة ) ؟
                  هل نفهم من ذلك أن القدماء كانوا يعبدون وحشا بعدة رؤوس كما نراه في سينما الجرافيك ؟!
                  الأمر ليس كذلك طبعا بل نحن من أسأنا الفهم فالقدماء يرمزون فقط أن الإله ( سميع بصير ) .
                  هنا تظهر مشكلة الفارق في التعبير بين لغة القدماء ولغتنا اليوم .


                  لغة القدماء كانت لغة رمزية تصويرية حية كتبوها لأنفسهم ولم يكتبوها لنا ولذلك من الخطأ أن نأتي اليوم وبعد آلاف السنين ونتعامل مع هذه الرموز بشكل حرفي .

                  في بحث لجمعية التجديد الثقافية بالبحرين تحت عنوان :-
                  الأسطورة.. توثيق حضاري
                  http://www.tajdeed.org/article.aspx?id=10128
                  تجد عرض جديد يصحح الكثير من المفاهيم المغلوطة عن الاساطير القديمة .
                  فأسماء مثل ( إنانا ) و ( عشتار ) و ( عنات ) لم تكن ترمز لآلهة يعبدونها بل لمظاهر الطبيعة وقوانينها ومنها قانون ( الخصوبة ) .

                  الكتاب الذي يعتمد عليه كامل النجار هنا هو كتاب ( History Of God ) للسيدة كارين أرمسترونج .
                  ومع أننا نكن كل الإحترام لها إلا أن كتابها هذا ليس دراسة علمية بقدر ما يمثل تطور فكرة الإله من خلال وجهة نظرها هي وليس من وجهة نظر التاريخ .


                  في هذا الجزء من كتابها كانت تتكلم عن ( إله الحاجة ) أو ( الإله الشخصي ) فتفترض أن الإنسان قديما إختار إلها يمثل حاجته فإن كان مزارعا فهو يختار إله للخصوبة وهكذا .... .
                  نحن نوافق السيدة أرمسترونج بأن أساطير ( إنانا وعشتار وعنات ) ليست أشخاص حقيقية بل هي تعبير فكري بأسلوب تجسيدي تصويري وهذا يقودنا لسؤال حقيقي :-
                  لماذا إذن نفسر هذه الأساطير بشكل حرفي صارم ؟
                  لماذا نفترض أنهم آلهة وليس مجرد مظاهر لقوى الطبيعة وقوانينها ؟


                  السيد صمويل كريمر الباحث المتخصص في الكتابات السومرية يعترف بالقصور في فهم وترجمة الكتابات القديمة ويقول :-
                  ( وهذا وأراني في غنى عن القول أن عددا ليس بالقليل من الكلمات والعبارات السومرية لايزال مشكوكا فيه وغير محقق وإني على ثقة تامة بأن أحد الأساتذة الباحثين سيوفق في المستقبل إلى ترجمة أدق وأضبط ) .
                  الأسطورة.. توثيق حضاري

                  السيدة أرمسترونج لمن لا يعرفها هي انجليزية المولد عملت كراهبة كاثوليكية لفترة ثم تحولت للكتابة وهي تتمتع بالقبول في الاوساط الاسلامية وقد قامت بدراسة الاسلام لمدة عشرين عاما حسب قولها ولها كتابات عن الاسلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم مثل كتاب ( الاسلام :- تاريخ قصير ) وكتاب ( محمد :- سيرة النبي ) .


                  [bdr][/bdr]

                  يقول د. كامل النجار :-
                  وفي حوالي العام 4000 قبل الميلاد ظهرت حضارة عظيمة في منطقة ما بين النهرين (دجلة والفرات) " Mesopotamia "، اسسها قوم عرفوا ب "السومريون Sumerians"، بنوا مدن مثل " أور Ur" و " كيش Kish" وبنوا معابد ضخمة لآلهتهم . وجاء بعدهم " الكلدانيون " Chaldians " والاكديون " Akkadians" وبنوا اعظم مدينة في ذلك الحين وسموها " بابل" وتعني هذه التسمية " باب أيل" و"أيل " هذا هو إله الساميين القدماء. وكانت مدينة بابل مشهورة بالجنائن المعلقة التي بناها الملك نبخذنصر لزوجته، وتعتبر هذه الجنائن من عجائب الدنيا السبعة. وكان الكلدانيون يعتقدون ان للآلهة في السماء قصوراً ضخمة وحدائقا، ولذلك بنوا بابل على طراز القصور السماوية، كما تخيلوها1. وكان في اعتقادهم ان كل الآلهة اتحدوا مع بعضهم البعض وتغلبوا على قوى الفوضى التي كانت تسيطر على العالم. ولذلك كانوا يقيمون احتفالاً سنوياً يستمر احدى عشر يوماً يلقي فيه رجال الدين الاشعار الدينية مثل قصيدة "إنيوما إليش Enuma Elish" التي تمجد انتصار الآلهة على قوى الفوضى وتحكي قصة خلق الكون. وتبتدئ القصة بخلق الآلهة انفسهم. تدعي الاسطورة ان الآلهة ظهروا، كل إلآهين مع بعض، من ماء مقدس كان موجوداً منذ القدم. واكبر ثلاثة من الآلهة كانوا: أبسو Apsu" إله المياه العذبة، وزوجته " تيامات Tiamat" إلهة المياه المالحة، و " مومو Mummu" إله الفوضى. ثم تكاثرت الآلهة بأن خرج إلاهان من كل إله قبلهم. فظهر " لاهمو ولاهامن" "Lahmu and Lahamn"، إله الماء وإله الارض. ثم ظهر " أنشر" و "كٍشر" " Ansher and Kisher"، اله السماء واله البحر. واخيراً ظهر إله الشمس " ماردوخ Marduk "، الذي تغلب على الالهة " تيمات" وخلق كل القوانين التي تحفظ توازن العالم. واخيراً خلق " ماردوخ" الانسان .

                  من يقرأ أسطورة التكوين البابلية ( انيوما اليش ) يجد فيها دقة علمية تجعل أي إنسان يتساءل كيف عرف هؤلاء هذه الأمور في هذا الوقت ؟
                  يستحيل على أي عاقل أن يصدق أنهم توصلوا لذلك صدفة فهذا وحيا بلا شك .

                  كما قلنا أن القدماء كانوا يكتبون علومهم وعقيدتهم بأسلوب قصصي تصويري ومن الخطأ فهم هذه الأساطير بشكل حرفي .

                  فإله المياه العذبة ( إبسو ) ليس إلها معبودا وكذلك ( تيامات ) إلهة المياه المالحة فكل هذه رموز عن مظاهر وقوانين الطبيعة .

                  هذا هو الأسلوب الأسطوري القديم في تعبيره عن خلق الكون في شكل صراع بين قوى الطبيعة بشكل تجسيدي رمزي .

                  لو فكرنا بنفس الأسلوب المادي وتصوره عن الإنسان الأول ككائن تائه بلا دين وبلا علم سنجد نصا مثل ( إنيوما إليش ) يوقعنا في حيرة كبيرة . من أين جاء القدماء بهذه الأفكار ؟

                  هذا التصور الساذج للإنسان القديم ( يسمونه بدائي ) ناتج عن فكرة خاطئة هي :- ( طالما الإنسان القديم كان بدائيا في أدواته فهو حتما كان بدائيا في ثقافته وطقوسه الدينية ) .

                  وعندما نرفض هذا التصور الغير عادل فإننا نرفضه لأن الأشياء المادية كالحجارة والعظام إن كانت تشير لبدائية صناعاته فهي ليست دليلا على بدائية ثقافته وديانته .
                  فالعلوم الإنسانية لا تسير مع الصناعات وعلوم التكنولوجيا في نفس الطريق ولا علاقة بينهما .
                  النزعة الدينية عند الإنسان لم تأتي بالتطور كما يقول الماديون بل هي فطرية يدعمها الوحي وهي تختلف عن المعرفة و الصناعات التي تطورت بمرور الزمن فهي فروع مكتسبة .


                  عالم النفس الأمريكي ( سكينر ) وهو من رجال المدرسة السلوكية يقول أن سقراط لو بعث في أيامنا الحالية لاكتشف مفاجأتين : -
                  الأولى هي شعوره بأنه طفلاً صغيراً لايفقه شيئاً في العلوم الحديثة و سوف يصعق من المعلومات الجديدة عن الفيزياء النووية بتركيب مضاد المادة ، وعلوم البيولوجي وكشف التركيب الجيني في نواة الخلية .
                  ولكن المفاجأة الثانية هي أن العالم لم يتغير كثيراً في الحوارات الفلسفية والعلوم الأخلاقية الانسانية وسيجد نفسه يخوض فيها خوض المغامر الجسور
                  .

                  فليس هناك تطور في علوم الإنسانيات وما زالت الأسئلة الكبرى من نوع ( من يكون الإنسان ؟ وكيف نشأت الحياة ؟) تتردد بدون أي إجابة وإذا انتظر الملحد عمره كله بل أعمار البشرية جمعاء فلن تعطيه العلوم التجريبية إجابة . فقط الدين هو من يقول :- إليكم الإجابة علي وجه اليقين . ولابد أن تسلم لها تسليم إيمان .

                  ولكن ماذا يقول الإسلام عن بداية فكرة العقيدة والدين ؟

                  القرآن ينفي ما يقوله الملحدون ويقر بان الإنسان فطر على التوحيد منذ البداية وأن تعدد الآلهة لم يكن البداية بل هو انحراف وقتي عن طريق الفطرة :-
                  فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ( الروم 30 ) .
                  وأن الرسل كانوا ينيرون له الطريق ليعود إلى الحق .
                  قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارا - ًوَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً - وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلَا سُوَاعاً وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً - وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالاً .
                  وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ {69} إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ {70} قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ {71} قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ {72} أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ {73} قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ {74} قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ {75} أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ {76} فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِين .َ

                  الخطأ الذي وقع فيه هؤلاء الماديون هو أنهم وضعوا موضوع العقيدة في نفس الخانة مع باقي أنواع المعرفة باعتبار كليهما أمور مكتسبة خاضعة للتطور .
                  ولكن ماهي الفطرة ؟
                  مفهوم الفطرة كمصدر من مصادر المعرفة البشرية دار حوله جدل فلسفي كبير وما زال :-
                  (كانت) كان يفترض أن الجانب الصوري للادراكات والعلوم الإنسانية كله فطري بما يشتمل عليه من صورتي الزمان والمكان والمقولات الاثنتي عشرة المعروفة عنه وهو بهذا يقلص دور الحس كمصدر للمعرفة بشكل كبير .
                  وهذا يعد منه شطط غير صحيح فالنفس البشرية بسيطة ولا يمكن أن تكون سبباً بصورة فطرية لكل هذا العدد من الأفكار، بل يجب أن يكون وجود هذا العدد الضخم من الادراكات لدى النفس بسبب عوامل خارجية كثيرة، وهي آلات الحس وما يطرأ عليها من مختلف أنواع الإحساسات .

                  القرآن أيضا يوضح أن العلوم البشرية مصدرها الحس (سمع وبصر وفؤاد ) وأن الإنسان يولد لا يعلم شيئا :-
                  ( وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) النحل 78 .


                  على الجانب الآخر نجد (جون لوك) الفيلسوف الإنجليزي وضع دراسة مفصلة للمعرفة الإنسانية في كتابه (مقالة في التفكير الإنساني) وحاول في هذا الكتاب إرجاع جميع التصورات والأفكار إلى الحس بما ينفي دور الفطرة تماما وليس للذهن بناء على قول ( لوك ) إلا التصرف في صور المعاني المحسوسة، وذلك بالتركيب والتجزئة أو بالتجريد والتعميم .
                  وهذا أيضا شطط غير صحيح فهناك بعض المفاهيم في الذهن البشري لا يمكن إرجاعها إلى الحس مثل :- السبب والنتيجة (العلية) - الجوهر والعرض- الإمكان والوجوب- الوحدة والكثرة- الوجود والعدم . فكلها مفاهيم غير محسوسة .

                  التصور الإسلامي للفطرة هو أن الإنسان يولد ولديه ميل طبيعي نحو الحق ( قلب سليم ) وهذا الميل يتشوه ويشوش عليه بإرتكاب بعض الأفعال التي نهانا الله عنها فيفقد جهاز الإستشعار قدرته ( قلب مريض ) .
                  لكي نفصل الأمر أكثر تعالوا نقرأ تجربة نبي الله إبراهيم في صورة الصافات :-
                  ( وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ ) .
                  ( إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيم ) .
                  ٍ( إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُون ) .
                  ( أَئِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ ) .
                  ( فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِين ) .
                  ( فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُوم ) .
                  ِ( فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ ) .
                  إبراهيم لم يكن يشارك قومه عاداتهم وأفكارهم المريضة ( قلب سليم ) لذلك لم يكن ميالا لما يعبدون وعندما نظر للنجوم وكانت آلهة عند البعض شعر أنه سقيم .
                  هنا فإبراهيم عليه السلام رفض كل الأباطيل بفطرته التي لم تتشوه بعد .
                  وظل يبحث عن المطلق ليسلم له وجهه .
                  هذا المعني المطلق هو الله خالق السماوات والأرض وهذا التسليم هو الإسلام دين الله الحنيف منذ الخلق الأول .
                  أما المعارف والصناعات والتقنيات فهي أمور مكتسبة ناتجة عن تفاعل الحواس مع البيئة المحيطة .


                  [bdr][/bdr]

                  ثم يقول د. النجار مختتما هذا الفصل :-


                  ويلاحظ القارئ ان جميع الديانات المنزلة نزلت في الجزيرة العربية. فالهند والصين واليابان وجنوب شرق آسيا، مثل كوريا وفيتنام ولاوس مجتمعة تمثل اليوم اكثر من نصف سكان العالم، اي حوالي اثنين مليار ونصف المليار شخص. كل هولاء الناس يدينون بالديانات البوذية او " الهندوس" وهي ديانات وضعية غير منزلة. وسكان الجزيرة العربية مجتمعة، لا يتعدون المائة مليون شخص. فلو رجعنا بتعداد سكان العالم الى الوراء بطريقة عكسية " Regression " نستطيع ان نقول قبل حوالي 4000 سنة، لو كان سكان الجزيرة العربية مليون شخص، افتراضاً، فان سكان الهند والصين واليابان مجتمعه، يكون تعدادهم ما يقارب 250 مليون شخص. والسؤال الذي يفرض نفسه هو: لماذا ارسل الله كل هولاء الرسل الى مليون شخص في منطقة فلسطين والجزيرة العربية وتجاهل المائتين وخمسين مليون الآخرين؟ لم ينزل ولا رسول واحد بلغة الصبن او الهند او اليابان .
                  لم أفهم ماذا يقصد الرجل بكلمة ( الديانات المنزلة ) !!!!!
                  فحسبما أعلم ويعلم كل المسلمين أن الله لم ينزل سوي دين واحد منذ آدم حتى الآن .
                  لو أنه يقصد الرسل والأنبياء فمن قال له أن كل الرسل والأنبياء افتصروا فقط على الجزيرة العربية . هل القرآن يقول ذلك ؟!!

                  التوراة تقصر الرسل علي اليهود فقط ولكن الرجل يكتب نقدا للاسلام وليس للتوراة على
                  حد زعمه .


                  هذه الفكرة الشهيرة أن المنطقة العربية هي المكان الوحيد للأنبياء فكرة خاطئة تسبب فيها كاتبوا العهد القديم بإدعاءهم أن كل الأنبياء يهود .

                  كما نعلم أن ما من أمة إلا أتاها رسول أو نذير من الله كما يخبرنا القرآن :-
                  وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَاء رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ [يونس : 47]
                  وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاء أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ [غافر : 78]


                  من يدرينا أن بوذا وكونفوشيوس و سقراط ليسوا أنبياء ووصلتنا الأخبار عنهم محرفة مكذوبة كما حدث مع غيرهم ؟ !!!!
                  من يدرينا أن زاردشت وماني ليسوا أنبياء تشوهت دعوتهم بمرور الزمن ؟

                  لو لم يخبرنا القرآن بالقصة الحقيقية لعيسى ومريم عليهما السلام لكان من الصعب أن نفرق بين زيوس و ( Jesus ) .


                  قبائل النيام نيام و الماو ماو مثلا تؤمن بإله واحد يسكن في السماء لا يمكن رؤيته ولا يلد ولا يولد وليس له شريك فقط يأمر وأمره حق يحكم بين الناس بالحق يسمونه ( Mucay ) . أليس هذا هو دين الله ( الإسلام ) .

                  في كتاب للسيد ليوبولد بوسبسيل (Leopold Pospisil) بعنوان قبائل الكاباكو في غينيا الغربية يتحدث الرجل عن دين هؤلاء القوم وأنهم يعبدون إلها يسمونه (Ugatame ) وهو الخالق العليم القادر المحيط بكل شيء علما ولا يرى و لا يدرك بالحواس .
                  ثم ينقل لنا السيد بوسبيل حوارا بين رجل من هؤلاء القوم وأحد المبشرين يستنكر فيه هذا الرجل البسيط كيف للإنسان الأبيض أن يكون متقدما ويخترع الطائرات وفي نفس الوقت يؤمن بإله يتجسد لكي يصلبه البشر !!!

                  أليس هذا هو نفس المنطق الإسلامي في حوارهم مع الأصدقاء المسيحين ؟
                  أليست صفات الله عندهم هي نفس الصفات في الإسلام ؟
                  الكتب الدينية الهندية مثل كتاب ( Vedas ) وهو يتكون من أربع أجزاء من الممكن جدا أن تكون وحيا إلهيا تغير بمرور الزمن .
                  في عام 1935 كتب الدكتور بران ناث ( Dr.Pran Nath ) مقالا في صحيفة التايمز الهندية يقول فيه أن كثير من أحداث هذا الكتاب تتشابه مع الكتابات البابلية والمصرية .

                  وفي كتاب ( الملل والنحل ) للشهرستاني ينقل الرجل لنا الكثير من عقائد أهل الهند
                  والمجوس فنجد أن معظمهم كان يؤمن بالأنبياء ويذكر فرقة تسمى ( الثنوية )
                  كانت تؤمن بنبي الله ابراهيم .


                  الإنحراف يأتى عندما يشرك البشر آلهة أخرى مع الله رغم أن الأنبياء حذروهم من ذلك .
                  - مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ .( 79 )
                  - وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ .(80 )
                  - وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ .(81 )
                  - فَمَن تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ .(82 )
                  - أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ
                  يُرْجَعُونَ .(83)
                  - قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ .(84)
                  - وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران : 85]


                  هذا هو الإسلام الذي يجهل عنه كامل النجار كل شيء !!!
                  [frame="10 98"]
                  ـ لقد كنا العلمـاء والمعلِّمين .. يوم كانوا يعيشون في ظلام العصور الوسطى ويدفعون ثمن إلغاء (الكنيسة) لدور العقل .. بينما كنا على الضدّ .. فقد كان (المسجد) في حضارتنا .. جامعاً وجامعةً معاً ..

                  ـ وما زال الطريق مفتوحاً أمامنا للعودة إلى قيادة الحضـارة .. وما زلنا نملك المؤهلات ..

                  وإننـا بإذن الله ـ لعـــائدون ...
                  [/frame]

                  تعليق


                  • #10
                    الفصل الثاني
                    ==========


                    في هذا الفصل يسترسل د. كامل النجار في سرد عادات المجتمع العربي قبل الإسلام مبرزا التشابه بينها وبين العادات الإسلامية ثم يطرح علينا في النهاية سؤالا نسمعه كثيرا :-
                    ما الجديد الذي جاء به الاسلام ؟

                    في الحقيقة المسلم يفاجأ أحيانا بأسئلة لا يجب أن توجه له لو كان محاوره يقرأ .
                    فأنا كمسلم أجد نفسي في حيرة شديدة عندما أقرأ أسئلة مثل هذه .
                    هذه النوعية من الأسئلة تؤكد لي أن كاتبها لا يعرف الكثير عن الإسلام .

                    الرجل ظل يسرد كلاما كثيرا كمقدمة ليؤهل عقلية القاريء أنه سيصل لنتيجة هامة ثم فجأة تجده يقدم لك إفتراض !

                    لماذا يسأل هذا السؤال ؟
                    هو يتوقع أن المسلم في سذاجة سيبدأ في تجميع كل ما جاء به الاسلام وعندما ينتهي يبتسم د. كامل النجار في ثقة ويقدم أدلته أن كل شعائر الاسلام كانت معروفة من قبل وبالفعل هو استعرض كثيرا في اثبات ذلك .

                    ولكن مهلا :

                    من قال أن الإسلام بدعة أو شيء جديد لم يسمع به الناس من قبل ؟
                    يخيل لي أن د. كامل النجار لم يقرأ القرآن قط !!
                    تعالوا نرى ماذا يقول القرآن في سورة الزخرف حول هذا الشأن :-

                    - وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ .
                    - إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ .
                    - وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ .
                    - بَلْ مَتَّعْتُ هَؤُلَاء وَآبَاءهُمْ حَتَّى جَاءهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُّبِينٌ .
                    - وَلَمَّا جَاءهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ .


                    فدعوة ابراهيم عليه السلام ظلت باقية في هؤلاء القوم حتى جاءهم النبي محمد عليه الصلاة والسلام يعيدهم إليها مرة أخرى .

                    النبي الكريم لم يأت بشيء جديد مبتدع بل جاء مذكرا بشيء قديم يعرفونه :-
                    فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ . [الغاشية 21 )

                    قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ [الأحقاف 9 )

                    قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [البقرة 136 ) .

                    - بخصوص الصلاة فلم تكن بدعة بل كانت مفروضة على كل الأمم السابقة ثم خلف بعد ذلك من أضاعها و اتبع الشهوات :-

                    أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً - فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً .

                    - بخصوص الصوم فقد كتب علي المسلمين كما كتب على الذين من قبلهم :-
                    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ .

                    والزكاة كذلك :-

                    وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَةُ - وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ .

                    و الحج شريعة موجودة قبل النبي محمد منذ أمر الله لابراهيم :-

                    وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ .


                    لو نظرنا لسؤال د. كامل النجار مرة أخرى : ما الجديد الذي جاء به الإسلام ؟
                    فتجد أنه سؤال غريب ناتج عن سوء فهم كبير
                    !!
                    [frame="10 98"]
                    ـ لقد كنا العلمـاء والمعلِّمين .. يوم كانوا يعيشون في ظلام العصور الوسطى ويدفعون ثمن إلغاء (الكنيسة) لدور العقل .. بينما كنا على الضدّ .. فقد كان (المسجد) في حضارتنا .. جامعاً وجامعةً معاً ..

                    ـ وما زال الطريق مفتوحاً أمامنا للعودة إلى قيادة الحضـارة .. وما زلنا نملك المؤهلات ..

                    وإننـا بإذن الله ـ لعـــائدون ...
                    [/frame]

                    تعليق


                    • #11
                      جزاك الله خير أخي الغالي الأندلسي

                      وبارك الله فيك وفي الحبيب نيقولا

                      وجعل مجهودكما في ميزان حسناتكم آمين

                      ____________



                      _______
                      سننتقل لمناقشة موضوع الكتاب و سأحاول أن أكون هادئا قدر الإمكان ولكن لا أعدكم بشيء فالكتاب كبير وتسبب في انفجار شرايين مخي من الغيظ وأنا الآن رجل أملك مخا بلا شرايين فاغفروا لي زلاتي وأنا في هذه الحالة .
                      أعتقد أنها لسان حالك يا أندلسي ولسان حال كل من يعرف أو تعامل مع مُدعي ألأسلمة


                      مايزيد حنقك وغيظك غير إنه قذر غلاط ...إنه بيستهبل في المعلومة أو نكون كمسلمين متأكدين أن ما يقوله سذاجة ولا يمكن ان يكون هذا قول مسلم أو مسلم سابق , ومع ذلك فهو يضرب عرض الحائط ويعتقد إنه أقنعك بتاريخه الأسلمي ...وكأنه جاب الخلاصة ولبس المسلم العمة ...

                      أقسم بالله العلي العظيم قسم أحاسب عليه ....
                      لن تجد إنسان مسلم واحد , وُلد مُسلماً وتعمق في دينه ويتنصر ...
                      إطلاقاً

                      __________

                      بارك الله فيك أخي ....أكمل
                      "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
                      رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
                      *******************
                      موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
                      ********************
                      "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
                      وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
                      والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
                      (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

                      تعليق


                      • #12
                        جزاك الله خيراً أخى الحبيب ... وبالفعل كما قلت أخى الفاضل ... فهناك أدلة موجودة فى الكتاب نفسه تؤكد أن هذا الرجل لم يكن يوماً مسلماً ( ولو فى البطاقة) سيأتى ذكرها إن شاء الله ... حسناً فلنتابع بارك الله فيكم ...
                        [frame="10 98"]
                        ـ لقد كنا العلمـاء والمعلِّمين .. يوم كانوا يعيشون في ظلام العصور الوسطى ويدفعون ثمن إلغاء (الكنيسة) لدور العقل .. بينما كنا على الضدّ .. فقد كان (المسجد) في حضارتنا .. جامعاً وجامعةً معاً ..

                        ـ وما زال الطريق مفتوحاً أمامنا للعودة إلى قيادة الحضـارة .. وما زلنا نملك المؤهلات ..

                        وإننـا بإذن الله ـ لعـــائدون ...
                        [/frame]

                        تعليق


                        • #13
                          الفصل الثالث
                          ==========




                          تحت عنوان مولده وطفولته


                          يقول د. كامل النجار :-



                          - ولنسأل انفسنا سؤالاً بسيطاً. اذا كان الله قد ارسل محمداً لاهل مكة والجزيرة العربية في المكان الاول، كما يذكرنا القرآن في عدة آيات انه انزله قرآناً عربياً، لماذا ارتجس ايوان كسرى في العراق وخمدت نار المجوس في بلاد فارس ولم يحدث شئ في مكة وجوارها، أما كان الاجدر في الليلة التي ولد فيها رسول الله ان يسطع النور الباهر في الكعبة ليقنع اهل مكة ان الله مرسل رسولاً منهم؟
                          - فيحدثنا ابن كثير، مثلاً، ان آمنة بنت وهب، ام النبي، قالت لحليمة السعدية التي ارضعته: " حملت به فما حملت حملاً قط اخف منه". ونحن نعلم ان محمداً لم يكن له اخوة ومات ابوه وامه حبلى به. فكيف تقول انها ما حملت قط حملاً اخف منه وهي لم تحمل غيره؟ وان كانت تعني حمل اشياء اخرى غير الجنين، فهي لا بد قد حملت عدة اشياء اخف من الجنين الذي يزن في المتوسط ثلاثة كيلوجرامات.
                          الجميع يعلم أن الروايات التي تحكي أحداث غريبة وقعت قبل ميلاده صلى الله عليه وسلم مثل سقوط أربع عشرة شرفة من إيوان كسرى وخمود النار التي يعبدها المجوس وتهدم الكنائس حول بحيرة "ساوة" بعد أن غاضت لا نستطيع أن نتأكد من صحتها ونحن كمسلمين زاهدين في هذه الروايات ولا وزن لها شرعا أو عقائديا .
                          د . كامل يكرر ما يقوله علي داشتي ونحن نوافقه في هذه الجزئية وربما تكون هذه هي الفائدة الوحيدة أن يكتب ماركسي كعلي داشتي نقدا للسيرة .
                          لاحظوا معي أن د . كامل النجار لا يقبل هذه الروايات فهل تراه يستمر على منهجه أم يتحول إلى الفرز والإنتقاء حسب هواه ؟
                          ننتظر ونرى .



                          [bdr][/bdr]


                          تحت عنوان زواجه من خديجة


                          يقول د . كامل النجار :-

                          - وقد يسأل سائل: لماذ تزوج محمد، وهو ابن بضع وعشرين عاماً، وكان رجلاً في غاية الوسامة، كما يخبرنا اهل السيرة، لماذا تزوج خديجة بنت خويلد بن اسد بن عبد العزى، وقد كانت قبله عند عتيق بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وولدت له بنتاً، ثم توفى عنها فتزوجت ابو هالة بن زرارة بن نباش بن زرارة بن حبيب بن سلامة بن عدي فولدت له هند بن ابي هالة، ثم توفى عنها فتزوجها الرسول
                          فلماذا اذاً تزوج هذا الشاب ثيباً في الاربعين من عمرها ولديها طفلان؟
                          قد نجد الجواب في حديث نُسب الى عائشة. فقد قال الامام احمد عن ابن اسحاق، اخبرنا مُجالد، عن الشّعبي، عن مسروق، عن عائشة قالت: كان النبي اذا ذكر خديجة اثنى عليها بأحسن الثناء. قالت: فغرت يوماً فقلت: ما اكثر ما تذكرها حمراء الشدقين، قد ابدلك الله خيراً منها. قال: " ما ابدلني خيراً منها، وقد آمنت بي اذ كفر بي الناس، وصدقتني اذ كذبني الناس، وآستني بمالها اذ حرمني الناس، ورزقني الله ولدها اذ حرمني اولاد النساء .
                          فهل يجوز انه تزوجها من اجل مالها؟ وانه عندما كان في عنفوان شبابه، لم يتزوج غيرها، خوفاً من ان تحرمه مالها، ولما ماتت وعمره خمسون عاماً تزوج اربع عشرة امرأة او يزيد؟

                          هل هذا منهج إنسان يدعي الموضوعية فيما يكتب ؟

                          لكي تعرف موقف الكاتب هل هو محايد أم ينقل آراء غيره في الرسول صلى الله عليه وسلم فلابد أن تستمع لرأيه في زواج الرسول من السيدة خديجة .
                          الحديث يتكلم عن إخلاص الحبيب المصطفى للسيدة خديجة رضي الله عنها بعد وفاتها بعشرات السنين .
                          ويثبت ان نبينا الكريم لم ينساها يوما .... والرجل يتكلم عن أن الرسول تزوجها طمعا في مالها !!!

                          التاريخ يثبت ان الرسول رفض المال والسلطان دوما.... وكامل النجار يصر على نقل كلام المستشرقين حرفيا!!!

                          كنا وافقنا على أن الرسول صلى الله عليه وسلم مجرد إنسان وليس مخلوق خارق ولكن كامل النجار يصر على أن يجعله أقل من إنسان !!!
                          صدقوني سهل جدا على أي رجل أن يشرب كذب غيره ثم يأتي ليتقيؤه في كتاب !!!


                          [bdr][/bdr]


                          تحت عنوان نبوته


                          يقول د . كامل النجار :-



                          - والاديان السماوية تقول بان الله خلق آدم وحواء ومنهم انتشر الجنس البشري في الارض، ولذا ارسل الله الرسل لهدايتهم. وقد يسأل سائل: ما الحكمة في ذلك؟ ما دام الله قد خلق الانسان، وهو القادر على كل شئ، لماذا لم يخلقهم كلهم مؤمنين؟ ويجيبنا علماء الاديان بان الله اراد ان يختبر الانسان.
                          ولكن قد نسأل لماذا احتاج الله ان يختبر الانسان وهو عالم بكل سرائره وما سيفعله في حياته من قبل ان يولد الانسان؟ اننا نختبر الانسان لمعرفة قدراته الفكرية او العملية، ولكن اذا كنا مسبقاً نعرف قدرات هذا الشخص، يكون الاختبار اضاعة للوقت والجهد .

                          سنتوقف هنا قليلا :-

                          تعرفون السؤال الفلسفي الشهير :- لماذا خلقنا الله ؟
                          السؤال في الحقيقة يحمل شقين :-

                          الشق الأول هو :- ما الدور الذي ارتضاه الله لنا وخلقنا لنقوم به ؟
                          هنا الإجابة في سورة الذاريات :-

                          (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ - مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ - إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ) . والعبادة هنا بمعناها الشامل .

                          ولكن في الحقيقة الملحد أو اللاديني لا يسأل عن هذا . فهو يسأل عن شيء آخر .
                          الشيء الذي يسأل عنه اللاديني يتضح لنا عندما يعيد الكرة مرة أخرى قائلا :-
                          ولكن الله ليس في حاجة لعبادتنا فلماذا خلقنا إذن ؟

                          الشق الثاني من السؤال :- ما هو الدافع أو الغرض الإلهي الذي جعل الله يخلقنا ؟

                          هذا في الحقيقة ما يسأل عنه اللاديني أو الملحد بإصرار شديد .
                          اللاديني يسأل عن الدافع الإلهي ولكنه ينسى أن الدوافع والأغراض هي نتيجة للحاجة والحاجة هي نتيجة للنقص والله غير ناقص .
                          اللاديني يبحث بإصرار عن نقص في الله ولن يجده أبدا .

                          أي عمل بشري يحركه الدوافع لأن الإنسان ناقص وغير كامل ويبحث عن الكمال .
                          أما الفعل الإلهي فليس وراءه دوافع لأن الله هو الحق وفعله كله حق وقوله كله حق .


                          هناك آية في سورة الأنبياء تعالوا نقرأها أولا :-
                          (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ )

                          عندما نجيب كمسلمين بهذه الإجابة فاللاديني يظن أننا ننهي الحوار .
                          ولكن الآية في الحقيقة لا تغلق باب الحوار ولكنها تتحدث عن صفة من صفات الله .
                          هذه الصفة ( لا يسأل عما يفعل ) ومعناها أن أفعال الله عز وجل غير مسببة .
                          لذلك فلا يوجد ايضا ما يسمى ب ( نية الله ) لأن أفعال الله لا تسبقها نوايا .


                          سيظل اللاديني يبحث عن الدافع الإلهي ( النقص الإلهي ) ولن يجده أبدا .
                          ولو وجده حقا فوقتها فأنا أبشره بأنه على صواب لأن الناقص لا يكون إلها .

                          نعود إلى د . كامل النجار

                          كامل النجار يظن أن الله خلقنا ليختبرنا وهذا غير صحيح .

                          الصحيح هو أن الله يميتنا ثم يحيينا ثانية ليحاسبنا على أعمالنا .
                          انظروا آية سورة ( الملك ) التالية ولاحظوا الترتيب فيها جيدا :-
                          (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ )

                          الموت جاء ذكره قبل الحياة لأن هذه الآية تجيب عن سؤال آخر وهو :- لماذا يميتنا الله ثم يحيينا ثانية ؟

                          (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ) [المؤمنون : 115]

                          فنهاية كل شيء هي الرجوع إلى الله :-

                          ( وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى {39} وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى {40} ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى {41} وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى ) النجم .

                          (لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ ) ( الحديد 5 )
                          .


                          [bdr][/bdr]


                          يقول د . كامل النجار :-

                          واذا كان الغرض من ارسال الرسل هو هداية البشر، فقد فشلت التجربة مرات عديدة. فلماذا استمر
                          الله في اجراء نفس التجربة؟
                          فكل الانبياء الذين يزيد عددهم عن العشرين نبياً وارسلوا الى بني اسرائيل، لم ينجحوا الا في هداية جزء يسير منهم. وتعداد اليهود اليوم في كل انحاء العالم لا يزيد عن العشرين مليون شخصاً من مجموع سكان العام الذين يزيد عددهم عن ستة مليارات من ألاشخاص. واظن المنطق يقنعنا ان تجربة ارسال كل هولاء الانبياء الى بني اسرائيل كانت تجربة فاشلة. وقد قتل بنو اسرائيل بعض هولاء الانبياء كما يخبرنا القرآن، وقد عاقب الله كل الامم التي بعث فيهم رسولاً بأن خسف بهم الارض او ارسل عليهم الزلزال او الصيحة التي دمرتهم ودمرت مساكنهم لان اغلبهم لم يؤمنوا.

                          مازال د . كامل النجار يتحدث عن الغرض أو الدافع الإلهي وهذا كما أوضحنا من قبل معنى خاطيء .
                          الرجل يظن أن الأنبياء جاءوا كوسيلة لتحقيق مراد إلهي وهو إجبار الناس علي الإعتراف بالخالق وكأن الله في حاجة لإيمانهم !!!!!!!

                          ومن هنا ذهب إلي نتيجة مفادها انه طالما البشر كانوا وما زالوا يكفرون بالله فقد فشلت هذه الطريقة وكان يجب على الله أن يغير طريقته ولا يصر عليها !!!!!

                          كما قلت من قبل أن مجرد التفكير بأن الله له غرض من إرسال الأنبياء فنحن بذلك ننسب النقص إلى الله .

                          سأتحدث هنا عن دور الأنبياء وليس الغرض الإلهي :-

                          يقول الله عز وجل لرسولنا الكريم :-

                          ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً - وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً ) :-

                          شاهدا على قومك .
                          مبشرا من اتبعك بثواب الله .
                          نذيرا لمن عاند وكفر بعذاب الآخرة .
                          داعيا إلى الله بإذنه .
                          سراجا منيرا لمن يريد طريق الهداية ليسير على الصراط المستقيم ولا يتبع السبل فتفرق به عن سبيل الله .

                          بخصوص بني اسرائيل فلا أعرف في الحقيقة العلاقة بينهم وبين يهود اليوم .

                          ثم يفترض د . كامل النجار أن أنبياء بني اسرائيل عشرين نبيا ولا أدري من أين جاء بهذا العدد ؟ فالقرآن لم يذكر سوى اسرائيل (يعقوب ) ويوسف وموسى وهارون وداود وسليمان وزكريا ويحي وعيسى عليهم السلام .
                          على أية حال تعالوا لنقرأ ماذا يقول الله لبني اسرائيل في سورة الإسراء :-
                          ( إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا )

                          كما نرى فإيمان بنى إسرائيل أو كفرهم هو لأنفسهم ولا يضر الله كفر من كفر .
                          ( إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئاً وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) [آل عمران : 177]


                          [bdr][/bdr]

                          يقول د . كامل :-

                          - لماذا ارسل الله موسى وهو يعلم ان بلسانه عقدة ولن يستطيع ان يقنع الناس، ومهمة الرسول الاولى هي تبليغ الرسالة، ولذا يجب ان يكون فصيحاً، فاضطر موسى أن يسأل الله ان يرسل معه اخاه هارون؟ لماذا لم يرسل هارون وحده؟

                          ما الذي يراه الكاتب غريبا في أن يرسل الله إثنين يساعدان بعضهما ؟؟

                          القرآن تحدث عن دور هارون هكذا :-
                          - مرة كشد الأزر ( اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي - وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ) :- والأزر هو الظهر .

                          - ومرة أخرى كشد العضد ( قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً ) والعضد هو الذراع .

                          كما نرى فدور هارون عليه السلام يأتى مرة كدعم نفسي ومعنوي لموسى ( شد الازر ) ومرة كأداة تنفيذ أو ذراع موسى الأيمن ( شد العضد ) .


                          بخصوص عقدة اللسان :- فموسى دعا الله قائلا :-
                          (قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي - وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي - وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي - يَفْقَهُوا قَوْلِي ) .
                          فاستجاب الله له بعد قليل قائلا :-
                          ( قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى ) .


                          أما القصص التوراتي الذي يحكي عن الجمرة التي لسعت لسانه فلا شأن لنا بها!!! .


                          [bdr][/bdr]


                          يقول د . كامل :-

                          ومما يثبت فشل تجربة الرسل ان بني اسرائيل عندما قادهم موسى في هجرتهم من مصر ورأوا ان الله قد شق لهم البحر وانجاهم واغرق فرعون وجنده، وانزل لهم المن والسلوى من السماء ليطعمهم، لم يقتنعوا بوجوده او برسالته فصنعوا لانفسهم عجلاً من ذهب وعبدوه. فهل هناك معجزات أكثر من هذه لتقنع الناس بوجود الله ؟ فإذا لم يقتنع بنو أسرائيل بعد أن رأوا كل هذه المعجزات، الا يقنع كل هذا الله بأن ارسال الانبياء لا يجدي فتيلا ؟

                          كثيرون يظنون أن الإنحراف عن الحق مرة أو مرتان أو عشرة هو إنحراف أبدي ودائم وهذا غير صحيح .
                          فكلنا عرضة لأن نضل الطريق ولكن الأهم أن نعود مرة أخرى :-

                          ( وَلَمَّا سُقِطَ فَي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْاْ أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) [الأعراف : 149] .

                          لذلك يقول الله لهم :-
                          (وَالَّذِينَ عَمِلُواْ السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِهَا وَآمَنُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ) [الأعراف : 153]

                          وكما قلت من قبل فإيمان بني إسرائيل أو كفرهم هو لأنفسهم ولن يضر الله شيئا :-
                          ( إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ) .


                          [bdr][/bdr]


                          يقول د . كامل :-

                          - وفي سورة آل عمران، ألآية 55 عندما يخاطب الله عيسى فيقول له: " وجاعل الذين أتبعوك فوق الذين كفروا الى يوم القيامة "، فنفهم من هذه ألآية أنه سيكون هناك مسيحيون مؤمنون بعيسى الى يوم القيامة، فما فائدة ارسال محمد بالاسلام ليظهره على الدين كله، وهو قد قرر أنه سيكون هناك مسيحيون الى يوم القيامة. والدليل على ذلك أنه بعد ألف وأربعمائة سنة على إرسال محمد بالاسلام ليظهره على الدين كله، ما زالت المسيحية أكبر ديانة سماوية حتى ألان، وعدد أتباعها يفوق عدد المسلمين أضعافاً.
                          في الحقيقة ما فهمه الرجل من الآية يؤكد لى تماما أنه لم يكن يوما مسلما .

                          هل أحد يفهم من القرآن أن أتباع المسيحية اليوم هم أتباع عيسى عليه السلام ؟!!


                          المسيحيون أنفسهم ينكرون أنهم أتباع عيسى المذكور في القرآن .



                          [bdr][/bdr]

                          يقول د . كامل :-

                          - والقرآن يخبرنا في عدة آيات ان الله لو شاء لجعل الناس كلهم أمةً واحدةً يؤمنون برسالة واحدة ويكونون على دين واحد " ولو شاء الله لجعلكم امة واحدة" . وكذلك يخبرنا القرآن ان الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء: " من يشإ الله يضلله ومن يشأ يجعله على سراط مستقيم ".
                          ويخبرنا الله كذلك في سورة الاسراء انه اذا اراد ان يهلك قريةً، امر مترفيها ففسقوا فيها، فحق عليها القول، فيدمرها تدميراً. فكل هذه الايات تؤكد ان الانسان مسيّر، ليس بيده اي شئ، الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء ويدمر القرى التي يختار تدميرها. فاذاً ما الحكمة في ارسال الانبياء لهداية البشر، والبشر لا يملكون الحق في تقرير مصيرهم؟

                          مرة أخرى سنتوقف هنا قليلا :-
                          موضوع الهداية والإضلال هذا يثار حوله لغط كثير .

                          أولا :- من هم الذين يهديهم الله ؟
                          - يهدي إليه من أناب :-

                          (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ اللّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إلَيْهِ مَنْ أَنَابَ ) [الرعد : 27] .

                          - يهدي الذين آمنوا :-
                          (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) [الحج : 54]

                          - يزيد الذين اهتدوا هدى :-
                          ( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ ) [محمد : 17]

                          وهذه الآية تنبهنا أن الهداية ليست قرار في لحظة معينة بل هي عملية تراكمية .

                          - يهدي الذين جاهدوا في الله :-
                          (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) .

                          ثانيا :- من هم الذين يضلهم الله ؟

                          - الفاسقين : - (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَـذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً ومَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ ) [البقرة : 26] .

                          - الذين زاغوا :-

                          (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) [الصف : 5]

                          هنا يتضح أيضا أن الضلال ليس قرار في لحظة معينة بل هو أيضا عملية تراكمية .


                          ثالثا :- هل الله يمنع العصاة أن يؤمنوا ؟

                          (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) . [فصلت : 17]
                          الآية الأخيرة تنسف كل ما قاله كامل النجار فثمود إختاروا الكفر بكامل إرادتهم .

                          من كل ما سبق يتضح أن مسألة الهداية والإضلال هي إنعكاس لعمل الإنسان ورغبته الصادقة . فمن يريد الهداية وعمل لها هداه الله ولا يوجد إجبار كما يقول كامل النجار .


                          [bdr][/bdr]

                          يقول د . كامل :-

                          وفي بعض الاحيان نشعر ان الله لا يريد للناس ان يتبعوا الرسل، ففي سورة مريم الاية 83، نجد الله يقول: " ألم تر إنا ارسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم ازاً " اي تهيّجهم الى المعاصي حسب تفسير الجلالين. فما الحكمة في ارسال انبياء لهداية الناس، وفي نفس الوقت يرسل الله الشياطين لتهيّجهم على المعاصي؟

                          أبدأ أولا بأن أقول أنه حسب المفهوم الإسلامي فالأنبياء والرسل والشياطين هم جزء من تكوين العالم , فكلمة ( أرسلنا ) لا توحي لأحد بأنهم جاءوا من عالم آخر طبعا . ومن هنا نبدأ .

                          - الأنبياء والرسل يبشرون وينذرون ويدعون إلى الله . فهل يملكون القدرة على الإجبار ؟ القرآن ينفي :-

                          (رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً ) [الإسراء 45 ]

                          (لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ ) [البقرة : 272]

                          - نأتي للجانب المقابل :- الشيطان يدعو الناس للكفر ويزين لهم سوء اعمالهم , فهل تمتلك الشياطين القدرة على الإجبار ؟ القرآن ينفي أيضا :-

                          ( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلا ) ً [الإسراء : 65] .
                          (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ) [الحجر : 42] .

                          النتيجة الآن :-
                          - هنا نعرف أن من يكفر بالله ويقاوم الأنبياء سيقع فريسة للشياطين . العلاقة علاقة توازن :-

                          فهو رفض إتباع الأنبياء بإرادته – - -> مالت القوى لصالح الشياطين وهم لا يملكون إجباره ---> فيستجيب للشياطين بإرادته ----> يرفض إتباع الأنبياء أكثر فأكثر ( حلقة مغلقة ) .

                          - نعود للآية التي يتحدث حولها د . كامل النجار :-
                          ( الأز ) يعني غليان القدر وتقلب محتواه وهذا يشير لمدى تسلط الشياطين على هؤلاء الكافرين .

                          مفهوم الشيطان في الإسلام يختلف عن مفهومه في الأديان الأخرى .

                          الشيطان في الإسلام ليس له سلطان على الإنسان إنما سلطانه على الذين يتولونه ويتبعونه:-
                          (إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ ) [النحل : 100]

                          الشيطان يحاول إغواء المؤمن والكافر ولكن لماذا ينجح مع الكافر تحديدا ؟

                          (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ) [الحجر : 42]

                          يخبرنا الله عز وجل أن كل من يعبد غير الله فهو يعبد الشيطان :-
                          ففي نفس السورة يقول إبراهيم لابيه :-
                          (يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّا ) ً [مريم : 44] .

                          لو نظرنا للآيات السابقة للآية التي يستشهد بها كامل النجار تجدها تقول :-
                          (وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً ) [مريم : 81] .
                          (كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً ) [مريم : 82] .

                          إذن الآية التي يستشهد بها كامل النجار هي دعوة من الله ( ألم تر ) للنظر إلى حال الكافرين لنرى أن كفرهم بالله وبالرسل وإتخاذهم الشياطين آلهة من دون الله جعلهم ألعوبة في أيدي الشياطين ( ويكونون عليهم ضدا ) .

                          الآية تحكي عن الحال ( حال الكافرين ) وليس عن رغبة الله كما يقول د .كامل النجار .

                          تعالوا نستمع للشيطان في النهاية فهو يلخص كل هذا :- [إبراهيم : 22]


                          وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
                          [frame="10 98"]
                          ـ لقد كنا العلمـاء والمعلِّمين .. يوم كانوا يعيشون في ظلام العصور الوسطى ويدفعون ثمن إلغاء (الكنيسة) لدور العقل .. بينما كنا على الضدّ .. فقد كان (المسجد) في حضارتنا .. جامعاً وجامعةً معاً ..

                          ـ وما زال الطريق مفتوحاً أمامنا للعودة إلى قيادة الحضـارة .. وما زلنا نملك المؤهلات ..

                          وإننـا بإذن الله ـ لعـــائدون ...
                          [/frame]

                          تعليق


                          • #14
                            باقي الفصل الثالث
                            ================




                            بداية لابد أن نقول أن كتب السيرة تساهلت كثيرا في نقل روايات غير صحيحة عن الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا أمر جعل مستشرق مثل آرثر جفري في كتابه ( البحث عن محمد التاريخي ) يبدو مندهشا من كم الروايات المسيئة للمصطفى صلى الله عليه وسلم في سيرة محمد بن اسحق ولم يكن يتوقع هذا بل كان يتوقع أن تكون الصورة المنقولة من المسلمين عن نبيهم مختلطة بالميثولوجيا لتجعل منه شبه إله .
                            تم ترجمة كتاب محمد بن اسحق وإهتم به المستشرقون كثيرا ربما لأنه تم كتابته بشكل شبيه بكتب الأنبياء في الكتاب المقدس فيبدأ بسرد سلسلة النسب ثم يسرد الأحداث بشكل متسلسل زمنيا وهو ما جعل بعضهم يظنه كتاب المسلمين المقدس .
                            ملحوظة صغيرة أيضا وهي أن هناك فارق بين المؤرخ والمحدث :- فالمؤرخ كان يهتم بجمع أكبر قدر من المرويات بدون التأكد من صحتها لحرصه على التدوين أما المحدث فكان لا يغفل عن التحقق من صحة ما ينقل .
                            لا ننكر أيضا أن كثير من المرويات كانت متأثرة بالأيدولوجيات المنتشرة ككل كتب التاريخ .
                            سأتعرض لسلاسل إسناد الروايات التي يذكرها د . كامل النجار لفحص مدى صحتها ورغم أن هذا منهج نقدي غير دقيق تماما بالنسبة للتاريخ إلا أنه فعال إلى حد كبير هذا بدون أن أغفل النظر في متن وأحداث الروايات بقدر المعلومات المتاحة أمامنا .

                            أبدأ مع د. كامل :-



                            غزواته


                            يقول د . كامل النجار :-


                            الحل الذي لجأ اليه النبي كان السطو على قوافل قريش التي كانت دائماً محملةً بأثمن البضائع من الشام وكذلك غزو القبائل المجاورة.
                            ففي شهر رمضان على رأس سبعة اشهر من هجرته الى المدينة، عقد النبي لحمزة بن عبد المطلب لواءً ابيضاً في ثلاثين رجل من المهاجرين، وامره ان يعترض لعيرات قريش، كما زعم الواقدي . ولكن حمزة لما حاول اعتراض القافلة وجد ابا جهل بن هشام في ثلاثمائة رجل، فحجز بينهم مجدي بن عمرو الجهني فافترقوا ولم يكن بينهم قتال.
                            كان يوجد في جزيرة العرب أكثر من 500 قبيلة تقوم بالتجارة من مكة للشام وكلها كانت تمر على المدينة .
                            موقع المسلمين في المدينة كان استراتيجيا جدا وكان بإمكانهم الحصول على ثروات قوافل الجزيرة العربية كلها لو أرادوا .

                            [mark=CCFF00]السؤال الآن :- لماذا اعترض المسلمون طريق قافلة بعينها وتركوا باقي القوافل ؟؟ [/mark]

                            الإجابة سهلة لمن لديه أدنى عقل . كانوا يبحثون عن حقوقهم المسلوبة في مكة رغم أن الرسول الكريم أصر على رد الأمانات الخاصة بقريش عند هجرته ولم يعاملهم بالمثل .

                            د. كامل يكرر الكلام القديم بدون أي إعتبار للتحليل الإجتماعي للأحداث أو وضع الأمور في سياقها الصحيح .
                            فقط البديل القديم الممسوخ هو ما يملك تقديمه !!!


                            [bdr][/bdr]

                            يقول د . كامل النجار :-

                            وفي رجب من نفس العام ارسل عبد الله بن جحش مع ثمانية من المهاجرين، وكتب له كتاباً وامره الا ينظر فيه حتى يسير يومين، ثم ينظر فيه. فلما فتح الكتاب وجد فيه: " اذا نظرت في كتابي فامض حتى تنزل نخلةً بين مكة والطائف فترّصد بها قريشاً وتعلم لنا من اخبارهم". وساروا حتى نزلوا نخلة، فمرت عيرُ لقريش فيها عمرو بن الحضرمي وعثمان بن عبد الله بن المغيرة واخوه نوفل والحكم بن كيسان. وتشاور الصحابة فيهم، وذلك في آخر يوم من رجب فقالوا: والله لئن تركتموهم هذه الليلة ليدخلن الحرم فليمتنعُن به منكم، ولئن قتلتموهم لتقتلنهم في الشهر الحرام، فاجمعوا على قتل من قدروا عليه منهم واخذ ما معهم، فحلقوا رأس احدهم ليطمئن القرشيون اصحاب العير أنهم من عُمار بيت الله الحرام.
                            وعندما أطمئن القرشيون ووضعوا سلاحهم رمي واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله واستاسر عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان وافلت منهم نوفل بن عبد الله . واقبل عبد الله بن جحش واصحابه بالعير والاسيرين، حتى قدموا على رسول الله. فقال عبد الله بن جحش لاصحابه: ان لرسول الله فيما غنمنا الخمس، فعزله وقسم الباقي بين اصحابه، وذلك قبل ان تنزل آية الخمس.
                            ولما قالت قريش قد استحل محمد واصحابه الشهر الحرام وسفكوا فيه الدم واخذوا فيه الاموال واسروا الرجال، أنزعج الرسول من هذا الكلام وقال لأصحابه: " ما أمرتكم بقتالٍ في الشهر الحرام" . ورفض ان يأخذ نصيبه من الغنيمة، وهو الاسيرين وبعض العير. وحينئذ سقط في أيدي القوم وظنوا أنهم قد هلكوا، وعنفهم أخوانهم من المسلمين فيما صنعوا .
                            ولكن سرعان ما نزلت الاية: " يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه، قل: قتال فيه كبيرٌ، وصدٌ عن سبيل الله وكفرٌ به، والمسجد الحرام واخراج اهله منه اكبر عند الله، والفتنة اكبر من القتل، ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم ان استطاعوا" . فلما نزل القرآن بهذا الامر وفرّج الله تعالى عن المسلمين ما كانوا فيه من الشفق، أخذ رسول الله –ص- العير والاسيرين . وهذا كان يمثل خمس الغنيمة، وكانت هذه اول غنيمة للمسلمين، وفادى الاسيرين بأربعين أوقية لكل منهما وهذا أول فداء لأول أسير في الاسلام .
                            وهذه ألآية طبعاً عذر لا تسنده الوقائع، فقريش لم تكن تحاربهم في ذلك الوقت، بل بالعكس، حاول المسلمون اعتراض قوافل قريش ثلاث مرات قبل هذا. وحتى في هذه المرة لم تكن قريش قد اعتدت عليهم وانما هم الذين اعتدوا، وفي الشهر الحرام.
                            كما نرى . أرسل النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش لمراقبة العدو ولم يأمرهم بقتال . فرأى المسلمون أن الفرصة سانحة لمهاجمة العدو فهاجموهم ( تقول بعض الروايات أن الواقعة بدأت في أواخر جمادى الثاني ولم ينتبه المسلمون لدخول أول رجب ) .

                            استغل المشركون هذه الواقعة كحرب اعلامية ضد المسلمين لأنهم انتهكوا حرمة الشهر الحرام ونسوا أنهم انتهكوا كل شيء بتعذيب المسلمين وطردهم من ديارهم وكل هذا داخل البيت الحرام نفسه بمكة .

                            تأثر المسلمون لهذا الخطأ وشعروا بالحزن فنزلت الآية تقول :-
                            (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ ) :-

                            فالآية تقول إذا كان القتال في الشهر الحرام كبير عند الله فإخراج المسلمين من البيت الحرام وتعذيبهم وفتنتهم عن دينهم أكبر عند الله بالتأكيد .
                            إذا كان القتال في الشهر الحرام كبير فالكفر بالله أكبر .


                            هل يرى أحد شيئا غريبا في هذا الأمر ؟!




                            [bdr][/bdr]

                            غزوة بدر الكبرى


                            يقول د . كامل النجار :-


                            واختلف الصحابة في بقية الاسرى: أيُقتلون او يُفادون؟، فاستشار الرسول ابا بكر وعلياً وعمر، فقال ابو بكر: يارسول الله هولاء بنو العم والعشيرة والاخوان، واني ارى ان تأخذ منهم الفدية، فيكون ما اخذناه قوةً لنا، وعسى ان يهديهم الله فيكونوا لنا عضداً. فقال عمر: والله ما ارى ما رأى ابو بكر، ولكن ارى ان تمكنني من فلان، قريب لعمر، فأضرب عنقه، وتمكن علياً من عقيل فيضرب عنقه، وتمكن حمزة من فلان اخيه فيضرب عنقه، حتى يعلم الله انه ليست في قلوبنا هوادة للمشركين. فأخذ الرسول براي ابي بكر وقرر ان يأخذ من الاسرى الفداء.
                            وفي اليوم التالي وجد عمر الرسول وابا بكر يبكيان، فلما سأل عن السبب، قال الرسول:" نبكي للذي عرض علي اصحابك من اخذهم الفداء" وانزل الله " ما كان لنبي ان يكون له اسرى حتى يثخن في الارض، تريدون عرض الدنيا والله يريد الاخرة والله عزيز حكيم". ثم احل لهم الغنايم .
                            المنطق يتطلب ان تكون الشرائع السماوية ارحم من تشريع البشر، فالله يصف نفسه بانه رحيم بعباده غفور بهم. ومن اسمائه السلام والرؤوف وما الى ذلك، فهل يعقل ان يغضب الله على الرسول لانه لم يقتل الاسرى، وقرر ان يأخذ منهم الفداء بينما التشريع الانساني يحرم قتلهم؟ ولم يذكر احد من المؤرخين ان الرسول انّبَ بلال واصحابه على قتل الاسيرين أمية بن خلف وابنه. واي اله هذا الذي يشجع على قتل الاسرى؟
                            تعالوا نرى الآية الكريمة التي يدور حولها د .كامل النجار :-
                            ( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) [الأنفال : 67]

                            الآية تنبه المسلمين إِلى نقطة هامة في الحرب، وهي أن عليهم عدم التفكير والإنشغال بأخذ الأسرى قبل إندحار العدو بالكامل، لأن بعض المسلمين كان كل هدفهم هو الحصول على أكبر عدد من الأسرى في ساحة بدر مهما أمكنهم وذلك لأن العادة كانت أن يدفع عن الأسير مبلغ من المال على شكل فدية ليتم الإفراج عنه بعد نهاية الحرب.

                            ما أخفاه الرجل من الآية يوضح كل شيء . هذه العبارة :-
                            (تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة).

                            فكما قلت سابقا أن ظاهر الآية ينهى عن التسرع بأخذ الأسرى أثناء الحرب ( قبل أن تضع الحرب أوزارها ) ولا تنهي أبدا عن أخذ الأسرى بعدها .

                            المسلمون وقعوا في نفس الخطأ أثناء غزوة أحد فتسبب ذلك في هزيمة قاسية لهم كادت تقضي عليهم تماما لغفلتهم عن أمر الله ورسوله .

                            نفس الشيء تقوله آية سورة محمد الآتية :-
                            ( فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ ) .

                            فهنا أيضا يقول الله عز وجل أن شد الوثاق ( أخذ الأسرى ) يكون بعد إثخان العدو وحتى تضع الحرب أوزارها والموقف من الأسرى هو إما المن عليهم واطلاق سراحهم بلا مقابل وإما فداءا سواء بمبادلة الأسرى أو مقابل فدية من المال .

                            سأركز على عبارة سورة الأنفال ( حتى يثخن في الأرض ) :-
                            لو فهمنا هذه العبارة أنها تأمر بقتل كل الأسرى نجد أنفسنا وقعنا في مأزق عندما تأتي نفس الكلمة في سورة محمد هكذا :- ( حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء ) !

                            نشد وثاق من ؟ ونفدي من ؟ ونمن على من ؟
                            عبارة ( حتى يثخن في الأرض ) معناها حتى يتمكن تماما من الأعداء في المعركة .

                            تستمر آيات سورة الأنفال فتقول شيئا جميلا :-

                            ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) [الأنفال : 70] .

                            وهذه أيضا في سورة أخرى :-
                            (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً - إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً) ( الانسان 8-9 ) .

                            فالله تعالى يمدح من يضحي بطعامه من أجل الأسير وكل هذا لوجه الله بدون انتظار كلمة شكر .
                            فكيف يقول أحد بعد كل هذا أن الإسلام يأمر بقتل الأسرى . عما كانت تتحدث الآيات إذن ؟؟!


                            بخصوص الروايات التي تقول أن القرآن نزل مؤيدا لقول عمر رضي الله عنه بقتل الأسرى فهي مرفوضة جملة لمخالفتها ظاهر الآيات مخالفة لا تقبل التأويل .
                            كلمة حق أقولها بدون مساومة .


                            [bdr][/bdr]

                            يقول د . كامل النجار :-

                            وحتى بعد أن كثر عدد المسلمين ونزلت سورة محمد، قال الله: " فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فاما مناً بعد واما فداء".ويقول القرطبي في تفشير هذه ألآية: قال الله: فضرب الرقاب، ولم يقل اقتلوهم، لأن في العبارة " ضرب الرقاب" من الغلظة والشدة ما ليس في لفظ القتل، لما فيه من تصوير القتل بأشنع صوره وهو حز العنق وإطارة العضو الذي هو رأس البدن.
                            فالله لا يكتفي بقتل الكافرين فحسب، بل يجب أن نقتلهم شر وافظع قتل. أما ألاسرى، فرغم أن الله قال " اما مناً واما فداء" فيقول القرطبي في تفسير ألآية: " قال قتادة ومجاهد إذا أُسر المشرك لم يجز أن يُمن عليه، ولا أن يُفادى به فيرد الى المشركين، ولا يجوز أن يُفادى عندهم الا بالمرأة لأنها لا تُقتل". فحتى بعد أن تلطف الله على المشركين بعد أن غضب على الرسول لانه أخذ منهم الفداء في واقعة بدر، وقال " فأما مناً واما فداء" يقول علماء المسلمين يجب قتل الاسرى.

                            د . كامل النجار يلعب لعبة غير شريفة .
                            يأتي إلى أحد كتب التفسير بالمأثور ويقتبس جزء محدد من الكلام وينسب هذا الشيء للإسلام وهو يفعل هذا كثيرا .
                            من المعروف أن كتب التفسير بالمأثور كانت تسرد كل ما تم قوله حول الآية ثم يوضح المفسر القول الأرجح في النهاية .
                            هنا تفسير القرطبي سرد كل ما استطاع جمعه من الأقوال ثم بعد طرحه لخمس آراء يذكر القول الأرجح في النهاية وهو :-
                            ( قال النحاس‏:‏ وهذا على أن الآيتين محكمتان معمول بهما، وهو قول حسن، لأن النسخ إنما يكون لشيء قاطع، فإذا أمكن العمل بالآيتين فلا معنى للقول بالنسخ، إذا كان يجوز أن يقع التعبد إذا لقينا الذين كفروا قتلناهم، فإذا كان الأسر جاز القتل والاسترقاق والمفاداة والمن، على ما فيه الصلاح للمسلمين‏.‏
                            وهذا القول يروى عن أهل المدينة والشافعي وأبي عبيد، وحكاه الطحاوي مذهبا عن أبي حنيفة، والمشهور عنه ما قدمناه، وبالله عز وجل التوفيق‏
                            ) .‏


                            [bdr][/bdr]

                            غزوة بني قينقاع


                            يقول د . كامل النجار :-

                            كان للرسول حلفٌ مع يهود المدينة، وكتب رسول الله كتاباً بين المهاجرين والانصار وادع فيه اليهود وعاهدهم واقرهم على دينهم واموالهم واشترط عليهم وشرط لهم فقال:" بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من محمد النبي الامي بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب، .... الى ان قال:ان اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، وان يهود بني عوف أمةٌٌ مع المؤمنين، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم، مواليهم وانفسهم، الا من ظلم واثم فانه لا يوتغ الا نفسه واهل بيته. وان على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم، وان بينهم النصر على من حارب اهل هذه الصحيفة، وان بينهم النصح والنصيحة والبر دون الاثم، وانه لم يأثم امرؤُ بحليفه، وان النصر للمظلوم، وان يثرب حرام جوفها لاهل هذه الصحيفة، وان الجار كالنفس غير مضار ولا آثم ". ومعنى العبارة " أن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة" هو أن جوف المدينة حرمٌ لأهل هذه المعاهدة، لا يجوز الاعتداء عليهم فيها.
                            ويقال ان أمرأة من العرب قدمت بجلب لها فباعته بسوق بني قينقاع، وجلست الى صائغ هناك منهم فجعلوا يراودونها على كشف وجهها فأبت، فعمد الصائغ الى طرف ثوبها فعقده الى ظهرها، فلما قامت انكشفت سوأتها فضحكوا بها، فصاحت فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله، وكان يهودياً، فشد بعض اليهود الحاضرين على المسلم فقتلوه، فاستصرخ اهل المسلم المسلمين على اليهود، فحاصرهم رسول الله حتى نزلوا على حكمه، رغم ان العقد بينهم يقول " الا من ظلم واثم فانه لا يوتغ الا نفسه واهل بيته". فبدل ان يُحاسب الذين اثموا، حاصر النبي كل بني قينقاع.
                            فكُتفوا وهو يريد قتلهم، فكلمه فيهم عبد الله بن ابي بن سلول، فقال: يا محمد، احسن في موالي – وكانوا حلفاء الخزرج – فأبطأ عليه النبي. فادخل يده في جيب رسول الله، فقال الرسول: " أرسلني" ، وغضب رسول الله حتى رأوا في وجهه ظلالاً ثم قال: " ويحك ارسلني" فقال عبد الله: لا والله لا ارسلك حتى تحسن الى موالي. اربعمائة حاسر وثلاثماية دارع قد منعوني من الاسود والاحمر، تحصدهم في غداة واحدة! واني والله لا آمن واخشى الدوائر. فقال الرسول: " هم لك. خلوهم لعنهم الله ولعنه معهم". فأرسلوهم، ثم امر بإجلائهم، وغنم المسلمون ما كان لهم من مال . وكان للرسول خُمس اموالهم.
                            وواضح ان النبي اراد عذراً لغزوة بني قينقاع، فاتخذ ما حدث للمرأة الاعرابية كذريعة لغزوهم. ويذكر الواقدي ان بني قينقاع كانوا صاغة واصحاب سلاح، ولمكانتهم هذه في المدينة ولما ابدوه من مناصرة قريش، فكر الرسول في امرهم طويلاً وظل في ذلك حتى نزلت الاية " واما تخافن من قوم خيانة، فانبذ اليهم على سواء، ان الله لا يحب الخائنين" . ويتضح من الاية ان الله احل للنبي ان يغزو من شاء اذا خاف منهم خيانةً. وهذا ما حدث لبني قينقاع دون اعتداء منهم علي المسلمين، بل بالعكس، قتل احد المسلمين الصائغَ اليهودي اولاً، فقتل اليهود المسلم القاتل. وهذا يقع تحت طائلة الاخذ بالثار التي كانت متفشية عند العرب في ذلك الوقت. ولكن النبي قرر نقض العهد معهم وحصارهم وطردهم من المدينة، بل لقتلهم لولا تدخل عبد الله بن أبي بن سلول، رغم الصحيفة التي تقول أن المدينة حرمٌ لأهل المعاهدة ولا يجوز الاعتداء عليهم فيها.
                            وسورة البقرة الآية 85 تقول عن اليهود: " وتُخرجون فريقاً منكم من ديارهم وتُظاهرون عليهم بالاثم والعدوان وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرمٌ عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعضٍ فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة". فإذا كان القرآن يُعيب على اليهود إخراجهم بعضهم من ديارهم ويقول لهم هو محرم عليكم، كيف إذاً أحل النبي لنفسه ان يُخرج بني قينقاع من ديارهم؟
                            د .كامل النجار إفترض فرضا ثم بنى عليه حكما .
                            هو إفترض أن الرسول صلى الله عليه وسلم إتخذ واقعة المرأة المسلمة كذريعة لطرد بنو قينقاع .
                            قصة المرأة المسلمة في السوق يرويها ابن هشام هكذا :- (قال ابن هشام وذكر عبدالله بن جعفر بن المسور بن مخرمة ، عن أبي عون ) فنجد الأسناد منقطع بين ابن هشام وعبد الله بن جعفر وينتهي بتابعي صغير هو
                            ( أبي عون ) .
                            فالاسناد كله متهالك .


                            تفاصيل حصار بني قينقاع يذكرها الواقدي بدون إسناد ويذكرها ابن اسحق عن (عاصم بن عمر بن قتادة ) وعاصم كان تابعي صغير وبذلك فالرواية مرسلة والقصة محل شكوك .

                            قصة أعتراض عبد الله بن أبي بن سلول يذكرها ابن اسحق عن (عاصم بن عمر بن قتادة ) أيضا وكما قلنا فعاصم تابعي صغير .
                            تفاصيل بني قينقاع بالكامل محل شك ونجد المصادر الأخرى في السنة لا تذكر عنها شيئا .

                            أنا ليس لدي اعتراض على القصة فليس فيها شيء غريب وأراها منطقية ولكن هذا لا يكفي لتصديقها .

                            فلا أحد يستخلص أحكام من كتب السيرة التي تهتم بالسرد القصصي وليس لها اعتبار في الميزان الشرعي !
                            هذا ببساطة ما يفعله د . كامل النجار .


                            [bdr][/bdr]

                            غزوة بني النضير


                            يقول د . كامل النجار :-

                            كان بين عمرو بن امية وبني النضير عهدٌ وحلف، وعندما قتل عمرو بن امية رجلين من بني عامر، خرج رسول الله الى بني النضير يستعينهم في دية ذينك القتيلين، رغم المعاهدة سابقة الذكر التي كتبها بينه وبين يهود المدينة وقال فيها: " وإنه لم يأثم أمرؤ بحليفه". ورغم هذا قال له بنو النضير: نعم يا ابا القاسم نعينك على ما احببت. ويبدو ان النبي جلس الى جنب جدار، فهمّ احد بني النضير بالطلوع فوق البيت لكي يرمي حجراً علي النبي فيقتله. ولكن النبي ترك مكانه من عند الجدار ورجع الى المدينة وارسل محمد بن مسلمة يأمر يهود بني النضير بالخروج من المدينة. فرفضوا الخروج، وعندئذ امر الناس بالخروج اليهم، وحاصرهم خمسة عشر يوماً وهم يقاومون في حصونهم.
                            وعندها امر رسول الله – ص - بقطع نخيلهم والتحريق فيها . فنادوا عليه: يا محمد قد كنت تنهى عن الفساد وتعيب من صنعه، فما بال قطع النخيل وتحريقها، اذا كان لك هذا فخذه وان ان لنا فلا تقطعه .
                            وتنبه جماعة من المسلمين الى ان النخيل سوف يصير لهم بعد هزيمة بني النضير، فمنعوا أبا ليلى المازني وعبد الله بن سلام من ان يقطعوه، وكان النبي قد أوكل اليهما قطعه . وذهب جماعة منهم الى النبي وقالوا له كيف نقطع النخيل وسوف يصير لنا؟ فانزل الله: " ما قطعتم من لينةٍ او تركتموها قائمة على اصولها فبأذن الله" .
                            ولما اشتد عليهم الحصار سألوا رسول الله ان يجليهم ويكف عن دمائهم على ان لهم ما حملت الابل من اموالهم. فحملوا ما استطاعوا من اموالهم وخرجوا الى خيبر ومنهم من سار الى الشام. وخلوا النخيل والمزارع لرسول الله، فكانت له خاصة لان المسلمين لم يحاربوا من اجلها.
                            كما يذكر ابن هشام أنه بعد غزوة بدر ذهب أبو سفيان ومعه جيش من مائتين إلى أربعمائة محارب إلى بنو النضير والتقوا بزعيمهم ( سلام بن مشكم ) فاستقبله سلام ودله على أخبار المدينة والمسلمين
                            ( جاسوسا ومساعدا للعدو ) فانطلق أبو سفيان بجيشه مهاجما العريض فقتل أنصاري ومساعده في الحقل وأحرقوا منزلين ثم فر هاربا .
                            سميت ذلك (غزوة السويق ) وكانت أول حالة غدر غير مبررة من بنو النضير .
                            أعقب ذلك القصة المعروفة بدعوتهم الرسول إلى ديارهم ثم محاولة قتله غدرا لولا عناية الله .
                            أليس هذا كافيا لاعتبارهم أعداء للمسلمين يبادرونهم بالأذى والحرب .
                            على أي حال الرسول كان متسامحا معهم لأبعد الحدود عندما رضي ان يكتفي بمغادرتهم المدينة محملين بكل ما يستطيعوا حمله من ممتلكاتهم .

                            قال ابن إسحاق‏:‏ ( فاحتملوا من أموالهم ما استقلت به الإبل، فكان الرجل منهم يهدم بيته عن نجاف بابه، فيضعه على ظهر بعيره فينطلق به، فخرجوا إلى خيبر، ومنهم من سار إلى الشام ) ‏.‏

                            وقال العوفي، عن ابن عباس‏:‏ أعطى كل ثلاثة بعيراً يتعقبونه وسقا‏.‏ رواه البيهقي‏.‏

                            كان صلوات ربي عليه كريما مع أناس لا يستحقون الكرم .



                            [bdr][/bdr]

                            غزوة بني قريظة


                            يقول د . كامل :-


                            بعد غزوة الخندق اخبر الرسول اصحابه ان جبريل اتى اليه واخبره ان الله قد امره ان يغزو يهود بني قريظة، رغم الحلف الذي كان بينه وبينهم، فساروا اليهم وحاصروهم خمساً وعشرين ليلة. فبعثوا الى رسول الله ان ابعث الينا ابا لُبابة بن عبد المنذر نستشيره في امرنا. فارسله لهم، فلما رأوه جهش اليه النساء والصبيان يبكون، فرق لهم ، فقالوا: يا ابا لبابة أترى ان ننزل على حكم محمد؟ قال: نعم. واشار بيده الى حلقه انه الذبح.
                            فاجتمع نفر من الاوس، وكانوا حلفاء بني قريظة، وقالوا للنبي: يا رسول الله انهم كانوا موالينا دون الخزرج، وقد عفوت عن بني قينقاع موالي الخزرج، فاعف عن بني قريظة. فقال النبي: يا معشر الاوس الا ترضون ان يحكم فيهم رجل منكم؟ قالوا: بلى. فقال: ذلك الى سعد بن معاذ. فقالوا لسعد: يا ابا عمرو احسن في مواليك، فان رسول الله انما ولاك ذلك لتحسن فيهم. فقال لهم: قد آن لسعد الا تأخذه في الله لومة لائم. وحكم سعد بان يُقتل الرجال وتُقسم الاموال وتسبى الذراري والنساء. فقال له النبي: لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة ارقعة.
                            وخرج النبي الى سوق المدينة وامر ان تُحفر بها خنادق ثم انزلوا رجال بني قريظة وضربت اعناقهم في تلك الخنادق، حتى بلغ عددهم ستمائة او سبعمائة قتيل، وقال آخرون ان القتلى كانوا ثمانمائة الى تسعمائة. وقتل منهم امرأة واحدة، هي زوجة حسن القريظي، كانت قد رمت بحجر نحوالنبي في ايام الحصار.ورغم ان النبي قد وافق مقدماً ان يقبل حكم سعد، وعندما سمعه قال انه حكم الله، لكنه خالف حكم الله واعدم امرأةً رغم ان سعد قال تُسبى النساء. وقد رأينا سابقاً أن قتادة ومجاهد قالا: لا يجوز أن يُفادى الاسير المشرك الا بالمرأة لأن المرأة ألاسيرة لا تُقتل.
                            و بعث الرسول سعد بن زيد الانصاري بسبايا من سبايا بني قريظة الى نجد فابتاع له بهم خيلاً وسلاحاً، واختار لنفسه ريحانة بنت عمرو بن خُناقة وعرض عليها ان تسلم فيتزوجها، او تكون مما ملكت يمينه. فقالت: يا رسول الله بل اتركني في ملكك فهو اخف علي وعليك . وقد يسال سائلٌ: أيُعقل ان يحكم الله من فوق سبعة ارقعة بقتل كل هذا العدد من الاسرى وسبي نسائهم واطفالهم، مع العلم بانهم لم يحاربوا الرسول، وان كانوا قد شجعوا قريشاً على حربه؟
                            الدعاية الصهيونية تستخدم هذه الواقعة بشكل مشوه للإساءة للمسلمين وهذا ما دعى الكثير من المسلمين لإنكارها .
                            أحد المواقع الإسرائيلية على الإنترنت ( لن أذكره طبعا ) تجده ليل نهار يصور للغرب أن الجهاد الفلسطيني ضد المحتل هي حرب إبادة ضد اليهود والدليل على ذلك هو ما فعله المسلمون الأوائل مع يهود بني قريظة .
                            في البداية لابد أن أعترف أن الصورة المنقولة عن غزوة بني قريظة في المصادر الإسلامية فيها بعض القسوة.
                            الجدات يحكين لأحفادهن قبل النوم حكاية الأميرة والوحش . كانت دوما الحكاية تنتهي بأن الأمير قتل الوحش وتزوج الأميرة . نهاية سعيدة ينام بعدها الصغير مرتاح البال .
                            ولكن فلنفرض أن الجدة نقلت الحكاية هكذا : - ( ثم أحاط الأمير بالوحش وبدأ يطعنه والوحش يئن ألما ودموعه منهمرة فضرب الأمير عنقه بقسوة فسالت دماء الوحش أنهارا ثم خمدت حركته ) .
                            هذا الشكل الروائي كان سيصيب الصغير بالفزع بالتأكيد وكان سيتعاطف مع الوحش مستنكرا ما فعله الأمير برغم أن الحقيقة واحدة وهي أن ( الأمير قتل الوحش ) .
                            طريقة العرض هي ما تحرك المشاعر .


                            لذلك للحكم على تفاصيل الحرب يجب أن نحكم بالعقل وليس المشاعر .

                            ليس متوقعا أن تقرأ حكايات رومانسية في الغزوات بطبيعة الحال .

                            أهم ما في الأمر :- هل بنو قريظة كانوا يستحقون الإعدام أم لا ؟

                            قبل أن أوضح سبب عقوبة بني قريظة لابد أن أوضح أمرا غائبا عن ذهن د . كامل :-
                            مجتمع المدينة في ذلك الوقت كانت مجتمع متعدد الأديان والأعراق .
                            البعض يظن أن المسلمين كانت لهم دولتهم واليهود لهم دولتهم وهذا خطأ .
                            مجتمع المدينة ( يثرب ) كان أشبه بدولة ذات حكم فيدرالي يعيش فيها أديان مختلفة وأعراق مختلفة ويحيطها حدود .
                            وبنو قريظة كانوا مجموعة من السكان يشتركون مع المسلمين في المواطنة وإن اختلفوا معهم في الدين .
                            ولأن أمن وسلام المدينة كان مسئولية جميع المواطنين اتفق الرسول صلى الله عليه وسلم مع اليهود على اتفاقية حماية ودفاع مشترك عن المدينة .
                            لذلك فخيانة العهد والتجسس لصالح العدو وإمداده بالمال والسلاح من طرف بعض السكان يستوجب عقوبتهم بدون أدنى شك .
                            هذا متبع في أي قانون دولي .
                            والعقوبة التي إختارها سعد بن معاذ وقد كان حليفهم من قبل وهم ارتضوا لتحكيمه هي الإعدام .

                            يقع بعض المسلمين في خطأ عندما يقولون أن سعد بن معاذ حكم في اليهود بحكم التوراة كما جاء في سفر التثنية حسب الشريعة الموسوية وهذا غير صحيح فسعد حكم بقتل ( المقاتلة ) وليس ( من أنبت منهم ) كما سأوضح ذلك لاحقا .
                            أيضا المسلمون لم يقتلوا النساء والأطفال كما يروج الموقع الإسرائيلي بل قتلوا المقاتلة لأنهم من اشتركوا في الخيانة .


                            تعالوا الآن لنرى هل عقوبة بنو قريظة تتناسب مع فعلهم أم لا :-

                            في شهر شوال من العام الخامس من الهجرة ذهبت جماعة من اليهود منهم سلام بن أبي الحقيق وحيي بن أخطب وكنانة بن أبي الحقيق من بني النضير وهوزة بن قيس وأبي عمار من بني وائل إلى قريش في مكة وأغروهم بحرب رسول الله قائلين ( نحن معكم حتي نستأصل شأفته ) فقال لهم أهل مكة :- ( يا معشر يهود إنكم أهل الكتاب الاول وأنتم أهل للحكم بيننا وبين محمد فمن على حق ديننا أم دين محمد ؟ ) فرد عليهم اليهود :- ( دينكم خير من دينه وأنتم على الحق دونه ) .

                            وعندما سمع القريشيون ذلك تهللت أساريرهم وتحفزوا لقبول ما عرضوه عليهم من حرب رسول الله وأبرموا إتفاقا فيما بينهم و تواعدوا على الحرب .

                            ثم رحل هؤلاء اليهود وذهبوا إلى قبيلة غطفان وهي من بطون قيس عيلان وأغروهم بحرب رسول الله قائلين لهم :- ( سنكون معكم نحن وقريش ) .

                            وسار القريشيون يتقدمهم أبو سفيان ومعه قبيلة غطفان .
                            ثم ذهب حيي بن أخطب اليهودي إلى كعب بن أسد زعيم بني قريظة ودعاه إلى نقض حلفه مع النبي ومساعدة قريش وبني غطفان عندما يأتون ويهاجمون المدينة .
                            وافق بنو قريظة على نقض عهدهم مع رسول الله وأخذوا يجهزون قريش وغطفان بالمؤن والزخيرة إستعدادا لإستئصال شأفة المسلمون كما يقولون .

                            وصلت الأخبار لرسول الله بأمر الخيانة ولم يصدق في البداية فأرسل سعد بن معاذ زعيم الأوس وسعد بن عبادة زعيم الخزرج إلى بنو قريظة ليتأكدوا من الخبر . فرد عليهم بنو قريظة :- ( ومن هو محمد ؟ ليس بيننا عهد أو ميثاق معه ) .

                            موقف بنو قريظة هذا لا مبرر له على الإطلاق . فهم لم يروا من الرسول سوى حسن الجيرة ووفاء العهد طوال فترة جواره في المدينة .
                            كانت حرب الخندق من أشد الحروب التي هددت النبي محمد عليه الصلاة والسلام وأصحابه، فقد اجتمعت فيها (قريش) و(تهامة) و(كنانة) و(غطفان) و(نجد) في عشرة آلاف مقاتل ، كانوا قد أعدوا كامل العدة للقضاء على المسلمين بضربة قاضية . كانت النية هي إبادة المسلمين وكانوا قادرين على ذلك لولا لطف الله .
                            القرآن يصور هذا الموقف المهول هكذا :-
                            (إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا - هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً ) .

                            لابد أن نضع في الإعتبار هذا الجو الملبد بالهوس والرغبة في إبادة المسلمين والجميع متواطئ لإراقة دمائهم بدون ذنب .
                            عدو مصر على إراقة الدماء ومعاهدات تتحطم وخيانات تتم ومؤمرات تحاك .

                            لماذا كل هذا العداء ؟

                            لذلك فبعد أن نصر الله المسلمين في الأحزاب كان يجب أن يسيروا إلى الخونة لعقابهم بما يناسب فعلتهم .

                            ملاحظات :-

                            - ذكر بن هشام أن سعد بن معاذ حكم بقتل ( من أنبت منهم ) كل هذا برواية محمد بن إسحق، عن أبيه، وهو إسحق بن يسار، عن معبد بن كعب بن مالك الأنصاري... والرواية مرسلة، لأن معبد بن كعب تابعي .
                            وذكر الواقدي في المغازي أن سعد بن معاذ أمر بقتل من ( جرت عليه الموسي ) ولكن الواقدي يذكرها بدون إسناد .

                            والرواية الصحيحة بلفظ البخاري و مسلم (أن تقتل المقاتلة)
                            وكذلك أوردها الطبري بعدما ذكر رواية بن اسحق بدون أن يعلق عليها .
                            سبب تمسكي بلفظ ( المقاتلة ) هو أن الروايات تحكي العفو عن البعض ممن لم يشارك في الخيانة رغم أنهم ممن أنبتوا ( بلغوا الحلم ) مثل عمرو بن سعدى الذي قال فيه رسول الله :- ذلك رجل نجاه الله بوفاءه .
                            - وأيضا هناك من أبدى توبته من بني قريظة وأعلن اسلامه فنجى بذلك :- مثل ثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية وأسد بن عبيد‏ كما جاء في الكامل لابن الأثير .
                            - لا يوجد مصدر موثوق يقول أن مقاتلة بني قريظة قتلوا عن آخرهم فهذا أمر مشكوك فيه .

                            - إذ كان رسول الله مع أصحابه حتى جاء ثعلبة بن سعية يبشر الرسول باسلام ريحانة رضي الله عنها وقد سر النبي لذلك ( فقط أنا أكمل الروايات التي يقصها د .النجار بشكل مستفز ) .

                            - المرأة التي قتلت منهم كانت قد قتلت خلاد بن سويد فانطبق عليها حكم المقاتلين وليس كما يقول د . كامل النجار ( فهو غير أمين في النقل ) !

                            كلمة حق لابد أن أقولها في النهاية :- هناك جو من الغموض يحيط واقعة بنو قريظة تستشعره من الروايات .
                            أشياء غريبة تشعر معها أن بنو قريظة كانوا راضين بل مصرين على الموت بشجاعة لم أعرفها في اليهود من قبل .
                            فقد كان بإمكان الكثير منهم أن يطلب الأمان من أحد معارفه من المسلمين لينجو ولكنك تشعر أن الجميع كانوا راضين بالموت ومصرين عليه .
                            تنقل الروايات أن رجلا منهم يدعى الزبير بن باطا طلب الأمان من ثابت بن قيس فوافق الرسول على طلب ثابت ولكن الرجل أصر على الموت ليلحق بأهله .
                            تنقل الروايات أيضا قول حيي بن أخطب : ( يا أيها الناس ,لا بأس بأمر الله , قدر وكتاب , ملحمة كتبت على بني اسرائيل ) .
                            هناك أحداث غائبة بالتأكيد .


                            [bdr][/bdr]

                            غزوة خيبر


                            يقول د . كامل النجار :-


                            في السنة السابعة للهجرة قرر النبي غزو يهود خيبروكان فيهم يهود بني قينقاع ويهود بني النضير الذين سبق ان أُخُرجوا من المدينة. فسار النبي بجيشه حتى نزل بوادي يقال له الرجيع، فنزل بين اهل خيبر وبين غطفان ليحول بينهم وبين ان يمدوا اهل خيبر وكانوا لهم مظاهرين. بدأ الرسول بالاموال يأخذها مالاً مالاً ويفتحها حصناً حصناً، فكان اول حصونهم افتتح حصن ناعم ثم القموص، حصن ابن ابي العقيق، واصاب النبي منهم سبايا منهن صفية بنت حُيي بن أخطب، فاصطفى النبي صفية لنفسه. ثم جعل النبي يتدنى الحصون والاموال.
                            فلما فتح النبي من حصونهم ما فتح وحاز من اموالهم ما حاز، انتهوا الى حصنهم الوطيح – وكان آخر حصون خيبر- حاصرهم النبي بضع عشرة ليلة. قال ابن اسحق: واتى النبي بكنانة بن الربيع بن ابي الحقيق – وكان عنده كنز بني النضير- فسأله فجحد ان يكون له علم بالكنز، فاتى النبي برجل من يهود، فقال الرجل للنبي: اني قد رايت كنانة يطيف بهذه الخربة كل غداة. فقال النبي لكنانة: أرايت ان وجدناه عندك، أأقتلك؟ قال: نعم. فأمر النبي بالخربة فحُفرت فاخرج منها بعض كنزهم ثم سأله ما بقي فأبى ان يؤديه، فأمر به رسول الله الزبير بن العوام فقال: عذبه حتى تستأصل ما عنده، فكان الزبير يقدح بزنده في صدره حتى اشرف على الهلاك، ثم دفعه رسول الله الى محمد بن مسلمة فضرب عنقه .

                            هذه الرواية أوردها ابن اسحق بدون اسناد .

                            وذكرها ابن سعد في الطبقات ( رواية ابن سعد ليس فيها بهارات مثل تعذيب الزبير لكنانة إلى آخر الدراما ) .
                            ولكن حتى رواية ابن سعد لا تصح فقد أوردها بإسناد فيه ( محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلي ) وهو سيء الحفظ كما يقول الحافظ بن حجر في كتابه تقريب التهذيب .
                            كذلك نقرأ عنه في سير أعلام النبلاء :-
                            (قال أحمد كان يحيى بن سعيد يضعف ابن أبي ليلى قال أحمد كان سيىء الحفظ مضطرب الحديث وكان فقهه أحب إلينا من حديثه وروى أحمد بن زهير عن يحيى بن معين قال ليس بذاك أبو داود سمعت شعبة يقول ما رأيت أحدا أسوأ حفظا من ابن أبي ليلى روح بن عبادة عن شعبة قال أفادني ابن أبي ليلى أحاديث فإذا هي مقلوبة وروى أبو إسحاق الجوزجاني عن أحمد بن يونس قال كان زائدة لا يروى عن ابن أبي ليلى كان قد ترك حديثه ) .


                            كما ترون الرواية لا تصح بأي حال .

                            أما كنانة بن الربيع فقد مات مقتولا أثناء المعركة حسب الروايات الصحيحة في البخاري ومسلم .

                            هذا يصيب د . كامل النجار بخيبة الأمل كثيرا فقد كانت رواية ابن اسحق المجهولة الاسناد تناسبه جدا .

                            [bdr][/bdr]

                            يقول د . كامل النجار :-

                            وحاصر النبي اهل خيبر في حصنهم حتى اذا ايقنوا بالهلكة سألوه ان يأخذ مالهم ويحقن لهم دماءهم.ففعل. وكان النبي قد حاز الاموال كلها الا ما كان من حصن الوطيح. ولما نزل اهل خيبر من حصنهم سألوا النبي ان يعاملهم بالاموال على النصف، وقالوا: نحن اعلم بها منكم واعمر لها، فصالحهم النبي على النصف، على انا اذا شئنا ان نخرجكم اخرجناكم. فلما سمع اهل فدك بما حدث لاهل خيبر، بعثوا الى النبي يسألونه ان يسيّرهم ويحقن دماءهم ويخّلوا له الاموال، ففعل.
                            والانطباع الذي يخرج به القارئ من كل هذه الغزوات ان الدافع لها كان مادياً اكثر منه الحرص على اقناع اليهود والوثنيين بالدخول في الاسلام. فلم يهتم النبي بمحاولة اقناع اي قبيلة من اليهود بالاسلام، خاصةً وانه ذكر في معاهدته معهم " لليهود دينهم وللمسلمين دينهم"، ولذا لم يحاول اقناعهم وقد اترف ان لهم دينهم، فأصبح الدافع الوحيد لغزوهم هو اخذ اموالهم وقتلهم او طردهم من المكان.
                            د . كامل غير أمين .
                            تعالوا نقرأ صحيح مسلم وما ذكره في فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه لنعرف هل الرسول صلى الله عليه وسلم كان مهتما بالغنائم ولم يدعوا اليهود للإسلام كما يقول د . كامل أم أنه غير أمين كالعادة :-

                            ( حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، - يَعْنِي ابْنَ أَبِي حَازِمٍ - عَنْ أَبِي، حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ، وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، - وَاللَّفْظُ هَذَا - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، - يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - عَنْ أَبِي حَازِمٍ، أَخْبَرَنِي سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ:-

                            ( لأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ رَجُلاً يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ‏) ‏.‏
                            قَالَ فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا - قَالَ - فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُلُّهُمْ يَرْجُونَ أَنْ يُعْطَاهَا فَقَالَ :-
                            ‏ أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ؟ ‏ ‏.‏
                            فَقَالُوا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ - قَالَ - فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ فَأُتِيَ بِهِ فَبَصَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ فَقَالَ عَلِيٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا ‏.‏

                            فقال صلى الله عليه وسلم :-
                            ( انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَم ) .

                            ها هي وصية رسولنا الكريم لعلى بن أبي طالب رضي الله عنه يوم خيبر ( لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم ) .

                            د . كامل النجار لا يفعل شيئا سوى تسميم البئر ليتسمم الجميع !!
                            [frame="10 98"]
                            ـ لقد كنا العلمـاء والمعلِّمين .. يوم كانوا يعيشون في ظلام العصور الوسطى ويدفعون ثمن إلغاء (الكنيسة) لدور العقل .. بينما كنا على الضدّ .. فقد كان (المسجد) في حضارتنا .. جامعاً وجامعةً معاً ..

                            ـ وما زال الطريق مفتوحاً أمامنا للعودة إلى قيادة الحضـارة .. وما زلنا نملك المؤهلات ..

                            وإننـا بإذن الله ـ لعـــائدون ...
                            [/frame]

                            تعليق


                            • #15
                              فتح مكة


                              يقول كامل النجار : ــ
                              وبعد ثمانية عشر شهراً هجم بنو بكر على خزاعة ويبدو ان قريشاً ساعدت بني بكر بالسلاح والكُراع. فركب عمرو بن سالم، من خزاعة، يستنجد بالنبي. فجهز النبي جيشاً كبيراً وغزا مكة رغم صلح الحُديبية الذي وضع الحرب بينهم عشر سنوات. وقال ابن اسحاق: قد كان رسول الله عهد الى امرائه الا يقاتلوا الا من قاتلهم، غير انه اهدر دم نفرٍ سماهم وان وجدوا تحت استار الكعبة وهم: عبد الله بن ابي سرح، وعبد الله بن خطل، رجل من بني تيم بن غالب، وكانت له قينتان، اسم احدهم فرتانا وواسم الاخرى غريبة، امر بقتلهما معه، والحويرث بن نقيد بن وهب بن عبد قصي، ومقيس بن صبابة، وعكرمة بن ابي جهل، وسارة، وكانت مولاة لعمرو بن هاشم من بني عبد المطلب، وهند بنت عتبة، زوجة ابي سفيان. ولكن هند بايعت الرسول فسلمت.
                              اما عبد الله بن سعد بن ابي سرح قد امر بقتله لانه كان قد اسلم وكتب الوحي للنبي لمدة من الزمن، ثم ترك وارتد لانه قال كان يكتب الوحي وكان يقترح على النبي بعض التعديلات فيما كان قد املاه عليه، وكان النبي يوافق علي التعديل، فمثلاً في احد المرات قال له النبي اكتب: " ان الله عزيز حكيم" فقال له عبد الله: اليس من الافضل ان تقول " ان الله عليم حكيم؟" فوافق النبي فقال عبد الله لو كان هذا من عند الله لما قبل ان يغيره، فترك وارتد. وعندما دخل النبي مكة فر عبد الله الى عثمان بن عفان وكان اخاه من الرضاعة، فلما جاء به ليستامن له صمت عنه الرسول طويلاً ثم قال: " نعم ". فلما انصرف مع عثمان قال النبي لاصحابه: " أما كان فيكم رجلٌ رشيد يقوم الى هذا الرجل حين رآني قد صمتُ فيقتله" فقالوا: يا رسول الله هلا أومأت الينا؟ فقال: " ان النبي لا يقتل بالاشارة .
                              أشهر رواية تذكر هذه الواقعة هي ما جاءت في سنن النسائي :-

                              ( أَخْبَرَنَا الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ دِينَارٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ مُفَضَّلٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ قَالَ زَعَمَ السُّدِّىُّ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ أَمَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ إِلاَّ أَرْبَعَةَ نَفَرٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَقَالَ « اقْتُلُوهُمْ وَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمْ مُتَعَلِّقِينَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ » . عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِى جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَطَلٍ وَمَقِيسُ بْنُ صُبَابَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِى السَّرْحِ فَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَطَلٍ فَأُدْرِكَ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَاسْتَبَقَ إِلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ حُرَيْثٍ وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ فَسَبَقَ سَعِيدٌ عَمَّاراً - وَكَانَ أَشَبَّ الرَّجُلَيْنِ - فَقَتَلَهُ وَأَمَّا مَقِيسُ بْنُ صُبَابَةَ فَأَدْرَكَهُ النَّاسُ فِى السُّوقِ فَقَتَلُوهُ وَأَمَّا عِكْرِمَةُ فَرَكِبَ الْبَحْرَ فَأَصَابَتْهُمْ عَاصِفٌ فَقَالَ أَصْحَابُ السَّفِينَةِ أَخْلِصُوا فَإِنَّ آلِهَتَكُمْ لاَ تُغْنِى عَنْكُمْ شَيْئاً هَا هُنَا . فَقَالَ عِكْرِمَةُ وَاللَّهِ لَئِنْ لَمْ يُنَجِّنِى مِنَ الْبَحْرِ إِلاَّ الإِخْلاَصُ لاَ يُنَجِّينِى فِى الْبَرِّ غَيْرُهُ اللَّهُمَّ إِنَّ لَكَ عَلَىَّ عَهْداً إِنْ أَنْتَ عَافَيْتَنِى مِمَّا أَنَا فِيهِ أَنْ آتِىَ مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَضَعَ يَدِى فِى يَدِهِ فَلأَجِدَنَّهُ عَفُوًّا كَرِيماً . فَجَاءَ فَأَسْلَمَ وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِى السَّرْحِ فَإِنَّهُ اخْتَبَأَ عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَلَمَّا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ جَاءَ بِهِ حَتَّى أَوْقَفَهُ عَلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَايِعْ عَبْدَ اللَّهِ . قَالَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثَلاَثاً كُلَّ ذَلِكَ يَأْبَى فَبَايَعَهُ بَعْدَ ثَلاَثٍ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ « أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ يَقُومُ إِلَى هَذَا حَيْثُ رَآنِى كَفَفْتُ يَدِى عَنْ بَيْعَتِهِ فَيَقْتُلَهُ » . فَقَالُوا وَمَا يُدْرِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا فِى نَفْسِكَ هَلاَّ أَوْمَأْتَ إِلَيْنَا بِعَيْنِكَ . قَالَ « إِنَّهُ لاَ يَنْبَغِى لِنَبِىٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ أَعْيُن ) .

                              الشيخ الألباني رحمه الله يرى أن إسناد هذه الرواية صحيح ورغم أنني شخصيا أكن للشيخ الألباني كل الإحترام والتقدير الذي يستحقه عالم في حجمه إلا أن ذلك لا يكفي لتمرير الرواية فإسناد الرواية لا يخلو من الشك .

                              ننظر أولا لإسناد الرواية ثم نناقش المتن :-
                              سلسلة السند فيها ( أحمد بن المفضل ) نقرأ عنه في ميزان الإعتدال :- (قال الأزدي منكر الحديث روي عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن علي مرفوعاً يا علي إذا تقرب الناس إلى خالقهم بأنواع البر فتقرب إليه بأنواع العقل , وقال أبو حاتم كان من رؤساء الشيعة صدوق ) .
                              كما نرى فأحمد بن المفضل فيه كلام .

                              أيضا الإسناد فيه ( السدي ) وهو ( إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة المعروف بالسدي مولى بني هاشم , كوفي ) نقرأ عنه في الضعفاء والمتروكين لإبن الجوزي :-
                              (ضعفه ابن مهدي ويحيى بن معين وكذبه المعتمد بن سليمان وقال يحيى القطان ما رأيت أحدا يذكره إلا بخير وما تركه أحد وقال أحمد بن حنبل هو ثقة وقال ابن عدي هو عندي صدوق لا بأس به وقال أبو حاتم الرازي يكتب حديثه ولا يحتج به وقال أبو زرعة لين ) .
                              السدي أيضا محل شك .

                              ننظر في متن الرواية :-
                              أولا :- أكثر قريش استحقاقا للقتل يوم فتح مكة كانت هند وعبدها الوحشي بسبب ما ارتكباه من قتل حمزة رضي الله عنه عم النبي والتمثيل بجثته ورغم ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقتلهم فكيف يقتل من هم أقل منهما إجراما .

                              ثانيا :- نعرف قصة اليهودية يوم خيبر التي أرادت قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم بدس السم له ورغم ذلك لم يأمر المصطفى بقتلها فكيف يأمر بقتل جارية تهجوه شعرا ؟!!!

                              ثالثا :- حكاية عبد الله بن أبي سرح وتستحق وقفة لوحدها :-

                              في كتاب ( أسد الغابة في معرفة الصحابة ) لإبن الأثير يقول عن عبد الله بن أبي سرح أنه اعتنق الإسلام قبل فتح مكة وهاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة وكان يكتب الوحي للرسول قبل أن يرتد ويعود إلى مكة وهناك قال لقريش : كان محمد يملي عليً ( عزيز حكيم ) فأكتبها ( عليم حكيم ) فيوافق الرسول ويقول نعم كل سواء .
                              كما نرى فعبد الله بن أبي سرح إعتنق لأول مرة الإسلام في المدينة ثم ارتد وعاد لمكة .


                              تربط كتب التفاسير بين عبد الله بن أبي سرح وبين آية سورة الأنعام التالية :-

                              (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ ) ( الأنعام 93 ) .

                              هذه الآية كما يقول جلال الدين السيوطي في كتابه ( الإتقان في علوم القرآن ) في الجزء الخاص بمعرفة السور المكية من المدنية نزلت في مكة قبل الهجرة ( سورة الأنعام كلها نزلت في مكة ) !
                              ثم يستبعد السيوطي قول بن الحصار بأن بعضها نزل بالمدينة قائلا :
                              ( قال ابن الحصار‏:‏ استثنى منها تسع آيات ولا يصح به نقل خصوصاً مع ما قد ورد أنها نزلت جملة‏ ) .
                              نفهم من ذلك أن هذه السورة نزلت قبل إسلام إبن أبي سرح فهل كان كاتبا للوحي وهو مشرك ؟!

                              نستنتج من ذلك أن الآية لا علاقة بينها وبين إبن أبي سرح فهي نزلت في مكة قبل إعتناقه الإسلام لأول مرة وفي الغالب نزلت في مسيلمة أو أحد أحبار اليهود كما تذكر كتب التفاسير الأخرى .

                              الإمام الطبري ينقل في تفسيره للآية 93 من سورة المؤمنون عن عكرمة أن عبد الله بن أبي سرح رجع للإسلام مرة أخرى بعد إرتداده قبل فتح مكة ( أكرر قبل فتح مكة ) :

                              (حدثنا القاسم قال ثنا الحسين قال ثني حجاج عن ابن جريج عن عكرمة قوله ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء قال نزلت في مسيلمة أخي بني عدي بن حنيفة فيما كان يسجع ويتكهن به ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح أخي بني عامر بن لؤي كان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم وكان فيما يملي عزيز حكيم فيكتب غفور رحيم فيغيره ثم يقرأ عليه كذا وكذا لما حول فيقول نعم سواء فرجع عن الإسلام ولحق بقريش وقال لهم لقد كان ينزل عليه عزيز حكيم فأحوله ثم أقول لما أكتب فيقول نعم سواء ثم رجع إلى الإسلام قبل فتح مكة ... ) .

                              وإذا صحت رواية عكرمة فكيف يكون المصطفى صلى الله عليه وسلم أمر بقتله يوم فتح مكة وقد كان مسلما وقتها ؟!


                              رواية الإمام النسائي تقول أيضا أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بقتل بن أبي سرح فجاءه عثمان رضي الله عنه يطلب إستئمانه ومبايعته على العودة للإسلام فلم يقبل الرسول أن يبايعه وهذا امر يدعو للحيرة .
                              لماذا لم يقبل الرسول صلى الله عليه وسلم مبايعته رغم أن عثمان أمًنه ؟؟!
                              ثم بعد ذلك يتركه الرسول صلى الله عليه وسلم يرحل بدون عقاب رغم أنه امر بعقابه في البداية ورفض مبايعته والرسول لا يعاقب سوى من يستحق العقاب فلماذا لم يتمسك النبي الكريم بمعاقبته ؟ !

                              في الحقيقة هذه الأمور من الصعب أن تمر بدون نقد .

                              شيء أخير أقوله :- هل كان عبد الله بن أبي سرح من كتًاب الوحي حقا ؟

                              الحافظ العراقي يقول في ألفية السيرة النبوية وهو يعدد أسماء كتًاب الوحى المعروفين :-

                              795 وأعدد جهيما والعلا بن عتبة كذا حصين بن نمير أثبت .
                              796 وذكروا ثلاثة قد كتبوا وارتد كل واحد وانقلبوا .
                              797 ابن أبي سرح مع ابن خطل وآخر أبهم لم يسمى لي .
                              798 ولم يعد منهم إلى الدين سوى ابن أبي سرح وباقيهم غوى .


                              الحافظ العراقي كما نرى فبعد أن عدًد 42 كاتبا للوحي يقول عن بن أبي سرح ( وذكروا ! ) وهذا معناه أنه ليس متأكدا من هذا الامر .

                              وإذا عرفنا أنه ارتد سريعا مشركا إلى مكة فمتى إذن كتب الوحى ؟ وكيف إختاره الرسول أصلا ؟

                              ثم أن د . كامل النجار يتقمص دور الراوي وينقل بلسانه رواية أن ابن أبي سرح كان يغير في الوحي وكأنه شهد ورأى كل شيء رغم أن مصادر حكاية بن أبي سرح تنقل الكلام على لسان ابن أبي سرح وقت أن كان مشركا وليس لسان الرسول .

                              لو كان بن أبي سرح تأكد من عدم صدق الرسول صلى الله عليه وسلم كما يريدنا د . كامل النجار أن نفهم فكيف عاد للإسلام وتمسك به وقاتل في سبيله ؟ أليس منطق د . كامل النجار مليء بالثقوب ؟


                              [bdr][/bdr]

                              يقول د . كامل :-

                              وهذه لم تكن اول مرة يأمر فيها النبي بقتل من هجاه او اغضبه. فقد امر بقتل النضر بن الحارث من بني عبد الدار بن قصي من قريش، وهم من اقربائه، وكان النضر علي علم بقصص الانبياء وقصص اهل فارس، فكان يعقب النبي في مجالسه بمكة ويقول للاعراب: انا اقص عليكم قصصاً احسن من قصص محمد. وكان يقص عليهم اخبار ملوك فارس وقصص انبياء اليهود. فلما وقع النضر اسيراً في غزوة بدر، امر الرسول بقتله، وكان من نصيب المقداد بن عمرو. فلما امر الرسول بقتله وكان المقداد يطمع في الفداء، قال المقداد للرسول: هذا الرجل اسيري ويحق لي ان افاديه. فقال الرسول له: هل نسيت ما قال هذا الفاسق عن الاسلام. فقتلوه في الاثيل.
                              قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ حتى إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصفراء قتل النضر بن الحارث ، قتله علي بن أبي طالب ، كما أخبرني بعض أهل العلم من أهل مكة ‏‏.
                              طبعا عبارة ( بعض أهل العلم ) ليست سندا فرواية أبن اسحق بدون اسناد .

                              نقرأ في ( أخبار مكة ) :-
                              (1739 وحدثني حسن بن حسين الأزدي قال ثنا محمد بن سهل قال ثنا هشام عن محرز بن جعفر عن عمرو بن أمية الضمري قال إبن سهل وذكره الواقدي أيضا قال كانت قريش إنما تغني ويغنى لها النصب نصب الأعراب لا ذلك حتى قدم النضر بن الحارث وافدا على كسرى فمر على الحيرة فتعلم ضرب كان البربط وغنى العباد فعلم أهل مكة وفيه نزلت ومن الناس من يشتري لهو الحديث . إسناده متروك ) .

                              الإمام الطبري رحمه الله يذكر أيضا شيئا شبيها في تفسيره جامع البيان وهو يفسر هذه الآية من سورة الفرقان :-
                              (وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ) [الفرقان : 5]

                              تعالوا نقرأ ماذا يقول :-
                              (ذكر أن هذه الآية نزلت في النضر بن الحارث وأنه المعني بقوله وقالوا أساطير الأولين ذكر من قال ذلك حدثنا أبو كريب قال ثنا يونس بن بكير قال ثنا محمد بن إسحاق قال ( ثنا شيخ من أهل مصر قدم منذ بضع وأربعين سنة ) عن عكرمة عن ابن عباس قال كان النضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي من شياطين قريش وكان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم وينصب له العداوة وكان قد قدم الحيرة تعلم بها أحاديث ملوك فارس وأحاديث رستم وأسفنديار فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس مجلسا فذكر بالله وحدث قومه ما أصاب من قبلهم من الأمم من نقمة الله خلفه في مجلسه إذا قام ثم يقول أنا والله يا معشر قريش أحسن حديثا منه فهلموا فأنا أحدثكم أحسن من حديثه ثم يحدثهم عن ملوك فارس ورستم وأسفنديار ثم يقول ما محمد أحسن حديثا مني قال فأنزل الله تبارك وتعالى في النضر ثماني آيات من القرآن قوله وإذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين وكل ما ذكر فيه الأساطير في القرآن ) :-


                              كما ترون فإسناد الرواية فيه راو مجهول هو ( شيخ من أهل مصر ) .

                              ثم ينقل الطبري رواية بسند آخر :-

                              (حدثنا ابن حميد قال ثنا سلمة عن ابن إسحاق قال ثني (محمد بن أبي محمد عن سعيد أو عكرمة) عن ابن عباس نحوه إلا أنه جعل قوله فأنزل الله في النضر ثماني آيات عن ابن إسحاق عن أبي صالح عن ابن عباس حدثنا القاسم قال ثنا الحسين قال ثني حجاج عن ابن جريج أساطير الأولين أشعارهم وكهانتهم وقالها النضر بن الحارث ) :-

                              نرى أيضا عبارة ( سعيد أو عكرمة ) تجعل الإسناد محل شك .

                              حتى ( محمد بن أبي محمد ) راو مجهول قال عنه الحافظ الذهبي ( لا يعرف ) وقال عنه الحافظ بن حجر في التقريب ( مجهول ) .

                              أما الصيغة التي ينقل بها د . النجار الرواية فلا أعرف من أين جاء بها وهو تكتم على مصدره و لم يذكره لنا هذه المرة !!!


                              [bdr][/bdr]


                              يقول د . كامل :-

                              وفي سنة خمس بعث الرسول زيد بن حارثة الى وادي القرى فلقي بني فزارة، فأصيب عدد من اصحابه وجُرح زيد. فلما رجع الى المدينة نذر الا يمس رأسه غسل من جنابة حتى يغزو بني فزارة. فلما شُفي من جراحه بعثه الرسول في جيش الى بني فزارة، فلقيهم بوادي القرى فأصاب فيهم واسر ام قَرفة – وهي فاطمة بنت ربيعة بن بدر – عجوزاً كبيرة وبنتها، وكان العرب يضربون المثل بأم قرفة لعزتها فيقولون: أعز من أم قَرفة. وقال الاصمعي: من أمثالهم في العزة والمنعة: أمنع من أم قَرفة. وكان النبي يقول لأهل مكة: أرأيتم لإن قتلتُ أم قرفة؟ فيقولون: أيكون ذلك؟ فامر النبي زيد بن حارثة ان يقتل ام قرفة، فقتلها قتلاً عنيفاً، ربط برجليها حبلين ثم ربطهما الى بعيرين حتى شقاها . فأمر النبي بالطواف برأسها في دروب وازقة المدينة .
                              تعالوا نقرأ ماذا يقول الذهبي عن يحيي بن محمد أحد رواة هذه الواقعة :-
                              ميزان الأعتدال في نقد الرجال للذهبي :-
                              9626 يحيى بن محمد بن عباد بن هانئ الشجري أبو إبراهيم عن ابن إسحاق ضعفه أبو حاتم الرازي وقال إذنه في حديثه مناكير أو أغاليط و كان ضريرا فيما بلغني يلقن ثم قال حدثنا محمد بن أيوب حدثنا إبراهيم عن محمد بن عباد بن هانئ الشجري حدثنا أبي عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه فذكر حديثا و به عن الزهري عن عروة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم بلغه أن امرأة من بني فزارة يقال لها أم قرفة جهزت ثلاثين راكبا من ولدها وولد ولدها فقالت اقدموا المدينة فاقتلوا محمدا صلى الله عليه وسلم فقال اللهم أنكلها ولدها و بعث إليهم زيد بن حارثة فقتل بني فزارة و قتل ولد أم قرفة و بعث بدرعها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنصبه بين رمحين - قلت هذا حديث منكر تفرد به إبراهيم عن أبيه ) .


                              روايات أخرى تقول أن أبا بكر قتل أم قرفة وهي أيضا روايات غير صحيحة :-
                              سنن البيهقي الكبرى :-
                              (ثنا أحمد بن إسحاق بن بهلول ثنا أبي ثنا محمد بن عيسى عن الوليد بن مسلم عن سعيد بن عبد العزيز ثم أن أبا بكر قتل أم قرفة الفزارية في ردتها قتلة مثلة شد رجليها بفرسين ثم صاح بهما فشقاها ) .

                              سعيد بن عبد العزيز لم يدرك أبا بكر فالإسناد منقطع .
                              أما المتن فلا يستحق التعليق .


                              أحب أيضا أن أعلق على الاشعار التي أوردها محمد بن اسحق في السيرة لأني رأيت أن د. كامل النجار يكرر اقتباساته منها كثيرا .
                              كل الاشعار التي ألحقها محمد بن اسحق بالسيرة تقريبا غير حقيقية وتم تأليفها .

                              يقول ابن سلام عن اشعار محمد بن اسحق :-
                              ("كتب في السِّيَر أشعار الرجال الذين لم يقولوا شعرًا قط، وأشعار النساء فضلاً عن الرجال، ثم جاوز ذلك إلى عادٍ وثمودَ، فكتب لهم أشعارًا كثيرة، وليس بشعر، إنَّما هو كلامٌ مؤلَّفٌ معقودٌ بقَوَافٍ" ) .


                              [bdr][/bdr]

                              يقول د . كامل :-

                              ويبدو ان الاغتيالات السياسية كانت متفشية في زمن النبي. ففي السنة الثانية للهجرة بعث الرسول عبد الله بن عُقبة ليغتال ابا رافع سلام بن ابي الحقيق اليهودي وكان سبب قتله انه كان يظاهر كعب بن الاشرف على الرسول. فدخل عبد الله الحصن وكمن تحت حمار الى ان اغلق البواب ابواب الحصن وعلق المفاتيح من داخل الباب. وكان ابو رافع يسمر مع اصحابه، فلما تفرقوا عنه، اخذ عبد الله بن عقبة المفاتيح وصعد اليه. ويقول عبد الله: فجعلت كلما فتحت بابا اغلقته عليّ من داخل. قلت: إن القوم نذروا بي لم يخلصوا اليّ حتى اقتله. قال: فانتهيت اليه، فاذا هو في بيت مظلم وسط عياله، لا ادري اين هو من البيت! قلت: ايا رافع! قال: من هذا؟ قال: فاهويت نحو الصوت فاضربه ضربة بالسيف وانا دهش فما اعي شيئا، ثم وضعت ضبيب السيف في بطنه حتى اخرجته من ظهره .
                              في البداية لابد أن أذكر شيئا عن منهج المبشرين الذين ينقل عنهم د . النجار في قراءة الأحداث .
                              المستشرق ينتهج واحد من ثلاثة طرق عند كتابته عن الإسلام :-
                              1- التمسك بالروايات الشاذة والضعيفة ويغض الطرف تماما عن الروايات الصحيحة .

                              2- يفترض من البداية سوء النية ويسبح بخياله لاختراع أحداث يضيفها على النصوص تساعده في إسقاط أوهامه على الاسلام .

                              3- يسقط كل احداث الواقع القذرة على التاريخ فعندما يجد مقتل فلان يسميه ( إغتيال سياسي ) وعندما يجد خلافا بين الصحابة يسميه ( تآمر سياسي ) .

                              بالنسبة لسلام بن أبي الحقيق فقد كان من يهود بني النضير الذي أجلاهم الرسول صلى الله عليه وسلم من المدينة بعد أكثر من واقعة خيانة

                              ( لاحظوا أنهم حاولوا قتل الرسول رغم وجود معاهدة أمان معهم ) .
                              لكن الرجل لم يرحل بل التحق بيهود خيبر ومن هنا تبدأ الحكاية .

                              بن أبى الحقيق هذا ذهب كما قلنا من قبل لعرب قريش يدعوهم لتجهيز جيشا لاستئصال المسلمين ووعدهم بالمؤازرة وكان هو من أسباب إندلاع غزوة الأحزاب .

                              هو أيضا كان ممن قاتلوا ضد المسلمين في غزوة الأحزاب ورغم انهزام الأحزاب إلا أن الرجل كان مصدر تحريض وتأليب للقبائل ضد المسلمين بشكل لا ينتهي .

                              نفهم من ذلك أن الرجل كان محاربا وكان خائن لعهده مع المسلمين وكان مبادرا لعداوتهم .

                              شيء ثاني لابد من ذكره أن فترة قتله كانت فترة حرب وليس وقت سلم .

                              شيء ثالث وهو أن الأمر بقتله لم يكن سوى اعلان للحرب عليه وخرج في ذلك سرية من خمس رجال بقيادة عبد الله بن عتيك في شكل حرب صغيرة لتجنب زيادة القتلى .

                              كما رأينا أن قتل أبي الحقيق كان في وقت حرب وكان مثل أي قتال بين المسلمين ومن بادرهم بالعداء فلماذا يسميه د . كامل النجار ( إغتيال سياسي ) ؟

                              لفظ اغتيال ليس من اختراع كامل النجار ولا ابن وراق بل تقرؤه أيضا عند المبشر الانجليزي توماس مور .

                              إنه إسقاط لأحداث الواقع من اغتيالات وتآمرات على الروايات لخلق بعض الإثارة تساعد في تبشيع الصورة وتنفير الناس .

                              أقول لكامل النجار أن قتل سلام بن أبي الحقيق وكعب ابن الأشرف لم يكن ( إغتيالا سياسيا ) بل معاقبة لمجرمي حرب طالما الأمر هو حرب ألفاظ !!!!


                              [bdr][/bdr]

                              يقول د . كامل :-


                              واليهودي الاخر، كعب بن الاشرف لم يكن احسن حظاً. فهو كان يهجو النبي ويألب قريشاً ضده. قال ابن اسحاق: قال النبي : من لابن الاشرف؟ فقال له محمد بن مسلمة اخو بني عبد الاشهل: انا لك به يا رسول الله انا اقتله. فقال له الرسول: افعل ان قدرت على ذلك. فرجع محمد بن مسلمة، فمكث ثلاثاً لا يأكل ولا يشرب الا ما يعلق نفسه. فذُكر ذلك لرسول الله، فدعاه فقال له: لم تركت الطعام والشراب؟ فقال: يا رسول الله قلت لك قولاً لا ادري هل أفي به ام لا. قال له الرسول: انما عليك الجهد. فذهب ابن مسلمة ومعه سلكان بن سلامة بن وقش، وكان اخاً لكعب من الرضاعة. ومشى معهم رسول الله الى بقيع الغرقد ثم وجههم وقال: انطلقوا على اسم الله، اللهم اعنهم ". ثم رجع الى بيته. وعندما وصلوا حصن كعب بن الاشرف نادى عليه سلكان فنزل اليهم كعب في ملحفته، وكان عريساً، وخرجوا يتمشون فهجموا عليه بسيوفهم وقتلوه .
                              مازال د . كامل النجار يتحدث عما يسميه ( إغتيالات سياسية ) !

                              حادثة مقتل كعب بن الاشرف يدرجها البخاري مثلا في باب ( المغازي ) فهي حرب مصغرة ولم تكن فترة سلم
                              ولكن د . كامل النجار يقلد توماس مور وينعتها أيضا ب ( اغتيال سياسي ) !

                              موقف كعب ابن الأشرف مثل ابن أبي الحقيق تماما .

                              كعب كان من رجال بني النضير وكان متفقا مع المسلمين بمعاهدة حماية مشتركة عن المدينة واتفاق على ألا ينصر اليهود قريشا أو يعينوهم على المسلمين .

                              يقول الحافظ بن حجر في فتح الباري :-
                              ( أخرج ابن عائذ من طريق الكلبي أن كعب بن الأشرف قدم على مشركي قريش فحالفهم عند أستار الكعبة على قتل المسلمين‏ ) .
                              (ومن طريق أبي الأسود عن عروة ‏"‏ أنه كان يهجو النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين ويحرض قريشا عليهم، وأنه لما قدم على قريش قالوا له‏:‏ أديننا أهدى أم دين محمد‏؟‏ قال‏:‏ دينكم‏ ) .

                              في كتاب الفوائد لعبد الله بن اسحق الخراساني (وهو أنه صنع طعاما وواطأ جماعة من اليهود أنه يدعو النبي صلى الله عليه وسلم إلى الوليمة فإذا حضر فتكوا به ثم دعاه فجاء ومعه بعض أصحابه فأعلمه جبريل بما أضمروه بعد أن جالسه فقام فستره جبريل بجناحه فخرج، فلما فقدوه تفرقوا، فقال حينئذ‏:‏ من ينتدب لقتل كعب‏) وللأمانة العلمية فاسناد هذه الرواية فيه ضعف .

                              أما أرذل ما فعله كعب بن الأشرف فهو قذفه للمسلمات المحصنات والعبث بأعراض الشريفات من نساء المسلمين .

                              كما ترون فكعب اتخذنا كمسلمين أعداءا بدون مبرر سوى دناءة النفس فكان يجب أن نتخذه عدوا .
                              كان من الممكن أن يتخذ المسلمون ما فعله كعب ذريعة لشن حرب عليه وعلى قومه . ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يشأ أن يعاقب الجميع بما فعله السفهاء منهم .

                              ربما يرى البعض أن محمد بن مسلمة لجأ في قتله لخدعة ولكن هذا لا يغير من الأمر شيء .
                              محمد بن مسلمة إختار أبسط طريقة تجنبا لإراقة دماء كثيرة .
                              ربما لو كان شخصا مثل عمر بن الخطاب رضي الله عنه في مكانه لاختار طريقة أخرى لقتله مثل أن يدعوه للمبارزة أو شيء آخر يتناسب مع قوته .
                              ولكن الأمر في النهاية لا يخرج عن معاقبة مجرم حرب آخر .


                              [bdr][/bdr]

                              يقول د . كامل :-

                              وفي النخلة كان خالد بن سفيان الهذلي يألب بني هذيل ضد النبي فارسل النبي عبد الله ين انيس الجهني ليقتله، وقال له: انه قد بلغني ان خالد بن سفيان بن نبيح الهذلي يجمع لي الناس ليغزوني، فائته فأقتله. فلما اتاه سأله خالد: من الرجل؟ قال: رجل من العرب سمع بك وبجمعك لهذا الرجل فجاءك لذلك. فقال خالد: اجل انا في ذلك . فسار معه عدة خطوات وحمل عبد الله عليه بسيفه فقتله وحمل رأسه للنبي. فأعطاه النبي عصاً وقال له: تحضّر بهذه في الجنة. ولما مات عبد الله بن انيس أدرجت العصا في كفنه .

                              مازال أمامنا الكثير من روايات د . كامل النجار الغير صحيحة .
                              هذه الرواية ذكرها أحمد وأبو داود وفي سندهما راو مجهول هو ( ابن عبد الله بن أنيس ) .

                              وذكرها الطبراني باسناد فيه ( الوازع بن واقد ) وهو متروك الحديث .
                              رواية أخرى ساقطة ولن تكون الاخيرة .

                              [bdr][/bdr]

                              يقول د . كامل :-

                              كان ابو عفك رجلاً مسناً، قيل ان عمره كان عشرين ومائة عام، قال شعراً هجا به النبي، فقال النبي: من لي بهذا الرجل؟ فتطوع سالم بن عمير لقتله. فسار اليه سالم وقتله، فاثار هذا العمل حفيظه شاعرة اسمها اسماء بنت مروان، فقالت شعراً هجت فيه النبي. فارسل النبي اليها عمير بن عُدي الذي تسلل الى خيمتها ليلاً وهي ترضع وليدها فقتلها .
                              مرة أخرى كما اتفقنا تعالوا نتأكد من صحة الروايتين .
                              رواية ( أبو عفك ) ذكرها ابن اسحق في السيرة ونقلها عنه ابن هشام وكذلك فعل محمد بن عمر الواقدي ونقلها تابعه ابن سعد في الطبقات ولكن المفاجأة أنها بدون اسناد معتبر !!!

                              الواقدي يكتب هذا :- (سَعِيدُ بْنُ مُحَمّدٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيّةَ، وَحَدّثَنَاهُ أَبُو مُصْعَبٍ إسْمَاعِيلُ بْنُ مُصْعَبِ بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَشْيَاخِهِ ) :-
                              هذا طبعا ليس إسنادا ومن هم أشياخه هؤلاء . فمدار الرواية كله على الواقدي .

                              ابن اسحق و الواقدي عاشا في القرن الثاني الهجري ولم يسمعا عن النبي و لم يشهدوا الحدث كما نعلم لذلك الرواية ساقطة ولا أساس لها .

                              نأتي للرواية الأخري عن عصماء بنت مروان ( وهذا هو اسمها وليس أسماء كما يقول د.كامل ) :-
                              القصة مذكورة في طبقات بن سعد ينقلها عن الواقدي .
                              ابن عدي يذكر في كتابه ( الكامل في ضعفاء الرجال ) اسنادا للرواية وفيه ( محمد بن الحجاج اللخمي ) وهو متروك الحديث ومتهم بتلفيق القصة بل وتلفيق الإسناد كله .

                              كذلك يذكر ابن الجوزي نفس الشيء في كتابه ( العلل ) .

                              ونقرأ عن اللخمي في ميزان الإعتدال للذهبي :- ( ميزان الإعتدال في نقد الرجال ) :- قال البخاري :- منكر الحديث , قال ابن معين :- كذاب خبيث , وقال الدارقطني :- كذاب .

                              كما ترون الروايتان ملفقتان ولا أساس لهما .

                              ولكن تعالوا نفحص متن الروايتين :- هل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأمر بقتل النساء والشيوخ ؟

                              ألم ينهى عن قتل اليهودية التي دست له السم في الطعام تريد قتله ؟

                              ألم ينهى عن قتل النساء والشيوخ في المعارك صلى الله عليه وسلم ؟

                              ألم يقتدي بسنته الخليفة أبو بكر رضى الله عنه ويوصي الجيوش الإسلامية بعدم التعرض للأطفال والنساء والشيوخ ورهبان الصوامع ؟

                              الروايتان ساقطتان متنا وسندا ورغم ذلك يستشهد بهما د . النجار وأستاذه ابن وراق .


                              [bdr][/bdr]

                              يقول د . كامل :-

                              وفي سنة ثمانية للهجرة عندما كان النبي يجهز لحملته ضد الروم، تناهى الى سمعه ان بعض الرجال كانوا مجتمعين في بيت يهودي اسمه شويلم وكانوا يخططون لمعارضة الحملة، فارسل النبي طلحة بن عبيد الله مع عدد من الرجال ليحاصروا المنزل ويحرقوه. رجل واحد فقط استطاع ان ينجو من المنزل وكسر رجله في محاولته الهروب من النار.
                              سأكون سعيدا لو أخبرنا د . كامل بمصدر هذه القصة فهو لم يفعل هذه المرة أيضا !!!!!


                              يبقى شيء أخير لابد من ذكره في النهاية :- إذا كانت الكثير من الأخبار والقصص المذكورة في كتب السيرة مفبركة , فلماذا كتبها المسلمون ؟

                              الإجابة :- لابد أن نعرف أن كثير من الكتاب الأوائل كانوا مهتمين بجمع أكبر قدر من الروايات بدون توثيق خوفا من ضياعها . وتركوا مسألة التأكد من صحتها للأجيال القادمة .
                              هذا يلخصه الحافظ العراقي في ( ألفية السيرة النبوية ) فيقول :-
                              4 من نظم سيرة النبي الأمجد ألفية حاوية للمقصد .

                              5 وليعلم الطالب أن السيرا تجمع ما صح وما قد أنكرا .

                              6 والقصد ذكر ما أتى أهل السير به وإن إسناده لم يعتبر .



                              والله من وراء القصد والسبيل ,,
                              [frame="10 98"]
                              ـ لقد كنا العلمـاء والمعلِّمين .. يوم كانوا يعيشون في ظلام العصور الوسطى ويدفعون ثمن إلغاء (الكنيسة) لدور العقل .. بينما كنا على الضدّ .. فقد كان (المسجد) في حضارتنا .. جامعاً وجامعةً معاً ..

                              ـ وما زال الطريق مفتوحاً أمامنا للعودة إلى قيادة الحضـارة .. وما زلنا نملك المؤهلات ..

                              وإننـا بإذن الله ـ لعـــائدون ...
                              [/frame]

                              تعليق

                              مواضيع ذات صلة

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              ابتدأ بواسطة Islam soldier, 6 يون, 2022, 01:23 م
                              ردود 0
                              175 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة Islam soldier
                              بواسطة Islam soldier
                               
                              ابتدأ بواسطة Islam soldier, 29 ماي, 2022, 11:22 ص
                              ردود 0
                              25 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة Islam soldier
                              بواسطة Islam soldier
                               
                              ابتدأ بواسطة Islam soldier, 29 ماي, 2022, 11:20 ص
                              ردود 0
                              42 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة Islam soldier
                              بواسطة Islam soldier
                               
                              ابتدأ بواسطة عادل خراط, 6 أكت, 2021, 07:41 م
                              ردود 0
                              43 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة عادل خراط
                              بواسطة عادل خراط
                               
                              ابتدأ بواسطة Ibrahim Balkhair, 4 سبت, 2020, 05:14 م
                              ردود 3
                              88 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة Ibrahim Balkhair
                              بواسطة Ibrahim Balkhair
                               
                              يعمل...
                              X