تويت
الخبر:
أعلن بابا الفاتيكان عن تضامنه مع أقباط مصر، ودعاهم للوقوف في وجه ما أسماهم القمع والاضطهاد .
التعليق:
كتبه / شريف عبد العزيز
مفكرة الإسلام: في سنة 594 هجرية وفي أعقاب وفاة السلطان العظيم الناصر صلاح الدين قرر البابا أنوسنت الثالث الدعوة لحملة صليبية رابعة علي العالم الإسلامي، وقبل تحرك الحملة الجرارة للهجوم علي المسلمين، جاءت الأخبار للبابا أنوسنت الثالث أن ثورة كبيرة اشتعلت بالقسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية القديمة، ورأس الأرثوذكسية، فاستغل بابا روما الفوضى العارمة بالقسطنطينية، وأمر قادة الحملة الصليبية الرابعة بالتوجه نحو القسطنطينية ومساعدة الثوار، وبالفعل اقتحم الصليبيون المدينة وخربوها تماما، وقتلوا عشرات ألآلاف من أهلها، ودخل مندوب البابا كنيسة أيا صوفيا وأقام الصلوات بالمذهب الكاثوليكي، وتمنى أهل القسطنطينية لو أن المدينة قد وقعت في يد المسلمين بدلاً من إخوانهم الكاثوليك .
أعداء الأمس واليوم أيضا !
وفي شهر فبراير سنة 2000 قام بابا الفاتيكان يوحنا بولس الثاني بزيارة فريدة لمصر تعد الأولي لرأس الكنيسة الكاثوليكية منذ دخول الإسلام ــ سنة 21 هجرية ــ حيث قوبل علي أفضل ما تكون المقابلة، إذ وجد في استقباله في مطار القاهرة الرئيس المصري مبارك وأعضاء حكومته كلهم، ومعهم شيخ الأزهر ومفتى البلاد، ورؤساء الأحزاب المصرية، وغيرهم من قادة المجتمع وأعيانه، ولقد تغيب شخص واحد أصر علي عدم الحضور، كان ذلك الشخص هو البابا شنودة رأس الكنيسة الأرثوذكسية، ولما أراد يوحنا بولس الصلاة في دير سانت كاترين بسيناء رفض رهبان الدير دخوله مذبح الصلوات، بل ورفضوا أن يتجاوز ساحات الدير أصلاً.
بابا الفاتيكان والهروب من المشكلات
الخلاف التاريخي بين الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية لا يستطيع أن يدعى أحد أنه قد تم تجاوزه أو الاتفاق علي حله، فالصدام و التلاسن بين قادة الكنيستين لا ينقطع، فهي عداوة وبغضاء قال الله عز و جل عنها أنها إلي يوم القيامة، وآخرها التلاسن العنيف الذي حدث بين الطائفتين في مصر علي خلفية شائعة ظهور العذراء فوق أبراج كنيسة الوراق بالقاهرة، وسخرية قادة الكنيسة الكاثوليكية في مصر من هذا الكلام، ورد البابا العنيف عليهم ونفي الإيمان عنهم، إذا ما الذي دفع بابا الفاتيكان لئن يخرج بمثل هذا الموقف النادر في تأييد أقباط مصر، ويدين الحادث الثأري بأشد عبارات الإدانة التي خرجت عن حد الإنكار إلي التحريض وصب الزيت علي النار ؟
وبعيداً عن الأدلة من القرآن والسنة بعداوة أهل الكتاب للإسلام والمسلمين، وبعيداً عن إساءات البابا المتكررة للإسلام ورسوله صلي الله عليه وسلم،حتى لا نختصر المسألة في قالب العداوة التاريخية والدينية فقط، فأن بابا الفاتيكان غارق حتى أذنيه في المشكلات الداخلية التي وضعت مكانة وسمعة الكنيسة الكاثوليكية علي المحك، وتصاعدت وتيرة هذه المشكلات حتى أصبحت مادة يومية لوسائل الإعلام العالمية، من هذه المشكلات:
كراهية الكثير من قساوسة ورهبان الكنيسة الكاثوليكية للبابا بندكتس السادس عشر بسبب غلظته وقسوته وفظاظته المعروفة لكل من تعامل معه، منذ أن كان مسئولاً عن محكمة الإيمان وهو الاسم العصري لمحاكم التفتيش القديمة ذات الصيت المرعب والتي كانت مسئولة عن ذبح خمسة ملايين مسلم في الأندلس بعد سقوطها سنة 897 هجرية، البابا بندكتس له كثير من الخصوم والمخالفين داخل الكنيسة، بل أنه لم يكن المرشح الأول لهذا المنصب الخطير، وكان الكاردينال البلجيكي جود فريد دانيلس هو المرشح الأوفر حظاً للمنصب لولا فضيحة أخلاقية طالت أحد أقربائه سنة 2005 فأطاحت بالبلجيكي وجاءت بالألماني المنبوذ من الكثيرين، ولكنه اختيار كان لا مفر منه .
البابا المنبوذ داخلياً بدأ ولايته بافتعال العديد من المشاكل باستبعاد عدة كرادلة كبار داخل الكنيسة الكاثوليكية، استجابة للضغوط اليهودية التي طلبت منه استبعاد كل من ينكر الهولوكوست أو المحرقة اليهودية، فاستبعد أربعة من أكبر الكرادلة منهم ويليامسون الانجليزي، والضجة التي أثيرت بسبب ذلك، حتى أن المستشارة الألمانية ميركل طالبت من البابا أثناء زيارته لألمانيا في نفس العام 2007 أن يعفو عن الكرادلة الموقوفين، ومعالجة آثار هذا الاستبعاد علي الكنيسة الكاثوليكية .
البابا يعاني من مشاكل خارجية كثيرة بسبب تبنيه لسياسات تنصيرية فجة وصريحة، فقد نشر وثيقة الفاتيكان الشهيرة سنة 2007وأسماها " حق الكنيسة الكاثوليكية في نشر رسالتها التبشيرية بين غير المسيحيين وأتباع المذاهب المسيحية الأخرى " وهو ما أثار أتباع المذاهب الأخرى في النصرانية، وصدور عبارات التنديد والتهديد لأي أنشطة تنصرية في أتباع المذاهب الأخرى، بل ردت الكنيسة الأرثوذكسية علي على هذه الوثيقة بعقد مؤتمر تثبيت الإيمان بالقاهرة سنة 2008 أعلن فيه الأنبا بيشوي سكرتير البابا شنودة وأبرز المرشحين لخلافته التكفير الضمني لبابا الفاتيكان، كما ردت إسرائيل علي هذه الوثيقة أيضا بمسيرات احتجاجية غاضبة في شوارع تل أبيب تم خلالها حرق نسخ من الإنجيل تعبيراً عن الغضب والرفض لوثيقة بندكتس السادس عشر .
أما أبرز المشاكل التي يعاني منها بابا الفاتيكان، وأم المعضلات التي مرمغت سمعة الكاثوليكية في الطين، وأثرت سلباً علي أنشطة التنصير في أنحاء العالم، هي الفضائح الجنسية المتلاحقة والتي تكاد أن تكون يومياً لرهبان والقساوسة الكاثوليك خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، والتعامل السلبي الذي يصل لحد التجاهل والتستر علي تلك الجرائم المشينة، فقد كشفت عدة تقارير صحفية أن أكثر من 600 راهب وقس قد تم إيقافهم واستبعادهم عن سلك الرهبنة في ولايات أمريكا الغربية فقط خلال العامين الماضيين، وأن الكنائس الكاثوليكية دفعت مبلغ ملياري دولار تعويضات لأسر ضحايا الاعتداءات الجنسية للرهبان علي الأطفال الصغار، وكذلك الوضع بالنسبة للكنيسة الإيرلندية التي تعاني من وضع خطير للغاية بسبب تفجر جريمة تستر أساقفة إيرلندا علي سلسلة فضائح كبيرة للقساوسة والرهبان هناك، وهي الجريمة التي دفعت الكثيرين من أبناء الشعب الإيرلندي لتغيير مذهبهم الكاثوليكي، ومن بقي علي مذهبه القديم هجر الكنيسة ومنع أبنائه من الذهاب إليها، وبلغ إنكار الإيرلنديين علي البابا أن دعت أشهر مطربات البلاد علانية لتنحى البابا ومحاكمته علي الهواء مباشرة، ووصل الإنكار علي البابا لذروته عندما قامت امرأة اتهمت بالجنون بمحاولة الاعتداء أثناء قداس منتصف الليل ليلة الاحتفال بأعياد الميلاد في روما، وهو الاعتداء الذي أوقع البابا أرضاً وتسبب في كسر فخذ أقرب مساعده الكادينال جيوفاني الإيطالي .
هذه الأسباب وغيرها دفعت البابا للهروب للأمام بالقفز علي مشكلاته، بمحاولة تبني موقف المدافع عن الأقباط والنصارى في كل مكان، وتحسين علاقاته المتوترة مع أتباع المذهب الأرثوذكسي، ومن قبل ذلك كله الطعن في الإسلام والمسلمين، ولكن الجديد في هذه المرة أن البابا الذي يحرص علي لبوس مسوح السلام والمحبة والصفح كما يزعمون ارتدي هذه المرة لباس المحرضين واللاعبين بالنار، والذين ينتهزون الفرصة للعبث بالملفات المشتعلة، فدعا الأقباط في مصر للإحتشاد والإصطفاف في وجه الظلم والقمع الإسلامي، أي بعبارة أدق هو يدعو للثورة وحمل السلاح ضد الحكومة والشعب المصري .
العجيب في هذا الموقف البابوي اللئيم والمريب أن عقلاء الأقباط في مصر قد أيقنوا أن الحادث المأساوي كان لأسباب جنائية وليست دينية أنه من قضايا الثأر المعروفة في صعيد مصر، حتى أن أسقف نجع حمادي الأنبا كيرلس برئ ساحة الأمن من التقصير في حماية الكنائس يوم الحادث، وصرح بأن جريمة الاغتصاب كانت السبب وراء الحادث، وهو الأمر الذي أغضب الكثيرين من الأقباط الموتوريين بفعل الدعايات الكاذبة بوجود اضطهاد ديني بمصر، واتهموه بممالأة المسلمين، وقد تم تحويل الأنبا لمحكمة كنسية للتحقيق معه في ذلك الأمر، كما صرح محافظ قنا مجدي أيوب وهو بالمناسبة قبطي التي شهدت الحادث بتصريح في غاية الخطورة والشجاعة أيضا، إذ قال أمس في اجتماع بمجلس الشعب : أن الأقباط هم من تسبب في هذا الحادث بسبب استفزازاتهم للمسلمين .
فهل بعد ذلك الكلام يأتي البابا البعيد ليتدخل بصورة سافرة في شئون مصر المنهكة بكثرة ملفاتها الملتهبة بالداخل والخارج، ويحرض الناس علي الثورة والشعب، ويدين ويستنكر ويشجب، وهو يعلم أن الأقباط في مصر في غاية الاحتقان بالدعايات الكاذبة والأباطيل الرائجة، فهل هذا البابا الذي يدعو للسلام والمحبة أم البابا الذي يدعو للتحريض والثورة ؟
أخيراً أنبه أن مصطلح الأقباط يعني تاريخياً أهل مصر بغض النظر عن ديانتهم، ولكن الاستعمال الوضعي الحالي لها يعني نصارى مصر الأرثوذكس، فجرينا علي الاستعمال الوضعي للفظ لشيوعه.
المصدر:
لماذا غضب البابا؟
أعلن بابا الفاتيكان عن تضامنه مع أقباط مصر، ودعاهم للوقوف في وجه ما أسماهم القمع والاضطهاد .
التعليق:
كتبه / شريف عبد العزيز
مفكرة الإسلام: في سنة 594 هجرية وفي أعقاب وفاة السلطان العظيم الناصر صلاح الدين قرر البابا أنوسنت الثالث الدعوة لحملة صليبية رابعة علي العالم الإسلامي، وقبل تحرك الحملة الجرارة للهجوم علي المسلمين، جاءت الأخبار للبابا أنوسنت الثالث أن ثورة كبيرة اشتعلت بالقسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية القديمة، ورأس الأرثوذكسية، فاستغل بابا روما الفوضى العارمة بالقسطنطينية، وأمر قادة الحملة الصليبية الرابعة بالتوجه نحو القسطنطينية ومساعدة الثوار، وبالفعل اقتحم الصليبيون المدينة وخربوها تماما، وقتلوا عشرات ألآلاف من أهلها، ودخل مندوب البابا كنيسة أيا صوفيا وأقام الصلوات بالمذهب الكاثوليكي، وتمنى أهل القسطنطينية لو أن المدينة قد وقعت في يد المسلمين بدلاً من إخوانهم الكاثوليك .
أعداء الأمس واليوم أيضا !
وفي شهر فبراير سنة 2000 قام بابا الفاتيكان يوحنا بولس الثاني بزيارة فريدة لمصر تعد الأولي لرأس الكنيسة الكاثوليكية منذ دخول الإسلام ــ سنة 21 هجرية ــ حيث قوبل علي أفضل ما تكون المقابلة، إذ وجد في استقباله في مطار القاهرة الرئيس المصري مبارك وأعضاء حكومته كلهم، ومعهم شيخ الأزهر ومفتى البلاد، ورؤساء الأحزاب المصرية، وغيرهم من قادة المجتمع وأعيانه، ولقد تغيب شخص واحد أصر علي عدم الحضور، كان ذلك الشخص هو البابا شنودة رأس الكنيسة الأرثوذكسية، ولما أراد يوحنا بولس الصلاة في دير سانت كاترين بسيناء رفض رهبان الدير دخوله مذبح الصلوات، بل ورفضوا أن يتجاوز ساحات الدير أصلاً.
بابا الفاتيكان والهروب من المشكلات
الخلاف التاريخي بين الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية لا يستطيع أن يدعى أحد أنه قد تم تجاوزه أو الاتفاق علي حله، فالصدام و التلاسن بين قادة الكنيستين لا ينقطع، فهي عداوة وبغضاء قال الله عز و جل عنها أنها إلي يوم القيامة، وآخرها التلاسن العنيف الذي حدث بين الطائفتين في مصر علي خلفية شائعة ظهور العذراء فوق أبراج كنيسة الوراق بالقاهرة، وسخرية قادة الكنيسة الكاثوليكية في مصر من هذا الكلام، ورد البابا العنيف عليهم ونفي الإيمان عنهم، إذا ما الذي دفع بابا الفاتيكان لئن يخرج بمثل هذا الموقف النادر في تأييد أقباط مصر، ويدين الحادث الثأري بأشد عبارات الإدانة التي خرجت عن حد الإنكار إلي التحريض وصب الزيت علي النار ؟
وبعيداً عن الأدلة من القرآن والسنة بعداوة أهل الكتاب للإسلام والمسلمين، وبعيداً عن إساءات البابا المتكررة للإسلام ورسوله صلي الله عليه وسلم،حتى لا نختصر المسألة في قالب العداوة التاريخية والدينية فقط، فأن بابا الفاتيكان غارق حتى أذنيه في المشكلات الداخلية التي وضعت مكانة وسمعة الكنيسة الكاثوليكية علي المحك، وتصاعدت وتيرة هذه المشكلات حتى أصبحت مادة يومية لوسائل الإعلام العالمية، من هذه المشكلات:
كراهية الكثير من قساوسة ورهبان الكنيسة الكاثوليكية للبابا بندكتس السادس عشر بسبب غلظته وقسوته وفظاظته المعروفة لكل من تعامل معه، منذ أن كان مسئولاً عن محكمة الإيمان وهو الاسم العصري لمحاكم التفتيش القديمة ذات الصيت المرعب والتي كانت مسئولة عن ذبح خمسة ملايين مسلم في الأندلس بعد سقوطها سنة 897 هجرية، البابا بندكتس له كثير من الخصوم والمخالفين داخل الكنيسة، بل أنه لم يكن المرشح الأول لهذا المنصب الخطير، وكان الكاردينال البلجيكي جود فريد دانيلس هو المرشح الأوفر حظاً للمنصب لولا فضيحة أخلاقية طالت أحد أقربائه سنة 2005 فأطاحت بالبلجيكي وجاءت بالألماني المنبوذ من الكثيرين، ولكنه اختيار كان لا مفر منه .
البابا المنبوذ داخلياً بدأ ولايته بافتعال العديد من المشاكل باستبعاد عدة كرادلة كبار داخل الكنيسة الكاثوليكية، استجابة للضغوط اليهودية التي طلبت منه استبعاد كل من ينكر الهولوكوست أو المحرقة اليهودية، فاستبعد أربعة من أكبر الكرادلة منهم ويليامسون الانجليزي، والضجة التي أثيرت بسبب ذلك، حتى أن المستشارة الألمانية ميركل طالبت من البابا أثناء زيارته لألمانيا في نفس العام 2007 أن يعفو عن الكرادلة الموقوفين، ومعالجة آثار هذا الاستبعاد علي الكنيسة الكاثوليكية .
البابا يعاني من مشاكل خارجية كثيرة بسبب تبنيه لسياسات تنصيرية فجة وصريحة، فقد نشر وثيقة الفاتيكان الشهيرة سنة 2007وأسماها " حق الكنيسة الكاثوليكية في نشر رسالتها التبشيرية بين غير المسيحيين وأتباع المذاهب المسيحية الأخرى " وهو ما أثار أتباع المذاهب الأخرى في النصرانية، وصدور عبارات التنديد والتهديد لأي أنشطة تنصرية في أتباع المذاهب الأخرى، بل ردت الكنيسة الأرثوذكسية علي على هذه الوثيقة بعقد مؤتمر تثبيت الإيمان بالقاهرة سنة 2008 أعلن فيه الأنبا بيشوي سكرتير البابا شنودة وأبرز المرشحين لخلافته التكفير الضمني لبابا الفاتيكان، كما ردت إسرائيل علي هذه الوثيقة أيضا بمسيرات احتجاجية غاضبة في شوارع تل أبيب تم خلالها حرق نسخ من الإنجيل تعبيراً عن الغضب والرفض لوثيقة بندكتس السادس عشر .
أما أبرز المشاكل التي يعاني منها بابا الفاتيكان، وأم المعضلات التي مرمغت سمعة الكاثوليكية في الطين، وأثرت سلباً علي أنشطة التنصير في أنحاء العالم، هي الفضائح الجنسية المتلاحقة والتي تكاد أن تكون يومياً لرهبان والقساوسة الكاثوليك خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، والتعامل السلبي الذي يصل لحد التجاهل والتستر علي تلك الجرائم المشينة، فقد كشفت عدة تقارير صحفية أن أكثر من 600 راهب وقس قد تم إيقافهم واستبعادهم عن سلك الرهبنة في ولايات أمريكا الغربية فقط خلال العامين الماضيين، وأن الكنائس الكاثوليكية دفعت مبلغ ملياري دولار تعويضات لأسر ضحايا الاعتداءات الجنسية للرهبان علي الأطفال الصغار، وكذلك الوضع بالنسبة للكنيسة الإيرلندية التي تعاني من وضع خطير للغاية بسبب تفجر جريمة تستر أساقفة إيرلندا علي سلسلة فضائح كبيرة للقساوسة والرهبان هناك، وهي الجريمة التي دفعت الكثيرين من أبناء الشعب الإيرلندي لتغيير مذهبهم الكاثوليكي، ومن بقي علي مذهبه القديم هجر الكنيسة ومنع أبنائه من الذهاب إليها، وبلغ إنكار الإيرلنديين علي البابا أن دعت أشهر مطربات البلاد علانية لتنحى البابا ومحاكمته علي الهواء مباشرة، ووصل الإنكار علي البابا لذروته عندما قامت امرأة اتهمت بالجنون بمحاولة الاعتداء أثناء قداس منتصف الليل ليلة الاحتفال بأعياد الميلاد في روما، وهو الاعتداء الذي أوقع البابا أرضاً وتسبب في كسر فخذ أقرب مساعده الكادينال جيوفاني الإيطالي .
هذه الأسباب وغيرها دفعت البابا للهروب للأمام بالقفز علي مشكلاته، بمحاولة تبني موقف المدافع عن الأقباط والنصارى في كل مكان، وتحسين علاقاته المتوترة مع أتباع المذهب الأرثوذكسي، ومن قبل ذلك كله الطعن في الإسلام والمسلمين، ولكن الجديد في هذه المرة أن البابا الذي يحرص علي لبوس مسوح السلام والمحبة والصفح كما يزعمون ارتدي هذه المرة لباس المحرضين واللاعبين بالنار، والذين ينتهزون الفرصة للعبث بالملفات المشتعلة، فدعا الأقباط في مصر للإحتشاد والإصطفاف في وجه الظلم والقمع الإسلامي، أي بعبارة أدق هو يدعو للثورة وحمل السلاح ضد الحكومة والشعب المصري .
العجيب في هذا الموقف البابوي اللئيم والمريب أن عقلاء الأقباط في مصر قد أيقنوا أن الحادث المأساوي كان لأسباب جنائية وليست دينية أنه من قضايا الثأر المعروفة في صعيد مصر، حتى أن أسقف نجع حمادي الأنبا كيرلس برئ ساحة الأمن من التقصير في حماية الكنائس يوم الحادث، وصرح بأن جريمة الاغتصاب كانت السبب وراء الحادث، وهو الأمر الذي أغضب الكثيرين من الأقباط الموتوريين بفعل الدعايات الكاذبة بوجود اضطهاد ديني بمصر، واتهموه بممالأة المسلمين، وقد تم تحويل الأنبا لمحكمة كنسية للتحقيق معه في ذلك الأمر، كما صرح محافظ قنا مجدي أيوب وهو بالمناسبة قبطي التي شهدت الحادث بتصريح في غاية الخطورة والشجاعة أيضا، إذ قال أمس في اجتماع بمجلس الشعب : أن الأقباط هم من تسبب في هذا الحادث بسبب استفزازاتهم للمسلمين .
فهل بعد ذلك الكلام يأتي البابا البعيد ليتدخل بصورة سافرة في شئون مصر المنهكة بكثرة ملفاتها الملتهبة بالداخل والخارج، ويحرض الناس علي الثورة والشعب، ويدين ويستنكر ويشجب، وهو يعلم أن الأقباط في مصر في غاية الاحتقان بالدعايات الكاذبة والأباطيل الرائجة، فهل هذا البابا الذي يدعو للسلام والمحبة أم البابا الذي يدعو للتحريض والثورة ؟
أخيراً أنبه أن مصطلح الأقباط يعني تاريخياً أهل مصر بغض النظر عن ديانتهم، ولكن الاستعمال الوضعي الحالي لها يعني نصارى مصر الأرثوذكس، فجرينا علي الاستعمال الوضعي للفظ لشيوعه.
المصدر:
لماذا غضب البابا؟
تعليق