هذه هي زوجتي

تقليص

عن الكاتب

تقليص

مسلم لا يريد الشهرة مسلم اكتشف المزيد حول مسلم لا يريد الشهرة
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هذه هي زوجتي

    مقدمــة

    الحمد لله أن خلق من الماء بشرًا، فجعله نسبًا وصهرًا. وعظَّم أمر الأنساب، وجعل لها قدرًا، فحرم بسببها السفاح، وبالغ في تقبيحه ردعًا وزجرًا، وجعل اقتحامه جريمة فاحشة، وأمرًا إمرًا، وندب إلى النكاح وحث عليه استحبابًا وأمرًا.

    فسبحان من كتب الموت على عباده فأذلهم به هدمًا وكسرًا، ثم بث بذور النطف في أراضي الأرحام وأنشأ منها خَلْقًا، وجعله لكسر الموت جبرًا، تنبيهًا على أن بحار المقادير فياضة على العالمين نفعًا وضرًا، وخيرًا وشرًا، وعسرًا ويسرًا، وطيًا ونشرًا.

    والصلاة والسلام على محمد المبعوث بالإنذار والبشرى، وعلى آله وأصحابه، صلاةً لا يستطيع لها الحساب عدًا ولا حصرًا، وسلم تسليمًا كثيرًا.

    أما بعد:

    فإن النكاح معينٌ على الدين، ومهينٌ للشياطين، وحصنٌ دون عدو الله حصين، وسببٌ للتكثير الذي به مباهاة سيد المرسلين لسائر النبيين، فما أحراه بأن تُتحرى أسبابه، وتُحفظ سننه وآدابه، وتُشرح مقاصده وآرابه، وتُفصل فصوله وأبوابه، والتي من أهمها الحديث عن الصفات الحقيقية للزوجة المسلمة.

    ومما لا ريب فيه أن المرأة هي عماد الأسرة ومحورها الذي تدور في فلكه، وإليها يرجع نجاح الأسرة وتماسكها، وعليها تقع مسئولية انهيارها وتفككها، فهي الرائد والقدوة، وهي التي تربي الأبناء وتوجههم وتلازمهم فترة طويلة، ومما لا شك فيه أن الأبناء يتعلمون من القدوة أضعاف ما يتعلمون بالتلقين والإلقاء، لذا كان لابد من رسمٍ حقيقي واقعي لصورة الزوجة المسلمة بلا إفراط أو تفريط.

    وقد كتب أحدهم عن أوصاف الزوجة المثالية فقال:

    "هي الناظرة في عيبها، المفكرة في دينها، المقبلة على ربها، الخفي صوتها، الكثير صمتها، اللينة الجناح، العفيفة اللسان، الظاهرة الحياء، الورعة عن الخنا(1)، الواسعة الصدر، العظيمة الصبر، القليلة المكر، الكثيرة الشكر، النقية الجيب(2)، الطاهرة من العيب، الحبيبة، الكريمة، الرضية، الزكية، الرزينة، النجيبة، السهلة الخُلُق، الرقيقة، البريئة من الكذب، النقية من العُجب، التاركة للقذى، الزاهدة في الدنيا، الساكنة، الستيرة، لا متفاكهة، ولا متهتكة، قليلة الحيل، وثيقة العمل، رحيمة القلب، خليصة الوَد، إن زُجرت انزجرت، وإن أُمرت ائتمرت، تشنأ الصلف(3)، وتبغض السرف، وتكره المكروه، وتمقت الفخر، وتتفقد نفسها بطيب النساء والكحل والماء، قنوعة بالكفاف، ومستترة بالعفاف، لها رحمة بالأهل، ورفق بالبعل، تضع له خدها، وتخلص له ودها، وتملكه نفسها، ولا تملأ منه طرفها، وتترك لأمره أمرها، وتخرج لآرائه عن رأيها، وتوكله عن نفسها، وتأمنه على سرها، وتصفيه غاية الحب، وتؤثره على الأم والأب، لا تلفظ بعيبه، ولا تخبر بسره، تحسن أمره، وتتبع سروره، ولا تجفوه في عسر ولا فقر، بل تزيده في الفقر ودًا وعلى الافتقار حبًا، تَلْقى غضبه بحلم وصبر، تترضاه في غضبه، وتتوقاه في سخطه، وتستوحش لغيبته، وتستأنس لرؤيته، قد فهمت عن الله ذكره وعلمه، فقامت فيه بحق فضله، فعظم بذلك فاقتها إليه، ولم يجعل لها مُعولاً إلا عليه، فهو لها سمع ولُب، وهي له بصر وقلب".

    وعندما أتحدث في هذا الكتاب عن الصفات الحقيقية للزوجة الصالحة، فإني أنبه إلى عدة نقاط:

    أولاً: ليس معنى أن أي امرأة ليس فيها كل هذه الشروط العشرين مجتمعة، أنها ليست بصالحة، وإنما أعني بكل هذه الشروط صفة الكمال للزوجة الصالحة ـ وهي في قدر استطاعتها إن شاء الله ـ فلابد أن تتوافر فيها هذه الشروط كلها ما وسعها ذلك ولو أنها تضرب بسهم في كل صفة، إلا الصفات الواجبة كطاعة الزوج في غير معصية، فإنها من الصفات التي لا يسع المسلمة تركها، أو التقصير فيها.

    ثانيًا: لا يحتج أحدٌ بعدم وجود مثل هذه الزوجة الصالحة بكل هذه الصفات؛ لأنها من وجهة نظره صفات مستحيلة أو صعبة، وإنما موجودة بنسب، وكلٌ على قدر اجتهاده وعطائه.

    ثالثًا: وحتى لا يحتج الزوج على زوجته كل وقت، بأن يقول لها عليك كذا، ويجب عليك كذا، وأين أنت من الصفة كذا، فقد آثرت أن أكتب في النهاية صفات الزوج الصالح، حتى لا تبقى المرأة وحدها في الميدان، لا تجد من يدافع عنها، أو يأخذ بيدها إلى طريق الأمان والهدى والصلاح، وحتى تكون الصورة متكاملة، والحقوق متساوية إلى أن ييسر الله عز وجل كتابته إن شاء.

    وقد قسمت الكتاب إلى أربعة أبواب:

    الباب الأول: تحدثت فيه عن صفات الزوجة الصالحة، بكتابة متن في أعلى الصفحة ثم قمت بشرحه تحته. وقد اجتهدت في جمع عشرين صفة معتمدًا في ذلك ـ بعد الله تعالى ـ على الآيات والأحاديث الصحيحة، ثم أقوال أهل العلم من السلف والخلف، ولم أنس أن يكون الأسلوب سهلاً في متناول كل من يقرأه، وأن يلمس واقع الناس، مع ذكر الأمثلة ما وسعني ذلك.

    الباب الثاني: خصصته للحديث عن قضية تعدد الزوجات، والتي أصبحت من القضايا غير المستساغة في كثير من المجتمعات المسلمة للأسف؛ لذا ذكرت حكمة مشروعية التعدد في الإسلام والأدلة على ذلك، ثم ذكرت أشهر الشبهات المثارة حول هذه القضية والرد عليها، ثم ختمت الحديث عنها بذكر مسائل فقهية هامة متعلقة بالتعدد، وتساءلت في النهاية: من للأرامل والمطلقات بعد الله تعالى؟

    ونبهت على أن التعدد ليس فيه منقصة وعيب، واجتهدت في جمع أقوال أهل العلم حول هذه القضية، حتى يكون الكلام منضبطًا من الناحية العلمية، وحتى لا تقرأ المرأة هذا الباب فتقول: ومن الذي كتب ذلك؟ إنما هو رجل!!

    الباب الثالث: ذكرت فيه صفات الزوج الصالح تحت عنوان: "هذا هو زوجي" على غرار ما كتبت للرجال "هذه هي زوجتي".

    الباب الرابع: ذكرت فيه أهم مشاكل المرأة مع زوجها في صورة فتاوى لبعض أهل العلم، أو إجابات لي لمشاكل الأخوات في المسجد، حتى تتضح الصورة الصحيحة، والأسلوب المتزن للمرأة في علاجها لمشاكلها مع زوجها، فتكتمل بذلك الصورة الحقيقية للزوجة الصالحة، وحتى تسير على الضوابط الشرعية في حَلّ ما يَعِنُّ لها من مشاكل وصعوبات داخل البيت.

    والله أسأل أن أكون بذلك، قد قدمت جهدًا ولو متواضعًا لنساء المسلمين؛ يسرن عليه ويأخذن به، إن هن اتقين الله تعالى، وتطلعت أنفسهن إلى جوار الله تعالى في الجنة.

    تفكرتُ في حشري ويوم قيامتي
    فريدًا وحيدًا بعد عِزٍ ومِنْعَةٍ
    تفكرت في طول الحساب وعرْضه
    ولكن رجائي فيك ربي وخالقي
    وإصباح خَدّي في المقابر ثاويَا
    رهينًا بجُرمي والتراب وَسادِيَا
    وذُلِّ مقامي حين أُعطى كتابيا
    بأنك تعفو يا إلهي خطائِيا

    والمسئول هو الله ـ عز وجل ـ أن يتقبل منا أعمالنا على ما فيها من نقص وعيب، وأن يتفضل علينا بأعظم الأجر والثواب، وأن ينفع به النفع العميم، في الدنيا ويوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

    وصلى الله وسلم وبارك على محمد النبي وعلى آله وصحبه وسلم

    أبو أحمد/ عصام بن محمد الشريف




  • #2


    كلمة تقريظ لكتاب
    (هذه هي زوجتي)

    حمدًا لله وصلاة وسلامًا على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.
    وبعد... لقد وفقني الله عز وجل لقراءة كتاب "هذه هي زوجتي" لمؤلفه المحب/ عصام بن محمد الشريف حفظه الله تعالى وبارك فيه ونفع بدعوته، فوجدت الكتاب بغية كل مؤمن ومؤمنة، وإني لا أبالغ ـ ويعلم الله ـ إن قلت إنه خير ما ألف في هذه الأيام.
    وإني أدعو كل مؤمن ومؤمنة إلى قراءته والعمل بما فيه، إنه حاجة كل زوج من ذكر وأنثى من بني الإسلام اليوم، وأدعو أهل البر والإحسان إلى نشر هذا الكتاب في ديار الإسلام كافة لأنه علاج أمراض قد استعصى علاجها، وقصرت بالأمة عن طلب كمالها وسعادتها.

    وكتبها
    أبو بكر جابر الجزائري
    المدرس بالمسجد النبوي الشريف

    تعليق


    • #3
      أخي الفاضل مسلم لا يريد الشهرة

      مقدمة الكتاب جدا متميزة تفتح شهيتنا كي نقرأ ما يحويه الطبق الرئيسي ... إذ لا شك به متميز كما قدم له

      بارك الله في جهودكم لحمله بين أيدينا و جزاكم بها الفردوس الاعلى و رفقة الحبيب الهادي

      تقبل الله منكم صالح الاعمال وتجاوز عن سيئها و رزقكم سعادة الدارين
      السلام عليكم ورحمة الله تعالى و بركاته

      ملحوظة: أعتذر أخي الفاضل لكن الرابط يحيل على منتدى و ليس على كتاب
      هل العيب في تحميلي أم في الرابط؟


      تعليق


      • #4
        الباب الأول
        صفات الزوجة الصالحة








        الصفة الأولى

        ذات دين، فهي مستقيمة على دين الله ظاهرًا وباطنًا، بلا توان أو تردد أو تكاسل أو تسويف أو هوى، ليس بينها وبين زوجها مشاكل حول طاعة الله تعالى وطاعة رسوله r، مؤتمرة بأوامر الشرع، مجتنبة لنواهيه، وعلاوة على ذلك فهي يقظة الالتزام.
        ذات دين: لأن هذا هو الاختيار الصحيح، الذي تفرضه شريعة الله، ويؤيده العقل الصحيح والنفس المؤمنة، وتتجه إليه الفطرة السليمة.
        وقد حض الإسلام الرجل على حسن اختياره لزوجته على الدين، حتى ينعم بصلاحها هو وأولاده وبيته.
        قال r: "تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك"([1]).
        فذات الدين هي الزوجة الصالحة التي يجب على الرجل أن يتزوج بها، انطلاقًا من قوله r: "الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة"([2])، وذلك للأسباب الآتية:
        (1) خير متاع الدنيا كما في الحديث السابق.
        (2) تعين الرجل على شطر دينه:
        لقوله r: "من رزقه الله امرأة صالحة، فقد أعانه على شطر دينه، فليتق الله في الشطر الثاني"([3]).
        وعن أنس بنحوه بلفظ: "من تزوج فقد استكمل نصف الإيمان فليتق الله في النصف الباقي"([4]).
        (3) خير ما يتخذه المرء بعد تقوى الله تعالى:
        فعن ثوبان رضي الله عنه قال: لما نزلت: ]وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ[ [التوبة: 34]، كنا مع رسول الله r في بعض أسفاره، فقال بعض أصحابه: أنزلت في الذهب والفضة، لو علمنا أي المال خير فنتخذه؟ فقال رسول الله r: "أفضله لسان ذاكر، وقلب شاكر، وزوجة مؤمنة تُعينه على إيمانه"([5]).
        (4) تعينه على طاعة الله وأمور الآخرة:
        وذلك لقوله r: "رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء"([6]).
        فالله أكبر على هذه الزوجة المؤمنة الصالحة، الحريصة على أداء النوافل، بل وعونها لزوجها على أدائها، فكيف بالفرائض؟!
        (5) تنجب له الولد الصالح الذي ينفعه في الدنيا والآخرة:
        وذلك لقوله r: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث؛ علم يُنتفع به، أو صدقة جارية، أو ولد صالح يدعو له"([7]).
        ولحديث: "إن الرجل لترفع درجته في الجنة، فيقول: أنى لي هذا؟ فيقال: باستغفار ولدك لك"([8]).
        لذا فإنه يستحب عند الجماع أن ينوي كل من الرجل والمرأة طلب الولد الصالح، قال تعالى: ]فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ[ [البقرة: 187]، (أي لا تباشروهن لقضاء الشهوة وحدها، ولكن لابتغاء ما وضع الله في النكاح من التناسل)([9]).
        (6) هي وحدها التي تحقق للرجل أهم عناصر السعادة الزوجية:
        وذلك لأن منطلقاتها وغايتها في الحياة تختلف اختلافًا كبيرًا عن منطلقات وغاية المرأة العادية.
        قيل لرسول الله r: أي النساء خير؟ قال: "التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره"([10]).
        وصدق من قال:
        وخير النساء من سَرَّت الزوج منظرًا
        قصيرةُ ألفاظٍ، قصيرة بيتها
        عليك بذات الدين تظفر بالمنى



        ومن حفظته في مغيب ومشهد
        قصيرةُ طرف العين عن كل أبعد
        الودود الولود الأصلِ ذات التَعبد


        إذن فاختيار المرأة الصالحة ذات الدين زوجة للرجل، هو الاختيار الصائب والضروري.
        فهي مستقيمة على دين الله ظاهرًا وباطنًا، بلا توان أو تردد أو تكاسل أو تسويف أو هوى:
        فالاستقامة على الدين عندها، ليست استقامة القشور والمظاهر، وإنما استقامة حقيقية يحبها الله تعالى، وهي موافقة العمل للأحكام الشرعية وإخلاصه لله عز وجل، هي استقامة استواء الظاهر والباطن وتناسقهما، بحيث لا تفعل فعلاً يخالف القول، أو تقول قولاً يخالف الفعل، فهي تعيش بالإسلام واقعًا حقيقيًا صادقًا ملموسًا، فنجد عملها يوافق قولها، ومخبرها يوافق مظهرها؛ لأنها تعمل ألف حساب لقوله تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ. كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ[ [الصف: 2، 3].
        لذا فإن استقامتها على الدين يحملها على طاعة مطلقة لله تعالى ولرسوله r بلا تردد أو تكاسل، ثم تنطلق بكل خضوع وحب لله طالبة رضا الله والدار الآخرة.
        ليس بينها وبين زوجها مشاكل حول طاعة الله تعالى وطاعة رسوله r، مؤتمرة بأوامر الشرع، مجتنبة لنواهيه:
        الإيمان قد اختمر في قلبها، والخوف من الله أصبح قائدها، والجنة غايتها؛ لذا فهي تقف على قاعدة السمع والطاعة لله ولرسوله r، وبالتالي لا توجد مشاكل بينها وبين زوجها في ذلك الجانب.
        وهذا بخلاف من زوجها يحضها على طاعة الله وهي معرضة، ومن زوجها يحبب إليها الإيمان والعمل الصالح وهي نافرة متبعة لهواها، فتنشأ مشاكل خطيرة بينهما، تجعل الحياة الزوجية بينهما دائمًا في قلق واضطراب.
        وإن عبودية المرأة لربها تدفعها إلى كل طاعة تُقربها من الله تعالى، فهلاَّ قامت المرأة بالوظيفة التي خُلقت من أجلها، ألا وهي عبادة الله تعالى وحده.
        وعلاوة على ذلك فهي يقظة الالتزام: وأعني بذلك أنها لا يفوتها فرصة تستطيع أن تعلم أولادها من خلالها سُنّة مثلاً، أو توجه زوجها إلى طاعة غفل أو كسل عنها، إلا ونبهت وأرشدت.
        فإذا عطس ولدها مثلاً، لا تترك الأمر يمر بدون تعليم أو توجيه فتعلمه أن يقول: الحمد لله، فإذا تعلمها لا تنسى أو تتكاسل أن ترد عليه فتقول: يرحمك الله، ثم يرد عليها الولد: يهديكم الله ويصلح بالكم.
        وهذا مثال يوضح ما أعنيه بيقظة الالتزام عندها، وهذا ناشئ بالطبع من انشغالها الدائم بدينها، لدرجة أنها لا تُفوِّت فرصة تستطيع أن تعلم من خلالها أدبًا أو خلقًا إسلاميًا إلا وقامت به.
        وكذلك تعلم ابنها أذكار الاستيقاظ من النوم، وأذكار الصباح والمساء، وتسأل زوجها لِمَ لَمْ تصل الفجر اليوم... وهكذا.
        (فكرة مغلوطة)
        يُلبِّس إبليس على بعض الشباب فكرة مغلوطة، وهي أن يرى أحدهم فتاة جميلة ليست ذات دين، ولكن جمالها يجذبه إليها، فيريد أن يتقدم للزواج منها مُدعيًا أنه سيأخذ بيديها إلى طريق الالتزام والاستقامة، وأنَّ فيها خيرًا كثيرًا، إلى غير ذلك من الأفكار الواهية في الغالب، وهذه الفكرة غير مأمونة ولا مضمونة، فما أدراك أن تفسد هي عليك دينك، وتُبعدك عنه، وماذا تفعل لو فشلت أنت فيما كنت تريد أن تصل إليه؟ في الوقت الذي نرى فيه في واقعنا أمثالاً من ذلك ونماذج، ولم يجدوا في النهاية إلا أن يَعَضوا الأنامل من الفشل، فإما أن يصبروا ويتحملوا خسارات جسيمة، أو ينتهي الأمر بالانفصال.
        تحت يدي مشاكل كثيرة من هذا الصنف:
        فهذه بعد أن وعدته بالالتزام بالنقاب وحضور مجالس العلم، أصبحت مشغولة بالزيارات والزينة، ثم بعد ذلك بالأولاد.
        وهذه بعد الزواج، ضعفت همتها، وأصبحت امرأة عادية لا تبحث إلا عن مقومات الحياة فقط.
        وأخرى توارت عن الأعين، وأصبحت في عداد المنسيات.
        إلى آخر هذه الصور، التي يتعجل أصحابها في الزواج، فمهلاً مهلاً أيها الشباب، ودققوا في الاختيار، فأمر الزواج ليس بالشيء الهين.

        &&&




        ([1]) متفق عليه.

        ([2]) رواه مسلم.

        ([3]) رواه الحاكم وصححه، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع برقم (5610).

        ([4]) رواه الطبراني وهو حديث حسن. صحيح الجامع برقم (6024).

        ([5]) أخرجه الإمام أحمد، والترمذي وحسنه، وابن ماجه.

        ([6]) حديث صحيح. صحيح الجامع برقم (3494).

        ([7]) رواه مسلم رقم (1631) وغيره.

        ([8]) صحيح، صحيح الجامع برقم (1617).

        ([9]) الكشاف للزمخشري (1/257).

        ([10]) رواه النسائي والحاكم وغيرهما، وحسنه الألباني في الصحيحة برقم (1838).

        تعليق


        • #5
          المشاركة الأصلية بواسطة إسلامي نور حياتي مشاهدة المشاركة
          أخي الفاضل مسلم لا يريد الشهرة


          مقدمة الكتاب جدا متميزة تفتح شهيتنا كي نقرأ ما يحويه الطبق الرئيسي ... إذ لا شك به متميز كما قدم له

          بارك الله في جهودكم لحمله بين أيدينا و جزاكم بها الفردوس الاعلى و رفقة الحبيب الهادي

          تقبل الله منكم صالح الاعمال وتجاوز عن سيئها و رزقكم سعادة الدارين
          السلام عليكم ورحمة الله تعالى و بركاته

          ملحوظة: أعتذر أخي الفاضل لكن الرابط يحيل على منتدى و ليس على كتاب
          هل العيب في تحميلي أم في الرابط؟

          و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته

          الأخت الكريمة الأستاذة اسلامي نور حياتي حياكم الله، بارك الله فيكم و جزاكم بمثل ما دعوت و أكثر، و أعتذر عن الخطأ في الرابط و قد قمت بتصحيحه، أسأل الله أن ينفع كل مسلم بقراءة هذا الكتاب و يثيب صاحبه عليه و كل من ساهم في نشره.

          كنتُ قد انتويتُ أن أضع الكتاب هنا على عدة مشاركات، لمن يريد قراءته من أعضاء و زوار منتدانا الأكارم، و وضعتُ رابطه لمن يريد الإحتفاظ به على جهازه، ليقرأه عند رغبته في ذلك.

          تعليق


          • #6

            الصفة الثانية

            حسنة الخلق، هادئة الطبع، هينة لينة، طيبة الكلام، معتدلة المزاج، مستقيمة السلوك، ليس عندها ضغينة أو حب انتقام، أو تنغيص الحياة على زوجها بعناد أو كبر أو غير ذلك.
            ما من شك أن كل هذه الصور المضيئة للزوجة الصالحة، إنما هي مظهر عملي وحقيقي لحسن خلقها، وقد فاز وأفلح من تزوج بامرأة حسنة الخلق. وقد حثنا الإسلام على التحلي بحسن الخلق وأعلى من شأنه ورغب في الكلام الطيب؛ فعن أسامة بن شريك رضي الله عنه مرفوعًا: "أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقًا"([1]).
            وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله r: "إن أحبكم إليَّ وأقربكم مني في الآخرة مجالس أحاسنكم أخلاقًا، وإن أبغضكم إليَّ وأبعدكم مني في الآخرة أسوؤكم أخلاقًا: الثرثارون، المتفيهقون، المتشدقون"([2]).
            وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله r قال: "ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق، وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة"([3]).
            وعن أنس قال: قال رجل للنبي r: علِّمني عملاً يدخلني الجنة، قال r: "أطعم الطعام، وأفشِ السلام، وأطب الكلام، وصل بالليل والناس نيام"([4]).
            وعن ابن عمر قال: قال رسول الله r: "إن في الجنة غُرفًا يُرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها" فقال أبو مالك الأشعري: لمن هي يا رسول الله؟ قال r: "لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وبات قائمًا والناس نيام"([5]).
            (وربما قالت بعض الزوجات: وماذا يريد الزوج مني؟ ألا يجد طعامه مطهيًا، وثوبه مكويًا، وبيته نظيفًا، وأولاده لابسين آكلين، وحاجاته مهيأة.
            إنه لا يطلب مني طلبًا إلا حققته، ولا يريد حاجة إلا سارعت في تنفيذها، ماذا يريد الزوج مني أكثر من ذلك؟
            كلا يا سيدتي:
            إنه بحاجة إلى العاطفة التي أنت مصدرها... إنه بحاجة إلى الابتسامة المشرقة من فِيك التي تبدد ظلمات الكآبة التي تعترضه في الحياة.
            إنه يريد أن يرى الإنسانة التي تُعنى به وتظهر له الاهتمام الكبير، وتشعره أنه ـ بالنسبة إليها ـ قطب الرحى، وأساس السعادة.
            إنه يريد أن يسمع باللحن المريح كلمة الشوق والشكر والحب والرغبة في الأنس به واللقاء.
            إن ذلك كله مفتاح باب السعادة التي يحويها معنى الزواج.
            إن كلمة شكر وامتنان من الزوجة مع ابتسامة عذبة تسديها إلى الزوج بمناسبة شرائه متاعًا إلى البيت، أو ثوبًا لها، تدخل عليه من السرور الشيء الكثير، قولي له الكلمة الطيبة ولو كان نصيب المجاملة فيها كبيرًا، لتجدي منه الود والرحمة والتفاهم، مما يحقق لك الجو المنعش الجميل.
            رددي بين الفينة والفينة عبارات الإعجاب بمزاياه، واذكري له اعتزازك بالزواج منه وأنك ذات حظ عظيم، فإن ذلك يُرضي رجولته ويزيد تعلقه بك، قابليه ساعة دخوله بالكلمة الحلوة العذبة، وتناولي منه ما يحمل بيديه وأنت تلهجين بذكره وانتظارك إياه.
            فذلك كله من الكلمة الطيبة التي تأتي بالسعادة، ولا تكلفك شيئًا، وتعود عليك بالنفع العظيم)([6]).
            فصل: من أهم صور حُسن خُلق المرأة مع زوجها:
            (1) احتمال سوء الخلق والأذى والصبر على ذلك.
            (2) ألا تفرح إذا رأته حزينًا، ولا تحزن إذا رأته فرحًا.
            (3) لا يخرج من لسانها إلا القول الطيب انطلاقًا من قوله تعالى: ]وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً[ [البقرة: 83]، وهو أحب الناس إلى قلبها.
            (4) ألا تقابل الإساءة بمثلها، بل بالإحسان؛ لأنها ترجو ما عند الله وهو خير وأبقى.
            (5) ضبط الانفعالات، وعدم إساءة الظن.
            (6) المبادرة إلى طلب رضا الزوج، وإذا ما غضب لا تنتظر أن يبدأ هو بالسلام، انطلاقًا من قوله r: "ونساؤكم من أهل الجنة الودود الولود العئود على زوجها، التي إذا غضب جاءت حتى تضع يدها في يد زوجها وتقول: لا أذوق غُمضًا حتى ترضى"([7]).
            فما أجمل المرأة حسنة الخلق، والتي تزن به الدنيا وما عليها.
            وما أجمل المرأة الهينة اللينة السهلة القانتة لربها ولزوجها.
            وما أجمل المرأة المتواضعة، والتي لا يعرف الكبر ولا العجب ولا الغلُّ طريقًا إلى قلبها.
            وما أجمل المرأة المتواضعة، صاحبة الصوت الهادئ.
            وما أجمل المرأة حسنة الظن بزوجها.
            وما أجمل المرأة حين تشعر بكل قول وفعل، يرقى بها إلى درجة الخوف من الله.

            &&&




            ([1]) رواه الطبراني وصححه الألباني (السلسلة الصحيحة برقم 433).

            ([2]) أخرجه الترمذي، وقال: حسن غريب من هذا الوجه، وله شواهد كما في الترغيب والترهيب (3/261).

            ([3]) أخرجه الترمذي وأبو داود والبزار بإسناد جيد (الترغيب والترهيب 3/256).

            ([4]) رواه البيهقي وابن حبان.

            ([5]) أخرجه أحمد والحاكم وصححه على شرطهما ووافقه الذهبي.

            ([6]) نظرات في الأسرة المسلمة للدكتور محمد الصباغ حفظه الله.

            ([7]) للحديث شواهد يتقوى بها، السلسلة الصحيحة للألباني 287.

            تعليق


            • #7
              الصفة الثالثة

              طالبة علم شرعي، تعرف للعلم قدره وفضله وأهميته؛ ولذلك تحرص على طلبه، لها منهج علمي تحرص عليه وتأخذ به، كلٌ على حسب طاقته وقدره، لها في أمهات المؤمنين ونساء سلف هذه الأمة القدوة الحسنة في طلب العلم والعمل به.
              طلبها للعلم الشرعي ليس وقتيًان أو لظروف معينة ينتهي بانتهائها، ولكن انطلاقًا من معرفتها بأنه عبادة تتقرب به إلى الله تعالى، فضلاً عن ضرورته الشرعية.
              فصل: أسباب كون العلم ضرورة شرعية:
              (1) لأن حاجتنا إليه لا تقل عن حاجتنا إلى المأكل والمشرب والملبس والدواء؛ إذ به قوام الدين والدنيا.
              (2) لأن المستعمرين ـ بل المحتلين الحاقدين ـ إنما احتلوا بلاد المسلمين لأسباب كثيرة، بَيْدَ أن من أهمها جهل المسلمين.
              (3) انتشار المذاهب الهدامة، والنِّحل الباطلة، وما حدث ذلك إلا لأنها وجدت قلوبًا خالية، فتمكنت منها، فإن القلوب التي لا تتحصن بالعلم الشرعي، تكون عرضة للانخداع بالضلالات، والوقوع في الانحرافات.
              (4) إنَّ ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب([1]).
              وزوجتي تحذر آفات العلم، وتتأدب بآدابه، تأخذ من العلم ما استطاعت منه، تقرأ في الكتب، وتستمع إلى الأشرطة الإسلامية التي تحض على العلم النافع والعمل الصالح.
              تهتم بمكتبتها داخل البيت، وتعرف ما في كتبها من فهارس ومراجع، وتسأل أهل العلم، وتتحاور مع زوجها ومع أخواتها لمعرفة دينها، ومعرفة الحلال والحرام.
              فصل: نصوص في فضل العلم وأهله:
              قال تعالى: ]قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ[[الزمر: 9]، وقال أيضًا: ]يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ[ [المجادلة: 11].
              وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله r يقول: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع، وإن العالِم ليستغفر له مَنْ في السماوات ومَنْ في الأرض حتى الحيتانَ في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يُوّرثوا دينارًا ولا درهمًا، إنما ورِّثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر"([2]).
              وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي r قال: "من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيرًا أو يُعلِّمه كان له كأجر حاج تامًا حجته"([3]).
              وقال الإمام الشافعي رحمه الله: من أراد الدنيا فعليه بالعلم، ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم. وقال: ما تُقرب إلى الله بشيء بعد الفرائض أفضل من طلب العلم.
              وهذه أمثلة لما كانت عليه نساء سلف هذه الأمة من طلبهن للعلم وحرصهن عليه:
              § كريمة بنت أحمد بن محمد بن حاتم المرْوزية، كانت من راويات صحيح البخاري المعتبرة عند المحدثين، ورحل إليها أفاضل العلماء.
              § أم زينب فاطمة بنت عباس بن أبي الفتح بن محمد البغدادية، العالمة المفتية الفقيهة. كانت تصعد المنبر، وتعظ النساء، وانتفع بتربيتها والتخرج عليها خلق كثير، وكانت عالمة موفورة العلم في الفقه والأصول.
              § زوجة الحافظ الهيثمي، كانت تساعد زوجها في مراجعة كتب الحديث.
              § أم الخير الحجازية، تصدرت حلقات وعظ وإرشاد المسلمات بجامع عمرو بن العاص رضي الله عنه في القرن الرابع الهجري.
              § أم الدرداء الصغرى، اشتهرت بالعلم والعمل والزهد، وكانت عالمة فقيهة، وكان الرجال يقرءون عليها، وكان عبد الملك بن مروان وهو خليفة يجلس في حلقتها مع المتفقهة.
              فصل: وجوب اقتران العلم بالعمل:
              فالذي يتعلم العلم لذاته فهو مخطئ، ومن يتعلم العلم ليقال عالم فهو على شفا جُرف هار ينهار به في نار جهنم بسبب ريائه، وإنما مقصود العلم العمل، والعلم بدون عمل كجسم بدون روح. والمرأة المسلمة التي تحرص على طلب العلم، وحضور دروس العلم بالمساجد، ومطالعة الكتب، وسماع الأشرطة، إنما تكون قدوة لغيرها؛ لذا فإنه يجب عليها أن تحذر من كل قول أو فعل ينافي طلبها للعلم وحرصها عليه، وإلا كانت دعاية سيئة لما تدعو إليه غيرها وللإسلام.
              إن العمل هو المقصود الأعظم من العلم، وبدونه لا قيمة للعلم، ولا فائدة من ورائه، ومن هنا جاءت النصوص من الكتاب والسنة تؤكد وجوب ربط العلم بالعمل، وتحذر من الفصل بينهما.
              قال تعالى: ]غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ[ [الفاتحة: 7]، قال العلماء: المغضوب عليهم: هم الذين لم يعملوا بعلمهم، والضالون: هم الذين يعملون على جهل وضلال، وقال تعالى أيضًا: ]أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ[ [البقرة:44]، وقال عز وجل: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ. كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ[ [الصف: 2، 3].
              وعند الترمذي قوله r: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أبع: عن عمره فيم أفناه؟ وعن علمه ماذا عمل فيه؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ وعن جسمه فيم أبلاه؟"([4]).
              وروى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله r قال: "يؤتى بالرجل يوم القيامة، فيُلقى في النار، فتندلق أقتابه، فيقال: أليس كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فقال: كنت آمركم بالمعروف ولا أفعله، وأنهاكم عن المنكر وآتيه".
              وقال أبو هريرة رضي الله عنه: مَثَلُ علم لا يُعمل به كمثل كنز لا يُنفق منه في سبيل الله عز وجل.
              وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا يَغرركم من قرأ القرآن ولكن انظروا من يعمل به.
              فصل: تنبيهات هامة:
              الأول: هل معنى كلامنا عن العلوم الشرعية أننا نغفل التخصصات التجريبية، ونتجه إلى التخصصات الشرعية؟
              بالطبع لا، بل إن التخصصات التجريبية هي من فروض الكفاية التي تأثم الأمة بتركها (ولكَمْ عانينا المآسي من فقد الأطباء المسلمين الصالحين، وفقد المهندسين وغيرهم، حيث جاءنا أعداؤنا باسم الطب، وباسم الهندسة، وباسم الفيزياء ونحوها، فدخلوا بلاد المسلمين، فأدخلوا تلك العلوم، وأدخلوا معها ضلالهم وفسادهم.
              ولكن المطلوب من طالب العلم أن يحيط من العلم الشرعي بفرض العين الذي لا يُعْذَرُ مسلم بجهله، فإذا تحقق ذلك، وجب علينا تحقيق التوازن بين التخصصات، فيكون هناك متخصصون في الشريعة، ومتخصصون في الطب، ومتخصصون في الهندسة، ومتخصصون في الاقتصاد، وفي غير ذلك من العلوم.
              مع أن على المتخصصين في العلوم التجريبية أن يستثمروا ما يستطيعون من الوقت في الاستزادة من علوم الشريعة)([5]).
              وإذا أجزنا خروج المرأة لطلب العلم التجريبي، فلابد أن يكون وفق الضوابط الشرعية من الستر الكامل بالحجاب، وعدم الاختلاط بالرجال، وأن يكون العلم نفسه من العلوم الجائزة شرعًا.
              الثاني: حماس وهمة المرأة في طلبها للعلم قبل الزواج، ثم ما تلبث أن يتغير الحال ويفتر الحماس وتخور الهمة بعد الزواج، بانشغال المرأة بأمورها الحياتية، وأوضاعها العائلية، وحياتها الجديدة، أمرٌ جديرٌ بالوقوف أمامه ومناقشته.
              فكم سمعنا عن نساء مجتهدات في طلب العلم، فما أن دقَّ الزواج باب بيتها حتى تغيرت الصورة، وتبدلت الهمة، وهامت المرأة وراء متطلبات الزوج والدنيا.
              وربما كان ذلك ناتجًا عن حماس شديد غير منضبط في البداية حتى فتر، أو طلبًا للسمعة والشهرة والرياء، أو ابتعاد المرأة نفسها عن ميدان أخواتها المسلمات بسبب انشغالاتها الجديدة، فلم تجد الناصحة والمذكِّرة والموجهة.
              وحتى تتجنب المسلمة الوقوع في هذه الفتنة، فعليها بسلوك طريق العلاج وهو:
              (1) تجريد النية في كل عمل لله تعالى وحده.
              (2) معرفة أهمية العلم وفضله، ومكانة أهله عند الله.
              (3) قراءة سير النساء المجتهدات في طلب العلم، لاسيما بين الحين والآخر، حتى تظل همتها عالية.
              (4) مراجعة العلم مع قريناتها، كمن تحفظ القرآن مع غيرها، أو الحديث أو الفقه وغير ذلك.
              (5) حضور مجالس العلم، وتقديمها على كل شيء ما لم تُفوِّت واجبًا.
              (6) طلب النصيحة من أهل العلم والصلاح.
              (7) معالجة أي قصور أو فتور بمجرد ظهوره، وقبل أن يستفحل.
              (8) التيقن بأن الدعوة إلى الله بلا علم، وبال على الداعي والمدعو.
              الثالث: لماذا تهتم المرأة المسلمة بتنظيف بيتها وأثاثه وترتيبه، في الوقت الذي لا نجد هذا الاهتمام بمكتبة منزلها المقروءة والمسموعة؟!!
              أتعجب حقيقة من هذه المرأة التي تهتم بأثاث بيتها وفرشه، بتنظيفه وترتيبه وربما بتغييره، في الوقت الذي لا نجد فيه هذا الاهتمام أو نصفه بمكتبة بيتها سواء كانت المقروءة أو المسموعة.
              المشكلة عند الكثير من النساء سوء تنظيم أوقاتهن، ولو أن المرأة عملت جدولاً شهريًا أو أسبوعيًا بما يجب عمله كل شهر أو كل أسبوع، غير عملها اليومي؛ لأعانها ذلك على إتمام كل شيء وعدم الإهمال أو النسيان.
              مكتبة بيتك تحوي بين طياتها كتب العلم بالله وبرسوله r ودينه، أليس ذلك دافعًا لك على ترتيبها وتنظيمها؟!! أليس ترتيبك وتنظيمك لمكتبة بيتك، إنما هو في حقيقة الأمر محافظة على العلم النافع لك ولأولادك ولمن ينتفع به بعدكم؟! وربما كانت هذه المكتبة صدقة جارية؟!
              اهتمام الكثير من النساء ببيت الدنيا أنساهن بيت الآخرة، فمهلاً يا نساء المسلمين ـ والملتزمات منكن خاصة ـ فدنياكن قاربت على الانتهاء.
              إن المرأة الصالحة التي تحافظ على مكتبة بيتها المقروءة والمسموعة بالترتيب والتنظيف، إنما هو من رفعها لشأن العلم وأهله، ولهو دليلٌ أيضًا على صلاحها وتقواها بحبها كتب العلم الشرعي.
              إن المرأة التي تحافظ على مكتبة بيتها، إنما هي المرأة التي لها حظ وافرٌ من العلم؛ لأنها تستعملها، أما التي لا تستعمل هذه المكتبة، فإنها هي الجاهلة، أو على قدر من الجهل.

              المنهج العلمي لنساء المسلمين:
              وهو منهج علمي مقترح، تأخذ به كل طالبة علم، ترجو الله والدار الآخرة، لكي تتفقه في دينها، وتربي أولادها على منهج الإسلام الحقيقي.
              منهج المرحلة الأولى([6]):
              أولاً: القرآن:
              (1) حفظ جزء "عمّ" تجويدًا وتفسيرًا (تفسير ابن كثير).
              (2) روائع البيان في تفسير آيات الأحكام للشيخ محمد علي الصابوني (من المحاضرة 1: 20) الجزء الأول([7]).
              ثانيًا: الأذكار:
              صحيح الكلم الطيب للألباني.
              ثالثًا: الحديث:
              من (1: 13) من كتاب قواعد وفوائد من الأربعين النووية لناظم سلطان أو كتاب إيضاح المعاني الخفية في الأربعين النووية لمحمد تاتاي.
              رابعًا: الفقه:
              من أول كتاب "فقه السنة" للشيخ سيد سابق وحتى نهاية صلاة العيدين.
              خامسًا: السيرة:
              وقفات تربوية مع السيرة النبوية للشيخ أحمد فريد حفظه الله (من أول الكتاب حتى صفحة 134).
              سادسًا: العقيدة:
              (1) رسالة "تطهير الجنان والأركان عن دَرَن الشرك والكفران" للشيخ ابن حجر آل بوطامي.
              (2) الإيمان للدكتور محمد نعيم ياسين.
              (3) دعوة التوحيد للشيخ محمد خليل هراس.
              سابعًا: الرقائق:
              الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم رحمه الله (حتى نهاية الكلام عن فوائد غض البصر).
              ثامنًا: الفكر والدعوة:
              (1) هل نحن مسلمون لمحمد قطب.
              (2) أصول الدعوة لعبد الكريم زيدان (حتى نهاية المبحث الرابع).
              تاسعًا: كتب خاصة بالمرأة:
              (1) فتاوى المرأة للشيخ ابن عثيمين.
              (2) الكلمات النافعات للأخوات المسلمات للمؤلف.
              (3) عودة الحجاب لمحمد بن أحمد بن إسماعيل (جـ1).
              (4) الزيارة بين النساء لخولة درويش.
              (5) رسالة "فتياتنا بين التغريب والعفاف" لناصر العمر.
              (6) المتبرجات للزهراء فاطمة بنت عبد الله.
              منهج المرحلة الثانية:
              أولاً: القرآن:
              (1) حفظ وتفسير جزء "قد سمع"، وجزء "تبارك".
              (2) روائع البيان للصابوني جـ1 (من المحاضرة 21: 40).
              (3) دراسة كتاب "التجويد الميسر" لعبد العزيز القارئ.
              ثانيًا: الأذكار:
              "مختصر النصيحة في الأذكار والأدعية الصحيحة" لمحمد بن أحمد بن إسماعيل.
              ثالثًا: الحديث:
              من الحديث (14: 27) من كتاب قواعد وفوائد من الأربعين النووية لناظم سلطان أو كتاب إيضاح المعاني الخفية في الأربعين النووية لمحمد تاتاي.
              رابعًا: الفقه:
              الزكاة والصيام من "فقه السنة".
              خامسًا: السيرة:
              وقفات تربوية مع السيرة النبوية (من ص135 إلى ص263).
              سادسًا: العقيدة:
              فتح المجيد شرح كتاب التوحيد لعبد الرحمن آل الشيخ.
              سابعًا: الرقائق والأخلاق:
              (1) الباب الثاني من كتاب "منهاج المسلم" للجزائري غفر الله له.
              (2) البحر الرائق في الزهد والرقائق لأحمد فريد.

              ثامنًا: الفكر والدعوة:
              (1) قبسات من الرسول لمحمد قطب.
              (2) أصول الدعوة من (ص193 حتى ص355، نهاية الكلام عن أخلاق الداعية).
              تاسعًا: السنن والبدع:
              (1) الإبداع في مضار الابتداع من أول الكتاب حتى ص184.
              عاشرًا: كتب عامة وأخرى خاصة للمرأة:
              (1) عودة الحجاب (جـ2).
              (2) منهج التربية النبوية للطفل لمحمد نور بن عبد الحفيظ سويد من ص1: ص205.
              (3) صورة البيت المسلم للمؤلف.
              منهج المرحلة الثالثة:
              أولاً: القرآن:
              (1) حفظ وتفسير جزء "26"، وجزء "27".
              (2) روائع البيان (جـ2).
              (3) التبيان في علوم القرآن للصابوني.
              ثانيًا: الحديث:
              من الحديث (28: 40) من كتاب قواعد وفوائد من الأربعين النووية لناظم سلطان، أو كتاب إيضاح المعاني الخفية في الأربعين النووية لمحمد تاتاي.
              ثالثًا: الفقه:
              الجنائز والحج من كتاب "فقه السنة".
              رابعًا: السيرة:
              وقفات تربوية مع السيرة النبوية (من ص265 إلى آخر الكتاب).
              خامسًا: العقيدة:
              (1) 200 سؤال وجواب في العقيدة الإسلامية لحافظ حكمي.
              (2) عقيدة المؤمن لأبي بكر الجزائري.
              سادسًا: الرقائق والأخلاق:
              مختصر منهاج القاصدين لابن قدامة المقدسي.
              سابعًا: الفكر والدعوة:
              (1) الاتجاهات الفكرية المعاصرة للدكتور علي جريشة.
              (2) أصول الدعوة من صفحة 358 لآخر الكتاب.
              ثامنًا: السنن والبدع:
              الإبداع من ص185 لآخر الكتاب.
              تاسعًا: الكتب العامة:
              (1) عودة الحجاب (جـ3)([8]).
              (2) منهج التربية النبوية للطفل من ص207 إلى آخر الكتاب.
              ولمن أرادت المزيد من التخصص.
              (1)
              حفظ وتفسير أجزاء 1، 2، 3.
              تلخيص كتاب الإيمان من فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني.
              ضوابط للدراسات الفقهية للشيخ سلمان العودة.
              حتى لا تغرق السفينة للشيخ سلمان العودة.
              أثر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للشيخ ابن قعود.
              النساء أكثر أهل النار، الأسباب وطرق النجاة للمؤلف.
              (2)
              حفظ وتفسير أجزاء 4، 5، 6.
              تلخيص كتاب العلم من فتح الباري.
              العوائق لمحمد أحمد الراشد.
              وجوب لزوم الجماعة وترك التفرق للشيخ جمال بن أحمد بن بشيريادي.
              معارج القبول للشيخ أحمد حافظ حكمي، أو ملخصه لأبي عاصم هشام بن عبد القادر عقدة.
              جامع أحكام النساء للشيخ مصطفى العدوي.

              &&&



              ([1]) العلم ضرورة شرعية للدكتور ناصر بن سليمان العمر.

              ([2]) رواه أبو داود والترمذي وغيرهما، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1/33).

              ([3]) رواه الطبراني في الكبير، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (1/38).

              ([4]) صحيح الترغيب والترهيب للألباني (1/126).

              ([5]) العلم ضرورة شرعية، ص69.

              ([6]) على ألا يستغرق مذاكرته أكثر من عام، وقد راعينا في ذلك الأخوات المتزوجات والطالبات حيث إن المسئولية وراءهن تأخذ من الوقت ما يضيق به مذاكرة هذا المنهج ولذا آثرنا أن يكون في خلال عام حتى يسع ذلك كل الأخوات إن شاء الله ومن استطاعت الانتهاء منه قبل ذلك فهذا خير عظيم.

              ([7]) مع ملاحظة الاهتمام بمعرفة الأحكام الشرعية وحفظها.

              ([8]) يُكتفى بحفظ خمسة أدلة من الكتاب وأخرى من السنة على وجوب ارتداء المرأة النقاب، وحفظ كل الشبهات والرد عليها دون تفصيل.

              تعليق


              • #8
                الصفة الرابعة

                تعرف لزوجها قدره الذي عظَّمه الإسلام، وهي تقوم بحقوقه على أكمل وجه من باب أن هذه الحقوق عبادة تتقرب بها إلى الله تعالى، لا أنها حقوق مجردة.
                من أهم أسباب المودة والسعادة بين الزوجين، معرفة الزوجة عظم قدر زوجها في الإسلام، والذي على أساسه تكون نظرتها إليه، ومعاملتها معه.
                فعن حُصين بن محصن قال: حدثتني عمتي قالت: أتيت رسول الله r فقال: "أي هذه، أذات بعل؟" قلت: نعم، قال: "كيف أنت منه؟" قالت: ما آلوه([1]) إلا ما عجزت عنه. قال: "فانظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك"([2]).
                وعند النسائي أن رسول الله r قال: "ونساؤكم من أهل الجنة الودود الولود العئود على زوجها، التي إذا غضب جاءت حتى تضع يدها في يد زوجها وتقول: لا أذوق غُمضًا حتى ترضى"([3]).
                وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله r قال: "ما ينبغي لأحد أن يسجد لأحد، ولو كان أحد ينبغي له أن يسجد لأحد لأمرتُ المرأة أن تسجد لزوجها لما عظم الله من حقه"([4]).
                وفي رواية: "والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها كله، حتى لو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه"([5]).
                وروى الإمام أحمد عن أنس بن مالك أن النبي r قال: "لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر، ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها، والذي نفسي بيده لو كان من مقدمه إلى مَفرق رأسه قرحة تنبجس بالقيح والصديد ثم استقبلته تلحسه ما أدت حقه"([6]).
                وقالت عاشة رضي الله عنها: يا معشر النساء! لو تعلمن بحق أزواجكن عليكن لجعلت المرأة منكن تمسح الغبار عن قدمي زوجها بخد وجهها.
                وقالت أم حُميد: كن نساء المدينة إذا أردن أن نبنين بامرأة على زوجها بدأن بعائشة فأدخلنها عليها، فتضع يدها في رأسها تدعو لها وتأمرها بتقوى الله وحق الزوج.
                فإذا ما فقهت المرأة معنى هذه الأحاديث وقامت بها، فإنها إذن لن تنظر إلى حقوق زوجها عليها على أنها حقوق مجردة أو منفصلة عن حقوق الله، إذا أعطاها حقوقها أعطته، وإن لم يعطها لم تعطه، لا بل تقوم بحقوق زوجها عليها من باب أنها قُربى تتقرب بها إلى الله عز وجل، فتُحسِّنها وتجتهد في القيام بها على أكمل وجه، حتى وإن قصر الزوج نفسه في بعض حقوقها؛ لأنها ترجو الفضل والثواب من الله وحده.

                فصل: كلمة لابد منها:
                جاءتني أكثر من مشكلة بين الزوجين، وكانت هذه المشاكل تبدأ أو تنتهي عند الجماع، ويشتد الأمر غرابة عندي وألمًا عندما أجد هذه المشكلة بين الملتزمين والمستقيمين على دين الله.
                فهذه تمتنع عن زوجها لأنها مشغولة بعمل البيت، وأخرى لأنه ليس لها الآن رغبة، وثالثة لأنها استيقظت من نومها حالاً، إلى آخر الأسباب الواهية التافهة التي تجعل المرء أمامها يقف متعجبًا تارة، وحائرًا تارة أخرى؛ لذا لابد من هذه الكلمة، وتلك النصيحة؛ إذ إنه لا حياء في الدين، والدين النصيحة.
                ما من شك أن من مقاصد الزواج الرئيسية إحصان الفرج، وهذا لا يتم إلا بجماع الرجل أهله كلما طلب؛ ولذا فإنه لا يجوز لأحدهما أن يمتنع عن الآخر، أو يغمطه صاحبه مع القدرة عليه. فالمرأة يجب عليها أن تلبي زوجها كلما أرادها على ذلك، وإن لم يكن لديها ميل لذلك، إلا من عذر شرعي، ولخطورة هذا الأمر فقد جاءت أحاديث نبوية تحذر المرأة من امتناعها عن فراش زوجها منها:
                عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله r: "إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فأبت أن تجيء، فبات غضبان، لعنتها الملائكة حتى تصبح".
                وفي رواية: "والذي نفسي بيده، ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه، فتأبى عليه، إلا كان الذي في السماء ساخطًا عليها حتى يرضى عنها".
                وفي رواية أخرى: "إذا باتت المرأة مُهاجرة فراش زوجها، لعنتها الملائكة حتى تصبح"، وفي رواية: "حتى ترجع"([7]).
                وقوله r: "فبات غضبان عليها"، به يتجه وقوع اللعن؛ لأنها حينئذ يتحقق ثبوت معصيتها، بخلاف ما إذا لم يغضب من ذلك فإنه يكون: إما لأنه عذرها، وإما لأنه ترك حقه من ذلك. واعلم أنه لا يتجه عليها اللوم إلا إذا بدأت هي بالهجر، فغضب هو لذلك، أو هجرها وهي ظالمة، فلم تستنصل من ذنبها وهجرته، أما لو بدأ هو بهجرها ظالمًا لها فلا)([8]).
                وفي هذه الأحاديث السابقة (الإرشاد إلى مساعدة الزوج وطلب مرضاته، وأن صبر الرجل على ترك الجماع أضعف من صبر المرأة، وأن أقوى التشويشات على الرجل داعية النكاح، ولذلك حض الشارع النساء على مساعدة الرجال في ذلك، أو السبب فيه الحض على التناسل، وفيه إشارة إلى ملازمة طاعة الله والصبر على عبادته، جزاءً على مراعاته لعبده؛ حيث لم يترك شيئًا من حقوقه إلا جعل له من يقوم به، حتى يجعل ملائكته تلعن من أغضب عبده بمنع شهوة من شهواته.
                فعلى العبد أن يوفي حقوق ربه التي طلبها منه، وإلا فما أقبح الجفاء من الفقير المحتاج إلى الغني الكثير الإحسان)([9]).
                وعن طلق بن علي رضي الله عنه أن رسول الله r قال: "إذا الرجل دعا زوجته لحاجته، فلتأته وإن كانت على التنور"([10]).
                أي (فلتجب دعوته وإن كانت تخبز على التنور، مع أنه شغل شاغل لا يتفرغ منه إلى غيره إلا بعد انقضائه)([11]).
                وعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: قال رسول الله r: "والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها، ولو سألها نفسها وهي على قَتَب([12])، لم تمنعه نفسها"([13]).
                وعن معاذ رضي الله عنه أن رسول الله r قال: "لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا، إلا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه قاتلك الله، فإنما هو عندك دخيل([14])، يوشك أن يفارقك إلينا"([15]).
                وعن أبي أمامة t أن رسول الله r قال: "ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام قوم وهم له كارهون"([16]).
                وإن كان لا يجوز للمرأة أن تمتنع عن زوجها إن طلبها لحاجته، فكذلك يحرم على الرجل أن يتعمد هجر زوجته، فهو مأمور بأداء حقها بقدر حاجتها وقدره... (فإن الشريعة السمحة لم تقتصر على مطالبة المرأة بأن تستجيب لزوجها، بل طالبت الرجل أيضًا أن يؤدي إليها حقها، ويعفها، ويغنيها، وذلك لقوله تعالى: ]وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ[ [النساء: 129].
                قال الإمام أبو بكر الجصاص رحمه الله: ويدل عليه أن عليه وطأها لقوله تعالى: ]فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ[ يعني: لا فارغة فتتزوج، ولا ذات زوج إذا لم يوفها حقها من الوطء([17])([18]).
                ولا يخفى على أحد ما يحدث من الاضطراب النفسي والجسدي بسبب امتناع أحد الزوجين عن الآخر، وما يحدث من المشاكل التي تبدو من أول وهلة أنها صغيرة، ثم تتعاظم وذلك بسبب امتناع المرأة عن فراش زوجها خاصة. ألا فليتق الله النساء والرجال وليؤدِ كلُ واحد منهما حق الآخر.

                &&&



                ([1]) أي لا أقصر في خدمته وطاعته.

                ([2]) رواه أحمد والنسائي، وقال الألباني: إسناده صحيح. آداب الزفاف ص285.

                ([3]) قال الألباني: للحديث شواهد يتقوى بها. السلسلة الصحيحة برقم 287.

                ([4]) رواه ابن حبان، وحسنه الألباني في إرواء الغليل برقم 1998.

                ([5]) رواه أحمد وابن ماجه، وحسنه الألباني. صحيح الجامع 6915.

                ([6]) نيل الأوطار للشوكاني (6/223) ط. الحلبي، قال المنذري: رواه أحمد بإسناد جيد. انظر: إرواء الغليل (7/55).

                ([7]) رواه البخاري ومسلم وأبو داود والدارمي والإمام أحمد.

                ([8]) فتح الباري (9/294).

                ([9]) المصدر السابق (9/295).

                ([10]) أخرجه الترمذي، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1202).

                ([11]) مرقاة المفاتيح (3/467).

                ([12]) أي: رَحْل.

                ([13]) رواه الإمام أحمد وابن ماجه وغيرهما. الصحيحة 1203.

                ([14]) الدخيل: الضيف والنزيل.

                ([15]) رواه الترمذي وابن ماجه والإمام أحمد, وصححه الألباني. الصحيحة برقم 173.

                ([16]) رواه الترمذي، وحسنه الألباني في مشكاة المصابيح 1122.

                ([17]) أحكام القرآن (1/274).

                ([18]) عودة الحجاب للشيخ محمد إسماعيل (2/278).

                تعليق


                • #9
                  الصفة الخامسة

                  عندها حساسية طلب الرضا من الزوج، عاطفتها قوية ومشاعرها جياشة، عندها من طلاقة الوجه والبشاشة ما يزيد في وعاء السعادة الزوجية في بيتها.
                  إن الزوجة الصالحة تحاول بكل جهدها أن تعمل كل ما يُرضي الزوج، فتأخذ بكل الأسباب التي من شأنها تصل إلى رضاه، وأعلى من ذلك أن يكون عندها حساسية طلب رضاه، وأعني بهذه الحساسية أي أنها يقظة دائمًا، تفكر في تحقيق رضاه عنها وسعادته في كل وقت، وتأخذ بكل سبب يوصلها إلى ذلك، ولا تقدم عليه أي شيء آخر، حتى يكون ذلك دَيْدنها وهمُّها الذي تريد أن تصل إليه في النهاية ألا وهو حسن تبعلها لزوجها، وهو مرتبة الجهاد العليا للمرأة.
                  عاطفتها قوية ومشاعرها جياشة:
                  فهي تعيش مشاعر زوجها، تشعر بأحاسيسه، وتشاركه الحب والمودة، مما ينتج عنه توافق قلبي يثمر سعادة زوجية حقة، ترفرف في كل أرجاء البيت، وينعم بذلك أولادهما، فإذا كان زوجها فرحًا فلا تحاول أن تكدر عليه صفوه، وإن كان حزينًا، لا تفرح أمامه ولا تضحك، ولا ترفع صوتها بالحديث وكأن أمره لا يهمها، بل تحاول أن تزيل عنه همومه وغمومه بأي وسيلة من الوسائل ما وسعها ذلك.
                  تعرف ألفاظ الحب والتودد إلى زوجها، فيسمع منها هذا الكلام الطيب الحلو الذي يزيده سعادة وهناء.
                  عندها من طلاقة الوجه والبشاشة ما يزيد في وعاء السعادة الزوجية في بيتها:
                  نعم، فهي تعرف ما لطلاقة الوجه وبشاشته من تأثير على قلب زوجها، فإذا عاد من عناء عمله يجد منها الكلمة الطيبة، والابتسامة المشرقة، والملبس النظيف، والرائحة الطيبة، والوجه البشوش، والنظرة الحانية، فكم من مشكلة تحدث في البيوت بسبب افتقاد الرجل لوجه باش طلق، أُبدل بوجه عبوس نكد.
                  وكم تكون قاسية وجافة هذه المرأة عابسة الوجه، جافة المشاعر، صعبة الأحاسيس.
                  مثال رائع... سُعدى تتفقد زوجها:
                  دخلت سعدى على زوجها طلحة بن عبيد الله، فرأت على محياه سحابة هم لم تعرف سببها، وخشيت أن تكون قد قصرت في حق أو فرطت في واجب، فبادرت قائلة: "ما لك!! لعلك رابك منا شيء فنعتبك"([1]). قال: "لا، وَلَنِعْمَ حليلة المرء المسلم أنتِ. ولكن اجتمع عندي مال ولا أدري كيف أصنع به؟"، قالت: "وما يغمك منه؟ ادع قومك فاقسمه بينهم".
                  قال: "يا غلام عليَّ بقومي، فقسّم أربعمائة ألف".
                  وهذه الصورة المضيئة التي تظهر لنا في بيت سُعدى وزوجها طلحة لتبرز لنا بعض أهم الأسس المفتقدة في كثير من البيوت الآن في العشرة بين الزوجين:
                  أولاً: سُعدى تتفقد زوجها في مشاعره وأحاسيسه، فهي تشعر بمعاناته، وتعيش همومه وغمومه، فتفرح لفرحه وتحزن لحزنه، ليس هذا فحسب، بل إنها قد ارتابت في نفسها أن تكون هي سبب همه وغمه. كذلك هي مستعدة للرجوع عن الخطأ والإساءة من أجل أن تُرجع لذلك المحيا ابتسامته وسروره.
                  ثانيًا: تكشف سُعدى عن خلة أخرى في نفسها، حيث حثت زوجها على الصدقة والإنفاق، فهي الزاهدة الصالحة، التي تجاوزت حظوظ نفسها، وتخطت لذائد ذاتها في فستان جديد أو حُلي جميل، أو سفر مع الزوج أو غير ذلك من متاع الدنيا مما تفكر فيه الكثيرات من النساء اليوم، إنها حملت همَّ أصحاب البطون الخاوية والأقدام الحافية، والثياب البالية، فقالت دون تلجلج: "ادع قومك فاقسمه بينهم".
                  ثالثًا: لا يمكن أن نغض الطرف عن ذلك الزوج الصالح الذي امتدح زوجته فقال: "وَلَنِعْمَ حليلة المرء المسلم أنتِ"، ويا له من أسلوب آسر لقلب الزوجة حين تسمع مثل هذا الكلام الطيب من أعز الناس عليها.

                  &&&





                  ([1]) أي: لعلي قصرت في حقك فأعتذر عن تقصيري وأعود عن إساءتي.

                  تعليق


                  • #10
                    الصفة السادسة

                    معطاءة ومضحية، تنكر ذاتها وتنسى نفسها، وتؤثر زوجها على نفسها، تقدم رضاه على رضاها، وهواه على هواها، وما يحب على ما تحب. طاعته في غير معصية أصلٌ أصيلٌ عندها، إذا فقدته فكأنما فقدت الهواء الذي تتنفسه.
                    الزوجة الصالحة لا تقول أنا وأنا، وإنما عملها هو الذي يُضفي عليها نورًا من نكران الذات والتضحية والعطاء، حتى تؤثر زوجها دائمًا على نفسها، فهي تتحمل حتى لا يتألم، وتصبر حتى لا تؤذيه.
                    قال ابن الجوزي رحمه الله: "وينبغي للمرأة العاقلة إذا وجدت زوجًا صالحًا يلائمها، أن تجتهد في مرضاته، وتتجنب ما يؤذيه، فإنها متى آذته أو تعرضت لما يكره، أوجب ذلك ملالته، وبقي ذلك في نفسه، فربما وجد فرصته فتركها أو آثر غيرها"([1]).
                    ومعرفة الزوجة لما يحبه زوجها ويكرهه من الأقوال والأعمال فتقوم به، إنما هو من أركان سعادتها داخل بيتها.
                    لما تزوج شُريح القاضي بامرأة من بني تميم، وكان يوم بنائه بها، يقول: (قمت أتوضأ فتوضأت معي، وصليت فصلت معي، فلما انتهيت من الصلاة دعوت بأن تكون ناصية مباركة وأن يعطيني الله من خيرها ويكفيني شرّها.
                    قال: فحمدت الله وأثنت عليه، ثم قالت: إنني امرأة غريبة عليك، فماذا يعجبك فآتيه، وماذا تكره فأجتنبه. قال: فقلت: إني أحبُّ كذا، وأكره كذا.
                    فقالت: هل تحب أن يزورك أهلي؟ فقلت: إنني رجلٌ قاض، وأخاف أن أملَّهم. فقالت: من تحب أن يزورك من جيرانك؟ فأخبرتها بذلك.
                    قال شريح: فجلست مع هذه المرأة في أرغد عيش وأهنئه حتى حال الحول، إذ دخلتُ البيت فإذا بعجوز تأمر وتنهي، فسألت من هذه؟ فقالت: إنها أمي. فسألته الأم: كيف أنت وزوجتك؟ فقال لها: خير زوجة. فقالت: ما حوت البيوت شرًا من المدللة، فإذا رابك منها ريب فعليك بالسوط.
                    قال شريح: فكانت تأتينا مرة كل سنة، تنصح ابنتها وتوصيها، ومكثت مع زوجتي عشرين عامًا لم أغضبْ إلا مرة واحدة، وكنت لها ظالمًا).
                    فهذا مثال حي يُظهر صفات جمة لهذه الزوجة الصالحة التي تقدم رضا زوجها على رضاها، وهواه على هواها، وما يحب على ما تحب.
                    طاعته في غير معصية أصلٌ أصيلٌ عندها، إذا فقدته فقدت الهواء الذي تتنفسه.
                    من أعظم الأسباب التي تسبب الشقاق بين الزوجين وربما وصل الأمر إلى الطلاق، هو عصيان المرأة لزوجها، ومن أهم أسباب السعادة بينهما حسن طاعة المرأة لزوجها.
                    ولا شك أن طاعة المرأة لزوجها يحفظ كيان الأسرة من التصدع والانهيار، وتحمل الزوج على محبته لزوجته، وتُعمق رابطة التآلف والمودة بينهما، فالزوج هو باب للمرأة إما إلى الجنة إن أطاعته في غير معصية ورضي عنها، أو إلى النار إن هي عصته وسخط عليها.
                    (إن المرأة المسلمة حين تطيع زوجها تكون في طاعة الله، وهي بذلك مأجورة، ولا سيما عندما تكون الطاعة فيما لا توافق عليه، بل إن الطاعة تتجلى في طاعته فيما تكره، أكثر مما تتجلى في طاعته فيما تحب، إن طاعته في قبول الجواهر النفيسة ليس كطاعته في تنفيذ أمر لا تريده، وكمال الطاعة يتحقق في أن تؤدي الأمر بكل سرور ورضا، أما إذا أدّته متبرمة متأففة، يعلو وجهها العبوس وأمارات الكراهية والضيق، فإن هذه الطاعة كعدمها.
                    إن إظهارها الرضا والسرور، وإشعار نفسها وزوجها بالقناعة مما يخفف عليها تنفيذ ما تكره)([2]).
                    وقد جاءت أحاديث كثيرة تحث المرأة على طاعة زوجها، وأخرى تبين للمرأة عظم مكانة الزوج، وأنه أولى الناس بها لا يبلغها أحدٌ من أقاربها أبدًا.
                    منها: ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قيل لرسول الله r: أي النساء خير؟ قال: "التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره"([3]).
                    ومنها: ما رواه حُصين بن مُحصِن قال: حدثتني عمتي قالت: أتيت رسول الله r في بعض الحاجة، فقال: "أي هذه! أذات بعل؟" قلت: نعم، قال: "كيف أنت منه؟" قالت: ما آلوه([4]) إلا إذا عجزتُ عنه، قال: "فانظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك"([5]).
                    وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله r: "إذا صلّت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصّنت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت"([6]).
                    فلتنظر المرأة كيف دخلت طاعة الزوج مع أركان عظيمة من أركان الإسلام.
                    وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال رسول الله r: "حق الزوج على زوجته أن لو كانت به قُرحة، فلحستها ما أدت حقه"([7]).
                    وعن معاذ رضي الله عنه قال رسول الله r: "لو تعلم المرأة حق الزوج، لم تقعُد ما حضر غداءه وعشاؤه، حتى يفرغ منه"([8]).
                    قال الدكتور محمد بن لطفي الصباغ ـ حفظه الله ـ معلقًا على مبدأ طاعة الزوج فيما لا معصية فيه: (وهذا أمر طبيعي، فإن كان الزواج شركة، وكان الرجل هو صاحب القوامة، فلابد من طاعته فيما يأمر وينهى في حدود الشرع؛ إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق... قد شاعت بين عدد من المثقفات فكرة خاطئة، وهي أن مساواة الرجل بالمرأة([9]) تقتضي تحررها نهائيًا من طاعته، وهي غلط في مقدمتها ونتيجتها، فمساواة المرأة بالرجل خديعة أطلقها ناس وهم لا يصدقونها؛ لأن الواقع لا يصدقها، ولو كان ذلك صحيحًا، فليس من الضروري أن يترتب عليها عدم الطاعة؛ لأن طاعة الرئيس لا تعني عدم المساواة بينه وبين مرءوسيه، وهذه الفكرة هي السبب في هدم بنيان كثير من الأسر اليوم.
                    إن الحياة المشتركة ينبغي أن تكون مبنية على التفاهم والتحاور والتشاور، ولكن القوامة ينبغي أن تكون للرجل كما قال ربنا تبارك وتعالى: ]الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ[ [النساء: 34].
                    وهناك حقيقة لابد أن تعلمها المرأة المثقفة، وأن تتذكرها دائمًا، وهي أن الرجل السويّ لا يحب المرأة المسترجلة التي ترفع صوتها على صوته، والتي تشاجره في كل أمر، وتخالفه في كل رغبة، وتسارع إلى ردِّ رأيه أو ما يقول، إن هذا الرجل ـ إن لم يطلقها ـ عاش معها كئيبًا عابسًا كارهًا، فتكون بذلك قد حرمت نفسها رؤية البهجة المرحة في وجه زوجها ومعاملته، وحرمت بيتها التمتع بالحنان الدافئ، وهي الخاسرة سواء شُرِّد أولادها بالطلاق، وتحطمت نفسيتها بالترمُّل، أم بقيت في بيت تعلوه سحب المصادمات اليومية، والحرائق النزاعية.
                    إن الزوجة الزكية هي التي لا تتخلى عن طبيعتها الرقيقة الهادئة الطيبة، إنها كما صورها الحديث الشريف راعية في بيت زوجها، تصونه، وترعاه، إذا نظر إليها زوجها سرته، وإن أمرها أطاعته، وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله)([10]).

                    &&&

                    ([1]) أحكام النساء.

                    ([2]) نظرات في الأسرة المسلمة للدكتور محمد الصباغ ص96.

                    ([3]) رواه النسائي والحاكم وغيرهما، وحسَّنه الألباني في الصحيحة برقم 1838.

                    ([4]) أي لا أقصر في طاعته وخدمته.

                    ([5]) قال المنذري: رواه أحمد والنسائي بإسنادين جيدين.

                    ([6]) رواه ابن حبان وأحمد وغيرهما، وقال الألباني: حديث حسن أو صحيح، له طرق (آداب الزفاف).

                    ([7]) رواه الحاكم، صحيح الجامع رقم 3148.

                    ([8]) رواه الطبراني وصححه الألباني. صحيح الجامع برقم 5259.

                    ([9]) من حكمة الله أن جعل الرجل يختلف عن المرأة في الجسم والعقل والنفس وبعض الأحكام الشرعية ونحوه، فلا مساواة بين الرجل والمرأة لأن المساواة إنما تكون بين الأمثال، والصواب أن نقول: (العدل بين الرجل والمرأة) كما اختاره العلامة ابن عثيمين رحمه الله. (الناشر).

                    ([10]) نظرات في الأسرة المسلمة ص71، 72.

                    تعليق


                    • #11
                      الصفة السابعة

                      زوجة مقتصدة غير مسرفة، لا تتباهى بمال زوجها إن كان غنيًا، ولا تشكو من قلته إن كان فقيرًا، تعرف متى تنفق، كريمة غير بخيلة، مدبرة غير مسرفة، راضية بقسمة الله لها في كل شيء، قنوعة بما رزقها الله تعالى.
                      المرأة في بيت زوجها أمينة على ماله، وراعية وحافظة لكل ما يودعه في البيت من متاع أو مال أو غير ذلك، ولا يجوز لها التصرف في ذلك إلا بإذنه، ففي الحديث الصحيح: "... والمرأة راعية في بيت زوجها، ومسئولة عن رعيتها"([1]).
                      وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل لرسول الله r: أيُّ النساء خير؟ قال: "التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره"([2]).
                      وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله r يقول في خطبته عام حجة الوداع: "لا تنفق امرأة شيئًا من بيت زوجها إلا بإذن زوجها" قيل: يا رسول الله، ولا الطعام؟ قال: "ذاك أفضل أموالنا"([3]).
                      والزوجة الصالحة تكون مدبرة في غير بخل، منفقة في غير إسراف، قنوعة وراضية برزق الله تعالى لها ولزوجها ولأسرتها، وهذا ناشئ عندها من عدة منطلقات:
                      أولها: ذم الله المسرفين، كما في قوله تعالى: ]إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ[ [الإسراء: 27].
                      ثانيها: مدح الله وثناؤه للمقتصدين، كما في قوله: ]وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً[ [الفرقان:67].
                      ثالثها: معرفتها بآثار السرف الذميمة، كالغفلة عن الله والدار الآخرة، والتكبر، وطول الأمل، وحب الدنيا، والعجب، والغرور.
                      رابعها: زهدها في الدنيا، ونفسها القنوعة التي لا تحملها على البذخ والسرف.
                      لذلك فإن هذه الأسباب تحملها على ألا تتباهى بمال زوجها إن كان غنيًا، أو أن تسرف في الإنفاق لاسيما أمام الناس، وأمام النساء خاصة، فهي تعلم أن المال عارية زائلة، وقد جعلها الله تعالى خليفة عليه ومسئولة عنه لقوله r: "وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟"([4])، فضلاً عن علمها أنها عمَّا قريب راحلة عن هذه الدنيا الزائلة، مُخلفة وراءها المال والمتاع.
                      كذلك قناعتها تحملها على ألا تشكو زوجها إن كان فقيرًا، ولا أعني بهذه القناعة البخل وقبض اليد عن الإنفاق، بل أعني الاقتصاد والتدبير والإنفاق في غير سرف ولا مخيلة.
                      ومن مظاهر قناعة الزوجة الصالحة، ورضاها بما قسمه الله تعالى لها ولزوجها من الرزق أنها تُقدر طاقته المالية (وتقتصد في ماله، فلا تهدره بطرًا وبغير حق، ولا ترهقه بطلباتها غير الضرورية من متاع الدنيا خصوصًا إذا فاقت إمكاناته، فذلك يزعجه ويؤلمه؛ لأنه لا يستطيع تحقيق هذه المطالب، ويعز عليه أن يظهر أمام زوجته بمظهر العاجز الذي لا يملك تنفيذ ما تطلب.
                      وعليها أن تصحب زوجها بالقناعة، فلا تتطلع إلى ما عند الغير، ولا تحاكي أترابها من نساء الأقارب والجيران والمعارف في اقتناء الكماليات، بل عليها أن توجه مال الله للبذل في سبيل الله عز وجل ليكون لهما رصيدًا يوم القيامة)([5]).
                      ألا فلتتق الله تعالى النساء في أزواجهن، ولا ترهقهم من أمرهم عسرًا، ويعشن مع أزواجهن بالقناعة والرضا، فإن القناعة سبب السعادة.
                      قال بعض الصالحين: يا ابن آدم إذا سلكت سبيل القناعة، فأقل شيء يكفيك، وإلا فإن الدنيا وما فيها لا تكفيك.
                      إن الزوجة العاقلة هي التي تنظر إلى من هي أقل منها عيشًا، وأضيق رزقًا، فيحملها ذلك على شكر الله تعالى، والرضا بما قسمه لها، والقناعة بكل شيء انطلاقًا من قوله r: "انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم"([6]).
                      فصل: قصقصي طيرك:
                      يقول الشيخ عبد المتعال الجابري رحمه الله:
                      (في المثل المصري: "قصقصي طيرك لا يلوف بغيرك"، أي قصي أجنحة طائرك حتى يظل عاجزًا عن الطيران بعيدًا عنك، وهو كناية عن تعجيز المرأة رجلها عن الزواج بأخرى، وذلك بجعله لا يملك المال الذي يتزوج به، إما عن طريق إرهاقه بالمطلوب للبيت من الكماليات، وإما ببذل أمواله وتبديدها على أهلها وأصدقائها.
                      وهي سياسة خاطئة؛ إذ إنها تجعل الرجل يشقى كثيرًا، ويعمل ليل نهار حتى يجهده العمل فيكره الحياة ويعيش في نكد، يظهر أثره في حديثه مع زوجته، وفي شجاره المستمر الذي ينتهي إلى ما خشيت منه الزوجة، وهو طلاقها وزواجه بغيرها.
                      وكان من الخير أن تحتبس طيرها بالطريق الطبيعي، الحب وإظهار حسن تدبيرها لاقتصاديات منزلها، فإنما يسقط الطير حيث يرى الحَبَّ.
                      فَبَالحُبِّ تحسن المعاشرة، وتطيب الإقامة مع المحبوب.
                      وبحسن التدبير يسترح الرجل من العناء، ويتوفر له الوقت الذي يجلس فيه مع أولاده، يسهم في تربيتهم بتجاربه وأقاصيصه)([7]).
                      وأخيرًا أيتها الزوجة المسلمة (تعتبر القناعة والرضا من أجمل صفات المرأة الصالحة؛ لأنها بقناعتها تكون قد توجت إيمانها برضاها ـ بقضاء الله وقدره فيها ـ فعاشت راضية مرضية، مما يجعلها هانئة البال، سعيدة النفس، لا عقد تعاني منها، ولا حسد يأكل صدرها، غير ناقمة على ذوات الحظوظ من حولها، وهي تتمتع بكامل صحتها النفسية السوية، التي تشع سعادة ورضا على من حولها، بذلك تقنع بالحلال ولو كان قليلاً، ولا تكلف زوجها فوق طاقته، ولا تجرح مشاعره، بل على النقيض من ذلك تحترمه وتصون كرامته، وتشاركه مشاعره، وتنسيه متاعب الدنيا)([8]).
                      &&&


                      ([1]) رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

                      ([2]) رواه النسائي وغيره، وقال الألباني: إسناده حسن. تحقيق المشكاة (2/276).

                      ([3]) أخرجه الترمذي وابن ماجه وغيرهما، وحسنه الألباني. صحيح ابن ماجه (2/31).

                      ([4]) رواه الترمذي عن أبي برزة. قال الألباني: حديث صحيح. الصحيحة 946.

                      ([5]) عودة الحجاب (2/491).

                      ([6]) رواه مسلم بلفظ آخر في الزهد رقم (2963)، والبخاري في الرقاق.

                      ([7]) المرأة في التصور الإسلامي ص101.

                      ([8]) وصايا ونصائح للنساء لماجد سليمان دودين ص65.

                      تعليق


                      • #12
                        الصفة الثامنة

                        لا تلهث وراء الدنيا كمثيلاتها من النساء، فتبحث عن كثرة الملبس أو المطعم أو المشرب أو المتاع أو الذهب أو غير ذلك، بل هي عاقلة زاهدة، تبحث عن زينة بيتها في الدنيا بالإيمان والعمل الصالح، وفي الآخرة بالقبول عند ربها.
                        زوجتي زاهدة عاقلة، يهمها بيت الآخرة قبل بيت الدنيا؛ لذلك فهي مشغولة بإعداده بالإيمان والعمل الصالح عن متاع زائل في بيت الدنيا.
                        لا تحرِّم ما أحل الله لها من الطيبات والرزق، ولا تَحْرم نفسها من التمتع بمتاع الدنيا وزينتها، ولكن دون سرف ولا مخيلة، ودون همة لذلك وعزم، ولكن منهجها الوسطية والاعتدال؛ لذلك فهي ليست ككثير من النساء اللائي يلهثن وراء الدنيا، هَمهن تغيير أثاث المنزل، وتجديده، والانشغال بتوافه الأمور من المتاع، بل تتمثل قول امرأة فرعون: ]رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ[ [التحريم: 11]، فبيت الآخرة شَغلها عن بيت الدنيا؛ لذلك فهي زاهدة، ليس عندها تطلعات دنيوية تافهة؛ لأنها تعلم علم اليقين مدى فتنة الدنيا ومدى إغوائها للنساء خاصة، فهي على حذر شديد منها.
                        قال تعالى: ]وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ[ [القصص:77].
                        قال ابن كثير رحمه الله: أي استعمل ما وهبك الله من هذا المال الجزيل والنعمة الطائلة، في طاعة ربك والتقرب إليه بأنواع القربات التي يحصل لك بها الثواب في الدنيا والآخرة، ولا تنس نصيبك من الدنيا أي مما أباح الله فيها من المآكل والمشارب والملابس والمساكن والمناكح؛ فإن لربك عليك حقًا، ولنفسك عليك حقًا، ولأهلك عليك حقًا، ولزورك عليك حقًا، فآت كل ذي حق حقه([1]).
                        وقال تعالى أيضًا: ]يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ. إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ[ [فاطر: 5، 6].
                        وقال r: "الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر"([2]).
                        وقال أيضًا: "الدنيا حلوة خضرة، وإن الله عز وجل مستخلفكم فيها، لينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء"([3]).
                        ولذلك فإن شعارها دائمًا: ]وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى[ [الأعلى:17].
                        وما أجمل الزوجة الصالحة حين تسدد وتقارب وتوازن، وما أعظمها حين تجعل الدنيا مطية الآخرة، وما أكرمها حين تعطي في الدنيا كل ذي حق حقه، فتعطي حق الله في التوحيد والعبودية والولاء، وحق الإسلام في الالتزام الحقيقي به والدعوة إليه، وتعطي حق الزوج والأولاد في الطاعة والتربية والرعاية، وتعطي حق نفسها بتمتعها من الطيبات ومتاع الدنيا دون عبودية لها، وهكذا سائر الحقوق تؤديها بصدق وإخلاص وعزم وقناعة وزهد.
                        قال بعض الصالحين: يا ابن آدم إذا سلكت سبيل القناعة، فأقل شيء يكفيك، وإلا فإن الدنيا وما فيها لا تكفيك.
                        وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ليس الزهد ألا تملك شيئًا، ولكن الزهد ألا يملكك شيء.
                        وعن وكيع قال: قال سفيان الثوري: الزهد في الدنيا: قصر الأمل ليس بالأكل الغليظ ولا لبس العباء.
                        وصدق الشاعر وهو يحذرنا الدنيا:
                        إياك والدنيا الدنيَّة إنها
                        متاعُ غرور لا يدوم سرورها
                        فمن أكرمتْ يومًا أهانتْ له غدًا
                        ومن تُسقه كأسًا من الشهد غُدوةً
                        ومن تكْسُ تاج المُلك تَنْزعُهُ عاجلاً
                        ألا إنها للمرء من أكبر العِدَا
                        فلذاتُها مسمومة ووعودُها
                        وكم في كتاب الله من ذكر ذمِّها
                        فدونك في آيات الكتاب تَجدْ



                        هي السِّحْر في تخييله وافترائه
                        وأضغاثُ حُلْم خادع بهبَائه
                        ومن أضحكتْ قد آذنت ببكائه
                        تُجّرعُه كأس الرَّدى في مسائه
                        بأيدي المنايا أو بأيدي عدائه
                        ويحسبُها المغرور من أصدقائه
                        سرابٌ فما الظَّامي رَوَى من عنائه
                        وكم ذمَّها الأخيار من أصفيائه
                        من العلم ما يجْلو الصَّدا بجلائه


                        وهذه جملة من أحوال نساء سلف هذه الأمة الزاهدات، عسى أن تجد الزوجة الصالحة منهن القدوة والمثل:
                        § عن ثوبان قال: دخل رسول الله r على فاطمة وأنا معه، وقد أخذت من عنقها سلسلة من ذهب، فقالت: هذه أهداها لي أبو الحسن. فقال: "يا فاطمة أيسرك أن يقول الناس: هذه فاطمة بنت محمد وفي يدها سلسلة من نار" ثم خرج. فاشترت بالسلسلة غلامًا فأعتقته، وهذا يبين لنا زهدها في متاع الدنيا.
                        § وعن عطاء أن معاوية بعث إلى عائشة رضي الله عنها بقلادة مائة ألف فقسمتها بين أمهات المؤمنين.
                        § وعن عروة رضي الله عنه عن عائشة رضي الله عنها، أنها تصدقت بسبعين ألفًا، وإنها لتُرقع جانب درعها.
                        § وذكر سفيان الثوري لعبد الله بن المبارك، أن امرأة بالكوفة يقال لها أم حسان كانت ذات اجتهاد وعبادة. قال: فدخلنا بيتها فلم نر فيه شيئًا غير قطعة حصير خَلْق. فقال لها الثوري: لو كتبتِ رقعة إلى بعض بني أعمامك لغيَّروا من سوء حالك. فقالت: يا سفيان، قد كنت في عيني أعظم، وفي قلبي أكبر منذ ساعتك هذه! إني ما أسأل الدنيا مَنْ يقدر عليها ويملكها ويحكم فيها، فكيف أسأل من لا يقدر عليها ولا يقضي ولا يحكم فيها؟!
                        يا سفيان، والله ما أحبُّ أن يأتي عليَّ وقت وأنا متشاغلة فيه عن الله تعالى بغير الله. فأبكت سفيان.
                        § عابدة من الكوفة، كانت لا تنام من الليل إلا يسيرًا، فعوتبت في ذلك فقالت: كفى بالموت وطول الرقدة في القبور للمؤمنين رقادًا.
                        § وروى أبو بكر بن عبيد قائلاً: وكانت تصوم في شدة الحرِّ حتى يتغير وجهها، فيقال لها في ذلك فتقول: إنما أضر على طول الريّ والشِّبع في الآخرة.
                        § وروى أحمد بن سهل الأزدي عن زجلة العابدة مولاة معاوية: عندما طلب منها الرفق بنفسها فقالت: ما لي وللرفق بها؟ فإنما هي أيام مبادرة، فمن فاته اليوم شيءٌ لم يدركه غدًا. والله يا إخوتاه لأصلِّيَنَّ ما أقلَّتني جوارحي، ولأصومنَّ له أيام حياتي، ولأبكين له ما حملت الماء عيناي. ثم قالت: أيكم يأمر عبده بأمر فيحب أن يقصِّر فيه؟
                        § وتنتبه عمرة امرأةُ حبيب العجمي ليلة وهو نائم، فتنبهه وتقول له: قم يا رجل فقد ذهب الليل وجاء النهار، وبين يديك طريق بعيد وزاد قليل، وقوافل الصالحين قد سارت قدامنا ونحن قد بقينا.
                        § ذكر نوح الأسود أن امرأة كانت تأتي مجلس أبي عبد الله البراثي، فتجلس تسمع كلامه، ولا تكاد تتكلم ولا تسأل عن شيء، فقال لها أحدهم ذات يوم: لا أراك يرحمك الله تتكلمين ولا تسألين عن شيء؟ فقالت: قليلُ الكلام خيرٌ من كثيره إلا ما كان من ذكر الله، والمنصتُ أفهم للموعظة، ولن ينصحك امرؤ لا ينصح نفسه. وجملة الأمر يا أخي: إن أردت الله بطاعة أرادك الله برحمة، وإن سلكت سُبل المعرضين فلا تلم إلا نفسك إذا صرت غدًا في زمرة الخاسرين.
                        § وكانت ردة الصريمية إذا قيل لها: كيف أصبحتِ؟ تقول: أصبحنا أضيافًا منتجعين بأرض غربة ننتظر إجابة الداعي.
                        § ويسأل ذو النون المصري إحدى عابدات جبال الشام: حدثيني ما الغنى؟ قالت: الزهد في الدنيا.
                        § وروى أبو بكر الهذلي قال: كانت عجوز من بني عبد القيس متعبدة، فكانت تقول: عاملوا الله على قدر نعمه عليكم وإحسانه إليكم، فإن لم تطيقوا فعلى قدر ستره، فإن لم تطيقوا فعلى الحياء منه، فإن لم تطيقوا فعلى الرجاء لثوابه، فإن لم تطيقوا فعلى خوف عقابه.
                        وتقول: إن القلب القاسي إذا جفا لم يلِّينه إلا رسومُ البلى، وكأني أنظر إلى أهل القبور وقد خرجوا من بين أطباقها، وإلى تلك الوجوه المتعفرة، وإلى تلك الأجسام المتغيرة، فيا له من منظر كربة لو أشرَبَه العباد قلوبهم، ما أثكل مرارته للأنفس، وأشَّد إتلافه للأبدان([4]).
                        فيا من خلت قلوبهن إلا من ذكر الله ودعائه والانشغال بعبادته.
                        يا من رأين الذنوب الصغيرة جبالاً تكاد تقع عليهن، لأنكن أدركتن جلال الله وعظمته.
                        يا من ملأ الإيمان قلوبهن وأفاض على جوارحهن، فأردن صحبة أخوات لهن ممن مضى أثرهن.
                        يا من تسألن عن أخبار نساء مؤمنات زاهدات، فتتبعن سيرتهن لتلتقطن دُرَرَ أقوالهن، وتستشعرن في قلوبكن جمال سيرتهن، وترين في ذلك مواساة، بل قوة لكن في المضي في استقامتهن وعبادتهن.
                        هذه كانت بعض أخبار صفوة النساء من العابدات الزاهدات، أفليس فيهن القدوة لَكُنَّ؟ أليس منهن المثل الأعلى؟ إذن فتدبرن حالكن يا إماء الله.

                        &&&



                        ([1]) تفسير ابن كثير (3/399).

                        ([2]) رواه مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه.

                        ([3]) أخرجه أحمد في المسند، وقال الألباني: إسناده صحيح على شرط مسلم. الصحيحة 911.

                        ([4]) راجع: صفة الصفوة لابن الجوزي، ونساء زاهدات لمحمد خير يوسف.

                        تعليق


                        • #13
                          الصفة التاسعة

                          تهتم بزينتها ورائحتها ونظافاتها وطهارتها.
                          زوجتي تعلم أن للزينة في قلب زوجها أثرًا عظيمًا يحببها إليه أكثر وأكثر، لذا فهي حريصة على ذلك حرصًا شديدًا، في ملابسها، في رائحتها، في نظافتها، وهي تعرف أيضًا أن للزينة دورًا فعالاً في إعفاف زوجها وقناعته بها والرغبة فيها، وكذلك في دوام العشرة معها بالمعروف، ومتانة سياج المودة والمحبة والألفة.
                          ولعل من أهم أسباب نفرة الرجل من زوجته، وحدوث مشاكل بينهما، ما يقع منها من إهمال زينتها أمامه، وهو صاحب الحق بالزينة، بل قد تمر بالواحدة الأيام والليالي لم تَبدُ خلالها بمظهر حسن لبعلها، بل يتعداه إلى أن الزوج الذي بماله تشتري الملابس الجميلة والعطور وأدوات الزينة يُحْرم منها لِتعْرضها أمام مثيلاتها من النساء في المناسبات والأعياد والزيجات، حتى حدا هذا العمل ببعضهم أن ينتظر بفارغ الصبر قدوم مناسبة يمتع ناظريه فيها بزوجته بأبهى حُلة وأحسن مظهر، ووصل الأمر بآخرين إلى افتعال المناسبة واختلاق موعدها ليحظى بتجمل زوجته له.
                          وهذا لا شك ظلم من الزوجة لزوجها، وتقصير في حقه، مضر لسعادتها معه، يحمل الزوج على الانصراف عنها والزهادة فيها، لينظر إلى غيرها من النساء فيقع في الإثم، أو ليتطلع بالزواج بأخرى تروي عاطفته، وتُشبع غريزته، وتملأ عينه.
                          وقد تزوج أحدهم بامرأة أخرى لهذا السبب، فما كان من الأولى إلا أن تزينت وتجملت، فلما دخل الزوج عليها ظنَّها امرأة أجنبية من عظم الفوارق بين حالتيها، ودهش حينما رآها بهذا التألق الذي ظنَّ أنها تفتقده، وأخبرها أنه ما كان ليتزوج لو كانت معه على تلك الحال قبل ذلك، ولكن على نفسها جنت براقش([1]).
                          ويقول الشيخ أحمد القطان حفظه الله:
                          أدعو في ظهر الغيب لكل زوجة تتزين لزوجها المسلم، لتحفظه من الخطيئة.
                          والتزين عبادة ووسيلة صالحة تحبها الفطرة السليمة، فالزوجة الذكية هي التي تعرف كيف تكسب قلب زوجها، وأن تكون دائمًا زوجة جديدة في حياته.
                          فالكلمة الحلوة زينة، والبسمة المشرقة جمال، والرائحة الطيبة بهجة، والفستان الأنيق، واللمسات اللطيفة للشعر، والاختيار الموفق لبعض الحلي البسيط المنسجم مع لون البشرة والثوب، والنظافة المستمرة، طهارة وعبادة. فأنت حورية الدنيا وسيدة القصور في جنات النعيم بإذن الله.
                          تعلمي أيتها الزوجة من القرآن أخلاق الحور، وتسابقي معهن إلى قلب زوجك، واجعلي دنياه جنة. البسي له الحرير، وضعي له العطور، وغني له كما تغني الحور:
                          لزوجة مطيعة
                          وطفلة صغيرة
                          وغرفة نظيفة
                          ولقمة لذيذة
                          خيرٌ من الساعات
                          تعقبها عقوبة



                          عينك عنها راضية
                          محفوفة بالعافية
                          نفسك فيها هانية
                          من يد أغلى طاهية
                          في ظل القصور العالية
                          يصلى بنار حامية
                          ([2])


                          وعجبًا لبعض الزوجات اللائي لا يهتممن بأنفسهن وقت الحيض، فلا تتنظف الزوجة لزوجها أثناء الحيض، ولا تتزين عنده، وتظن أن الحيض معناه خصام وانفصال بين الزوجين.
                          أين زينة المرأة في وجهها وشعرها وثوبها ورائحتها؟!
                          وهل هناك تعارض بين ذلك وبين الحيض؟!
                          لا، بل كان يجب عليها أن تضاعف الاهتمام بزوجها وبجمالها وزينتها ورائحتها لتعوض الزوج حاجته.
                          أين أناقة الحائض، وطيب ريحها، وحسن مظهرها يا إماء الله!
                          قال أبو الفرج في كتابه النساء ما معناه:
                          عن المرأة تحظى عند زوجها بعد تمام خَلْقها وكمال حسنها، بأن تكون مواظبة على الزينة والنظافة، عاملة بما يزيد في حسنها من أنواع الحلي واختلاف الملبس، ووجوه التزين بما يوافق الرجل، ويستحسنه منها في ذلك، ولتحذر كل الحذر أن يقع بصر الرجل على شيء يكرهه من وسخ، أو رائحة مستكرهة، أو تغير مستنكر.
                          وقال البرقوقي:
                          جمال المرأة وتجملها، مدرجة ميل الرجل وافتنانه بها، وقوام الزينة النظافة، ولتحذر المرأة كل الحذر أن يقع بصر الرجل منها ـ أعني زوجها ـ على شيء يشمئز منه وينفر، من وسخ أو شعث أو رائحة مستكرهة، أو شيء من هذا.
                          وقد أوصت امرأة ابنتها فقالت: يا بنيتي، لا تنسي نظافة بدنك، فإن نظافة بدنك تحبب زوجك إليك، ونظافة بيتك تشرح صدرك، وتصلح مزاجك، وتنير وجهك، وتجعلك جميلة ومحبوبة ومكرمة عند زوجك، ومشكورة من أهلك، ومن ذويك وأترابك وزائريك، وكل من يراك نظيفة الجسم، والبيت تطيب نفسه ويسر خاطره.
                          ومن الأسف أن نرى كثيرًا من النساء يُهملن الزينة والتجمل بعد فترة من الزواج، ربما اعتقادًا من المرأة أن بارتفاع الكلفة بينهما، أصبح الأمر لا داعي له بالدرجة؛ لأنه من الرسميات مثلاً، أو أنها قد كبرت وهذا الأمر كان أيام الشباب، وهذا تقصير فاحش ولا شك، وفهمٌ أعوج.
                          إن التزين للتزوج والتجمل له، واجبٌ على المرأة، وحقٌ له، لا يسقط وإن مضى الشطر الأعظم من الحياة، وكم من رجل تزوج وهو في الخمسين ويزيد بسبب إهمال زوجته لمظهرها وهيئتها ورائحتها وزينتها.
                          ولعل من صور نظافة المرأة: نظافة البدن والبشرة، والعناية بنظافة الأسنان ورائحة الفم، وبتنقية العين وتكحيلها، وبتقليم الأظافر وتسويتها، وكذلك نتف الإبط وشعر العانة.
                          فهيَّا يا نساء المسلمين تجملن لأزواجكن، وتطيبن، واعلمن أن ذلك خير رائد لقلب الزوج، ومن أفضل الطرق السهلة لطلب رضاه، بل لحل المشاكل بينكما.

                          &&&

                          ([1]) راجع مقومات السعادة الزوجية للدكتور ناصر العمر.

                          ([2]) سري وللنساء فقط.

                          تعليق


                          • #14
                            الصفة العاشرة

                            شاكرة لزوجها على الدوام على ما يكد فيه من العمل ويتعب، ليكفيها وأولادها مؤونة العيش، وتشكره أيضًا على ما يجلب لها من طعام وشراب ونحوهما، وتدعو له دائمًا بالعِوَض والإخلاف، ولا تكفر نعمته عليها.
                            وذلك انطلاقًا من قوله r: "لا ينظر الله إلى امرأة لا تشكر لزوجها، وهي لا تستغني عنه"([1]).
                            (إن مجرد تناسي الزوجة فضل زوجها وجحوده، قد سماه رسول الله r كفرًا وجعله الله سببًا لدخول فاعلته نار جهنم.
                            فعن أسماء ابنة زيد الأنصارية رضي الله عنها قالت: مرَّ بي النبي r وأنا في جوار أتراب لي، فسلم علينا وقال: "إياكن وكفر المنعَّمين"، فقلت: يا رسول الله وما كفر المنعَّمين؟ قال: "لعل إحداكن تطول أيِّمتُها من أبويها، ثم يرزقها الله زوجًا، ويرزقها منه ولدًا، فتغضب الغضبة فتكفر، فتقول: ما رأيت منك خيرًا قط"([2]).
                            وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله r قال للنساء: "يا معشر النساء تصدقن، فإني رأيتكن أكثر أهل النار" فقلن: وبم ذلك يا رسول الله؟ قال: "تكثرن اللعن وتكفرن العشير..." الحديث([3]))([4]).
                            فما أسوأ هذا النوع من النساء، التي لا تشكر لزوجها باللسان وبالجوارح في كل وقت وفي كل مكان، على ما يقوم به من الجهد والمشقة والتعب، في سبيل كفاية زوجته وأولاده مؤونة العيش.
                            أين كلمة "جزاك الله خيرًا"، "لا حرمنا الله منك"، "بارك الله لنا فيك"، "أطال الله عمرك في طاعته"، وغيرها من الكلمات التي تدل على شكر الزوجة لزوجها بلسانها، وهي لا تكلفها شيئًا.
                            وأين الشكر بالجوارح، بقيامها بكل حقوقه ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، بطاعته وخدمته وطلب رضاه.
                            يقول الشيخ عبد المتعال الجابري رحمه الله: كل إنسان يحب أن يرى تقدير إحسانه، وما أجمل كلمة "شاكرة" أو "جزاك الله خيرًا"؛ إنها تُغري بالمزيد من التفضل والإحسان، والإحسان بريد المودة ورباط القلوب.
                            وشكر المرأة زوجها، والثناء عليه في غيابه، يزيده إعزازًا لامرأته؛ إذ إنها بثنائها عليه في غيبته عند أهلها وأصدقاء الأسرة، تغلق الباب على الشيطان.
                            وأثنت امرأة لأمها على كرم زوجها فقالت: يا أماه، من نشر ثوب الثناء، فقد أدى واجب الجزاء، وفي كتمان الشكر جحود لما أُوجب منه، ودخولٌ في كفر النعم.
                            إن الأولاد حين ينشأون يسمعون كلمة "أشكرك" عند تقديم كلمة طيبة، أو أي مساعدة، فإنهم يعتادونها خارج البيت.
                            وعندما يسمعون كلمة "آسفة" و"أعتذر" عندما تسقط من المرأة خطيئة، فإنهم كذلك يعتادون هذا الخُلُق، ويتكون لديهم ميزان سليم، وحس مرهف، يقدرون به المواقف المختلفة([5]).

                            &&&

                            ([1]) رواه النسائي والبزار وغيرهما، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة رقم (289).

                            ([2]) أخرجه البخاري في الأدب المفرد، وقال الألباني: إسناده جيد. السلسلة الصحيحة رقم (823).

                            ([3]) رواه البخاري وغيره. والعشير: هو الزوج المعاشر.

                            ([4]) عودة الحجاب (2/489).

                            ([5]) المرأة في التصور الإسلامي ص121 بتصرف واختصار.

                            تعليق


                            • #15
                              الصفة الحادية عشر

                              تبر أهل زوجها من والدين وأخوات، وتصل الرحم، لتُدخل على زوجها الفرح والسرور، وتتقرب إلى الله تعالى بهذه العبادة.
                              (إن من أدب الإسلام أن تؤثر الزوجة رضا زوجها على رضا نفسها، وأن تكرم قرابته خصوصًا والديه، ويتأكد هذا إذا كانت تقيم معهما، وفي إكرامهم إكرام لزوجها، ووفاء له، وإحسان إليه؛ لأنه مما يفرحه، ويؤنسه، ويقوي رابطة الزوجية، وآصرة الرحمة والمودة بينهما)([1]).
                              وذلك انطلاقًا من قوله r: "إن من أبر البر أن يحفظ الرجل أهل ودِّ أبيه"([2]).
                              كما أنه من حسن خلق المرأة المسلمة إكرامها لهما لاسيما وهما في سن والديهما لقوله r: "ليس منَّا من لم يُجلَّ كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه"([3]).
                              يقول الدكتور محمد الصباغ حفظه الله:
                              (إن على الزوجة الفاضلة أن لا تنسى منذ البداية، أن هذه المرأة التي قد تشعر أنها منافسة لها في زوجها، هي أم هذا الزوج، وأنه لا يستطيع مهما تبلَّد فيه إحساس البر، أن يقبل إهانة توجه إليها؛ فإنها أمه التي حملته في بطنها تسعة أشهر، وأمدته بالغذاء من لبنها، ووقفت على الاهتمام به حياتها حتى أصبح رجلاً سويًا.
                              واعلمي أيتها الزوجة أن زوجك يحب أهله أكثر من أهلك، كما أنك أيضًا تحبين أهلك أكثر من أهله، فاحذري أن تطعنيه بازدراء أهله أو انتقاصهم أو أذيته فيهم، فإن ذلك يدعوه إلى النفرة منك.
                              إن تفريط الزوجة في احترام أهل زوجها تفريط في احترامه، وإن لم يقابل الزوج ذلك بادئ الأمر بشيء، فلن يسلم حبه إياها من الخدش والنقص والتكدير.
                              إن الرجل الذي يحب أهله، ويبر والديه، إنسان صالح فاضل، جدير بأن تحترمه زوجته، وترجو فيه الخير)([4]).
                              والزوجة التي تعتقد أنها بإيقاعها بين زوجها وبين أهله، ليتفرغ لها وحدها، ويكون لأولاده وحدهم، امرأة ساذجة، تدفن رأسها في الرمال، غير صالحة ولا تقية، فيكفيها بهذا العمل معصية الله تعالى، وعونها زوجها على عقوق أهله لا على برهم، فبئست هذه الزوجة.
                              (إن عقوق الرجل والديه دمار عليه وعلى زوجته وأولاده؛ لأن العقوق من المعاصي التي تُعجل عقوبتها في الدنيا:
                              فعن أبي بكرة رضي الله عنه قال رسول الله r: "اثنان يُعجلهما الله في الدنيا: البغي، وعقوق الوالدين"([5]))([6]).
                              إن الزوجة الصالحة التي تخاف الله تعالى، الزوجة الطيبة الخيِّرة، هي التي تكون عونًا لزوجها على كل خير، فتنصحه وتدُّله على كل خير، وتوصيه بالتزام حكم الله في كل شيء، وتحرضه على بره لوالديه وإكرامهما والإحسان إليهما.
                              وهي بهذا الخلق العالي والسلوك القويم ستجد ثماره في الدنيا والآخرة إن شاء الله تعالى، ببر أولادها لها لاسيما عندما تهرم وتكبر، وفي الآخرة بالأجر العظيم عند الواحد القهار.
                              (حكى الإمام أبو الفرج ابن الجوزي عن عابدة كانت تصلي بالليل لا تستريح، وكانت تقول لزوجها: قم ويحك إلى متى تنام؟ قم يا غافل، قم يا بطَّال، إلى متى أنت في غفلتك؟ أقسمت عليك ألا تكسب معيشتك إلا من حلال، أقسمت عليك أن لا تدخل النار من أجلي، بِرَّ أمك، صل رحمك، لا تقطعهم، فيقطع الله بك)([7]).

                              &&&

                              ([1]) عودة الحجاب (2/506).

                              ([2]) رواه مسلم وأبو داود والترمذي.

                              ([3]) رواه أحمد والحاكم، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب برقم (96).

                              ([4]) نظرات في الأسرة المسلمة.

                              ([5]) رواه البخاري في التاريخ، والطبراني في الكبير، وصححه الألباني. صحيح الجامع (1/99).

                              ([6]) نظرات في الأسرة المسلمة.

                              ([7]) صفة الصفوة (4/437).

                              تعليق

                              مواضيع ذات صلة

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              ابتدأ بواسطة عاشق طيبة, 26 ينا, 2023, 02:58 م
                              ردود 0
                              38 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة عاشق طيبة
                              بواسطة عاشق طيبة
                               
                              ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 23 ينا, 2023, 12:27 ص
                              ردود 0
                              59 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة عطيه الدماطى  
                              ابتدأ بواسطة د. نيو, 24 أبر, 2022, 07:35 ص
                              رد 1
                              63 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة د. نيو
                              بواسطة د. نيو
                               
                              ابتدأ بواسطة محمد بن يوسف, 1 نوف, 2021, 04:00 م
                              ردود 0
                              21 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة محمد بن يوسف
                              بواسطة محمد بن يوسف
                               
                              ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 18 يون, 2021, 02:47 ص
                              ردود 0
                              72 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                              بواسطة *اسلامي عزي*
                               
                              يعمل...
                              X