"مثقفات" في حضرة عفركوش وسلطان الجن الأحمر !

تقليص

عن الكاتب

تقليص

الشرقاوى مسلم اكتشف المزيد حول الشرقاوى
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • "مثقفات" في حضرة عفركوش وسلطان الجن الأحمر !

    "مثقفات"
    في حضرة عفركوش
    وسلطان الجن الأحمر !




    تخرجت في الجامعة الأمريكية، وتعمل بإحدى الشركات الكبيرة.. جميلة جدا.. أناقتها تلفت الانتباه.. حديثها الذي لا يخلو من كلمات بالعربية ينم عن مستوى ثقافي رفيع..
    لم تتزوج رغم أنها خطبت ثلاث مرات، وفي كل مرة يقوم العريس بفسخ الخطبة لأسباب تصفها بالتافهة..
    لذا رأت والدتها ضرورة عرضها وبسرعة على دجال "محظوظ" قررت أن تنفق عليه بسخاء حتى يحل مشكلة ابنتها، ولم تعارضه أو حتى تناقشه عندما طلب من ليلى قضاء الساعات الأخيرة من الليل داخل قبر دفنت فيه عروس جديدة حتى تذهب عنها العُكسات وتنفك عقدتها..!.

    إلى هنا والقصة تبدو مألوفة إلى حد ما، فقلق الأم المعروف بشأن زواج بناتها، وثقافة وتفكير جيل سابق قد يكون مبررا لهذا التصرف غير المقبول، ولكن أن تقبل الابنة طلب الأم وتذعن لأوامر شاذة لدجال محترف فهو أمر يستحيل على العقل أن يقبله أو يجد له مبررا مهما كانت الظروف.. فعلى خلاف التوقعات امتثلت فتاة الجامعة الأمريكية لأوامر الدجال حتى لا يلحق العريس الأخير الذي تقدم لخطبتها منذ أيام بمن سبقوه.. استجمعت ليلى شجاعتها وأقنعت نفسها بأن مصباحها الصغير وبقاء والدتها أعلى القبر سيؤنس وحشتها، لكنها ومع أول خطوة لها داخله اصطدمت قدماها بشيء لم تواتها الجرأة إلى النظر إليه، لكنها استنتجته بالطبع، فانتابتها حالة من الفزع الشديد وأخذت تطلق صرخات هستيرية أجبرت أمها على إخراجها من هذا القبر المرعب، لتصاب بعدها بصدمة عصبية أبقتها تحت العلاج فترة طويلة.




    وخرجت الفتاة من هذه التجربة الأليمة، وقد أعلنت رفضها التام للارتباط، ليس فقط بالعريس الأخير ولكن للزواج بوجه عام.. والغريب أن الأم ما زالت على قناعة بأن عدم قضاء ابنتها الوقت الذي حدده الدجال لها في القبر هو السبب في عدم فك عقدتها وبقائها بلا زواج!.


    لم تكن فتاة الجامعة الأمريكية الضحية الوحيدة من هذه الفئة التي سقطت في براثن الدجالين والمشعوذين، فبعد جولة لنا في أسواق الدجل المنتشرة بالقاهرة في مناطق شعبية كالسيدة زينب والشرابية ومصر القديمة، ومن السيارات الفارهة التي تصطف أمام هذه الأوكار يمكنك أن تلحظ بسهولة أن المثقفات وأصحاب المستويات الرفيعة باتوا ينافسون الفقراء والأميين في التردد على هؤلاء العرافين؛ ليثبتوا أن البسطاء والسذج لم يعودوا الطرف الوحيد في هذه اللعبة، وأن الخرافة عندما تعبث بالعقول فإن المتعلمين يأتون بسلوكيات ليست من المنطق في شيء، فيقعون فريسة سهلة لوحوش المال من المشعوذين ومتعاطي الأعمال السحرية تحت وهم قدرتهم على تحقيق المعجزات، ليكونوا سببا في زيادة مساحة الجهل، ويساهمون بلا وعي في الترويج له بدلا من الوقوف في الصفوف الأمامية لمحاربته!.


    دجال تحت التمرين


    بدأت جولتنا بمنطقة أبو السعود التي تضم وحدها أكثر من مائة من محترفي أعمال الزار والشعوذة يمارسون جميع أنواع السحر والتنجيم، بداية من قراءة الكف والفنجان إلى الأحجبة وفتح المندل الذي يكشف لهم كل ما هو خفي كما يزعمون.


    وهؤلاء يعملون بشكل علني لا مجال للسرية فيه.. بل الجديد أن معظمهم بات يورث المهنة لأبنائه الحاصلين على الشهادات الجامعية، فاستبدلوهم بمساعديهم في محاولة لتطوير المهنة لتتلاءم وجمهورها الجديد من المتعلمين وذوي الثقافات الرفيعة من ناحية، ولتدريبهم عليها حتى لا يرثها عنهم الغرباء ويفوزوا بما تدره من أموال طائلة تفوق عشرة مليارات في السنة الواحدة، كما أثبتت الدراسات، من ناحية ثانية.


    في هذا الحي وضعنا أيدينا على الكثير من القصص المأساوية التي وجدناها تتكرر في أحياء أخرى.. والتي تصيبك بالغضب والرثاء معا، حين تجد العلم والخرافة والدين يجتمعون في عقلية واحدة!


    المهندسة والأفاك


    عفاف.. مهندسة وزوجة لمدرس مساعد بإحدى كليات جامعة القاهرة، مر على زواجهما خمس سنوات لم يرزقا خلالها بأطفال، بعد جولات طويلة داخل عيادات الأطباء بلا فائدة قررا الاستعانة بواحد من مشاهير الدجالين، الذي أخبرهم الأقارب والمعارف بأنه أفلح في علاج حالات مشابهة!.


    تقول عفاف: ذهبت إلى هذا الدجال بعد أن أقنعني زوجي بأنني لن أخسر شيئا بذهابي إليه، وهناك أصر الرجل على دخولي إليه بمفردي، وبعد أن استمع إلى شكواي فوجئت به يطالبني بالتجرد من ملابسي بالكامل.. فزعت.. ورفضت ذلك بإصرار، لكنه شرع يبث الطمأنينة في نفسي ويخبرني بأنه لن يراني بعينه البشرية لأنه ليس كغيره من البشر، وأنه كالطبيب وعلى المريض أن يذعن لأوامره.. اقتنعت بكلامه وكنت على وشك الاستجابة، لولا أن رأيت نظراته النهمة التي لا تخرج إلا من عين شيطانية، فسارعت هاربة من المكان كله قبل أن يقع المحظور، بعد أن تأكد لي أنني سأخسر نفسي وديني وزوجي على عتبة هذا الأفاك.


    عفاريت الست


    "ناهد" مفتشة تموين.. تعرض منزلها للسرقة منذ شهور، وكانت مصوغاتها الذهبية أهم هذه المسروقات، توجه زوجها للإبلاغ عن الحادث، وتوجهت هي للست "المبروكة" أشهر دجالة بشبرا، لم يدلها عليها أحد فهي دجالة العائلة منذ سنين، وقامت المبروكة بفتح المندل الذي أخبرها أن السارقة زوجة شقيق الزوج.. "سلفتها يعني"، وكشف لها شياطينه عن صفاتها التي تنطبق على آلاف السيدات، ولكن لأن هذا الاختيار لاقى هوى في نفس ناهد للغيرة النسائية المعروفة، فقد خرجت من عندها لتحرر بلاغا رسميا ضد سلفتها بدلا من الإبلاغ عن الشيخة المزعومة, وشرعت تطالب الزوج برد مصوغاتها من عند أخيه وزوجته، ثار الزوج واتهمها بالجنون، وثارت هي واتهمته بالتدليس، فهددها بالطلاق، حتى اضطر أهل الثقة من المقربين للتدخل، وعندما سألوها في جلسة الصلح عن دليل اتهامها أجابت بلهجة قاطعة.. "عفاريت مبروكة"!.


    الخلاف مستمر


    سناء.. مدرسة إعدادي.. تزوجت من ابن عمها بعد قصة حب استمرت سنوات، ولأنه لا يملك ثمن شقة فقد قررا أن تبدأ حياتهما في منزل أسرتها، ومع نهاية شهر العسل بدأت المشاكل.. لم يحتمل العريس تدخلات حماته في كل كبيرة وصغيرة تخصهما.. كثرت الشكوى ودب الشقاق بين الزوجين، ولم يشفع حب السنين في القضاء على الخلافات التي زادت بينهما وباتت تنذر بانفصال وشيك، فلم تمض السنة الأولى إلا وكان الطلاق قد وقع مرتين وتم الصلح، ولكن سناء باتت مهددة بالانفصال الذي لا تعقبه عودة.


    ورغم أن المشكلة كانت واضحة، وحلها يفرض عليهما ضرورة الاستقلال في سكن خاص يضمن لهما الخصوصية، فإن تفكيرها هداها للجوء إلى أحد العرافين ليجد لها حلا يبقي على زواجهما ويقضي على الخلافات بينهما، واستمرت تتردد عليه شهورا طويلة بعد أن أقنعها بأن زوجها معمول له "عمل" بكراهيتها، وأنه يحاول استخراج هذا العمل من مكمنه، وبالطبع يستلزم هذا البحث مبالغ طائلة.


    استجابت معلمة الأجيال وأخذت تدفع للدجال كل ما يطلبه حتى اضطرت لبيع شبكتها الذهبية.. ولم تفكر للحظة في أن هذه الأموال المهدرة كان من الممكن أن تساعد في الحصول على مسكن ولو بسيط تجد فيه سعادتها المفقودة.. ورغم أن الخلافات ما زالت في تصاعد مستمر فإنها لا تزال بانتظار الحل السحري من هذا الدجال.


    قنديل أم هاشم


    من أغرب الحالات التي صادفناها.. أسرة صغيرة.. قابلناها عند "قنديل" دجال بحي السيدة زينب (التي يسميها المصريون أم هاشم)، الأب ملتح ويعمل مهندسا.. والأم منتقبة وحاصلة على مؤهل جامعي.. يتبادلان حمل طفلهما الصغير الذي بدا عليه المرض، ورغم التزامهما الديني الظاهر للعيان، وثقافتهما العلمية المفترضة، فإنهما حضرا من القليوبية خصيصا ليحظيا بمقابلة "مولانا" كما أسمياه، طامعين أن يتحقق شفاء طفلهما الصغير على يديه!.


    ولأن الدخول إلى الشيخ لا يتم إلا بحجز مسبق، ولأنهما لم يكونا على علم بذلك، وحضرا من محافظتهما مباشرة، فقد منعهما المساعد من الدخول، ولم تشفع لديه توسلات الأب ودموع الأم التي انهمرت بلا انقطاع كي يسمح لهما بالمقابلة، ألحت جميع الحاضرات عليه ليدخلهما بعد أن أشفقن على الطفل الصغير، لكنه لم يوافق إلا بعد أن وضع الأب في يده ورقة بعشرة جنيهات.


    انتظرنا حتى فرغت المقابلة التي لم تستغرق سوى دقائق.. خرجا بعدها وقد زاد عبوسهما.. سألتهما في عتاب عن لجوئهما لهذا القنديل المزعوم، فاعتراهما خجل شديد حاولت الأم مداراته بقولها: أليس السحر مذكورا في القرآن؟.. لكن الأب رمقها بنظرة غيظ مكتوم وانبرى قائلا: ابنك مريض وليس مسحورا، وأضاف: والله ما لجأت إليه إلا بعد أن ضاقت بي السبل، فابني مريض بمرض نادر أنفقت على علاجه الكثير دون فائدة، لذا حضرت إلى هذا الشيخ آملا أن أجد عنده العلاج، لكنه طلب مني مبلغا طائلا مقدم أتعاب فقط كي يبدأ الجلسات، بعدها يقرر التكلفة النهائية، والله أعلم ماذا سيفعل بابني خلال هذه الجلسات التي أصر على عدم حضورنا لها، وهذا ما زاد شكوكي، لذلك قررت أن أبيع كل ما أملك وأواصل علاجه عند الأطباء، والله وحده عنده الشفاء.


    يأس وبطالة وفضائيات


    في دراسة أثبتت أن المتعلمات جئن ضمن الفئات الأكثر ترددا على الدجالين والمشعوذين في مصر بنسبة وصلت إلى 55%، يرجع الدكتور محمد عبد العظيم، الباحث بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بالقاهرة، أسباب هذه الظاهرة المفزعة إلى زيادة مستوى الفقر وانتشار البطالة وتدني مستوى الخدمات الصحية؛ ما أدى إلى خلق حالة من الفراغ والإحباط واليأس جعلت الأفراد يتعلقون بأي وهم قد يخرجهم من هذه الحالة ويقدم لهم الحلول لمشاكلهم، حتى وإن تنافت هذه الحلول مع العقل والمنطق.


    أما وسائل الإعلام، خاصة التليفزيون فيذكر الباحث أن لها تأثيرا ملموسا في زيادة حجم هذه الظاهرة بما تقدمه بعض الفضائيات من برامج تدعو إلى التشبث بالتفاؤل والتشاؤم، وتقيم وزنا للأحلام، ومن ثم الاتصال بالجن والشياطين، مما يضفي نوعا من المشروعية على هؤلاء الدجالين، ويدعم مصداقيتهم لدى الجمهور المتلقي فيتعلقون بأوهامهم ويدورون في فلكهم بقية عمرهم.


    ويفسر د. عبد العظيم إقبال السيدات على أعمال الدجل إلى طبيعة شخصيتهن سريعة التأثر بالعادات والتقاليد والبيئة المحيطة، الأمر الذي أدى إلى شدة تعلق المرأة بالجنس الآخر الذي تنظر إليه على أنه المستقبل والملاذ، فنجدها تنفق عمرها في البحث عن عقاقير سحرية وأحجبة تضمن لها مستقبلها، سواء بالحصول على زوج أو للاحتفاظ به، أو للإنجاب منه.


    ويقترح الباحث مجموعة من الحلول،
    أولها: الاهتمام بالعقلية العلمية في التعليم، وتنقية وسائل الإعلام من الخرافة، ووضع خطة إعلامية تستهدف تنمية الوعي لدى المرأة، وضرورة تكثيف جهود رجال الأمن في مطاردة الدجالين وكشف حقيقتهم أمام الجمهور.. بالإضافة إلى أهمية تطوير المناهج الدينية بالمدارس، وتنشيط دور الدعاة والوعاظ بالمساجد، وزيادة مساحة البرامج الدينية بوسائل الإعلام؛ حيث يرى أننا نحتاج إلى يقظة دينية هائلة كي لا نصبح ضحايا للدجل والخرافة في بلد الأزهر الشريف.
    الـ SHARKـاوي
    إستراتيجيتي في تجاهل السفهاء:
    ذبحهم بالتهميش، وإلغاء وجودهم المزعج على هذا الكوكب، بعدوى الأفكار،
    فالأفكار قبل الأشخاص، لأن الأفكار لها أجنحة، فأصيبهم بعدواها الجميلة. وهذا الواقع المظلم الذي نعيش سيتغير بالأفكار،
    فنحن في عصر التنوير والإعصار المعرفي، ولا بد للمريض أن يصح، ولا بد للجاهل أن يتعلم، ولا بد لمن لا يتغير، أن يجبره الواقع على التغير،
    ولا بد لمن تحكمه الأموات، الغائب عن الوعي، أن يستيقظ من نومة أهل الكهف أو يبقى نائما دون أثر، لا يحكم الأحياء!

  • #2
    ليس غريب ان يكون المرء مثقف وتراه يؤمن بالدجل والشعوذة ذلك أن علومه اقتصرت على العلوم الدنيوية والتي درج الناس على قياس ثقافة الإنسان بها
    لذلك عندما يواجه اي خدعة دجلية مهما كانت بسيطة لا يستطيع تفسيرها بالعلم الذي لديه يكون التفسير الأيسر هو السحر والقوى الخفية .. فيتسلل الخوف إلى قلبه ويسيطر عليه حتى يؤمن به بشكل مطلق .. فيصور له خوفه صدق الدجال وما يقول وما يفعل وهو كذوب .. وكذلك اليأس له نفس التأثير .

    لو يعلم الناس أنه لن يصيبهم إلا ما كتب الله لهم لما وجد الدجالون ما يأكلون.

    جزاك الله خيرا يا مولانا

    تعليق


    • #3
      المشاركة الأصلية بواسطة wael_ag مشاهدة المشاركة
      لو يعلم الناس أنه لن يصيبهم إلا ما كتب الله لهم لما وجد الدجالون ما يأكلون.
      جزاك الله خيرا أخي وائل

      للأسف يسلم الكثيرون عقولهم للوهم والسحر والشعوذة

      وأهديكم هذا الفيديو لصديقى الدكتور جمال الفقي وهو طبيب نفسي بارع يعمل في سلطنة عُمان

      وكما تعلمون فسلطنة عمان بها الكثير من أعمال السحر والشعوذة حتى أنني أعرف طبيبة ورئيسة قسم بالإمارات (لاتخلو من الجمال) ترتحل لعمان عدة مرات سنويا حتى تفك عقدتها. وعلى حد علمي لم تتتزوج بعد رغم انها تجاوزت الخمسين من عمرها


      الفارق بين المعتقدات والأمراض النفسية معنوي جدا

      أعتقد أن الموضوع مهم جدا

      وكما رأينا حتى الأن النساء يمتنعون

      كنت في حوار ذات مره مع إحدى الأخوات فاجأتني بقولها: شكلك لك في العفاريت والحاجات دي
      بالطبع سايرتها لأعلم حالتها و لاتعليق









      جلا جلا
      الـ SHARKـاوي
      إستراتيجيتي في تجاهل السفهاء:
      ذبحهم بالتهميش، وإلغاء وجودهم المزعج على هذا الكوكب، بعدوى الأفكار،
      فالأفكار قبل الأشخاص، لأن الأفكار لها أجنحة، فأصيبهم بعدواها الجميلة. وهذا الواقع المظلم الذي نعيش سيتغير بالأفكار،
      فنحن في عصر التنوير والإعصار المعرفي، ولا بد للمريض أن يصح، ولا بد للجاهل أن يتعلم، ولا بد لمن لا يتغير، أن يجبره الواقع على التغير،
      ولا بد لمن تحكمه الأموات، الغائب عن الوعي، أن يستيقظ من نومة أهل الكهف أو يبقى نائما دون أثر، لا يحكم الأحياء!

      تعليق


      • #4
        بسم الله الرحمن الرحيم

        مغامرات صحفي في عالم السحر



        في أحد المنازل لاستخراج الآثار يحتاج أي مهتم بعالم السحر والسحرة أن يطلع على هذه المغامرة التي تكشف كثيرا من خبايا هذا العالم الذي يحيطه الغموض والإثارة والخوف. هي مغامرة مثيرة لصحفي مصري تقمص باقتدار شخصية ساحر، وخرج منها بتفاصيل ومعلومات وتجربة لم يكن من المتاح التعرف عليها للكثيرين.

        استطاع من خلالها الصحفي محمد عبد الله سكرتير تحرير جريدة الأسبوع المصرية، اختراق العالم السري للسحرة، وفك الكثير من جوانب الغموض فيه...

        "إسلام أون لاين.نت" التقت به لتعرف تفاصيل مغامرته مع العالم السري للسحرة فحكى لنا قصته مع السحر، وقال:

        كيف تصبح ساحرا؟



        بدأت المغامرة عندما أردت كشف زيف السحرة، فترددت على الكثير منهم متظاهرا بأنني مريض تارة، أو بي مس من الجان تارة أخرى، ومع كثرة التردد عليهم صرت ملما بحركات الساحر وسكناته، وملما بأصول المهنة. خاصة أنني كنت قد اشتريت الكثير من كتب السحر المنتشرة في السوق، وحفظت بعض ما بها من طرائق السحر والشعوذة.


        ثم اخترت لنفسي اسما مستعارا أمارس من خلاله مغامرتي كساحر، فاخترت اسما يلقي الرهبة في نفوس سامعيه، وهو: الشيخ محمد بن عبد الله شمس الدين المراكشي من المغرب، وقمت بنشر عدة نبوءات في الصحف المصرية عن أحداث أتنبأ بحدوثها مستخدما عبارات فضفاضة ومستعينا بحس الصحفي في طرح التخمينات، كما أرسلت العديد من البيانات لوسائل الإعلام وعليها توقيعه، ورقم هاتفه كنوع من الدعاية وسط الجمهور.


        وكانت المفاجأة أنني تلقيت نحو 350 مكالمة تطلب العلاج والشفاء من الجان، أو حل المشكلات الزوجية، بل واستخراج الآثار وتحويل الجنيهات إلى ملايين أحيانا!

        فقمت بانتقاء 150 حالة للتعامل معهم، من بينهم سفراء، ورجال أعمال وسياسيون بارزون، وضباط شرطة، وزوجاتهم.


        بعدها قمت بعمل ملفات للحالات التي أتعامل معها، بحيث يحتوي ملف كل حالة على بيانات الشخص واسم والدته وزوجته ورقم هاتفه، وشكواه وعمله وثروته، وأصدقائه وكل ظروفه العائلية. وعندما كانت تأتيني السيدة كنت أسألها عن كل شيء عن زوجها وتعاملاته وكذلك صديقاتها ووظائف أزواجهن ومشاكلهن، كما قمت أحيانا بالتحري عن المتردد أو المترددة عليَّ بشخصي كصحفي بدون تنكر، فلما تعود السيدة أو الرجل، أقوم بعرض كل مشاكله عليه فيدهش ويصدق أنني صاحب بركات فعلا و"سري باتع"... وعرض علي بعضهم أموالا فرفضتها بحجة أنني أمارس السحر لوجه الله!


        وكيف تتحايل على عجزك؟




        الصحفي في أحد البيوت يتظاهر بتحضير العمل


        وفي أحيان أخرى فشلت في علاج المريض فطلبت طلبات غريبة مثل شراء بخور الزنكموش، وبالطبع يعجز المريض عن شراء البخور لأنه لا يوجد بخور بهذا الاسم أصلا، ثم أدعي أن الجان لن يحقق طلباتنا إلا بتحقيق هذه الطلبات المستحيلة.
        وبهذا أخرج من المأزق الذي كان يتكرر كثيرا، والغريب أن بعض الحالات شُفيت بالإيحاء، وأصبحوا يؤمنون بأنني صاحب "سر باتع"، وهو ما أسخر منه أصلا.


        ومن الحالات الغريبة التي قابلتني: حضر إليَّ رجل أعمال يطلب تحويل 250 ألف دولار إلى 10 ملايين جنيه مصري، فوعدته بذلك، وعندما عاد في المرة الثانية أبلغته بأن الجان طلب نوعا من البخور غير موجود إلا في إيران. وذلك لتعجيزه وحتى لا ينكشف أمري ويعتقد أنني فشلت في ذلك.


        كما اتصل بي من يطلب استخراج الآثار طبقا للخرافة القائلة بأن "الشيخ" المتصل بالجن بمقدوره فك الرصد، أي أن الجان "محبوس" لحراسة الآثار المصرية القديمة من 7 آلاف سنة، وأن الجن يحتاج للزئبق الأحمر كي يسترد عافيته ويستخرج الآثار من باطن الأرض. وحقيقة الأمر أن الساحر يحدد مكان الآثار عن طريق أصدقائه من مفتشي الآثار وأمناء مخازن الآثار، ويقوم باستخراج الآثار مقابل الحصول على ثلث ثمنها، وثلث لصاحب الأرض المستخرج منها الأثر، وثلث للمهرب، وقد طلب مني بعض الأهالي استخراج الآثار من منازلهم، وبالفعل قمت بالحفر في منازلهم، وأخبرتهم أن استخراج الآثار يحتاج لأكثر من جلسة للتعزيم وتحضير الجان، ولكن لم أعد ثانية.


        لقاء مع ساحر


        وفي أثناء المغامرة اتصل بي أحد الدجالين المجاورين لمشهد السيدة زينب بالقاهرة، لمشاهدة أعماله، ودخلت إلى حجرته المظلمة بهيئة الشيخ المراكشي المزيف، فوجدت امرأة تطلب حل مشكلتها، فقام الساحر بإحضار إناء به ماء، ولصق مادة الشمع الأحمر بغطاء الإناء بحجة أن الشمع الأحمر يستدعي الجن لإحضار العمل، في حين أنه يخفي تحته "العمل"، ودعا المرأة إلى مشاهدة الإناء بنفسها للتأكد من خلوه من أي أعمال، ثم وضع الغطاء على الماء، وأشعل النار تحت الإناء حتى يغلي الماء، ويذوب الشمع الأحمر بفعل الحرارة ويسقط العمل في الإناء، ويطلب من المرأة رفع الغطاء لترى "العمل" أمامها.


        فأردت أن أكشف حيلته، وبعصا في يدي كسَّرت بعض الأشياء الموجودة داخل الحجرة، فشتت انتباه الساحر، فوضعت يدي بسرعة في الإناء وأخذت العمل، ولما طلب الساحر من المرأة رفع الغطاء لم تجد شيئا سوى الماء، فادعى أن الخادم (من الجن) نصراني وأنه يعانده، وسيحاول مرة أخرى، ثم عاود الساحر عزائمه مرة أخرى، وفي هذه المرة ادعيت أنني أكلم الجان، وأصدرت أصواتا غريبة، ثم ارتميت على الأرض وأحدثت ارتباكا في الحجرة، حتى تمكنت من إلهاء الساحر وسرقة العمل من الإناء، فلما طلب من المرأة كشف الغطاء لم تجد شيئا للمرة الثانية.


        فاغتاظ مني قائلا بلهجة تهديدية: فيه إيه يا شيخنا؟!! فرددت عليه: عذرا يا شيخ فلقد حدث تداخل في الاتصال معي من الجان الخاص بك.
        فأمر الساحر بإخراج المرأة من الحجرة، ثم هددني قائلا: ماذا تريد بالضبط؟! فعرفته بهويتي الصحفية، فإذا به ينادي مساعديه وأعطاهم الأوامر بضربي، فهددته بالاتصال بكبار المسئولين، وذكرته بزملائه المشعوذين الذين دخلوا السجن، فامتثل وتركني لحال سبيلي، وهددني بالإيذاء إن أفشيت سره.


        وأذكر أنه عقب قيامي بنشر تفاصيل المغامرة اتصل بي الكثيرون من الذين اطلعت على أسرارهم وهددوني بالقتل إذا أفشيت أسرارهم. والطريف في الأمر أن المشعوذين يتعاونون مع الشرطة، ويمدون المباحث بكافة أخبار المترددين عليهم.


        اعترافات ساحر تائب



        إحدى ضحايا الدجل والشعوذة مع الصحفي أثناء تحضير العمل


        وعقب نشر مغامرتي الصحفية اتصل بي أحد الأشخاص وأخبرني أنه ساحر سابق، ولكنه تاب الآن، واتفقنا على أن يؤلف كتابا بعنوان "اعترافات ساحر تائب" ولكن القدر عاجله، وقال لي عن أسلوب عمله بالسحر إنه كان يجهز عشرات "الأعمال" ويرقمها ويعد لها سجلا خاصا، ويقوم بالاتفاق مع القائمين بأعمال المحارة في المنطقة على أن يضعوا "عملا" في حائط كل شقة يشطبونها، مقابل مبلغ من المال على أن يخبروه بمكان "العمل" تحديدا وفى أي حائط، واسم الساكن الجديد، وبعد سكن الشقة، يتصل مساعده بالساكن ويوهمه بأن لديه مشكلات كثيرة، وأن هيئته تدل على ذلك - وبالطبع كلنا لديه مشاكل– وأن حل المشكلة عنده "الساحر"، وبالفعل يأتي إليه الساكن فيرجع لسجل "الأعمال" ليعرف مكان العمل في الشقة تحديدا، ثم يذهب للشقة وبعد قراءة التمائم والتعاويذ يستخرج "العمل"، وساعتها يصاب الساكن بدهشة شديدة، ويجود عليه بمبلغ كبير من المال. كما كنت أقوم مع القائمين "بالتبليط" و"النجارين" بفعل نفس الشيء.


        السحرة والنساء


        ويكمل الصحفي صاحب المغامرة قائلا: للأسف فإن أغلب المترددين على السحرة والمشعوذين من النساء، كثير من هؤلاء السحرة تخصصوا "سفلي"، أي يأتون الأعمال الحقيرة والقذرة، فيخبرون المرأة أن الجني يريد معاشرتها جنسيا عبر الساحر كشرط لشفائها وتستجيب المرأة، وتحت هذا البند قام الكثير من السحرة بالزنا واغتصاب النساء نيابة عن الجن!!، وهناك فتيات كثيرات فقدن عذريتهن مع السحرة بعد أن يختلي بها في حجرته المظلمة.


        ولا يفوت أن نذكر بأن العطارين، وبعض أصحاب المكتبات يعملون على ترويج بضاعة السحرة والمشعوذين، حتى يبيعوا بخورا أكثر، وكتبا أكثر، فيجمعوا بذلك أرباحا طائلة. والدافع الرئيسي لهؤلاء الدجالين والمشعوذين والسحرة هو جمع المال، وكذلك ممارسة الفاحشة مع النساء.


        كيف يخدع الساحر ضحاياه؟


        وربما يتساءل البعض: كيف يتمكن الساحر من خداع الناس؟ وأتصور أن الساحر يتمتع بشخصية فريدة، وله قدرة كبيرة على الإقناع، وعلى درجة عالية من الثقافة والذكاء، ويعرف تفاصيل كثيرة عن المترددين عليه. إذ يقوم الساحر بعمل ملف لكل شخص يتردد عليه، يشمل كل بياناته، فإذا حضر إليه الشخص المسحور ذكر له الساحر بياناته، فيندهش الشخص من معرفة الساحر "الشيخ" لكل هذه المعلومات رغم عدم وجود معرفة سابقة بينهما.


        والواقع أن الساحر أو الدجال يكون شبكة من الأفراد تتقاسم معها المكاسب المادية التي يستولون عليها من ضحاياهم. فالعراف أو الساحر يكون له في منطقة نشاطه مساعدون يقومون بجمع الأخبار والمعلومات عن الشخص الذي يتردد عليه لو لمرة واحدة، فإذا حضر ثانية يطلب منه الساحر "أثرا" ويذكر له كل مشاكله وتفاصيل حياته، فيندهش الشخص ويسلم قياده للساحر.



        يستخرج الآثار من باطن الأرض


        كما أن مساعدي الساحر يجلبون له الزبائن، فأي شخص تظهر عنده بوادر مشكلة مرضية أو نفسية أو زوجية، يسرع المساعد على الفور لينصح الشخص بمعاودة الساحر قائلا له: "الشيخ فلان لديه العلاج لمشكلتك"، ويكرر عليه ذلك على مدار أكثر من يوم، سواء في المسجد، أو في الشارع، كما يعمد مساعد الساحر أن يجلب الزبائن ذوي المكانة الاجتماعية مثل رؤساء الشركات أو مشايخ القرى؛ فهؤلاء رؤساء في مواقعهم، وعندما يسيطر عليهم الساحر يمكنه بسهولة السيطرة على المرؤوسين فشيخ القرية يتبعه أهالي القرية.


        وللأسف فإن البيئة الثقافية للمجتمع تساعد على نمو فكر الدجل والشعوذة والسحر؛ فالتراث الشرقي (الهندي والتركي والعربي) مليء بالخرافات، فلدينا حكايات ألف ليلة وليلة، وسيرة أبي زيد الهلالي، والخضرة الشريفة، وسيف بن ذي يزن، وكل الأبطال في هذه السير تعرضوا للسحر.


        كما أن ضعف مستوى الأطباء، وجهل الكثير منهم بأصول المهنة يدفع المرضى إلى اليأس من الشفاء والعلاج، وبالتالي يطرقون باب المشعوذ أو الساحر يطلبون منه العلاج. وعندما يطرق المريض باب المشعوذ، يستغل المشعوذ نفسية المريض جيدا ويحاول فهمها، مستغلا أن المريض يبوح بكل مشاكله، ويقول "للشيخ كل حاجة" بما فيها أدق أسرار حياته، فالوزير إذا ذهب للطبيب يحافظ على هيبته ولا يحكي له شيئا، وعندما يذهب للشيخ يكون كالطفل الصغير الذي يقف أمام أمه ويحكي له كل شيء ويفضفض عن كل همومه، وفي ذات الوقت فإن الساحر لا يسمح له بمناقشة أي شيء، وينفذ أوامر الشيخ/ الساحر على علاتها وغرابتها، فإذا صادف وشُفي المريض، ينسب النجاح للساحر.



        الـ SHARKـاوي
        إستراتيجيتي في تجاهل السفهاء:
        ذبحهم بالتهميش، وإلغاء وجودهم المزعج على هذا الكوكب، بعدوى الأفكار،
        فالأفكار قبل الأشخاص، لأن الأفكار لها أجنحة، فأصيبهم بعدواها الجميلة. وهذا الواقع المظلم الذي نعيش سيتغير بالأفكار،
        فنحن في عصر التنوير والإعصار المعرفي، ولا بد للمريض أن يصح، ولا بد للجاهل أن يتعلم، ولا بد لمن لا يتغير، أن يجبره الواقع على التغير،
        ولا بد لمن تحكمه الأموات، الغائب عن الوعي، أن يستيقظ من نومة أهل الكهف أو يبقى نائما دون أثر، لا يحكم الأحياء!

        تعليق


        • #5
          بسم الله الرحمن الرحيم

          قراءة في كتب السحرة

          تبدو الأمور من بعيد غامضة ومحيرة، لكن الاقتراب منها يزيل غموضها، ويساعد على معرفة حقيقتها.
          لذلك كان الاقتراب من كتب السحر كاشفًا لكثير مما يتعلق بعالمه: كيف يفكر السحرة؟ وما طبيعة وأشهر كتبهم؟ ومن أين وكيف تصدر؟ ومن يقف وراء إصدارها؟ وماذا تحتوي من تعاويذ؟ وما الصورة الذهنية التي ترسمها هذه الكتب عن مؤلفيها...؟

          على حين تتواجد كتب العلاج بالقرآن من السحر والمس من الجن في كل مكتبة تقريبًا، ولدى كل بائع كتب على أرصفة الشوارع؛ فإن كتب السحر وتحضير العفاريت والجان يندر وجودها إلا في مكتبات بعينها في منطقة الحسين بمصر، ومناطق متفرقة أخرى كأنها جزر معزولة.

          ففي القاهرة -مثلا- وفي ميدان رمسيس أكبر ميادين العاصمة المصرية يوجد 12 بائعًا للكتب ما بين مكتبات ثابتة وبائعي أرصفة، لا تباع كتب السحر إلا عند اثنين فقط من بائعي كتب الأرصفة، بينما تباع كتب العلاج بالقرآن لدى 8 منهم، بينما توجد ميادين بكاملها تخلو من كتب السحر والعفاريت والشعوذة.

          والذي يجمع بين دور النشر المختصة في كتب السحر أن الوازع والمبرر الذي من أجله تخصصت في هذا الغرض غير واضح أو معلوم؛ فبعضها يبدو أصحابه في هيئتهم أقرب إلى السحرة والدجالين أو المتعاونين معهم، والبعض الآخر يبدو وكأنه لا تربطه بالفكرة سوى أكل العيش كما قال أحدهم؛ "إذ لهذه الكتب قارئ مضمون يبحث عنها بأي ثمن".


          الشكل
          غلاف الكتاب أول ما يقع عليه بصر القارئ؛ لذلك يهتم المؤلفون والناشرون بتصميم الغلاف، غير أن أغلفة كتب السحر والشعوذة خالية من أي أشكال أو رسوم أو صور؛ فهي مجرد ورق سميك بلون واحد يكون غالبا السماوي الفاتح أو الأحمر الفاتح، وعلى الغلاف يطبع اسم الكتاب بالخط الديواني الأنيق غالبًا، وهو ما يوحي بالخفة والرشاقة والدقة، وربما يتفق مع موضوع هذه الكتب وما به من غموض.

          وتخلو غالبية الكتب من ذكر تاريخ نشر أو طباعة، ومن ثم لا يتمكن القارئ من معرفة إن كان كتابًا جديدًا أم قديما، وربما كان الهدف من وراء ذلك إطالة عمر الكتاب، والإيحاء بأن أسراره سارية بغض النظر عن تاريخ تأليفها.

          ولا يلتزم مؤلفو هذه الكتب بما ينص عليه القانون من إيداع أي كتاب جديد في دار الكتب القومية وترقيمه للحفاظ على حقوق المؤلف، وذاكرة الأمة أيضًا؛ وهو ما يعني أن مؤلفي هذه الكتب لا يهمهم ذلك، كما لا يبالون بحقوق المؤلف أو أن يسطو أحد على كتبهم وينسبها لنفسه.

          وورق كتب السحر رديء رخيص الثمن (ورق دشت) ذو بياض منطفئ؛ وهو ما يوحي بأنها قديمة وربما أثرية، ولكنك تكتشف التناقض حين تلمس ورقه الداخلي فتجد أنه لم يفتح من قبل، وأنه طبع حديثًا ولكن بطرق طباعية قديمة (طريقتا الحروف البارزة والغائرة).

          وتتسم هذه الكتب بالحجم الصغير؛ إذ إنها تبدأ من 90 ورقة فقط ولا تزيد في أغلب الأحيان على 150 ورقة؛ لذلك فإن تكلفتها الاقتصادية زهيدة، ورغم ذلك ترتفع أسعارها مقارنة بتكلفتها الضئيلة ومقارنة بأسعار الأنواع الأخرى من الكتب المبيعة المطبوعة بشكل أفضل، وعلى ورق جيد؛ إذ يتراوح كتاب السحر الواحد من 7 جنيهات إلى 15 جنيهًا (من دولار إلى دولارين)، في حين أن كتب العلاج بالقرآن تبدأ من جنيه إلى 7 جنيهات (أقل من دولار) في طباعة جيدة قد تستخدم أكثر من لون، وغلاف مصمم جيدًا ويحتوي على 4 ألوان.

          وفسر لي أحد البائعين ارتفاع سعر الكتاب بقوله: "السعر لا يحسب بعدد ورق الكتاب، وإنما بما يحتويه من علم، ويدرك الجميع قيمته"!
          وإجمالا فإن هذه النوعية من الكتب تتسم بالفقر الشديد من الناحية الطباعية، وإن كانت -على العكس من ذلك- تتمتع بدرجة عالية من المحسنات اللغوية ويكثر السجع كثيرًا في كتابتها.


          المضمون


          وباستثناء عدد محدود جدًّا من الكتب مثل "شمس المعارف الكبرى" و"منبع أصول الحكمة" يدل العنوان على مضمون الكتاب من أول وهلة؛ فتكثر كلمات السحر والجن والكلمات المرتبطة بها مثل "الخاتم السليماني".

          وجاءت عناوين الكتب كالتالي:
          "الجواهر اللماعة في استحضار ملوك الجن في الوقت والساعة"، و
          "السحر الأحمر"، و
          "اللؤلؤ والمرجان في تسخير ملوك الجان"، و
          "كتاب سحر الكهان في حضور الجان"، و
          "السر الجليل في خواص حسبنا الله ونعم الوكيل".. المسمى بـ"الجواهر المصونة واللآلي المكنونة". و
          "أبي معشر الفلكي الكبير في طوالع الرجال والنساء بالتمام والكمال"، ويليه "طالع الحدس"
          و"المندل والخاتم السليماني والعلم الروحاني". و
          "مفاتيح الكنوز في حل الطلاسم والرموز" و
          "سحر بارنوخ للحكيم أبو السحر السوداني".

          واقتصر تأليف هذا الكتب على دائرة معينة من المؤلفين كثرت كتبهم لدى الباعة، وهم: عبد الفتاح السيد الطوخي، رمضان محمد عبد اللطيف الجعفري الفلكي، محمد سامي محمد أحمد، ومن الكتاب القدامى في العصور الوسطى تقابلنا أسماء أحمد بن علي البوني المتوفى 622هـ، الشيخ أبو المواهب الحلوجي الحنفي، الشيخ على أبو حي الله المرزوقي، الإمام عبد الحق بن سبعين، وتم التعريف بالمؤلفين القدامى على أنهم "الإمام" والشيخ" و"الحكيم الشهير".

          في حين قدم المؤلفون المعاصرون أنفسهم بألقاب "الأستاذ" و"الأستاذ الكبير"، كما يخلع المؤلف على نفسه وظيفة "نائب رئيس الاتحاد العالمي للفلكيين والروحانيين بمصر" أو "مدير عام معهد الفتوح الفلكي"، "عضو الاتحاد العالمي للفلكيين الروحانيين.. المقر بباريس".

          فالرسالة التي يريد مؤلف كتب السحر أن يدركها القارئ أنه عالم وذو مقام ووظيفة مهمة هي السحر، وبالنسبة للقدماء منهم بأنه أهل فقه وورع؛ فهم أئمة ومشايخ.
          وتحتوي كتب السحر كعادة أي كتاب آخر على مقدمة وجسم الكتاب وخاتمة وفهرس، لكنها تختلف في التبويب؛ فغالبية الموضوعات تتسم بالقصر الشديد، وتحتوي الصفحة الواحدة أكثر من 3 موضوعات ليس بينها أي ارتباط.

          ويمكن تقديم أي موضوع على آخر أو حتى حذفه دون أن يوجد أي خلل في الكتاب؛ فلا توجد فصول، بل كلها موضوعات قصيرة متتالية، في حين أن هناك فئة ثانية قليلة من الكتب تتسم موضوعاتها بالترابط والبناء العضوي، مثل كتاب "الجواهر اللماعة في استحضار ملوك الجن في الوقت والساعة"؛ فكل جزء يرتبط بما قبله أو ما بعده ويترتب عليه، ويمتد الموضوع عبر الصفحات مثل موضوع "أسرار الأسماء" فيمتد عبر 8 صفحات يشرح فيها المؤلف ما يدعي أنه سر لكل اسم، وكيف يتعامل الساحر مع هذه الأسماء!
          في مقدمة الكتاب يعرف المؤلف بنفسه؛ فيذكر أحدهم "أنا الفقير بحركتي وسكوني، الذليل الحقير أحمد الشهير بالبوني، وفقني الله والمسلمين لما فيه رضاه".

          ويقدم مؤلف آخر نفسه قائلا: "اسمي عبد الفتاح السيد عبده الطوخي، وشهرتي "الطوخي الفلك" ابن... بن الحسن المثني بن الحسن السبط بن فاطمة الزهراء بنت محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم". ويصف آخر نفسه قائلا بأن الله "أفاض علي من أنوار رحمته قبول الإجابة، وكشف لي عن أسرار أبواب الإنابة".
          فكل واحد يزعم أنه له ما يميزه كالنسب للرسول صلى الله عليه وسلم أو الاطلاع على أمور غير متاحة لغيره.
          ويضمن المؤلف مقدمته دافعه للكتاب، ويحصره في أسباب عدة؛ أهمها طلب الخير للآخرين ومرضاة الله تعالى؛ فيقول أحدهم: "ألهمني الله سبحانه وتعالى أن أودع شيئا من هذه الأسرار والبركات في كتاب مختصر، ورجاء أن أنال دعوة صالحة من أخ في الله تعالى".
          من الوهلة الأولى يريد الساحر أن يرسل بإشارات محددة إلى قارئه تتلخص في أنه عارف بالله ومسلم ورع وتقي، يبدأ حديثه بالقرآن والصلاة والصيام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ويطلب من الله المغفرة والنجاح؛ فتكثر هذه الافتتاحيات في كتبهم: "الحمد لله رب العالمين حمدًا كثيرًا يوافي نعمه... إلخ"، و"الحمد لله قاهر الجبابرة والمتمردين وقاطع دابر الظالمين المعتدين.. والسلام على سيف الله المسلول سيدنا محمد أكرم نبي ورسول".

          فمؤلفو كتب السحر لا يتعرضون إطلاقًا إلى تحريم الإسلام لعملهم، ولا يذكرون أنه حتى مجرد عمل مباح، وإنما يكتبون بشكل يوحي أن سحرهم مباح بل ومرغوب للخاصة الذين أنعم الله عليهم، وتخلو الكتب غالبا من الدخول في الجدل حول حقيقة السحر وما يثيره خصومه من انتقادات للسحرة؛ فالكتب لا تتيح -غالبا- أي مجال للنقاش؛ فكل ما يقوله المؤلف مسلم به وصحيح، ويجب على الطالب أن ينصت لأستاذه، وينفذ تعليماته بالحرف، ويؤكد أن تعاويذه تؤتي ثمارها في الحال.
          ورغم الثقة الزائدة التي يتحدث بها مؤلفو كتب السحر عن نتائج أعمالهم؛ فإنهم لا يوضحون مصدر علمهم، وتخلو جميعها من أي توثيق. وقد يرد عرضًا في حديثهم إجمالا أن بعض المحققين أو العلماء قرر كذا وكذا، ولكن دون ذكر لهم. والغريب أنها قد تنسب بعض الآراء وأحيانا تنسب هذه الكتب إلى أعلام الأئمة والفقهاء والمحققين، وهم أبعد الناس عن هذا المجال مثل أبي حامد الغزالي وأبي الحسن الشاذلي وجلال الدين السيوطي.
          وتستخدم كتب السحر طلاسم كثيرة تتنوع من كتاب لآخر في الغرض الواحد، وبعض هذه الطلاسم أرقام في أعمدة تسمى "الوفق"؛ فإذا جُمعت أعداد أي عمود كانت مساوية لمجموع أعداد العمود الآخر، وبعض الطلاسم حروف وبعضها دوائر.
          ويرجع ذلك إلى زعم بعض السحر أن للحروف والكلمات والآيات القرآنية أسرارا، وأنها إذا استُخدمت بشكل معين حققت المطلوب. وقد ترد في طلاسمها كلمات غير مفهومة، أو يأتي الطلسم على شكل رسم أو كتابات وأشكال منطقية غير مفهومة.
          الموضوعات

          تكاد كتب السحر تتناول كل أمور حياتنا؛ فهي لا تتوقف عند حد عالم الجن والعفاريت، بل تتعداه إلى شفاء أمراض الكبد والقلب.. وجلب عريس للفتيات وإيقاع المحبة.. وتحويل التراب إلى ذهب ومعرفة السارق أو اللص وهزيمة العدو وعقد ألسنة الحكام! حتى يُهيَّأ لمن يقرؤها أن علوم الفلك والطب والهندسة والفيزياء والرياضيات... إلخ اجتمعت عند مؤلف الكتاب!
          فإذا أردت شيئا من هذا فما عليك سوى أن تحضر المطلوب، وتنفذ الخطوات، وتقرأ التعزيمة؛ وساعتها "يحصل المراد، والله أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب" كما يقول المؤلف!





          الـ SHARKـاوي
          إستراتيجيتي في تجاهل السفهاء:
          ذبحهم بالتهميش، وإلغاء وجودهم المزعج على هذا الكوكب، بعدوى الأفكار،
          فالأفكار قبل الأشخاص، لأن الأفكار لها أجنحة، فأصيبهم بعدواها الجميلة. وهذا الواقع المظلم الذي نعيش سيتغير بالأفكار،
          فنحن في عصر التنوير والإعصار المعرفي، ولا بد للمريض أن يصح، ولا بد للجاهل أن يتعلم، ولا بد لمن لا يتغير، أن يجبره الواقع على التغير،
          ولا بد لمن تحكمه الأموات، الغائب عن الوعي، أن يستيقظ من نومة أهل الكهف أو يبقى نائما دون أثر، لا يحكم الأحياء!

          تعليق


          • #6
            رد: "مثقفات" في حضرة عفركوش وسلطان الجن الأحمر !

            اليأس والاحباط ( مع قلة الايمان ) يدفع المرء لقرع ابواب الدجالين وخاصه لو كانت امراة ..
            طبيبة او فلاحة لايهم .. المهم انها كانت يائسة وضعيفة ايمان عندما ذهبت
            وإن لله وإن اليه راجعون
            لابد من التوعية الدينية خاصه في اوساط النساء
            لا اله إلا الله ، محمد رسول الله

            حكمة هذا اليوم والذي بعده :
            قل خيرًا او اصمت



            تعليق


            • #7
              رد: "مثقفات" في حضرة عفركوش وسلطان الجن الأحمر !

              جزاك الله خيراً.

              sigpic


              يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وعلم الإسناد والرواية مما خص الله به أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وجعله سلمًا إلى الدراية، فأهل الكتاب لا إسناد لهم يأثرون به المنقولات، وهكذا المبتدعون من هذه الأمة"...

              تعليق

              مواضيع ذات صلة

              تقليص

              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
              ابتدأ بواسطة د تيماء, منذ أسبوع واحد
              ردود 0
              14 مشاهدات
              0 معجبون
              آخر مشاركة د تيماء
              بواسطة د تيماء
               
              ابتدأ بواسطة د تيماء, 12 فبر, 2024, 07:30 م
              ردود 0
              17 مشاهدات
              0 معجبون
              آخر مشاركة د تيماء
              بواسطة د تيماء
               
              ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 24 ينا, 2024, 12:01 ص
              ردود 0
              6 مشاهدات
              0 معجبون
              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
              بواسطة *اسلامي عزي*
               
              ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 24 ينا, 2024, 12:00 ص
              ردود 0
              2 مشاهدات
              0 معجبون
              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
              بواسطة *اسلامي عزي*
               
              ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 12 سبت, 2023, 02:05 ص
              ردود 0
              9 مشاهدات
              0 معجبون
              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
              بواسطة *اسلامي عزي*
               
              يعمل...
              X