شفاعة النبي ، صلى الله عليه و سلم ، في امته يوم القيامة

تقليص

عن الكاتب

تقليص

وليد المسلم مسلم اكتشف المزيد حول وليد المسلم
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • شفاعة النبي ، صلى الله عليه و سلم ، في امته يوم القيامة

    ابن مريم
    يؤمن النصارى أنه ليس هناك من شفيع للخلق يوم القيامة إلا المسيح  الذي يعتقدون أيضا أنه سوف يكون آنذاك ديّان الأمم ؛ أي المنوط له بمحاكمتهم و محاسبتهم على آثامهم . و لكي يكونوا جديرين بهذه الشفاعة فيجب عليهم أولا و أخيرا الإيمان به ربا متألِّما من أجلهم ، و مخلِّصا إياهم من خطاياهم ، في حين لا يعترف أغلب النصارى بأهمية الأعمال الصالحة و يراها البعض كالأثقال التي تنوء بحاملها ، و في ذلك يقول مارتن لوثر : ( إن الإنجيل لا يطلب منا الأعمال لأجل تبريرنا، بل بعكس ذلك ، إنه يرفض أعمالنا ... إنه لكي تظهر فينا قوة التبرير يلزم أن تعظم آثامنا جداً، وأن تكثر عددها ) . ويقول مفسرا يوحنا 3/16: ( أما أنا فأقول لكم إذا كان الطريق المؤدي إلى السماء ضيقاً وجب على من رام الدخول فيه أن يكون نحيلاً رقيقاً ... فإذا ما سرت فيه حاملاً أعدالاً مملوءة أعمالاً صالحة، فدونك أن تلقيها عنك قبل دخولك فيه، وإلا لامتنع عليك الدخول بالباب الضيق .. إن الذين نراهم حاملين الأعمال الصالحة هم أشبه بالسلاحف، فإنهم أجانب عن الكتاب المقدس. وأصحاب القديس يعقوب الرسول ، فمثل هؤلاء لا يدخلون أبداً ) .
    و لا نناقش مدى صحة هذا الكلام فليس هذا هو موضوعنا و لكن القصد من ذكره هو تبيان مجمل أفكار النصارى لنتساءل كيف استدل بعض كتّابهم و مفكريهم عليها من صريح القرآن الكريم ؟

    o مفهوم الشفاعة في القرآن الكريم :
    لا يختلف أهل السنة و الجماعة في حقيقة الشفاعة يوم القيامة ، فيقـول الله  :  .. مَن ذَا الّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاّ بِإِذْنِهِ ..  ، و أيضا :  يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ ارْتَضَىَ وَهُمْ مّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ  ، و أيضا :  لاّ يَمْلِكُونَ الشّفَاعَةَ إِلاّ مَنِ اتّخَذَ عِندَ الرّحْمَـَنِ عَهْداً  ، و أيضا :  يَوْمَئِذٍ لاّ تَنفَعُ الشّفَاعَةُ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرّحْمَـَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً  ، و كذلك قوله تعالى :  وَلاَ تَنفَعُ الشّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ..  ، و أيضا :  وَلاَ يَمْلِكُ الّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشّفَاعَةَ إِلاّ مَن شَهِدَ بِالْحَقّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ  ، فهذه الآيات الكريمة كلها تؤكد وجود الشفاعة عند الله  يوم القيامة و لكنها مشروطه بإرادته  لمن سيأذن له في أن يشفع .
    و يحاول منكرو الشفاعة أن يخرجوا بما يعضد مقولتهم من القرآن الكريم فيذكرون :  وَاتّقُواْ يَوْماً لاّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ  فهذا نقد ظاهر لوجود الشفاعة ، و أيضا :  وَأَنذِرْ بِهِ الّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوَاْ إِلَىَ رَبّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مّن دُونِهِ وَلِيّ وَلاَ شَفِيعٌ لّعَلّهُمْ يَتّقُونَ  و غيره كثير . و حقيقة الأمر إن هؤلاء المنكرين لا يفهمون حقيقة تلك النصوص الكريمة ؛ فقد كان المشركين فيما مضي يعبدون الأصنام التي صنعوها بأيديهم و التي يعتقدون أنها سوف تقربهم من الله زلفي و سوف تشفع لهم عنده ، فجاء القرآن مؤكدا لأنه لا شفاعة لتلك الأصنام التي لا تملك من أمر نفسها شيئا و في ذلك يقول الله  :  وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـَؤُلآءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىَ عَمّا يُشْرِكُونَ  ، و أيضا :  أَمِ اتّخَذُواْ مِن دُونِ اللّهِ شُفَعَآءَ قُلْ أَوَلَوْ كَـانُواْ لاَ يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلاَ يَعْقِلُونَ  قُل لِلّهِ الشّفَاعَةُ جَمِيعاً لّهُ مُلْكُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ثُمّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ  و هذا هو القول الفصل ؛ إذ أن تلك الأيات و غيرها تتكلم عن تلك الأصنام التي اتخذها المشركين شركاءا لله و أندادا و اعتقدوا أنها سوف تشفع لهم عنده في حين أنها سوف تتبرأ منهم يوم القيامة و مما كانوا يعملون :  وَلَمْ يَكُن لّهُمْ مّن شُرَكَآئِهِمْ شُفَعَاءُ وَكَانُواْ بِشُرَكَآئِهِمْ كَافِرِينَ  . و ليس في هذا ما يوضح النفي المطلق لمفهوم الشفاعة ، و بالتالي إذا فهمنا هذه الآيات الكريمة إلى جوار التي ذكرناها سابقا تتضح لنا الخطوط العريضة في مفهوم الشفاعة و نلخصها كالتالي :
    - لا تُقبل شفاعة مَن اتخذ لله أندادا ، بل لا توجد لهم شفاعة على الإطلاق ، و يوم القيامة يتبرأ منهم أمام الله ما اتخذوه من دونه أندادا .
    - الشفاعة حق يمنحه الله  يوم القيامة لمن يشاء و من يرتضي له قولاً و من شهِد بالحق .

    o شفاعة النبي  :
    يقول الله  مخاطبا نبيه  :  أَقِمِ الصّلاَةَ لِدُلُوكِ الشّمْسِ إِلَىَ غَسَقِ الْلّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً  وَمِنَ الْلّيْلِ فَتَهَجّدْ بِهِ نَافِلَةً لّكَ عَسَىَ أَن يَبْعَثَكَ رَبّكَ مَقَاماً مّحْمُوداً  ، و لا يختلف المفسرون في أن هذا المقام المحمود هو الشفاعة يوم الدين ، و في الحديث الشريف عن جابرِ بن عبدِ اللّهِ: أنَّ رسولَ اللهِ  قال: «من قال حِينَ يَسمعُ النِّداءَ: اللهمَّ ربَّ هٰذه الدعوةِ التامَّة والصَّلاةِ القائمةِ آتِ محمداً الوسيلةَ والفضيلةَ، وابعثْه مَقاماً محموداً الذي وَعدْتَه، حلَّتْ لهَ شَفاعَتِي يومَ القيامة» . و أيضا عن مالكٌ عن أبي الزنادِ عن الأعرج عن أبي هريرةَ أنَّ رسول الله  قال: « لكل نَـبيّ دعوةٌ مستجابة يَدعو بها، وأُريدُ أن أختبِىَء دعوتي شفاعةً لأمتي في الآخرة » . و هذا تأكيد لشفاعة النبي  من القرآن و السنّة الصحيحة و المؤكدة و السؤال هنا : فيم تكون شفاعة النبي  يوم القيامة ؟ و نفهم في الأحاديث الشريفة الواردة عن رواه ثقات و الثابتة في كتب الحديث الصحيحة أن له  شفاعة أن يستأذن ربه  أن يبدأ حساب الخلائق يوم القيامة كما نقرأه في الحديث التالى :
    عن أبي هريرةَ  قال: قال رسول الله  : « أنا سيّدُ الناس يومَ القيامة، وهل تدرونَ ممَّ ذلك ؟ يُجمَعُ الناسُ ، الأولين والآخِرين ، في صَعِيدٍ واحدٍ، يُسمعهمُ الداعي، ويَنفذُهُمُ البصر، وتدنو الشمسُ فيبلُغُ الناسَ من الغمِّ والكَرَبِ ما لا يُطيقون ولا يَحتمِلون. فيقولُ الناس: ألا تَرَونَ ما قَد بَلَغَكم؟ ألا تنظرون من يَشفعُ لكم إلى ربكم؟ فيقولُ بعضُ الناس لبعض: عليكم بآدمَ، فيأتون آدمَ عليهِ السلام فيقولون له: أنتَ أبو البشر، خَلَقَكَ اللَّهُ بيدِهِ، ونفخ فيكَ من رُوحِهِ، وأمرَ الملائكةَ فسجدوا لك، اشْفع لنا إلى ربك، ألا تَرَى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترَى إلى ما قد بَلَغنا؟ فيقول آدم: إن ربي قد غضبَ اليوم غضباً لم يَغضَبْ قبلَه مثله، ولن يَغضبَ بعدَهُ مثلَه، وإنهُ نهاني عن الشجرة فَعَصَيتُه، نفسي نفسي نفسي، اذهَبوا إلى غيري، اذهَبوا إلى نوح. فيأتونَ نوحاً فيقولون. يا نوح، إنك أنتَ أَوَّل الرُّسل إلى أهل الأرض، وقد سماك اللَّهُ عبداً شَكوراً، اشفع لنا إلى ربك، ألا تَرَى إلى ما نحن فيه؟ فيقول: إن ربي عزَّ وجل قد غضبَ اليومَ غضباً لم يَغضَب قبلَه مثله ولن يغضب بعده مثله. وإنه قد كانت لي دَعوةٌ دَعَوتُها على قومي، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى. فيأتونَ إبراهيمَ فيقولون: يا موسى، أنت نبيُّ الله فضلك برسالته و بكلامه ، اشفعْ لنا إلى ربك، ألا تَرَى إلى ما نحنُ فيه؟ فيقول لهم: إنَّ ربي قد غضبَ اليومَ غضباً لم يَغضب قبله مثله، ولن يَغضبَ بعده مثله وإني قد قَتلتُ نفساً لم أُومر بقتلها، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى عيسى. فيأتون عيسى فيقولون: يا عيسى، أنتَ رسولُ الله وكلمتُهُ ألقاها إلى مريم، وروحٌ منه، وكلمتَ الناسَ في المهد صبياً، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فيقول عيسى: إن ربي قد غضبَ اليوم غضباً لم يَغضب قبلهُ مثله ولن يَغضبَ بعدَهُ مثله ـ ولم يذكر ذَنباً ـ نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمد  . فيأتون محمداً  فيقولون: يا محمد، أنت رسولُ الله ، وخاتمُ الأنبياء ، وقد غفرَ الله لك ما تقدَّمَ من ذنبك وما تأخر، اشفعْ لنا إلى ربك، ألا تَرَى إلى ما نحنُ فيه؟ فأنطِلقُ، فآتي تحتَ العرش فأقَعُ ساجِداً لربي  ، ثمَّ يَفتح اللَّهُ عليَّ من مَحامِدِه وحُسنِ الثناءِ عليهِ شيئاً لم يَفتحْهُ على أحدٍ قبلي. ثم يُقال: يا محمد، ارفَعْ رأسك، سَلْ تُعطَهْ، واشفعْ تُشَفع. فأرفعُ رأسي فأقول: أمَّتي يا ربّ، أُمتي يا رب. فيُقال: يا محمد، أدخِلْ من أُمتكَ مَن لا حِسابَ عليهم من الباب الأيمن من أيوابِ الجنة، وهم شركاءُ الناس فيما سوَى ذلك منَ الأبواب. ثم قال: والذي نفسي بيدِهِ إنَّ ما بينَ المصراعَين من مصاريع الجنة كما بينَ مَكةَ وحِمْيَر، أو كما بين مكةَ وبُصَرى» .
    و الواضح من ذلك الحديث الصحيح الذي يوضح أن بالإضافة إلى شفاعة استئذان الله  في بدء الحساب ، فإن النبي  أيضا له الشفاعة العظمى أي يشفع فيمن استحق شفاعته في أمته و أي مَن شهِد ألاّ إله إلا الله و أن محمدا عبده و رسوله خالصةً من قلبه ، و أقام الصلاة ، و أتى زكاة ماله ، و صام رمضان ، و حج البيت إن استطاع إليه سبيلا و اجتنب نواهي ربه و معاصيه و حُبِّب الخير إلى قلبه ، و لكن ناءَت به نفسه إلى بعض الخطايا بفعل بشريته فتكون شفاعة النبي إلى الله  في التجاوز عن تلك الخطايا و يُدخِله الجنة إن شاء الله . أما تارك الصلاة ، أو مانع الزكاة ، أو منكر السنَّة أو فاعل الكبائر المجتريء على الله تبارك تعالى فهل له شفاعة و هو لم يعمل عملا ليكون جدير بها ؟.. اللهم لا ، بل لا أتصور أن يتجرأ النبي  في الشفاعة فيهم ، و قد رفض مِن قبْل شفاعة أسامة بن زيد  في المرأة المخزومية التي سرقت في عام الفتح ، فهل يُعقل أن يشفع  عند الله في تاركي شريعته و منهاجه ؟ و هو تعالى أعلى و أعلم .
    كذلك يشفع  في فتح باب الجنة فيكون أول من يفتح أبوابها أمام الخلق يوم القيامة فيدخلها عباد الله المكرَّمين الذين استحقوا شفاعته العظمى فهو  بحق سيد ولد أدم أبد الدهر ، و هو  أول من ينشق عنه القبر ، و هو  أول شفيع يوم الحشر ... صلوات ربي و سلامه عليك سيدي يا رسول الله ، اللهم نوِّلنا جميعا شفاعته العظمى يوم يهرب منها الجميع و يقولون : نفسي نفسي ! ، فيقول : أنا لها أنا لها ! .. اللهم آمين .
    كذلك يشفع النبي  في أقاربه و لا سيما عمّه أبا طالب بن عبد المطلب الذي تولى رعايته و حمايته من مشركي قريش طيلة حياته ، و الذي قال  له حين قُبِض : « سأستغفر لك ربي ما لم أنه عن ذلك » فنزل قول الله تعالى :  مَا كَانَ لِلنّبِيّ وَالّذِينَ آمَنُوَاْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوَاْ أُوْلِي قُرْبَىَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيّنَ لَهُمْ أَنّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ  ، و لذلك سيشفع فيه أن يخفف عنه العذاب يوم القيامة بأن يكون في ضحضاح من النار بدلا من أن يكون في الدرك الأسفل . أيضا و في الحديث الشريف عن أبي هُرَيْرَةَ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ  حِينَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ:  وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِين  (الشعراء: 214) «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ الله. لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ الله شَيْئَاً. يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ الله شَيْئاً. يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لاَ أُغْنِي عَنْكَ مِنَ الله شَيْئاً. يَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللّهِ لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللّهِ شَيْئاً. يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ رَسُولِ اللّهِ سَلِينِي بِمَا شِئْتِ مِنْ مَالِي أُعْطِيكِ . و لَكنْ لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ الله شَيْئاً» ، و هذا لا ينفي شفاعة النبي  لهم يوم القيامة و لا يقلل من فعاليتها ، و لكنه  يستحثّهم و المؤمنين كافةً لكي يكونوا جديرين بشفاعته أمام الله ؛ فلا يتّكلون عليها . و لذا يقول أبو بكر الصديق  : ( و الله لإن كانت إحدى قدميَّ في الجنة و الأخرى خارجها لا آمن مكر ربي ) رغم أنه ثاني اثنين إذ هما في الغار و خليل رسول الله  و أحد العشرة المبشرين بالجنة ، و لكنه لا يتَّكل على ذلك حتى يتغمده الله برحمته و هذا من حلاوة الإيمان و حلاوة القرب من الله  ، اللهم نوِّلنا حلاوة الإيمان بك و متِّعنا بفضل القرب منك يارب العالمين . اللهم آمين .

    o هل توجد شفاعة لغير النبي  ؟ :
    و قد لا يختلف المسلمون مع النصارى في مسألة شفاعة عيسى  لهم كنبي من أنبياء الله فيقول الله تعالى في كتابه عن لسان نبيه  :  إِن تُعَذّبْهُمْ فَإِنّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ  و هذه و لاشك شفاعة للذين اتبعوه منهم على دينه ، أما الذين أشركوا مع الله أحبارهم و رهبانهم ، و المسيح  و أمه ، و ألحدوا في أسماء الله بغير علمٍ ، و حرفوا كتبه ، و قتلوا أنبيائه ، و قالوا على الله غير الحق و هم يعلمون ؛ أولئك مالهم من دون الله من ولي و لا شفيع إلا من أتى الله منهم بقلب سليم ، و الله تعالى أعلى و أعلم .
    كذلك أنبياء الله يوم القيامة سيشفعون ، إن شاء الله ، فيمن اتبعوهم بإحسان ، و الملائكة أيضا تشفع في من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه كما قال الله  :  يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ ارْتَضَىَ وَهُمْ مّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ  ، و أيضا :  يَوْمَ يَقُومُ الرّوحُ وَالْمَلاَئِكَةُ صَفّاً لاّ يَتَكَلّمُونَ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرّحْمَـَنُ وَقَالَ صَوَاباً  ، و يشرح القرطبي فيقول : ( .. وروى الضحاك عن ابن عباس قال: يشفعون لمن قال لا إله إلا الله. وأصل الصواب. السداد من القول والفعل، ... وقيل: لا يتكلمون يعني الملائكة والروح الذين قاموا صفا، لا يتكلمون هيبة وإجلالا إلا من أذن له الرحمن في الشفاعة وهم قد قالوا صوابا، وأنهم يوحدون الله تعالى ويسبحونه ) اللهم بلغنا شفاعتهم جميعا .
    كذلك يقبل الله  ، بإذنه ، شفاعة الشهيد في سبعين من أهله لقوله  في الحديث الشريف عن الْوَلِيدُ بنُ رَبَاحٍ الذِمَّارِيُّ ، قال: دَخَلْنَا عَلَى أُمِّ الدَّرْدَاءِ وَنَحْنُ أيْتَامٌ فقالَتْ: أَبْشِرُوا فإنِّي سَمِعْتُ أبَا الدَّرْدَاءِ يقُولُ قال رَسُولُ الله : « يُشَفَّعُ الشَّهِيدُ في سَبْعِينَ مِنْ أهْلِ بَيْتِهِ » . و هذا من فضل منزلة الشهادة في سبيل الله و من النعيم الذي يعطى ذلك الذي جاد بنفسه في سبيله .
    كذلك الشفاعة المعنوية للأعمال أمام الله  كشفاعة القرآن و الصيام ، كما نقرأ في الحديث الشريف عن أبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ يَقُولُ: « اقْرَأوا الْقُرْآنَ. فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعاً لأَصْحَابِهِ.. » ، و يأتي شرح لكيفية هذه الشفاعة في الحديث التالي : عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله  قال: «الصِّيامُ والقُرآنُ يَشفعَانِ للعَبدِ يَومُ القيَامَةِ، يَقولُ الصِّيامُ : أَيْ رَبِّ مَنعْتَهُ الطَّعاَمَ والشَّهوَاتِ بالنَّهارِ فَشَفِّعْني فِيه، ويقولُ القُرآنُ : أَيْ رَبِّ مَنعْتُه النَّومَ بالْليلِ فَشَفِّعْني فيهِ، قَالَ: فَيُشَفَّعَان » .
    و هذا عن شفاعة الأعمال فماذا عن الجوارح ؟.. ؛ فيوم القيامة تشهد على المرء جوارحه في فعل الآثام و المعاصي ، و لكن في الخير فإنها تشهد له و تشفع فيه عند الخالق  بإذنه . اللهم و لا تحرمنا تلكُم الشفاعة . آمين .
    هذا عن ما يقرره القرآن الكريم و السنَّة الشريفة عن عقيدة أهل السنة و الجماعة بالنسبة لمسألة الشفاعة .. فأين هي مِن عقيدة النصارى كما أسلفنا ذكرها ، و التي يقول بعض الكتاب النصارى أن الإسلام يقرّ بصحتها ؟!!
    اللهم اهدنا جميعا لما اختلفنا فيه إلى الحق بإذنك ، إنك ولي ذلك و القادر عليه .
    و أخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ،،،

  • #2
    13. قال رسول اللّه - صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم - : «أنا سيد ولد آدم وأوّل شافع وأوّل مشفّع ولا فخر».(1)

    14. قال رسول اللّه - صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم - : «إنّي لاَرجو أن أشفع يوم القيامة عدد ما على الاَرض من شجرة ومدرة».(2)

    15. قال رسول اللّه - صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم - : «ليخرجن قوم من أُمّتي من النار بشفاعتي يسمون الجهنّميّين» .(3)

    16. قال رسول اللّه - صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم - : «خيّرت بين الشفاعة وبين أن يدخل نصف أُمّتي الجنة، فاخترت الشفاعة لاَنّها أعم وأكفى، أترونها للمتقين، لا، ولكنّها للمذنبين الخطّائين المتلوّثين» .(4)

    17. وحكى أبو ذر أنّ رسول اللّه - صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم - صلّى ليلة فقرأ بآية حتى أصبح يركع بها ويسجد بها: (إن تُعَذِّبْهُمْ فَإنّهُم عِبادُكَ وإن تَغْفِر لَهُمْ فَإنّكَ أنتَ العَزِيزُ الحَكِيم) (5)فلما أصبح قلت: يا رسول اللّه ما زلت تقرأ هذه الآية حتى أصبحت تركع بها وتسجد بها، قال: «إنّي سألت ربي عزّ وجلّ الشفاعة لاَُمّتي فأعطانيها، فهي نائلة إن شاء اللّه لمن لا يشرك باللّه عزّ وجلّ شيئاً ».(6)

    18. قال رسول اللّه - صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم - : «يشفع النبيون والملائكة والموَمنون فيقول الجبار: بقيت شفاعتي» .(7)
    13. قال رسول اللّه - صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم - : «أنا سيد ولد آدم وأوّل شافع وأوّل مشفّع ولا فخر».(1)

    14. قال رسول اللّه - صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم - : «إنّي لاَرجو أن أشفع يوم القيامة عدد ما على الاَرض من شجرة ومدرة».(2)

    15. قال رسول اللّه - صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم - : «ليخرجن قوم من أُمّتي من النار بشفاعتي يسمون الجهنّميّين» .(3)

    16. قال رسول اللّه - صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم - : «خيّرت بين الشفاعة وبين أن يدخل نصف أُمّتي الجنة، فاخترت الشفاعة لاَنّها أعم وأكفى، أترونها للمتقين، لا، ولكنّها للمذنبين الخطّائين المتلوّثين» .(4)

    17. وحكى أبو ذر أنّ رسول اللّه - صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم - صلّى ليلة فقرأ بآية حتى أصبح يركع بها ويسجد بها: (إن تُعَذِّبْهُمْ فَإنّهُم عِبادُكَ وإن تَغْفِر لَهُمْ فَإنّكَ أنتَ العَزِيزُ الحَكِيم) (5)فلما أصبح قلت: يا رسول اللّه ما زلت تقرأ هذه الآية حتى أصبحت تركع بها وتسجد بها، قال: «إنّي سألت ربي عزّ وجلّ الشفاعة لاَُمّتي فأعطانيها، فهي نائلة إن شاء اللّه لمن لا يشرك باللّه عزّ وجلّ شيئاً ».(6)

    18. قال رسول اللّه - صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم - : «يشفع النبيون والملائكة والموَمنون فيقول الجبار: بقيت شفاعتي» .(7)
    13. قال رسول اللّه - صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم - : «أنا سيد ولد آدم وأوّل شافع وأوّل مشفّع ولا فخر».(1)

    14. قال رسول اللّه - صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم - : «إنّي لاَرجو أن أشفع يوم القيامة عدد ما على الاَرض من شجرة ومدرة».(2)

    15. قال رسول اللّه - صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم - : «ليخرجن قوم من أُمّتي من النار بشفاعتي يسمون الجهنّميّين» .(3)

    16. قال رسول اللّه - صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم - : «خيّرت بين الشفاعة وبين أن يدخل نصف أُمّتي الجنة، فاخترت الشفاعة لاَنّها أعم وأكفى، أترونها للمتقين، لا، ولكنّها للمذنبين الخطّائين المتلوّثين» .(4)

    17. وحكى أبو ذر أنّ رسول اللّه - صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم - صلّى ليلة فقرأ بآية حتى أصبح يركع بها ويسجد بها: (إن تُعَذِّبْهُمْ فَإنّهُم عِبادُكَ وإن تَغْفِر لَهُمْ فَإنّكَ أنتَ العَزِيزُ الحَكِيم) (5)فلما أصبح قلت: يا رسول اللّه ما زلت تقرأ هذه الآية حتى أصبحت تركع بها وتسجد بها، قال: «إنّي سألت ربي عزّ وجلّ الشفاعة لاَُمّتي فأعطانيها، فهي نائلة إن شاء اللّه لمن لا يشرك باللّه عزّ وجلّ شيئاً ».(6)

    18. قال رسول اللّه - صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم - : «يشفع النبيون والملائكة والموَمنون فيقول الجبار: بقيت شفاعتي» .(7)
    13. قال رسول اللّه - صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم - : «أنا سيد ولد آدم وأوّل شافع وأوّل مشفّع ولا فخر».(1)

    14. قال رسول اللّه - صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم - : «إنّي لاَرجو أن أشفع يوم القيامة عدد ما على الاَرض من شجرة ومدرة».(2)

    15. قال رسول اللّه - صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم - : «ليخرجن قوم من أُمّتي من النار بشفاعتي يسمون الجهنّميّين» .(3)

    16. قال رسول اللّه - صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم - : «خيّرت بين الشفاعة وبين أن يدخل نصف أُمّتي الجنة، فاخترت الشفاعة لاَنّها أعم وأكفى، أترونها للمتقين، لا، ولكنّها للمذنبين الخطّائين المتلوّثين» .(4)

    17. وحكى أبو ذر أنّ رسول اللّه - صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم - صلّى ليلة فقرأ بآية حتى أصبح يركع بها ويسجد بها: (إن تُعَذِّبْهُمْ فَإنّهُم عِبادُكَ وإن تَغْفِر لَهُمْ فَإنّكَ أنتَ العَزِيزُ الحَكِيم) (5)فلما أصبح قلت: يا رسول اللّه ما زلت تقرأ هذه الآية حتى أصبحت تركع بها وتسجد بها، قال: «إنّي سألت ربي عزّ وجلّ الشفاعة لاَُمّتي فأعطانيها، فهي نائلة إن شاء اللّه لمن لا يشرك باللّه عزّ وجلّ شيئاً ».(6)

    18. قال رسول اللّه - صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم - : «يشفع النبيون والملائكة والموَمنون فيقول الجبار: بقيت شفاعتي» .(7)
    13. قال رسول اللّه - صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم - : «أنا سيد ولد آدم وأوّل شافع وأوّل مشفّع ولا فخر».(1)

    14. قال رسول اللّه - صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم - : «إنّي لاَرجو أن أشفع يوم القيامة عدد ما على الاَرض من شجرة ومدرة».(2)

    15. قال رسول اللّه - صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم - : «ليخرجن قوم من أُمّتي من النار بشفاعتي يسمون الجهنّميّين» .(3)

    16. قال رسول اللّه - صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم - : «خيّرت بين الشفاعة وبين أن يدخل نصف أُمّتي الجنة، فاخترت الشفاعة لاَنّها أعم وأكفى، أترونها للمتقين، لا، ولكنّها للمذنبين الخطّائين المتلوّثين» .(4)

    17. وحكى أبو ذر أنّ رسول اللّه - صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم - صلّى ليلة فقرأ بآية حتى أصبح يركع بها ويسجد بها: (إن تُعَذِّبْهُمْ فَإنّهُم عِبادُكَ وإن تَغْفِر لَهُمْ فَإنّكَ أنتَ العَزِيزُ الحَكِيم) (5)فلما أصبح قلت: يا رسول اللّه ما زلت تقرأ هذه الآية حتى أصبحت تركع بها وتسجد بها، قال: «إنّي سألت ربي عزّ وجلّ الشفاعة لاَُمّتي فأعطانيها، فهي نائلة إن شاء اللّه لمن لا يشرك باللّه عزّ وجلّ شيئاً ».(6)

    18. قال رسول اللّه - صلَّى اللّه عليه و آله و سلَّم - : «يشفع النبيون والملائكة والموَمنون فيقول الجبار: بقيت شفاعتي» .(7)

    تعليق


    • #3
      الهم تقبل منا ومن يريد نصرتك ونصرة نبيك صل الله عليه وسلم

      تعليق


      • #4
        أحاديث الشفاعة

        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
        بسم الله الرحمن الرحيم
        أحاديث الشفاعة
        وقد جاءت أحاديث كثيرة تصف الشفاعة العظمى ، وسنكتفي بإيراد ما جمعه ابن الأثير منها في جامع الأصول (5) .

        1- روى البخاري ومسلم في صحيحهما عن معبد بن هلال العنزي قال : " انطلقنا إلى أن بن مالك ، وتشفَّعنا بثابتٍ ، فانتهينا إليه وهو يصلي الضحى ، فاستأذن لنا ثابت ، فدخلنا عليه ، وأجلس ثابتاً معه على سريره فقال له : يا أبا حمزة ، إن إخوانك من أهل البصرة يسألونك أن تُحدِّثهم حديث الشفاعة .

        فقال : حدثنا محمد صلى الله عليه وسلم قال : " إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم إلى بعض ، فيأتون آدم ، فيقولون : اشفع لذريتك ، فيقول : لست لها ، ولكن عليكم بإبراهيم ، فإنه خليل الله ، فيأتون إبراهيم ، فيقول : لست لها ، ولكن عليكم بموسى ، فإنه كليم الله ، فيؤتى موسى ، فيقول : لست لها ، ولكن عليكم بعيسى ، فإنه رُوح الله وكلمته ، فيؤتى عيسى ، فيقول : لست لها ، ولكن عليكم بمحمد .

        فأوتى فأقول : أنا لها ، ثم أنطلق فاستأذن على ربي ، فيؤذن لي ، فأقوم بين يديه ، فأحمده بمحامد لا أقدر عليها إلا أن يلهمنيها ، ثم أخر لربنا ساجداً ، فيقول : يا محمد ، ارفع رأسك ، وقل يسمع لك ، وسل تعطه ، واشفع تشفَّع ، فأقول : يا رب ، أمتي أمتي، فيقول : انطلق فمن كان في قلبه حبة من برةٍ أو شعيرةٍ من إيمانٍ فأخرجه منها ، فأنطلق فأفعل .

        ثم أرجع إلى ربي فأحمده بتلك المحامد ، ثم أخرُّ له ساجداً ، فيقال لي : يا محمد ، ارفع رأسك ، وقل يسمع لك ، وسل تعطه ، واشفع تشفَّع ، فأقول : يا رب أمتي أمتي ، فيقال لي : انطلق ، فمن كان في قلبه مثقال حبة من خردلٍ من إيمان فأخرجه منها ، فأنطلق فأفعل .

        ثم أعود إلى ربي أحمده بتلك المحامد ، ثم أخر له ساجداً ، فيقال لي : يا محمد ، ارفع رأسك ، وقل يسمع لك ، وسل تعطه ، واشفع تشفع ، فأقول : يا رب ، أمتي أمتي ، فيقال لي : انطلق ، فمن كان في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجه من النار فأنطلق فأفعل " .

        هذا حديث أنس الذي أنبأنا به ، فخرجنا من عنده ، فلما كنا بظهر الجبَّان (6) ، قلنا : لو مِلنا إلى الحسن فسلَّمنا عليه وهو مستخفٍ في دار أبي خليفة ؟ قال : فدخلنا عليه ، فسلمنا عليه ، قلنا : يا أبا سعيد ، جئنا من عند أخيك أبي حمزة ، فلم نسمع بمثل حديثٍ حدثناه في الشفاعة ، قال : هيه ، فحدَّثناه الحديث ، فقال: هيه ، قلنا : ما زادنا ؟ قال : قد حدثنا به منذ عشرين سنة ، وهو يومئذ جميع (7) ، ولقد ترك شيئاً ما أدري : أنسي الشيخ ، أم كره أن يحدثكم فتتكلوا ؟ قلنا له : حدثنا ، فضحك ، وقال : خلق الإنسان من عجل ، ما ذكرت لكم هذا إلا وأنا أريد أن أحدثكموه .

        قال : " ثم أرجع إلى ربي في الرابعة فأحمده بتلك المحامد ، ثم أخر له ساجداً ، فيقال لي : يا محمد ، ارفع رأسك ، وقل يسمع لك ، وسل تعطه ، واشفع تشفع ، فأقول : يا رب ائذن لي فيمن قال : لا إله إلا الله ، قال : فليس ذلك لك ، أو قال : ليس ذلك إليك، ولكن وعزتي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال : لا إله إلا الله " ، قال فأشهد على الحسن أنه حدثنا به أنه سمع أنس بن مالك – أُراه قال : قبل عشرين سنة – وهو يومئذ جميع .

        وفي رواية قتادة عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يجمع الله الناس يوم القيامة ، فيهتمون لذلك – وفي رواية : فيلهمون لذلك – فيقولون : لو استشفعنا إلى ربنا ، حتى يريحنا من مكاننا هذا ؟ قال : فيأتون آدم ، فيقولون : أنت آدم أبو الخلق ، خلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحه ، وأمر الملائكة فسجدوا لك ، اشفع لنا عند ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا ، فيقول : لست هناكم ، فيذكر خطيئته التي أصاب ، فيستحي ربَّه منها ، ولكن ائتوا نوحاً أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض .

        قال : فيأتون نوحاً ، فيقول : لست هناكم ، فيذكر خطيئته التي أصاب ، فيستحي ربَّه منها ، ولكن ائتوا إبراهيم الذي اتخذه الله خليلاً ، فيأتون إبراهيم ، فيقول : لست هناكم ، وذكر خطيئته التي أصاب ، فيستحي ربَّه منها ، ولكن ائتوا موسى الذي كلمه الله وأعطاه التوراة .

        قال : فيأتون موسى ، فيقول : لست هناكم ، ويذكر خطيئته التي أصاب ، فيستحي ربَّه منها ، ولكن ائتوا عيسى روح الله وكلمته ، فيأتون عيسى روح الله وكلمته، فيقول : لست هناكم ، ولكن ائتوا محمداً ، عبداً غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.

        قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فيأتونني ، فاستأذن على ربي ، فيؤذن لي، فإذا أنا رأيته وقعت ساجداً فيدعني ما شاء الله ، فيقال : يا محمد ، ارفع ، قل يسمع ، سل تعطه ، اشفع تشفع ، فأرفع رأسي ، فأحمد ربي بتحميد يعلمنيه ربي ، ثم أشفع ، فيُحدّ لي حداً ، فأخرجهم من النار ، وأدخلهم الجنة ، ثم أعود فأقع ساجداً ، فيدعني ما شاء الله أن يدعني ، ثم يقال لي : ارفع يا محمد ، قل يسمع ، سل تعطه ، اشفع تشفع ، فأرفع رأسي ، فأحمد ربي بتحميد يعلمنيه ، ثم أشفع ، فيحد لي حداً ، فأخرجهم من النار، وأدخلهم الجنة .

        قال : فلا أدري في الثالثة أو في الرابعة فأقول : يا رب ، ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن ، أو وجب عليه الخلود " أخرجه البخاري ومسلم .

        وأخرجه البخاري تعليقاً : عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يحبس المؤمن يوم القيامة . وذكر نحوه ، وفي آخره : ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن – أي أوجب عليه الخلود – ثم تلا هذه الآية : ( عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا )[ الإسراء : 79 ] ، قال : وهذا المقام المحمود الذي وعده نبيكم صلى الله عليه وسلم " .

        زاد في رواية : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " يخرج من النار من قال : لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة ، ثم يخرج من النار من قال : لا إله إلا الله ، وكان في قلبه من الخير ما يزن برَّة ، ثم يخرج من النار من قال : لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن ذرة " .

        قال يزيد بن زُريع : فلقيت شعبة ، فحدثته بالحديث ، فقال شعبة : حدثنا به قتادة عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم بالحديث ، إلا أن شعبة جعل مكان (( ذُرَةً )) . قال يزيد : صحف فيها أبو بسطام ، كذا في كتاب مسلم من رواية يزيد عن شعبة . قال البخاري : وقال أبان عن قتادة بنحوه . وفيه (( من إيمان )) مكان (( خير )) زاد في رواية : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال – في حديث سؤال المؤمنين الشفاعة – " فيأتوني فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه " وللبخاري طرف منه عن حميد عن أنس قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " إذا كان يوم القيامة شفعت ، فقلت: يا ربِّ أدخل الجنة من كان في قلبه خردلة ، فيدخلون ، ثم أقول : أدخل الجنة من كان في قلبه أدنى شيء . قال أنس : كأني أنظر إلى أصابع النبي صلى الله عليه وسلم " (8) .

        2- وروى البخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في دعوة ، فرفع إليه الذراع – وكانت تعجبه – فنهس منها نهسة (9) ، وقال : أنا سيد الناس يوم القيامة ، هل تدرون : مم ذاك ؟ يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد ، فيبصرهم الناظر ، ويسمعهم الداعي ، وتدنو منهم الشمس ، فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون ، فيقول الناس : ألا ترون إلى ما أنتم فيه ، إلى ما بلغكم ، ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم ؟ فيقول بعض الناس لبعض : أبوكم آدم .

        فيأتونه ، فيقولون : يا آدم ، أنت أبو البشر ، خلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحه ، وأمر الملائكة فسجدوا لك ، وأسكنك الجنة ، ألا تشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه وما بلغنا ؟ فقال : إن ربي غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ، ولا يغضب بعده مثله ، وإنه نهاني عن الشجرة فعصيت ، نفسي ، نفسي ، نفسي ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى نوح .

        فيأتون نوحاً ، فيقولون : يا نوح ، أنت أول الرسل إلى أهل الأرض ، وقد سماك الله عبداً شكوراً ، ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى إلى ما بلغنا ؟ ألا تشفع لنا عند ربك ؟ فيقول : إن ربي غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وإنه قد كان لي دعوة دعوت بها على قومي ، نفسي ، نفسي ، نفسي ، اذهبوا إلى إبراهيم .

        فيأتون إبراهيم ، فيقولون : أنت نبي الله ، وخليله من أهل الأرض ، اشفع لنا إلى ربك ، أما ترى ما نحن فيه ؟ فيقول لهم : إن ربي غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله ، وإني كنت كذبت ثلاث كذبات .. فذكرها ، نفسي ، نفسي ، نفسي اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى موسى .

        فيأتون موسى فيقولون : أنت رسول الله ، فضّلك برسالاته وبكلامه على الناس ، اشفع لنا إلى ربك ، أما ترى إلى ما نحن فيه ؟ فيقول : إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وإني قد قتلت نفساً لم أومر بقتلها ، نفسي ، نفسي ، نفسي ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى عيسى .

        فيأتون عيسى فيقولون : أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم ، وروحٌ منه ، وكلمت الناس في المهد ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ؟

        فيقول عيسى : إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، ولم يذكر ذنباً ، نفسي ، نفسي ، نفسي ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى محمـد .

        فيأتون محمداً صلى الله عليه وسلم – وفي رواية : فيأتوني – فيقولون : يا محمد ، أنت رسول الله وخاتم الأنبياء ، قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ فأنطلق ، فآتي تحت العرش ، فأقع ساجداً لربي ، ثم يفتح الله عليَّ من محامده وحسن الثناء عليه شيئاً لم يفتحه على أحد قبلي ، ثم يقال : يا محمد ، ارفع رأسك سل تعطه ، واشفع تشفع ، فأرفع رأسي ، فأقول : أمتي يا رب ، أمتي يا رب ، أمتي يا رب ، فيقال : يا محمد ، أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة ، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب ، ثم قال : والذي نفسي بيده ، إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة ، كما بين مكة وهجر – أو كما بين مكة وبصرى – وفي كتاب البخاري . كما بين مكة وحمير .

        وفي رواية قال : " وضعت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قصعة من ثريد ولحم ، فتناول الذراع – وكانت أحب الشاة إليه – فنهس نهسة ، فقال : أنا سيد الناس يوم القيامة ، ثم نهس أخرى ، فقال : أنا سيد الناس يوم القيامة ، فلما رأى أصحابه لا يسألونه ، قال : ألا تقولون : كيفه ؟ قالوا : كيفه يا رسول الله ؟ قال : يقوم الناس لرب العالمين ..

        وساق الحديث بمعنى ما تقدم ، وزاد في قصة إبراهيم ، فقال : وذكروا قوله في الكوكب : هذا ربي ، وقوله لآلهتهم ، بل فعله كبيرهم هذا ، وقوله : إني سقيم ، وقال : والذي نفس محمد بيده ، إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة إلى عضادتي الباب لكما بين مكة وهجر ، أو هجر ومكة ، لا أدري أي ذلك قال ؟ " .

        أخرجه البخاري ومسلم والترمذي ، إلا أن في كتاب مسلم " نفسي نفسي " مرتين في قول كل نبي ، والحميدي ذكر كما نقلناه ، وفي رواية الترمذي " نفسي ، نفسي ، نفسي " ثلاثاً في الجميع (10) .

        3- وروى مسلم عن حذيفة بن اليمان ، وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يجمع الله تبارك وتعالى الناس ، فيقوم المؤمنون حتى تُزلف لهم الجنة ، فيأتون آدم ، فيقولون : يا أبانا ، استفتح لنا الجنة ، فيقول : وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم ؟ ليست بصاحب ذلك ، اذهبوا إلى ابني إبراهيم خليل الله .

        قال : فيقول إبراهيم : ليست بصاحب ذلك ، إنما كنت خليلاً من وراءَ وراءَ ، اعمدوا إلى موسى الذي كلمه تكليماً ، قال : فيأتون موسى ، فيقول : لست بصاحب ذلك ، اذهبوا إلى عيسى كلمة الله وروحه ، فيقول عيسى : لست بصاحب ذلك ، فيأتون محمداً صلى الله عليه وسلم ، فيقوم ، فيؤذن له ، وترسل الأمانة والرحم ، فتقومان جنبتي الصراط يميناً وشمالاً ، فيمر أولكم كالبرق .

        قال : قلت : بأبي وأمي ، أي شيء كالبرق ، قال : ألم تروا إلى البرق كيف يمرّ ويرجع في طرفة عين ؟ ثم كمر الريح ، ثم كمطر الطير ، وشد الرجال ، تجري بهم أعمالهم ، ونبيكم قائم على الصراط ، فيقول : رب سلم سلم ، حتى تعجز أعمال العباد ، حتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفاً ، قال : وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة ، تأخذ من أمرت به ، فمخدوش ناج ، ومكدوس (11) في النار ، والذي نفس أبي هريرة بيده ، إن قعر جهنم لسبعين (12) خريفا " (13) .

        4- روي الترمذي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ، ولا فخر ، وبيدي لواء الحمد ولا فخر ، وما من نبي يومئذ – آدم فمن سواه – إلا تحت لوائي ، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر ، فقال : فيفزع الناس ثلاث فزعات ، فيأتون آدم ، فيقولون : أنت أبونا آدم ، فاشفع لنا إلى ربك ، فيقول : إني أذنت ذنباً فأهبطت به إلى الأرض ، ولكن ائتوا نوحاً .

        فيأتون نوحاً ، فيقول : إني دعوت على أهل الأرض دعوة فأُهلكوا ، ولكن اذهبوا إلى إبراهيم ، فيأتون إبراهيم ، فيقول : إني كذبت ثلاث كذبات ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما منها كذبة إلا ماحل (14) بها عن دين الله ، ولكن ائتوا موسى ، فيأتون موسى ، فيقول : قد قتلت نفساً ، ولكن ائتوا عيسى ، فيأتون عيسى ، فيقول : إني عُبدت من دون الله ، ولكن ائتوا محمداً صلى الله عليه وسلم ، فانطلق معهم .

        قال ابن جدعان : قال أنس : فكأني أنظر إلى رسول الله ، قال : فآخذ بحلقة باب الجنة ، فأقعقعها ، فيقال : من هذا ؟ فيقال : محمد ، فيفتحون لي ويرحبون ، فيقولون : مرحباً ، فأخر ساجداً ، فيلهمني الله من الثناء والحمد ، فيقال لي : ارفع رأسك ، سل تعط ، واشفع تشفع ، وقل يُسمع لقولك ، وهو المقـام المحمود الذي قـال الله تعالى : ( عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا ) [ الإسراء : 79 ] قال سفيان : ليس عن أنس إلا هذه الكلمة " فآخُذُ بحلقة باب الجنة فأُقعْقِعُها " أخرجه الترمذي (15) .

        تعليق


        • #5
          صلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
          بارك الله فيك وجزاك الله كل خير.

          تعليق


          • #6
            شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم

            بسم الله الرحمن الرحيم
            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


            شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم

            يقول السائل: للنبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة ثلاث شفاعات، فلمن تجوز الشفاعة الأولى والثانية والثالثة؟

            له عليه الصلاة والسلام ثلاث شفاعات خاصة به عليه الصلاة والسلام:
            إحداها: الشفاعة العظمى في أهل الموقف يوم القيامة، يشفع لهم حتى يقضى بينهم، وهذا هو المقام المحمود الذي قال فيه سبحانه: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا[1]، هذا هو المقام المحمود الذي يبعثه الله يوم القيامة، وهو أنه يشفع في أهل الموقف عليه الصلاة والسلام إلى الله سبحانه ليقضي بينهم في هذا الموقف العظيم، حتى ينصرف كل إلى ما كتب الله له.
            أما الشفاعة الثانية: فهي الشفاعة في أهل الجنة حتى يدخلوا الجنة ; فإنهم لا يدخلون الجنة إلا بشفاعته عليه الصلاة والسلام فيشفع إلى ربه فيؤذن لهم بدخول الجنة.
            الشفاعة الثالثة: خاصة بعمه أبي طالب، يشفع في عمه أبي طالب أن يخفف عنه، قال صلى الله عليه وسلم: إنه وجده في غمرات النار فشفع له حتى صار في ضحضاح من النار، فالرسول صلى الله عليه وسلم يشفع لعمه أبي طالب فقط في التخفيف لا في الخروج; لأنه مات كافراً، هذا الذي عليه أهل العلم والتحقيق، أنه مات كافراً، أراد النبي صلى الله عليه وسلم عند موته أن يقول لا إله إلا الله فأبى وقال: هو على ملة عبد المطلب فمات على الكفر بالله.
            فالرسول صلى الله عليه وسلم شفع له بأن يكون في ضحضاح من النار، بسبب ما حصل من نصره للنبي صلى الله عليه وسلم وتعبه وحمايته له عليه الصلاة والسلام، ولهذا حرص صلى الله عليه وسلم أن يسلم لكن لم يقدر له الإسلام فصار هذا من الآيات الدالة على أنه صلى الله عليه وسلم لا يملك هداية أحد، فالهداية بيد الله سبحانه وتعالى، فهو يهدي من يشاء، ولهذا لما مات عمه أبو طالب على الكفر أنزل الله في حقه: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ[2]، وقال سبحانه: لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ[3].
            ولهذا شفع فيه في أن يكون في ضحضاح من النار يغلي منه دماغه - نسأل الله العافية -، ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أهون الناس عذاباً يوم القيامة أبو طالب فإنه في ضحضاح من النار يغلي منه دماغه))، أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
            وفي لفظ آخر يقول: ((إن أهون أهل النار عذاباً يوم القيامة من يكون له نعلان من نار يغلي منهما دماغه)) وهو يرى أنه أشد الناس عذاباً وهو أهونهم عذاباً.
            وهناك شفاعات له أخرى صلى الله عليه وسلم ليست مختصة به صلى الله عليه وسلم، فهناك شفاعات فيمن دخل النار من أهل التوحيد يخرج منها، ومن لم يدخلها أن لا يدخلها من العصاة; فإن العصاة قسمان:
            قسم يعفى عنه قبل دخول النار بالشفاعة أو برحمة الله سبحانه وتعالى، وعفوه جل وعلا.
            وقسم يدخل النار بمعاصيهم وسيئاتهم ثم بعد ما يمضي عليهم ما شاء الله في النار يخرجون منها بشفاعة الشفعاء، أو برحمة الله سبحانه المجردة من دون شفاعة أحد; لأنه كتب جل وعلا أنه لا يخلد فيها إلا الكفرة، فالنار لا يخلد فيها إلا الكفار.
            أما العصاة إذا دخلوها فإنهم يمكثون فيها ما شاء الله ثم يخرجون، هذا هو الذي عليه أهل الحق; من أهل السنة والجماعة أن العصاة لا يخلدون في النار ولكن يمكث فيها من دخلها منهم ما شاء الله ثم يخرجهم الله من النار إلى نهر يقال له نهر الحياة، فينبتون فيه كما تنبت الحبة في (حميل) السيل.
            وهؤلاء الذين يخرجون من النار أقسام:
            منهم من يخرج بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم من يخرج بشفاعة غيره من الأنبياء، ومنهم من يخرج بشفاعة الملائكة، ومنهم من يخرج بشفاعة المؤمنين والأفراط، ومنهم من يبقى في النار حتى يخرجه الله برحمته، من دون شفاعة أحد، فإذا شفع الشفعاء وانتهى أمرهم يخرج الله من النار من بقي فيها من بقية أهل التوحيد، الذين ماتوا على بعض السيئات والمعاصي، فيخرجهم سبحانه من النار فضلاً منه ورحمة سبحانه وتعالى. والأصل في هذا قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ[4]، مع ما ثبت من الأحاديث الصحيحة عن ذلك.
            [1] الإسراء: 79.
            [2] القصص: 56.
            [3] البقرة: 272.
            [4] النساء: 48.
            فتاوى نور على الدرب الجزء الأول
            إستوقفتنى آية ( ليشارك الجميع ) -- أستوقفنى حديث رسول الله ... متجدد

            من كلمات الإمام الشافعى رحمة الله عليه
            إن كنت تغدو في الذنوب جليـدا ... وتخاف في يوم المعاد وعيــدا
            فلقـد أتاك من المهيمن عـفـوه
            ... وأفاض من نعم عليك مزيــدا
            لا تيأسن من لطف ربك في الحشا
            ... في بطن أمك مضغة ووليــدا
            لو شـاء أن تصلى جهنم خالـدا
            ... ما كان أَلْهمَ قلبك التوحيـدا
            ●▬▬ஜ۩۞۩ஜ▬▬●
            أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ
            ●▬▬ஜ۩۞۩ஜ▬▬●

            تعليق

            مواضيع ذات صلة

            تقليص

            المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
            ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 18 ينا, 2021, 05:31 ص
            ردود 2
            153 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة *اسلامي عزي*
            بواسطة *اسلامي عزي*
             
            ابتدأ بواسطة د. نيو, 27 نوف, 2020, 06:25 م
            ردود 4
            85 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة د. نيو
            بواسطة د. نيو
             
            ابتدأ بواسطة أحمد محمد أحمد السبر, 23 يول, 2020, 06:53 م
            ردود 0
            54 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة أحمد محمد أحمد السبر  
            ابتدأ بواسطة عاشق طيبة, 20 ديس, 2019, 11:46 م
            ردود 3
            79 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة عاشق طيبة
            بواسطة عاشق طيبة
             
            ابتدأ بواسطة دكتور أشرف, 21 يون, 2019, 12:57 ص
            ردود 4
            103 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة دكتور أشرف
            بواسطة دكتور أشرف
             
            يعمل...
            X