قصة الخلق والأساطير المصرية

تقليص

عن الكاتب

تقليص

أحمد رمضان المصري مسلم اكتشف المزيد حول أحمد رمضان المصري
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قصة الخلق والأساطير المصرية

    بسم الله الرحمن الرحيم
    لقد أثبت العلم والتاريخ أن اليهود لم يأتوا بجديد ومعظم ما في كتبهم المقدسة مقتبس من تراث الشعوب القديمة خاصة ما يعرف بشعوب الشرق الأدنى القديم وهي ( مصر ، فلسطين ، بابل) وفي هذا البحث المتواضع سنوضح كيف اقتبس كتبة الكتاب المقدس قصص (أساطير) الخلق والصراع مع التنين من الأدب القديم بشهادات مسيحية وغربية.
    نبدأ أولاُ بتقديم موجز لأساطير الخلق القديمة ثم نقارن بينها وبين أسطورة الخلق العبرية
    أساطير الخليقة المصرية
    آمن المصري القديم بالكثير من أساطير الخلق و لم يرفضها ، ولكن أهم ما يميز أساطير الخلق المصرية هو ظهور تل بدائي أطلق عليه "نون" وهو المكان الذي أعتبر بمثابة بدء العالم وٌحدد مكانه في مواقع مختلفة من أنحاء مصر. ظهرت الملامح الأولي للحياة علي هذا التل الأزلي ، الذي ظهرت عليه كائنات- كالثعابين والضفادع – استمدت أسماءها (الليل والظلام والاختفاء والذبذبة ) من طبيعة المكان.
    كذلك ظهرت علي التل الأزلي بيضة طائر مائي خرجت منها إوزة اُطلق عليها "الصائحة الكبرى" أحالت الظلام إلي نهار ، فأعتبرت بذلك الشمس التي طارت صائحة علي سطح الماء ، فكان ذلك هو الضوء الأول والصوت الأول الذي بدد الظلام. وبداية خلق الأرض باعتباره انبثاقا للأرض من الماء ، تبدو علي أنها فكرة وردت في أذهان وادي النيل بشكل طبيعي تلقائي ، حيث إنهم كانوا يشاهدون في بعض الأحيان جزراً من الطين تظهر في النيل.[1]

    ويعتقد المصريون أن مياه الهيولي هي التي خرجت منها الحياة والهيولي Chaos كما يعرفه "كاستر" : "هو العمق السحيق الوسيع الذي كان موجوداً قبل الخلق والآلهة ، والذي انبثقت منه جميع الموجودات بما فيها الآلهة نفسها".[2]
    ولم يكن المصري يعتبر خلق العالم سلسلة من الأحداث المتتابعة تتابعاً زمنياً ، بل تأملات حول مبادئ الحياة ونظام الكون. وكان من بين أهم السمات المميزة،لأساطير الخلق المصرية "إحساسها بحيز الفراغ" ، حيث ورد في بعض النصوص :
    ".............................
    أنا من قام بعمل بدا له طيباً
    شغلت حيز فراغي مكان إرادتي".
    ومن أهم الأساطير المصرية في هذا المجال هي أسطورة عين شمس ، والتي تؤرخ وفقاً لبعض الآراء بعام 2700 ق.م. وتعتبر أكثر الأساطير ترتيباً منهجياً.

    ويبدوا أن الحدث الأول في عملية الخلق في هذه الأسطورة هو ظهور "أتوم Atum " معبود عين شمس من المحيط الأزلي "نون Nun "، وبعد أن خلق أتوم نفسه أو أنه كان أبناً لـ "نون" . وعندما انبثق من هذا الهيولي ظهر علي تل أزلي في عين شمس ، ثم أعتلي حجر "بن بن Ben ben".
    وبعد أن خلق أتوم نفسه بإرادته، كان فعله التالي هو خلق الآلهة الأخرى. ولأنه كان وحيداً في هذا العالم ، فقد كان عليه وحده دون رفيق أن ينجب ذرية ، وكانت وسيلته في ذلك هي التوحد مع ظله ، أو ممارسة عملية الاستمناء Masturbation . وكان أتوم في تلك النصوص إلها مزدوج الجنس ، وكان يطلق عليه في بعض الأحيان : "هو – هي العظيم".
    وقد أستطاع المصريون بتصورهم لعملية الخلق بلغة النشوء الجنسي في هذا الحدث الأسطوري ، أن يقدموا "أتوم" علي أنه القوي الخالقة الكاملة التي لا تدين لأي قوة أخري. وأنجب أبنه "شوShu " بأن بصقه ، كما أنجب أبنته "تفنوت Tefnut " بأن تقيأها أو ربما بصقها هي الأخرى ، وذلك كما توضح بعض نصوص الفصل (600) من نصوص الأهرام ، حيث تذكر :
    لقد بصقت ما كان شو ، ولفظت ما كان تفنوت ووضعت ذراعيك حوليها كذراعي "الكا" ، لأن الكا الخاصة بك حلّت فيهما. [3]
    وقد نشأت وظيفة "شو"، كإله للهواء ، من الشكل الذي تمت به ولادته، كذلك يبدوا أن تفنوت لم يكن لها أهمية كبيرة في نظرية الخلق في عين شمس، سوي أنها كانت أخت شو أو عشيقته. غير أن تفسيرات الكهنة، في تاريخ مبكر جداً، جعلت من "شو" مبدأ للحياة ومن "تفنوت" مبدأ لنظام العالم الذي يطلق عليه "ماعِت Mayet ". وأصبح "شو" و "تفنوت" إلهين ملائمين لدفع عجلة الخلق وتأسيس النظام الاجتماعي. وقد ولد هذا الإلهان "جب Geb " –الأرض ، وأخته وزوجته في نفس الوقت "نوت Nut " – السماء، وبمولدهما صار لآلهة مظاهر الطبيعة الرئيسية أهمية تذكر. ومن ناحية ثانية ، أصبح "جب" و"نوت" والدين لأربعة أطفال، لم يكن لهم نفس الامتيازات الكونية ، وهم "إيزيس Isis " و "أوزيريس Osiris " و " نفتيس Nephtys " و "ست Seth". وقد مثلت شخوص هذا التاسوعThe Enead علي هيئة بشرية ، ولكن لكل منهما صفات أخري. فـ "جب" لفظ مصري يعني "الأرض" ، و"نوت" ربما النظير المؤنث لـ "نون". كذلك يمكن تفسير لفظ "شو" إما بـ "الخاوي" ، أو بـ "ضوء الشمس". أما "تفنوت" ، فتدل علي " المرأة الأولي التي تزاوجت مع شو". وربما كان اسم "ست" يعني "قاتل الخضرة". وأما "إيزيس" فتعني "العرش" ، و"نفتيس" تعني " سيدة الدار".[4]
    وقد نشأ تاسوع آخر علي نسق تاسوع عين شمس الشهير، ويسمي التاسوع الأصغر وضع علي رأسه "حرسيس" (أحد الأشكال الخاصة للإله "حور") يتبعه ثمانية آلهة كانوا يحمونه من شر الأعداء.غير أن أسماء هذه الآلهة الثمانية غير معروفة.
    وقد استبدلت نظرية نشأة الكون في "الأشمونيين" تاسوع عين شمس بثامون إلهي Ogdaad أو مجموعة مكونة من ثمانية آلهة ، هم: "نون Nun " ورفيقته "ناونتNaunt " و" حوح Huh " ورفيقته "حاوحت Hauhet " و"نون Nun " ورفيقته "ناونتNaunt " وكوك kuk" ورفيقته "كاوكت kauket " و"آمون Amon " ورفيقته "أماونت Amaunet ".
    وتفسير العدد "ثمانية" هو أن الآلهة البدائية تبدو علي أنها كيانات مزدوجة علي نقيض أتوم الواحد. كذلك يرتبط هذا العدد أيضاً بمقر عبادة الثامون في الأشمونيين، إذ كانت المدينة أو أحد أحيائها علي الأقل تدعي "شمون" – أي "الثمانية".
    وطبقاً لفلسفة الأشمونيين اللاهوتية ، لم يكن ثمة شيء ما في البدء سوي اللا وجود أو الفوضى ذاتها ، والتي تخيلها المصريون إما كعنصر عبارة عن "المياه الأزلية"، أو قوي تتجسد في الإله "نون" الذي أطلق عليه أسم "الواحد القديم"، فهو "المبدأ الأول" أو "الأصل الأول". وهذه الآلهة الثمانية كانت موجودة قبل الخليقة. وعلي الرغم من وجودها قبل الخليقة يعتبر شاذاً، إلا إن الأمر لا يزعج بشكل كبير، وذلك لأن أسماء هذه الآلهة تبين إنها تمثل الهيولي عديم الشكل الذي كان موجوداً قبل أن يقوم الإله الخالق بتشكيل النظام من الفوضى. وقد اقترنت هذه الآلهة علي شكل أربعة أزواج ، يمثل كل زوج منها خاصية من خواص الهيولي. فـ"نون" هو (المياه الأزلية) ورفيقته "ناونت" أصبحت "معادلة للسماء". و"حوح" و"حاوحت" يمثلان (الامتداد اللانهائي للا شكلية الأزلية). و"كوك" و"كاوكت" يمثلان (الظلام). و"آمون" (الخفي) و"آماونت" يمثلان ( الهيولي اللا محسوس واللا مدروك) [5] ويري آخرون إنها تمثل الرياح الهابة علي المياه الأولي.[6]
    وبخلاف أسطورة عين شمس السابقة نشأ مذهب آخر للخليقة في مصر وهو "لاهوت منف" ولكن أول ما يلفت النظر إلي هذا المذهب أنه أخذ الكثير عن مذاهب الخليقة السابقة له ، غير أنه يتميز بصفته العقلية الواضحة ولكنه كان محصوراً بين فئة رجال الدين فقط.
    وعلي الرغم من مرور ألفي عام علي تبلور وصياغة هذا اللاهوت الميثولوجي لمنف إلا إنه أحتفظ بأهميته ، حتى إن الملك النوبي "شباكا Shabaka" –ثاني ملوك الأسرة الخامسة والعشرون الكوشية ( 715 -656 ق.م ) – أمر بنقله من علي مخطوط بردي مهشم لينقش علي لوحة من الحجر الأسود الصلد. والحق أن هذا التكوين اللاهوتي ليس له أي مقابل في هذه الفترة المبكرة من تاريخ البشرية. غير أن "برستد" يري أن هذا اللاهوت يرجع تاريخه إلي منتصف القرن الرابع ق.م، وأن الذي ألفه هم طائفة مفكرة من الكهنة في المعابد المصرية.
    وقد عولجت الخليقة في لاهوت منف بطريقة عقلانية ، بينما قدمت قصص الخليقة الأخري بلغة حسية بحتة. فالإله "بتاح Ptah " هنا يتصور عناصر العالم بعقله (قلبه) ، ويأتي بهم إلي الوجود بكلمته الآمرة (لسانه) . وهكذا ، ففي بداية التاريخ المصري كان هناك أقتراب من المبدأ العقلاني Logos Doctrine.
    ويقرر بتاح خلق كل شيء بما فيها الآلهة ، كما أنه أصل جميع الأشياء الطيبة – الطعام والشراب والتقدمات التي تقرب للآلهة ، وكانت قدرة الآلهة علي النطق ، تلك القدرة التي تساوي فعل الخلق الذي تقوم به الآلهة.
    " بتاح علي العرش العظيم...
    بتاح – نون، الأب الذي أنجب (أتوم)،
    بتاح – ناونت ، الأم التي ولدت أتوم،
    بتاح العظيم، أي ،قلب ولسان التاسوع،
    (بتاح) ... هو الذي أنجب الآلهة..."
    وبعد أن خلق بتاح كل شيء استراح :
    "حينئذ استراح بتاح بعد أن خلق كل شيء وكل كلمة مقدسة".
    ويذهب البعض أنه من الأسلم أن تترجم العبارة علي النحو التالي : " وهكذا شعر بتاح بالرضا بعد أن خلق كل شيء....".[7]
    المقارنة بين أساطير الخلق المصرية وأسطورة الخلق العبرية
    تأثير الأساطير المصرية في الأسطورة العبرية عنيف جداً كما إنها تتفق معها في الخطوط العامة لأساطير الخليقة وهي تتمثل في عدة أمور:
    1 – الأصل الهيولي للكون أو الميلاد المائي.
    2- الخراب واللا تشكل في إشارة للفوضى العارمة السابقة للخلق.
    3 – الظلام الدامس الذي يغطي المياه الأزلية.
    4 – أسطورة رياح الله الهابة علي المياه الأزلية.
    5 – أسطورة ظهور النور مع بدء الخلق.
    6 - أسطورة ظهور النباتات قبل الشمس
    7- استراحة الإله بعد العمل الشاق.
    أولاً : الأصل الهيولي للكون أو ميلاده المائي نجده بوضوح في أسطورة الخلق العبرية :
    Gen 1:2
    (SVD) وَكَانَتِ الأرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ وَرُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ.
    (HOT) והארץ היתה תהו ובהו וחשׁך על־פני תהום ורוח אלהים מרחפת על־פני המים׃
    (HOT+) והארץH776 היתהH1961 תהוH8414 ובהוH922 וחשׁךH2822 עלH5921 פניH6440 תהוםH8415 ורוחH7307 אלהיםH430 מרחפתH7363 עלH5921 פניH6440 המים׃H4325
    (KJV) And the earth was without form, and void; and darkness was upon the face of the deep. And the Spirit of God moved upon the face of the waters.

    (KJV+) And the earthH776 wasH1961 without form,H8414 and void;H922 and darknessH2822 was uponH5921 the faceH6440 of the deep.H8415 And the SpiritH7307 of GodH430 movedH7363 uponH5921 the faceH6440 of the waters.H4325

    (BBE) And the earth was waste and without form; and it was dark on the face of the deep: and the Spirit of God was moving on the face of the waters.
    الكلمة العبرية (תהום : تهوم) ترجمت للعربية ( الغمر) وفي الإنجليزية (the deep) وتحمل رقم 8415 في قاموس سترونج ومن تعريفات "براون- درايفر- بريجز العبرية" نقرأ:
    [align=left]Brown-Driver-Briggs' Hebrew Definitions[/CENTER][align=left]
    H8415
    תּהם / תּהום
    tehôm
    BDB Definition:
    1) deep, depths, deep places, abyss, the deep ,sea
    1a) deep (of subterranean waters)
    1b) deep, sea, abysses (of sea)
    1c) primeval ocean, deep
    1d) deep, depth (of river)
    1e) abyss, the grave"[/CENTER][align=right]الترجمة : [/CENTER][align=right]
    H8415
    תּהם / תּהום
    tehôm
    BDB Definition:
    1)عميق ، الأعماق ، أماكن عميقة ، الهاوية ، العمق، البحر
    1a) العميق (من المياه الجوفية)
    1b) عميق ، البحر ، الهاويات (من البحر).
    1c) المحيطات البدائية ، عميق
    1d) عميق ، عمق (من النهر)
    1e) الهاوية ، القبر"
    إذا فالكلمة تعني العميق أو الهاوية وكذلك المحيطات البدائية.[/CENTER]
    ونقرأ في قاموس إيستون للكتاب المقدس :

    [align=left]Easton's Bible Dictionary[/CENTER][align=left]
    Deep
    Used to denote
    (1.) the grave or the abyss (Rom_10:7; Luk_8:31);
    (2.) the deepest part of the sea (Psa_69:15);
    (3.) the chaos mentioned in Gen_1:2;
    (4.) the bottomless pit, hell (Rev_9:1, Rev_9:2; Rev_11:7; Rev_20:13).[/CENTER][align=right]الترجمة :[/CENTER][align=right]
    عميق
    يستخدم للدلالة على
    (1) القبر أو الهاوية (Rom_10:7 ؛ Luk_8:31) ؛
    (2) أعمق جزء من البحر(Psa_69:15) ؛
    (3) الفوضى المذكورة في Gen_1:2 ؛
    (4) الهاوية ، الجحيم (Rev_9:1، Rev_9:2 ؛ Rev_11:7؛ Rev_20:13).
    قاموس إيستون وصفها بـ (الفوضى : chaos ) التي ذكرت في Gen_1:2.[/CENTER]
    ومن موسوعة الأساطير : [8]
    [align=left]Abyss[/CENTER]
    [align=left]
    by Rabbi Geoffrey W. Dennis
    The primordial waters that precede creation; Tehom can also refer to the realm of the dead, the place where evil spirits and wicked souls dwell. In later Jewish eschatology, it is one of the seven compartments .
    الترجمة :[/CENTER][align=right]هاوية[/CENTER][align=right]
    كتبت بواسطة الحاخام Geoffrey W. Dennis
    المياه البدئية التي تسبق الخلق ؛ تهوم يمكن أن تشير أيضا إلى عالم الموتى ، والمكان الذي يوجد فيه الأرواح الشريرة والنفوس الشريرة. في وقت لاحق الإيمان بالآخرة في اليهودية ، إنها واحدة من سبعة مقصورات بجهنم.
    طبعاً موسوعة الأساطير واضحة في إنها المياه البدئية التي تسبق الخلق.[/CENTER]
    ويلاحظ في الأسطورة العبرية إنها لم تقل أن يهوه خلق (الغمر) لأن الأرض كانت خربة وخالية قبل إطلاق عملية الخلق ، وتؤيد ذلك الترجمة الرهبانية اليسوعية :
    " أو ، بحسب ترجمة مختلفة : " لما بدأ الله خلق السموات والأرض ، كانت الأرض خالية خاوية...". غير أن الترجمة التي أعتمدناها هي أكثر مراعاة لترابط الأفكار في هذا النص ، وهي التي أعتمدها أكثر المترجمين في الماضي ، في هذه الآية ، يبدو عمل الله الخلاق وكأنه تنظيم الخواء الأصلي فلا يحسن بنا أن نٌدخل هنا مفهوم الخلق من لا شيء الميتافيزيقي ، لأن هذا المفهوم لن يرد قبل 2 مك 7/28 . ومع ذلك فإن النص الحالي يثبت أن العالم كان له بداية.......". [9]
    مما سبق يتبين الآتي :
    1 – أن (תהום : تهوم) تعني الفوضى والعمق.
    2- أن هذه الفوضى كانت موجودة قبل الشروع في خلق النظام الكوني.
    3- أن المياه هي العنصر الأول لموضوع الخلق ، وكانت موجودة قبل الشروع في عملية الخلق.
    4- نقطة هامة يجب أن ننوه عليها وهي أن (תהום : تهوم) أو ( الغمر ) في الترجمة العربية يختلف عن البحر وليسوا الاثنان واحداً ، ويدل علي ذلك ما جاء في سفر أيوب :
    Job 28:14 الْغَمْرُ يَقُولُ: لَيْسَتْ هِيَ فِيَّ وَالْبَحْرُ يَقُولُ: لَيْسَتْ هِيَ عِنْدِي.
    وكل ما سبق هي مواصفات الهيولي والمياه الأزلية في الأساطير المصرية.
    ثانياً : الخراب واللاتشكل في إشارة للفوضى العارمة السابقة للخلق:
    Gen 1:2
    (SVD) وَكَانَتِ الأرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ وَرُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ.
    "خَرِبَةً وَخَالِيَةً" في إشارة لحالة الكون وفي السبعينية غير منظورة وغير متشكلة ، وهي في الأصل العبري ( توهو وبوهو : תהו ובהו ) ويمثل مكان الفوضى واللاتشكل وهو نفسه "حوح" و"حاوحت" اللذين يمثلان (الامتداد اللانهائي للا شكلية الأزلية).
    ثالثاً : الظلام الدامس الذي يغطي المياه الأزلية :
    Gen 1:2
    (SVD) وَكَانَتِ الأرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ وَرُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ
    " ظُلْمَةٌ " الظلام الأزلي والمخيف الذي كان يغطي المياه الأزلية والذي كان موجوداً قبل الخلق والإله نفسه ، وفي الأسطورة العبرية ( حوشخ : חשׁך ) وفي الأساطير المصرية "كوك" و"كاوكت" اللذين يمثلان (الظلام) الذي كان موجوداً قبل الخليقة.
    وهو ظلام أزلي غير مخلوق لم يقل الإله في الأسطورة العبرية إنه خلقه، ومن تفسير أنطونيوس فكري :-
    " وَرَأى اللهُ النُّورَ انَّهُ حَسَنٌ
    لم يقل هذا عن الظلمة. فالله لم يخلق الظلمة ، فالظلمة ناشئة عن غياب النور ، هي حرمان من النور ، بل بظهور النور انفضحت الظلمة وعرفت.........". [10]
    رابعاً : أسطورة رياح الله الهابة علي المياه الأزلية.
    Gen 1:2
    (SVD) وَكَانَتِ الأرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ وَرُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ
    "رُوحُ اللهِ " أو " الرياح " فالكلمة في الأصل تعني رياح الله هابة و ليس "روح" وترجمتها التوراة السامرية إلي " رياح "[11] وفي الأصل العبري ( روف : רוּח) لكن مترجموا الكتاب المقدس جعلوها "روح الله" ليضفوا عليها معناً لاهوتياً.
    وهي نفسها الرياح الموجودة قبل الخليقة في الأساطير المصرية وتتمثل في "آمونAmon " و "أماونت Amaunet ".
    خامساً : أصل أسطورة ظهور النور مع بدء الخلق :
    Gen 1:3
    (SVD) وَقَالَ اللهُ: «لِيَكُنْ نُورٌ» فَكَانَ نُورٌ.
    ظهور النور في بدء عملية الخلق يتبع نفس مبدأ عملية الخلق في طيبة عندما تبدأ عملية الخلق مع ظهور النور ، ففي نشيد آمون يتبع الكتاب المقدس نفس التسلسل الذي تتبعه الأساطير المصرية بدقة بالغة :
    [واحد (آمون)] التي خرجت إلى حيز الوجود في المرة الأولى عندما كان لا إله [بعد] خلق ، عند [آمون رع] فتحت عينيك لترى معهم ، والجميع
    أصبحت مضيئة عن طريق نظرات عينيك ، عندما كان لا يزال في اليوم
    إلى حيز الوجود.[12]
    سادساً : أسطورة ظهور النباتات قبل الشمس :
    11 وَقَالَ اللهُ: «لِتُنْبِتِ الأَرْضُ عُشْبًا وَبَقْلاً يُبْزِرُ بِزْرًا، وَشَجَرًا ذَا ثَمَرٍ يَعْمَلُ ثَمَرًا كَجِنْسِهِ، بِزْرُهُ فِيهِ عَلَى الأَرْضِ». وَكَانَ كَذلِكَ. 12 فَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ عُشْبًا وَبَقْلاً يُبْزِرُ بِزْرًا كَجِنْسِهِ، وَشَجَرًا يَعْمَلُ ثَمَرًا بِزْرُهُ فِيهِ كَجِنْسِهِ. وَرَأَى اللهُ ذلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ.(تك : 11 – 12)

    في الواقع : يتبع سفر التكوين تسلسل أساطير الخلق المصرية في وضع
    ظهور النباتات قبل الشمس.
    رغم ما يخلقه ظهور النباتات قبل خلق الشمس من مشاكل علمية ، الا إننا هنا نتبع التشابه الأسطوري لمراحل الخلق
    مقتطفات من كتاب " الموت " المصري ، (ج) 79 :
    حائل أتوم! --
    من صنع السماء ، من خلق ما هو موجود ؛
    من بزر الأرض ، والذي خلق البذور.
    نفس التسلسل الدقيق لأسطورة الخلق العبرية.[13]

    سابعاًً: استراحة الإله بعد العمل الشاق :
    في معظم أساطير الخليقة تأتي استراحة الإله بعد القيام بخلق الكون لازمة لهذه الأساطير ، وقلد كاتب الأسطورة العبرية الأساطير القديمة وهي في رواية الخلق الأولي ، حيث استراح الإله المسمي إلوهيم بعد عناء العمل:
    Gen 2:2 وَفَرَغَ اللهُ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ مِنْ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ. فَاسْتَرَاحَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ.
    واستراحة الإله في سفر التكوين هي نفس استراحة بتاح بعد خلق النظام الكوني ، وسواء كانت الترجمة أنه شعر بالرضا أو استراح إلا أن الأسطورتين يتفقن علي خلود الإله للاستكانة بعد انتهاءه من العمل.
    "حينئذ استراح بتاح بعد أن خلق كل شيء وكل كلمة مقدسة"

  • #2

    المراجع
    1
    - أساطير التوراة الكبرى وتراث الشرق الأدنى القديم ، د. كارم محمود عزيز صـ 37
    2- المصدر السابق صـ 36
    3- المصدر السابق صـ 39
    4- المصدر السابق صـ 40
    5- المصدر السابق صـ 42 ، 42
    6- 101 Myths of the Bible How Ancient Scribes Invented Biblical History By Gary Greenberg. P12.
    7- أساطير التوراة الكبرى وتراث الشرق الأدنى القديم صـ 43 ، 44
    8 - http://www.pantheon.org/areas/mythol.../articles.html

    9 – الترجمة الرهبانية اليسوعية صـ 68 .
    10- أنطونيوس فكري ، تفسير سفر التكوين صـ 31 .
    11 – انظر التوراة المقارن د.أمير عبدالله
    12 -101 Myths of the Bible op. cit. P14.
    13 – Ibid. P21.

    تعليق

    مواضيع ذات صلة

    تقليص

    المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
    ابتدأ بواسطة mohamed faid, 7 يون, 2023, 09:08 م
    ردود 0
    40 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة mohamed faid
    بواسطة mohamed faid
     
    ابتدأ بواسطة Mohamed Karm, 28 ماي, 2023, 02:50 ص
    ردود 0
    53 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة Mohamed Karm
    بواسطة Mohamed Karm
     
    ابتدأ بواسطة mohamed faid, 2 ماي, 2023, 01:35 م
    ردود 0
    54 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة mohamed faid
    بواسطة mohamed faid
     
    ابتدأ بواسطة رمضان الخضرى, 22 أبر, 2023, 01:45 ص
    ردود 0
    78 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة رمضان الخضرى  
    ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 20 فبر, 2023, 03:32 ص
    ردود 0
    126 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة د.أمير عبدالله  
    يعمل...
    X