الإسلام والغرب (2) موقف المسلمين من الغرب

تقليص

عن الكاتب

تقليص

سيف الكلمة مسلم اكتشف المزيد حول سيف الكلمة
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الإسلام والغرب (2) موقف المسلمين من الغرب

    - الإسلام و الغرب > موقف المسلمين من الغرب >


    الإسلام و الغرب > الاتجاهات الفكرية المعاصرة >
    الاتجاهات الفكرية المعاصرة

    محاضرة الأستاذ محمد قطب- جامعة الملك سعود عام 1403هـ

    نشأة هذه الاتجاهات

    إن الحديث عن أسباب نشأة هذه الاتجاهات يقودنا إلى السؤال هل اعتنقت أوروبا النصرانية حقيقة؟ والجواب البدهي هو أن أوروبا لم تعرف دين الله و النصرانية التي تزعم اعتناقها إنما هي دين من صنع البشر ، فقد أفسد شاؤول أو بولس على الأوروبيين دينهم بإدخال التثليث إليه حيث جعل الإله الواحد ثلاثة والثلاثة واحداً .ولم يكن هذا هو الإفساد الوحيد فكل دين أو رسالة سماوية تشتمل على جانبين هما العقيدة والشريعة ؛ حيث تهدف الشريعة إلى ضبط السلوك العملي بمقتضى الوحي الرباني، ولكن بولس أو النصرانية التي عرفتها أوروبا فصلت بين العقيدة والشريعة .وقدّم الدين على أنه عقيدة فقط.

    وقد استندت النصرانية في فصلها بين الدين والحياة على عبارة وردت على لسان المسيح عليه السلام في أحد الأناجيل وهي: "أعط مالله لله وما لقيصر لقيصر." وهذه العبارة قسمت السلطان قسمين: قسم لله وقسم لقيصر وهو القسم الأكبر. ويثور تساؤل هنا: هل يمكن أن يعطي المسيح عليه السلام الشرعية لنظام وثني لا يحكم بما أنزل الله. فهذه العبارة لو صحت جدلاً فإنها يمكن أن تفسر بأحد أمرين وهو أن الوقت لم يحن بعد لمواجهة القيصر والمطالبة بتحكيم شرع الله، كما أمر المسلمون في العهد المكي بقوله تعالى {كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} أي لا تقاتلوا القيصر الآن. والأمر الآخر أن عيسى عليه السلام أراد التخلص من اليهود حيث عرف عنهم الحرص على الإيقاع به عند الحاكم الروماني الذي كان يرى أن عيسى كان مسالماً.وقد صرح لهم المسيح بذلك حسب رواية الإنجيل بقوله: يامراؤون جئتم لتمتحونني، وقال تلك العبارة التي فيها تخلص من إحراجهم.

    والأمر المعروف عن رسالة المسيح عليه السلام كما ورد في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم أن الأنبياء كانوا يبعثون إلى أقوامهم خاصة .وقد جاءت عبارة في الإنجيل تؤكد أن عيسى عليه السلام كان مبعوثاً لزمن محدد ولقوم محددين وهذه العبارة: (إنما بعثت لهداية خراف بني إسرائيل الضالة).

    إن أوروبا لم تعرف الدين الحقيقي فلم يتوقف الأمر عند تحريف العقيدة في إدخال مسألة التثليث بل زاد الأمر سوءاً تصرفات رجال الكنيسة حيث ابتدع هؤلاء نظام رجال الدين وهو نظام مصطنع فليس في دين الله عز وجل شيء اسمه رجال دين. ولكن النصارى أوجدوا هذا النظام، وصار لهم لباس خاص ومسوح خاصة، وأصبحوا وحدهم المؤتمنين على تفسير كتاب الله، ويزعمون انه ورد في أناجيلهم على لسان عيسى عليه السلام: "إني أهب سلطاني لكنيستي: "فأصبح من حق الكنيسة أن تشرّع كما تشاء.

    وقد مارست الكنيسة الطغيان والاستبداد في عدة مجالات، وأولها الطغيان العقلي حيث حرّمت على العقول التفكير حينما قدّمت لهم ألغازاً وخزعبلات على أنها العقيدة الصحيحة، ومن ذلك مسألة العشاء الأخير أو العشاء الرباني وهو أن يتناول النصارى الخمر والخبز ليتحول بزعمهم إلى دم المسيح وجسده. وكل من يفكر في هذه المسائل يعد مهرطقاً كافراً. أنشئت لذلك محاكم التفتيش حيث يكفي أن يشار إلى أي إنسان بأنه يفكر أو يخالف الكنيسة ليخضع لصنوف من العذاب والأهوال.

    ومارست الكنيسة طغياناً آخر وهو الطغيان المالي حيث تضخمت أموال الكنيسة وممتلكاتها ففرض على الفلاحين العمل يوماً في الأسبوع سخرة لدى الكنيسة رغم أن هذا الفلاح لا يجد وقتاً للراحة. كما جمعت الكنيسة العشار بالإضافة إلى الإتاوات المختلفة وما تحصله الكنيسة من الوصايا.

    وظهر طغيان الكنيسة في الجانب العلمي حيث قدّمت للناس بعض الأفكار على أنها حقائق علمية. فلما اكتشف العلماء أن هذه الحقائق المزعومة لا أساس لها من الصحة وأعلنوا هذه الآراء تعرضوا للحرق والتعذيب، ومن اشهر هؤلاء جاليليو وجوردن برونو وكوبرنيكس. ويعود السبب في محاربة الكنيسة للعلم أن عقائدها وسلطانها قائم على الخرافة، فالعلم يكشف زيف عقيدتها.

    وأما سبب ظهور هؤلاء العلماء الذين خالفوا الكنيسة فالمصادر الغربية تهمل السبب الحقيقي بينما علينا نحن المسلمين أن نذكر ذلك فقد تأثر هؤلاء العلماء بما تلقوه عن المسلمين من علوم. ولذلك اهتمت الكنيسة بمحاربة الإسلام عن طريق تشويه صورة الإسلام في نظر الغربيين لتنفيرهم منه واستمرار سيطرتها عليهم. ولذلك عندما بدأ الأوروبيون نهضتهم رجعوا إلى أصولهم اليونانية الرومانية، فأنشأوا نهضتهم على أساس وثني.

    وعندما بدأت النهضة في أوروبا ظهرت مصطلحات تخصهم ولكننا أخذناها منهم دون معرفة حقيقتها ومن هذه المصطلحات "المفكر الحر" ويعني الملحد لأن الحرية في نظرهم كانت تعني الإلحاد. ومن هذه المصطلحات كذلك العلوم الإنسانية وهي تعني العلوم التي لا تخضع لتوجيه الوحي أو الاستقاء من الوحي .وانتشر هذا المصطلح في العالم الإسلامي فتجد في كل مكان تقريباً :كلية الآداب والعلوم الإنسانية. فعلينا في العالم الإسلامي أن نبحث عن أسماء من تراثنا ونتجنب المسميات الغربية.وما تحويه من سموم.

    وهكذا نشأ العلم في الغرب معانداً للدين فحتى ذكر كلمة (الله) يعد أمراً غير علمي.ومن الأمثلة على ذلك المفكر والعالم الفرنسي المتخصص في الأحياء كان عالماً بارزاً في مجاله فلمّا كتب كتابه (الإنسان ذلك المجهول) وتحدث فيه عن الدين أصبح ينظر إليه باحتقار.والعالم الفرنسي المتخصص في الجينات موريس بوكاي اقتنع بالإسلام ولكنه كان يخشى من إعلان إسلامه خوفاً أن يستهزأ به ولا يقبل كلامه. وقد أعلن إسلامه وأصدر كتابه (العلم الحديث بين التوراة والإنجيل والقرآن)

    وجاءت الثورة الفرنسية لتحطم الإقطاع وما بقي للكنيسة من نفوذ في مجال السياسة، وقد حرّك هذه الثورة الحقد المكبوت في قلوب العبيد، ولكن اليهود سارعوا إلى الدخول في الثورة الفرنسية واستخدموا مؤسساتهم السرية حيث كانت الماسونية منتشرة كثيراً في فرنسا. فهم لم يصنعوا الثورة كما يزعمون ولكنهم أشعلوها كعود الثقاب فالبارود موجود وأسباب الثورة موجودة، وقد قام بها غيرهم. وهكذا حوّل اليهود الثورة من ثورة على رجال الدين إلى ثورة على الدين نفسه. فالثورة حررت عبيد الأرض ولكن اليهود دخلوا فيها لتشكيل الفكر الأوروبي منذ ذلك الحين وحتى الآن. فلليهود أصبع في كل هذه المذاهب. فمن أين جاء اليهود بالسيطرة على العقل الأوروبي الذي أصبح ضد الدين وضد الأخلاق وضد القيم؟

    إن مخطط اليهود كما تشرحه التوراة والتلمود يفرض على اليهود أن يسيطروا على البشر جميعاً بزعم انهم "شعب الله المختار".فالشعوب الأخرى يطلق عليها عندهم "الأمميين" أي كل الأمم من غير اليهود.وأن الشعوب الأخرى هم حمير لليهود. فمن أين أتى مصطلح الحمير أو الاستحمار؟ إننا نجد ذلك في كتاب الله العزيز حينما وصف الأمة أو الفرد أو الجماعة التي ينزل عليها كتاب ولا تتبعه فهم كالحمير {مثل الذين حمّلوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً} وقوله تعالى {كأنهم حمر مستنفرة فرّت من قسورة} وقوله تعالى {أولئك كالأنعام بل هم أضل}.

    والأوروبيون هم الذين استحمروا أنفسهم فصاروا حميراً ذلولة ل "شعب الله المختار" لأن خروج الأوروبيين من الدين جعلهم حميراً جاهزة للركوب.. أما كيف توصل اليهود إلى السيطرة على الأوروبيين فكان من خلال طريقين أحدهما اقتصادي والثاني فكري. فالسيطرة الاقتصادية حصلت عندما بدأت الثورة الصناعية في أوروبا وكانت الصناعة في حاجة إلى المال، وكان اليهود وأمراء الإقطاع هم الذين يملكون المال. فأما أمراء الإقطاع فأصلهم فلاحون، والفلاح يخشى أن ينفق المال على أمر لا يعرف مردوده، وكانت الصناعة في بدايتها مغامرة كبرى(وما تزال) فتراجع رجال الإقطاع وتقدم اليهود الذين يعرفون كيف يقرضون المال ولا يخسرون شيئا، فهم يقدمون المال بأرباح ربوية، وتقدم لهم الضمانات.

    ومع تمكن اليهود من السيطرة الاقتصادية دخلوا الميدان الفكري وذلك من خلال وسائل الإعلام التي استطاعوا من خلالها توجيه الفكر وصناعة الرأي العام. وثمة نظرية خاطئة وهي: أن الجمهور هو الذي يصنع الرأي العام بل الإعلام هو الذي يصنعه. ومن خلال نفوذهم الفكري روجوا لفكر ماركس وفرويد ودوركايم. كما اعتمدوا على نظرية داروين فبالرغم من انه ليس يهودياً لكنه استغلوا نظريته في نشر أفكارهم. وهذا ما يقوله أحد البروتوكولات: "نحن الذين رتبنا نجاح داروين لأننا نعرف تأثير أفكاره."

    الأخلاق والحياة الاجتماعية

    وانفلت الأوروبيون في مجال الأخلاق والحياة الاجتماعية، فحطموا كل ما بقي من قيم وأخلاق يتمسكون بها ،وكان للداروينية أبعد الأثر فهي التي أقنعتهم بحيوانيتهم ،وفي الحقيقة إن الإنسان إذا ما تخلى عن القيم فيصبح بالتالي أكثر حيوانية من الحيوانات أنفسها .وقد سمحت أوروبا لنفسها أن تبيح العلاقات المحرمة فليس في القانون ما يمنع من الممارسات الجنسية بين الأقارب (الأبناء والأخوات وغير ذلك). وهم في هذا أضل من الأنعام فالحصان لا يأتي أمه. وقد خدع حصان ليأتي أمه فما كان منه الاّ أن انتحر حينما أدرك ذلك. والجمل لا يمكن أن يأتي أنثاه بمرأى من أي إنسان ولو علم أن إنسانا شاهده لقتله ولو بعد حين.

    أما ما بقي من أخلاق التعامل اليومي التي يخدع بها العرب والمسلمون من حيث الاهتمام بالمواعيد والابتعاد عن الغش التجاري، وعدم الكذب في الأمور العامة أو السير على الرصيف بأدب حتى أن هذه الأخلاقيات راعت الشيخ محمد عبده حينما زار أوروبا فعاد يقول: "رأيت إسلاماً ولم أر مسلمين". وهذه بالفعل أخلاق جميلة والمسلمون أولى بها. وإنما هي في الحقيقة أخلاقا نفعية، وليست أخلاقاً أخلاقية. والأخلاق النفعية هي أخلاق التاجر اليهودي فهو لا يتعجل في نهب الزبون بل يتودد إليه ويصدق وينضبط لكي يستجلب رضى الزبون. وهذا عكس التاجر في مكة هذه الأيام الذي يصر على أخذ ما جيب الزبون من أول مرة.

    كيف وصلت إلينا هذه الاتجاهات؟

    هذه هي أوروبا وهذه الظروف التي أنشأت الانحراف أما نحن فما بالنا ؟لماذا تشربنا هذه السموم؟ هل عندنا كنيسة تنفرنا من الدين ،هل في ديننا خزعبلات مثل التثليث، الصليب، التكفير، هل عندنا كهنوت، هل عندنا رجال دين ففرضوا علينا ما ليس من عند الله؟ ماذا أصابنا فتقبلنا هذه المذاهب الهدامة فاعتنقناها وصرنا ندعو إليها؟

    لقد كان الإسلام في القمة وبدأنا في النزول من القمة في عهد الخلافة الراشدة إلى الحضيض حتى أصبحنا غثاء كغثاء السيل وهو ما جاء في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم (يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، قلنا أو من قلة نحن يومئذ يا رسول الله فقال بل أنتم كثير، ولكنكم كغثاء السيل. وظلت الأمة الإسلامية تهوي من الذروة العالية( تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها الاّ هالك) .ولم يكن الهبوط مستمراً في خط بياني بل كان متذبذباً بسبب الانحرافات وهي كثيرة ولكن أبرزها ما يأتي:

    1- التفلت من التكاليف الربانية، وهو أمر بشري حيث قال الله عز وجل عن آدم عليه السلام (وعهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما) ويقول جل وعلا ( وخلق الإنسان ضعيفاً) ولكن العلاج هو التذكير( فذكر إن الذكرى تنفع المؤمنين). ولكن الأمة الإسلامية ظلت تنسى وتغفل ولم يكن التذكير فعالاً.

    2- الصوفية والفكر الإرجائي: لقد دخل الحياة الإسلامية تياران متضادان :الأول الصوفية وعيبها الأساس هو أنها تطمع العبد برضى مولاه دون التكاليف ومن ذلك أن الورد الذي يقال عشر مرات أو مئة مرة أو غير ذلك كفيل بحصول الإنسان على مرضاة الله عز وجل. أما الفكر الارجائي فهو الذي يرى أن الإيمان هو التصديق بالقلب والإقرار دون العمل. وكما يقول العامة (ربّك رب قلوب ما دام قلبك عمران فلا يهمك ما تفعل)0

    3- الاستبداد السياسي: وقد بدأ الاستبداد السياسي منذ الدولة الأموية وتظهر خطورة الاستبداد السياسي في أنه حوّل الإسلام تدريجيا من ممارسة جماعية إلى ممارسة فردية .وصار الناس يتمسكون بالإسلام في حياتهم الخاصة خوفاً من السلطان. وهكذا ظل الإسلام ينحسر في نفوس المسلمين بدءاً بمفهوم لا إله الا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم والعمل بمقتضاها في مجالات السياسة والاقتصاد والاجتماع وغيره ،فقد وقر في أنفس المسلمين أن مجرد التلفظ بالشهادتين يضمن لهم الجنة. ومن المهم أن ندرك أن مفهوم العبادة أيضا تعرض للتحريف فحياة المسلم كلها عبادة وهذا ما جاء في قوله سبحانه وتعالى {وما خلقت الإنس والجن إلاّ ليعبدون} فالتكليف بالجهاد والصلاة والحج وغيرها عبادة {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين} فالعبادة ليست هي الشعائر التعبدية. فقد جاء قوله تعالى {الذين يذكرون الله قياما وقعوداً وعلى جنوبهم} فمعناها يذكرون الله سبحانه وتعالى في كل لحظة،ما ذا يريد الله منّا في هذه اللحظة، هل نحن في الحلال أو في الحرام؟ فذكر الله عمل سلوكي وليس فقط باللسان.

    وهكذا فقد حدث تخلف عقدي نشأ عنه تخلف حضاري وسياسي واقتصادي. فالتخلف الحضاري الذي تعاني منه الأمة الإسلامية في العصر الحاضر إنما هو عرض لمرض سابق وهو التخلف العقدي. وفي هذه الأثناء جاء الغرب الصليبي بجيوشه فهزم العامل الإسلامي وانبهر المسلمون أمام أعدائهم ،ولم يكن الانبهار بسبب الهزيمة العسكرية ففي المرة الأوروبية التي وقعت فيها الحروب الصليبية تمسك المسلمون بعقيدتهم ولم يحنوا أرواحهم كما فعلوا في المرة الأخيرة. ذلك أنهم كانوا في المرة الأولى يدركون قوله تعالى {ولا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الأعلون إن كنتم مؤمنين}

    ولما جاءت الصليبية في المرة الثانية في الحملات الاستعمارية فإن المسلمين ذلوا لأن الإيمان لم يكن صادقاً. أما القول بأن السبب هو الفارق الحضاري فليس صحيحاً ذلك أن المسلمين واجهوا حينما خرجوا في الفتوحات الإسلامية حضارات أرقى مما عرفوا ولكنهم كانوا ينتقون منها انتقاء السيد الحر المال لأمره. فتعلم المسلمون الإغريقية ليترجموا العلوم، ولم يترجموا الأساطير.وفي حركة الأخذ الثانية أصبح يقال من لم يعرف الأساطير اليونانية فلا يستطيع أن يكون أديباً ولن يكون في المرة الأولى كان المسلمون يحتقرون الصليبيين لدياثتهم وانهم لا أعراض لهم وكانوا يقولون عنهم أنهم عبّاد الصليب.أما في المرة الثانية فقد كتبت مجلة روز اليوسف "إلى متى نظل رجعيين يكون الواحد مع زوجته وتلقى صديقها فيصر الزوج على البقاء مع زوجته ولا يسمح لها بالتحدث بحرية؟".

    إننا لمّا تخلفنا وانبهرنا أقبلنا على الفكر الممسوخ وتركنا ما يخرج بنا من وهدتنا ويرتفع بنا إلى الرقي تركنا ما عندهم من علم، وتركنا جلدهم على العمل، وتركنا ما عندهم من تنظيم عبقري. ما ذا أخذنا منهم؟ يخرجون نساءهم عرايا فقلنا هذا هو التقدم، وهذا مصداق لقوله صلى الله عليه وسلم بأننا سنتبعهم حذو القذة بالقذة، وحتى لو دخلوا جحر ضب لدخلناه. وجدناهم يرقصون فشجعنا الرقص، وجدناهم يشربون الخمر فشربناها مثلهم، وجدناهم يلعنون دينهم وينسلخون منه فقلدناهم في ذلك.


    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 6 نوف, 2020, 05:37 ص.
    أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
    والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
    وينصر الله من ينصره

  • #2
    الإسلام و الغرب > الديموقراطية >
    الديموقراطية(*)

    هذا الموجز الذي بين أيديكم ليس هو كل المطلوب منكم معرفته، ولكنه بمنزلة رؤوس الأقلام أو الخطوط العريضة التي يجب أن تقودكم إلى معرفة أوسع بهذه الاتجاهات الفكرية المعاصرة، فأنتم تتخرجون قريباً بإذن الله ومن المتوقع منكم أن تدركوا هذه النظريات السياسية وموقف الإسلام منها. وكذلك أنتم في سنّ التحصيل الآن فإذا فاتتكم الفرصة الآن فقد يصعب توفرها مستقبلاً حينما تنشغلون في الحياة العملية(والزوجة والأبناء مجهلة مبخلة مكسلة). كما لا بد أن تدركوا أن هذه أمانة تسألون عنها يوم القيامة كيف حصلتم على الشهادة وتوظفتم بها وكنتم لا تستحقونها.

    تستخدم كلمة الديموقراطية بمعنيين متميزين ولكن بينهما علاقة ببعضهما فلها معنى سياسي محدد وآخر عام واجتماعي.

    والكلمة في أصلها اليوناني مشتقة من كلمتين هما ديموس وكراتيس، وديموس معناها الشعب، وكراتيس معناها الحكم أو السلطة. وبهذا يكون معنى الديموقراطية هو شكل الحكومة التي تكون فيها القوة السياسية في يد المواطنين، وهنا يقصد بالديموقراطية تميزها عن الحكم الاستبدادي أو الفوضوي، بمعنى غياب الحكومة أو حكم كل فرد بنفسه.

    ولفهم وجهة نظر الفلاسفة اليونانيين فمن الضروري أن نعرف شيئا عن التطبيق الفعلي للديموقراطية اليونانية. فثمة حقيقتان مهمتان: الأولى انتشار الرق الذي لم يكن مسموحاً به فحسب بل كان أساسياً للديموقراطية اليونانية. فقد كان عدد سكان أثينا يقدر بثلاثين ألفاً ويقوم بخدمتهم مئة ألف من الرقيق. والحقيقة الثانية اشتراك جميع المواطنين الأثينيين في الحكم، حيث كانت القوانين تسن في اجتماعات جماهيرية حاشدة، ويتم اختيار المسؤولين بالقرعة على أساس دوري، وحتى الأحكام القضائية يتم التوصل إليها بتصويت مباشر بعد محاكمة صورية. وهذا يعني أن ينفق كل مواطن أثيني وقتاً كبيراً في القضايا العامة.

    وكان رأي بعض الفلاسفة أن لا يزيد عدد المواطنين على خمسة آلاف شخص، ولا يزيد حجم المدينة عن تلك التي يمكن أن يقطعها الإنسان مشياً على الأقدام من الصباح حتى المساء. ولما كانت هذه الصورة غير ممكنة دائماً فقد نادى بعض الفلاسفة بحكم طبقة من العقلاء والفضلاء .ورأى بعضهم أن الديموقراطية هي التي تسود فيها مصالح الطبقة الفقيرة على مصالح الطبقة الغنية.

    ورغم النقد للممارسة الديموقراطية لكنهم رأوها طريقة حياة مبنية على مجتمع يتكون من مواطنين أحرار ومتساوين، إنه المجتمع الذي يعترف بقيمة كل فرد وأهميته وهو مجتمع لا يؤمن بأي امتيازات يحصل عليها الفرد من الولادة بسبب نسبه أو ثروته أو مكانته الاجتماعية.

    خصائص النظام الديموقراطي الأساسية:

    1- سيادة الشعب: ومعناها السلطة العليا التي لها حق التشريع وهي فوق الجميع والسلطات هي:

    أ- التشريعية وعملها وضع الأحكام وتعديلها وإلغاؤها ومراقبة تنفيذها.

    ب- السلطة التنفيذية: ومهمتها تنفيذ القانون أو الإرادة الشعبية.

    ج- السلطة القضائية: ومهمتها القضاء فيما يعرض عليها وفقاً للأحكام والقوانين.

    2- مبدأ الشرعية: ويعني سيادة القانون الذي يخضع له الجميع من حكام ومحكومين.

    3- الحقوق والحريات العامة: ويمكن تقسيمها كما يرى الدكتور علي جريشة إلى قسمين:

    أ- المساواة أمام القانون وأمام القضاء وأمام الوظائف والضرائب

    ب- الحرية ويندرج تحتها الحرية الشخصية والحرية السياسية والحرية الاقتصادية.

    ويمكن تفصيل هذه الحريات اكثر ولكننا نتوقف عند الحرية الشخصية التي يقسمها الدكتور علي جريشة الى ما يأتي:

    -- حق الحياة، وحق التنقل، وحق الأمن، وحق عدم جواز الاسترقاق، حرمة السكن، سرية المراسلات .أما الحريات المعنوية فمنها حرية التفكير العلمي، وحرية الاعتقاد وحرية التعبير عن الرأي، وحرية الشكوى وأخيراً حرية التعليم.

    ويقول الأستاذ محمد قطب:" لم يكن الأمر سهلاً مع ذلك ولا ميسراً للراغبين، فقد احتاج إلى صراع طويل ومرير حتى استوى على صورته الحالية، وكانت "المكاسب الديموقراطية" تأتي متقطعة ومتجزئة ولا تأتي إلاّ بعد معارضة طويلة من الذين بأيديهم السلطان ولا يرغبون في التنازل عنه، وبعد قيام الشعب بالإضراب والعصيان والتمرد، .تتعرض دعاة الحرية إلى السجن والاعتقال والتشريد بتهمة إثارة الشعب والتحريض على الإخلال بالنظام."

    الديموقراطية في العصر الحديث

    ظلت الديموقراطية كلمة لا تعني كثيراً في السياسة حتى الثورة الأمريكية (من وجهة نظر موسوعة جرويلر الأمريكية)، وظهرت ثلاث قوى يمكن أن يرجع إليها الفضل في ظهور الديموقراطية الحديثة وهي:

    1- مثاليات عصر النهضة.

    2- نظرية الكنيسة البروتستانتية وممارساتها.

    3- نشأة الطبقة الوسطى وازدياد قوتها بسرعة (نتيجة الثورة الصناعية)

    وبالرغم من أن النهضة والكنيسة لم تتسببا مباشرة في ظهور الديموقراطية لكنهما كانتا سببا في هدم النظام القديم، والتركيز على أهمية الفرد. ويرجع البعض ظهور الديموقراطية إلى بداية القرن السابع عشر.

    من أقوال بعض مفكري الغرب في الديموقراطية

    · يقول المفكر الأمريكي جون ملتون: " أعطني الحرية لأعرف، ولأتكلم وأناقش بحرية وفقا للضمير."

    · ينسب لبعض مفكري الثورة الفرنسية والثورة الأمريكية القول: " كل الرجال أحرار، ولهم حقوق لا يمكن التنازل عنها، ومن هذه الحقوق الحياة والحرية والسعي نحو السعادة."

    من عيوب الديموقراطية في نظر أهلها

    كتب المفكر الفرنسي الكسيس دي توكفيل كتاباً بعنوان الديموقراطية في أمريكا في مجلدين سنة 1850 م. ويعد هذا الكتاب أفضل تحليل للمجتمع الأمريكي والسياسة الأمريكية(موسوعة جرويلر)، وكذلك كتب باحث آخر هو جون ستيوارت ميل (1806-1873م)، وقد تخوف الاثنان من أن تصبح الديموقراطية كغيرها من الحكومات في الاستبداد وتدمير الحقوق الإنسانية والإبداع. وأشارا إلى أن مؤيدي هذا النظام لم يثبتوا بنجاح أن إنشاء النظم الديموقراطية سينهي كل التهديد للحرية، بل على العكس أحس الاثنان بأن هذه الأنظمة قد تتحول إلى استبداد الغالبية. وقد أشار ميل في مقالة له عن الحرية عام 1859م بأن الحكم الذاتي الذي يتحدث عنه الديموقراطيون لم يتضمن حكم كل فرد بنفسه بل الحكم على كل فرد من قبل بقية المجتمع أو الغالبية وفي هذه الحالة ما الذي يضمن حرية الفرد؟

    ولقد قيل عن الديموقراطية "كانت حلم القرن الثامن عشر، وإنجاز القرن التاسع عشر ومشكلة القرن العشرين. ومن المشكلات التي نشأت الميل لتطوير الفساد في الآليات السياسية واستبداد الغالبية واللامبالاة الشعبية وسياسة جماعات الضغط، وعدم الاستقرار الحكومي. وقد هزت هذه المشكلات أولئك الأكثر تفاؤلاً من مؤيدي الديموقراطية.

    وقد أورد الدكتور فوزي طايل في كتابه (ثقافتنا في ظل النظام الدولي الجديد) الى رأي عالم الاجتماع الايطالي روبرت ميشلز الذي يقول فيه:" إن الديموقراطية وهم وزيف، وأنها حكم القلة كأي نظام آخر. أما وهم المشاركة الشعبية فقد قدم الدكتور فوزي مثالاً على نسبة الناخبين الذين يستخدمون حقهم في الاقتراع وأنه مهما ارتفعت نسبة المشاركة الشعبية فلن يكون حظ أي رئيس أن يزيد عدد الذين يرتضون رئاسته تزيد على عشرين بالمئة من أفراد الشعب.

    الديموقراطية في ميزان الإسلام

    وقبل أن نزن الديموقراطية بميزان الإسلام لابد من كلمة عما يتردد من أن في الإسلام ديموقراطية جاءت امتداداً للديموقراطية العربية زاعمين أن العرب قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا بدواً أحراراً لا يعرفون طغيان الملوك، ولا يخضعون لسطوة الحاكمين من الأكاسرة والقياصرة. ولكن الواقع التاريخي يؤكد عكس ذلك بأن العرب خضعوا لملوك طغاة مستبدين فمن ملوكهم الطغاة كليب بن وائل بن ربيعة الذي ضرب فيه المثل "أعز من كليب" والذي بلغ من عزه أو قل طغيانه وجبروته انه كان يحمي الكلأ، وكان يجير الصيد فلا يهاج.

    ومن ملوك العرب أيضاً عمرو بن هند وله قصة طريفة وهي انه كان لا يرى في نساء العرب من يحق لها أن تأنف من خدمة أم الملك (أمه)وكان ما كان من قصة الشاعر عمرو بن كلثوم الذي قربّه إليه حتى كان من أقرب الناس إليه، ولكن لمّا علم أن للشاعر أمّا يحبها أراد أن تأتي وتخدم أمه. وقتل الشاعر الملك وقال فيه تلك القصيدة المشهورة التي من أبياتها:

    بأي مشيئة عمرو بن هند نكون لخلفكم فينا قطينا

    تهددنا وتوعدنا رويداً متى كنّا لأمك مقتوينا (خدماً)

    وإذا كان الغرب يرى أن ديموقراطيته هي أفضل نظام ابتدعه البشر فإن الإسلام بأعظم نظام جاء من عند رب البشر. وما صرّح به الرئيس الأمريكي الحالي(بيل كلنتون) عن أن النظام الأمريكي هو أفضل نظام، ويجب على العالم أجمع أن يأخذ به، يجب أن نستطيع الرد عليه بما لدينا من تشريعات سماوية هادينا في ذلك قول الحق تبارك وتعالى{وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس}، فالشهادة لنا وليست لأمريكا أو غيرها، ولكن لما ضعف تمسكنا بالإسلام حُقَّ للرئيس الأمريكي أو غيره أن يقول ما يشاء.

    يقول محمد شاكر الشريف في كتاب له بعنوان (حقيقة الديموقراطية) بأن هذا النظام يستحق أن نطلق عليه (حكم الطاغوت)، ومعنى ذلك أن يكون الأمر والنهي كله لغير الله سبحانه وتعالى، أو يكون بعض الأمر والنهي والتشريع لله والبعض الآخر لغير الله جل وعلا. ولذلك لا يستقيم إيمان عبد ولا يصح له إسلام حتى يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله لأنهما ضدان لا يجتمعان أبداً .قال تعالى {فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم}

    أما تفصيل ذلك فكما يأتي:

    أولاً : حرية الاعتقاد يحق للمواطن في ظل النظام الديموقراطي أن يؤمن بأي دين شاء، وله أن يغير دينه متى شاء، فليس في هذا النظام جريمة الردّة لأن العقيدة والإيمان مسألة شخصية بين العبد وربه.

    ثانيا: في مجال الأخلاق: فما دام البشر هم المشرعون فقد انطلق الناس يمارسون ماشاؤوا من الرذائل والموبقات. وهاهي أمريكا في العصر الحاضر وغيرها من دول أوروبا تنتشر فيها أنواع الجرائم ويصبح للشواذ حقوقاً يحميها الدستور. بل إن هؤلاء الشواذ أصبحوا مميزين في عهد الرئيس الحالي لأنهم فيما يبدو قدموا له أصواتهم. وقد بلغ من الشواذ أن يكون لهم أحياء خاصة وكنائس ومتاجر وملاهي وغير ذلك. ومن القضايا المهمة في انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2004م قضية زواج المثليين(الإناث والذكور) وظهرت قضايا قانونية حول حقوق المتزوجين من الشاذين ومسائل الطلاق والنفقة وغير ذلك)

    ثالثا:الاقتصاد: لقد عُبِدَت المادة من دون الله سبحانه وتعالى، فأصبح للأفراد الحرية المطلقة في نشاطهم الاقتصادي فأصبح الربا والاحتكار والغش والاستغلال أموراً مباحة.

    ويرى الأستاذ محمد قطب أن الحكم والتشريع في النظم الديموقراطية قد انتقل من الشعب إلى الطبقة الرأسمالية التي تملك وتحكم، ولا معقب من البشر لحكمها، وإن كان التشريع -نظريا- من الحق الشعب، والتعقيب-نظريا- في يد الشعب. وأما الحرية في النقد ووسائل الإعلام فهذه يملكها أيضا الرأسماليون


    - الحواشي :
    * هذا الموجز قدمته لطلابي في كلية الدعوة في المدينة المنورة حينما كنت أدرّس مادة (الاتجاهات الفكرية المعاصرة)
    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 6 نوف, 2020, 05:38 ص.
    أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
    والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
    وينصر الله من ينصره

    تعليق


    • #3
      الإسلام و الغرب > هل يفيق المنبهرون بالغرب؟ >
      الانبهار بالغرب القوي صاحب الحضارة المسيطرة في العصر الحاضر داء قديم أصاب أفراداً من الأمة الإسلامية فتأثروا بهذه الحضارة الغربية الوافدة، وكان لهم تأثير سيء في بلادهم، وقد كتب جمال الدين الأفغاني عن ذلك قبل ما يقرب من مئة عام قائلاً: "علّمتنا التجارب ومواضي الحوادث بأن المقلدين من كل أمة المنتحلين أطوار غيرها يكونون فيها منافذ وكوى لتطرق الأعداء عليها، 000 ويصير أولئك المقلدون طلائع لجيوش الغالبين وأرباب الغارات يمهدون لهم السبيل يفتحون الأبواب ثم يثبتون أقدامهم ويمكنون سلطانهم. "(العروة الوثقى،ص 59)

      ولما كنا ما نزال نعاني من حالة الانبهار هذه ،ولا يمكن علاجها إلاّ بمعرفة الغرب معرفة دقيقة فإنني سأعرض في هذه المقالة صوراً من حياة الغرب يمكن أن نعدها من الاستشراق المضاد أو ما سمّاه البعض الاستغراب، فلعل هؤلاء المنبهرين بالغرب يراجعون أنفسهم ويحاولون أن يعرفوا قدر هذه الأمة التي اختارها ربنا سبحانه وتعالى لتكون أمة الشهادة والأمة الوسط.

      وأبدأ هذه المقالة بما كتبته الكاتبة الأسبوعية بجريدة التايمز اللندنية (ليبي بيرفز)ومقالتها التي أترجم فقرات منها ظهرت يوم 12 أغسطس 1994م بعنوان "عندما يتحول الخجل وتورد الخدين الى وقاحة وتبلد" .وقد جاء في الفقرة الأولى" ذكرت الأنباء أن رئيس البلدية الجديد لمدينة ليفربول قد حُكِمَ عليها ثلاث مرات بتهمة التسكع كمومس عمومي على مدى خمس سنوات حتى عام 1978م، وقد أطلق سراحها بشروط بسبب أربعة عشر اتهاماً عام 1980م، وحكم عليها بغرامة قدرها خمسمئة جنيه عام 1990م بسبب حصولها على أملاك من أملاك الدولة بطريق الخداع " وتعلق الكاتبة بقولها: " ثمة دهشة وصدمة مؤلمة بالطبع، ولكن لدى عضوة المجلس البلدي التي ترى أن تقدمها في المناصب بخطوات ثابتة يجب أن لا يثير كل هذا الاهتمام فليس في تاريخها -كما ترى هي- ما يدعو إلى الخجل "

      أما الفقرة الثانية من مقالة الكاتبة نفسها فهي حول معلمة التربية الدينية في مدرسة كاثوليكية حيث حملت المعلمة سفاحاً من مساعد القسيس. وقامت المعلمة فيما بعد ببيع قصتها لوسائل الإعلام. وهي التي شعرت بالفزع والغضب فيما بعد حيث تحدثت بنبرة جريحة أمام المحكمة عن التصرف المخيف للمدرسة التي تعمل بها زاعمة بأن المدرسة كانت قاسية حيث عرضت المدرسة على المعلمة (الحامل سفاحا) أن تدفع لها مصاريف الحمل ومكافأة الخدمة ومبلغاً نقديا كبيرا بشرط أن تترك المدرسة لأن إدارة المدرسة (رغم الصدمة المخيفة للمعلمة) رأت أنها ليست الشخص المناسب لتعليم العقيدة الكاثوليكية والعلاقات الشخصية.

      نعم إن في الغرب عقلاء يغارون على القيم الإنسانية الرفيعة، فقد ذكر القرآن الكريم أنه كان يظهر في زمن الأنبياء حين تشتد عداوة الكفر وتزداد وقاحته أناس تكون فطرهم سليمة يدافعون عن الحق ويؤمنون بالمثل العليا. فهذه الكاتبة صاحبة أسلوب أدبي رفيع أغاظها هذا الانحدار الأخلاقي وهذه الجرأة على القيم والأخلاق والفضيلة فكتبت مستنكرة، ومع ذلك فسوف يضيع صوتها في زحمة المدافعين عن المومس التي تسعى لتصبح رئيسة بلدية أو المعلمة التي لا ترى عيباً في الحمل السفاح من مساعد القسيس، وترى قرار المدرسة ظالماً لأنه يطلب منها أن تترك التدريس بعد أن عرض عليها عرضاً مغريا، وتصر على أنها صالحة لتدريس التربية الدينية والأخلاق.

      وقريباً من هذا الملف الذي خصصته مجلة التايمز الأمريكية حول الخجل أو الحياء، وعجيب أمر هذا العالم يفتقد إلى الحياء والخجل ولا يدري أن الأخلاق إن لم يكن منبعها الدين فلا ثبات لها. نعم الفطر السليمة تتفق على مجموعة من الأخلاق الأساسية، ولكن الفطر تعرضت لهجوم دام مئات السنين فلن يعيدها الى سلامتها الا الدين ، وليس كالدين الاسلامي في تعليم الحياء .فهذا رسولنا وسيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم كما يصفه أصحابه الكرام في الحديث الذي رواه ابن ماجة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (كان أشد حياءً من عذراء في خدرها، وكان إذا كره شيئا رئي ذلك في وجهه) وكان يأمر بالحياء فقد روى الترمذي في سننه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم (استحوا من الله حق الحياء، قال: قلنا يا رسول الله إنا نستحي والحمد لله، قال: (ليس ذاك ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى ولتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء).

      التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 6 نوف, 2020, 05:36 ص.
      أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
      والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
      وينصر الله من ينصره

      تعليق


      • #4
        الإسلام و الغرب > الغرب والتفكير المنطقي >
        يتردد في وسائل الإعلام الغربية المختلفة بين الحين والآخر أن أخشى ما تخشاه الدول الغربية وبخاصة فرنسا انه عندما يحكم الإسلام في بلد ما فإن هذا البلد سيفرغ من أهله تماماً أو من العلمانيين منهم وستكون الهجرة إلى أوروبا بالملايين. وقد كتبت مجلة "المحتار"(الريدرز دايجست) Reader's Digest عن امرأة من بلد عربي محافظ طلبت اللجوء السياسي، وترددت السلطات الكندية، وكان المبرر أن السماح لها سيفتح الباب أما الملايين من النساء المسلمات للهجرة لأنهن لا يحصلن على حقوقهن في بلادهن.

        لم يكن يخطر ببالي أن أحلل هذه الافتراءات لأنها تتكرر كثيراً، ولكني بعد أن قرأت مقالة الأستاذ رضا لاري في جريدة المدينة المنورة يوم الأحد 14 شعبان 1415هـ الذي يقول فيه: "إن الطلبة الذين تخرجوا من هذه المدارس الأجنبية اكتسبوا القدرة على التفكير وسبل استخدام العلم فيما يخدم أوطانهم.." وكأن الأستاذ لاري يرى أن هذه المدارس تعلم التفكير وسبل استخدام العلم. قد يكون هذا صحيحا في بعض الأحيان فنعمة التفكير السليم يهبها الله عز وجل من يشاء من عباده سواءً درسوا في مدارس أجنبية أم يعرفوا هذه المدارس مطلقا.والقدرة على التفكير وسبل استخدام العلم تتعطل حينما يتعلق الأمر إلأّ حينما يتعلق الأمر بقضايا الإسلام والمسلمين ، وما زلت أذكر حواراً مع أحد خريجي مدرسة الملكة فيكتوريا مجّد فيه إنجازات مصطفى كمال (أتاتورك) وأضفى عليه من صنوف العظمة حتى كدت أظنه يتحدث عن الخلفاء الراشدين .وفي غير مقالة الأستاذ رضا نجد الكثيرين يزعمون أن الغرب هو منبع التفكير العلمي، وحتى إن زكي نجيب محمود في محاضرة له في النادي الأدبي في جدة قبل أكثر من عشرة أعوام زعم أن البشر ينقسمون إلى ثلاثة أصناف :الأول الأوروبيون يتميزون باستخدام العقل والمنطق فاليونان هي مهد التفكير المنطقي.والقسم الثاني هم العرب وغيرهم الذين تغلب عليهم العاطفة، والقسم الثالث وهم العجم وجنوب شرق آسيا الذين يغلب عليهم الفن والتأمل.

        ولست في مجال الرد على هذه التقسيمات لكني أريد أن أناقش منطقية وعلمية هذه الافتراءات لأننا ابتلينا بأن بعضنا يرى أن كل ما يأتي من الغرب هو الصواب والحق. فهل صحيح أن الناس يفرون من الإسلام إذا حكم؟ وكأني بالغرب في نشره لهذه الفرية كمثل أشعب حين ضاق بالصبيان يطاردونه فحثهم على الذهاب إلى وليمة في أحد البيوت، ولما تركوه فكر قليلا أن الأمر قد يكون صحيحا فلحقهم.

        لقد مرت هجرة المسلمين إلى ديار الغرب بعدة مراحل: إحداها أن الغرب كان في حاجة إلى عمالة رخيصة أقرب إلى السخرة فلجأ إلى أبناء المستعمرات فأغراهم بالهجرة إلى بلده لبناء المرافق الأساسية مثل القطارات التحتية وغيرها . وكذلك احتاج إلى أبناء المستعمرات في حروبه ؛فقد فرضت فرنسا التجنيد الإجباري على شعوب مستعمراتها عام 1911م، وفي عام 1914م وجدت من هؤلاء مئات الألوف للعمل في جيوشها للدفاع عنها أو للعمل في مصانعها لتغطية النقص الحاصل بسبب الحرب .

        وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية رأت أوروبا أنه لا طاقة لها باستمرار الاحتلال العسكري فوجدت من أهل البلاد المستعمَرة من يستطيع أن يحل محلها وتجد مصالحها من يرعاها. وتوقفت الحروب داخل أوروبا لتشتعل في كل مكان مخلفة أوضاعاً اقتصادية واجتماعية وسياسية صعبة جدا، ولذلك لم يكن من الممكن لذوي الطاقات الفكرية والعلمية المتميزة أن تستمر في العيش في بلادٍ محطمة.

        والحديث عن هجرة العلماء أو ما يطلق عليه نزيف الأدمغة طويل ولا يحتاج إلى تفصيل ، فلماذا هاجر هؤلاء والحكومات العربية الإسلامية في غالبها لم تتخل يوما عن المستشارين الغربيين. فهل إذا حكم الإسلام يبق لهؤلاء الوجود الذي يتمتعون به الآن؟

        أما آن أن تسقط أسطورة التفكير الأوروبي العلمي المنطقي، وبخاصة حينما يتعلق الأمر بالإسلام والمسلمين؟ نحن لا نشك في أنهم يتميزون بهذا التفكير في حل مشكلاتهم وقضاياهم الداخلية أما أن يكون هذا الأمر مسلم به على إطلاقه فكلاّ وألف كلا.

        التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 6 نوف, 2020, 05:36 ص.
        أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
        والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
        وينصر الله من ينصره

        تعليق


        • #5
          الإسلام و الغرب > هل لهذا الغرب عقل؟ >
          من أكثر الزعومات انتشاراً في عالمنا العربي الإسلامي وبخاصة بين الذين انبهروا بالغرب ويدعون أنهم تعلموا من الغرب التفكير المنطقي السليم أن الغرب هو الداعي إلى استعمال العقل وأن العقلانية مذهب أوروبي وله تاريخ طويل في الغرب منذ انتفاض الغربيين أو ثورتهم على الكنيسة وعلى النصرانية أو على الأديان جميعاً. فهل هم حقاً صادقون فيما يزعمون؟

          استطاع الغرب استخدام العقل في بناء مدنية مزدهرة أنتجت الآلات والمعدات والأسلحة، ولكنه عطل العقل في حياته الإنسانية وفي معرفة نفسه وعلاقتها بالخالق وبالكون سبحانه وتعالى. لقد عطلوا العقل حينما أصابهم النهم الشديد للإنتاج فراحوا يستغلون ما سخر الله لهم في الأرض وفي السماء أسوء استغلال حتى تلوثت المياه وتلوث الهواء. وأذكر أنني بعد أسبوع من وصولي مدينة لوس أنجلوس عام 1388 هـ (1968م) شعرت بحرقة في عيني وفكرت بالذهاب إلى الطبيب، ولا أدري كيف تنبهت إلى أن المسألة طبيعية لما رأيت السواد يغطي معظم جدران الأحياء القديمة في المدينة، فاقتنعت أن الأمر راجع إلى كثرة المصانع. وسرعان ما تعودت عيناي على هذا التلوث. فأين العقل في هذا؟

          ولنترك مسألة تحويل الإنسان الغربي وغير الغربي إلى وحش مستهلك –يستهلك كل شيء- إلى ما فعله الغرب في نفسه من تقطيع أواصر المجتمع الإنساني. فقد تهدمت مؤسسة الأسرة أو كادت. وأذكر أن إذاعة صوت أمريكا كانت تذيع ذات مرة تقريراً للجمعية الأمريكية لعلم النفس جاء فيه أن الفتى أو الفتاة (في سن المراهقة) الذي يتناول وجبة واحدة مع كبير في الأسرة –الأم أو الأب- يكون أقل عرضة للإدمان والضياع والتشرد. فانظر كيف أصبحوا حريصين على وجبة واحدة مع أن الأصل أن يلتقي أفراد الأسرة في الوجبات الثلاث أو في اثنتين. بل انتشرت لديهم الأسر التي لها راع واحد. وأنشؤوا جمعيات الأخ الأكبر التي يتبرع فيها بعض الرجال لمرافقة الأطفال في نهاية الأسبوع تعويضاً عن فقد الأب الحقيقي.

          وأين العقل في الغرب عندما تستضيف الجامعات الغربية المشهورة بعض الباحثين العرب المسلمين الذين لا يمكن أن يقدموا للغرب علماً حقيقياً. ومن أمثلة ذلك أن جامعة ليدن تلك الجامعة العريقة علمياً تفتح أبوابها لنصر حامد أبو زيد و زوجته. استمعت إلى أبي زيد في أحد المؤتمرات فتعجبت ما الذي يجذبهم إلى مثل هذه الشخصيات. ومن الأمثلة الأخرى أنهم استضافوا في جامعة برنستون صادق جلال العظم الذي يصر على الإلحاد والكفر وعندما درّس الفكر السياسي العربي لم يتجاوز ياسين الحافظ ومن على شاكلته بينما العالم العربي الإسلامي عرف أعلاماً لهم من الأهمية أضعاف ما لياسين الحافظ. فقلت لماذا يرضى الأمريكيون بهذا البضاعة المزجاة ويتركوا العلم النافع ؟ هلي يستخدمون عقولهم حقاً إن كانت لهم عقول؟

          ومن مظاهر غياب العقل أن كلّف معهد الولايات المتحدة للسلام الدكتور سعد الدين إبراهيم بإعداد دراسة عن الحركات الإسلامية أو ما يطلقون هم عليه (الأصولية) فصدرت هذه الدراسة في كتاب. وقالت عنه إحدى الباحثات العربيات في أمريكا معجبة بالكتاب: "إن دراسة الحركات الإسلامية لن تكون في المستقبل كما كانت قبل هذا الكتاب. "فما ذا في كتاب سعد الدين إبراهيم غير الهجوم على الحركات الإسلامية واتهامها بشتى الاتهامات.

          أين العقل في الغرب عندما يُرْفَع سلمان رشدي وتسليمة نسرين إلى أعلى المراتب، وتفتح لهم القصور الرئاسية ويمنحون الجوائز الأدبية التي يحرم منها أبناء جلدتهم. وينفق البريطانيون على حماية سلمان رشدي أضعاف ما ينفقون على عشرات الأدباء والمفكرين البريطانيين فهل أصبح سلمان ثروة قومية؟ أليس هذا من العجب.

          وقمة عدم استخدام العقل الانحياز التام إلى اليهود أو الخوف من اليهود؟ أين العقول في تحريم كل من يمس اليهود بكلمة أو يقول عن اليهود ما لا يريد اليهود سماعه؟

          التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 6 نوف, 2020, 05:36 ص.
          أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
          والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
          وينصر الله من ينصره

          تعليق


          • #6
            الإسلام و الغرب > حكمة من الغرب وحقائق >
            يظهر في الغرب بين الحين والحين بعض المخلصين لبلادهم وللحق والحقيقة ون هؤلاء جورجبول ودوجلاس بول اللذين أصدرا كتابا بعنوان: الارتباط الوثيق: علاقة أمريكا بإسرائيل منذ 1947 حتى الآن، ويتكون الكتاب من 382 صفحة وصدر عن دار نشر بنيويورك.

            وفيما يأتي أقدم ترجمة لبعض فقرات عرض قدمه جيفوري كيمب لهذا الكتاب كما ظهر في مجلة السياسة الخارجية العدد 92 - خريف 1993م. أشار الكاتب إلى أن المؤلفين أصدرا كتابهما مشيرين إلى مقولة جورج واشنطن -أول رئيس جمهورية لأمريكا في خطابه الوداعي بأن على الولايات المتحدة أن تتجنب أي "ارتباط عميق" مع أي دولة أخرى، ويؤمن المؤلفان أن الإدارة الأمريكية منذ هاري ترومان قد تجاهلت هذا التحذير بالنسبة لإسرائيل عدا ايزنهاور، وإلى حد أقل جون كينيدي وجورج بوش فقد تراجع هؤلاء لتبني طموحات إسرائيل. ويرى المؤلفان أن الدولة اليهودية ومؤيديها قد أثروا إلى حد بعيد في السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. وهكذا فهما يعتقدان أن بلايين الدولارات من المساعدات قد أنفقت على أمن إسرائيل واقتصادها، وأسيء فهم العرب وتجوهلوا وحتى أهينوا. وتبنت إسرائيل لثقتها بتأييد أمريكا سياسة عنجهية توسعية قادت من كارثة إلى كارثة أخرى. ويرى المؤلفان أن النتيجة كانت أن المصالح الأمريكية قد تم التنازل عنها، وأن السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط إنما هو أمر وهمي.

            وتحدث الكاتب عن تفاصيل الكتاب فأشار إلى أنه مقسم إلى خمسة أقسام: القسم الأول والأطول يتناول تاريخ إسرائيل منذ عام 1947م. فقد حاول المؤلفان أن يظهرا أن إسرائيل من بداية ولادتها وهي تستخدم العنف والدعاية مستغلة غباء الأمريكان والعرب المرن في دعم أهدافها. وقد نتج هذا التصرف عن طرد أعداد كبيرة من العرب وتأسيس دولة يهودية محضة، وتوسيع حدودها إلى أبعد مما حدده قرار التقسيم عام 1947م، وقامت بتأسيس بنية عسكرية ضخمة بتمويل من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين، وقد تفوقت بهذه القوة على جميع الدول العربية مجتمعة وبخاصة بما تضممه من قدرات نووية ليست لدى جاراتها العرب.

            ويتناول القسم الثاني القضايا المحلية الإسرائيلية وكيف أن "أمريكا اليهودية" أصبحت عنصرا مهما(حاسما) في السياسة الأمريكية. ويتناول القسم الثالث الذي لم يتجاوز أربعا وعشرين صفحة العلاقات الأمريكية العربية، ومنظمة التحرير الفلسطينية والإرهاب. أما القسم الرابع فهو قبسا من التأليف المالية والسياسية والأخلاقية ((للارتباط الوثيق)) ويختم المؤلف كتابه بتوصيات للسياسة الأمريكية تضم زيادة الشروط على المساعدة الأمريكية حتى يبذل اليهود الجهود للتحول من الاقتصاد الاشتراكي إلى الاقتصاد الرأسمالي، وقبول مبدأ تقرير المصير للفلسطينيين (دولة فلسطينية تشترك مع اليهود في القدس لتكون عاصمة للطرفين، وموافقة المستوطنين اليهود في الأراضي المحتلة إما بترك مستوطناتهم والعودة إلى إسرائيل أو القبول بالقوانين الفلسطينية التي يرتضيها الفلسطينيون. يضيف الكاتب بأن أهم ما في الكتاب قول المؤلفين: لا يمكن لأي دولة أن تتنازل عن اهتمامها بالحرية وحقوق الإنسان مع استمرار المعاملة السيئة المستمرة التي يلقاها الفلسطينيون الذين لا جريمة لهم سوى رغبتهم في تقرير المسير، وهي الأحاسيس نفسها التي حركت الآباء المؤسسين للولايات المتحدة وكذلك مؤسسي إسرائيل قبل نصف قرن.

            وليبدأ الكاتب بعد ذلك في تقديم نقده للكتاب ودفاعه عن إسرائيل ويضرب الأمثلة ببعض المواقف الصلبة التي وقفها بعض الزعماء الأمريكيين من تجاوزت إسرائيل وتصرفاتها الوحشية ضد الفلسطينيين.

            لا شك أن عرض هذا الكتاب لم يقصد منه الدعاية للكتاب أو الدفاع عما قدمه الأب بول وابنه وإنما لمهاجمة المؤلفين والانتقاص من جهودهما وتبرير مواقف الحكومة الأمريكية تجاه إسرائيل. وقد وضح موقف كاتب العرض من السطور الأولى حينما وصف الكتاب بأنه "كتاب قاس عن إسرائيل". ومع ذلك فإن قراءة هذا العرض لا يغني عن الاطلاع على الكتاب الذي يظهر أن مؤلفيه مخلصان لبلدهما "الولايات المتحدة"، فهل يسهم أبناؤنا الذين يدرسون في الغرب ويعيشون فيه في الكتابة حول مثل هذا الكتاب الذي نشرت جريدة ((الحياة)) أجزاء كبيرة منه تحت عنوان "الارتباط العاطفي"، ويعملون على نشر مثل هذا الوعي في المجتمعات الغربية والإسلامية على حد سواء بموقف الإدارات الأمريكية المتعاقبة من هذه القضية

            التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 6 نوف, 2020, 05:35 ص.
            أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
            والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
            وينصر الله من ينصره

            تعليق


            • #7
              الإسلام و الغرب > العداء الغربي للعالم الإسلامي >
              العداء الغربي للعالم الإسلامي



              بوهندوي – محمد مصطفى "نيازي"

              أستاذ بكلية اللغة العربية والدراسات الإسلامية

              بيشاور - باكستان


              إلى نهاية عقد الثمانينات كان العدو الرئيسي للغرب هو النظام الشيوعي والدول التي اتخذت النظام الشيوعي للحكم، كانت الرأسمالية هي الخصم الأساسي، وقد حارب الغرب الشيوعية والإسلام، وبذل كل ما في وسعه، إلا أنه لم ينجح في إضعاف الشيوعية حتى جاء غورباتشوف إلى السلطة، بينما استطاع إضعاف الثانية على مراحل، وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي وسقوط النظام الاشتراكي في شرق أوربا برز عدو جديد للغرب، وهذا العدو هو الإسلام، وكما يُقال في بعض الأوساط بالتطرف الإسلامي

              ففي يوم الخميس 30 أيلول (سبتمبر) 1999م قال كاردنال بوبارد أحد المقربين من البابا يوحنا بولس الثاني : "إن الإسلام يشكل تحديا مرعبا بالنسبة للغرب، ومشكلا خطيرا بالنسبة للأمل المسيحي" معترفا في الوقت ذاته بأن "لا علاقة للإسلام بالتطرف الإسلامي"

              وقال بوبارد رئيس المجلس الحبري للثقافة في حوار أجرته معه صحيفة (لوفيغارو) : "أن هذا التحدي يتمثل في كون الإسلام دينا وثقافة ومجتمعا ونمطا للعيش والتفكير والممارسة" مشيرا إلى أنه أمر حاصل، وإلى أن الواقع برهن على أن الإسلام لم يتغير"

              وأضاف قائلا : "أن العديد من المسيحيين الأوربيين _وأمام تزايد ضغط المجتمع ونمط العيش وعوامل داخلية أخرى- يأملون في تهميش الكنيسة وينسون الصوم الكبير وعذاب النار، ويهتمون في المقابل بل وينبهرون برمضان"

              ودعا الكاردنال –الذي قال إنه "لا يخشى أن تُستغل تصريحاته هذه من طرف الخصوم- إلى الوعي أكثر بالحضور المتزايد للإسلام في القارة الأوربية التي أضحت الحدود فيها هشة وأكثر نفاذية"

              وخلص الكاردنال بوبارد –الذي صدر له مؤخرا كتاب بعنوان (المسيحية في أفق الألفية الثالثة)- إلى أن "الحوار ضروري بالنسبة للجميع، ومن شأنه المساهمة في إسقاط الأحكام المسبقة"

              وفي يوم الأربعاء 13 أكتوبر 1999م حذَّرَ أسقف أزمير الكاثوليكي المونسيتور برنارديني من مخاطر "فتح إسلامي جديد" لأوربا، وذلك في مداخلة ألقاها أمام مجمع أساقفة في الفاتيكان حول أوربا نُشرت في روما

              وعدَّدَ الأسقف -الإيطالي الأصل- أمام الحبر الأعظم والأساقفة الآخرين في المجمع سلسلة مراحل تؤكد برأيه العزم على إعادة فتح أوربا. وقال إن العالم الإسلامي سبق أو بدأ يبسط "سيطرته" بفضل دولارات النفط، وأضاف إن هذه الدولارات لا تُستخدم لخلق فرص عمل في الدول الفقيرة في أفريقيا الشمالية أو في الشرق الأوسط، بل لبناء مساجد ومراكز ثقافية للمسلمين المهاجرين إلى دول مسيحية بما في ذلك روما عاصمة المسيحية"

              وتساءل : "كيف يمكننا أن لا نرى في كل ذلك برنامجا واضحا للتوسع والفتح الجديد؟"

              وأكد الأسقف برنارديني أن "كلمات الحوار والعدل والمعاملة بالمثل، أو مفاهيم مثل حقوق الإنسان والديمقراطية تتضمن في الإسلام معاني تختلف تماما عن مفهومنا لها"

              وأضاف إن ذلك قد يجعل من الحوار بين المسيحيين والمسلمين "حوار طرشان" وتابع إن "الجميع يدرك أنه يجب التمييز بين الأقلية المتعصبة والأكثرية الهادئة والمعتدلة، لكن علينا ألا ننسى بأن الأكثرية ستقف وقفة الرجل الواحد وتستجيب دون تردد لأوامر تصدر باسم الله أو القرآن"

              وطلب برنارديني من البابا السماح بتنظيم ندوة تُكلف بـ"دراسة مشكلة المهاجرين المسلمين في الدول المسيحية بعمق، وإيجاد استراتيجية مشتركة للبحث فيها وتسويقها بطريقة مسيحية وموضوعية"

              وأكد أسقف تورنتو الإيطالي المونسينيو لويدج بابا خلال مؤتمر صحافي حول المجمع أن الكثير من الكاثوليك يشاطرون رأي برنارديني وأنه من الضروري أن تطلق الكنيسة حوارا

              وفي يوم الأحد 26 سبتمبر 1999م وجه رئيس الجبهة الوطنية في فرنسا جون ماري لوبون في كلمة بمناسبة استئنافه النشاط السياسي تحذيرا من الإسلام، وأعلن أن حزبه سيعقد مؤتمرا في ربيع عام ألفين"

              وقال لوبن: "إن الغالبية العظمى من المسلمين في فرنسا تجهل الاندماج أو ترفضه، وأنها تتأثر بنفوذ بعد الدول أو الحركات الأجنبية التي تعرف أنها لا تتردد في القيام بعمل إرهابي أو سلوك وحشي"

              وقال رئيس الجبهة الوطنية: "الأمر لا يتعلق بمنع تحرك هؤلاء الرجال، بل بمراقبتهم لمنع الاستيطان الديموغرافي: كل شعب في بلده وكل دين في دائرته الجغرافية"

              ويواجه لوبن داخل قيادة حركته نزاعا بين تيار يدعو إلى إطلاق حملة جديدة ضد الهجرة، وآخر توصل إلى الاستنتاج بأن فرنسا أصبحت "بلدا متعدد الأديان". وكان المختصون أشاروا إلى أنه بمعدلات النمو الديموغرافي الحالية والمنتظرة في فرنسا سيشكل المسلمون أكثر من 50% من السكان حوالي سنة 2050

              واعتبر لوبن أن فرنسا "يجب أن تعالج بشكل عاجل مشكلة حوض المتوسط الهائلة بكاملها"

              وأضاف يقول : "عندما تكون الأجراس في الشمال والمساجد في الجنوب تصبح الأمور واضحة والتوجه أفضل وتختفي التوترات ويستتب الأمن"

              قنبلة القوقاز الموقوتة

              ويوم الجمعة 1 أكتوبر 1999م أنشأت الدول الإثنا عشرة الأعضاء في مجموعة الدول المستقلة مراكز لمكافحة الإرهاب من أجل التنسيق في محاربة المتمردين الإسلاميين في روسيا وفي عدة جمهوريات سوفيتية سابقة

              وأعلن وزير الداخلية الروسي فلاديمير روشايلد في مؤتمر صحافي "لقد أنشأنا بنية مؤقتة ستكلف بمسائل التنظيم والتنسيق وسبل مكافحة الإرهاب على أراضي دول المجموعة المستقلة"

              إضافة إلى الوزير الروسي وقع الوثيقة وزراء داخلية أوكرانيا وجورجيا وأذربيجان وأرمينيا وكازاخستان، وقرغيزستان وأوزبكستان ومولدافيا وبيلاروس الذين اجمتعوا في كييف لإعداد استراتيجية مشتركة لمكافحة الإرهاب

              وقد جاء تشكيل هذه الوحدة بعد أن حذَّر محللون في بروسيا -في تقرير رُفع إلى الكرملين يوم الإثنين 30 أغسطس- من أن المجموعات المسلحة من التيار الإسلامي تمثل تهديدا يتزايد خطرا على استقرار منطقة القوقاز وآسيا الوسطى، كما أكدت ذلك حركات الثورة التي شهدتها وتشهدها جمهورية داغستان وقرغيزستان

              وبدأت كل من أوزبكستان وطاجكستان وكازخستان وقرغيزستان حربا مفتوحة على الإسلاميين، وتم اعتقال المئات، وحُكم على العديد منهم بالسجنواعتبر وزراء خارجية ودفاع كازخستان وأوزبكستان وطاجكستان وقرغيزستان الذين اتفقوا في بيشكيل عاصمة قرغيزستان أن هذه المجموعات المسلحة باتت تشكل "تهديدا لجميع دول المنطقة"

              وقد اعترفت موسكو –إبان التمرد الذي انطلق في داغستان- أن نسبة 10% من السكان مع الدعوة الإسلامية، معتبرة أن انتشار الدعوة مرده تدهور الأوضاع الاجتماعية في المنطقة حيث تبلغ نسبة البطالة الثمانين في المائة

              ويحذر المسؤولون في القوقاز وآسيا الوسطى بأن الإسلاميين يسعون إلى إقامة دولة إسلامية بالقوة، وهم يدركون أن لهؤلاء امتدادا مكنهم على سبيل المثال من اغتيال مفتي داغستان المعروف بعدائه للتيار الإسلامي سعدي أبو بكرو بسيارة مفخخة عام 1998م، ويتهم الرئيس الأوزبكي إسلام كريموف صراحة عناصر حزب التحرير الإسلامي بأنهم وراء الاعتداءات التي استهدفته وأوقعت 16 قتيلا في مارس الماضي في طشقند، وقد حُكم على ستة إسلاميين بالإعدام في هذه القضية

              فروسيا التي تخوض المعركة في القوقاز ضد الإسلاميين ليست منفردة، رغم أن أحدا لا يمكن أن ينكر أن الكثير من الدول الغربية لن تذرف الدموع إزاء تمزق الإمبراطورية الروسية، فقد ذكرت صحيفة (فريميا) الروسية يوم الخميس 19 أغسطس أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الموساد سيساعد روسيا في محاربة الإسلاميين في شمال القوقاز، حيث أن وزير الخارجية الإسرائيلي ديفيد ليفي أكد للسفير الروسي ميخائيل بوغدانوف أن الموساد سيقدم لموسكو معلومات عن الإسلاميين في روسيا، وقد رفضت وزارة الخارجية وجهاز الاستخبارات الخارجية ردا على أسئلة لوكالة فرانس برس، التعليق على هذا النبأ، ونقلت (فريميا) عن دبلوماسيين روس تأكيدهم وجود إسلاميين أردنيين وفلسطينيين في القوقاز

              وقد أكدت السلطات الروسية عدة مرات أن الإسلاميين المتمركزين في القوقاز، وخصوصا في الشيشان وداغستان يضمون في صفوفهم عددا كبيرا من المتطوعين من الدول الإسلامية وآسيا الوسطى

              يقول محلل اقتصادي في باريس أن الاقتصاد الروسي المريض لا يمكنه أن يموِّل حرب الشيشان التي تكلف يوميا ما يزيد على خمسة ملايين دولار، وبما أنه من الواضح أن قيادة الكرملين ليست في عجلة من أمرها لحسم الحرب، كما أنه في غيبة إلى تأثير سلبي ظاهر لتكلفة الحرب المرتفعة على الوضع المالي الهش في روسيا، لا بد من الإقرار بأن هناك مصادر تمويل أخرى

              منذ يوم الجمعة 8 أكتوبر 1999م يواجه صندوق النقد الدولي اتهامات جديدة، وهي أن أمواله تُستخدم في تمويل حرب موسكو في القوقاز، خاصة بعدما قامت لجنة المصالحة الروسية المكلفة بتنقيح مشروع موازنة العام المقبل برفع المبلغ المخصص للدفاع والأمن الوطنيين بأكثر من مليار دولار عن التوقعات الأولية، في وقت يتعين فيه على روسيا أن تسدد لصندوق النقد الدولي 369 مليون دولار في أكتوبر 1999م و800 مليون في ديسمبر المقبل

              وتتحدث الأخبار الواردة من العواصم الغربية عن أن وزير المالية الروسي ميخائيل كاسيانوف حصل مؤخرا وسرا على وعد تلقي أكثر من مليار دولار من الهيئات الدائنة الدولية، فقد وعدت اليابان ودائنون دوليون آخرون بـ 350 مليونا، ويُفترض أن يمنح صندوق النقد الدولي موسكو القسم الثاني من قرضه البالغ 640 مليون دولار

              وفي الإجمال، ما زال على صندوق النقد أن يقرض روسيا حوالي 4 مليارات دولار قبل نهاية العام 2000 مشترطا بعض النتائج الاقتصادية، وهناك ثلاثة مليارات أخرى من البنك الدولي واليابان مشروطة بمساعدة من صندوق النقد. وليست هذه هي المرة الأولى التي يُتهم فيها صندوق النقد الدولي بتمويل الحروب الروسية، فقد اعتبرت يافوليتا ستشيرينا الخبيرة الاقتصادية في شركة احركاي رنيسالست للسمسرة أن حرب الشيشان الأولى التي أوقعت بين ديسمبر 1994م إلى أغسطس 1996م حوالي 800 ألف قتيل "مُولت بفضل صندوق النقد الدولي، وترواحت تقديرات كلفة الحرب في تلك الفترة ما بين 6 و 8 مليارات دولار

              وقال فيكتور بوريسوك المحلل في المعهد الاقتصادي العالمي والعلاقات الدولية "لا أعتقد أن العمليات الحالية أقل كلفة من الحرب السابقة"

              الحروب

              يعترف خبير في معهد الدراسات الاستراتيجية في لندن أن الجزء الأكبر من الحروب التي يخوضها الغرب بشكل مباشر أو غير مباشر الآن موجهة ضد خصوم محسوبين على المعسكر الإسلامي. ويضيف أن الحرب المستمرة في جنوب السودان لا تستهدف سوى تقسيمه وإقامة دولة مسيحية وثنية في جنوبه تكون حاجزا أمام المد الإسلامي الذي يخيف الغرب نحو وسط أفريقيا، كما أن النجاح في فصل تيمور الشرقية عن أندونيسيا يشكل خطوة أولى لإضعاف أكبر بلد إسلامي من حيث تعداد السكان، وكذلك لتشجيع الحركات الإنفصالية الأخرى، خاصة وأن القوى الغربية الرئيسية ترقب بتحفظ تحول بين الثلاثة آلاف جزيرة إلى قوة اقتصادية وعسكرية هامة في جنوب آسيا

              نفس الخبير يشير إلى التحالف الغريب بين العديد من القوى الغربية وتلك المحسوبة على الشرق ضد حركات وقوى تحسب في المعسكر الإسلامي

              فموسكو ونيودلهي وواشنطن وباريس ولندن وغيرها تساند خصوم حركة طالبان في أفغانستان وتتدخل بكثافة ماديا كلما أوشكت قوات طالبان على سحق آخر جيوب المقاومة المعارضة في شمالها، وقبل أشهر سمحت موسكو بإقامة جسر جوي عبر أراضيها لنقل عتاد عسكري من قواعد غربية في أوربا ومن الولايات المتحدة نفسها إلى شمال أفغانستان، والآن توضع قواعد مواجهة أكثر شمولية

              حصار دولي جديد

              قرر مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة 15 أكتوبر 1999م فرض حظر جوي وعقوبات مالية على حركة طالبان، إذا لم تسلم قبل 14 نوفمبر 1999م أسامة بن لادن المتهم بتزعم شبكة مسلحة دولية، وحظي القرار رقم 1967 الذي قدمته الولايات المتحدة على إجماع أعضاء المجلس الخمسة عشر

              ويطالب القرار حركة طالبان بتسليم أسامة بن لادن بدون تأخير "إلى بلد مستعد لمحاكمته" وتتهم الولايات المتحدة الثري السعودي الأصل بتدبير الاعتداءين اللذين استهدفا سفارتيها في نيروبي ودار السلام في أغسطس 1998م حيث قُتل 224 شخصا وأُصيب مئات بجروح

              ويحظر القرار على أي طائرة تابعة لطالبان أو تستخدم باسمها الإقلاع أو الهبوط في أرض أي من الدول الأعضاء

              ويستهدف الحظر عمليا شركة الخطوط الجوية الأفغانية "آريانا" التي تنظم رحلات دولية إلى دبي فقط، ويلحظ القرار استثناءات رحلات الحجاج إلى مكة، ولكنه يفرض تجميد الحسابات المصرفية والممتكلات الآخرى التي تملكها الحركة الحاكمة في كابول منذ 1996م.

              إذا كانت أولويات روسيا في حربها ضد العدو الجديد في منطقة القوقاز والجمهوريات الإسلامية السابقة في الاتحاد السوفيتي، فإن أولويات أمريكا توجد في الشرق الأوسط، وخاصة في السودان والعراق

              وفي يوم الجمعة 22 أكتوبر 1999م أكدت وزيرة الخارجية الأمريكية مادلين أولبرايت في نيروبي أن الولايات المتحدة تدعم بشكل حصري جهود الدول الأعضاء في الهيئات الحكومية للتنمية ومكافحة التصحر (إيغاد) لتحقيق السلام في السودان

              وتضم (إيغاد) التي تقوم بوساطة بين الصومال والسودان كلا من جيبوتي وأرتيريا وأثيوبيا وكينيا وأوغندا والسودان ونظريا الصومال التي لا تتمتع بحكومة مركزية منذ عام 1991م

              ويرأس الرئيس الكيني دانيل أراب موي مجموعة فرعية تضم أربع دول تسعى إلى إيجاد حل سلمي للحرب في السودان، وتضم هذه المجموعة أوغندا وأرتيريا وأثيوبيا والبلدان الأخيران يتواجهان في حرب

              وقالت أولبرايت –التي التقت مع جون قرنق زعيم الجيش الشعبي لتحرير السودان الذي يقاتل لفصل جنوب السودان- : "نظن أن العملية التي تقوم بها (إيغاد) هي الوسيلة الفضلى للتقدم، ونحن لا ندعم أي جهود أخرى يقترحها البعض مثل مصر وليبيا". وجاءت تصريحات وجولة أولبرايت في وقت خصصت فيه أموال جديدة لدعم قرنق عسكريا في محاولة لوقف تقدم الخرطوم في جهودها لإضعاف التمرد ولقطع الطريق على تسوية عربية تحفظ وحدة السودان، وفي الوقت الذي كانت فيه وزيرة الخارجية الأمريكية تضع في أفريقيا أسس تنفيذ المخططات الأمريكية، كان وزير الدفاع الأمريكي وليام كوهين يضع قواعد تنفيذ مشاريع مماثلة في الشرق العربي، فيوم الإثنين 18 أكتوبر، وفي المنامة أكد أن الولايات المتحدة ستستمر في تشجيعها لتغيير النظام في العراق، وصرح كوهين أنه يأمل في أن تتوصل المعارضة لصدام حسين داخل البلاد إلى تغيير النظام يوما ما، واعتبر أن الاضطرابات الأخيرة التي يُشار إليها على وجه منتظم في جنوب العراق وغيرها من الإشارات، تحمل إلى الاعتقاد بأن صدام حسين "لم يعد يتحكم بيد من حديد ببعض الأمور كما كانت الحال في السابق"

              وأضاف كوهين أن المعارضين "يشعرون بالإحباط لما يتطلب ذلك من الوقت، ولكنهم يدركون أنه ينبغي عليهم أن يواصلوا جهودهم، وإلا فسيخرج صدام حسين من قلعته ويهدد المنطقة من جديد"

              ودافع كوهين عن سياسة الاحتواء الأمريكية، وقال : "أعتقد بأن جميع المنطقة تدرك بأن صدام لا يستطيع أن يخرج من داخل العلبة الموجود فيها" إن معالم معارك ومواجهات المستقبل قد بدأت تتضح

              التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 6 نوف, 2020, 05:35 ص.
              أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
              والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
              وينصر الله من ينصره

              تعليق


              • #8
                الإسلام و الغرب > ابن حميد يرد على مشعل السديري >
                ابن حميد يرد على مشعل السديري *


                الشيخ صالح بن حميد


                الحمد لله وحدة والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد: فلقد اطلعت على مقالة الأستاذ مشعل السديري تحت عنوان "الله المستعان دائما وأبدا" في ضمن عموده الثالث "محطات القوافل" في صحيفة عكاظ عدد 11377 وتاريخ الجمعة 9 جمادى الآخرة 1418هـ يعقب فيه على تعقيب فضيلة الشيخ صالح بن الفوزان عضو هيئة كبار العلماء حول الغزو الفكري هل له حقيقة أم خيال.

                ونظرا لأهمية الموضوع وخطورته. وقد خاض فيه من خاض ولاسيما شخصيات نحترمها ولها وزنها، كل في ميدانه ومجاله كالشيخ صالح الفوزان والأستاذ مشعل السديري، ود. مازن المطبقاني.

                أقول: الموضوع خطير وكبير وحز في النفس جدا أن يكون مثل الأستاذ الكبير والكاتب القدير ذي الجمهور العريض الأستاذ مشعل وأنا من قراء كتاباته والمعجب بطريقة طرحه وسهولة عرضه وسلاسة كتابته وإن كنت قد لا أتفق مع بعض ما يطرح ويكتب، الغزو الفكري حقيقة من الخطير إنكارها وأخطر من الجهل بها.

                أقول والذي يؤسف ويحز في النفس جدا أن كاتبا كبيرا مثل الأستاذ مشعل بثقافته العريضة واطلاعه الواسع يخلط أو لا يميز بين التقدم المادي والتقني وبين الغزو الفكري فقد جاء في مقالته المذكورة "والخلاف(البسيط) بيني وبين فضيلته أن يعتبر تقدم الغرب وتأثيره على حياتنا ما هو إلا تكريس ذلك الغزو كما أن المسلمين في واقعهم المتخلف والمزري ما هم إلا ضحية لذلك الغزو المستمر" انتهى كلام الأستاذ مشعل.

                وأؤكد للأستاذ مشعل أن هذا كله حق وان أنكره الأستاذ مشعل ويعز علي أن مثقفا له أثره وتأثيره لا يحس بالتآمر المحكم على ديار المسلمين ولا يشعر بتكريس ذلك الغزو ولا يدرك العداء المستحكم الذي يستبطنه أعداء المسلمين، وكأنه لا يعرف قاعدة الولاء والبراء التي هي من كبرى مرتكزات عقيدة المسلم، وكأنه لم يسمع بقول الله عز وجل: {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم} وقوله تعالى:{ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم} وقوله سبحانه وتعالى:{ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا} هذا قرآننا وهو خبر حق وصدق، وكل مسلم لا يسعه إلا الإيمان بهذا والتصديق به والعمل بمقتضاه، فهم أعداؤنا وهم حريصون على ردنا كفارا بشتى الوسائل بما في ذلك الحرب بالسلاح والأعلام والفكر.

                أما تخلف المسلمين المزري فسببه أمران رئيسان:

                * أولهما: من عند أنفسنا، ونحن لا نلقي بكل قصورنا وتقصيرنا على أعدائنا.

                * وثانيهما: من أعدائنا كما أخبر قرآننا وكما سوف نتبينه في التفصيل الآتي:

                أخي الأستاذ مشعل... سأحاول هنا أن أفصل القول في حقيقة الغزو الفكري، وصوره ومدى تأثيره على المسلمين وغير المسلمين لأن الغرب يهدف بالسيطرة على العالم والهيمنة بحضارته, ويخطط لذلك ويضغط بأنواع الضغوط وأشكال الإجبار، وبخاصة من خلال الضغطين الاقتصادي والسياسي.

                أخي مشعل ليس أقتل للشعوب وأقهر للأمم من أن تظن أنها تعيش في حرية واستقلال، بينما هي ترسف في قيود الذل والتبعية، فتلك مقتلة ذريعة وضلال كبير يصرف الأمة عن أن تفكر تفكيراً جاداً لتتقوى وتستقل بقرارها، وليس أضيع لمستقبل أمة من أن تعجز عن أن تخطط لمستقبلها ومصيرها إلا وهي دائرة في فلك دولة كبيرة أو دول واهمة ذاهلة عن حقيقة ما تعانيه من تبعية مهينة قد تحكموا في مصيرها ومقدراتها.

                الغزو الفكري يتجلى يا أستاذ مشعل حين تتبنى أمة معتقدات أمة أخرى وأفكارها من منطلق قوة الأمة المتبوعة دون نظر لما يترتب على ذلك من ضياع واضمحلال وذوبان. ومع الأسف أنها في كثير من الأحيان تبعية غير منظورة نظرا لشدة مكرها وخطورة تخطيطها مما سوف نرى مزيدا منه في الأسطر التالية إن شاء الله.

                في التربية والتعليم تتخذ الأمة المغزوة مناهج الأمة الغازية فتطبقها على أبنائها وأجيالها فتشوه بذلك فكرهم وتمسح عقولهم وتلغي هويتهم، ويخرجون إلى الحياة العملية وهم قد أجادوا خطوات التبعية، ثم يلتبس عليهم الأمر ويجادلون فيما التبس عليهم يحسبونه حقا وصوابا ويدعون إليه ويدافعون عنه وأرجو ألا يكون ما أثاره الأستاذ مشعل من هذا الباب.

                وحينئذ يعيشون حياتهم -بل على هامش الحياة- وليس لهم منها إلا حظ الاتباع في ذيل القافلة.

                وفي مجال التاريخ والتراث وسير الأسلاف يا أستاذ مشعل، تفصل الأمة الغازية بين الأمة المغلوبة وبين تاريخها وتراثها ليحل محل ذلك تاريخ الدولة الغازية وسير أعلامها وقادتها فيشب الناشئ والمثقف وليس في نفسه مثل ولا قوة ولا محل إعجاب إلا ما يقرأ عنه في تاريخ تلك الدولة، وليس في ذاكرته إبطال إلا أبطالها ولا مفكروها.

                وانظر رعاك الله في مفهوم العاليمة حين يقولون: "الأدب العالمي" و"القصة العالمية" وغير ذلك فالميزان ميزانهم والحكم حكمهم، وأرجو ألا يكون رضا بعض مثقفينا بالتاريخ الميلادي وتنكرهم للتاريخ الهجري من هذا الباب الانهزامي.

                أما صورة الغزو الفكري يا أستاذ مشعل في اللغة فتتمثل في مزاحمة لغة الأمة الغالبة لغة الأمة المغلوبة، ومثلك كمثقف كبير يعلم عظم أثر اللغة على الفرد والأمة، فمن المعلوم اجتماعيا أن الإنسان لا يفكر إلا باللغة ومن ثم فإن إضعاف لغة أمة هو إضعاف لفكرها وإحلال لغة أمة محل لغة هو إجبار للأمة المغلوبة على أن تفكر كما تفكر الأمة الغالبة، وكم جد الغزاة يا أستاذ مشعل في عصرنا الحاضر في تغيير حروف لغات كثير من الأمم من حرفها الذي تكتب به إلى الحرف اللاتيني، وما هذا إلا صورة مقيتة لهذا الغزو وإن تركيا وجنوب شرق آسيا واثيوبيا وكثير من دول أفريقيا وقد غيرت حروفها فقد انقطعت عن ماضيها تمام الانقطاع، فلا يوجد تركي معاصر يعرف قراءة التراث التركي المكتوب بالحرف العربي.

                وما الحرب على الفصحى والتفاني في إحلال العامية خطابا وكتابة وقصصا وتمثيلات إلا صورة من صور الغزو والانهزام فيه مع الأسف كل الأسف يا أستاذ مشعل أن يتبنى هذه الدعوات مثقفون من أبناء جلدتنا بل تسنموا ونُصِّبُوا (بضم النون وتشديد الصاد المكسورة) في مقامات عليا من دنيا الأدب والثقافة أمثال طه حسين، والصراع في الجزائر على اللغة لا يخفى على أمثالك، واللغة العربية هناك لا بواكي لها، بل لقد أغلقت صحف عربية لضعف التمويل، واللغة الأجنبية مدعومة من أبناء الجلدة وإن شئت مزيدا من صور الانهزام اللغوي يا أستاذ مشعل فانظر ما يفعله نزلاء الفنادق العرب في البلاد العربية مع موظفين عرب إنهم لا يكادون يتكلمون إلا باللغة الأجنبية، وانظر ما يفعله المسافر العربي على الطائرات العربية مع المضيفين والمضيفات العرب أنهم لا يكادون يتكلمون بالعربي، وارفع بصرك على كثير من لافتات المحلات التجارية لترى المكتوب بالحروف اللاتينية أو المكتوب بالحرف العربي وليس بعربي وليس بأسماء أجنبية، أنني "أعني ماركات أجنبية" حينما تقرأ لوحة بالعربية ((ماي بيبي)) و((تروفاليو)) وعلى هذا فقس يا أستاذ مشعل.

                وغير خاف ما تقوم ما تقوم به فرنسا هذه الأيام من حملة في سبيل المحافظة على لغتها حتى بين أبنائها داخل ديارها.

                أما صورة الغزو الفكري في باب الأخلاق- وناهيك بالأخلاق من أبواب - إن الأخلاق-يا أخي مشعل- هي الصورة التطبيقية مع الأسف لنجاح ذلك الغزو وعظم أثره وظهور نفوذه، نعم في الغزو الفكري يتجلى التغير فأخلاق الأمة الغازية تسود وتفشو ويتبناها المغلوبون المهزومون ويحلونها إعجابا وتلمسا للقوة والعزة.

                إن الأخلاق في حقيقتها وأصالتها هي النابغة من قيم الأمة التي تحكم سلوكها وتوجهه وتعكسه. فإذا استوردت أو تلبست أخلاق غيرها فإنما تمسخ شخصيتها وتمحو وجودها الحقيقي واستقلالها الصحيح وإن بقيت في شكلها ومظهرها وكم هي الأمم الكثيرة والمتكاثرة التي غيرت اللباس والأزياء من الرجال والنساء؟! وكم من الإحساس بالذلة والمهانة حينما يلبس هذا المهزوم لباسه الوطني أمام الآخرين وخاصة وخاصة خارج بلاده.

                أخي الفاضل الأستاذ مشعل يقول الدكتور زكي نجيب محمود منكراً الغزو الفكري والثقافي "إنه مجرد شبح لا وجود له وأما الموجود حقا عبر المحيط رغم أنف الكارهين فهو ثقافة تأتي لتفتح الأبصار وترهف الآذان" انتهى كلامه.

                أيها الأستاذ الكريم: يؤسفني ويزعجني أن يقول هذا وأمثاله ممن هم محسوبون على الثقافة العربية والمفكرين العرب.

                حرصا على الإنصاف وشدة في تحية إن شاء الله وتأكيدا لسنن الله عز وجل في خلقه وشؤونهم فإنني أعلم أن الثقافة تميل بطبعها إلى التوسع وإلى تنحية الثقافات المنافسة والانفراد بالنفود الفكري والاجتماعي والأدبي والفني والأخلاقي في العالم كله، وأعلم كذلك أن ثمة سنة أخرى تحكم هذا التنافس الثقافي وهي ما تسمى (قانون الكفاية الحياتية) وهو يعني أن الغلبة لا بد أن تكون للثقافة القادرة على تحقيق أهداف الإنسان الفردية والاجتماعية والبدنية والروحية.

                أقول يا أستاذ مشعل ومع التسليم بكل هذه السنن فإن حالنا مع الغزو الفكري والثقافي ليس جاريا مع هذه السنن لماذا؟ وكيف؟ لأن الدارس لأوضاع البلاد المتأثرة بتلك الثقافات الوافدة يعلم علم اليقين إن كان منصفا أن هذا المد لم يأت في ظروف طبيعية ذاتية خالية من العوامل الخارجية.

                نعم أن هذا المد لم يأت من طبيعة المسيرة الثقافية الذاتية، ولم يسلك مسلك المنافسة الحرة بين الثقافات، ولكن هناك تدخلا واسعاً وكبيراً ودقيقاً بل خططا محكمة قد حدثت لصالح الفكر الأجنبي والثقافة الأجنبية على أيدي الفرنسيين والبريطانيين ثم جاء بعدهم الأمريكيون.

                ماذا فعل الفرنسيون حين دخلوا مصر في حملة بونابرت؟ لقد قال المؤرخون إنهم حاولوا ربط الشعب المصري قسراً بالعادات والنظم الفرنسية، بل لقد أنشأوا خمارات في داخل بعض المساجد ويقول التاريخ أن عبد الله مينو- خليفة كليبر الذي ادعى الإسلام-راح يغير ملامح البلاد المصرية وغير قوانين الميراث وألغى القانون الجنائي الإسلامي.

                أقول يا أخي مشعل إنها عملية إحلال ثقافي اصطناعية مخطط لها وليس مجرد تنافس حر جاء بعده كروبر البريطاني - الذي كان أشد مكراً وأدق طريقة - حين نحى بخبث الأزهر ورجاله ومكن المناهج الأوربية وخرج من الجامعات المصرية من أبناء الجلدة من لا تزال الأمة تعاني منهم، وحال الجزائر مع الفرنسيين في قسرهم وقهرهم على الثقافة الفرنسية واللغة الفرنسية لا أظنه محل جدال ولكن مع الأسف خرج الاستعمار وبقي منتسبين إلى التحرير وهم عبيد لفرنسا ولغيرها.

                وإذا رغبت أخي مشعل في نسخة مكبرة لهذا الإحلال والغزو فأذكر كمال أتاتورك وصنائعه في بلاده فقد أعلنها حربا حقيقية على كل مظهر وأثر أو شخص من شأنه أن يذكّر الناس بثقافتهم الأصلية لتزيين الثقافة الأوروبية، ولزراية اللغة العربية والحرف العربي والإسلام والتراث وتقبيح العرب، وشن بعامة عملية غزو وإحلال سلطوي شمل العقائد والتشريع والنظام السياسي والأخلاق والعادات والشعائر الدينية والأزياء، وكذلك مظاهر الثقافة الأخرى حتى البرنيطة أحلها محل الطربوش والعمامة بمرسوم وقانون.

                وهذا لا يعني رضا مني عن حال الدولة العثمانية وبخاصة في أواخر أيامها، ولكنه حديث عن الغزو والإحلال الذي لم يجلب لتركيا حالاً خيراً من حالها أيام العثمانيين، فهي لا تزال في عناء ولم يقبلها الغرب ولم يرض بها مع أنه هو الذي صنعها بل يا أخي مشعل إن حال تركيا هذه الأيام ليس ببعيد عن حال أتاتورك تلك الأيام ألم يرد أن يخرج عما وضعه فيه أتاتورك منذ سبعين عاما ولكن يأبى تابعو الغازي الأجنبي إلا بقاء تحت الاسترقاق والتبعية والأجنبي أيضا هو من وراء ذلك بالمرصاد، واعلم أنك أدرى مني بذلك فلا ديمقراطية ولا انتخابات ولا يحزنون.

                وصورة أخرى مقيتة يعرفها أخي مشعل وكل متأمل ذلك هو ما يعانيه كثير من بلاد المسلمين من تحكيم غير شرع الله من قوانين وضعية من مدني وتجاري وجنائي وغيرها، وكل مطلع يدرك كيف فرضت هذه الأحكام والقوانين في ديار المسلمين، ولم يبقوا إلا على ما يسمى بقوانين الأحوال الشخصية وحتى هذه لم تسلم فقد دخلها من العبث ما دخلها بل هناك من أبناء المسلمين من مسهم الغزو الفكري فهم يدعون إلى التمرد عليها وزيادة في الإنصاف أخي مشعل وشدة في تحري الحق وتلمسه استمع لما يقول بعض مفكري الغرب ومستشرقيه:

                "لقد استطاع النشاط التعليمي والثقافي عن طريق المدارس العصرية والأعلام أن يترك في المسلمين ولو من غير وعي منهم أثرا جعلهم يبدون في مظهرهم العام قوما لا دينيين إلى حد بعيد" إلى أن قال "ولا ريب أن ذلك خاصة هو اللب المتميز في كل ما تركت محاولات الغرب لحمل العالم الإسلامي على حضارته من آثار.." وقف عند قوله: "محاولات الغرب لحمل العالم الإسلامي على حضارته من آثار) واستمع معي حفظنا الله جميعا بحفظه إلى ما يقوله (سارتر) وهو يقدم لكتاب ألفه أحد الأفارقة "كنا نصيح من أمستردام أو برلين أو باريس الإخاء البشري فيرتد رجع أصواتنا من أفريقيا أو الشرق الأوسط كنا نقول: "ليحل المذهب الإنساني أو دين الإنسانية محل الأديان المختلفة وكانوا يرددون أصواتهم من أفواههم وحين نصمت يصمتون إلا أننا كنا واثقين من أن هؤلاء المفتريين لا يملكون كلمة واحدة يقولونها غير ما وضعناه في أفواههم).

                ويقول الدكتور إيليا حريق: "إننا معشر المفكرين لا نزال في دوامة النقل إلى درجة تفوق ما نتصوره لقد أخذنا الاشتراكية كوصفة من الكتب ونحاول اليوم ما يبدو لي أن نفعل الأمر ذاته في مسألة الديموقراطية"

                وبعد كل هذا يا أخي مشعل فإننا نفرق كل التفريق بين الغزو الفكري والتقدم التقني، فالتقدم التقني ليس حكرا على أحد ونحن لا نتحدث عنه، ولكنه قد يستخدم سلاحا في الغزو، فهذا وارد بل واقع وترسانات الأسلحة وتقنياتها ما رصدت إلا لليوم الأسود أبعده لله.

                أما قولك: "أما أن نتخيل أن كل تلك القوى التكنولوجية وكل ذلك الزخم العلمي وكل تلك البحوث والاختراعات المتواصلة في البلاد المتقدمة إنما هو من أجل محاربة الإسلام والمسلمين فقط فاسمع يا فضيلة الشيخ أن أقول أنني لم أستطع "هضم" ذلك..."الخ.

                وتعقيبي يا أستاذ مشعل هو أنني كما قلت لا بد أن نفرق بين التقدم المادي والتقني وبين الغزو الفكري على أن التقدم يستخدم لمحاربة الإسلام والمسلمين فقط) أنه إقرار بأن هذا التقدم العلمي هو من أجل محاربة الإسلام المسلمين وله أغراض أخرى، وإذا كان فهمي صحيحا فإنني اتفق معك كل الاتفاق معك كل الاتفاق وغالب ظني أن هذا مرادك واستبعد أن تستبعد أنهم لا يريدون حرب الإسلام والمسلمين، وإن كان هذا يختلف مع ما سبق من قولك (والخلاف ((البسيط)) بيني وبين فضيلته أنه يعتبر تقدم الغرب وتأثيره على حياتنا ما هو لهم إلا تكريس ذلك الغزو كما أن المسلمين في واقعهم المتخلف والمزري ما هم إلا ضحية لذلك الغزو المستمر).

                إن شواهد حالهم وأفعالهم أدلة ماثلة بل أقول أنهم يحاربون المسلمين وغير المسلمين أي أنهم لا يريدون بل يمنعون قدر المستطاع أن يسمحوا لأحد أن يتقدم أو أن يتقوى بل يسعون لإضعاف الشعوب وإذلالها بشتى الوسائل والطرق - أذكر على سبيل المثال موقفهم من المفاعل النووي الباكستاني.

                إننا لا نقول ذلك جزافا ولكن لأن قرآننا بين ذلك كما جاء في صدر هذا التعقيب وكما هو واقع الحال فبريطانيا حينما أرادت أن تخرج من كينيا كانت البلاد ملآى بالمصانع فلم تخرج حتى حلت جميع آلاتها وحملتها معها.

                ولي وقفة مع قولك: "أما ما أراه أنا (يا محاكيكم) فعكس ذلك قليلا لا كثيرا لأنه يرتكز على مبدأ المصالح) التي تقول: إنما يجري على الساحة العالمية بين الدول سواء في الحرب، أو السياسة، أو الاقتصاد، أو الإعلام، وحتى الفن والسياحة والرياضة إنما يصب في النهاية في محصلة المصالح"

                والسؤال الذي يطرح نفسه ما هي هذه المصالح؟ وما مفهومها؟ وما هي حدودها؟

                الاتحاد الأوربي يصارع من أجل البقاء أمام الرفض الأمريكي، والتي تسعى لتقوضه بشتى الوسائل، الاتحاد السوفيتي حين كان قائما سعت أمريكا والعالم الرأسمالي إلى انهياره وقد انهار وقل مثل ذلك في اليابان والصين ونمور أسيا الصاعدة يقف لها الغرب بالمرصاد وما مأساة العملة هذه الأيام إلا جزء من هذا المخطط الرهيب.

                أخي مشعل:

                ليس من مبادئهم التعايش السلمي ليحقق كل مصلحته في ضوابط يرعاها الجميع ولكنها شريعة الغاب بلباس المدنية. وأظننا متفقون أن الحروب الباردة منها والساخنة لم تنشب إلا بما دعته يا أخي مشعل بالمصالح أنها تعني "تدمير الآخر"، إذن هم يحاربوننا بما تسميه المصالح ويأبون استقلالنا في قراراتنا وتحقيق كياننا وذاتنا باسم المصالح؟ إنها الحرب بكل معانيها بل بأبشع صورها ولو سموها مصالح.

                هذا يا أخي مشعل على مستوى القوى الظاهرة على الساحة إما في حدود أمتنا الإسلامية والعربية فهل من مصلحتهم أن نستقل بقراراتنا الاقتصادي؟ ونستقل بقراراتنا السياسي؟ أمن المؤكد أن الجواب لا ثم لا؟ إذن ما هو العمل؟

                وأختم تعقيبي أيها الأستاذ الفاضل بالتأكيد على أن الاقتباس والاستفادة من التقدم العلمي بل وحتى الفكري الذي لا يعارض ديننا ومصلحتنا وتحقيق ذاتنا فهو أمر مرغوب ومحبوب؛ فليس هناك تنكر للاقتباس المفيد أو حجر على النافع الجديد فالحكمة ضالة المؤمن، ولكن نشدد على ألا يدعونا هذا إلى اللهاث وراء كل ناعق وتناسى الذات والتحول إلى حياة على هامش الحياة.

                إن طريق العزة والخلود هو أن ننشئ من جوهر تراثنا وما انبثق عنه من علوم ومعارف ما يفي بحاجات أمتنا ويؤكد أصالتها وهذا ليس تنكر لما أسلفت من الاقتباس المفيد والنافع الجديد، ولكننا أثرياء لله الحمد والمنة في مادتنا أصلاء في انتمائنا وقد نحتاج إلى اقتباس في الوسائل والأدوات والأطر والتنظيمات وهذا ليس معناه تحقير الماضي والأزراء بالمنتمين وتناسى التراث والتنكر للميراث فهذا هو الإفلاس.

                وكذلك أخي مشعل فإن بلاؤنا ليس كله من أعدائنا ففينا أخطاء وعندنا تجاوزت ولدينا نقض في تمسكنا والتزامنا وخلافات فيما بيننا هي عامل كبير في فشلنا ونزاعنا على حد قول ربنا عز وجل {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم}

                والله المستعان دائما وأبدا ودمت موفقا لكل خير، بعيدا عن كل زلل، مع وافر الحية والتقدير.

                - الحواشي :
                * نشرت هذه المقالة في جريدة عكاظ، وكانت في صفحة داخلية بينما كانت مقالات مشعل السديري تنشر في الصفحة الأولى، وعنوان المقال " إلى الأستاذ مشعل السديري مع التحية بلى هناك غزو فكري وهو غير التقدم المادي"
                التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 6 نوف, 2020, 05:35 ص.
                أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                وينصر الله من ينصره

                تعليق


                • #9
                  الإسلام و الغرب > نحن والغرب: نظرة تاريخية >
                  انتشر في العالم العربي منذ ما يزيد على أربعين سنة حمّى معاداة الغرب الذي كان يقرن دائما بوصف الإمبريالية والاستعمار. وعبارات أخرى مثل الرأسمالية والاستغلال والاستعباد. وقد تولى كبر هذه الحملة القوميون والشيوعيون الذين زعموا أنهم التقدميون. وانحرف نفر من الشباب العربي المسلم فولوا وجوههم شطر موسكو وبكين وجعلوا زعماء الشيوعية أبطالهم، وقرءوا في كتب ماكسيم غوركي وماركس وانجلز وبابلو نيرودا وغيرهم فحفظوا من كلام هؤلاء أكثر مما حفظوا من كلام الله عز وجل أو من حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم.

                  وكان العداء للغرب يشتد حينما يتعلق الأمر بالصهيونية وقضية فلسطين. فالغرب في نظرهم غارق في دعم الكيان الصهيوني، وأن الصهيونية حركة استعمارية إمبريالية. ولكن هؤلاء كانوا في ظلام دامس من مواقف الشيوعية من إنشاء دولة اليهود ودعمها سياسياً واقتصادياً. وقد كانت هذه البلاد بحمد الله بقيادتها الرشيدة على وعي تام بأنه لا خلاف بين الشيوعية أو الغرب الرأسمالي في تأييد وجود إسرائيل ودعمها. فقد نشرت العديد من الكتب في المملكة توضح موقف الشيوعية من إسرائيل. ومن أبرز هذه المواقف أن مجلس الأمن اختار جمهورية أوكرانيا( إحدى جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق) رئيسة لجلساته عام 1947م. واتسم موقف رئيس المجلس في تلك الفترة التي كان يتم فيها الحديث عن تقسيم فلسطين بالصلف والوقاحة تجاه مندوبي الدول العربية بينما كان مناصراً ومؤيداً لمواقف اليهود.

                  ومن الطريف أن موجة الشيوعية واليسار لم تأتنا من الدول الشيوعية فحسب أي لم يحملها إلى العالم العربي الإسلامي أبناؤنا الذين تتلمذوا على أساتذتهم في موسكو وليننغراد وغيرهما وحدهم بل إنها وصلت إلينا عن طريق بعض من درس في الجامعات الغربية. وما زلت أذكر بعض الطلاب العرب الذين كانوا يدرسون (!) في الجامعات الأمريكية في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات يجمعون التبرعات للمنظمات الفلسطينية اليسارية مثل الجبهة الشعبية أو الصاعقة أو غيرهما.و كانوا يفخرون بالنظم العربية "التقدمية" ويصفون الدول الأخرى التي لم تفتح المجال لدعاية اليسار والشيوعية بالدول "الرجعية."

                  ومما يؤيد هذا ما ذكره صاحب كتاب (واقعنا المعاصر) كيف أن الغرب استخدم الشيوعية والاشتراكية لمحاربة الإسلام وضرب لذلك الكثير من الأمثلة ومنها أن طلبة السنة الرابعة في كلية التجارة بجامعة القاهرة كانوا يدرسون كتاباً من تأليف (والت روستو) -الأمريكي- يشجع فيه انتشار الاشتراكية في الدول النامية زاعماً أن التصنيع الثقيل في البلاد المتخلفة لا يمكن أن يقوم به رأس المال الفردي وذلك بإنشاء القطاع العام الذي ظل يتسع تدريجياً حتى احتوى القطاع الخاص في داخله، فتكدست المصانع بالموظفين وانخفضت الأرباح وساء الإنتاج وتدنى إلى درجة لم يستطع أن ينافس الإنتاج المستورد لاسيما حينما جاء عصر الانفتاح.

                  وقد رحل الاستعمار من الدول العربية وسُلِّم الحكم في بعضها إلى حكام كانوا يميلون إلى الفكر الاشتراكي فكانت حربهم للإسلام أشد قسوة وضراوة مما عاشته تحت الاحتلال الغربي.وقد أدرك حكام هذه البلاد بقيادة الملك فيصل رحمه الله وإخوته من بعده خطورة الشيوعية ودعوى القومية العربية التي فصلت العرب عن إخوانهم المسلمين فظهرت دعوة (التضامن الإسلامي) فانبرى الشيوعيون والقوميون لمواجهتها بحرب لا هوادة فيها. ومن العجيب أنهم كانوا يملكون أجهزة دعائية ضخمة وإعلاماً أنفقوا عليه ما لم ينفقوا على التنمية الحقيقية. وكانوا يزعمون أن الدعوة إلى التضامن الإسلامي إنما كانت دعوة استعمارية إمبريالية. وقد قيّض الله عز وجل لهذه البلاد علماء أفاضل ردوا على هذه الافتراءات منهم الشيخ محمد بن إبراهيم (مفتي المملكة) والشيخ محمد احمد باشميل، والشيخ محمود الصواف، وغيرهم.

                  وسقطت الشيوعية في موطنها الأصلي فهل ضاع اليساريون والشيوعيون الذين كانوا يولون وجوههم صوب ماركس ولينين وتروتسكي وغيرهم ؟ إنهم لم يضيعوا ولم يشعروا بالفراغ فقد استضافتهم بعض الجامعات الغربية للتدريس فيها وحضور الندوات والمؤتمرات .وقد أكد إدوارد سعيد في محاضراته التي بثتها هيئة الإذاعة البريطانية باللغة الإنجليزية فكان مما قاله: "إن الذي يبحث عن مثالب المسلمين والعرب ومعايبهم ويحرص على تشويه تراثهم ويعيب تاريخهم فإن لديه دوراً يلعبه ،وهذا يضمن له الأوسمة المنتظرة ويوصف بأنه شجاع صريح وما إلى ذلك..."

                  هذه لمحات تاريخية عن العلاقة بين الإسلام والغرب ، وها هو مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة يناقش في ندوته الكبرى للسنة الثانية العلاقة بين الإسلام والغرب حرصاً من القائمين على هذه الندوات الوصول بهذه العلاقة إلى الوضوح والطرح العلمي السديد المبني على المعرفة السليمة. وقد طرح الدكتور جعفر شيخ إدريس في ندوة العام الماضي الموقف الإسلامي الشرعي من غير المسلمين مستنداً للنصوص الشرعية من القرآن والسنّة.

                  فشكراً لهذا المهرجان المبارك على هذا الاهتمام وإننا نتطلع إلى أن تنشر هذه المحاضرات مع التعليقات والنقاشات التي تمت؛ ذلك أننا في العالم العربي الإسلامي نحتاج إلى بناء علاقتنا مع العالم حولنا على أساس من التمسك بهويتنا العربية الإسلامية وأن يكون التعامل بيننا وبين الغرب معاملة الند للند، كما لا بد من مواجهة حالة الانبهار التي أصابت البعض منّا فإنه لا يمكن لهذه الأمة أن تنهض النهضة الحقيقة دون العودة إلى جذورها والتمسك بثوابتها ومسلماتها.

                  وقفة مهمة: مع التحية والتقدير لمعالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف. قامت وكالة الرئاسة لشؤون المسجد النبوي بتوظيف عدد من النساء في المدينة المنورة للعمل بوظيفة مراقبات ولكن اشترطت عليهن العمل خمسة أشهر بدون إي إجازة حتى الإجازة الأسبوعية حرمن منها قبل تثبيتهن في الوظيفة. ونظراً لهذا الضغط الشديد تضطر إحداهن للغياب يوماً فيتم الحسم من راتبها .ولما كان كثير من هؤلاء النساء متزوجات ولهن أولاد فهن بأمس الحاجة للإجازة الأسبوعية وعدم الحسم من الراتب إذا كان العذر مقبولاً.وفقكم الله لكل خير.


                  التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 6 نوف, 2020, 05:35 ص.
                  أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                  والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                  وينصر الله من ينصره

                  تعليق


                  • #10
                    الإسلام و الغرب > العالم في حاجة إلى الإسلام >
                    زار الشيخ أحمد ديدات (شافاه الله وعافاه) المدينة المنورة، فأراد قسم الاستشراق بكلية الدعوة أن يحظى بتشريفه لقسمهم، فكُلّفت بالاتصال به للقيام بهذه المهمّة. فتوجهت إلى الفندق المتواضع الذي كان يقيم فيه وتشرفت بلقائه مدة عشر دقائق أكدّ لي خلالها أنه وعد أهله أن لا يتخلل هذه الزيارة أية ارتباطات، فلو سمح لنفسه أن يقبل دعوة واحدة فإنه قد لا يستطيع رفض الدعوات الأخرى و لا يستطيع أن يعطي أهله حقهم، كما جاء في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم (وإن لأهلك عليك حقاً).

                    ولمّا عرف أنني انتسب إلى قسم الاستشراق،بادرني بالقول: لا أدري ما ذا تفعلون أنتم في هذا القسم، لعلكم تقرؤون كتابات المستشرقين الذين يتهمون الإسلام بشتى التهم وتبدأون بالدفاع عن الإسلام، أو ما يسمى الدفاع التبريري. ثم أضاف علينا أن نترك هذا الأسلوب من العمل أي لا ننتظر حتى يهاجموا الإسلام أو المسلمين بل علينا أن نأخذ المبادرة.

                    قلت له وكيف ذاك؟ قال ينبغي أن نخاطب الغرب قائلين لهم: "انظروا إلى أوضاعكم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، إنكم تعيشون في ضنك مستمر وأزمات متواصلة. هذه حضارتكم قد حطّمت الأسرة؛ فالطلاق لديكم في ارتفاع مستمر، والزواج لم يعد زواجاً حقيقياً فقد ارتفعت نسبة الرجال الذين يعيشون مع نساء دون زواج. ويعاني أطفالكم من العيش بلا آباء، وسجونكم مليئة بالقتلة والمجرمين والمدمنين ومروجي المخدرات، وتعاني مجتمعاتكم من الشذوذ والإدمان على المخدرات والخمور، فما ذا أنتم فاعلون لحل هذه المصائب؟ إن عليكم أن تعرفوا أن الحل لكل هذه الأزمات موجود في الإسلام."

                    تذكرت هذا اللقاء وهذا الحديث عندما التقيت ومجموعة من المثقفين في جدة بالسفير الأمريكي المعيّن وايتش فاولر في حفل الاستقبال الذي أقامته القنصلية العامة الأمريكية في جدة للترحيب بمستشارها الجديد للشؤون الإعلامية والثقافية لورا بيرج، حيث تحدث السفير الأمريكي عن ولاية جورجيا التي ينحدر منها وتأثير الإسلام فيها. فقد قال السفير بأنه ما إن يتكون مجتمع مسلم في أي منطقة من الولاية حتى تتبدل الأوضاع الاجتماعية فتزداد الروابط الاجتماعية قوة، وتقل نسبة الجريمة، وتنخفض معدلات الإدمان بل تكاد تتلاشى، وباختصار يشهد المجتمع الأمريكي صورة نموذجية في العلاقة الأسرية واحترام الكبير.

                    لقد سبقني أخي الدكتور عبد القادر طاش في نقل ملاحظات السفير والتعليق عليها فكان مما نقله عن السفير :"تتميز المناطق التي يتجمع فيها هؤلاء المسلمون باختفاء مظاهر الجريمة والفساد الأخلاقي منها، وتنعم هذه المناطق باستقرار عائلي واضح، وتقل فيها نسبة المشكلات الاجتماعية التي يشكو منها المجتمع الأمريكي." وعلّق الدكتور طاش على هذا بقوله: "وأعتقد أن مغزى كلمات السفير لا يقتصر على مجرد الإفصاح عن تقديره للإسلام وقيمه السامية، بل إن هناك مغزى آخر مهماً جداً وهو الإشارة إلى حاجة الناس إلى القيم التي يحويها الدين الإسلامي. وهذا يدل على أن الإسلام لا يزال قادراً على أن يقدم للبشرية في العصر الذي نعيش فيه عطاءً زاخراً بالمبادئ والقيم والقواعد الاجتماعية التي هم في أمس الحاجة إليها لعلاج مشكلاتهم المتفاقمة." أليس هذا ما قاله الشيخ ديدات (عافاه الله) قبل أكثر من عشرة أعوام؟

                    والطريف في الأمر أن حديث السفير كان قريباً من انعقاد الألعاب الأولمبية لعام 1996م في ولاية جورجيا الأمريكية فقد كانت ولاية جورجيا وبخاصة عاصمتها أو مدينتها الكبرى أتلانتا تحتل صدر النشرات الإخبارية وبخاصة عندما حدث التفجير في إحدى الحدائق العامة القريبة من الملاعب الأولمبية. أما الإسلام في جورجيا فلم يسمع به الكثير، وقد يسّر الله لي التعرف على الإسلام في ولاية جورجيا من خلال مجلة تصدرها دار المسلمة للنشر والتوزيع بعنوان"النقاب". ومن خلال هذه المجلة تعرفت إلى أن أخواتنا المسلمات هناك لهن نشاط بارز في التعريف بالإسلام من خلال إصدار هذه المجلة بالإضافة إلى النشاطات الإعلامية الأخرى.

                    وقد أصدرت دار النشر المذكورة كتيبات تعريفية بالمسلمين في ولاية جورجيا، ولعلهم قاموا بتوزيعها على المشاركين المسلمين في مسابقات الألعاب الأولمبية، وعلى الجمهور الذي جاء لمشاهدة المباريات. وكم كنت أود لو أن الصحف العربية والإسلامية أفادت من هذه المواد الإعلامية فلم تكتف بالحديث عن المنافسات الرياضية فخصصت جانباً من تغطيتها لأحداث الأولمبياد للحديث عن إخواننا المسلمين في تلك الولاية.

                    فالعالم بحاجة إلى الإسلام هذه هي النتيجة التي توصل إليها الأخ الدكتور عبد القادر طاش من حديث السفير الأمريكي وهو ما أكده لي الشيخ أحمد ديدات (عافاه الله) قبل أكثر من عشر سنوات. وقد كتب حول هذا الأمر الشيخ محمد السعيد الزاهري قبل خمسين سنة(الإسلام في حاجة إلى دعاية وتبشير). فمتى نقوم نحن المسلمين بواجبنا نحو دعوة العالم إلى الإسلام بسلوكنا أولاً ثم بجهودنا الحقيقية.


                    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 6 نوف, 2020, 05:35 ص.
                    أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                    والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                    وينصر الله من ينصره

                    تعليق


                    • #11
                      الإسلام و الغرب > سقوط الغرب وشيك >
                      زار أحد الصحافيين العرب (المرموقين) هو أحمد بهاء الدين الولايات المتحدة الأمريكية قبل عدة أعوام طلباً لعلاج عينيه، وكتب بعد عودته يستنكر على الذين ينتقدون الغرب ولا يرون فيه إلاّ الهبيز، والباكنس، والثقافة المضادة، والخمر، والجريمة والشذوذ والإباحية. وأكد أن هذه الصورة لا تمثل الوضع على حقيقته، فإن الغرب وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية فيها كثير من الإيجابيات وذكر من ذلك الجامعات الراقية، ومراكز البحوث الجادة، والمواطنين المخلصين الذين يذهبون إلى أعمالهم في الثامنة صباحاً حتى الخامسة عصراً ، وربما ذلك السيارات الأمريكية والأسلحة الأمريكية الطائرات...الخ.

                      هل اقتنع القراء بما قاله هذا الصحفي المرموق؟ لا شك أن كثيراً من القراء معجبون بأسلوب هذا الكاتب ومقدرته الأدبية على الإقناع، ولكن القارئ المدقق الذي يفكر فيما يقرأ لا بد له من وقفة متأنية مع مثل هذه الأفكار.

                      لا شك أن الكاتب قدم حججه وبراهينه التي تعتمد على التعليل المادي والبحت وتكتفي بظاهر الأمر ولا تتجاوز ذلك. وهذه هي العلمانية أو النظرة اللادينية. أما المسلم فحكمه على مثل هذه القضايا يجب أن يستند إلى القرآن الكريم، والسنّة المطهرة التي أوضحت سنن الله عز وجل في الكون، وأرسل الله سبحانه وتعالى رسله إلى البشر ليوضحوها للناس ويبينوها. وهذه السنن تحدد أنه أي أمة من الأمم خالفت منهج الله سبحانه وتعالى في الحياة لا بد أن تلقى عاقبة انحرافها عن هذا المنهج. أما متى يكون العقاب والأخذ فهو من الأمور الغيبية التي لا يعلمها إلاّ الله {ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون} وقلوه تعالى {لكل أجل كتاب}.

                      وتحدث القرآن الكريم عن سنة الله عز وجل في أخذ القرى ودمارها فذكر من الأمم عاداً وثمود، وقوم لوط، وقوم شعيب، وبني إسرائيل، وفيما يأتي بعض هذه الأمم وما نزل فيهم من آيات.

                      q بنو إسرائيل{أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم ففريقاً كذبتم وفريقاً تقتلون) وقوله تعالى {لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسي ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون}

                      q فرعون وقومه {وفرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصبّ عليهم ربك صوت عذاب إن ربّك لبالمرصاد}

                      q قوم لوط {ولوطاً إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون}

                      q قوم شعيب{وإلى مدين أخاهم شعيباً قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره فأوفوا الكيل والميزان ولا بتخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلك خير لكم إن كنتم مؤمنين}

                      فهل يرى العقلاء أن الغرب قد وقع في هذه المحظورات التي كانت سبباً في هلال الأمم السابقة؟ وهل يغني عن الأمريكان والأوروبيين ما هم فيه من صناعات وتقدم وازدهار؟ ألم تكن الأمم السابقة قد بلغت حداً كبيراً من التطور والازدهار فأتاها أمر الله ليلاً أو نهاراً أو بياتاً أو ضحى وهم يلعبون؟

                      وفيما يأتي بعض الحقائق عن الوضع في الولايات المتحدة الأمريكية كما أوردها بعض الباحثين الغربيين ونقلتها مجلة الجيل اللبنانية في عددها الصادر في أبريل 1993م.

                      أولاً: الجريمة: بلغ معدل جريمة القتل في أمريكا تسعة عشر ألف جريمة سنوياً، والقتل لا يقع فقط بين أشخاص يعرف بعضهم بعضاً بل إن نسبة من هذه الجرائم تقع ضد أشخاص لا صلة بينهم مطلقاً، أما الجرائم الأخرى فالاغتصاب والسرقة وغيرها، وإن كان البعض يرى أن السبب الرئيسي وراء الجريمة هو العجز عن الاهتمام بالفقراء والإنفاق على تحسين حالة المدن والحد من البطالة، ولكن الحقيقة أن أساس الجريمة إنما هو اضطراب في الشخصية وانحراف نفسي عميق، وغياب التربية الروحية الإيمانية.

                      ثانياً: المخدرات تعد المخدرات إحدى الجرائم الكبرى في أنحاء العالم ولكنها في الولايات المتحدة الأمريكية جزء من الشخصية الأمريكية فالإحصائية تقول إن الأمريكان الذين يمثلون 5% من سكان العالم يستهلكون 50 بالمئة من الكوكائين المنتج سنوياً، أما باقي أنواع المخدرات خفيفها وثقيلها فلا يكاد يسلم منه إلاّ نسبة ضئيلة جداً

                      ثالثاً: الأسرة في أمريكا قد بدأت تتفكك منذ زمن بعيد أي منذ خروج المرأة إلى العمل حتى ليكاد دور الأم أن يتلاشى ويحل محله التلفزيون؛ حيث يشاهد الطفل الأمريكي خمسين ألف ساعة قبل دخوله المدرسية؛ تتكون من التركيز على الاستهلاك، والثقافة الرخيصة، وبرامج التلفزيون المنحطة، حتى يصاب الطفل بجنون الرياضة والبرامج السخيفة بالإضافة إلى العنف والجريمة.

                      رابعاً الاقتصاد نالت قضية الديون أهمية كبرى حتى بلغ دين الحكومة الفيدرالية عام 1991 ثلاثمائة بليون دولار والدين القومي بلغ أربعة تريلون دولار(أي أربعة آلاف بليون) ويرافق هذه الديون الضخمة انخفاضاً في الإنتاجية مما جعل مارغريت تاشر تهدد بحدود كارية إذا استمر تراجع الاقتصاد الأمريكي وتقدم الاقتصاد الياباني.

                      فهل الغرب وأمريكا بالذات لا يسقطون؟


                      التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 6 نوف, 2020, 05:34 ص.
                      أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                      والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                      وينصر الله من ينصره

                      تعليق


                      • #12
                        الإسلام و الغرب > ندوة أصيلة من يحضرها؟ >
                        كانت ندوة أصيلة لهذا العام وكذلك في الأعوام الماضية تستحق الاهتمام لجدية الموضوعات المطروحة للبحث والمناقشة، ولذلك تابعت ما نقلته جريدة الشرق الأوسط من مناقشاتها، وقد أعددت مقالتين حول ندوة هذا العام تحملان بعض الملاحظات والمقترحات. ثم اطلعت على مقالتين إحداهما حول أصيلة مباشرة وأخرى لها عـلاقة بدراسة الغرب. أما المقالة الأولى فهي للدكتور عبد القادر طاش-رحمه الله تعالى- بعنوان "تهميشات على حوار الإعلاميين العرب والأمريكيين في أصيلة" (الشرق الأوسط 9ربيع الآخر 1418هـ)، والمقالة الثانية للدكتور مازن عبد الرزاق بليلة بعنوان "فكان المنع إحدى الراحتين"(عكاظ 9ربيع الآخر 1418هـ)

                        أما الدكتور عبد القادر طاش فقد أشار إلى عدة موضوعات أولها أن ندوة أصيلة بالرغم من جدية موضوعـاتها وخطورتها، لكن طريقة طرح هذه الموضوعات للنقاش لم يزد على كونه "منتدى للكلام يحاول كل مشارك أن يستعرض مواهبه الخطابية وخروج كثير من المشاركات عن القضية الرئيسية للندوة." وهذا الأمر واضح جداً فإن تقارير الشرق الأوسط (أحد رعاة الندوة ومموليها) لم تقدم نصوص المحاضرات أو الأوراق التي قدمت.

                        وأثار الدكتور طاش نقطة أخرى وهي أن "نسبة معتبرة" من المشاركين في منتدى أصيلة لم تكن لهم علاقة وثيقة بموضوع المنتدى سوى كون معظمهم من المثقفين أو الصحافيين. وتعجب الدكتور طاش من عدم دعوة بعض الشخصيات المعروفة باهتمامها بجانب العلاقة بين العالم الإسلامي والغرب من مثل إدوارد سعيد، والمخرج العالمي مصطفى العقاد. والمعروف عن الندوات أو المؤتمرات العلمية أنها تعلن محاورها وتطلب من المتخصصين تقديم فكرة عن الموضوعات التي يرغبون تقديمها ثم تكون هنـاك لجنة لإجازة الموضوعات. وقد يكون لكل ندوة أو مؤتمر إجراءاتها الخاصة في دعوة المتخصصين، ولكنها في الغالب تعطي الفرصة للمتخصصين للمشاركة في مثل هذه المنتديات التي تهم قطاعاً كبيراً من المثقفين في العالم العربي الإسلامي.

                        وتناولت مقالة الدكتور مازن بليلة جانباً مهماً يتعلق بإنشاء معهد الدراسات الأمريكية فهاهو شاب سعودي يدرس في إحدى الجامعات الأمريكية ويتخصص في مجال القانون قد قام ببحث متميز في مجال لا نعرف عنه كثيراً في العالم الإسلامي، وربما كان الجمهور الغربي عموماً يجهل التفاصيل التي توصل إليها الباحث السعودي. وهذا البحث الذي قام به الشاب السعودي يتعلق ب (بنوك الحيوانات المنوية) حيث اكتشف هذا الشاب السعودي أن هذه البنوك منتشرة انتشاراً مذهلاً وأنها ظاهرة "تستحق الدراسة والتحليل والبحث عن وضعها القانوني والجنائي إن وجد.." واكتشف الشاب السعودي أن هذه البنوك " مضى على إنشائها أكثر من سبع عشرة سنة، ولها تنظيم مذهل، حيث يتم جمع تبرعات الحيوانات المنوية وشراؤها وتنظيمها…"

                        ليس المهم تفاصيل هذا البحث بقدر ما أود التأكيد عليه أن الشاب السعودي أدرك أن في الغرب ظواهر تستحق الدراسة وأنه يجب أن نكون على وعي منها. ومع أننا ندرك أنه جاء في الحديث الشريف عن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم قوله (لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة و حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، فقالوا اليهود والنصارى فقال من إذن؟" فإن كان منّا من سيعمل عملهم فإن البقية التي تدرك خطورة هذه الأعمال لن تقوم بتقليدها أو تقوم بتوضيح خطورتها للآخرين .

                        وقد ذكر الدكتور مازن بليلة أن الأستاذ المشرف "رفض فكرة البحث جملة وتفصيلاً ورفض استلام(تسلم) البحث بحجة أن هذه الظاهرة طبيعية…."، وأذكر أنني سمعت من شخص أمريكي أو أوروبي- لم أعد أذكر- أنه قال إننا نكاد أن نكون قد وصلنا إلى مرحلة أن لا يعرف الإنسان أباه الحقيقي. وإن كنت أعتقد أن هذه مبالغة كبيرة، ولكن الأرقام والإحصائيات عن عدد الخلان والخليلات في المجتمعات الغربية وصلت إلى درجة تعطى عبارة ذلك الرجل بعض المصداقية.

                        وأرجو أن نجد الشباب السعودي والشباب العربي المسلم الذي يبحث في قضايا أخرى في المجتمعات الغربية ليس فقط الجوانب السلبية بل علينا أن نجد من يدرس الإيجابيات في تلك المجتمعات وهي كثيرة. وما زلت أذكر أن الخطوط السعودية وهي مؤسسة استعانت في بداية قيامها بالخبرة الأمريكية في الإدارة قد استطاعت أن تحقق كثيراً من النجاحات الإدارية ومن ذلك إجراءات الترقيات، وأمور انتداب السفر، وطريقة صـرف هذه الانتدابـات وكذلك مسألة الإجازات السنوية. ومن النجاح الذي حققته في الأعمـال الداخلية أنها أغنت الموظفين عن مراجعة الدوائر الحكومية المختلفة. ومنها أيضاً نظام البريد الداخلي والبريد الخارجي. ففي البريد الخارجي ليس للخطوط السعودية سوى صندوق بريد واحد أو اثنين مع أن مراكز التكلفة فيها (الإدارات بالمئات)، بينما نجد أن بعض المؤسسات التي لا يتجاوز عدد العاملين فيها بضعة ألوف ولها عشرات الصناديق البريدية. فلو قمنا بعملية حساب بسيطة لعدد المرات التي يذهب فيها أشخاص إلى إدارة البريد وكذلك أجرة الصناديق البريدية لوجدنا أننا أمام طاقات كبيرة وأموال كثيرة مهدره لأننا لم نستطع أن ننظم عملية تسلم البريد وتسليمه.

                        أرجو أن تصل هذه الملاحظات إلى أنظار الأخوة القائمين على منتدى أصيلة ويفيدوا منها في تنظيم مـلتقيات السنوات القادمة حتى لا تضيع الطاقات والإمكانات الكبيرة التي تتوفر لهذا المنتدى المهم أو أن يصدق فيها ما كتبه الشيخ الغزالي رحمه الله قبل أكثر من نصف قرن بأن تكون من ( الطاقات المعطلة).

                        التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 6 نوف, 2020, 05:34 ص.
                        أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                        والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                        وينصر الله من ينصره

                        تعليق


                        • #13
                          الإسلام و الغرب > الإعلام الغربي، هل هو حر حقاً؟ >
                          سأتناول في هذه المقالة قراءة في كتاب(مصادر غير موثوقة ) الذي صدر في الولايات المتحدة قبل عدة سنوات لمؤلفـيه مارتن لي Martin Lee ونورمان سولومونNorman Solomon .عن مجموعة كارول للنشر. وقد قرأت الكتاب وكـنت أنوي تقديم عرض له، ولكن حالت دون ذلك موضوعـات أكثر إلحاحاً حتى قرأت خبراً نشر في 6صفر 1418 هـ(الشرق الأوسط، ع 6770) عن كتاب صدر في فرنسـا بعنوان (تي اف1 سلطة)، ويقول الخبر أن الكتاب عبارة عن دراسة علمية موثقة مكون من سبعمائة صفحة. ويشير الكتاب إلى انتشار الرشاوى والضغوط والمساومات والفساد بأنواعه. ويقدم الكتاب وثائق عديدة بعضها عبارة عن صور فوتوغرافية لشخصيات إعلامية من القناة التلفازية مع بعض الشخصيات السياسية أو الاقتصادية.

                          ويضيع تأثير هذه الأخبار أنها تظهر مرة واحدة و لا يقرؤها إلاّ عدد قليل من الناس، ، أما الذين لم يقرؤوها- وهم الغالبية- فيستمرون في مشاهدة تلك القناة ويتأثرون بما تنقله من أخبار أو ما تبثه من أفكار أو ما تحجبه من قضايا .

                          أما كتاب (مصادر غير موثوقة) المكون من ثلاثمائة وعشرين صفحة فيحتاج إلى أكثر من مقالة لاستعراضه، ولكني سأعرض بعض الأفكار التي طرحها المؤلفان. فقد أشار المؤلفان في بداية الكتاب إلى أسطـورة أن الإعلام ملتزم وفوق ذلك كله يبحث عن الحقيقة ويعلنها مهما كان الثمن تواجه تـحدياً من الواقع الذي يؤكد أن الإعلام شركة مساهمة ومعظم وسائل الإعلام يتم تمويلها عن طريق الإعلانات أو ممولين فمن الذي يدفع لوسائل الإعلام سبعين بليوناً كل سنة في الولايات المتحدة الأمريكية. بل إن شركات الإعلام هي نفسها من الشركات التي تدر الملايين أو البلايين سنوياً.

                          ويذكر الكاتبان إلى أن الشركات التي تقدم الأخبار هي نفسها تشارك في صياغة الأخبار قبل أن تصبح أخباراً بالرغم من أن شركات الإعلام لا تعترف بهذا. والدليل على ذلك أن شركة إن بي سي NBC تملكها شركة جنرال الكترك General Electric التي تعد واحدة من أكبر المتعهدين العسـكريين في الـولايات المتحدة حيث تقوم هذه الشركة بتصميم وصناعة أو تزود بقطع الغيار تقريباً كل أنظمة الأسلحة الأمريكية.

                          ومن الجوانب الأخرى في الإعلام الأمريكي أنه تسيطر عليه التسلية والترفيه التي يغلب عليها طابع العنف والجنس والتلاعب المتعمد في التغيير السريع -أجزاء من الثانية- للصور والأصوات بحيث لا تترك للمشاهد الفرصة للتفكير. وطغيان التسلية على الاهتمام بالأمور الجدية -مع عوامل أخرى- إلى أن أصبح الطفـل الأمريكي أقل مستوى في الرياضيات من أمثاله في كوريا الجنوبية أو كندا أو اسبانيا أو بريطانيا أو ايرلندا. وعرف عن التلفزيون مثلاً الاهتمام بقضايا صغيرة وجعلها هي القضية الرئيسة في كل نشرات الأخبار مثل قصة الطفلة التي وقعت في بئر بينما يهمل التلفزيون أو لا يعطي الاهتمام الكافي لقضايا أكثر أهمية مثل: سوء التغذية أو المشردين أو الأمراض المستعصية ومن ذلك أن خمس أطفال أمريكا يعيشون دون حد الفقر.

                          ومن الأمور التي أوردها المؤلفان عن الصحافة الأمريكية خضوعها لشركات التبغ مثلاً أو الشركات الـتي تضع إعلاناتها في الصحف والمجلات. فليس المعيار أهمية المقال أو الباب الثابت أو صلاحية النشر بقـدر ما يدر الموضوع من أموال الإعلانات. ومن الشركات التي لها سيطرة واضحة شركات التبغ فمعظم الصحف والمجلات نادراً ما تنشر مقالات جادة ضد التدخين.

                          وقد أشار الكاتبان إلى التغطية الصحفية أو التلفزيونية أو الإذاعية للأخبار وأن هذه التغطية تميل إلى جانب وجهة النظر الحكومية -حتى إنهما أحصيا ما ينتجه البيت الأبيض من أشرطة وأفلام فوجدا انه يتفوق على هوليوود- ففي دراسة قام بها المؤلفان على كل من صحيفتي الواشنطن بوست والنيـويورك تايمز (2850مقالة) وجدا أن ثمان وسبعين في المئة من الأخبار مصدرها مسؤول رسمي. وقد نقل المؤلفان عن والتر كارب Walter Karp من مجلة هاربر Harper`s Magazine قوله أن الغالبية العظمى من القصـص الإخبارية مبنية على مصادر رسمية ؛ أي معلومات مصدرها رجال الكونجرس أو مساعدو الرئيس أو سياسيون. وصرح دونالدسون من شركة إي بي سي ABC بأننا كقاعدة إن لم نكن خدم لدي السلطة فإننا على الأقل أخوة دم … وفي نهاية النهار ننتهي بقصة قريبة من رواية البيت الأبيض.

                          وثمة نقطة أخيرة في هذا العرض السريع أن الصحف تقوم بين الحين والآخر بإيقاف بعض كتابها لأنهم أزعجوا بعض المسؤولين فمن ذلك أن صحيفة نيويورك تايمز قد أعلنت أن الكاتب سيدني سكانبرج Sydney Schanberg الذي كان يكتب مقالتين أسبوعياً في صفحة الرأي قد طلب إليه قبول مهمة أخرى في الصحيفة لم يتم تحديدها بعد. وقد شرح أحد الصحافيين الأمر بأن سكانبرج كان يتناول موضوعات مثل: المشردين والجرحى والإصابات التي تحدث في صفوف العمال بسبب طمع المقاولين الكبار والمصرفيين وأعمدة السلطة الأخرى. وقد أزعجت مقالاته بعض المسؤولين في الصحيفة كما أنّ من جعلهم هدفاً لنقده صاحوا بصوت مرتفع، وبدون إنذار وفي أحد أيام شهر أغسطس 1985م أُمر الكاتب بالتوقف.

                          الكتاب يستحق الدراسة لما فيه من حقائق عن الإعلام الغربي (الأمريكي) الذي طالما ملأ الدنيا ضجيجاً بأنـه أفضل إعلام في الدنيا وأنه إعلام حر. فهل ظهر في الغرب من ردّ على مثل هذا الكتاب. لأننا يجب أن لا نسلم بكل ما فيه، ولكنه على الأقل بحث علمي يحتاج إلى متخصصين لفحصه ودراسته.

                          التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 6 نوف, 2020, 05:34 ص.
                          أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                          والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                          وينصر الله من ينصره

                          تعليق


                          • #14
                            الإسلام و الغرب > نظرية المؤامرة ما مدى صحتها؟ >
                            يعترض كثيرون على نظرية المؤامرة ويبالغون في انتقادها متهمين غيرهم بالخضوع لنظرية المؤامرة. وقد كتب الأستاذ زين العابدين الركابي مقالة أشار فيها إلى أن هناك ما يسمى المكر والكيد وقد أثبت القرآن الكريم وجوده ومن ذلك قوله تعالى {يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون}(التوبة 8) وقوله تعالى{قد بدت البغاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر} (آل عمران 118) .كما أورد الركابي نماذج من المكر القديم والمعاصر.

                            ولقد أثار موضوع إلقاء القبض على الزعيم الشيلي وقرار القضاء البريطاني تسليمه إلى إسبانيا الكثير من الكتابات، ومنها مقالة الأستاذ خالد القشطيني (الشرق الأوسط 21شعبان 1419هـ) التي أورد فيها كثيراً من المعلومات عن الموقف الأمريكي من الديمقراطية في العالم. وفيما يأتي نماذج مما كتبه الأستاذ القشطيني:

                            ذكر القشطيني أن عدة مصادر قد كشفت عن دور الولايات المتحدة الأمريكية وبالذات هنري كيسنجر (وزير الخارجية في عهد نيكسون) في الإطاحة بالنظام الديموقراطي هناك وتسليم البلاد للجنرال بنوشيه، وأن الولايات المتحدة رغم أن الجنرال قام بتصفيات دموية في بلاده فقد حصل على معونة أمريكية تقدر بأربع وعشرين مليون دولار. وليس هذا فحسب فقد كان لوكالة المخابرات المركزية دور في تدهور الأوضاع الاقتصادية وتدبير عدد من الانقلابات العسكرية في أمريكا اللاتينية.

                            أما في العالم العربي فإن القشطيني أشار إلى كتاب مايلز كوبلاند (لعبة الأمم) والذي يشبه المسرحية الخيالية ولكنه كما يؤكد المؤلف والمطلعون على الأمور في عالمنا العربي مقدار المصداقية فيما كتبه كوبلاند. وقد ذكر القشطيني مثالاً على ذلك الانقلاب على عبد الكريم قاسم وتسليم البلاد إلى البعثيين الذين اعترفوا أنهم حين أسقطوا النظام جاؤوا " بقطار أمريكي."

                            والمثال الثالث ما حدث في كوبا وملاحقة أمريكا لكاسترو أكثر من ثلاثين عاماً وأن الأمر لا يعدو كما قال القشطيني أن كاسترو" أمم ووزع الأراضي الزراعية التي كانت ملك الشركات الأمريكية التي حفزت عندئذ الحكومة الأمريكية على ملاحقة كاسترو والسعي لإسقاطه."

                            والمثال الرابع ما قام به سوكارنو من تأميم المصالح الغربية وأقفل الباب تجاه التجارة الغربية ولا سيما تجارة الأسلحة مما دعا بريطانيا إلى إرسال بعثة برئاسة نورمان رودي إلى ماليزيا للتعاون مع جماعة سوهارتو وتزويدهم بالمعلومات ومساعدتهم في شن حرب إعلامية ضد النظام القائم. وعندما تسلم هؤلاء الحكم استهلوه بقتل حوالي خمسين ألف مواطن وإبادة ثلث سكان تايمور الشرقية.

                            ويلخص القشطيني القضية بأمرين أن الشركات الغربية تكره الأنظمة الديموقراطية لأن تلك الأنظمة يصعب فيها رشوة المسؤولين بدون فضائح ولا يتم تسليم الامتيازات وغيرها دون الرجوع إلى البرلمانات والمجالس المختلفة بينما في النظم غير الديموقراطية يمكن للشركات الأجنبية أن تفعل ما تشاء. أما الأمر الآخر فإن الدول الغربية لا تفتأ تزعم أن الدول النامية (تعبير لطيف) "غير مؤهلة للحكم الديموقراطي، يتحدثون باستمرار عن تناقض الديموقراطية مع الإسلام بصورة خاصة لكنهم قلما يذكرون الدور الذي قامت به شركاتهم وحكوماتهم في قتل النبتة الديموقراطية حينما بدأت بالتبرعم والتجذر في العالم الثالث، وفي دعمهم للأنظمة الفاشية التي فتكت بألوف الأحرار من المناضلين من أجل الديموقراطية والشرعية."

                            أما التساؤلات فإن الغرب لم يعد خافياً عليه أن هذه اللعبة أو هذه السياسة لم تعد خافية على الشعوب العربية الإسلامية والشعوب في العالم الثالث فالمسؤولون الأمريكيون يتجولون في أنحاء العالم العربي الإسلامي يقابلون المثقفين ويعرفون منهم حقيقة موقفهم من سياسات الولايات المتحدة واعتمادها على المعايير المزدوجة.

                            كما وجدت مقالة للأستاذ فائق فهيم (المدينة المنورة 22شعبان 1498هـ) تتناول الموضوع نفسه، ويشير فيها الكاتب إلى الرؤساء في أفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا الذين وصلوا إلى الحكم بالانقلابات العسكرية المدعومة من أمريكا، وخدموا أسيادهم ثم إذا انتهى دورهم تنوعت مصائرهم بين ذل وقتل أو طرد وتشريد. وأختم بنصيحة غالية للأستاذ فائق فيهم يقول فيها: "فبعض الحكام لا يظن أنه مجرد مرحلة وأن القاعدة هي الزوال وإنما يتصرف وكأنما سيقف الزمان عنده ولا يتحرك."


                            التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 6 نوف, 2020, 05:34 ص.
                            أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                            والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                            وينصر الله من ينصره

                            تعليق


                            • #15
                              الإسلام و الغرب > الاستماتة..والأسئلة الباردة >
                              الاستماتة..والأسئلة الباردة(*)


                              فائز صالح محمد



                              ما انفك قلم الأستاذ مشعل السديري بواصل سخريته حتى عند معالجة الأمور الجادة. فلقد أطلعت على ما سطره قلمه الساخر على صدر الصفحة الأولى من عدد الأحد 24/2/1418هـ لصحيفة عكاظ. وهو برد على الدكتور مازن مطبقاني في مقالة حول الغزو الثقافي. فالأستاذ مشعل السديري يرى أنه ليس هناك غزو ثقافي، وإن كل ما في الأمر هو مصالح. والدكتور مازن مطبقاني يرى أن هناك غزوا ثقافياً، وأن المسلمين مستهدفون بهذا الغزو، ومما نتج عن ذلك تحول العلاقة بين المسلمين وغيرهم من مسألة إيمان وكفر إلى مسألة مصالح وصراع اقتصادي.

                              الأستاذ السديري يتساءل فيما لو سلمنا بوجهة نظر الدكتور المطبقاني، "كيف نسطتيع أن نفسر أول حروب الإسلام قبل غزوة بدر حينما حاول المسلمون الأوائل أن يتصدوا لرحلة قريش التجارية القادمة من الشام بقيادة أبى سفيان؟ وكيف أن المجاهد بماله كالمجاهد بنفسه؟ وكيف كانت الغنائم تقسم؟ وكيف كان الخراج والزكاة و"المكوس" والجزية؟ وكيف كانت التجارة لم تنقطع يوما بين أقطار المسلمين وبين ما جاورها من شعوب ذات ملل مختلفة، وكيف أن خلفاء المسلمين يبعثون بالسفراء والهدايا لملوك الفرنجة وغيرهم ممن لا يدينون بالإسلام؟" ثم وجه سؤالا باردا حسب تعبيره. للدكتور مطبقاني وهو، بالله عليك كيف تتخيل العالم الإسلامي لو أنه أقام علاقته مع دول العالم على أساس الإيمان والكفر؟؟

                              ويلاحظ أن الأستاذ السديري دعم وجهة نظره بكلام مفهوم وآخر غير مفهوم على الأقل بالنسبة لي..، فقد افترض أن تصدي المسلمين لرحلة قريش التجارية القادمة من الشام بقيادة أبي سفيان هي (من حروب المصالح)، ولو سلمنا بما يقول لأصبحت غزوة يدر الكبرى وهي التي لها ما لها من شان في نصرة الحق وخذلان الباطل وإعلاء كلمة الله. من حروب المصالح الاقتصادية، وتساءل عدة أسئلة لم تتضح لي علاقتها بالموضوع، وكأني به من سياق الأسئلة التي أوردها يريد تحويل الهدف الأساسي للفتوحات الإسلامية الذي هو نشر الإسلام والدعوة إلى الله، إلى مصالح اقتصادية، وإن تحقيق المصالح الاقتصادية المتمثلة في الغنائم والخراج والزكاة والجزية، هو المحرك الأساسي للجهاد الإسلامي عبر التاريخ.

                              فأي جناية على الإسلام المسلمين هذه الني نرتكبها نحن أبناء هذا الدين الذي أعزنا الله له، عندما نفرغ الجهاد الإسلامي من مضمونه الحقيقي عبر تاريخه الطويل والمشرق بدءا من غزوة بدر الكبرى ونحصره في مساحة "المصالح الاقتصادية" الضيقة.

                              واعتبر الأستاذ السديري الدكتور المطبقاني ممن يريدون تحويل الصراع بين المسلمين المعاصرين وبين أعدائهم إلى مسألة إيمان وكفر... وليس القرآن الكريم الذي قرر هذه المسألة منذ أربعة عشر قرنا من الزمان وفي مواقع كثيرة.. فالله عز وجل يقول في محكم التنزيل:{ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم} ويقول سبحانه وتعالى:{ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء} فالأمر متعلق بالإيمان والكفر وبنص القرآن الكريم، ولم يأت به الدكتور مازن مطبقاني من عندياته، ولذلك يجب أخذ ذلك في الاعتبار.

                              ثم من قال أن إقامة علاقة العالم الإسلامي مع بقية دول العالم لا يمكن أن تكون على أساس الإيمان والكفر؟ وبصيغة أخرى: من يقول بأن إقامة علاقات الدول الإسلامية مع غيرها من غير المسلمين يقتضي إلغاء أساس الإيمان والكفر؟ ومن قال أيضا بان التعامل مع غير المسلمين أو مصافحتهم أو الدخول معهم في عهود ومواثيق يلغي أساس الإيمان والكفر في هذا التعامل؟؟

                              إن تعاليم الإسلام تميز بين علاقات المسلمين ببعضهم، وبين علاقاتهم بغير المسلمين، بل وتميز في العلاقة بين المحارب والمسالم من أعداء الأمة المسلمة.

                              يصر الأستاذ السديري على نفيه لوجود غزو ثقافي للعالم الإسلامي من العالم الغربي، ويرى أن العالم الغربي ليس في حاجة لأن يغزو العالم الإسلامي، ولا أدري إلى أي مرجعية استند في هذا النفي، وكيف لا يكون العالم الغربي في حاجة العالم العربي والإسلامي وقد غزاه عسكريا واحتل معظم دولة وامتص معظم خيراته وثرواته وحقق من خلال ذلك ما هو عليه الآن من رفاه وقوة اقتصادية، وظل حتى بعد طرده بالقوة يمارس غزوه ثقافيا بما خلفه فيه. وأعني العالم العربي والإسلامي. ومن أبناء جلدته من يواصل ما يواصلون زرع مبادئه ومعتقداته سخرهم لخدمة مصالحه.

                              العجب أن يكون منا من يقول بهذا وقد أصبحنا وفي هذا العصر بالذات نعيش غزوا ثقافيا فضائيا. على مدار الساعة ونعاني ما نعانيه من الأفكار التي يبثها العالم الغربي ويعاونه في ذلك أبناء جلدتنا، وإن احتجنا إلى دليل على طلوع النهار ونحن في وضحه، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

                              التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 6 نوف, 2020, 05:34 ص.
                              أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                              والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                              وينصر الله من ينصره

                              تعليق

                              مواضيع ذات صلة

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 2 أكت, 2023, 02:49 ص
                              ردود 4
                              40 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                              بواسطة *اسلامي عزي*
                               
                              ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 12 سبت, 2023, 02:08 ص
                              ردود 0
                              15 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                              بواسطة *اسلامي عزي*
                               
                              ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 4 سبت, 2023, 02:15 ص
                              ردود 0
                              19 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                              بواسطة *اسلامي عزي*
                               
                              ابتدأ بواسطة Islam soldier, 10 أغس, 2023, 06:44 ص
                              ردود 0
                              448 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة Islam soldier
                              بواسطة Islam soldier
                               
                              ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 30 يول, 2023, 11:51 م
                              ردود 3
                              45 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                              بواسطة *اسلامي عزي*
                               
                              يعمل...
                              X