تويت
إن الشورى فى الإسلام ليست ملزمة للحاكم وموقف المسلمين من الرأى الآخر غير سليم
أصحاب هذه المقولة معذورون لأن بعض مشايخ المسلمين فى لحظة تزلف للسلطان يقولون إن الشورى معلمة وليست بملزمة وحجتهم أن الله سبحانه حين قال للرسول صلى الله عليه وسلم ( وشاورهم فى الأمر ) أتبعها بقوله : ( فإذا عزمت فتوكل على الله ) . وكلام بعض مشايخ المسلمين سامحهم الله أوهن من بيت العنكبوت وهذا هو الدليل : أن أمر الله للرسول فى قوله تعالى : ( وشاورهم فى الأمر ) . هو للإلزام وليس للاستحباب بدليل أنه صلى الله عليه وسلم ما كان يقدم على أمر ذى بال إلا شاور فيه أصحابه فيما ينزل فيه وحى والمواقف فى هذا كثيرة . إن قوله تعالى عن الأمة المسلمة ( وأمرهم شورى بينهم ) . جاء فى سياق مجموعة من الآيات تحدد بعض قسمات وملامح هذه الأمة المؤمنة التى تتوكل على الله وتجتنب الإثم والفواحش وتغفر إذا غضبت وتنتصر إذا بغى أحد عليها وتستجيب لربها وأمرها شورى بينها . فقوله : ( وأمرهم شورى بينهم ) يحدد إحدى القسمات التى تعرف بها هذه الأمة ، وتتميز بهذه الشورى عن غيرها من الأمم . حين يأمر الله رسوله المؤيد بالوحى والذى ينزل عليه القرآن ليل نهار - حين يأمره بالشورى فإنما يحدد لهذه الشورى مكانا لا يجوز إغفاله حتى مع نزول الوحى ، وإذا كانت الأمة تملك الحق فى ممارسة الشورى مع وجود الوحى فمن باب أولى أن تملك هذه الشورى بعد انقطاع الوحى . هذه المعانى كانت هى الإحساس المسيطر على مناخ العلاقة بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين أصحابه الذين كانوا يدركون أن الشورى حق لهم بل هى واجب عليهم ، ولذا كانوا يبذلونها من غير أن يطلبها الرسول منهم ، وإشارة الصحابى سلمان الفارسى على الرسول بحفر خندق حول المدينة عند غزوة الأحزاب ، وإشارة صحابى آخر بتغيير مواقع جيش المسلمين يوم غزوة بدر الكبرى ، وإشارة عمر بن الخطاب على الرسول بأن يحجب نساءه عمن لا يحل له أن يراهن من الناس ، إلى غير ذلك تؤكد جميعها أن الشورى كانت طبيعة العلاقة بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين الصحابة ، أى كانت طبيعة العلاقة بين الراعى والرعية . وثمة ملحظ لا يدركه أبدا من تزيغ أبصارهم ، وبصائرهم - فى ظلال السلطان - وهو أن الدور القدرى المنوط بأمة محمد صلى الله عليه وسلم باعتبارها المالكة للرسالة العالمية الخاتمة . هذا الدور القدرى الذى تكون فيه هذه الأمة فى مكان الدليل والهادى لمسيرة البشرية عبر الزمان والمكان بنص الآية : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) . هذا الدور القدرى الكبير منوط بالأمة بكل إمكاناتها وطاقاتها ، بتاريخها ، بجغرافيتها ، بزمانها ، بمكانها ، بعطاء العلماء ، بجهود الباحثين ، برؤى الفلاسفة ، بإشراقات المفكرين بسواعد الجند ، بعرق العامل والزارع . هؤلاء هم صناع الدور القدرى الذى ناطه القرآن بأمة الشورى التى هى وحدها مناخ الإبداع والعبقرية والتى بتوفرها تتفتح كل الزهور . ومحال .. ألف محال أن تقوم الأمة بدورها فى مناخ الاستبداد ، حتى ولو قال المرجفون إنه المستبد العادل ! وبهذا كله يصبح الأمر بالشورى ملزما لكل من ولى أمر المسلمين عبر الزمان والمكان . أما زعم استدلال بعض المسلمين على أن الشورى غير ملزمة بقوله تعالى بعد الأمر ( فإذا عزمت فتوكل على الله ) وأن هذا معناه : امض أنت لما تطمئن إليه وينشرح له صدرك ولا حاجة لرأى الناس فهو استدلال مغلوط وساقط لأن المراد ليس عدم الالتزام بنتيجة الشورى ، وإنما هو للنهى عن التردد وطلب للمضى فى الأمر الذى عقد المسلمون بالشورى عزمهم عليه . وقد تصدى المخلصون من العلماء لهذه المزاعم فأتوا على بنيانها من القواعد وكشفوا عن الوجه المشرق لحقيقة موقف الإسلام من هذه القضية ذات الأهمية البالغة . وأما الموقف من الرأى الآخر فهو الثمرة الطبيعية لأمة صفتها الشورى أى تبادل الآراء وتمحيصها بالحوار الإيجابى البناء الذى عبر عنه أحد أئمتنا بقوله رأيى صواب يحتمل الخطأ ورأى خطأ يحتمل الصواب . وحين تتداخل الاحتمالات فلا مكان أبدا لمستبد برأيه بل المكان دائما للشورى
أصحاب هذه المقولة معذورون لأن بعض مشايخ المسلمين فى لحظة تزلف للسلطان يقولون إن الشورى معلمة وليست بملزمة وحجتهم أن الله سبحانه حين قال للرسول صلى الله عليه وسلم ( وشاورهم فى الأمر ) أتبعها بقوله : ( فإذا عزمت فتوكل على الله ) . وكلام بعض مشايخ المسلمين سامحهم الله أوهن من بيت العنكبوت وهذا هو الدليل : أن أمر الله للرسول فى قوله تعالى : ( وشاورهم فى الأمر ) . هو للإلزام وليس للاستحباب بدليل أنه صلى الله عليه وسلم ما كان يقدم على أمر ذى بال إلا شاور فيه أصحابه فيما ينزل فيه وحى والمواقف فى هذا كثيرة . إن قوله تعالى عن الأمة المسلمة ( وأمرهم شورى بينهم ) . جاء فى سياق مجموعة من الآيات تحدد بعض قسمات وملامح هذه الأمة المؤمنة التى تتوكل على الله وتجتنب الإثم والفواحش وتغفر إذا غضبت وتنتصر إذا بغى أحد عليها وتستجيب لربها وأمرها شورى بينها . فقوله : ( وأمرهم شورى بينهم ) يحدد إحدى القسمات التى تعرف بها هذه الأمة ، وتتميز بهذه الشورى عن غيرها من الأمم . حين يأمر الله رسوله المؤيد بالوحى والذى ينزل عليه القرآن ليل نهار - حين يأمره بالشورى فإنما يحدد لهذه الشورى مكانا لا يجوز إغفاله حتى مع نزول الوحى ، وإذا كانت الأمة تملك الحق فى ممارسة الشورى مع وجود الوحى فمن باب أولى أن تملك هذه الشورى بعد انقطاع الوحى . هذه المعانى كانت هى الإحساس المسيطر على مناخ العلاقة بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين أصحابه الذين كانوا يدركون أن الشورى حق لهم بل هى واجب عليهم ، ولذا كانوا يبذلونها من غير أن يطلبها الرسول منهم ، وإشارة الصحابى سلمان الفارسى على الرسول بحفر خندق حول المدينة عند غزوة الأحزاب ، وإشارة صحابى آخر بتغيير مواقع جيش المسلمين يوم غزوة بدر الكبرى ، وإشارة عمر بن الخطاب على الرسول بأن يحجب نساءه عمن لا يحل له أن يراهن من الناس ، إلى غير ذلك تؤكد جميعها أن الشورى كانت طبيعة العلاقة بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين الصحابة ، أى كانت طبيعة العلاقة بين الراعى والرعية . وثمة ملحظ لا يدركه أبدا من تزيغ أبصارهم ، وبصائرهم - فى ظلال السلطان - وهو أن الدور القدرى المنوط بأمة محمد صلى الله عليه وسلم باعتبارها المالكة للرسالة العالمية الخاتمة . هذا الدور القدرى الذى تكون فيه هذه الأمة فى مكان الدليل والهادى لمسيرة البشرية عبر الزمان والمكان بنص الآية : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) . هذا الدور القدرى الكبير منوط بالأمة بكل إمكاناتها وطاقاتها ، بتاريخها ، بجغرافيتها ، بزمانها ، بمكانها ، بعطاء العلماء ، بجهود الباحثين ، برؤى الفلاسفة ، بإشراقات المفكرين بسواعد الجند ، بعرق العامل والزارع . هؤلاء هم صناع الدور القدرى الذى ناطه القرآن بأمة الشورى التى هى وحدها مناخ الإبداع والعبقرية والتى بتوفرها تتفتح كل الزهور . ومحال .. ألف محال أن تقوم الأمة بدورها فى مناخ الاستبداد ، حتى ولو قال المرجفون إنه المستبد العادل ! وبهذا كله يصبح الأمر بالشورى ملزما لكل من ولى أمر المسلمين عبر الزمان والمكان . أما زعم استدلال بعض المسلمين على أن الشورى غير ملزمة بقوله تعالى بعد الأمر ( فإذا عزمت فتوكل على الله ) وأن هذا معناه : امض أنت لما تطمئن إليه وينشرح له صدرك ولا حاجة لرأى الناس فهو استدلال مغلوط وساقط لأن المراد ليس عدم الالتزام بنتيجة الشورى ، وإنما هو للنهى عن التردد وطلب للمضى فى الأمر الذى عقد المسلمون بالشورى عزمهم عليه . وقد تصدى المخلصون من العلماء لهذه المزاعم فأتوا على بنيانها من القواعد وكشفوا عن الوجه المشرق لحقيقة موقف الإسلام من هذه القضية ذات الأهمية البالغة . وأما الموقف من الرأى الآخر فهو الثمرة الطبيعية لأمة صفتها الشورى أى تبادل الآراء وتمحيصها بالحوار الإيجابى البناء الذى عبر عنه أحد أئمتنا بقوله رأيى صواب يحتمل الخطأ ورأى خطأ يحتمل الصواب . وحين تتداخل الاحتمالات فلا مكان أبدا لمستبد برأيه بل المكان دائما للشورى
