الرد على زعم الملاحدة عدم وجود سبب للكون لأن الوجود الكلي واجب الوجود لذاته

تقليص

عن الكاتب

تقليص

د/ربيع أحمد مسلم سلفي العقيدة اكتشف المزيد حول د/ربيع أحمد
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الرد على زعم الملاحدة عدم وجود سبب للكون لأن الوجود الكلي واجب الوجود لذاته

    الرد على زعم الملاحدة عدم وجود سبب للكون لأن الوجود الكلي واجب الوجود لذاته





    إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .


    و أشهد أن لا إله إلى الله ، و أن محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة و كشف الله به الغمة و جاهد في سبيل الله حتى أتاه اليقين .


    أما بعد :



    فقد قال الملاحدة إن الوجود ككل واجب الوجود بذاته و لا يحتاج لأي وجود خارجه فالوجود الكلي هو مسبب الأسباب الذي لا سبب له ، إذ لكي يستقيم وجود سبب للوجود لابد و أن يكون خارجه ، ما يعني بأن ما وصفناه " كل " لم يكن كذلك .

    و الجواب أن الوجود الكلي عبارة عن مطلق كلي و المطلق الكلي يوجد في الأذهان لا في الأعيان و إن اتفقت الموجودات في مسمى الوجود ، فهذا المشترك مطلق كلي يوجد في الأذهان لا في الأعيان ، و الموجود في الأعيان مختص لا اشتراك فيه ،و لكل شيء وجود يخصه أي أن الوجود أمر مطلق في الذهن لم يعين ولم يخصص، ويتحول هذا المطلق إلى الحقيقة إذا عين بآحاده، فنقول: الله سبحانه و تعالى موجود ، فكل ذلك يشمله لفظ الوجود، وهو يطلق على جميع معناه دون استثناء، وكذلك الوجود الكلي - أي: أن جميع آحاده تدخل فيه كل الموجودات .



    و توهمهم أن الاتفاق في مسمى هذه الأشياء يوجب أن يكون الوجود الذي للرب كالوجود الذي للعبد و اسم الوجود قابل للتقسيم ، كما يقال : الموجود ينقسم إلى واجب و ممكن ، و قديم و حادث و مورد التقسيم مشترك بين الأقسام ، و اللفظ المشترك لا ينقسم معناه و لا يجد خارج الذهن وهذا الوجود بإطلاقه لو تصور فيه الذهن اشتراكا لكان هذا فقط في الذهن أما خارج الذهن وفي الحقيقة والماهية فوجود واجب الوجوب يختلف بتاتا وقطعيا عن وجود سائر الأشياء .


    و مثل لفظ الوجود لفظ الإنسان من الألفاظ المطلقة و لا يوجد هذا اللفظ مطلقا إلا في الذهن أما خارجه فلا يوجد مسمى الإنسان إلا معينا و مقيدا مثلا خالد , محمد ، عمر , عثمان إلخ .

    و مثال آخر الحياة من الألفاظ المطلقة التي يتصورها الذهن ؛ ولكن في خارجه لا يوجد هذا اللفظ إلا مقيدا و معينا مع بيان اختصاص كل واحد بحقيقة حياته و ماهيتها فلو قلنا مثلا حياة الله وهذا لفظ مقيد دل على حقيقة هذه الحياة التي لايسبقها عدم ولا يلحقها زوال و لو قلنا حياة خالد أو فلان من الناس لعرف أن حياته تختص به التي يسيقها العدم ويلحقها زوال , وعند التحقيق لا يتصور الاشتراك بين حياة الخالق وحياة المخلوق إلا في الذهن و هو الاشتراك باللفظ فقط ؛ و أما خارج الذهن في الحقيقة فلا اشتراك بينهما .



    و أصل الخطأ والغلط : توهمهم أن هذه الأسماء العامة الكلية يكون مسماها المطلق الكلي هو بعينه ثابتا في هذا المعين وهذا المعين ، وليس كذلك ، فإن ما يوجد في الخارج لا يوجد مطلقا كليا ، بل لا يوجد إلا معينا مختصا ، و هذه الأسماء إذا سمي الله بها كان مسماها معينا مختصا به ، فإذا سمي بها العبد كان مسماها مختصا به . فوجود الله وحياته لا يشاركه فيها غيره ، بل وجود هذا الموجود المعين لا يشركه فيه غيره ، فكيف بوجود الخالق ؟[1]


    و من المعلوم بالضرورة أن في الوجود ما هو قديم واجب بنفسه، وما هو مُحْدَث ممكن، يقبل الوجود والعدم ، فمعلوم أن هذا موجود وهذا موجود و لا يلزم من اتفاقهما في مسمى «الوجود» أن يكون وجود هذا مثل وجود هذا ، بل وجود هذا يخصّه و وجود هذا يخصه ، و اتفاقهما في اسم عام لا يقتضي تماثلهما في مسمى ذلك الاسم عند الاضافة و التقييد و التخصيص في غيره [2] .

    و إذا تصورنا شيئاً ، فإما أنْ يكون على وجه لا يقبل الوجود الخارجي عند العقل أو يقبله. و الأول هو ممتنع الوجود لذاته كاجتماع النقيضين و ارتفاعهما ، و اجتماع الضدين ، و وجود المعلول بلا علة
    و الثاني ، إما أنْ يستدعي من صميم ذاته ضرورة وجوده و لزوم تحققه في الخارج ، فهذا هو واجب الوجود لذاته و إما أَنْ يكون متساوي النسبة إلى الوجود و العدم فلا يستدعي أَحدهما أَبداً ، و لأجل ذلك قد يكون موجوداً و قد يكون معدوماً ، و هو ممكن الوجود لذاته ، كأفراد الإِنسان و غيره
    و هذا التقسيم ، دائر بين الإِيجاب و السلب و لا شق رابع له ، و لا يمكن أَنْ يُتصور معقول لا يكون داخلا تحت هذه الأَقسام الثلاثة و الكون كان غير موجود ثم وجد فالكون ممكن الوجود و ممكن الوجود يحتاج يستحيل أن يوجد إلا بواجب وجود يدفعه من العدم الى الوجود وبما أنه يستحيل أن يحدث الوجود من عدم وحده بلا موجد ، فلا بد من موجود من غير نوعه أوجده .

    هذا و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات





    [1] - شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز ص 57
    [2] - التدمرية ص 20
    د. ربيع أحمد طبيب بشري قليل التواجد في المنتدى
    بعض كتاباتي على الألوكة
    بعض كتاباتي على المختار الإسلامي

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة Mohamed Karm, 7 فبر, 2023, 06:09 ص
ردود 0
112 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة Mohamed Karm
بواسطة Mohamed Karm
 
ابتدأ بواسطة ARISTA talis, 2 ديس, 2022, 01:54 م
ردود 0
63 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة ARISTA talis
بواسطة ARISTA talis
 
ابتدأ بواسطة عادل خراط, 21 نوف, 2022, 03:22 م
ردود 25
150 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة عادل خراط
بواسطة عادل خراط
 
ابتدأ بواسطة The small mar, 18 نوف, 2022, 01:23 ص
ردود 0
89 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة The small mar
بواسطة The small mar
 
ابتدأ بواسطة The small mar, 16 نوف, 2022, 01:42 ص
ردود 0
51 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة The small mar
بواسطة The small mar
 
يعمل...
X