هل الإنجيل كلمة الله ؟

تقليص

عن الكاتب

تقليص

محاور60 اكتشف المزيد حول محاور60
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هل الإنجيل كلمة الله ؟

    بسم الله الرحمن الرحيم
    هل الإنجيل كلمة الله ؟

    الحمد لله رب العالمين والصلاة السلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما .
    هل الإنجيل كلمة الله ؟ سؤال دارت حوله المناظرات و كتبت فيه الأقلام , ولا زال إلى يومنا هذا يثير الكثير من النقاش .
    و اليوم أجد نفسي في خضم هذا النقاش أشارك فيه بما علمني ربي من فضله ومنّته . وقد أخذت الموضوع من جانب بسيط جدا يعتمد على المنطق و المقارنة بين الكلام و المتكلّم , بمعنى أننا عندما نقول أن هذا كلام الله ونحن نعرف
    من هو الله سبحانه وتعالى. فيجب أن يكون كلامه في مستواه , بمعنى أن يكون الكلام مرآة المتكلم . يعبّر عن مستوى علمه وقدرته . وأي اختلاف أو تناقض بينهما ـ أي المتكلم الذي هو الله و الكلام الذي هو كتابه ـ سيكون دليلا لا محالة على أن أحدهما ليس حقيقيا . فكلام الخالق القدير العليم الحكيم الحي الذي لا يموت المطلق القدرة القادر على كل شيء المالك لكل شيء يجب أن يكون كتابه أو كلامه على هذا المستوى من الصفات الكاملة و المطلقة في كل شيء , لأن الله كامل الصفات و مطلق العلم .
    هذا هو المنطلق الذي منه سأحاول نقد فقرة من الكتاب المقدس أثارت انتباهي و أنا أتصفح إنجيل لوقا الإصحاح الرابع , تحت عنوان : الشيطان يجرب يسوع بل لأكون صريحا كان هذا العنوان هو الذي شدّ انتباهي كثيرا وجعلني أتمم قراءة الفقرة لعلي أجد تفسيرا لهذا العنوان الغريب , لكن التتمة كانت أكثر غرابة . ولذلك أنقل النص كاملا ثم أبدأ إن شاء الله تعالى في نقده بالطريقة البسيطة التي وضحت في أول هذا الموضوع وأسأل الله تعالى أهن يوفقني و الله المستعان .
    لوقا الإصحاح الرابع " الشيطان يُجَرّب يسوع "
    أمَّا يَسُوعُ، فَعَادَ مِنَ الأُرْدُنِّ مُمْتَلِئاً مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. فَاقْتَادَهُ الرُّوحُ فِي الْبَرِّيَّةِ 2أَرْبَعِينَ يَوْماً، وَإِبْلِيسُ يُجَرِّبُهُ، وَلَمْ يَأْكُلْ شَيْئاً طَوَالَ تِلْكَ الأَيَّامِ. فَلَمَّا تَمَّتْ، جَاعَ. 3فَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ، فَقُلْ لِهَذَا الْحَجَرِ أَنْ يَتَحَوَّلَ إِلَى خُبْزٍ». 4فَرَدَّ عَلَيْهِ يَسُوعُ قَاِئلاً: «قَدْ كُتِبَ: لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ مِنَ اللهِ!» 5ثُمَّ أَصْعَدَهُ إِبْلِيسُ إِلَى جَبَلٍ عَالٍ، وَأَرَاهُ مَمَالِكَ الْعَالَمِ كُلَّهَا فِي لَحْظَةٍ مِنَ الزَّمَنِ، 6وَقَالَ لَهُ: «أُعْطِيكَ السُّلْطَةَ عَلَى هَذِهِ الْمَمَالِكِ كُلِّهَا وَمَا فِيهَا مِنْ عَظَمَةٍ، فَإِنَّهَا قَدْ سُلِّمَتْ إِلَىَّ وَأَنَا أُعْطِيهَا لِمَنْ أَشَاءُ. 7فَإِنْ سَجَدْتَ أَمَامِي، تَصِيرُ كُلُّهَا لَكَ!» 8فَردّ عَلَيْهِ يَسُوعُ قَائِلاً: «قَدْ كُتِبَ: لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسْجُدُ، وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ!» 9ثُمَّ اقْتَادَهُ إِبْلِيسُ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَأَوْقَفَهُ عَلَى حَافَةِ سَطْحِ الْهَيْكَلِ، وَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ، فَاطْرَحْ نَفْسَكَ مِنْ هُنَا إِلَى الأَسْفَلِ 10فَإِنَّهُ قَدْ كُتِبَ: يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ لِكَيْ يَحْفَظُوكَ، 11فَعَلَى أَيْدِيهِمْ يَحْمِلُونَكَ، لِئَلاَّ تَصْدِمَ قَدَمَكَ بِحَجَرٍ». 12فَرَدَّ عَلَيْهِ يَسُوعُ قَائِلاً: «قَدْ قِيلَ: لاَ تُجَرِّبِ الرَّبَّ إِلهَكَ!» 13وَبَعْدَمَا أَكْمَلَ إِبْلِيسُ كُلَّ تَجْرِبَةٍ، انْصَرَفَ عَنْ يَسُوعَ إِلَى أَنْ يَحِينَ الْوَقْت
    .
    وما إن انتهيت حتى انهالت علي الأسئلة حول مضمون هذا النص واستغربت كيف يقبل العقل بمغالطات وتناقضات لا يمكن قبولها ولن أطيل في التعبير عن دهشتي ولكن أترك تلك الأسئلة نفسها تعبّر عما شعرت به وأنا أقرأ ذلك النص. لذلك سآخذه جملة جملة :

    ( أما يسوع , فعاد من الأردن ممتلئا من الروح القدس . فاقتاده الروح في البرية 2
    إن أول ما يتبادر إلى الذهن أن يسوع خرج من الأردن في معية الروح إذن فهو مَحْمِي , وليس وحده , كما أنه ممتلئ بالروح يعني تلك القوة الإيمانية التي يحدثنا عنها أصدقاؤنا المسيحيون , و لكن الغريب هو ما جاء مباشرة بعد هذه الجملة

    ( أربعين يوما وإبليس يجربه ...)
    وأنا أسأل . هل يُعْقل أن يُجَرّب إبليس الرّب ؟ كيف هذا؟ و الرّب جالس ينتظر النتيجة . هل هذا ربّ أم تلميذ؟ . وكيف يسمح الربّ بهذه الإهانة إن كان ربّا حقا كما تدّعون . كيف يقبل أن يُجرُّب , وممن ؟ من طرف الشيطان , أكبر أعداء الله على الإطلاق .أي لغة تتكلمون يا أهل الكتاب ؟ وأي إله تعبدون ؟ وكيف يسكت الروح عن هذا ؟ بل أين كان والشيطان يمتحن الرب أو الابن أو سموه ما شئتم , ولمدة أربعين يوما . أي منطق هذا أيها النصارى ؟ لماذا لم يتدخل الروح ويسوع ممتلئ به ؟ تصورا أربعين يوما والشيطان يمتحن الرب ـ والله جملة أتحدى بها أحدا أن يستطيع شرحها لكي يقبلها العقل . لقد سبق في كل الرسالات أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يمتحن عباده وهو الذي يبتلي المؤمنين به ليجازيهم على صبرهم , أمّا أن يخضع هو للتجربة والامتحان . فهذا يعني أن الذي يُجَرِّبه هو الأقوى وهو الأعلم , لأن الصغير لا يمكن أن يجرب الكبير. فما بالك إذا كان الله جل في علاه . من جهة أخرى كيف يجرأ المخلوق أي يجرب الخالق ؟ بل السؤال الأكثر حيرة كيف يقبل الله بهذه الخرافة نعم لا أجد لها اسما سوى هذا . فهل يمكن أن يكون هذا كلام الله الذي تحدثنا عن صفاته من قبل و التي يعترف بها حتى الإنجيل نفسه ؟ واسمع ما يأتي .

    وَلَمْ يَأْكُلْ شَيْئاً طَوَالَ تِلْكَ الأَيَّامِ. فَلَمَّا تَمَّتْ، جَاعَ .
    هل نتكلم عن إله قادر ليس كمثله شيء أم على مخلوق يجوع . إن فعلا " أكل " و " جاع " وحدهما يكفيان لإثبات أن الذي نتحدث عنه ليس إلها ولا يمكن أن يكون كذلك . فالأكل يحتاج لفم و أسنان ومعدة و جهاز هضمي بكل أعضائه ومعنى أن الله يأكل فهذا يعني أنه يحتاج إلى تعويض الطاقة التي ضاعت منه . وهذا ضعف وصفة لا يكمن أن تكون إلهية البتة , لذلك عندما تحدث القرآن الكريم عن سيدنا عيسى وأمه مريم عليهما السلام حدّد بشريتهما في آية جامعة مانعة وهي قوله تعالى في سورة المائدة75{مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ } بل إن قضية الأكل و الجوع كصفة للرّب يسوع تناقض صفة الله في الإنجيل نفسه الذي يصفه بالكمال و القدرة المطلقة لكن سرعان ما يجعله يأكل ويجوع وكل من يأكل يحتاج إلى المرحاض . فهل نتكلم عن الرب الكامل أم عن بشر مخلوق يجوع ويأكل وهو سيدنا عيسى عليه السلام.

    ( ثم أصعده إبليس إلى جبل عال ) :
    ما هذا الإله الذي قبل قليل اقتاده الروح في البرية ولآن يقتاده الشيطان , والربّ المسكين و المغلوب على أمره ساكت لا يتكلم . مرة يجره الروح, وأخرى يقتاده إبليس بعدما يتسلمه من الروح . تخيل معي أيها القارئ كيف أن إبليس يأخذ الرب من يده ـ وأمام الروح الذي لا أعرف أين هو , ومن هو ـ ليصعد به الجبل , وكأنه طفل صغير, ساكت مطيع . والروح وجوده كعدمه. ولاحظ كيف يقوم إبليس بالصعود بالرب لأن هذا الأخير عاجز على أن يصعد وحده .هل إلى هذا الحد وصل ضعف الرب يسوع ؟

    وَأَرَاهُ مَمَالِكَ الْعَالَمِ كُلَّهَا فِي لَحْظَةٍ مِنَ الزَّمَنِ، 6
    ولكن قبل أن أتمم أودّ الوقوف عند هذه الجملة , لما تحتويه من تناقض مع ما أثبته العلم اليوم ,وهو أنه يستحيل رؤية ممالك الأرض كلها مرة واحدة مهما صعدنا عاليا لأن كروية الأرض تجعل هذه القضية مستحيلة تماما. فما بالك أن نرى ممالك العالم كله وفي لحظة واحدة . ومن أين نرى كل هذا ؟ من جبل عال . بالله عليكم . هل هذا كلام الله العالم بما
    خلق ؟ هل هذه هي كلمة الله المقدسة التي تريدوننا أن نؤمن بها ؟ الشيطان يأخذ الله على جبل عال ليريه الكون كله . وأنا أسأل أهل الكتاب جميعا ما اسم هذا الجبل العجيب الذي منه نستطيع أن نرى الكون كله وفي لحظة من الزمن ؟ أم أن الإله يجهل أن الأرض كروية الشكل . إن هذه الجملة تؤكّد لنا أن الذي كتبها كان يظن أن الأرض مربعة أو مستطيلة, أي أننا نستطيع أن نراها كلها إذا صعدنا على مكان عال . لآن هذا هو المعتقد الذي كان سائدا في تلك الأزمنة . فلم يكن أحد يصدق أن الأرض قد تكون كروية الشكل مما يدل على أن كاتب هذه الفقرة لا يمكن أن يكون الله الخالق العليم بكل الكون . ولا يقولن قائل أن الرب يتكلم عن العالم الصغير الذي كان معروفا آن ذاك , نقول لا , لأن الكتاب المقدس يعلنها صراحة في نص آخر أن الأرض لها زوايا أربع , بمعنى أنها مستطيلة أو مربّعة , إذ جعل لها زوايا أربع . وهي مشكلة أخرى . وهذا طبقا لما جاء في سفر الرؤيا:7/1 " ورأيت بعد ذلك أربعة ملائكة واقفين على زوايا الأرض الأربع , يحبسون رياح الأرض الأربع , فلا تهب ريح على برّ أو بحر أو شجر " ومثله في سفر حزقيال: 7/2 "النهاية قد أزفت على زوايا الأرض الأربع ." وقد يقول قائل أنها معجزة أن يرى يسوع الممالك كلها في لحظة من الزمن . نقول حذار, فهذه طامة كبرى أن تجري المعجزات على يد إبليس لأنه هو الذي أرى الربَّ يسوع كل الممالك . وهذا بدوره باطل إلاّ أن تقبلوا به كما قَبِلَ ربكم أن يُجَرّب من طرف إبليس , و كما قَبِلَ أن يُهان من طرف اليهود الذين كبّلوه وبصقوا في وجهه . معاذ الله الحق أن يُفْعَل به ذلك . لذلك قلت أننا عندما نقارن الكلام بالمتكلم نستطيع أن نحكم على مدى صدق الكتاب من عدمه . وقد قال بعض النصارى في مناقشة هذه الجملة أن الإنجيل يقصد بالزوايا الأربع الجهات الأربع . أقول له أن هذا باطل علميا لسببين :
    1)ـ الجهات في الأرض ليست أربعة ولكن ثمانية وهي1 الشمال 2 الجنوب 3 الشرق 4 الغرب 5 الشمال الشرقي
    6الجنوب الشرقي 7 الشمال الغربي 8 الجنوب الغربي .
    2) ـ هب أننا وافقنا هذا الرأي جدلا . فإنه يستحيل استحالة مطلقة أن يقف أربعة أشخاص ويمنعوا رياح الأرض
    عن كل الأرض لأن كرويتها تجعل ذلك مستحيلا لأنهم أينما وقفوا سيتركون وراءهم أرضا لأن الأرض ليس لها حافة . وسأحاول أن أوضح هذه المسألة بمثل بسيط حتى يتمكن القارئ من فهم ما أقول : لدينا أربعة أشخاص الأول سيقف في أقصى نقطة في الشمال وهي القطب الشمالي والثاني سيقف في أدنى نقطة في الجنوب وهي القطب الجنوبي و الثالث في الشرق و الرابع في الغرب ونتصور أن الملائكة الأربع شدّوا على أيدي بعضهم ليمنعوا الرياح فلن يحبسوا الرياح سوى على نصف الكرة الأرضية . وسيبقى ورائهم النصف الآخر. وهذا بخلاف الجسم المربع أو المستطيل الذي تكون له حافة وحدود نستطيع أن نقف عليها ونجد وراءنا فراغ . فالشمس مثلا رغم كبرها وضخامتها فهي لا تستطيع أن تنير إلا نصف الأرض وذلك بسبب كروية هذه الأخيرة . وهذا ما يجعل كذلك إمكانية رؤيتها كلها مرة واحدة مستحيلة وهو ما يتناقض علميا و منطقيا و واقعيا مع ما تحدث عنه الإنجيل من إمكانية رؤية ممالك العالم كلها في لحظة من الزمن . فإذا كانت رؤية الأرض كلها مرة واحدة مستحيلة فما بالك بأن ترى ممالك العالم كله ومن الأرض . إني اسأل كاتب الإنجيل أي منظار استعمل إبليس ليُريَ الربَ يسوع الكون كله ؟ فهل يُعقل أن يكون هذا كلام الله ؟ أم أنه إله لا يعلم ما خلق ؟ لذلك أقول أن كاتب هذه الفقرة بشر ـ مع احترامي الكبير لأهل الكتاب ـ عاش في تلك العصور التي ظن الإنسان فيها أن الأرض مستطيلة أو مربعة , فكتب ما كان الجميع يعتقده في ذلك العصر . وهذا ما جعل الكنيسة تقتل العالم جاليلي حين قال بكروية الأرض , وغيره من العلماء الذين جاؤوا بحقائق علمية خالفت ما هو مكتوب في الإنجيل . وقد نعود إلى هذا الموضوع إن شاء الله تعالى. خلاصة القول في هذا الباب أن كروية الأرض وحدها خلقت مشكلا كبيرا لكاتب الإنجيل . وأحرجت أهل الكتاب حين تناقض إنجيلهم مع المعطيات العلمية المعاصرة و التي جعلت علماء الغرب بدورهم يتساءلون حول مصداقية مصادر الإنجيل . كما أن عبارة " واقفين على زوايا الأرض الأربع , يحبسون رياح الأرض الأربع " تجعلنا نسأل مرة أخرى من أين لكاتب الإنجيل أن أنواع الرياح أربعة فقط . من هنا يتجلّى واضحا أنه كان يقصد أربعة أنواع من الرياح تأتي من أربع زوايا من الأرض . لذلك أقول أن هذا الكلام لا يمكن أن يكون كلام الله الذي خلق فسوّى و الذي قدّر فهدى . العليم الحكيم , فالق الحب و النوى سبحانه و تعالى عما يصفون .
    وهنا لابد من وقفة مع هذه الجملة . فقد يقول قائل أن القرآن كذلك يقول بأن الأرض ممدودة و ليست كروية. نقول له عفوا اقرأ الآية جيدا وافهم المعنى وبعد ذلك انتقدْ كما شئتَ . يقول المولى عزّ وجلّ في محكم تنزيله في سورة الحجر 19 {وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ } لقد رقص كثير من أعداء الإسلام عندما بدا لهم أن هذه الآية تتناقض مع ما جاء به العلم من كروية الأرض . لكن سياق الآية و معناها يدلاّن على إعجاز القرآن الكريم . فالآية تخاطب الإنسان . والأرض مددناها لك أيها الإنسان بمعنى أنك أينما سرت وأينما حللتَ ستجد الأرض ممدودة , لا حدود لها ولا حافة لها لتقف عندها وتقول أن هذه هي نهاية الأرض . وهنا يكمن الإعجاز البلاغي للآية الكريمة حيث أن الأرض لا يمكن أن تكون ممدودة في كل أرجائها , إلا إذا كانت مكوّرة , هنا فقط يستطيع الإنسان أن يسير فيها دون توقف لأن كرويتها تجعل السير فيها غير محدود. وهذه حقيقة رياضية , لأن الجسم الوحيد الذي لا حدود له ولا حافة له هو الجسم الكُروي . وانظر إلى بلاغة القرآن الكريم كيف استعمل كلمة قبَِلها عقل الإنسان العربي البسيط في عصر النبي صلى الله عليه وسلم , كما أنها سايرت عقل الإنسان المعاصر بما وصل إليه من حقائق علمية لهذه الآية المعجزة .

    6وَقَالَ لَهُ: «أُعْطِيكَ السُّلْطَةَ عَلَى هَذِهِ الْمَمَالِكِ كُلِّهَا وَمَا فِيهَا مِنْ عَظَمَةٍ، فَإِنَّهَا قَدْ سُلِّمَتْ إِلَىَّ وَأَنَا أُعْطِيهَا لِمَنْ أَشَاءُ. 7فَإِنْ سَجَدْتَ أَمَامِي، تَصِيرُ كُلُّهَا لَكَ:
    ـ ثم لننظر إلى ضعف الرب يسوع حين أخبره الشيطان أن تلك الممالك أُعطِيَت له وأصبحت كلها في ملكه, وهو الذي يملك التصرف فيها و السلطة عليها , فسكت الإله المسكين مع أنه كان من السهل, بل من الواجب عليه أن يُكذِّبه, و يوقفه عند حدّه , ويخبره بأن كل الممالك هي في ملك الربّ , أو أنها في ملكه هو, أليس هو يسوع الرب . أليس هو الآب و الابن والروح القدس ؟ فكيف يسمح لإبليس أن يكذب عليه ويدّعي أنّ الممالك كلها في ملكه , ومن أعطاها له , وبأي صفة يتصرّف فيها . وإن كانت الممالك كلها في ملكه , كما يقول الكتاب المقدس وبالحرف ( ... فإنها قد سُلِّمت لي كلها ... ) فماذا بقي للرب ؟ أم أنّه إله يجهل ما يحصل في ملكوته . أم أن الآب أعطى الممالك لإبليس دون إخبار الابن , وهذا يخلق إشكالا آخر, إذ سيُبْطِل قضية التثليث بمعنى, إذا كان الثلاثة في الواحد والواحد في الثلاثة كما يقول الكتاب المقدس , إذن فقضية التثليث باطلة أساسا لأنه لا يمكن أن يكون شخصان في واحد , ثم لا يعلم أحد ما يفعله الآخر . كما أن الجملة التي يستدلون بها على إلوهية المسيح "من رآني فقد رأى الآب ...." تَفسُد تماما . وسيكون عندنا أربع حالات .
    1 ) ـ إن إبليس من منطلق هذه الجملة يكون قد جرّب الآب والابن والروح القدس الثلاثة معا , ولم يجرؤ أحد من الثلاثة أن يمنعه أو يوقفه . وهو بهذا يكون أقوى منهم مجتمعين . ولذلك تجرّأ عليهم جميعا . فكيف يستطيع مخلوق أن يتجرأ على الخالق؟ وكيف يقبل إنسان أن يعبد ربا بهذا الضعف .
    2) ـ إذا كان إبليس بهذه القوة التي يعجز أمامها الرب أن يدافع عن نفسه , وكان يشارك الرب في ملكوته ـ كما شرحنا قبل قليل ـ فإما أن الذي أمام إبليس إله لكنه لا ليملك كل شيء ويشاركه في ملكه ألد أعدائه, وهو الشيطان. وإما أن الذي أمام إبليس مالك , لكنه ليس إلها لأنه لا يعلم ما يجري في كل الممالك , وفي كلتا الحالتين تسقط الإلوهية عنه. لأن الإله الحق هو الذي يملك كل شيء حتى العدم وما وراء العدم , ويعلم ما يجري في كل ملكوته مهما صغر.
    3) ـ إذا كان الابن يجهل ما فعله أبوه الرب حين منح إبليس الممالك وأعطاه السلطة عليها , فهذا يعني أن الابن دون الآب وبعبارة أخرى أنهما مستقلاّن عن بعضهما البعض وأن الآب يتصرف في ملكوته وحده بمشيئته , و يشرك من يشاء في ملكه دون الحاجة إلى إخبار غيره ولو كان ابنه . وهذا يدلّ على أن الابن له مكانته الدونية , بمعنى أنه دون الآب . و يعلم حدوده جيدا ـ كما سنرى بعد قليل ـ وهنا مرة أخرى تسقط إلوهية يسوع . وتبطل " من رآني فقد رأى الآب" إذا كان هو نفسه لم يَرَ ولم يعلم ما فعله أبوه .فكيف يكون ربّا معه .
    4) ـ ، فَإِنَّهَا قَدْ سُلِّمَتْ إِلَىَّ .وَأَنَا أُعْطِيهَا لِمَنْ أَشَاءُ. 7فَإِنْ سَجَدْتَ أَمَامِي، تَصِيرُ كُلُّهَا لَك:
    هل إبليس غبي كي يَعد ابن الله بشيء وهو يعلم يقينا أنه في ملك أبيه أي الآب , بدليل أن إبليس يعلم مع من يتكلم حين قال له ( إن كنت ابن الله فقل لهذا الحجر أن يتحوّل خبزا...) أم أن إبليس بدوره يجهل أن الابن له صفات وقدرات الآب حسب الكتاب المقدس نفسه . بالله عليكم هل يكون هذا كلام الله ؟ أهذا هو الكتاب المقدس الذي من أجله تركت الإسلام . و الله إني لعلى يقين أنك لم تكن يوما ما مسلما . لأن الطريقة التي تتحدث بها عن الإسلام و القرآن و الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تشبه تماما الطريقة التي يستعملها كل الذين يدّعون أنهم كانوا مسلمين ثم تنصروا . نفس الأسلوب ونفس الحقد و الشتم و الاتهامات الباطلة للرسول صلى الله عليه وسلم و للقرآن الكريم . المهم هذا موضوع آخر .وأعيد عليك السؤال نفسه : ما هو الشيء لذي جعلك تترك الإسلام وتعتنق المسيحية ؟

    تعال الآن إلى الصدمة الكبرى حيث يُكَذِّب المسيح عليه السلام كل أقاويل الباطل ويصرح بوحدانية الله تعالى في جوابه لإبليس حيث قال :
    " قد كُتِب : للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد ." نعم للرب إلهك فاسجد . انظروا يا أهل الكتاب كيف فرّق سيدنا عيسى عليه السلام بين شخصه الإنسان وبين ربّه الإله , والله لو كان إلها , وهو في موقف التحدّي و التجربة لقال لإبليس بل أنت تسجد لي فأنا الرب , وأنا المُخَلّص , وأنا ربك فاعبدني . وكيف تدّعي الممالك لك وأنا أملكها .ووو لا, أبدا لم يقل هذا الكلام وهو في ذلك الامتحان الحاسم . وأنا أقول لكم إذا لم يصرِّح يسوع بإلوهيته- في هذا الموقف الحسّاس , وهو في حالة تحدّي ومن إبليس فلأنه كان يعلم أنه رسول مبعوث من رب العالمين . و حتى في هذا الموقف الخطير لم ينطق المسيح بربوبيته, بل على العكس , بَيَّنَ لإبليس من يكون الإله الحق الذي يستحقّ العبادة والسجود له. وأعيد على مسامعكم الجملة العظيمة والتي من أجلها أرسل الله جميع الأنبياء و الرسل " للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد" نعم إياه وحده , دون شريك أو ابن . ودون الثلاثي المدسوس في الكتاب المقدس . بل ليس ربا من له بين الخلق ابن أو في المُلك شريك . تمعّنوا كيف أن سيدنا عيسى عليه السلام لم يُقحم نفسه مع الله في وحدانيته واعترف له بها وحده. ولم يدخل نفسه في الربوبية مع الله وخصّه بالعبادة وحده . وأحيلكم مرة أخرى , على الجواب الثاني حين قال عليه السلام " قد كُتِبَ : لا تُجَرّب الرّب إلهك " نعم لم يقل له لا تجرّبني فأنا الرب. أو كيف تجرب من خلقك... وأخيرا , وبعد أن صبر الرب أربعين يوما وهو يُجَرّب من طرف إبليس , يجيب في آخر القصة :" قد كُتِبَ :لا تُجَرّب الرّب إلهك " مصيبة أخرى أن الرّب كان يعلم أن الشيطان إنّما كان يُجرّبه كل تلك المدة ـ يا له من رب مطيع لتجارب إبليس .

    13وَبَعْدَمَا أَكْمَلَ إِبْلِيسُ كُلَّ تَجْرِبَةٍ، انْصَرَفَ عَنْ يَسُوعَ إِلَى أَنْ يَحِينَ الْوَقْت
    ثم ماذا بعد كل هذه المدة من التجارب يذهب إبليس ويترك الرب ينتظر. ماذا ينتظر " إلى أن يحين الوقت وأنا أسأل أي وقت هل هو موعد النتيجة أم ماذا ؟ إن كل تجربة يقوم بها الإنسان يتوخى منها نتائج معيّنة أو استنتاجات .أما إبليس فبعدما جَرَّب الرب أربعين يوما ذهب وتركه هكذا دون سابق إنذار . بل أقول أن كاتب الإنجيل لم يعرف بماذا سيختم هذا النص الغريب , فتركه كما فعل في موقف آخر وهو خروج الأموات من قبورهم وقد تكلم عن هذا النص الشيخ ديدات رحمه الله تعالى.
    ـ أيها الإخوة : إذا كان مدير شركة أو وزير أو حتى الإنسان العادي لا يقبل بأن يوضَع موضع شك أو تجربة لأن ذلك إقرار بأنه دون المسؤولية التي أُسْنِدت إليه , وأنه مشتبه به أو مشكوك في أمره , وهذا كله إهانة لكرامته وصدقه في عمله . إذا كان الإنسان ذلك المخلوق البسيط لا يقبل بذلك , فكيف يقبل ربّ العباد و الكامل الصفات والأفعال بأن يُجَرّب من أحد مخلوقاته , ومن ؟ الشيطان.وقد يقول قائل أن هذا ابتلاء كما نقول نحن المسلمون , تكون الكارثة أعظم من سابقاتها لأننا سنجد أنفسنا أمام إله يُبْتلى و رب ّ يُمْتحن من طرف إبليس. !
    المصيبة الأعظم والتي تضع هذا النص كله مرة أخرى محل الشك و الريب هي ان الرب الذي قَبِلَ أن يُجَرَّب من طرف إبليس قال في موقف آخر وبالذات في رسالة يعقوب1: 13 " لا يقل أحد إذا جُرِّبَ إني أُجَرّب من قِبَل الله , لأن الله غير مُجَرّب بالشرور وهو لا يجرّب أحدا " وأنا الآن أسألكم يا أهل الكتاب أي العبارتين أصدّق . وأي نص أومن به وأعتبره كلمة الله هل:
    .فَاقْتَادَهُ الرُّوحُ فِي الْبَرِّيَّةِ 2أَرْبَعِينَ يَوْماً، وَإِبْلِيسُ يُجَرِّبُهُ
    أم النص لذي يقول :
    لأن الله غير مُجَرّب بالشرور
    الغريب في الأمر أنه رضي أن يُجَرّب من ملك الشرور وسيدها على الإطلاق وهو إبليس . أم أنه نسي أنه قال ذلك . والآن هل يمكن أن يكون هذا كلام الرب الحكيم العليم الذي يدير الأكوان ؟ وهل يكون هذا هو الكتاب الذي آمنتم به على أنه كلمة الله المقدّسة التي لم يلحقها تحريف أو تغيير؟
    والله لقد وضعتم ربكم في موقف لا يُحسد عليه.
    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 18 أغس, 2020, 09:06 م.

  • #2
    مشكوووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو ووووو ووووووووور
    مشكوووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو ووووو وووووور
    مشكوووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو ووووو ووور
    مشكوووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو ووووو ر
    مشكوووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو وور
    مشكوووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو ر
    مشكوووووووووووووووووووووووووووووووووووووووور
    مشكوووووووووووووووووووووووووووووووووووووور
    مشكوووووووووووووووووووووووووووووووووووور
    مشكوووووووووووووووووووووووووووووووووور
    مشكوووووووووووووووووووووووووووووووور
    مشكوووووووووووووووووووووووووووووور
    مشكووووووووووووووووووووووووووور
    مشكووووووووووووووووووووووووور
    مشكوووووووووووووووووووووور
    مشكوووووووووووووووووووور
    مشكوووووووووووووووووور
    مشكوووووووووووووووور
    مشكوووووووووووووور
    مشكوووووووووووور
    مشكوووووووووور
    مشكوووووووور
    مشكوووووور
    مشكوووور
    مشكوور
    مشكور

    تعليق

    مواضيع ذات صلة

    تقليص

    المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
    ابتدأ بواسطة زين الراكعين, منذ أسبوع واحد
    ردود 0
    17 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة زين الراكعين  
    ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ أسبوع واحد
    ردود 0
    1 مشاهدة
    0 معجبون
    آخر مشاركة *اسلامي عزي*
    بواسطة *اسلامي عزي*
     
    ابتدأ بواسطة زين الراكعين, منذ أسبوع واحد
    ردود 0
    23 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة زين الراكعين  
    ابتدأ بواسطة زين الراكعين, منذ أسبوع واحد
    ردود 0
    6 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة زين الراكعين  
    ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ 3 أسابيع
    ردود 0
    11 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة *اسلامي عزي*
    بواسطة *اسلامي عزي*
     
    يعمل...
    X