حقيقة الروح

تقليص

عن الكاتب

تقليص

سيف الكلمة مسلم اكتشف المزيد حول سيف الكلمة
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    تابع الأدلة العقلية على وجود الروح وتجردها:


    خصائص الروح



    إنَّنا نعرف الكثير من الخصائص الفيزيائية والكيمياوية في أجسامنا، فحركات المعدة والقلب فيزيائية، والترشحات والافرازات وعصارات المعدة كيمياوية. وأمثال هذه كثيرة في جسم الانسان.
    فاذا كانت الروح والفكر مادية وناشئة من خواص خلايا الدماغ الفيزياوية والكيمياوية، فلماذا نرى خواصها تختلف عن خواص الجسم.

    إنَّ الفكر والرّوح يربطاننا بالخارج ويخبرنا بما يحدث حولنا. أمَّا الخصائص الكيمياوية كالافرازت والعصارت، والفيزياوية كحركات العين والقلب واللسان، لاتملك مثل تلك الخصائص مطلقاً.

    وبعبارة أُخرى، إنَّنا نشعر جيداً بأنَّنا مرتبطون بعالمنا الخارجي، ونعرف الكثير عنه. فهل دخل العالم الخارجي الى داخلنا؟ طبعا، لا. إذن، ماالحكاية؟

    لاشك إنَّنا نرى خارطة العالم، وإن خصيصة الرّوح في الظّهور الخارجي هي التي تجعلنا ندرك العالم خارج وجودنا. إنَّك لاتجد هذه الخصيصة في أي من الظواهر الفيزياوية ولافي التفاعلات الكيماوية في أجسامنا، فتأمل!
    وهذا تعني بعبارة اُخرى، أنَّ التعرف على الكائنات الخارجية العينية يتطلب نوعاً من الاحاطة العامة، وهذه ليست من وظائف خلايا الدماغ،، فهذه إنَّما تتأثر بالعوامل الخارجية. مثل سائر خلايا الجسم الاخرى.


    يقول الدكتور مصطفى محمود في حواره مع صديقه الملحد (بتصرف يسير):

    إن أول المؤشرات التي تساعدنا على التدليل على وجود الروح ..

    أن الإنسان ذو طبيعة مزدوجة .

    الإنسان له طبيعتان :

    طبيعة خارجية ظاهرة مشهودة هي جسده تتصف بكل صفات المادة ، فهي قابلة للوزن والقياس متحيزة في المكان متزمنة بالزمان دائمة التغير والحركة والصيرورة من حال إلى حال ومن لحظة إلى لحظة فالجسد تتداول عليه الأحوال من صحة إلى مرض إلى سمنة إلى هزال إلى تورد إلى شحوب إلى نشاط إلى كسل إلى نوم إلى يقظة إلى جوع إلى شبع ، وملحق بهذه الطبيعة الجسدية شريط من الانفعالات والعواطف والغرائز والمخاوف لا يكف لحظة عن الجريان في الدماغ .

    ولأن هذه الطبيعة والانفعالات الملحقة بها تتصف بخواص المادة نقول إن جسد الإنسان ونفسه هما من المادة .

    ولكن هناك طبيعة أخرى مخالفة تماما للأولى ومغايرة لها في داخل الإنسان .

    طبيعة من نوع آخر ...... هي العقل بمعاييره الثابتة وأقيسته ومقولاته .. والضمير بأحكامه ، والحس الجمالي ، وال أنا التي تحمل كل تلك الصفات " من عقل وضمير وحس جمالي وحس أخلاقي ".

    والـ أنا غير الجسد تماما وغير النفس .. التي تلتهب بالجوع والشبق .

    الـ أنا هي .....

    نوع آخر من الوجود لا يتصف بصفات المادة فلا هو يطرأ عليه التغير ولا هو يتحيز في المكان أو يتزمن بالزمان ولا هو يقبل الوزن والقياس .. بالعكس نجد أن هذا الوجود هو الثابت الذي نقيس به المتغيرات والمطلق الذي نعرف به كل ما هو نسبي في عالم المادة .

    وأصدق ما نصف به هذا الوجود أنه روحي وأن طبيعته روحية .


    ثم قال:

    ولعشاق الفلسفة نقدم دليلا آخر على وجود الروح من الخاصية التي تتميز بها الحركة .

    فالحركة لا يمكن رصدها إلا من خارجها .

    لا يمكن أن تدرك الحركة وأن تتحرك معها في نفس الفلك وإنما لا بد من عتبة خارجية تقف عليها لترصدها .. ولهذا تأتي عليك لحظة وأنت في( أسانسير) متحرك لا تستطيع أن تعرف هل هو واقف أم متحرك لأنك أصبحت قطعة واحدة معه في حركته .. لا تستطيع ادراك هذه الحركة إلا إذا نظرت من باب الأسانسير إلى الرصيف الثابت في الخارج .

    ونفس الحالة في قطار يسير بنعومة على القضبان .. لا تدرك حركة مثل هذا القطار وأنت فيه إلا لحظة شروعه في الوقوف أو لحظة إطلالك من النافذة على الرصيف الثابت في الخارج .

    وبالمثل لا يمكنك رصد الشمس وأنت فوقها ولكن يمكنك رصدها من القمر أو الأرض .. كما لا يمكنك رصد الأرض وأنت تسكن عليها وإنما تستطيع رصدها من القمر .

    لا تستطيع أن تحيط بحالة إلا إذا خرجت خارجها .

    ولهذا ما كنا نستطيع إدراك مرور الزمن لولا أن الجزء المدرك فينا يقف على عتبة منفصلة وخارجة عن هذا المرور الزمني المستمر " أي على عتبة خلود " .ولو كان إدراكنا يقفز مع عقرب الثواني كل لحظة لما استطعنا أن ندرك هذه الثواني أبدا ، ولا نصرم إدراكنا كما تنصرم الثواني بدون أن يلاحظ شيئا .

    وهي نتيجة مذهلة تعني أن هناك جزءا من وجودنا خارجا عن إطار المرور الزمني " أي خالد " هو الذي يلاحظ الزمن من عتبة سكون ويدركه دون أن يتورط فيه ولهذا لا يكبر ولا يشيخ ولا يهرم ولا ينصرم .. ويوم يسقط الجسد ترابا سوف يظل هذا الجزء على حاله حيا حياته الخاصة غير الزمنية ..

    هذا الجزء هو الروح .


    يتبع ..
    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 11 سبت, 2020, 12:25 ص.
    أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
    والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
    وينصر الله من ينصره

    تعليق


    • #17
      مشاركة اعتراضية

      كما تعتبر الأحلام والرؤى دليلاً آخر على وجود الروح.
      فما منا من أحد يدعى أنه لا يحلم.
      والسؤال إذن :
      كيف نفسر حياة الإنسان داخل حلمه ؟ هلى هى بجسده حقيقة أم بشئ آخر؟
      إن قال بجسده فهو المجنون بذاته.
      وإن قال بشئ آخر قلنا له نعم وهذا الشئ هو الروح.
      وقد أشار إلىبعض من هذا العلامة ابن القيم رحمه الله.
      أبو جهاد الأنصارى
      أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
      والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
      وينصر الله من ينصره

      تعليق


      • #18
        الأدلة العلمية على وجود الروح وتجردها:

        من الواضح أنّ بعض الموجودات الحية من النباتات والحيوانات يتمتع بنوع من الآثار والنشاطات التي لا تتمتع بها الموجودات الغير الحيّة.

        وهذا البعض من الموجودات الحية يتمتع بخصوصيات الحفاظ على الذات، ويصون نفسه من التأثّر بالبيئة، بمعنى - أنّ الموجودات الحية إذا وجدت نفسها في بيئة فهي تستعد بقوتها الداخلية للحفاظ على حياتها ويستعد جهازها الداخلي للمقاومة مع أية قوة مناوئة من البيئة، حتى تستقر لها الحياة في هذه البيئة.

        هذا من جانب،

        ومن جانب آخر توجد في هذه الموجودات الحية قوة الانسجام مع المحيط والبيئة، وهذه القوة تستلم من الداخل، بينما الموجودات الغير الحية لا تتمتع بهذه القوة، فالموجودات الغير الحية إذا وجدت في بيئة وتوفرت الأسباب للقضاء عليها فإنها تفقد المقاومة ضد هذه الأسباب للحفاظ على ذاتها، فالموجود الحي يتمتع بالعادات والغرائز فإذا تواجه الموجود الحيّ مع مزاحم خارجي فإنه يتألم و يتعذّب، وينهار تجاه ذلك المزاحم، ويفقد توازنه، ولكنه مع ذلك يتعوّد شيئاً فشيئاً ويكتسب درعاً للحفاظ عن الاعتداءات الخارجية، وهذا الحفاظ يتفق نتيجة للنشاطات الداخلية ومن غريزة الحفاظ على الذات، ومهما توفرت لديه الوسائل فإنه يكتسب هذا الحفاظ.

        فالنبات أو الحيوان بل العضو الواحد إذا واجه حالةً تريد القضاء على حياته وتوازنه فإنها تقدر بصورة تدريجية على المقاومة، فيد الإنسان الليّنة لا تقدر على مقاومة الأجسام الخشنة مثلاً ولكنّها تتعوّد تدريجياً على المقاومة الأجسام الخشنة مثلاً ولكنها تتعوّد تدريجياً على المقاومة، فالقوة الداخلية تقوم بتغييرات في نسج الجلد كي يتوفر للجلد التمكن من المقاومة مع الأجسام الخشنة.

        والموجود الحيّ يتمتع بخصوصية التغذية، فهو يجذب المواد الخارجية بقوة داخلية، ثم يقوم بتجزئة وتركيب هذه المواد كي يستمد منها البقاء لذاته، بينما الموجود الغير الحيّ لا يتمتع بهذه الخصوصية.

        الموجود الحيّ أينما كان ينمو بالتدريج ويجدّد ويتكامل ويكتسب القوة حتى يتأهل لتوليد إبقاء على نسله، فهو يموت ولكنه يبقى في أجياله.

        فالحياة أينما وجدت فإنها تتغلب على البيئة المحيطة بها، وتتغلب أيضاً على العناصر الغير الحية من الطبيعة، فهي تقوم بالتغييرات في تراكيبها وتعطي لها وضعاً وتركيباً جديداً، فالحياة تتمتع بخاصية التكامل والتقدم.

        هذه الخواص كلها توجد في الموجود الحيّ، ولا توجد في الموجود الغير الحيّ، يقول (كرس موريسن): إنّ المادة لا تتمتع بأيّ نشاط والحياة دائماً هي التي تطرح خططاً جديدة وبديعة في كل آن.

        ومن هنا نعلم علماً كاملاً أنّ الحياة قوة في نفسها وكمال في ذاتها، وفعليه مستقلة توجد في المادة وتتمتع بآثار ونشاطات متنوعة غير التي توجد في المادة.


        يتبع ....
        أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
        والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
        وينصر الله من ينصره

        تعليق


        • #19
          الأدلة العلمية على وجود الروح وتجردها:

          المادة التي يتكون منها الدماغ هي عين المادة التي تنشأ منها بقية اعضاء الجسد ونوع الحياة الذي يتسبب في نشؤ الجميع واحد، فان اصل الجنين خلية واحدة ثم تتكثر، وعليه يلزم ان تكون الوظائف التي تقوم بها مختلف اعضاء الجسم من جنس واحد دون اختلاف تخصصاتها، وهي وظائف غير إرادية ولا فكرية، لاَنها اللارادة.

          ويستحيل بحسب سنن الكون وموجوداته ان يتولد ـ بصورة آليةـ المريد من غير المريد والمفكر من غير المفكر. وماقيل من ان الارادة والفكر والشعور وغيرها من الاَنشطة الانسانية الاختيارية انما تنشأ من الدماغ نتيجة تفاعلات كيميائية وفيزيائية، غير صحيح، فان كل تفاعل لابد له من عامل فهو ان كان خارجياً يلزم استناد إرادته وافكاره ومشاعره المختلفه غير اختيارية له، مع ان الماديين لم يستطيعوا ولن يستطيعوا! ولا مرة واحدة ان يضعوا العناصر والمركبات في انابيب الاختبار ثم يدفعونها بالتأشيرات المعنوية بدلاً من العوامل المادية المعهودة.

          وان كان داخلياً فما هو؟ هل هو مجرد احتكاك الخلايا والاَعصاب؟

          أم هو مجرد وصول الدماء الى عروق الدماغ؟ أم هو شي آخر؟!

          فليكن أي شيء فلماذا تتحدد، وتختلف نتائج ذلك التفاعل الكيميائي المزعوم باختلاف الاشخاص من جهة، وباختلاف الاَزمان والساعات والاحوال في الشخص الواحد من جهة اخرى؟.

          ان محتويات الاَدمغة واحدة في الاَشخاص والاَزمان وانشطتهما المادية واحدة فلماذا تتعدد اذن نتائج التفاعلات التي تحدث فيها؟ فتتعدد الافكار وتتعدد المشاعر والاحاسيس وتعدد الاكتشافات وتتعدد المواهب عند الاشخاص بل وتعدد عند الشخص الواحد في ساعتين... ،

          اقول: ولا تفسير له سوى الاقرار بوجود الروح ...

          واعلم ان الاعتقاد بوجود الروح لا ينقص من اهمية المخ وعظم عمله فلا تغفل ..

          يتبع .. الأدلة العلمية (مع مفاجأة!) ..
          أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
          والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
          وينصر الله من ينصره

          تعليق


          • #20
            تابع الأدلة العلمية على وجود الروح وأصالتها:


            اقتباس:
            كما تعتبر الأحلام والرؤى دليلاً آخر على وجود الروح.
            فما منا من أحد يدعى أنه لا يحلم.
            والسؤال إذن :
            كيف نفسر حياة الإنسان داخل حلمه ؟ هلى هى بجسده حقيقة أم بشئ آخر؟
            إن قال بجسده فهو المجنون بذاته.
            وإن قال بشئ آخر قلنا له نعم وهذا الشئ هو الروح.
            وقد أشار إلىبعض من هذا العلامة ابن القيم رحمه الله.

            ثمّة أحلام ومشاهد نراها في عالم النوم تقع خلالها أحياناً حوادث مستقبلية، وقد نكشف احياناً عن أمور خفيّة الى درجة لايمكننا معها أنْ نعتبرها من باب الاتفاق والمصادفات، وهذا أيضاً دليل على أصالة الرّوح واستقلالها.
            ومعظم الناس مرّت بهم في حياتهم مثل هذه الاحلام الصادقة، أو أنَّهم على الاقل قد سمعوا بأنَّ الحلم الذي رآه احد أصحابهم قد تحقق بحذافيره بعد مدّة من الزمن، الأمر الذي يدل على أنَّ الرّوح تستطيع خلال نوم الانسان أنَّ تتصل بعوالم أُخرى وقد ترى بعض الحوادث التي ستقع في المستقبل.

            جميع هذه الأمور تشير بوضوح الى أنَّ الرّوح ليست مادة، وليست نتيجة إفرازات دماغ الانسان الفيزيائية والكيميائية، بل هي حقيقة من حقائق ما وراء الطبيعة، وأنَّها لاتموت بموت الجسد.

            وهذا مايمهد الطريق للقبول بمسألة المعاد وعالم مابعد الموت.


            يتبع ... مع الأدلة العلمية (ولا تنسوا المفاجأة!) ..
            أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
            والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
            وينصر الله من ينصره

            تعليق


            • #21
              صدق أو لا تصدق
              "داروين" و "فرويد"
              يعترفان - من حيث لا يشعران !
              بوجود الروح وأصالتها



              إنّ مسألة أصالة الروح تنبئ عن ما وراء الطبيعة، فإنّ الحياة لو كانت أثراً من آثار المادة لما كانت تنبئ عن ما وراء الطبيعة، لأنّها تكون عندئذ موجوداً كامناً في المادة وحصورة فيها لا تتجاوزها في حالتي الانفراد والتركيب، وكان من اللازم أن لا بوجد شيء جديد عند تحقق الحياة، وحينئذ لا يتحقق للمادة أي كمال.

              ولقد أشار الكثير من العلماء إلى أصالة الروح، وصرحوا بأنّ الروح قوّة منفصلة، وأنّ آثار الحياة معلولة لهذه القوة، وهذه الحقيقة تساندها الدراسات العلمية الجديدة، لا سيّما نظرية تكامل الأنواع فقد أثبتت وأيدت أصالة الروح أكثر من ذي قبل، وإن داروين موجد هذه النظرية وبطلها لم يكن في صدد إثبات أصالة الروح، بل إنّه كان يرفع خطوته الأولى إلى اختيار الطبيعة، وأنّ الانتخاب الطبيعي نتيجة لتغييرات تحدث بالصدفة ليس لها أي هدف، ولكنه لما لاحظ السير المنظم في تكامل الأنواع رأي لا محالة كما يقول هو نفسه: أنّ الطبيعة الحية تتمتع بشخصية. على أنّ داروين لم يكن بصدد إثبات أصالة الروح، ولكنه وصل إلى هذه النتيجة من حيث لا يشعر حتى، قيل له: إنّك تتكلم عن الاختيار الطبيعي كقوة نشطة من وراء الطبيعة.!!!

              والملفت للنظر إنّ الذين يدرسون علم النفس وصلوا إلى نفس النتيجة، بالرغم من أنّهم لم يقصدوا الوصول إلى أصالة الروح، ولا كانوا ملفتين إلى النتائج التي تترتب على دراساتهم الفلسفية.

              إنّ (فرويد) العالم الفيزيولوجي الذي حقق تحولاً تاريخياً في هذا العلم وصل في مطالعاته ودراساته إلى هذه النتيجة حيث يقول: إنّ دراسات علماء الفيزيولوجي وتشريحهم عن الأدمغة الإنسانية والتحقيق في الأسرار الكامنة فيها لا تكفي للأمراض العصبية، وأنّه توصل إلى جهاز مخفي للشعور، وأنّ الشعور الظاهري لضئيل جداً بالنسبة إلى هذا الشعور الباطني، وأنّه التفت إلى أنّ العلل النفسية التي تنشأ من العقد النفسية متأصلة وهي منشأ للأمراض الجسمية، فلا بد لمعالجة الأمراض أن تختار الطرق النفسية لحل العقد حتى تدفع العوارض الجسمانية.

              فلم يكن (فرويد) يريد أن يثبت أصالة الروح وحكومة الروح على المادة، ولكنه حينما وصل إلى الحقائق العلمية اللائقة بمقامه قام باستنتاجات فلسفية غير لائقة بمقامه، ومع ذلك فإن قيمة الدراسات التي قام بها "فرويد" على حالها، كما أنّ بعض تلاميذه أمثال "يونك" انتقد استنتاجاته هذه من وجهة نظر علم النفس، وأثبت إلى حدٍّ مّا أصالة الروح، وأعطى نظرية "فرويد" صبغة ما وراء الطبيعة.



              يتبع ....
              أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
              والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
              وينصر الله من ينصره

              تعليق


              • #22
                التنويم الغناطيسي واستحضار الارواح!

                تابع الأدلة العلمية على وجود الروح وتجردها:

                التنويم المغناطيسي

                من خلال تتبع أقوال العلماء والمتخصصين يتبين أن ( التنويم المغناطيسي ) ينقسم إلى قسمين :-

                1)- علم التنويم المغناطيسي : وهو علم قائم له رجالاته ومتخصصوه ويعتمد هذا العلم على ما للإيحاء من أثر على النفس الإنسانية ، فبالإيحاء يستطيع المرء أن يظهر الأبيض أسود ! والأسود أبيض ! والصواب خطأ ! والخطأ صوابا ! والحار باردا ! والبارد حارا ! كما أن الإيحاء يمكن أن يشفي في بعض الحالات ، كما يمكن أن يتسبب في المرض بإذن الله سبحانه وتعالى 00 وهكذا 0 وهذا المفهوم أشار إليه الدكتور الفاضل ( إبراهيم كمال أدهم ) في كتابه " - العلاقة بين الجن والإنس - ص 185 ) 0

                2)- دجل التنويم المغناطيسي : وهذا الدجل ليس لـه علاقة من قريب أو بعيد بفن التنويم المغناطيسي بل هو استعانة بالجن والشياطين لتحقيق أغراض مادية أو مصالح ذاتية ، وهذا المفهوم أشارت اليه اللجنة الدائمة للإفتاء في السعودية والعلامة ابن باز.

                وعليه فيتضح أن ( التنويم المغناطيسي ) قد يكون مباحا إن كان يعتمد على دراسة النفس الإنسانية والتأثير عليها بالإيحاء والمساعدة على شفاء بعض الأمراض العضوية ، وفي هذه الحالة يعتبر هذا الفن علما قائما مثله مثل كافة التخصصات العلمية الطبية ويقع ضمن نطاق الأسباب الحسية التي يلجأ اليها الإنسان بعد الله سبحانه وتعالى دون الاعتماد عليها أو الركون إليها ، مع تحري الدقة في اختيار الأشخاص المؤهلين لهذا العمل ممن يحملون معتقدا صحيحا ومنهجا واضحا ونحسب أنهم على خير والله حسيبهم خوفا من التوجه لطرق أبواب المهرطقين والمشعوذين الذين يدعون العلاج بالتنويم المغناطيسي، وهو بهذا الاعتبار يعد دليلاً علميا قويا على وجود الروح وتجردها.

                وقد توجه جملة من أقطاب الفلسفة إلى دراسة النوم مستنيرين بمشكاة العلوم النفسية الحديثة ، فسجّلوا حوادث روحية مدهشة وظواهر عجيبة توصلوا من خلالها إلى نتائج باهرة ، ومن هؤلاء الاستاذ البريطاني ميارس المدرس في جامعة كمبردج ، وصاحب كتاب ( الشخصية الإنسانية ) الذي ذكر فيه عدة مشاهد وتجارب من عالم التنويم المغناطيسي ، واعتبرها من المسائل التجريبية التي لا يمكن تعليلها بعلم وظائف الأعضاء ، بل هي تثبت أنّ الانسان مع تركّبه من جسم مادي يشتمل على سرٍّ روحي يستمدّ وجوده من العالم الروحاني ومن العالم الأرضي ، وتلك هي حقيقة الانسان الكريمة ، على حدّ تعبيره.
                وخطا هذا العلم خطوات واسعة في مجال عالم الروح الرحب على أيدي نخبة من العلماء الذين تخصصوا به وحققوا نتائج علمية فائقة تقوم على أساس البحث والتحقيق ، ومنهم العالم البريطاني جيمس برايد ، ونولز ، وشاركو ، وفيليب كارث وغيرهم.


                وأما إن كان ( التنويم المغناطيسي ) يعتمد على الاستعانة بالجن أو الشعوذة أو السحر وكان ذلك يدخل ضمن نطـاق الأمور الكفرية أو الشركية ، فهو كفر وشرك للمنوِم والمنوَم بدليل النصوص النقلية الصريحة التي أكدت على هذا المفهوم.



                تنبيه:

                درجت بعض الطوائف الاسلامية وأهل الديانات المختلفة على الاستدلال بوجود الروح وتجردها بما يسمى باستحضار الأرواح، وهذا غير صحيح ولا يلزمنا أبداً، إذ ليس من جملة المعتقدات التي يدين بها أهل السنة والجماعة أن الإنسان يستطيع استحضار أرواح الموتى والتحدث إليها وأن الروح تجيب من استحضرها على المسائل المعقدة!! وتجيبه عن حالها ومصيرها بعد الموت!! إلى آخر هذه الخزعبلات، والصواب أنهم يستحضرون قرين الميت الذي يلازمه في حياته.

                والغريب أن هذه الظاهرة (استحضار الأرواح كما يزعمون) أثارت دهشة كثير من علماء الطبيعة والطب والفلاسفة وغيرهم من كافة أرجاء المعمورة ، فتواصلت دراساتهم العلمية متلاحقةً، وأوقفتهم على قضايا مثيرة.

                كما اُخضعت تلك الدراسات للرقابة العلمية حيث تأسست جمعية في بريطانيا وأمريكا برئاسة الاستاذ هيزلوب عن أمريكا ، والدكتور هودسن عن بريطانيا ، واستمرت تلك الجمعية بالفحص والبحث نحواً من اثني عشر عاماً ، ثمّ أعلنت سنة 1899 م أنّها قد اقتنعت بصحة تلك التحقيقات!! وبكون نتائجها هي من فعل أرواح الموتى.!!

                وتفرّغ كثير من العلماء الماديين من مختلف بلدان العالم للبحث في هذا المضمار ، فاستنتجوا من مجموع التجارب التي أجروها أن للانسان قوة روحية مجردة عن صفات المادة ، ولا تفنى بموت الجسد ، تستطيع التحرك بنشاط وحيوية دون حاجة إلى الجسم الترابي ، فاعتقدوا بخلود الروح بعد أن كانوا جاحدين لها ، ومن هؤلاء : آلفرد روسل دلاس ، والاستاذ كروكس رئيس الجمعية العلمية الملكية البريطانية ، والسير أوليفر لودج عالم الطبيعة ورئيس جامعة برمنجهام ، والدكتور البريطاني جورج سكستون ، والدكتور شامبير ، والدكتور جيمس جللي ، والاستاذ الأمريكي هيزلوب ، والاستاذ البريطاني هودسن ، والفلكي المشهور كاميل فلامريون، والفيلسوف البريطاني سيرجون كوكس ، والاستاذ الجيولوجي باركس ، وغيرهم كثير.




                يتبع ..
                أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                وينصر الله من ينصره

                تعليق


                • #23
                  البعث والنشور

                  اتفق المسلمون على حقيقة المعاد وثبوت النشأة الآخرة ، وشاطرهم المحققون من الفلاسفة الرأي في ذلك ، ولكن اختلفوا في كيفية البعث على قولين :

                  الأوّل: المعاد جسماني

                  ويعني أن الله سبحانه يحشر الناس يوم القيامة بهذا البدن المشهود بعد رجوعه إلى هيئته الاُولى ، والمعاد بهذا المعنى أصل عظيم من اُصول الدين ، وضرورياته الواجبة الاعتقاد ، وأركانه الثابتة ، وجاحده كافر بالاجماع ، والدليل على ثبوته أنه ممكن ، والنبي عليه الصلاة والسلام أخبر بثبوته ، فوجب الجزم به والمصير إليه.

                  فقد نصّ عليه القرآن الكريم وأنكر على جاحديه في آيات صريحة كثيرة في ألفاظها واضحة في معانيها ، مؤكدة أن المعاد إنما يكون حينما يخرج الناس من أجداثهم مسرعين إلى الحساب ( يَوْمَ تُبَدُّلُ الاََْرْضُ غَيْرَ الاََْرْضِ وَالسَّماوَاتُ وَبَرَزُوا للهِِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ) ، كما أنه ثبت بالتواتر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نصّ على ثبوت المعاد الجسماني وقال به في أحاديث صريحة بهذا المعنى ، فمن الآيات :

                  1 ـ قوله تعالى : ( أَيَحْسَبُ الاِِْنسَانُ أَلَّن نَجْمَعَ عِظَامَهُ * بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ )

                  2 ـ قوله تعالى : ( وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ )

                  3 ـ الآيات الدالة على إخراج الأموات من القبور ، كقوله تعالى : ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِنَ الاََْجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ * قَالُوا يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ * إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ * فَالْيَوْمَ لأ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلأ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) ، وقوله تعالى : ( مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى )

                  4 ـ الآيات الدالة على أن الإنسان يحضر إلى الحساب بكامل جوارحه ، وتكون ضمن الشهود على أعماله ، كقوله تعالى : ( الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) ، وقوله تعالى : ( حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )

                  5 ـ الآيات التي قدّمت أمثلة عينية على المعاد البدني ، كما في بيان قصة إحياء العزير ، وقتيل بني إسرائيل ، وأصحاب الكهف ، وإحياء الطيور لإبراهيم عليه السلام

                  6 ـ الآيات الدالة على لذّات الجنة التي لا تدرك إلاّ بآلة جسمانية ، والآلام التي تقع على بعض أجزاء الجسم المعذّب في نار جهنم ، قال تعالى في وصف أهل الجنة : ( عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ * مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ * يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِن مَعِينٍ * لأ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلأ يُنزِفُونَ * وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ * وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ * وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُوَِ الْمَكْنُونِ ) وقال تعالى في وصف أهل النار : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُم بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ ).


                  قال العلامة السفاريني في كتابه لوامع الأنوار‏:‏

                  ‏"‏وفي تفسير الثعلبي عن أبي هريرة رضي الله عنه في تفسير سورة الزمر مرفوعا‏:‏ ‏(‏إن الله يرسل مطرا على الأرض، فينزل عليها أربعين يوما، حتى يكون فوقهم اثني عشر ذراعا، فيأمر الله تعالى الأجساد أن تنبت كنبات البقل؛ فإذا تكاملت أجسادهم كما كانت؛ قال الله تعالى ليحي حملة العرش‏!‏ ليحي جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل‏!‏ ثم يأمر الله تعالى إسرافيل، فيأخذ الصور، فيضعه على فيه، ثم يدعو الأرواح، فيؤتى بها؛ تتوهج أرواح المؤمنين نورا، والأخرى ظلمة، فيقبضها جميعا، ثم يلقيها في الصور، ثم يأمره أن ينفخ نفخة البعث، فتخرج الأرواح كلها كأنها النحل، قد ملأت ما بين السماء والأرض، ثم يقول الله تعالى وعزتي وجلالي؛ لترجعن كل روح إلى جسدها، فتدخل الأرواح من الخياشيم، ثم تمشي مشي السم في اللديغ، ثم تنشق الأرض عنها سراعا؛ فأنا أول من تنشق عنه الأرض، فتخرجون منها إلى ربكم تنسلون‏)‏ ‏"‏‏.‏


                  وأخرج الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه‏:‏ ‏(‏ينزل من السماء ماء، فينبتون كما ينبت البقل، وليس من الإنسان شيء إلا يبلى؛ إلا عَُظيم واحد، وهو عجب الذنب، منه يركب الخلق يوم القيامة‏)‏ ‏.

                  ‏ وفي روايات مسلم‏:‏ ‏(‏إن في الإنسان عظما لا تأكله الأرض أبدا، منه يركب الخلق يوم القيامة‏.‏ قالوا‏:‏ أي عظم هو يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ عجب الذنب‏)‏ ‏.‏

                  قال العلماء‏:‏ وعجب الذنب هو العظم الحديد الذي يكون في أسفل الصلب‏.‏

                  وقد جاء في الحديث أنه مثل حبة الخردل؛ منه ينبت جسم الإنسان‏.‏


                  الثاني ـ المعاد روحاني

                  ذهب جمهور الفلاسفة إلى أنّ المعاد روحاني ؛ لأنّهم لم يتمكّنوا من تعقّل عودة الأبدان على معاييرهم الفلسفية ، فقالوا : إنّ البدن ينعدم بصوره وأعراضه ، لقطع تعلّق النفس به ، فلا يعاد بشخصه تارة اُخرى ، إذ المعدوم لا يعاد ، والنفس جوهر باقٍ لا سبيل للفناء إليه، وعليه جعلوا المعاد وما يتعلّق به من شأن الروح وحدها التي لا يعتريها الفناء.

                  وهذا القول لا تساعده ظواهر آيات القرآن الكريم وصحيح سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم الدالّة على إعادة الإنسان ببدنه يوم القيامة كما تقدم بيانه قبل قليل ، والقائلون بالروحاني من بعض فلاسفة المسلمين ، اعتبروا الثواب والعقاب هو التذاذ النفس أو تألمها باللذات أو الآلام العقلية أو الروحية بعد مفارقتها البدن ، وحاولوا تأويل ظواهر الأدلّة الشرعية حتى تنطبق على أسسهم العقلية ، فتكلّفوا في تأويل الآيات القرآنية الكثيرة الدالة على النعيم والعذاب الحسّيين اللذين يتعرض لهما الإنسان في الجنة والنار ، حيث اعتبروهما من باب التمثيل الحسّي للنعيم والعذاب الروحاني أو العقلي ، تقريباً لأذهان عامة الناس الذين تستهويهم الاُمور الحسيّة دون المعاني العقلية ، ليكون ذلك باعثاً لهم على الانقياد والطاعة.

                  وقد اشتهر عن الشيخ الرئيس ابن سينا أنه ينكر المعاد الجسماني ويقول بالمعاد الروحاني حتى أن الغزالي كفّر ابن سينا وبعض الفلاسفة في (تهافت الفلاسفة) لانكارهم المعاد الجسماني.

                  والحق أنه لم يتعرّض ابن سينا في كتبه المعروفة لإنكار البعث الجسماني صراحة ، بل نجده في (الشفاء) وهو أكبر كتبه ، يعترف بالبعث الجسماني ويرى أنه حق لا ريب فيه.


                  يتبع ...
                  أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                  والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                  وينصر الله من ينصره

                  تعليق


                  • #24
                    الأدلة العقلية على حتمية المعاد ووجوبه


                    استدلّ كثير من الفلاسفة والمتكلمين ، بالبراهين العقلية المجرّدة ، على حتمية المعاد ووجوبه ، كما جاء في الكتاب الكريم أيضاً الكثير من الأدلّة العقلية والبراهين على ثبوت حقيقة المعاد والحياة الآخرة ، للردّ على منكري المعاد ، وإثبات كونه قطعي الوجوب وحتمي الحدوث ، وفي ما يلي نذكر بعض تلك البراهين :

                    أولاً ـ برهان المماثلة

                    العالم المماثل لهذا العالم ممكن الوجود ، لأن هذا العالم ممكن الوجود ، وحكم المثلين واحد ، فلمّا كان هذا العالم ممكناً وجب الحكم على الآخر بالإمكان.

                    وقد ورد في القرآن الكريم بعض الأمثلة ، في المساواة بين الإحياء في الدنيا والإحياء في الآخرة ، وذلك من خلال نمطين في المماثلة ؛ الأول : مماثلة النشأة الاُولى من العدم بالنشأة الآخرة ، قال تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الاََْعْلَى فِي السَّماوَاتِ وَالاََْرْضِ ) والثاني : مماثلة إحياء الأرض بعد موتها بالإحياء في الآخرة ، قال تعالى :( فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللهِ كَيْفَ يُحْيِي الاََْرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذلِكَ لَـمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) فهذه الآية الكريمة تقرّر أن حُكم الأمثال واحد ، فإذا تحقّق الإحياء في الأرض بعد موتها ، أمكن تحققه في الإنسان بعد موته ، وفي غيره من الأحياء.

                    فتبين إذن أن العقل يحكم بتساوي الأمثال في الحكم ، ومنه يتبيّن أن القادر على الإحياء الأول قادر على الإحياء الآخر ؛ لأنهما مثلان.


                    ثانياً : برهان القدرة

                    لمّا كانت قدرة الخالق العظيم غير متناهية ، جاز تعلّقها بكلّ شيءٍ مقدور ، وكانت نسبتها إلى ما هو سهل في نفسه أو صعب على حدّ سواء ، وهو المستفاد من قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ، وقد أشارت الآيات القرآنية إلى صورتين من الاستدلال على المعاد ، بذكر عموم القدرة الإلهية وعدم تناهيها :

                    الصورة الأُولى : بيّن تعالى قدرته على المعاد في الآخرة مرتباً على ذكر المبدأ في الاُولى في آيات كثيرة ، إشارة إلى أن القادر على الإيجاد من العدم ابتداءً ، فهو على إعادة الموجود أقدر ، قال تعالى : ( أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ * قُلْ سِيرُوا فِي الاََْرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الاَْخِرَةَ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ). وقد بيّن تعالى أن قدرته على الخلق الأول والخلق الجديد ، من حيث الامكان والتأتّي ، كخلق نفسٍ واحدةٍ ، فقال تعالى : ( مَّا خَلْقُكُمْ وَلأ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ).

                    الصورة الثانية : بيّن تعالى قدرته على المعاد في الآخرة مرتّباً على ذكر خلق السماوات والأرض ، فقال سبحانه : ( وَقَالُوا أَءِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً * أَوَلَم يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماوَاتِ وَالاََْرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ ) ، وقال تعالى : ( أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماوَاتِ وَالاََْرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ * إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُون ).

                    فالتأمل في خلق السماوات والأرض يقودنا إلى الإيمان بعالم الآخرة ، ذلك لأنّ الذي خلق عوالم السماوات والأرض بما فيها من سعة الخلقة البديعة وعجيب النظام العام المتضمّن لما لا يُحصى من الأنظمة الجزئية المدهشة للعقول والمحيرة للألباب ، والعالم الإنساني جزء يسير منها فكيف لا يقدر أن يخلق الناس خلقاً جديداً في يوم القيامة ؟ وخلق الإنسان في نفسه أسهل وأهون من خلق السماوات والأرض ، قال تعالى : ( لَخَلْقُ السَّماوَاتِ وَالاََْرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لأ يَعْلَمُونَ ).


                    يتبع ... الأدلة العقلية على حتمية المعاد ووجوبه
                    أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                    والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                    وينصر الله من ينصره

                    تعليق


                    • #25
                      تابع، الأدلة العقلية على حتمية المعاد ووجوبه:


                      ثالثاً : برهان الحكمة:

                      إن الله تعالى حكيم في أفعاله ، فالمنظومة الكونية في نظامها العجيب تسير بكل جزئياتها وفق حركة هادفة ، وتتّجه صوب نهاية مرسومة بدقة وإحكام ، وكذلك تخضع المفردات التشريعية في وجودها وحركتها وتفاعلها إلى مبدأ الحكمة الإلهية والغاية الحكيمة التي تتجافى عن العبث واللغو والباطل ، قال تعالى : ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لأ تُرْجَعُونَ ) ، وقال تعالى ( أَيَحْسَبُ الاِِْنسَانُ أَن يُتْرَك سُدى ).

                      ويمكن صياغة صورة هذا البرهان على شكل قياس ، يتركب من مقدمتين :

                      الاُولى : إن الله حكيم. الثانية : الحكيم لا يفعل العبث ، إذن فالله تعالى لا يفعل العبث ، ولو لم يكن للإنسان معاد لكان خلقه عبثاً ، ومقتضى الحكمة الالهية أن الله تعالى لا يفعل العبث ، إذن فلابدّ للإنسان من معادٍ يوم القيامة تتجلّى فيه الحكمة الالهية.
                      فلو كان الإنسان ينعدم بالموت ، دون أن تكون هناك نشأة اُخرى يعيش فيها بما له من سعادة أو شقاء ، لكان خلقه في هذا العالم عبثاً وباطلاً ، لأن الفعل لا يخرج عن العبثية إلاّ إذا ترتّب عليه فائدة أو غاية عقلائية ، وترتب الفائدة أو الغاية موقوف على وجود المعاد ، لأنّه إذا انعدم الإنسان بالموت ، فذلك يعني أنه ليس ثمّة غاية من خلقه غير هذه الحياة المحدودة التي تعجّ بالمتضادات ، والمحفوفة بأنواع المصائب والبلايا والفتن والفجائع ، ويعني أيضاً أن الله تعالى قد اقتصر في خلقه على الإيجاد ثم الاعدام ، ثم الإيجاد ثم الاعدام ، وهكذا دون أي هدف ، وذلك ما لا نقبله على الإنسان العاقل ، فكيف نقبله على فعل الخالق ، جلّت حكمته ، الذي لا يعتريه الباطل ولا يتجافى عن الحكمة ؟! تعالى الله عن ذلك عُلواً كبيراً.

                      رابعاً : برهان العدالة

                      1 ـ وجود التكليف يقتضي وجود المعاد

                      من المعلوم أن الله تعالى جعل الحياة الدنيا دار امتحان وابتلاء للإنسان ، ووهبه النوازع الخيّرة إلى جنب النوازع الشريرة ، لتتمّ بذلك حقيقة الابتلاء ، وأعطاه العقل الذي يميّز بين الخير والشر ، وبعث له الأنبياء والرسل ليحدّدوا له طريق الخير وطريق الشرّ ، ثم كلّفه باتباع سبيل الخير والحق ، وتجنّب سبيل الشرّ والباطل ، وأعطاه الإرادة والاختيار ليستحقّ الثواب أو العقاب ، قال تعالى : ( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ) ، وقال تعالى : ( وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) .

                      وعليه فإن واقع الحياة الدنيا بما يحمل من متناقضات الراحة والعناء ، والصحة والمرض ، والغنى والفقر ، والإقبال على الأشرار والإدبار عن الأخيار ، هو امتحان وابتلاء ، وليس فيه ما يصلح للمكافأة والجزاء ، وبما أن ضرورة التكليف تقتضي ضرورة المكافأة ، لذا يجب المعاد ليجازى المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته ، وإلاّ لبطلت فائدة التكليف ، ولكان عبثاً ولغواً.

                      2 ـ العدل الإلهي يستلزم وجود اليوم الآخر

                      إن الله تعالى وعد بالثواب ، وتوعّد بالعقاب مع مشاهدة الموت للمكلفين ، فوجب القول بعودهم ليحصل الوفاء بوعده ووعيده.
                      إذ لا ريب أن الناس لا يصلون إلى الثواب أو العقاب الملائم لأعمالهم في هذا الزمان المحدود ؛ فالمحسنون الذين قضوا أعمارهم في العبادة ونشر الفضائل والإصلاح في الأرض ، وتحمّلوا الكوارث والمحن والأرزاء في هذا السبيل ، لايمكن لأي سلطة في الأرض أن تعطيهم مرادهم ، وتوصلهم إلى ثوابهم ، والمجرمون الذين ارتكبوا الجرائم الفظيعة بحقّ الإنسانية ، وتوفّروا على النعم والملذّات والحياة الرغيدة أكثر من غيرهم ، قد لا يقعون في قبضة القانون ، وإذا وقعوا فإن عقابهم لا يتناسب مع الجرائم التي ارتكبوها ، فقد يقتص منهم مرة واحدة ، وتبقى أكثر الجرائم التي ارتكبوها تمرّ بلا عقاب ، وعليه فليس ثمّة قوة في هذه النشأة المحدودة تستطيع استرداد جميع الحقوق المهضومة للناس.

                      وإذا كان الإنسان ينعدم بالموت ، ويفد الظالمون والمظلومون والمصلحون والمفسدون إلى مقابر الفناء دون محكمة عادلة تثيب المحسنين وتضع المجرمين في أشدّ العذاب ، فإن ذلك خلاف العهد الإلهي الذي يقتضي التفريق بين الفريقين من حيث المصير والثواب والعقاب ، وبما أن ذلك غير متحقق في النشأة الاُولى ، فيجب أن يكون المعاد لتجسيد العدالة الإلهية تجسيداً عملياً ، وتحقيق الوعد الرباني الصادق في الوفاء للأنبياء والأولياء والشهداء والأبرار من عباد الله الصالحين والانتقام من الظالمين والمفسدين.



                      يتبع ...
                      أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                      والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                      وينصر الله من ينصره

                      تعليق


                      • #26
                        الشبهات المثارة حول المعاد الجسماني

                        يبدو من خلال مجموع الشبهات التي تعلّق بها الفلاسفة القدامى والمتأخرون لانكار جسمانية المعاد ، أنّها ترجع إمّا إلى الجهل بصفات الله سبحانه وتعالى، سيما في مجال قدرة الخالق غير المتناهية ، وعلمه الذي أحاط بكلّ شيء ، وإمّا إلى الجهل بصفات عالم الآخرة وخصائص البدن المبعوث في النشأة الثانية ، حيث إنّهم قاسوا ذلك العالم وذلك البدن بالقوانين والنظريات التي تحكم عالمنا وأبداننا المادية ، وهو قياس في غير محلّه ، لأن عالم الآخرة يختلف عن عالمنا هذا بجميع أبعاده وخصائصه ، لأنه عالم يتبدّل فيه النظام الكوني ، وتطوى فيه المنظومة الشمسية ، وتبدل الأرض غير الأرض ، بل الانسان نفسه يعيش فيه حياةً لا فناء بعدها (راجع أشكال تعلق الروح بالبدن لابن القيم في أول الرابط).

                        وطالما دلّ الكتاب الكريم والسنة المطهرة على أن البدن لا يفنى ولا يعدم ، بل يبعث وتتعلق به الروح ، فيكون الإنسان هو هو ، لينال الجزاء يوم الفصل ، فالشبهة في مقابل ذلك كالجهل في مقابل العلم ، ومع ذلك فإننا سنذكر أهم الشبهات التي أثاروها في هذا المجال ، ونحاول الإجابة عليها.

                        أولاً ـ شبهة الآكل والمأكول:

                        وهي شبهة قديمة ، ذكرها إفلاطون وغيره من الفلاسفة المتقدمين والمتأخرين من المسلمين وغيرهم بتعابير وتقريرات مختلفة ، أهمها : لو أن إنساناً تغذّى على إنسانٍ آخر ، وأكل جميع أعضائه ، فالمحشور لايكون إلاّ أحدهما ، لأنه لا تبقى للآخر أجزاء تخلق منها أعضاؤه ، وعليه فالبدن المحشور بأيّ الروحين يتعلّق ؟ ولو تعلّق بروح الآكل وكان كافراً ، والمأكول مؤمناً ، للزم عقاب المؤمن ، ولو عكس الأمر للزم ثواب الكافـر.

                        الجواب : يتضمن جواب هذه الشبهة عدّة وجوه :

                        1 ـ إن الله سبحانه بكلّ شيء عليم ، وهو بعلمه الواسع والمحيط بكلّ الممكنات ، يعلم كلّ ذرات الكون ، ومنها أجزاء الآكل والمأكول ، فيجمعها بحكمته الشاملة وقدرته الكاملة ، وينفخ فيها الروح ، مهما أصابها من التحوّل أو الفناء أو النقص ، قال تعالى : ( قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ) ، وقال تعالى في حكاية شبهة المنكرين وجوابهم : ( ءَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ * قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الاََْرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ) ، وقال تعالى : ( قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الاَُْولَى * قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لاَّ يَضِلُّ رَبِّي وَلأ يَنسَى ) .

                        2 ـ أنّ الله تعالى يحفظ أجزاء المأكول في بدن الآكل ، ويعود في الحشر إلى بدن المأكول ، كما أخرج في قصة إبراهيم عليه السلام الأجزاء المختلطة والأعضاء الممتزجة من الطيور وميّز بينها.

                        3 ـ وأجاب المتكلمون والفلاسفة عن هذه الشبهة بما خلاصته أن المعاد هو في الأجزاء الأصلية التي منها ابتداء الخلق ، وهي باقية من أول العمر إلى آخره ، لا جميع الأجزاء على الإطلاق ، والأجزاء الأصلية التي كانت للمأكول هي في الآكل فضلات ، فلا يجب إعادتها في الآكل ، بل تعاد في المأكول ، لأنّ الله سبحانه يحفظها ولا يجعلها جزءاً لبدنٍ آخر.

                        وأفضل الوجوه بلا أدنى ريب هو الأول منها، قال العلامة ابن العثيمين في كتابه الماتع "شرح العقيدة الواسطية":

                        فإن قال قائل: لو أن هذا الرجل تمزق أوصالاً، وأكلته السباع، وذرته الرياح، فكيف يكون عذابه، وكيف يكون سؤاله؟!

                        فالجواب: أن الله عز وجل على كل شئ قدير، وهذا أمر غيبي : فالله عز وجل قادر على أن يجمع هذه الأشياء في عالم الغيب، وإن كنا نشاهدها في الدنيا متمزقه متباعده، لكن في عالم الغيب ربما يجمعها الله.

                        فانظر الى الملائكه تنزل لقبض روح الأنسان في المكان نفسه: كما قال تعالى: "ونحن أقرب اليه منكم ولكن لا تبصرون" ومع ذلك لا نبصرهم.

                        وملك الموت يكلم الروح، ونحن لا نسمع.

                        وجبريل يتمثل أحيانا للرسول عليه الصلاه والتسليم ويكلمه بالوحي في نفس المكان و الناس لا ينظرون ولا يسمعون.

                        فعالم الغيب لا يمكن أبداً أن يقاس بعالم الشهادة، وهذه من حكمة الله عز وجل، فنفسك التي في جوفك ما تدري كيف تتعلق ببدنك؟! كيف هي موزعة على البدن؟! وكيف تخرج منك عند النوم؟! هل تحس بها عند استيقاظك بأنها ترجع؟! من أين تدخل لجسمك؟!

                        فعالم الغيب ليس فيه إلا التسليم، ولا يمكن فيه القياس إطلاقاً فالله عز وجل قادر على أن يجمع هذه المتفرقات من البدن المتمزق الذي ذرته الرياح ثم يحصل عليه المساءلة والعذاب أو النعيم، لأن الله سبحانه على كل شئ قدير. انتهى كلامه رحمه الله.

                        والحق أن جواب الشيخ رحمه الله شاملاً وافياً يصلح لكل سؤال من هذا النوع. والموفق من وفقه الله.


                        يتبع ...
                        أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                        والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                        وينصر الله من ينصره

                        تعليق


                        • #27
                          تابع .. الشبهات المثارة حول المعاد الجسماني


                          ثانياً : استحالة إعادة المعدوم:

                          قالوا : إنّ إعادة المعدوم محال ، لأنها تستلزم تخلّل العدم في وجود واحد ، أي بين الشيء الواحد ونفسه ، فيكون الواحد اثنين ، وبعبارة اُخرى أن الموت فناءٌ للإنسان ، فإذا رُدّت إليه الحياة ثانية ، فهو إنسان آخر غير الأول ، وذلك خلق جديد بعد العدم لا إعادة فيه ولا رابط بين المبدأ والمعاد.

                          الجواب :

                          1 ـ المعاد وفق منطق الفلاسفة ، هو إما بمعنى الوجود بعد الفناء ، أو بمعنى رجوع الأجزاء بعد تفرّقها ، وقد قال الفلاسفة باستحالة المعنى الأول ، لكنّ قانون المادة المنسوب إلى لافوزيه (ت 1794 م) ينقض هذا القول من الأساس ، لأنه ينصّ على أن المادة لا تفنى ، بل هي ثابتة ولاتتغير إلاّ الصورة الطارئة عليها ، كما أنه في عرف الفلاسفة أن الوجود لا يتطرق إليه العدم ، وجوّز بعض الفلاسفة والمتكلمين إعادة المعدوم ، وقالوا : إنه لا يمتنع وجوده الثاني لا لذاته ولا للوازمه ، وإلاّ لم يوجد ابتداءً ، والإعادة أهون من الابتداء ، كما نصَّ المعتزلة على ثبوت الأحوال وذوات الأشياء ، وقالوا : إن المعدوم شيء ، فإذا عُدم الموجود بقيت ذاته المخصوصة ، فأمكن لذلك أن يُعاد ، لأن ذاته باقية حتى في حال عدمها ، وإنّما يتعاقب عليها الوجود والعدم.

                          ولو سلّمنا بقانون استحالة إعادة المعدوم ، فإنّ الله سبحانه الذي خلق الانسان أولاً ولم يكن شيئاً مذكوراً ، قادر على إعادته وإن لم يكن شيئاً مذكوراً ، وقد ذكرنا ذلك في برهان القدرة من أدلة المعاد العقلية.


                          أما المعاد بالمعنى الآخر ، وهو الصحيح عند التحقيق ، فقد قال بعض فلاسفة المسلمين المؤمنين بالمعاد الجسماني : إنّ المعاد الجسماني ليس هو إعادة المعدوم ، بل هو جمع الأجزاء المتفرقة ، وإن فناء الأجسام ليس إعدامها بل تفرّق أجزائها واختلاطها. وجمع الأجزاء أمر ممكن ، لأنّ الله تعالى عالم بتلك الأجزاء وقادر على جمعها وتأليفها ، لعموم علمه وقدرته على جميع الممكنات.

                          قال العلامة ابن عثيمين عند شرحه لقول شيخ الإسلام ابن تيمية في الواسطية: " فتعاد الأرواح إلى الأجساد"، دليل على أن البعث إعادة، وليس تجديداً، بل هو إعادة لما زال وتحول؛ فإن الجسد يتحول إلى تراب، والعظام تكون رميماً، يجمع الله تعالى هذا المتفرق، حتى يتكون الجسد، فتعاد الأرواح إلى أجسادها، وأما من زعم بأن الأجساد تخلق من جديد، فإن هذا زعم باطل يرده الكتاب والسنة:

                          أما الكتاب؛

                          فإن الله عز وجل يقول: " وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه" الروم/27 ، أي يعيد ذلك الخلق الذي ابتدأه، وفي الحديث القدسي: يقول الله تعالى: " ليس أول الخلق بأهزن علي من إعادته"؛ فالكل على الله هين.

                          وقال تعالى: " كما بدأنا أول خلق نعيده" الأنبياء/104

                          وقال تعالى: " ثم إنكم بعد ذلك لميتون، ثم إنكم يوم القيامة تبعثون" المؤمنون/15-16

                          وقال تعالى: " من يحيي العظام وهي رميم، قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكب خلق عليم" يس/78-79

                          وأما السنة؛ فهي كثير جداً في هذا؛ حيث بين النبي " أن الناس يحشرون فيها حفاة عراة غرلا"، فالناس هم الذين يحشرون وليس سواهم.

                          فالمهم أن البعث إعادة الأجساد السابقة.

                          انتهى كلامه رحمه الله.
                          أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                          والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                          وينصر الله من ينصره

                          تعليق


                          • #28
                            تابع .. الشبهات المثارة حول المعاد الجسماني


                            ثالثاً : تعدّد الأبدان:

                            قالوا : إنّ خلايا بدن الإنسان في الدنيا عرضة للتبدل والتغير ، وقد قرر العلم أن الانسان يتغيّر كل تركيبه المادي في نحو عشرة أعوام ، فلو مات في الستين ، فإن له ستة تراكيب بدنية مختلفة ، فإن كان المحشور في المعاد جميع التراكيب التي مرّ بها البدن ، استلزم حشر أكثر من بدن لانسان واحد ، وان كان المحشور منها بدناً واحداً ، فهو يستلزم مخالفة قانون العدل الإلهي ، لإن ذلك البدن سيتحمل ثواب أو عقاب جميع الأعمال التي قام بها الإنسان على امتداد فترة العمر.

                            فأي هذه الأجساد هو الذي يعود يوم القيامة؟ وهل من العدل أن يتحمل أحدها العقاب وحده؟!

                            الجواب :

                            نقول : إن الذي يبعث هو آخرها، كما سبق أن مرت علينا الآيات التي جاء فيها إنَّ الله يحيي الانسان من عظامه وتراب جسده الذي دفن تحت التراب. حيث يستفاد من هذا أنَّ جسده الذي مات به هو الذي يحييه الله يوم القيامة، وكذلك من قوله تعالى "وأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي القُبُورِ". يعني إنَّه يبعث الجسد الذي مات ودفن في القبور.

                            ولكن هذا الجسد الاخير يحمل جميع الآثار والخصائص التي كانت للانسان في أجساده الاخرى طوال حياته.

                            وبتعبير آخر، إنَّ الاجساد السابقة التي تتلف تدريجياً تنقل الى الجسد التالي جميع آثارها وخصائصها، وعليه فإنَّ الجسد الأخير يكون قد ورث جميع صفات الأجساد السابقة، وبذلك يكون خليقاً بتطبيق قانون العدالة في الثواب والعقاب عليه.


                            وحال الإنسان في الدنيا يدلُ على نقض هذه الشبهة ، فهو على الرغم من تبدّل تركيبه على ما قرره العلم ، لكنه محافظ على وحدة شخصيته مهما امتدّ به العمر وتبدلت هيئته أو صورته ، ولو أن جانياً ارتكب جريمة في الشباب ، وعوقب في المشيب ، فلا يقال إن ذلك خلاف العدل ، أو أن تلك العقوبة هي لغير الجاني ، وهكذا الأمر في يوم الحساب ، فالبدن هو بعينه إذا تعلقت به الروح سواء بُعِث شاباً أو شيخاً أو كهلاً.

                            وعليه؛ فإنّ القدر الذي يجب على كلّ مسلم مكلّف الاعتقاد به هو أنّ الله تعالى يعيد في الآخرة الأشخاص وخصوص المكلفين من أجل الحساب ثم الثواب أوالعقاب ، وأمّا الخصوصيات ، من كيفية الاعادة وكيفية الحساب وكيفية الجنة والنار وسائر متعلّقات عالم القيامة... فقد قالوا بعدم وجوب العلم والاعتقاد التفصيلي بها ، بل يكفي الاعتقاد الاجمالي.


                            يتبع ...
                            أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                            والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                            وينصر الله من ينصره

                            تعليق


                            • #29
                              هل سؤال الميت في قبره حقيقي وأنه يجلس في قبره ويناقش ؟.

                              الجواب:

                              قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :

                              " سؤال الميت في قبره حقيقي بلا شك والإنسان في قبره يجلس ويناقش ويسأل .

                              فإن قال قائل : إن القبر ضيق فكيف يجلس ؟!

                              فالجواب :

                              أولاً :

                              أن الواجب على المؤمن في الأمور الغيبية أن يقبل ويصدّق ، ولا يسأل كيف ؟ ولم ؟
                              لأنه لا يسأل عن كيف ولم إلا من شك ، وأما من آمن وانشرح صدره لأخبار الله ورسوله ، فيسلّم ويقول : الله أعلم بكيفية ذلك .

                              ثانياً :

                              أن تعلق الروح بالبدن في الموت ليس كتعلقها به في حال الحياة، فللروح مع البدن شؤون عظيمة لا يدركها الإنسان ، وتعلقها بالبدن بعد الموت لا يمكن أن يقاس بتعلقها به في حال الحياة ، وهاهو الإنسان في منامه يرى أنه ذهب ، وجاء ، وسافر ، وكلم أناساً ، والتقى بأناس أحياء وأموات ، ويرى أن له بستاناً جميلاً ، أو داراً موحشة مظلمة ، ويرى أنه راكب على سيارة مريحة ، ويرى مرة أنه راكب على سيارة مقلقة كل هذا يمكن مع أن الإنسان على فراشه لم يتغير ، حتى الغطاء الذي عليه لم يتغير ومع ذلك فإننا نحس بهذا إحساساً ظاهراً ، فتعلق الروح بالبدن بعد الموت يخالف تعلقها به في اليقظة أو في المنام ولها شأن آخر لا ندركه نحن، فالإنسان يمكن أن يجلس في قبره ويسأل ولو كان القبر محدوداً ضيقاً .
                              هكذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فمنه البلاغ ، وعلينا التصديق والإذعان قال الله تعالى : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً ) النساء / 65 "

                              (مجموع فتاوى ابن عثيمين 2/34)

                              فإن قال قائل : الميت يدفن في قبر ضيق؛ فكيف يوسع له مدّ البصر؟!

                              فالجواب : أن عالم الغيب لا يقاس بعالم الشهادة، بل إننا لو فرض أن أحداً حفر حفرة مدّ البصر، ودفن فيه الميت، وأطبق عليه التراب؛ فالذي لا يعلم بهذه الحفرة، هل يراها أو لا يراها ؟! لا شك أنه لا يراها، مع أن هذا في عالم الحس، ومع ذلك لا يرى هذه السعة، ولا يعلم بها إلا من شاهدها.

                              فإن قال قائل كما قال الفلاسفة: نحن نضع الزئبق على الميت، وهو أسرع الأشياء تحركاً ومروقاً، وإذا جئنا من الغد، وجدنا الزئبق على ما هو عليه، وأنتم تقولون : إن الملائكة يأتون ويجلسون هذا الرجل، والذي يجلس؛ كيف يبقى عليه الزئبق ؟!

                              فنقول أيضاً كما قلنا سابقاً : هذه من عالم الغيب، وعلينا الإيمان والتصديق، ومن الجائز أيضاً أن الله عز وجل يرد هذا الزئبق إلى مكانه بعد أن تحول بالجلوس.

                              ونقول أيضاً : انظروا إلى الرجل في المنام؛ يرى أشياء لو كان على حسب رؤيته إياها، ما بقي في فراشه على السرير، وأحياناً تكون رؤيا حق من الله عز وجل، فتقع كما يراها في منامه، ومع ذلك، نحن نؤمن بهذا الشئ.

                              والإنسان إذا رأى في منامه ما يكره، أصبح وهو متكدر، وإذا رأى ما يسره، أصبح وهو مستبشر، كل هذا يدل على أن الروح ليست من الأمور المشاهدة، ولا تقاس أمور الغيب بالمشاهد، ولا ترد النصوص الصحيحة؛ لاستبعادنا ما تدل عليه حسب المشاهد.

                              شرح الواسطية/ فصل الإيمان باليوم الآخر ص 488-489

                              يتبع ...
                              أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                              والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                              وينصر الله من ينصره

                              تعليق


                              • #30
                                شبهات حول عذاب القبر


                                وسئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين: هل عذاب القبر على البدن أو على الروح؟


                                فأجاب بقوله: الأصل أنه على الروح لأن الحكم بعد الموت للروح ، والبدن جثة هامدة ، ولهذا لا يحتاج البدن إلى إمداد لبقائه ، فلا يأكل ولا يشرب ، بل تأكله الهوام ، فالأصل أنه على الروح لكن قال شيخ الإسلام ابن تيمية : إن الروح قد تتصل بالبدن فيعذب أو ينعم معها، وأن لأهل السنة قولاً آخر بأن العذاب أو النعيم يكون للبدن دون الروح واعتمدوا في ذلك على أن هذا قد رئي حسّاً في القبر فقد فتحت بعض القبور ورئي أثر العذاب على الجسم ، وفتحت بعض القبور ورئي أثر النعيم على الجسم. وقد حدثني بعض الناس أنهم في هذا البلد هنا في عنيزة كانوا يحفرون لسور البلد الخارجي، فمروا على قبر فانفتح اللحد فوجد فيه ميت أكلت كفنه الأرض وبقي جسمه يابساً لكن لم تأكل منه شيئاً حتى إنهم قالوا : إنهم رأوا لحيته وفيها الحنا وفاح عليهم رائحة كأطيب ما يكون من المسك،فتوقفوا وذهبوا إلى الشيخ وسألوه فقال : دعوه على ما هو عليه واجنبوا عنه ، احفروا من يمين أو من يسار.

                                فبناء على ذلك قال العلماء : إن الروح قد تتصل في البدن فيكون العذاب على هذا وهذا ، وربما يستأنس لذلك بالحديث الذي قال فيه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : "إن القبرليطبق على الكافر حتى تختلف أضلاعه" فهذا يدل على أن العذاب يكون على الجسم لأن الأضلاع في الجسم والله أعلم.

                                فإن قال قائل : نحن نرى الميت الكافر إذا حفرنا قبره بعد يوم أو يومين؛ نرى أضلاعه لم تختلف وتتداخل من الضيق؟!

                                فالجواب كما سبق : أن هذا من عالم الغيب، ومن الجائز أن تكون مختلفة؛ فإذا كشف عنها، أعادها الله، وردّ كل شئ إلى مكانه؛ امتحاناً للعباد، لأنها لو بقيت مختلفة ونحن قد دفناه وأضلاعه مستقيمة؛ صار الإيمان بذلك إيمان شهادة.


                                فإن قال قائل: لو أن هذا الرجل تمزق أوصالاً، وأكلته السباع، وذرته الرياح، فكيف يكون عذابه، وكيف يكون سؤاله؟!

                                فالجواب: أن الله عز وجل على كل شئ قدير، وهذا أمر غيبي : فالله عز وجل قادر على أن يجمع هذه الأشياء في عالم الغيب، وإن كنا نشاهدها في الدنيا متمزقه متباعده، لكن في عالم الغيب ربما يجمعها الله.

                                فانظر الى الملائكه تنزل لقبض روح الأنسان في المكان نفسه: كما قال تعالى: "ونحن أقرب اليه منكم ولكن لا تبصرون" ومع ذلك لا نبصرهم.

                                وملك الموت يكلم الروح، ونحن لا نسمع.

                                وجبريل يتمثل أحيانا للرسول عليه الصلاه والتسليم ويكلمه بالوحي في نفس المكان و الناس لا ينظرون ولا يسمعون.

                                فعالم الغيب لا يمكن أبداً أن يقاس بعالم الشهادة، وهذه من حكمة الله عز وجل، فنفسك التي في جوفك ما تدري كيف تتعلق ببدنك؟! كيف هي موزعة على البدن؟! وكيف تخرج منك عند النوم؟! هل تحس بها عند استيقاظك بأنها ترجع؟! من أين تدخل لجسمك؟!

                                فعالم الغيب ليس فيه إلا التسليم، ولا يمكن فيه القياس إطلاقاً فالله عز وجل قادر على أن يجمع هذه المتفرقات من البدن المتمزق الذي ذرته الرياح ثم يحصل عليه المساءلة والعذاب أو النعيم، لأن الله سبحانه على كل شئ قدير

                                (شرح الواسطية لابن عثيمين)

                                يتبع ...
                                أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                                والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                                وينصر الله من ينصره

                                تعليق

                                مواضيع ذات صلة

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                ابتدأ بواسطة الكاتب عزالدين بن راشو, 29 يول, 2022, 09:44 ص
                                ردود 0
                                59 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة الكاتب عزالدين بن راشو  
                                ابتدأ بواسطة أحمد محمدالألفى, 31 ماي, 2022, 07:13 م
                                ردود 0
                                49 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة أحمد محمدالألفى  
                                ابتدأ بواسطة عادل خراط, 26 فبر, 2022, 01:32 م
                                ردود 0
                                39 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة عادل خراط
                                بواسطة عادل خراط
                                 
                                ابتدأ بواسطة عادل خراط, 24 سبت, 2021, 08:29 م
                                ردود 11
                                112 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة عادل خراط
                                بواسطة عادل خراط
                                 
                                ابتدأ بواسطة Mohamed Karm, 3 أغس, 2021, 12:28 م
                                ردود 0
                                85 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة Mohamed Karm
                                بواسطة Mohamed Karm
                                 
                                يعمل...
                                X