الرد على كتاب الإسلام بدون حجاب

تقليص

عن الكاتب

تقليص

abubakr_3 مسلم اكتشف المزيد حول abubakr_3
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16

    مرحلة الاستضعاف ومرحلة الجهاد:

    وتحت (مرحلة الاستضعاف ومرحلة الجهاد) يتكلم الكاتب عن مرحلة مكة التى كان فيها الرسول والمسلمون فى حالة ضعف وهوان على الناس، ولم يفرض عليهم فيها حتى الدفاع عن أنفسهم، وقد استمرت هذه المرحلة 13 سنة. بعدها هاجر الرسول  إلى المدينة، وبعد تزايد أعداد المسلمين، وتكوين دولة الإسلام، فُرض عليهم الجهاد دفاعًا عن الدعوة والنفس والممتلكات.

    وأقول له:

    ألا يدل هذا على تشابه بين النبييبن موسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام؟ وهذا تطبيق عملى لنبوءة الرب فى سفر التثنية (18: 18). لقد كان كل منهم مستضعف فى بلده، ولما هاجر كل منهما بعيدًا عن رموز الفساد وأصبحت له القيادة أمرهما الله بالدفاع عن العقيدة، مع الفارق الكبير بين ما يقوله الكتابان فى كيفية الحرب.

    ألا يحق للمرء أن يدافع عن نفسه؟ ألا يحق لنبى أن يدافع عن المؤمنين والدعوة كما أمره الله تعالى دون إفراط أو تفريط؟ ألم يأمر الرب موسى بعد خروجه من مصر بقتل ثلاثة آلاف من أتباعه اللاويين الذى عبدوا العجل؟ (26وَقَفَ مُوسَى فِي بَابِ الْمَحَلَّةِ وَقَالَ: «مَنْ لِلرَّبِّ فَإِلَيَّ!» فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمِيعُ بَنِي لاَوِي. 27فَقَالَ لَهُمْ: «هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: ضَعُوا كُلُّ وَاحِدٍ سَيْفَهُ عَلَى فَخِْذِهِ وَمُرُّوا وَارْجِعُوا مِنْ بَابٍ إِلَى بَابٍ فِي الْمَحَلَّةِ وَاقْتُلُوا كُلُّ وَاحِدٍ أَخَاهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ قَرِيبَهُ». 28فَفَعَلَ بَنُو لاَوِي بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. وَوَقَعَ مِنَ الشَّعْبِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ نَحْوُ ثَلاَثَةِ آلاَفِ رَجُلٍ) خروج 32: 26-28

    ألم يحارب موسى والأنبياء من بعده، وأيَّد يسوع منهجهم بقوله إنه لم يأت ناقضًا للناموس أو الأنبياء: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ.) متى 5: 16-17

    وذلك كله مع الفارق الكبير، حيث لم يجبر المسلمون إنسانًا فى التاريخ على اعتناق الإسلام، وكان الإجبار على قبول ملكوت الله، أى حكم الله تعالى، مصداقًا لما أخبر به يسوع اليهود من قبل: (42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ». 45وَلَمَّا سَمِعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ أَمْثَالَهُ عَرَفُوا أَنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَيْهِمْ. 46وَإِذْ كَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يُمْسِكُوهُ خَافُوا مِنَ الْجُمُوعِ لأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ مِثْلَ نَبِيٍّ.) متى 21: 42-46

    فما الذى يخيفكم من إظهار الدعوة، والتعريف بحقيقتها للناس، ثم من شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر؟ لماذا تشوهون الإسلام وتقفون حيلولة دون وصوله سليمًا ساطعًا ناصعًا للناس؟ فهل لمصلحة شخصية ومنفعة ذاتية؟ وهل الثمن الذى تتمتعون به فى الدنيا يساوى التخلى عن الآخرة، وعذاب الله وغضبه عليكم؟ أتبيعون آخرتكم بدنياكم؟ أتقفون ضد الله نصرةً للشيطان؟

    أليس من العقل أن يحارب بعد أن يكون له أتباع، ودولة يقاتل من أجلها؟ هل من العقل أن يقف بمفرده أما جيش من الأعداء؟ ألا تقاتل الدول فى كل العصور دفاعًا عن مصالحها ومصالح شعبها؟ أليس من واجب على رسول الله أن يأتمر بأمر الله؟

    لكن هل من المنطق أن يحارب الإنسان جيشًا بمفرده أو بعدة أفراد ضعفاء معه؟ ألم يفعل يسوع هذا، وأمر تلاميذه ببيع ملابسهم وشراء سيوفًا، ثم تراجع؟ (36فَقَالَ لَهُمْ: «لَكِنِ الآنَ مَنْ لَهُ كِيسٌ فَلْيَأْخُذْهُ وَمِزْوَدٌ كَذَلِكَ. وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ وَيَشْتَرِ سَيْفًا. 37لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَتِمَّ فِيَّ أَيْضًا هَذَا الْمَكْتُوبُ: وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ. لأَنَّ مَا هُوَ مِنْ جِهَتِي لَهُ انْقِضَاءٌ». 38فَقَالُوا: «يَا رَبُّ هُوَذَا هُنَا سَيْفَانِ». فَقَالَ لَهُمْ: «يَكْفِي!».) لوقا 22: 36-37

    لكن إن كنت تقصد أن الإسلام انتشر بعد أن قويت دولة الرسول  أكره الناس على الإيمان، فهذا اعتقاد خاطىء وتحامل على التاريخ، إن لم يكن تزويرًا له. فآية عدم الإكراه فى الدين جاءت فى سورة مدنية، أى نزلت فى المدينة بعد أن قويت دولة الرسول ، وهو نفس مبدأ القرآن الذى جاء من قبل فى السور المكية:
    وقال: (أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ) يونس 99 وهى سورة مكية
    وقال: (فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) الكهف 29 وهى سورة مكية
    (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) البقرة 256 (مدنية)


    اقرأ كيفية نشر الرسول  الإسلام بحلمه وعفوه:

    سماحة الرسول ورحمته:
    فسيرته من التسامح مع أناس أُسروا وهم على شركهم، ولم يلجئهم على الإسلام، بل تركهم واختيارهم، ويرد هذه الفرية ويقتلعها من أساسها: فقد ذكر الثقات من كُتَّاب السير والحديث أن المسلمين أسروا في سرية من السرايا سيد بني حنيفة ـ ثمامة بن أُثال الحنفي - وهم لا يعرفونه، فأتوا به إلى رسول الله  فعرفه وأكرمه، وأبقاه عنده ثلاثة أيام، وكان في كل يوم يعرض عليه الإسلام عرضًا كريمًا فيأبى ويقول: إن تسأل مالًا تُعطه، وإن تقتل تقتل ذا دمٍ، وإن تنعم تنعم على شاكر، فما كان من النبي  إلا أن أطلق سراحه.

    ولقد استرقت قلب ثمامة هذه السماحة الفائقة، وهذه المعاملة الكريمة، فذهب واغتسل، ثم عاد إلى النبي  مسلمًا مختارًا، وقال له: يا محمد، والله ما كان على الأرض من وجه أبغض إليَّ من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلى. والله ما كان على الأرض من دين أبغض إلىَّ من دينك، فقد أصبح دينك أحب الدين إليَّ. والله ما كان من بلد أبغض إلى من بلدك، فقد أصبح أحب البلاد إليَّ. وقد سر رسول الله  بإسلامه سرورًا عظيمًا، فقد أسلم بإسلامه كثير من قومه.

    ولم يقف أثر هذا التسامح في المعاملة عند إسلام ثمامة وقومه بل كانت له آثار بعيدة المدى في تاريخ الدعوة الإسلامية، فقد ذهب مكة معتمرًا، فهمَّ أهلها أن يؤذوه ولكنهم ذكروا حاجتهم إلى حبوب اليمامة، فآلى على نفسه أن لا يرسل لقريش شيئًا من الحبوب حتى يؤمنوا، فجهدوا جهدًا شديدًا فلم يرَوا بُدًّا من الاستغاثة برسول الله .

    ترى ماذا كان من أمر رسول الله  معهم؟ أيدع ثمامة حتى يلجئهم بسبب منع الحبوب عنهم إلى الإيمان به وبدعوته؟ لا، لقد عاملهم بما عرف عنه من التسامح، وأن لا إكراه في الدين، فكتب إلى ثمامة أن يخلِّي بينهم وبين حبوب اليمامة، ففعل، فما رأيك فى هذا التسامح؟

    هل عرفت المسيحية أو اليهودية أو دين آخر هذا التسامح؟


    فيسوع الذى يرى فى العهد القديم وأسفار الأنبياء القدوة التى يجب أن تُحتذى بقوله: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ.) متى 5: 16-17

    وبقوله: (28مَنْ خَالَفَ نَامُوسَ مُوسَى فَعَلَى شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يَمُوتُ بِدُونِ رَأْفَةٍ.) عبرانيين 10: 28

    فأين هذا العفو، والسمو من قول العهد الجديد: (14لاَ تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لأَنَّهُ أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟ 15وَأَيُّ اتِّفَاقٍ لِلْمَسِيحِ مَعَ بَلِيعَالَ؟ وَأَيُّ نَصِيبٍ لِلْمُؤْمِنِ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ؟ 16وَأَيَّةُ مُوَافَقَةٍ لِهَيْكَلِ اللهِ مَعَ الأَوْثَانِ؟) كورنثوس الثانية 6: 14-16

    عفوه وحلمه:
    وإليك قصة أخرى: لما فتح النبي  مكة ودخلها ظافرًا منتصرًا كان صفوان بن أمية ممن أهدرت دماؤهم؛ لشدة عداوتهم للإسلام، والتأليب على المسلمين، فاختفى وأراد أن يذهب ليلقي بنفسه في البحر، فجاء ابن عمه عمير بن وهب الجمحي وقال: يا نبي الله، إن صفوان سيد قومه، وقد هرب ليقذف نفسه في البحر فأمِّنه، فأعطاه عمامته، فأخذها عمير حتى إذا لقي صفوان قال له: (فداك أبي وأمي. جئتك من عند أفضل الناس وأبر الناس، وأحلم الناس، وخير الناس، وهو ابن عمك، وعزه عزك، وشرفه شرفك، وملكه ملكك) فقال صفوان: إني أخافه على نفسي. قال عمير: هو أحلم من ذلك وأكرم، وأراه علامة الأمان وهي العمامة؛ فقبل برده، فرجع إلى رسول الله فقال: إن هذا يزعم أنك أمنتني، فقال النبي: "صدق". فقال صفوان: أمهلني بالخيار شهرين، فقال له رسول الله : (بل أربعة أشهر)، ثم أسلم بعد وحسن إسلامه.

    فهل بعد هذه الحجج الدامغة يتقوَّل متقوِّل على الإسلام زاعمًا أنه قام على السيف والإكراه؟ !.

    وهل من يُكره على شيء، يمكث فيه، ولا يحاول التحلل منه إذا وجد الفرصة سانحة له، أو على الأقل يكون منافقًا يكيد له، ويحاول النيل منه فى أى لحظة؟ ولكن التاريخ الصادق يكذب هذا، فنحن نعلم أن العرب ثبتوا على ما تركهم عليه الرسول، وحملوا الرسالة، وبلَّغوا الأمانة كأحسن ما يكون البلاغ إلى الناس كافة، ولم يزالوا يكافحون ويجاهدون في سبيل تأمين الدعوة وإزالة العوائق من طريقها حتى بلغت ما بلغ الليل والنهار في أقل من قرن من الزمان، ومن يطَّلع على ما صنعه العرب في حروبهم وفتوحاتهم لا يسعه إلا أن يجزم بأن هؤلاء الذين باعوا أنفسهم رخيصة لله، لا يمكن أن يكون قد تطرق الإكراه إلى قلوبهم، وفي صحائف البطولة التي خطوها أقوى برهان على إخلاصهم وصدق إيمانهم، وسل سهول الشام وسهول العراق، وسل اليرموك والقادسية، وسل شمال إفريقيا تخبرك ما صنع هؤلاء الأبطال.

    ثم ما رأي هؤلاء المفترين على الإسلام في حالة المسلمين لمَّا ذهبت ريحهم، وانقسمت دولتهم الكبرى إلى دويلات، وصاروا شيعًا وأحزابًا وتعرضوا لمحن كثيرة في تاريخهم الطويل كمحنة التتار، والصليبيين في القديم، ودول الاستعمار في الحديث، وكل محنة من هذه المحن كانت كافية للمكرهين على الإسلام أن يتحللوا منه ويرتدوا عنه، فأين هم الذين ارتدوا عنه؟

    إن الإحصائيات الرسمية لتدل على أن عدد المسلمين في ازدياد على الرغم من كل ما نالهم من اضطهاد وما تعرضوا له من عوامل الإغراء، وقد خرجوا من هذه المحن بفضل إسلامهم وهم أصلب عودًا وأقوى عزيمة على استرداد مجدهم التليد وعزتهم الموروثة.

    بل ما رأي هؤلاء في الدول التي لم يدخلها مسلم مجاهد بسيفه؟ وإنما انتشر فيها الإسلام بوساطة العلماء والتجار والبحّارة كأندونيسيا، والصين، وبعض أقطار إفريقيا، وأوروبا وأمريكا، فهل جرَّد المسلمون جيوشًا أرغمت هؤلاء على الإسلام؟

    لقد انتشر الإسلام في هذه الأقطار بسماحته، وقربه من العقول والقلوب، وها نحن نرى كل يوم من يدخل في الإسلام، وذلك على قلة ما يقوم به المسلمون من تعريف بالإسلام، ولو كنا نجرد للتعريف به عشر معشار ما يبذله الغربيون من جهد ومال لا يحصى في سبيل التبشير بدينهم وحضارتهم، لدخل في الإسلام ألوف الألوف في كل عام.

    فتاريخ المسلمين شاهد على بقاء غير المسلمين في دولة الإسلام دون أن يكرهوا على تغيير دينهم. وقد اعترف بذلك كثير من المستشرقين أنفسهم.فقد قال توماس كارليل صاحب كتاب "الأبطال ..": «إن اتهامه ـ  ـ بالتعويل على السيف في حمل الناس على الاستجابة لدعوته سخف غير مفهوم؛ إذ ليس مما يجوز في الفهم أن يشهر رجل فرد سيفه ليقتل به الناس، أو يستجيبوا له، فإذا آمن به من لا يقدرون على حرب خصومهم، فقد آمنوا به طائعين مصدقين، وتعرضوا للحرب من غيرهم قبل أن يقدروا عليها» (حقائق الإسلام وأباطيل خصومه) للعقاد صـ227

    وقال المستشرق الألماني أولرش هيرمان: «الذي لفت نظري أثناء دراستي لهذه الفترة – فترة العصور الوسطى- هو درجة التسامح التي تمتع بها المسلمون، وأخص هنا صلاح الدين الأيوبي، فقد كان متسامحًا جدًا تجاه المسيحيين. [فى الوقت الذى] لم تمارس المسيحية الموقف نفسه تجاه الإسلام».

    وقال المفكر الفرنسي هنري دي كاستري: «قرأت التاريخ وكان رأيي بعد ذلك أن معاملة المسلمين للمسيحيين تدل على ترفع في المعاشرة عن الغلظة وعلى حسن مسايرة ولطف مجاملة وهو إحساس لم يشاهد في غير المسلمين آن ذاك».

    ويقول "هنرى دى كاستيرى" أيضًا: "إن دخول أهل الذمة فى الإسلام كان يحتاج إلى محضر يثبت أمام القاضى ويوضح فيه أن المسيحى الذى اعتنق الإسلام دخل فيه عن اقناع تام غير خائف أو مكره، وأن خلفاء بنى أمية لم ينظروا بعين الرضا إلى كثرة دخول المسيحين فى الإسلام. وذلك لانخفاض الضرائب المجبية نتيجة نقص الجزية، فقد هبطت الضرائب أيام معاوية إلى النصف عما كانت عليه أيام عثمان لتزاحم الأقباط على دخول الإسلام، ومن أجل ذلك ضيق الخلافاء باب دخول الإسلام، واستدل على رأيه بما كتبه حيان إلى عمر بن عبد العزيز إذ قال له: إذا دامت الحال فى مصر على ما هى عليها الآن، أصبح مسيحيوا البلاد مسلمين، وخسرت الخلافة ما تجتبيه من أموال، فأرسل إليه عمر بن العزيز "ويحك إن الله قد بعث محمد  هاديًا ولم يبعثه جابيًا." (التعصب والتسامح بين الاسلام والمسيحية – الشيخ محمد الغزالى ص188)

    وقال الفيلسوف والمؤرخ الأمريكي الشهير ول ديورانت: «كان أهل الذمة المسيحيون، والزردشتيون، واليهود، والصابئون يستمتعون في عهد الخلافة الأموية بدرجة من التسامح لا نجد نظيرًا لها في المسيحية في هذه الأيام. فلقد كانوا أحرارًا في ممارسة شعائر دينهم، واحتفظوا بكنائسهم ومعابدهم.. وكانوا يتمتعون بحكم ذاتي يخضعون فيه لزعمائهم وقضاتهم وقوانينهم».

    وقال الدكتور جورج حنا من نصارى لبنان: «إن المسلمين العرب لم يعرف عنهم القسوة والجور في معاملتهم للمسيحيين بل كانوا يتركون لأهل الكتاب حرية العبادة وممارسة طقوسهم الدينية، مكتفين بأخذ الجزية منهم».

    ويقول المؤرخ الفرنسي جوستاف لوبون في كتابه (حضارة العرب): (إن العالم لم يعرف فاتحين أعدل ولا أرحم من العرب). ويتحدث عن صور من معاملة المسلمين لغير المسلمين فيقول: "وكان عرب أسبانيا خلا تسامحهم العظيم يتصفون بالفروسية المثالية فيرحمون الضعفاء ويرفقون بالمغلوبين ويقفون عند شروطهم وما إلى ذلك من الخلال التي اقتبستها الأمم النصرانية بأوربا منهم مؤخرًا."

    ويقول (رينان) في كتابه "تاريخ غزوات العرب في فرنسا وسويسرا: "إن المسلمين كانوا يعاملون المسيحيين بالحسنى" .

    ويقول (توينبي): "بل كان المسلمون على خلاف غيرهم، إذ يظهر لنا أنهم لم يألوا جهدًا في أن يعاملوا كل رعاياهم من المسيحيين بالعدل والقسطاس".

    ويقول البطريرك بنيامين، الأسقف الأعلى للأقباط في مصر، بعد ثلاث عشرة سنة من الاضطهاد والتغريب والتهجير القسري: "لقد وجدت في مدينة الاسكندرية زمن النجاة والطمأنينة اللتين كنت أنشدهما بعد الاضطهادات والمظالم التي قام بتمثيلها الرومان الظالمون المارقون."

    وقال المستشرق الإنجليزي البارز السير آرنولد توماس: "إن الفكرة التي شاعت بأن السيف كان العامل في تحويل الناس إلى الإسلام بعيدة عن التصديق.. إن نظرية العقيدة الإسلامية تلتزم التسامح وحرية الحياة الدينية لجميع أتباع الديانات الأخرى".

    وقال أيضًا: "لقد صادفت شريعة محمد ترحيبًا لا مثيل له في العالم، وإن الذين يتخيلون أنها انتشرت بحد السيف إنما ينخدعون انخداعًا عظيمًا".

    وقال أيضًا: "إن مجرد وجود عدد كبير جدًّا من الفرق والجماعات المسيحية في الأقطار التي ظلت قرونًا في ظل الحكم الإسلامي لدليل ثابت على ذلك التسامح الذي نعم به هؤلاء المسيحيون".

    ويقول المستشرق توماس أرنولد، فيقول: "لقد عامل المسلمون الظافرون العرب المسيحيين بتسامح عظيم منذ القرن الأول للهجرة، واستمر هذا التسامح في القرون المتعاقبة، ونستطيع أن نحكم بحق أن القبائل المسيحية التي اعتنقت الإسلام قد اعتنقته عن اختيار وإرادة حرة، وأن العرب المسيحيين الذين يعيشون في وقتنا هذا بين جماعات المسلمين لشاهدة على هذا التسامح".

    وأكرر قوله: "إن هذه القبائل المسيحية التي اعتنقت الإسلام إنما فعلت ذلك عن اختيار، وإرادة حرة، وإن العرب المسيحيين الذين يعيشون في وقتنا هذا بين جماعات مسلمة لَشَاهدٌ على هذا التسامح".

    ويقول أيضًا ص 73: "ولما بلغ الجيش الإسلامي وادي الأردن، وعسكر أبو عبيدة في بلدة فحل، كتب الأهالي النصارى في تلك البلاد إلى العرب الفاتحين يقولون: يا معشر المسلمين! أنتم أحب إلينا من الروم، وإن كانوا على ديننا، وأنتم أوفى لنا وأرأف بنا، وأكفُّ عن ظلمنا، وأحسن ولاية علينا، ولكنهم غلبونا على أمرنا".

    وقال: "وغلَّق أهل حمص أبواب مدينتهم، دون جيش هرقل، وأبلغوا المسلمين أن ولايتهم وعدلهم أحب إليهم من ظلم الإغريق والروم وتعسفهم."

    ويقول سير توماس أرنولد أيضًا فى كتابه (الدعوة إلى الإسلام): "ولكننا لم نسمع عن أية محاولة مدبرة لإرغام الطوائف من غير المسلمين على قبول الإسلام، أو عن أي اضطهاد مُنظَّم قُصِد منه استئصالُ الدين المسيحي، ولو اختار الخلفاء تنفيذ إحدى الخطتين لاكتسحوا المسيحية بتلك السهولة التي أقصى بها (فرديناند، وإيزابيلا) دين الإسلام من أسبانيا، أو التي جعل بها "لويس الرابع عشر" المذهب البروتستانتي مذهبًا يُعاقَبُ عليه متبعوه في فرنسا، أو بتلك السهولة التي ظل بها اليهود مُبعَدين عن انجلترا مدة خمسين وثلاثمائة سنة، وكانت الكنائس الشرقية في آسيا قد انعزلت انعزالاً تامًّا عن سائر العالم المسيحي الذي لم يوجد في جميع أنحائه أحدٌ يقف في جانبهم باعتبارهم طوائف خارجة عن الدين، ولهذا فإن مجرد بقاء هذه الكنائس حتى الآن ليحمل في طياته الدليل القوي على ما أقدمت عليه سياسة الحكومات الإسلامية بوجه عام من تسامح نحوهم".

    وقال مرماديوك: "إن المسلمين يمكنهم أن ينشروا حضارتهم بنفس السرعة التي نشروها بها سابقًا، إذا رجعوا إلى الأخلاق التي كانوا عليها حينما قاموا بدورهم الأول، لأن هذا العالم الخاوي لا يستطيع أن يقف أمام حضارتهم".

    وقال الأنبا جريجوريوس: "لقد لقيت الأقليات غير المسلمة - والمسيحيون بالذات – في ظل الحكم الإسلامي الذي كانت تتجلَّى فيه روح الإسلام السمحة كل حرية وسلام وأمن في دينها ومالها وعرضها". مجلة المجتمع، عدد 1748، بتاريخ 21/4/2007

    وقال المؤرخ اليهودي الإنجليزي الكبير برنارد لويس: "وعندما انتهى الحكم العثماني في أوروبا، كانت الأمم المسيحية التي حكمها العثمانيون خلال عدة قرون لا تزال هناك بلغاتها وثقافاتها ودياناتها وحتى – إلى حَدٍّ ما - بمؤسساتها، كل هذه الأمور بقيت سليمة وجاهزة لاستئناف وجودها الوطني المستقل، أما أسبانيا وصقلية فليس فيهما اليوم مسلمون أو ناطقون بالعربية". .... "إن الفلاحين في المناطق التي غُزِيت – من الأتراك - قد تمتعوا بدورهم بتحسن كبير في أوضاعهم، وقد جلبت الحكومة الإمبراطورية العثمانية الوحدة والأمن مكان الصراع والفوضى، وكان الفلاحون يتمتعون بقدر من الحرية في حقولهم أكبر بكثير من ذي قبل، وكانت الضرائب التي يدفعونها تُقدَّر بصورة مخففة، وتُجمَع بطريقة إنسانية".

    ويقول هنري دي شامبون مدير مجلة (ريفي بارلمنتير) الفرنسية: "لولا انتصار جيش شارل مارتل الهمجي على العرب المسلمين في فرنسا لما وقعت بلادنا في ظلمات القرون الوسطى ولما أصيبت بفظائعها ولا كابدت المذابح الأهلية التي دفع إليها التعصب الديني المذهبي، لولا ذلك الانتصار الوحشي على المسلمين في بواتييه لظلت أسبانيا تنعم بسماحة الإسلام ولنجت من وصمة محاكم التفتيش ولما تأخر سير المدنية ثمانية قرون ومهما اختلفت المشاعر والآراء حول انتصارنا ذاك فنحن مدينون للمسلمين بكل محامد حضارتنا في العلم والفن والصناعة مدعوون لأن نعترف بأنهم كانوا مثال الكمال البشري في الوقت الذي كنا فيه مثال الهمجية."

    ويقول المستشرق دوزي: "إن تسامح ومعاملة المسلمين الطيبة لأهل الذمة أدى إلى إقبالهم على الإسلام وأنهم رأوا فيه اليسر والبساطة مما لم يألفوه في دياناتهم السابقة."

    ويقول المستشرق بارتولد: "إن النصارى كانوا أحسن حالا تحت حكم المسلمين إذ أن المسلمين اتبعوا في معاملاتهم الدينية والاقتصادية لأهل الذمة مبدأ الرعاية والتساهل."

    ويقول أندرو باترسو ، وهو أحد الكتاب الأمريكيين المعاصرين: "إن العنف باسم الإسلام ليس من الإسلام في شيء بل إنه نقيض لهذا الدين الذي يعني السلام لا العنف."

    ويقول الشاعر الأمريكي رونالد ركويل بعد أن أشهر إسلامه: "لقد راعني حقا تلك السماحة التي يعامل بها الإسلام مخالفيه سماحة في السلم وسماحة في الحرب والجانب الإنساني في الإسلام واضح في كل وصاياه."

    وقال الأنبا شنودة: "إن الأقباط، في ظل حكم الشريعة، يكونون أسعد حالاً وأكثر أمنًا، ولقد كانوا كذلك في الماضي، حينما كان حكم الشريعة هو السائد.. نحن نتوق إلى أن نعيش في ظل "لهم ما لنا، وعليهم ما علينا". إن مصر تجلب القوانين من الخارج حتى الآن، وتطبقها علينا، ونحن ليس عندنا ما في الإسلام من قوانين، فكيف نرضى بالقوانين المجلوبة، ولا نرضى بقوانين الإسلام؟!!" صحيفة الأهرام المصرية، 6 مارس 1985م.
    وهذا اعتراف من القادة الغربيين بقدرات محمد :

    يقول الكاتب المسرحي البريطاني جورج برنارد شو الذى رفض أن يكون أداة لتشويه صورة الرسول  وأن يمسرح حياة النبي، ومما قاله عن الإسلام ورسوله: "قرأت حياة رسول الإسلام جيدًا، مرات ومرات لم أجد فيها إلا الخلق كما يجب أن يكون، وأصبحت أضع محمدًا في مصاف بل على قمم المصاف من الرجال الذين يجب أن يتبعوا".

    ويقول برتراند راسل أحد فلاسفة بريطانيا الكبار والحاصل على جائزة نوبل للسلام عام 1950: "لقد قرأت عن الإسلام ونبي الإسلام فوجدت أنه دين جاء ليصبح دين العالم والإنسانية، فالتعاليم التي جاء بها محمد والتي حفل بها كتابه مازلنا نبحث ونتعلق بذرات منها وننال أعلى الجوائز من أجلها".

    وقال المستشرق الإيطالى مراتشي، ومترجم معانى القرآن الكريم إلى اللاتينية: "لو قارن إنسان بين أسرار الحالة الطبيعية البسيطة التي فاقت طاقة الذكاء البشري، أو التي هي على الأقل من الصعوبة بمكان، إن لم تكن مستحيلة (العقيدة المسيحية) وبين عقيدة الرهبنة، وكان الناس في الواقع مشركين يعبدون زمرة من الشهداء والقديسين والملائكة، كما كانت الطبقات العليا مخنثة يشيع فيها الفساد، والطبقات الوسطى مرهقة بالضرائب، ولم يكن للعبيد أمل في حاضرهم ولا مستقبلهم، فأزال الإسلام، بعون من الله، هذه المجموعة من الفساد والخرافات، لقد كان ثورة على المجادلة الجوفاء في العقيدة، وحجة قوية ضد تمجيد الرهبانية باعتبارها رأس التقوى.. ولقد بين أصول الدين التي تقول بوحدانية الله وعظمته، كما بين أن الله، رحيم عادل يدعو الناس إلى الامتثال لأمره والإيمان به وتفويض الأمر إليه. وأعلن أن المرء مسؤول، وأن هناك حياة آخرة ويومًا للحساب، وأعد للأشرار عقاباً أليماً، وفرض الصلاة والزكاة والصوم وفعل الخير، ونبذ الكذب والدجل الديني والترهات والنزعات الأخلاقية الضالة وسفسطة المنازعين في الدين، وأحل الشجاعة محل الرهبنة، ومنح العبيد رجاء، والإنسانية إخاء، ووهب الناس إدراكاً للحقائق الأساسية، التي تقوم عليها الطبيعة البشرية"

    قال وول ديورانت فى قصة الحضارة: «وإذا حكمنا على العظمة بما كان للعظيم من أثر في الناس قلنا أن محمدًا كان من أعظم عظماء التاريخ، فقد أخذ على نفسه أن يرفع المستوى الروحي والأخلاقي في شعب ألقت به في دياجير الهمجية حرارة الجو وجدب الصحراء، وقد نجح في تحقيق هذا الغرض نجاحًا لم يدانه فيه أي قائد آخر في التاريخ كله، وقل أن نجد إنسانًا غيره حقق كل ما كان يحلم به. وقد وصل إلى ما كان يبتغيه عن طريق الدين. ولم يكن ذلك لأنه هو نفسه كان شديد التمسك بالدين وكفى، بل لأنه لم يكن ثمة قوة غير قوة الدين تدفع العرب في أيامه إلى سلوك ذلك الطريق الذي سلكوه، فقد لجأ إلى خيالهم، وإلى مخاوفهم وآمالهم، وخاطبهم على قدر عقولهم، وكانت بلاد العرب عندما بدأت الدعوة صحراء جدباء، تسكنها قبائل من عبدة الأوثان، قليل عددها، متفرقة كلمتها، وأصبحت عند وفاته أمة موحدة متماسكة، وقد كبح جماح التعصب والخرافات، وأقام فوق اليهودية والمسيحية، ودين بلاده القديم، دينًا سهلًا واضحًا قويًا، وصرحًا خلقيًا قوامه البسالة والعزة القومية واستطاع في جيل واحد أن ينتصر في مائة معركة، وفي قرن واحد أن ينشئ دولة عظيمة، وأن يبقى إلى يومنا هذا، قوة ذات خطر عظيم في نصف العالم». (قصة الحضارة (ويل ديورانت) ج2 من مج4 ـ عصر الإيمان ـ ص47)

    ألا يجب بعد أن علمت جزءًا من حقيقة هذا الدين أن يُشكر هؤلاء الذين يقومون بدعوة كبار السياسيين والاقتصاديين والعلماء فى العالم إلى اعتناق الإسلام؟

    أليس علماء العالم وحكمائه هم أجدر الناس على تقييم هذا الدين؟

    ألا يدل هذا على ثقتهم على قدرة الإسلام على إصلاح العالم؟

    ألا يدل هذا على محبتهم للعالم، ومحاولتهم إنقاذه فى الدنيا من بطش حاكم، وإذلال اقتصاد مغرض، وتعرضهم لغضب الله تعالى عليهم، وفى الآخرة من نار وقودها الناس والحجارة، كلما خبت زادها الله سعيرا؟

    لذلك فإن عظمة هذا الدين لا تخفى إلا على من جهل حقيقة الإسلام، أو عميت بصيرته عنه، أو كان به لوثة من هوى أو حقد مقيت. وإلا فإن سماحة الإسلام في المعاملة وتيسيره في كل أموره، ظاهر بأدنى تأمل لمن طلب الحق وسعى إلى بلوغه والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

    وأتعجب حقًا: كيف تكتب أنت فى هذا الموضوع ولا ترى ما رآه هؤلاء، وأنت تعيش بين أظهر المسلمين، ودرست تاريخهم، وسمعت عن تعاليمهم؟!

    أسأل الله لك الهداية والإصلاح وأن يبصرك بالحق، ويقوِّيك على اتباعه، وينزع منك التعصُّب الأعمى، ويهديك إلى الصراط المستقيم!


    تعليق


    • #17
      هل هناك تحوُّل فى عقيدة التسامح بين الفترتين المكية والمدينية؟

      يواصل كاتب (الإسلام بدون غطاء) قوله إن محمدًا كان ضعيفًا فى مكة، (يكافح من أجل أن يحوز القبول. وكان في كثير من الأحيان يقابل بالاستهزاء والسخرية. وقد حاول في البداية أن يكون محباً وعطوفاً، فكانت تعاليمه تنهى عن العنف والظلم وإهمال الفقير واليتيم. أما بعد أن هاجر الى المدينة وقوي باعه فقد تحول الى محارب صنديد لا يرحم، مصمماً على نشر دينه بحد السيف.)

      سبحان الله! ربنا ينزع منك هذا التعصُّب الأعمى الدفين!

      سبق لنا القول أن آية عدم الإكراه فى الدين جاءت فى سورة البقرة، وهى سورة مدنية.
      أى عكس ما يدعيه الكاتب، من أن الرسول  كان مصممًا على نشر دينه بحد السيف وإجبار الناس على اعتناق دينه. وكان ذلك طوال فترات الدعوة: فى العهد المكى وفى العهد المدنى. ويكفينا أن نذكر أنه بعد أن تكون للمسلمين جيشًا وأصبحت قوته تفوق قوة المشركين العرب، ودخل رسول الله  مكة فاتحًا منتصرًا على أهلها الذين أهانوه وسفهوه، وحاربوا دعوته، ونكَّلوا بأتباعه وعذبوهم، وصادروا أموالهم وتجارتهم، وقتلوا بعضهم، وكان ذلك فى السنة الثامنة من الهجرة، أى قبل وفاته بثلاث سنوات، سامحهم وأصدر عفوًا عامًا عنهم كلهم، إلا مجرمى الحرب منهم، وكان عددهم عشرة أفراد، ولم يُنفذ حكم الإعدام إلا فى أربعة منهم فقط. ألا يكفى هذا للرد على ادعئكم أنه استعمل السيف والقتل وإجبار غير المسلمين على اعتناق الإسلام؟

      أكرر مرة أخرى: فى السنة الثامنة بعد الهجرة، وقبل موته  بثلاث سنوات، فتح الرسول  مكة. وكان لقاؤه مع أهل مكة الذين ناصبوه العداء، وأخرجوه من أحب أرض الله إلى قلبه – مكة – وخاضوا حروبًا ضده في بدر وأُحد والخندق، فقتلوا من المسلمين وقُتل منهم، وأسروا من المسلمين وأُسر منهم، وردّوه عام الحديبية وقد جاء إلى مكة حاجًّا معتمرًا، وأساؤوا إلى أصحابه فعذبوهم وطردوهم وأخرجوهم، ومع كل ذلك فإنه يوم الفتح، وبعد أن منّ الله على المسلمين بنصر ميمون، وسقط الشرك والباطل في عاصمة الجزيرة العربية، قال يومها لجموع أهل مكة وقد احتشدوا واصطفوا للقائه، ينتظرون ماذا هو فاعل بهم. قال: ماذا تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا أخ كريم وابن أخ كريم. قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء. فما أعظم هذا الخُلُق! وما أروع هذه الخصال!

      قارن هذا بما يعلمه الكتاب الذى تقدسه، وما فعله يهوه بالأطفال الذين تهكموا على النبى اليشع: (وَفِيمَا هُوَ صَاعِدٌ فِي الطَّرِيقِ إِذَا بِصِبْيَانٍ صِغَارٍ خَرَجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ وَسَخِرُوا مِنْهُ وَقَالُوا لَهُ: [اصْعَدْ يَا أَقْرَعُ! اصْعَدْ يَا أَقْرَعُ!] 24فَالْتَفَتَ إِلَى وَرَائِهِ وَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ. فَخَرَجَتْ دُبَّتَانِ مِنَ الْوَعْرِ وَافْتَرَسَتَا مِنْهُمُ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَلَداً.) ملوك الثانى 2: 23-24

      أو بما فعله الرب بأعداء إسرائيل: (11وَبَيْنَمَا هُمْ هَارِبُونَ مِنْ أَمَامِ إِسْرَائِيلَ وَهُمْ فِي مُنْحَدَرِ بَيْتِ حُورُونَ، رَمَاهُمُ الرَّبُّ بِحِجَارَةٍ عَظِيمَةٍ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى عَزِيقَةَ فَمَاتُوا. وَالَّذِينَ مَاتُوا بِحِجَارَةِ الْبَرَدِ هُمْ أَكْثَرُ مِنَ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِالسَّيْفِ.) يشوع 10: 11

      ثم قارن هذا بقول إله المحبة عن الأطفال والنساء والشيوخ:
      (3فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً، طِفْلاً وَرَضِيعاً، بَقَراً وَغَنَماً، جَمَلاً وَحِمَاراً») صموئيل الأول 15: 3
      (9طُوبَى لِمَنْ يُمْسِكُ أَطْفَالَكِ وَيَضْرِبُ بِهِمُ الصَّخْرَةَ!) مزامير 137: 9
      (16تُجَازَى السَّامِرَةُ لأَنَّهَا قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَى إِلَهِهَا. بِـالسَّيْفِ يَسْقُطُونَ. تُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ وَالْحَوَامِلُ تُشَقُّ) هوشع 13: 16
      (17وَجَاءَ إِلَى السَّامِرَةِ، وَقَتَلَ جَمِيعَ الَّذِينَ بَقُوا لأَخْآبَ فِي السَّامِرَةِ حَتَّى أَفْنَاهُ، حَسَبَ كَلاَمِ الرَّبِّ الَّذِي كَلَّمَ بِهِ إِيلِيَّا.) ملوك الثانى 10: 17
      (3وَأَخْرَجَ الشَّعْبَ الَّذِينَ بِهَا وَنَشَرَهُمْ بِمَنَاشِيرَِ وَنَوَارِجِ حَدِيدٍ وَفُؤُوسٍ. وَهَكَذَا صَنَعَ دَاوُدُ لِكُلِّ مُدُنِ بَنِي عَمُّونَ. ...) أخبار الأيام الأول 20: 3
      (10مَلْعُونٌ مَنْ يَعْمَلُ عَمَلَ الرَّبِّ بِرِخَاءٍ وَمَلْعُونٌ مَنْ يَمْنَعُ سَيْفَهُ عَنِ الدَّمِ.) إرمياء 48: 10

      ثم قارن هذا بأوامر نبى الرحمة فى القتال، على الرغم من أنه يعلم أن الجانب المحارب لا أخلاق لهم، لا يلتزمون بهذه التعاليم: عن أنس بن مالك  عنه أن رسول الله  كان إذا بعث جيشًا قال: «انطلقوا باسم الله، لا تقتلوا شيخاً فانيًا، ولا طفلاً صغيرًا، ولا امرأة، ولا تغلوا، وضموا غنائمكم، وأصلحوا وأحسنوا، إن الله يحب المحسنين». سنن أبي داود (2614)

      وكانت من وصايا الخليفة الأول أبى بكر الصديق  تأسيًا بالرسول : (لا تقتلوا صبيًا ولا امرأة ولا شيخًا كبيرًا ولا مريضًا ولا راهبًا، ولا تقطعوا مثمرًا، ولا تخربوا عامرًا، ولا تذبحوا بعيرًا ولا بقرة إلا لمأكل، ولا تغرقوا نحلاً ولا تحرقوه.) السنن الكبرى للبيهقى ج9 ص90
      كما سبق وأن ذكرت ما قاله علماء الغرب ومفكروه من عدم انتشار الإسلام بالإكراه، وأن هذا الدين جاء بالرحمة والأخلاق للعالمين، التى لم يسبق الإسلام بها دينٌ أو عقيدةٌ أو قانونٌ وضعى.

      الأمر الذى حدا بكثير من المستشرقين، وعلماء الغرب الذين درسوا الإسلام، وألموا بسيرة الرسول  أن يعترفوا بعالمية دين الإسلام، ومنهم توماس كارليل فى كتابه (الأبطال ..) الذى قال: "إنما محمد شهاب قد أضاء العالم، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء".

      ويقول المستشرق الأمريكي إدوارد رمسي: (جاء محمد للعالم برسالة الواحد القهار، ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، فبزغ فجر جديد كان يرى في الأفق، وفي اليوم الذي أعادت فيه يد المصلح العظيم محمد ما فقد من العدل والحرية أتى الوحي من عند الله إلى رسول كريم، ففتحت حججه العقلية السديدة أعين أمة جاهلة، فانتبه العرب، وتحققوا أنهم كانوا نائمين في أحضان العبودية".

      ويقول الفيلسوف والشاعر الفرنسي لا مارتين: "إن ثبات محمد وبقاءه ثلات عشر عاما يدعو دعوته في وسط أعدائه في قلب مكة ونواحيها، ومجامع أهلها، وإن شهامته وجرأته وصبره فيما لقيه من عبدة الأوثان، وإن حميته في نشر رسالته، وإن حروبه التي كان جيشه فيما أقل من جيش عدوه، وإن تطلعه في إعلاء الكلمة، وتأسيس العقيدة الصحيحة لا إلى فتح الدول وإنشاء الإمبراطورية، كل ذلك أدلة على أن محمدًا كان وراءه يقين في قلبه وعقيدة صادقة تحرر الإنسانية من الظلم والهوان، وإن هذا اليقين الذي ملأ روحه هو الذي وهبه القوة على أن يرد إلى الحياة فكرة عظيمة وحجة قائمة حطمت ألهة كاذبة، ونكست معبودات باطلة، وفتحت طريقا جديدا للفكر في أحوال الناس، ومهدت سبيلا للنظر في شؤونهم، فهو فاتح أقطار الفكر، ورائد الإنسان إلى العقل، وناشر العقائد المحررة للإنسان ومؤسس دين لا وثنية فيه".

      ويقف المفكر (لورد هدلي) مندهشًا عند معاملة النبي  للأسرى من المشركين في معركة بدر الكبرى، ملاحظًا فيها ذروة الأخلاق السمحة والمعاملة الطيبة الكريمة، ثم يتساءل: "أفلا يدل هذا على أن محمدًا لم يكن متصفًا بالقسوة ولا متعطشًا للدماء، كما يقول خصومه؟ بل كان دائمًا يعمل على حقن الدماء جهد المستطاع، وقد خضعت له جزيرة العرب من أقصاها، وجاءه وفد نجران اليمنيون بقيادة البطريق، ولم يحاول قط أن يكرههم على اعتناق الإسلام، فلا إكراه في الدين، بل أمنهم على أموالهم وأرواحهم، وأمر بألا يتعرض لهم أحد في معتقداتهم وطقوسهم الدينية."

      ويقول الفيلسوف الفرنسي (وولتر): "إن السنن التي أتي بها النبي محمد كانت كلها قاهرة للنفس ومهذبة لها، وجمالها جلب للدين المحمدي غاية الإعجاب ومنتهى الإجلال، ولهذا أسلمت شعوب عديدة من أمم الأرض، حتى زنوج أواسط إفريقيا، وسكان جزر المحيط الهندي."

      أما العالم الأمريكي مايكل هارت فهو يرد نجاح النبي في نشر دعوته، وسرعة انتشار الإسلام في الأرض، إلى سماحة هذا الدين وعظمة أخلاق النبي .

      أما وليام موير المؤرخ الإنجليزي فيقول في كتابه (حياة محمد): "لقد امتاز محمد  بوضوح كلامه، ويسر دينه، وقد أتم من الأعمال ما يدهش العقول، ولم يعهد التاريخ مصلحًا أيقظ النفوس وأحيى الأخلاق ورفع شأن الفضيلة في زمن قصير كما فعل نبي الإسلام محمد."

      يقول الروائي الروسي والفيلسوف الكبير تولستوي الذي أعجب بالإسلام وتعاليمه في الزهد والأخلاق والتصوف في مقالة له بعنوان (من هو محمد؟): "إن محمدًا هو مؤسس ورسول، كان من عظماء الرجال الذين خدموا المجتمع الإنساني خدمة جليلة، ويكفيه فخرًا أنه أهدى أمة برمتها إلى نور الحق، وجعلها تجنح إلى السكينة والسلام، وتؤثر عيشة الزهد، ومنعها من سفك الدماء وتقديم الضحايا البشرية، وفتح لها طريق الرقي والمدنية، وهو عمل عظيم لا يقدم عليه إلا شخص أوتي قوة، ورجل مثله جدير بالإحترام والإجلال."

      ولعل من النقاط البارزة في القرآن مبدأ هام هو أنه لا إكراه في الدين، فقد ورد في سورة البقرة المدنية: (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) البقرة 256
      وفي سورة يونس المكية: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) يونس 99
      وفى سورة المائدة المدنية: (مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ) المائدة 99
      وأيضًا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) المائدة 105
      وفي سورة الشورى المكية: (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ) الشورى 48
      وفي سورة النحل المكية (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ ) النحل 82
      لذلك كان عدم الإكراه في الدين من المبادئ الإسلامية القرآنية الثابتة التى لا تتغير ولا تتبدل، فما على الرسول إلا البلاغ، وما هو على الناس بمصيطر، كما جاء في سورة الغاشية المكية (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّر *ٌ لَسْت عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) الغاشية 21–22
      حتى بالنسبة للكافرين ورد في سورة الكافرون المكية (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ *وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) الكافرون 1-6
      وفى سورة الأنفال المدنية، وهى نزلت بعد البقرة: (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) الأنفال 61،
      وفي سورة النحل المكية يأمر الله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ..) النحل 125
      يقول القرآن أيضًا فى سورة الممتحنة المدنية: (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) الممتحنة 8
      وقال في سورة العنكبوت المكية: (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ ..) العنكبوت 46

      ويعتقد الكاتب أنه عقد مقارنة بين ما جاء فى السور المكية وما جاء فى السور المدنية، تاركًا القارىء دون أن يوجهه أى سورة كانت مكية وأيهما كانت مدنية، ودون أن يحكى عن مواقف الرسول  من السنة مع مخالفيه فى العقيدة، ودون أن يذكر كلمة عن رحمته  مع الأعداء وغيرهم، ودون أن يذكر قصة واحدة من التطبيق العملى لهذه التعاليم، فقط بجرة قلم ادعى أن آيات الرحمة والمحبة نسختها آيات القتال، ولا أعرف كيف فهم هذا، وما هو مصادر علمه الغزير جدًا فى هذا الادعاء، ويقول: (في سورة المزمل 10:73 يطلب الله من الرسول أن يصبر على معارضية: "واصبر على ما يقولون واهجرهم هجراً جميلاً". بينما في سورة البقرة 191:2 يأمره أن يقتل معارضيه. "واقتلوهم حيث ثقفتموهم (وجدتموهم) وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل".)


      سورة المزمل مكية، أما سورة البقرة مدنية. لكن هل طلب الله تعالى من رسوله أن يقتل معارضيه كما يدعى الكاتب؟

      فلنقرأ الآيات فى سياقها:

      (وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ * وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ * فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ * الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) البقرة 190-194

      وعندما نتأمل قوله تعالى: }وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ {فإننا نجد أن الحق سبحانه يؤكد على كلمة }فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ{ لأنه يريد أن يضع حدًا لجبروت البشر، ولابد أن تكون نية القتال في سبيل الله،لا أن يكون القتال بنية الاستعلاء والجبروت والطغيان. فلا قتال من أجل الحياة، أو المال أو لضمان سوق اقتصادي، وإنما القتال لإعلاء كلمة الله، ونصرة دين الله، هذا هو غرض القتال في الإسلام.

      وينهى عن الاعتداء، أي أن يبادر المسلم بالإعتداء، فلا يقاتل مسلم من لم يقاتله ولا يعتدي على أحد. مع عدم التعرض للنساء أو الأطفال أو الشيوخ، أو العجزة، وهى تعاليم الرسول  لجيوشه، التى ذكرتها من قبل. لأن في قتال النساء والأطفال والعجزة اعتداء، وهو سبحانه لا يحب المعتدين، إلا إذا حملت المرأة سلاحًا وقاتلت المسلمين. لكن قتال المؤمنين إنما يكون لرد العدوان، وليس بداية له.

      وهذه التعاليم النبوية غير مذكورة فى القرآن بنصها الذى ذكرته، ولكن جاءت أقوال الله تعالى بمثابة الموافقة والتوقيع على أقوال الرسول . فقال الله تعالى آمرًا المؤمنين: }وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {الحشر 7
      وقال أيضًا: }وما يَنْطقُ عن الهوى * إن هوَ إلاَّ وحيٌ يُوحى * علَّمهُ شديدُ القُوى{ النجم 3-5
      قال الله تعالى: }قُل إن كنتُم تُحبُّونَ الله فاتَّبِعُوني يُحبِبكُمُ الله ويَغفِر لكم ذُنُوبَكُم والله غَفُورٌ رحيمٌ * قُل أطِيعُوا الله والرَّسُولَ فإن تَوَلَّوا فإنَّ الله لا يُحِبُّ الكَافِرِينَ{ عمران 31-32
      وقال أيضًا: }لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا{ الأحزاب 21
      وقال أيضًا: }وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا{ الأحزاب 36

      فبعد أن تحدث الله عز وجل وأشار بأنه لا قتال إلا لمن يقاتلوننا قال }فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {، أي إذا توقفوا عما يصنعون من الفتنة بالدعوة للشرك بالله والصد عن سبيله، ومحاربة الدعوة والدعاة، فليس لنا عليهم من سبيل }فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِين {؛ لأن الله غفور رحيم. فلا يصح أن يشيع في نفوسنا الحقد على ما فعلوه بنا قديما، بل نحتسب ذلك عند الله.

      ومن ذلك نفهم أنه لو كان القتال في الإسلام همجية وسفك دماء لما أمرنا الله تعالى بالعفو عن الكفار، والكف عنهم، إن انتهوا من أفعالهم الشيطانية ضد الإسلام والمسلمين. ولما أمرنا الله تعالى أن نحارب المعتدى منهم علينا بنفس الكيفية، دون غلو، ودون أن نبدأهم بالقتال: }فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ {

      وهنا قد جانبت الصواب فى فهمك للآيات، وقد أهديت القارىء علاوة على ذلك هدية تبين بها محاسن الإسلام، وتُظهر جانبًا من جوانب العدل والرحمة فى الإسلام مع المخالفين. فشكرًا لك، وأسأل الله لك الهداية، وأن يفتح بصيرتك للحق!

      ويقول: (في سورة البقرة 256:2 يطلب الله من الرسول عدم فرض الإسلام بالقوة: "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغى". بينما في آية 193 يطلب منه أن يقتل كل من يرفض الإسلام، "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين".)


      فى الحقيقة إن اتهامه ينصب على تغيير الرسول  لموقفه ما بين مكة والمدينة، وهاتين الآيتين تجدهما فى سورة البقرة المدنية. فماذا يريد أن يقول الكاتب هنا؟ ربما أراد أن الرسول  غير موقفه فى نفس السورة ولا علاقة لهذا بمقدمته، ولا بمواقف الرسول  بين مكة والمدينة.
      فلنرى الآية 194 فى سياقها الذى اقتطعه أيضًا ليخدم ما يريد أن يذهب إليه، إذ يستحيل أن يكون الكاتب جاهلا، ولا يعرف على الأقل كيفية تحليل أى نص أو فهمه: قال الله تعالى: (وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ * وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ * فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ * الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) البقرة 190-194
      إذن هذه نفس الآيات التى تناولناها توًا، فارجع إليها.


      ويواصل قوله (في سورة العنكبوت 46:29 يطلب الله من الرسول أن يتكلم بالحسنى مع أهل الكتاب (المسيحيين واليهود)، "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون". بينما في سورة التوبة 29:9 يطلب منه قتال كل من لا يدين بالإسلام من أهل الكتاب: "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون".)

      فسورة العنكبوت مكية، وسورة التوبة مدنية، ولكن دعنا نقرأ سياق الآية فى سورة التوبة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) التوبة 28-29
      كنت قد كتبت لك الآيات من قبل التى يأمرنا الله تعالى فيها بقتال من يقاتلنا فقط، ونهانا عن الاعتداء على من يسالمنا، ومنها قوله تعالى: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) البقرة 190

      تعليق


      • #18
        لكن لماذا يأمر الله تعالى المسلمين فى سورة التوبة بقتال الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ... من الذين أوتوا الكتاب؟ وهل الذين أوتوا الكتاب يُقصد بهم اليهود والنصارى على العموم أم طائفة منهم؟ أى هل نزلت هذه الآيات فى حالة خاصة لقوم بأعينهم، ويأمر الله تعالى المسلمين بتأديبهم، ورد الاعتداء؟

        يجب أن نفهم الآية السابقة فى إطار الآيات التى توجب على المسلم ألا يقاتل إلا الذين يقاتلونه، وهى التى ذكرناها من قبل: }وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ {البقرة 190
        }فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ { البقرة 194

        إن آية سورة التوبة لا تحرض المسلمين على مقاتلة كل أهل الكتاب، ولكنها تحض على قتال من اعتدى منهم على الإسلام والمسلمين. فقد نزلت بسبب غزوة تبوك ومعركة مؤتة التى كان يدور رحاها بين الرسول  ومسيحى أهل الشام والرومان.

        والقارىء للتاريخ يعلم أن أهل الكتاب هم الذين بدأوا بالحرب بقتلهم الحارث بن عمير الأزدى سفير رسول الله ، وهو متوجهًا إلى عظيم بصرى برسالة النبى ، وذلك على يد شرحبيل بن عمرو الغسانى. لذلك أرسل إليهم رسول الله تعالى سرية زيد بن حارثة، وتقاتلت مع الرومان، ولم تنجح فى أخذ الثأر أو تأديبهم. وفى أقل من سنة كان الرومان ومسيحيو الشام قد قاموا بتجهيز جيش كبير لغزو المدينة، ووضع حد فاصل يمنع من انتشار الإسلام. وهذا الأمر أصاب المسلمين بخوف كبير.

        فماذا تقترح فى هذا الموقف؟ هل يتركهم الله يقتلون، ويُقضى على دينه فى الأرض؟ أم يطبق المسلمون قول الله تعالى بالاعتداء على من اعتدى عليهم؟
        فجاء أمر الله تعالى آمرًا المسلمين بقتالهم ومنعهم من الاقتراب من المسجد الحرام: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) التوبة 28-29

        ولو تتبع الكاتب السورة من أولها لوجد أن الله تعالى يأمر بحماية المشركين غير المحاربين للرسول والإسلام }وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ * كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ * اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاء مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (9) لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (10) فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (11) وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ (12) أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ (13) قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ{ التوبة 6-14

        فالآيات توضح تمامًا أنهم هم الذين بدأوا بالقتال (وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ)، وأنهم هم المعتدون (وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ)، وأنهم كان بينهم وبين المؤمنين عهدًا فنكثوه (أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ)، وطعنوا فى ديننا، ومنعوا المؤمنين من اتباع الحق الذى يرونه (اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ)، وهموا بإخراج الرسول (وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ)، ولا يتردد أحد منهم فى قتل أى مؤمن لو قدروا عليه (لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً).

        وعلى الرغم من كل هذا يأمر الله تعالى المسلمين بعدم قتال المشركين المعاهدين الذين لم يدخلوا الحرب ضد المسلمين، قائلا: (إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ)، أما إن تاب المحاربون للمسلمين وأسلموا فعلى المسلم نسيان ما حدث منهم، لأنهم أصبحوا اخواننا فى الدين: (فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ...)

        قارن هذا بقول الرب الرحيم جدًا فى كتابك المقدس جدًا: (10مَلْعُونٌ مَنْ يَعْمَلُ عَمَلَ الرَّبِّ بِرِخَاءٍ وَمَلْعُونٌ مَنْ يَمْنَعُ سَيْفَهُ عَنِ الدَّمِ.) إرمياء 48: 10
        (50وَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى فِي عَرَبَاتِ مُوآبَ عَلى أُرْدُنِّ أَرِيحَا: 51«قُل لِبَنِي إِسْرَائِيل: إِنَّكُمْ عَابِرُونَ الأُرْدُنَّ إِلى أَرْضِ كَنْعَانَ 52فَتَطْرُدُونَ كُل سُكَّانِ الأَرْضِ مِنْ أَمَامِكُمْ وَتَمْحُونَ جَمِيعَ تَصَاوِيرِهِمْ وَتُبِيدُونَ كُل أَصْنَامِهِمِ المَسْبُوكَةِ وَتُخْرِبُونَ جَمِيعَ مُرْتَفَعَاتِهِمْ. 53تَمْلِكُونَ الأَرْضَ وَتَسْكُنُونَ فِيهَا لأَنِّي قَدْ أَعْطَيْتُكُمُ الأَرْضَ لِكَيْ تَمْلِكُوهَا ...)عدد 33: 50-52
        (15فَضَرْباً تَضْرِبُ سُكَّانَ تِلكَ المَدِينَةِ بِحَدِّ السَّيْفِ وَتُحَرِّمُهَا بِكُلِّ مَا فِيهَا مَعَ بَهَائِمِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 16تَجْمَعُ كُل أَمْتِعَتِهَا إِلى وَسَطِ سَاحَتِهَا وَتُحْرِقُ بِالنَّارِ المَدِينَةَ وَكُل أَمْتِعَتِهَا كَامِلةً لِلرَّبِّ إِلهِكَ فَتَكُونُ تَلاًّ إِلى الأَبَدِ لا تُبْنَى بَعْدُ) تثنية 13: 15- 16
        (10«حِينَ تَقْرُبُ مِنْ مَدِينَةٍ لِتُحَارِبَهَا اسْتَدْعِهَا لِلصُّلحِ 11فَإِنْ أَجَابَتْكَ إِلى الصُّلحِ وَفَتَحَتْ لكَ فَكُلُّ الشَّعْبِ المَوْجُودِ فِيهَا يَكُونُ لكَ لِلتَّسْخِيرِ وَيُسْتَعْبَدُ لكَ. 12وَإِنْ لمْ تُسَالِمْكَ بَل عَمِلتْ مَعَكَ حَرْباً فَحَاصِرْهَا. 13وَإِذَا دَفَعَهَا الرَّبُّ إِلهُكَ إِلى يَدِكَ فَاضْرِبْ جَمِيعَ ذُكُورِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 14وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالأَطْفَالُ وَالبَهَائِمُ وَكُلُّ مَا فِي المَدِينَةِ كُلُّ غَنِيمَتِهَا فَتَغْتَنِمُهَا لِنَفْسِكَ وَتَأْكُلُ غَنِيمَةَ أَعْدَائِكَ التِي أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ. .... 16وَأَمَّا مُدُنُ هَؤُلاءِ الشُّعُوبِ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيباً فَلا تَسْتَبْقِ مِنْهَا نَسَمَةً مَا 17بَل تُحَرِّمُهَا تَحْرِيماً: الحِثِّيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالكَنْعَانِيِّينَ وَالفِرِزِّيِّينَ وَالحِوِّيِّينَ وَاليَبُوسِيِّينَ كَمَا أَمَرَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ 18لِكَيْ لا يُعَلِّمُوكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا حَسَبَ جَمِيعِ أَرْجَاسِهِمِ التِي عَمِلُوا لآِلِهَتِهِمْ فَتُخْطِئُوا إِلى الرَّبِّ إِلهِكُمْ) تثنية 20: 10- 18

        هل فهمت سبب أمر الرب يهوه/يسوع فى إبادة جميع عابدى الأوثان؟
        (18لِكَيْ لا يُعَلِّمُوكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا حَسَبَ جَمِيعِ أَرْجَاسِهِمِ التِي عَمِلُوا لآِلِهَتِهِمْ فَتُخْطِئُوا إِلى الرَّبِّ إِلهِكُمْ.) وهذا يعنى أن الرب لا يثق مطلقًا فى شعبه المختار بعناية فائقة أن ينجرف فى عبادة الأوثان! فعلى أى أساس اصطفاه إذًا وجعله شعبه المختار؟ ومن ناحية أخرى هل تقبلون أن يعاملكم المسلمون على نحو ما أمر به كتابكم المقدس، فيقتلونكم كلكم خوفًا من عبادة يسوع والإيمان بالتثليث؟ أيها الكاتب، احمد الله تعالى الذى نجاكم ولم يأمر بإبادتكم وتصفيتكم تصفية عرقية! واشكر الإسلام وامتدح المسلمين الذين لم يسرفوا واتبعوا أوامر إلهه الرحيم الودود!

        (21وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، مِنْ طِفْلٍ وَشَيْخٍ - حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ. ... 24وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ مَعَ كُلِّ مَا بِهَا. إِنَّمَا الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ وَآنِيَةُ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ جَعَلُوهَا فِي خِزَانَةِ بَيْتِ الرَّبِّ.) يشوع 6: 21-24

        (3فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً, طِفْلاً وَرَضِيعاً, بَقَراً وَغَنَماً, جَمَلاً وَحِمَاراً» ... 8وَأَمْسَكَ أَجَاجَ مَلِكَ عَمَالِيقَ حَيّاً, وَحَرَّمَ جَمِيعَ الشَّعْبِ بِحَدِّ السَّيْفِ. 9وَعَفَا شَاوُلُ وَالشَّعْبُ عَنْ أَجَاجَ وَعَنْ خِيَارِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالْحُمْلاَنِ وَالْخِرَافِ وَعَنْ كُلِّ الْجَيِّدِ، وَلَمْ يَرْضُوا أَنْ يُحَرِّمُوهَا. وَكُلُّ الأَمْلاَكِ الْمُحْتَقَرَةِ وَالْمَهْزُولَةِ حَرَّمُوهَا. 10وَكَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى صَمُوئِيلَ: 11«نَدِمْتُ عَلَى أَنِّي قَدْ جَعَلْتُ شَاوُلَ مَلِكاً، لأَنَّهُ رَجَعَ مِنْ وَرَائِي وَلَمْ يُقِمْ كَلاَمِي») صموئيل الأول 15: 3-11

        (12وَأَمَرَ دَاوُدُ الْغِلْمَانَ فَقَتَلُوهُمَا، وَقَطَعُوا أَيْدِيَهُمَا وَأَرْجُلَهُمَا وَعَلَّقُوهُمَا عَلَى الْبِرْكَةِ فِي حَبْرُونَ.) صموئيل الثانى 4: 12

        (4فَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى: «خُذْ جَمِيعَ رُؤُوسِ الشَّعْبِ وَعَلِّقْهُمْ لِلرَّبِّ مُقَابِل الشَّمْسِ فَيَرْتَدَّ حُمُوُّ غَضَبِ الرَّبِّ عَنْ إِسْرَائِيل».) العدد 25: 4

        (19فَتَضْرِبُونَ كُلَّ مَدِينَةٍ مُحَصَّنَةٍ وَكُلَّ مَدِينَةٍ مُخْتَارَةٍ وَتَقْطَعُونَ كُلَّ شَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ وَتَطُمُّونَ جَمِيعَ عُيُونِ الْمَاءِ وَتُفْسِدُونَ كُلَّ حَقْلَةٍ جَيِّدَةٍ بِالْحِجَارَةِ])ملوك الثانى 3: 19

        (17وَجَاءَ إِلَى السَّامِرَةِ، وَقَتَلَ جَمِيعَ الَّذِينَ بَقُوا لأَخْآبَ فِي السَّامِرَةِ حَتَّى أَفْنَاهُ، حَسَبَ كَلاَمِ الرَّبِّ الَّذِي كَلَّمَ بِهِ إِيلِيَّا.) ملوك الثانى 10: 17

        (8يَا بِنْتَ بَابِلَ الْمُخْرَبَةَ طُوبَى لِمَنْ يُجَازِيكِ جَزَاءَكِ الَّذِي جَازَيْتِنَا! 9طُوبَى لِمَنْ يُمْسِكُ أَطْفَالَكِ وَيَضْرِبُ بِهِمُ الصَّخْرَةَ!) مزامير 137: 8-9

        (16تُجَازَى السَّامِرَةُ لأَنَّهَا قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَى إِلَهِهَا. بِـالسَّيْفِ يَسْقُطُونَ. تُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ وَالْحَوَامِلُ تُشَقُّ) هوشع 13: 16

        (3وَأَخْرَجَ الشَّعْبَ الَّذِينَ بِهَا وَنَشَرَهُمْ بِمَنَاشِيرَِ وَنَوَارِجِ حَدِيدٍ وَفُؤُوسٍ. وَهَكَذَا صَنَعَ دَاوُدُ لِكُلِّ مُدُنِ بَنِي عَمُّونَ. ثُمَّ رَجَعَ دَاوُدُ وَكُلُّ الشَّعْبِ إِلَى أُورُشَلِيمَ.) أخبار الأيام الأول 20: 3

        فإذا كانت هذه أوامر إرهابى، تظنون أنها إلهية، فهل نترك أنفسنا للإبادة الجماعية وقتل أطفالنا ونساءنا من أجل هذا الهوس الإرهابى؟


        وعلى ذلك فقد علمت أيها الكاتب لكتاب (الإسلام بدون غطاء) أن الله أمرنا بالقتال لرد الاعتداء والدفاع عن أنفسنا والضعفاء والمستضعفين، وإلا تعرضنا للإبادة الجماعية والتصفية العرقية والنشر بمناشير والتقطيع بالفؤوس، وشُقَّت بطون الحوامل من النساء، وقتل أطفالهم بل وأجنتهم التى فى بطونهم. ونهانا عن الاعتداء على أى مسالم من البشر والحيوان والطيور والبيئة. (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) الممتحنة 8-9


        لكن بعد كل هذا، هل تعلم أن عدد القتلى في الحروب في عهد رسول الله  386 قتيل منهم 203 من المشركين و183 مسلم؟

        هل تقرأها مرة أخرى؟ 386 قتيل وشهيد فى 23 سنة هو زمن الرسالة! أى بواقع 16.8 قتيل في كل عام، و1.4 قتيل في الشهر! وأعتقد أن عدد الوفيات الطبيعية فى قبيلة قريش بمفردها فى الشهر سيكون أضعاف هذا الرقم.

        ثم قس هذا الرقم بعدد من قتلهم اليهود باسم الرب يهوه/يسوع فى حروبهم مع أعدائهم، لترى أى دين دموى، وأى إله كان إرهابى!

        ثم أخبرنا من صاحب أكبر رقم فى قتل الإنسان هل هو يهوه/يسوع أم الشيطان؟

        لقد قتل الرب تبعًا لإحصائية قام بها المسيحيون أنفسهم Richard Dawkins أكثر من اثنين 25 مليون شخص، ولم نحسب عدد البشرية التى أبادها فى الفيضان زمن نوح. والتقديرات التى جاءت أقل من هذا العدد لم تحسب النساء والأطفال والشيوخ.

        ولن أذكرك أن ضحايا الحروب الصليبية فى يومها الأول عند دخولهم بيت المقدس هو قتل 70000 مسمًا ومسلمة احتموا ببيت المقدس.

        ولن اذكرك أن عدد القتلى فى الحربين العالميتين يصل إلى 60 مليون نفسًا.

        راجع: http://dwindlinginunbelief.blogspot....od-killed.html

        وراجع أيضًا: http://giordanobrunostiftung.wordpre...isten-getotet/



        وكما أخبرتك من قبل إن أهل الكتاب غير المحاربين للإسلام يتمتعون بحقوق، لم يوجد مثلها من قبل فى التاريخ، لا فى العهد القديم ولا الجديد ولا فى شرائع الممالك أو الإمبراطوريات السابقة. وتتمثل هذه الحقوق فى المواطنة الكاملة، فلهم ما لنا وعليهم ما علينا، الأمر الذى يستتبع:

        1- حمايتهم بأرواحنا وأموالنا من أى اعتداء خارجى.

        وينقل الإمام القرافي المالكي في كتابه "الفروق" قول الإمام الظاهري ابن حزم في كتابه "مراتب الإجماع": "إن من كان في الذمة، وجاء أهل الحرب إلى بلادنا يقصدونه، وجب علينا أن نخرج لقتالهم بالكراع والسلاح، ونموت دون ذلك، صونًا لمن هو في ذمة الله تعالى وذمة رسوله ، فإن تسليمه دون ذلك إهمال لعقد الذمة". (الفروق ج3، ص 14-15 - الفرق التاسع عشر والمائة). وحكى في ذلك إجماع الأمة.

        يقول الإمام القرافى: ونموت دون ذلك، صونًا لمن هو في ذمة الله تعالى وذمة رسوله ، وننال أعلى مراتب الشهادة إن متنا فى هذه الحرب!
        وهذا ما قام به شيخ الإسلام ابن تيمية، حينما تغلب التتار على الشام، وذهب الشيخ ليكلم "قطلوشاه" في إطلاق الأسرى، فسمح القائد التتري للشيخ بإطلاق أسرى المسلمين، وأبى أن يسمح له بإطلاق أهل الذمة، فما كان من شيخ الإسلام إلا أن قال: لا نرضى إلا بافتكاك جميع الأسارى من اليهود والنصارى، فهم أهل ذمتنا، ولا ندع أسيرًا، لا من أهل الذمة، ولا من أهل الملة، فلما رأى إصراره وتشدده أطلقهم له.


        2- حمايتهم من ظلم المسلمين أنفسهم
        وهو أمر يوجبه الإسلام ويشدد في وجوبه، ويحذر المسلمين أن يمدوا أيديهم أو ألسنتهم إلى أهل الذمة بأذى أو عدوان، فالله تعالى لا يحب الظالمين ولا يهديهم، بل يعاجلهم بعذابه في الدنيا، أو يؤخر لهم العقاب مضاعفًا في الآخرة. بل جعل من يمد يد الأذى إلى الذمى، فقد آذى الله ورسوله، يقول الرسول : "من آذى ذميًا فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله" رواه الطبراني في الأوسط بإسناد ضعيف
        وقال : (من قتل معاهدًا، لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عامًا) البخارى، أى لم يشم رائحة الجنة.
        يقول الرسول : "من ظلم معاهدًا أو انتقصه حقًا أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس منه، فأنا حجيجه يوم القيامة" .(رواه أبو داود والبيهقي . انظر: السنن الكبرى ج ـ 5 ص 205).
        ويروى عنه: "من آذى ذِمِّياً فأنا خصمه، ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة". رواه الخطيب بإسناد حسن
        وفي عهد النبي  لأهل نجران أنه: "لا يؤخذ منهم رجل بظلمِ آخر". رواه أبو يوسف في الخراج ص 72 – 73
        ولهذا كله اشتدت عناية المسلمين منذ عهد الخلفاء الراشدين، بدفع الظلم عن أهل الذمة، وكف الأذى عنهم، والتحقيق في كل شكوى تأتي من قِبَلِهم.
        كان عمر  يسأل الوافدين عليه من الأقاليم عن حال أهل الذمة، خشية أن يكون أحد من المسلمين قد أفضى إليهم بأذى، فيقولون له: "ما نعلم إلا وفاءً" (تاريخ الطبري ج ـ 4 ص 218) أي بمقتضى العهد والعقد الذي بينهم وبين المسلمين، وهذا يقتضي أن كلاً من الطرفين وفَّى بما عليه.
        وعليٌّ بن أبي طالب  يقول: "إنما بذلوا الجزية لتكون أموالهم كأموالنا، ودماؤهم كدمائنا" المغني ج ـ 8 ص 445
        وفقهاء المسلمين من جميع المذاهب الاجتهادية صرَّحوا وأكدوا بأن على المسلمين دفع الظلم عن أهل الذمة والمحافظة عليهم؛ لأن المسلمين حين أعطوهم الذمة قد التزموا دفع الظلم عنهم، وهم صاروا به من أهل دار الإسلام أى مواطنين مثل المسلمين، بل صرَّح بعضهم بأن ظلم الذمي أشد من ظلم المسلم إثمًا (ذكر ذلك ابن عابدين في حاشيته، وهو مبني على أن الذمي في دار الإسلام أضعف شوكة عادة، وظلم القوي للضعيف أعظم في الإثم).

        3- حماية الدماء والأبدان
        يقول الرسول : "من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عامًا". رواه أحمد والبخاري في الجزية
        وكتب عليٌّ  إلى بعض ولاته على الخراج: "إذا قدمتَ عليهم فلا تبيعن لهم كسوة شتاءً ولا صيفًا، ولا رزقًا يأكلونه، ولا دابة يعملون عليها، ولا تضربن أحدًا منهم سوطًا واحدًا في درهم، ولا تقمه على رجله في طلب درهم، ولا تبع لأحد منهم عَرضًا (متاعًا) في شيء من الخراج، فإنما أُمِرنا أن نأخذ منهم العفو، فإن أنت خالفتَ ما أمرتك به، يأخذك الله به دوني، وإن بلغني عنك خلاف ذلك عزلتك" . ... الخراج لأبي يوسف ص 15-16

        4- حماية الأموال
        روى أبو يوسف في "الخراج" ما جاء في عهد النبي  لأهل نجران: "ولنجران وحاشيتها جوار الله، وذمة محمد النبي رسول الله على أموالهم وملتهم وبِيَعهم، وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير." الخراج ص72
        وقد عهد عمر إلى أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهما أن: "امنع المسلمين من ظلمهم والإضرار بهم، وأكل أموالهم إلا بحلها".
        فمَن سرق مال ذمي قُطعت يده، ومَن غصبه عُزِّر، وأعيد المال إلى صاحبه، ومَن استدان من ذمي فعليه أن يقضي دينه، فإن مطله وهو غني حبسه الحاكم حتى يؤدي ما عليه، شأنه في ذلك شأن المسلم ولا فرق.
        وبلغ من رعاية الإسلام لحرمة أموالهم وممتلكاتهم أنه يحترم ما يعدونه -حسب دينهم- مالاً وإن لم يكن مالاً في نظر المسلمين. فالخمر والخنزير لا يعتبران عند المسلمين مالاً مُتقَوَّمًا، ومَن أتلف لمسلم خمرًا أو خنزيرًا لا غرامة عليه ولا تأديب، بل هو مثاب مأجور على ذلك، لأنه يُغيِّر منكرًا في دينه، يجب عليه تغييره أو يستحب، حسب استطاعته، ولا يجوز للمسلم أن يمتلك هذين الشيئين لا لنفسه ولا ليبيعها للغير.
        أما الخمر والخنزير إذا ملكهما غير المسلم، فهما مالان عنده، بل من أنفس الأموال، كما قال فقهاء الحنفية، فمن أتلفهما على الذمي غُرِّمَ قيمتهما. (اختلف الفقهاء في ذلك، والذي ذكر هو مذهب الحنفية.)

        5- حماية الأعراض
        ويحمي الإسلام عِرض الذمي وكرامته، كما يحمي عِرض المسلم وكرامته، فلا يجوز لأحد أن يسبه أو يتهمه بالباطل، أو يشنع عليه بالكذب، أو يغتابه، ويذكره بما يكره، في نفسه، أو نسبه، أو خَلْقِه، أو خُلُقه أو غير ذلك مما يتعلق به. لأنه بعقد الذمة فقد أصبح لهم ما للمسلمين، وعليهم ما عليهم.

        6- التأمين عند العجز والشيخوخة والفقر
        وأكثر من ذلك أن الإسلام ضمن لغير المسلمين في ظل دولته، كفالة المعيشة الملائمة لهم ولمن يعولونه، لأنهم رعية للدولة المسلمة وهي مسئولة عن كل رعاياها، عن ابن عمر، رضى الله عنهما، قال رسول الله : "كلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته" متفق عليه

        ففي عهد أبي بكر الصِّدِّيق، وبحضرة عدد كبير من الصحابة، جاء فى عقد أهل الذمة، الذى كتبه خالد بن الوليد لأهل الحيرة بالعراق وكانوا من النصارى: "وجعلت لهم، أيما شيخ ضعف عن العمل، أو أصابته آفة من الآفات، أو كان غنيًّا فافتقر وصار أهل دينه يتصدقون عليه، طرحت جزيته وعِيل من بيت مال المسلمين هو وعياله". رواه أبو يوسف في "الخراج" ص 144

        ورأى عمر بن الخطاب شيخًا يهوديًا يسأل الناس، فسأله عن ذلك، فعرف أن الشيخوخة والحاجة ألجأتاه إلى ذلك، فأخذه وذهب به إلى خازن بيت مال المسلمين، وأمره أن يفرض له ولأمثاله من بيت المال ما يكفيهم ويصلح شأنهم، وقال في ذلك: ما أنصفناه إذ أخذنا منه الجزية شابًا، ثم نخذله عند الهرم! (السابق ص 126)

        وعند مقدمهِ "الجابية" من أرض دمشق مَرَّ في طريقه بقوم مجذومين من النصارى، فأمر أن يعطوا من الصدقات، وأن يجرى عليهم القوت. (البلاذري في فتوح البلدان ص 177 ط . بيروت)

        والسؤال البديهى الذى يطرح نفسه هنا: فإذا كان أهل الكتاب يتمتعون بكل هذه المزايا، فلماذا يدفعون الجزية إذن عن يد وهم صاغرون؟
        أولا فهم صاغرون لحكم الله، أى لملكوته وشريعته، وليس للمسلم، حيث أثبتنا أن لهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين.

        ثانيًا لم تكن الجزية شريعة جديدة أتى بها الإسلام، فقد فرض الله تعالى الجزية على الممالك التى كانت تخضع لبنى إسرائيل: (وضرب الموآبيين وقاسهم بالحبل، مضجعا إياهم على الأرض. فقاس منهم حبلين للقتل وطول حبل للآستبقاء. وصار الموآبيون رعايا لداود يؤدون الجزية. ... وأقام داود محافظين في أرام دمشق، فصار الأراميون رعايا لداود يؤدون الجزية. ونصر الرب داود حيثما توجه) صموئيل الثانى 8: 2 و6 (الترجمة الكاثوليكية اليسوعية، والأخبار السارة، والحياة، والترجمة العربية المشتركة)

        بل كانت الجزية فى العهد القديم نساء من العذارى تُقدم للرب: فماذا سيفعل الرب بهن؟: (40ومِنَ النِّساءِ ستَّةَ عشَرَ ألفًا، فكانَت جزيَةُ الرّبِّ مِنها اَثْنَينِ وثلاثينَ اَمرأةً. 41فدفَعَ موسى الجزيَةَ المُخصَّصَةَ للرّبِّ إلى ألِعازارَ الكاهنِ، كما أمرَ الرّبُّ موسى.) العدد 31: 40-41 (الترجمة العربية المشتركة)، وهكذا قالت أيضًا ترجمة الأخبار السارة.

        وانظر إلى تدليس المترجم فى ترجمة الفاندايك، ليخفى عن القراء وضع المرأة المتدنى، والذى كانت تُعد فيه المرأة كالماشية وتُقدم قرابين للرب. فقد جعلها المترجم (الناس) بدلا من (النساء) أو (العذارى)، كما جعلتها الترجمة الكاثوليكية (البشر) زيادة فى طمس المعنى: (40وَنُفُوسُ النَّاسِ سِتَّةَ عَشَرَ أَلفاً وَزَكَاتُهَا لِلرَّبِّ اثْنَيْنِ وَثَلاثِينَ نَفْساً.) العدد 31: 40-41 (ترجمة الفاندايك)،

        وكانت (ترجمة الحياة) أكثر التراجم هنا احترامًا لعقل القراء وأكثر صدقًا معهم: (وَمِنَ النِّسَاءِ الْعَذَارَى سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفاً، وَزَكَاةُ الرَّبِّ مِنْهَا اثْنَيْنَ وَثَلاَثِينَ نَفْساً.)

        ولكن الأمر يختلف بين الإسلام والكتاب الذى تقدسه، فمن يدفع الجزية فى كتابكم هم من العبيد، بينما فى الإسلام هم مواطنون لهم كامل المواطنة، لا فرق بينهم وبين المسلمين فى ذلك: (10فَلَمْ يَطْرُدُوا الْكَنْعَانِيِّينَ السَّاكِنِينَ فِي جَازَرَ. فَسَكَنَ الْكَنْعَانِيُّونَ فِي وَسَطِ أَفْرَايِمَ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ، وَكَانُوا عَبِيداً تَحْتَ الْجِزْيَةِ.) يشوع 16: 10

        وكان يسوع الذى تؤلهه يدفع نفسه الجزية للرومان صاغرًا لقوانين قيصر، فلو كان دفع الجزية يعيبه وينقص من قدره، ما كان دفعها. وأيهما أفضل: أن تكون صاغرًا لقوانين قيصر أم صاغرًا لقوانين الله؟: (24وَلَمَّا جَاءُوا إِلَى كَفْرِنَاحُومَ تَقَدَّمَ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ الدِّرْهَمَيْنِ إِلَى بُطْرُسَ وَقَالُوا: «أَمَا يُوفِي مُعَلِّمُكُمُ الدِّرْهَمَيْنِ؟» 25قَالَ: «بَلَى». فَلَمَّا دَخَلَ الْبَيْتَ سَبَقَهُ يَسُوعُ قَائِلاً: «مَاذَا تَظُنُّ يَا سِمْعَانُ؟ مِمَّنْ يَأْخُذُ مُلُوكُ الأَرْضِ الْجِبَايَةَ أَوِ الْجِزْيَةَ أَمِنْ بَنِيهِمْ أَمْ مِنَ الأَجَانِبِ؟» 26قَالَ لَهُ بُطْرُسُ: «مِنَ الأَجَانِبِ». قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «فَإِذاً الْبَنُونَ أَحْرَارٌ. 27وَلَكِنْ لِئَلَّا نُعْثِرَهُمُ اذْهَبْ إِلَى الْبَحْرِ وَأَلْقِ صِنَّارَةً وَالسَّمَكَةُ الَّتِي تَطْلُعُ أَوَّلاً خُذْهَا وَمَتَى فَتَحْتَ فَاهَا تَجِدْ إِسْتَاراً فَخُذْهُ وَأَعْطِهِمْ عَنِّي وَعَنْكَ».) متى 17: 24-27
        وأمر بولس بالخضوع إلى سلطان الحاكم، والجزية هى دليل خضوع لحكم الله، الذى فرضها على أهل الكتاب: (1لِتَخْضَعْ كُلُّ نَفْسٍ لِلسَّلاَطِين الْفَائِقَةِ لأَنَّهُ لَيْسَ سُلْطَانٌ إِلاَّ مِنَ اللهِ وَالسَّلاَطِينُ الْكَائِنَةُ هِيَ مُرَتَّبَةٌ مِنَ اللهِ 2حَتَّى إِنَّ مَنْ يُقَاوِمُ السُّلْطَانَ يُقَاوِمُ تَرْتِيبَ اللهِ وَالْمُقَاوِمُونَ سَيَأْخُذُونَ لأَنْفُسِهِمْ دَيْنُونَةً. ... ... ... 6فَإِنَّكُمْ لأَجْلِ هَذَا تُوفُونَ الْجِزْيَةَ أَيْضاً إِذْ هُمْ خُدَّامُ اللهِ مُواظِبُونَ عَلَى ذَلِكَ بِعَيْنِهِ. 7فَأَعْطُوا الْجَمِيعَ حُقُوقَهُمُ: الْجِزْيَةَ لِمَنْ لَهُ الْجِزْيَةُ. الْجِبَايَةَ لِمَنْ لَهُ الْجِبَايَةُ. وَالْخَوْفَ لِمَنْ لَهُ الْخَوْفُ. وَالإِكْرَامَ لِمَنْ لَهُ الإِكْرَامُ.) رومية 13: 1-7

        فها هو بولس يقول إن الجزية من أمر الله، وبترتيبه، فمن يرفض دفعها، فقد عصى الله، وقاوم أوامره. لكن الإسلام لا يحصلها بالإجبار، ويتمتع دافعها بمميزات كثيرة منها التأمين الصحى والإجتماعى والأمنى، له ولأسرته.

        مقدار الجزية وعلى من تجب:
        فهل بعد كل هذا تعلم مقدار الجزية وعلى من تجب؟
        يقول "وول ديورانت" مات عام (1981) في موسوعة الحضارة عن مقدار الجزية التي كان يأخذها المسلمون: إن المبلغ يتراوح بين دينار وأربعة دنانير (من 4.75 إلى 19 دولارًا أمريكيًا) سنويًا". وأنه يعفى منها الرهبان والنساء والذكور الذين هم دون سن البلوغ، والأرقاء، والشيوخ، والعجزة، والعمى والفقراء. وكان الذميون يعفون في نظير هذه الضريبة من الخدمة العسكرية ولا تفرض عليهم الزكاة. [التى هى بمثابة 2,5% من المدخرات، و5% إلى 10% من المزروعات]. وسعر الدولار فى ذلك الوقت كان متأرجحًا، وإن حسبنا أن الدولار كان يساوى ثلاثة جنيهات فى نهاية الثمانينات فتكون قيمة المبلغ من 15 جنيهًا إلى 57 جنيهًا.

        وكتب آدم ميتز: "كان أهل الذمة يدفعون الجزية، كل منهم بحسب قدرته، وكانت هذه الجزية أشبه بضريبة الدفاع الوطني، فكان لا يدفعها إلا الرجل القادر على حمل السلاح، فلا يدفعها ذوو العاهات، ولا المترهبون، وأهل الصوامع إلا إذا كان لهم يسار". آدم ميتز -الحضارة الإسلامية 1/96

        وذهب الإمام أبو حنيفة إلى تقسيم الجزية إلى فئات ثلاث:
        1- أعلاها وهي 48 درهمًا في السنة على الأغنياء مهما بلغت ثرواتهم. ( وهي تقدر بـ 136 جراما من الفضة) لأن الدرهم يساوي ( 2,832 جراما).(جرام الفضة فى نوفمبر 2012 بين 5 إلى 6 جنيهات تقريبًا حسب عيار الفضة، أى حوالى 3400 جنيهًا مصريًا.
        2- وأوسطها وهي 24 درهماً في السنة على المتوسطين من تجار وزرّاع، أى حوالى 1700 جنيهًا مصريًا.
        3- وأدناها وهي 12 درهماً في السنة على العمال المحترفين الذين يجدون عملاً. أى حوالى 850 جنيهًا مصريًا. (معاملة غير المسلمين في الدولة الاسلامية- د.ناريمان عبد الكريم –ص 50- عن الماوردي: الاحكام السلطانية- ص 144.)
        بمعنى أنه لو هناك تاجر مسلم وآخر مسيحى، ويملك كل منهما مليون جنيهًا، لدفع المسلم 2,5% من دخله أى 25000 جنيهًا زكاة المال. بينما يدفع المسيحى 3400 جنيهًا.
        وفى النهاية فإن الله أمرنا بالقتال من أجل كف الاعتداء لا من أجل الاعتداء: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) البقرة 190 (نقلا بتصرف كبير عن عبد الوهاب بمنتدى شيخ عرب)

        * * * * *

        تعليق


        • #19

          يسوع والتقية فى الكتاب المقدس:

          عزيزى الكاتب أنت تتبع المثل القائل: (رمتنى بدائها وانسلت)، أى أنت ترمى الإسلام بما يسوِّد صفحات كتابك، وترمى المسلمات بما عانت منه البشرية والمرأة على وجه الخصوص من تسلط رجال الكنيسة على الحياة، حتى فصلوا الدين عن الدولة، مستندين فى ذلك إلى نصوص كتابك الذى تحسبه مقدسًا. وترمى الإسلام بالترهات التى تشوِّه كتابك وتاريخك! فهل وقفت وقفة رجل صادق، وعلمت أنك ستخسر آخرتك، واحترامك لنفسك!

          أرجوك لا تتخذ بولس وكذبه ونفاقه قدوة!
          (7فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟) رومية 3: 7

          (19فَإِنِّي إِذْ كُنْتُ حُرّاً مِنَ الْجَمِيعِ اسْتَعْبَدْتُ نَفْسِي لِلْجَمِيعِ لأَرْبَحَ الأَكْثَرِينَ. 20فَصِرْتُ لِلْيَهُودِ كَيَهُودِيٍّ لأَرْبَحَ الْيَهُودَ وَلِلَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ كَأَنِّي تَحْتَ النَّامُوسِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ 21وَلِلَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ كَأَنِّي بِلاَ نَامُوسٍ - مَعَ أَنِّي لَسْتُ بِلاَ نَامُوسٍ لِلَّهِ بَلْ تَحْتَ نَامُوسٍ لِلْمَسِيحِ - لأَرْبَحَ الَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ. 22صِرْتُ لِلضُّعَفَاءِ كَضَعِيفٍ لأَرْبَحَ الضُّعَفَاءَ. صِرْتُ لِلْكُلِّ كُلَّ شَيْءٍ لأُخَلِّصَ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَوْماً. 23وَهَذَا أَنَا أَفْعَلُهُ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ لأَكُونَ شَرِيكاً فِيهِ.) كورنثوس الأولى 9: 19-23

          لكن المشكلة لديك أنك تؤمن أن يسوع هو الإله الذى أوحى بذلك!!
          ثم إن يسوع نفسه كانت له مواقف مختلفة، منها فى بداية إنجيل متى أمر يسوع بمحبة الأعداء ومباركتهم ومهادنتهم، والإحسان إلى من يكروهننا. (21«قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَقْتُلْ وَمَنْ قَتَلَ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ. 22وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ. ............. 44وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ 45لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ ......) متى 5: 21-22 و44

          ثم قال: (34«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَمًا عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَمًا بَلْ سَيْفًا. 35فَإِنِّي جِئْتُ لِأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ وَالاِبْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا.) متى 10: 34-40

          وهو يعلم تمامًا كإله العهد القديم والجديد أن السيف للقتل: (.... يَقُولُ الرَّبُّ: السَّيْفَ لِلْقَتْلِ.....) إرمياء 15: 3

          ويقول يسوع: (49«جِئْتُ لأُلْقِيَ نَارًا عَلَى الأَرْضِ … 51أَتَظُنُّونَ أَنِّي جِئْتُ لأُعْطِيَ سَلاَمًا عَلَى الأَرْضِ؟ كَلاَّ أَقُولُ لَكُمْ! بَلِ انْقِسَامًا. 52لأَنَّهُ يَكُونُ مِنَ الآنَ خَمْسَةٌ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مُنْقَسِمِينَ: ثَلاَثَةٌ عَلَى اثْنَيْنِ وَاثْنَانِ عَلَى ثَلاَثَةٍ. 53يَنْقَسِمُ الأَبُ عَلَى الاِبْنِ وَالاِبْنُ عَلَى الأَبِ وَالأُمُّ عَلَى الْبِنْتِ وَالْبِنْتُ عَلَى الأُمِّ وَالْحَمَاةُ عَلَى كَنَّتِهَا وَالْكَنَّةُ عَلَى حَمَاتِهَا».) لوقا 12: 49-53

          وفى الوقت الذى طالب فيه الرب بمحبة الوالدين والبر بهما: (أكرم أباك وأمك) تثنية 5: 16، متى 19: 19

          اشترط فيما بعد أن تبغض أحب الناس إليك أبوك وأمك واخوتك، وزوجتك وذريتك، حتى نفسك، لتكون تلميذًا له: (26«إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضًا فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا.) لوقا 14: 25-26

          أليست هذه هى التقية التى ترفضها، أم لها مسمَّى آخر لديكم؟


          وها هو رأى يسوع فيمن لا يتخذه ملكًا: (27أَمَّا أَعْدَائِي أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي».) لوقا 19: 27، فكيف ولماذا هادن وأمر بمحبة الأعداء، ثم انقلب ليأمر بقتل كل من لا يتخذه ملكًا؟ إنها التقية!

          فلماذا لم يحب يسوع أعداءه؟ لماذا لم يحب يهوذا الإسخريوطى وينقذه مما هو مقدم عليه؟ لماذا سبَّ اليهود ولعنهم؟
          (13«لَكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ! 14وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تَأْكُلُونَ بُيُوتَ الأَرَامِلِ ولِعِلَّةٍ تُطِيلُونَ صَلَوَاتِكُمْ. لِذَلِكَ تَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ. 15وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تَطُوفُونَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ لِتَكْسَبُوا دَخِيلاً وَاحِداً وَمَتَى حَصَلَ تَصْنَعُونَهُ ابْناً لِجَهَنَّمَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ مُضَاعَفاً! 16وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ .... 17أَيُّهَا الْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ .... 24أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ .... 25وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُنَقُّونَ خَارِجَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ وَهُمَا مِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوآنِ اخْتِطَافاً وَدَعَارَةً! 26أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّ الأَعْمَى .... 27وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُوراً مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً وَهِيَ مِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ. 28هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً: مِنْ خَارِجٍ تَظْهَرُونَ لِلنَّاسِ أَبْرَاراً وَلَكِنَّكُمْ مِنْ دَاخِلٍ مَشْحُونُونَ رِيَاءً وَإِثْماً! ... 31فَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنَّكُمْ أَبْنَاءُ قَتَلَةِ الأَنْبِيَاءِ. 32فَامْلَأُوا أَنْتُمْ مِكْيَالَ آبَائِكُمْ. 33أَيُّهَا الْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ؟) متى 23: 13-33

          على الرغم من قوله: (21«قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَقْتُلْ وَمَنْ قَتَلَ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ. 22وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ.) متى 5: 21-22

          لماذا طالب تلاميذه ببيع ملابسهم لشراء سيوف؟ أليس لكل مقام مقال؟ هل تتصور أنت أن يسوع كان يهادن اليهود ويدعى أنه جاء بالمحبة فقط ونبذ العنف؟ فلماذا طالب تلاميذه ببيع ملابسهم وشراء سيوف؟ وماذا تسمى هذا التحول فى تصرفه مرة بالدعوة إلى شرء سيوف، ومرة بسب اليهود ورؤسائهم؟


          (36فَقَالَ لَهُمْ: «لَكِنِ الآنَ مَنْ لَهُ كِيسٌ فَلْيَأْخُذْهُ وَمِزْوَدٌ كَذَلِكَ. وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ وَيَشْتَرِ سَيْفًا.) لوقا 22: 36
          أليست هذه التقية؟ أم لها مسمَّى آخر؟

          ألم يضرب الصيارفة ويطردهم من المعبد ثأرًا لبيت الرب؟ (14وَوَجَدَ فِي الْهَيْكَلِ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ بَقَراً وَغَنَماً وَحَمَاماً وَالصَّيَارِفَ جُلُوساً. 15فَصَنَعَ سَوْطاً مِنْ حِبَالٍ وَطَرَدَ الْجَمِيعَ مِنَ الْهَيْكَلِ اَلْغَنَمَ وَالْبَقَرَ وَكَبَّ دَرَاهِمَ الصَّيَارِفِ وَقَلَّبَ مَوَائِدَهُمْ. 16وَقَالَ لِبَاعَةِ الْحَمَامِ: «ارْفَعُوا هَذِهِ مِنْ هَهُنَا. لاَ تَجْعَلُوا بَيْتَ أَبِي بَيْتَ تِجَارَةٍ». 17فَتَذَكَّرَ تلاَمِيذُهُ أَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «غَيْرَةُ بَيْتِكَ أَكَلَتْنِي».) يوحنا 2: 14-17

          (15وَجَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ. وَلَمَّا دَخَلَ يَسُوعُ الْهَيْكَلَ ابْتَدَأَ يُخْرِجُ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِي الْهَيْكَلِ وَقَلَّبَ مَوَائِدَ الصَّيَارِفَةِ وَكَرَاسِيَّ بَاعَةِ الْحَمَامِ. 16وَلَمْ يَدَعْ أَحَداً يَجْتَازُ الْهَيْكَلَ بِمَتَاعٍ. 17وَكَانَ يُعَلِّمُ قَائِلاً لَهُمْ: «أَلَيْسَ مَكْتُوباً: بَيْتِي بَيْتَ صَلاَةٍ يُدْعَى لِجَمِيعِ الأُمَمِ؟ وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ».) مرقس 11: 15-17؛ متى 21: 12-13

          إذن الحكمة تقتضى اللين وقت اللين، واستعمال الشدة لنصرة شرع الله عند توافرها وفى مكانها. وهكذا كان نبى الله عيسى ، ونبى الله محمد .

          حان الوقت لقتل المسلمين والتخلص منهم:
          وينهى الكاتب كلامه بتقليب أرباب القوة والبطش فى العالم للتخلص نهايًا من المسلمين والإسلام، فقال: (اليوم نحن نشاهد في العالم الغربي مرحلة الاستضعاف الإسلامية ولكن دعونا ألا نُخدع، فإن مرحلة الجهاد قادمة إن عاجلا أم آجلا. ذلك الحمل الوديع الصغير سيتحول إلى ذئب مفترس، هذه الأسنان اللؤلؤية الجميلة ستصير أنياباً، وتلك المأمأة الموسيقية العذبة ستصبح زئيراً مرعداً.)

          والمطلوب طبعًا قتل هذا الحمل الوديع، لأنه قد يصبح ذئبًا فى يوم من الأيام!! أى إنه فى الوقت الذى يحكم فيه على المسلمين بأنهم كالحمل الوديع، أى لم يروا منهم إرهابًا، ولا تطرفًا، يُطالبون بالتخلص منهم، تحسُّبًا أن يتحوَّل هذا الحمل الوديع إلى ذئب. على الرغم من أنه لم يثبت أن كان الإسلام شرًا أو وبالا على بلد فتحها الإسلام، وأخرج شعبها من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد. لكنه العقل والمنطق والحكمة التى تجعلهم يصدرون الحكم بالإعدام على برىء (يسوع) لم يرتكب جريمة فى حياته، ولا ينوى ارتكاب جنحة، حفاظًا على تراثهم وعقيدتهم التى يتوهمون أنها من عند الرب، الذى أنزلوه بدورهم من عرشه، وجعلوه متحدًا مع الابن والروح القدس، وقالوا إنهم لا ينفصلون طرفة عين، ثم أهانوا هذا الإله وأماتوه ميتة الملاعين مصلوبًا، ولا يريدون أن يدافع إنسان عن الحق أو يتفوَّه به: (13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ».) غلاطية 3: 13

          تعليق


          • #20

            القرآن من تأليف محمد:

            يواصل كاتب (الإسلام بدون غطاء) قوله (ولتبرير هذا التغيير المفاجئ في أسلوب القرآن من المسالمة إلى المعاداة، ومن المهادنة إلى المواجهة، فإن رسول الإسلام يلقي التبعة في ذلك على الله، بقوله إن الله هو الذي نسخ (أبدل) الآيات المسالمة بالآيات العنيفة.)

            وأقول له:

            إن ما تقوله ليس باستنتاج عقلى، حتى نقول إنك توصلت إلى ذلك بقرائن تاريخية أو دينية أو حتى موضوعية. إن ما تقوله هو طفح الغل والتعصب وكره الإسلام ونبيه دون مبرر. فلا يملك نبى أن يقول غير ما أمره الله به، ولا يملك أن ينسخ حكمًا من تلقاء نفسه. ويبدو أنك لا تعرف أن النسخ فى القرآن الكريم لا يتناول إلا أحكامًا، سكت الله عنها مؤقتًا أو مهَّد الناس لتغييرها، ثم استبدلها بحكم إلهى آخر. أما مبادىء الإسلام الثابتة فى التسامح، فهو من المبادىء التى لم ولن تتغير.

            ونسيت أيها الكاتب أن تصارح الناس بقولك: إن من يقول أو يكتب أو يتنبأ وينسبه للرب هم أنبياء الكتاب الذى تقدسه. ونسيت أن تُكفر كل صاحب شهادة استعمل عقوله ولو لمرة، واكتشف أن القرآن به آيات تعاتب الرسول ، وتنذره، ولو كان هذا القرآن من تأليف الرسول ، لما تردد لحظة واحدة فى الافتخار به، ولما نسبه لله تعالى، حيث كان يُعرف من صغره بأنه الصادق الأمين، ولما تركه الله تعالى دون عقاب، لقوله:

            (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَد عَنْهُ حَاجِزِينَ * وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ * وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُم مُّكَذِّبِينَ * وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ * وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ * فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) الحاقة 44-52

            لكن تأثرك بما يقوله كتابك الذى تقدسه، جعلك تنسب لنا ما فيه، وسوف أتركك تقرأ رفض الرب لأنبياء السامرة ويهوذا، أى أنبياء بنى إسرائيل، الذى جاءوا بالعهد القديم، وحرفوه، وأضافوا من عند أنفسهم، وتنبأوا بكلام لم يقله الرب:
            1) (كَيْفَ تَدَّعُونَ أَنَّكُمْ حُكَمَاءُ وَلَدَيْكُمْ شَرِيعَةَ الرَّبِّ بَيْنَمَا حَوَّلَهَا قَلَمُ الْكَتَبَةِ المُخَادِعُ إِلَى أُكْذُوبَةٍ؟) إرمياء 8: 8

            2) اعترف كاتب سفر إرميا بأن أنبياء أورشليم وأنبياء السامرة الكذبة حرفوا كلام الله عمداً: (13وَقَدْ رَأَيْتُ فِي أَنْبِيَاءِ السَّامِرَةِ حَمَاقَةً. تَنَبَّأُوا بِالْبَعْلِ وَأَضَلُّوا شَعْبِي إِسْرَائِيلَ. 14وَفِي أَنْبِيَاءِ أُورُشَلِيمَ رَأَيْتُ مَا يُقْشَعَرُّ مِنْهُ. يَفْسِقُونَ وَيَسْلُكُونَ بِالْكَذِبِ وَيُشَدِّدُونَ أَيَادِيَ فَاعِلِي الشَّرِّ حَتَّى لاَ يَرْجِعُوا الْوَاحِدُ عَنْ شَرِّهِ. ..... . 16هَكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: لاَ تَسْمَعُوا لِكَلاَمِ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ فَإِنَّهُمْ يَجْعَلُونَكُمْ بَاطِلاً. يَتَكَلَّمُونَ بِرُؤْيَا قَلْبِهِمْ لاَ عَنْ فَمِ الرَّبِّ.) إرميا 23: 13-16
            فكيف يشيع الكفر من أنبياء بنى إسرائيل إلا إذا حرفوا تعاليم الله أو تكتموها، وإلا لحاكمهم شعبهم ولأقاموا عليهم حدود الله! وهذا يدل أيضًا على عدم انتشار كلمة الرب وكتابه إلا بين الكتبة والكهنة فقط، الأمر الذى ييسِّر عملية التحريف.

            3) وهذا كلام الله الذى يقدسه نبى الله داود ويفتخر به، يحرفه غير المؤمنين، ويطلبون قتله لأنه يعارضهم ويمنعهم ، ولا يبالى إن قتلوه من أجل الحق ، فهو متوكل على الله: (4اَللهُ أَفْتَخِرُ بِكَلاَمِهِ. عَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ فَلاَ أَخَافُ. مَاذَا يَصْنَعُهُ بِي الْبَشَرُ! 5الْيَوْمَ كُلَّهُ يُحَرِّفُونَ كَلاَمِي. عَلَيَّ كُلُّ أَفْكَارِهِمْ بِالشَّرِّ.) مزمور 56: 4-5

            4) واعترف إشعياء بالتحريف: (15وَيْلٌ لِلَّذِينَ يَتَعَمَّقُونَ لِيَكْتُمُوا رَأْيَهُمْ عَنِ الرَّبِّ فَتَصِيرُ أَعْمَالُهُمْ فِي الظُّلْمَةِ وَيَقُولُونَ: «مَنْ يُبْصِرُنَا وَمَنْ يَعْرِفُنَا؟». 16يَا لَتَحْرِيفِكُمْ!) إشعياء 29: 15-16

            5) واعترف الرب لإرمياء أن هناك لصوص، يدعون النبوة، وهم فى الحقيقة قد سرقوا كلمته ويضيفون عليها ثم ينسبونها للرب، بغرض إضلال الشعب: (30لِذَلِكَ هَئَنَذَا عَلَى الأَنْبِيَاءِ يَقُولُ الرَّبُّ الَّذِينَ يَسْرقُونَ كَلِمَتِي بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ) إرمياء 23: 30

            6) (31هَئَنَذَا عَلَى الأَنْبِيَاءِ يَقُولُ الرَّبُّ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ لِسَانَهُمْ وَيَقُولُونَ: قَالَ.) إرمياء 23: 31

            7) (32هَئَنَذَا عَلَى الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ بِأَحْلاَمٍ كَاذِبَةٍ يَقُولُ الرَّبُّ الَّذِينَ يَقُصُّونَهَا وَيُضِلُّونَ شَعْبِي بِأَكَاذِيبِهِمْ وَمُفَاخَرَاتِهِمْ وَأَنَا لَمْ أُرْسِلْهُمْ وَلاَ أَمَرْتُهُمْ. فَلَمْ يُفِيدُوا هَذَا الشَّعْبَ فَائِدَةً يَقُولُ الرَّبُّ].) إرمياء 23: 32

            8) (33وَإِذَا سَأَلَكَ هَذَا الشَّعْبُ أَوْ نَبِيٌّ أَوْ كَاهِنٌ: [مَا وَحْيُ الرَّبِّ؟] فَقُلْ لَهُمْ: [أَيُّ وَحْيٍ؟ إِنِّي أَرْفُضُكُمْ - هُوَ قَوْلُ الرَّبِّ. 34فَالنَّبِيُّ أَوِ الْكَاهِنُ أَوِ الشَّعْبُ الَّذِي يَقُولُ: وَحْيُ الرَّبِّ - أُعَاقِبُ ذَلِكَ الرَّجُلَ وَبَيْتَهُ.) إرمياء 23: 33-34

            9) (36أَمَّا وَحْيُ الرَّبِّ فَلاَ تَذْكُرُوهُ بَعْدُ لأَنَّ كَلِمَةَ كُلِّ إِنْسَانٍ تَكُونُ وَحْيَهُ إِذْ قَدْ حَرَّفْتُمْ كَلاَمَ الإِلَهِ الْحَيِّ رَبِّ الْجُنُودِ إِلَهِنَا.) إرمياء 23: 36

            10) (لاَ تَغِشَّكُمْ أَنْبِيَاؤُكُمُ الَّذِينَ فِي وَسَطِكُمْ وَعَرَّافُوكُمْ وَلاَ تَسْمَعُوا لأَحْلاَمِكُمُ الَّتِي تَتَحَلَّمُونَهَا. 9لأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ بِاسْمِي بِالْكَذِبِ. أَنَا لَمْ أُرْسِلْهُمْ يَقُولُ الرَّبُّ.) إرمياء 29: 8-9

            11) (31اَلأَنْبِيَاءُ يَتَنَبَّأُونَ بِالْكَذِبِ وَالْكَهَنَةُ تَحْكُمُ عَلَى أَيْدِيهِمْ وَشَعْبِي هَكَذَا أَحَبَّ.) إرمياء 5: 31
            فإذا كان من الأنبياء من هم حمقى وكذبة وضالين، فإن هذا الأمر يتطلب منكم إعمال العقل مع النص فيما نُقلَ إليكم، وعدم الثقة التامة فى رجال الكهنوت مهما كان منصبهم. فلن يكونوا أشرف ولا أفضل من أنبياء الله. كما يدفعكم إلى تغيير عنوان كتابكم وحذف كلمة (المقدس) من على غلافه. وإلا أخبرونا: ما هى الأحلام الكاذبة والكذب والضلال الذى قاله الأنبياء؟ والله إنى لأتعجب: كيف يكون هناك نبى كذاب؟ فكيف انتقاه الرب لحمل لواء دعوته؟ وكيف لم يقتله الرب أو الشعب عملا بكتاب الرب؟ ألم يقل الرب: (وَأَمَّا النَّبِيُّ الذِي يُطْغِي فَيَتَكَلمُ بِاسْمِي كَلاماً لمْ أُوصِهِ أَنْ يَتَكَلمَ بِهِ أَوِ الذِي يَتَكَلمُ بِاسْمِ آلِهَةٍ أُخْرَى فَيَمُوتُ ذَلِكَ النَّبِيُّ.) التثنية 18: 20

            12) (3هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: وَيْلٌ لِلأَنْبِيَاءِ الْحَمْقَى الذَّاهِبِينَ وَرَاءَ رُوحِهِمْ وَلَمْ يَرُوا شَيْئاً. 4أَنْبِيَاؤُكَ يَا إِسْرَائِيلُ صَارُوا كَـالثَّعَالِبِ فِي الْخِرَبِ.) حزقيال 13: 3
            إن وجود أنبياء بهذه الأخلاق المتدنية لهو إشارة إلى رفض هذه الأنبياء وتعاليمهم. إذ كيف أثق فيما نُقِلَ عن كذَّاب؟ وكيف أسلم أمر عقيدتى وآخرتى ودنياى لمن هو فاسق؟ فإن من كانت هذه صفاته فهو شيطان. فكيف أبيع نفسى للشيطان؟ (26لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟) متى 16: 26

            13) (32فَأَخَذَ إِرْمِيَا دَرْجاً آخَرَ وَدَفَعَهُ لِبَارُوخَ بْنِ نِيرِيَّا الْكَاتِبِ فَكَتَبَ فِيهِ عَنْ فَمِ إِرْمِيَا كُلَّ كَلاَمِ السِّفْرِ الَّذِي أَحْرَقَهُ يَهُويَاقِيمُ مَلِكُ يَهُوذَا بِالنَّارِ وَزِيدَ عَلَيْهِ أَيْضاً كَلاَمٌ كَثِيرٌ مِثْلُهُ.) إرمياء 36: 32

            14) (6رَأُوا بَاطِلاً وَعِرَافَةً كَـاذِبَةً. الْقَائِلُونَ: وَحْيُ الرَّبِّ وَالرَّبُّ لَمْ يُرْسِلْهُمْ، وَانْتَظَرُوا إِثْبَاتَ الْكَلِمَةِ.) حزقيال 13: 6

            والأمر تعدى وجود تحريفات فى الكتاب، إلى وجود من يدَّعى أنه يوحى إليه، ويؤلف كتابًا ينسبه لله. وجدير بالذكر أنه لا يوجد سفر فى الكتاب عُرفَ كاتبه على وجه اليقين. وهذا ما شهد به لوقا فى افتتاحية إنجيله، وشهد به بولس أيضًا.

            15) وها هو حزقيال يشهد بتحريف اليهود لكلام الرب: (7أَلَمْ تَرُوا رُؤْيَا بَاطِلَةً، وَتَكَلَّمْتُمْ بِعِرَافَةٍ كَـاذِبَةٍ، قَائِلِينَ: وَحْيُ الرَّبِّ وَأَنَا لَمْ أَتَكَلَّمْ؟) حزقيال 13: 7

            16) (8لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: لأَنَّكُمْ تَكَلَّمْتُمْ بِـالْبَاطِلِ وَرَأَيْتُمْ كَذِباً، فَلِذَلِكَ هَا أَنَا عَلَيْكُمْ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ.) حزقيال 13: 8

            17) (9وَتَكُونُ يَدِي عَلَى الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يَرُونَ الْبَاطِلَ وَالَّذِينَ يَعْرِفُونَ بِـالْكَذِبِ. فِي مَجْلِسِ شَعْبِي لاَ يَكُونُونَ، وَفِي كِتَابِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ لاَ يُكْتَبُونَ، وَإِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ لاَ يَدْخُلُونَ، فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا السَّيِّدُ الرَّبُّ.) حزقيال 13: 9

            18) (26كَهَنَتُهَا خَالَفُوا شَرِيعَتِي وَنَجَّسُوا أَقْدَاسِي. لَمْ يُمَيِّزُوا بَيْنَ الْمُقَدَّسِ وَالْمُحَلَّلِ، وَلَمْ يَعْلَمُوا الْفَرْقَ بَيْنَ النَّجِسِ وَالطَّاهِرِ، وَحَجَبُوا عُيُونَهُمْ عَنْ سُبُوتِي فَتَدَنَّسْتُ فِي وَسَطِهِمْ. 27رُؤَسَاؤُهَا فِي وَسَطِهَا كَذِئَابٍ خَاطِفَةٍ خَطْفاً لِسَفْكِ الدَّمِ، لإِهْلاَكِ النُّفُوسِ لاِكْتِسَابِ كَسْبٍ. 28وَأَنْبِيَاؤُهَا قَدْ طَيَّنُوا لَهُمْ بِـالطُّفَالِ، رَائِينَ بَاطِلاً وَعَارِفِينَ لَهُمْ كَذِباً، قَائِلِينَ: هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ وَالرَّبُّ لَمْ يَتَكَلَّمْ!) حزقيال 22: 26-28

            19) ويتضح نية بنى إسرائيل السيئة فى تحريف كلمة الرب فى قوله لعاموس، وذلك عن طريق إفساد الأنبياء وأخلاقهم: (11وَأَقَمْتُ مِنْ بَنِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَمِنْ فِتْيَانِكُمْ نَذِيرِينَ. أَلَيْسَ هَكَذَا يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ يَقُولُ الرَّبُّ؟ 12لَكِنَّكُمْ سَقَيْتُمُ النَّذِيرِينَ خَمْراً وَأَوْصَيْتُمُ الأَنْبِيَاءَ قَائِلِينَ: لاَ تَتَنَبَّأُوا.) عاموس 2: 11-12

            20) (16هَكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: لاَ تَسْمَعُوا لِكَلاَمِ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ فَإِنَّهُمْ يَجْعَلُونَكُمْ بَاطِلاً. يَتَكَلَّمُونَ بِرُؤْيَا قَلْبِهِمْ لاَ عَنْ فَمِ الرَّبِّ) إرمياء 23: 16

            21) حتى إن كاتب سفر المكابيين قالها صراحة إن هذا الكتاب من تأليفه هو، ومع ذلك تعتبرونه وحيًا من الله: (فإنْ كُنْتُ قد أَحْسَنْتُ التَّأْلِيِف وأَصَبْتُ الغَرَضَ فَذَلكَ مَا كُنْتُ أَتَمَنَّى. وإنْ كَانَ قَد لَحقَنى الوَهَن والتَّقْصيرُ، فإنِّى قد بَذلتُ وسعى.) مكابيين الثانى 15: 39

            22) (11«هُوَذَا أَيَّامٌ تَأْتِي يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ أُرْسِلُ جُوعاً فِي الأَرْضِ لاَ جُوعاً لِلْخُبْزِ وَلاَ عَطَشاً لِلْمَاءِ بَلْ لاِسْتِمَاعِ كَلِمَاتِ الرَّبِّ. 12فَيَجُولُونَ مِنْ بَحْرٍ إِلَى بَحْرٍ وَمِنَ الشِّمَالِ إِلَى الْمَشْرِقِ يَتَطَوَّحُونَ لِيَطْلُبُوا كَلِمَةَ الرَّبِّ فَلاَ يَجِدُونَهَا.) عاموس 8: 11-12
            ففكر عزيزى المسيحى: كيف يبحث المرء عن كلمة الرب فلا يجدها؟ فهل تعتقد (كما أفهمتك الكنيسة) أن كلمة الرب كانت منتشرة فى كتب، ولا يُعقل أن يجمع أحد كل هذه النسخ ويُحرفها؟) لقد علم الله بعلمه الأزلى أن بنى إسرائيل غلاظ القلب، وأنهم سيحرفون كلامه، فأنبأ عاموس بهذه النبوءة. ثم فكر مرة أخرى: هل من العدل أن يترك الرب عبيده هكذا بدون كتاب بعد أن رفع عنهم كلامه ، أم أنه أنزل إليهم كتابًا فيه نور وهدى وتعهَّد هو بحفظه ليكون دستورًا خالدًا تُحكم به مملكة الله على الأرض؟

            23) (6فَقَدْ أَبْطَلْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ بِسَبَبِ تَقْلِيدِكُمْ! 7يَا مُرَاؤُونَ! حَسَناً تَنَبَّأَ عَنْكُمْ إِشَعْيَاءُ قَائِلاً: 8يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هَذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ وَيُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيداً. 9وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ».) متى 15: 6-9
            ووصية الله هى الناموس والعمل به. فإذا كان الكهنة والفريسيون قد أبطلوا العمل به، وعبدوا الله بالباطل ، فقد كانوا يعبدونه إذن على أصول أخرى ما أنزلها الله فى كتابه. وهى أصول باطلة. الأمر الذى يثبت التحريف والزيغ عن الدين الحق، وتأصيل الباطل عند الناس، حتى لم يشعروا بفساد هذه التعاليم.

            24) حتى حذرهم عيسى  من تعاليم الفريسيين والصدوقيين: (6وَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «انْظُرُوا وَتَحَرَّزُوا مِنْ خَمِيرِ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ») متى 6: 6 ، أليس هذا إقرار من عيسى  بقيام الفريسيين والصدوقيين أى رجال الكهنوت مهما اختلفت مسمياتهم بتحريف تعاليم الكتاب ، والتمسك بالتقاليد؟ أليس هذا هو نفس ما قاله عيسى  للفريسيين والصدوقيين: (6فَأَجَابَ: «حَسَناً تَنَبَّأَ إِشَعْيَاءُ عَنْكُمْ أَنْتُمُ الْمُرَائِينَ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: هَذَا الشَّعْبُ يُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيداً 7وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ. 8لأَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ وَتَتَمَسَّكُونَ بِتَقْلِيدِ النَّاسِ: .. .. .. 9ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «حَسَناً! رَفَضْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ. .. .. .. 13مُبْطِلِينَ كَلاَمَ اللَّهِ بِتَقْلِيدِكُمُ الَّذِي سَلَّمْتُمُوهُ. وَأُمُوراً كَثِيرَةً مِثْلَ هَذِهِ تَفْعَلُونَ».) مرقس 7: 7-13

            25) (الَّذِينَ أَخَذْتُمُ النَّامُوسَ بِتَرْتِيبِ مَلاَئِكَةٍ وَلَمْ تَحْفَظُوهُ؟) أعمال الرسل 7: 53 فكيف لم يحفظوا الناموس ، إلا إذا أدخلوا تقاليدهم واستبدلوا بها تعاليم الله؟ رومية 3: 2-3 (... أَمَّا أَوَّلاً فَلأَنَّهُمُ اسْتُؤْمِنُوا عَلَى أَقْوَالِ اللهِ. 3فَمَاذَا إِنْ كَانَ قَوْمٌ لَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ؟)

            26) لقد أوكل الله حفظ الكتاب للكتبة ، ولم يقل إطلاقًا إنه سيحفظه ، وإلا لكان حَفِظَ الكتاب الذى كتبه بيديه لموسى على اللوحين (19وَكَانَ عِنْدَمَا اقْتَرَبَ إِلَى الْمَحَلَّةِ أَنَّهُ أَبْصَرَ الْعِجْلَ وَالرَّقْصَ. فَحَمِيَ غَضَبُ مُوسَى وَطَرَحَ اللَّوْحَيْنِ مِنْ يَدَيْهِ وَكَسَّرَهُمَا فِي أَسْفَلِ الْجَبَلِ) الخروج 32: 19 ، ولكان حَفِظَ الكتاب الذى أحرقه يهوياقيم ملك يهوذا ، ولكان حفظ اسمه أيضاً فى هذه الكتب. وبعلمه الأزلى علم أن بنى إسرائيل سيحرفونه بما يتناسب مع ميولهم، لذلك توعد المحرفين، وإلا لما استنَّ قانونًا يحذر فيه المحرفين ويتوعدهم. لأنه ليس من العقل أن يُسِنُّ الرب قانونًا لجريمة يعلم أنها لن تتم!! لذلك قال:
            (وَإِنَّنِي أَشْهَدُ لِكُلِّ مَنْ يَسْمَعُ مَا جَاءَ فِي كِتَابِ النُّبُوءَةِ هَذَا: إِنْ زَادَ أَحَدٌ شَيْئاً عَلَى مَا كُتِبَ فِيهِ، يَزِيدُهُ اللهُ مِنَ الْبَلاَيَا الَّتِي وَرَدَ ذِكْرُهَا، 19وَإِنْ أَسْقَطَ أَحَدٌ شَيْئاً مِنْ أَقْوَالِ كِتَابِ النُّبُوءَةِ هَذَا، يُسْقِطُ اللهُ نَصِيبَهُ مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ، وَمِنَ الْمَدِينَةِ الْمُقَدَّسَةِ، اللَّتَيْنِ جَاءَ ذِكْرُهُمَا فِي هَذَا الْكِتَاب") رؤيا يوحنا 22: 18-19
            (2لا تَزِيدُوا عَلى الكَلامِ الذِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهِ وَلا تُنَقِّصُوا مِنْهُ لِتَحْفَظُوا وَصَايَا الرَّبِّ إِلهِكُمُ التِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا.) التثنية 4: 2
            (32كُلُّ الكَلامِ الذِي أُوصِيكُمْ بِهِ احْرِصُوا لِتَعْمَلُوهُ. لا تَزِدْ عَليْهِ وَلا تُنَقِّصْ مِنْهُ».) التثنية 12: 32
            (5كُلُّ كَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ نَقِيَّةٌ. تُرْسٌ هُوَ لِلْمُحْتَمِينَ بِهِ. 6لاَ تَزِدْ عَلَى كَلِمَاتِهِ لِئَلاَّ يُوَبِّخَكَ فَتُكَذَّبَ.) الأمثال 30: 5-6

            27) وها هو لوقا يشهد بكثرة تأليف الأناجيل، التى أقرت الكنيسة فى القرن الرابع أربعة منها: (1إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا 2كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّاماً لِلْكَلِمَةِ 3رَأَيْتُ أَنَا أَيْضاً إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيقٍ أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ 4لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ.) لوقا 1: 1-4

            28) (6إِنِّي أَتَعَجَّبُ أَنَّكُمْ تَنْتَقِلُونَ هَكَذَا سَرِيعاً عَنِ الَّذِي دَعَاكُمْ بِنِعْمَةِ الْمَسِيحِ إِلَى إِنْجِيلٍ آخَرَ. 7لَيْسَ هُوَ آخَرَ، غَيْرَ أَنَّهُ يُوجَدُ قَوْمٌ يُزْعِجُونَكُمْ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُحَوِّلُوا إِنْجِيلَ الْمَسِيحِ. 8وَلَكِنْ إِنْ بَشَّرْنَاكُمْ نَحْنُ أَوْ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ بِغَيْرِ مَا بَشَّرْنَاكُمْ، فَلْيَكُنْ «أَنَاثِيمَا».) غلاطية 1: 6-8

            29) ولم ينته التحريف برفع عيسى  بل استمر وعلى نطاق أكبر: (17لأَنَّنَا لَسْنَا كَالْكَثِيرِينَ غَاشِّينَ كَلِمَةَ اللهِ، لَكِنْ كَمَا مِنْ إِخْلاَصٍ، بَلْ كَمَا مِنَ اللهِ نَتَكَلَّمُ أَمَامَ اللهِ فِي الْمَسِيحِ.) كورنثوس الثانية 2: 17 ،

            30) (1ثُمَّ نَسْأَلُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَاجْتِمَاعِنَا إِلَيْهِ، 2أَنْ لاَ تَتَزَعْزَعُوا سَرِيعاً عَنْ ذِهْنِكُمْ، وَلاَ تَرْتَاعُوا، لاَ بِرُوحٍ وَلاَ بِكَلِمَةٍ وَلاَ بِرِسَالَةٍ كَأَنَّهَا مِنَّا: أَيْ أَنَّ يَوْمَ الْمَسِيحِ قَدْ حَضَرَ.) تسالونيك الثانية 2: 1-2

            وقالتها ترجمة كتاب الحياة: (2ألا تضطرب أفكاركم سريعا ولا تقلقوا، لا من إيحاء ولا من خبر ولا من رسالة منسوبة إلينا زورا)

            31) (2بَلْ قَدْ رَفَضْنَا خَفَايَا الْخِزْيِ، غَيْرَ سَالِكِينَ فِي مَكْرٍ، وَلاَ غَاشِّينَ كَلِمَةَ اللهِ، بَلْ بِإِظْهَارِ الْحَقِّ،) كورنثوس الثانية 4: 17
            فهل صدق بولس فى قوله هذا وأن المحرفين كانوا أناس آخرين غيره ، أم كان هو المحرِّف ، ورمى غيره بهذه التهمة؟

            32) وها هو بولس يعترف قبل لوقا بانتشار التعاليم الباطلة من أجل التربح، واصفًا المتمسكين بالتوراة ووصايا العهد القديم مخرفين مرتدين: (10فَإِنَّهُ يُوجَدُ كَثِيرُونَ مُتَمَرِّدِينَ يَتَكَلَّمُونَ بِالْبَاطِلِ، وَيَخْدَعُونَ الْعُقُولَ، وَلاَ سِيَّمَا الَّذِينَ مِنَ الْخِتَانِ - 11الَّذِينَ يَجِبُ سَدُّ أَفْوَاهِهِمْ، فَإِنَّهُمْ يَقْلِبُونَ بُيُوتاً بِجُمْلَتِهَا، مُعَلِّمِينَ مَا لاَ يَجِبُ، مِنْ أَجْلِ الرِّبْحِ الْقَبِيحِ. 12قَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ - وَهُوَ نَبِيٌّ لَهُمْ خَاصٌّ: «الْكِرِيتِيُّونَ دَائِماً كَذَّابُونَ. وُحُوشٌ رَدِيَّةٌ. بُطُونٌ بَطَّالَةٌ». 13هَذِهِ الشَّهَادَةُ صَادِقَةٌ. فَلِهَذَا السَّبَبِ وَبِّخْهُمْ بِصَرَامَةٍ لِكَيْ يَكُونُوا أَصِحَّاءَ فِي الإِيمَانِ، 14لاَ يُصْغُونَ إِلَى خُرَافَاتٍ يَهُودِيَّةٍ وَوَصَايَا أُنَاسٍ مُرْتَدِّينَ عَنِ الْحَقِّ.) ثيطس 1: 13-14

            33) وها هو بولس يعترف أنه كذب لتمرير دينه، وليكسب أكبر عدد من من يصدقونه، والغرض واضح، وهو إيجاد دين جديد، يحارب به دين يسوع وأتباعه: (7فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟) رومية 3: 7

            ومن الذى أوحى ذلك لبولس؟
            وهل هذا اعتراف صريح من الرب بكذبه لإزدياد مجده، أم كان الكاذب هو بولس بمحض إرادته وليس بوحى من الرب؟
            وهل يلجأ الإله الصادق إلى الكذب ليزداد مجده؟
            فهل صدق الله ومجده يحتاجان إلى كذب بولس؟
            أليس الكذب دليل عجز وفشل واستهانة واستغباء بالآخرين؟ فهل تقبلون أن تصفوا إلهكم بهذه الصفات، التى تحقر مقترفها؟
            وهل عجز الرب أو فشل عن نشر كلمته بالفضيلة والصدق فلجأ إلى الكذب؟
            وهل يُعقل أن يلجأ الرب إلى الكذب والكذابين لنشر دينه بين الناس؟
            وما حكمة الإله أن يوحى إلى كذاب بنشر رسالته وتعاليمه؟
            وهل أراد أن يعلم عبيده أن الكذب منجِّى؟
            وهل رضى الرب بكذب بولس ليكسب أتباعاً جدداً لدينه؟
            أيخادع الرب عبيده؟
            ألا يُظهر هذا فشله أمام أنبيائه وعباده؟
            ألا ينقص هذا من قداسته؟
            وكيف أُأنب ابنى أو أعاقبه إذا كذب، وهو يتبع إله كاذب، لا ينشر دينه إلا بالكذب؟
            وما مصير من اتخذوا كذب الرب ذريعة وآمنوا أن الغاية تبرر الوسيلة؟
            ألا يخشى ذلك الإله من تفشى الكذب بين شعبه؟
            وكيف أثق فى هذا الإله الذى يرتكن إلى كاذب ومخادع لنشر رسالته؟
            وهل سيحاسبكم الرب على الكذب فى الآخرة يوم الحساب؟ كيف وهو ناشره؟
            وألا يوصف الرب بذلك أنه كذَّاب ، لأن من أعان على الكذب فهو كذَّاب؟
            وما الفرق بينه وبين الشيطان فى هذه الصفة الرذيلة؟
            وإذا كان إلهاً صادقاً ، فكيف يأمر بما لا يفعله هو؟ أليس ذلك من النفاق؟
            أليست هذه حجة عليه؟
            أليس هذا من الظلم؟
            ألم يقل فى الناموس (لا تكذب)؟ فلماذا أعان الكاذب وأوحى إليه؟؟؟
            وهل يتوقع الرب أن يصدقه الناس بعد أن كذب هو نفسه عليهم ليؤمنوا به؟
            وهل المغرر بهم يُحسب لهم إيمانًا، ويعتبرهم الرب من الصادقين المخلصين له؟

            وهذا جزء من أخلاق أنبياء بنى إسرائيل، الذين هم أجداد يسوع الذى تعتبره إلهًا:


            (11لأَنَّ الأَنْبِيَاءَ وَالْكَهَنَةَ تَنَجَّسُوا جَمِيعاً بَلْ فِي بَيْتِي وَجَدْتُ شَرَّهُمْ يَقُولُ الرَّبُّ.) إرمياء 23: 11

            (13وَقَدْ رَأَيْتُ فِي أَنْبِيَاءِ السَّامِرَةِ حَمَاقَةً. تَنَبَّأُوا بِالْبَعْلِ وَأَضَلُّوا شَعْبِي إِسْرَائِيلَ.) إرمياء 23: 13

            (31اَلأَنْبِيَاءُ يَتَنَبَّأُونَ بِالْكَذِبِ وَالْكَهَنَةُ تَحْكُمُ عَلَى أَيْدِيهِمْ وَشَعْبِي هَكَذَا أَحَبَّ.) إرمياء 5: 31

            (لأَنَّهُمْ مِنَ الصَّغِيرِ إِلَى الْكَبِيرِ كُلُّ وَاحِدٍ مُولَعٌ بِالرِّبْحِ مِنَ النَّبِيِّ إِلَى الْكَاهِنِ كُلُّ وَاحِدٍ يَعْمَلُ بِالْكَذِبِ.) إرميا 8: 10

            (14فَقَالَ الرَّبُّ لِي: [بِالْكَذِبِ يَتَنَبَّأُ الأَنْبِيَاءُ بِاسْمِي. لَمْ أُرْسِلْهُمْ وَلاَ أَمَرْتُهُمْ وَلاَ كَلَّمْتُهُمْ. بِرُؤْيَا كَاذِبَةٍ وَعِرَافَةٍ وَبَاطِلٍ وَمَكْرِ قُلُوبِهِمْ هُمْ يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ])إرميا 14: 14
            بل قال الرب عن أنبياء بنى إسرائيل إنهم أنبياء للضلالة والكذب، أى أتباع الشيطان: (11لَوْ كَانَ أَحَدٌ وَهُوَ سَالِكٌ بِـالرِّيحِ وَالْكَذِبِ يَكْذِبُ قَائِلاً: أَتَنَبَّأُ لَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمُسْكِرِ لَكَانَ هُوَ نَبِيَّ هَذَا الشَّعْبِ!) ميخا 2: 11

            ويُنسب إلى عيسى  أنه طعن فى كل أجداده من الأنبياء، فقال: (8جَمِيعُ الَّذِينَ أَتَوْا قَبْلِي هُمْ سُرَّاقٌ وَلُصُوصٌ وَلَكِنَّ الْخِرَافَ لَمْ تَسْمَعْ لَهُمْ.) يوحنا 10: 8 ، فقد حسم هذا النص قضية السابقين وكتبهم وتعاليمهم، فلا يبقى لكم كتاب، ولا دين، ولا فضيلة، ولا علم يُؤخذ عن هؤلاء الأنبياء!!

            كما يُنسب إليه قوله إن إبراهيم لم يُطع الله: (40وَلَكِنَّكُمُ الآنَ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ. هَذَا لَمْ يَعْمَلْهُ إِبْرَاهِيمُ)يوحنا8: 40

            (لأَنَّهُمْ مِنَ الصَّغِيرِ إِلَى الْكَبِيرِ كُلُّ وَاحِدٍ مُولَعٌ بِالرِّبْحِ مِنَ النَّبِيِّ إِلَى الْكَاهِنِ كُلُّ وَاحِدٍ يَعْمَلُ بِالْكَذِبِ.) إرميا 8: 10

            • وهذا نبى الله إبراهيم كان يتاجر فى عرض زوجته الجميلة سارة (تكوين 12: 11-16)،
            • وهذا يعقوب كذب على أبيه وسرق البركة والنبوة من أخيه، وبذلك فرض على الرب أن يوحى إليه (تكوين الإصحاح 27)، بل ضرب الرب وأجبره أن يباركه (تكوين 32: 24-30)،

            • وهذا لوط زنى بابنتيه وأنجب منهما (تكوين 19: 30-38)،
            • وهذا رأوبين يزنى بزوجة أبيه (تكوين 35: 22؛ 49: 3-4)،
            • وهذا يهوذا زنى بزوجة ابنه وأنجب منها (تكوين الإصحاح 38)،
            • وهذا موسى وهارون خانا الرب ولم يقدساه أمام بنى إسرائيل (تثنية 32: 48-51)،
            • وهذا هارون صنع العجل ودعا بنى إسرائيل لعبادته، وتركه موسى ولم يعاقبه (خروج 32: 1-6)،
            • وهذا داود زنى بزوجة جاره وقَتَلَه وخان جيشه (صموئيل الثانى صح 11)، ثم قتل أولاده الخمسة من زوجته ميكال إرضاءً للرب (صموئيل الثاني21: 8-9)، وأنه كان ينام فى حضن فتاة عذراء فى هرمه (ملوك الأول 1: 1-4)، وعلى الرغم من ذلك فإن المسِّيِّا المنتظر، الذى يُعد خاتم رسل الله، وشريعته سوف تكون الشريعة الباقية، سيأتى فى نظرهم من داود، بعد كل ما قالوه عنه،
            • وهذا أبشالوم ابن داود زنى بزوجات أبيه (صموئيل الثاني 16: 22)،
            • وهذا أمنون ابن داود زنى بأخته ثامار (صموئيل الثانى صح 13)، ناهيك عن الأنبياء الذين تركوا الرب وعبدوا الأوثان ، بل دعوا لعبادتها وبنوا لها المذابح ، وقدموا لها القرابين مثل نبى الله سليمان الحكيم (الملوك الأول 11: 4-7).


            وهذا أمنون ابن داود زنى بأخته ثامار (صموئيل الثانى صح 13)، ناهيك عن الأنبياء الذين تركوا الرب وعبدوا الأوثان ، بل دعوا لعبادتها وبنوا لها المذابح ، وقدموا لها القرابين مثل نبى الله سليمان الحكيم (الملوك الأول 11: 4-7).

            فكيف تثقون بعد ذلك فى كلام أنبيائكم وكهنتكم إذا كان علام الغيوب قد وصفهم بالكذب؟ أى يقولون ما لم يقله الله، ويدعون أنه منزَّل من عنده. أليس هذا دليل على التحريف؟ أليس هذا أكبر دليل على سحب الثقة من هذا الكتاب وهؤلاء الأنبياء؟

            أليس هذا هو الذى دعا الرب إلى تغيير شجرة النبوة إلى فرع آخر، كان مرفوضًا عند اليهود؟
            (فَأَتْرُكَ شَعْبِي وَأَنْطَلِقَ مِنْ عِنْدِهِمْ لأَنَّهُمْ جَمِيعاً زُنَاةٌ جَمَاعَةُ خَائِنِينَ. 3يَمُدُّونَ أَلْسِنَتَهُمْ كَقِسِيِّهِمْ لِلْكَذِبِ. لاَ لِلْحَقِّ قَوُوا فِي الأَرْضِ. لأَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنْ شَرٍّ إِلَى شَرٍّ وَإِيَّايَ لَمْ يَعْرِفُوا يَقُولُ الرَّبُّ.) إرميا 9: 2-3

            ألا يذكر هذا النص قرار الله بسحب شريعته من هذا الشعب وعدم جعل النبوة فى نسلهم بسبب ما اقترفوه من الزنا والكذب؟ فقد سحب الله ثقته منهم ، فكيف تقتنع أنت اليوم بالثقة فيهم وفى كتاباتهم وأقوالهم؟

            لذلك لعن يسوع شجرة التين التى ترمز للأمة اليهودية، قائلا لها: («لاَ يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ». فَيَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ.) متى 21: 19، أى لن يخرج منها نبى قط بعد الآن.

            لذلك ذكرهم مرة أخرى صراحة قائلا: (42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ».) متى 21: 42-44

            وصدق الله العظيم القائل: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ} البقرة 170

            {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} لقمان 21
            وعلى هذا فالذى يفترى على الله وينسب إليه ما لم ينزله هو ما تعودت أن تقرأه فى كتابك الذى تقدسه. فأنت مشوَّه الصورة عن الله تعالى، فالله لا يضربه نبى، ويجبره على أن يجعله نبيًا، ويوحى إليه، مشاركًا معه فى عملية النصب التى قام بها مع أمه للنصب على أبيه إسحاق الذى فقد بصره، ولم يكن يراهما (تكوين 32: 22-30).

            فلو تقوَّل نبى على الله، لما تركه الله تعالى يضل عباده. ومن هنا لم يلق الرسول  تبعية تغيير موقفه من مكة إلى المدينة على الله، وادعى أنه نسخ آيات الرحمة والرفق وغيره، واستبدلت بآيات القتال والبطش بالأعداء. ولم يقل إنسان بأن آيات الرحمة نُسخت. فتأليفك هذا هو امتداد لتأليف أنبياء ذكرهم كتابك، كانوا يؤلفون وينسبون ما كتبوا للرب.

            تعليق


            • #21
              هل يبيح الإسلام الأيمان الكاذبة؟

              أما قول الكاتب (لا يؤاخذكم الله باللغو فى إيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور رحيم". سورة البقرة 225)

              وعلى ذلك فإن أنواع الأيمان أو القسم ثلاثة أنواع:

              1- اليمين الغموس هو الحلف الكذب على أمر ماض أو حاضر وهو مدرك بكذب نفسه كقوله والله ما سرقت هذا الشىء، وهو يدرك تمامًا أنه سرقه، أو والله ما لك دين عندى، وهو يعلم أنه مُدان له. وهذا كذب ظاهر، ويُعد من الكبائر، وما أخذه حرام. وهذا له فى الإسلام عقوبة صارمة، وتحذير شديد منه، ونهى قاطع عنه!
              فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي  قال: (الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس واليمين الغموس) رواه البخاري
              وعن جابر بن عتيك  أنه سمع رسول الله  يقول: (من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة، فقال رجل: وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله؟ قال: وإن كان قضيبا من أراك). رواه مسلم

              وعن عبدالله بن مسعود قال سمعت رسول الله  يقول: (من حلف على مال امرئ مسلم بغير حق لقي الله وهو عليه غضبان قال عبدالله ثم قرأ علينا رسول الله  تصديقه من كتاب الله {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَـئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} آل عمران 77 إلى آخر الآية أخرجاه في الصحيحين

              وأما الكفارة فيها، فقد ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أنه لا كفارة في اليمين الغموس، ويجب أن يُغمس صاحبه فى النار.
              وأوجب الشافعية والأوزاعي الكفارة فيها. وتجب التوبة منها كغيرها من الذنوب مع رد الحقوق إن ضاع بسببها حق أو عفا أصحابها عنها.


              2- اليمين المنعقدة فهو حلف على شىء يريد فعله أو تركه فى المستقبل كقوله: والله لا ألبس هذا الثوب، ثم يلبسه، وهذا له كفارة: يقول سبحانه في سورة المائدة: (لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ) سورة المائدة 89

              3- اليمين اللغو فهو الحلف الذي لم يعقد عليه القلب أى يقصده كقوله أثناء الكلام لا والله وبلى والله، وهو لم يقصد عقد اليمين، أو يقسم، معتقدًا أنه صادق، أن القادم من بعيد هو فلان، ثم يجده شخصًا آخرًا. وهذا ليس عليه مؤاخذة من الله تعالى على العبد، لأنها إما زلة لسان منه، أو حلف بنية صادقة على حق توهمه: يقول الحق تبارك وتعالى: (لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) سورة البقرة 225

              من هنا يتضح لك أن اليمين الكاذب حرام شرعًا، لكن زلات اللسان لا يؤاخذ الله بها الإنسان برحمته، وعلى المسلم أن يحفظ لسانه من كثرة الأيمان دون داع، وهو أمر الله تعالى للمسلم فى آخر الآية: (وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ) سورة المائدة 89

              ويا ليتك أيها الكاتب كلفت نفسك قليلا من الوقت، وفتحت تفسير الآية، أو حتى بحثت عن "الكذب فى الإسلام" على النت! لقد كان هذا كفيلا بعدم إظهار سوء نيتك أو تحاملك على الإسلام! ولا أريد أن أقول إنه أظهر جهل الكاتب والناقل، فيكفى أنه أظهر عدم موضوعيته ككاتب فى تناول الإسلام.

              أما عن تعظيم الإسلام للصدق، فاقرأ:
              لقد أثنى سبحانه وتعالى على نبيه إسماعيل ، فقال (إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا) مريم 54، ووصف الله بالصدق نبيه محمد ، فقال جل شأنه (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ) الزمر 33

              وقد جعل الباري سبحانه الصدق من سمات أصحاب رسول رب العالمين، فقال سبحانه وتعالى (مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) الأحزاب 23

              وأمر تبارك وتعالى به المؤمنين، فقال جل ثناؤه (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) التوبة 119

              وبين تبارك وتعالى أن الصدق والكذب مقياس النجاح في دار الابتلاء والامتحان، فقال (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) العنكبوت 3

              بل وبين الله سبحانه وتعالى فضل الصدق، وعظم منزلته، وأن الصادقين يوم القيامة، سينفعهم صدقهم، وسيكون جزاؤهم الفوز العظيم، المتمثل في رضوان الله تعالى عنهم، والفوز بخلود أبدي في جنات الخلد والنعيم، يقول سبحانه وتعالى (قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) المائدة 119

              ولقد أوضح لنا المصطفى ، منزلة الصدق من الدين، وأثره عند رب العالمين، وبين كذلك أن عواقب الكذب ذميمة، ونتائجه وخيمة، فقال في الحديث الذي رواه عبد الله بن مسعود  (عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق، حتى يكتب عند الله صديقا، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب، حتى يكتب عند الله كذابا) رواه مسلم

              وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن رجلا جاء إلى النبي  فقال: (يا رسول الله ما عمل الجنة، قال: الصدق، وإذا صدق العبد بر، وإذا بر آمن، وإذا آمن دخل الجنة، قال : يا رسول الله ما عمل النار، قال: الكذب، إذا كذب العبد فجر، وإذا فجر كفر، وإذا كفر دخل يعني النار) رواه الإمام أحمد
              وقال : (أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق، حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر) البخارى

              وقَالَ : ‏"‏الْبَيِّعَان ِبِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا ـ اَوْ قَالَ حَتَّى يَتَفَرَّقَا ـ فَاِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَاِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا"‏‏.‏‏ صحيح البخارى

              وقَالَ : "مَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَهُوَ بَاطِلٌ بُنِيَ لَهُ قَصْرٌ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ وَمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَهُوَ مُحِقٌّ بُنِيَ لَهُ فِي وَسَطِهَا وَمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ بُنِيَ لَهُ فِي أَعْلاَهَا ‏"‏ ‏.‏ابن ماجه

              وكما أن الإسلام اعتبر الصدق أس الفضائل، فقد اعتبر الكذب رأس الرذائل، فبالكذب يتصدع بناء المجتمع، ويختل نظامه، ويسقط صاحبه من العيون، وتدور حوله الظنون، فلا يصدقونه في قول، ولا يثقون به في عمل، ولا يحبون له مجلسا، أحاديثه منبوذة، وشهادته مردودة. (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَاذِبُونَ) النحل 105

              وعن أبي الحوراء السعدي، قال: قلت للحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما، ما حفظت من رسول الله ، قال: حفظت من رسول الله  (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة، وإن الكذب ريبة) رواه الترمذى

              * * * * *

              تعليق


              • #22

                هل استولى المسلمون على القوافل التجارية لتمويل جيوشهم؟

                يواصل كاتب (الإسلام بدون غطاء) تشويه الإسلام والافتراء عليه تحت عنوان (نبي مكة المسالم يتحول إلى محارب لا يرحم في المدينة) متهمًا الرسول والصحابة أنهم اضطروا فى المدينة لتأسيس دولتهم وتقوية اقتصادهم وتمويل حروبهم إلى الإغارة على القبائل الأخرى والاستيلاء على ممتلكاتهم.
                و(كانت أول هذه الغزوات ما سميت "النخلة". وفيها قام المسلمون بقيادة عبد الله بن جحش بعمل كمين قرب مكان يسمى "النخلة" وانقضوا فجأة على القافلة التجارية للقرشيين فقتلوا قائدها وأسروا رجلين واستولوا على كل ما تحمله القافلة من بضائع.)

                وأقول له:

                تُسمَّى سرية عبد الله بن جحش، أو سرية نخلة وفيها أمر الرسول  عبد الله بن جحش بالتوجه إلى نخلة (وهو مكان بين مكة والطائف) لرصد قافلة لقريش، أكرر: فقط لرصدها. وكان ذلك في شهر رجب من السنة الثانية للهجرة مع ثمانية رهط من المهاجرين، ليس فيهم أحد من الأنصار، وكتب معه كتابًا فدفعه إليه، وأمره أن يسير ليلتين ثم يقرأ الكتاب فيتبع ما فيه، وكان أصحاب عبد الله بن جحش، أبو حذيفة بن عتبة وعمرو بن سراقة، وعامر بن ربيعة، وسعد بن أبي وقاص، وعتبة بن غزوان، وواقد بن عبد الله، وصفوان بن بيضاء. (سيرة ابن هشام ج2 ص448)

                فلما سار ليلتين فتح الكتاب فإذا فيه: أن أمض حتى تبلغ نخلة، فلما قرأه قال: سمعًا وطاعة لله ولرسوله، فمن كان منكم يريد الموت في سبيل الله فليمض، فإني ماض على ما أمر رسول الله، فمضى ومضى معه أصحابه ولم يتخلف عنه منهم أحد. القارىء الواع يدرك أن الرسول  لم يرسلهم للحرب ولكنه أرسلهم لرصد القافلة (لاحظ أنهم كانوا ثمانية أشخاص فقط)، وما جاء من عبد الله بن جحش ومن معه، كان اجتهاد خاص منهم. وسترى غضب الرسول  مما فعلوه.

                وكان لما حدث لهم فى مكة (فكلهم من المهاجرين) أثر فى تفكيرهم هذا:

                فهم لو تركوها حتى تأتي الليلة الأولى من شهر رجب فإن القافلة سَتُفلت، وستدخل حرم مكة، وتقوى قريش عليهم أكثر وأكثر، فقد كانوا فى الليلة الأخيرة من جماد الآخرة، قبل رجب. لذلك كانت القافلة بالنسبة لهم فرصة لأكثر من سبب فهي:

                أولًا: ستكون الضربة الأولى لقريش لأن كل الغزوات والسرايا السابقة لم تسفر حقيقة عن أي غنائم أو انتصارات، ترفع من الروح المعنوية للمسلمين المهاجرين، الذين سلبت أموالهم وتجارتهم بل وديارهم.

                ثانيًا: هذه الضربة في عمق الجزيرة العربية بعيدة جدًا من عقر دار المسلمين، وقريبة جدًا من عقر دار الكافرين، وهي تحمل جرأة لا تخفي على أحد، وسيكون لها أثر سلبي ضخم على المشركين وروحهم المعنوية.

                ثالثًا: كانت الحراسة في صحبة القافلة ضعيفة وقليلة وليست إلا أربعة رجال فقط بينما المسلمون ثمانية.

                رابعًا: المسلمون في هذه السرية من المهاجرين الذين أوذوا إيذاءًا كبيرًا من قريش، بل إن قائدهم عبد الله بن جحش  قد سلبت داره شخصيًا حين استولى عليها أبو سفيان بعد هجرة عبد الله بن جحش وباعها لنفسه.

                فلما رآهم القوم هابوهم وقد نزلوا قريبًا منهم، فأشرف لهم عكاشة بن محصن وكان قد حلق رأسه، فلما رأوه أمنوا وقالوا: عمار لا بأس عليكم منهم، وتشاور القوم فيهم، وذلك في آخر يوم من رجب، فقال القوم: والله لئن تركتم القوم هذه الليلة ليدخلن الحرمٍ، فليمتنعن منكم به، ولئن قتلتموهم لتقتلنهم في الشهر الحرام، فتردد القوم وهابوا الإقدام عليهم، ثم شجعوا أنفسهم عليهم، وأجمعوا على قتل من قدروا عليه منهم، وأخذ ما معهم، فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله، وأسروا عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان، وأفلت القوم نوفل بن عبد الله فأعجزهم، وأقبل عبد الله بن جحش وأصحابه بالعير وبالأسيرين حتى قدموا على رسول الله المدينة، وأعطوه الخمس من الغنائم، ووزعوا سائرها على أنفسهم. (سيرة ابن هشام ج2 ص449)

                فلما قدموا على رسول الله المدينة، قال: ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام، فوقف العير والأسيرين، وأبى أن يأخذ من ذلك شيئا، فلما قال ذلك رسول الله سقط في أيدي القوم، وظنوا أنهم قد هلكوا، وعنفهم إخوانهم من المسلمين فيما صنعوا، وقالت قريش: قد استحل محمد وأصحابه الشهر الحرام وسفكوا فيه الدم، وأخذوا فيه الأموال، وأسروا فيه الرجال، فقال: يرد عليهم من المسلمين ممن كان بمكة إنما أصابوا ما أصابوا في شعبان.

                فلما أكثر الناس في ذكر حرب المسلمين فى الشهر الحرام أنزل الله تعالى على رسوله، يؤيد تحريم القتال فى الأشهر الحرم، ويؤكد أيضًا على أن إخراج أهله منه أكبر من هذا الخطأ الذى وقع فيه عبد الله بن جحش ومن معه: }يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{ البقرة 217

                فالله تعالى يقول للمشركين في هذه الآيات: "نحن مُسَلِّمون أن القتال في الشهر الحرام أمر كبير، ولكن انظروا يا كفار قريش إلى ما صنعتم مع عبادنا، وقارنوا بين كبر هذا وكبر ذاك، أنتم تقولون: إن القتال في الشهر الحرام مسألة كبيرة، ولكن صدكم عن سبيل الله وكفركم به، ومنعكم المسلمين من المسجد الحرام، وإخراج أهل مكة منها أكبر عند الله من القتال في الشهر الحرام، فلا تفعلوا ما هو أكبر من القتال في الشهر الحرام، ثم تأخذكم الغيرة على الحرمات". (تفسير الشعراوي، دار أخبار اليوم، مصر، ط1، 1991م، ج2، ص930)

                "فقد صرح الوحي بأن الضجة التي افتعلها المشركون لإثارة الريبة في سيرة المقاتلين المسلمين لا مساغ لها؛ فإن الحرمات المقدسة قد انتهكت كلها في محاربة الإسلام، واضطهاد أهله، ألم يكن المسلمون مقيمين بالبلد الحرام حين تقرر سلب أموالهم، وقتل نبيهم؟ فما الذي أعاد لهذه الحرمات قداستها فجأة، فأصبح انتهاكها معرة وشناعة". (الرحيق المختوم، صفي الرحمن المباركفوري، 1998م، ص201)

                إن المسلمين لم يبدءوا بالقتال، ولم يبدأوا بالعدوان، ولكن المشركين هم الذين وقع منهم الصد عن سبيل الله؛ فلقد كفروا بالله، وجعلوا الناس يكفرون، وكفروا بالمسجد الحرام، وانتهكوا حرمته؛ فآذوا المسلمين فيه، وفتنوهم عن دينهم طوال ثلاثة عشر عاما قبل الهجرة، وأخرجوا أهله منه، وإخراج أهله منه أكبر عند الله من القتال فيه. (في ظلال القرآن، سيد قطب، دار الشروق، القاهرة، ط13، 1407هـ/1987م، ج1، ص226)

                إلا أن التلويح بحرمة الشهر الحرام كلمة حق أريد بها باطل، فهي مجرد ستار كان يحتمي خلفه المشركون، لتشويه موقف الجماعة المسلمة، وإظهارها بمظهر المعتدي، وهم المعتدون ابتداء، وهم الذين انتهكوا حرمة البيت ابتداء، والإسلام يرعى حرمات من يرعون الحرمات، ويشدد في هذا المبدأ ويصونه، ولكنه لا يسمح بأن تتخذ الحرمات متاريس لمن ينتهكون الحرمات، ويؤذون الطيبين، ويقتلون الصالحين، ويفتنون المؤمنين، ويرتكبون كل منكر، وهم في منجاة من القصاص تحت ستار الحرمات التي يجب أن تصان.

                ولذلك وجب على المسلمين أن يقاتلوهم أنى وجدوهم؛ لأنهم عادون باغون أشرار لا يرقبون حرمة ولا يتحرجون أمام قداسة، وكان على المسلمين ألا يدعوهم يحتمون بستار زائف من الحرمات التي لا احترام لها في نفوسهم. (في ظلال القرآن، ج1، ص226، 227 بتصرف من موقع بيان الإسلام)

                وبذلك قد برأ الله تعالى الرسول  وصحابته رضوان الله عليهم من هذه التهمة، إذ قرر أن الكفر بالله، وإخراج المسلمين من مكة والمسجد الحرام أشد إثمًا من القتال فى الشهر الحرام، الذى وقع أساسًا خطأً فى حساب الصحابة الذين قاموا بهذه السرية. ونحن نعلم أن الله تعالى لا يُحاسب على الخطأ غير المتعمَّد. وتفيد بعض الروايات بندم الصحابة على ما فعلوه، الأمر الذى نستشف منه علمهم بحرمة القتال فى الأشهر الحرام، وحرصهم على الإلتزام بهذا الأمر. لذلك قطعت هذه الآيات كل قول، وفصلت في الموقف بالحق، فقبض الرسول  الأسيرين والغنيمة. (في ظلال القرآن، ج1، ص225، 226 بتصرف يسير.) من موقع بيان الإسلام.

                ومن هنا نعلم أن الرسول  برىء مما حدث، فهو لم يأمرهم بقتال ابتداءً، وأخطأ المسلمون فى حساب نهاية شهر جماد الآخرة، ومن ناحية ثالثة فرد الاعتداء على المعتدين ليس باعتداء، ولو كان فى الأشهر الحرم، كما أنه رفض أن يأخذ مما غنموه شيئًا، ووبخهم على فعلتهم هذه. كما أن أحد ألد أعدائه وهو أبو سفيان شهد بعدم غدر الرسول : ففي السنةِ السابعةِ من الهجرة الْتقى أَبو سفيان بملكِ الروم هرقل، فسأَلَه عن الرسولِ : هل يَغْدِر؟
                فقالَ أَبو سفيان : لا.
                فقالَ هِرَقْل : وكذلك الرسلُ لا يَغْدِرون....

                ومن الجدير بالذكر أن حرمةَ القتالِ في الأَشهرِ الحُرُمِ مَشروطةٌ بالتزامِ الأَعداءِ بذلك، فإِنْ لم يَلْتَزموا بهذه الحرمة، وقاتلوا المسلمينَ في شَهْرٍ حرام، رَدَّ المسلمونَ عليهم، وقاتَلوهم، مدافعين عن أنفسهم في ذلك الشهر الحرامِ. فقد قال الله تعالى: }الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ{ البقرة 194

                لكن أليس من الغريب أنك تحرم على المسلمين ما تحلله لنفسك، وما تعتبره مقدسًا فى كتابك؟
                ألا تقولون إن الرب أمر موسى وبنى إسرائيل بسرقة المصريين، بل وساعدهم الرب فى سرقتهم بجعل المصريين يوافقون على إقراضهم أمتعتهم من الفضة والذهب، وذلك تعويضًا لهم عما لاقوه من تعذيب وعبودية وابتزاز فى مصر؟
                (21وَأُعْطِي نِعْمَةً لِهَذَا الشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ. فَيَكُونُ حِينَمَا تَمْضُونَ أَنَّكُمْ لاَ تَمْضُونَ فَارِغِينَ. 22بَلْ تَطْلُبُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ جَارَتِهَا وَمِنْ نَزِيلَةِ بَيْتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَاباً وَتَضَعُونَهَا عَلَى بَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ. فَتَسْلِبُونَ الْمِصْرِيِّينَ) خروج 3: 21-22
                (35وَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. طَلَبُوا مِنَ الْمِصْرِيِّينَ أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَاباً. 36وَأَعْطَى الرَّبُّ نِعْمَةً لِلشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ حَتَّى أَعَارُوهُمْ. فَسَلَبُوا الْمِصْرِيِّينَ.) خروج 12: 35-36

                فلماذا لم تستنكر سرقة الرب للمصريين وتحامله عليهم؟
                لماذا ليس لديكم مكيال واحد تقيسون به الأمور؟ ألا يكشف هذا تعصبك أيها الكاتب؟ ألا يدل هذا على عدم موضوعيتك فى تناول الأمور الدينية والتاريخية؟ أسأل الله لك الهداية!

                ألم يأخذ بنو إسرائيل غنائم فى حروبهم من أعداء الرب
                ، وقاسمهم الرب فى هذه الغنائم؟ فلماذا تكيل بمكيالين؟ أم إنك لا تعرف كتابك؟ وبعد أن عرفت أنها كانت أوامر يهوه، الذى تعتبره يسوع فى العهد الجديد، هل مازلت تؤمن بيسوع وأوامره؟
                (7فَتَجَنَّدُوا عَلى مِدْيَانَ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ وَقَتَلُوا كُل ذَكَرٍ. 8وَمُلُوكُ مِدْيَانَ قَتَلُوهُمْ فَوْقَ قَتْلاهُمْ....9وَسَبَى بَنُو إِسْرَائِيل نِسَاءَ مِدْيَانَ وَأَطْفَالهُمْ وَنَهَبُوا جَمِيعَ بَهَائِمِهِمْ وَجَمِيعَ مَوَاشِيهِمْ وَكُل أَمْلاكِهِمْ. 10وَأَحْرَقُوا جَمِيعَ مُدُنِهِمْ بِمَسَاكِنِهِمْ وَجَمِيعَ حُصُونِهِمْ بِالنَّارِ. 11وَأَخَذُوا كُل الغَنِيمَةِ وَكُل النَّهْبِ مِنَ النَّاسِ وَالبَهَائِمِ) عدد 31: 7-11

                ففى سرية النخلة قتل فرد واحد من الأربعة، فكم مليون قتل يهوه/يسوع؟ وكم من الأمم أبادوه باسم الرب إله المحبة؟ وكم من طفل وامرأة وشيخ وعاجز أمر الرب إله المحبة بإبادتهم، حتى يعلموا أنه الرب إلههم؟

                (40ومِنَ النِّساءِ ستَّةَ عشَرَ ألفًا، فكانَت جزيَةُ الرّبِّ مِنها اَثْنَينِ وثلاثينَ اَمرأةً. 41فدفَعَ موسى الجزيَةَ المُخصَّصَةَ للرّبِّ إلى ألِعازارَ الكاهنِ، كما أمرَ الرّبُّ موسى) العدد 31: 40-41 (الترجمة العربية المشتركة)، وكذلك ترجمة الأخبار السارة
                ولماذا لا تنتقد يسوع/يهوه فى استيلائه على أراضى الغير، وتوزيعها على شعبه المختار، الذى ظل يتركه طوال التاريخ ويعبد الأوثان؟ (50وَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى فِي عَرَبَاتِ مُوآبَ عَلى أُرْدُنِّ أَرِيحَا: 51«قُل لِبَنِي إِسْرَائِيل: إِنَّكُمْ عَابِرُونَ الأُرْدُنَّ إِلى أَرْضِ كَنْعَانَ 52فَتَطْرُدُونَ كُل سُكَّانِ الأَرْضِ مِنْ أَمَامِكُمْ وَتَمْحُونَ جَمِيعَ تَصَاوِيرِهِمْ وَتُبِيدُونَ كُل أَصْنَامِهِمِ المَسْبُوكَةِ وَتُخْرِبُونَ جَمِيعَ مُرْتَفَعَاتِهِمْ. 53تَمْلِكُونَ الأَرْضَ وَتَسْكُنُونَ فِيهَا لأَنِّي قَدْ أَعْطَيْتُكُمُ الأَرْضَ لِكَيْ تَمْلِكُوهَا 54وَتَقْتَسِمُونَ الأَرْضَ بِالقُرْعَةِ حَسَبَ عَشَائِرِكُمْ. الكَثِيرُ تُكَثِّرُونَ لهُ نَصِيبَهُ وَالقَلِيلُ تُقَلِّلُونَ لهُ نَصِيبَهُ. حَيْثُ خَرَجَتْ لهُ القُرْعَةُ فَهُنَاكَ يَكُونُ لهُ. حَسَبَ أَسْبَاطِ آبَائِكُمْ تَقْتَسِمُونَ.)عدد 33: 50-56
                (6فَحَرَّمْنَاهَا كَمَا فَعَلنَا بِسِيحُونَ مَلِكِ حَشْبُونَ مُحَرِّمِينَ كُل مَدِينَةٍ: الرِّجَال وَالنِّسَاءَ وَالأَطْفَال. 7لكِنَّ كُل البَهَائِمِ وَغَنِيمَةِ المُدُنِ نَهَبْنَاهَا لأَنْفُسِنَا) تثنية 3: 6- 7
                (14وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالأَطْفَالُ وَالبَهَائِمُ وَكُلُّ مَا فِي المَدِينَةِ كُلُّ غَنِيمَتِهَا فَتَغْتَنِمُهَا لِنَفْسِكَ وَتَأْكُلُ غَنِيمَةَ أَعْدَائِكَ التِي أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ.) تثنية 20: 14
                (24وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ مَعَ كُلِّ مَا بِهَا. إِنَّمَا الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ وَآنِيَةُ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ جَعَلُوهَا فِي خِزَانَةِ بَيْتِ الرَّبِّ.) يشوع 6: 24
                (27لَكِنِ الْبَهَائِمُ وَغَنِيمَةُ تِلْكَ الْمَدِينَةِ نَهَبَهَا إِسْرَائِيلُ لأَنْفُسِهِمْ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ الَّذِي أَمَرَ بِهِ يَشُوعَ. 28وَأَحْرَقَ يَشُوعُ عَايَ وَجَعَلَهَا تَلًا أَبَدِيًّا خَرَابًا إِلَى هَذَا الْيَوْمِ.) يشوع 8: 27-28

                وعلى ذلك أحل الله الغنائم فى الحرب المشروعة، ومعاملة الأعداء بالمثل: فنأسر منهم كما يأسرون منا، ونغنم منهم كما يغنمون منا، وندمرهم اقتصاديًا وعسكريًا بأخلاق الحرب فى الإسلام، كما يحاولون تدمير الإسلام والدولة الإسلامية.
                (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) التوبة 32-33

                * * * * *

                تعليق


                • #23
                  التقية بين الإسلام والكتاب المقدس:

                  أما عن مبدأ التقية فيقول الكاتب: (كلمة "التقية" تأتى من "وقاية" فمبدأ التقية فى الإسلام هو أن يكذب المسلم بلسانه ليقى نفسه أو يقى المسلمين من الضرر. هذا المبدأ يعطى المسلم الحرية أن يكذب فى ظروف يظن فيها أن حياته مهددة. فيمكن للمسلم أن يكفر بالإيمان طالما يقول ذلك بلسانه ولا يعنيه فى قلبه. هذا المبدأ مبنى على ما ورد فى هذه الآية القرآنية: "لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء (أصدقاء) من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله فى شئ إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير". سورة آل عمران 28:3)

                  التقية هي الحذر من إظهار ما في النفس من معتقد وغيره للغير، كما يمكن القول بأن التقية عند أهل السنة بأنها إظهار المسلم لبعض الأقوال والأفعال الموافقة لأهل الكفر أو الجارية على سبلهم إذا اضطر المسلم إلى ذلك من أجل اجتناب شرهم مع ثبات القلب على إنكار موافقتهم وبغضها والسعي لدفع الحاجة إليها، كما يمكن القول بأن التقية هي إظهار الكفر وإبطان الإيمان وذلك عند خوف المسلم على نفسه من الكفار والمشركين.

                  أى إن التقية هى كتمان الحق، وستر الاعتقاد فيه، وكتمان المخالفين، وترك مظاهرتهم بما يعقب ضررًا في الدين أو الدنيا" [شرح عقائد الصدوق: ص261 (ملحق بكتاب أوائل المقالات.]).

                  ألم يأمر يسوع أتباعه أن يكونوا كالحيات وسط الذئاب خوفًا من الذين يُعارضون دعوتهم أن يسلموهم إلى السلطات؟ ومعنى هذا أنهم لا يُصرحون ما يبطنونه، ولكنهم سيتعاملون بالتقية، وهى ما يسميها يسوع الحكمة: (16«هَا أَنَا أُرْسِلُكُمْ كَغَنَمٍ فِي وَسَطِ ذِئَابٍ فَكُونُوا حُكَمَاءَ كَالْحَيَّاتِ وَبُسَطَاءَ كَالْحَمَامِ. 17وَلَكِنِ احْذَرُوا مِنَ النَّاسِ لأَنَّهُمْ سَيُسْلِمُونَكُمْ إِلَى مَجَالِسَ وَفِي مَجَامِعِهِمْ يَجْلِدُونَكُمْ. 18وَتُسَاقُونَ أَمَامَ وُلاَةٍ وَمُلُوكٍ مِنْ أَجْلِي شَهَادَةً لَهُمْ وَلِلأُمَمِ.) متى 10: 16-18

                  والتقية في الإسلام غالبًا إنما هي مع الكفار، قال تعالى: {إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران، آية:28.]. قال ابن جرير الطبري: "التقية التي ذكرها الله في هذه الآية إنما هي تقية من الكفار لا من غيرهم" [تفسير الطبري: 6/316 (تحقيق شاكر.]).

                  والتقية عند أهل السنة والجماعة والإثنا عشرية واليهود مجازة بصفة عامة على العكس من المسيحية التي لا تبيح تصرفات مثل التقية مطلقا. ولكن الخلاف في معناها واستخدامها. ولكن لأنها مرتبطة دائمًا في تاريخ الأديان بصفة عامة بمراحل الاضطهاد أو التمييز القائم على العقيدة، فقد مارسها أيضًا المسيحيون الأوائل في عصر دقلديانوس، فقد اضطروا لاستخدامها في مصر وبلاد الشام. واستخدمها اليهود في أوروبا في العصور الوسطى.

                  وفي الإسلام أباحها الإسلام بصفة عامة لحماية المسلم من أي ضرر في عقيدته أو دنياه، على أن يكون باللسان فقط، ولا يُبنى عليها عمل ما. فلا أقتل أو أسرق أو أترك الصلاة أو أشرب الخمر تقية. ولكن توسع الشيعة خصوصا بكل طوائفهم في استخدامها واعتبروها من أساسيات الدين ويعزو البعض هذا إلى اضطهاد الشيعة العام عبر التاريخ خصوصا في العصر الأموي والعباسي مما جعل التقية أمرًا ضروريا لحياة الشيعي.

                  واشتق مصطلح التقية من القران الكريم من الآية:} لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ{. آل عمران 28، أى الاتقاء من الكفار، وليس الأمر بالنفاق والكذب.

                  وقوله تعالى (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ)، أى من خاف في بعض البلدان والأوقات من شرهم (أي الكافرين) فله أن يتقيهم بظاهره لا بباطنه ونيته. فقد أباح الله تعالى لمن أكره على كلمة الكفر أن يتكلم بها إذا كان قلبه مطمئنًا بالإيمان، وقال الثوري: قال ابن عباس: ليس التقية بالعمل وإنما التقية باللسان. ونقل القرطبي في تفسيره: إجماع أهل العلم على أن من أُكره على الكفر حتى خشي على نفسه القتل أنه لا إثم عليه إن كفر وقلبه مطمئن بالإيمان. وذكر أن هذا هو قول مالك والشافعي والكوفيين وقال: أجمع أهل العلم على أن من أكره على الكفر فأختار القتل أنه أعظم أجرًا عند الله ممن اختار الرخصة (أي التقية).

                  ويجب أيضًا أن نوضح أن التقية في الإسلام أشد حرمة من أكل لحم الخنزير، إذ يجوز للمضطر أكل لحم الخنزير عند الشدة، وكذلك التقية تجوز في مثل تلك الحالة فقط، فلو أن إنسانا تنزه عن أكل لحم الخنزير في حالة الاضطرار ومات، فإنه آثم عند الله. وهذا بخلاف التقية فإنه إذا لم يلجأ إليها في حالة الاضطرار ومات فإن له درجة وثوابًا عند الله، فكأن رخصة أكل لحم الخنزير تنتقل إلى العزيمة، لكن لا تنتقل رخصة التقية إلى العزيمة، بل إن من مات لدين الله، ولم يحتم التقية، فإنه سيؤجر على موته هذا أجرًا عظيمًا، والعزيمة على كل حال أفضل من التقية. والتاريخ الإسلامي شاهد على ذلك، فما عاناه الحبيب  من أذى المشركين وما تحمله الصحابة رضي الله عنهم من أذى في سبيل الله لم يجعلهم يتعذرون بالتقية. وهذا دليل على أن العزيمة هي الأصل والأفضل والأحسن. وهذا بخلاف فهم الشيعة للتقية، التى تراها ركنًا من أركان الدين، من تركها فهو بمنزلة من ترك الصلاة، ولا يجوز رفعها إلى أن يخرج القائم، فمن تركها قبل خروجه فقد خرج عن دين الله وعن دين الإمامية وخالف الله ورسوله والأئمة. (الاعتقادات، 114)

                  ويقول الخميني: وترك التقية من الموبقات التي تلقي صاحبها قعر جهنم وهي توازي جحد النبوة والكفر بالله العظيم (المكاسب المحرمة، 2/162).

                  ويرى بعض السلف أنه لا تقية بعد أن أعز الله الإسلام، قال معاذ بن جبل، ومجاهد: كانت التقية في جدة الإسلام قبل قوة المسلمين، أما اليوم فقد أعز الله المسلمين أن يتقوا منهم تقاة [انظر: تفسير القرطبي: 4/57، فتح القدير للشوكاني: 1/331].

                  لقد كذب يسوع تقية وخوفًا من اليهود عندما سأله اخوته هل سيصعد إلى العيد، فأجاب بالنفى، ثم صعد من بعدهم. أليست هذه هى التقية التى ترفضونها؟ فها هى قد أقر بها يسوع وعملها! لقد كذب على اخوته حفاظًا على حياته!! (2وَكَانَ عِيدُ الْيَهُودِ عِيدُ الْمَظَالِّ قَرِيبًا 3فَقَالَ لَهُ إِخْوَتُهُ: «انْتَقِلْ مِنْ هُنَا وَاذْهَبْ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ لِكَيْ يَرَى تلاَمِيذُكَ أَيْضًا أَعْمَالَكَ الَّتِي تَعْمَلُ 4لأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يَعْمَلُ شَيْئًا فِي الْخَفَاءِ .... 6فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «.... 8اِصْعَدُوا أَنْتُمْ إِلَى هَذَا الْعِيدِ. أَنَا لَسْتُ أَصْعَدُ بَعْدُ إِلَى هَذَا الْعِيدِ لأَنَّ وَقْتِي لَمْ يُكْمَلْ بَعْدُ». 9قَالَ لَهُمْ هَذَا وَمَكَثَ فِي الْجَلِيلِ. 10وَلَمَّا كَانَ إِخْوَتُهُ قَدْ صَعِدُوا حِينَئِذٍ صَعِدَ هُوَ أَيْضًا إِلَى الْعِيدِ لاَ ظَاهِرًا بَلْ كَأَنَّهُ فِي الْخَفَاءِ. 11فَكَانَ الْيَهُودُ يَطْلُبُونَهُ فِي الْعِيدِ وَيَقُولُونَ: «أَيْنَ ذَاكَ؟») يوحنا 7: 2-11

                  وأقر يسوع للمرأة السامرية أنه المسيح: (25قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: «أَنَا أَعْلَمُ أَنَّ مَسِيَّا الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْمَسِيحُ يَأْتِي. فَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُخْبِرُنَا بِكُلِّ شَيْءٍ». 26قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «أَنَا الَّذِي أُكَلِّمُكِ هُوَ».) يوحنا 4: 25-26

                  وامتدح بطرس لأنه عرف أنه المسيح: (16فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ». 17فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لَمْ يُعْلِنْ لَكَ لَكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 18وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضًا: أَنْتَ بُطْرُسُ وَعَلَى هَذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْنِي كَنِيسَتِي وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا. 19وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاوَاتِ. وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي السَّمَاوَاتِ».) متى 16: 16-19

                  إلا أنه أمام بيلاطس أنكر أنه المسيح، وبناءً على اعترافه والتحقيقات التى رفض فيها هذه التهمة، رأى بيلاطس أنه برىء وأراد أن يُطلق سراحه: (فَسَأَلَهُ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ: «أَسْتَحْلِفُكَ بِاللَّهِ الْحَيِّ أَنْ تَقُولَ لَنَا: هَلْ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ؟» 64قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنْتَ قُلْتَ! ) متى 26: 63-64

                  وعند لوقا قال لهم: («أَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا هُوَ») لوقا 22: 70

                  وعند يوحنا أنكر أيضًا قائلا: (34أَجَابَهُ يَسُوعُ: «أَمِنْ ذَاتِكَ تَقُولُ هَذَا أَمْ آخَرُونَ قَالُوا لَكَ عَنِّي؟») يوحنا 18: 34

                  لذلك أراد بيلاطس إطلاق سراح يسوع واعتبره برىء: (17فَفِيمَا هُمْ مُجْتَمِعُونَ قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «مَنْ تُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ؟ بَارَابَاسَ أَمْ يَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟» 18لأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُمْ أَسْلَمُوهُ حَسَدًا. 19وَإِذْ كَانَ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ قَائِلَةً: «إِيَّاكَ وَذَلِكَ الْبَارَّ لأَنِّي تَأَلَّمْتُ الْيَوْمَ كَثِيرًا فِي حُلْمٍ مِنْ أَجْلِهِ». .... 23فَقَالَ الْوَالِي: «وَأَيَّ شَرٍّ عَمِلَ؟» فَكَانُوا يَزْدَادُونَ صُرَاخًا قَائِلِينَ: «لِيُصْلَبْ!» 24فَلَمَّا رَأَى بِيلاَطُسُ أَنَّهُ لاَ يَنْفَعُ شَيْئًا بَلْ بِالْحَرِيِّ يَحْدُثُ شَغَبٌ أَخَذَ مَاءً وَغَسَلَ يَدَيْهِ قُدَّامَ الْجَمْعِ قَائِلًا: «إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ هَذَا الْبَارِّ. أَبْصِرُوا أَنْتُمْ». 25فَأَجَابَ جَمِيعُ الشَّعْبِ: «دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلاَدِنَا».) متى 27: 17-25

                  إذن فى الوقت الذى أعترف فيه يسوع للمرأة السامرية أنه هو المسِّيِّا، المسيح، برَّأ نفسه أمام بيلاطس، وأنكر هذه التهمة، وما هذا إلا التقية، التى ترفضونها عن جهل منكم بكتابكم.

                  كلنا يعلم أن القسم الصحيح لا يكون إلا باسم الله. لأن الحلف بالله دليل خضوع الإنسان له. وتؤكد ذلك دائرة المعارف الكتابية مادة (حلف - يحلف): (كان الحلف أو القسم باسم الرب ( تك 14: 22 ، تث 6: 13، قض 21: 7، راعوث 1: 17 ..إلخ) علامة الخضوع له ( تث 10: 20، إش 48: 11 ، إرميا 12: 16).)

                  وعلى ذلك فإن الحلف باسم آلهة أخرى دليل خضوع لها، أى كفر بالله، أو إشراك به: وتؤكد دائرة المعارف الكتابية مادة (حلف - يحلف) أن القسم باسم آلهة كاذبة خطية شنيعة: (ناحية أخرى منعت الحلف بآلهة كاذبة ، الأمر الذي كان يعتبر خطية شنيعة ( إرميا 12: 16، عاموس 8: 14) .)

                  كذلك القسم باسمه باطلا يستوجب الرجم، وهو ذنب لا يبرئه الله تعالى: (16وَمَنْ جَدَّفَ عَلَى اسْمِ الرَّبِّ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. يَرْجُمُهُ كُلُّ الْجَمَاعَةِ رَجْمًا. الْغَرِيبُ كَالْوَطَنِيِّ عِنْدَمَا يُجَدِّفُ عَلَى الاسْمِ يُقْتَلُ.) لاويين 24: 16

                  (7لاَ تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلَهِكَ بَاطِلًا لأَنَّ الرَّبَّ لاَ يُبْرِئُ مَنْ نَطَقَ بِاسْمِهِ بَاطِلًا.) خروج 20: 7


                  وها هو يسوع كان يعلم أن بطرس سينكره ثلاث مرات، ولم ينهه عن التقية، بل أقرها بسكوته.

                  واستخدم بولس التقية بنية تدمير الدين الذى جاء به يسوع، فعلم الناس التخلى عن الناموس، وعدم اتباعه، وأن لا يختنوا أولادهم، وحاكمه يعقوب والتلاميذ فى المحمع، وأدانوه، وطالبوه بالتكفير عن هذا الذنب، وأن يسلك هو أيضًا حافظًا للناموس. ووافقهم بولس مبدئيًا، أى تقية أن يقتلوه، إلا أنه بعد ذلك أصر على رفض الناموس ومحاربته، ورفض الختان. وربح دينه وخسر يسوع ودينه فى المعركة مع بولس، بسبب التقية الكاذبة لإنسان كاذب:
                  أعمال الرسل 21: 17-26 (17وَلَمَّا وَصَلْنَا إِلَى أُورُشَلِيمَ قَبِلَنَا الإِخْوَةُ بِفَرَحٍ. 18وَفِي الْغَدِ دَخَلَ بُولُسُ مَعَنَا إِلَى يَعْقُوبَ وَحَضَرَ جَمِيعُ الْمَشَايِخِ. 19فَبَعْدَ مَا سَلَّمَ عَلَيْهِمْ طَفِقَ يُحَدِّثُهُمْ شَيْئًا فَشَيْئًا بِكُلِّ مَا فَعَلَهُ اللهُ بَيْنَ الْأُمَمِ بِوَاسِطَةِ خِدْمَتِهِ. 20فَلَمَّا سَمِعُوا كَانُوا يُمَجِّدُونَ الرَّبَّ. وَقَالُوا لَهُ: «أَنْتَ تَرَى أَيُّهَا الأَخُ كَمْ يُوجَدُ رَبْوَةً مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُمْ جَمِيعًا غَيُورُونَ لِلنَّامُوسِ. 21وَقَدْ أُخْبِرُوا عَنْكَ أَنَّكَ تُعَلِّمُ جَمِيعَ الْيَهُودِ الَّذِينَ بَيْنَ الْأُمَمِ الاِرْتِدَادَ عَنْ مُوسَى قَائِلًا أَنْ لاَ يَخْتِنُوا أَوْلاَدَهُمْ وَلاَ يَسْلُكُوا حَسَبَ الْعَوَائِدِ. 22فَإِذًا مَاذَا يَكُونُ؟ لاَ بُدَّ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَنْ يَجْتَمِعَ الْجُمْهُورُ لأَنَّهُمْ سَيَسْمَعُونَ أَنَّكَ قَدْ جِئْتَ. 23فَافْعَلْ هَذَا الَّذِي نَقُولُ لَكَ: عِنْدَنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ عَلَيْهِمْ نَذْرٌ. 24خُذْ هَؤُلاَءِ وَتَطهَّرْ مَعَهُمْ وَأَنْفِقْ عَلَيْهِمْ لِيَحْلِقُوا رُؤُوسَهُمْ فَيَعْلَمَ الْجَمِيعُ أَنْ لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا أُخْبِرُوا عَنْكَ بَلْ تَسْلُكُ أَنْتَ أَيْضًا حَافِظًا لِلنَّامُوسِ. 25وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْأُمَمِ فَأَرْسَلْنَا نَحْنُ إِلَيْهِمْ وَحَكَمْنَا أَنْ لاَ يَحْفَظُوا شَيْئًا مِثْلَ ذَلِكَ سِوَى أَنْ يُحَافِظُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِمَّا ذُبِحَ لِلأَصْنَامِ وَمِنَ الدَّمِ وَالْمَخْنُوقِ وَالزِّنَا».26حِينَئِذٍ أَخَذَ بُولُسُ الرِّجَالَ فِي الْغَدِ وَتَطَهَّرَ مَعَهُمْ وَدَخَلَ الْهَيْكَلَ مُخْبِرًا بِكَمَالِ أَيَّامِ التَّطْهِيرِ إِلَى أَنْ يُقَرَّبَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْقُرْبَانُ.)

                  (10لأَنَّ جَمِيعَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَعْمَالِ النَّامُوسِ هُمْ تَحْتَ لَعْنَةٍ، ...) غلاطية 3: 10

                  (18فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِبْطَالُ الْوَصِيَّةِ السَّابِقَةِ مِنْ أَجْلِ ضُعْفِهَا وَعَدَمِ نَفْعِهَا، 19إِذِ النَّامُوسُ لَمْ يُكَمِّلْ شَيْئًا.) عبرانيين 7: 18-19

                  (7فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الأَوَّلُ بِلاَ عَيْبٍ لَمَا طُلِبَ مَوْضِعٌ لِثَانٍ.) عبرانيين 8: 7

                  (4قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ.) غلاطية 5: 4

                  (19فَلِمَاذَا النَّامُوسُ؟ قَدْ زِيدَ بِسَبَبِ التَّعَدِّيَاتِ، إِلَى أَنْ يَأْتِيَ النَّسْلُ الَّذِي قَدْ وُعِدَ لَهُ، مُرَتَّبًا بِمَلاَئِكَةٍ فِي يَدِ وَسِيطٍ. 20وَأَمَّا الْوَسِيطُ فَلاَ يَكُونُ لِوَاحِدٍ. وَلَكِنَّ اللهَ وَاحِدٌ. 21فَهَلِ النَّامُوسُ ضِدَّ مَوَاعِيدِ اللهِ؟ حَاشَا! لأَنَّهُ لَوْ أُعْطِيَ نَامُوسٌ قَادِرٌ أَنْ يُحْيِيَ، لَكَانَ بِالْحَقِيقَةِ الْبِرُّ بِالنَّامُوسِ.) غلاطية 3: 19-21

                  (16إِذْ نَعْلَمُ أَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَتَبَرَّرُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ، بَلْ بِإِيمَانِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، آمَنَّا نَحْنُ أَيْضًا بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، لِنَتَبَرَّرَ بِإِيمَانِ يَسُوعَ لاَ بِأَعْمَالِ ا
                  لنَّامُوسِ. لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ لاَ يَتَبَرَّرُ جَسَدٌ مَا.) غلاطية 2: 16

                  (4قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ. 5فَإِنَّنَا بِالرُّوحِ مِنَ الإِيمَانِ نَتَوَقَّعُ رَجَاءَ بِرٍّ. 6لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئًا وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ.) غلاطية 5: 4-6

                  (20وَأَمَّا النَّامُوسُ فَدَخَلَ لِكَيْ تَكْثُرَ الْخَطِيَّةُ.) رومية 5: 20

                  (21لَسْتُ أُبْطِلُ نِعْمَةَ اللهِ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِالنَّامُوسِ بِرٌّ، فَالْمَسِيحُ إِذًا مَاتَ بِلاَ سَبَبٍ.) غلاطية 2: 21

                  (5لأَنَّهُ لَمَّا كُنَّا فِي الْجَسَدِ كَانَتْ أَهْوَاءُ الْخَطَايَا الَّتِي بِالنَّامُوسِ تَعْمَلُ فِي أَعْضَائِنَا لِكَيْ نُثْمِرَ لِلْمَوْتِ.) رومية 7: 5

                  (56أَمَّا شَوْكَةُ الْمَوْتِ فَهِيَ الْخَطِيَّةُ وَقُوَّةُ الْخَطِيَّةِ هِيَ النَّامُوسُ) كورنثوس الأولى 15: 56

                  ورفض الختان فقال: (2هَا أَنَا بُولُسُ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنِ اخْتَتَنْتُمْ لاَ يَنْفَعُكُمُ الْمَسِيحُ شَيْئًا!) غلاطية 5: 2، {مع أن المسيح تم ختانه}

                  (15لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لَيْسَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئًا وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الْخَلِيقَةُ الْجَدِيدَةُ.) غلاطية 6: 15

                  هذا هو بولس الذى اتهم الرب بأنه لديه جهالة وضعف فقال: (25لأَنَّ جَهَالَةَ اللهِ أَحْكَمُ مِنَ النَّاسِ! وَضَعْفَ اللهِ أَقْوَى مِنَ النَّاسِ!) كورنثوس الأولى 1: 25

                  هذا هو بولس الذى اتهم الرب بأنه ليس لديه شفقة أو رحمة على ابنه فقال: (31فَمَاذَا نَقُولُ لِهَذَا؟ إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا فَمَنْ عَلَيْنَا! 32اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ كَيْفَ لاَ يَهَبُنَا أَيْضًا مَعَهُ كُلَّ شَيْءٍ؟) رومية 8: 31-32

                  وهذا هو بولس الذى سبَّ يسوع واعتبره مات ملعونًا طريدًا من رحمة الرب، فقال: (اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ:«مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ») غلاطية 3: 13

                  وأعتقد أنه بعد اعترافه بأنه كذب لمجد الرب، فلا لوم يقع إلا على من يتبعه: (7فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟) رومية 3: 7، (16فَلْيَكُنْ. أَنَا لَمْ أُثَقِّلْ عَلَيْكُمْ. لَكِنْ إِذْ كُنْتُ مُحْتَالًا أَخَذْتُكُمْ بِمَكْرٍ!) كورنثوس الثانية 12: 16


                  ففى الوقت الذى يحرم الرب فيه الكذب، ويُجرِّم الكذاب، لجأ هو نفسه إلى الكذاب وأبى الكذاب (الشيطان)، لينفذ له مهمته ويغوى أخاب. فما قولك بمن يتعاون مع من وصفه هو بالكذَّاب؟ ألا يفقد هذا المؤمنين بمصداقية من أوحى هذا الكتاب؟ ألا يبرىء هذا النص الشيطان مما قاله الرب فيه، ويثبت تخبُّط الرب فى أحكامه على الشيطان وظلمه له؟ فمن الذى له مصلحة فى وجود هذا النص فى الكتاب المقدس جدًا جدًا إلا الشيطان نفسه؟ (44أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالاً لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ.) يوحنا 8: 44

                  تعليق


                  • #24

                    الكذب فى الإسلام سُبة، أما كذب الرب نفسه لإزدياد مجده فهى فضيلة:
                    تكلم الكاتب بعد ذلك على الكذب فى الإسلام، ويراه من باب الخديعة، على الرغم من أنه يذكر الأحاديث التى تبيح الكذب للإصلاح بين متخاصمين، أو لمصلحة الدولة، وعدم كشف أسرارها، أو لمدح الزوجة ولتأليف القلوب بين الزوجين.

                    ولا أعلم هل يريد أن نزيد النار وقودًا بين المتخاصمين أم نتركهما يكيد كل منهما للآخر؟
                    ولا أعلم هل يريد أن نذهب بأنفسنا للعدو لنطلعه على أسرار الدولة؟ فإذا كانت هذه عقيدتهم فيجب منعهم فورًا من دخول الجيش والشرطة وتولى الوظائف الحساسة فى الدولة؟ وليتعظ من يفكر فى أن يتولى مسيحى هذه عقيدته أى منصب هام فى الدولة! ألم يهلك شمشون بعد أن أفصح للعاهرة دليلة عن سر قوته؟
                    (القضاة 16: 4-22)

                    وهل يريد أن يقول الزوج لزوجته أنت امرأة فاشلة؟ أم يأخذ بيدها لإصلاحها، ويلين قلبها لتتقبل نصحه؟

                    ثم إن موضوع رفض الكذب قد يأتى من إنسان لا يؤمن بقدسية كتابك، لكن لا يجب أن يأتى من مسيحى أو يهودى، لأن المسيحى يؤمن بازدياد مجد الرب بالكذب: (7فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟) رومية 3: 7

                    فمن الذى أوحى لبولس أن مجده لا يزداد إلا بكذبه؟ فإن كان يسوع/يهوه، فقد أحل الكذب، ورأى أن دينه لا ينتشر إلى بهذه الوسيلة الكاذبة التى تتبعها أنت والمنصرون معك. وإن كان غير يسوع سقطت عصمة الكتاب الذى تقدسه.

                    وكذب الرب نفسه فى العهد القديم، بل استعان بالشيطان ليكون لسان كذب فى فم أخاب: (19وَقَالَ: [فَاسْمَعْ إِذاً كَلاَمَ الرَّبِّ: قَدْ رَأَيْتُ الرَّبَّ جَالِساً عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَكُلُّ جُنْدِ السَّمَاءِ وُقُوفٌ لَدَيْهِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ. 20فَقَالَ الرَّبُّ: مَنْ يُغْوِي أَخْآبَ فَيَصْعَدَ وَيَسْقُطَ فِي رَامُوتَ جِلْعَادَ؟ فَقَالَ هَذَا هَكَذَا وَقَالَ ذَاكَ هَكَذَا. 21ثُمَّ خَرَجَ الرُّوحُ وَوَقَفَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: أَنَا أُغْوِيهِ. وَسَأَلَهُ الرَّبُّ: بِمَاذَا؟ 22فَقَالَ: أَخْرُجُ وَأَكُونُ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ. فَقَالَ: إِنَّكَ تُغْوِيهِ وَتَقْتَدِرُ. فَاخْرُجْ وَافْعَلْ هَكَذَا.) ملوك الأول 22: 19-22!

                    أليس الخداع نوع من أنواع الكذب؟ ألا تؤمنون بداود نبيًا من الأنبياء العظام؟ ألا تؤمنون أنه خدع أوريا الحثى بعد أن زنى بامرأته، وحمَّله خطابًا لقائد الجيش ليقضى على أوريا الحثى ويستر فضيحته مع امرأته التى حملت منه؟ ألم يخدع داود زوجاته بهذه الخيانة؟ فلماذا أوحى الرب هذه القصة عن نبى كبير من أنبيائه؟ هل يريد أن يقتدى به عبيده؟ أم يُحل الرب الكذب فى الزنى والقتل فقط؟

                    ومن عدة صفحات مضت ذكرت أخلاق الأنبياء فى الكذب والخداع وتحريف كلمة الرب، فعلام تعترض أيها الكاتب، إن كنت تؤمن أن الكذب شيئًا مقدسًا، يزيِّن الأنبياء والرب نفسه؟

                    ألم يقل الرب لآدم إنه سوف يموت إن أكل من الشجرة المحرمة عليه؟ (16وَأَوْصَى الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ قَائِلاً: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً 17وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتاً تَمُوتُ».) تكوين 2: 16-17، وأكل آدم وأكلت حواء ولم يمت أحد منهما.

                    وقال الرب لموسى : (20وَقَالَ: «لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَرَى وَجْهِي لأَنَّ الْإِنْسَانَ لاَ يَرَانِي وَيَعِيشُ».) خروج 33: 20، فى الوقت الذى رآه موسى وتكلم معه وجهًا لوجه: (11وَيُكَلِّمُ الرَّبُّ مُوسَى وَجْهاً لِوَجْهٍ كَمَا يُكَلِّمُ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ) خروج 33: 11

                    وفى الوقت الذى رأى فيه إبراهيم الرب وجلس معه تحت الشجرة، وغيره من المواقف التى تشير إلى أن هناك الكثيرون الذين تمكنوا من رؤية الرب.

                    وفى الوقت الذى كذب فيه الرب على يعقوب وأخبره أن اسمه (هو الذى هو)، أثبت سفر دانيال الذى عثر عليه فى وادى قمران أن اسم الرب هو (الله)، وقد وجد اسم الله عشر مرات فى هذا السفر الآرامى. وبذلك يكون الرب قد كذب على يعقوب، حتى لا يخبره باسمه: («هَا أَنَا آتِي إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَقُولُ لَهُمْ: إِلَهُ آبَائِكُمْ أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ. فَإِذَا قَالُوا لِي: مَا اسْمُهُ؟ فَمَاذَا أَقُولُ لَهُمْ؟» 14فَقَالَ اللهُ لِمُوسَى: «أَهْيَهِ الَّذِي أَهْيَهْ». وَقَالَ: «هَكَذَا تَقُولُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: أَهْيَهْ أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ». 15وَقَالَ اللهُ أَيْضاً لِمُوسَى: «هَكَذَا تَقُولُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: يَهْوَهْ إِلَهُ آبَائِكُمْ إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلَهُ إِسْحَاقَ وَإِلَهُ يَعْقُوبَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ. هَذَا اسْمِي إِلَى الأَبَدِ وَهَذَا ذِكْرِي إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ.) خروج 3: 13-15

                    و«أَهْيَهِ الَّذِي أَهْيَهْ» ليس هو يهوه، وذلك باعتراف الرب نفسه لموسى: (2ثُمَّ قَالَ اللهُ لِمُوسَى: «أَنَا الرَّبُّ. 3وَأَنَا ظَهَرْتُ لإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ بِأَنِّي الْإِلَهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. وَأَمَّا بِاسْمِي «يَهْوَهْ» فَلَمْ أُعْرَفْ عِنْدَهُمْ.) خروج 6: 2-3وعلى ذلك فإن الرب كذب على يعقوب وأخبره اسمًا غير اسمه الأبدى!!

                    وكذلك كذب على المصريين وخدعهم، إذ أعطاهم الرضى فى قلوبهم ليوافقوا على إقراض حليهم لبنى إسرائيل، وكان قد اتفق مع موسى  ليسرقوها. فأين الصدق فى تصرفات الرب؟: (21وَأُعْطِي نِعْمَةً لِهَذَا الشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ. فَيَكُونُ حِينَمَا تَمْضُونَ أَنَّكُمْ لاَ تَمْضُونَ فَارِغِينَ. 22بَلْ تَطْلُبُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ جَارَتِهَا وَمِنْ نَزِيلَةِ بَيْتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَاباً وَتَضَعُونَهَا عَلَى بَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ. فَتَسْلِبُونَ الْمِصْرِيِّينَ) خروج 3: 21-22

                    (35وَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. طَلَبُوا مِنَ الْمِصْرِيِّينَ أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَاباً. 36وَأَعْطَى الرَّبُّ نِعْمَةً لِلشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ حَتَّى أَعَارُوهُمْ. فَسَلَبُوا الْمِصْرِيِّينَ.) خروج 12: 35-36

                    ومن صفاته التى علمها خلقه أنه إله عادل لا يظلم أحدًا أبدًا، وقد ظلم عبده أيوب بأن اتفق مع الشيطان لإغوائه: (2لأَنَّ أَحْكَامَهُ حَقٌّ وَعَادِلَةٌ،) رؤيا يوحنا 19: 2

                    (... عَادِلَةٌ وَحَقٌّ هِيَ طُرُقُكَ يَا مَلِكَ الْقِدِّيسِينَ) رؤيا يوحنا 15: 3

                    (... حَقٌّ وَعَادِلَةٌ هِيَ أَحْكَامُكَ».) رؤيا يوحنا 16: 7
                    (6وَكَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَنَّهُ جَاءَ بَنُو اللهِ لِيَمْثُلُوا أَمَامَ الرَّبِّ وَجَاءَ الشَّيْطَانُ أَيْضَاً فِي وَسَطِهِمْ. 7فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: [مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟] فَأَجَابَ الشَّيْطَانُ: [مِنْ الْجَوَلاَنِ فِي الأَرْضِ وَمِنَ التَّمَشِّي فِيهَا]. 8فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: [هَلْ جَعَلْتَ قَلْبَكَ عَلَى عَبْدِي أَيُّوبَ؟ لأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِي الأَرْضِ. رَجُلٌ كَامِلٌ وَمُسْتَقِيمٌ يَتَّقِي اللهَ وَيَحِيدُ عَنِ الشَّرِّ]. 9فَأَجَابَ الشَّيْطَانُ: [هَلْ مَجَّاناً يَتَّقِي أَيُّوبُ اللهَ؟ 10أَلَيْسَ أَنَّكَ سَيَّجْتَ حَوْلَهُ وَحَوْلَ بَيْتِهِ وَحَوْلَ كُلِّ مَا لَهُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ؟ بَارَكْتَ أَعْمَالَ يَدَيْهِ فَانْتَشَرَتْ مَوَاشِيهِ فِي الأَرْضِ! 11وَلَكِنِ ابْسِطْ يَدَكَ الآنَ وَمَسَّ كُلَّ مَا لَهُ فَإِنَّهُ فِي وَجْهِكَ يُجَدِّفُ عَلَيْكَ]. 12فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: [هُوَذَا كُلُّ مَا لَهُ فِي يَدِكَ وَإِنَّمَا إِلَيهِ لاَ تَمُدَّ يَدَكَ]. ثمَّ خَرَجَ الشَّيْطَانُ مِنْ أَمَامِ وَجْهِ الرَّبِّ.) أيوب 2: 6-12
                    أليس هذا من باب الخداع والكذب؟ فأين العدل هنا؟ بل أين الصدق؟ وأين القدوة؟

                    بل كذب يسوع نفسه على اخوته عندما سألوه أن يذهب معهم إلى العيد فرقض، قائلا إنه لن يصعد، وبعد أن مشوا صعد هو: (2وَكَانَ عِيدُ الْيَهُودِ عِيدُ الْمَظَالِّ قَرِيباً 3فَقَالَ لَهُ إِخْوَتُهُ: «انْتَقِلْ مِنْ هُنَا وَاذْهَبْ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ لِكَيْ يَرَى تلاَمِيذُكَ أَيْضاً أَعْمَالَكَ الَّتِي تَعْمَلُ 4لأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يَعْمَلُ شَيْئاً فِي الْخَفَاءِ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ علاَنِيَةً. إِنْ كُنْتَ تَعْمَلُ هَذِهِ الأَشْيَاءَ فَأَظْهِرْ نَفْسَكَ لِلْعَالَمِ». 5لأَنَّ إِخْوَتَهُ أَيْضاً لَمْ يَكُونُوا يُؤْمِنُونَ بِهِ. 6فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «إِنَّ وَقْتِي لَمْ يَحْضُرْ بَعْدُ وَأَمَّا وَقْتُكُمْ فَفِي كُلِّ حِينٍ حَاضِرٌ. 7لاَ يَقْدِرُ الْعَالَمُ أَنْ يُبْغِضَكُمْ وَلَكِنَّهُ يُبْغِضُنِي أَنَا لأَنِّي أَشْهَدُ عَلَيْهِ أَنَّ أَعْمَالَهُ شِرِّيرَةٌ. 8اِصْعَدُوا أَنْتُمْ إِلَى هَذَا الْعِيدِ. أَنَا لَسْتُ أَصْعَدُ بَعْدُ إِلَى هَذَا الْعِيدِ لأَنَّ وَقْتِي لَمْ يُكْمَلْ بَعْدُ». 9قَالَ لَهُمْ هَذَا وَمَكَثَ فِي الْجَلِيلِ. 10وَلَمَّا كَانَ إِخْوَتُهُ قَدْ صَعِدُوا حِينَئِذٍ صَعِدَ هُوَ أَيْضاً إِلَى الْعِيدِ لاَ ظَاهِراً بَلْ كَأَنَّهُ فِي الْخَفَاءِ.) يوحنا 7: 2-10

                    فبغض النظر عن مدى الواقعية والمصداقية فى هذه الرواية، فمن المستحيل أن ينصحه تلاميذه أن يخرج ويُظهر تعاليمه للناس كلهم، وهم لا يؤمنون به!! فهل كانوا يؤيدونه قلبًا وقالبًا، ويريدون انتشار دعوته، فى الوقت الذى لا يؤمنون به؟

                    وفى نفس الوقت لا يتبع يسوع نفسه النصيحة التى أمر بها تلاميذ بعمل الصالحات أمام الناس، نشرًا للدعوة، حتى يرى الناس نورهم وأعمالهم الصالحة: (13«أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ وَلَكِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟ لاَ يَصْلُحُ بَعْدُ لِشَيْءٍ إِلاَّ لأَنْ يُطْرَحَ خَارِجاً وَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ. 14أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَلٍ 15وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجاً وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ. 16فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.) متى 5: 13-16

                    ألم أخبرك مرارًا أن كاتب هذه الأسفار من أعداء يسوع؟ إنه يُشوِّه صورة يسوع وتلاميذه فى كل موقف! إنه يُظهره هنا بأنه يأمر بما لا يفعل، وينصح بما لا يعمل! ناهيك عن أنه يريد أن يقول إن دعوته تافهة وغير صادقة، حتى إن اخوته أنفسهم لم يؤمنوا به، على الرغم من أن أخيه يعقوب كان من كبار التلاميذ، بل كان قائدهم بعد رفع يسوع.

                    كما أنه كان كاذبًا وغير مقنع فى ردوده، التى كتبوها وتبدو كالهذيان. فما معنى أن ساعته لم تحن بعد؟ لقد كانت خطته سرية، لا يعلم بها أحد. ومن الغريب أن يُلمح إليها مرتين: مرة مع أمره فى عرس قانا، علانية أمام الناس، ومرة لاخوته؟ فكيف تكون خطة الرب سرية، ولا يستطيع كتمانها ويلمح بها مرارًا؟ لا توجد إجابة غير أنه إله فاشل، يتكلم مع أغبية. ولكن لا. إن كاتب هذه الروايات لم يهمه حبك الرواية أو صحتها.

                    فهل كان يقصد ساعة موته على الصليب كما يقول القس أنطونيوس فكرى فى تفسيره؟ (وقته الذي حدده هو أن يذهب للصليب ... هو له خطة إلهية يسير بمقتضاها للصليب وذلك بالإتفاق مع الآب). وتخيل هذه الخطة الإلهية التى يعتقدها الكاتب والمفسٍّر، والتى يسير يسوع بمقتضاها، قد نفاها يسوع نفسه لليهود، وأخبرهم أنهم لن يقبضوا عليه أو يمسكوه/ ولن يصلبوه، لأنه فى هذا الوقت سيكون فوق، أنقذه ربه، لأنه فى كل ساعة يفعل ما يرضيه: (21قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضاً: «أَنَا أَمْضِي وَسَتَطْلُبُونَنِي وَتَمُوتُونَ فِي خَطِيَّتِكُمْ. حَيْثُ أَمْضِي أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا» ... 23.... «أَنْتُمْ مِنْ أَسْفَلُ أَمَّا أَنَا فَمِنْ فَوْقُ. أَنْتُمْ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ. 24فَقُلْتُ لَكُمْ إِنَّكُمْ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ لأَنَّكُمْ إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا أَنِّي أَنَا هُوَ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ». .... لَكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ حَقٌّ. وَأَنَا مَا سَمِعْتُهُ مِنْهُ فَهَذَا أَقُولُهُ لِلْعَالَمِ». .... 28فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «مَتَى رَفَعْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُونَ أَنِّي أَنَا هُوَ وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئاً مِنْ نَفْسِي بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهَذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي. 29وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ».) يوحنا 8: 21-29

                    وصدق كاتب الرسالة إلى العبرانيين على إنقاذ الله تعالى ليسوع، واستجابته لدعائه: (7الَّذِي، فِي أَيَّامِ جَسَدِهِ، إِذْ قَدَّمَ بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طِلْبَاتٍ وَتَضَرُّعَاتٍ لِلْقَادِرِ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ الْمَوْتِ، وَسُمِعَ لَهُ مِنْ أَجْلِ تَقْوَاهُ،) العبرانيين 5: 7

                    وعلى ذلك إما كان يسوع كاذبًا فى الحديث عن ساعته التى لم تحن بعد، أى خطته السرية وصلبه نيابة عن البشرية، أو كذب على اليهود، وادعى بطولة زائفة وأنهم لن يقبضوا عليه، ولن يمسوه بأذى، لأنه سيكون خارج هذا العالم.

                    وفى الحقيقة أنا أعلم أن خطتى للهرب لإنقاذ نفسى تكون سرية حتى لا يقوضها أحد! لكن أن تكون هناك خطة سرية لموتى، أعلمها أنا بنفسى ولا أحاول أن أقوضها، فهذا انتحار! والانتحار ضعف أو يأس وهذه صفات لا ينسبها للرب إلا كافر، أو أحمق، أو جاهل لا يعرف قدر الله!

                    ولو كانت هذه هى خطته، فلماذا كان فى نفس الوقت يهرب منهم ويختفى من التواجد حيث يتواجدون، ويصلى بأشد تضرع لله تعالى أن ينقذه منهم؟ أليس هذا بدليل على أنه لا يريد الموت؟ فلو كان يريد أن يموت على الصليب لتغيَّر دعاؤه فى الصلاة إلى رجاء أن يموت ليفدى الناس! هذا إن جاز أن يصلى الرب من الأساس ويتعبَّد لنفسه إن كان متحدًا مع الآب، أو لأبيه إن كان منفصلا عنه!

                    وبما أن خطته كانت سرية، فما كان له حتى أن ينوِّه عنها، فكيف فهموا هم أنفسهم كلامه دون تعليق أو حتى سؤال. وهو نفس الرد الذى قاله لأمه فى عرس قانا فى الاصحاح الثانى بإنجيل يوحنا.

                    وبغض النظر عن هذا لقد أقنع يسوع تلاميذه أنه لن يصعد إلى العيد، وأقنعم بالظروف التى تمنعه، ثم صعد خفية! ألا يُعد هذا كذبًا أو خوفًا من اخوته غير المؤمنين به، أو تقية؟

                    وسألوه عن موعد الساعة، فأخبرهم أنه لا يعلم بها أحد إلا الآب: (36وَأَمَّا ذَلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ وَلاَ مَلاَئِكَةُ السَّمَاوَاتِ إِلاَّ أَبِي وَحْدَهُ.) متى 24: 36

                    ألا تؤمنون أنه والآب واحد؟ فعلى ذلك لابد أن يكون بينهم اتحاد فى العلم والقدرة والحكمة وكل الصفات! أو أن يكون الآب هو نفسه الابن وهو نفسه الروح القدس.

                    وهنا يمكننا أن نقول إما كذب يسوع فى رده هذا بعدم علم الساعة، وإما كذبتم أنتم عليه بتأليهكم إياه!
                    وأعتقد أنه فى هذا القدر البسيط تتضح الفكرة. ألم أقل لكم أعزائى القراء إنه يرمى الإسلام بما يعانيه من كتابه؟

                    * * *

                    تعليق


                    • #25


                      أما قول الكاتب:

                      (وبناء على هذا المبدأ فإن المسلم من حقه أن يقول أى شئ بل ويرتكب الكثير من المحرمات طالما أنه لا يقتل إنسانًا آخرًا. وهذه أمثلة لما يحل للمسلم تحت مبدأ "التقية". فيمكن للمسلم أن: يشرب الخمر، ويترك الصلاة، ويتوقف عن صوم رمضان.- يعلن كفره بالله.- يسجد لغير الله.- يحلف اليمين كذبًا.)

                      وقوله: (هذا المبدأ الذى يجيز الكذب فى سبيل الإسلام له عواقبه الخطيرة فيما يتعلق بنشر الإسلام فى الغرب. فقد رأينا كيف أن دعاة الإسلام يقومون بخطط خادعة فى محاولتهم لصقل صورة الإسلام وجعله أكثر جاذبية. إنهم يحرصون على استبعاد كل التعاليم السلبية التى يمكن أن تنفر الإنسان الغربى من الإسلام.

                      وكمثال لمحاولات الخداع هو محاولة دعاة الإسلام أن يقتبسوا دائمًا من القرآن المكى الآيات التى تدعو إلى السلام والتسامح مع من لا يؤمنون بالإسلام. هذا بينما هم يعلمون أن معظم هذه الآيات قد تم نسخها (استبدالها) بآيات أخرى نزلت فى المدينة وتدعو إلى القتل والعنف مع غير المسلمين.)

                      وأقول له:

                      أثبتنا كذب الكاتب وجهله وتحايله على الإسلام، بل وتعمده تشويه الحقائق الساطعة عن هذا الدين، فى كل مرة من المرات السابقة. وأثبتنا انتقائه لبعض الآيات أو جزء منها ليثبت نظريته التى وضعها مسبقًا، ويلهث وراءها لإثباتها. فقلنا إن الإسلام حرم الكذب فى كل أشكاله، وأبقى على الكذب لحماية الدولة والعباد، ولا أعلم كيف يستهجن هذا التصرف الذى فيه أمنه هو وكنائسه واخوانه فى الدول الإسلامية؟ وأبقى كذلك على الكذب لمصالحة اثنين متخاصمين، والكذب على الزوجة لتدليلها وليس لخداعها.

                      وأثبتنا حرص القرآن والرسول  على الصدق ورفعه من شأن الصادقين. ونهيهما عن الكذب، وتحقير الكذابين، وبيان موقف الله تعالى منهم فى الدنيا والآخرة، وأثبتنا أن التقية هى بالقول وليس بالعمل، فلا يجوز شرب الخمر أو ترك الصلاة أو الصيام تقية، وهذا بإجماع علماء المسلمين السنة.

                      أما قوله (إنهم يحرصون على استبعاد كل التعاليم السلبية التى يمكن أن تنفر الإنسان الغربى من الإسلام)، فهو لم يثبت حتى اللآن سلبية واحدة فى الإسلام، بل رمى الإسلام بما ينفره فى دينه وكتابه!!

                      أما قوله بنسخ الآيات التى تحث على الرحمة والمودة بالآخرين، وأنها آيات مكية نسختها الآيات المدنية فهو وهم عنده، كان يتمنى صدقه، لأنه يقبل العمى والحرق على أن يقول كلمة صدق واحدة فى الإسلام. فلم يقل بنسخ هذه الآيات إلا هو، دون علماء المسلمين بكل طوائفهم. والذى لا يعرفه أنه لا ناسخ ولا منسوخ إلى فى التشريعات لحكمة التدرج، ولا يوجد نسخ لا فى القصص، ولا فى العقيدة، ولا فى صفات الله تعالى. ومن ضمن العقائد الثابتة فى الإسلام أنه لا إكراه فى الدين لقول الله تعالى فى سورة البقرة المدنية، والتى نزلت فى العام الثانى من الهجرة، لأن فيها فرض الصيام، وقد صام النبى  تسع رمضانات، أولها من العام الثانى الهجرى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) البقرة 256

                      كما أثبتنا أن يهوه الذى تحول إلى يسوع فى العهد الجديد لم يعرف الرحمة قط مع المخالفين لبنى إسرائيل، بل أمر بخداع أعداء بنى إسرائيل وأمرهم بالكذب تقية: (21وَأُعْطِي نِعْمَةً لِهَذَا الشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ. فَيَكُونُ حِينَمَا تَمْضُونَ أَنَّكُمْ لاَ تَمْضُونَ فَارِغِينَ. 22بَلْ تَطْلُبُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ جَارَتِهَا وَمِنْ نَزِيلَةِ بَيْتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَابًا وَتَضَعُونَهَا عَلَى بَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ. فَتَسْلِبُونَ الْمِصْرِيِّينَ) خروج 3: 21-22

                      (35وَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. طَلَبُوا مِنَ الْمِصْرِيِّينَ أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَابًا. 36وَأَعْطَى الرَّبُّ نِعْمَةً لِلشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ حَتَّى أَعَارُوهُمْ. فَسَلَبُوا الْمِصْرِيِّينَ.) خروج 12: 35-36

                      ألم يأمر يسوع بهذه التقية ومارسها تحت اسم يهوه؟
                      ألم يقل إنه لم يأت ناقضًا للناموس أو الأنبياء، أى وافق على كل ما جاء فيه؟
                      ألم يتولى يعقوب جد يسوع النبوة بالكذب على أبيه إسحاق، وبموافقة الرب ومباركته؟

                      والغريب أن يعقوب، هذا الذى كذب وافترى على أخيه وابتزه، وتآمر مع أمه على أبيه لينال البركة والنبوة، اعتبره يسوع فى الملكوت: (11وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ مِنَ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ وَيَتَّكِئُونَ مَعَ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.) متى 8: 11

                      ألم يتولى سليمان جد يسوع النبوة بالكذب مع أمه والتحايل على داود، وبموافقة الرب؟ واعتبره يسوع/يهوه حكيمًا وعظيمًا: (42مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِ مَعَ هَذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُ لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ هَهُنَا!) متى 12: 42

                      ألا تكذب أنت وتفترى على الإسلام ما ليس فيه إما بجهل وإما بتعمُّد لتَصُدَّ عنه الداخلين فيه؟ وهذا كذب وليس تقية.

                      وأبو الأنبياء كما أطلق عليه يسوع كذب تقية فرعون وضحى بشرفه وعفة زوجته من أجل الحفاظ على حياته ومن أجل ما سيدفعه فرعون مقابل هذا: (11وَحَدَثَ لَمَّا قَرُبَ أَنْ يَدْخُلَ مِصْرَ أَنَّهُ قَالَ لِسَارَايَ امْرَأَتِهِ: «إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ امْرَأَةٌ حَسَنَةُ الْمَنْظَرِ. 12فَيَكُونُ إِذَا رَآكِ الْمِصْرِيُّونَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: هَذِهِ امْرَأَتُهُ. فَيَقْتُلُونَنِي وَيَسْتَبْقُونَكِ. 13قُولِي إِنَّكِ أُخْتِي لِيَكُونَ لِي خَيْرٌ بِسَبَبِكِ وَتَحْيَا نَفْسِي مِنْ أَجْلِكِ». 14فَحَدَثَ لَمَّا دَخَلَ أَبْرَامُ إِلَى مِصْرَ أَنَّ الْمِصْرِيِّينَ رَأَوُا الْمَرْأَةَ أَنَّهَا حَسَنَةٌ جِدًّا. 15وَرَآهَا رُؤَسَاءُ فِرْعَوْنَ وَمَدَحُوهَا لَدَى فِرْعَوْنَ فَأُخِذَتِ الْمَرْأَةُ إِلَى بَيْتِ فِرْعَوْنَ 16فَصَنَعَ إِلَى أَبْرَامَ خَيْرًا بِسَبَبِهَا وَصَارَ لَهُ غَنَمٌ وَبَقَرٌ وَحَمِيرٌ وَعَبِيدٌ وَإِمَاءٌ وَأُتُنٌ وَجِمَالٌ.) تكوين 12: 11-16

                      فعلام تعترض؟ لقد كذب الرب يهوه ↔ يسوع فى كتابك، وبارك الكذابين، وسار على هواهم، وأعطاهم النبوة والبركة، ثم فجأة تتبرأ أنت من كل هذه النصوص المقدسة، راميًا الإسلام بها، أو منتقدًا فى الإسلام أشياء لم تع حقيقتها!! عجبت لك!!

                      تعليق


                      • #26

                        غزوة بدر ومقتل عقبة بن معيط:
                        ومازال الكاتب الجاهل يفترى قائلا: (على أن نقطة التحول في حياة محمد كانت هي غزوة بدر. وفيها انتصر المسلمون وقتلوا العشرات من أهل مكة، وأيضا أخذوا العديد من الأسرى، هذا بالإضافة إلى الكثير من الغنائم. وفى طريقهم إلى المدينة قتل المسلمون بعض هؤلاء الأسرى. وكان واحد من هؤلاء هو عقبه إبن معيط. وقبل قتله توسل عقبه إلى النبي قائلا "وأين تذهب إبنتي بعد موتى؟" وكان جواب محمد "إلى نار جهنم".)

                        وأقول لمؤلف المسرحية لدرامية هذا:
                        من هو عقبة بن معيط هذا؟
                        هو عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. أى من أشراف قريش. وكان يحرض أمية بن خلف على تعذيب عبده سيدنا بلال ابن رباح. بل كان يتلذذ بتعذيب النبى :
                        عن ابن مسعود  قال: بينما رسول الله  يصلي عند البيت، وأبو جهل وأصحاب له جلوس، وقد نحرت جزور بالأمس. فقال أبو جهل: أيكم يقوم إلى سلا جزور بني فلان فيأخذه، فيضعه في كتفي محمد إذا سجد؟ فانبعث أشقى القوم (عقبة ابن معيط) فأخذه. فلما سجد النبي  وضعه بين كتفيه. قال: فاستضحكوا. وجعل بعضهم يميل على بعض. وأنا قائم أنظر. لو كانت لي منعة طرحته عن ظهر رسول الله . والنبي  ساجد، ما يرفع رأسه. حتى انطلق إنسان فأخبر فاطمة. فجاءت فطرحته عنه. فلما قضى النبي  صلاته رفع صوته ثم دعا عليهم. وكان إذا دعا، دعا ثلاثا. وإذا سأل، سأل ثلاثا. ثم قال (اللهم! عليك بقريش) ثلاث مرات. فلما سمعوا صوته ذهب عنهم الضحك. وخافوا دعوته. ثم قال (اللهم! عليك بأبي جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عقبة، وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي معيط) فوالذي بعث محمدًا  بالحق! لقد رأيت الذين سمي صرعى يوم بدر. ثم سحبوا إلى القليب، قليب بدر. رواه مسلم

                        لذلك لم يُأسر عقبة ابن أبى معيط كما يدعى المسيحيون، فهذا من تأليفهم، ولكنه قُتل فى ساحة المعركة ضمن من دعا عليهم النبى  فى بدر. وهذا من علامات نبوته ، أنه كان مستجاب الدعوة. وقتل عقبة ابن أبى معيط هذا على يد عاصم ابن ثابت (نيل الأوتار 8/14)

                        وقد قتل أمية بن خلف (معاذ بن عفراء وخارجة بن زيد وبلال بن رباح)؛ وقتل عتبة بن ربيعة (عبيد بن الحارث بن المطلب)؛ وقتل شيبة بن ربيعة (حمزة بن عبد المطلب)؛ وقتل عمرو بن هشام (أبى جهل) (معاذ بن عمرو ومعوذ بن عفراء وعبد الله بن مسعود الذى اجتز رأسه)؛ وقتل الوليد بن عقبة (على بن أبى طالب).

                        واختلف المسلمون هل يقتلون الأسرى السبعين أم يقبلون الفدية ويطلقونهم؟ فأشار عمر بن الخطاب  بقتلهم، وأشار أبو بكر  أن يُطلق سراحهم مقابل فدية تُعين المسلمين على قضاء حوائجهم، وأخذ الرسول  برأي أبي بكر. ألا يدل ذلك على ميل الرسول  إلى الرحمة واللين حتى مع من يحاربونه، ويريدون قتله؟ ولا تنس أيها الكاتب أن ذلك حدث بعد هجرته من مكة إلى المدينة، أى فى الفترة التى تتهمه ظلمًا وزورًا أنه تغير من الرحمة واللين إلى القسوة والعنف.

                        ولكن القرآن الكريم نزل مؤيدًا لرأي عمر بن الخطاب  فقال الله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} الأنفال 67-68

                        وكما رأينا فقد قتل هؤلاء فى ساحة المعركة، أما ما يدعيه الكاتب المثقف الأمين من أنه استعطف النبى  ألا يقتله من أجل ابنته، فما كان لعربى مقاتل أن يتذلل لعدوه، مهما كلفه ذلك الأمر. فأنت قد أثرت بفيلم عربى رأيته قبل كتابك هذا.

                        ثم ألا تعلم أن الفتاة عند العرب لم تكن تساوى شيئًا؟ ألم يكن وأد البنت حية خوفًا من العار هو العرف الجارى عندهم؟ فما الذى جعل هذا الكافر يستبقى هذه الابنة، بل ويتذلل ويريق ماء وجهه من أجلها؟

                        ثم سؤاله: أين تذهب ابنتى بعد موتى؟ سؤال غبى يُقصد منه إثارة العاطفة وتقليب النفوس ضد نبى الرحمة ، ويستغبى القارىء الواعى. ويُفهم منه أن ابنته كانت صغيرة السن وقتها، ربما لن تتعد الثلاث سنوات. فمن الطبيعى أنه يعلم أنه فى الحرب إما قاتل أومقتول، ومن البديهى أن زوجته أو احدى زوجاته ستقوم على تربية الطفلة، أو سيكفلها جدها أو أحد اخوته أو اخواتها الذكور.

                        لكن هل كان لعقبة ابن أبى معيط ابنة صغيرة؟ وهل كان لهذه الفتاة أخوة ذكور؟
                        اقرأ هداك الله: نزلت سورة الممتحنة في أم كلثوم بنت عقبة ابن أبى معيط وكانت قد هربت من زوجها عمير بن العاصي فأسلمت فجاء أهلها يسألون رسول الله  أن يردوها بموجب الصلح وكان معها اثنان من أخواتها الذكور فرد رسول الله  أخويها ولم يردها وقال الشرط بيننا في الرجال ولم يكن في النساء.

                        ومن المعلوم أن صلح الحديبية هذا كان فى شهر شوال فى العام السادس من الهجرة. وكانت غزوة بدر فى العام الثانى من الهجرة. أى كانت ابنته هذه أصغر أربع سنوات فقط من وقت صلح الحديبية، ويؤخذ فى الاعتبار أن عمرها وقتها مكنها من التعرف على الإسلام، والدخول فيه بمحض إرادتها، على الرغم من مقتل أبيها فى غزوة بدر، قبلها بأربع سنوات، كما مكَّنها من الهروب من مكة إلى المدينة بعد إسلامها، وكان معها اثنان من اخوتها الذكور. الأمر الذى لا يستتبع أى قلق على هذه المرأة مهما كان سنها.

                        ألم أقل لكم إن هذه الحكاية ملفقة لتنفير المسيحيين من الإسلام وسط هذا التيار الجارف من إقبال الناس على الإسلام
                        فى كل مكان فى العالم، وخوفًا من انقراض المسيحية فى مصر فى غضون السنوات القليلة القادمة، حيث يسلم يوميًا كما قال الأنبا بيشوى فى تسجيل صوتى بين 80 و200 فردًا منهم؟

                        نبذات عن رحمة النبى  مع الخلق كله:
                        وأهديك أيها الكاتب نبذات عن رحمة الرسول  بالعالمين؛ لعلك تتذكر أو تخشى. فقد بلغ النبيُّ  في حلمه، وعفوه في دعوته إلى الله تعالى الغاية المثالية، والدلائل على ذلك كثيرة جدًّا، فقد كان رحيمًا حليمًا مع أهل بيته، والسيدات بصفة خاصة، والأطفال، والأعداء، والمنافقين، ومن حاولوا قتله، من رفضوا دعوته، ومن آذوه، وأهل الكتاب، والحيوانات والطيور، والنباتات.

                        وقد صدق الله العظيم فيما قاله فيه : {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين} الأنبياء 107، وقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} القلم 4
                        وقال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} التوبة 128

                        وعليك أن تدرك أن كل غزوات الرسول  كانت فى فترة وجوده فى المدينة، أى بعد الهجرة من مكة، الأمر الذى يعنى أن أهل مكة هم الذين كانوا يذهبون إليه لمحاربته، بعد أن ترك لهم البلد مكة، وتآمروا مع يهود المدينة، وتآمروا هم معهم لقتل الرسول وإخراجه من المدينة، والقضاء على دعوته.

                        رحمته مع من أراد قتله :
                        وغزوة ذات الرقاع، التى حدثت في السنة السابعة بعد خيبر. لأن أبا هريرة وأبا موسى الأشعري – رضي الله عنهما – كانا في هذه الغزوة، وهما إنما جاءا إلى النبي  أول مرة بعد فتح خيبر. ومن أروع ما وقع في هذه الغزوة أن رسول الله  نزل ذات يوم تحت شجرة ظليلة، فعلق بها سيفه ونام، وتفرق الناس تحت الأشجار وناموا، فجاء رجل من المشركين [يُدعى غورث بن الحارث]، فاخترط سيف رسول الله  وهو نائم، فاستيقظ وهو في يده صلتا. فقال: أتخافني؟ قال: لا. قال: فمن يمنعك مني؟ قل: الله. فسقط السيف من يده. فأخذه رسول الله  وقال: من يمنعك مني؟ قال: كن خير آخذ. فدعاه إلى الإسلام فلم يسلم. ولكنه أعطى العهد أنه لا يقاتله، ولا يكون مع قوم يقاتلونه، فخلى سبيله، فذهب إلى قومه، وقال: جئتكم من عند خير الناس.

                        الله أكبر! ما أعظم هذا الخلق! وما أكبر أثره في النفس! أعرابي يريد قتل النبي  ثم يعصمه الله منه، ويمكِّنه من القدرة على قتله، ثم يعفو عنه، وهو عدوه، ويكتفى فقط بأخذ العهد منه على ألا يحاربه! ماذا تريد أكثر من ذلك أيها الكاتب غير الدقيق فيما تنقل، وفيما تعلمته؟ كل ما كان يريده الرسول  هو ألا يحاربه الرجل، ويعرض عليه الدعوة، تطبيقًا لقول الله تعالى: (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ) الكهف 29
                        والله لو لم يفعل الرسول  شيئًا فى حياته غير هذا الموقف لكفاه لإثبات أنه نبى الرحمة! إن هذا لخلقٌ عظيم، فصدق من قال فيك: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} القلم 4

                        وهذا الخلق الحكيم قد أثر في حياة الرجل، وأسلم بعد ذلك، فاهتدى به خلق كثير. فهل علمت لماذا يسلم الناس؟ بسبب هذا الخلق الرفيع. ويعلم المنصرون ذلك. ولذلك ينشرون كل الأكاذيب التى تُصدق، والتى لا تُصدق عن هذا النبى ، فى محاولة منهم لصد الناس عنه. وهم امتداد لكفار قريش، وكفار بنى إسرائيل، الذين سبوا إلههم، ووصفوه بما لا يليق، وشوهوا صورة أنبيائهم فى قصص جمعت فى كتاب أسموه التوراة وآخر أسموه الإنجيل أو الكتاب المقدس.

                        مثال آخر: مع الحبر اليهودى زيد بن سعنة:
                        كان النبي  يعفو عند القدرة، ويحلُم عند الغضب، ويحسن إلى المسيء، وقد كانت هذه الأخلاق العالية من أعظم الأسباب في إجابة دعوته والإيمان به، واجتماع القلوب عليه، ومن ذلك ما فعله مع زيد بن سعنة، أحد أحبار اليهود وعلمائهم الكبار.
                        جاء زيد بن سعنة إلى رسول الله  يطلبه دينًا علـيه، فأخذ بمجامع قميصه وردائه وجذبه، وأغلظ لـه القول، ونظر إلى النبي  بوجهٍ غليظٍ وقال: يا محمد، ألا تقضيني حقي، إنكم يا بني عبد المطلب قوم مُطْلٌ، وشدّد لـه في القول، فنظر إليه عمر وعيناه تدوران في رأسه كالفلك المستدير، ثم قال: يا عدو الله، أتقول لرسول الله  ما أسمع، وتفعل ما أرى، فوالذي بعثه بالحق لولا ما أُحاذر لومه لضربت بسيفي رأسك، ورسول الله  ينظر إلى عمر في سكون وتُؤَدَةٍ وتَبَسُّمٍ، ثم قال: «أنا وهو يا عمر كنا أحوج إلى غير هذا منك: أن تأمرني بحسن الأداء، وتأمره بحسن التقاضي، اذهب به يا عمر فاقضه حقه، وزده عشرين صاعًا من تمرٍ»، فكان هذا سببًا لإسلامه، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

                        وكان زيد قبل هذه القصة يقول: (لم يبق شيء من علامات النبوة إلا وقد عرفتها في وجه محمد  إلا اثنتين لم أخبرهما منه: يسبق حلمه جهله، ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلمًا).

                        فاختبره بهذه الحادثة فوجده كما وُصِفَ، فأسلم وآمن وصدق، وشهد مع النبي  مشاهده، واستشهد في غزوة تبوك مقبلًا غير مدبر.
                        مثال آخر: مع ثمامة بن أثال:
                        روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة  أنه قال: بعث رسول الله  خيلًا قِبَلَ نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة، يقال لـه ثمامة بن أُثال، سيد أهل اليمامة، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه رسول الله  فقال: «ماذا عندك يا ثمامة؟» فقال: عندي يا محمد خير، إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تُنعم تُنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت، فتركه رسول الله  حتى كان بعد الغد، فقال: «ما عندك يا ثمامة؟» فقال: ما قلت لك، إن تنعم تنعم على شاكر، وإن تقتل تقتل ذا دم، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت، فتركه رسول الله  حتى كان من الغد، فقال: «ماذا عندك يا ثمامة؟» فقال: عندي ما قلت لك، إن تنعم تنعم على شاكر، وإن تقتل تقتل ذا دم، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت، فقال رسول الله : «أطلقوا ثمامة»، فانطلق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل، ثم دخل المسجد فقال: (أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، يا محمد! والله ما كان على الأرض وجهٌ أبغض إليَّ من وجهك، فقد أصبح وجهك أُحبَّ الوجوه كلها إليَّ، والله ما كان من دين أبغض إليَّ من دينك، فأصبح دينك أحب الدين كله إليَّ، والله ما كان من بلد أبغض إليَّ من بلدك، فأصبح بلدك أحب البلاد كلها إليَّ، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة فماذا ترى؟ فبشره رسول الله ، وأمره أن يعتمر، فلما قدم مكة قال لـه قائل: أصبوت؟ فقال: [لا والله]، ولكني أسلمت مع رسول الله  ، ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله  ). (البخارى برقم 4372، ومسلم برقم 1764)

                        مثال آخر: مع من جبذه بردائه :
                        عن أنس بن مالك –  – قال: كنت أمشي مع النبي  وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذةً شديدة حتى نظرت إلى صفحة عاتق النبي  قد أثّرت به حاشية الرداء من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد، مُرْ لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله  فضحك، ثم أمر لـه بعطاء. (البخارى برقم 3149، ومسلم برقم 1057)

                        وهذا من روائع حلمه  وكماله، وحسن خلقه، وصفحه الجميل، وصبره على الأذى في النفس، والمال، والتجاوز على جفاء من يريد تألُّفه على الإسلام؛ وليتأسى به الدعاة إلى الله، والولاة بعده في حلمه، وخلقه الجميل من الصفح، والإغضاء، والعفو، والدفع بالتي هي أحسن.

                        كذلك من عظيم حلمه عفوه عن اليهودى الذى سحره؛ فإنه لم يذكر لذلك اليهودي شيئًا، ولا رآه في وجهه حتى مات. (أحمد برقم 19286)

                        كذلك عفوه عن رأس المنافقين عبد الله بن أُبىّ بن سلول وصبره عليه، على كل ما فعله مع الرسول .
                        ولمن لا يعرف عبد الله بن أُبىّ بن سلول، فهو من يهود الخزرج، كاد أن يصبح سيد المدينة قبل قدوم الرسول  إليها. وهو من أكبر المنافقين الذين يتحدث عنهم التاريخ. كانت البداية قبل هجرة النبي ، يوم انتهى الصراع بين الأوس والخزرج على اتفاقٍ بين الفريقين يقضي بنبذ الخلاف وتنصيب ابن سلول حاكمًا على المدينة.

                        ووئدت هذه الفكرة بدخول الإسلام إلى أرض المدينة، واجتماعهم حول راية النبي ، فصارت نظرة ابن سلول لهذا الدين تقوم على أساس أنه قد حرمه من الملك والسلطان، وبذلك يرى البعض أن مصالحه الذاتية وأهواؤه الشخصيّة وراء امتناعه عن الإخلاص في إسلامه.

                        خاض ابن سلول صراعًا مريرًا علنيًا في قليل من الأحيان وسري في أحيانًا كثيرة مع النبي محمد  وأتباعه للسيطرة على مقاليد الأمور في المدينة. وينسب له المؤرخون المسلمين الكثير من المواقف المعادية للإسلام منها:
                        انسحابه بثلث الجيش فى غزوة أحد، وهُزم المسلمون بسبب عصيانهم أوامر الرسول ، وأصيب الرسول بجراح ثاخنة، فقد كُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ وَجُرِحَتْ وَجْنَتُهُ وَشَفَتُهُ السُّفْلَى مِنْ بَاطِنهَا وَوَهَى مَنْكِبه مِنْ ضَرْبَةِ اِبْنِ قَمِيئَةَ وَجُحِشَتْ رُكْبَتُهُ. ومع ذلك لم يحكم عليه الرسول، ولم يترك عمر يقتله.
                        كما أنه قلَّب المهاجرين على الأنصار فى المدينة، وعندما رجع الرسول  من غزوة بنى المصطلق، قال هذا المنافق، (ولله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل)، يقصد الرسول . الأمر الذى فاق الاحتمال، حتى ذهب ابنه عبد الله إلى الرسول ، وطلب السماح له بقتل أبيه، لأنه لن يصبر على قاتله، ولا يريد ضغينة بينه وبين مسلم. وأشهر سيفه فى وجه أبيه ومنعه من دخول المدينة، حتى يأذن له رسول الله .
                        كما قال لأتباعه بمنع أموال الزكاة عن الرسول، فيضطر الناس للانفضاض عنه، ولا يأتيه الأعراب، الذين يأتون للمال: {لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا}، حتى قال له عمر بن الخطاب: دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال النبي : (دعه.. لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه).
                        وأتركك تقرأ موقفه معه عندما مات رأس المنافقين، وما فعله الرسول  معه، وما قاله بشأنه فى (رحمته وحلمه بالمنافقين).

                        حلمه مع من خالف تعاليم الله:
                        (عن أبي هُرَيْرَةَ  قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ  إِذْ جَاءهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ قَالَ مَا لَكَ قَالَ وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا قَالَ لا قَالَ فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ لَا فَقَالَ فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَالَ لا قَالَ فَمَكَثَ النَّبِيُّ  فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ، بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ وَالْعَرَقُ الْمِكْتَلُ قَالَ أَيْنَ السَّائِلُ فَقَالَ أَنَا قَالَ خُذْهَا فَتَصَدَّقْ بِهِ فَقَالَ الرَّجُلُ أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَ اللَّهِ مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا يُرِيدُ الْحَرَّتَيْنِ أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي فَضَحِكَ النَّبِيُّ  حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ثُمَّ قَالَ أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ) رواه البخارى
                        (عن عمرو بن العاص  قال احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل، فأشْفَقْتُ إنْ أغْتَسِلَت أن أهْلِكَ فَتَيَمَّمْتُ ثُمَّ صَلَّيْتُ بِأصْحَابِي الصُّبْحَ فَذَكَروا ذَلِكَ لرسولِ الله  فقال: يا عمرو صَلَّيْتَ بأصْحَابِكَ وَأنْتَ جُنُبٌ؟ فأخْبَرْتُهُ بالَّذِي مَنَعَنِي مِنَ الاغْتِسَالِ وَقُلْتُ: إنِّي سَمِعْتُ الله يقولُ {وَلاَ تَقْتُلُوا أنْفُسَكُمْ إنَّ الله كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} فَضَحِكَ رسولُ الله  وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا») رواه أبو داود وصححه الألبانى
                        لذلك لا تتعجب أن تقرأ أوامره لأصحابه بالتيسير على الناس: (عَنْ أَبِي بُرْدَةَ  قَالَ: (بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ  أَبَا مُوسَى وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى الْيَمَنِ قَالَ: يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا وَتَطَاوَعَا وَلَا تَخْتَلِفَا) متفق عليه
                        عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ  قَالَ: (فَصَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ  ذَاتَ يَوْمٍ فَعَطَسَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ فَقُلْتُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ فَقُلْتُ وَا ثُكْلَ أُمِّيَاهْ مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ قَالَ فَضَرَبُوا بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصْمِتُونِي سَكَتُّ حَتَّى صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ  فَدَعَانِي قَالَ فَبِأَبِي وَأُمِّي مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ فَمَا ضَرَبَنِي وَلَا كَهَرَنِي وَلَا سَبَّنِي وَقَالَ إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ هَذَا إِنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ) رواه مسلم والإمام أحمد وأبو داود والترمذي وصححه الألباني
                        عَنْ عَبَّادِ بْنِ شُرَحْبِيلَ  قَالَ (قَدِمْتُ مَعَ عُمُومَتِي الْمَدِينَةَ فَدَخَلْتُ حَائِطًا مِنْ حِيطَانِهَا فَفَرَكْتُ مِنْ سُنْبُلِهِ فَجَاءَ صَاحِبُ الْحَائِطِ فَأَخَذَ كِسَائِي وَضَرَبَنِي فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ  أَسْتَعْدِي عَلَيْهِ فَأَرْسَلَ إِلَى الرَّجُلِ فَجَاءُوا بِهِ فَقَالَ مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ دَخَلَ حَائِطِي فَأَخَذَ مِنْ سُنْبُلِهِ فَفَرَكَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ  مَا عَلَّمْتَهُ إِذْ كَانَ جَاهِلا وَلا أَطْعَمْتَهُ إِذْ كَانَ جَائِعًا ارْدُدْ عَلَيْهِ كِسَاءهُ وَأَمَرَ لِي رَسُولُ اللَّهِ  بِوَسْقٍ أَوْ نِصْفِ) رواه النسائي وصححه الألباني صحيح سنن النسائي رقم 4999

                        قارن هذا بما نسبته الأناجيل ليسوع:
                        فقد انتهر أمه أمام لناس بصورة لا تليق بنبى، ولا حتى بيهودى مؤمن: (4قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ! لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ».) يوحنا 2: 4
                        وتنكَّر لأمه، كما لو كانت عارًا عليه: (46وَفِيمَا هُوَ يُكَلِّمُ الْجُمُوعَ إِذَا أُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ قَدْ وَقَفُوا خَارِجاً طَالِبِينَ أَنْ يُكَلِّمُوهُ. 47فَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ: «هُوَذَا أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ وَاقِفُونَ خَارِجاً طَالِبِينَ أَنْ يُكَلِّمُوكَ». 48فَأَجَابَهُ: «مَنْ هِيَ أُمِّي وَمَنْ هُمْ إِخْوَتِي؟» 49ثُمَّ مَدَّ يَدَهُ نَحْوَ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ: «هَا أُمِّي وَإِخْوَتِي. 50لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي».) متى 12: 46-49
                        وجعل ضريبة التلمذة له هو بغض الأم والأب والزوجة والذرية والاخوة، بل وكره الشخص لنفسه: (25وَكَانَ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ سَائِرِينَ مَعَهُ فَالْتَفَتَ وَقَالَ لَهُمْ: 26«إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضاً فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذاً.) لوقا 14: 25-26
                        فأصدقنى القول أيها الكاتب: هل تؤمن حقًا أن يسوع قال ذلك؟ هل تستطيع أن تواجه أبناءك وتقول لهم هذا النص، دون لىّ عنق المعنى، لتحوله إلى ما تتمنى أن يسوع قد قاله؟

                        هل تستحق أمك منك أن تبغضها لتكون تلميذًا ليسوع؟ وما الذى عليك أن تفعله لتكون تلميذًا للشيطان غير ذلك؟ هل يليق هذا الكلام بنبى الله؟ والله إنى لمشفق عليكم، ولا أتمنى لكم إلا الهداية!!

                        ويصدمنا أكثر ما نقرأه منسوبًا ليسوع، الذى عرف فى الناموس وأسفار الأنبياء مدى تقديس الرب للحياة الزوجية. فقد دمر يسوع حق المرأة فى الارتياح الجنسى عن طريق الزواج، وتركها تتخبط فى شهوتها، لا تعرف كيفية تصريف هذه الشهوة، ولم يعترف بتكوين أسرة هانئة بها ذرية تسعد الوالدين، ويسعد بها الأطفال بحنان الأمومة ورعاية الأبوة. فأمر كل من يستطيع أن يخصى نفسه فليفعل: (10قَالَ لَهُ تَلاَمِيذُهُ: «إِنْ كَانَ هَكَذَا أَمْرُ الرَّجُلِ مَعَ الْمَرْأَةِ فَلاَ يُوافِقُ أَنْ يَتَزَوَّجَ!» 11فَقَالَ لَهُمْ: «لَيْسَ الْجَمِيعُ يَقْبَلُونَ هَذَا الْكَلاَمَ بَلِ الَّذِينَ أُعْطِيَ لَهُم 12لأَنَّهُ يُوجَدُ خِصْيَانٌ وُلِدُوا هَكَذَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَاهُمُ النَّاسُ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ») متى 19: 10-12

                        على الرغم من تحريم دخول الملكوت لكل من يخصى نفسه بالرضى: (لا يَدْخُل مَخْصِيٌّ بِالرَّضِّ أَوْ مَجْبُوبٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ.) تثنية 23: 1
                        وعلى الرغم من تعهده بعدم نقض أو إلغاء حرف واحد من الناموس أو الأنبياء: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ.) متى 5: 16-17
                        ونفس فكرة إبادة أتباع عيسى  الحقيقيين من إخصاء للرجل، تناولها بولس من قبل الأناجيل، حيث كتبت رسائله قبل كتابة الأناجيل، فقال: (38إِذاً مَنْ زَوَّجَ فَحَسَناً يَفْعَلُ وَمَنْ لاَ يُزَوِّجُ يَفْعَلُ أَحْسَنَ. 39الْمَرْأَةُ مُرْتَبِطَةٌ بِالنَّامُوسِ مَا دَامَ رَجُلُهَا حَيّاً. وَلَكِنْ إِنْ مَاتَ رَجُلُهَا فَهِيَ حُرَّةٌ لِكَيْ تَتَزَوَّجَ بِمَنْ تُرِيدُ فِي الرَّبِّ فَقَطْ. 40وَلَكِنَّهَا أَكْثَرُ غِبْطَةً إِنْ لَبِثَتْ هَكَذَا بِحَسَبِ رَأْيِي. وَأَظُنُّ أَنِّي أَنَا أَيْضاً عِنْدِي رُوحُ اللهِ.) كورنثوس الأولى 7: 38-40،

                        فهل تظن أنت أيضًا، كما يظن بولس، أنه عنده الروح القدس؟ فهل أوحيت إليه هذه الكلمات من الروح القدس ومازال يظن؟ أليس من الكفر التشكيك والظن فى صحة كلام الرب؟ ولو كان هذا هو رأيه الشخصى، فما حاجة الرب أن يُكتب فى كتابه رأى بولس الشخصى وظنه؟ لا تعليق، وأتركك لعقلك الذى يستسيغ هذا الكلام المقدس جدًا، ويعتبره وحى الله تعالى الذى لم تتدخل فيه أيدى بشرية أو رأى إنسان!

                        وبلغت رحمة الكتاب الذى تقدسه أن سمح لك أن تبيع ابنتك، وتحولها إلى أمة، فقط لأنك أنجبتها: (7وَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ ابْنَتَهُ أَمَةً لاَ تَخْرُجُ كَمَا يَخْرُجُ الْعَبِيدُ.) خروج 21: 7
                        (10«إِذَا خَرَجْتَ لِمُحَارَبَةِ أَعْدَائِكَ وَدَفَعَهُمُ الرَّبُّ إِلهُكَ إِلى يَدِكَ وَسَبَيْتَ مِنْهُمْ سَبْياً 11وَرَأَيْتَ فِي السَّبْيِ امْرَأَةً جَمِيلةَ الصُّورَةِ وَالتَصَقْتَ بِهَا وَاتَّخَذْتَهَا لكَ زَوْجَةً 12فَحِينَ تُدْخِلُهَا إِلى بَيْتِكَ تَحْلِقُ رَأْسَهَا وَتُقَلِّمُ أَظْفَارَهَا 13وَتَنْزِعُ ثِيَابَ سَبْيِهَا عَنْهَا وَتَقْعُدُ فِي بَيْتِكَ وَتَبْكِي أَبَاهَا وَأُمَّهَا شَهْراً مِنَ الزَّمَانِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَدْخُلُ عَليْهَا وَتَتَزَوَّجُ بِهَا فَتَكُونُ لكَ زَوْجَةً. 14وَإِنْ لمْ تُسَرَّ بِهَا فَأَطْلِقْهَا لِنَفْسِهَا. لا تَبِعْهَا بَيْعاً بِفِضَّةٍ وَلا تَسْتَرِقَّهَا مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ قَدْ أَذْللتَهَا.) تثنية 21: 10-14

                        وحمدًا لله أن ترك الرب المرأة تبكى أباها وأمها واخوتها الذين أبيدوا فى حروب الرب الرحيمة، وأوجد لها مكان تبيت فيه كزوجة بالإكراه. لكن تكمن المشكلة فى أن هذه الزوجة قد لا تبكى، فماذا سيفعل الرجل المؤمن إن لم تبك زوجته؟ هل سيضربها لتبكى، تنفيذًا لأوامر يهوه؟ وما علة الرب من هذه العكننة وهذا الغم؟
                        لذلك قال (لوثر الذى جعل النساء منبوذات قسراً فى وحشية، ومنفيات من عالم الرجال، والذى يرى فى الزواج عقاباً للمرأة: (إن هذا العقاب ينبع أيضًا من الخطيئة الأصلية، وتتحمله المرأة مُكرَهة تمامًا، كما تتحمل الآلام والمتاعب التى وضعت على جسدها. إن السلطة تبقى قى يد الرجل، وتُجبَر المرأة على طاعته حسب وصية الله. فالرجل هو الذى يحكم البيت والدولة، ويشن الحرب، ويدافع عن ممتلكاته، ويفلح الأرض، ويبنى، ويزرع .. الخ. أما المرأة فعلى العكس من ذلك، فهى مثل مسمار دق فى الحائط . .. .. يجب أن تبقى المرأة فى المنزل ..، ترعى الحاجات المنزلية، مثل انسان حُرِمَ القدرة على إدارة تلك الشئون، التى تختص بالدولة .. .. بهذه الطريقة تعاقب حواء).

                        وليس فقط بيع الابنة وبغض الأب والأم والزوجة وأقرب أقربائك، بل أمرك بتقديم ابنك العاصى للشيخ ليرجمه: (18«إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ ابْنٌ مُعَانِدٌ وَمَارِدٌ لا يَسْمَعُ لِقَوْلِ أَبِيهِ وَلا لِقَوْلِ أُمِّهِ وَيُؤَدِّبَانِهِ فَلا يَسْمَعُ لهُمَا. 19يُمْسِكُهُ أَبُوهُ وَأُمُّهُ وَيَأْتِيَانِ بِهِ إِلى شُيُوخِ مَدِينَتِهِ وَإِلى بَابِ مَكَانِهِ 20وَيَقُولانِ لِشُيُوخِ مَدِينَتِهِ: ابْنُنَا هَذَا مُعَانِدٌ وَمَارِدٌ لا يَسْمَعُ لِقَوْلِنَا وَهُوَ مُسْرِفٌ وَسِكِّيرٌ. 21فَيَرْجُمُهُ جَمِيعُ رِجَالِ مَدِينَتِهِ بِحِجَارَةٍ حَتَّى يَمُوتَ. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ بَيْنِكُمْ وَيَسْمَعُ كُلُّ إِسْرَائِيل وَيَخَافُونَ.) تثنية 21: 18-21

                        رحمته بالأم والأطفال:
                        عَنْ أَبِي قَتَادَةَ : عَنْ النَّبِيِّ  قَالَ: (إِنِّي لَأَقُومُ فِي الصَّلَاةِ أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلَاتِي كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ) رواه البخاري. هل سمعت أو رأيت رحمة مثل هذه فى الكتاب المقدس جدًا؟ نبى يقطع صلاته ولقاءه بالله حبيبه، رحمة بالأم التى يُفطر قلبها ببكاء ابنها!! فقارن هذا بالقول الذى نسبه أعداء يسوع إليه بشأن الأم وابنها: (25وَكَانَ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ سَائِرِينَ مَعَهُ فَالْتَفَتَ وَقَالَ لَهُمْ: 26«إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضاً فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذاً.) لوقا 14: 25-26
                        أو بقول الإله الرحبم العطوف إله المحبة الذى أمر أن يبيع الرجل ابنته القاصر: (7وَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ ابْنَتَهُ أَمَةً لاَ تَخْرُجُ كَمَا يَخْرُجُ الْعَبِيدُ.) خروج 21: 7
                        وعَنْ أَسْمَاءَ رضى الله عنها قَالَت: (قَدِمَتْ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ وَمُدَّتِهِمْ إِذْ عَاهَدُوا النَّبِيَّ، مَعَ ابْنِهَا فَاسْتَفْتَيْتُ النَّبِيَّ  فَقُلْتُ إِنَّ أُمِّي قَدِمَتْ وَهِيَ رَاغِبَةٌ أَفَأَصِلُهَا قَالَ نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ) متفق عليه
                        وعن عائشةَ رضى الله عنها قالت: (جَاءَتْنِي مِسْكِينَةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا. فَأَطْعَمْتُهَا ثَلاَثَ تَمَرَاتٍ. فَأَعْطَتْ كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً. وَرَفَعَتْ إِلَى فِيهَا تَمْرَةً لِتَأْكُلُهَا. فَاسْتَطْعَمَتْهَا ابْنَتَاهَا. فَشَقَّتِ التَّمْرَةَ، الَّتِي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا، بَيْنَهُمَا. فَأَعْجَبَنِي شَأْنُهَا. فَذَكَرْتُ الَّذِي صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللّهِ. فَقَالَ : «إِنَّ اللّه قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الْجَنَّةَ. أَوْ أَعْتَقَهَا بِهَا مِنَ النَّارِ») رواه مسلم
                        عَنْ أَنَسٍ : (أَنَّ النَّبِيَّ  لَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ بَيْتًا بِالْمَدِينَةِ غَيْرَ بَيْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِ فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ إِنِّي أَرْحَمُهَا قُتِلَ أَخُوهَا مَعِي) متفق عليه
                        عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  :عَنْ النَّبِيِّ  قَالَ: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِي جَارَهُ وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا) رواه البخاري
                        عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ: (مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ، شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ وَلَا امْرَأَةً وَلَا خَادِمًا إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ إِلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) رواه مسلم
                        عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضى الله عنهما عَنِ النَّبِىِّ  قَالَ (مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ حَقَّ كَبِيرِنَا فَلَيْسَ مِنَّا) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه الألباني
                        عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ: (جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ ، فَقَالَ تُقَبِّلُونَ الصِّبْيَانَ فَمَا نُقَبِّلُهُمْ فَقَالَ النَّبِيُّ : أَوَأَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ) رواه البخاري
                        أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ  قَالَ: (قَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ  الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِسًا فَقَالَ الْأَقْرَعُ إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنْ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ  ثُمَّ قَالَ مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ) متفق عليه
                        عَنْ أَبِى أُمَامَةَ  عَنِ النَّبِىِّ  قَالَ «وَمَنْ أَحْسَنَ إِلَى يَتِيمَةٍ أَوْ يَتِيمٍ عِنْدَهُ كُنْتُ أَنَا وَهُوَ فِى الْجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ». وَقَرَنَ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ.) رواه أحمد
                        حقًا وصدقًا: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} (التوبة 128 - 129)

                        اقرأ ما نسبتموه إلى رحمة الرب وكتابه:
                        لقد أمر الرب يسوع/يهوه إله المحبة والرحمة والحنان والعطف والسكينة أن يُتخلص فى الحرب من أجله من المحاربين والمسالمين، وهو ما نسميه بمفهوم اليوم إبادة جماعية، وتصفية عرقية، كان يأمر يهوه بجرائم الحرب، وبالتالى لم يعفو برحمته وطيبته عن الشيوخ ولا النساء ولا الأطفال ولا حتى الرضع، ولا حتى الحيوانات: (3فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً، طِفْلاً وَرَضِيعاً، بَقَراً وَغَنَماً،جَمَلاً وَحِمَاراً)صموئيل الأول 15: 3

                        ولا أعلم كيف لا تُطالب جمعيات الرفق بالحيوانات حذف هذه النصوص من هذا الكتاب، والمطالبة بعدم اعتبارها مقدسة!
                        ولا أعلم أين ذهبت الجمعيات التى تدافع عن الطفل وحقوقه، وكيف لا تطالب بتجريم الإيمان بهذه النصوص!!

                        حتى لو استعطفيه امرأة قائلة: وماذا فعل طفلى ليُقتل؟ وما ذنب الجنين فى أحشائى ليُقتل؟ ستكون إجابته: (... لاَ تُشْفِقْ أَعْيُنُكُمْ وَلاَ تَعْفُوا. 6اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ. اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ.) حزقيال 9: 5-6

                        وسيُلح فى طلبه، آمرًا أن يبدأوا بقتل الأطفال أمام عيون والديهم، قائلا:
                        (15كُلُّ مَنْ وُجِدَ يُطْعَنُ، وَكُلُّ مَنِ انْحَاشَ يَسْقُطُ بِالسَّيْفِ. 16وَتُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ أَمَامَ عُيُونِهِمْ، وَتُنْهَبُ بُيُوتُهُمْ وَتُفْضَحُ نِسَاؤُهُمْ) إشعياء 13: 15-16

                        ألم يأمر بضرب رؤوس الأطفال فى الصخر، واعتبرها من القربات إليه؟
                        (9طُوبَى لِمَنْ يُمْسِكُ أَطْفَالَكِ وَيَضْرِبُ بِهِمُ الصَّخْرَةَ!) مزامير 137: 9

                        ألم يأمر بتحطيم الأطفال وبشق بطون الحوامل؟ ألم يأمر بقتل الأجنة فى بطون أمهاتهم؟ (16تُجَازَى السَّامِرَةُ لأَنَّهَا قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَى إِلَهِهَا. بِـالسَّيْفِ يَسْقُطُونَ. تُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ وَالْحَوَامِلُ تُشَقُّ) هوشع 13: 16

                        بل كانت أوامر الرب أن يُقدم أول ابن للأم قربانًا للرب
                        : (لاَ تُؤَخِّرْ تَقْدِيمَ بَاكُورَةِ مَحْصُولِ بَيْدَرِكَ وَمَعْصَرَتِكَ، وَأَعْطِنِي أَبْكَارَ بَنِيكَ.) الخروج 22:29

                        وكان تهديد الرب لبنى إسرائيل إن عصوه أن يجعلهم يأكلوا بنيهم وبناتهم:
                        (27«وَإِنْ كُنْتُمْ بِذَلِكَ لاَ تَسْمَعُونَ لِي بَلْ سَلَكْتُمْ مَعِي بِالْخِلاَفِ 28فَأَنَا أَسْلُكُ مَعَكُمْ بِالْخِلاَفِ سَاخِطاً وَأُؤَدِّبُكُمْ سَبْعَةَ أَضْعَافٍ حَسَبَ خَطَايَاكُمْ 29فَتَأْكُلُونَ لَحْمَ بَنِيكُمْ وَلَحْمَ بَنَاتِكُمْ تَأْكُلُونَ.) لاويين 26: 27-29

                        بل أمر بأكل أطفالها فى المجاعة:
                        (53فَتَأْكُلُ ثَمَرَةَ بَطْنِكَ لحْمَ بَنِيكَ وَبَنَاتِكَ الذِينَ أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فِي الحِصَارِ وَالضِّيقَةِ التِي يُضَايِقُكَ بِهَا عَدُوُّكَ.) تثنية 28: 53

                        ولم يرحم الأطفال الذين أساؤوا الأدب تجاه أليشع النبى، فكانت عقوبة من قال للنبى يا أقرع، أن افترستهم دبتان:
                        (وَفِيمَا هُوَ صَاعِدٌ فِي الطَّرِيقِ إِذَا بِصِبْيَانٍ صِغَارٍ خَرَجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ وَسَخِرُوا مِنْهُ وَقَالُوا لَهُ: [اصْعَدْ يَا أَقْرَعُ! اصْعَدْ يَا أَقْرَعُ!] 24فَالْتَفَتَ إِلَى وَرَائِهِ وَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ. فَخَرَجَتْ دُبَّتَانِ مِنَ الْوَعْرِ وَافْتَرَسَتَا مِنْهُمُ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَلَدًا.) ملوك الثانى 2: 23-24

                        ومما يزيد الطين بللا، أنك تقرأ عن اتفاق سيدتين على ذبح أطفالهما، وسلقهما، وأكلهما دون أن تقرأ عقوبة الرب لهما، كما لو كان هذا شيئًا طبيعيًا، شيئًا معتاد الحدوث. وأرجع وأتساءل: ما الغرض من مثل هذه الحكايات؟ أليس الكتاب المقدس لمعرفة الرب وصفاته وتعاليمه، وللتربية والتعليم؟
                        امرأتان تتفقان على أكل طفليهما، فسلقتا ابن إحدهما وأكلتاه وفى اليوم التالى خدعتها المرأة التى عليها أن تذبح ابنها وأخفته عنها، ومن بجاحة المرأة التى أُكِلَ ابنها أنها ذهبت تشتكيها لدى الملك (ثُمَّ قَالَ لَهَا الْمَلِكُ: [مَا لَكِ؟] فَقَالَتْ: [هَذِهِ الْمَرْأَةُ قَالَتْ لِي: هَاتِي ابْنَكِ فَنَأْكُلَهُ الْيَوْمَ ثُمَّ نَأْكُلَ ابْنِي غَداً. 29فَسَلَقْنَا ابْنِي وَأَكَلْنَاهُ. ثُمَّ قُلْتُ لَهَا فِي الْيَوْمِ الآخَرِ: هَاتِي ابْنَكِ فَنَأْكُلَهُ فَخَبَّأَتِ ابْنَهَا]. 30فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ كَلاَمَ الْمَرْأَةِ مَزَّقَ ثِيَابَهُ وَهُوَ مُجْتَازٌ عَلَى السُّورِ، فَنَظَرَ الشَّعْبُ وَإِذَا مِسْحٌ مِنْ دَاخِلٍ عَلَى جَسَدِهِ.) ملوك الثانى 6: 28-30
                        أعتقد أن مثل هذه الأقاصيص كان الغرض منها التسلية أو الزجر بشكل ما، ومن ثم رأى كاتب هذا السفر أن يضيفها إلى السفر الذى اعتبر فيما بعد مقدسًا.


                        رحمته باليتيم والعبيد:
                        عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ : (أَنَّ رَجُلًا شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ  قَسْوَةَ قَلْبِهِ فَقَالَ لَهُ «إِنْ أَرَدْتَ أَنْ يَلِينَ قَلْبُكَ فَأَطْعِمِ الْمِسْكِينَ وَامْسَحْ رَأْسَ الْيَتِيمِ»). رواه أحمد والطبراني وحسنه الألباني
                        عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ  (قَالَ خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ  عَشْرَ سِنِينَ وَاللَّهِ مَا قَالَ لِى أُفًّا قَطُّ، وَلاَ قَالَ لِى لِشَىْءٍ لِمَ فَعَلْتَ كَذَا وَهَلاَّ فَعَلْتَ كَذَا). رواه مسلم
                        عن أَبَى هُرَيْرَةَ  عَنِ النَّبِىِّ  قال: (إِذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِه، فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ، فَلْيُنَاوِلْهُ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ أَوْ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ، فَإِنَّهُ وَلِىَ عِلاَجَهُ). متفق عليه
                        وقال : (إخْوانُكمْ خَوَلُكمْ، جَعَلَهمُ اللّهُ تحتَ أيدِيكُمْ. فَمَنْ كانَ أخوهُ تحتَ يدِه فلْيُطْعِمْهُ ممّا يأكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ ممَّا يَلْبَسُ، ولا تُكلِّفوهمُ ما يَغْلِبُهم، فإنْ كلَّفتموهُم فأعِينوهُم). رواه البخاري
                        عن أَبِي عُمَرَ قَالَ: أَتَيْتُ ابْنَ عُمَرَ  وَقَدْ أَعْتَقَ مَمْلُوكًا قَالَ فَأَخَذَ مِنْ الْأَرْضِ عُودًا أَوْ شَيْئًا فَقَالَ مَا فِيهِ مِنْ الْأَجْرِ مَا يَسْوَى هَذَا إِلَّا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  يَقُولُ: (مَنْ لَطَمَ مَمْلُوكَهُ أَوْ ضَرَبَهُ فَكَفَّارَتُهُ أَنْ يُعْتِقَهُ) صحيح مسلم
                        عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو  جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ  فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمْ نَعْفُو عَنِ الْخَادِمِ فَصَمَتَ ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ الْكَلاَمَ فَصَمَتَ فَلَمَّا كَانَ فِى الثَّالِثَةِ قَالَ «اعْفُوا عَنْهُ فِى كُلِّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً»). سنن أبي داود وصححه الشيخ الألباني
                        رحمته بالأعراب، وما أدراك ما الأعراب:
                        وما أدراك ما الأعراب؟ وما أدراك ما قاله الله فيهم؟
                        هم الذين وصفهم الله  بقوله {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} التوبة 97-98
                        - بل وأكد على سوء طويتهم بقوله {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ * وَآَخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} التوبة101-102
                        - وعلى مداهنتهم بألسنتهم بقوله {سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا * بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا} الفتح 11-12
                        - وقلة علمهم بالإسلام ومسائل الإيمان بقوله {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} الحجرات 14
                        ومع ذلك كان رحيمًا مع الأعرابى الذى بال فى المسجد. وصدق الله العظيم القائل فيك يا علم الهدى، والرحمة المهداة: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) آل عمران 159
                        وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  (أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِي الْمَسْجِدِ فَثَارَ إِلَيْهِ النَّاسُ ليَقَعُوا بِهِ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ  دَعُوهُ وَأَهْرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ أَوْ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ) رواه البخاري مفرقًا
                        وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ  قَالَ: (كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ  وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَهُ جَبْذَةً حَتَّى رَأَيْتُ صَفْحَ أَوْ صَفْحَةَ عُنُقِ رَسُولِ اللَّهِ  قَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الْبُرْدِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَعْطِنِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ) رواه البخاري ومسلم وأحمد
                        وعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ  قَالَ: (جَاءَ أَعْرَابِىٌّ إِلَى النَّبِىِّ  يَتَقَاضَاهُ دَيْنًا كَانَ عَلَيْهِ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ حَتَّى قَالَ لَهُ أُحَرِّجُ عَلَيْكَ إِلاَّ قَضَيْتَنِى. فَانْتَهَرَهُ أَصْحَابُهُ وَقَالُوا وَيْحَكَ تَدْرِى مَنْ تُكَلِّمُ قَالَ إِنِّى أَطْلُبُ حَقِّى. فَقَالَ النَّبِىُّ  «هَلاَّ مَعَ صَاحِبِ الْحَقِّ كُنْتُمْ». ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى خَوْلَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فَقَالَ لَهَا «إِنْ كَانَ عِنْدَكِ تَمْرٌ فَأَقْرِضِينَا حَتَّى يَأْتِيَنَا تَمْرٌ فَنَقْضِيَكِ». فَقَالَتْ نَعَمْ بِأَبِى أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ فَأَقْرَضَتْهُ فَقَضَى الأَعْرَابِىَّ وَأَطْعَمَهُ فَقَالَ أَوْفَيْتَ أَوْفَى اللَّهُ لَكَ. فَقَالَ «أُولَئِكَ خِيَارُ النَّاسِ إِنَّهُ لاَ قُدِّسَتْ أُمَّةٌ لاَ يَأْخُذُ الضَّعِيفُ فِيهَا حَقَّهُ غَيْرَ مُتَعْتَعٍ»). رواه ابن ماجة وصححه الألباني
                        قارن هذا بمواقف يسوع مع تلاميذه:
                        فقد قال لبطرس: (23فَالْتَفَتَ وَقَالَ لِبُطْرُسَ: «اذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ. أَنْتَ مَعْثَرَةٌ لِي لأَنَّكَ لاَ تَهْتَمُّ بِمَا لِلَّهِ لَكِنْ بِمَا لِلنَّاسِ».) متى 16: 23
                        ووصفهم بالإلتواء وعدم الإيمان: (16وَأَحْضَرْتُهُ إِلَى تَلاَمِيذِكَ فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَشْفُوهُ». 17فَأَجَابَ يَسُوعُ: «أَيُّهَا الْجِيلُ غَيْرُ الْمُؤْمِنِ الْمُلْتَوِي إِلَى مَتَى أَكُونُ مَعَكُمْ؟ إِلَى مَتَى أَحْتَمِلُكُمْ؟ قَدِّمُوهُ إِلَيَّ هَهُنَا!» 18فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ فَخَرَجَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ. فَشُفِيَ الْغُلاَمُ مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ. 19ثُمَّ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ عَلَى انْفِرَادٍ وَقَالُوا: «لِمَاذَا لَمْ نَقْدِرْ نَحْنُ أَنْ نُخْرِجَهُ؟» 20فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لِعَدَمِ إِيمَانِكُمْ. فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهَذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ مِنْ هُنَا إِلَى هُنَاكَ فَيَنْتَقِلُ وَلاَ يَكُونُ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَيْكُمْ. 21وَأَمَّا هَذَا الْجِنْسُ فَلاَ يَخْرُجُ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ».) متى 17: 16-21

                        ووصفتهم أيضاً بأنهم غليظى القلوب: (52لأَنَّهُمْ لَمْ يَفْهَمُوا بِالأَرْغِفَةِ إِذْ كَانَتْ قُلُوبُهُمْ غَلِيظَةً.) مرقس 6: 52
                        وطرد الصيارفة من المعبد انتقامًا لعصيانهم أمر الرب: (14وَوَجَدَ فِي الْهَيْكَلِ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ بَقَراً وَغَنَماً وَحَمَاماً وَالصَّيَارِفَ جُلُوساً. 15فَصَنَعَ سَوْطاً مِنْ حِبَالٍ وَطَرَدَ الْجَمِيعَ مِنَ الْهَيْكَلِ اَلْغَنَمَ وَالْبَقَرَ وَكَبَّ دَرَاهِمَ الصَّيَارِفِ وَقَلَّبَ مَوَائِدَهُمْ. 16وَقَالَ لِبَاعَةِ الْحَمَامِ: «ارْفَعُوا هَذِهِ مِنْ هَهُنَا. لاَ تَجْعَلُوا بَيْتَ أَبِي بَيْتَ تِجَارَةٍ». 17فَتَذَكَّرَ تلاَمِيذُهُ أَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «غَيْرَةُ بَيْتِكَ أَكَلَتْنِي».) يوحنا 2: 14-17

                        وسبَّ اليهود، وسفههم، وحقرهم قائلا:
                        (13«لَكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ! .... لأَنَّكُمْ تَأْكُلُونَ بُيُوتَ الأَرَامِلِ ولِعِلَّةٍ تُطِيلُونَ صَلَوَاتِكُمْ. لِذَلِكَ تَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ. .... لأَنَّكُمْ تَطُوفُونَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ لِتَكْسَبُوا دَخِيلاً وَاحِداً وَمَتَى حَصَلَ تَصْنَعُونَهُ ابْناً لِجَهَنَّمَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ مُضَاعَفاً! 16وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ .... 17أَيُّهَا الْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ .... 24أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ .... لأَنَّكُمْ تُنَقُّونَ خَارِجَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ وَهُمَا مِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوآنِ اخْتِطَافاً وَدَعَارَةً! 26أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّ الأَعْمَى .... لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُوراً مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً وَهِيَ مِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ. 28هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً: مِنْ خَارِجٍ تَظْهَرُونَ لِلنَّاسِ أَبْرَاراً وَلَكِنَّكُمْ مِنْ دَاخِلٍ مَشْحُونُونَ رِيَاءً وَإِثْماً! ... 31فَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنَّكُمْ أَبْنَاءُ قَتَلَةِ الأَنْبِيَاءِ. 32فَامْلَأُوا أَنْتُمْ مِكْيَالَ آبَائِكُمْ. 33أَيُّهَا الْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ؟) متى 23: 13-33
                        ولا أعترض أنهم يستحقون أكثر من ذلك، فهم قتلة الأنبياء، ويعيثون فى الأرض فسادًا. لكن اعتراضى أين مظاهر التسامح، التى يقتدى بها المؤمن بهذا الكتاب غير أحبوا أعداءكم، والتى لم يطبقها يسوع نفسه، ولم تطبقها طائفة مسيحية ولا مذهب مع مخالفيهم فى العقيدة طوال التاريخ؟

                        رحمته بالحيوان:
                        وعن زيد بن خالد الجهني  عن رسول الله  قوله: (لَا تَسُبُّوا الدِّيكَ فَإِنَّهُ يُوقِظُ لِلصَّلَاةِ) وفى رواية (لَا تَسُبُّوا الدِّيكَ فَإِنَّهُ يَدْعُو إِلَى الصَّلَاةِ) رواه الإمام أحمد
                        عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ  قَالَ: (أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ  خَلْفَهُ ذَاتَ يَوْمٍ فَأَسَرَّ إِلَيَّ حَدِيثًا لَا أُحَدِّثُ بِهِ أَحَدًا مِنْ النَّاسِ وَكَانَ أَحَبُّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ  لِحَاجَتِهِ هَدَفًا أَوْ حَائِشَ نَخْلٍ قَالَ فَدَخَلَ حَائِطًا لِرَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَإِذَا جَمَلٌ فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ  حَنَّ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ  فَمَسَحَ ذِفْرَاهُ فَسَكَتَ فَقَالَ مَنْ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ لِمَنْ هَذَا الْجَمَلُ فَجَاءَ فَتًى مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ أَفَلَا تَتَّقِي اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللَّهُ إِيَّاهَا فَإِنَّهُ شَكَا إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ). رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني
                        وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ  قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ  عَلَى رَجُلٍ وَاضِعٍ رِجْلَهُ عَلَى صَفْحَةِ شَاةٍ وَهُوَ يَحُدُّ شَفْرَتَهُ وَهِىَ تَلْحَظُ إِلَيْهِ بِبَصَرِهَا فَقَالَ: «أَفَلاَ قَبْلَ هَذَا أَتُرِيدُ أَنْ تُمِيتَهَا مَوْتًا» وفي زيادة «أَتُرِيدُ أَنْ تُمِيتَهَا مَوْتَاتٍ» وفى رواية للحاكم (أتريد أن تميتها موتات؟ هلا أحددت شفرتك قبل أن تضجعها). رواه البيهقي والطبراني
                        عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ  فِى سَفَرٍ فَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ فَرَأَيْنَا حُمَّرَةً [طائر صغير] مَعَهَا فَرْخَانِ فَأَخَذْنَا فَرْخَيْهَا فَجَاءَتِ الْحُمَّرَةُ فَجَعَلَتْ تَفْرُشُ [ترفرف بجناحيها] فَجَاءَ النَّبِىُّ  فَقَالَ «مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِوَلَدِهَا رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا»). رواه أبو داود وصححه الألباني
                        عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى لأَذْبَحُ الشَّاةَ وَأَنَا أَرْحَمُهَا أَوْ قَالَ إِنِّى لأَرْحَمُ الشَّاةَ أَنْ أَذْبَحَهَا. فَقَالَ «وَالشَّاةُ إِنْ رَحِمْتَهَا رَحِمَكَ اللَّهُ»). رواه أحمد فى مسنده
                        عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  قَالَ بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنْ الْعَطَشِ فَقَالَ الرَّجُلُ لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنْ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَ بِي فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلَأَ خُفَّهُ ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ فَسَقَى الْكَلْبَ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا فَقَالَ نَعَمْ فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ). متفق عليه
                        عن أبي هريرة عن رسول الله  قال: (دخلت امرأة النار في هرة ربطتها، فلا هي أطعمتها، ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت هزلا). رواه البخاري (3295) ومسلم (2242)
                        عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ :عَنْ النَّبِيِّ  قَالَ: (إِيَّاكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا ظُهُورَ دَوَابِّكُمْ مَنَابِرَ فَإِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُبَلِّغَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ وَجَعَلَ لَكُمْ الْأَرْضَ فَعَلَيْهَا فَاقْضُوا حَاجَتَكُمْ). رواه أبو داود وصححه الألباني

                        تعليق


                        • #27
                          وقال : (ارْكَبُوا هَذِهِ الدَّوَابَّ سَالِمَةً، وَابْتَدِعُوهَا سَالِمَةً، وَلَا تَتَّخِذُوهَا كَرَاسِيَّ) رواه أحمد (3/439) والدارمي (2668) وانظر السلسلة الصحيحة (21)
                          وقال : (إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ). رواه مسلم
                          وقال : (من رحم ذبيحة رحمه الله يوم القيامة)، وفي رواية (من رحم ولو ذبيحة عصفور رحمه الله يوم القيامة) مجمع الزوائد
                          عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي  قال: (ما من إنسان يقتل عصفورًا فما فوقها بغير حقها، إلا يسأله الله عنها يوم القيامة. قيل: يا رسول الله، وما حقها؟ قال: حقها أن تذبحها فتأكلها، ولا تقطع رأسها فترمي به). رواه النسائي (4445) وانظر صحيح الترغيب والترهيب(2266)
                          وقال : (من قتل وزغا [البرص] في أول ضربة كتبت له مائة حسنة. وفي الثانية دون ذلك.) رواه مسلم
                          وقال r (لا تتخذوا شيئًا فيه روحٌ غرضًا). أى لسهامهم. مسلم 5032
                          كما دافع برحمته  عن حق الحيوان فى التمتع الجنسى بأنثاه، وأن ينجب منها ذرية: عَنِ ابْنِ عُمَرَ  قَالَ: (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ  عَنْ إِخْصَاءِ الْخَيْلِ وَالْبَهَائِمِ). رواه أحمد
                          وحرم  كى الحيوان أو ضربه: فقد مرَّ على النبي r حمارٌ قد وُسِم في وجهه، فقال  (لعن الله الذي وسمه). مسلم 5518
                          كما نهى عن لعن الحيوان؛ لأنه قد يتأذى من الدعاء عليه. ونفهم ذلك من قوله لرجل لعن دابته: (لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم) مسلم 7437
                          كما نهى عن التحريش بين الحيوانات، وهو دفع حيوانين للتصارع بينهما: عن ابنِ عبَّاسٍ  قال: (نهى رسول الله  عن التَّحرِيش بين البهائم) سنن أبي داود 2199 وضعفه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود (4/208)
                          وكانت رحمته بالنبات أيضًا: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُبْشِىٍّ  قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  (مَنْ قَطَعَ سِدْرَةً [أَيْ شَجَرَة نَبْقٍ فِى فَلاَةٍ يَسْتَظِلُّ بِهَا ابْنُ السَّبِيلِ وَالْبَهَائِمُ عَبَثًا وَظُلْمًا بِغَيْرِ حَقٍّ] صَوَّبَ اللَّهُ رَأْسَهُ فِى النَّارِ). رواه أبو داود
                          عن أنس  قال: قال رسول الله : (مَا مِن مُسلم يَغرِسُ غَرْسًا أو يَزرَعُ زَرْعًا فيأكُلُ مِنه طَيرٌ أو إنسَانٌ أو بهيْمَةٌ إلا كان لهُ بهِ صَدقَةٌٌ). رواه البخاري ومسلم
                          ناهيك عن إنه نهى عن قتل الحيوانات أو قطع الأشجار فى القتال، إلا إذا اتخذت حصونًا: (لا تخونوا ولا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلاً ولا شيخاً كبيرًا ولا امرأة، ولا تعزقوا نخلاً ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرًا إلا للأكل. وإذا مررتم بقوم فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له).
                          قال رسول الله : (إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَيْهِ مَا لا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ). ابن ماجه
                          فماذا كان رد فعل الكتاب المقدس جدًا جدًا مع الحيوانات؟
                          (21فَقَامَ بَلعَامُ صَبَاحاً وَشَدَّ عَلى أَتَانِهِ وَانْطَلقَ مَعَ رُؤَسَاءِ مُوآبَ. 22فَحَمِيَ غَضَبُ اللهِ لأَنَّهُ مُنْطَلِقٌ وَوَقَفَ مَلاكُ الرَّبِّ فِي الطَّرِيقِ لِيُقَاوِمَهُ وَهُوَ رَاكِبٌ عَلى أَتَانِهِ وَغُلامَاهُ مَعَهُ. 23فَأَبْصَرَتِ الأَتَانُ مَلاكَ الرَّبِّ وَاقِفاً فِي الطَّرِيقِ وَسَيْفُهُ مَسْلُولٌ فِي يَدِهِ فَمَالتِ الأَتَانُ عَنِ الطَّرِيقِ وَمَشَتْ فِي الحَقْلِ. فَضَرَبَ بَلعَامُ الأَتَانَ لِيَرُدَّهَا إِلى الطَّرِيقِ. 24ثُمَّ وَقَفَ مَلاكُ الرَّبِّ فِي خَنْدَقٍ لِلكُرُومِ لهُ حَائِطٌ مِنْ هُنَا وَحَائِطٌ مِنْ هُنَاكَ. 25فَلمَّا أَبْصَرَتِ الأَتَانُ مَلاكَ الرَّبِّ زَحَمَتِ الحَائِطَ وَضَغَطَتْ رِجْل بَلعَامَ بِالحَائِطِ فَضَرَبَهَا أَيْضاً. 26ثُمَّ اجْتَازَ مَلاكُ الرَّبِّ أَيْضاً وَوَقَفَ فِي مَكَانٍ ضَيِّقٍ حَيْثُ ليْسَ سَبِيلٌ لِلنُّكُوبِ يَمِيناً أَوْ شِمَالاً. 27فَلمَّا أَبْصَرَتِ الأَتَانُ مَلاكَ الرَّبِّ رَبَضَتْ تَحْتَ بَلعَامَ. فَحَمِيَ غَضَبُ بَلعَامَ وَضَرَبَ الأَتَانَ بِالقَضِيبِ. 28فَفَتَحَ الرَّبُّ فَمَ الأَتَانِ فَقَالتْ لِبَلعَامَ: «مَاذَا صَنَعْتُ بِكَ حَتَّى ضَرَبْتَنِي الآنَ ثَلاثَ دَفَعَاتٍ؟» 29فَقَال بَلعَامُ لِلأَتَانِ: «لأَنَّكِ ازْدَرَيْتِ بِي. لوْ كَانَ فِي يَدِي سَيْفٌ لكُنْتُ الآنَ قَدْ قَتَلتُكِ»)العدد 22: 21-29
                          فأين عقوبة الرب لبلعام على اعتدائه على الحيوان؟ وأين نهيه عن فعل ذلك؟ ومن الغريب أن يتسبب يسوع/يهوه فى قتل ألفين من الخنازير؛ بسبب سماحه لجمع من الشياطين بالدخول فيهم: (11وَكَانَ هُنَاكَ عِنْدَ الْجِبَالِ قَطِيعٌ كَبِيرٌ مِنَ الْخَنَازِيرِ يَرْعَى 12فَطَلَبَ إِلَيْهِ كُلُّ الشَّيَاطِينِ قَائِلِينَ: «أَرْسِلْنَا إِلَى الْخَنَازِيرِ لِنَدْخُلَ فِيهَا». 13فَأَذِنَ لَهُمْ يَسُوعُ لِلْوَقْتِ. فَخَرَجَتِ الأَرْوَاحُ النَّجِسَةُ وَدَخَلَتْ فِي الْخَنَازِيرِ فَانْدَفَعَ الْقَطِيعُ مِنْ عَلَى الْجُرْفِ إِلَى الْبَحْرِ - وَكَانَ نَحْوَ أَلْفَيْنِ فَاخْتَنَقَ فِي الْبَحْرِ.) مرقس 5: 11-13
                          والأغرب أنه يعرف موعد إثمار شجرة التين، فيذهب إليها فى وقت لا ثمار فيه، ويلعنها لتيبس فى الحال: (32فَمِنْ شَجَرَةِ التِّينِ تَعَلَّمُوا الْمَثَلَ: مَتَى صَارَ غُصْنُهَا رَخْصاً وَأَخْرَجَتْ أَوْرَاقَهَا تَعْلَمُونَ أَنَّ الصَّيْفَ قَرِيبٌ.) متى 24: 32
                          (18وَفِي الصُّبْحِ إِذْ كَانَ رَاجِعاً إِلَى الْمَدِينَةِ جَاعَ 19فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ عَلَى الطَّرِيقِ وَجَاءَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَجِدْ فِيهَا شَيْئاً إِلاَّ وَرَقاً فَقَطْ. فَقَالَ لَهَا: «لاَ يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ». فَيَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ.) متى 21: 18-19
                          بل أمر الرب بكسر عنق دابة تكفيرًا عن قاتل مجهول: (1«إِذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي الأَرْضِ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ لِتَمْتَلِكَهَا وَاقِعاً فِي الحَقْلِ لا يُعْلمُ مَنْ قَتَلهُ 2يَخْرُجُ شُيُوخُكَ وَقُضَاتُكَ وَيَقِيسُونَ إِلى المُدُنِ التِي حَوْل القَتِيلِ. 3فَالمَدِينَةُ القُرْبَى مِنَ القَتِيلِ يَأْخُذُ شُيُوخُ تِلكَ المَدِينَةِ عِجْلةً مِنَ البَقَرِ لمْ يُحْرَثْ عَليْهَا لمْ تَجُرَّ بِالنِّيرِ. 4وَيَنْحَدِرُ شُيُوخُ تِلكَ المَدِينَةِ بِالعِجْلةِ إِلى وَادٍ دَائِمِ السَّيَلانِ لمْ يُحْرَثْ فِيهِ وَلمْ يُزْرَعْ وَيَكْسِرُونَ عُنُقَ العِجْلةِ فِي الوَادِي. .... 7وَيَقُولُونَ: أَيْدِينَا لمْ تَسْفِكْ هَذَا الدَّمَ وَأَعْيُنُنَا لمْ تُبْصِرْ. 8اِغْفِرْ لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيل الذِي فَدَيْتَ يَا رَبُّ وَلا تَجْعَل دَمَ بَرِيءٍ فِي وَسَطِ شَعْبِكَ إِسْرَائِيل. فَيُغْفَرُ لهُمُ الدَّمُ. 9فَتَنْزِعُ الدَّمَ البَرِيءَ مِنْ وَسَطِكَ إِذَا عَمِلتَ الصَّالِحَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ.) تثنية 21: 1-9
                          فلك أن تتخيل أن يأمر الرب بكسر عنق دابة على قيد الحياة ليغفر للذين لم يقتلوه؟ ألم يكن من الأسهل أن يخبرهم عن طريق أحد أنبيائه حرصًا على رحمة الناس بالحيوان، ورحمة منه على مخلوقاته؟ أم لم يكن يعرف الرب بعد شيئًا عن حقوق الحيوانات، والرفق بهم؟
                          وهل نسى الرب أقواله التى تقضى بأنه لا يحمل أحد وزر آخر؟ («لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ.) التثنية 24 : 16
                          (19[وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: لِمَاذَا لاَ يَحْملُ الاِبْنُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ؟ أَمَّا الاِبْنُ فَقَدْ فَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً. حَفِظَ جَمِيعَ فَرَائِضِي وَعَمِلَ بِهَا فَحَيَاةً يَحْيَا. 20اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ.) حزقيال 18: 19-20
                          (4وَأَمَّا بَنُوهُمْ فَلَمْ يَقْتُلْهُمْ بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الشَّرِيعَةِ فِي سِفْرِ مُوسَى حَيْثُ أَمَرَ الرَّبُّ: [لاَ تَمُوتُ الآبَاءُ لأَجْلِ الْبَنِينَ وَلاَ الْبَنُونَ يَمُوتُونَ لأَجْلِ الآبَاءِ بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ لأَجْلِ خَطِيَّتِهِ].) أخبار الأيام الثانى 25: 4
                          (29فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لاَ يَقُولُونَ بَعْدُ:[الآبَاءُ أَكَلُوا حِصْرِماً وَأَسْنَانُ الأَبْنَاءِ ضَرِسَتْ]. 30بَلْ: [كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ بِذَنْبِهِ]. كُلُّ إِنْسَانٍ يَأْكُلُ الْحِصْرِمَ تَضْرَسُ أَسْنَانُهُ.) إرمياء 31: 29-30
                          (15«إِنْ كُنْتَ أَنْتَ زَانِياً يَا إِسْرَائِيلُ فَلاَ يَأْثَمُ يَهُوذَا. ...) هوشع 4: 15
                          (19عَظِيمٌ فِي الْمَشُورَةِ وَقَادِرٌ فِي الْعَمَلِ الَّذِي عَيْنَاكَ مَفْتُوحَتَانِ عَلَى كُلِّ طُرُقِ بَنِي آدَمَ لِتُعْطِيَ كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ طُرُقِهِ وَحَسَبَ ثَمَرِ أَعْمَالِهِ.) إرمياء 32: 19
                          (12وَلَكَ يَا رَبُّ الرَّحْمَةُ لأَنَّكَ أَنْتَ تُجَازِي الإِنْسَانَ كَعَمَلِهِ) مزمور 62: 12
                          (27فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يَأْتِي فِي مَجْدِ أَبِيهِ مَعَ مَلاَئِكَتِهِ وَحِينَئِذٍ يُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ عَمَلِهِ.) متى 16: 27
                          (4وَلَكِنْ لِيَمْتَحِنْ كُلُّ وَاحِدٍ عَمَلَهُ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ الْفَخْرُ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ فَقَطْ، لاَ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ. 5لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ سَيَحْمِلُ حِمْلَ نَفْسِهِ.) غلاطية 6: 4-5
                          لكن لماذا يرحم الحيوانات أو يرفق بهم، وقد كان قتل الحيوانات، وإبادتها ضمن أهداف الرب الاستراتيجية فى حروب شعبه المختار؟ وله الويل والثبور من يعفُ عن حيوان منهم، حتى لو كان جيدًا، صالحًا للأكل والعمل، وهذا سبب غضب الرب على نبيه شاول: (3فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً، طِفْلاً وَرَضِيعاً، بَقَراً وَغَنَماً، جَمَلاً وَحِمَاراً» ... 8وَأَمْسَكَ أَجَاجَ مَلِكَ عَمَالِيقَ حَيّاً، وَحَرَّمَ جَمِيعَ الشَّعْبِ بِحَدِّ السَّيْفِ. 9وَعَفَا شَاوُلُ وَالشَّعْبُ عَنْ أَجَاجَ وَعَنْ خِيَارِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالْحُمْلاَنِ وَالْخِرَافِ وَعَنْ كُلِّ الْجَيِّدِ، وَلَمْ يَرْضُوا أَنْ يُحَرِّمُوهَا. وَكُلُّ الأَمْلاَكِ الْمُحْتَقَرَةِ وَالْمَهْزُولَةِ حَرَّمُوهَا. 10وَكَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى صَمُوئِيلَ: 11«نَدِمْتُ عَلَى أَنِّي قَدْ جَعَلْتُ شَاوُلَ مَلِكاً، لأَنَّهُ رَجَعَ مِنْ وَرَائِي وَلَمْ يُقِمْ كَلاَمِي») صموئيل الأول 15: 3-11
                          فهل تتخيل أن يندم الرب على تعيين شاول نبيًا، ويقوم بعزله، لأنه رحم بعض الحيوانات، ولم يبيدها كما أراد إله المحبة يسوع/يهوه؟
                          (4وَذَهَبَ شَمْشُونُ وَأَمْسَكَ ثَلاَثَ مِئَةِ ابْنِ آوَى، وَأَخَذَ مَشَاعِلَ وَجَعَلَ ذَنَباً إِلَى ذَنَبٍ، وَوَضَعَ مَشْعَلاً بَيْنَ كُلِّ ذَنَبَيْنِ فِي الْوَسَطِ، 5ثُمَّ أَضْرَمَ الْمَشَاعِلَ نَاراً وَأَطْلَقَهَا بَيْنَ زُرُوعِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ، فَأَحْرَقَ الأَكْدَاسَ وَالّزَرْعَ وَكُرُومَ الّزَيْتُونِ)قضاة 15: 4-5
                          هذا هو شمشون الذى حلت عليه روح الرب: (24فَوَلَدَتِ الْمَرْأَةُ ابْناً وَدَعَتِ اسْمَهُ شَمْشُونَ. فَكَبِرَ الصَّبِيُّ وَبَارَكَهُ الرَّبُّ. 25وَابْتَدَأَ رُوحُ الرَّبِّ يُحَرِّكُهُ فِي مَحَلَّةِ دَانٍَ بَيْنَ صُرْعَةَ وَأَشْتَأُولَ.) قضاة 13: 24-25
                          فهل أمرته روح الرب بتعذيب الـ 300 ابن آوى، وإشعال النار فيهم أحياءً؟ بصراحة: يؤسفنى ما سببته لك من ألم نفسى، ومن تضارب فى داخلك من كل ما قرأته، وكنت تعتبره نصوصًا مقدسة! لكننى لا أستطيع أن أسكت عن الحق، وإلا لكنت شيطانًا أخرسًا. وأبيع الدنيا كلها من أجل أن لا أخسر نفسى: (26لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟) متى 16: 26
                          أما كيف وافقته الحيوانات المفترسة هذه على أن يربط ذيولها؟ فهذا ليس من شأنكم. بل هو ما قاله الكتاب المقدس جدًا، وعليكم أن تصدقوه. وكيف تمكن حيوان منهم سحب باقى الثلاثمائة فى اتجاه محدد وجرها؟ فهذا أيضًا ليس من شأنكم!! وكيف اتفقت الثلاثمائة حيوان وهم تحت تأثير النار والحرق والألم على أن يتجهوا فى اتجاه محدد حتى يحرقوا كل مزارع الفلسطينيين؟ فهذا لم يدخل فى حسبان الكاتب الملهم. وكيف ذهب كل حيوان فى اتجاه مختلف عن الآخرين وفك ذيله من الآخرين؟ فهذا خيال غريب، يُخالف خيال الرب، فلا داعى من الخوض فيه. المهم هو إبادة الفلسطينيين ومزارعهم وحيواناتهم، حتى لو كانوا من ملائكة الرب. والمهم أن تستمر العداوة استمرارًا أبديًا، حتى يتمكن بنو إسرائيل من فلسطين وشعبها، ثم الدولة والشعب الذى يليها، ثم الذى يليها.
                          وطبعًا كانت أكبر مذبحة قام بها الرب للحيوانات والطيور والحشرات فى التاريخ هى الفيضان، الذى قام به الرب فى زمن نوح انتقامًا من قوم نوح الذين لم يؤمنوا به، دون أن يفكر الرب: ما ذنب باقى البشر، الذين لم يأتهم نبى، ولم يعرفوا شيئًا عن دعوة نوح؟ وما ذنب الحيوانات والطيور والحشرات، التى ماتت؟ وما الخير الذى فعلته الحيوانات التى أنقذها نوح، حتى تعيش هى دون غيرها؟ وكم من الفراخ والعائلات بين الحيوانات والطيور قد فرق الرب بينهم فى هذا الفيضان؟ لكن نحمد لهذا الإله الدموى أنه ندم على هذا الفيضان، خاصة بعد أن شمَّ رائحة الشواء، الذى يقوم به الإنسان مقربة للرب!! (20وَبَنَى نُوحٌ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ. وَأَخَذَ مِنْ كُلِّ الْبَهَائِمِ الطَّاهِرَةِ وَمِنْ كُلِّ الطُّيُورِ الطَّاهِرَةِ وَأَصْعَدَ مُحْرَقَاتٍ عَلَى الْمَذْبَحِ 21فَتَنَسَّمَ الرَّبُّ رَائِحَةَ الرِّضَا. وَقَالَ الرَّبُّ فِي قَلْبِهِ: «لاَ أَعُودُ أَلْعَنُ الأَرْضَ أَيْضاً مِنْ أَجْلِ الإِنْسَانِ لأَنَّ تَصَوُّرَ قَلْبِ الإِنْسَانِ شِرِّيرٌ مُنْذُ حَدَاثَتِهِ. وَلاَ أَعُودُ أَيْضاً أُمِيتُ كُلَّ حَيٍّ كَمَا فَعَلْتُ.) تكوين 8: 20-21
                          حلمه مع الكفار:
                          عَنْ عُرْوَةَ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: (أَخْبِرْنِي بِأَشَدِّ شَيْءٍ صَنَعَهُ الْمُشْرِكُونَ بِالنَّبِيِّ  قَالَ بَيْنَا النَّبِيُّ  يُصَلِّي فِي حِجْرِ الْكَعْبَةِ إِذْ أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ فَوَضَعَ ثَوْبَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ خَنْقًا شَدِيدًا فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى أَخَذَ بِمَنْكِبِهِ وَدَفَعَهُ عَنْ النَّبِيِّ  قَالَ: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ}. رواه البخاري
                          عَنْ عُرْوَةَ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ رضى الله عنها زَوْجَ النَّبِيِّ  حَدَّثَتْهُ: (أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ  هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟ قَالَ: لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِي فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمْ الْأَخْشَبَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ : بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا). متفق عليه
                          عَنْ سَهْل بْن سَعْد : (أَنَّ النَّبِيّ  قَالَ: اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)
                          قَالَ اِبْن حِبَّانَ فى مَعْنَى هَذَا الدُّعَاء الَّذِي قَالَه يَوْم أُحُد لَمَّا شُجَّ وَجْهه [وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ وَجُرِحَتْ وَجْنَتُهُ وَشَفَتُهُ السُّفْلَى مِنْ بَاطِنهَا وَوَهَى مَنْكِبه مِنْ ضَرْبَةِ اِبْنِ قَمِيئَةَ وَجُحِشَتْ رُكْبَتُهُ]، أَيْ اِغْفِرْ لَهُمْ ذَنْبهمْ فِي شَجّ وَجْهِي، و... لَا أَنَّهُ أَرَادَ الدُّعَاء لَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ مُطْلَقًا، إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَأُجِيبَ وَلَوْ أُجِيبَ لَأَسْلَمُوا كُلّهمْ فِي ذَلِك الوقتِ لا محالة. (صحيح ابن حبان 3/254)
                          أما بشأن أهل مكة الذين عذبوه واضطروه للهجرة وترك مكة، وحاربوه، وقتلوا من قتلوا، وعذبوا من عذبوا، وسرقوا أموال وديار من سرقوا، وتآمروا عليه وعلى المسلمين مع اليهود، واستعدوهم عليه، فقد يسَّر الله للرسول والمسلمين فتح مكة، وحينما كانوا تحت يديه، سألهم: («مَا تَرَوْنَ أَنِّى صَانِعٌ بِكُمْ؟». قَالُوا: خَيْرًا أَخٌ كَرِيمٌ وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ. قَالَ: «اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ»). ضعف سنده الألبانى
                          ولا يجب أن تنسى أيها الكاتب أن فتح مكة كان فى السنة الثامنة من الهجرة. أى بعد ثمان سنين قضاها فى المدينة، وهى الفترة التى تتهمه  فيها ظلمًا أنه تحوَّل من الرحمة إلى النقيض.
                          فكيف كانت دعوة رب الكتاب الذى تقدسه للكفار؟ كيف كان الرب يعرف بنفسه؟ وما هى أوامره الرحيمة جدًا جدًا للمخالف لدينه؟
                          ذكرنا نصوص الإبادة الجماعية وعدم الرحمة بغير المحاربين، وقتلهم عن بكرة أبيهم مع أطفالهم ونسائهم وحيواناتهم، ثم إضرام النار فيما تبقى من البلد، حتى تصبح خرابًا أبديًا، ليعلموا أنه الرب الإله الرحيم الذى يجب أن يُعبد فى الأرض من دون الآلهة الأخرى:
                          (... لاَ تُشْفِقْ أَعْيُنُكُمْ وَلاَ تَعْفُوا. 6اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ. اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ.) حزقيال 9: 5-6
                          و(15كُلُّ مَنْ وُجِدَ يُطْعَنُ، وَكُلُّ مَنِ انْحَاشَ يَسْقُطُ بِالسَّيْفِ. 16وَتُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ أَمَامَ عُيُونِهِمْ، وَتُنْهَبُ بُيُوتُهُمْ وَتُفْضَحُ نِسَاؤُهُمْ) إشعياء 13: 15-16
                          بل إن ضرب رؤوس الأطفال فى الصخر من القربات التى يتقرب بها العبد المؤمن السليم نفسيًا إلى يهوه/يسوع: (9طُوبَى لِمَنْ يُمْسِكُ أَطْفَالَكِ وَيَضْرِبُ بِهِمُ الصَّخْرَةَ!) مزامير 137: 9
                          أما بتحطيم الأطفال وبشق بطون الحوامل، أى قتل الحوامل والأجنة فى بطون أمهاتهم، فهى من أوامر يهوه، الإله الرحيم، إله المحبة والسلام: (16تُجَازَى السَّامِرَةُ لأَنَّهَا قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَى إِلَهِهَا. بِـالسَّيْفِ يَسْقُطُونَ. تُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ وَالْحَوَامِلُ تُشَقُّ) هوشع 13: 16
                          (15فَضَرْباً تَضْرِبُ سُكَّانَ تِلكَ المَدِينَةِ بِحَدِّ السَّيْفِ وَتُحَرِّمُهَا بِكُلِّ مَا فِيهَا مَعَ بَهَائِمِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 16تَجْمَعُ كُل أَمْتِعَتِهَا إِلى وَسَطِ سَاحَتِهَا وَتُحْرِقُ بِالنَّارِ المَدِينَةَ وَكُل أَمْتِعَتِهَا كَامِلةً لِلرَّبِّ إِلهِكَ فَتَكُونُ تَلاًّ إِلى الأَبَدِ لا تُبْنَى بَعْدُ)تثنية 13: 15- 16
                          أما عن الاستعباد للمحاربين وإبادة شعوب بأكملها من على وجه الأرض، فهو من الرحمات اليهوية، التى أوحيت إلى كاتب غير مريض نفسيًا، غير حاقد عليها، وكل ما يتمناه هو أن يبيد هذه الشعوب، ويمتلك نساءهم وأطفالهم، وماشيتهم وأرضهم، باسم الرب طبعًا: (10«حِينَ تَقْرُبُ مِنْ مَدِينَةٍ لِتُحَارِبَهَا اسْتَدْعِهَا لِلصُّلحِ 11فَإِنْ أَجَابَتْكَ إِلى الصُّلحِ وَفَتَحَتْ لكَ فَكُلُّ الشَّعْبِ المَوْجُودِ فِيهَا يَكُونُ لكَ لِلتَّسْخِيرِ وَيُسْتَعْبَدُ لكَ. 12وَإِنْ لمْ تُسَالِمْكَ بَل عَمِلتْ مَعَكَ حَرْباً فَحَاصِرْهَا. 13وَإِذَا دَفَعَهَا الرَّبُّ إِلهُكَ إِلى يَدِكَ فَاضْرِبْ جَمِيعَ ذُكُورِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 14وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالأَطْفَالُ وَالبَهَائِمُ وَكُلُّ مَا فِي المَدِينَةِ كُلُّ غَنِيمَتِهَا فَتَغْتَنِمُهَا لِنَفْسِكَ وَتَأْكُلُ غَنِيمَةَ أَعْدَائِكَ التِي أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ. 15هَكَذَا تَفْعَلُ بِجَمِيعِ المُدُنِ البَعِيدَةِ مِنْكَ جِدّاً التِي ليْسَتْ مِنْ مُدُنِ هَؤُلاءِ الأُمَمِ هُنَا. 16وَأَمَّا مُدُنُ هَؤُلاءِ الشُّعُوبِ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيباً فَلا تَسْتَبْقِ مِنْهَا نَسَمَةً مَا 17بَل تُحَرِّمُهَا تَحْرِيماً: الحِثِّيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالكَنْعَانِيِّينَ وَالفِرِزِّيِّينَ وَالحِوِّيِّينَ وَاليَبُوسِيِّينَ كَمَا أَمَرَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ 18لِكَيْ لا يُعَلِّمُوكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا حَسَبَ جَمِيعِ أَرْجَاسِهِمِ التِي عَمِلُوا لآِلِهَتِهِمْ فَتُخْطِئُوا إِلى الرَّبِّ إِلهِكُمْ)تثنية20: 10- 18
                          وسلب أموال غير اليهود بالربا، هو من القربات التى نصح يهوه أتباعه باتباعها: (19«لا تُقْرِضْ أَخَاكَ بِرِبًا رِبَا فِضَّةٍ أَوْ رِبَا طَعَامٍ أَوْ رِبَا شَيْءٍ مَا مِمَّا يُقْرَضُ بِرِبًا 20لِلأَجْنَبِيِّ تُقْرِضُ بِرِبًا وَلكِنْ لأَخِيكَ لا تُقْرِضْ بِرِبًا لِيُبَارِكَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فِي كُلِّ مَا تَمْتَدُّ إِليْهِ يَدُكَ فِي الأَرْضِ التِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِليْهَا لِتَمْتَلِكَهَا.) تثنية 23: 19-20
                          وأمل الجيفة وبيعها أعداء يهوه هو من وسائل تقديس الرب عند بنى إسرائيل: (21«لا تَأْكُلُوا جُثَّةً مَا. تُعْطِيهَا لِلغَرِيبِ الذِي فِي أَبْوَابِكَ فَيَأْكُلُهَا أَوْ يَبِيعُهَا لأَجْنَبِيٍّ لأَنَّكَ شَعْبٌ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ إِلهِكَ.) تثنية 14: 21
                          اقرأ كيف يعلن الرب عن نفسه؟ (25وَأَعْطَيْتُهُمْ أَيْضاً فَرَائِضَ غَيْرَ صَالِحَةٍ وَأَحْكَـاماً لاَ يَحْيُونَ بِهَا 26وَنَجَّسْتُهُمْ بِعَطَايَاهُمْ إِذْ أَجَازُوا فِي النَّارِ كُلَّ فَاتِحِ رَحِمٍ لأُبِيدَهُمْ، حَتَّى يَعْلَمُوا أَنِّي أَنَا الرَّبُّ.) حزقيال 20: 25-26
                          (7فَلِذَلِكَ هَئَنَذَا أَمُدُّ يَدِي عَلَيْكَ وَأُسَلِّمُكَ غَنِيمَةً لِلأُمَمِ وَأَسْتَأْصِلُكَ مِنَ الشُّعُوبِ وَأُبِيدُكَ مِنَ الأَرَاضِي. أَخْرِبُكَ فَتَعْلَمُ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ].) حزقيال 25: 7
                          (16فَلِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا أَمُدُّ يَدِي عَلَى الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَأَسْتَأْصِلُ الْكَرِيتِيِّينَ وَأُهْلِكُ بَقِيَّةَ سَاحِلِ الْبَحْرِ. 17وَأُجْرِي عَلَيْهِمْ نَقْمَاتٍ عَظِيمَةً بِتَأْدِيبِ سَخَطٍ فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ، إِذْ أَجْعَلُ نَقْمَتِي عَلَيْهِمْ) حزقيال 25: 16-17
                          (... لأَنِّي أَنَا تَكَلَّمْتُ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. وَتَكُونُ غَنِيمَةً لِلأُمَمِ. 6وَبَنَاتُهَا اللَّوَاتِي فِي الْحَقْلِ تُقْتَلُ بِـالسَّيْفِ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ) حزقيال 26: 3-6
                          (23وَأُرْسِلُ عَلَيْهَا وَبَأً وَدَماً إِلَى أَزِقَّتِهَا وَيُسْقَطُ الْجَرْحَى فِي وَسَطِهَا بِـالسَّيْفِ الَّذِي عَلَيْهَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ.) حزقيال 28: 23
                          (8لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: [هَئَنَذَا أَجْلِبُ عَلَيْكَ سَيْفاً، وَأَسْتَأْصِلُ مِنْكَ الإِنْسَانَ وَالْحَيَوَانَ. 9وَتَكُونُ أَرْضُ مِصْرَ مُقْفِرَةً وَخَرِبَةً، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ لأَنَّهُ قَالَ: النَّهْرُ لِي وَأَنَا عَمِلْتُهُ. 10لِذَلِكَ هَئَنَذَا عَلَيْكَ وَعَلَى أَنْهَارِكَ، وَأَجْعَلُ أَرْضَ مِصْرَ خِرَباً خَرِبَةً مُقْفِرَةً مِنْ مَجْدَلَ إِلَى أَسْوَانَ إِلَى تُخُمِ كُوشَ. 11لاَ تَمُرُّ فِيهَا رِجْلُ إِنْسَانٍ، وَلاَ تَمُرُّ فِيهَا رِجْلُ بَهِيمَةٍ، وَلاَ تُسْكَنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً. 12وَأَجْعَلُ أَرْضَ مِصْرَ مُقْفِرَةً فِي وَسَطِ الأَرَاضِي الْمُقْفِرَةِ، وَمُدُنَهَا فِي وَسَطِ الْمُدُنِ الْخَرِبَةِ تَكُونُ مُقْفِرَةً أَرْبَعِينَ سَنَةً. وَأُشَتِّتُ الْمِصْرِيِّينَ بَيْنَ الأُمَمِ وَأُبَدِّدُهُمْ فِي الأَرَاضِي. 13لأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: عِنْدَ نَهَايَةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً أَجْمَعُ الْمِصْرِيِّينَ مِنَ الشُّعُوبِ الَّذِينَ تَشَتَّتُوا بَيْنَهُمْ 14وَأَرُدُّ سَبْيَ مِصْرَ, وَأُرْجِعُهُمْ إِلَى أَرْضِ فَتْرُوسَ إِلَى أَرْضِ مِيلاَدِهِمْ، وَيَكُونُونَ هُنَاكَ مَمْلَكَةً حَقِيرَةً. 15تَكُونُ أَحْقَرَ الْمَمَالِكِ فَلاَ تَرْتَفِعُ بَعْدُ عَلَى الأُمَمِ، وَأُقَلِّلُهُمْ لِكَيْلاَ يَتَسَلَّطُوا عَلَى الأُمَمِ. 16فَلاَ تَكُونُ بَعْدُ مُعْتَمَداً لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ، مُذَكِّرَةَ الإِثْمِ بِـانْصِرَافِهِمْ وَرَاءَهُمْ، وَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا السَّيِّدُ الرَّبُّ].) حزقيال 29: 8-16
                          (... وَكَثِيرُونَ مِنْ شُعُوبِ الأَرْضِ تَهَوَّدُوا لأَنَّ رُعْبَ الْيَهُودِ وَقَعَ عَلَيْهِمْ.) أستير 8: 17
                          وهكذا ينشر الرب دينه بين الكفار بالسيف والإبادة الجماعية، ونشر الأمراض والأوبئة، وإقفار الأرض، وقتلهم بالسيف، وجعلهم عبيد لبنى إسرائيل. فهل توجد بعد ذلك رحمة أو محبة لم يستعملها إله المحبة لنشر دينه والتعريف بنفسه؟
                          هذا هو إله المحبة الذى يُدعى إليه الناس، والذى لا يرتد حمو غضبه إلا بالتمثيل بجثث القتلى! (4فَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى: «خُذْ جَمِيعَ رُؤُوسِ الشَّعْبِ وَعَلِّقْهُمْ لِلرَّبِّ مُقَابِل الشَّمْسِ فَيَرْتَدَّ حُمُوُّ غَضَبِ الرَّبِّ عَنْ إِسْرَائِيل».) العدد 25: 4
                          رحمته مع أهل الكتاب:
                          عَنْ أَنَسٍ  قَالَ: (كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ  فَمَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ  يَعُودُهُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ أَسْلِمْ فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ  فَأَسْلَمَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ  وَهُوَ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ) متفق عليه
                          عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى قَالَ: كَانَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ رضى الله عنهم قَاعِدَيْنِ بِالْقَادِسِيَّةِ فَمَرُّوا عَلَيْهِمَا بِجَنَازَةٍ فَقَامَا فَقِيلَ لَهُمَا إِنَّهَا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ أَيْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَقَالَا: (إِنَّ النَّبِيَّ  مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ فَقَامَ فَقِيلَ لَهُ إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ فَقَالَ أَلَيْسَتْ نَفْسًا) البخارى
                          عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: (أَنَّ يَهُودَ أَتَوْا النَّبِيَّ  فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكُمْ فَقَالَتْ عَائِشَةُ عَلَيْكُمْ وَلَعَنَكُمْ اللَّهُ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ قَالَ مَهْلًا يَا عَائِشَةُ عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ وَإِيَّاكِ وَالْعُنْفَ وَالْفُحْشَ قَالَتْ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قَالَ أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْتُ رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ فَيُسْتَجَابُ لِي فِيهِمْ وَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيَّ) رواه البخاري ومسلم
                          وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  (أَنَّ اِمْرَأَةً مِنْ الْيَهُودِ أَهْدَتْ لِرَسُولِ اللَّه  شَاةً مَسْمُومَةً فَأَكَلَ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: أَمْسِكُوا فَإِنَّهَا مَسْمُومَة، وَقَالَ لَهَا: مَا حَمَلَك عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَتْ. أَرَدْت إِنْ كُنْت نَبِيًّا فَيُطْلِعُك اللَّهُ، وَإِنْ كُنْت كَاذِبًا فَأُرِيحَ النَّاسَ مِنْك، قَالَ فَمَا عَرَضَ لَهَا)
                          قَالَ الْبَيْهَقِيُّ. يُحْتَمَل أَنْ يَكُون تَرَكَهَا أَوَّلًا ثُمَّ لَمَّا مَاتَ بِشْر بْن الْبَرَاءِ مِنْ الْأَكْلَةِ قَتَلَهَا، وَبِذَلِكَ أَجَابَ السُّهَيْلِيُّ وَزَادَ: أَنَّهُ كَانَ تَرَكَهَا لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَنْتَقِم لِنَفْسِهِ، ثُمَّ قَتَلَهَا بِبَشَرٍ قِصَاصًا. فتح الباري لابن حجر (12/62)
                          وعَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ: (سَحَرَ رَسُولَ اللَّهِ  رَجُلٌ مِنْ بَنِى زُرَيْقٍ يُقَالُ لَهُ لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ ، حَتَّى كَانَ رَسُولُ اللَّه  يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّىْءَ وَمَا فَعَلَهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَهْوَ عِنْدِى لَكِنَّهُ دَعَا وَدَعَا ثُمَّ قَالَ «يَا عَائِشَةُ، أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِى فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ، أَتَانِى رَجُلاَنِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِى، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَىَّ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ مَا وَجَعُ الرَّجُلِ فَقَالَ مَطْبُوبٌ. قَالَ مَنْ طَبَّهُ قَالَ لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ. قَالَ فِى أَىِّ شَىْءٍ قَالَ فِى مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ، وَجُفِّ طَلْعِ نَخْلَةٍ ذَكَرٍ. قَالَ وَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِى بِئْرِ ذَرْوَانَ» . فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ  فِى نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَجَاءَ فَقَالَ «يَا عَائِشَةُ كَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ، أَوْ كَأَنَّ رُءُوسَ نَخْلِهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ» . قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ أَسْتَخْرِجُهُ قَالَ «قَدْ عَافَانِى اللَّهُ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ فِيهِ شَرًّا». فَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ). متفق عليه
                          يقول فضيلة الشيخ سليمان بن ناصر العلوان: (ومن ثمَّ اتفق الصحابة – رضي الله عنهم – على قتل الساحرِ والساحرة لعظم شرّهم وكثرة خطرهم وبعدهم عن الإيمان وقُربهم من الشيطان، فعند أبي داود بسند صحيح من طريق سفيان عن عمرو بن دينار عن بجالة بن عبدة قال: جاءَنا كتاب عمر  قبل موته بسنةٍ: "اقتلوا كل ساحر"
                          يقول الدكتور عبدالسلام السكري: (يرى المالكية والحنفية في المشهور عنهم وبعض قليل من الشافعية ورواية عن الحنابلة ومعهم بعض العلماء أن الساحر يقتل ولا يستتاب ولا تقبل توبته لأنه اعتقد ما علم تحريمه ضرورة وكفر بالله العظيم وعظم غير الله كالشياطين والكواكب ونحوها وجمع إلى ذلك السعي بالفساد في الأرض ، ولأن السحر معنى في قلبه لا يزول بالتوبة فهو كالزنديق وهو من يبطن الكفر ويظهر الإسلام)
                          قال أبو بكر الجصاص: (قال الإمام أبو حنيفة: الساحر يقتل إذا علم أنه ساحر ولا يستتاب ولا يقبل قوله إني أترك السحر وأتوب منه، فإذا أقر أنه ساحر فقد حل دمه، وكذلك العبد المسلم، والحر الذمي من أقر منهم أنه ساحر فقد حل دمه) (تفسير آيات الأحكام – 1 / 85)
                          وعلى الرغم من ذلك عفا رسول الله  عنه، ولم يحاكمه أو يثأر لنفسه.
                          عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو : عَنْ النَّبِيِّ  قَالَ: (مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا). رواه البخاري والنسائي
                          أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ سُلَيْمٍ أَخْبَرَهُ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَبْنَاءِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ  عَنْ آبَائِهِمْ دِنْيَةً: وعَنْ رَسُولِ اللَّهِ  قَالَ: (أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا أَوْ انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ). رواه أبو داود وصححه الألباني
                          عَنْ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ السُّلَمِيِّ _ قَالَ: (نَزَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ  خَيْبَرَ وَمَعَهُ مَنْ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ وَكَانَ صَاحِبُ خَيْبَرَ رَجُلًا مَارِدًا مُنْكَرًا فَأَقْبَلَ إِلَى النَّبِيِّ  فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَلَكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا حُمُرَنَا وَتَأْكُلُوا ثَمَرَنَا وَتَضْرِبُوا نِسَاءَنَا فَغَضِبَ يَعْنِي النَّبِيَّ  وَقَالَ يَا ابْنَ عَوْفٍ ارْكَبْ فَرَسَكَ ثُمَّ نَادِ أَلَا إِنَّ الْجَنَّةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِمُؤْمِنٍ وَأَنْ اجْتَمِعُوا لِلصَّلَاةِ قَالَ فَاجْتَمَعُوا ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ النَّبِيُّ  ثُمَّ قَامَ فَقَالَ أَيَحْسَبُ أَحَدُكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ قَدْ يَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُحَرِّمْ شَيْئًا إِلَّا مَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ أَلَا وَإِنِّي وَاللَّهِ قَدْ وَعَظْتُ وَأَمَرْتُ وَنَهَيْتُ عَنْ أَشْيَاءَ إِنَّهَا لَمِثْلُ الْقُرْآنِ أَوْ أَكْثَرُ وَإِنَّ اللَّهَ  لَمْ يُحِلَّ لَكُمْ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتَ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا بِإِذْنٍ وَلَا ضَرْبَ نِسَائِهِمْ وَلَا أَكْلَ ثِمَارِهِمْ إِذَا أَعْطَوْكُمْ الَّذِي عَلَيْهِمْ) . رواه أبي داود وحسنه الألباني
                          عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ  قَالَ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ  إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ثُمَّ قَالَ اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تَمْثُلُوا وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ أَوْ خِلَالٍ فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ .....الحديث) رواه مسلم عن بُرَيْدَةَ والنُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ
                          قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ  :(قَدِمَ طُفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو الدَّوْسِيُّ وَأَصْحَابُهُ عَلَى النَّبِيِّ  فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ دَوْسًا عَصَتْ وَأَبَتْ فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهَا فَقِيلَ هَلَكَتْ دَوْسٌ قَالَ اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بِهِمْ). متفق عليه
                          رحمته وحلمه بالمنافقين:
                          عَنْ جَابِر  قَالَ: (غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ  وَقَدْ ثَابَ مَعَهُ نَاسٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ حَتَّى كَثُرُوا وَكَانَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلٌ لَعَّابٌ فَكَسَعَ أَنْصَارِيًّا فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ غَضَبًا شَدِيدًا حَتَّى تَدَاعَوْا وَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ يَا لَلْأَنْصَارِ وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ يَا لَلْمُهَاجِرِينَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ  فَقَالَ مَا بَالُ دَعْوَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ قَالَ مَا شَأْنُهُمْ فَأُخْبِرَ بِكَسْعَةِ الْمُهَاجِرِيِّ الْأَنْصَارِيَّ قَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ  دَعُوهَا فَإِنَّهَا خَبِيثَةٌ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ أَقَدْ تَدَاعَوْا عَلَيْنَا لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ فَقَالَ عُمَرُ أَلَا نَقْتُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْخَبِيثَ لِعَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ النَّبِيُّ  لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّهُ كَانَ يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ) وفى رواية (قَالَ عُمَرُ دَعْنِي أَضْرِبُ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ فَقَالَ دَعْهُ لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ). متفق عليه
                          عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ : (أَنَّهُ قَالَ لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ دُعِيَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ  لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ  وَثَبْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُصَلِّي عَلَى ابْنِ أُبَيٍّ وَقَدْ قَالَ يَوْمَ كَذَا كَذَا وَكَذَا قَالَ أُعَدِّدُ عَلَيْهِ قَوْلَهُ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ  وَقَالَ أَخِّرْ عَنِّي يَا عُمَرُ فَلَمَّا أَكْثَرْتُ عَلَيْهِ قَالَ إِنِّي خُيِّرْتُ فَاخْتَرْتُ لَوْ أَعْلَمُ أَنِّي إِنْ زِدْتُ عَلَى السَّبْعِينَ يُغْفَرْ لَهُ لَزِدْتُ عَلَيْهَا قَالَ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ  ثُمَّ انْصَرَفَ فَلَمْ يَمْكُثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى نَزَلَتْ الْآيَتَانِ مِنْ بَرَاءَةَ: [إشارة إلى قوله تعالى {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ * وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ}) [التوبة 84-85]
                          قَالَ فَعَجِبْتُ بَعْدُ مِنْ جُرْأَتِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ) متفق عليه
                          من أقوال المستشرقين المنصفين فى دراسة التاريخ عن محمد :
                          وهو دراسة للدكتور نبيل لوقا بباوى تحت عنوان: "انتشار الإسلام بحد السيف بين الحقيقة والافتراء"، يرد فيه على الذين يتهمون الإسلام بأنه انتشر بحد السيف وأجبر الناس على الدخول فيه واعتناقه بالقوة.
                          وناقشت الدراسة هذه التهمة الكاذبة بموضوعية علمية وتاريخية أوضحت خلالها أن الإسلام، بوصفه دينا سماويا، لم ينفرد وحده بوجود فئة من أتباعه لا تلتزم بأحكامه وشرائعه ومبادئه التي ترفض الإكراه على الدين، وتحرم الاعتداء على النفس البشرية. إن سلوك وأفعال وفتاوى هذه الفئة من الولاة والحكام والمسلمين غير الملتزمين لا تمت إلى تعاليم الإسلام بصلة.
                          وقالت الدراسة: حدث في المسيحية أيضًا التناقض بين تعاليمها ومبادئها التي تدعو إلى المحبة والتسامح والسلام بين البشر وعدم الاعتداء على الغير وبين ما فعله بعض أتباعها في البعض الآخر من قتل وسفك دماء واضطهاد وتعذيب، مما ترفضه المسيحية ولا تقره مبادئها، مشيرة إلى الاضطهاد والتعذيب والتنكيل والمذابح التي وقعت على المسيحيين الأرثوذكس في مصر من الدولة الرومانية ومن المسيحيين الكاثوليك، لاسيما في عهد الإمبراطور دقلديانوس الذي تولى الحكم في عام 284م، فكان في عهده يتم تعذيب المسيحيين الأرثوذكس في مصر بإلقائهم في النار أحياء، أو كشط جلدهم بآلات خاصة، أو إغراقهم في زيت مغلي، أو إغراقهم في البحر أحياء، أو صلبهم ورؤوسهم منكسة إلى أسفل، ويتركون أحياء على الصليب حتى يهلكوا جوعا، ثم تترك جثثهم لتأكلها الغربان، أو كانوا يوثقون في فروع الأشجار، ويتم تقريب فروع الأشجار بآلات خاصة ثم تترك لتعود لوضعها الطبيعي فتتمزق الأعضاء الجسدية للمسيحيين إربا إربا.
                          وقال بباوي إن أعداد المسيحيين الذين قتلوا بالتعذيب في عهد الإمبراطور دقلديانوس يقدر بأكثر من مليون مسيحي، إضافة إلى المغالاة في الضرائب التي كانت تفرض على كل شيء حتى على دفن الموتى، لذلك قررت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر اعتبار ذلك العهد عصر الشهداء في مصر، وأرخوا به التقويم القبطي تذكيرًا بالتطرف المسيحي.
                          وأشار الباحث إلى الحروب الدموية التي حدثت بين الكاثوليك والبروتستانت في أوروبا، وما لاقاه البروتستانت من العذاب والقتل والتشريد والحبس في غياهب السجون إثر ظهور المذهب البروتستانتي على يد الراهب مارتن لوثر الذي ضاق ذرعا بمتاجرة الكهنة بصكوك الغفران.
                          وهدفت الدراسة من وراء عرض هذا الصراع المسيحي إلى:
                          أولاً: عقد مقارنة بين هذا الاضطهاد الديني الذي وقع على المسيحيين الأرثوذكس من قبل الدولة الرومانية ومن المسيحيين الكاثوليك وبين التسامح الديني الذي حققته الدولة الإسلامية في مصر، وحرية العقيدة الدينية التي أقرها الإسلام لغير المسلمين، وتركهم أحرارًا في ممارسة شعائرهم الدينية داخل كنائسهم، وتطبيق شرائع ملتهم في الأحوال الشخصية، مصداقًا لقوله تعالى في سورة البقرة: "لا إكراه في الدين"، وتحقيق العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات بين المسلمين وغير المسلمين في الدولة الإسلامية إعمالا للقاعدة الإسلامية "لهم ما لنا وعليهم ما علينا"، وهذا يثبت أن الإسلام لم ينتشر بالسيف والقوة لأنه تم تخيير غير المسلمين بين قبول الإسلام أو البقاء على دينهم مع دفع الجزية (ضريبة الدفاع عنهم وحمايتهم وتمتعهم بالخدمات)، فمن اختار البقاء على دينه فهو حر.. وقد كان في قدرة الدولة الإسلامية أن تجبر المسيحيين على الدخول في الإسلام بقوتها، أو أن تقضي عليهم بالقتل إذا لم يدخلوا في الإسلام قهرًا، ولكن الدولة الإسلامية لم تفعل ذلك تنفيذًا لتعاليم الإسلام ومبادئه، فأين دعوى انتشار الإسلام بالسيف؟
                          ثانيًا: إثبات أن الجزية التي فرضت على غير المسلمين في الدولة الإسلامية بموجب عقود الأمان التي وقعت معهم، إنما هي ضريبة دفاع عنهم في مقابل حمايتهم والدفاع عنهم من أي اعتداء خارجي، لإعفائهم من الاشتراك في الجيش الإسلامي حتى لا يدخلوا حربًا يدافعون فيها عن دين لا يؤمنون به.. ومع ذلك فإذا اختار غير المسلم أن ينضم إلى الجيش الإسلامي برضاه فإنه يعفى من دفع الجزية.
                          وتقول الدراسة إن الجزية كانت تأتي أيضًا نظير التمتع بالخدمات العامة التي تقدمها الدولة للمواطنين مسلمين وغير مسلمين، والتي ينفق عليها من أموال الزكاة التي يدفعها المسلمون بصفتها ركنًا من أركان الإسلام، وهذه الجزية لا تمثل إلا قدرًا ضئيلا متواضعًا لو قورنت بالضرائب الباهظة التي كانت تفرضها الدولة الرومانية على المسيحيين في مصر، ولا يعفى منها أحد، في حين أن أكثر من 70% من الأقباط الأرثوذكس كانوا يعفون من دفع هذه الجزية؛ فقد كان يعفى من دفعها: القصر والنساء والشيوخ والعجزة وأصحاب الأمراض والرهبان.
                          ثالثًا: إثبات أن تجاوز بعض الولاة المسلمين أو بعض الأفراد أو بعض الجماعات من المسلمين في معاملاتهم لغير المسلمين إنما هي تصرفات فردية شخصية لا تمت لتعاليم الإسلام بصلة، ولا علاقة لها بمبادئ الدين الإسلامي وأحكامه، فإنصافًا للحقيقة ينبغي ألا ينسب هذا التجاوز للدين الإسلامي، وإنما ينسب إلى من تجاوز، وهذا بالضبط يتساوى مع رفض المسيحية للتجاوزات التي حدثت من الدولة الرومانية ومن المسيحيين الكاثوليك ضد المسيحيين الأرثوذكس.. ويتساءل قائلا:
                          لماذا إذن يغمض بعض المستشرقين عيونهم عن التجاوز الذي حدث في جانب المسيحية ولا يتحدثون عنه، بينما يجسمون التجاوز الذي حدث في جانب الإسلام، ويتحدثون عنه؟! ولماذا الكيل بمكيالين؟! والوزن بميزانين؟!
                          وأكد الباحث أنه اعتمد في دراسته على القرآن والسنة وما ورد عن السلف الصالح من الخلفاء الراشدين، لأن في هذه المصادر وفي سير هؤلاء المسلمين الأوائل الإطار الصحيح الذي يظهر كيفية انتشار الإسلام وكيفية معاملته لغير المسلمين.
                          ويواصل قائلا: أما ما يفعله المستشرقون من الهجوم على الإسلام والحضارة الإسلامية من خلال إيراد أمثلة معينة في ظروف معينة لموقف بعض أولي الأمر من المسلمين أو لآراء بعض المجتهدين والفقهاء، أو لموقف أهل الرأي من المسلمين في ظروف خاصة في بعض العهود التي سيطر فيها ضيق الأفق والجهل والتعصب، فإن هذه الاجتهادات بشرية تحتمل الصواب والخطأ، في حين أن ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية لا يحتمل الخطأ.
                          ويضيف: إذا كانت هناك أفعال لبعض الولاة المسلمين أو بعض الجماعات تخالف أحكام الكتاب أو السنة فهي تنسب إلى أصحابها، ولا يمكن أن تنسب إلى الإسلام، وطالبت الدراسة المسلمين أن يعيدوا النظر في أسلوبهم ومنهجهم عند مخاطبة غير المسلمين، وأن يسيروا في الطريق السليم الصحيح الذي رسمه لهم دينهم الإسلامي، وسار فيه الرسول والخلفاء الراشدون من بعده، لاسيما بعد الهجوم الشرس الذي يتعرض له الإسلام حاليا بعد أحداث 11 سبتمبر عام 2001م.
                          وأكدت الدراسة على ضرورة مخاطبة الغرب وأمريكا والعالم الخارجي بأسلوب الإقناع بعيداً عن العصبية، لتغيير المفاهيم التي روج لها المستشرقون في الغرب، واستغلها الساسة والمثقفون والكتاب الذين لهم موقف معاد للإسلام، ويتحلون بروح التعصب، لأن الإقناع بحقائق الأمور في حقيقة الإسلام هو خير وسيلة لتغيير المفاهيم في الغرب عن الإسلام عبر التاريخ وعبر التسلسل التاريخي لرسالة الإسلام.
                          ومضت الدراسة تدحض ما يقوله البعض من أن الإسلام انتشر بحد السيف، وأنه قتل أصحاب الديانات المخالفة، وأجبرهم على الدخول في الدين الإسلامي قهرًا وبالعنف، موضحة أن الرسول بدأ بدعوة أصحابه في مكة ممن كان يثق فيهم، فأسلم أبو بكر الصديق وخديجة وعثمان بن عفان والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف وتبعهم غيرهم، وكان الرسول يعرض الإسلام في موسم الحج على القبائل في مكة، وقد اقتنع جماعة من الأوس والخزرج بدعوته، وحينما عادوا إلى يثرب أو المدينة دعوا أهلها للدخول في الإسلام، تم ذلك دون أن يستل الرسول سيفًا أو يقاتل أحدًا، بل العكس هو الصحيح، لقد تعرض المسلمون للاضطهاد من مشركي قريش، وكان سلاح المشركين الإهانة والضرب المفرط والتنكيل بالمسلمين بأبشع ألوان التعذيب، ولم يفكر المسلمون بإخراج السيوف من أغمدتها.
                          وقالت الدراسة إن الرسول أمضى في مكة ثلاث عشرة سنة يدعوهم للدخول في الإسلام بالحجة والموعظة الحسنة، وبعد أن استنب الأمر للإسلام داخل المدينة بدأ الرسول نشره خارجها بالحجة والإقناع للكفار الذين لا يؤمنون بالله وإلا فالقتال.. أما أصحاب الديانات الأخرى السماوية كاليهودية والمسيحية فكان يخيرهم بين دخول الإسلام عن اقتناع أو دفع الجزية، فإن لم يستجيبوا يقاتلهم، وهذا التخيير يعني أن الإسلام لم ينتشر بحد السيف كما يردد بعض المستشرقين.
                          وعن غزوات الرسول  وأسبابها:
                          ثم جاءت موقعة بدر التي لم تكن من أجل نشر الإسلام بحد السيف، بل كان وراءها رغبة المسلمين في استرداد جزء من حقوقهم المغتصبة وأموالهم ومنازلهم التي تركوها في مكة رغما عنهم قبل الهجرة، فخرجوا لأخذ قافلة تجارية لقريش، وعندما علمت قريش بذلك خرجوا بأسلحتهم لقتال المسلمين.
                          ثم كانت موقعة أحد دفاعًا عن النفس والدعوة الإسلامية، لأن كفار قريش بقيادة أبي سفيان توجهوا من مكة إلى جبل أحد بالقرب من المدينة للقضاء على الدعوة الإسلامية في مهدها قبل أن تنتشر في شبه الجزيرة العربية.
                          ثم كانت موقعة الخندق أيضا دفاعًا عن النفس، بعد أن قام اليهود بتجميع الأحزاب من القبائل، وعلى رأسهم قريش لمهاجمة المسلمين في المدينة وقتل الرسول ، وقد ثبت في موقعة الخندق أن اليهود هم المحرضون الأساسيون لها، فقد حرضوا قريشاً، ثم توجهوا إلى قبيلة غطفان وقبيلة بني مرة، ثم توجهوا إلى قبائل سليم وأشجع وفزارة وسعد وأسد وحرضوهم على قتال المسلمين، لذلك فقد كان الرسول معه كل الحق حينما طردهم من المدينة، لأنهم نقضوا العهد الذي أبرمه معهم، وانضموا في موقعة أحد إلى أعداء الإسلام، وكانوا كالشوكة في ظهر المسلمين أثناء وجودهم في المدينة بإعطاء أسرارهم لكفار قريش وإحداث المشاكل داخل المدينة ومحاولة الوقيعة بين الأنصار والمهاجرين.
                          وبعد صلح الحديبية نجد الإسلام ينتشر بين قادة قريش عن اقتناع، حيث أسلم خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وتوجها بإرادتهما الحرة من مكة إلى المدينة لمقابلة الرسول وأسلما أمامه وبايعاه.
                          وعن موقف المسلمين من اليهود:
                          وفي الوقت الذي يدعي فيه البعض أن الإسلام يقتل أصحاب الديانات الأخرى ويجبرهم على الدخول في الإسلام، فإن الرسول بمجرد قدومه إلى المدينة المنورة عقد تحالفا مع اليهود المقيمين هناك، وذكرت الوثيقة أن اليهود الموجودين في المدينة لهم عهد وذمة الله، وأنهم آمنون على حياتهم وعلى دينهم وأموالهم ويمارسون شعائرهم الدينية، ورغم ذلك فقد خانوا المسلمين ونقضوا العهود.
                          ويقول بعض المستشرقين وعلى رأسهم مرجليوث: إن الغرض الأساسي من إغارة المسلمين على اليهود إنما هو الحصول على الغنائم، وهذا غير صحيح، لأن السبب الرئيسي في طرد اليهود من المدينة أنهم نقضوا العهد، ولم يتعاونوا مع المسلمين في الدفاع عن المدينة، وتحالفوا مع أعداء المسلمين، ولذا كان جلاء اليهود ضرورة لتأمين الجبهة الداخلية حماية للدولة الإسلامية الوليدة، وهو حق مشروع، وكان رأي الصحابة هو قتل جميع اليهود، ولكن الرسول رضي بوساطة عبد الله بن أبي بن سلول في يهود بني قينقاع وأمر بإجلائهم أحياء من المدينة، ولم يقتل منهم أحداً رغم أن المسلمين قد انتصروا عليهم.
                          كما أجلى يهود بنى النضير دون قتل بعد محاولاتهم الفاشلة لاغتيال رئيس الدولة المتمثل في شخص النبي محمد دون أن يقتل منهم أحدا، ثم كان حكم الصحابي الجليل سعد بن معاذ بقتل الرجال من يهود بني قريظة بعد أن خانوا عهدهم، وألبوا القبائل على المسلمين في غزوة الخندق.
                          وبعد أن علم المسلمون بخطة يهود خيبر في الهجوم على المدينة بدأوا بالهجوم، ولم يقتلوهم ولم يجبروهم على الدخول في الإسلام بعد أن قبلوا بدفع الجزية، وقد أرسل الرسول رسائله إلى جميع الملوك والأمراء في السنة السابعة من الهجرة يدعوهم إلى دخول الإسلام.
                          ولم يرسل الرسول أي قوات لإجبار أحد على الدخول في الإسلام، ولكنه أرسل حملة لتأديب أمير مؤتة الذي قتل رسوله الحارث بن عمير الأزدي عندما كان في طريقه إلى أمير بصري ليدعوه إلى دخول الإسلام. فلم يكن هدف الحملة نشر الإسلام بحد السيف، ولكنها كانت لمعاقبة أمير مؤتة شرحبيل بن عمرو الغساني لفعلته اللاإنسانية في جمادى الأولى للسنة الثامنة للهجرة عام 629م.
                          ولو كان الرسول يريد نشر الإسلام بحد السيف أو يريد الغنائم كما يدعي بعض المستشرقين لكان ترك تبوك وتوجه إلى قوات قيصر الروم المتحصنة داخل الحصون في بلاد الشام وحاصرها من الخارج وقطع عنهم الطعام والمؤن، ومن المؤكد أنها كانت سوف تستجيب لمطالبه إذا طال الحصار عليهم، ولكنه لم يفعل ذلك لا مع أهل تبوك ولا مع ثقيف قبلهم في غزوة حنين، لأن غرضه الأساسي الدفاع عن النفس والدفاع عن الدعوة الإسلامية، وإن كان هذا لا يمنع البدء بالهجوم إذا علم أنه سيهاجَم، باعتبار أن خير وسيلة للدفاع هي الهجوم.
                          والسؤال الذي يطرح نفسه على بعض المستشرقين، أين هو انتشار الإسلام بحد السيف في عام الوفود؟ وها هي الوفود من القبائل على رأسها زعماء القبائل وسادتها يأتون طواعية إلى المدينة المنورة، ويتحملون عبء السفر رغم وعورة الطرق في ذلك الوقت، وإثر دخولهم المدينة يتوجهون لمقابلة الرسول بحر إرادتهم يعلنون إسلامهم باسم قبائلهم.
                          كما أن الدراسة تؤكد أن حروب الردة التي قادها الخليفة الأول أبو بكر الصديق لم تكن لنشر الإسلام، ولكنها كانت للحفاظ على وحدة الدولة الإسلامية، بعد أن دخلت جميع قبائل العرب في حيز الدولة الإسلامية بكامل إرادتها، ومنها من يدفع الجزية، ومنها من يدفع الزكاة.
                          وتشير الدراسة إلى أن الذي قتل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب وهو يصلي في المسجد كان رجلا مسيحيًا من أهل الذمة، ورغم ذلك أوصى عمر من بعده بأهل الذمة خيرًا، وأن يوفى بعهدهم وأن يقاتل عنهم وألا يكلفوا فوق طاقتهم. انتهى
                          وانتهى إلى النتيجة الآتية: إن الإسلام لم ينتشر بالسيف مطلقا، ولكن بالدعوة التي يحميها السيف، وكما أن للباطل قوة تطغيه، فلابد للحق من قوة تحميه.
                          يقول المستشرق الأسباني جان ليك ( 1822-1897) في كتابه: "العرب" ص43 مؤكدًا هذه الحقيقة: )وحياة محمد التاريخية لا يمكن أن توصف بأحسن مما وصفها الله نفسه بألفاظ قليلة، بيَّنَ بها سبب بعث النبي (محمد) (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء 107). وقد برهن بنفسه على أن لديه أعظم الرحمات لكل ضعيف، ولكل محتاج إلى المساعدة، كان محمد رحمة حقيقة لليتامى والفقراء وابن السبيل والمنكوبين والضعفاء والعمال وأصحاب الكد والعناء، وإني بلهفة وشوق لأن أصلى عليه وأن أتبعه).
                          ويقول أيضًا ص43: (ما أجمل ما قال المعلم العظيم (محمد ) (الخلق كلهم عيال الله وأحب الخلق إلى الله أنفعهم لعياله).
                          يقول المستشرق البريطاني لين بول ( 1652-17 19) في مؤلفه: "رسالة في تاريخ العرب" متحدثًا عن سجايا الخلق المحمدي، (نقلا عن كتاب روح الدين الاسلامي ص438): (إن محمدًا كان يتصف بكثير من الصفات كاللطف والشجاعة، وكرم الأخلاق، حتى إن الإنسان لا يستطيع أن يحكم عليه دون أن يتأثر بما تطبعه هذه الصفات في نفسه، ودون أن يكون هذا الحكم صادرًا عن غير ميل أو هوى، كيف لا وقد احتمل محمد عداء أهله وعشرته سنوات بصبر وجلد عظيمين، ومع ذلك فقد بلغ من نبله أنه لم يكن يسحب يده من يد مصافحه حتى لو كان يصافح طفلًا، وأنه لم يمر بجماعة يومًا من الأيام رجالًا كانوا أم أطفالا دون أن يسلم عليهم، وعلى شفتيه ابتسامة حلوة، وبنغمة جميلة كانت تكفي وحدها لتسحر سامعيها، وتجذب القلوب إلى صاحبها جذبًا، وقد كان محمد غيورًا ومتحمسًا، وما كانت حماسته إلا لغرض نبيل، ومعنى سام، فهو لم يتحمس إلا عندما كان ذلك واجبًا مفروضًا لا مفر منه، فقد كان رسول من الله، وكان يريد أن يؤدي رسالته على أكمل وجه، كما أنه لم ينس يومًا من الأيام كيانه أو الغرض الذي بعث من أجله، دائمًا كان يعمل له ويتحمل في سبيله جميع أنواع البلايا، حتى انتهى إلى إتمام ما يريد).
                          وأما الكاتب الإنكليزي السير وليم موير فيتناول في مؤلفه: ("حياة محمد"، عبد الرحمن عزام، ص 44-45) سجايا الرسول وشمائله ولين عريكته وتعامله مع الأطفال، فيقول: (ومن صفات محمد الجليلة الجديرة بالذكر، والحريّة بالتنويه، الرقة والاحترام، اللذان كان يعامل بهما أصحابه، حتى أقلهم شأنًا، فالسماحة والتواضع والرأفة والرقة تغلغلت في نفسه، ورسخت محبته عند كل من حوله، وكان يكره أن يقول لا، فإن لم يمكنه أن يجيب الطالب على سؤاله، فضل السكوت على الجواب، ولقد كان أشد حياء من العذراء في خدرها، وقالت عائشة رض الله عنها، وكان إذا ساءه شيء تبينا ذلك في أسارير وجهه، ولم يمس أحدًا بسوء الا في سبيل الله، ويؤثر عنه أنه كان لا يمتنع عن إجابة الدعوة من أحد مهما كان حقيرًا، ولا يرفض هدية مهداة إليه مهما كانت صغيرة، وإذا جلس مع أحد أيًا كان لم يرفع نحوه ركبته تشامخًا وكبرًا، وكان سهلًا لين العريكة مع الأطفال، لا يأنف إذا مر بطائفة منهم يلعبون أن يقرئهم السلام، وكان يشرك غيره في طعامه).
                          ويتناول المفكر الإنكليزي توماس كارليل في كتابه: "الأبطال" جوانب من حياة الرسول تظهر رقة قلبه ومحبته لأصدقائه ورحمته، وأنه كان أخًا للإنسانية جمعاء، يقول: (وكانت آ خر كلماته تسبيحًا وصلاة، صوت فؤاد يهم بين الرجاء والخوف أن يصعد إلى ربه. ولا تحسب أن شدة تدينه أزرت بفضله، كلا بل زادته فضلًا، وقد يروى عنه مكرمات عالية، منها قوله حين رزىء بغلامه: «العين تدمع، والقلب يوجع، ولا نقول ما يسخط الرب». ولما استشهد مولاه زيد (بن حارثة) في غزوة "مؤتة" قال محمد: "لقد جاهد زيد في الله حق جهاده، ولقد لقي الله اليوم فلا بأس عليه" ولكن ابنة زيد وجدته بعد ذلك يبكي على جثة أبيها، وجدت الرجل الكهل الذي دب في رأسه المشيب يذوب قلبه دمعًا! فقالت: "ماذا أرى؟" ، قال: "صديق يبكي صديقه". مثل هذه الأقوال وهذه الأفعال ترينا في محمد أخا الإنسانية الرحيم، أخانا جميعًا الرؤوف الشفيق، وابن أمنا الأولى وأبينا الأول). (توماس كارليل: الأبطال، ص 84-85)
                          وقال (مولانا محمد علي: حياة محمد وسيرته، ص 269-270): (وسماحة الرسول نحو أعدائه يعز نظيرها في تاريخ العالم. فقد كان عبد الله بن أُبيِّ عدوًا للإسلام، وكان ينفق أيامه ولياليه في وضع الخطط لإيقاع الأذى بالدين الجديد، محرضًا المكيين واليهود تحريضًا موصولًا على سحق المسلمين. ومع ذلك فيوم توفي عبد الله دعا الرسول ربه أن يغفر له، بل لقد قدم رداءه إلى أهله كي يكفنوه به. والمكيون الذين أخضعوه وأصحابه، دائمًا وأبدًا، لأشد التعذيب بربرية منحهم عفوًا عامًا. وفي إمكان المرء أن يخيل المعاملة التي كان يجدر بفاتح دنيوي النزعة أن يعاملهم بها. ولكن صفح الرسول كان لا يعرف حدودًا. فقد غفر لهم ثلاثة عشر عامًا من الاضطهاد والتآمر. وكثيرًا ما أطلق سراح الأسرى في سماحة بالغة، رغم أن عددهم بلغ في بعض الأحيان ستة آلاف أسير. وفي رواية عن عائشة أنه لم ينتقم في أيما يوم من الأيام من امرىء أساء إليه. صحيح أنه أنزل العقوبة ببعض أعدائه في أحوال نادرة جدًا، وفي فترات جد متباعدة. ولكن تلك الحالات كانت تطوى كلها على خيانات بشعة قام بها أناس لم يعد الصفح يجدي في تقويمهم وإصلاحهم. والحق أن ترك أمثال هؤلاء المجرمين سالمين غانمين كان خليقًا به ألا يظن البعض أنه استحسن الأذى أو شجع عليه. والرسول لم يلجأ إلى العقوبة قط حيثما كان ثمة مجال لنجاح سياسة الصفح كرادع إن لم نقل كإجراء إصلاحي. ولقد أسبغ عفوه على أتباع الأديان جميعًا - يهود، ونصارى، ووثنيين، وغيرهم- إنه لم يقصر إحسانه على أتباع دينه فحسب).
                          وأنصف المؤرخ المستشرق الفرنسي سيديو الحضارة الإسلامية، وأعطاها حقها: (نقلا عن كتاب الإسلام بين الإنصاف والجحود، ص 134)، فقال: (من التجني على حقائق التاريخ ما كان من عزو بعض الكتاب إلى محمد القسوة والجبن. فقد نسي هؤلاء أن محمدًا لم يأل جهدًا في إلغاء عادة الثأر الموروثة الكريهة التي كانت ذات حظوة لدى العرب، كحظوة المبارزات بأوروبة فيها مضى. وكأن أولئك الكتاب لم يقرأوا آيات القرآن التي قضى محمد فيها على عادة الوأد الفظيعة. وكأنهم لم يفكروا في العفو الكريم الذي أنعم به على ألد أعدائه بعد فتح مكة، ولا في الرحمة التي حبا بها، كثيرًا من القبائل عند ممارسة قواعد الحرب الشاقة، ولا إلى ما أبداه من أسف على بعض الأمم الشديدة، وكأنهم لم يبصروا أن الأمة أم القبائل العربية كانت تعد الانتقام أمرًا واجبًا وأنها ترى من حق كل مخلص أن يقتل من غير عقاب من يكون خطرًا عليها ذات يوم... وكأنهم لم يعلموا أن محمدًا لم يسئ استعمال ما اتفق له من السلطان العظيم، قضاء لشهوة القسوة الدنيئة، وأنه لم يأل جهدًا - في الغالب - في تقويم من يجور من أصحابه، والكل يعلم أنه رفض - بعد غزوة بدر- رأي عمر بن الخطاب في قتل الأسرى، وأنه عندما حل وقت مجازاة بني قريظة ترك الحكم في مصيرهم لحليفهم القديم سعد بن معاذ، وأنه صفح عن قاتل عمه حمزة، وأنه لم يرفض قط ما طلب إليه من اللطف والسماح).
                          ويقول برنارد شو: (إن العالم أحوج ما يكون إلى رجلٍ في تفكير محمد، هذا النبي الذي وضع دينه دائمًا موضع الاحترام والإجلال فإنه أقوى دين على هضم جميع المدنيات، خالدًا خلود الأبد، وإني أرى كثيرًا من بني قومي قد دخلوا هذا الدين على بينة، وسيجد هذا الدين مجاله الفسيح في هذه القارة (يعني أوروبا).
                          إنّ رجال الدين في القرون الوسطى، ونتيجةً للجهل أو التعصّب، قد رسموا لدين محمدٍ صورةً قاتمةً، لقد كانوا يعتبرونه عدوًّا للمسيحية، لكنّني اطّلعت على أمر هذا الرجل، فوجدته أعجوبةً خارقةً، وتوصلت إلى أنّه لم يكن عدوًّا للمسيحية، بل يجب أنْ يسمّى منقذ البشرية، وفي رأيي أنّه لو تولّى أمر العالم اليوم، لوفّق في حلّ مشكلاتنا بما يؤمن السلام والسعادة التي يرنو البشر إليها).
                          قال المستشرق الألماني أولرش هيرمان: الذي لفت نظري أثناء دراستي لهذه الفترة – فترة العصور الوسطى- هو درجة التسامح التي تمتع بها المسلمون، وأخص هنا صلاح الدين الأيوبي، فقد كان متسامحاً جداً تجاه المسيحيين. إن المسيحية لم تمارس الموقف نفسه تجاه الإسلام. ملخصا من جريدة (العالم)، العدد 290، السبت 2 سبتمبر 1989م .
                          وقال هنري دي كاستري (مفكر فرنسي): (قرأت التاريخ وكان رأيي بعد ذلك أن معاملة المسلمين للمسيحيين تدل على ترفع في المعاشرة عن الغلظة وعلى حسن مسايرة ولطف مجاملة وهو إحساس لم يشاهد في غير المسلمين آن ذاك).
                          وقال ول ديورانت (فيلسوف ومؤرخ أمريكي): (كان أهل الذمة المسيحيون، والزرادشتيون، واليهود، والصابئون يستمتعون في عهد الخلافة الأموية بدرجة من التسامح لا نجد نظيرًا لها في المسيحية في هذه الأيام. فلقد كانوا أحرارًا في ممارسة شعائر دينهم، واحتفظوا بكنائسهم ومعابدهم.. وكانوا يتمتعون بحكم ذاتي يخضعون فيه لزعمائهم وقضاتهم وقوانينهم).

                          تعليق


                          • #28
                            وقال الدكتور جورج حنا من نصارى لبنان: (إن المسلمين العرب لم يعرف عنهم القسوة والجور في معاملتهم للمسيحيين بل كانوا يتركون لأهل الكتاب حرية العبادة وممارسة طقوسهم الدينية، مكتفين بأخذ الجزية منهم).
                            وقال بوسورث سميث: (لقد كان محمد قائدًا سياسيًا وزعيمًا دينيًا في آن واحد. لكن لم تكن لديه عجرفة رجال الدين، كما لم تكن لديه فيالق مثل القياصرة. ولم يكن لديه جيوش مجيشة أو حرس خاص أو قصر مشيد أو عائد ثابت. إذا كان لأحد أن يقول إنه حكم بالقدرة الإلهية فإنه محمد، لأنه استطاع الإمساك بزمام السلطة دون أن يملك أدواتها ودون أن يسانده أهلها.)
                            يقول مهاتما غاندي: (أردت أن أعرف صفات الرجل الذي يملك بدون نزاع قلوب ملايين البشر. لقد أصبحت مقتنعًا كل الاقتناع أن السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها اكتسب الإسلام مكانته، بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول مع دقته وصدقه في الوعود، وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه، وشجاعته مع ثقته المطلقة في ربه وفي رسالته. هذه الصفات هي التي مهدت الطريق، وتخطت المصاعب وليس السيف.)
                            ويقول راما كريشنا راو: (لا يمكن معرفة شخصية محمد بكل جوانبها، ولكن كل ما في استطاعتي أن أقدمه هو نبذة عن حياته من صور متتابعة جميلة. فهناك محمد النبي، ومحمد المحارب، ومحمد رجل الأعمال، ومحمد رجل السياسة، ومحمد الخطيب، ومحمد المصلح، ومحمد ملاذ اليتامى، وحامي العبيد، ومحمد محرر النساء، ومحمد القاضي، كل هذه الأدوار الرائعة في كل دروب الحياة الإنسانية تؤهله لأن يكون بطلاً.)
                            ويقول المفكر الفرنسي لامارتين: (إذا كانت الضوابط التي نقيس بها عبقرية الإنسان هي سمو الغاية والنتائج المذهلة لذلك رغم قلة الوسيلة، فمن ذا الذي يجرؤ أن يقارن أيا من عظماء التاريخ الحديث بالنبي محمد  في عبقريته؟ فهؤلاء المشاهير قد صنعوا الأسلحة وسنوا القوانين وأقاموا الإمبراطوريات. فلم يجنوا إلا أمجادًا بالية لم تلبث أن تحطمت بين ظهرانَيْهم. لكن هذا الرجل  لم يقد الجيوش ويسن التشريعات ويقم الإمبراطوريات ويحكم الشعوب ويروض الحكام فقط، وإنما قاد الملايين من الناس فيما كان يعد ثلث العالم حينئذ. ليس هذا فقط، بل إنه قضى على الأنصاب والأزلام والأديان والأفكار والمعتقدات الباطلة.
                            لقد صبر النبي وتجلد حتى نال النصر (من الله). كان طموح النبي  موجهًا بالكلية إلى هدف واحد، فلم يطمح إلى تكوين إمبراطورية أو ما إلى ذلك. حتى صلاة النبي الدائمة ومناجاته لربه ووفاته  وانتصاره حتى بعد موته، كل ذلك لا يدل على الغش والخداع بل يدل على اليقين الصادق الذي أعطى النبي الطاقة والقوة لإرساء عقيدة ذات شقين: الإيمان بوحدانية الله، والإيمان بمخالفته تعالى للحوادث. فالشق الأول يبين صفة الله (ألا وهي الوحدانية)، بينما الآخر يوضح ما لا يتصف به الله تعالى (وهو المادية والمماثلة للحوادث). لتحقيق الأول كان لا بد من القضاء على الآلهة المدعاة من دون الله بالسيف، أما الثاني فقد تطلّب ترسيخ العقيدة بالكلمة (بالحكمة والموعظة الحسنة).
                            هذا هو محمد  الفيلسوف، الخطيب، النبي، المشرع، المحارب، قاهر الأهواء، مؤسس المذاهب الفكرية التي تدعو إلى عبادة حقة، بلا أنصاب ولا أزلام. هو المؤسس لعشرين إمبراطورية في الأرض، وإمبراطورية روحانية واحدة. هذا هو محمد ).
                            وبالنظر لكل مقاييس العظمة البشرية، أود أن أتساءل: هل هناك من هو أعظم من النبي محمد ؟ لا. لا يوجد. وهذا ما قاله المؤرخ الأمريكى الشهير ول ديورانت: (إذا ما حكمنا على العظمة لما كان للعظيم من أثر في الناس لقلنا: إن محمدًا هو أعظم عظماء التاريخ).
                            وتقول آن بيزيت: (من المستحيل لأي شخص يدرس حياة وشخصية نبي العرب العظيم ويعرف كيف عاش هذا النبي وكيف علم الناس، إلا أن يشعر بتبجيل هذا النبي الجليل، أحد رسل الله العظماء، ورغم أنني سوف أعرض فيما أروي لكم أشياء قد تكون مألوفة للعديد من الناس فإنني أشعر في كل مرة أعيد فيها قراءة هذه الأشياء بإعجاب وتبجيل متجددين لهذا المُعَلِّم العربي العظيم.
                            هل تقصد أن تخبرني أن رجلاً في عنفوان شبابه لم يتعد الرابعة والعشرين من عمره بعد أن تزوج من امرأة أكبر منه بكثير وظل وفيًا لها طيلة ستة وعشرين عامًا ثم عندما بلغ الخمسين من عمره ـ السن التي تخبو فيها شهوات الجسد ـ تزوج لإشباع رغباته وشهواته؟! ليس هكذا يكون الحكم على حياة الأشخاص.
                            فلو نظرت إلى النساء اللاتي تزوجهن لوجدت أن كل زيجة من هذه الزيجات كانت سببًا إما في الدخول في تحالف لصالح أتباعه ودينه أو الحصول على شيء يعود بالنفع على أصحابه أو كانت المرأة التي تزوجها في حاجة ماسة للحماية).
                            ويقول المستر سنكس: (ظهر محمد بعد المسيح بخمسمائة وسبعين سنة، وكانت وظيفته ترقية عقول البشر، بإشرابها الأصول الأولية للأخلاق الفاضلة، وبإرجاعها إلى الاعتقاد بإله واحد، وبحياة بعد هذه الحياة). إلى أن قال: (إن الفكرة الدينية الإسلامية، أحدثت رقيًا كبيرًا جدًا في العالم، وخلّصت العقل الإنساني من قيوده الثقيلة التي كانت تأسره حول الهياكل بين يدي الكهان. ولقد توصل محمد ـ بمحوه كل صورة في المعابد وإبطاله كل تمثيل لذات الخالق المطلق ـ إلى تخليص الفكر الإنساني من عقيدة التجسيد الغليظة).
                            ويقول تولستوي: (يكفي محمدًا فخرًا أنّه خلّص أمةً ذليلةً دمويةً من مخالب شياطين العادات الذميمة، وفتح على وجوههم طريقَ الرُّقي والتقدم، وأنّ شريعةَ محمدٍ، ستسودُ العالم لانسجامها مع العقل والحكمة).
                            ويقول سنرستن الآسوجي: (إننا لم ننصف محمدًا إذا أنكرنا ما هو عليه من عظيم الصفات وحميد المزايا، فلقد خاض محمد معركة الحياة الصحيحة في وجه الجهل والهمجية، مصرًا على مبدئه، وما زال يحارب الطغاة حتى انتهى به المطاف إلى النصر المبين، فأصبحت شريعته أكمل الشرائع، وهو فوق عظماء التاريخ).
                            وفي الختام نرى أن ما ذهب إليه المستشرق الإنكليزي السير وليم موير في كتابه: «حياة محمد» هو خير ما يمكن أن نختم به النظرة الإستشراقية المنصفة لأخلاق الرسول وشمائله، إذ يقول: (وباختصار فإنه مهما ندرس حياة النبي محمد  نجدها على الدوام عبارة عن كتلة فضائل مجسمة مع نقاء سريرته وخلق عظيم).
                            ويقول أيضًا: (إن محمدًا نبي المسلمين لقب بالأمين منذ الصغر بإجماع أهل بلده لشرف أخلاقه وحسن سلوكه، ومهما يكن هناك من أمر فإن محمدًا أسمى من أن ينتهي إليه الواصف، ولا يعرفه من جهله، وخبير به من أمعن النظر في تاريخه المجيد، ذلك التاريخ الذي ترك محمدًا في طليعة الرسل ومفكري العالم).
                            ويقول شبرك النمساوي: (إنّ البشرية لتفتخر بانتساب رجل كمحمد إليها، إذ إنّه رغم أُمّيته، استطاع قبل بضعة عشر قرنًا أنْ يأتي بتشريع، سنكونُ نحنُ الأوروبيين أسعد ما نكون، إذا توصلنا إلى قمّته).
                            فهذا هو المصطفى ، وهو المجتبى، فلقد اصطفى الله من البشرية الأنبياء، واصطفى من الأنبياء الرسل، واصطفى من الرسل أولى العزم، واصطفى من أولى العزم محمدًا ، ثم اصطفاه ففضله على جميع خلقه، فشرح له صدره، ورفع له ذكره، ووضع عنه وزره، وزكَّاه في كل شىء:
                            زكاه في عقله فقال سبحانه: (مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى) النجم: 2
                            زكاه في صدقه فقال سبحانه: (وَمَا يَنطِقُ عَن الهوىَ) النجم: 3
                            زكاه في علمه فقال سبحانه: (عَلَّمَهُ شَديدٌ القُوىَ) النجم: 5
                            زكاه في فؤاده فقال سبحانه: (مَا كَذَبَ الفُؤادُ مَارَأىَ) النجم: 11
                            زكاه في صدره فقال سبحانه: (أَلم نَشْرح لَكَ صَدْرَكَ) الشرح: 1
                            زكاه في طهره فقال سبحانه: (وَوَضعنَا عَنكَ وزْرَكَ) الشرح: 2
                            زكاه في ذكره فقال سبحانه: (وَرَفعنَا لَكَ ذكْرَكَ) الشرح: 4
                            زكاه فى حلمه فقال سبحانه: (بِالمؤمِنينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) التوبة: 128
                            زكاه كله فقال سبحانه: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلقٍ عَظِيمٍ) القلم: 4
                            ومن بعض أقواله  فى حب الخير والناس:
                            (المسلم: من سلم الناس/ المسلمون من لسانه ويده)
                            (إماطة الأذى عن الطريق صدقة)
                            (لا يدخل الجنة نمَّام)
                            (من لم يشكر الناس، لم يشكر الله)
                            (ليس مِنَّا مَن لم يرحم صغيرنا ويوقِّر كبيرنا)
                            (الكلمة الطيبة صدقة)
                            (لا تغضب، ولك الجنة)
                            (تَبسَُّمك في وجه أخيك صدقة)
                            (الراحمون يرحمهم الرحمن)
                            (خير الناس أنفعهم للناس)
                            وأعتقد أنه بهذا القدر قد ظهر جهل الكاتب وكذبه فى ادعاءاته أن سبب انتشار الإسلام هو السيف، وأن فترة المدينة تحول فيها محمد ، وبالتالى لغة القرآن من المهادنة والتسامح إلى العنف والإجبار. وقد رددنا وأنهينا الرد بالاستشهاد بكلام المنصفين من دارسى سيرة الرسول  من المستشرقين المسيحيين واليهود، العرب والأوربيين.
                            * * * * *
                            لكن يتبقى لنا بعض المغالطات التى أثارها هذا الكاتب وهى:
                            أولاً: قتل كعب بن الأشرف:
                            يقول الكاتب الأمين، ذو الرأى الرشيد: (إكتسب محمد بعد ذلك ثقة مكنته من تعقب أعدائه والهجوم على القبائل اليهودية وتصفيتها، وكذلك عمليات الاغتيال التي وجهت إلى أفراد كانوا قد أعلنوا عن عدم رضاهم عن الدين الجديد. ومن هؤلاء كان اغتيال كعب إبن الأشرف من قبيلة بني النضير اليهودية. وكان كعب قد كتب قصيدة امتدح فيها أعداء محمد من أهل قريش، ثم بعد ذلك عند رجوعه الى مكة كتب شعراً يغازل فيه نساء المسلمين. طلب محمد متطوعين يخلصوه من إبن الأشرف، ولكن المتطوعين استأذنوا محمد أن يسمح لهم بالكذب حتى يستطيعوا أن يستدرجوا كعب إلى مكان ناء بعيداً عن بيته وهناك في ظلمة الليل إستطاعوا أن يتمموا مهمتهم ويقتلوه.)
                            وأقول له:
                            كان كعب بن الأشرف من قبيلة طيئ ـ من بني نَبْهان ـ وأمه من بني النضير، وكان غنياً مترفًا، معروفًا بجماله في العرب ، شاعرًا من شعرائها‏.‏ وكان حصنه في شرق جنوب المدينة خلف ديار بني النضير. فلما بلغ كعب بن الأشرف خبر مقتل أهل بدر حين قدم زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة، قال: والله لئن كان محمد أصاب هؤلاء القوم لبطن الأرض خير من ظهرها، فلما تيقن عدو الله الخبر، خرج إلى مكة فنزل على المطلب بن أبي وداعة بن ضبيرة السهمي، وجعل ينشد الأشعار يحرض على قتال رسول الله والمسلمين، ويندب من قتل من المشركين في غزوة بدر، ويثير بذلك حفائظهم، ويذكي حقدهم على النبي ، ويدعوهم إلى حربه، وعندما كان بمكة سأله أبو سفيان والمشركون‏:‏ أديننا أحب إليك أم دين محمد وأصحابه‏؟‏ وأي الفريقين أهدي سبيلاً‏؟‏ فقال‏:‏ أنتم أهدى منهم سبيلاً، وأفضل، وفي ذلك أنزل الله تعالى‏:‏ ‏(‏أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً‏) النساء‏ 51
                            ثم رجع إلى المدينة، وأخذ يقول أشعارًا فاحشة فى نساء الصحابة، ويهجو النبي وأصحابه.
                            وأترك التعليق هنا لرجل لا تحوم حوله شبهة، ولا يشك أى يهودى فى إخلاصه وصدقه. إنه البروفسور اليهودى إسرائيل ولفنسون، ليعلم القارىء مدى فداحة ما اقترفه من بيع دينه وذم التوحيد، ليتخلص من محمد  ودينه، أى باع دينه وآخرته بهذا الحقد الشيطانى الأعمى، وذلك فى كتابه ”تاريخ اليهود فى بلاد العرب“ صفحة 123: (إن الذى يؤلم كل مؤمن بإله واحد من اليهود والمسلمين على السواء، إنما هو تلك المحادثة التى جرت بين نفر من اليهود، وبين بنى قريش الوثنيين، حيث فضَّلَ هؤلاء النفر من اليهود أديان قريش على دين صاحب الرسالة الإسلامية.)
                            إذن كما رأينا إن الأمر يختلف عما عرضه الكاتب الأمين، الذى لا يكن إلا كل الود والإحترام للإسلام وللمسلمين، ويعدل فيما يقرأ، وفيما يكتب. لقد ناصب كعب بن الأشرف الرسول  والمسلمين العداء، وفضل الموت على الحياة فى وجود انتصار للإسلام على ظهر الأرض. وبدأ بالفعل يعتدى على المسلمين تارة بتقليب الكفار على المسلمين، وتحريضهم على قتالهم، سواء بأشعاره أم بكلامه، كما أنه بدأ يسب الرسول  وصحابته والنساء بأشعاره.
                            بل كانت أشعاره خروجًا على آداب العرب وأخلاقهم، سواء فى إسلامهم أو فى جاهليتهم، فقد بدأ ينشد أشعارًا فاحشة فى نساء الصحابة، رضى الله عنهم أجمعين. وبهذا يكون كعب بن الأشرف قد خالف المعاهدة بين بنى النضير وبين الرسول . وتضامن مع قريش لمحاربة المسلمين. فهل كان على الرسول أن يقتل كل بنى النضير لمخالفة فرد واحد منهم، أم يقتل المخالف ويتصرف معه بكل حسم وحزم، حتى يئد الفتنة فى مهدها، ويلتزم الباقون بما عاهدوا رسول الله عليه؟
                            أليس من الواجب تحكيم ملكوت الله (شريعة الله) فى أرض الله؟ ألم يأمركم يسوع أن تقولوا فى صلاتكم، فليأت ملكوتك! أى فلتأت شريعتك تحكم على أرضك!
                            ألم تأمر شريعة اليهود بقتل من يترك التوحيد، ويناصر الوثنية؟ أليس هذا هو عين ما فعله كعب بن الأشرف؟
                            ألم تأمر الشريعة التى كان يسوع يتبعها بقتل الذى يكسر وصية السبت، فما بالك من يقول إن الله لا يستحق العبادة، وأن الوثنية دين أفضل من التوحيد؟
                            ألم يأمر الرب بقتل من احتطب يوم السبت؟ (32وَلمَّا كَانَ بَنُو إِسْرَائِيل فِي البَرِّيَّةِ وَجَدُوا رَجُلاً يَحْتَطِبُ حَطَباً فِي يَوْمِ السَّبْتِ. 33فَقَدَّمَهُ الذِينَ وَجَدُوهُ يَحْتَطِبُ حَطَباً إِلى مُوسَى وَهَارُونَ وَكُلِّ الجَمَاعَةِ. 34فَوَضَعُوهُ فِي المَحْرَسِ لأَنَّهُ لمْ يُعْلنْ مَاذَا يُفْعَلُ بِهِ. 35فَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى: «قَتْلاً يُقْتَلُ الرَّجُلُ. يَرْجُمُهُ بِحِجَارَةٍ كُلُّ الجَمَاعَةِ خَارِجَ المَحَلةِ». 36فَأَخْرَجَهُ كُلُّ الجَمَاعَةِ إِلى خَارِجِ المَحَلةِ وَرَجَمُوهُ بِحِجَارَةٍ فَمَاتَ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى.) العدد 15: 32-36
                            إذن فالمفروض أنك تكيل بمكيال واحد، وتؤمن أن الذى يكسر وصية من وصايا الله يستحق القتل، فما بالك بمن يحارب دين الله بأكمله، ويحرض على قتل رسوله؟ ثم أيهما أفضل: قتل هذا الرجل، وتثبيت دين الله وملكوته على الأرض، أم اقتتال الفريقين ووقوع ضحايا عديدة؟
                            ألم يحذر يسوع من أن ملكوت الله القادم ستتولاه أمة قوية فى الحق، ومن وقع عليها يترضض، ومن وقعت هى عليه تسحقه، بمعنى أنه أمر بعدم التعرض لها، والاستسلام لدين الله وشريعته القادمة، التى لن يقودها بنو إسرائيل ولكن أمة أخرى تعمل أثماره؟: (41قَالُوا لَهُ: «أُولَئِكَ الأَرْدِيَاءُ يُهْلِكُهُمْ هَلاَكاً رَدِيّاً وَيُسَلِّمُ الْكَرْمَ إِلَى كَرَّامِينَ آخَرِينَ يُعْطُونَهُ الأَثْمَارَ فِي أَوْقَاتِهَا». 42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ».) متى 21: 41-44
                            ولنأخذ مثال دفاع الرب عن شريعته، ومثال آخر فى دفاع الرب عن نبيه:
                            نزول الرب بنفسه ليقتل ابن موسى الذى لم يختنه: (21وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «عِنْدَمَا تَذْهَبُ لِتَرْجِعَ إِلَى مِصْرَ انْظُرْ جَمِيعَ الْعَجَائِبِ الَّتِي جَعَلْتُهَا فِي يَدِكَ وَاصْنَعْهَا قُدَّامَ فِرْعَوْنَ. وَلَكِنِّي أُشَدِّدُ قَلْبَهُ حَتَّى لاَ يُطْلِقَ الشَّعْبَ. 22فَتَقُولُ لِفِرْعَوْنَ: هَكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ: إِسْرَائِيلُ ابْنِي الْبِكْرُ. 23فَقُلْتُ لَكَ: أَطْلِقِ ابْنِي لِيَعْبُدَنِي فَأَبَيْتَ أَنْ تُطْلِقَهُ. هَا أَنَا أَقْتُلُ ابْنَكَ الْبِكْرَ». 24وَحَدَثَ فِي الطَّرِيقِ فِي الْمَنْزِلِ أَنَّ الرَّبَّ الْتَقَاهُ وَطَلَبَ أَنْ يَقْتُلَهُ. 25فَأَخَذَتْ صَفُّورَةُ صَوَّانَةً وَقَطَعَتْ غُرْلَةَ ابْنِهَا وَمَسَّتْ رِجْلَيْهِ. فَقَالَتْ: «إِنَّكَ عَرِيسُ دَمٍ لِي». 26فَانْفَكَّ عَنْهُ. حِينَئِذٍ قَالَتْ: «عَرِيسُ دَمٍ مِنْ أَجْلِ الْخِتَانِ».) خروج 4: 24-26، وصعد الرب كما نزل، وتكبَّدَ فقط مشقة الطريق، ولم يعلم بما ستقوم به صفورة إنقاذًا للموقف.
                            لكن، ألم تأخذ الرب الغيرة على شريعته وأراد أن يقتل ابن نبيه؟ إذن استعمال العنف لتطبيق شرع الله وارد لديكم فى دينكم، دين المحبة. فهل كنت تعلم أيها الكاتب هذا وتتغافل عنه متعمِّدًا؟ أم إن علاقتك بالكتاب المقدس جدًا جدًا سطحية؟
                            ولن أتساءل: لماذا يرسل الرب موسى  إلى فرعون، إذا كان الرب ينوى أن يشدد قلب فرعون ويحعله يرفض طلب موسى فى إطلاق سراح بنى إسرائيل؟
                            ومرة أخرى تأخذ الرب الغيرة على نبيه ويدافع عنه أمام أطفال، فيُخرج لهم دبة تفترسهم: (وَفِيمَا هُوَ صَاعِدٌ فِي الطَّرِيقِ إِذَا بِصِبْيَانٍ صِغَارٍ خَرَجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ وَسَخِرُوا مِنْهُ وَقَالُوا لَهُ: [اصْعَدْ يَا أَقْرَعُ! اصْعَدْ يَا أَقْرَعُ!] 24فَالْتَفَتَ إِلَى وَرَائِهِ وَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ. فَخَرَجَتْ دُبَّتَانِ مِنَ الْوَعْرِ وَافْتَرَسَتَا مِنْهُمُ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَلَدًا.) ملوك الثانى 2: 23-24
                            وأمر الرب بقتل أولاد إيزابلا بسبب زناها، فما بالك لو كانت كافرة؟: (22هَا أَنَا أُلْقِيهَا فِي فِرَاشٍ، وَالَّذِينَ يَزْنُونَ مَعَهَا فِي ضِيقَةٍ عَظِيمَةٍ، إِنْ كَانُوا لاَ يَتُوبُونَ عَنْ أَعْمَالِهِمْ. 23وَأَوْلاَدُهَا أَقْتُلُهُمْ بِالْمَوْتِ. فَسَتَعْرِفُ جَمِيعُ الْكَنَائِسِ أَنِّي أَنَا هُوَ الْفَاحِصُ الْكُلَى وَالْقُلُوبَِ، وَسَأُعْطِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِ.) رؤيا يوحنا 2: 22-23
                            وأمات الرب من لم يدفع له كل ممتلكاته، واحتفظ بجزء يقتات منه هو وأهله، بل سمى الرب ذلك اختلاسًا: (1وَرَجُلٌ اسْمُهُ حَنَانِيَّا وَامْرَأَتُهُ سَفِّيرَةُ بَاعَ مُلْكًا 2وَاخْتَلَسَ مِنَ الثَّمَنِ وَامْرَأَتُهُ لَهَا خَبَرُ ذَلِكَ وَأَتَى بِجُزْءٍ وَوَضَعَهُ عِنْدَ أَرْجُلِ الرُّسُلِ. 3فَقَالَ بُطْرُسُ: «يَا حَنَانِيَّا لِمَاذَا مَلأَ الشَّيْطَانُ قَلْبَكَ لِتَكْذِبَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ وَتَخْتَلِسَ مِنْ ثَمَنِ الْحَقْلِ؟ 4أَلَيْسَ وَهُوَ بَاقٍ كَانَ يَبْقَى لَكَ؟ وَلَمَّا بِيعَ أَلَمْ يَكُنْ فِي سُلْطَانِكَ؟ فَمَا بَالُكَ وَضَعْتَ فِي قَلْبِكَ هَذَا الأَمْرَ؟ أَنْتَ لَمْ تَكْذِبْ عَلَى النَّاسِ بَلْ عَلَى اللهِ». 5فَلَمَّا سَمِعَ حَنَانِيَّا هَذَا الْكَلاَمَ وَقَعَ وَمَاتَ. وَصَارَ خَوْفٌ عَظِيمٌ عَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ سَمِعُوا بِذَلِكَ.) أعمال الرسل 5: 1-5
                            ثم إذا كان كعب بن الأشرف هذا من الكفار المحاربين لله ورسوله، فلماذا لم تحاكمه أنت بكتابك؟ هل تتذكر عقوبته فى كتابك؟ أن تبيده هو وقومه: الرجال والنساء، والأطفال والحوامل تُشق والماشية: (3فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً، طِفْلاً وَرَضِيعاً، بَقَراً وَغَنَماً، جَمَلاً وَحِمَاراً») صموئيل الأول 15: 3
                            (... لاَ تُشْفِقْ أَعْيُنُكُمْ وَلاَ تَعْفُوا. 6اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ. اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ.) حزقيال 9: 5-6
                            لقد أباد الرب سبعًا من الأمم، لأنهم لم يؤمنوا بدعوته: (19ثُمَّ أَهْلَكَ سَبْعَ أُمَمٍ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ وَقَسَمَ لَهُمْ أَرْضَهُمْ بِالْقُرْعَةِ.) أعمال الرسل 13: 19
                            وعلى ذلك فإن كعب بن الأشرف كان يستحق الموت، لأنه هو الذى بدأ بمعاداة المسلمين، وحرَّض الناس على قتل محمد  والمسلمين أو قتالهم، وزاد عدوانه بأن أخذ ينشد الشعر الذى يهجو فيه الرسول  والنساء المسلمات. فكان قتله حقنًا لدماء المسلمين والمشركين، وعدم تأجيج الحرب بين الطرفين. فهل ترى فى ذلك عيبًا سواء أحاكمته بكتابك الذى تقدسه أو حتى بالعقل أو المنطق أو الرحمة؟
                            * * * * *
                            ثانيًا: قتل عصماء بنت مروان: وعن مقتلها يقول: (ومن بين من أمر محمد بقتلهم شاعرة اسمها عصماء بنت مروان وكانت جريمتها أنها كتبت شعراً تهجوفيه محمداً. وبناء على أوامر من محمد ذهب رجل الى بيتها في ظلمة الليل وتسلل إلى سريرها بينما كانت نائمة وإلى جوارها أطفالها، ومنهم طفل رضيع ملتصق بثديها. نزع الرجل طفلها جانباً، وغمد السيف في جسدها قاتلا إياها. وبعد ذلك بينما كان القاتل يراجع نفسه متخوفا من عاقبة جريمته، سأل النبي: "هل هناك خطر عليّ نتيجة ما فعلته بها؟" وكان جواب محمد "لن تتناطح عنزتان بسببها".)
                            وأقول له:
                            أولا: إن كاتب الشبهة غير أمين. فقد حذف من أصل الشبهة أن الرجل الذى قتلها كان أعمى، ولم يذكر أيضًا اسمه، حيث سيدل اسمه على شخصه، ويُستدل من ذلك أنه كان أعمى. وذلك لأن عمى هذا الرجل سينسف كل ما جاء بعدها. وملخص أصل هذه الشبهة هى:
                            (أرسل الرسول  عميرًا بن عدّي إلى عصماء بنت مروان وأمره بقتلها لأنها ذمَّته. فجاءها ليلاً، وكان أعمى، فدخل عليها بيتها، وحولها نفر من ولدها نيام ومنهم مَن ترضعه. فجسَّها عمير بيده، ونحَّى الصبي عنها، وأنفذ سيفه من صدرها إلى ظهرها. ثم رجع فأتى المسجد فصلى، وأخبر الرسول  بما حصل، فقال الرسول : لا ينتطح فيها عنزان...)
                            ذهب عمير الأعمى فى الظلام بمفرده؟!
                            وعرف كيف يصل إلى عنوانها فى هذا الظلام دون أن يسأل أحد أويرشده أحد إلى العنوان؟!
                            وعلم أنها فى ذلك الوقت ستكون فى المنزل فى ذلك الوقت نائمة، فى انتظار سيفه، ولم تكن عند اختها أوأحد أقربائها؟!
                            وعلم أن التى تنام هى العصماء، وليست خادمتها أومرضعة أطفالها أو أختها؟!
                            وتمكَّن الرجل الأعمى من تخطى كل المعوقات فى الطريق من أحجار وأوتاد للخيام، وحبال تربط الخيام بالأوتاد، وخيل وماعز قد تكون مربوطة أمام الخيام، وكلاب ضالة تتوجس منه خيفة وتنبح عليه، وتمكَّن من فتح باب خشبى يغلق بمتاريس من الداخل، أوربما تركت له المتاريس لعلمها أنه فى طريقه لقتلها!!
                            ودخل عليها والسيف فى يده، وهى نائمة؟!
                            وتحسسها عمير، وهى نائمة، ولم تشعر به؟!
                            وأبعد عنها طفلها الذى يرضع وهى نائمة، ولم تشعر به؟
                            وعلم أنها هى المراد قتلها وهو أعمى؟!
                            وأخبر الرسول  بنجاح المهمة، وهولم يرى الذى قتله، لأنه أعمى؟!
                            وتتهافت هذه القصة، لغباء راويها، وذكاء قارئها، ولأنها ساذجة سذاجة القصص التى بالكتاب الذى تقدسه!
                            لقد تأثر الكاتب بقصص كتابه المقدس جدًا جدًا. ولنقرأ بعضًا منها:
                            قصة امرأتين اتفقتا على ذبح طفليهما وسلقهما وأكلهما، وعندما رفضت الثانية بعد اشتراكهما فى ذبح وأكل ابن المرأة الأولى، ذهبت لتشتكى للملك، الذى اكتفى بتقطيع ملابسه كالمجاذيب، ومشى على الحائط كالبرص: (ثُمَّ قَالَ لَهَا الْمَلِكُ: [مَا لَكِ؟] فَقَالَتْ: [هَذِهِ الْمَرْأَةُ قَالَتْ لِي: هَاتِي ابْنَكِ فَنَأْكُلَهُ الْيَوْمَ ثُمَّ نَأْكُلَ ابْنِي غَداً. 29فَسَلَقْنَا ابْنِي وَأَكَلْنَاهُ. ثُمَّ قُلْتُ لَهَا فِي الْيَوْمِ الآخَرِ: هَاتِي ابْنَكِ فَنَأْكُلَهُ فَخَبَّأَتِ ابْنَهَا]. 30فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ كَلاَمَ الْمَرْأَةِ مَزَّقَ ثِيَابَهُ وَهُومُجْتَازٌ عَلَى السُّورِ، فَنَظَرَ الشَّعْبُ وَإِذَا مِسْحٌ مِنْ دَاخِلٍ عَلَى جَسَدِهِ.) ملوك الثانى 6: 28-30
                            ومن القصص المعبرة التى لا تملك نفسك إلا بعد قراءتها عدة مرات، لتستقى منها العبرة والحكمة، قصة حوار الأشجار: (8مَرَّةً ذَهَبَتِ الأَشْجَارُ لِتَمْسَحَ عَلَيْهَا مَلِكاً. فَقَالَتْ لِلّزَيْتُونَةِ: امْلِكِي عَلَيْنَا. 9فَقَالَتْ لَهَا الّزَيْتُونَةُ: أَأَتْرُكُ دُهْنِي الَّذِي بِهِ يُكَرِّمُونَ بِيَ اللَّهَ وَالنَّاسَ, وَأَذْهَبُ لأَمْلِكَ عَلَى الأَشْجَارِ؟ 10ثُمَّ قَالَتِ الأَشْجَارُ لِلتِّينَةِ: تَعَالَيْ أَنْتِ وَامْلِكِي عَلَيْنَا. 11فَقَالَتْ لَهَا التِّينَةُ: أَأَتْرُكُ حَلاَوَتِي وَثَمَرِي الطَّيِّبَ وَأَذْهَبُ لأَمْلِكَ عَلَى الأَشْجَارِ؟ 12فَقَالَتِ الأَشْجَارُ لِلْكَرْمَةِ: تَعَالَيْ أَنْتِ وَامْلِكِي عَلَيْنَا. 13فَقَالَتْ لَهَا الْكَرْمَةُ: أَأَتْرُكُ مِسْطَارِي الَّذِي يُفَرِّحُ اللَّهَ وَالنَّاسَ وَأَذْهَبُ لأَمْلِكَ عَلَى الأَشْجَارِ؟ 14ثُمَّ قَالَتْ جَمِيعُ الأَشْجَارِ لِلْعَوْسَجِ: تَعَالَ أَنْتَ وَامْلِكْ عَلَيْنَا. 15فَقَالَ الْعَوْسَجُ لِلأَشْجَارِ: إِنْ كُنْتُمْ بِالْحَقِّ تَمْسَحُونَنِي عَلَيْكُمْ مَلِكاً فَتَعَالُوا وَاحْتَمُوا تَحْتَ ظِلِّي. وَإِلاَّ فَتَخْرُجَ نَارٌ مِنَ الْعَوْسَجِ وَتَأْكُلَ أَرْزَ لُبْنَانَ!) القضاة 9: 8-15
                            من القصص الجميلة أيضًا فى الكتاب المقدس جدًا جدًا قصة بناء برج بابل، فقد خاف الرب من تعاون البشر على البر والتقوى، وبنائهم برجًا فى بابل، وعلى طريقة فرق تسد، نزل الرب بنفسه وبشخصه وبلبل ألسنة الناس، ولم يفهم أحدهم الآخر، وبددهم الرب عن وجه الأرض، حتى يتمكن الرب من السيادة على بنى البشر: (1وَكَانَتِ الأَرْضُ كُلُّهَا لِسَاناً وَاحِداً وَلُغَةً وَاحِدَةً. 2وَحَدَثَ فِي ارْتِحَالِهِمْ شَرْقاً أَنَّهُمْ وَجَدُوا بُقْعَةً فِي أَرْضِ شِنْعَارَ وَسَكَنُوا هُنَاكَ. 3وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «هَلُمَّ نَصْنَعُ لِبْناً وَنَشْوِيهِ شَيّاً». فَكَانَ لَهُمُ اللِّبْنُ مَكَانَ الْحَجَرِ وَكَانَ لَهُمُ الْحُمَرُ مَكَانَ الطِّينِ. 4وَقَالُوا: «هَلُمَّ نَبْنِ لأَنْفُسِنَا مَدِينَةً وَبُرْجاً رَأْسُهُ بِالسَّمَاءِ. وَنَصْنَعُ لأَنْفُسِنَا اسْماً لِئَلَّا نَتَبَدَّدَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ». 5فَنَزَلَ الرَّبُّ لِيَنْظُرَ الْمَدِينَةَ وَالْبُرْجَ اللَّذَيْنِ كَانَ بَنُوآدَمَ يَبْنُونَهُمَا. 6وَقَالَ الرَّبُّ: «هُوَذَا شَعْبٌ وَاحِدٌ وَلِسَانٌ وَاحِدٌ لِجَمِيعِهِمْ وَهَذَا ابْتِدَاؤُهُمْ بِالْعَمَلِ. وَالْآنَ لاَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ كُلُّ مَا يَنْوُونَ أَنْ يَعْمَلُوهُ. 7هَلُمَّ نَنْزِلْ وَنُبَلْبِلْ هُنَاكَ لِسَانَهُمْ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ بَعْضُهُمْ لِسَانَ بَعْضٍ». 8فَبَدَّدَهُمُ الرَّبُّ مِنْ هُنَاكَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ فَكَفُّوا عَنْ بُنْيَانِ الْمَدِينَةِ 9لِذَلِكَ دُعِيَ اسْمُهَا «بَابِلَ» لأَنَّ الرَّبَّ هُنَاكَ بَلْبَلَ لِسَانَ كُلِّ الأَرْضِ. وَمِنْ هُنَاكَ بَدَّدَهُمُ الرَّبُّ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ) تكوين 11: 1-9
                            لكن هل تتخيل أن يمتدح الرب جنة فرعون، عدوالرب، ويعترف أنها أجمل من جنته؟ هل تعتقد أن الرب فشل فى صناعة جنة تفوق فى جمالها جنة فرعون؟ أم أن كاتب هذه الرواية يرى أن يزهد المصدق بقدسية هذا الكتاب فى الرب وجنته، لأنه عند أعداء الرب مثل فرعون والشيطان جنات أجمل منها؟
                            حزقيال يقول بأمر الرب: إن جنة فرعون أحلى من جنة الرب: (7فَكَانَ جَمِيلاً فِي عَظَمَتِهِ وَفِي طُولِ قُضْبَانِهِ، لأَنَّ أَصْلَهُ كَـانَ عَلَى مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ. 8اَلأَرْزُ فِي جَنَّةِ اللَّهِ لَمْ يَفُقْهُ، السَّرْولَمْ يُشْبِهْ أَغْصَانَهُ، وَالدُّلْبُ لَمْ يَكُنْ مِثْلَ فُرُوعِهِ. كُلُّ الأَشْجَارِ فِي جَنَّةِ اللَّهِ لَمْ تُشْبِهْهُ فِي حُسْنِهِ. 9جَعَلْتُهُ جَمِيلاً بِكَثْرَةِ قُضْبَانِهِ حَتَّى حَسَدَتْهُ كُلُّ أَشْجَارِ عَدْنٍ الَّتِي فِي جَنَّةِ اللَّهِ].) حزقيال 31: 7-9
                            إن كاتب كتاب (الإسلام بدون غطاء) تأثر بكل تأكيد بمثل هذه القصص المقدسة جدًا جدًا، فقام بتأليف قصته الفاشلة: رجل أعمى يمشى فى طريق مظلم بمفرده، ويعرف الطريق جيدًا إلى منزل هذه السيدة، ويعرف أنها ستنام تلك الليلة فى فراشها، ويعرف العنوان، ممسكًا بيده سيفًا، ويتمكن من فتح الباب واختراق كل الحواجز والمعوقات، ليصل إلى الغرفة التى تنام فيها هذه المرأة المراد قتلها.
                            أما عن هذه الرواية وهذا الحديث فيقول العلامة الشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة" (13/33) الحديث رقم 6013: إنه موضوع.
                            أخرجه القضاعي في"مسند الشهاب" (2/46/856)، وكذا ابن عدي (6/2156)، ومن طريقه ابن الجوزي في "العلل" (1/175)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (14/768 - المدينة) من طريق محمد بن إبراهيم بن العلاء الشامي: حدثنا محمد بن الحجاج اللَّخمي أبوإبراهيم الواسطي عن مجالد بن سعيد عن الشعبي عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ قال: هجت امرأة من بني خطمة النبي بهجاء لها، قال: فبلغ ذلك النبيَّ  فاشتد عليه ذلك، وقال: «من لي بها»، فقال رجل من قومها: أنا يا رسول الله! وكانت تمّارة؛ تبيع التمر، قال: فأتاها، فقال لها: عندك تمر؛ فقالت: نعم. فأرته تمراً، فقال أردتُ أجود من هذا. قال: فدخلت لتريه. قال: فدخل خلفها ونظر يميناً وشمالاً، فلم ير إلا خِواناً، فعلا به رأسها حتى دمغها به، قال: ثم أتى النبيَّ  فقال: يا رسول الله! قد كفيتُكَها. قال: فقال النبي : «إنه لا ينتطح فيها عنزان».
                            وقال ابن عدي، وتبعه ابن الجوزي: "هذا مما يتهم بوضعه محمد بن الحجاج".
                            قلت: وهوكذاب خبيث؛ كما قال ابن معين، وهوواضع حديث الهريسة، وقد تقدم (690)، وقبله حديث آخر له موضوع.
                            والراوي عنه محمد بن إبراهيم الشامي؛ كذاب أيضاً؛ كما تقدم بيانه في الحديث الذي قبله؛ ولكنه قد توبع: أخرجه الخطيب في "التاريخ" (13/99) من طريق مسلم بن عيسى - جار أبي مسلم المُسْتَمْلي -: حدثنا محمد بن الحجاج اللخمي... به.
                            ذكره في ترجمة ابن عيسى هذا، ولم يزد فيها على أن ساق له هذا الحديث، فهو مجهول العين. والله أعلم.
                            والحديث ؛ ذكره علقه ابن سعد في "الطبقات" (2/27 - 28) بأتمِّ مما هنا، والظاهر أنه مما تلقاه عن شيخه الواقدي، وقد وصله القضاعي (2/48/858) من طريقه بسند آخر نحوه. لكن الواقدي متهم بالكذب؛ فلا يعتدُّ به.
                            وأورد منه الشيخ العجلوني في "كشف الخفاء" (2/375/3137) حديث الترجمة فقط من رواية ابن عدي، وسكت عنه؛ فأساء!
                            ولو كان الرسول  ينتقم لنفسه، فلماذا لم يقتل المرأة اليهودية التى سممته؟ فقد عفا عنها فيما حدث له منها لشخصه.
                            ولماذا لم يقتل غورث بن الحارث، الذى أخذ سيف الرسول  فى غزوة ذات الرقاع، وسلطه عليه وسأله من يمنعك منى، فقد عفا عنه، بعد أن تمكن منه، وسقط السيف فى يد رسول الله ، وكل ما عمله أن أخذ عليه موثقًا ألا يحاربه أو يشترك مع أعدائه فى حربه؟
                            ولماذا لم ينتقم من كفار قريش الذين ضربوه فى غزوة أحد، ولم يوافق ملك الجبال على إهلاك هؤلاء الناس؟ فقد سأله ملك الجبال قائلا: (إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمْ الْأَخْشَبَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ : بَلْ أَرْجُوأَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا). متفق عليه
                            لماذا لم يقتل عبد الله بن أُبىّ بن سلول بسبب خيانته وانسحابه بثلث الجيش فى غزوة أحد، وأصيب الرسول  بجراح ثاخنة، وكُسِرَتْ فيها رَبَاعِيَتُهُ وَجُرِحَتْ وَجْنَتُهُ وَشَفَتُهُ السُّفْلَى مِنْ بَاطِنهَا وَوَهَى مَنْكِبه مِنْ ضَرْبَةِ اِبْنِ قَمِيئَةَ وَجُحِشَتْ رُكْبَتُهُ. ومع ذلك لم يحكم عليه الرسول، ولم يترك عمر يقتله.
                            لماذا لم ينتقم لنفسه من قريش عند فتح مكة؟ فبعد أن أخرجوه من مكة وآذوه أشد الإيذاء، ونصره الله عليهم، وأعزه بفتحها، قام فيهم قائلاً: (ما ترون أني فاعل بكم؟، قالوا: خيرًا، أخ كريم، وابن أخ كريم، فقال: أقول كما قال أخي يوسف: قَالَ: {لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوأَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} (يوسف:92)،اذهبوا فأنتم الطلقاء) البيهقي. والأحكام الصغرى رقم 558
                            ولماذا كان يدعو لقومه ولم يدعو عليهم، بالرغم من كل ما فعلوه به؟ فقد كا يدعو الله لهم قائلا: "اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ".
                            بل لماذا لم ينتقم من مسطح بن أثاثة، الذى تقوَّل على زوجه عائشة واخترع حادثة الإفك؟
                            بل أنزل الله تعالى قرآنًا يُتلى لليوم فى أبى بكر يحثه على استمراره فى مساعدة ذلك الرجل، كما كان يفعل من قبل، وأن يغفر ويصفح. فقال تعالى: (وَلاَ يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) النور 22
                            وهناك العديد والعديد من الأمثلة على حلمه وعفوه صلى الله عليه وسلم. الأمر الذى يثبت كذب هذه الرواية. فلم يقتص النبى  لنفسه قط، كما قالت السيدة عائشة رضى الله عنها.
                            ثالثًا: قتل أبى إفك: ويقول فيه: (وقد قتل محمد أيضا كبار السن غير عابئ بشيخوختهم. ومن هؤلاء أبوأفك، وكان قد بلغ من العمر 120 سنه. وكانت جريمة أبوأفك أيضاً كتابة شعر يهجو فيه محمداً.)
                            وما فعله كعب بن الأشرف فعله أيضًا أبو إفك اليهودى، فقد كان يُحرض على قتل الرسول ، ويقول الشعر فى هجائه والتحريض على قتله، ومحاربة المسلمين.
                            رابعًا: قتل أم قرفة: ويقول فيها: (وأيضاً من القتل المريع كان ضد إمراة طاعنة في السن إسمها أم قرفة. وقد قتلوها رابطين رجليها بالجمال ثم جذبوا الجمال في اتجاهين مضادين حتى شقوا المرأة المسكينة إلى نصفين)
                            من الشبهات المنتشرة بين النصارى حادثة مقتل أم قرفة، ويدعون نقلا عن كتب السير والتراجم أن "محمدًا شق أم قرفة بين جملين". وقد جاءت هذه الحكاية من ثلاثة طرق، نجملهم بعد أن نتعرف على أم قرفة.
                            يقول تراجم الأعلام، باب من وفيات سنة 6 أن أم قرفة هي فاطمة بنت ربيعة بن بدر بن عمرو الفزارية. تزوجت مالكا بن حذيفة بن بدر وولدت له ثلاثة عشر ولدا أولهم (قرفة) وبه تكنى، وكل أولادها كانوا من الرؤساء في قومهم. كانت من أعز العرب، وفيها يضرب المثل في العزة والمنعة فيقال: أعز من أم قرفة وكانت إذا تشاجرت غطفان بعثت خمارها على رمح فينصب بينهم فيصطلحون. كانت تؤلب على رسول الله  فأرسل في السنة السادسة للهجرة زيد بن حارثة في سرية فقتلها قتلا عنيفا، فقد ربط برجليها حبلا، ثم ربطه بين بعيرين حتى شقاها شقا. وكانت عجوزا كبيرة، وحمل رأسها إلى المدينة ونصب فيها ليعلم قتلها.
                            هذه هى الشبهة التى يتشدق بها الملحدون أمثال كامل النجار أو المسيحيون، وقد يكون معهم الحق، لو آثروا عن الرسول  أنه انتقم مرة لنفسه، أو أمر بقتل النساء فى غزواته. بل يؤكد التاريخ أنه كان ينهى عن قتل النساء والأطفال والرهبان فى كنائسهم، ومن رمى سيفه وولى فهو ليس فى القتال. كما علموا عن رسول الله  أنه لم يقتص لنفسه أبدًا، وقد أوردنا بعضًا من هذه القصص.
                            عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (وجدت امرأة مقتولة في بعض مغازي رسول الله  فنهى رسول الله عن قتل النساء والصبيان) البخاري (2792)
                            ومرَّ النبي  على امرأةٍ مقتولة، فقال: (مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُقاتِلَ، فقال لأحدهم: "الْحَقْ خَالِداَ فَقُلْ لَهُ: لاَ تَقْتُلُوا ذُرِّيَّةً وَلاَ عَسِيفاً وَلاَ امْرَأَةً") رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجة. وفى رواية أخرى (ما كانت هذه لتُقتل). فدلّ ذلك على أن علة تحريم قتلها أنها لم تكن تقاتل مع المقاتلين.
                            وروى أبو داود عن أنس بن مالك أن رسول الله  قال: انطلقوا باسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله ولا تقتلوا شيخا فانيا ولا طفلا ولا صغيرا ولا امرأة
                            وعن بريدة أن رسول الله  كان يقول: (اغزوا في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا الوليد ولا أصحاب الصوامع)
                            قول سيدنا أبي بكر خليفة النبي  حيث قال لأسامة بن زيد وجنده: (لا تخونوا ولا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلاً ولا شيخاً كبيراً ولا امرأة، ولا تعزقوا نخلاً ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلا للأكل. وإذا مررتم بقوم فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له).
                            وما تم نقله عن الطبري حول قصة أم قرفة فقد ذكر أن في سند هذه القصة محمد بن اسحق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة عن أم المؤمنين عائشة، فمحمد بن اسحق وعروة بن الزبير غير موثوقين وغير جديرين بالإعتماد عليهما في الحديث، حيث القاعدة في علم الرجال تقول بأن الجرح مقدم على التعديل .
                            وأما ما ذُكر عن أمر امرأة أسمها أم قرفة من بني فزارة قتلها زيد بن حارثة (رضي الله عنه) بأن ربط رجليها إلى بعيرين حتى شقاها ونسب هذه الرواية إلى تاريخ الطبري، وحين راجعنا هذا النص في تاريخ الطبري وجدنا أن هناك أموراً قد تم التغاضي عنها، فالطبري يروي هذه القصة عن الواقدي، والواقدي ضعيف في علم الرجال حيث قال عنه النووي في كتابه المجموع ج1 ص114: (الواقدي رحمه الله ضعيف عند أهل الحديث وغيرهم، لا يحتج برواياته المتصلة فكيف بما يرسله أويقوله عن نفسه)
                            1- ذكرها الواقدي في المغازي (1، 564)
                            قالت وقدم زيد بن حارثة من وجهه ذلك ورسول الله  في بيتي، فأتى زيد فقرع الباب فقام إليه رسول الله  يجر ثوبه عريانا، ما رأيته عريانا قبلها، حتى اعتنقه وقبله ثم سأله فأخبره بما ظفره الله. فصل: ذكر من قتل أم قرفة: قتلها قيس بن المحسر قتلا عنيفا؛ ربط بين رجليها حبلا ثم ربطها بين بعيرين وهي عجوز كبيرة. وقتل عبد الله بن مسعدة،وقتل قيس بن النعمان بن مسعدة بن حكمة بن مالك بن بدر.
                            الرد على هذه الرواية:
                            إن القارىء المدقق لهذه الرواية، لا يجد فيها أمر من الرسول  بمعاملة هذه المرأة بهذه الكيفية، فلو حدث هذا افتراضًا لكان تصرفًا فرديًا من الفاعل، ولا علاقة له بالرسول ، الذى أرسل من قبل لقتل العصماء، وغيرها ولم يحدث مثل هذا فى تاريخ حروب المسلمين، امتثالا لأوامر الرسول  وخلفائه، بعدم التمثيل بالجثث، وغيره من الأوامر التى قام يهوه/يسوع بخلافها مع المدنيين. وهذا كافيًا لتبرئة الرسول  من هذه التهمة.
                            وعن بريدة أن رسول الله  كان يقول: (اغزوا في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا الوليد ولا أصحاب الصوامع)
                            قول سيدنا أبي بكر خليفة النبي  حيث قال لأسامة بن زيد و جنده: (لا تخونوا ولا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلاً ولا شيخاً كبيراً ولا امرأة، ولا تعزقوا نخلاً ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلا للأكل. وإذا مررتم بقوم فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له).
                            لقد جاءت الرواية في طبقات ابن سعد وعنه ابن الجوزي في كتابه المنتظم ومدار الرواية على محمد بن عمر الواقدي، وهو شخص متهم بالكذب لدى علماء الحديث، والقصة أوردها ابن كثير في البداية والنهاية مختصرة ولم يعلق عليها بشىء وذكرها ابن هشام في السيرة وكلاهما عن محمد ابن اسحق الذي لم يذكر سند الرواية، فالحاصل ان الرواية لم تصح فلا يجوز الاحتجاج بها .
                            وقال علماء الإسلام عن الواقدي إنه كاذب:
                            قال البخارى: الواقدى مدينى سكن بغداد، متروك الحديث، تركه أحمد، وابن نمير، وابن المبارك، وإسماعيل بن زكريا.
                            وقال فى موضع آخر: كذبه أحمد.
                            وقال معاوية بن صالح: قال لى أحمد بن حنبل: هو كذاب.
                            وقال معاوية أيضا عن يحيى بن معين: ضعيف.
                            وقال فى موضع آخر: ليس بشىء.
                            وقال فى موضع آخر: قلت ليحيى: لم تعلم عليه حيث كان الكتاب عندك؟ قال:
                            أستحى من ابنه،وهو لى صديق. قلت: فماذا تقول فيه؟ قال: كان يقلب حديث يونس يغيرها عن معمر، ليس بثقة.
                            وقال عباس الدورى، عن يحيى بن معين: ليس بشىء.
                            وقال عبد الوهاب بن الفرات الهمدانى: سألت يحيى بن معين عن الواقدى، فقال: ليس بثقة.
                            وقال المغيرة بن محمد المهلبى: سمعت على ابن المدينى يقول: الهيثم بن عدى أوثق عندى من الواقدى، ولا أرضاه فى الحديث ولا فى الأنساب ولا فى شىء.
                            وقال أبو داود: أخبرنى من سمع على ابن المدينى يقول: روى الواقدى ثلاثين ألف حديث غريب.
                            وقال مسلم: متروك الحديث.
                            وقال النسائى: ليس بثقة
                            قال الحافظ فى "تهذيب التهذيب" 9/366
                            الشافعى فيما أسنده البيهقى: كتب الواقدى كلها كذب.
                            وقال النسائى فى "الضعفاء": الكذابون المعروفون بالكذب على رسول الله  أربعة: الواقدى بالمدينة، ومقاتل بخراسان، ومحمد ابن سعيد المصلوب بالشام. وذكر الرابع.
                            وقال ابن عدى: أحاديثه غير محفوظة والبلاء منه.
                            وقال ابن المدينى: عنده عشرون ألف حديث ـ يعنى ما لها أصل.
                            وقال فى موضع آخر: ليس هو موضع للرواية، وإبراهيم بن أبى يحيى كذاب، وهو عندى أحسن حالا من الواقدى.
                            وقال أبوداود: لا أكتب حديثه ولا أحدث عنه؛ ما أشك أنه كان يفتعل الحديث، ليس ننظر للواقدى فى كتاب إلا تبين أمره، وروى فى فتح اليمن وخبر العنسى أحاديث عن الزهرى ليست من حديث الزهرى.
                            وقال بندار: ما رأيت أكذب منه.
                            وقال اسحق بن راهويه: هوعندى ممن يضع.
                            وقال أبوزرعة الرازى، وأبوبشر الدولابى، والعقيلى: متروك الحديث.
                            وقال أبوحاتم الرازى: وجدنا حديثه عن المدنيين عن شيوخ مجهولين مناكير، قلنا: يحتمل أن تكون تلك الأحاديث منه ويحتمل أن تكون منهم، ثم نظرنا إلى حديثه عن ابن أبى ذئب ومعمر فإنه يضبط حديثهم، فوجدناه قد حدث عنهما بالمناكير، فعلمنا أنه منه فتركنا حديثه.
                            وحكى ابن الجوزى عن أبى حاتم أنه قال: كان يضع.
                            وقال النووى فى "شرح المهذب" فى كتاب الغسل منه: الواقدى ضعيف باتفاقهم.
                            وقال الذهبى فى "الميزان": استقر الإجماع على وهن الواقدى.
                            وقال الدارقطنى: الضعف يتبين على حديثه.
                            وقال الجوزجانى: لم يكن مقنعا. اهـ.
                            وعلى ذلك فلا يمكن قبول هذه الرواية أو الإعتماد عليها، وفي نفس الموضع يروي الطبري رواية أخرى أن السرية التي غزت بني فزارة كانت بقيادة أبي بكر بن أبي قحافة، مخالفاً بذلك الرواية المذكورة آنفاً التي جعلت الغزوة بقيادة زيد بن حارثة (رضي الله عنهما)، بل إنَّ هناك مصادر أخرى كالبيهقي والدارقطني تذكر أن مقتل أم قرفة إنما كان في عهد خلافة أبي بكر بن أبي قحافة وأنها ارتدت عن الإسلام فأستتابها فلم تتب فقتلها، وروايات أخرى تقول إنه قتلها في الردة، وهكذا نجد أن الروايات التأريخية متضاربة حول حقيقة أم قرفة، بالإضافة إلى كون معظمها روايات أما مرسلة أوضعيفة وكلاهما لا يحتج به ولا يوثق به.
                            الطريق الثانى فى هذا الحديث:
                            2- ذكرها الزيلعي في نصب الراية لأحاديث الهداية (4، 256) وسنده (حدثنا محمد بن إسماعيل ثنا إبراهيم بن يحيى بن محمد بن عباد المديني حدثني أبي عن محمد بن اسحق عن الزهري عن عروة عن عائشة، قالت:...) وهو سند ليس من طريق الواقدي.
                            والنصّ: بلغ رسول الله  أن امرأة من بني فزارة يقال لها: أم قرفة، جهزت ثلاثين راكبا من ولدها، وولد ولدها، وقالت: اذهبوا إلى المدينة فاقتلوا محمدا، فقال النبي : "اللهم أثكلها بولدها"، وبعث إليهم زيد بن حارثة في بعث، فالتقوا، فقتل زيد بني فزارة، وقتل أم قرفة وولدها، فأقبل زيد حتى قدم المدينة، الحديث. (تنبيه: الزيلعي نقل النصّ من أبي نعيم في دلائل النبوة في الباب الثامن والعشرين بالإسناد المذكور)
                            3- الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر، (1، 117): بهدل الطائي له إدراك وقتلت أمه "أم قرفة" في عهد النبي .
                            4- الذهبي، سير أعلام النبلاء، (1، 228): وكانت أم قرفة جهزت أربعين راكبا من ولدها، وولد ولدها إلى رسول الله  ليقاتلوه، فأرسل إليهم زيدا، فقتلهم، وقتلها، وأرسل بدرعها إلى النبي  فنصبه بالمدينة بين رمحين.
                            5- الأعلام للزركلي، (5، 131): فاطمة بنت ربيعة بن بدر الفزارية، أم قرفة: شاعرة من بني فزارة، من سكان وادي القرى (شمالي المدينة) كان لها اثنا عشر ولدا من زوجها مالك بن حذيفة بن بدر الفزاري. وكان يعلق في بيتها خمسون سيفا لخمسين رجلا، كلهم من محارمها. وضرب بها المثل في الجاهلية، فقيل: "أعز من أم قرفة" و"أمنع من أم قرفة" ولما ظهر الإسلام سبت رسول الله  وأكثرت، وجهزت ثلاثين راكبا من ولدها وولد ولدها، وقالت: اغزوا المدينة واقتلوا محمدا. ووجه إليهم النبي  سرية مع زيد بن حارثة فظفر بهم وأسر أم قرفة، فتولى قتلها قيس بن المحسر اليعمري. ويقال لها " أم قرفة الكبرى " للتمييز بينها وبين ابنتها سلمى بنت مالك الفزارية، وكانت كنيتها " أم قرفة " أيضا
                            وكلّ هذه الروايات، عن قتل أمّ قرفة، تمرّ بالإسناد المذكور أي: إبراهيم بن يحيى بن محمد بن عباد المديني حدثني أبي عن محمد بن اسحق عن الزهري عن عروة عن عائشة.
                            الرد على هذا الطريق:
                            كلها وردت عن محمد بن اسحق وهذه الرواية لا سند لها اى لا تصح ولا يعتد بها وهى مذكورة أيضا فى البداية والنهاية وفى السيرة لابن هشام
                            أن النبي  بلغه أن امرأة من بني فزارة يقال لها: أم قرفة جهزت ثلاثين راكبا من ولدها وولد ولدها، فقالت: اقدموا المدينة فاقتلوا محمدا ، فقال: اللهم أثكلها ولدها، وبعث إليهم زيد بن حارثة، فقتل بني فزارة، وقتل ولد أم قرفة، وبعث بدرعها إلى رسول الله  فنصبه بين رمحين، وأقبل زيد، قالت عائشة: ورسول الله  تلك الليلة في بيتي فقرع الباب فخرج إليه يجر ثوبا عريانا، والذي بعثه بالحق ما رأيت عريته قبل ذلك ولا بعدها حتى اعتنقه وقبله.
                            الراوي: عائشة - خلاصة الدرجة: منكر- المحدث: الذهبي - المصدر: ميزان الاعتدال - الصفحة أو الرقم: 4/406
                            الطريق الثالث والأخير لهذه القصة:
                            الروايات الثانية مقتل أمّ قرفة في عهد أبي بكر:
                            1- سنن الدارقطني، (7، 497): حدثنا أحمد بن اسحق بن البهلول حدثنا أبى حدثنا محمد بن عيسى عن الوليد بن مسلم عن سعيد بن عبد العزيز أن أبا بكر قتل أم قرفة الفزارية فى ردتها قتلة مُثلة شد رجليها بفرسين ثم صاح بهما فشقاها....
                            2- البيهقي، السنن الصغير، (7، 80): وأخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو، نا أبو العباس الأصم، نا بحر بن نصر، نا عبد الله بن وهب، حدثني الليث بن سعد، عن سعيد بن عبد العزيز التنوخي، أن امرأة يقال لها أم قرفة كفرت بعد إسلامها، فاستتابها أبو بكر الصديق، فلم تتب، فقتلها.
                            3-الأموال، ابن سلام، (1، 448): حدثني أبو مسهر، عن سعيد بن عبد العزيز التنوخي، أن أم قرفة الفزارية كانت فيمن ارتد، فأتي بها أبو بكر، فقتلها، ومثّل بها. قال أبو مسهر: ورفض سعيد أن يخبرنا كيف مثّل بها قال أبو عبيد: وأنا أحسبها غيرها ؛ لأن أم قرفة قتلت في عهد النبي  كذلك يروى في المغازي . وكذلك كانت قصة عصماء اليهودية، إنما قتلت لشتمها رسول الله  فاستوى حكم الرجال والنساء في الارتداد
                            الرد على هذا الطريق:
                            طبعا الاحاديث كلها عن سعيد بن عبد العزيز وقيل إن سعيدا هذا لم يدرك أبا بكر فيكون منقطعا. (راجع نصب الراية - الصفحة أو الرقم: 3/459)
                            وهذه هى طرق الحديث عن سعيد بن عبد العزيز
                            أن امرأة يقال لها: أم قرفة كفرت بعد إسلامها، فاستتابها أبو بكر الصديق رضي الله عنه فلم تتب فقتلها
                            الراوي: سعيد بن عبدالعزيز التنوخي - خلاصة الدرجة: ضعيف- المحدث: الإمام الشافعي - المصدر: السنن الكبرى للبيهقي - الصفحة أو الرقم: 8/204
                            أن امرأة يقال لها: أم قرفة كفرت بعد إسلامها، فاستتابها أبو بكر الصديق رضي الله عنه فلم تتب فقتلها
                            الراوي: سعيد بن عبدالعزيز التنوخي - خلاصة الدرجة: ضعيف منقطع، وروي من وجهين مرسلين - المحدث: البيهقي - المصدر: السنن الكبرى للبيهقي - الصفحة أو الرقم: 8/204
                            أن أبا بكر رضي الله عنه قتل أم قرفة الفزارية في ردتها قتلة مثلة شد رجليها بفرسين ثم صاح بهما فشقاها.
                            الراوي: سعيد بن عبدالعزيز - خلاصة الدرجة: قيل إن سعيدا هذا لم يدرك أبا بكر فيكون منقطعا - المحدث: الزيلعي - المصدر: نصب الراية - الصفحة أو الرقم: 3/459
                            أن أم قرفة الفزارية ارتدت في عهد أبي بكر الصديق، فأمر بها، فشدت ذوائبها في أذناب قلوصين أو فرسين، ثم صاح بهما فتقطعت المرأة
                            الراوي: - - خلاصة الدرجة: أسانيد هذه القصة منقطعة - المحدث: ابن رجب - المصدر: العلوم والحكم - الصفحة أو الرقم: 1/387
                            فحكاية أم قرفة التي قتلت شر قتلة لأنها هجت الرسول  المذكورة في الكتب هي روايات ضعيفة أومختلقة أصلاً، وقد رأينا رواية عن الواقدى الذى ضعفه وسفه أحاديثه كل علماء الأحاديث، بل اتهمه البعض بأنه وضع ثلاثين ألف حديثًا، لا يُعتد بأى منها. وجاءت من طريق آخر ضعيف أيضًا وهو عن طريق محمد بن اسحق.

                            تعليق


                            • #29
                              كما اختلفت الروايات فى القاتل، فمنهم من قال إنه زيد بن حارثة، منهم من قال أبو بكر الصديق، اختلفوا أيضًا فى الزمان: فمنهم من قال إن السرية التى ذهبت وقتلت أم قرفة وسريتها كان فى عهد الرسول ، وبتفويض منه، ومنهم (كالبيهقي والدارقطني) من قال إنها ارتدت عن الإسلام فى خلافة أبى بكر، واستتابها، فلم تتب، وقتلها، ومنهم من قال إنها قتلت فى حروب الردة.
                              فيروي الطبري أن السرية التي غزت بني فزارة كانت بقيادة أبي بكر بن أبي قحافة، مخالفاً بذلك الرواية المذكورة آنفاً التي جعلت الغزوة بقيادة زيد بن حارثة (رضي الله عنه)، وهكذا نجد أن الروايات التأريخية متضاربة حول حقيقة أم قرفة، بالإضافة إلى كون معظمها روايات إما مرسلة أو ضعيفة وكلاهما لا يحتج به ولا يوثق به.
                              فالرواية إذن ساقطة سندًا ومتنًا وموضوعًا، فإضافة إلى اختلاف الزمن الذى حدثت فيه الرواية، وشخصية القاتل، فإن الرسول  لم يقترف مرة شيئًا قد نهى عنه الصحابة، وأُثر عنه الحلم والرحمة حتى مع الأعداء.
                              فرسول الله أرحم من أن يقتل أو يأمر بقتل عجوزاً نصفين وهو المبعوث رحمة للعالمين، والدليل على ذلك أنه عفا على العشرة الذين توعدهم قبل فتح مكة بالقتل "ولو كانوا متعلقين بأستار الكعبة" بمن فيهم عبد الله بن سرح، فكيف يعفوا على مثل هذا الزنديق ويقتل أم قرفة قتلة شنيعة يأباها الإسلام الذي حرم التمثيل بالميت؟ وكيف أن رسولنا الكريم قد عفا عن مشركي قريش الذين آذوه بعد فتح مكة، ويقتل هذه المرأة العجوز هذه القتلة الشنيعة؟
                              وانظر إلى ما تفعله أنت: إنك ترمى الإسلام بداء كتابكم الذى تقدسه. عملا بالمثل القائل: رمتنى بدائها وانسلت. ثم تسابقت مع الزمن واتهمتنا بما فيكم، عملا بالمثل القائل: ضربنى وبكى، وسبقنى واشتكى. ظنًا منك أنك بهذا ستكتسب أرضًا فى ساحة المعركة، التى لست أنت أهلا أن تخوضها. فلو أنت جاد فى شكواك وانتقادك لغزوات الرسول ، لكان لزامًا عليك أن ترفض كتابك وإلهك الدموى، الذى لا يستريح ولا يهدأ حمو غضبه إلا بجثث القتلى معلقة: (4فَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى: «خُذْ جَمِيعَ رُؤُوسِ الشَّعْبِ وَعَلِّقْهُمْ لِلرَّبِّ مُقَابِل الشَّمْسِ فَيَرْتَدَّ حُمُوُّ غَضَبِ الرَّبِّ عَنْ إِسْرَائِيل».) العدد 25: 4، حتى موسى، الذى جاء يسوع تابعًا له، منفذًا لناموسه وتعاليمه، مثَّل بالجثث وعلقها فى الشمس، ليرتد غضب إله المحبة.
                              ثم انظر إلى تحاملك من أجل قتل رأس من رؤوس الكفر، فى الوقت الذى تتعامى أو تتغافل فيه عما فعله بنو إسرائيل من قتل بالألوف، والتمثيل بجثث القتلى: فها هو الرب يأمر بشق بطون الحوامل، أى قتل الأم وجنينها: (16تُجَازَى السَّامِرَةُ لأَنَّهَا قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَى إِلَهِهَا. بِـالسَّيْفِ يَسْقُطُونَ. تُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ وَالْحَوَامِلُ تُشَقُّ) هوشع 13: 16
                              اقرأ بنو إسرائيل قتلوا 12000 من سكان عاى، أى أبادوهم: (24وَكَانَ لَمَّا انْتَهَى إِسْرَائِيلُ مِنْ قَتْلِ جَمِيعِ سُكَّانِ عَايٍ فِي الْحَقْلِ فِي الْبَرِّيَّةِ حَيْثُ لَحِقُوهُمْ، وَسَقَطُوا جَمِيعاً بِحَدِّ السَّيْفِ حَتَّى فَنُوا أَنَّ جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ رَجَعَ إِلَى عَايٍ وَضَرَبُوهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 25فَكَانَ جَمِيعُ الَّذِينَ سَقَطُوا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً، جَمِيعُ أَهْلِ عَايٍ.) يشوع 8: 18-25
                              اقرأ كيف حارب الرب بنفسه فى صف بنى إسرائيل وقتل بنفسه أعداءه وأعداءهم، وقذف أعداءهم بالحجارة، وأطال النهار حتى ينتهى شعبه المختار من إبادة أعدائه: (11وَبَيْنَمَا هُمْ هَارِبُونَ مِنْ أَمَامِ إِسْرَائِيلَ وَهُمْ فِي مُنْحَدَرِ بَيْتِ حُورُونَ، رَمَاهُمُ الرَّبُّ بِحِجَارَةٍ عَظِيمَةٍ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى عَزِيقَةَ فَمَاتُوا. وَالَّذِينَ مَاتُوا بِحِجَارَةِ الْبَرَدِ هُمْ أَكْثَرُ مِنَ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِالسَّيْفِ. ....: «يَا شَمْسُ دُومِي عَلَى جِبْعُونَ، وَيَا قَمَرُ عَلَى وَادِي أَيَّلُونَ». 13فَدَامَتِ الشَّمْسُ وَوَقَفَ الْقَمَرُ حَتَّى انْتَقَمَ الشَّعْبُ مِنْ أَعْدَائِهِ. ... لأَنَّ الرَّبَّ حَارَبَ عَنْ إِسْرَائِيلَ.) يشوع 10: 11-14
                              اقرأ رحمة الرب فى قتل 10000 رجلا من مواب: (29فَضَرَبُوا مِنْ مُوآبَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ نَحْوَ عَشَرَةِ آلاَفِ رَجُلٍ، كُلَّ نَشِيطٍ وَكُلَّ ذِي بَأْسٍ، وَلَمْ يَنْجُ أَحَدٌ.) قضاة 3: 29
                              اقرأ رحمة إله المحبة فى الانتقام من أعدائهم وقتل 25100 رجلا منهم: (35فَضَرَبَ الرَّبُّ بَنْيَامِينَ أَمَامَ إِسْرَائِيلَ، وَأَهْلَكَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنْ بَنْيَامِينَ فِي ذِلكَ الْيَوْمِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ أَلْفَ رَجُلٍ وَمِئَةَ رَجُلٍ.) قضاة 20: 35
                              وأنتهى بتذكيرك بإبادة بنى إسرائيل لست شعوب دفعة واحدة: (16وَأَمَّا مُدُنُ هَؤُلاءِ الشُّعُوبِ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيباً فَلا تَسْتَبْقِ مِنْهَا نَسَمَةً مَا 17بَل تُحَرِّمُهَا تَحْرِيماً: الحِثِّيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالكَنْعَانِيِّينَ وَالفِرِزِّيِّينَ وَالحِوِّيِّينَ وَاليَبُوسِيِّينَ كَمَا أَمَرَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ) تثنية 20: 16-17
                              ناهيك عن قتل كل سكان عاى، وسكان يابيش (10فَأَرْسَلَتِ الْجَمَاعَةُ إِلَى هُنَاكَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي الْبَأْسِ، وَأَوْصَوْهُمْ قَائِلِينَ: (اذْهَبُوا وَاضْرِبُو سُكَّانَ يَابِيشِ جِلْعَادَ بِحَدِّ السَّيْفِ مَعَ النِّسَاءِ وَالأَطْفَالِ 11وَهذَا مَا تَعْمَلُونَهُ: تُحَرِّمُونَ كُلَّ ذَكَرٍ وَكُلَّ امْرَأَةٍ عَرَفَتِ اضْطِجَاعَ ذَكَرٍ.) قضاة 21: 10-11
                              (17وَجَاءَ إِلَى السَّامِرَةِ، وَقَتَلَ جَمِيعَ الَّذِينَ بَقُوا لأَخْآبَ فِي السَّامِرَةِ حَتَّى أَفْنَاهُ، حَسَبَ كَلاَمِ الرَّبِّ الَّذِي كَلَّمَ بِهِ إِيلِيَّا.) ملوك الثانى 10: 17
                              ثم تعلم التَّشفِّ فى الأعداء والتمثيل بجثثهم من نبى الرب العظيم داود: (45فَقَالَ دَاوُدُ: «أَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ بِسَيْفٍ وَبِرُمْحٍ وَبِتُرْسٍ. وَأَنَا آتِي إِلَيْكَ بِاسْمِ رَبِّ الْجُنُودِ إِلَهِ صُفُوفِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ عَيَّرْتَهُمْ. 46هَذَا الْيَوْمَ يَحْبِسُكَ الرَّبُّ فِي يَدِي فَأَقْتُلُكَ وَأَقْطَعُ رَأْسَكَ. وَأُعْطِي جُثَثَ جَيْشِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ هَذَا الْيَوْمَ لِطُيُورِ السَّمَاءِ وَحَيَوَانَاتِ الأَرْضِ، فَتَعْلَمُ كُلُّ الأَرْضِ أَنَّهُ يُوجَدُ إِلَهٌ لإِسْرَائِيلَ.) صموئيل الأول 17: 45-46
                              الكتاب المقدس جدًا يعلِّم أتباعه أن يقتدوا بنبى الرب داود، وأن يكون التمثيل بالجثث هو مثلهم الأعلى فى الحروب: (51فَرَكَضَ دَاوُدُ وَوَقَفَ عَلَى الْفِلِسْطِينِيِّ وَأَخَذَ سَيْفَهُ وَاخْتَرَطَهُ مِنْ غِمْدِهِ وَقَتَلَهُ وَقَطَعَ بِهِ رَأْسَهُ. فَلَمَّا رَأَى الْفِلِسْطِينِيُّونَ أَنَّ جَبَّارَهُمْ قَدْ مَاتَ هَرَبُوا.) صموئيل الأول 17: 51
                              (12وَأَمَرَ دَاوُدُ الْغِلْمَانَ فَقَتَلُوهُمَا، وَقَطَعُوا أَيْدِيَهُمَا وَأَرْجُلَهُمَا وَعَلَّقُوهُمَا عَلَى الْبِرْكَةِ فِي حَبْرُونَ.) صموئيل الثانى 4: 12
                              (3وَأَخْرَجَ الشَّعْبَ الَّذِينَ بِهَا وَنَشَرَهُمْ بِمَنَاشِيرَِ وَنَوَارِجِ حَدِيدٍ وَفُؤُوسٍ. وَهَكَذَا صَنَعَ دَاوُدُ لِكُلِّ مُدُنِ بَنِي عَمُّونَ. ثُمَّ رَجَعَ دَاوُدُ وَكُلُّ الشَّعْبِ إِلَى أُورُشَلِيمَ.) أخبار الأيام الأول 20: 3
                              ووصلت الاستهانة بالقتلى والتمثيل بجثثهم أن تزوج داود بعدد من غلف (مقدمة ذكر الرجال) الفلسطينيين: فها هو نبى الله داود يخطب ابنة شاول بمئة عضو ذكر قطعها من جثث الفلسطينيين: (14وَأَرْسَلَ دَاوُدُ رُسُلاً إِلَى إِيشْبُوشَثَ بْنِ شَاوُلَ يَقُولُ: «أَعْطِنِي امْرَأَتِي مِيكَالَ الَّتِي خَطَبْتُهَا لِنَفْسِي بِمِئَةِ غُلْفَةٍ مِنَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ».) صموئيل الثانى 3: 14
                              (.... وَكَثِيرُونَ مِنْ شُعُوبِ الأَرْضِ تَهَوَّدُوا لأَنَّ رُعْبَ الْيَهُودِ وَقَعَ عَلَيْهِمْ.) أستير 8: 17
                              وعلى ذلك فإنه لديك خمس روايات، لا يعتد بواحدة منها:
                              1- الأولى عن طريق محمد بن عمر الواقدى، وهو متروك الحديث. وقتلت عنده هذه المرأة بسبب هجوم رجال من قومها على تجارة زيد بن حارثة وآخرين.
                              2- وأوردها ابن كثير في البداية والنهاية، وابن هشام في السيرة وكلاهما عن محمد ابن اسحق، الذى لم يذكر لها سندًا. ومحمد بن اسحق نفسه غير موثوق به.
                              3- أن أم قرفة جهزت ثلاثين راكبا من ولدها وولد ولدها وأرسلتهم لقتل النبى  بالمدينة، وقتل ولدها. وهو حديث منكر.
                              4- أن أم قرفة ارتدت مع المرتدين وحاربها أبو بكر وقتلها فى الحرب. وهذه الرواية كاذبة لأن الراوي فيها هو سعيد بن عبدالعزيز، وقيل إن سعيدا هذا لم يدرك أبا بكر فيكون منقطعا.
                              5- وهناك رواية أخرى تقول أيضًا إنها بعد ان ارتدت دعاها أبو بكر للإسلام، ولم تقبل فقتلها بالطريقة التى تصورها الروايات المشبوهة. وأسانيد هذه الرواية منقطعة.
                              وكما قلنا إن الرواية ساقطة متنًا وسندًا، وقياسًا على أقوال الرسول  وتصرفاته بل ورحمته مع أعدائه والمنافقين والمحاربين له، وعدم مخالفته لقول أو نهى أمر الصحابة به.
                              * * * * *
                              خامسًا: قتل أبى رافع بن عبد الله (سلام بن أبي الحقيق):
                              لكنك أيها الكاتب نسيت أن تذكر مقتل أبى رافع بن عبد الله: وهو سلام بن أبي الحقيق – أبو رافع – وكان من أكبر مجرمي اليهود، الذين نقضوا العهد مع رسول الله، حزبوا الأحزاب وأعانوهم بالمؤن والأموال ضد المسلمين، وكان ممن آذى رسول الله ، وكان كثير التحريض على الدولة الإسلامية، فلا بد أن ينال عقابه، ويحصد ما جنت يداه. فما جزاء من يُحارب الله ورسوله، الخائن للدولة، والمتسبب فى نشوب حروب يقتل فيها الكثير، وتدمر فيها الدولة اقتصاديًا، دون مبرر إلا لأنه يكره رسول الله ، ويكره انتشار دينه، وذهاب النبوة (ملكوت الله) من بين أيديهم كما أخبرهم عيسى ابن مريم ؟
                              (42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ».) متى 21: 42-44
                              فهل الخيانة العظمى للدولة وقائدها، بل لله ولرسوله  للناس جميعًا، ونقض العهد، وتجييش الناس ضده يقابل باللين والرحمة؟ فهل تقبَّل يهوه/يسوع هذا باللين والرحمة؟ أم إنك ستتبرأ من العهد القديم داعيًا إياه عهد النقمة؟ فقد سبق وأن أخبرتك بأقوال يهوه/يسوع فى العهد القديم، وأقوال بولس فى حروب الرب هذه، ويرى أنه لولا الإيمان ما كان الرب فتح عليهم هذه الممالك ليبيدوا أهلها؟
                              (30بِالإِيمَانِ سَقَطَتْ أَسْوَارُ أَرِيحَا بَعْدَمَا طِيفَ حَوْلَهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ....... 33الَّذِينَ بِالإِيمَانِ قَهَرُوا مَمَالِكَ، صَنَعُوا بِرًّا، نَالُوا مَوَاعِيدَ، سَدُّوا أَفْوَاهَ أُسُودٍ، 34أَطْفَأُوا قُوَّةَ النَّارِ، نَجَوْا مِنْ حَدِّ السَّيْفِ، تَقَّوُوا مِنْ ضُعْفٍ، صَارُوا أَشِدَّاءَ فِي الْحَرْبِ، هَزَمُوا جُيُوشَ غُرَبَاءَ) عبرانيين 11: 30 –34
                              فأخبرنا: هل تنتقد أمر الرسول  بقتل فرد أوحتى ست أشخاص من رؤوس الفساد، والمناهضين للدولة، الناقضين للمعاهدة التى بينهم وبين المسلمين، والذين يساعدون أعداء الدولة الإسلامية نفسيًا وماديًا وعتادًا؟ فما هو الحل الذى تقترحه أنت فى مثل هؤلاء؟ هل كان له أن يترك هؤلاء المجرمين
                              ألا أخبرك بالحل الذى قاله يسوع فى الكتاب الذى تقدسه عن هؤلاء الكفرة؟؟
                              (14لاَ تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لأَنَّهُ أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟ 15وَأَيُّ اتِّفَاقٍ لِلْمَسِيحِ مَعَ بَلِيعَالَ؟ وَأَيُّ نَصِيبٍ لِلْمُؤْمِنِ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ؟ 16وَأَيَّةُ مُوَافَقَةٍ لِهَيْكَلِ اللهِ مَعَ الأَوْثَانِ؟) كورنثوس الثانية 6: 14-16
                              طبعًا لا تستسلم لغير المؤمنين بيسوع، لأنهم هم الشيطان، والظلام، وقوى الشر. لكن ما هوالحل لم يخبرنا يسوع هنا، بل أخبرنا فى لوقا 19: 27 (27أَمَّا أَعْدَائِي أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي».)
                              فهل فعل رسول الله غير ما أمركم به يسوع؟ مع الأخذ فى الاعتبار أنه لم يقتلهم ابتداءً، بل هادنهم، وعقد معهم صلحًا وحلف دفاع مشترك، وأمنهم على دينهم، وأهلهم، وممتلكاتهم، وألا يناصروا أحدًا عليه، ولا يشتركوا فى حرب ضده. فخانوا وغدروا. فانتقم فقط من رؤوس الفساد، وترك أهليهم وذويهم، الذين لا يؤمنون به، دون عقاب، طالما أنهم لا يحاربون الدعوة، ولا يدعون الناس لحربه.
                              (3وَلِمَاذَا تَنْظُرُ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ وَأَمَّا الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا؟) متى 7: 3
                              لكنك مهما قلت فى أمثال هؤلاء فقد أقر علماء العالم وحكماؤهم أن أمثال هؤلاء يستحقون القتل، وهو قانون تعمل به كل الدول. إلا أنك مازلت لم تخبرنا، ولن تخبرنا عن دوافع يهوه النفسية فى قتل الأطفال والتصفية العرقية، والإبادة الجماعية، التى تتغافل عنها، ويهضمها عقلك، ويستسيغها ضميرك دون قتل رؤوس الفساد المحاربين لله ورسوله ولملكوته؟
                              ألم يأمر الرب بقتل النساء فى حروبه، التى أمر بها، على الرغم من عدم اشتراكهن فى الحروب؟ (3فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً، طِفْلاً وَرَضِيعاً، بَقَراً وَغَنَماً، جَمَلاً وَحِمَاراً») صموئيل الأول 15: 3
                              ألم يأمر بضرب رؤوس الأطفال فى الصخر، واعتبرها من القربات إليه؟ (9طُوبَى لِمَنْ يُمْسِكُ أَطْفَالَكِ وَيَضْرِبُ بِهِمُ الصَّخْرَةَ!) مزامير 137: 9
                              (17فَالَّذِي يَنْجُو مِنْ سَيْفِ حَزَائِيلَ يَقْتُلُهُ يَاهُو، وَالَّذِي يَنْجُو مِنْ سَيْفِ يَاهُو يَقْتُلُهُ أَلِيشَعُ.) ملوك الأول 19: 17، وهذه هى المحبة التى تتكلمون عنها، وتنشدونها فى أعدائكم، وتأبون على عدوكم الدفاع عن نفسه، أو حتى معاملة أعدائه بالمثل.
                              ألم يأمر بتحطيم الأطفال وبشق بطون الحوامل؟ ألم يأمر بقتل الأجنة فى بطون أمهاتهم؟ أليس هذا أمر بقتل النساء نفسيًا ومعنويًا عن طريق قتل أطفالهم أمام عيونهم؟ (16تُجَازَى السَّامِرَةُ لأَنَّهَا قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَى إِلَهِهَا. بِـالسَّيْفِ يَسْقُطُونَ. تُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ وَالْحَوَامِلُ تُشَقُّ) هوشع 13: 16
                              ([اعْبُرُوا فِي الْمَدِينَةِ وَرَاءَهُ وَاضْرِبُوا. لاَ تُشْفِقْ أَعْيُنُكُمْ وَلاَ تَعْفُوا. 6اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ. اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ.... نَجِّسُوا الْبَيْتَ، وَامْلأُوا الدُّورَ قَتْلَى. اخْرُجُوا». فَخَرَجُوا وَقَتَلُوا فِي الْمَدِينَةِ.) حزقيال 9: 5-7
                              * * * * *
                              سادسًا: قتل أُبىّ بن خلف:
                              ونسيت أيضًا أن تخبرنا أيضًا عن أبى بن خلف، الذى كان أحد زعماء قريش فى الجاهلية، وكان يُحارب الرسول  حربًا نفسية، حتى إنه أقسم أن يقتل الرسول : (قال ابن إسحاق:‏ فلما أسند رسول الله في الشعب أدركه أُبيّ بن خلف وهو يقول: أين محمد‏؟‏ لا نجوتُ إن نجا‏.‏ فقال القوم:‏ يا رسول الله، أيعطف عليه رجل منا؟‏ فقال رسول الله‏: ‏‏(‏دعوه)‏، فلما دنا منه تناول رسول الله الحربة من الحارث بن الصمة، فلما أخذها منه انتفض انتفاضة تطايروا عنه تطاير الشعر عن ظهر البعير إذا انتفض، ثم استقبله وأبصر تَرْقُوَتَه من فرجة بين سابغة الدرع والبيضة، فطعنه فيها طعنة تدأدأ ـ تدحرج ـ منها عن فرسه مراراً‏.‏ فلما رجع إلى قريش وقد خدشه في عنقه خدشاً غير كبير، فاحتقن الدم، قال‏:‏ قتلني والله محمد، قالوا له‏:‏ ذهب والله فؤادك، والله إن بك من بأس، قال‏:‏ إنه قد كان. قال لي بمكة‏: ‏‏(‏أنا أقتلك)‏، فوالله لوبصق على لقتلني.‏ فمات عدوالله بسَرِف وهم قافلون به إلى مكة).
                              وتحققت النبوءة في يوم أحد، وكان يخور خوار الثور ويقول والذي نفسي بيده لوكان الذي بي بأهل ذي المجاز لماتوا جميعا. وكان أبيّ بن خلف الكافر الوحيد الذي قتله رسول الله، وما سُمع أنه قتل بعدها أحداً.
                              وأنزل الله فيه [وقيل فى عقبة بن أبى معيط] [وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً]. الفرقان:27-29)
                              فهل رأيت عظمة صحابة رسول الله  فى الدفاع عن نبيهم؟ لقد تكالبوا على منع هذا الرجل من الرسول ، حتى أمرهم الرسول  أن يتركوه. ولم يهربوا كما هرب تلاميذ يسوع الصناديد، كما تصوره كتبكم المقدسة جدًا جدًا. ولم يتنكر له أحد منهم مثل بطرس، الذى كان جالسًا يستدفىء فى الصيف. (حِينَئِذٍ تَرَكَهُ التَّلاَمِيذُ كُلُّهُمْ وَهَرَبُوا) متى 26: 56
                              ألا تستحق عظمة الصحابة أن تجعلك تقف وتفكِّر: إن هؤلاء آمنوا برسولهم إيمانًا عظيمًا، جعلهم يفكرون فى فدائه بأنفسهم. فهل كان التلاميذ لا يؤمنون بيسوع، لذلك فروا بأنفسهم وتركوه؟ هل لم تتمكَّن أخلاق يسوع ورحمته بالمخالفين والأتباع أن تؤثر فيهم مثل ما أثرت أخلاق محمد  فى صحابته؟
                              فهل تتوقع أن ينوى هذا الرجل على قتل الرسول ، بل ويذهب باحثًا عنه ليقتله، ولم يكتف بأن سمع عن موته، وتريد أن يستقبله الرسول  بالورود، ويعطيه الخد الآخر؟ مالكم كيف تحكمون؟
                              أليس من الأولى أن تقوموا بحذف نصوص القتل الجماعى غير المبرر للآمنين من النساء والأطفال والماشية؟ أليست مثل هذه النصوص هى أكبر نواة، وأعظم أساس للإرهاب وجرائم الحرب؟
                              هل من المنطق البحث فى مقتل مجرم، بلطجى، خائن للدولة والعهد الآمن مع رسول الله، ومحرض على القتل، وترك الأمم التى أبيدت باسم الرب، واقتراف جرائم حرب، أبيد فيها الآمنين من النساء والأطفال والرضع؟ أليس هذا تتويهًا للحق والعدالة الإلهية؟
                              ماذا كنتم أنتم فاعلون لو كنتم تعيشون فى زمن يسوع، وجاء اليهود للقبض عليه وقتله؟ هل كنتم ستتركونه يُقتل من أجل غفران الخطيئة الأولى، التى لم يرتكبها إنسان منكم، ولم يحرض عليها، ولم يشارك فيها،ولا حتى بالتستر عليها أو الصمت؟ ألم يكن سيظهر منكم رجال أشداء، لا تخاف فى الله لومة لائم، وكنتم دافعتم عنه بكل نفس ونفيس؟ ألم تدينوا اليهود طوال التاريخ لقتلهم إلهكم؟
                              * * * * *
                              سابعًا: قتل ابن شيبينة اليهودى:
                              وأزيدك فى الرد على شبهاتكم حول مقتل ابنِ شيبينَة اليهودي، التى تملأون بها مواقعكم الإلكترونية وكتبكم:
                              روى ابن اسحق قال: قال رسول الله: "مَن ظفرتم به من رجال اليهود فاقتلوه! فوثب محيصة بن مسعود على ابن سنينة، رجل من تجار اليهود كان يلابسهم ويبايعهم، فقتله، فلامه أخوه، فقال لاخيه: والله لقد أمرني بقتله مَن لو أمرني بقتلك لضربت عنقك". (ابْنِ سُنَيْنَةَ)
                              فى الحقيقة لا يوجد شخص عاش فى عصر الرسول  باسم (ابنِ شيبينَة). ولا تجد هذا الاسم إلا فى المنتديات المسيحية، التى ينقل كل منهم عن الآخر، ظانًا أنه أصبح بذلك من علماء السيرة والتحقيق.
                              ولعل أقرب اسم لما قد يقصدونه هو شبيبة اليهودى، أو أبى سُنَيْنَة، كما يسميه ابن اسحاق أو ابْنِ سُنَيْنَةَ.
                              وتقول الرواية عند أبي داود قال: (حدثنا مصرف بن عمرو حدثنا يونس قال ابن إسحاق: حدثني مولى لـزيد بن ثابت قال: حدثتني ابنة محيصة عن أبيها محيصة رضي الله عنه: أن رسول الله  قال: "من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه فوثب محيصة على شبيبة رجل من تجار يهود كان يلابسهم فقتله وكان حويصة إذ ذاك لم يسلم وكان أسن من محيصة فلما قتله جعل حويصة يضربه ويقول يا عدو الله أما والله لرب شحم في بطنك من ماله". الحديث من سنن أبي داود بالشرح
                              الراوي: محيصة المحدث: الألباني - المصدر: ضعيف أبي داود
                              - الصفحة أو الرقم: 3002 خلاصة الدرجة: ضعيف
                              تعالوا ننظر إلى سند الرواية مرة أخرى:
                              فابنة محيصة هذه لا تُعرف تبعًا لما قاله الحافظ: "لا تعرف، أخرج لها أبو داود. محيصة رضي الله عنه، صحابي، أخرج له أصحاب السنن."
                              يقول الشيخ "عبد المحسن العباد" في شرحه لسنن أبي داود أثناء تعليقه على هذا الحديث: "وهذا الحديث أيضًا غير ثابت؛ لأن فيه ذلك الرجل المبهم الذي هو مولى زيد بن ثابت، وفيه أيضًا ابنة محيصة، وهي مجهولة لا تعرف." انتهى.
                              وقد روى هذه الرواية بسندها محمد بن إسحاق في السيرة، ولا يوجد أحد من العلماء يقول بأن كتّاب السيرة قد التزموا الصحيح في كتبهم وابن اسحاق رحمه الله لم يلتزم الصحيح في سيرته حتى اتهمه بعض معاصريه بالكذب والفبركة.
                              قال عنه أحمد بن حنبل: هو حسن الحديث، وفي موضع آخر قال: هو كثير التدليس جدًا.
                              وقال عنه الإمام مالك: انظروا إلى دجال من الدجاجلة.
                              وقال لحماد بن سلمة: ما رويت عن ابن اسحاق إلا باضطرار.
                              وقال يحيى القطان: أشهد أن محمد بن إسحاق كذاب.
                              قال عنه الذهبي في الميزان: "وثقه غير واحد، ووهاه آخر مثل الداراقطني. وهو صالح الحديث، ما له عندي ذنب إلا ما قد حشا في السيرة من الأشياء المنكرة المنقطعة والأشعار المكذوبة."
                              ثم إن المتأمل لهذه الرواية ليدرك على الفور أنها ضعيفة، لم يقل بها إنسان صاحب عقل. فالحمد لله الذى خلَّص المدلسين من عقولهم وقت التدليس! فتقول القصة إنه على الرغم من أن الرسول  أمر بقتل أى رجل يهودى، إلا أنه لم يُقتل إلا رجل واحد فقط،وهو ابن سنينة؟! فهل كفر المسلمون وقتها وعصوا أوامر نبيهم؟ أم لم يكن يوجد غير رجل يهودى واحد، وهو موضوع القصة، فقتله محيصة؟ أم كان محيصة أكثر إيمانًا من كبار الصحابة، فسارع هو إلى تنفيذ هذا الأمر، وتخاذل الباقون؟ أم مات كل الصحابة فى عصر الرسول ولم يتبق منهم إلا محيصة؟
                              وحكى ابن هشام عن أبي عبيدة عن أبي عمرو المدني أن هذه القصة كانت بعد مقتل بني قريظة فإن المقتول كان كعب بن يهوذا فلما قتله محيصة عن أمر رسول الله  يوم بني قريظة. قال له أخوه حويصة ما قال: فرد عليه محيصة بما تقدم فأسلم حويصة يومئذ.
                              وها هنا نرى أن محيصة ما قتل ابن سُنّيْنَة، ولكنه قتل كعب بن يهوذا، وأن هذا حدث بعد مقتل بنى قريظة.
                              إن الرسول العظيم كان خلقه القرآن، ولا نقرأ فى قرآننا شيئًا يأمرنا بالتعصب، أو قتل المخالف، لأنه مُخالف لديننا. واقرأ الآية التى يقر الله تعالى فيها بغلظة قلوب اليهود وقساوة قلوبهم، فهم قتلة أنبياء الله تعالى، وعلى الرغم من ذلك، وبالرغم من تحريفهم لكتاب الله تعالى، يأمر الله تعالى رسوله والمسلمين بالعفو والصفح عنهم: (فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَ اصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) المائدة 13
                              فالمسألة إذن ليست تعصب من جهة المسلمين على اليهود أو المسيحيين، وإلا لما ترك المسلمون الأول كافرًا واحدًا أو كتابيًا واحدًا على ظهر الأرض، فى البلاد التى قاموا بفتحها.
                              لكن: (مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) البقرة 105
                              (لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا * سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا) الأحزاب 60-62
                              * * * * *
                              ثامنًا: هل مثل المسلمون بجثث القتلى؟
                              وعن التمثيل بجثث القتلى أوالموتى يقول الكاتب: (ويجدر الإشارة إلى أن الكثير ممن قتلهم المسلمون بأمر محمد ايضاً مثلوا بأجسادهم بعد قتلهم، وإمعاناً في التنكيل بهم قطعوا رؤوسهم وأحضروها إلى محمد الذي كان عندما يرى رؤوسهم المقطوعة يصيح فرحاً "الله أكبر".)
                              ألم تتعب من الكذب والجهل؟ كل هذا الصبر والرحمة والعفو الذى فاض به النبى  على أعدائه والمنافقين والمخالفين، والصغار والكبار، والذين آذوه فى دينه وعرضه، ثم تَكْذِب هذه الكذبة المفضوحة، فى أنه صاح مكبرًا؟ فكل ما ذكرت كانت أحاديث موضوعة، أو أناس ناصبوا الرسول  العداء وأرادوا قتله.
                              فلم تحدث حالة واحدة مثل فيها المسلمون بجثة محارب لهم، يدلك على هذا موقف الرسول  مع هند بنت عتبة زوجة أبى سفيان مع حمزة بن عبد المطلب عم الرسول  ومن أحب الناس إلى قلبه. فاقرأ ماذا فعلت هند فى غزوة أحد: فقد أرسلت عبدها وحشي ليقتله في معركة أحد انتقامًا لمقتل أبيها وعمها وأخيها فى غزوة بدر، فجاءت إلى جثمان حمزة بعد أن قتله الوحشى، وبقرت بطنه وأكلت كبده. وكانت من النسوة الأربع اللواتي أهدر الرسول  دماءهن، ولكنه عفا وصفح عنها حينما جاءته مسلمة تائب. كما عفا عن الوحشى الذى أسلم بعد ذلك:
                              يقول وحشي: (لما قَدِمْتُ مكَّة أُعْتِقْتُ حسب الوَعْد [وعد هند له إن قتل حمزة]، ثمَّ أقَمْتُ بها حتى دخلها النبي عليه الصلاة والسلام يوم الفتح، فهَرَبْتُ منها إلى الطائِف، فلما خرج وفْدُ الطائف إلى النبي عليه الصلاة والسلام لِيُسْلم ضاقَتْ عَلَيَّ المذاهب، وقُلْتُ: ألْحُق بالشام أو اليمن أو سِواهما، فوالله لأني في ذلك من هَمِّي وحُزْني إذْ قال لي رَجُلٌ: وَيْحَكَ إنَّ رسول الله  لا يقْتُلُ أحداً من الناس يدْخُلُ في دينه، فَخَرَجْتُ حتى قَدِمْتُ على النبي  في المدينة فلم يرني إلا قائِمًا أمامه أشْهَدُ شهادة الحقِّ، أشْهد أنْ لا إله إلا الله، وأشْهد أنَّ محمَّداً رسول الله، فلما رآني النبي، قال: أَوَحْشِيٌّ أنت؟! قلتُ نعم، يا رسول الله! فقال: حَدِّثْني كيف قَتَلْتَ حمزة؟ فَحَدَّثْتُهُ فلما فَرَغْتُ من حديثي، قال: وَيْحك! غَيِّبْ عني وَجْهَك، اللهم هذا قَسْمي فيما أمْلك، فأنا أملكُ أنْ أعْفُوَ عنه، ولكن لا أمْلكُ أنْ أراه! قال: فَكُنْتُ أتنكَّبُ طريق رسول الله  حيثُ كان، أيْ لا أُواجِهُهُ حتى لا يراني حتى قبضه الله إليه قال: فلما خرجَ المُسلمون إلى مُسَيْلَمة الكَذاب -هذه بِتِلْك- صاحِبِ اليمامة خَرَجْتُ معهم وأخذْتُ حَرْبتي التي قَتَلْتُ بها حمزة فلما الْتقى الناسُ رأيـْتُ مُسَيْلمة الكذاب قائِماً في يده السَّيْف وتهيَّأتُ له وهَزَزْتُ حَرْبتي حتى إذا رَضيتُ منها دَفَعْتُها عليه فَوَقَعَتْ فيه، فإنْ كُنْتُ قد قتلْتُ خير الناس بحربتي هذه، وهو حَمْزة، فإني لأرْجو اللهَ أنْ يغفر لي إذْ قَتَلْتُ بها شرَّ الناس مُسيْلَمَة).
                              قارن هذا بما فعله الصليبيون المعتدون يوم غزوهم بيت المقدس: لقد قتلوا سبعين ألفًا فى يوم واحد! ذبحوهم ذبحًا! ثم اقرأ ما فعله صلاح الدين معهم حين استرد بيت المقدس! هنا تجد سمو أخلاق المسلمين فى التعامل مع أعدائهم ومحاربيهم، ولا تعرف لمسلم تشفى أو تمثيل بجثة أو غلو فى القتل.
                              والذى لا تعرفه أن الرسول  نهى عن جعل الطيور أهداف للتدريب على كيفية إصابة الهدف، بل حرم اصطياد الطيور إلا لحاجة الأكل، وحرم ذبح الحيوانات فى الحروب إلا إن كانت ستستخدم من أجل الطعام، وحرم التحريش بين الحيوانات، كما نراهم يفعلونها مع الديكة والكلاب. بل حبب فى قتل الوزغة السامة من ضربة واحدة، فجعل ثوابها 100 حسنة، لسرعة القتل وعدم تعرض الحيوان أو الحشرة للتعذيب. ولأجل ذلك كانت أوامره بحد شفرة السكين قبل الذبح، وبعيدًا عن الحيوان، حتى لا يتأذى نفسيًا قبل الذبحن ولا يُذبح حيوان أمام آخر.
                              فلم يفعل هذا نبى الإسلام ولا حتى أقل المسلمين إسلامًا، ولكنها كانت أوامر السفَّاح، مجرم الحرب، الذى تسمونه إله المحبة يسوع/يهوه. فهل عندك تسمية أخرى لهذا الإله؟ أعتقد أنك توافقنى الرأى، ولكنك لن تستطيع أن تتفوَّه به، تعصبًا.
                              فمن عادتك أن ترى الورود فى أيدى المسلمين أسلحة فتَّاكة، وترى الزهور صواريخ هدَّامة! وتتمنى أن ينقلب الخير لهم شرًا وبيلا عليهم، كما تتمنى أن يكون الشر الذى يُصابون به، أن لا يفارقهم أبدًا. فأسأل الله لك الهداية، وأن يزيح عنك التعصب، وترى الحق حقًا، فتتبعه، وترى الباطل باطلا، فتتجنبه!
                              (مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) البقرة 105
                              (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)الصف 8
                              (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ) الأنفال 36
                              والآن عليك أن تخلع الخشبة التى فى عينك لتجيد النظر: وأجب بنفسك على هذا السؤال: هل قتل الأعداء والتمثيل بجثثهم مُخالف لرحمة يسوع/يهوه ومحبته؟ لآ. إنها عين أوامره! وإذا كنت تنتقد التمثيل بجثث الأعداء، وتعتقد أن المسلمين كانوا يقومون به، فما هو رد فعلك الآن، إذ تعلم أنها كانت أوامر إله كتاب المقدس جدًا؟
                              (3وَأَخْرَجَ الشَّعْبَ الَّذِينَ بِهَا وَنَشَرَهُمْ بِمَنَاشِيرَِ وَنَوَارِجِ حَدِيدٍ وَفُؤُوسٍ. وَهَكَذَا صَنَعَ دَاوُدُ لِكُلِّ مُدُنِ بَنِي عَمُّونَ. ثُمَّ رَجَعَ دَاوُدُ وَكُلُّ الشَّعْبِ إِلَى أُورُشَلِيمَ.) أخبار الأيام الأول 20: 3
                              (10مَلْعُونٌ مَنْ يَعْمَلُ عَمَلَ الرَّبِّ بِرِخَاءٍ وَمَلْعُونٌ مَنْ يَمْنَعُ سَيْفَهُ عَنِ الدَّمِ.) إرمياء 48: 10
                              (7فَلِذَلِكَ هَئَنَذَا أَمُدُّ يَدِي عَلَيْكَ وَأُسَلِّمُكَ غَنِيمَةً لِلأُمَمِ وَأَسْتَأْصِلُكَ مِنَ الشُّعُوبِ وَأُبِيدُكَ مِنَ الأَرَاضِي. أَخْرِبُكَ فَتَعْلَمُ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ].) حزقيال 25: 7
                              (16فَلِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا أَمُدُّ يَدِي عَلَى الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَأَسْتَأْصِلُ الْكَرِيتِيِّينَ وَأُهْلِكُ بَقِيَّةَ سَاحِلِ الْبَحْرِ. 17وَأُجْرِي عَلَيْهِمْ نَقْمَاتٍ عَظِيمَةً بِتَأْدِيبِ سَخَطٍ فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ، إِذْ أَجْعَلُ نَقْمَتِي عَلَيْهِمْ) حزقيال 25: 16-17
                              (... لأَنِّي أَنَا تَكَلَّمْتُ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. وَتَكُونُ غَنِيمَةً لِلأُمَمِ. 6وَبَنَاتُهَا اللَّوَاتِي فِي الْحَقْلِ تُقْتَلُ بِـالسَّيْفِ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ) حزقيال 26: 3-6
                              (8يَا بِنْتَ بَابِلَ الْمُخْرَبَةَ طُوبَى لِمَنْ يُجَازِيكِ جَزَاءَكِ الَّذِي جَازَيْتِنَا! 9طُوبَى لِمَنْ يُمْسِكُ أَطْفَالَكِ وَيَضْرِبُ بِهِمُ الصَّخْرَةَ!) مزامير 137: 8-9
                              (16تُجَازَى السَّامِرَةُ لأَنَّهَا قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَى إِلَهِهَا. بِـالسَّيْفِ يَسْقُطُونَ. تُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ وَالْحَوَامِلُ تُشَقُّ) هوشع 13: 16
                              (5وَقَالَ لأُولَئِكَ فِي سَمْعِي: [اعْبُرُوا فِي الْمَدِينَةِ وَرَاءَهُ وَاضْرِبُوا. لاَ تُشْفِقْ أَعْيُنُكُمْ وَلاَ تَعْفُوا. 6اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ. اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ. وَلاَ تَقْرُبُوا مِنْ إِنْسَانٍ عَلَيْهِ السِّمَةُ، وَابْتَدِئُوا مِنْ مَقْدِسِي». فَـابْتَدَأُوا بِـالرِّجَالِ الشُّيُوخِ الَّذِينَ أَمَامَ الْبَيْتِ. 7وَقَالَ لَهُمْ: [نَجِّسُوا الْبَيْتَ، وَامْلأُوا الدُّورَ قَتْلَى. اخْرُجُوا». فَخَرَجُوا وَقَتَلُوا فِي الْمَدِينَةِ.) حزقيال 9: 5-7
                              وها هو إله المحبة يأمر نبيه موسى  بالقضاء على المديانيين، وقتل رجالهم ونساءهم وأطفالهم والإستيلاء على بهائمهم، وغضب موسى  عليهم لأنهم اغتصبوا النساء المتزوجات، وكان يرجو قتلهن فقط، وأمرهم أن يغتصبوا العذراوات ممن تبقى من النساء التى لم تُغتصب: (وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: انْتَقِمْ مِنَ الْمِدْيَانِيِّينَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، وَبَعْدَهَا تَمُوتُ وَتَنْضَمُّ إِلَى قَوْمِكَ»...... فَحَارَبُوا الْمِدْيَانِيِّينَ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ وَقَتَلُوا كُلَّ ذَكَرٍ؛ .... 9وَأَسَرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ نِسَاءَ الْمِدْيَانِيِّينَ وَأَطْفَالَهُمْ، وَغَنِمُوا جَمِيعَ بَهَائِمِهِمْ وَمَوَاشِيهِمْ وَسَائِرَ أَمْلاَكِهِمْ، وَأَحْرَقُوا مُدُنَهُمْ كُلَّهَا بِمَسَاكِنِهَا وَحُصُونِهَا، 11وَاسْتَوْلَوْا عَلَى كُلِّ الْغَنَائِمِ وَالأَسْلاَبِ مِنَ النَّاسِ وَالْحَيَوَانِ، ....... فَخَرَجَ مُوسَى وَأَلِعَازَارُ وَكُلُّ قَادَةِ إِسْرَائِيلَ لاِسْتِقْبَالِهِمْ إِلَى خَارِجِ الْمُخَيَّمِ، 14فَأَبْدَى مُوسَى سَخَطَهُ عَلَى قَادَةِ الْجَيْشِ مِنْ رُؤَسَاءِ الأُلُوفِ وَرُؤَسَاءِ الْمِئَاتِ الْقَادِمِينَ مِنَ الْحَرْبِ، 15وَقَالَ لَهُمْ: لِمَاذَا اسْتَحْيَيْتُمُ النِّسَاءَ؟ إِنَّهُنَّ بِاتِّبَاعِهِنَّ نَصِيحَةَ بَلْعَامَ أَغْوَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِعِبَادَةِ فَغُورَ، وَكُنَّ سَبَبَ خِيَانَةٍ لِلرَّبِّ، فَتَفَشَّى الْوَبَأُ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. 17فَالآنَ اقْتُلُوا كُلَّ ذَكَرٍ مِنَ الأَطْفَالِ، وَاقْتُلُوا أَيْضاً كُلَّ امْرَأَةٍ ضَاجَعَتْ رَجُلاً، 18وَلَكِنِ اسْتَحْيَوْا لَكُمْ كُلَّ عَذْرَاءَ لَمْ تُضَاجِعْ رَجُلاً) عدد 31: 1-18
                              (27«وَإِنْ كُنْتُمْ بِذَلِكَ لاَ تَسْمَعُونَ لِي بَلْ سَلَكْتُمْ مَعِي بِالْخِلاَفِ 28فَأَنَا أَسْلُكُ مَعَكُمْ بِالْخِلاَفِ سَاخِطاً وَأُؤَدِّبُكُمْ سَبْعَةَ أَضْعَافٍ حَسَبَ خَطَايَاكُمْ 29فَتَأْكُلُونَ لَحْمَ بَنِيكُمْ وَلَحْمَ بَنَاتِكُمْ تَأْكُلُونَ.) لاويين 26: 27-29
                              (15كُلُّ مَنْ وُجِدَ يُطْعَنُ وَكُلُّ مَنِ انْحَاشَ يَسْقُطُ بِالسَّيْفِ. 16وَتُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ أَمَامَ عُيُونِهِمْ وَتُنْهَبُ بُيُوتُهُمْ وَتُفْضَحُ نِسَاؤُهُمْ. 17هَئَنَذَا أُهَيِّجُ عَلَيْهِمِ الْمَادِيِّينَ الَّذِينَ لاَ يَعْتَدُّونَ بِالْفِضَّةِ وَلاَ يُسَرُّونَ بِالذَّهَبِ 18فَتُحَطِّمُ الْقِسِيُّ الْفِتْيَانَ ولاَ يَرْحَمُونَ ثَمَرَةَ الْبَطْنِ. لاَ تُشْفِقُ عُيُونُهُمْ عَلَى الأَوْلاَدِ) أشعياء 13: 13-18
                              ألم تقرأ هذه الآيات المقدسة جدًا، والرحيمة جدًا جدًا؟
                              الأمر باغتصاب الفتيات العذراوات لإرضاء الرب، الذى يتخذ من تعرية النساء عقوبة، ومن أفلام الاغتصاب مرحمة ومكرمة، بل ووسيلة للدعوة، ليعرفوا أنه الرب؟ إله صاحب مزاج بورنو؟!! معذرة!!!
                              (17يُصْلِعُ السَّيِّدُ هَامَةَ بَنَاتِ صِهْيَوْنَ وَيُعَرِّي الرَّبُّ عَوْرَتَهُنَّ.) أشعياء 3: 17
                              وفى نفس الوقت يأمر نبيه أن يمشى عاريًا من كل ملابسه لمدة ثلاث سنوات!! فكيف كان يصلى بالناس؟ كيف كان يسجد للرب والناس من خلفه؟ هل كان يتوارى خجلاً من أمر الرب هذا؟ وكيف كان يجلس أو يظهر بين بناته وأخواته وجاراته؟ فهل أحب إله المحبة منظر هذا النبى وهو ساجد عاريًا من ملابسه؟ هل كان الرب يستمتع بنظر النساء إلى هذا الرجل العارى؟ فهل يمكن ليسوع/يهوه أن يحاكم اليهود، على تزعمهم الأفلام المخلة؟ لا. لأن أول إنتاج لهذه النوعية من الفجور كانت بأوامر الرب نفسه: (3فَقَالَ الرَّبُّ: «كَمَا مَشَى عَبْدِي إِشَعْيَاءُ مُعَرًّى وَحَافِياً ثَلاَثَ سِنِينٍ آيَةً وَأُعْجُوبَةً عَلَى مِصْرَ وَعَلَى كُوشَ) إشعياء 20: 3
                              ولا تتعجب فهذا ما فعله يسوع أيضًا، فقد كان يلف جسمه بمنشفة لا يوجد تحتها ملابس، ثم نزع المنشفة من على جسده، وجلس القرفصاء لينشف أرجل التلاميذ: (4قَامَ عَنِ الْعَشَاءِ وَخَلَعَ ثِيَابَهُ وَأَخَذَ مِنْشَفَةً وَاتَّزَرَ بِهَا 5ثُمَّ صَبَّ مَاءً فِي مِغْسَلٍ وَابْتَدَأَ يَغْسِلُ أَرْجُلَ التّلاَمِيذِ وَيَمْسَحُهَا بِالْمِنْشَفَةِ الَّتِي كَانَ مُتَّزِراً بِهَا.) يوحنا 13: 4-5
                              الأمر بتحطيم الأطفال أمام عيون آبائهم!!
                              الأمر بنهب البيوت وفضح النساء!!
                              الأمر بشق بطون الحوامل!!
                              الأمر بقتل الأجنة فى بطون أمهاتهم!!
                              الأمر بعدم الشفقة وقتل الشيوخ والنساء والأطفال إلى جانب الرجال!!
                              الأمر بقطع أعضاء القتلى فى الحرب!!
                              تعليق القتلى فى الشمس حتى يذهب غضب الرب؟
                              الأمر بالتصفية العرقية!!
                              الأمر بالقتل الجماعى، وإبادة كل كائن حى فى البلد المحاربة!!
                              إضرام النار فى المدينة المحتلة، ومنع السكن فيها للأبد!!
                              فأين هذه الأوامر التى تُعد الشعوب المسيحية اليوم مقترفيها من مجرمى الحرب، وتقدمهم للمحاكمة كمجرمين، متغاضية أنها تعاليم إله المحبة، من وصايا الرسول  للمسلمين فى حروبهم، وهى التى اقتبستها القوانين والمعاهدات الدولية فى تقنين أخلاق الحروب؟ أين كل هذا من وصية الرسول  للمقاتلين حينما قال لهم: (انطلقوا باسْمِ الله وَبالله وَعَلَى مِلّةِ رَسُولِ الله، وَلا تَقْتُلُوا شَيْخاً فَانِياً وَلاَ طِفْلاً وَلا صَغيراً وَلا امْرَأةً، وَلا تَغُلّوا وَضُمّوا غَنَائِمَكُم وَأصْلِحُوا وَأحْسِنُوا إنّ الله يُحِبّ المُحْسِنِينَ) زيادة الجامع الصغير- للإمام السيوطي
                              وقوله : (سِيُروا بِاسْمِ اللهِ، وَفِي سَبِيلِ اللهِ. قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللهِ. وَلاَ تَمْثُلُوا، وَلاَ تَغْدِرُوا، وَلاَ تَغُلُّوا، وَلاَ تَقْتُلُوا وَلِيداً). صحيح مسلم 3/1357 وابن ماجه
                              وقد روى البخاري ومسلم عن ابن عمر  عنهما قال: وجدت امرأة مقتولة في بعض مغازي رسول الله  فنهى رسول الله  عن قتل النساء والصبيان.
                              وفي الموطأ عن عبد الرحمن بن كعب أنه قال: نهى رسول الله  الذين قتلوا ابن أبي الحقيق عن قتل النساء والولدان، قال فكان رجل منهم يقول برحت بنا امرأة ابن أبي الحقيق بالصياح فأرفع السيف عليها ثم أذكر نهي رسول الله  فأكف ولولا ذلك استرحنا منها.
                              وروى ابن أبي شيبة في المصنف عن راشد بن سعد قال: نهى رسول الله  عن قتل النساء والذرية والشيخ الكبير الذي لا حراك به.
                              وروى عبد الرزاق عن معمر عن أيوب أن النبي : نهى عن قتل الوصفاء والعسفاء.
                              وفي سنن أبي داود أن النبي : أرسل رجلا إلى خالد بن الوليد  عنه وقال له: قل لخالد لا يقتلن امرأة ولا عسيفا. وصححه الألباني في سلسلته برقم: 2701.
                              فكل هذه الأحاديث تفيد النهي عن قتل كل من أمن المسلمون من ناحيته من رجل أو شاب أو امرأة أو شيخ فان أو أجير أو صبي، وأما من قاتل أو دعم المقاتلين برأي أو غير ذلك فيقتل كدريد بن الصمة والقرظية التي قتلت رجلا.
                              قال صاحب عون المعبود: (لا تقتلوا شيخًا فانيًا) أي إلا إذا كان مقاتلا أو ذا رأي، وقد صح أمره  بقتل دريد بن الصمة وكان عمره مائة وعشرين عاما أو أكثر وقد جيء به في جيش هوازن للرأي ... (ولا امرأة) أي إذا لم تكن مقاتلة أو ملكة. اهـ. وقال الطحاوي مثله في مشكل الآثار.
                              وأما قريظة فقد ثبت في الحديث قتل مقاتلتهم وترك ما سواهم، فقد عاهد النبي  يهود بني قريظة، لكنهم نقضوا العهد وتمالؤوا مع المشركين في غزوة الخندق، فلما رد الله كيد الأحزاب ورجع النبي  إلى بيته، ونزع عنه لباس الحرب، أتاه جبريل ، وأمره أن يسير إلى بني قريظة ثم حكم فيهم سعد بن معاذ فقال: فإني أحكم فيهم أن تقتل المقاتلة، وأن تسبى الذرية والنساء، وتقسم الأموال، كما جاء في الصحيحين.
                              ومن الجدير بالذكر أنه لم تشرع الحرب في الإسلام للتشفي والانتقام وإنما شرعت لإقامة الحق والعدل ودفع الظلم والعدوان، ولذا حرم الإسلام قتل الأطفال والنساء والشيوخ والرهبان وكل من لم يشارك في الحرب بفعل أو رأي وتدبير، وهذا هو الأصل العام ولكن إذا شارك من ذكر من النساء والأطفال في قتال المسلمين سواء باشروا ذلك بالفعل أو أعانوا عليه فإنه يجوز قتلهم كما يستثنى من التحريم الحالات التي تتم فيها الإغارة على العدو عن بعد فإنه يصعب تمييز المدنيين من غيرهم.
                              ولا يختلف العلماء على أن الأصل في الشريعة الإسلامية تحريم قتل النساء والأطفال في الجهاد ، وقد أوردنا الكثير من الأدلة على ذلك من قبل.
                              كما استدل العلماء على تحريم قتل من لا يشارك في الأنشطة القتالية، الذين يطلق عليهم هذه الأيام (المدنيين) بأن النبي  بعث رجلا إلى خالد بن الوليد رضي الله عنه وكان على مقدمة الجيش فقال: (قل لخالد لا يقتلن امرأة ولا عسيفا) والعسيف الأجير الذي لا يقاتل، ورواه أبو داود بإسناد صحيح ، ودلت نصوص أخرى على تحريم قتل كل من لا يشارك في القتال كالرهبان والفلاحين وغيرهم.
                              ولكن استثنى العلماء حالتين يجوز فيهما قتل من يحظر قتله من المدنيين والنساء:
                              الحالة الأولى: إذا اشتركوا في الحرب بالقتال أو الرأي والمشورة أو التحريض ونحو ذلك، فإن حظر القتل يزول عنهم، ويجوز قتلهم، في الحرب كما قال الإمام النووي رحمه الله ـ من أئمة الشافعية ـ في شرح الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه (نهى الرسول  عن قتل النساء والصبيان)، قال النووي: أجمع العلماء على العمل بهذا الحديث، وتحريم قتل النساء والصبيان إذا لم يقاتلوا، فإن قاتلوا قال جماهير العلماء: يقاتلون …)7/324، وقد استدلوا بأن النبي  قال عندما رأى امرأة مقتولة (ما كانت هذه لتقاتل) فدل على أنها لو كانت تقاتل جاز قتلها.
                              الحالة الثانية: إذا اضطر المسلمون لشن غارة شاملة على الأعداء، أو رميهم من بعيد، فإن هذا قد يؤدي إلى قتل النساء والأطفال والمدنيين، والواجب عدم قصدهم ابتداء، ولكن إن قتلوا في تلك الغارات، فلا إثم على من قتلهم، وقد يحدث هذا في الحروب المعاصرة، عند إلقاء القنابل على الثكنات العسكرية التي تكون بين البيوت السكنية، فلم يتحمل المسلمين ما يترتب عليه ذلك لأن العدو هو الذي عرض المواطنين الأبرياء لذلك لتخفيه بينهم فلو كان العدو يملك الشجاعة لواجه خصمه ولو كان للأبرياء عقول لما قبلوا أن تكون أرواحهم حصن للجبناء.
                              وعن الصعب بن جثامة قال سئل النبي  عن الذراري من المشركين، يبيتون، فيصيبون من نسائهم وذراريهم؟ قال: (هم منهم) رواه مسلم بهذا اللفظ، ومعنى هم منهم: أي حكمهم حكم آبائهم سواء.
                              قال الإمام النووي رحمه الله (وهذا الحديث الذي ذكرناه من جواز بياتهم ، وقتل النساء والصبيان في البيات: هو مذهبنا ومذهب مالك وأبي حنيفة والجمهور، ومعنى البيات، يبيتون أي يغار عليهم بالليل بحيث لا يعرف الرجل من المرأة والصبي) شرح النووي 7/325
                              وقال الإمام البهوتي من الحنابلة في الروض المربع (ويجوز تبييت الكفار، ورميهم بالمنجنيق ولو قتل بلا قصد صبي ونحوه) 1/441
                              وقال الإمام ابن حجر رحمه الله (وليس المراد إباحة قتلهم بطريق القصد إليه، بل المراد إذا لم يمكن الوصول إلى الآباء إلا بوطء الذرية، فإذا أصيبوا، لاختلاطهم بهم، جاز قتلهم) فتح الباري 6/147
                              ولو كان الرسول  يريد أن يغتنى من غزواته، هل كان سيترك فرصة أن يغنم كل أهل مكة وتجارتها، عندما فتحها؟ لقد عفا عنهم كلهم، وكان هذا فى العام الثامن الهجرى، أى قبل وفاته بسنتين تقريبًا؟
                              إنه الحقد على الإسلام!
                              إنه الجهل بالإسلام!
                              إنه التعامى عن ضوء الشمس وحرارتها!
                              إنه اتهام للشمس بأنها مظلمة!!
                              إنه التفاخر بأن الظلام هو ما تحتاجه البشرية لتهتدى به!!
                              إنه التعاون مع الشيطان أسوة بالرب الذى تعاون معه لإغواء أخاب!
                              اقرأ: رب الأرباب يتفق مع الشيطان للإنتقام من نبيه: (19وَقَالَ: [فَاسْمَعْ إِذاً كَلاَمَ الرَّبِّ: قَدْ رَأَيْتُ الرَّبَّ جَالِساً عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَكُلُّ جُنْدِ السَّمَاءِ وُقُوفٌ لَدَيْهِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ. 20فَقَالَ الرَّبُّ: مَنْ يُغْوِي أَخْآبَ فَيَصْعَدَ وَيَسْقُطَ فِي رَامُوتَ جِلْعَادَ؟ فَقَالَ هَذَا هَكَذَا وَقَالَ ذَاكَ هَكَذَا. 21ثُمَّ خَرَجَ الرُّوحُ وَوَقَفَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: أَنَا أُغْوِيهِ. وَسَأَلَهُ الرَّبُّ: بِمَاذَا؟ 22فَقَالَ: أَخْرُجُ وَأَكُونُ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ. فَقَالَ: إِنَّكَ تُغْوِيهِ وَتَقْتَدِرُ. فَاخْرُجْ وَافْعَلْ هَكَذَا.) ملوك الأول 22: 19-22
                              (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)الصف 8
                              (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ) الأنفال 36
                              * * * * *
                              آية السيف ونسخها 124 آية للتسامح؟
                              ثم يقول الكاتب: (هذا قليل من كثير عما كُتب عن "نبي السلام والرحمة". ولذلك فكلما تعمق المسلم في دينه كلما حاول أن يقتدى بمحمد المثل الأعلى للمسلمين. فلا عجب إن كان هناك هذا القدر من العنف الذي يرتكب اليوم باسم الإسلام في العالم.)
                              إن الكاتب ما كذب وافترى بصياغة كلامه بهذا الأسلوب إلا ليصل إلى مراده، وهو وصم الإسلام بالعنف، والرسول  وأتباعه بالدموية والإرهاب، وتقليب العالم المسالم من كافة الأديان والطوائف عليه، فقال: (فلا عجب إن كان هناك هذا القدر من العنف الذي يرتكب اليوم باسم الإسلام في العالم.)
                              وزاد فى موضع آخر بأن حكى أن آية واحدة سمَّاها آية السيف نسخت 124 آية تدل على العفو والتسامح، وهى (فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) التوبة 5.
                              وهو يُشكر أولا أنه اعترف أن القرآن به 124 آية تُشير إلى العفو والتسامح. إلا أنه يؤخذ فى الاعتبار أن هذا ما يتمناه الكاتب، فهو يتمنى للمسلمين كل الخير، كما اعتدتم منه على ذلك. فكم من مرة رمانا بالورود، ورشَّ علينا العطور! كما أنه من سماحته أنه لم يعتد لى الحقائق، ولا التفسير بجهل على هواه، ولا حتى ريمنا بعكس ما تقوله الآيات، أو يشهد به التاريخ، أو اعترف به المستشرقون المنصفون.
                              لذلك تجد أن ما قاله عن هذا النسخ، لم يقله جُلُّ المفسرين، ولا يوجد قول مرفوع عن النبى  بنسخ هذه الآيات، ولا يوجد أى قول صحيح الإسناد لأى صحابى بهذا النسخ المزعوم، وأن بعض المفسرين الذين قالوا بالنسخ، يُجمع علماء التفسير على أنها آراء شخصية لهم، ولا يؤيدونها. بل إن واقع التطبيق العملى فى حروب المسلمين لهى خير دليل على عدم نسخها.
                              بل قال بعضهم بنسخ بعض الآيات التى لا يُمكن نسخها، لأنها تتعلق بصفات الله تعالى، التى لا تُبدَّل، ولا تُنسخ، منها قول الله تعالى: (...وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) المائدة 13
                              فهل نسخ حب الله تعالى للمحسنين، وأصبح يحب المسيئين؟ هذا هراء!
                              وكذلك قوله: (وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوَاْ إِنّ اللّهَ لاَ يُحِبّ الْمُعْتَدِينَ) البقرة 187
                              فهل نسخ الله تعالى رفضه وكرهه للمعتدين وأصبحوا أحبابه؟ هذا هراء!
                              وهل تعتقد أن قتل المخالف هى عقيدة المسلم، وقد حافظوا على كل اليهود والمسيحيين فى كل الأقطار التى فتحوها؟ قارن ما تقوله بما فعله مسيحيو الأندلس عندما تمكنوا منها، واسأل التاريخ أين ذهب ثمانية ملايين مسلم كانوا يعيشون فى الأندلس، ولم يبق منهم تقريبًا أحدٌ!!
                              بل شهد مفكّرو اليهود في الموسوعة اليهوديّة بتسامح المسلمين، وأن العصر الذهبى لليهود كان تحت حكم المسلمين فى الأندلس: (العصر الذّهبي لليهود كان في ظل حكم المسلمين في الأندلس) وفي باقي ديار المسلمين كان لهم إسهامات ثقافيّة واقتصاديّة وعلميّة وسياسيّة، وهذه الإسهامات لا تتأتى إلا إذا كانوا فى أتم صحة نفسية تجاه معيشتهم وسط المسلمين، وعندما غربت شمس العرب والمسلمين من الأندلس، تمّ تهجير اليهود مع العرب والمسلمين إلى شمال أفريقيا، حيث توجد بلاد إسلامية أخرى، وهناك تمتّع اليهود بما كانوا يتمتّعون به في الأندلس، وكانت هذه سمة التعامل مع اليهود في المشرق والمغرب الإسلاميين.
                              ويشير "جورج حنا" إلى التوازن في شخصية النبي ، فيقول إنه لم يُحارب إلا من حاربوه: "إنه  لم يرض بأن يحوّل خدّه الأيسر لمن يضربه على خدّه الأيمن.. بل مشى في طريقه غير هيّاب، في يده الواحدة رسالة هداية، يهدي بها من سالموه، وفي يده الثانية سيف يحارب به من يحاربوه". (جورج حنا: قصة الإنسان، ص 76)
                              وفي رحمة الرسول  يقول واشنجتون ايرفنج: "يدعو القرآن إلى الرحمة والصفاء وإلى مذاهب أخلاقية سامية". (واشنجتون ايرفنج: حياة محمد، ص304)
                              كما أن القرآن - في رأي جاك ريسلر "يجد الحلول لجميع القضايا، ويربط ما بين القانون الديني والقانون الأخلاقي، ويسعى إلى خلق النظام، والوحدة الاجتماعية، وإلى تخفيف البؤس والقسوة والخرافات. إنه يسعى على الأخذ بيد المستضعفين، ويوصي بالبر، ويأمر بالرحمة". (جاك ريسلر: الحضارة العربية، ص51.)
                              وفى تعاليمه تقول "إلس ليختنستادتر": "هي أوامر العدل للجميع، والرحمة بالضعيف والرفق والإحسان. وتلك هي الوسائل التي يضعها الله في يد الإنسان لتحقيق نجاته، فهو ثم مسؤول عن أعماله ومسؤول كذلك عن مصيره." (إلس ليختنستادتر: الإسلام والعصر الحديث، نقلًا عن: عباس محمود العقاد: ما يقال عن الإسلام، ص 19)
                              وفى القرآن يقول نصرى سلهب إنه كتاب هداية عظيم للبشرية، وهو أبلغ منهج للهداية: "إن محمدًا كان أميًا لا يقرأ ولا يكتب. فإذا بهذا الأمي يهدي إلى الإنسانية أبلغ أثر مكتوب حلمت به الإنسانية منذ كانت الإنسانية- ذاك كان القرآن الكريم، الكتاب الذي أنزله الله على رسوله هدى للمتقين." (نصري سلهب: لقاء المسيحية والإسلام، ص 22)
                              ويقول يول إنه ولا شك أن أخلاق الرحمة هي عامل الجذب الأساسى لدخول الناس في الإسلام: "الإحسان والرحمة والنزعة الإنسانية الخيرة العريقة – هذه وغيرها من العوامل كانت بالنسبة لي أعظم دليل على صدق هذا الدين" (عرفات كامل العشي:رجال ونساء أسلموا، 4: 127.)
                              الأمر الذي يعبر عنه "بشير تشاد بقوله": "إن الإسلام هو دين الرحمة والحب والتعاطف الإنساني" (انظر: عرفات كامل العشي:رجال ونساء أسلموا، 4: 127.)
                              ومن هنا أقول للكاتب إن الإسلام يأمر بقتال من يقاتلنا، وقتل من يقتل مسلمًا، ومهادنة من بيننا وبينهم هدنة، والوفاء لمن بيننا وبينه صلح أو معاهدة، والإحسان للجار ولو كان يهوديًا أو مسيحيًا.
                              * * * * *

                              تعليق


                              • #30
                                وقفة أخرى مع الجهاد فى الإسلام:
                                نقطة أخرى أحب أن أوضحها فى موضوع الجهاد، وهى تنفى نفيًا قاطعًا أن يقترف مسلم التشفى والمثلة فى الحرب:
                                ورد فى القرآن الكريم وفى السنة النبوية آيات وأحاديث تبين شأن الجهاد فى الإسلام، ويرى المطالع لهذه الآيات والأحاديث، أن المجاهد فى سبيل الله، هو ذلك الفارس النبيل الأخلاق، المدرب على أخلاق الفروسية العالية الراقية؛ حتى يستطيع أن يمتثل إلى الأوامر والنواهى الربانية التى تأمره بضبط النفس قبل المعركة وأثناء المعركة وبعد المعركة، فقبل المعركة يجب عليه أن يحرر نفسه من كل الأطماع، وألا يخرج مقاتلا من أجل أى مصلحة شخصية، سواء كانت تلك المصلحة من أجل نفسه أو من أجل الطائفة التى ينتمى إليها، أو من أجل أى عرض دنيوى آخر، وينبغى أن يتقيد بالشروط التى أحل الله فيها الجهاد، وأن يجعل ذلك لوجه الله تعالى، ومعنى هذا أنه سوف يلتزم بأوامر الله، ويستعد لإنهاء الحرب فورًا، إذا ما فقدت الحرب شرطًا من شروط حلها أو سببًا من أسباب استمرارها، وسواء أكان ذلك الفارس منتصرًا، أو أصابه الأذى من عدوه، فإن الله يأمره بضبط النفس، وعدم تركها للانتقام، والتأكيد على الالتزام بالمعانى العليا.
                                وكذلك الحال بعد القتال، فإنه يجب عليه أن يجاهد نفسه الجهاد الأكبر؛ حتى لا يتحول الفارس المجاهد إلى شخصٍ مؤذٍ لمجتمعه أو لجماعته أو للآخرين، وبالرغم من أن لفظة الجهاد إذا أطلقت انصرف الذهن إلى معنى القتال فى سبيل الله، إلا أن الرسول  قد أسماه بالجهاد الأصغر، وسمى الجهاد المستمر بعد القتال بالجهاد الأكبر؛ لأن القتال يستمر ساعات أو أيام، وما بعد القتال يستغرق عمر الإنسان كله.
                                وفيما يلى نورد بعضًا من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التى تحدثت عن هذه القضية،ثم بعد ذلك نستخرج منها الأهداف والشروط والضوابط والأساليب، ونعرف منها متى تنتهى الحرب، والآثار المترتبة على ذلك:
                                أولاً: القرآن الكريم:
                                1- {وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ * وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ * وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ} سورة البقرة: 190-193
                                2- {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا * وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا * الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا } سورة النساء: 74-76
                                3- {سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُواْ قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوَاْ إِلَى الْفِتْنِةِ أُرْكِسُواْ فِيِهَا فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُواْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوَاْ أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثِقِفْتُمُوهُمْ وَأُوْلَـئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا} سورة النساء: 91
                                4- {وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ * أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ} سورة التوبة: 12-13
                                5- {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} سورة آل عمران: 169
                                6- {إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} سورة التوبة: 111
                                7- {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} سورة الممتحنة: 8-9
                                8- {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} سورة الأنفال 161
                                9- {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} سورة الأنفال: 70
                                10- {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} سورة الإنسان: 8
                                11- {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ، إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ} سورة التوبة: 5-6
                                12- {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} سورة الحج 39-40
                                ثانياً: الأحاديث النبوية الشريفة:
                                1- عن أبى هريرة  عن النبى  قال: "تكفل الله لمن جاهد فى سبيله لا يخرجه من بيته إلا جهاد فى سبيله وتصديق كلمته بأن يدخله الجنة أو يرجعه إلى مسكنه الذى خرج منه مع ما نال من أجر أو غنيمة".
                                2- عن وهب بن منبه، قال: سألت جابرًا عن شأن ثقيف إذ بايعت، قال: اشترطت على النبى  أن لا صدقة عليها ولا جهاد، وأنه سمع النبى  بعد ذلك يقول: "سيتصدقون ويجاهدون إذا أسلموا".
                                3- عن عبد الله بن عمرو  قال: جاء رجل إلى النبى  فقال: إنى أريد الجهاد فقال: "أحى والداك؟ قال: نعم. قال: ففيهما فجاهد".
                                ويتضح من هذه الآيات والأحاديث أن هدف الحرب فى الإسلام يتمثل فى الآتى:
                                1- رد العدوان والدفاع عن النفس.
                                2- تأمين الدعوة إلى الله وإتاحة الفرصة للضعفاء الذين يريدون اعتناقها.
                                3- المطالبة بالحقوق السليبة.
                                4- نصرة الحق والعدل.
                                ويتضح لنا أيضا أن من شروط وضوابط الحرب:
                                (1) النبل والوضوح فى الوسيلة والهدف.
                                (2) لا قتال إلا مع المقاتلين ولا عدوان على المدنيين.
                                (3) إذا جنحوا للسلم وانتهوا عن القتال فلا عدوان إلا على الظالمين.
                                (4) المحافظة على الأسرى ومعاملتهم المعاملة الحسنة التى تليق بالإنسان.
                                (5) المحافظة على البيئة ويدخل فى ذلك النهى عن قتل الحيوان لغير مصلحة وتحريق الأشجار، وإفساد الزروع والثمار، والمياه، وتلويث الآبار، وهدم البيوت.
                                (6) المحافظة على الحرية الدينية لأصحاب الصوامع والرهبان وعدم التعرض لهم.
                                الآثار المترتبة على الجهاد:
                                يتضح لنا مما سبق أن الجهاد فى الإسلام قد اتسم بنبل الغاية والوسيلة معا، فلا غرو أن تكون الآثار والثمار المتولدة عن هذا الجهاد متناسقة تماما فى هذا السياق من النبل والوضوح؛ لأن النتائج فرع عن المقدمات، ونلخص هذه الآثار فى النقاط التالية:
                                (1) تربية النفس على الشهامة والنجدة والفروسية.
                                (2) إزالة الطواغيت الجاثمة فوق صدور الناس، وهو الشر الذى يؤدى إلى الإفساد فى الأرض بعد إصلاحها.
                                (3) إقرار العدل والحرية لجميع الناس مهما كانت عقائدهم.
                                (4) تقديم القضايا العامة على المصلحة الشخصية.
                                (5) تحقيق قوة ردع مناسبة لتأمين الناس فى أوطانهم.
                                يقول الله سبحانه وتعالى فى سورة الحج:
                                {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} سورة الحج 40
                                قال الإمام القرطبى عند تفسيره لهذه الآية:
                                (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ) أى لولا ما شرعه الله تعالى للأنبياء والمؤمنين من قتال الأعداء، لاستولى أهل الشرك وعطلوا ما بينته أرباب الديانات من مواضع العبادات، ولكنه دفع بأن أوجب القتال ليتفرغ أهل الدين للعبادة. فالجهاد أمر متقدم فى الأمم، وبه صلحت الشرائع واجتمعت المتعبدات؛ فكأنه قال: أذن فى القتال، فليقاتل المؤمنون. ثم قوى هذا الأمر فى القتال بقوله: (وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ) الآية؛ أى لولا القتال والجهاد لتُغلِّبَ على الحق فى كل أمة. .. إذ لولا القتال لما بقى الدين الذى يذب عنه. وأيضاً هذه المواضع التى اتخذت قبل تحريفهم وتبديلهم وقبل نسخ تلك الملل بالإسلام إنما ذكرت لهذا المعنى؛ أى لولا هذا الدفع لهُدمت فى زمن موسى الكنائس، وفى زمن عيسى الصوامع والبيع، وفى زمن محمد  المساجد، .. أى نقضته فانهدم. قال ابن عطية: هذا أصوب ما قيل فى تأويل الآية.
                                ثم أسألك وأسأل كل عاقل منصف: هل قتل الأعداء الذين أعلنوا الحرب علينا عيب أو خطأ فى أى قانون أو عُرف أو دين؟
                                وما الخطأ في اغتيال فرد من رؤوس الأعداء، بدلا من تدمير كل كائن حى من البشر والحيوانات فى هذه المدينة فى حرب يشعلها الجانب المعتدى،الذى تم اغتياله؟
                                أيهما أفضل قتل إنسان واحد يريد أن يغرق السفينة به وبأهله، انتقامًا من شخص ما أو عدة اشخاص، أم قتل كل ما فى المركب؟ إن قتل كل فرد من هؤلاء الستة أو السبعة أفراد كان بمثابة طوق النجاة لكل قبيلتهم لو شاركت فى القتال!!
                                ثم مالى أراك تتباكى على قتل عدة أفراد، يُعدون على أصابع اليد، وهم من الذين خانوا العهد، وخرجوا عن المعاهدة التى تمت بين الرسول  واليهود، وناصبوه العداء، وبدأوا فى استدعاء الناس عليه لقتاله وقتله؟
                                ثم مالى لا أراك حركت ساكنًا فيما نقله الكتاب المقدس جدًا جدًا فى إبادة الأمم، والقتل الجماعى، وقتل الأطفال، والشيوخ، والنساء، والحوامل، والأجنة فى بطون أمهاتهم؟ فهل أنت يهودى تريد أن تقنع العالم بأنكم ضحايا المسلمين؟ أم مسيحى لا تجد ما تشوِّه به الإسلام لوقف زحف الناس إليه أفواجًا؟
                                أم تريد أن تُجمِّل أخلاق الحرب والمحاربين فى كتابك، بأن تقنع العالم بأن أرحم الناس على الأرض فى حروبهم كانوا أيضًا مجرمين؟
                                أم تريد أن تنفر الناس من البحث وتقصى الحقائق عن الإسلام خوفًا من ابنهارهم بعظمة الإنسانية التى يرونها فى الحضارة الإسلامية؟
                                لكن هناك ملحوظة أعتقد أنك لابد أنك أدركتها: وهى أن كتب السيرة بها الكثير من الصحيح، والكثير من الموضوع. فما يُخالف تعاليم الله تعالى ورسوله ، فهو من الموضوعات، لأن الرسول  كان خلقه القرآن،وكان قرآنًا يمشى على الأرض، وهو ما أقره على سبيل المثال (الدكتور أكرم العمري في مقدمة كتابه السيرة النبوية الصحيحة)، وقال به غيره من علماء السيرة. ففى الوقت الذى رأيت فيه أن الواقدى ومحمد بن إسحاق لا يُقبل منهم حديث، إلا أنه يُعتمد عليهم فى كتب السيرة والمغازى، حتى قال الشافعي: (من أراد أن يتبحر في المغازي فهو عيال على محمد بن إسحاق).
                                وقال فضيلة الشيخ صالح آل الشيخ رحمه الله: "وكما ذكرنا أنّ كتب السير ليست معتنية بالصحيح وإنما يذكر فيها ما نُقل في السيرة ولهذا قال الزين العراقي فيما ذكرت لك: وليعلم الطالبُ أنّ السيرَا تجمع ما صح وما قد أُنْكِرَا ففيها الصحيح وفيها المنكر وهذا أمر بيّن فإنّ سيرة ابن إسحاق مثلا فيها من الصحيح كثير وفيها من المنكر الكثير فهذا من جهة ما اشتهر من ذكر مصادر السيرة وإذا كان كذلك فالذي ينبغي تحقيقًا لمقام السيرة أنْ تضبط مصادر السيرة" (صالح بن عبد العزيز آل الشيخ ، ضوابط في معرفة السيرة ص2 )
                                وعلى ذلك لا يوجد أحد من العلماء يقول إن كُتَّاب السيرة التزموا الصحيح في كتبهم، وابن اسحاق رحمه الله لم يلتزم الصحيح في سيرته حتى اتهمه بعض معاصريه بالكذب والفبركة.
                                فقال عنه أحمد بن حنبل: هو حسن الحديث، وفي موضع آخر قال: هو كثير التدليس جدًا.
                                وقال عنه الإمام مالك: انظروا إلى دجال من الدجاجلة.
                                وقال لحماد بن سلمة: ما رويت عن ابن اسحاق إلا باضطرار .
                                وقال يحيى القطان : أشهد أن محمد بن إسحاق كذاب .
                                ولكن هذا لا يعني أنه كان فعلاً كذابا، بل اختلف العلماء حوله والسبب هو السيرة التي كتبها وما بها من الأخبار الواهية سندًا والمنكرة متنًا .. قال عنه الذهبي في الميزان: "وثَّقه غير واحد، ووهاه آخر مثل الداراقطني. وهو صالح الحديث، ما له عندي ذنب إلا ما قد حشا في السيرة من الأشياء المنكرة المنقطعة والأشعار المكذوبة".
                                وعلى ذلك فأثناء تناولك لجانب القتال والغزوات فى السيرة النبوية، لابد أن تُلم أولا بتعاليم القرآن فى الحروب، والجوانب الأخلاقية للرسول ، وأسباب قيام كل غزوة، وهل أسرف المسلمون فى القتل بعد تحقق هدف الغزوة، ثم قارن بعد ذلك إن شئت أخلاق الحرب فى الكتاب الذى تقدسه، لتعلم كم كان المسلمون الأول رحماء بأعدائهم رحمة شهد لها أعداء الإسلام أنفسهم.
                                * * * * *
                                الناسخ والمنسوخ بين القرآن وكتابهم:
                                ثم تكلم الكاتب لكتاب (الإسلام بدون غطاء) عن الناسخ والمنسوخ فى القرآن فقال: (تعليم إسلامى آخر يحاول دعاة الإسلام إخفاءه عن الغرب هو مبدأ إسلامي هام يطلق عليه "الناسخ والمنسوخ". ومعناه ببساطه أنه إذا جاءت آية قرآنية حديثة بتعليم مخالف لما جاء بآية أخرى سابقه لها زمنياً، فإن الآية الحديثة تنسخ (تلغى وتحل محل) الآية القديمة، فتصبح الآية القديمة لا مفعول لها.)
                                وقال: (ومن المراجع الإسلامية القديمة التى كتبها كبار العلماء ويتعرضون فيها لهذا الموضوع بتفاصيل كثيرة هو كتاب "الناسخ والمنسوخ" لأبى القاسم هبة الله ابن سلامة أبى النصر. ويسرد الكتاب كل سورة من القرآن مشيراً بالتفصيل إلى كل آية قد نُسِِخت وإلى الآية التى نسختها وحلت محلها. وقد أشار الكاتب إلى أن من سور القرآن الـ 114 فإن 43 سورة فقط لم تتأثر بهذا المبدأ.
                                وكمثال لما نُسخ فإن هناك 124 آية قرانية كانت تدعو إلى التسامح والصبر قد نسخت بواسطة هذه الآية الواحدة "فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم " (سورة التوبة 5:9)
                                إن المرء لا يسعه إلاّ أن يتساءل: كيف يحتاج الله القادر على كل شئ والعارف بكل أمر أن يراجع ويصحح نفسه بهذا القدر؟) انتهى قول الكاتب.
                                فى الحقيقة استفزتنى هذه الجملة، ورجعت بذاكرتى إلى قدرة يسوع الذى يؤلهونه ثم سألت نفسى هذا السؤال: أليس الذى يراجع نفسه، ويندم أو يصحح ما أخطأ فيه أو جهله من قبل، أو تفشل تجربته الأولى، ويضطر أن يصحح نفسه، ينفى عن نفسه الألوهية؟ فكيف ولماذا يؤلهون يسوع إذن وهو قد وقع فى المحذور؟
                                فها هو يسوع يفشل فى التجربة الأولى من إشفاء أعمى: (22وَجَاءَ إِلَى بَيْتِ صَيْدَا فَقَدَّمُوا إِلَيْهِ أَعْمَى وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَلْمِسَهُ 23فَأَخَذَ بِيَدِ الأَعْمَى وَأَخْرَجَهُ إِلَى خَارِجِ الْقَرْيَةِ وَتَفَلَ فِي عَيْنَيْهِ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ وَسَأَلَهُ هَلْ أَبْصَرَ شَيْئاً؟ 24فَتَطَلَّعَ وَقَالَ: «أُبْصِرُ النَّاسَ كَأَشْجَارٍ يَمْشُونَ». 25ثُمَّ وَضَعَ يَدَيْهِ أَيْضاً عَلَى عَيْنَيْهِ وَجَعَلَهُ يَتَطَلَّعُ. فَعَادَ صَحِيحاً وَأَبْصَرَ كُلَّ إِنْسَانٍ جَلِيّاً. 26فَأَرْسَلَهُ إِلَى بَيْتِهِ قَائِلاً: «لاَ تَدْخُلِ الْقَرْيَةَ وَلاَ تَقُلْ لأَحَدٍ فِي الْقَرْيَةِ») مرقس 8: 22-26
                                وطبعًا يسوع/يهوه ندم أن أرسل شاول نبيًا ولم يخطر على باله أنه سيرفض أمرًا من أوامره، ولا يرى الكاتب شيئًا فى هذا! (10وَكَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى صَمُوئِيلَ: 11«نَدِمْتُ عَلَى أَنِّي قَدْ جَعَلْتُ شَاوُلَ مَلِكاً، لأَنَّهُ رَجَعَ مِنْ وَرَائِي وَلَمْ يُقِمْ كَلاَمِي») صموئيل الأول 15: 10-11
                                (4لِأَنَّهم تَرَكوني وشَوَّهوا هذا المَكان، وأَحرَقوا فيه البَخورَ لِآلِهَةٍ أُخْرى لم يَعرِفوها هم ولا آباؤُهم ولا مُلوكُ يَهوذا، ومَلأُوا هذا المَكانَ مِن دَمِ الأَبرِياء، 5وبَنَوا مَشارِفَ البَعْلِ لِيُحرِقوا بَنيهم بِالنَّارِ مُحرَقاتٍ لِلبَعْل، مِمَّا لم آمُرْ بِه ولم آتكلَمْ بِه ولم يَخطُرْ بِبالي.) إرميا 19: 4-5 (ترجمة الآباء اليسوعيين، والحياة)
                                إن ما يفهمه الكاتب من الناسخ والمنسوخ هو: أن الرب أمر أمس بشىء، ولما استيقظ من النوم تدمع عيناه من الخمر ((65فَاسْتَيْقَظَ الرَّبُّ كَنَائِمٍ كَجَبَّارٍ مُعَيِّطٍ مِنَ الْخَمْرِ.) مزامير 78: 65)، وذهب عنه تأثير هذا الخمر، غير أوامره، أو ندم على منا فعله، وتأسف فى قلبه.
                                (وَالرَّبُّ نَدِمَ لأَنَّهُ مَلَّكَ شَاوُلَ عَلَى إِسْرَائِيلَ.) صموئيل الأول 15: 35
                                (14فَنَدِمَ الرَّبُّ عَلَى الشَّرِّ الَّذِي قَالَ إِنَّهُ يَفْعَلُهُ بِشَعْبِهِ.) خروج 32: 14
                                (6فَحَزِنَ الرَّبُّ أَنَّهُ عَمِلَ الإِنْسَانَ فِي الأَرْضِ وَتَأَسَّفَ فِي قَلْبِهِ. 7فَقَالَ الرَّبُّ: «أَمْحُو عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ الإِنْسَانَ الَّذِي خَلَقْتُهُ: الإِنْسَانَ مَعَ بَهَائِمَ وَدَبَّابَاتٍ وَطُيُورِ السَّمَاءِ. لأَنِّي حَزِنْتُ أَنِّي عَمِلْتُهُمْ».) تكوين 6: 6-7
                                ويؤسفنى أنه لم يجهد نفسه ليعلم ما هو مفهوم النسخ عند المسلمين، وكيف يؤمنون به، لو كان ما يظنه صحيحًا؟
                                إن ما فهمه الكاتب هو نفسه ما يعيب كتابه، ويقدح فى إلهه، وينفى علاقة كاتب الكتاب الذى يقدسه بالوحى نهائيًا. وهو ما يسميه الإسلام بالبداء، وهو أن الله تعالى كان يفهم أو يعلم شيئًا ما، ثم اتضح له، أى بدا له، خلاف ذلك.وهذا كفر لا يقول به مسلم. فليس هناك فى الإسلام نسخ فى أسماء الله الحسنى أو صفاته سبحانه وتعالى من العلم والقدرة والرحمة والمغفرة والعزة والأزلية أى عدم الموت أو الفناء وغيرها، ولا نسخ للعقيدة، أو للقصص، التى تتناول ما فعلته الأمم السابقة. ويتبقى النسخ فى الأحكام لدواعى التدرج.
                                فعلى سبيل المثال لم يأمر الله بشرب الخمر ثم نهى عنه أو العكس؟ وللأسف فهو ما نجده فى الكتاب المقدس جدًا جدًا، بل تدرج فى تحريمها:
                                وأول آية نزلت تتكلم عن الخمر هي قوله تعالى: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} النحل: 67
                                ففي هذه الآية الكريمة نجد أن القرآن قد أشار إلى نوعين من إنتاج النخيل والأعناب: الشراب المسكر، والرزق الحسن. ومعنى ذلك أنه قابل الرزق الحسن بالمسكر غير الحسن، كإشارة لا يفهمها إلى أولو الألباب إلى أن السكر ليس من الرزق الحسن، وإنما هو نقيض ذلك.
                                أى لم يأمر القرآن بشرابها، بل نفَّرَ منها بصورة خفية، إلا على أولى اللباب، ومهَّدَ إلى تركها، حيث (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) النحل 90
                                ثم صرَّح في التنفير منها بقول تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} البقرة: 219 فلما نزلت هذه الآية تركها بعض الناس وقالوا لا حاجة لنا فيما فيه إثم كبير، ولم يتركها بعضهم وقالوا نأخذ منفعتها ونترك إثمها، فنزلت هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} {النساء: 43 } فتركها بعض الناس وقالوا لا حاجة لنا فيما يشغلنا عن الصلاة، وشربها بعضهم في غير أوقات الصلاة حتى نزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} المائدة: 90 ، فصارت حراماً عليهم.
                                فأين ما تدعيه بقولك: (كيف يحتاج الله القادر على كل شئ والعارف بكل أمر أن يراجع ويصحح نفسه بهذا القدر؟).
                                ولنقرأ سويًا: هل ما تنتقده فى الإسلام قادم فى المقام الأول من كتابك، وترمى الإسلام بما فيه، أم لا؟
                                مثال على تحريم الخمر والأمر بشربه وصناعة الرب له:
                                لقد منع الرب فى العهد القديم الكهنة وبنيهم من شرب الخمر وقت الصلاة، أى عند دخولهم خيمة الاجتماع: اللاويين 10: 8-9 (8وَقَالَ الرَّبُّ لِهَارُونَ: 9«خَمْراً وَمُسْكِراً لاَ تَشْرَبْ أَنْتَ وَبَنُوكَ مَعَكَ عِنْدَ دُخُولِكُمْ إِلَى خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ لِكَيْ لاَ تَمُوتُوا. فَرْضاً دَهْرِيّاً فِي أَجْيَالِكُمْ)
                                ومنع المنذورين له من شرب الخمر، بل حرمها على أمهاتهم أثناء الحمل: (4وَالآنَ فَاحْذَرِي وَلاَ تَشْرَبِي خَمْراً وَلاَ مُسْكِراً وَلاَ تَأْكُلِي شَيْئاً نَجِساً. 5فَهَا إِنَّكِ تَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْناً، وَلاَ يَعْلُ مُوسَى رَأْسَهُ، لأَنَّ الصَّبِيَّ يَكُونُ نَذِيراً لِلَّهِ مِنَ الْبَطْنِ، وَهُوَ يَبْدَأُ يُخَلِّصُ إِسْرَائِيلَ مِنْ يَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ».) قضاة 13: 4-5، وهذا يعنى أن قديسو الله لا يشربون الخمور، ولا تتعاطاه أمهاتهم أثناء فترة الحمل. الأمر الذى يعنى أيضًا أنه كلما ابتعد المرء عن الخمر وامتنع عن شرابها، كلما ازداد قداسة. وأنه كلما اقترب الإنسان إلى الله، كلما ابتعد عن الخمر. أى يتناسب الخمر مع القداسة تناسبًا عكسيًا.
                                ويؤكد لوقا هذا المعنى: لوقا 1: 15 (15لأَنَّهُ يَكُونُ عَظِيماً أَمَامَ الرَّبِّ وَخَمْراً وَمُسْكِراً لاَ يَشْرَبُ وَمِنْ بَطْنِ أُمِّهِ يَمْتَلِئُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.)
                                إلا أنه من عجب العجاب أنك تجد يسوع فى الكتاب المقدس جدًا جدًا يقوم هو بنفسه بصناعة الخمر المعتقة من الماء الطيب: (3وَلَمَّا فَرَغَتِ الْخَمْرُ قَالَتْ أُمُّ يَسُوعَ لَهُ: «لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ». ..... 7قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «امْلَأُوا الأَجْرَانَ مَاءً». فَمَلَأُوهَا إِلَى فَوْقُ. 8ثُمَّ قَالَ لَهُمُ: «اسْتَقُوا الآنَ وَقَدِّمُوا إِلَى رَئِيسِ الْمُتَّكَإِ». فَقَدَّمُوا. 9فَلَمَّا ذَاقَ رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْمَاءَ الْمُتَحَوِّلَ خَمْراً وَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هِيَ - لَكِنَّ الْخُدَّامَ الَّذِينَ كَانُوا قَدِ اسْتَقَوُا الْمَاءَ عَلِمُوا - دَعَا رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْعَرِيسَ 10وَقَالَ لَهُ: «كُلُّ إِنْسَانٍ إِنَّمَا يَضَعُ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ أَوَّلاً وَمَتَى سَكِرُوا فَحِينَئِذٍ الدُّونَ. أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ أَبْقَيْتَ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ إِلَى الآنَ». 11هَذِهِ بِدَايَةُ الآيَاتِ فَعَلَهَا يَسُوعُ فِي قَانَا الْجَلِيلِ وَأَظْهَرَ مَجْدَهُ فَآمَنَ بِهِ تلاَمِيذُهُ.) يوحنا 2: 3-11
                                بل ويشربها فى عشائه مع التلاميذ: (26وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ أَخَذَ يَسُوعُ الْخُبْزَ وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى التَّلاَمِيذَ وَقَالَ: «خُذُوا كُلُوا. هَذَا هُوَ جَسَدِي». 27وَأَخَذَ الْكَأْسَ وَشَكَرَ وَأَعْطَاهُمْ قَائِلاً: «اشْرَبُوا مِنْهَا كُلُّكُمْ 28لأَنَّ هَذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ الَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا. 29وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي مِنَ الآنَ لاَ أَشْرَبُ مِنْ نِتَاجِ الْكَرْمَةِ هَذَا إِلَى ذَلِكَ الْيَوْمِ حِينَمَا أَشْرَبُهُ مَعَكُمْ جَدِيداً فِي مَلَكُوتِ أَبِي».) متى 26: 26-29
                                وكُتَّابُ هذه الحكايات أرادوا بالطبع سحب صفة القداسة والقرب من الله من يسوع، وأن يجعلوا أول معجزة قام بها هى تدمير البشر: (1الخمرُ مُجونٌ والسُّكْرُ عَربَدَةٌ، ومَنْ يَهيمُ بِهِما فلا حِكمةَ لهُ.) أمثال 20: 1 الترجمة العربية المشتركة
                                (20لاَ تَكُنْ بَيْنَ شِرِّيبِي الْخَمْرِ بَيْنَ الْمُتْلِفِينَ أَجْسَادَهُمْ.) أمثال 23: 20
                                (الْخَمْرُ والنِّسَاءُ تَجْعَلانِ الْعُقَلاءِ أَهْلَ ردَّةٍ) سيراخ 19: 2
                                أمثال 31: 6-7 (6أَعْطُوا مُسْكِراً لِهَالِكٍ وَخَمْراً لِمُرِّي النَّفْسِ. 7يَشْرَبُ وَيَنْسَى فَقْرَهُ وَلاَ يَذْكُرُ تَعَبَهُ بَعْدُ.) هكذا يعالج الرب مشاكل الناس!!
                                ووصموا بها أيضًا نبى الله يوحنا: (19جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ فَيَقُولُونَ: هُوَذَا إِنْسَانٌ أَكُولٌ وَشِرِّيبُ خَمْرٍ مُحِبٌّ لِلْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ. وَالْحِكْمَةُ تَبَرَّرَتْ مِنْ بَنِيهَا».) متى 11: 19
                                وقال أيضًا فى القضاة 13: 14 (14مِنْ كُلِّ مَا يَخْرُجُ مِنْ جَفْنَةِ الْخَمْرِ لاَ تَأْكُلْ، وَخَمْراً وَمُسْكِراً لاَ تَشْرَبْ، وَكُلَّ نَجِسٍ لاَ تَأْكُلْ. لِتَحْذَرْ مِنْ كُلِّ مَا أَوْصَيْتُهَا)
                                (39كُرُوماً تَغْرِسُ وَتَشْتَغِلُ وَخَمْراً لا تَشْرَبُ وَلا تَجْنِي لأَنَّ الدُّودَ يَأْكُلُهَا.) تثنية 28: 39
                                (29لِمَنِ الْوَيْلُ؟ لِمَنِ الشَّقَاوَةُ؟ لِمَنِ الْمُخَاصَمَاتُ؟ لِمَنِ الْكَرْبُ لِمَنِ الْجُرُوحُ بِلاَ سَبَبٍ؟ لِمَنِ ازْمِهْرَارُ الْعَيْنَيْنِ؟ 30لِلَّذِينَ يُدْمِنُونَ الْخَمْرَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ فِي طَلَبِ الشَّرَابِ الْمَمْزُوجِ. 31لاَ تَنْظُرْ إِلَى الْخَمْرِ إِذَا احْمَرَّتْ حِينَ تُظْهِرُ حِبَابَهَا فِي الْكَأْسِ وَسَاغَتْ مُرَقْرِقَةً.) أمثال 23: 29-31
                                (4لَيْسَ لِلْمُلُوكِ يَا لَمُوئِيلُ لَيْسَ لِلْمُلُوكِ أَنْ يَشْرَبُوا خَمْراً وَلاَ لِلْعُظَمَاءِ الْمُسْكِرُ.) أمثال 31: 4، فهل كان يسوع وضيوفه من الصعاليك، الذى لا يشملهم أمر شرب الخمر والمسكر؟ ألم أقل إن كتاب هذه الأسفار من أعداء يسوع، ويشوهون سيرته؟
                                ألم أقل لك إنك تقرأ كتابك الذى تقدسه ولا تفهم ما وراء هذه الكلمات؟ ألم أخبرك أن كُتَّاب هذه الأسفار التى تقدسها أرادوا سب يسوع وأمه وتسفيههما؟
                                ثم جاء كاتب سفر المكابيين وأقر أن شرب الخمر لوحده مضر، مثل شرب الماء منفردًا، ويرشدك إلى كيفية صناعة الخمر اللذيذة: (ثم كما أن شرب الخمر وحدها أو شرب الماء وحده مضر، وإنما تطيب الخمر ممزوجة بالماء وتعقب لذة وطربا كذلك تنميق الكلام على هذا الأسلوب يطرب مسامع مطالعي التاليف.) المكابيين الثانى 15: 40
                                وفى الحقيقة لو تعمَّقت أكثر فى كتابك، لا يمكنك أن تُلقى باللوم على كاتب سفر المكابيين فى أى شىء يقوله، لأنه لم يدع أنه أوحى إليه، أنتم الذين تنسبون له هذه القداسة: (فإن كُنْتُ قَدْ أَحْسَنْتُ التَّأْلِيفَ وأَصَبْتُ الغَرَضَ، فَذَلِكَ مَا كُنْتُ أَتَمَنَّى، وإنْ كَانَ قَدْ لَحقَني الوَهَنُ والتَّقْصيرُ، فإنِّي قَدْ بَذَلْتُ وسْعِي) المكابيين الثانى 15: 39
                                لذلك جاء فى رسالة بولس أنه يوصى باستعمال الخمر بدل الماء! تيموثاوس الأولى 5: 23 (23لاَ تَكُنْ فِي مَا بَعْدُ شَرَّابَ مَاءٍ، بَلِ اسْتَعْمِلْ خَمْراً قَلِيلاً مِنْ أَجْلِ مَعِدَتِكَ وَأَسْقَامِكَ الْكَثِيرَةِ.)
                                وكيف لا يشرب يسوع أو الناس خمرًا ويسكرون بها، ويترنحون، إذا كان الكتاب المقدس جدًا قد نسب للرب أنه يشرب الخمر حتى الثُّمالة، فها هو ينام، ويستيقظ دامعة عيناه من أثر خمر الليل: (65فَاسْتَيْقَظَ الرَّبُّ كَنَائِمٍ كَجَبَّارٍ مُعَيِّطٍ مِنَ الْخَمْرِ.) مزمور 78: 65
                                فترى أن الرب حرَّم الخمر عند دخول خيمة الاجتماع، وحرمها على قديسيه، ثم نسخ كل هذا وصنعها فى العرس، وشربها يهوه ويوحنا ويسوع!!
                                وفى مثال للناسخ والمنسوخ بمعنى البداء فى الكتاب المقدس جدًا:
                                (3وَقَالَ اللهُ: «لِيَكُنْ نُورٌ» فَكَانَ نُورٌ. 4وَرَأَى اللهُ النُّورَ أَنَّهُ حَسَنٌ. وَفَصَلَ اللهُ بَيْنَ النُّورِ وَالظُّلْمَةِ.) تكوين 1: 3-4
                                وهذا يعنى أن الرب فوجىء أو تبيَّن له بعد الخلق أن النور حسن، أى إنه لم يكن يعلم أنه سيكون بهذه الكيفية إلا بعد أن تم. وهذا هو البداء، الذى يعنى أنه جهل ماهية ما يخلق أو يفعل ثم بدا له عكس ذلك.
                                وفى مثال آخر للناسخ والمنسوخ:
                                (وَحَدَثَ بَعْدَ هذِهِ الأُمُورِ أَنَّ اللهَ امْتَحَنَ إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ لَهُ: «يَا إِبْرَاهِيمُ!». فَقَالَ: «هأَنَذَا». 2فَقَالَ: «خُذِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ، الَّذِي تُحِبُّهُ، إِسْحَاقَ، وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ الْمُرِيَّا، وَأَصْعِدْهُ هُنَاكَ مُحْرَقَةً عَلَى أَحَدِ الْجِبَالِ الَّذِي أَقُولُ لَكَ». 3فَبَكَّرَ إِبْرَاهِيمُ صَبَاحًا وَشَدَّ عَلَى حِمَارِهِ، وَأَخَذَ اثْنَيْنِ مِنْ غِلْمَانِهِ مَعَهُ، وَإِسْحَاقَ ابْنَهُ، وَشَقَّقَ حَطَبًا لِمُحْرَقَةٍ، وَقَامَ وَذَهَبَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَ لَهُ اللهُ.) التكوين 22: 1–3
                                ثم نسخ الرب حكمه بعد ثلاثة أيام
                                (4وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ رَفَعَ إِبْرَاهِيمُ عَيْنَيْهِ وَأَبْصَرَ الْمَوْضِعَ مِنْ بَعِيدٍ، 5فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِغُلاَمَيْهِ: «اجْلِسَا أَنْتُمَا ههُنَا مَعَ الْحِمَارِ، وَأَمَّا أَنَا وَالْغُلاَمُ فَنَذْهَبُ إِلَى هُنَاكَ وَنَسْجُدُ، ثُمَّ نَرْجعُ إِلَيْكُمَا». 6فَأَخَذَ إِبْرَاهِيمُ حَطَبَ الْمُحْرَقَةِ وَوَضَعَهُ عَلَى إِسْحَاقَ ابْنِهِ، وَأَخَذَ بِيَدِهِ النَّارَ وَالسِّكِّينَ. فَذَهَبَا كِلاَهُمَا مَعًا) التكوين 22: 4-6
                                (10ثُمَّ مَدَّ إِبْرَاهِيمُ يَدَهُ وَأَخَذَ السِّكِّينَ لِيَذْبَحَ ابْنَهُ. 11فَنَادَاهُ مَلاَكُ الرَّبِّ مِنَ السَّمَاءِ وَقَالَ: «إِبْرَاهِيمُ! إِبْرَاهِيمُ!». فَقَالَ: «هأَنَذَا »12فَقَالَ: «لاَ تَمُدَّ يَدَكَ إِلَى الْغُلاَمِ وَلاَ تَفْعَلْ بِهِ شَيْئًا، لأَنِّي الآنَ عَلِمْتُ أَنَّكَ خَائِفٌ اللهَ، فَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ عَنِّي». 13فَرَفَعَ إِبْرَاهِيمُ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا كَبْشٌ وَرَاءَهُ مُمْسَكًا فِي الْغَابَةِ بِقَرْنَيْهِ، فَذَهَبَ إِبْرَاهِيمُ وَأَخَذَ الْكَبْشَ وَأَصْعَدَهُ مُحْرَقَةً عِوَضًا عَنِ ابْنِهِ.) التكوين 22: 10-13
                                وفى سفر العدد نقرأ أن صلفحاد لم يكن له بنون: (33وَأَمَّا صَلُفْحَادُ بْنُ حَافَرَ فَلمْ يَكُنْ لهُ بَنُونَ بَل بَنَاتٌ. ...) العدد 26: 33
                                (1فَتَقَدَّمَتْ بَنَاتُ صَلُفْحَادَ ... 2وَوَقَفْنَ أَمَامَ مُوسَى وَأَلِعَازَارَ الكَاهِنِ وَأَمَامَ الرُّؤَسَاءِ وَكُلِّ الجَمَاعَةِ لدَى بَابِ خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ قَائِلاتٍ: 3أَبُونَا مَاتَ فِي البَرِّيَّةِ وَلمْ يَكُنْ فِي القَوْمِ الذِينَ اجْتَمَعُوا عَلى الرَّبِّ فِي جَمَاعَةِ قُورَحَ بَل بِخَطِيَّتِهِ مَاتَ وَلمْ يَكُنْ لهُ بَنُونَ. 4لِمَاذَا يُحْذَفُ اسْمُ أَبِينَا مِنْ بَيْنِ عَشِيرَتِهِ لأَنَّهُ ليْسَ لهُ ابْنٌ؟ أَعْطِنَا مُلكاً بَيْنَ أَعْمَامِنَا». 5فَقَدَّمَ مُوسَى دَعْوَاهُنَّ أَمَامَ الرَّبِّ. 6فَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى: 7«بِحَقٍّ تَكَلمَتْ بَنَاتُ صَلُفْحَادَ فَتُعْطِيهِنَّ مُلكَ نَصِيبٍ بَيْنَ أَعْمَامِهِنَّ وَتَنْقُلُ نَصِيبَ أَبِيهِنَّ إِليْهِنَّ. 8وَتَقُول لِبَنِي إِسْرَائِيل: أَيُّمَا رَجُلٍ مَاتَ وَليْسَ لهُ ابْنٌ تَنْقُلُونَ مُلكَهُ إِلى ابْنَتِهِ. 9وَإِنْ لمْ تَكُنْ لهُ ابْنَةٌ تُعْطُوا مُلكَهُ لِإِخْوَتِهِ. 10وَإِنْ لمْ يَكُنْ لهُ إِخْوَةٌ تُعْطُوا مُلكَهُ لأَعْمَامِهِ. 11وَإِنْ لمْ يَكُنْ لأَبِيهِ إِخْوَةٌ تُعْطُوا مُلكَهُ لِنَسِيبِهِ الأَقْرَبِ إِليْهِ مِنْ عَشِيرَتِهِ فَيَرِثُهُ». فَصَارَتْ لِبَنِي إِسْرَائِيل فَرِيضَةَ قَضَاءٍ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى.) العدد 27: 1-11
                                وهنا نسخ الرب تشريعه القديم بعدم توريث البنات، وأعطاهم نصيبًا فى ميراث أبيهم وجعلها شريعة مفروضة على بنى إسرائيل. ثم تغير هذا التشريع مرة أخرى، لأنه لم يعجب أعمام بنات صلفعاد، حيث أنه لو تزوجت بنات صلفعاد برجال من سبط آخر، فسوف ينقص هذا من سبط أبيها وأعمامها، ويزيد من سبط أزواجهن: (1وَتَقَدَّمَ رُؤُوسُ الآبَاءِ مِنْ عَشِيرَةِ بَنِي جِلعَادَ بْنِ مَاكِيرَ بْنِ مَنَسَّى مِنْ عَشَائِرِ بَنِي يُوسُفَ: وَتَكَلمُوا قُدَّامَ مُوسَى وَقُدَّامَ رُؤَسَاءِ الآبَاءِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل 2وَقَالُوا: «قَدْ أَمَرَ الرَّبُّ سَيِّدِي أَنْ يُعْطِيَ الأَرْضَ بِقِسْمَةٍ بِالقُرْعَةِ لِبَنِي إِسْرَائِيل. وَقَدْ أَمَرَ الرَّبُّ سَيِّدِي أَنْ يُعْطِيَ نَصِيبَ صَلُفْحَادَ أَخِينَا لِبَنَاتِهِ. 3فَإِنْ صِرْنَ نِسَاءً لأَحَدٍ مِنْ بَنِي أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيل يُؤْخَذُ نَصِيبُهُنَّ مِنْ نَصِيبِ آبَائِنَا وَيُضَافُ إِلى نَصِيبِ السِّبْطِ الذِي صِرْنَ لهُ. فَمِنْ قُرْعَةِ نَصِيبِنَا يُؤْخَذُ. 4وَمَتَى كَانَ اليُوبِيلُ لِبَنِي إِسْرَائِيل يُضَافُ نَصِيبُهُنَّ إِلى نَصِيبِ السِّبْطِ الذِي صِرْنَ لهُ وَمِنْ نَصِيبِ سِبْطِ آبَائِنَا يُؤْخَذُ نَصِيبُهُنَّ». 5فَأَمَرَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيل حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ: «بِحَقٍّ تَكَلمَ سِبْطُ بَنِي يُوسُفَ. 6هَذَا مَا أَمَرَ بِهِ الرَّبُّ عَنْ بَنَاتِ صَلُفْحَادَ: مَنْ حَسُنَ فِي أَعْيُنِهِنَّ يَكُنَّ لهُ نِسَاءً وَلكِنْ لِعَشِيرَةِ سِبْطِ آبَائِهِنَّ يَكُنَّ نِسَاءً. 7فَلا يَتَحَوَّلُ نَصِيبٌ لِبَنِي إِسْرَائِيل مِنْ سِبْطٍ إِلى سِبْطٍ بَل يُلازِمُ بَنُو إِسْرَائِيل كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَ سِبْطِ آبَائِهِ. 8وَكُلُّ بِنْتٍ وَرَثَتْ نَصِيباً مِنْ أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيل تَكُونُ امْرَأَةً لِوَاحِدٍ مِنْ عَشِيرَةِ سِبْطِ أَبِيهَا لِيَرِثَ بَنُو إِسْرَائِيل كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَ آبَائِهِ 9فَلا يَتَحَوَّل نَصِيبٌ مِنْ سِبْطٍ إِلى سِبْطٍ آخَرَ بَل يُلازِمُ أَسْبَاطُ بَنِي إِسْرَائِيل كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ».) العدد 36: 1-9
                                أى حرمهن الرب من الميراث، ثم اشتكين، فأعطاهن، ثم اشتكى أعمامهن، فاشترط أن يتزوجن من نفس سبط أبيهن، حتى لا يذهب الميراث إلى سبط آخر. فكم مرة حدث النسخ لنفس الحكم؟ لقد نُسخ مرتين. فهل هذا يدل على إنه إله عليم؟ أليس هذا هو البداء، الذى يظنونه فى الإسلام، وهو واقع فى كتابهم؟
                                مثال آخر لما تؤمنون بنسخ يسوع لبعض ما جاء فى شريعة موسى :
                                لقد أباحت شريعة موسى  الطلاق بدون علة، كما أباحت تعدد الزوجات، وأن يتزوج أى رجل المطلقة: (1إِذَا تَزَوَّجَ رَجُلٌ مِنْ فَتَاةٍ وَلَمْ تَرُقْ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لأَنَّهُ اكْتَشَفَ فِيهَا عَيْباً مَا، وَأَعْطَاهَا كِتَابَ طَلاقٍ وَصَرَفَهَا مِنْ بَيْتِهِ، 2فَتَزَوَّجَتْ مِنْ رَجُلٍ آخَرَ بَعْدَ أَنْ أَصْبَحَتْ طَلِيقَةً، 3ثُمَّ كَرِهَهَا الزَّوْجُ الثَّانِي وَسَلَّمَهَا كِتَابَ طَلاقٍ وَصَرَفَهَا مِنْ بَيْتِهِ، أَوْ إِذَا مَاتَ هَذَا الزَّوْجُ.) التثنية 24 : 1-3
                                أما يسوع فقد أقر كل شريعة موسى والأنبياء، ولم ينقض منها نقطة واحدة: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ.) متى 5: 17-19
                                إلا أنه فى نفس الإصحاح، وبعد عدة أسطر نجده نسخ ما قاله، وحرم الطلاق إلا لعلة الزنى، كما حرم الزواج من المطلقة: (31وَقِيلَ أَيْضاً: مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ، فَلْيُعْطِهَا وَثِيقَةَ طَلاَقٍ. 32أَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ لِغَيْرِ عِلَّةِ الزِّنَى، فَهُوَ يَجْعَلُهَا تَرْتَكِبُ الزِّنَى. وَمَنْ تَزَوَّجَ بِمُطَلَّقَةٍ، فَهُوَ يَرْتَكِبُ الزِّنَى.) متى 5: 31-32؛ ومتى 19: 9
                                ومثال آخر على النسخ، وتغيير قرارات يسوع نفسه:
                                لقد قرر يسوع أنه لن يصعد إلى العيد، ثم صعد بعد أن صعد اخوته. فهل هذه تقية خوفًا من اليهود، أم نسخ لكلامه وحكمه أنه لن يصعد أم الاثنان معًا؟ (2وَكَانَ عِيدُ الْيَهُودِ عِيدُ الْمَظَالِّ قَرِيبًا 3فَقَالَ لَهُ إِخْوَتُهُ: «انْتَقِلْ مِنْ هُنَا وَاذْهَبْ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ لِكَيْ يَرَى تلاَمِيذُكَ أَيْضًا أَعْمَالَكَ الَّتِي تَعْمَلُ 4لأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يَعْمَلُ شَيْئًا فِي الْخَفَاءِ .... 6فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «.... 8اِصْعَدُوا أَنْتُمْ إِلَى هَذَا الْعِيدِ. أَنَا لَسْتُ أَصْعَدُ بَعْدُ إِلَى هَذَا الْعِيدِ لأَنَّ وَقْتِي لَمْ يُكْمَلْ بَعْدُ». 9قَالَ لَهُمْ هَذَا وَمَكَثَ فِي الْجَلِيلِ. 10وَلَمَّا كَانَ إِخْوَتُهُ قَدْ صَعِدُوا حِينَئِذٍ صَعِدَ هُوَ أَيْضًا إِلَى الْعِيدِ لاَ ظَاهِرًا بَلْ كَأَنَّهُ فِي الْخَفَاءِ. 11فَكَانَ الْيَهُودُ يَطْلُبُونَهُ فِي الْعِيدِ وَيَقُولُونَ: «أَيْنَ ذَاكَ؟») يوحنا 7: 2-11
                                ومثال آخر على النسخ فى علم الرب وصفاته التى لا تتغير:
                                ينفى سفر العدد كون الرب إنسان يفعل شيئًا ثم يندم عليه، وهذا ينسخ ما ذكره من قبل فى سفر التكوين والخروج وصموئيل الأول من أنه ندم.
                                (19ليْسَ اللهُ إِنْسَاناً فَيَكْذِبَ وَلا ابْنَ إِنْسَانٍ فَيَنْدَمَ. هَل يَقُولُ وَلا يَفْعَلُ؟ أَوْ يَتَكَلمُ وَلا يَفِي؟) عدد 23: 19
                                (6فَحَزِنَ الرَّبُّ أَنَّهُ عَمِلَ الإِنْسَانَ فِي الأَرْضِ وَتَأَسَّفَ فِي قَلْبِهِ. 7فَقَالَ الرَّبُّ: «أَمْحُو عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ الإِنْسَانَ الَّذِي خَلَقْتُهُ: الإِنْسَانَ مَعَ بَهَائِمَ وَدَبَّابَاتٍ وَطُيُورِ السَّمَاءِ. لأَنِّي حَزِنْتُ أَنِّي عَمِلْتُهُمْ».) تكوين 6: 6-7
                                (14فَنَدِمَ الرَّبُّ عَلَى الشَّرِّ الَّذِي قَالَ إِنَّهُ يَفْعَلُهُ بِشَعْبِهِ.) خروج 32: 14
                                (35وَلَمْ يَعُدْ صَمُوئِيلُ لِرُؤْيَةِ شَاوُلَ إِلَى يَوْمِ مَوْتِهِ, لأَنَّ صَمُوئِيلَ نَاحَ عَلَى شَاوُلَ, وَالرَّبُّ نَدِمَ لأَنَّهُ مَلَّكَ شَاوُلَ عَلَى إِسْرَائِيلَ.) صموئيل الأول 15: 35
                                فهل يندم الرب ذو العلم الأزلى عندما فوجىء بما حدث من شاول، أنه عفا عن أجاج وعن الجيد من الغنم والبقر والحملان والخراف!!!
                                فهذا هو البداء، الذى يُعد كفرًا لأنه يقدح فى علم الله تعالى، وفى صفاته!
                                وها هو الرب لم يخطر بباله، ولم يكن علمه أزلى: (4لأنَّهُم تَرَكوني وشَوَّهوا هذا المَوضِعَ وبَخروا فيهِ لآلِهَةٍ أُخرى لا يَعرفونَها ولا عَرَفَها آباؤُهُم ولا مُلوكُ يَهوذا. ومَلأوا هذا المَوضعَ مِنْ دَمِ الأبرياءِ5وبَنَوا مذابِحَ لِلبَعلِ في المشارِفِ ليَحرقوا أولادَهُم بِالنَّارِ، وأنا ما أوصَيتُ بِذلِكَ ولا تَكَلَّمْتُ بهِ ولا خطَر بِبالي.) إرميا 19: 4-5، وجاء فى كتاب الحياة (ولم يخطر ببالى)
                                وفى ترجمة الآباء اليسوعيين: (... 5 وبَنَوا مَشارِفَ البَعْلِ لِيُحرِقوا بَنيهم بِالنَّارِ مُحرَقاتٍ لِلبَعْل، مِمَّا لم آمُرْ بِه ولم آتكلَمْ بِه ولم يَخطُرْ بِبالي.) إرميا 19: 4-5
                                وهو يُخالف ما وصف به الرب نفسه فى نفس السفر وفى غيره:
                                (أَيُّهَا الرَّبُّ الْقَدِيرُ مُخْتَبِرُ الصِّدِّيقِ وَالْمُطَّلِعُ عَلَى سَرَائِرِ النُّفُوسِ) إرميا 20: 12
                                (لأَنَّكَ تَعْرِفُ قَلْبَهُ، فَأَنْتَ وَحْدَكَ الْمُطَّلِعُ عَلَى دَخَائِلِ النَّاسِ) أَخْبَارِ الثَّانِي 6: 30
                                (لِذَلِكَ هُوَ مُطَّلِعٌ عَلَى أَعْمَالِهِمْ) أَيُّوبَ 34/25
                                (وَلَكِنَّ الرَّبَّ مُطَّلِعٌ عَلَى حَوَافِزِ الأَرْوَاحِ) الأَمْثَالِ 16: 2
                                (وَلَكِنَّ الرَّبَّ مُطَّلِعٌ عَلَى حَوَافِزِ الْقُلُوب.) الأمثال 21: 2
                                (ولَكِنِّي مُطَّلِعٌ عَلَى حَرَكَاتِكَ وَسَكَنَاتِكَ وَهَيَجَانِكَ عَلَيَّ) إشعياء 37: 27
                                ومثال آخر على النسخ فى أوامر الرب:
                                أنه قرر إبادة كل كائن حى على وجه الأرض بفيضان نوح، ثم بعد أن تنسَّم الرب رائحة شى الحيوانات، أعجبته هذه الرائحة، وقرر عدم إبادة البشر، وإلا حرم نفسه من هذه الرائحة: (20وَبَنَى نُوحٌ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ. وَأَخَذَ مِنْ كُلِّ الْبَهَائِمِ الطَّاهِرَةِ وَمِنْ كُلِّ الطُّيُورِ الطَّاهِرَةِ وَأَصْعَدَ مُحْرَقَاتٍ عَلَى الْمَذْبَحِ 21فَتَنَسَّمَ الرَّبُّ رَائِحَةَ الرِّضَا. وَقَالَ الرَّبُّ فِي قَلْبِهِ: «لاَ أَعُودُ أَلْعَنُ الأَرْضَ أَيْضاً مِنْ أَجْلِ الإِنْسَانِ لأَنَّ تَصَوُّرَ قَلْبِ الإِنْسَانِ شِرِّيرٌ مُنْذُ حَدَاثَتِهِ. وَلاَ أَعُودُ أَيْضاً أُمِيتُ كُلَّ حَيٍّ كَمَا فَعَلْتُ.) تكوين 8: 20-21، وهكذا ندم يهوه، وقرر ألا يبيد البشرية، مضحيًا بعزته وكرامته ومبادئه الأولى، وغير مكترث بما يقترفوه من كفر ورفض له، حتى لا يُحرم من رائحة الشواء، الذى يسبب سعادة للرب، ويعطيه القوة، فهو وقود له!!
                                ومثال آخر على النسخ فى أوامر الرب:
                                فى الوقت الذى تقرأ فيه أوامر الرب العديدة عن الأضاحى تكفيرًا عن الذنوب، تقرأ أيضًا أوامر الرب بذبح كبشين له يوميًا: أحدهما فى الصباح، وهو إفطار الرب، والآخر فى المساء للعشاء: (16فَتَذْبَحُ الْكَبْشَ وَتَأْخُذُ دَمَهُ وَتَرُشُّهُ عَلَى الْمَذْبَحِ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ. 17وَتَقْطَعُ الْكَبْشَ إِلَى قِطَعِهِ وَتَغْسِلُ جَوْفَهُ وَأَكَارِعَهُ وَتَجْعَلُهَا عَلَى قِطَعِهِ وَعَلَى رَأْسِهِ 18وَتُوقِدُ كُلَّ الْكَبْشِ عَلَى الْمَذْبَحِ. هُوَ مُحْرَقَةٌ لِلرَّبِّ. رَائِحَةُ سُرُورٍ. وَقُودٌ هُوَ لِلرَّبِّ.) خروج 29: 16-18
                                وكان هذا هو الخروف الأول فى الإفطار، أما فى العشاء فيأمر الرب بتقديم خروف آخر له، وهذا مع الخبز والدقيق: (38«وَهَذَا مَا تُقَدِّمُهُ عَلَى الْمَذْبَحِ: خَرُوفَانِ حَوْلِيَّانِ كُلَّ يَوْمٍ دَائِماً. 39الْخَرُوفُ الْوَاحِدُ تُقَدِّمُهُ صَبَاحاً وَالْخَرُوفُ الثَّانِي تُقَدِّمُهُ فِي الْعَشِيَّةِ. 40وَعُشْرٌ مِنْ دَقِيقٍ مَلْتُوتٍ بِرُبْعِ الْهِينِ مِنْ زَيْتِ الرَّضِّ وَسَكِيبٌ رُبْعُ الْهِينِ مِنَ الْخَمْرِ لِلْخَرُوفِ الْوَاحِدِ. 41وَالْخَرُوفُ الثَّانِي تُقَدِّمُهُ فِي الْعَشِيَّةِ. مِثْلَ تَقْدِمَةِ الصَّبَاحِ وَسَكِيبِهِ تَصْنَعُ لَهُ. رَائِحَةُ سُرُورٍ وَقُودٌ لِلرَّبِّ.) خروج 29: 38-41
                                وهذا فى الوقت الذى يقول فيه الرب أنه لم يأمر بنى إسرائيل بذبيحة ولا محرقة! فهل نسخ يهوه كلامه؟ أم تنكَّر له؟ أم كذب كتبة الكتاب الذى تقدسه، على ذلك يجب عدم تسميته بالكتاب المقدس؟
                                (21هَكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: [ضُمُّوا مُحْرَقَاتِكُمْ إِلَى ذَبَائِحِكُمْ وَكُلُوا لَحْماً. 22لأَنِّي لَمْ أُكَلِّمْ آبَاءَكُمْ وَلاَ أَوْصَيْتُهُمْ يَوْمَ أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ جِهَةِ مُحْرَقَةٍ وَذَبِيحَةٍ. 23بَلْ إِنَّمَا أَوْصَيْتُهُمْ بِهَذَا الأَمْرِ: اسْمَعُوا صَوْتِي فَأَكُونَ لَكُمْ إِلَهاً وَأَنْتُمْ تَكُونُونَ لِي شَعْباً وَسِيرُوا فِي كُلِّ الطَّرِيقِ الَّذِي أُوصِيكُمْ بِهِ لِيُحْسَنَ إِلَيْكُمْ.) إرمياء 7: 21-23
                                (6لَمْ تُرِدْ أَوْ تَطْلُبْ ذَبَائِحَ وَمُحْرَقَاتٍ عَنِ الْخَطِيئَةِ، لَكِنَّكَ وَهَبْتَنِي أُذُنَيْنِ صَاغِيَتَيْنِ مُطِيعَتَيْنِ) مزمور 40: 6
                                ويقول إن الله لا يُسرُّ بالذبائح، بل بالتواضع له: (16فَإِنَّكَ لاَ تُسَرُّ بِذَبِيحَةٍ، وَإِلاَّ كُنْتُ أُقَدِّمُهَا. بِمُحْرَقَةٍ لاَ تَرْضَى. 17إِنَّ الذَّبَائِحَ الَّتِي يَطْلُبُهَا اللهُ هِيَ رُوحٌ مُنْكَسِرَةٌ. فَلاَ تَحْتَقِرَنَّ الْقَلْبَ الْمُنْكَسِرَ وَالْمُنْسَحِقَ يَا اللهُ) مزامير 51: 16-17
                                ويُسرُّ الله تعالى بتسبيح المسبحين، وليس بذبائح البشر: (30أُسَبِّحُ اسْمَ اللهِ بِتَسْبِيحٍ وَأُعَظِّمُهُ بِحَمْدٍ. 31فَيُسْتَطَابُ عِنْدَ الرَّبِّ أَكْثَرَ مِنْ ثَوْرِ بَقَرٍ ذِي قُرُونٍ وَأَظْلاَفٍ.) مزامير 69: 30
                                ومثال آخر على النسخ فى أوامر الرب:
                                إن الرب حرَّم سبّ الآخرين:
                                يبلغ النبى هوشع قول الرب قائلاً: (1اِسْمَعُوا قَوْلَ الرَّبِّ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ: .... 5فَتَتَعَثَّرُ فِي النَّهَارِ وَيَتَعَثَّرُ أَيْضاً النَّبِيُّ مَعَكَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَا أَخْرِبُ أُمَّكَ.)هوشع 4: 5
                                وها هو الرب يأمر بسب داود: (10فَقَالَ الْمَلِكُ: «مَا لِي وَلَكُمْ يَا بَنِي صَرُويَةَ؟ دَعُوهُ يَسُبَّ لأَنَّ الرَّبَّ قَالَ لَهُ: سُبَّ دَاوُدَ. وَمَنْ يَقُولُ: لِمَاذَا تَفْعَلُ هَكَذَا؟» 11وَقَالَ دَاوُدُ لأَبِيشَايَ وَلِجَمِيعِ عَبِيدِهِ: «هُوَذَا ابْنِي الَّذِي خَرَجَ مِنْ أَحْشَائِي يَطْلُبُ نَفْسِي، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ الآنَ بِنْيَامِينِيٌّ؟ دَعُوهُ يَسُبَّ لأَنَّ الرَّبَّ قَالَ لَهُ.) صموئيل الثانى 16: 10-11
                                وها هو اعتراف نبى من أنبياء بنى إسرائيل بأن الرب يشتم ويسب ويلعن: (8كَيْفَ أَلعَنُ مَنْ لمْ يَلعَنْهُ اللهُ وَكَيْفَ أَشْتِمُ مَنْ لمْ يَشْتِمْهُ الرَّبُّ؟) العدد 23: 8
                                وها هو النبى شاول يسب يوناثان بألفاظ نابية يُعاقب عليها القانون، ومجدها الرب وخالدها فى كتابه المقدس جدًا: (30فَحَمِيَ غَضَبُ شَاوُلَ عَلَى يُونَاثَانَ وَقَالَ لَهُ: "يَا ابْنَ الْمُتَعَوِّجَةِ الْمُتَمَرِّدَةِ، أَمَا عَلِمْتُ أَنَّكَ قَدِ اخْتَرْتَ ابْنَ يَسَّى لِخِزْيِكَ وَخِزْيِ عَوْرَةِ أُمِّكَ؟) صموئيل الأول 20: 30 ترجمة الفاندايك
                                وبهذه الترجمة قالت أيضًا الترجمة الكاثوليكية (فغَضِبَ شاوُلُ غَضَبًا شَديدًا على يوناتانَ وقالَ لَه: " يا ابنَ الفاسِدَةِ المُتَمَرِّدَة، أَلَم أَعلَمْ أَنَّكَ قد تَحَزَّبت لابنِ يَسَّى لِخِزيِكَ وخِزْيِ عَورَةِ أُمِّكَ؟)
                                وأستوقف القارىء لحظة لنرى مدى خزى الكنائس من هذا الكلام، وخوفهم أن يقرأه أتباعهم، وما فعلوه فى الترجمة لطمس هذا المعنى الصريح:
                                (فغَضِبَ شاوُلُ على يوناثانَ وقالَ لَه: (يا اَبنَ الفاجرةِ العاصيةِ أتَحسَبُني لا أعلَمُ أنَّكَ مُتَحزِّبٌ لاَبنِ يَسَّى لِخزيكَ وعارِ أمِّكَ؟) الترجمة العربية المشتركة
                                (فَاسْتَشَاطَ شَاوُلُ غَضَباً عَلَى يُونَاثَانَ وَقَالَ لَهُ: «يَا ابْنَ الْمُتَعَوِّجَةِ الْمُتَمَرِّدَةِ، أَتَظُنُّ أَنَّنِي لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ انْحِيَازَكَ لاِبْنِ يَسَّى يُفْضِي إِلَى خِزْيِكَ وَخِزْيِ أُمِّكَ الَّتِي أَنْجَبَتْكَ؟) ترجمة كتاب الحياة
                                لا تعليق!!!
                                ثم جاء يسوع/يهوه ونهى عن السبِّ: (21«قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَقْتُلْ وَمَنْ قَتَلَ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ. 22وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ.) متى 5: 21-22
                                أليس هذا نسخًا لما استباحه وأحله وأمر به الرب من قبل؟
                                وها هو يسوع نفسه ينسخ أمره السابق ويسب رؤساء اليهود: (13«لَكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ! 14وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تَأْكُلُونَ بُيُوتَ الأَرَامِلِ ولِعِلَّةٍ تُطِيلُونَ صَلَوَاتِكُمْ. لِذَلِكَ تَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ. 15وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تَطُوفُونَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ لِتَكْسَبُوا دَخِيلاً وَاحِداً وَمَتَى حَصَلَ تَصْنَعُونَهُ ابْناً لِجَهَنَّمَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ مُضَاعَفاً! 16وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ .... 17أَيُّهَا الْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ .... 24أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ .... 25وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُنَقُّونَ خَارِجَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ وَهُمَا مِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوآنِ اخْتِطَافاً وَدَعَارَةً! 26أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّ الأَعْمَى .... 27وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُوراً مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً وَهِيَ مِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ. 28هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً: مِنْ خَارِجٍ تَظْهَرُونَ لِلنَّاسِ أَبْرَاراً وَلَكِنَّكُمْ مِنْ دَاخِلٍ مَشْحُونُونَ رِيَاءً وَإِثْماً! ... 31فَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنَّكُمْ أَبْنَاءُ قَتَلَةِ الأَنْبِيَاءِ. 32فَامْلَأُوا أَنْتُمْ مِكْيَالَ آبَائِكُمْ. 33أَيُّهَا الْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ؟) متى 23: 13-33
                                ثم ها هو يسوع يحرم الشتائم والسب مرة أخرى: (نُشْتَمُ فَنُبَارِكُ. نُضْطَهَدُ فَنَحْتَمِلُ) كورنثوس الأولى 4: 12
                                (لاَ تَخْرُجْ كَلِمَةٌ رَدِيَّةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ، بَلْ كُلُّ مَا كَانَ صَالِحًا لِلْبُنْيَانِ، حَسَبَ الْحَاجَةِ، كَيْ يُعْطِيَ نِعْمَةً لِلسَّامِعِينَ) أفسس 4: 29
                                ومثال آخر على النسخ فى أوامر الرب:
                                أوحى الرب أن الزناة لا يدخلون ملكوت السموات: («لا يَدْخُل مَخْصِيٌّ بِالرَّضِّ أَوْ مَجْبُوبٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. 2لا يَدْخُلِ ابْنُ زِنىً فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. حَتَّى الجِيلِ العَاشِرِ لا يَدْخُل مِنْهُ أَحَدٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. 3لا يَدْخُل عَمُّونِيٌّ وَلا مُوآبِيٌّ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. حَتَّى الجِيلِ العَاشِرِ لا يَدْخُل مِنْهُمْ أَحَدٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ إِلى الأَبَدِ) تثنية 23: 1-3 ، والمقصود بالجيل العاشر هنا هو إلى الأبد
                                ونسخ هذا بقوله: (31فَأَيُّ الاِثْنَيْنِ عَمِلَ إِرَادَةَ الأَبِ؟» قَالُوا لَهُ: «الأَوَّلُ». قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ الْعَشَّارِينَ وَالزَّوَانِيَ يَسْبِقُونَكُمْ إِلَى مَلَكُوتِ اللَّهِ) متى 21: 31
                                بل ودخل يسوع نفسه الملكوت وهو قد جاء فى الجسد من نسل زناة، مطرودين من رحمة الرب، مستوجبين القتل والرجم:
                                بالله عليكم كيف يكون أسلاف الرب زناة، مطرودين من رحمة الله، مستوجبين القتل أو الرجم؟
                                ورأوبين بن يعقوب يزنى بسرية أبيه التى هى فى حكم أمه: (لأنك صعدت على مضجع أبيك حينئذ ودنسته) تكوين 49: 4 وحكمهما هو: (وإذا اضطجع رجل مع امرأة أبيه فقد كشف عورة أبيه، إنهما يقتلان كلاهما، دمهما عليهما)لاويين 20: 11
                                يقول الكتاب: (5وَسَلْمُونُ وَلَدَ بُوعَزَ مِنْ رَاحَابَ.) متى 1: 5
                                ويقول يشوع عن راحاب: (فَذَهَبَا وَدَخَلاَ بَيْتَ امْرَأَةٍ زَانِيَةٍ اسْمُهَا رَاحَابُ وَاضْطَجَعَا هُنَاكَ.) يشوع 2: 1
                                ويقول الرب عن (2لا يَدْخُلِ ابْنُ زِنىً فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. حَتَّى الجِيلِ العَاشِرِ لا يَدْخُل مِنْهُ أَحَدٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ.) تثنية 23: 2
                                فكيف دخل يسوع فى جماعة الرب وهو من نسل زنى؟
                                ويقول الكتاب: (وَبُوعَزُ وَلَدَ عُوبِيدَ مِنْ رَاعُوثَ.) متى 1: 5
                                وراعوث هى راعوث الموابية (راعوث 4: 5)
                                ويمنع الكتاب دخول الموابيين والعمونيين فى جماعة الرب نهائيًا: (3لا يَدْخُل عَمُّونِيٌّ وَلا مُوآبِيٌّ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. حَتَّى الجِيلِ العَاشِرِ لا يَدْخُل مِنْهُمْ أَحَدٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ إِلى الأَبَدِ) تثنية 23: 3
                                فكيف دخل يسوع فى جماعة الرب وهو من نسل العمونيين؟
                                (وداود الملك ولد سليمان من التى لأوريا) متى 1: 6 اقرأ قصة زنا داود بامرأة جاره (صموئيل الثانى 11)
                                ويقول الكتاب: (7وَسُلَيْمَانُ وَلَدَ رَحَبْعَامَ.) متى 1: 7
                                ويقول سفر ملوك الأول عن العمونيين: (وَأَمَّا رَحُبْعَامُ بْنُ سُلَيْمَانَ فَمَلَكَ فِي يَهُوذَا. .... وَاسْمُ أُمِّهِ نِعْمَةُ الْعَمُّونِيَّةُ.) ملوك الأول 14: 21
                                وعلى ذلك فنسل سليمان كلهم بما فيهم يسوع محرومون من الدخول فى جماعة الرب: (3لا يَدْخُل عَمُّونِيٌّ وَلا مُوآبِيٌّ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. حَتَّى الجِيلِ العَاشِرِ لا يَدْخُل مِنْهُمْ أَحَدٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ إِلى الأَبَدِ) تثنية 23: 3
                                سليمان كافر عابد للأوثان: (وكان فى زمان شيخوخة سليمان أن نساءَه أملن قلبه وراء آلهة أخرى ولم يكن قلبه كاملاً مع الرب) ملوك الأول 11: 4 وعقوبة المرتد الرجم حتى الموت (تثنية 13: 6-10)
                                وعلى ذلك فإن يسوع نفسه، سواء سميته ربًا أو ابنًا أو روحًا أو خروفًا، فهو مطرود من رحمة إله المحبة العادل ، الذى يُجازى دائمًا المظلوم ، ويترك البرىء. فكيف دخل يسوع فى جماعة الرب وهو من نسل العمونيين؟
                                هؤلاء هم أجداد الرب ، الذى فضل أن يُخلِّدهم ويجعلهم المثل الأعلى!!
                                هؤلاء هم أجداد الرب، الذى فضل أن تكون عائلته زناة وأولاد سفاح أو مطرودين من رحمة الرب!
                                ترى لماذا فضَّل الرب الرذيلة عن الفضيلة؟ هل لإفساد البشرية؟ أم أن كاتب هذه الكلمات والأفكار إنسان يحارب الله القدوس ويمهد لعبادة الشيطان وانتشار الزنى والرذيلة فى الأرض؟
                                وها هو الرب يقرر أن سليمان نفسه ونسله من بعده أنجاس: (20جَعَلتَ عَيبًا في مَجدِكَ ونَجَّستَ نَسلَكَ فجَلَبتَ الغَضَبَ على أَبنائِكَ والعَذابَ بِسَبَبِ غَباوَتكَ) يشوع بن سيراخ 47: 20 (الترجمة الكاثوليكية)
                                (22جعلت عيبا في مجدك ونجست نسلك فجلبت الغضب على بنيك لقد صدعت قلبي جهالتك) يشوع بن سيراخ 47: 22 (ترجمة الفاندايك)
                                فإذا كان سليمان قد نجس نسله، ويسوع من نسل سليمان، فقد تنجس يسوع إذن بما فعله أحد أحفاده. ونتساءل لماذا جاء يسوع إذن من نسل هذا الذى حكم عليه بالنجاسة فى نسله؟ وهل غير لوقا سليمان بناثان فى ذكر نسب يسوع لهذا السبب؟
                                وأكَّدَ ذلك بصورة أخرى، وذلك بأن حكم على كل أنبيائه بأنهم مجرمون ولم يستثنى منهم إلا ثلاثة فقط، داود الذى زنى بامرأة جاره وقتله مع جزء من جنوده، وحزقيَّا ويوشيَّا (5أَجرَموا كلُهم ما عَدا داودَ وحِزقِيَّا ويوشِيَّا. تركوا شَريعةَ العَلِيّ. وزال مُلوكُ يَهوذا) يشوع بن سيراخ 49: 5 (الترجمة الكاثوليكية)
                                (5كلهم اجرموا ما خلا داود وحزقيا ويوشيا، 6تركوا شريعة العلي ارتد ملوك يهوذا) يشوع بن سيراخ 49: 5-6 (ترجمة الفاندايك)

                                تعليق

                                مواضيع ذات صلة

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                ابتدأ بواسطة زين الراكعين, منذ أسبوع واحد
                                ردود 0
                                17 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة زين الراكعين  
                                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ أسبوع واحد
                                ردود 0
                                1 مشاهدة
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                                بواسطة *اسلامي عزي*
                                 
                                ابتدأ بواسطة زين الراكعين, منذ أسبوع واحد
                                ردود 0
                                23 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة زين الراكعين  
                                ابتدأ بواسطة زين الراكعين, منذ أسبوع واحد
                                ردود 0
                                6 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة زين الراكعين  
                                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ 3 أسابيع
                                ردود 0
                                11 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                                بواسطة *اسلامي عزي*
                                 
                                يعمل...
                                X