الرد على كتاب الإسلام بدون حجاب

تقليص

عن الكاتب

تقليص

abubakr_3 مسلم اكتشف المزيد حول abubakr_3
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #91
    الملف 67
    وفى الهامش السفلى قالوا: (فى بعض الأصول: الأب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد. لم يرد ذلك فى الأصول اليونانية المعوَّل عليها، والأرجح أنه شرح أدخل إلى المتن فى بعض النسخ.) ألا يثبت هذا التحريف عند العقلاء ولو بحسن نية؟
    أما ترجمة الكاثوليك لدار المشرق ببيروت عام 1986 (الكتاب المقدس بعهديه) فقد أثبتتها ضمن النص ولم يعلق عليها فى تعليقه بنهاية الكتاب إلا ما يثبت حقيقة وحى هذا النص، ويؤكد قانونيته.
    أما الترجمة الكاثوليكية للأباء اليسوعيين الطبعة السادسة لعام 2000 فقد حذفتها من متن النص ص 779 وآثر ألا يُعلق عليها فى هوامشه حتى لا يفقد المؤمنين به إيمانهم بقدسية هذا الكتاب الذى يتلاعبون به.
    وأقول له: إن معنى هذا أنه لا يوجد تطابق بين ما تسمونه أقدم النسخ لديكم، والتى تسمونها أصول الكتاب المقدس!!
    وأسأله: ما مصير من آمن بهذا النص أنه موحى به من عند الرب من الأجيال السابقة من القرن السادس عشر حتى عاد ضمير المترجم إلى صوابه فى القرن العشرين أو الواحد والعشرين؟
    إنَّ مشكلة هذا النص الوحيدة (كما يقول الأستاذ eeww2000) أنه غير موجود فى الأصول اليونانية، ولم يظهر إلى الوجود إلا فى عصور متأخرة وليس قبل القرن السادس عشر بعد 1500 سنة من ميلاد المسيح عليه السلام الآن نبدأ بملخص القصة قصة هذا النص:
    هذا النص وجد فقط فى ثمانية مخطوطات سبعة منها تعود للقرن السادس عشر وهذه هى أرقام المخطوطات 61 و88 و429 و629 و636 و318 و2318 و221.
    والمخطوطة الأخيرة رقم 221 هى من القرن العاشر أى بعد ألف سنة، وموجود بها هذا النص على الهامش بخط مختلف ولا يعرف على وجة الدقة تاريخ كتابته.
    ومعنى ذلك أنه لا يوجد أى دليل مؤكد على وجود هذا النص فى أى مخطوطة يونانية قبل عام 1500 حتى السبعة مخطوطات السابق ذكرها منهم أربعة كُتِبَ فيها النص على الهامش. وأول مرة ظهرت هذه الكلمات كانت فى مخطوطة لاتينية فى القرن الرابع على الهامش ثم ترجمت إلى اليونانية.
    والقصة واضحة: لفت نظر أحد النساخ لفظ ثلاثة الموجود فى العدد الثامن 8 "والذين يشهدون في الأرض هم ثلاثة الروح والماء والدم والثلاثة هم في الواحد." فلم يجد مانع من أن يضيف على لسان يوحنا ثلاثة أخرى لتساعده فى إثبات عقيدة التثليث التى لا تجد لها أى نص صريح فى الكتاب المقدس.
    ويقول بعض علمائهم إن النص أضيف باللغة اللاتينية أثناء احتدام النقاش مع أريوس الموحد وأتباعه، فكان لا بد من إضافة ما، تقوى مركزهم وتخدع السذج من أتباعهم، ثم وجدت هذه الإضافة طريقا بعد ذلك حتى ظهرت لأول مرة فى الطبعة الثالثة من إنجيل إيرازموس 1522 ميلادية بضغط على إيرازموس هذا الذى لم يضعها فى الطبعة الأولى عام 1516 ولم يضعها فى الطبعة الثانية عام 1519 من كتابه.
    وقد سُئِلَ عن سبب عدم وضعه هذا النص فأجاب الإجابة المنطقية الوحيدة: إنه لم يجدها فى أى نص يونانى قديم فتم وضع المخطوطة رقم 61 باليونانى وبها هذا النص. هنا فقط أضافها إيرازموس إلى الكتاب، وبعد ضغط قوى من الكنيسة الكاثوليكية. والسؤال كيف يجادل أحد والنص لم يظهر قبل القرن السادس عشر فى أى مخطوطة من آلاف المخطوطات الموجودة باللغة اليونانية؟؟؟
    وقالت دائرة المعارف الكتابية مادة (مخطوطات العهد الجديد) تحت حرف الخاء: ((2) اختلافات مقصودة: وقعت هذه الاختلافات المقصودة نتيجة لمحاولة النسَّاخ تصويب ما حسبوه خطأ، أو لزيادة إيضاح النص أو لتدعيم رأي لاهوتي. ولكن ـ في الحقيقة ـ ليس هناك أي دليل على أن كاتبًا ما قد تعمد إضعاف أو زعزعة عقيدة لاهوتية أو إدخال فكر هرطوقي.
    ولعل أبرز تغيير مقصود هو محاولة التوفيق بين الروايات المتناظرة في الأناجيل. وهناك مثالان لذلك: فالصورة المختصرة للصلاة الربانية في إنجيل لوقا (11: 2ـ4) قد أطالها بعض النسَّاخ لتتفق مع الصورة المطولة للصلاة الربانية في إنجيل متى (6: 9ـ13). كما حدث نفس الشيء في حديث الرب يسوع مع الرجل الغني في إنجيل متى ( 19: 16و17) فقد أطالها بعض النسَّاخ لتتفق مع ما يناظرها في إنجيل لوقا ومرقس .
    وفي قصة الابن الضال في إنجيل لوقا (15: 11-32) نجد أنه رجع إلى نفسه وقرر أن يقول لأبيه: "... اجعلني كأحد أجراك" (لو 15: 19) فأضاف بعض النسَّاخ هذه العبارة إلى حديث الابن لأبيه في العدد الحادي والعشرين .
    وقد حدثت أحيانًا بعض الإضافات لتدعيم فكر لاهوتي، كما حدث في إضافة عبارة "واللذين يشهدون في السماء هم ثلاثة" (1يو5: 7) حيث أن هذه العبارة لا توجد في أي مخطوطة يونانية ترجع إلى ما قبل القرن الخامس عشر، ولعل هذه العبارة جاءت أصلًا في تعليق هامشي في مخطوطة لاتينية، وليس كإضافة مقصودة إلى نص الكتاب المقدس، ثم أدخلها أحد النسَّاخ في صلب النص.)
    والغريب أنه لا يزال يصر على أن هذه الإضافات لم تكن من أجل إدخال فكر هرطوقى، وبعد أن صارح القراء، أراد أن يُخقق من وطأة ما ذكره، فادعى أن الكُتَّاب كانوا حريصين على أمانة النقل، وأن هذه الاختلافات تافهة جدًا: (ورغم وجود الاختلافات بين آلاف المخطوطات، إلا أنها اختلافات تافهة جدًا إذا قيست بضخامة ما تحويه المخطوطة من كلمات، فقد كان النسَّاخ يراعون نقل هذه النصوص بعناية فائقة حتى ولو بدا لهم النص عسير الفهم أو غامض المعنى).
    وهذه المخطوطات التى ترجع إلى القرن الخامس عشر هى فى الحقيقة المخطوطات التى أنتجتها الكنيسة فى الغرب، حتى يوافق إرازموس على إضافتها للنص فى طبعته الثالثة، لأنه حذفه من الطبعتين الأولى والثانية، لأنه لم يجده فى أقدم مخطوطة لديه.
    ويقول الدكتور بارت ايرمان الدكتور في الفلسفة واللاهوت في معهد برينستون اللاهوتي التعليمي وأحد العلماء المتخصصين في تاريخ القرون الأولي وتعلم على يد العلامة بروس ميتزجر وعميد قسم الدراسات الدينية بجامعة نورث كارولينا في تشابيل هيل وبالرغم من دراسته الواسعة فهو الآن ألحد ولا يعود يعترف بالمسيحية دين نهائيًا ولكن حتى بعد إلحاده فشهادته يعد لها أهمية واسعة في مجال المخطوطات والآباء فقد كتب الدكتور بارت ايرمان عن هذا النص الدخيل وذلك فى Misquoting Jesus The Story Behind Who Changed the Bible and Why. p 81 , 82:
    (لقد كان هناك على الرغم من ذلك فقرة أساسية من الكتاب المقدس لم تكن موجودة ضمن المخطوطات المصدر التي كانت لدى "إرازموس". وهي تسجيل الأعداد من رسالة يوحنا الأولى إصحاح 5 والأعداد 7-8 والتي يطلق عليها العلماء مسمى الـ فاصلة اليوحنّاويّة. "Johannine Comma" هذه الأعداد موجودة في مخطوطات الفولجاتا اللاتينية ولكنها مفقودة في الغالبية الساحقة من المخطوطات اليونانية. هذه الفقرة كانت هي المفضلة لدى اللاهوتيين المسيحيين لفترة طويلة، حيث إنها الفقرة الوحيدة في الكتاب المقدس بأكمله التي تشير بوضوح إلى عقيدة الثالوث، أي وجود ثلاثة أقانيم بطبيعة إلهية، إلا أن الثلاثة جميعًا يشكلون إلهًا واحدًا فحسب. هذه الفقرة تقرأ في الفولجاتا كالتالي: "لأن اللذين يشهدون في السماء هم ثلاثة: الآب، الكلمة، والروح، وهذه الثلاثة هي واحد؛ واللذين يشهدون في الأرض ثلاثة، الروح، الماء، والدم، وهؤلاء الثلاثة في الواحد."
    وهي فقرة غامضة، لكنها تدعم التعاليم التقليدية الخاصة بالكنيسة والمتعلقة بـ "الإله المثلث الأقانيم الذي هوواحد" على نحوٍ لا لبس فيه.
    في غياب هذه الفقرة، لابد أن نستنبط عقيدة الثالوث من عدد من الفقرات المجمَّعَة للدلالة على أن المسيح هو الله، كما هو الحال بالنسبة للروح وللآب وعلى أن هناك، على الرغم من ذلك، إلهًا واحدًا فحسب. هذه الفقرة، على النقيض من الفقرات الأخرى، تصرح بهذه العقيدة بشكل مباشر وموجز. لكنَّ "إرازموس" لم يجدها في مخطوطاته اليونانية والتي ببساطة تُقرأ بدلا من ذلك كالتالي: "هناك ثلاثة يشهدون: الروح، الماء، والدم، وهذه الثلاثة هم واحد."
    أين ذهب "الآب، والابن، والروح القدس"؟ لم يرد أيّ ذكرٍ لهم في مخطوطة "إرازموس" الرئيسية، أو في أيٍّ من المخطوطات الأخرى التي رجع إليها، وهكذا، بطبيعة الحال، لم يذكرهم في نسخته اليونانية الأولى.وهذا ما أثار غضب اللاهوتيين في عصره أكثر من أي شئ آخر .فقد اتهموه بالعبث بالنص في محاولة منه للتخلص من عقيدة التثليث والحط من فاعليتها، التي هي عقيدة الطبيعة الإلهية الكاملة للمسيح. أحد المحررين الرئيسيين للكتاب المقدس الكومبلوتي متعدد اللغات واسمه"ستونيكا" قام بنشر تجريحه في سمعة "إيرازموس" وأصر على أن يعيد العدد في الطبعات المستقبلية إلى مكانها الصحيح.
    وتمضي القصة، ويوافق "إرازموس"ـ ربما في لحظة ضعف ـ على أن يدرج هذا العدد في الطبعة المستقبلية للعهد الجديد باللغة اليونانية على شرطٍ واحدٍ:أن يقدم خصومه مخطوطة يونانية يحتمل أن يوجد بها هذا العدد(وجودها في مخطوطات لاتينية ليس كافيًا). وهكذا ظهرت إلى الوجود مخطوطة يونانية! في الواقع، ظهرت هذه المخطوطة إلى الوجود بهذه المناسبة. يبدو أن شخصًا ما قام بنسخ نصٍ يونانيٍ يحوي الرسائل وعندما وصل إلى هذه الفقرة موضع البحث، قام بترجمة النص اللاتيني إلى اللغة اليونانية، لتظهر الJohannine Comma في شكلها المألوف ... والمفيد لاهوتيًا. المخطوطة التي قدمت إلى "إرازموس"، بكلمات أخرى، يرجع تاريخها إلى القرن السادس عشر أي أنها كتبت حسب طلب الزبون. وعلى الرغم من تشككه، إلا أن "إرازموس" كان عند كلمته وضمَّن الـ Johannine Comma نصَّ نسختِه وكل طبعاته المتتالية. هذه الطبعات، كما أشرت من قبل، أصبحت الأساس بالنسبة لكل النسخ التي أعيدت طباعتها من العهد الجديد اليوناني مرة بعد أخرى عبر أناس مثل "ستيفانوس"، "بيزا"، و"إلزيفيرز". هذه النسخ قدمت شكلا من النص اعتمد عليه في النهاية مترجموا "نسخة الملك جيمس" من الكتاب المقدس. وكذلك الفقرات المألوفة لدى قراء الكتاب المقدس بترجمته الإنجليزيةـ بدءًا من نسخة الملك جيمس الصادرة 1611 فصاعدًا، حتى النسخ المعاصرة في القرن العشرين ـ التي ضمت الفقرة الخاصة بالمرأة الزانية، والإثني عشر عددًا الأخيرة من مرقس، والفاصلة اليوحناويةJohannine Comma، على الرغم من أن أيًّا من هذه الفقرات ليس لها وجود في المخطوطات اليونانية الأقدم والأعلى شأنًا للعهد الجديد. هذه الفقرات دخلت إلى تيار الوعي لدى المتحدثين بالإنجليزية فقط عبر مصادفة تاريخية وذلك اعتمادًا على مخطوطات تصادف أن كانت في متناول يد "إرازموس" وأخرى صنعت لمساعدته.
    هذه النسخ اليونانية المتنوعة التي صدرت في القرنين السادس عشر والسابع عشر كانت شديدة التشابه لكنَّ دور الطباعة تمكنت في النهاية من الزعم أنها النص المقبول عالميًا لدى كل العلماء وقراء العهد الجديد اليوناني ـ وهو ما حدث بالفعل، حينما لم يعد هناك منافسون!)
    وأنصح بقراءة موضوع متخصص فى هذه النقطة على الموقع التالى:
    http://www.eld3wah.net/html/m03az/scholers-1jn-5-7.htm
    فلماذا لم يبحث الكاتب وكنيسته عن الذى قام بإدخال هذا النص إلى داخل هذه المخطوطات؟ مع الأخذ فى الاعتبار أن هذا النص من أهم النصوص الدالة على عقيدة التثليث لدى المسيحيين. فهل كنت تعلم ذلك أيها الكاتب؟ فإن كنت لا تعلمه فهذا تقصير منك كبير وإهمال فى واجبك وأنت رجل دين. وإن كنت تعلمه فهذا إضلال متعمَّد يُآخذك عليه أتباعك من المسيحيين.
    29) رؤيا يوحنا 1: 11 (11قَائِلًا: «أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ. الأَوَّلُ وَالآخِرُ. وَ الَّذِي تَرَاهُ اكْتُبْ فِي كِتَابٍ وَأَرْسِلْ إِلَى السَّبْعِ الْكَنَائِسِ الَّتِي فِي أَسِيَّا: إِلَى أَفَسُسَ، وَإِلَى سِمِيرْنَا، وَإِلَى بَرْغَامُسَ، وَإِلَى ثَِيَاتِيرَا، وَإِلَى سَارْدِسَ، وَإِلَى فِيلاَدَلْفِيَا، وَإِلَى لاَوُدِكِيَّةَ».)
    وقد أثبتت قداستها ترجمة فاندايك.
    وحذفتها الترجمة الكاثوليكية (بولس باسيم) من كتاب الله لأن الله لم يوحى بها وكذلك فعلت الترجمة اليسوعية والترجمة الكاثوليكية (أغناطيوس زياده) والترجمة المشتركة، وترجمة كتاب الحياة.
    30) تيموثاوس الأولى 3: 16 (16وَبِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ)
    وقد كتبتها هكذا ترجمة فاندايك، وترجمة كتاب الحياة لتمرر عقيدة حلول الإله فى الجسد.
    وتخلصت من هذه المشكلة الترجمة اليسوعية، وقالت: ”قد أُظهِرَ فى الجَسَد“. وقالتها الترجمة الكاثوليكية (بولس باسيم) هكذا: ”قد أُظهِرَ بَشرًا“. والكلمة بهذا الشكل تُشير بالطبع إلى التقوى التى ظهرت فى الجسد وليس الله. وتؤكد هذا الترجمة الكاثوليكية (أغناطيوس زياده) وكذلك الترجمة العربية المشتركة فقد قالت: ”ولا خلاف أن سر التقوى عظيم: "الذى ظهر فى الجسد"“.
    ومن التراجم الأوربية من يؤكد أنها تعنى (الذى)، ومنهم من يقول إنها تعنى (الله). ومن هذه التراجم ترجمة لوثر، التى أبدلت كلمة إله أو الله، كما يحلو للتراجم العربية أن تترجمها، بكلمة (المسيح) أو بكلمة (يسوع) أو بكلمة (هو) أو بكلمة (هو الذى):
    16Und kündlich groك ist das gottselige Geheimnis: Gott ist offenbart im Fleisch, (1545)
    http://bible.gospelcom.net/bible?sho...language=germa...
    16 Und groك ist, wie jedermann bekennen muك, das Geheimnis des Glaubens: Er ist * offenbart im Fleisch (1912)
    http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?1T...nomd&bi=luther
    Und kündlich groك ist das gottselige Geheimnis: Gott ist offenbart im Fleisch, gerechtfertigt im Geist, (1914)
    http://unbound.biola.edu/results/ind...german%5Fluthe...
    16Und groك ist, wie jedermann bekennen muك, das Geheimnis des Glaubens: Er ist boffenbart im Fleisch (1984)
    http://www.bibel-online.net/buch/54....eus/3.html#3,1
    وقالتها ترجمة Worldwide بطريقة تبدو فيها أنها تستجهل القارىء إلى أبعد مدى، فقد قالتها (نحن رأينا الله كإنسان):
    16God's plan is very great as we all know. Here it is: we saw God as a man;
    http://bible.gospelcom.net/bible?sho...language=engli...
    وقالتها طبعة RSV (هو):
    16 Great indeed, we confess, is the mystery of our religion: He was manifested in the flesh,
    http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?1T...mo&nomd&bi=rsv
    وذكرت ترجمة NLV ما يُشير إلى عقيدتها بغض النظر عما يقوله النص، فقد قالت (من المهم أن تعلم أن سر حياة المتألِّه الذى هو المسيح أتى على الأرض كرجل):
    16It is important to know the secret of Godlike living, which is: Christ came to earth as a Man.
    http://bible.gospelcom.net/bible?sho...language=engli...
    وذكرتها ترجمة NLT صراحة دون مواربة، ولكنها ذكرت الترجمة الحقيقية فى هامشها السفلى، وصرحت أنها فى اليونانية (الذى) وبعض المخطوطات (الله)!! فقالت: (بدون تساؤل: هذا هو السر العظيم للإيمان: المسيح ظهر فى اللحم):
    16Without question, this is the great mystery of our faith: Christ[e] appeared in the flesh
    1 Timothy 3:16 Greek Who; some manuscripts read God.
    http://bible.gospelcom.net/bible?sho...language=engli...
    وبمثل هذا قالت أيضًا ترجمة الملك جيمس الحديثة والقديمة، مع إبدال كلمة (المسيح) بكلمة (الله):
    16 And without controversy great is the mystery of godliness: God[c] was manifested in the flesh,
    1 Timothy 3:16 NU-Text reads Who.
    http://bible.gospelcom.net/bible?sho...language=engli...
    ثم اقرأ التحريف المقدس: لقد قلبت طبعة NIRV كلمة (الذى) إلى (يسوع):
    16There is no doubt that godliness is a great mystery. Jesus appeared in a body.
    http://bible.gospelcom.net/bible?sho...language=engli...
    وقالتها ترجمة ESV (هو)، وعلقت فى هامشها أن النص اليونانى هو (الذى) لكن بعض المخطوطات تذكرها (الله)، والبعض (التى): أى لا يوجد (المسيح).
    16Great indeed, we confess, is the mystery of godliness: He[e] was manifested in the flesh,
    1 Timothy 3:16 Greek Who; some manuscripts God; others Which
    http://bible.gospelcom.net/bible?sho...language=engli...
    ولا توجد طبعة كتبتها (الذى) غير ثلاث ترجمات إنجليزية وأضافت قبل الذى كلمة (هو)، مثل Basic eng. و ASV
    16 And without argument, great is the secret of religion: He who was seen in the flesh,
    http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?1T...mo&nomd&bi=bbe
    فماذا يعنى هذا؟ هل هؤلاء قدسوا هذا الكتاب أو مخطوطاته أو حتى ترجماته؟ هل هؤلاء أناس أمناء يثق المسيحى على عقيدته معهم؟ هل تُرجم بذلك الكتاب الذى تقدسه ترجمة صحيحة؟
    ولم يتوقف هذا التحريف على العهد الجديد فقط، بل العهد القديم ملىء أيضًا بمثل هذا التحريف، وخاصة فيما يتعلق بالإشارة إلى الرسول . فحتى دون أن نتجادل حول ماهية هذه الكلمة أو تلك، تجدك تشك فى نوايا الكنيسة بشأن نص معين. لأن ترجمته غير مطابقة بالمرة، ولكنها قالتها هكذا ليُصبح عيسى ابن مريم النبى المصطفى لآخر الزمان. ونسوا أن هذا النبى مُرسل من عند الله، فجعلوا عيسى  يجمع فى طيَّاته الثلاثة: فأصبح عندهم هو الله الراسل، وهو الرسول المرسل، وهو الروح القدس.
    ولمن أراد الإستزادة فى اختلافات العهد القديم فعليه بالرجوع إلى كتابى (البهريز فى الكلام اللى يغيظ).
    وأحد هذه النصوص التى يتلاعبون فيها، وخاصة إذا كانت تُشير إلى الرسول صلى الله عليه وسلم هو نص إشعياء 9: 6 (6لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيبًا مُشِيرًا إِلَهًا قَدِيرًا أَبًا أَبَدِيًّا رَئِيسَ السَّلاَمِ.)
    فقد أثبتت ترجمة فاندايك أنها هكذا أوحى بها من عند الله، وهكذا ذكرتها طبعة كتاب الحياة، والترجمة اليسوعية، والترجمة الكاثوليكية (أغناطيوس زياده)، وكذلك الترجمة المشتركة. أى اتفقت كل التراجم العربية على أن المولود هو إلهًا قديرًا.
    على الرغم من أن لفظة إله أُطلقت مجازًا على الأنبياء (هوشع 12: 3-4) و(صموئيل الأول 9: 9) أو القاضى الشرعى (الخروج 21: 5-6)، أو القوى (التكوين 6: 1-2)، كما أُطلقت على الشيطان (كورنثوس الثانية 4: 4). ومن هنا نفهم أن كلمة إله هنا تعنى الذى له الحُكم والقضاء والسلطان على الناس. فإذا انصرف المعنى إلى القاضى الشرعى أو النبى كان هذا السلطان والحكم حكم الله، وإذا انصرف إلى غضب الله أو الكفر كان هذا سلطان الشيطان. والنص الذى نحن بصدده يُقصد به بالطبع النبى الذى سيكون خاتم النبوة على كتفه. لكننا لسنا بصدد التفسير والتحليل، ولكننا بصدد إثبات التحريف فى الترجمة.
    وتُرجمَ النص فى التراجم الأجنبية (إلهًا)، إلا أن علماء اللغة فى شرحهم لهذا النص مثل كلارك قال إنه رسول: “the Messenger of the Great Counsel.” وسار على نفس هذا الدرب غيره أيضًا، فهى عند علماء اللغة إشارة إلى المسِّيِّا.
    فيقول Barnes أنها تُشير إلى المسِّيِّا (نبى آخر الزمان)، الذى طال انتظار مولده ومجيئه.:
    The vision of the prophet is, that the long-expected Messiah is born.
    ويقول Barnes أيضًا إن كلمة إله هنا لا يُراد بها الله، ولكنها تُشير إلى واحد مُعيَّن من وسط آخرين، وتستمر شريعته للأبد، على الرغم من أن هذه الكلمة قد تُشير أيضًا إلى الإله الحقيقى، كما استعملها إشعياء 10: 21. وتُشير أيضًا إلى البطل أو الفاتح أو الملك أو الشخص العظيم الهيبة. وعلى ذلك فربما تُشير إلى بطل أو عظيم يستمد سلطته وقوته من الله. أما فيما يتعلق بترجمتها كإله، فهذا يتعلق بعادات الشرقيين، الذين ينسبون كل المنح والعطايا الإلهية إلى الملوك أو العظماء. ويرى أيضًا أن المسِّيِّا يُطلق عليه القوة الإلهية، أو البطل الإلهى. وهذا لكى يُذكِّر هذا الاسم الناس بسلطان الله وقوته.
    ونسى قوله إن هذه الترجمة تأثرت بعادات الشرقيين الوثنيين الذين ينسبون كل المنح والعطايا الإلهية للملوك!! ألا يدل هذا على تحريف الكتاب وعقيدته بما يتناسب مع الهيئة التى تُقدَّم لها هذه التراجم؟
    وبعد كل ما كان من صفات يسوع من ضعف وذل ومهانة وهوان يرى Barnes أن هذا الاسم ينطبق على يسوع العهد الجديد. فعجبًا له ولعلمه!!
    ويقول Darby إنها تُشير إلى تدخل الله بقوة لتأسيس المباركة الكاملة فى شخص المسِّيِّا. أى إنها تُشير إلى المسِّيِّا وليس إلى الله:
    Consequently we have the whole sequel of the people's history, of the directions given to the remnant, and of God's intervention in power for the establishment of full blessing in the Person of the Messiah.
    وقال Wesley و Gill :
    all which is owing to the child here said to be born, by whom we are to understand the Messiah.
    أما الكلمة المستخدمة هنا بمعنى إله، وهى تحت رقم H410 فى قاموس Strong's Hebrew and Greek Dictionary فهى تعنى أيضًا الشخص العظيم، الخيِّر، المثالى. ومن هنا كان تمسكنا بفهم هذا الجزء على أنه يُشير إلى صفات المسِّيِّا. لأنه لا يُعقل أن يولد الإله العظيم القدُّوس من فرج امرأة جاهلًا، يتبوَّل ويتبرز على نفسه وفى ملابسه، ويحتاج لأحد من خلقه ليُطهِّره، فإن لم يجد يظل نجسًا حتى يتوفر له ذلك. الأمر الذى يتنافى مع القداسة الكلية له.
    Shortened from H352; strength; as adjective mighty; especially the Almighty (but used also of any deity): - God (god), X goodly, X great, idol, might (-y one), power, strong.
    وأكتفى بهذا، فهو يفى بالغرض!
    وحقًا يقول المدخل إلى العهد الجديد لطبعة الآباء اليسوعيين ص12؟: “ليس فى هذه المخطوطات كتاب واحد بخط المؤلف نفسه، بل هى كلها نسخ أو نسخ النسخ للكتب التى خطتها يد المؤلف نفسه أو أملاها إملاءً. .. .. .. إن نسخ العهد الجديد التى وصلت إلينا ليست كلها واحدة بل يمكن المرء أن يرى فيها فوارق مختلفة الأهمية، ولكن عددها كثير جدًا على كل حال. هناك طائفة من الفوارق لا تتناول سوى بعض قواعد الصرف والنحو والألفاظ أو ترتيب الكلام، ولكن هناك فوارق أخرى بين المخطوطات تتناول معنى فقرات برمتها. .. .. .. فإن نص العهد الجديد قد نسخ ثم نسخ طوال قرون كثيرة بيد نسَّاخ صلاحهم للعمل متفاوت، وما من واحد منهم معصوم من مختلف الأخطاء التى تحول دون أن تتصف أية نسخة كانت، مهما بُذِلَ من الجهد بالموافقة التامة للمثال الذى أُخذت عنه. يُضاف إلى ذلك أن بعض النسَّاخ حاولوا أحيانًا، عن حُسن نية، أن يصوِّبوا ما جاء فى مثالهم وبدا لهم أنه يحتوى أخطاء واضحة أو قلّة دقة فى التعبير اللاهوتى. وهكذا أدخلوا إلى النص قراءات جديدة تكاد تكون كلها خطًا. ثم يمكن أن يُضاف إلى ذلك كله أن استعمال كثير من الفقرات من العهد الجديد فى أثناء إقامة شعائر العبادة أدّى أحيانًا كثيرة إلى إدخال زخارف غايتها تجميل الطقس أو إلى التوفيق بين نصوص مختلفة ساعدت عليه التلاوة بصوت عالٍ. ومن الواضح أن ما أدخله النسَّاخ من التبديل على مر القرون تراكم بعضه على بعضه الآخر، فكان النص الذى وصل آخر الأمر إلى عهد الطباعة مُثقلًا بمختلف ألوان التبديل ظهرت فى عدد كبير من القراءات. والمثال الأعلى الذى يهدف إليه علم نقد النصوص هو أن يُمحِّص هذه الوثائق لكى يقيم نصًَّا يكون أقرب ما يمكن من الأصل الأول، ولا يُرجى فى حال من الأحوال الوصول إلى الأصل نفسه”.
    فهل كتاب يقول عنه علماء فحص نصوصه هذا، ويحذفون منه تارة، ويُضيفون عليه تارة أخرى يستحق أن يطلق عليه كتاب الله؟ وإلام تدعو أيها الكاتب المسلمين؟ هل إلى النصوص التى حذفت أم إلى النصوص التى يُنتظر أن تُحذف هى الأخرى، أم إلى النصوص التى أُضيفت؟
    وما رأى الكاتب وكنيسته؟ هل صدق علماء نصوص الكتاب المقدس فى اعترافهم الآتى فى المدخل إلى العهد القديم لطبعة الآباء اليسوعيين ص53 بهذه الإضافات والتحريفات؟: “وقد يُدخل الناسخ فى النص الذى ينقله، لكن فى مكان خاطىء، تعليقًا هامشيًا يحتوى على قراءات مختلفة أو على شرح ما. والجدير بالذكر أن بعض النسَّاخ الأتقياء أقدموا، بإدخال تصحيحات لاهوتية، على تحسين بعض التعابير التى كانت تبدو لهم معرَّضة لتفسير عقائدى خطير. .. .. لم يتردّد بعض النُقَّاد فى "تصحيح" النص المسُّورى، كلما لم يعجبهم، لاعتبار أدبى أو لاعتبار لاهوتى”.
    وما رأى الكاتب فى اعتراف (يوسابيوس 9: 5 ص408) بالتحريف بموافقة الإمبراطور وفرضه على الشعب قسرًا؟: “وإذ زوروا سفرًا عن أعمال بيلاطس ومخلصنا، مليئًا بكل أنواع التجديف على المسيح، أرسلوه بموافقة الإمبراطور، إلى كل أرجاء الإمبراطورية الخاضعة له، مع أوامر كتابية تأمر بأنه يجب تعليقه علنًا أمام أنظار الجميع فى كل مكان، فى الريف والمدن، وأن المدرسين يجب أن يعلموه لتلاميذهم، بدلًا من دروسهم العادية، وأنه يجب دراسته وحفظه عن ظهر قلب”.
    وبالتالى فقد أثبتنا عدم اتفاق المخطوطات، فلم تتفق مخطوطتان، ولا يعرف من كاتبها، ولا يعرف الأصل الذى نسخت منه، كما أثبتنا عدم اتفاق الترجمات، وعدم اتفاق النسَّاخ، وسوء دين وخلق وأمانة القائمين على هذه النصوص، وأنهم لا يخافون الله فى أن يضيفوا أو يحذفوا عقيدة من العقائد التى يتبنوها، وأن التحريف تم لتدعيم هذه العقائد. وبالتالى فلا مجال للتفاخر بعدد هذه المخطوطات ولا الترجمات، ولا التاريخ الذى ترجع إليه هذه المخطوطات.
    كما أثبتنا صحة نقل القرآن الكريم، وأن جمعه تم فى حياة النبى  وتحت إشرافه، وما قام به الخلفاء فهو إعادة نسخ هذه الأصول.
    كما أثبتنا تعهُّد الله تعالى بحفظ القرآن، وهو الواقع، كما أثبتنا عدم تعهد الله بحفظ كتب اليهود والنصارى، وإنما أوكل الله حفظهما لليهود، الذين لم يكونوا أمناء، فخانوا وغدروا وحرفوا.
    * * * * *
    هل يخالف كتاب الله كلام البشر؟
    يواصل الكاتب نقده فيقول تحت عنوان (هل يناقض الله نفسه ؟)
    كثير من قصص الكتاب المقدس التى إقتبسها القرآن نجد أنها تتناقض مع نصوص الكتاب المقدس. وإليك بعض الأمثلة:
    وأقول له:
    إن القرآن والإنجيل المنزلين من الله تعالى والقرآن قد خرجوا من مشكاة واحدة، وعلى ذلك لابد أن تكون القصص واحدة، بكل تفاصيلها. ولكننا نرى أن تفاصيل القصص القرآنية تختلف عن تفاصيل القصص فى العهد القديم. ويمكنك أن تقول إن القرآن اقتبس من العهد القديم، إذا نقل منه كل تفاصيل القصة من حيث الزمان والمكان وتتابع الأحداث، وتفاصيلها.
    والواقع القرآنى يؤكد أنه اختلف مع العهد القديم فى عرض الوقائع، وأضاف جديدًا لم يعرفه راوى القصة فى العهد القديم، بل وصحح أخطاء عقائدية، وقع فيها كاتب القصة فى كتابك عزيزى الكاتب، كما صحح معطيات تاريخية وجغرافية. وبالتالى فقد تفرَّد بذكر تفاصيل لا يعرف عنها العهد القديم شيئًا. وتجنب ذكر أكاذيب تنال من الأنبياء، وتنشر الرذيلة بين قراء هذه القصص، وتهدم الأخلاق فى المجتمع.
    وفى الحقيقة لا يهمنا الأمثلة التى ستضربها، فبعد أن ضربت لك بعض الأمثلة على أن الكتاب الذى بين يديك ليس كتاب الله، ولكنه كتاب المؤسسة الكنسية، وأثبتنا لك تحريفه، وأثبتنا لك أن الأصل الذى يعوَّل عليه هو كتاب الله الذى حفظه بنفسه، فالأصل إذًا هو القرآن، وما خالفه فهو باطل، لا يجب أن يُنسب لله. وعلى ذلك عليك أن تغير عنوان هذه الفقرة إلى: هل يخالف كتاب الله كلام البشر؟ والإجابة نعم. لأن الله هو العليم، قدوس، وبنى آدم خطَّاء.
    إلا أنه مع ذلك سأؤكد لك إنه لا ينبغى أخذ كتاب العهد القديم ككتاب يهيمن على الحدث التاريخى أو الجغرافى مرة أخرى بأمثلة إضافية. فإن ثبت هذا فنحن فى غنى عن البحث فيما تقوله وفيما تدعيه من وجوب هيمنة القصة فى كتابك المقدس جدًا على القصة القرآنية:
    تهافت التاريخ التوراتى:
    يقول العلمانى الدكتور بشار خليف فى مقاله (التوراة .. انتحالات وتزييف) على شبكة النت والمأخوذ من كتابه (العبرانيون في المشرق العربي القديم): «فقد أجمعت الدراسات الأنثروبولوجية والأثنولوجية على استحالة رد شعب من الشعوب إلى جد واحد.. ونحن نعتقد أن أخذ كتّاب التوراة بمفهوم العنصر كان طبيعيًا كون أنهم بقوا على خصائصهم الرعوية القبلية بما يحتم البحث عن جدّ تؤدى له فروض القداسة.
    وعليه فلا عجب مثلًا أن نجد في التوراة – سفر التكوين، أن العيلاميين واللوديين اُعتبروا ساميين وما هم بذلك. وأن الكنعانيين عُدّوا من الكاشيين، وأن الحثيين من ذرية كنعان أما العموريون فهم حاميون !.»
    «والغريب أن كتّاب التوراة لم يعوا حقيقة التسلسل الزمني والتاريخي. فإن كان ابراهيم التوراتي الذين يتحدرون منه هو "آراميًا تائهًا" كما ورد في سفر التكوين فإن الحقيقة العلمية تقول أن في هذا الزمن لم يكن ثمة تواجد للآراميين في المشرق العربي بما يعطي دليلًا أكيدًا على أن كتابة التوراة حصلت في الألف الأول قبل الميلاد.»
    «أيضًا ذكر سفر التكوين أن ابراهيم التوراتي كان في مدينة أور الرافدية لكن الحقائق الأثرية والتاريخية تؤكد أن أور دمرت على يد العيلاميين سنة /2008 / ق. م. ولم تقم لها قائمة بعد ذلك.»
    «كما تم وصف مدينة أور بأنها كلدانية والمعلوم أن الكلدانيين يعودون إلى منتصف الألف الأول قبل الميلاد أي زمن تدوين التوراة.»
    «كذلك فإن المشرق العربي مع مطالع الألف الثاني قبل الميلاد / الزمن المفترض لابراهيم التوراتي / كان يعجّ بالمدن والفاعلية الحضارية ولعل وثائق هذه الفترة تتعدى نصف مليون وثيقة مسمارية من كافة مواقع المشرق بحيث أنها لم تشر إلى وجود ابراهيم التوراتي ومغامراته وقصة عبوره إلى فلسطين.
    وعلى هذا بتنا نفهم مقولة الباحث" إيسفيليت": "أن التوراة لم تكن تاريخًا تحول إلى خيال بل خيالًا تحول إلى تاريخ" (محمد وحيد خياطة – محاضرة – اللاسامية – العداء الأبدي لليهود)
    أما ماير فيقول: "إن كامل سفر التكوين برواياته عن الآباء والأسلاف / ابراهيم – اسحاق – يعقوب / لبني إسرائيل لا علاقة له بالتاريخ ويجب تصنيفه في زمرة الخيال الأدبي" (المرجع السابق)
    وينضم ماك كارتر إلى نقطة متقدمة في الإيضاح في نقده لقصة اختلاق ابراهيم التوراتي والآباء التوراتيين حيث يقول: "علينا أن نكون حذرين في دراستنا لروايات الآباء التوراتيين، فهذه الروايات إيديولوجيا وليست تاريخًا. لقد صيغت في الألف الأول قبل الميلاد / أثناء السبي / من أجل التأسيس اللاهوتي والسياسي للشعب الإسرائيلي. لهذا لا يمكن التعامل معها كتاريخ بأي معنى من المعاني الحديثة لهذه الكلمة" (المرجع السابق)
    ويذكر الهولندي "هوفت جزر" في كتابه "الوعود الإلهية للآباء الثلاثة":
    "إن كل الوعود التي جاءت على لسان ابراهيم واسحاق ويعقوب بالأرض، تعود إلى وقت واحد في عصر متأخر جدًا من زمن الآباء / المفترض/. وكانت هذه الوعود تظهر من قبل أحبار اليهود أثناء الأزمات والأخطار التي كانت تهدد وجودهم. ومعظم هذه الروايات كتبت أثناء السبي البابلي" (المرجع السابق).»
    ويواصل الدكتور بشار خليف قائلًا: «ومن المغالطات الكبرى في سفر التكوين هو ذكر كُتَّاب التوراة أن الجَمَل كان موجودًا لدى ابراهيم واسحاق ويعقوب في الزمن المفترض لهم /1900ق.م، ولكن من المعروف أن ظهور الجمل واستخدامه لم يحصل إلا في القرن الثاني عشر قبل الميلاد أي بعد حوالي 700 سنة.»
    وأضيف على كلام الدكتور بشار خليف قائلا: إن لهذا ليثبت بالدليل القاطع أن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب كانوا يسكنون مكة والجزيرة العربية مكان انتشار الجمل وركوبه، حيث يوجد أيضًا بئر زمزم، الذى يسميه الكتاب (بئر الله الحى).
    «ويشير "كاسيدوفسكي" إلى أن الأمانة التاريخية كانت غريبة على كتّاب التوراة، حيث استخدموا الأساطير التي تتوارثها الأجيال / المشرقية / شفهيًا كي يثبتوا أن يهوه هو الذي يتحكم بمصير شعبه المختار منذ أيام ابراهيم. ولكن لحسن الحظ / والقول لكاسيدوفسكي / عند العلماء والباحثين أن الكهنة لم يستطيعوا أن يكونوا منطقيين في عملهم التحويري والتحريضي هذا، فقد تركوا في النصوص التوراتية الكثير من التفصيلات التي أعطتها صلة وثيقة مع ثقافة الرافدين.
    ويصل للقول: لقد كانت ثقافات السومريين والأكاديين والآشوريين والبابليين هي الأصول القديمة لتلك التفصيلات (زينون كاسيدوفسكي – مرجع سابق).»
    ويقول الدكتور ظافر مقدادى فى مقاله (القدس بين التوراة وعلم الآثار الحديث): «قالت الباحثة ”مارغريت ستينر“: إن بلدة أورشليم أُسِّسَت في بداية القرن التاسع قبل الميلاد، ولا علاقة لداود وسليمان بها). وقالت أيضًا: (لم يكن هناك اي مدينة لكي يحتلها داود...و ان تاريخ أورشليم يجب اعادة كتابته).» ومعنى ذلك تكذيب ما يسمونها التوراة فيما روته عن روايات الكهنة والقصاصين.
    وأضاف قائلاً: «أما عالم الآثار الإسرائيلي (زئيف هرتسوغ) فقال: (انه بعد الجهود الجبارة في مضمار التنقيب عن إسرائيل القديمة توصل علماء الآثار إلى نتيجة مخيفة: لم يكن هناك أي شئ على الإطلاق، حكايات الآباء مجرد أساطير، لم نهبط من مصر، لم نحتل فلسطين، ولا ذكر لامبراطورية داود وسليمان)»
    ويقول توماس طومسون أستاذ علم الآثار فى جامعة ماركويت فى ميلووكى بالولايات المتحدة الأمريكية في كتابه "الماضي الخرافي – التوراة والتاريخ": "لقد بات واضحاً الآن أن الثقة السابقة في وجهة النظر القائلة بأن كتاب التوراة هو وثيقة تاريخية هي في طور الانهيار. فقد تم التعبير عن الشك الواسع الانتشار ليس فقط حول تاريخية آباء سفر التكوين بل تاريخية القصص حول موسى ويشوع والقضاة أيضاً".» (توماس طومسون – الماضي الخرافي)
    «ويشير الباحث "سارنا" sarna في معرض نفيه لأسطورة الخروج من مصر:
    "إن خلاصة البحث الأكاديمي حول مسألة تاريخية قصة الخروج، تشير إلى أن الرواية التوراتية تقف وحيدة دون سند من شاهد خارجي، كما أنها مليئة بالتعقيدات الداخلية التي يصعب حلها. كل هذا لا يساعدنا على وضع أحداث هذه القصة ضمن إطار تاريخي. يضاف إلى ذلك أن النص التوراتي يحتم محددات داخلية ذاتية ناشئة عن مقاصد وأهداف المؤلفين التوراتيين، فهؤلاء لم يكونوا يكتبون تاريخاً وإنما يعملون على إيراد تفسيرات لاهوتية لأحداث تاريخية منتقاة. وقد تمت صياغة هذه الروايات بما يتلاءم مع هذه المقاصد والأهداف. ومن هنا فإننا يجب أن نقرأها ونستخدمها تبعاً لذلك.»
    ويصل فى نهاية الأبحاث والحفريات الأثارية إلى هذه النتيجة: «وفي النتيجة يمكن النظر إلى أن ما كتبه الأحبار في سفر الخروج لا يعدو كونه حكايا وخبرات اختزنوها أثناء تجوال العبرانيين بين شمال الجزيرة العربية وسيناء وأطراف كنعان بحيث أسدلوا عليها رداءاً إلهياً وأسقطوها على شخصية مفترضة هي موسى الذي جعلوه نبياً كتب الأسفار الخمسة الأولى من التوراة.»
    «والغريب أن يرد في سفر التثنية/ الإصحاح الرابع والثلاثين – السطر العاشر / أنه "لم يقم بعد نبي في إسرائيل مثل موسى". ولكن الحقائق العلمية تؤكد أن كلمة "نبي" لم تدخل قاموس اللغة اليهودية القديمة إلا في زمن متأخر جداً عن عهد موسى المفترض في التوراة!.»
    وخلص الدكتور بشار خليف إلى قوله: و«الجدير ذكره هنا هو أن التقليد الديني في أوروبا أكد طوال قرون طويلة أن موسى هو مؤلف الكتب الخمسة الأولى من التوراة، ولكن عندما تجرأ الفيلسوف اليهودي سبينوزا (1632-1677)م وأعلن عن شكّه في صحة ذلك التقليد تم طرده من الكنيسة / أمستردام / وأعلنته هرطقياً. وقد سبق سبينوزا إلى هذا الكثير من الفلاسفة والعلماء أمثال: فيلون ويوسف فلافي وابن عزرا وأوريل وداكوست وغيرهم.»
    «وينفي بدوره وليم ديفر روايات الآباء والخروج ويشوع حيث يقول:
    "إننا لا نستطيع اليوم أن نبحث عن التاريخ في روايات الآباء والخروج ويشوع. وبصورة خاصة فإن إثبات الفتح العسكري لأرض كنعان/ كما ورد في سفر يشوع / قد غدا مجهولاً لا طائل منه بعد أن جاءت كل الشواهد الأثرية مناقضة له".( BIBLICAL ARCHAEOLOGY REVIEW 1997-(7-8)»
    يواصل الدكتور بشار خليف قائلاً: «الجدير ذكره هنا هو أن سفر يشوع يتحدث عن اقتحام عسكري لبلاد كنعان من قبل العبرانيين، في حين أن سفر القضاة يتحدث عن دخول سلمي لهم إلى كنعان.»
    ويقول الدكتور ظافر مقدادى فى مقاله (القدس بين التوراة وعلم الآثار الحديث): «وبعد سنين من المسح والدراسة توصلوا لنتيجة مفادها ان المسح لا يشير الى احتمالية قيام مدن (او حتى بلدات) في منطقة اورشليم قبل عصر الحديد الثاني (اي قبل 1000 ق.م)، الأمر الذي دفع فنكلشتاين، وهو مدير كلية الآثار في تل ابيب، في نهاية المطاف للقول: (أبحاثنا صفعت بشدة مشايخ الصهيونية الذين انشأوا إسرائيل والذين يريدوننا كما (ايغال يادين) ان نحمل لهم ما يؤكد النص لا العكس).»
    وتوصلت ستينر إلى أن «بلدة أورشليم أُسِّسَت في بداية القرن التاسع قبل الميلاد، ولا علاقة لداود وسليمان بها). وقالت ايضا: (لم يكن هناك اي مدينة لكي يحتلها داود...و ان تاريخ أورشليم يجب اعادة كتابته).
    أما عالم الاثار الإسرائيلي (زئيف هرتسوغ) فقال: (انه بعد الجهود الجبارة في مضمار التنقيب عن اسرائيل القديمة توصل علماء الاثار الى نتيجة مخيفة: لم يكن هناك اي شئ على الاطلاق، حكايات الاباء مجرد اساطير، لم نهبط من مصر، لم نحتل فلسطين، ولا ذكر لامبراطورية داود وسليمان)». مع الأخذ فى الاعتبار أن هناك دراسة تعتمد أن مصر التى كان بها بنو إسرائيل هى قرية أو بلدة فى اليمن، وقت أن كانت واقعة تحت السيادة المصرية وحكم فرعون. (الراية القطرية 14/1/2006)
    ويقول باحث التاريخ الدكتور ياسين سويد فى مقاله (تزوير التوراة): «ويرى سبينوزا أن المعلومات التاريخية عن الكتاب المقدس، "ناقصة، بل وكاذبة"، وان الأسس التي تقوم عليها معرفة هذا الكتاب "غير كافية، ليس فقط من حيث الكم" بحيث لم نستطيع ان نقيمها بشكل صحيح، "بل إنها، أيضًا، معيبة من حيث الكيف"، ولكن الناس المتشبثين بآرائهم الدينية يرفضون "أن يصحح أحد آراءهم" هذه، بل إنهم "يدافعون بعناد" عن هذه الآراء، مهما كانت مغلوطة ومشوشة، كما يدافعون عن "الاحكام المسبقة… التي يتمسكون بها باسم الدين". وهكذا لم يعد العقل مقبولا "إلا عند عدد قليل نسبيًا"»
    «واستنادا إلى هذه النظريات، يثير سبينوزا تساؤلات مهمة حول اسفار العهد القديم عموما، واسفار التوراة خصوصا، ثم يقرر ما يلي، معتمدا في تقريره على (ابن عزرا): "ان موسى ليس هو مؤلف الاسفار الخمسة (التوراة) بل ان مؤلفها شخص اخر عاش بعد بزمن طويل، وأن موسى كتب سفرا مختلفا»
    ونقلا بتصرف بسيط عن الدكتور ياسين فى مقاله سابق الذكر: واستند اسبينوزا فى بحثه هذا إلى البراهين التالية:
    1- ”لم يكتب موسى  مقدمة التثنية لأنه لم يعبر الاردن.“
    2- ”كان سفر موسى  في حجمه، أقل بكثير من الأسفار الخمسة“ (فقد كتب السفر كله على حافة مذبح واحد، كما سبق لى أن بيَّنت ، ووفقا لما جاء في التثنية 27: 3 ويشوع 8: 32)
    3- يحكى سفر التثنية بصيغة الغائب عن موسى  ففيه على سبيل المثال: قال موسى لله، وذهب موسى، وكلم الرب موسى، ودعا الرب موسى، وغضب موسى على ضباط الجيش وكتب موسى  هذه التوراة .. إلخ: (9وَكَتَبَ مُوسَى هَذِهِ التَّوْرَاةَ وَسَلمَهَا لِلكَهَنَةِ بَنِي لاوِي حَامِلِي تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ وَلِجَمِيعِ شُيُوخِ إِسْرَائِيل.) تثنية 31: 9، بالاضافة إلى ان سفر التثنية قد روى قصة وفاة موسى ودفنه، وهي قصة لا بد من أن تكون خارجة عن نطاق أعمال موسى .
    4- عندما يتحدث الراوى، في سفر التكوين (الاصحاح 12) عن رحلة ابراهيم  فى أرض كنعان، يقول: «والكنعانيون حينئذ في الارض» مما يدل على أنهم، أي الكنعانيين، لم يكونوا في هذه الارض عندما كتب هذا الكلام، مما يعني ان هذا الكلام قد كتب بعد موسى، وبعد أن طرد الكنعانيون ولم يعودوا يشغلون هذه المناطق"، وبالتالي، فإن الراوي ”لم يكن موسى، لان الكنعانيين في زمان موسى، كانوا لا يزالون يملكون هذه الارض.“
    5- ورد في سفر التكوين (22: 14) أن "جبل موريا سمي جبل الله" إلا أن ذلك الجبل لم يحمل هذا الاسم "إلا بعد الشروع فى بناء المعبد"
    ويستطرد سبينوزا: ”والواقع أن موسى لا يشير إلى أي مكان اختاره الله، بل إنه تنبأ بأن الله سيختار، بعد ذلك، مكانا سيطلق عليه اسم الله.“
    6- ورد في سفر التثنية (3: 11) عبارة خاصة بعوج ملك باشان: "وعوج هذا هو، وحده، بقي من الرفائيين، وسريره سرير من حديد، أو ليس هو في ربة بني عمون؟ طوله تسع اذرع وعرضه اربع اذرع بذراع الرجل؟ ”وتدل هذه الاضافة“ بوضوح تام، على أن من كتب هذه الأسفار عاش بعد موسى بمدة طويلة وفضلا عن ذلك، فلا شك في أنه لم يعثر على هذا السرير الحديدى إلا في عصر داوود الذي استولى على الرباط (ربة عمون) كما يروي صموئيل الثاني (12: 30).
    7- وردت في أسفار التوراة أسماء أُطلقت على أمكنة لم تعرف بها في عهد موسى، بل عرفت بعده بزمن طويل، مثل ما ورد في سفر التكوين أن إبراهيم تبع أعداءه حتى «دان»: (14فَلَمَّا سَمِعَ أَبْرَامُ أَنَّ أَخَاهُ سُبِيَ جَرَّ غِلْمَانَهُ الْمُتَمَرِّنِينَ وِلْدَانَ بَيْتِهِ ثَلاَثَ مِئَةٍ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَتَبِعَهُمْ إِلَى دَانَ.) تكوين 14: 14. ولم تحمل "دان" هذا الاسم إلا بعد موت يشوع بمدة طويلة، كما ورد في سفر القضاة: (وصعدوا وحلّوا في قرية يعاريم في يهوذا. لذلك دعوا ذلك المكان محلّة دان الى هذا اليوم. هوذا هي وراء قرية يعاريم.) القضاة 18: 12، (ودعوا اسم المدينة دان باسم دان ابيهم الذي ولد لاسرائيل. ولكن اسم المدينة اولا لايش.) القضاة 18: 29
    8- كثيرا ما يتجاوز الراوي، في رواياته في أسفار التوراة، حياة موسى ، كأن يروي، في سفر الخروج أن بني إسرائيل أكلوا (... الْمَنَّ أَرْبَعِينَ سَنَةً حَتَّى جَاءُوا إِلَى أَرْضٍ عَامِرَةٍ. أَكَلُوا الْمَنَّ حَتَّى جَاءُوا إِلَى طَرَفِ أَرْضِ كَنْعَانَ)الخروج 16: 35 حيث (12وَانْقَطَعَ الْمَنُّ فِي الْغَدِ عِنْدَ أَكْلِهِمْ مِنْ غَلَّةِ الأَرْضِ، وَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ مَنٌّ. فَأَكَلُوا مِنْ مَحْصُولِ أَرْضِ كَنْعَانَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ.) يشوع 5: 12، ومعلوم أن موسى قد مات قبل دخول العبرانيين إلى أرض كنعان وأكلهم من غلتها.
    أو أن يروى في سفر (التكوين 36: 31) عن ملوك بنى إسرائيل الذين حكموا أرض أدوم (31وَهَؤُلاَءِ هُمُ الْمُلُوكُ الَّذِينَ مَلَكُوا فِي أَرْضِ أَدُومَ قَبْلَمَا مَلَكَ مَلِكٌ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ.) ومعلوم أنه لم يخضع الأدوميين لحكم العبرانيين إلا زمن داود، أى بعد موسى بحوالى 540 سنة، حيث جعل داود (فِي أَدُومَ مُحَافِظِينَ. وَضَعَ مُحَافِظِينَ فِي أَدُومَ كُلِّهَا. وَكَانَ جَمِيعُ الأَدُومِيِّينَ عَبِيداً لِدَاوُدَ. ...) صموئيل الثانى 8: 14، مما يؤكد أن كاتب سفر التكوين قد عاش بعد داود.
    وعن مملكة داود وسليمان «يقول الباحث الفرنسي "بيير روسي": "إن التاريخ المصنوع للعبرانين خارج النصوص التوراتية هو الصمت الكلي المطبق. فلا الكتابات المنقوشة على الآثار ولا القوانين ولا الدساتير تكشف أثراً قليلاً للعبرانيين. فعلى آلاف النصوص المسمارية أو المصرية أو مكتبة أوغاريت أو نينوى، وحتى في النقوش الآرامية. في ذلك كله لا تذكر كلمة عبري وأشهر ملوك التوراة هما داود وسليمان لم يصبحا قط موضوع وقائع تاريخية. ليس هناك أبداً ذكر للملحمة والوقائع الحربية المعزّوة لعبور العبرانيين. فالعدم كامل، مثلما هو قطعي وجازم ".(14)»
    «بعد هذا، حريّ بنا مثلاً أن نلاحظ أن شيخ القبيلة العبرانية / وليس الملك / شاؤول والذي ألصق به التوراة في حوالي / 1020 /ق.م صفة شيخ بدوي في خيمة قرب بلدة جبعة شمال القدس.. سوف يكون في حوالي/932/ ق.م بانياً للمدن المسوّرة والهياكل الضخمة حسب التوراة، علماً أن هذه الفترة كانت تشهد تشرذم هذه القبائل وتفتتها.
    وبدوره الباحث لينش يشكك في وجود المملكة العبرانية لداود وسليمان حيث يقول: "إنني شخصياً أجد هذه الأفكار غير قابلة للتصديق إلى حد بعيد، حيث لا توجد أي آثار تدل على وجود سليمان وداود أو حدوث أي من الأحداث المرتبطة به " (15).»
    ويقول "زئيف هرتسوغ" المؤرخ "الإسرائيلي" المناهض للمزاعم التوراتية: «ان جميع الروايات التوراتية وحروب بني "اسرائيل" بقيادة "يشوع بن نون" لا تستند الى أي واقع حقيقي.»
    ويقول عن المدن الكنعانية: «تبالغ التوراة كثيرا في تصوير قوة تحصينات المدن الكنعانية التي يقال بان بني "اسرائيل" قد غزوها: ”مدن كبيرة ومحصنة ومرتفعة حتى السماء"(السفر 9ـ1)“ في حين اظهرت جميع المكتشفات الاثرية ان مدن تلك المرحلة لم تكن تحتمي باية تحصينات عدا قصر الحاكم والامير. الى ذلك فان الثقافة المعمارية التي كانت سائدة في فلسطين عند نهاية العصر البرونزي لم تكن تضع احتمالات الغزو العسكري في حساباتها.. كما يؤكد "هرتسوغ" بان الوصف التوراتي لا يتطابق اطلاقا مع الواقع الجيوسياسي للمنطقة. ذلك ان فلسطين كانت في الواقع تحت السيطرة المصرية وقد ظلت كذلك حتى منتصف القرن الثاني عشر بعد الميلاد. اضافة الى ان المراكز الادارية المصرية كانت واقعة في غزة ويافا وبيت شيئان، ومن المستغرب ان التوراة لم تذكر اطلاقا ذلك الوجود المصري في نصوصها المزعومة.»
    الأمر الذى دعا (هرتسوغ) إلى القول: «يبدو وكأن كاتب التوراة، وزملاءه الذين قاموا بمراجعة ما كتب، لم يكونوا على معرفة بتلك الحقائق التاريخية التي لا تحتاج الى دلائل.»
    «ويناقش توماس طومسون في كتابه "التوراة والتاريخ – الماضي الخرافي" مرويات المملكة العبرانية لداود وسليمان، بحيث يقول: "أن تلك الصور/ التوراتية / لا مكان لها في أوصاف الماضي التاريخي الحقيقي، إننا نعرفها فقط كقصة وما نعرفه حول هذه القصص لا يشجعنا على معاملتها كما لو أنها تاريخية. ولا يتوافر دليل على وجود ملكية متحدة، ولا دليل على وجود عاصمة في أورشليم أو على وجود أي قوة سياسية موحدة ومتماسكة هيمنت على فلسطين الغربية، ناهيك عن إمبراطورية بالحجم الذي تصنعه الحكايات الأسطورية. ولا يوجد أي دليل على وجود ملوك يدعون شاؤول وداود وسليمان" (17).»
    «وهذا ما دفع بالباحثة والمنقبة "مارغريت شتاينر" بعد أن أجرت دراساتها على اللقى الأثرية في موقع أورشليم للقول: "لم يكن / للملك / داود مدينة ليعمرها في مطلع القرن العاشر ويجعلها عاصمة للمملكة الموحدة، لأن مثل هذه المدينة لم تكن موجودة في ذلك الزمن. كما أن الوصف الذي نجده في أسفار التوراة لمدينة أورشليم لا ينطبق إلا على مدينة القرن السابع" (18).»
    ويقول زئيف هرتسوغ: «فمن الواضح ان (قدس داوود وسليمان) كانت مدينة صغيرة مع قلعة صغيرة مخصصة لقصر الملك ـ هذا اذا كانت قد قامت بالفعل ـ إنما يمكن الجزم بصورة قاطعة بأن القدس لم تكن إطلاقا عاصمة مملكة كبيرة كما تذكر المزاعم التوراتية.»

    تعليق


    • #92
      الملف 68
      ويضيف هرتسوغ قائلاً: «يبدو أن الذين قاموا بكتابة نصوص التوراة كانوا يعرفون قدس القرن الثامن قبل الميلاد بجدرانها وبثقافتها الغنية التي تم العثور على بقايا آثارية دالة عليها في أنحاء مختلفة من القدس بواسطة التنقيبات الآثارية في المدينة.. وهذا ما جعل هؤلاء الكتاب المزورين يخترعون قصة المملكة "الإسرائيلية" المتحدة. إضافة إلى أن مدينة القدس لم تكتسب دورها المهم سوى بعد تدمير السامرة، منافستها الشمالية، في العام 722 قبل الميلاد».
      ويضيف أيضًا قائلاً: «إن معظم الإسرائيليين والعلماء الباحثين التوراتيين الذين قاموا بأبحاث وحفريات لتعزيز واقعية قصص العهد القديم يوافقون على حقيقة أن مراحل تشكل الشعب اليهودي كانت مختلفة تماما عن ما ورد في التوراة. لكن المجتمع الإسرائيلي ليس مستعدا بعد لمناقشة موضوع كهذا وهو يفضل تجاهل كامل المسألة برمتها.» وأضيف عليه قائلا: إن المسيحيين فى العالم العربى
      ويقول باحث التاريخ الدكتور ياسين سويد فى مقاله (تزوير التوراة): إن ”طومسون“ يعتمد على نظرية ”ويلهاوزن“ في «الفرضية الوثائقية» التي ترى أنه يجب فهم ”المصادر الأربعة للأسفار الخمسة الأولى“ من العهد القديم على أنها وثائق أدبية تم تأليفها وقت كتابتها، وهي انعكاس صادق لفهم ومعرفة مؤلفيها وعالمهم، وعلى هذا فلا يمكن اعتبارها تاريخا يعتد به، كما انه لا يمكن الاستفادة منها لاعادة تشكيل تاريخ "اسرائيل" القديم، السابق على وقت تأليفها.
      ويقول الباحث السورى فراس السواح فى حواره مع جريدة ”الوطن“ السورية عن سؤال المحاور القائل: «تروي التوراة في سفر يشوع عملية تدمير ثلاث مدن كبرى وإحراقها وقتل سكانها عن بكرة أبيهم وهي مدن أريحا وعاي وحاصور. فماذا تقول نتائج التنقيب الاركيولوجي في هذا؟»
      يجيب فراس سواح قائلاً: «فيما يتعلق بأريحا، تعطي التوراة وصفًا دراميًا حيًّا لاقتحام المدينة وتدميرها. فبعد الدوران حول السور ست مرات حاملين تابوت العهد، تسقط الأسوار من تلقاء ذاتها أمام الإسرائيليين الذين يدخلون المدينة ويقتلون من فيها من رجل وامرأة وطفل وشيخ وبقر وغنم وحمير.
      وقد فسر بعض المؤرخين سقوط أريحا على أنه نتيجة زلزال نسبه المهاجمون إلى معجزة من الرب. ولكن لعلم الآثار رأيًا مختلفًا في هذا الموضوع. فرغم أن الزلازل كانت متكررة الوقوع في فلسطين. وأن سور أريحا قد تصدع بسببها أكثر من مرة، إلا أن كلا من آثار الدمار الزلزالية في أريحا تعود إلى أزمنة سابقة بكثير للتاريخ المفترض لاجتياح الإسرائيليين. وقد ثبت أن آخر الزلازل المدمرة قد وقع في العصر البرونزي الأول حوالي عام 2300ق.م وأن المدينة قد بنيت مجددًا في العصر البرونزي الوسيط حوالي عام 1900 حيث استمرت الحياة فيها إلى عام 1560 ثم هجرت تمامًا. وعندما عادت الحياة إليها في العصر البرونزي الأخير انتعشت جزئيًا لفترة قصيرة، ولكن دون أسوار أو تحصينات ، فتهجر قبل نهاية عام 1300ق.م ، ويغمرها النسيان إلى ما بعد العصر الحديدي الأول خلال مطلع الألف الأول ق.م أي أنه لم يكن هناك مدينة اسمها أريحا عندما دخل الإسرائيليون إلى فلسطين حوالي 1200ق.م.
      وفيما يتعلق بمدينة عاي تشير البينات الآثارية إلى أن المدينة قد انتهت تمامًا قبل ألف عام من وصول الإسرائيليين، وعلى ذلك فإن أوائلهم لم يسمعوا إلا بذكرى تلك المدينة العظيمة التي ازدهرت في مطلع العصر البرونزي. وتم الكشف في المستويات العليا لموقع المدينة على قرية صغيرة غير ذات شأن تعود إلى عصر الحديد الأول، أي بعد فترة لا بأس بها من دخول الإسرائيليين.
      أما مدينة حاصور ، فتدل التنقيبات الأثرية في الموقع على أن المدينة قد دمرت تماماً في نهاية القرن الرابع عشر ق.م. وهو التدمير الذي يتطابق في تاريخه مع حملة الفرعون سيتي على سوريا الجنوبية ثم أعيد بناء المدينة مباشرةً لتحترق وتدمر بعد فترة قصيرة دون أن تصل حياتها إلى أواخر القرن الثالث عشر، وتعاصر فترة دخول الإسرائيليين، وقد كشف في موقع المدينة على قرية صغيرة تعود إلى العصر الحديدي الأول. في مطلع الألف الأول ق.م.
      من هذه الأمثلة الثلاثة ومن مطابقة بقية الرواية التوراتية لاقتحام فلسطين على نتائج التنقيب الاركيولوجى. نستنتج أن مؤلفي التوراة قد ضموا في رواية واحدة أزمنة وأحداثاً متباعدة لا يربطها رابط، وصاغوها ضمن تسلسل زمني فشكلوا منها رواية متماسكة من بدايات توافدهم في أرض كنعان.»
      يواصل المحاور لفراس سواح بسؤال عن مدى صدق ما يحكيه الكتاب الذى تقدسه عزيزى القمص عن كيفية اقتحام بنى إسرائيل أرض كنعان واستيلائهم على فلسطين، فيقول: «بعد سفر يشوع الذي وصف اقتحام القبائل الإسرائيلية الإثني عشر أرض كنعان واستيلائها على فلسطين الداخلية كاملة، نجد سفر القضاة يعطينا صورة مختلفة عن تلك القبائل المنتصرة؟»
      فأجاب فراس سواح قائلا: «بعد الاستقرار في الأرض الجديدة ، نجد أن القادمين الجدد ليسوا إلا جماعات مفككة منقسمة إلى فريقين متخاصمين هما القبائل الشمالية والقبائل الجنوبية، وأن خطاً من المدن الكنعانية القوية تشكله أورشليم وجازر وعجلون ، يفصل بين المجموعتين ويمنع اتصالهما ، وإن كثيراً من المدن الكنعانية التي من المفترض أنها وقعت أيدي الإسرائيليين إبان اجتياحهم ، تعيش حياتها الطبيعية كمدن مستقلة، كما نجد أن منتصري الأمس ليسوا إلا فرقاً مستضعفة واقعة تحت نير جيرانهم الفلستيين، يضطهدونهم ويسومونهم سوء العذاب.
      ويفسر المؤرخون من ذوي الاتجاه التوراتي هذا الواقع المتناقض تفسيرات أكثر تناقضاً وأقرب إلى النفس اللاهوتي منها إلى المنطق التاريخي. ولنقرأ على سبيل المثال ما يقوله عالم اللغات القديمة اللامع البروفيسور سيروس هـ. غوردن في كتابه الشرق الأدنى القديم الذي أفرد ثلثيه لتاريخ بني إسرائيل في معرض تفسيره لأحوال الإسرائيليين في عصر القضاة يقول غوردن: عند اقتحام أرض كنعان لم يمارس الإسرائيليون عملية إبادة كاملة للكنعانيين ولم يطردوهم من أرضهم ومدنهم.»
      فقارن هذا بما يقوله الكتاب من إبادة جماعية لأهل البلاد الأصليين: (21وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، مِنْ طِفْلٍ وَشَيْخٍ - حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ.) يشوع 6: 21
      يواصل فراس سواح قائلاً: «لقد دام عصر القضاة أكثر من قرنين من الزمان، ومع ذلك لم يستطع علم الآثار تقديم أي دليل على وجود الإسرائيليين خلال هذه الفترة في فلسطين. فإما أن يكون القادمون الجدد على جانب كبير من الهمجية والتخلف إلى درجة لم تمكنهم من التأثير بجيرانهم المتطورين وتطوير ثقافة خاصة بهم خلال قرنين من الزمن وهذه فرصة أقرب إلى المستحيل ، أو أن هؤلاء القادمين المفترضين لم يكن لهم وجود تاريخي قط.»
      أما ”كيث وايتلام“ أستاذ العلوم الكتابية فى قسم الدراسات اللاهوتية في جامعة "ستيرلينغ" في سكوتلاندا، أصدر كتابه "اختراع (إسرائيل) وحجب فلسطين" سنة 1996 في كلّ من نيويورك ولندن في نفس الوقت. اتفق فيه مع طومسون في كثير من الاستنتاجات ويشير إلى أن هناك عمليّة طمس ممنهجة لكثير من الدلالات التاريخية للمكتشفات الأثرية ومحاولة لتفسيرها بطريقة مغلوطة في أغلب الأحيان.
      كما يُركِّز وايتلام على البعد السياسي من وراء محاولات الطمس والتفسير المغلوط للتاريخ ، حيث يذكر «أن تاريخ (إسرائيل) المخترَع في حقل الدراسات التوراتية كان وما زال صياغة لغوية وأيديولوجية لما كان ينبغي أن تكون الممالك اليهودية عليه، وليس ما كانت عليه في الواقع».
      وبهذا قال أيضًا هذا السيد بروشى المسئول المتقاعد عن مخطوطات البحر الميت فى (كذبة السامية وحقيقة الفينيقية) ص32، الذى أكد أن مدينة أريحا أُخليت من بداية القرن 15 ق.م إلى نحو القرن 11 ق.م ، أى لم تكن مأهولة بالسكان الذين قتلهم الرب ورماهم بالحجارة كما تدع رواية يشوع (10: 11-)، وأنه لم تكن هناك مدن باسم عاى وجازور وأريحا، بل لم يكن الداخل بحاجة إلى تدمير وقتل الآهلين!!! وذلك بسبب وجود جفاف طويل الأمد حل على المنطقة فى العصر البرونزى الأخير، مما تسبب فى مجاعات وإنهيار إقتصادى وسياسى واسع النطاق فى الحوض الساحلى للبحر المتوسط، توافق بدوره مع تغيير عالمى فى المناخ. وذلك كما ينقل أحمد الدبش عن توماس طومسون ص167 من (التاريخ القديم للشعب الإسرائيلى).
      ويواصل الدبش استشهاداته بعلماء الآثار ص79 من كتابه السابق قائلاً: فهذا هو جيمس بريتشارد يؤكد بعد تنقيبه فى فلسطين: «أن كل التناقضات الواضحة التى كشفت عنها نتائج التنقيب الأثرى فى (أريحا) وغيرها من المواقع التى تحدث عنها سفر يشوع تدل على أننا نسير فى طريق مسدود فى محاولة العثور على شواهد أثرية لإثبات الروايات التقليدية عن الفتوحات الإسرائيلية».
      وهذا ما أكده عالم الآثار الإسرائيلى بجامعة تل أبيب البروفيسور الإسرائيلى يسرائيل فنكلشتاين ونشرته جريدة القدس العربى ، بتاريخ 15/4/1999. وأقره ”لامك“، وعالم الآثار الإسرائيلى ”زئيف هرتسوغ“، والدكتور ”عفيف بهنسى“ المدير العام السابق للآثار فى سورية، والأب ”مايكل برير“ الذى يرى أن الرواية التوراتية لا يمكن الدفاع عن صدقها، ويؤكد أكثر من ذلك على أن هناك ثمة إجماع علمى بأن القصة الكتابية التى تصف فترة الاحتلال التوطنى جاءت عن طريق المؤلفين الذين كتبوها بعد عدة قرون.
      الأمر الذى يؤكد قولنا أنهم كتبوا كتابًا من عند أنفسهم ونسبوه لله، يبتغون به مكاسب دنيوية. {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ} (79) سورة البقرة
      (كَيْفَ تَدَّعُونَ أَنَّكُمْ حُكَمَاءُ وَلَدَيْكُمْ شَرِيعَةَ الرَّبِّ بَيْنَمَا حَوَّلَهَا قَلَمُ الْكَتَبَةِ المُخَادِعُ إِلَى أُكْذُوبَةٍ؟) إرمياء 8: 8
      (4اَللهُ أَفْتَخِرُ بِكَلاَمِهِ. عَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ فَلاَ أَخَافُ. مَاذَا يَصْنَعُهُ بِي الْبَشَرُ! 5الْيَوْمَ كُلَّهُ يُحَرِّفُونَ كَلاَمِي. عَلَيَّ كُلُّ أَفْكَارِهِمْ بِالشَّرِّ.) مزمور 56: 4-5
      مع الأخذ فى الاعتبار أننا لا ننكر وجود هذه الأنبياء، ولا نشكك فى جهادهم أو قيامهم بواجباتهم على أكمل وجه، ولا نطعن مثلهم فى أخلاقهم الرفيعة، ولكن نُشكك متضامنين مع علماء الآثار فى كون هذه الأحداث تمت فى الأماكن التى افترضها كُتَّاب كتب التوراة، أو بالشكل البربرى الذى تحكيه كتبهم، أو أن تكون هذه الكتب إلهامية بوحى الله. ولكننا نؤمن بأن هذه الروايات التوراتية كتبت فى القرن الخامس قبل الميلاد من الذاكرة، فخلطوا أشخاصًا بأحداث ، وخلطوا فيها الزمان مع المكان لأغراضهم السياسية الاستعمارية الدينية، كما يقول وايتلام. فلا نستبعد مطلقًا أن يترجموا لفظة (بكة) إلى أرض البكاء، أو تُهامة إلى تهوم، أو الإسلام إلى السلام..
      لذلك خلص البروفيسور توماس طومسون فى كتابه (التاريخ القديم للشعب الإسرائيلى) ص277 وما بعدها إلى أن: «أى محاولة لكتابة تاريخ فلسطين فى أواخر الألف الثانية قبل الميلاد، أو بدايات الألف الأولى قبل الميلاد، على الضوء التام لمصادر الكتاب المقدس، لتبدو على الفور محاولة فاشلة وميئوس منها، بل يُمكن اعتبارها محاولة هزلية بالكامل، وتبعث على الضحك والفكاهة. إن قصص العهد القديم ما هى إلا مأثورات وحكايات كتبت أثناء القرن الثانى قبل الميلاد. وإنه مضيعة للوقت أن يحاول أى إنسان أن يُثبت مثل هذه الأحداث التوراتية من خلال علم الآثار القديمة، فالعهد القديم ليس له أى قيمة كمصدر تاريخى.»
      وقد توصل العلامة كيث وايتلام بعد أن راجع المؤلفات التى تعاملت مع تاريخ فلسطين القديم، وأدرك مدى توغل يد الاستشراق فى هذه الكتابات أى «أن صورة إسرائيل كما وردت فى معظم فصول الكتاب العبرى، ليست إلا قصة خيالية، أى تلفيق للتاريخ»، وذلك ص49 فى كتابه (تلفيق إسرائيل التوراتية .. طمس التاريخ الفلسطينى). نقلا عن أحمد الدبش (كنعان وملوك بنى إسرائيل فى جزيرة العرب)
      وفى ص19 من الكتاب السابق يقول الدبش: (لقد تم إخضاع اللقى الآثارية فى المشرق العربى، وبالتالى تاريخ بلادنا فلسطين، لمصلحة الخطابين السياسى والكتابى وهدفهما بعدما ثبت لنا أن «أصول التنقيبات الآثارية الحديثة، منذ دخول نابليون إلى مصر، على أنها مكيدة دولية، استخدمت القوى الغربية من خلالها الماضى الكتابى والكنوز الأثرية التى فى المنطقة من أجل سعيها لتحقيق المكاسب السياسية، ولإضفاء الشرعية على مصالحها الإمبريالية» وذلك نقلا عن كيث وليتلام فى كتابه (تلفيق إسرائيل التوراتية .. طمس التاريخ الفلسطينى) ص37.
      ويواصل الدبش قائلا: «وانطلاقًا من حقيقة غياب أية لقى آثارية واضحة تحسم بأن فلسطين احتضنت تجربة بنى إسرائيل، فقد رأينا أن حركة التاريخ التوراتى لا تنسجم مع جغرافية المنطقة من العراق إلى الشام وإلى مصر، وأن الخطاب الكتابى لفق جغرافية التوراة». (كنعان وملوك بنى إسرائيل فى جزيرة العرب) ص20.
      وبذلك فهو يوافق وايتلام فى قوله: إنه كثيرًا ما جرى إفراغ فلسطين والتاريخ الفلسطينى من أى معنى حقيقى، أى جرى تجريدها من الصفة التاريخية. وهى سرقة تاريخ شعب وأمة ونسبتها إلى يهوه. وهكذا يبجلون إلههم!! (السابق ص19)
      يواصل الدبش ص23 فى كتابه السابق قائلاً: «يتفق معظم علماء الآثار التوراتيين، ... على أن نشوء إسرائيل القديمة فى بلادنا فلسطين تم نحو 1200 ق.م، وهى الفترة الانتقالية الواقعة بين أواخر العصر البرونزى وأوائل العصر الحديدى. ... وهى الفترة التى يفترض أن تكون إسرائيل (المزعومة) تلك قد سيطرت فيها على فلسطين. .... ... ومن الجدير بالذكر أن تومس طمسن [توماس طومسون] وزملاء آخرون له، يتفقون على رفض فرضية الغزو [أى رواية العهد القديم بشأن غزو بنى إسرائيل لفلسطين] ويضيفون القول: ”إن معاينة فلنكشتاين (الآثارية) توضح بشكل كامل أن نظرية الغزو ميتة .. وللأسباب الآتية:
      [1] العديد من المواقع لم تكن مأهولة فى فترة نهاية العصر البرونزى المتأخر؛
      [2] العديد من المواقع هجرت فى نهاية تلك الفترة الزمنية لكنَّها لم تتعرض للتدمير.
      [3] العديد من المواقع العائدة للعصر البرونزى استمرت قائمة فى العصر الحديدى الأول،
      [4] وتلك المواقع العائدة للعصر البرونزى المتأخر التى لم تظهر فيها آثار تدمير، كانت مهجورة لفترة طويلة بعد الدمار الذى لحق بها سكنها الناس مجددًا.»
      ونصل من كل هذا إلى أن بنى إسرائيل حرفوا التوراة من أجل مصالحهم السياسية الدنيوية. فهمشوا فلسطين، وطمسوا حضارته، وادعوا أنهم مهجرين نازحين من بحر إيجة أو جزيرة تكريت، ليعطوا لأنفسهم الحق فى احتلال أرضهم، بل أيدوا ذلك بما كتبه أحبارهم فى كتابهم.
      والأمرُّ من ذلك أنهم غيروا فى صفات ربهم ليتناسب مع أهوائهم. فجعلوه إلهًا عنصريُا خاصًا بهم وحدهم، وغيروا اسمه، واصطنعوا لهم تاريخًا لا وجود له إلا فى كتابهم الذى يسمونه الكتاب المقدس، حتى صرخ اللورد بولينجبروك قائلا عن التوراة: «إنها لوصمة بحق الله، وظلم بحق البشر، أن ينظر إلى هذا التداخل الرث بجدية، فقد تشابكت فيها السابقات تشابكًا يتسم بدرجة عالية من التشويش، أو بمستوى رفيع من الشفاعة والقبح».
      * * *
      لكن هل عدم وجود تعضيد آثارى للتوراة يدل على أنها محرفة؟
      فى الحقيقة أننى لم أتناول موضوع التحريف من الناحية الأثرية فقط، حتى لا يقول قائل: ربما لم يُعثر على ما يؤكد صحتها وصدقها بعد، بل تناولناها من الجانب التاريخى والزمنى الذى يثبتان التحريف دون أدنى شك، فتسمية مدينة باسم فى القرن العشرين قبل الميلاد باسم آخر عرفت به فى القرن السابع قبل الميلاد يثبت التحريف. والادعاء باستعمال الحديد فى صناعة الأسرَّة قبل أن يُستعمل بعدة قرون يُثبت التحريف. واكتشاف أن الإله يهوة إله كنعانى وثنى كانت تُعرف زوجته باسم إشراح، يُثبت التحريف، إن لم يُثبت أن هذا كتاب أساطير نُسب بأكمله للرب ظلمًا وعدوانًا.
      كما أننى لم أكتف بهذا الجانب فقط فى البحث لإثبات التحريف فى التوراة، ولكن هذا الجانب من التحريف يُثبت فقط أن المحرفين كانت لهم أهداف سياسية استعمارية، تهدف فى النهاية إلى السيطرة والسيادة على من حولهم. ولك أن تستعيد فى ذاكرتك وصف يسوع لهم عن حبهم للسيادة دون وجه حق: (6وَيُحِبُّونَ الْمُتَّكَأَ الأَوَّلَ فِي الْوَلاَئِمِ وَالْمَجَالِسَ الأُولَى فِي الْمَجَامِعِ 7وَالتَّحِيَّاتِ فِي الأَسْوَاقِ وَأَنْ يَدْعُوَهُمُ النَّاسُ: سَيِّدِي سَيِّدِي!) متى 23: 6-7
      يدلل على ذلك محاولتهم إغلاق ملكوت الله أمام الداخلين، إشاعتهم أن المسِّيِّا سيأتى من نسل داود، وادعاؤهم أن عيسى  من نسل داود (وقد أثبت أنه هارونى فى «عيسى ليس المسيح الذى تفسيره المسِّيِّا»، كما أفرد له العميد مهندس جمال الدين شرقاوى كتابًا يحمل اسم: «هارونى أم داودى، ومعه الرد على اعتراض الدكتور القس صموئيل فريز»)، ليغلقوا الطريق أمام الداخلين فى دين المسِّيِّا، عندما يأتى، لذلك قال لهم يسوع: (13«لَكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ!) متى 23: 13
      يدلل على ذلك قتلهم الأنبياء، واعتراف الرب أنهم حرفوا كتابه، ولم يكونوا أمناء عليه، ولا على علاقتهم بالرب نفسه.
      ونؤكد تحريفها مرة بعد مرات عن طريق طرح هذه التساؤلات:
      أليس عدم وجود اسم الله فيها يدل على أنها محرفة؟
      أليس عدم وجود كلمة يسوع فى أصول كتب الأناجيل يدل على أنها محرفة؟
      أليس كون يسوع هارونى وليس داودى يدل على أنها محرفة؟
      أليس ذكر معطيات مبالغ فيها وغير حقيقية يثبت أنها محرفة؟
      أليس عدم وجود سور لأريحا فى وقت هجوم يشوع بن نون يُكذِّب قول الكتاب فى إلتفاف بنى إسرائيل حول السور سبع مرات لفتحها؟
      أليس ادعاءاتهم أن أعداد بنى إسرائيل وقت الخروج من مصر بهذا العدد المذكور فى سفر الخروج يثبت تحريفهم للتوراة، حيث إن برية سيناء لا يمكنها أن تُطعم ما يقدره المؤرخون بحوالى 2 مليون من قوم موسى؟
      إن إثبات وجود التحريف يهدف إلى أنهم غير أمناء، وأنهم حرفوه مثل قتلهم أنبيائهم، حفاظًا على مجد شخصى، ورفضًا للإنصياع لله تعالى، وتمهيدًا لرفض النبى المثيل لموسى والذى بشر به سفر التثنية 18: 18-20، وأنبأ به دانيال وإشعياء وغيرهم من الأنبياء. وعلى ذلك فإن طمس ما يدل على هذا النبى أو إلغاز اسمه أو مكان خروجه، كان من أول ما استهدفه التحريف، حفاظًا على مكانتهم التى تبوَّؤها يومًا ما.
      وهم أغبياء وغلاظ الرقبة، أغبياء لأنهم لا يريدون أن يفهموا أنهم لن يستطيعوا أن يمنعوا فضل الله أو رحمته لأحد من عبيده: {... وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (107) سورة يونس
      {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (32) سورة التوبة
      {يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (8) سورة الصف
      وقال لهم عيسى : (... وَلاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْطَفَ مِنْ يَدِ أَبِي)يوحنا 10: 29
      * * *
      لكن ما رأى الدكتور القس منيس عبد النور صاحب كتاب (شبهات وهمية حول الكتاب المقدس)؟
      يقول الدكتور القس ص 19-21 تحت عنوان (كتب الأبوكريفا): (كتب الأبوكريفا هي الكتب المشكوك في صحة نسبتها إلى من تُعزى إليهم من الأنبياء، وهي كتب طوبيا، ويهوديت، وعزراس الأول والثاني، وتتمَّة أستير، ورسالة إرميا، ويشوع بن سيراخ، وباروخ، وحكمة سليمان، وصلاة عزريا، وتسبحة الثلاثة فتية، وقصة سوسنة والشيخين، وبل والتنين، وصلاة منسى، وكتابا المكابيين الأول والثاني. ومع أن هذه الأسفار كانت ضمن الترجمة السبعينية للعهد القديم، إلا أن علماء بني إسرائيل لم يضعوها ضمن الكتب القانونية. وبما أن بني إسرائيل هم حفظة الكتب الإلهية، وعنهم أخذ الجميع، فكلامهم في مثل هذه القضية هو المعوّل عليه. وقد رفضوا هذه الكتب في مجمع جامينا (90م) لأنها غير موحى بها، للأسباب الآتية:
      (1) إن لغتها ليست العبرية التي هي لغة أنبياء بني إسرائيل ولغة الكتب المنزلة، وقد تأكدوا أن بعض بني إسرائيل كتب هذه الكتب باللغة اليونانية. [وأسر فى أذنيه: ولماذا تؤمن بالأناجيل ولم يكتب كتاب فيهم باللغة الآرامية، التى كان يسوع والتلاميذ يتكلمونها؟ ولماذا تؤمن بإنجيل متى الذى لا توجد نسخته الأصلية العبرية، وبالتالى لا يُعرف إن كان هذا الكتاب ترجمة للعبرى أم إعادة صياغة وتأليف، أم كتاب آخر تسمَّى بنفس الاسم؟]
      (2) لم تظهر هذه الكتب إلا بعد زمن انقطاع الأنبياء، فأجمع أئمة بني إسرائيل على أن آخر أنبيائهم هو ملاخي. وورد في كتاب الحكمة أنه من كتابة سليمان. ولكن هذا غير صحيح، لأن الكاتب يستشهد ببعض أقوال النبي إشعياء وإرميا، وهما بعد سليمان بمدة طويلة، فلا بد أن هذه الكتابة تمَّت بعد القرن السادس ق م. ويصف »كتاب الحكمة« بني إسرائيل بأنهم أذلاء مع أنهم كانوا في عصر سليمان في غاية العز والمجد. [وتؤمن أن موسى هو كاتب الأسفار الخمسة الأولى، على الرغم من أنها تحكى عن أشياء لم تحدث إلى بعد زمنه بعدة قرون، وقد فسر اليهودي الناقد اسبينوزا قول ابن عزرا بأنه أراد بأن موسى لم يكتب التوراة لأن موسى لم يعبر النهر، ثم سفر موسى قد نُقِشَ على اثني عشر حجراً بخط واضح، فحجمه ليس بحجم التوراة، .. .. .. ثم كيف يذكر أن الكنعانيين كانوا حينئذ على الأرض؟ فهذا لا يكون إلا بعد طردهم منها، وأما جبل الله فسمي بهذا الاسم بعد قرون من موسى، وسرير عوج الحديدي جاء ذكره في التثنية (3/11-12) بما يدل على أنه كتب بعده بزمن طويل.]
      (3) لم يذكر أي كتاب منها أنها وحي، بل قال كاتب المكابيين الثاني (15: 36-40) في نهاية سفره: «فإن كنت قد أحسنتُ التأليف وأصبتُ الغرض، فذلك ما كنتُ أتمنّى. وإن كان قد لحقني الوهَن والتقصير فإني قد بذلت وُسعي. ثم كما أن شرب الخمر وحدها أو شرب الماء وحده مضرٌّ، وإنما تطيب الخمر ممزوجة بالماء وتُعقب لذة وطرباً، كذلك تنميق الكلام على هذا الأسلوب يطرب مسامع مطالعي التأليف». ولو كان سفر المكابيين الثاني وحياً ما قال إن التقصير ربما لحقه!
      [ولم يقل أحد من كتبة الأناجيل أو الرسائل إنه أوحى إليه، بل أقر لوقا أنه يكتب خطابً شخصيً لصديقه ثاوفيلوس، وأنه كتب هذا الخطاب بدافع شخصى: (1إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا 2كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّاماً لِلْكَلِمَةِ 3رَأَيْتُ أَنَا أَيْضاً إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيقٍ أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ 4لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ.) لوقا 1: 1-4؛ وتؤمن كذلك بآراء بولس الشخصية بأنها وحى من الرب، على الرغم من اعترافه أنها لم توح إليه.]
      (4) في أسفار الأبوكريفا أخطاء عقائدية، فيبدأ سفر طوبيا قصته بأن طوبيا صاحَب في رحلته ملاكاً اسمه روفائيل، ومعهما كلب، وذكر خرافات مثل قوله إنك إن أحرقت كبد الحوت ينهزم الشيطان (طوبيا 6: 19). ونادى بتعاليم غريبة منها أن الصَّدقة تنجي من الموت وتمحو الخطايا (طوبيا 4: 11، 12: 9)، وأباح الطلعة (الخروج لزيارة القبور) وهي عادة وثنية الأصل، وهي أمور تخالف ما جاء في أسفار الكتاب المقدس القانونية.. وجاء في 2مكابيين 12: 43-46 أن يهوذا المكابي جمع تقدمة مقدارها ألفا درهم من الفضة أرسلها إلى أورشليم ليقدَّم بها ذبيحة عن الخطية »وكان ذلك من أحسن الصنيع وأتقاه، لاعتقاده قيامة الموتى.. وهو رأي مقدس تقَوي، ولهذا قدَّم الكفارة عن الموتى ليُحَلّوا من الخطية«. مع أن الأسفار القانونية تعلِّم بعكس هذا.
      (5) في أسفار الأبوكريفا أخطاء تاريخية، منها أن نبو بلاسر دمَّر نينوى (طوبيا 14: 6) مع أن الذي دمرها هو نبوخذنصر، وقال إن سبط نفتالي سُبي وقت تغلث فلاسر في القرن الثامن ق م، بينما يقول التاريخ إن السبي حدث في القرن التاسع ق م، وقت شلمنأصر. وقال طوبيا إن سنحاريب ملك مكان أبيه شلمنأصر (طوبيا 1:18) مع أن والد سنحاريب هو سرجون. وجاء في يشوع بن سيراخ 49: 18 أن عظام يوسف بن يعقوب «افتُقدت، وبعد موته تنبأت».
      (6) لم يعتبر بنو إسرائيل هذه الكتب مُنزلة، ولم يستشهد بها المسيح المذخَّر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم (كولوسي 2: 3). ولا اقتبس منها تلاميذ المسيح، ولم يذكرها فيلو ولا يوسيفوس. مع أن المؤرخ يوسيفوس ذكر في تاريخه أسماء كتب بني إسرائيل المنزلة، وأوضح تعلّق بني إسرائيل بها، وأنه يهُون على كل يهودي أن يفديها بروحه.
      (7) سار الآباء المسيحيون الأولون (ما عدا قليلون منهم) على نهج علماء بني إسرائيل في نظرتهم إلى هذه الأسفار. ومع أنهم اقتبسوا بعض الأقوال الواردة فيها إلا أنهم لم يضعوها في نفس منزلة الكتب القانونية. وعندما قررت مجامع الكنيسة الأولى الكتب التي تدخل ضمن الكتب القانونية اعتبرت هذه الكتب إضافية أو غير قانونية، فلم يذكرها مليتو أسقف ساردس (في القرن الثاني المسيحي) من الكتب المقدسة، ولم يذكرها أوريجانوس الذي نبغ في القرن الثاني، ولا أثناسيوس ولا هيلاريوس ولا كيرلس أسقف أورشليم، ولا أبيفانيوس، ولا إيرونيموس (جيروم)، ولا روفينوس، ولا غيرهم من أئمة الدين الأعلام الذين نبغوا في القرن الرابع. وقد أصدر المجمع الديني الذي اجتمع في لاودكية في القرن الرابع جدولاً بأسماء الكتب المقدسة الواجب التمسك بها، دون أن يذكر هذه الكتب. ويرجع الكاثوليك إلى قرارات هذا المجمع. ولكن لما كانت هذه الكتب موجودة ضمن أسفار العهد القديم في الترجمات السبعينية واللاتينية، فقد أقرّ مجمع ترنت في القرن السادس عشر اعتبارها قانونية، فوُضعت ضمن التوراة الكاثوليكية، على أنها كتب قانونية ثانوية.. علماً بأن إيرونيموس (جيروم) مترجم «الفولجاتا» (من اليونانية إلى اللاتينية) وضع تلك الأسفار بعد نبوَّة ملاخي، فأُطلق عليها في ما بعد «أسفار ما بين العهدين».
      (8) هذه الكتب منافية لروح الوحي الإلهي، فقد ذُكر في حكمة ابن سيراخ تناسخ الأرواح، والتبرير بالأعمال، وجواز الانتحار والتشجيع عليه، وجواز الكذب ( يهوديت 9: 10، 13). ونجد الصلاة لأجل الموتى في 2مكابيين 12: 45، 46 وهذا يناقض ما جاء في لوقا 16: 25، 26 وعبرانيين 9: 27.
      (9) قال الأب متى المسكين، في كتابه »الحُكم الألفي« (ط 1997، ص3): «كتب الأبوكريفا العبرية المزيَّفة، التي جمعها وألَّفها أشخاص كانوا حقاً ضالعين في المعرفة، ولكن لم يكونوا «مسوقين من الروح القدس»، (2بطرس 1: 21) مثل كتب: رؤيا عزرا الثاني وأخنوخ، ورؤيا باروخ وموسى وغيرها». ثم قال في هامش الصفحة نفسها: «تُسمَّى هذه الكتب بالأبوكريفا المزيَّفة، وهي من وضع القرن الثاني قبل المسيح، وفيها تعاليم صحيحة وتعاليم خاطئة وبعض الضلالات الخطيرة مختلطة بعضها ببعض. ولكنها ذات منفعة تاريخية كوثائق للدراسة».
      وبما أن بني إسرائيل الذين أؤتُمنوا على الكتب الإلهية، هم الحكَم الفصل في موضوع قانونية الأسفار المقدسة، وقد أجمع أئمتهم في العصور القديمة والمتأخرة على أنه لم يظهر بينهم نبي كتب هذه الكتب، فإنه من المؤكد أن أحد اليهود المقيمين في الشتات وضعها. ولو كانت معروفة عند بني إسرائيل لوُجد لها أثر في كتاب التلمود. أما الكتب المقدسة القانونية فهي مؤيَّدة بالروح القدس وبالآيات الباهرة. فالأنبياء الكرام وتلاميذ المسيح أيّدوا رسالتهم وتعاليمهم بالمعجزات الباهرة التي أسكتت من تصدّى لهم، فتأكد الجميع حتى المعارضون أن أقوالهم هي وحي إلهي، فقبلوا كتبهم بالاحترام الديني والتبجيل، وتمسكوا بها واتخذوها دستوراً، ولم يحصل أدنى خلاف بين أعضاء مجمع نيقية على صحة الكتب المقدسة لأنها في غنى عن ذلك.) انتهى.
      فهل هذه كتب يُعتمد عليها تاريخيًا أو علميًا أو حتى إيمانيًا؟ بالطبع لا. فلا يوجد معيار لديهم فى تحديد قانون الكتب المقدسة لديهم. ففى الوقت الذى لا يؤمنون ببعض هذه الكتب لأنها لا تُعزى إلى النبى، الذى تنتسب إليه، تجد أنه لا يوجد كتاب من الكتب التى آمنوا بها تُعزى إلى النبى الذى ينتسب إليه هذا الكتاب. فلماذا آمنوا ببعض وكفروا بالآخر؟ وفى الوقت الذى يقولون إننا لا نؤمن بهذه الكتب لأنها لم تُكتب بلغة هذا النبى الذى تنتسب إليه، نراهم يؤمنون بكل أسفار ما يسمونه العهد الجديد، ولا يوجد كتاب فيهم صدقت نسبتها إلى من تُسمَّى باسمه، ولم يذكر أى من هذه الكتب أنها أوحيت، كما يؤمنون برسائل تُنسب إلى بولس ويقول أوريجانوس إن بولس لم يكتب إلا بضعة أسطر إلى الكنائس التى أرسل إليها.
      ومن هنا نرى أن هذه الكتب ليست إلهية المصدر، وعلى ذلك فليس من العدل أو المنطق مقارنة محتوياتها وقصصها بالقصص القرآنى.
      * * *
      تهافت جغرافية الكتاب المقدس:
      وبعد أن أثبت علماء الآثار والتاريخ واللاهوت تهافت تاريخية أحداث ما يسمونها بالتوراة، وأقروا أنهم زعموا بهذه الأحداث رفع طبقة من طبقات الكهنة أو كاتبى هذه الروايات على حساب أخرى، لخدمة أهداف سياسية ودينية واقتصادية.
      فمثلاً فى قضية نبى الله يوسف . يقول المؤلف اليهودى ريتشارد إليوت فريدمان فى كتابه (من كتب التوراة؟) ص57 بوجود روايتين مختلفتين على شخص من أنقذه من القتل: ففى رواية المصدر الإلوهيمى أنقذه رأوبين الابن الأكبر ليعقوب: (21فَسَمِعَ رَأُوبَيْنُ وَأَنْقَذَهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ وَقَالَ: «لاَ نَقْتُلُهُ». 22وَقَالَ لَهُمْ رَأُوبَيْنُ: «لاَ تَسْفِكُوا دَماً. اطْرَحُوهُ فِي هَذِهِ الْبِئْرِ الَّتِي فِي الْبَرِّيَّةِ وَلاَ تَمُدُّوا إِلَيْهِ يَداً» - لِكَيْ يُنْقِذَهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ لِيَرُدَّهُ إِلَى أَبِيهِ.) تكوين 37: 21-22
      وفى الرواية اليهوية كان يهوذا هو الذى أنقذه: (26فَقَالَ يَهُوذَا لإِخْوَتِهِ: «مَا الْفَائِدَةُ أَنْ نَقْتُلَ أَخَانَا وَنُخْفِيَ دَمَهُ؟ 27تَعَالُوا فَنَبِيعَهُ لِلإِسْمَاعِيلِيِّينَ وَلاَ تَكُنْ أَيْدِينَا عَلَيْهِ لأَنَّهُ أَخُونَا وَلَحْمُنَا». فَسَمِعَ لَهُ إِخْوَتُهُ.) تكوين 37: 26-27
      وليست هذه هى القصة الوحيدة التى بها الإزدواجية والتناقض أو التضارب، فهناك قصة عدد الحيوانات التى أخذها نوح معه فى المركب،وقبلها قصتان مختلفتان لخلق العالم ، وقصتان عن العهد بين الرب وإبراهيم، وقصتان مختلفتان لتفسير تسمية إسحاق ، وقصتان مختلفتان تصوران كيف ذكر إبراهيم أمام الملك الأجنبى أن زوجته سارة هى أخته، وقصتان مختلفتان عن رحلة يعقوب إلى أرام النهرين، وقصتان مختلفتان عن ظهور ملاك الرب ليعقوب فى بيت إيل، وقصتان مختلفتان عن كيفية تغيير الرب لاسم يعقوب إلى إسرائيل، وقصتان مختلفتان عن موسى الذى أخرج الماء من الصخر فى المكان الذى يسمى مريبة (الخروج 17: 7) وغيرها.
      لكن الملفت للنظر أيضًا هو اعتراف اليهود ليس فقط لتحريف التاريخ التوراتى، بل إقرارهم أيضًا بالتحريف الجغرافى. وهو ما يعنينا هنا فى البحث بين (بكة) و(مكة).
      يقول ريتشارد إليوت فريدمان ص19 من كتابه (من كتب التوراة؟): «يرى بعض الباحثين أن موسى كتب أسفار التوراة الخمسة، وأن محررًا أدبيًا أضاف فى وقت متأخر بعض الكلمات والفقرات من عنده. وفى القرن السادس عشر حدد ”أندرياس فان ماس“ (الكاثوليكى) و”بنديكت بريارة“ و”جاك بونفرد“ النص الأصلى الذى كتبه موسى فى رأيهم، وأنه أُضيف إليه بعد ذلك بواسطة آخرين. وذكر ”فان ماس“ أن محررًا متأخرًا قد أدخل فقرات وغيَّر أسماء وأماكن كى يوافق النص عصره وحتى يفهمه القراء. وسرعان ما تم إدراج كتاب فان ماس ضمن قائمة الكتب الممنوعة فى الكنيسة الكاثوليكية.»
      منها تضاربهم مع من كانت الحرب. هل كانت مع أرام أم أدوم؟ (13وَنَصَبَ دَاوُدُ تِذْكَاراً عِنْدَ رُجُوعِهِ مِنْ ضَرْبِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفاً مِنْ أَرَامَ فِي وَادِي الْمِلْحِ.) صموئيل الثانى 8: 13
      وفى أخبار الأيام الأول 18: 12 (12وَأَبْشَايُ ابْنُ صَرُويَةَ ضَرَبَ مِنْ أَدُومَ فِي وَادِي الْمِلْحِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفاً)
      ومنها قول الكاتب: (14وَإِنَّمَا إِذَا ذَكَرْتَنِي عِنْدَكَ حِينَمَا يَصِيرُ لَكَ خَيْرٌ تَصْنَعُ إِلَيَّ إِحْسَاناً وَتَذْكُرُنِي لِفِرْعَوْنَ وَتُخْرِجُنِي مِنْ هَذَا الْبَيْتِ. 15لأَنِّي قَدْ سُرِقْتُ مِنْ أَرْضِ الْعِبْرَانِيِّينَ. وَهُنَا أَيْضاً لَمْ أَفْعَلْ شَيْئاً حَتَّى وَضَعُونِي فِي السِّجْنِ)تكوين 40: 14-15
      وهذا خطأ من الكاتب ، لأنه لم تكن فى ذلك الوقت أرض العبرانيين ، بل كانت أرض الكنعانيين، وإلا لما احتاجوا إلى وعد إلهى للإستيلاء عليها.
      ناهيك عن الأخطاء فى الأنساب والأرقام والأحداث وموقعها. فعلى سبيل المثال لم يُحدد العهد القديم: هل أبياثار أبُ أخيمالك أم ابنه؟
      فتبعًا لسفر صموئيل الأول أنجب أبياثار أخيمالك: (20فَنَجَا وَلَدٌ وَاحِدٌ لأَخِيمَالِكَ بْنِ أَخِيطُوبَ اسْمُهُ أَبِيَاثَارُ وَهَرَبَ إِلَى دَاوُدَ.) صموئيل الأول 22: 20
      وتبعًا لسفر صموئيل الثانى أنجب أخيمالك أبياثار: (17وَصَادُوقُ بْنُ أَخِيطُوبَ وَأَخِيمَالِكُ بْنُ أَبِيَاثَارَ كَاهِنَيْنِ، وَسَرَايَا كَاتِباً،) صموئيل الثانى 8: 17
      ومنها أيضًا اختلاف الكتاب المقدس فى اسم أبى زكريا: (20وَلَبِسَ رُوحُ اللَّهِ زَكَرِيَّا بْنَ يَهُويَادَاعَ الْكَاهِنَ فَوَقَفَ فَوْقَ الشَّعْبِ وَقَالَ لَهُمْ: [هَكَذَا يَقُولُ اللَّهُ: لِمَاذَا تَتَعَدَّوْنَ وَصَايَا الرَّبِّ فَلاَ تُفْلِحُونَ؟ لأَنَّكُمْ تَرَكْتُمُ الرَّبَّ قَدْ تَرَكَكُمْ].) أخبار الأيام الثاني 24 : 20
      ويناقضه متى بقوله: (35لِكَيْ يَأْتِيَ عَلَيْكُمْ كُلُّ دَمٍ زَكِيٍّ سُفِكَ عَلَى الأَرْضِ مِنْ دَمِ هَابِيلَ الصِّدِّيقِ إِلَى دَمِ زَكَرِيَّا بْنِ بَرَخِيَّا الَّذِي قَتَلْتُمُوهُ بَيْنَ الْهَيْكَلِ وَالْمَذْبَحِ)متى23: 35
      ومنها أيضًا عدم معرفتهم بجنسية يثرا أبى عماسا، فيكتبها أحدهم إسماعيلى، ويطمس الآخر أى ذكر للإسماعيليين، ويجعله إسرائيلى:
      إسرائيلى: صموئيل الثانى 17: 25
      إسماعيلى: أخبار الأيام الأول 2: 17
      ومنها أيضًا ما جاء فى سفر (العدد 31: 7-9، 17) أفنى بنو إسرائيل المديانيين فى عهد موسى  وما أبقوا منهم ذكرًا مطلقًا لا بالغًا ولا غير بالغ، حتى الصبى الرضيع أيضًا قتلوه، وكذلك ما أبقوا منهم امرأة بالغة، وأخذوا غير البالغات جوارى لأنفسهم.
      ويعلم من سفر (القضاة الإصحاح السادس) أن المديانيين كانوا فى عهد القضاة ذوى قوة عظيمة بحيث كان بنو إسرائيل مغلوبين وعاجزين منهم. والفرق بين العهدين 200 سنة. (فالذى خلص بنى إسرائيل من تسلط المديانيين هو جدعون خامس القضاة الذين جاؤوا بعد يوشع، وبينه وبين موسى قرابة 200 سنة - كما يقول قاموس الكتاب المقدس) فلو فنى المديانيون فى عهد موسى فمن أين أتوا إذن؟ وكيف صاروا فى هذه المدة أقوياء بحيث غلبوا على بنى إسرائيل وأعجزوهم إلى سبع سنين؟
      ويحكى الإصحاح (14) من سفر التكوين أيضًا حربًا قامت بين مجموعتين، كانت المجموعة الثانية ومنها ملك سدوم وعمورة خاضعة لمدة 13 سنة للمجموعة الأولى وفيها ملك شنعار وملك عيلام، ثم تمردت المجموعة الأولى على الثانية فى عمق السديم فى البحر الميت، وانتصرت عليها، فاستولت على كل ممتلكات المهزومين ومعهم لوط وأمواله.
      ولما علم (أبرام العبرانى) أخذ غلمانه (318 غلاماً) وحلفاءه (أشكول وعاثر) ولاحق المجموعة المنتصرة إلى (دان) فانقض عليهم ليلاً وهزمهم ، ثم لاحقهم إلى (حوبة) شمال دمشق واسترجع كل الأملاك والشعب ومعهم لوط ابن أخيه.
      الغريب أن اسم هذه المدينة (دان) كان إلى عصر القضاة (لايش) حتى استولى عليها سبط دان وضربوا أهلها بحد السيف وأحرقوا المدينة ، ثم بنوها وسكنوا بها ودعوها باسم (دان) قضاة 18: 27-29. فكيف كتب موسى هذا وهو لم يحدث إلا بعده حوالى 350 سنة من عصر موسى ؟ ألا يدل هذا على أن التوراة كتبت بعد عصر القضاة؟
      ويواصل فريدمان ذاكرًا ما قاله الفرنسى “إيزاك دى لوبيرير“ ص19: «ان موسى ليس هو مؤلف أسفار العهد القديم الأولى. كما ذكر المشكلات التى تظهر أثناء قراءة النص، مثل كلمات ”عبر الأردن“ فى الفقرة الأولى من سفر التثنية، تقول الفقرة ”هذا هو الكلام الذى كلم به موسى جميع إسرائيل فى عبر الأردن“. فعندما يكتب شخص ما عبر الأردن فهو يشير بنفسه أنه موجود على الجانب الآخر من النهر أى فى أرض فلسطين غرب نهر الأردن، وهو يتحدث عن شىء ما حدث فى شرق نهر الأردن. ونحن نعرف أن أقدام موسى لم تطأ أبدًا أرض فلسطين».
      وسوف أكتفى بذلك مما ذكرته عن العهد القديم، ونتوجه كليًة إلى العهد الجديد وجغرافيته ..
      ونبدأ فيه بتذكيركم بتحريفهم لاسم الله، ولاسم يسوع نفسه، بل ولاسم الدين الذى تؤمنون به. إن كلمة ”مسيحى / المسيحية“ هى اختراع يهودى يُراد به سب عيسى  وإخراج النصارى من دائرة عبادة الله. فقليل من المسيحيين الذين يعرفون أن كلمة مسيحى هى سُبَّة، وكانت تُستخدم للتحقير فى القرن الأول بعد رفع عيسى . لقد كان المؤمنون بعيس  يُدعون بالناصريين أو النصارى. وأن هذا ليس له علاقة بمدينة الناصرة، كما سنعلم بعد قليل.
      وتقول دائرة المعارف الكتابية مادة (مسيح – مسيحيون) إن هذا الاسم أُطلق ابتداءً من الوثنيين: (وواضح أن هذا الاسم لم يصدر أساساً عن المسيحيين أنفسهم، كما لم يطلقه اليهود على أتباع المسيح الذي كانوا يكرهونه ويضطهدون اتباعه ...)
      ثم عادت تقول: (مسيحيون: كما سبق القول، كان المؤمنون في أنطاكية هم أول من أطلق عليهم هذا الوصف. فحيث كُرز بالإنجيل للأمم كما لليهود، ظهر أن المسيحية شيء آخر غير اليهودية، وأنها ديانة جديدة. وحيث أن المؤمنين كانوا يتحدثون دائماً عن المسيح، وأطلق عليهم الاسم "مسيحيون"، ولعلها كانت تنطوي أساساً على نوع من التهكم. ويبدو أن المسيحيين أنفسهم لم يتقبلوا هذا الاسم بصدر رحب في البداية،ولكنه على توالي الأيام، التصق بهم وصاروا يعرفون به.)
      ويؤكد ذلك قاموس الكتاب المقدس مادة (مسيحى) بقوله: (دعي المؤمنون مسيحيين أول مرة في أنطاكية (اع 11: 26) نحو سنة 42 أو 43م. ويرجّح أن ذلك اللقب كان في الأول شتيمة (1 بط 4: 16) قال المؤرخ تاسيتس (المولود نحو 54م.) أن تابعي المسيح كانوا أناساً سفلة عاميين ولما قال أغريباس لبولس ((بقليل تقنعني أن أصير مسيحياً)) (اع 26: 28) فالراجح أنه أراد أن حسن برهانك كان يجعلني أرضى بأن أعاب بهذا الاسم.)
      ومن نقاط التحريف الهامة لطمس كل ما يمت بالصلة للرسول  ، وعدم انتزاع النبوة من بنى إسرائيل هو تحريفهم للذبيح الذى جاء بسببه الوعد الإلهى لإبراهيم بالبركة فى نسله، وجعلوه بدلا من إسماعيل إسحاق. وسوف أتناولها بصورة منفصلة كدليل على هيمنة القرآن على الحدث كاملا.
      ويؤخذ فى الاعتبار أن هناك بعض الروايات الإسلامية، التى أخذت عن اليهود، وترى أن الذبيح هو إسحاق، وهذه روايات لا يُعوَّل عليها، حيث أقر الرسول  أنه ابن الذبيحين: إسماعيل وعبد الله.
      ثم نأتى للنقطة الثانية: وهى تحريفهم لاسم الرب، فبعد أن ضاع كما بيَّنا من قبل تغيَّر من يهوه أو إلوهيم أو أدوناى، وأصبح زيوس، والتى تُترجم بكلمة (الله)، وبالطبع اختفت كلمة (الله) التى جاءت فى سفر دانيال الأرامى ، الذى عثر عليه ضمن خبيئة قمران، كما ذكرت من قبل.
      والنقطة الثالثة عى لفظة (يسوع): فهل كان اسمه عيسى كما قال القرآن، أم يسوع كما تقول تراجم العهد الجديد؟
      وبعد أن اطلعنا على الخطأ الجغرافى الأول فى ادعاء متى أن يسوع تسمَّى ناصريًا، تبعًا لنبوءة موجودة بالكتاب. وبعد أن علمنا أنه لم توجد مدينة بهذا الاسم حتى القرن الرابع، نتعرف على تحريفات جغرافية إضافية ، تُثبت عدم معرفة كاتب روايات الأناجيل بجغرافية فلسطين.
      فادعوا أنه بعد أن بشر الملاك مريم بأن قريبتها أليصابات هى أيضًا حامل فى الشهر السادس، خرجت مسرعة إليها إلى مدينة يهوذا لتخبرها أو لتبارك لها هذه البشرى: (39فَقَامَتْ مَرْيَمُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَذَهَبَتْ بِسُرْعَةٍ إِلَى الْجِبَالِ إِلَى مَدِينَةِ يَهُوذَا) لوقا 1: 39
      وقد كانت مريم وقتها فى الجليل كما يُخبرنا لوقا: (26وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ اسْمُهَا نَاصِرَةُ 27إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُلٍ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ.) لوقا 1: 26-27
      أتعرف كم من الكيلومترات بين الناصرة وأرض اليهودية؟ إنها مسافة يقطعها المرء فى ثلاثة اشهر سفر ـ كما يقول قاموس الكتاب المقدس الألمانى (صفحة 886) ـ وقد بشرها الملاك قبل رحلتها هذه أن أليصابات كانت حاملاً فى الشهر السادس (لوقا 1: 36)، وعلى ذلك لابد أن تكون أليصابات عند وصول مريم إليها قد أنجبت أو على وشك الإنجاب!
      فانظر بعد ذلك إلى ما قاله الوحى للوقا: (41فَلَمَّا سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلاَمَ مَرْيَمَ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا وَامْتَلَأَتْ أَلِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ 42وَصَرَخَتْ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَتْ: «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! 43فَمِنْ أَيْنَ لِي هَذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟ 44فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي.) لوقا 1: 41-44، فهل بدأت تُحس بدبيب الطفل فى أحشائها بعد تسعة أشهر من الحمل؟
      وعلى ذلك فإن مريم كانت تسكن بالقرب من قريبتها، وخرجت مسرعة ولم تقض سوى دقائق معدودة حتى دخلت على قريبتها، وإلا كيف ستسافر امرأة بمفردها مسيرة ثلاثة أشهر؟ فهم إذن من سبط واحد، هو سبط لاوى، ومكان سكناهم هو مدينة يهوذا.
      وذلك أيضًا لأن يشوع بن نون  قد قسم أرض كنعان بعد فتحها على الأسباط وحدَّدَ لكل سبط أرضه بحدود معينة (انظر سفر يشوع الإصحاح 15)، وقد كان نصيب بنى هارون ثلاثة عشر مدينة من وسط يهوذا (انظر يشوع 21: 4).
      أضف إلى ذلك أن مدينة الناصرة (فيما بعد) كانت من نصيب سبط زبولون بن يعقوب من زوجته ليئة (تكوين 30: 20)، وهم يهود السامرة، والعداء مُستَحْكَم بينهم وبين يهود أورشليم والاتصال بينهم ممنوع، والدليل على ذلك قول المرأة السامرية لعيسى : (7فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ السَّامِرَةِ لِتَسْتَقِيَ مَاءً فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «أَعْطِينِي لأَشْرَبَ» - 8لأَنَّ تلاَمِيذَهُ كَانُوا قَدْ مَضَوْا إِلَى الْمَدِينَةِ لِيَبْتَاعُوا طَعَاماً. 9فَقَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ السَّامِرِيَّةُ: «كَيْفَ تَطْلُبُ مِنِّي لِتَشْرَبَ وَأَنْتَ يَهُودِيٌّ وَأَنَا امْرَأَةٌ سَامِرِيَّةٌ؟» لأَنَّ الْيَهُودَ لاَ يُعَامِلُونَ السَّامِرِيِّينَ.) يوحنا 4: 7-9.
      فكيف سمحوا لسامرى - هذا لو كان من ناصرة الجليل - من صغره بالمقام فى هيكل سليمان؟ فهل كان يُعلِّم فى مَجمعهم؟ وكذلك جاء رفض المرأة السامرية التعامل معه لأنه غير سامرى لأكبر دليل على عدم ولادة عيسى  فى مدينة الناصرة، لأنه لو ولد فى الناصرة لأصبح سامرى، ولما سَمَّته يهوديًا: (كَيْفَ تَطْلُبُ مِنِّي لِتَشْرَبَ وَأَنْتَ يَهُودِيٌّ وَأَنَا امْرَأَةٌ سَامِرِيَّةٌ).
      أما مكان سُكنى اليهود وهم من سبط لاوى ومنهم عيسى ابن مريم ـ حيث كان من واجباتهم التدريس والوعظ فى هيكل سليمان ، بالإضافة إلى دعوة اليهود لعيسى  بكلمة (ربونى) الذى تفسيره يا معلم ، وهى لا تُطلق إلا على اللاويين ـ فى أرض اليهود مع سبط يهوذا، وأن مدينة الناصرة كانت من نصيب سبط زبولون بن يعقوب من زوجته ليئة وهم من يهود السامرة ، كما ذكرت.
      ويحل القرآن هذه المشكلة فى ندائه لمريم ب (ابنة عمران) و(أخت هارون)، والمعروف أن عمران أنجب موسى وهارون، وبذلك يدخل عيسى  ضمن بركة إسحاق حيث إن موسى من نسل إسحاق بن إبراهيم، والدليل على هذا أن ملاك الرب نزل على مريم يبشرها بالحمل فقال لها: (36وَهُوَذَا أَلِيصَابَاتُ نَسِيبَتُكِ هِيَ أَيْضاً حُبْلَى بِابْنٍ فِي شَيْخُوخَتِهَا) لوقا 1: 36
      وكانت أليصابات هذه زوجة زكريا ، و(5كَانَ فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ مَلِكِ الْيَهُودِيَّةِ كَاهِنٌ اسْمُهُ زَكَرِيَّا مِنْ فِرْقَةِ أَبِيَّا وَامْرَأَتُهُ مِنْ بَنَاتِ هَارُونَ وَاسْمُهَا أَلِيصَابَاتُ.) لوقا 1: 5 و(1وَهَذِهِ فِرَقُ بَنِي هَارُونَ: بَنُو هَارُونَ: نَادَابُ وَأَبِيهُو أَلِعَازَارُ وَإِيثَامَارُ. .. .. .. 10السَّابِعَةُ لِهُقُّوصَ. الثَّامِنَةُ لأَبِيَّا.) أخبار الأيام الأول 24: 1-10
      ويبقى سؤال واحد: ما الدليل على أن مريم وأليصابات من سبط لاوى؟
      هذا قانون اليهود عند الزواج: (7فَلا يَتَحَوَّلُ نَصِيبٌ لِبَنِي إِسْرَائِيل مِنْ سِبْطٍ إِلى سِبْطٍ بَل يُلازِمُ بَنُو إِسْرَائِيل كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَ سِبْطِ آبَائِهِ. 8وَكُلُّ بِنْتٍ وَرَثَتْ نَصِيباً مِنْ أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيل تَكُونُ امْرَأَةً لِوَاحِدٍ مِنْ عَشِيرَةِ سِبْطِ أَبِيهَا لِيَرِثَ بَنُو إِسْرَائِيل كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَ آبَائِهِ 9فَلا يَتَحَوَّل نَصِيبٌ مِنْ سِبْطٍ إِلى سِبْطٍ آخَرَ بَل يُلازِمُ أَسْبَاطُ بَنِي إِسْرَائِيل كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ».) عدد 36: 7-9
      (ولعل من أجل ذلك ساقكما الله إلىّ حتى تتزوج هذه بذى قرابتها من عشيرة سبط أبيها) طوبيا 7: 14
      (ولما أن صار رجلاً اتخذ له امرأة من سبطه اسمها حنه) طوبيا 1: 9
      وعلى ذلك تكون أليصابات من نسل هارون من سبط لاوى ، وتكون مريم البتول نسيبتها من نفس السبط ، أى تكون أختًا بالنسب لهارون، وابنة بالنسب لعمران ، ويكون عيسى  أيضًا من نسل هارون.
      ويؤكد كذلك نسبته إلى هارون دعوة المجدلية وأتباعه له ب (ربى أو ربونى) ، وهو لقب للكاهن الذى يعلِّم فى المعبد ، وكذلك قميصه غير المخاط الذى كان يرتديه (يوحنا 19: 23)، حيث لم يك يرتديه إلا الكاهن ، وكان سبط هارون مخصص لتدريس الناموس وتعليم الناس.
      ومن الأخطاء الجغرافية أيضًا ما نجده فى تحدثهم عن قرية الجدريين أو الجرجسيين. ففى الوقت الذى يتناقض فيه قول الأناجيل عن عدد المجانين الذين شفاهم يسوع بإذن الله، يتضاربون أيضًا فى اسم القرية التى حدث فيها هذا:
      فيحددها متى بكورة الجرجسيين، وأن يسوع شفى اثنين من المجانين: (28وَلَمَّا جَاءَ إِلَى الْعَبْرِ إِلَى كُورَةِ الْجِرْجَسِيِّينَ اسْتَقْبَلَهُ مَجْنُونَانِ خَارِجَانِ مِنَ الْقُبُورِ هَائِجَانِ جِدَّاً حَتَّى لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَجْتَازَ مِنْ تِلْكَ الطَّرِيقِ.) متى 8 : 28
      ويحددها مرقس بكورة الجدريين، وأن يسوع شفى مجنونًا واحدًا: (1وَجَاءُوا إِلَى عَبْرِ الْبَحْرِ إِلَى كُورَةِ الْجَدَرِيِّينَ. 2وَلَمَّا خَرَجَ مِنَ السَّفِينَةِ لِلْوَقْتِ اسْتَقْبَلَهُ مِنَ الْقُبُورِ إِنْسَانٌ بِهِ رُوحٌ نَجِسٌ.) مرقس 5: 1-2
      ويوافق لوقا مرقس: (26وَسَارُوا إِلَى كُورَةِ الْجَدَرِيِّينَ الَّتِي هِيَ مُقَابِلَ الْجَلِيلِ. 27وَلَمَّا خَرَجَ إِلَى الأَرْضِ اسْتَقْبَلَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمَدِينَةِ كَانَ فِيهِ شَيَاطِينُ مُنْذُ زَمَانٍ طَوِيلٍ وَكَانَ لاَ يَلْبَسُ ثَوْباً وَلاَ يُقِيمُ فِي بَيْتٍ بَلْ فِي الْقُبُورِ.) لوقا 8: 26-27
      تقول دائرة المعارف الكتابية مادة (جرجسيون): ”وهم أهل جرجسة او جرازا، وإليهم تنسب كورة الجرجسيين (مت 8: 28) التي عبر إليها الرب يسوع وهناك استقبله مجنونان خارج القبور. ويذكر مرقس ولوقا الكورة بأسم كورة الجدريين (مرقس 5: 1، لو 8: 26). فمتى يذكر لليهود العالمين ببلاد المنطقة جيداً اسم القرية التى حدثت فيها المعجزة، أما مرقس ولوقا اللذان كتبا للأمم فقد اكتفيا بذكر اسم الكورة التى تقع بها القرية (ارجع إلي "جدرة" في هذا المجلد).“
      ولنا هنا وقفات: فكاتبو دائرة المعارف الكتابية يعتبرون القارىء غبيًا ، أو ساذجًا لن يبحث بعد كلامهم. فعلى الرغم من أن النص يُسمِّى كلا المكانين (كورة) إلا أنه يحاول أن يجعل (جدرة) هى الكورة و(جرجسة) هى القرية.
      ومن ناحية أخرى اعتادوا على برهنة الاختلافات الموجودة بين كاتبى الأناجيل بفبركة عجيبة. فتقول: إن متى كتبها هكذا، لأنه كان يكتب للعبرانيين الذين يعرفون المنطقة جيدًا، بينما كتبها مرقس ولوقا بصورة مغايرة لأنهما كتبا للأمم. فما علاقة الوحى بهذا الكلام؟ وما علاقة الموقع الجغرافى بهذا الهراء؟ وهل لا يعلم كاتبو دائرة المعارف هذه أن متى اعتمد فى 88% من إنجيله على كتابات مرقس؟ إذن لماذا لا تُصارحون قراءكم بأن متى لم يكن من يهود فلسطين ولا يعرف جغرافيتها هو الآخر ووقع فى تقديره أن هذه القرية هى الجرجسيين وليست الجدريين؟
      والأغرب من ذلك أن الترجمة العربية المشتركة وكتاب الحياة وترجمة الآباء اليسوعيين قد غيروا فى متن النص المقدس الذى يحفظه الرب من التغيير والتبديل والتلاعب من كورة (الجرجسيين) التى صححها متى لمرقس إلى كورة (الجدريين) التى رفضها متى اليهودى واعتبرها خطأ من مرقس!! كما غيروا فى نصوص (مرقس 5: 1 ولوقا 8: 26) كلمة الجدريين إلى كلمة الجرجسيين. أى قاموا بإبدالهما مع ما ذكر فى نص متى لطبعة فاندايك.
      والسبب فى هذا التغيير العجيب واضح جدًا. فإنهم يقولون إن كاتب إنجيل متَّى هو متى اللاوى الفلسطينى وأحد التلاميذ. ولأن وجود اسم قرية الجرجسيين عند متى لتدل على أن كاتبها لا يعلم شيئًا عن فلسطين وجغرافيتها ، لأن قرية جرجسة كما يقول هامش ترجمة الآباء اليسوعيين ص140: ”بعيدة عن البحيرة وأبعد من أن تصلح للمدينة الوارد ذكرها فى الآية“ مرقس 5: 14 حيث دخلت الشياطين فى الخنازير فرمت نفسها من الجرف إلى البحر وماتت.

      تعليق


      • #93
        الملف 69
        وعلى ذلك لا بد أن يكون للخنازير أجنحة طارت بها 50 كم لتصل إلى البحيرة! وهذا الخطأ يفضح أن كاتب هذا الإنجيل غير متَّى أحد التلاميذ. لذلك نسبوا الخطأ الجغرافى لمرقس ولوقا، وصححوا المكان عند متَّى!!
        ويحدد مفسرو إنجيل متى (التفسير الحديث) ص174 أن قرية جرجسة تبعد عن البحيرة 50 كيلومترًا. ”والجدريين ربما تكون الكلمة الأصلية فى إنجيل متى“. أى إن المفسرين لا يثقون تمامًا أن ما كتب عند متى هو من وحى الله. وهذا ما اعترفوا به فى هامش هذه الصفحة فقالوا: ”إن كلمة جرجسيين أُدخلت غالبًا بواسطة أوريجانوس لأنه لا جدرا ولا المدينة الرومانية جراسا كانتا على شاطىء البحيرة“.
        وأهنىء الكاتب على شجاعته الأدبية ومصارحته لقرائه واحترامه لعقولهم. إذن فقد أخطأ متى، وأخطأ مرقس، وأخطأ لوقا، وأخطأ أوريجانوس. الأمر الذى ينفى عن كتبة الأناجيل وجود الروح القدس عندهم، وينفى وجوده أيضًا عند أوريجانوس، ويُثبت أنه كان عند آباء الكنيسة السطوة والجرأة على التغيير فى كتاب الله ، أو إنهم لم يعتبروا هذه الكتب ملهمة من الله لكاتبيها!!
        ويقول التفسير الحديث لإنجيل لوقا ص159-160: ”"كورة الجدريين"، وهى تمثل لنا مشكلة، أن جرجسة تبعد أربعين ميلًا جنوب شرقى البحيرة [أى حوالى 64.374 كيلومترات]، ويسميها متى البشير كورة الجدريين [هذا يُخالف ما جاء فى متى عند فاندايك، حيث أتت جرجسيين]، لكن جدرة تبعد ستة أميال [أى 9.656 كم] وتفصلها منحدرات اليرموك. والبشائر الثلاثة المتشابهة بها هذه الاختلافات، بل وبها أيضًا اختلاف ثالث "كورة الجرجسيين".ويفضل العلامة أوريجون [أوريجانوس] هذا الإسم الأخير، وهو يرى أن الاسمين الآخرين يشيران إلى أماكن بعيدة جدًا. ويعتقد أن الاختلاف فى نطق الاسم راجع إلى أن الكتبة لم يكونوا يعرفون بلدة "جرجسة" الصغيرة ولذلك أبدلوها بأسماء يعرفونها“.
        ألا يعتبر هذا دليل واضح على جهل الكُتَّاب؟ ألا يدل هذا دلالة واضحة على تصرفهم من تلقاء أنفسهم فى متن النصوص التى ينقلونها؟ ألا يدل هذا دلالة واضحة على أنهم لم يُوحَ إليهم؟ ألا يدل هذا دلالة واضحة على اعتراف أحد آباء الكنيسة وهو أوريجانوس بعدم قدسية هذا الكتاب؟ ألا يدل ذلك على تهافت الروايات والقصص التى يعتقدون أن القرآن نقل منها؟
        ويكفى أن نذكر ما قالته مقدمة الكتاب المقدس الكاثوليكى اليسوعى عن مؤلف إنجيل لوقا، فقالت ص185: «وغالبًا ما تبيَّن للنقَّاد عدم معرفته لجغرافية فلسطين ولكثير من عادات هذا البلد.».
        ومن أخطاء لوقا الجغرافية قوله إن يسوع كان يكرز فى اليهودية، وليس فى مجامع الجليل كما أجمعت الأناجيل الأخرى، وكما يتضح من لوقا 5: 1، حيث تقع بحيرة جنيسارت على الجليل وليس فى اليهودية، إلا أن غير الأمناء قد غيروا كلمة (اليهودية) التى جاءت عند لوقا بكلمة (الجليل) فى ترجمة الفاندايك التى تعتدُّ بها الكنيسة الأرثوذكسية المصرية: (44فَكَانَ يَكْرِزُ فِي مَجَامِعِ الْجَلِيلِ.) لوقا 4: 44 (ترجمة الفاندايك عام 1989)
        لوقا 4: 44 (ومَضى يُـبَشِّرُ في مجامعِ اليهوديَّةِ.) الترجمة العربية المشتركة
        لوقا 4: 44 (وأَخَذَ يُبَشِّرُ في مَجامِعِ اليَهودِيَّة.) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
        لوقا 4: 44 (وكانَ يَطوفُ، مُبشِّرًا في مَجامعِ اليَهوديَّة.) الترجمة البولسية
        لوقا 4: 44 (وَمَضَى يُبَشِّرُ فِي مَجَامِعِ الْيَهُودِيَّةِ.) ترجمة كتاب الحياة
        وهذا ليس خطأ ترجمة، لأن هذا اسم علم، كما أنها جاءت (اليهودية) فى المخطوطة السينائية، والمجلد السينائى، وهما من أقدم مخطوطات الكتاب المقدس، ويرجعان إلى القرن الرابع.
        (23وَكَانَ يَسُوعُ يَطُوفُ كُلَّ الْجَلِيلِ يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِهِمْ وَيَكْرِزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ وَيَشْفِي كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضَعْفٍ فِي الشَّعْبِ.) متى 4: 23
        (39فَكَانَ يَكْرِزُ فِي مَجَامِعِهِمْ فِي كُلِّ الْجَلِيلِ وَيُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ.) مرقس 1: 39
        والأغرب من ذلك أن الأب متى المسكين اعترف بهذا الخطأ دون أن يلفت الأنظار، فقد غيرها من تلقاء نفسه فى تفسيره لإنجيل لوقا ص220. إلا أنه علق بعد شرحه لهذه الجملة قائلا: (لاحظ أن المسيح لم يكن قد انحدر إلى اليهودية بعد.) وذلك على الرغم من أن نسخة الأرثوذكس المعتمدة تذكرها اليهودية!!
        ونسأله فلماذا ذكر لوقا أن يسوع ذهب إلى اليهودية وأخذ يكرز هناك؟ لقد صحح الأب متى المسكين ما أخطأ فيه الرب، كما فعلت الترجمات الأخرى!!
        وإذا نظرت إلى خريطة الكتاب المقدس لوجدت أن المسافة بين الجليل التى تقع فى شمال فلسطين واليهودية التى تقع فى جنوبها حوالى 150 كم، الأمر الذى جعل مؤلفى التفسير الحديث للكتاب المقدس يقولون ص111 من تفسير إنجيل لوقا: (وثمة صعوبة بالنسبة لمجامع اليهودية، لأنه لم يرد ذكر فى أى مكان آخر فى الأناجيل المتشابهة عن جولة تبشيرية كهذه، أى فى «مجامع الجليل» والأصوب ما جاء فى ترجمات أخرى «مجامع اليهودية».). وأعتقد أن المؤلفين قد استبدلوا عن سهو المجمعين، أو كان هذا خطأ المترجم.
        وبذلك لم يكن لوقا يعرف موقع اليهودية، وبعدها عن الجليل، لذلك بعدما قال إن يسوع كان يكرز فى مجامع اليهودية نجده فى الإصحاح الخامس يجتمع الناس حول يسوع على بحيرة جنيسارت الواقعة فى الجليل، فكيف له أن يكون فى الجليل وهو يكرز فى اليهودية؟ (1وَإِذْ كَانَ الْجَمْعُ يَزْدَحِمُ عَلَيْهِ لِيَسْمَعَ كَلِمَةَ اللهِ كَانَ وَاقِفًا عِنْدَ بُحَيْرَةِ جَنِّيسَارَتَ) لوقا 5: 1
        من كل ما ذكرنا يتضح لنا أن القائمين على نسخ هذا الكتاب أو ترجمته أو تفسيره قد تلاعبوا بهذا الكتاب لإحراز مكاسب شخصية نراها فى إزدواجية القصص أو الأوامر التى ينسبونها لله، لرفع طبقة من الكهنة على الأخرى، كما قال فريدمان فى كتابه (من كتب التوراة؟)، أو عدم ذكر بعض الذرية أو بعض الأشخاص لأسباب سياسية أو بسبب الميراث ، كما حدث مع أبناء بنيامين فى تحليل الدكتور القس منيس عبد النور. وهناك الآلاف من هذه الأخطاء وهذا التحريف، وهذا ثابت بين علماء الكتاب الذى تقدسه عزيزى الكاتب، ويختلفون فقط فى تحديد كم هذه الأخطاء. فهناك من يراها 50000 خطأ فى المخطوطات اليدوية، أو ضعف ذلك ، وآخرون يرونها 150000 ، وهناك من يقلل عن ذلك، وهناك من أوصل القول إلى 250000 مثل ما جاء على لسان علماء اللاهوت فى جريدة Tagesanzeiger السويسرية اليومية بتاريخ 18/2/1972 (راجع «حقيقة الكتاب المقدس تحت مجهر علماء اللاهوت»)
        ومن كل ما ذكرت يجب أن يغنينا هذا عن الدخول فى تفاصيل الزمان والمكان والأحداث فى الفرق بين القصة القرآنية والقصة فى كتابك الذى تقدسه. إلا أننى سوف اذكر الفرق بين قصة الإسلام عن الذبيح، وقصة الكتاب المقدس جدًا عنه، وأيهما الأصح حتى تكون لها الهيمنة، وتكون القصة الثانية متهافتة.
        * * *
        من هو الذبيح؟ هل هو إسماعيل أم إسحاق؟
        أقسم الرب فى سفر التكوين بسبب طاعة إبراهيم وولده لأوامر الله ، وقدمه للذبح قائلًا: («بِذَاتِي أَقْسَمْتُ يَقُولُ الرَّبُّ أَنِّي مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ فَعَلْتَ هَذَا الأَمْرَ وَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ 17أُبَارِكُكَ مُبَارَكَةً وَأُكَثِّرُ نَسْلَكَ تَكْثِيرًا كَنُجُومِ السَّمَاءِ وَكَالرَّمْلِ الَّذِي عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ وَيَرِثُ نَسْلُكَ بَابَ أَعْدَائِهِ 18وَيَتَبَارَكُ فِي نَسْلِكَ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِي».) تكوين 22: 16-18
        وهذا يعنى أن النبى الذى سيتبارك بسببه جميع أمم الأرض سيكون من نسل هذا الذبيح. وبناء على ذلك فسيكون معه العهد الأبدى، أى النبوة الخاتمة. لأننا نعلم أن دين موسى لم يكن للبشرية كلها، بل كان لبنى إسرائيل.وكذلك كان دين عيسى .
        فقد قال: (20وَلَكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هَذِهِ الأُمُورِ إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلًا: «يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. 21فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ».) متى 1: 20-21
        وعندما أرسل تلاميذه قال لهم: (5هَؤُلاَءِ الاِثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلًا: «إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا. 6بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ.) متى 10: 5-6
        بل رفض علاج المرأة الكنعانية لأنها ليست من بنى إسرائيل: (22وَإِذَا امْرَأَةٌ كَنْعَانِيَّةٌ خَارِجَةٌ مِنْ تِلْكَ التُّخُومِ صَرَخَتْ إِلَيْهِ: «ارْحَمْنِي يَا سَيِّدُ يَا ابْنَ دَاوُدَ. ابْنَتِي مَجْنُونَةٌ جِدًّا». 23فَلَمْ يُجِبْهَا بِكَلِمَةٍ. فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَطَلَبُوا إِلَيْهِ قَائِلِينَ: «اصْرِفْهَا لأَنَّهَا تَصِيحُ وَرَاءَنَا!» 24فَأَجَابَ: «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ».) متى 15: 22-24
        وكذلك يقول متى عنه إنه سيجلس فى الآخرة مع تلاميذه لإدانة بنى إسرائيل فقط: (27فَأَجَابَ بُطْرُسُ حِينَئِذٍ: «هَا نَحْنُ قَدْ تَرَكْنَا كُلَّ شَيْءٍ وَتَبِعْنَاكَ. فَمَاذَا يَكُونُ لَنَا؟» 28فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الَّذِينَ تَبِعْتُمُونِي فِي التَّجْدِيدِ مَتَى جَلَسَ ابْنُ الإِنْسَانِ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ تَجْلِسُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ كُرْسِيًّا تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إِسْرَائِيلَ الاِثْنَيْ عَشَرَ.) متى 19: 27-28
        كذلك اتفق بولس مع التلاميذ أن يكرز هو بين الأمم (وكان سببًا فى إضلالهم)، على أن يكرز التلاميذ بين بنى إسرائيل فقط: (7بَلْ بِالْعَكْسِ، إِذْ رَأَوْا أَنِّي اؤْتُمِنْتُ عَلَى إِنْجِيلِ الْغُرْلَةِ كَمَا بُطْرُسُ عَلَى إِنْجِيلِ الْخِتَانِ.) غلاطية 2: 7
        كذلك لم ينشر تلاميذ  دينه بين الأمم الذين أضلهم بولس، واكتفوا بتعليمهم ألا يحفظوا شيئًا من تعاليم بولس ، وأن يحافظوا على أنفسهم مما ذبح للأصنام ومن الدم والمخنوقة والزنا: (17وَلَمَّا وَصَلْنَا إِلَى أُورُشَلِيمَ قَبِلَنَا الإِخْوَةُ بِفَرَحٍ. 18وَفِي الْغَدِ دَخَلَ بُولُسُ مَعَنَا إِلَى يَعْقُوبَ وَحَضَرَ جَمِيعُ الْمَشَايِخِ. 19فَبَعْدَ مَا سَلَّمَ عَلَيْهِمْ طَفِقَ يُحَدِّثُهُمْ شَيْئًا فَشَيْئًا بِكُلِّ مَا فَعَلَهُ اللهُ بَيْنَ الْأُمَمِ بِوَاسِطَةِ خِدْمَتِهِ. 20فَلَمَّا سَمِعُوا كَانُوا يُمَجِّدُونَ الرَّبَّ. وَقَالُوا لَهُ: «أَنْتَ تَرَى أَيُّهَا الأَخُ كَمْ يُوجَدُ رَبْوَةً مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُمْ جَمِيعًا غَيُورُونَ لِلنَّامُوسِ. 21وَقَدْ أُخْبِرُوا عَنْكَ أَنَّكَ تُعَلِّمُ جَمِيعَ الْيَهُودِ الَّذِينَ بَيْنَ الْأُمَمِ الاِرْتِدَادَ عَنْ مُوسَى قَائِلًا أَنْ لاَ يَخْتِنُوا أَوْلاَدَهُمْ وَلاَ يَسْلُكُوا حَسَبَ الْعَوَائِدِ. 22فَإِذًا مَاذَا يَكُونُ؟ لاَ بُدَّ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَنْ يَجْتَمِعَ الْجُمْهُورُ لأَنَّهُمْ سَيَسْمَعُونَ أَنَّكَ قَدْ جِئْتَ. 23فَافْعَلْ هَذَا الَّذِي نَقُولُ لَكَ: عِنْدَنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ عَلَيْهِمْ نَذْرٌ. 24خُذْ هَؤُلاَءِ وَتَطهَّرْ مَعَهُمْ وَأَنْفِقْ عَلَيْهِمْ لِيَحْلِقُوا رُؤُوسَهُمْ فَيَعْلَمَ الْجَمِيعُ أَنْ لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا أُخْبِرُوا عَنْكَ بَلْ تَسْلُكُ أَنْتَ أَيْضًا حَافِظًا لِلنَّامُوسِ. 25وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْأُمَمِ فَأَرْسَلْنَا نَحْنُ إِلَيْهِمْ وَحَكَمْنَا أَنْ لاَ يَحْفَظُوا شَيْئًا مِثْلَ ذَلِكَ سِوَى أَنْ يُحَافِظُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِمَّا ذُبِحَ لِلأَصْنَامِ وَمِنَ الدَّمِ وَالْمَخْنُوقِ وَالزِّنَا».) أعمال الرسل 21: 17-32
        ويحدثنا الكتاب والتاريخ أن عيسى  كان يصلى كل يوم فى الهيكل، ويرى الذين آمنوا من الأمم يصلون خارج الهيكل، ولم يأمرهم قط أن يدخلوا الهيكل. بل كان مكتوبًا على جدار الهيكل: عند دخول أحد من الأمميين سوف يُقتل باللاتينية واليونانية والعبرانية.
        بل حاكم التلاميذ بطرس لأنه دخل بيتًا للأحد الأمميين ، وهو من أوائل الناس الذين كسروا تعاليم يسوع بهذا الشأن: (28فَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ كَيْفَ هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَى رَجُلٍ يَهُودِيٍّ أَنْ يَلْتَصِقَ بِأَحَدٍ أَجْنَبِيٍّ أَوْ يَأْتِيَ إِلَيْهِ. وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَرَانِي اللهُ أَنْ لاَ أَقُولَ عَنْ إِنْسَانٍ مَا إِنَّهُ دَنِسٌ أَوْ نَجِسٌ.) أعمال الرسل 10: 28
        (1فَسَمِعَ الرُّسُلُ وَالإِخْوَةُ الَّذِينَ كَانُوا فِي الْيَهُودِيَّةِ أَنَّ الْأُمَمَ أَيْضًا قَبِلُوا كَلِمَةَ اللهِ. 2وَلَمَّا صَعِدَ بُطْرُسُ إِلَى أُورُشَلِيمَ خَاصَمَهُ الَّذِينَ مِنْ أَهْلِ الْخِتَانِ 3قَائِلِينَ: «إِنَّكَ دَخَلْتَ إِلَى رِجَالٍ ذَوِي غُلْفَةٍ وَأَكَلْتَ مَعَهُمْ».) أعمال الرسل 11: 1-3
        هل المسيحية دين عالمى؟
        أما قول النصارى بنهاية إنجيل متى (19فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.) متى 28: 19 ، فيقول علماء أهل الكتاب عنها:
        لاحظ أنه ما وضع بين قوسين معكوفين [ ] فهو من المترجم (Al_sarem76) وألفه (كلينتون دي ويليس): (by:Clinton D. Willis, [email protected]
        موسوعة الأديان والأخلاق:
        قالت الموسوعة على ما جاء في متى 28: 19 (إنه الدليل المركزي على وجهة النظر التراثية للتثليث. إن كان غير مشكوك، لكان بالطبع دليلًا حاسمًا، ولكن كونه موثوقًا أمر مطعون فيه على خلفيات نقد النصوص والنقد الأدبي والتاريخي.
        ونفس الموسوعة أفادت قائلة: (إن التفسير الواضح لصمت العهد الجديد عن اسم الثالوث واستخدام صيغة أخرى (باسم المسيح (1)) في أعمال الرسل وكتابات بولس، هو (أي التفسير) أن هذه الصيغة كانت متأخرة، وأن صيغة التثليث كانت إضافة لاحقة.
        إدموند شلنك، مبدأ (عقيدة) التعميد (صـفحة 28):
        صيغة الأمر بالتعميد الوارد بمتى 28: 19 لا يمكن أن يكون الأصل التاريخي للتعميد المسيحي. وعلى أقل تقدير، يجب أن يفترض أن هذا النص نُقِلَ عن الشكل الذي نشرته الكنيسة الكاثوليكية.
        تفسير العهد الجديد لتيندال: ( الجزء الأول، صـ 275):
        إن من المؤكد أن الكلمات "باسم الأب والإبن والروح القدس" ليست النص الحرفي لما قال عيسى، ولكن … إضافة دينية لاحقة.
        المسيحية، لويلهيلم بويست وكيريوس (صـ 295):
        إن الشهادة للإنتشار الواسع للصيغة التعميدية البسيطة [باسم المسيح] حتى القرن الميلادي الثاني، كان كاسحًا جدًا برغم وجود صيغة متى 28: 19 لتثبت أن الصيغة التثليثية أقحمت لاحقًا.
        الموسوعة الكاثوليكية، (المجلد الثاني، صـ 236):
        إن الصيغة التعميدية قد غيرتها الكنيسة الكاثوليكية في القرن الثاني من باسم يسوع {عيسى} المسيح لتصبح باسم الأب والإبن والروح القدس.
        قاموس الكتاب المقدس لهاستينج (طبعة 1963 ، صـ 1015):
        الثالوث. - … غير قابل للإثبات المنطقي أو بالأدلة النصية {لا معقول ولا منقول}، … كان ثيوفيلوس الأنطاكي (180م) هو أول من استخدم المصطلح "ثلاثي"، … (المصطلح ثالوث) غير موجود في النصوص.
        النص التثليثي الرئيسي في العهد الجديد هو الصيغة التعميدية في متى 28: 19 ... هذا القول المتأخر فيما بعد القيامة غير موجود في أي من الأناجيل الأخرى أو في أي مكان آخر في العهد الجديد، هذا وقد رآه بعض العلماء كنص موضوع في متى. وقد وضح أيضًا أن فكرة الحواريين مستمرين في تعليمهم، حتى إن الإشارة المتأخرة للتعميد بصيغتها التثليثية لربما كانت إقحام لاحق في الكلام.
        أخيرًا، صيغة إيسوبيوس للنص (القديم) كان ("باسمي" بدلًا من اسم الثالوث) لها بعض المحامين.(بالرغم من وجود صيغة التثليث الآن في الطبعات الحديثة لكتاب متى) فهذا لا يضمن أن مصدرها هو من التعليم التاريخي ليسوع. والأفضل بلا شك النظر لصيغة التثليث هذه على أنها مستمدة من الطقس التعميدي للمسيحيين الكاثوليكيين الأوائل ربما السوريون أو الفلسطينيون (أنظر ديداش 7: 1-4)، وعلى أنها تلخيص موجز للتعاليم الكنسية الكاثوليكية عن الآب والإبن والروح ... .
        موسوعة شاف هيرزوج للعلوم الدينية:
        لا يمكن أن يكون يسوع قد أعطى الحواريين هذا التعميد الثالوثي بعد قيامته - فالعهد الجديد يعرف صيغة واحدة فقط للتعميد باسم المسيح (أعمال 2: 38، 8: 16، 10: 43، 19: 5 وأيضًا في غلاطية 3: 27، رومية 6: 3, كورنثوس1 1: 13-15)، والتي بقيت موجودة حتى في القرنين الثاني والثالث بينما الصيغة التثليثية موجودة في متى 28: 19 فقط، وبعد هذا فقط في ديداش 7: 1، وفي جوستين وأبو 11: 16.... أخيرًا, الطبيعة الطقسية الواضحة لهذه الصيغة ... غريبة، وهذه ليست طريقة يسوع في عمل مثل هذه الصياغات ... وبالتالي فالثقة التقليدية في صحة (أو أصالة) متى 28: 19 يجب أن تناقش.( صـ 435).
        كتاب جيروزاليم المقدس، عمل كاثوليكي علمي، قرر أن:
        من المحتمل أن هذه الصيغة، (الثالوثية بمتى 28: 19) بكمال تعبيرها واستغراقه، هي انعكاس للإستخدام الطقسي (فعل بشري) الذي تقرر لاحقًا في الجماعة (الكاثوليكية) الأولى. سيبقى مذكورًا أن الأعمال {أعمال الرسل} تتكلم عن التعميد "باسم يسوع،"... .
        الموسوعة الدولية للكتاب المقدس، المجلد الرابع، صفحة 2637، وتحت عنوان "العماد" Baptism قالت:
        ماجاء في متى 28: 19 كان تقنينًا {أو ترسيخًا} لموقف كنسي متأخر، فشموليته تتضاد مع الحقائق التاريخية المسيحية، بل والصيغة التثليثية غريبة على كلام يسوع.
        جاء في الإصدار المحقق الجديد للكتاب المقدس (NRSV)عن متى28: 19:
        يدعي النقاد المعاصرين أن هذه الصيغة نسبت زورًا ليسوع وأنها تمثل تقليدًا متأخرًا من تقاليد الكنيسة (الكاثوليكية)، لأنه لا يوجد مكان في كتاب أعمال الرسل (أو أي مكان آخر في الكتاب المقدس) تم التعميد فيه باسم الثالوث. .. .
        ترجمة العهد الجديد لجيمس موفيت:
        في الهامش السفلي صفحة 64 تعليقًا على متى 28: 19 قرر المترجم أن: من المحتمل أن هذه الصيغة، ( الثالوثية بمتى 28: 19) بكمال تعبيرها واستغراقه، هي انعكاس للإستخدام الطقسي (فعل بشري) الذي تقرر لاحقًا في الجماعة (الكاثوليكية) الأولى. سيبقى مذكورًا أن الأعمال {أعمال الرسل} تتكلم عن التعميد "باسم يسوع، راجع أعمال الرسل 1: 5 +.".
        توم هاربر:
        توم هاربر، الكاتب الديني في تورنتو ستار {لا أدري إن كانت مجلة أو جريدة أو ...} وفي عموده "لأجل المسيح" صفحة 103 يخبرنا بهذه الحقائق:
        كل العلماء ما عدا المحافظين يتفقون على أن الجزء الأخير من هذه الوصية [الجزء التثليثي بمتى 28: 19 ] قد أقحم لاحقًا. الصيغة [التثليثية] لا توجد في أي مكان آخر في العهد الجديد، ونحن نعرف من الدليل الوحيد المتاح [باقي العهد الجديد] أن الكنيسة الأولى لم تُعَمِّد الناس باستخدام هذه الكلمات ("باسم الآب والإبن والروح القدس")، وكان التعميد "باسم يسوع مفردًا".
        وبناءًا على هذا فقد طُرِحَ أن الأصل كان "عمدوهم باسمي" وفيما بعد مُدِّدَت [غُيِّرَت] لتلائم العقيدة [التثليث الكاثوليكي المتأخر].
        في الحقيقة، إن التصور الأول الذي وضعه علماء النقد الألمان والموحدون أيضًا في القرن التاسع عشر قد تقررت وقُبِلَت كخط رئيسي لرأي العلماء منذ 1919 عندما نـُـشِرَ تفسير بيك {Peake}:" الكنيسة الأولى (33 م) لم تلاحظ الصيغة المنتشرة للتثليث برغم أنهم عرفوها. إن الأمر بالتعميد باسم الثلاثة [الثالوث] كان توسيعًا { تحريفًا} مذهبيًا متأخرًا".
        تفسير الكتاب المقدس 1919 صفحة 723:
        قالها الدكتور بيك(Peake) واضحة: إن الأمر بالتعميد باسم الثلاثة كان توسيعًا {تحريفًا} مذهبيًا متأخرًا. وبدلاَ من كلمات التعميد باسم الب والإبن والروح القدس، فإنه من الأفضل أن نقرأها ببساطة - "بإسمي.".
        كتاب اللاهوت في العهد الجديد أو لاهوت العهد الجديد:
        تأليف آر بولتمان، 1951، صفحة 133، تحت عنوان كيريجما الكنيسة الهلينستية والأسرار المقدسة. الحقيقة التاريخية أن العدد متى 28: 19 قد تم تبديله بشكل واضح وصريح. "لأن شعيرة التعميد قد تمت بالتغطيس حيث يُغطَس الشخص المراد تعميده في حمام، أو في مجرى مائي كما يظهر من سفر الأعمال 8: 36، والرسالة للعبرانيين 10: 22، .. والتي تسمح لنا بالإستنتاج، وكذا ما جاء في كتاب ديداش 7: 1-3 تحديدًا، إعتمادًا على النص الأخير [النص الكاثوليكي الأبوكريفي] أنه يكفي في حال الحاجة سكب الماء ثلاث مرات [تعليم الرش الكاثوليكي المزيف] على الرأس. والشخص المُعَمَّد يسمي على الشخص الجاري تعميده باسم الرب يسوع المسيح، "وقد وسعت [بُدِّلَت] بعد هذا لتكون باسم الأب والإبن والروح القدس.".
        عقائد وممارسات الكنيسة الأولى:
        تأليف دكتور. ستيوارت ج هال 1992، صفحة 20-21. الأستاذ {بروفيسر} هال كان رسميًا أستاذًا لتاريخ الكنيسة بكلية كينجز، لندن انجلترا. دكتور هال قال بعبارة واقعية: إن التعميد التثليثي الكاثوليكي لم يكن الشكل الأصلي لتعميد المسيحيين، والأصل كان معمودية اسم المسيح.
        3- يقول ويلز: ليس دليلًا على أن حواريي المسيح اعتنقوا التثليث" . ويقول أدولف هرنك: "صيغة التثليث هذه التي تتكلم عن الآب والابن والروح القدس، غريب ذكرها على لسان المسيح، ولم يكن لها وجود في عصر الرسل، … كذلك لم يرد إلا في الأطوار المتأخرة من التعاليم النصرانية ما تكلم به المسيح وهو يلقي مواعظ ويعطي تعليمات بعد أن أقيم من الأموات. وأن بولس لم يعلم شيئًا عن هذا ".([1]) إذ هو لم يستشهد بقول ينسبه للمسيح يحض على نشر النصرانية بين الأمم
        4- ويؤكد تاريخ التلاميذ عدم معرفتهم بهذا النص إذ لم يخرجوا لدعوة الناس كما أمر المسيح، ثم لم يخرجوا من فلسطين إلا حين أجبرتهم الظروف على الخروج "وأما الذين تشتتوا من جراء الضيق الذي حصل بسبب استفانوس فاجتازوا إلى فينيقية وقبرص وأنطاكيا وهم لا يكلمون أحدًا بالكلمة إلا اليهود فقط" (أعمال 11: 19).
        ولما حدث أن بطرس استدعي من قبل كرنيليوس الوثني ليعرف منه دين النصرانية، ثم تنصر على يديه. لما حصل ذلك لامه التلاميذ فقال لهم: "أنتم تعلمون كيف هو محرم على رجل يهودي أن يلتصق بأحد أجنبي أو يأتي إليه، وأما أنا فقد أراني الله أن لا أقول عن إنسان ما أنه دنس أو نجس" (أعمال 10: 28)، لكنه لم يذكر أن المسيح أمرهم بذلك بل قال "نحن الذين أكلنا وشربنا معه بعد قيامته من الأموات، وأوصانا أن نكرز للشعب" (أعمال10: 42)، أي لليهود فقط.
        5- وعليه فبطرس لا يعلم شيئًا عن نص متى الذي يأمر بتعميد الأمم باسم الأب والابن والروح القدس. ولذلك اتفق التلاميذ مع بولس على أن يدعو الأمميين، وهم يدعون الختان أي اليهود يقول بولس: "رأوا أني أؤتمنت على إنجيل الغرلة (الأمم) كما بطرس على إنجيل الختان … أعطوني وبرنابا يمين الشركة لنكون نحن للأمم، وأما هم فللختان" (غلاطية2/7-9) فكيف لهم أن يخالفوا أمر المسيح - لو كان صحيحًا نص متى - ويقعدوا عن دعوة الأمم ،ثم يتركوا ذلك لبولس وبرنابا فقط؟
        6- وجاءت شهادة تاريخية تعود للقرن الثاني مناقضة لهذا النص إذ يقول المؤرخ أبولونيوس :"إني تسلمت من الأقدمين أن المسيح قبل صعوده إلى السماء كان قد أوصى رسله أن لايبتعدوا كثيرًا عن أورشليم لمدة اثني عشر سنة".([2])
        الجامعة الكاثوليكية الأمريكية بواشنطن،1923، دراسات في العهد الجديد رقم 5: الأمر الإلهي بالتعميد تحقيق نقدي تاريخي. كتبه هنري كونيو صـ 27.:
        "إن الرحلات في سفر الأعمال ورسائل القديس بولس هذه الرحلات تشير لوجود صيغة مبكرة للتعميد باسم الرب {المسيح}". ونجد أيضًا: "هل من الممكن التوفيق بين هذه الحقائق والإيمان بأن المسيح أمر تلاميذه أن يعمدوا بالصيغة التثليثية؟ لو أعطى المسيح مثل هذا الأمر، لكان يجب على الكنيسة الرسولية تتبعه، ولكنا نستطيع تتبع أثر هذه الطاعة في العهد الجديد. ومثل هذا الأثر لم يوجد. والتفسير الوحيد لهذا الصمت، وبناءً على نظرة غير متقيدة بالتقليد، أن الصيغة المختصرة باسم المسيح كانت الأصلية، وأن الصيغة المطولة التثليثية كانت تطورًا لاحقًا".
        وعلى ذلك يكون السبب فى تحريف نص الذبيح وهو عدم الاعتراف بإسماعيل والنبى القادم من نسله. ليحتفظ بنو إسرائيل إلى الأبد بالنبوة فى نسلهم، على الرغم من أقوال الأنبياء ومعرفة علماء بنى إسرائيل بأن الملكوت سوف يخرج من أيديهم، ويُعطى لأمة أخرى تعمل أثماره: (42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ») متى 21: 42-44
        هناك من الأحاديث التى نسبت لكبار الصحابة تقول إن الذبيح هو إسحاق ، وقد قال ابن القيم نقلًا عن شيخه شيخ الاسلام ابن تيمية فى هذا الصدد: إسماعيل هو الذبيح على القول الصواب عند علماء الصحابة والتابعين ومن بعدهم. وأما القول إنه إسحاق فباطل بأكثر من عشرين وجهًا.
        وهناك أحاديث كثيرة جدًا صحيحة ثابتة تؤكد أن الذبيح هو إسماعيل.
        ويقول الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد إن الذبيح هو إسحاق. فهل صدق الكتاب أم تم تحريف هذه النقطة فيه؟
        وهناك من الأحاديث الضعيفة والموضوعة التى تشير إلى أن إسحاق هة الذبيح، ومنها:
        86651 - الذبيح إسحاق
        الراوي: عبدالله بن مسعود و أبو هريرة و العباس بن عبدالمطلب المحدث: الألباني – المصدر: ضعيف الجامع - الصفحة أو الرقم: 3059 خلاصة الدرجة: موضوع
        189148 - الذبيح إسحاق
        الراوي: - المحدث: محمد ابن عبدالهادي - المصدر: رسالة لطيفة - الصفحة أو الرقم: 22 خلاصة الدرجة: ليس له إسناد أو له إسناد ولا يحتج بمثله النقاد من أهل العلم
        233414 - الذبيح إسحاق
        الراوي: العباس بن عبدالمطلب المحدث: الهيثمي - المصدر: مجمع الزوائد - الصفحة أو الرقم: 8/205 خلاصة الدرجة: فيه مبارك بن فضالة وقد ضعفه الجمهور
        ويحكى ابن كثير فى تفسيره: ج: 4 ص: 18 (قال سفيان الثوري عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن أبيه قال: قال موسى : يا رب يقولون بإله إبراهيم وإسحاق ويعقوب فيم قالوا ذلك قال إن إبراهيم لم يعدل بي شيء قط إلا اختارني عليه وإن إسحاق جاد لي بالذبح وهو بغير ذلك أجود وإن يعقوب كلما زدته بلاء زادني حسن ظن
        وكذلك روى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه إسحاق وعن أبيه العباس وعلي بن أبي طالب مثل ذلك وكذا قال عكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد والشعبي وعبيد بن عمير وأبو ميسرة وزيد بن أسلم وعبد الله بن شقيق والزهري والقاسم بن أبي بزة ومكحول وعثمان بن حاضر والسدي والحسن وقتادة وأبو الهذيل وابن سابط وهذا إختيار ابن جرير وتقدم روايته عن كعب الأحبار أنه إسحاق وهكذا روى ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن الزهري عن أبي سفيان عن العلاء بن حارثة عن أبي هريرة  عن كعب الأحبار أنه قال هو إسحاق)
        وما حكاه البغوي عن عمر وعلي وابن مسعود والعباس رضي الله عنهم ومن التابعين عن كعب الأحبار وسعيد بن جبير وقتادة ومسروق وعكرمة وعطاء ومقاتل والزهري والسدي. فقد قال فيه ابن كثير نفس الصفحة السابقة: (لم يصح سنده 9)
        قال ابن جرير حدثنا أبو كريب حدثنا زيد بن حباب عن الحسن بن دينار عن علي بن زيد بن جدعان عن الحسن عن الأحنف بن قيس عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه عن النبي  في حديث ذكره قال هو إسحاق ففي إسناده ضعيفان وهما الحسن بن دينار البصري متروك وعلي بن زيد بن جدعان منكر الحديث وقد رواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن مسلم بن إبراهيم عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان به مرفوعا ثم قال قد رواه مبارك بن فضالة عن الحسن عن الاحنف عن العباس رضي الله عنه عنه وهذا أشبه وأصح والله أعلم
        وقال ابن كثير في قصص الأنبياء ص109-110: فمن حكى القول عنه بأنه إسحاق: كعب الأحبار، وروى عن عمر والعباس وعلى وابن مسعود، وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد وعطاء والشعبي ومقاتل وعبيد بن عمير، وأبي ميسرة وزيد بن أسلم بن شقيق، والزهري والقاسم وابن أبي بردة، ومكحول، وعثمان بن حاضر والسدي والحسن وقتادة، وابن أبي الهذيل وابن سابط، وهو اختيار ابن جرير، وهذا عجب منه وهو أحدث الروايتين عن إبن عباس - ولكن الصحيح عنه وعن أكثر هؤلاء - أنه إسماعيل .
        وقال سعيد بن جبير وعامر الشعبي ويوسف بن مهران ومجاهد وعطاء وغير واحد عن ابن عباس رضي الله عنهما هو إسماعيل  وقال ابن جرير حدثني يونس أخبرنا ابن وهب أخبرني عمر بن قيس عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أنه قال المفدي إسماعيل.
        والملاحظ أن الحديث السابق قد قرر أن الذبيح هو إسماعيل، ونُسبَ كلام لنفس الرواة مفاده أن الذبيح هو إسحاق (رواية عكرمة عن ابن عباس)، وقد شكك ابن كثير فى نفس الصفحة المذكورة فى الحديث الوارد للدلالة على أن الذبيح هو إسحاق فقال: (وهذه الأقوال والله أعلم كلها مأخوذة عن كعب الأحبار فإنه لما أسلم في الدولة العمرية جعل يحدث عمر رضي الله عنه عن كتبه قديما. فربما استمع له عمر رضي الله عنه فترخص الناس في استماع ما عنده ونقلوا ما عنده عنه غثها وسمينها وليس لهذه الامة والله أعلم حاجة إلى حرف واحد مما عنده.)
        وتجمع الأمة على أن الذبيح هو إسماعيل لقول الرسول عليه الصلاة والسلام فى الحديث الصحيح: (أنا ابن الذبيحين.) فأحدهما جده إسماعيل والآخر أبوه عبد الله وذلك أن عبد المطلب نذر إن بلغ بنوه عشرة أن يذبح آخر ولده تقربا وكان عبد الله آخرا ففداه بمائة من الإبل. وهو قول أبى بكر وابن عباس وابن عمر وجماعة من التابعين رضى الله عنهم لقوله  النسفى فى تفسيره ج: 4 ص: 25
        يقول البيضاوى فى تفسيره: ج: 5 ص: 20 (لقوله عليه الصلاة والسلام أنا ابن الذبيحين. فأحدهما جده إسماعيل والآخر أبوه عبد الله فإن جده عبد المطلب نذر أن يذبح ولدا إن سهل الله له حفر زمزم أو بلغ بنوه عشرة)
        وفى تفسير الطبري ج: 23 ص: 84 (حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال أخبرني عمر بن قيس عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس أنه قال المفدي إسماعيل وزعمت اليهود أنه إسحاق وكذبت اليهود)
        ويقول الطبرى أيضًا فى تفسيره ج: 23 ص: 84 (حدثنا محمد بن سنان القزاز قال ثنا أبو عاصم عن مبارك عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس الذي فداه الله هو إسماعيل)
        ويقول أيضًا: (حدثني إسحاق بن شاهين قال ثنا خالد بن عبد الله عن داود عن عامر قال الذي أراد إبراهيم ذبحه إسماعيل) الطبري ج: 23 ص: 84
        ويقول أيضًا: (حدثنا أبو كريب قال ثنا ابن يمان عن إسرائيل عن جابر عن الشعبي قال الذبيح إسماعيل) الطبري ج: 23 ص: 84
        ويقول أيضًا: (قال ثنا ابن يمان عن إسرائيل عن جابر عن الشعبي قال رأيت قرني الكبش في الكعبة) الطبري ج: 23 ص: 84
        وأيضًا: (حدثني المثنى قال ثنا عبد الأعلى قال ثنا داود عن عامر أنه قال في هذه الآية وفديناه بذبح عظيم قال هو إسماعيل قال وكان قرنا الكبش منوطين بالكعبة) الطبري ج: 23 ص: 84
        ويقول أيضًا: (حدثنا ابن حميد قال ثنا سلمة عن ابن إسحاق قال سمعت محمد بن كعب القرظي وهو يقول إن الذي أمر الله إبراهيم بذبحه من بنيه إسماعيل وإنا لنجد ذلك في كتاب الله في قصة الخبر عن إبراهيم وما أمر به من ذبح ابنه إسماعيل. وذلك أن الله يقول حين فرغ من قصة المذبوح من إبراهيم قال: وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين يقول بشرناه بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب يقول بابن وابن ابن فلم يكن ليأمره بذبح إسحاق وله فيه من الله الموعود) الطبري ج: 23 ص: 84
        ويقول أيضًا: (حدثنا ابن حميد قال ثنا سلمة قال ثني محمد بن إسحاق عن بريدة بن سفيان بن فروة الأسلمي عن محمد بن كعب القرظي أنه حدثهم أنه ذكر ذلك لعمر بن عبد العزيز وهو خليفة إذ كان معه بالشام فقال له عمر: إن هذا لشيء ما كنت أنظر فيه وإني لأراه كما هو ثم أرسل إلى رجل كان عنده بالشام ان يهوديا فأسلم فحسن إسلامه وكان يرى أنه من علماء يهود فسأله عمر بن عبد العزيز عن ذلك فقال محمد بن كعب وأنا عند عمر بن عبد العزيز فقال له عمر: أي ابني إبراهيم أمر بذبحه؟ فقال: إسماعيل. والله يا أمير المؤمنين وإن يهود لتعلم بذلك ولكنهم يحسدونكم معشر العرب على أن يكون أباكم الذي كان من أمر الله فيه والفضل الذي ذكره الله منه لصبره لما أمر به فهم يجحدون ذلك ويزعمون أنه إسحاق لأن إسحاق أبوهم) الطبري ج: 23 ص: 84-85
        وفي المواهب وشرحها للزرقاني وابن جرير وابن مردويه والثعلبي في تفاسيرهم عن معاوية ابن أبي سفيان قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه أعرابي، فقال يا رسول الله خَلَّفتُ البلاد يابسا، والماء يابسا، (وفي نسخة: الكلأ يابسا، وخلفت المال عابسا،) هلك المال وضاع العيال، فعد عليَّ مما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه، والحديث حسن بل صححه الحاكم والذهبي لتقوّيه بتعدد طرقه .
        ويحكى ابن كثير فى تفسيره: ج: 4 ص: 18 (قد قال الإمام أحمد 468 حدثنا سفيان حدثني منصور عن خاله مسافع عن صفية بنت شيبة قالت أخبرتني امرأة من بني سليم ولدت عامة أهل دارنا أرسل رسول الله  إلى عثمان بن طلحة رضي الله عنه وقالت مرة إنها سألت عثمان: لم دعاك النبي ؟ قال: قال لي رسول الله : إني كنت رأيت قرني الكبش حين دخلت فنسيت أن آمرك فتخمرهما فخمرهما فإنه لا ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل المصلي قال سفيان لم يزل قرنا الكبش معلقين في البيت حتى احترق البيت فاحترقا وهذا دليل مستقل على أنه إسماعيل  فإن قريشا توارثوا قرني الكبش الذي فدى به إبراهيم خلفا عن سلف وجيلا بعد جيل إلى أن بعث الله رسوله ، إسماعيل هو الذبيح).
        وقال مجاهد وسعيد والشعبي ويوسف بن مهران وعطاء وغير واحد عن ابن عباس: هو إسماعيل 
        وقال عبد ابن الإمام أحمد، عن أبيه: هو إسماعيل .
        وقال ابن جرير: حدثني يونس ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن قيس ، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس أنه قال: المفدي إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق وكذبت اليهود
        وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن الذبيح فقال: الصحيح أنه إسماعيل .
        قال ابن أبي حاتم: وروي عن علي وابن عمر وأبي هريرة، وأبي الطفيل، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، والحسن ومجاهد، والشعبي، ومحمد بن كعب، وأبي جعفر محمد بن علي، وأبي صالح أنهم قالوا: الذبيح هو إسماعيل 
        أن كبار العلماء من السلف قالوا: إن الذبيح هو إسماعيل كما روى ذلك عطاء بن أبى رباح عن ابن عباس ، ومجاهد عن ابن عمر، والشعبى يقول: رأيت قرنى الكبش فى الكعبة.
        وعمر بن عبد العزيز استدعى يهوديا بالشام أسلم وحسن إسلامه فشهد بأن الذبيح إسماعيل ، كما ذكرنا سابقًا.
        وأبو عمرو بن العلاء سأله الأصمعى عن الذبيح فقال له: أين ذهب عقلك، متى كان إسحاق بمكة؟ إنما كان إسماعيل بمكة وهو الذى بنى البيت مع أبيه والمنحر بمكة.
        وقال الآلوسى بعد أن ساق أقوال العلماء فى ذلك: والذى أميل إليه أن الذبيح إسماعيل لأنه المروى عن كثير من أئمة أهل البيت ولم أتيقن صحة حديث مرفوع يقتضى خلاف ذلك ، وحال أهل الكتاب لا يخفى على ذوى الألباب.
        قصة الذبيح فى القرآن:
        قال الله تعالى عن إبراهيم  (وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ (83) إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (84) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ (85) أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (86) فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (87) فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (88) فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ (89) فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ (90) فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (91) مَا لَكُمْ لَا تَنطِقُونَ (92) فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ (93) فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ (94) قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (95) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96) قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (97) فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ (98) وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (108) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111) وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ (112) وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ (113)) الصافات: 83-113
        1- لمَّا نجَّى الله بلطفه إبراهيم  من النار، هاجر من أرض العراق إلى الشام (وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ)، وطلب من الله تعالى أن يهب له ولدا فاستجاب الله له (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ). فلم ينجب من سارة. فزوجته سارة من جاريتها هاجر. ثم أمره الله بالهجرة إلى مكة، وأخذ معه إساعيل وهاجر. وكان هذا هو مكان الإبتلاء فيما بعد.
        2- جاءت البشارة بإسماعيل أنه غلام حليم ، لكن البشارة التى جاءت بإسحاق ابنه الثانى فيما بعد ، حددت أنه سيكون نبيًا ، وكان ما يزال بالشام مع أمه سارة. فالآيات تذكر البشارة بإسحاق بعد الرؤيا وبعد قصة الذبح وفداء الله له بكبش عظيم، وبناءًا على قوله ابنك بكرك أو وحيدك ، فلا يمكن أن يكون الوحيد أو البكر إلا إسماعيل.
        3- لو كان الذبيح هو الابن الثانى لكان الإمتحان إمتحانًا فاشلًا ، أو لفهم إبراهيم أن هذا الحلم من الشيطان ، لأن الله وعده بالنبوة فى إسحاق وذريته ، ومن وراء إسحاق يعقوب. فكيف يأمره بذبحه بعد أن أنبأه بذرية تأتى منه؟
        4- لو كان الذبيح إسحاق ، لكان أهل القرية قد منعوا إبراهيم أن يذبح إسحاق ، لأن نبوءة الرب فى إسحاق لم تتحقق بعد. فما كان لهم أن يصدقوا أن هذا كلام الرب. أو لفقد إبراهيم مصداقيته كنبى أمام أهل القرية التى ينقل إليها كلام الرب.
        5- إن الله هيأ الإمتحان بصورة رائعة لا يمكن أن تكون إلا بإسماعيل، الذى طال انتظار إبراهيم لقدومه، فأتى وهو ابن 86 سنة. وظل على ذلك 13 سنة إلى أن كبر إسماعيل ولم ينجب غيره. وبالتالى فهو يائس أن تلد له هاجر ذرية ، كما أنه على علم تام أن امرأته سارة التى شاخت لن تلد فى هذا العمر. وبذلك كان الإمتحان فى ابنه إسماعيل البكر، الوحيد، الذى ليس له سواه. (وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُواْ سَلاَمًا قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ * فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ * وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَقَ يَعْقُوبَ * قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ * قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ) هود 69-73
        6- لما اشتاق إبراهيم للذرية طلب من الله أن يرزقه (من الصالحين) فاستجاب له الله ورزقه إسماعيل. أما فى إسحاق فلم يطلبه الله من. بل كان تفضلًا من الله ومنة له. وعلى ذلك فإن الإمتحان بذبح من طلبه وتشوق إليه امتحان أشد. وبذلك يكون الإمتحام محكم للغاية.
        7- الذى يقرأ فى السيرة يجد أن السيدة هاجر كانت راضية بقضاء الله، ورضيت أن تقيم فى الصحراء مع ابنها، فى وجود قليل من الماء، وقالت لإبراهيم: (أأمرك الله بهذا؟، قال نعم. فقالت: إذن لن يضيعنا الله.)
        وإذا ما قارنت هذا بتاريخ سارة المذكور فى التوراة تجدهم يصفون سارة بالغيرة الشديدة والقسوة ، التى لم تطق معها وجود هاجر وابنها فى نفس البيت ، فأمرت إبراهيم بطردهم. ومثل هذه الشخصية التى لم ترض بقضاء الله فى الميراث للابن البكر (تثنية 21: 15-17)، فهل تعتقد أنها كانت ستقبل أن يذبح إبراهيم ابنها إسحاق ، بل كانت قوَّت إسحاق على رفض هذا الحلم ، ولكانت اتهمت إبراهيم بالخبل وهو ابن 99 عام، ولشكت فى نبوته خاصة وأن الله قد أنبأهما بمجىء ذرية من نسله ترث النبوة.
        8- إن هذا الإبتلاء سبقه ابتلاء آخر مشابه له. وهو أن الله تعالى أمر إبراهيم أن يأخذ زوجته هاجر وابنها ويتركهما فى الصحراء القاحلة. ولا يوجد أى ابتلاء مشابه عن إسحاق.
        9- والقارىء للتاريخ الإسلامى ويعرف قصة الحج ومناسكه يعلم أن الشيطان قد حاول مع إسماعيل أن يثنيه عن الإستجابة لأمر الله فرجمه، ورجمه إبراهيم أيضًا، ومنها جاءت شعيرة رمى الجمار، وقد كانت فى منى (وهناك من يقول إنها كانت فى مكة ، ومنهم من يقول إنها كانت بالشام) ، المكان الذى همَّ فيه بذبح ابنه طاعة لأمر الله، كما أن إسحاق لم يأت مطلقًا إلى مكة.
        10- لم يبشر الله إبراهيم بإسماعيل قبل مولده أنه سيكون نبيًا كما فعل بإسحاق، وعلى ذلك فالإبتلاء أوقع بالنسبة لإسماعيل، وغير منطقى بالمرة تجاه إسحاق. لأن ساعة الإمتحان كان إبراهيم على يقين أن ابنه إسماعيل (سميع الله) حليم وسيطيعه وأنه ميت لا محالة.
        11- لو كان الذبيح إسحاق لكان عيدًا عند بنى إسرائيل يحتفلون به لليوم!!
        12- إن الذبيح وصف بأنه غلام حليم، أما البشارة بإسحاق فوصفته بأنه غلام عليم. وصفة العلم غالبة فى نسل إسحاق ويعقوب وبنى إسرائيل، حيث ستأتى منهم أولًا النبوة والعلم. أما صفة الحلم فتتناسب مع من أطاع أمر ربه وصدق رؤيا أبيه فلم يغضب ولم يعص، وهو إسماعيل، كما يدل اسمه (سميع الله).
        13- إن النبى  سئل عن الأضاحى فقال "سنة أبيكم إبراهيم" رواه أحمد وابن ماجه. وأبو العرب هو إسماعيل بن إبراهيم، وليس إسحاق ابن إبراهيم، كما هو معروف والقرابين كانت تذبح فى مكة وليس فى الشام استجابة لدعوة إبراهيم ربه (فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون) إبراهيم: 37 ، (وأذن فى الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق . ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله فى أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير . ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق) الحج: 27-29
        قصة الذبيح فى الكتاب المقدس:
        تكوين 16: 1-16 (1وَأَمَّا سَارَايُ امْرَأَةُ أَبْرَامَ فَلَمْ تَلِدْ لَهُ. وَكَانَتْ لَهَا جَارِيَةٌ مِصْرِيَّةٌ اسْمُهَا هَاجَرُ 2فَقَالَتْ سَارَايُ لأَبْرَامَ: «هُوَذَا الرَّبُّ قَدْ أَمْسَكَنِي عَنِ الْوِلاَدَةِ. ادْخُلْ عَلَى جَارِيَتِي لَعَلِّي أُرْزَقُ مِنْهَا بَنِينَ». فَسَمِعَ أَبْرَامُ لِقَوْلِ سَارَايَ. 3فَأَخَذَتْ سَارَايُ امْرَأَةُ أَبْرَامَ هَاجَرَ الْمِصْرِيَّةَ جَارِيَتَهَا مِنْ بَعْدِ عَشَرِ سِنِينَ لإِقَامَةِ أَبْرَامَ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ وَأَعْطَتْهَا لأَبْرَامَ رَجُلِهَا زَوْجَةً لَهُ. 4فَدَخَلَ عَلَى هَاجَرَ فَحَبِلَتْ. وَلَمَّا رَأَتْ أَنَّهَا حَبِلَتْ صَغُرَتْ مَوْلاَتُهَا فِي عَيْنَيْهَا. 5فَقَالَتْ سَارَايُ لأَبْرَامَ: «ظُلْمِي عَلَيْكَ! أَنَا دَفَعْتُ جَارِيَتِي إِلَى حِضْنِكَ فَلَمَّا رَأَتْ أَنَّهَا حَبِلَتْ صَغُرْتُ فِي عَيْنَيْهَا. يَقْضِي الرَّبُّ بَيْنِي وَبَيْنَكَ». 6فَقَالَ أَبْرَامُ لِسَارَايَ: «هُوَذَا جَارِيَتُكِ فِي يَدِكِ. افْعَلِي بِهَا مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْكِ». فَأَذَلَّتْهَا سَارَايُ فَهَرَبَتْ مِنْ وَجْهِهَا. 7فَوَجَدَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ عَلَى عَيْنِ الْمَاءِ فِي الْبَرِّيَّةِ عَلَى الْعَيْنِ الَّتِي فِي طَرِيقِ شُورَ. 8وَقَالَ: «يَا هَاجَرُ جَارِيَةَ سَارَايَ مِنْ أَيْنَ أَتَيْتِ وَإِلَى أَيْنَ تَذْهَبِين؟». فَقَالَتْ: «أَنَا هَارِبَةٌ مِنْ وَجْهِ مَوْلاَتِي سَارَايَ». 9فَقَالَ لَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ: «ارْجِعِي إِلَى مَوْلاَتِكِ وَاخْضَعِي تَحْتَ يَدَيْهَا». 10وَقَالَ لَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ نَسْلَكِ فَلاَ يُعَدُّ مِنَ الْكَثْرَةِ». 11وَقَالَ لَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ: «هَا أَنْتِ حُبْلَى فَتَلِدِينَ ابْنًا وَتَدْعِينَ اسْمَهُ إِسْمَاعِيلَ لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ سَمِعَ لِمَذَلَّتِكِ. 12وَإِنَّهُ يَكُونُ إِنْسَانًا وَحْشِيًّا يَدُهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ وَيَدُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَيْهِ وَأَمَامَ جَمِيعِ إِخْوَتِهِ يَسْكُنُ». .. .. .. 15فَوَلَدَتْ هَاجَرُ لأَبْرَامَ ابْنًا. وَدَعَا أَبْرَامُ اسْمَ ابْنِهِ الَّذِي وَلَدَتْهُ هَاجَرُ «إِسْمَاعِيلَ». 16كَانَ أَبْرَامُ ابْنَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ سَنَةً لَمَّا وَلَدَتْ هَاجَرُ إِسْمَاعِيلَ لأَبْرَامَ.)
        تكوين 17: 15-21 (15وَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيمَ: «سَارَايُ امْرَأَتُكَ لاَ تَدْعُو اسْمَهَا سَارَايَ بَلِ اسْمُهَا سَارَةُ. 16وَأُبَارِكُهَا وَأُعْطِيكَ أَيْضًا مِنْهَا ابْنًا. أُبَارِكُهَا فَتَكُونُ أُمَمًا وَمُلُوكُ شُعُوبٍ مِنْهَا يَكُونُونَ». 17فَسَقَطَ إِبْرَاهِيمُ عَلَى وَجْهِهِ وَضَحِكَ وَقَالَ فِي قَلْبِهِ: «هَلْ يُولَدُ لِابْنِ مِئَةِ سَنَةٍ؟ وَهَلْ تَلِدُ سَارَةُ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِينَ سَنَةً؟». 18وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِلَّهِ: «لَيْتَ إِسْمَاعِيلَ يَعِيشُ أَمَامَكَ!» 19فَقَالَ اللهُ بَلْ سَارَةُ امْرَأَتُكَ تَلِدُ لَكَ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ إِسْحَاقَ. وَأُقِيمُ عَهْدِي مَعَهُ عَهْدًا أَبَدِيًّا لِنَسْلِهِ مِنْ بَعْدِهِ. 20وَأَمَّا إِسْمَاعِيلُ فَقَدْ سَمِعْتُ لَكَ فِيهِ. هَا أَنَا أُبَارِكُهُ وَأُثْمِرُهُ وَأُكَثِّرُهُ كَثِيرًا جِدًّا. اثْنَيْ عَشَرَ رَئِيسًا يَلِدُ وَأَجْعَلُهُ أُمَّةً كَبِيرَةً. 21وَلَكِنْ عَهْدِي أُقِيمُهُ مَعَ إِسْحَاقَ الَّذِي تَلِدُهُ لَكَ سَارَةُ فِي هَذَا الْوَقْتِ فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ».)
        تكوين 21: 5-21 (5وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ ابْنَ مِئَةِ سَنَةٍ حِينَ وُلِدَ لَهُ إِسْحَاقُ ابْنُهُ. .. .. .. 8فَكَبِرَ الْوَلَدُ وَفُطِمَ. وَصَنَعَ إِبْرَاهِيمُ وَلِيمَةً عَظِيمَةً يَوْمَ فِطَامِ إِسْحَاقَ. 9وَرَأَتْ سَارَةُ ابْنَ هَاجَرَ الْمِصْرِيَّةِ الَّذِي وَلَدَتْهُ لإِبْرَاهِيمَ يَمْزَحُ 10فَقَالَتْ لإِبْرَاهِيمَ: «اطْرُدْ هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا لأَنَّ ابْنَ هَذِهِ الْجَارِيَةِ لاَ يَرِثُ مَعَ ابْنِي إِسْحَاقَ». 11فَقَبُحَ الْكَلاَمُ جِدّاً فِي عَيْنَيْ إِبْرَاهِيمَ لِسَبَبِ ابْنِهِ. 12فَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيمَ: «لاَ يَقْبُحُ فِي عَيْنَيْكَ مِنْ أَجْلِ الْغُلاَمِ وَمِنْ أَجْلِ جَارِيَتِكَ. فِي كُلِّ مَا تَقُولُ لَكَ سَارَةُ اسْمَعْ لِقَوْلِهَا لأَنَّهُ بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ. 13وَابْنُ الْجَارِيَةِ أَيْضاً سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ». 14فَبَكَّرَ إِبْرَاهِيمُ صَبَاحاً وَأَخَذَ خُبْزاً وَقِرْبَةَ مَاءٍ وَأَعْطَاهُمَا لِهَاجَرَ وَاضِعاً إِيَّاهُمَا عَلَى كَتِفِهَا وَالْوَلَدَ وَصَرَفَهَا. فَمَضَتْ وَتَاهَتْ فِي بَرِّيَّةِ بِئْرِ سَبْعٍ. 15وَلَمَّا فَرَغَ الْمَاءُ مِنَ الْقِرْبَةِ طَرَحَتِ الْوَلَدَ تَحْتَ إِحْدَى الأَشْجَارِ 16وَمَضَتْ وَجَلَسَتْ مُقَابِلَهُ بَعِيداً نَحْوَ رَمْيَةِ قَوْسٍ لأَنَّهَا قَالَتْ: «لاَ أَنْظُرُ مَوْتَ الْوَلَدِ». فَجَلَسَتْ مُقَابِلَهُ وَرَفَعَتْ صَوْتَهَا وَبَكَتْ. 17فَسَمِعَ اللهُ صَوْتَ الْغُلاَمِ. وَنَادَى مَلاَكُ اللهِ هَاجَرَ مِنَ السَّمَاءِ وَقَالَ لَهَا: «مَا لَكِ يَا هَاجَرُ؟ لاَ تَخَافِي لأَنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ لِصَوْتِ الْغُلاَمِ حَيْثُ هُوَ. 18قُومِي احْمِلِي الْغُلاَمَ وَشُدِّي يَدَكِ بِهِ لأَنِّي سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً عَظِيمَةً». 19وَفَتَحَ اللهُ عَيْنَيْهَا فَأَبْصَرَتْ بِئْرَ مَاءٍ فَذَهَبَتْ وَمَلَأَتِ الْقِرْبَةَ مَاءً وَسَقَتِ الْغُلاَمَ. 20وَكَانَ اللهُ مَعَ الْغُلاَمِ فَكَبِرَ وَسَكَنَ فِي الْبَرِّيَّةِ وَكَانَ يَنْمُو رَامِيَ قَوْسٍ. 21وَسَكَنَ فِي بَرِّيَّةِ فَارَانَ. وَأَخَذَتْ لَهُ أُمُّهُ زَوْجَةً مِنْ أَرْضِ مِصْرَ.)
        تكوين 22: 1-19 (1وَحَدَثَ بَعْدَ هَذِهِ الأُمُورِ أَنَّ اللهَ امْتَحَنَ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ لَهُ: «يَا إِبْرَاهِيمُ». فَقَالَ: «هَئَنَذَا». 2فَقَالَ: «خُذِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ الَّذِي تُحِبُّهُ إِسْحَاقَ وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ الْمُرِيَّا وَأَصْعِدْهُ هُنَاكَ مُحْرَقَةً عَلَى أَحَدِ الْجِبَالِ الَّذِي أَقُولُ لَكَ». 3فَبَكَّرَ إِبْرَاهِيمُ صَبَاحاً وَشَدَّ عَلَى حِمَارِهِ وَأَخَذَ اثْنَيْنِ مِنْ غِلْمَانِهِ مَعَهُ وَإِسْحَاقَ ابْنَهُ وَشَقَّقَ حَطَباً لِمُحْرَقَةٍ وَقَامَ وَذَهَبَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَ لَهُ اللهُ. 4وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ رَفَعَ إِبْرَاهِيمُ عَيْنَيْهِ وَأَبْصَرَ الْمَوْضِعَ مِنْ بَعِيدٍ 5فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِغُلاَمَيْهِ: «اجْلِسَا أَنْتُمَا هَهُنَا مَعَ الْحِمَارِ وَأَمَّا أَنَا وَالْغُلاَمُ فَنَذْهَبُ إِلَى هُنَاكَ وَنَسْجُدُ ثُمَّ نَرْجِعُ إِلَيْكُمَا». 6فَأَخَذَ إِبْرَاهِيمُ حَطَبَ الْمُحْرَقَةِ وَوَضَعَهُ عَلَى إِسْحَاقَ ابْنِهِ وَأَخَذَ بِيَدِهِ النَّارَ وَالسِّكِّينَ. فَذَهَبَا كِلاَهُمَا مَعاً. 7وَقَالَ إِسْحَاقُ لإِبْرَاهِيمَ أَبِيهِ: «يَا أَبِي». فَقَالَ: «هَئَنَذَا يَا ابْنِي». فَقَالَ: «هُوَذَا النَّارُ وَالْحَطَبُ وَلَكِنْ أَيْنَ الْخَرُوفُ لِلْمُحْرَقَةِ؟» 8فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: «اللهُ يَرَى لَهُ الْخَرُوفَ لِلْمُحْرَقَةِ يَا ابْنِي». فَذَهَبَا كِلاَهُمَا مَعاً. 9فَلَمَّا أَتَيَا إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَ لَهُ اللهُ بَنَى هُنَاكَ إِبْرَاهِيمُ الْمَذْبَحَ وَرَتَّبَ الْحَطَبَ وَرَبَطَ إِسْحَاقَ ابْنَهُ وَوَضَعَهُ عَلَى الْمَذْبَحِ فَوْقَ الْحَطَبِ. 10ثُمَّ مَدَّ إِبْرَاهِيمُ يَدَهُ وَأَخَذَ السِّكِّينَ لِيَذْبَحَ ابْنَهُ. 11فَنَادَاهُ مَلاَكُ الرَّبِّ مِنَ السَّمَاءِ وَقَالَ: «إِبْرَاهِيمُ إِبْرَاهِيمُ». فَقَالَ: «هَئَنَذَا» 12فَقَالَ: «لاَ تَمُدَّ يَدَكَ إِلَى الْغُلاَمِ وَلاَ تَفْعَلْ بِهِ شَيْئاً لأَنِّي الْآنَ عَلِمْتُ أَنَّكَ خَائِفٌ اللهَ فَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ عَنِّي». 13فَرَفَعَ إِبْرَاهِيمُ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا كَبْشٌ وَرَاءَهُ مُمْسَكاً فِي الْغَابَةِ بِقَرْنَيْهِ فَذَهَبَ إِبْرَاهِيمُ وَأَخَذَ الْكَبْشَ وَأَصْعَدَهُ مُحْرَقَةً عِوَضاً عَنِ ابْنِهِ. 14فَدَعَا إِبْرَاهِيمُ اسْمَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ «يَهْوَهْ يِرْأَهْ». حَتَّى إِنَّهُ يُقَالُ الْيَوْمَ: «فِي جَبَلِ الرَّبِّ يُرَى». 15وَنَادَى مَلاَكُ الرَّبِّ إِبْرَاهِيمَ ثَانِيَةً مِنَ السَّمَاءِ 16وَقَالَ: «بِذَاتِي أَقْسَمْتُ يَقُولُ الرَّبُّ أَنِّي مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ فَعَلْتَ هَذَا الأَمْرَ وَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ 17أُبَارِكُكَ مُبَارَكَةً وَأُكَثِّرُ نَسْلَكَ تَكْثِيراً كَنُجُومِ السَّمَاءِ وَكَالرَّمْلِ الَّذِي عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ وَيَرِثُ نَسْلُكَ بَابَ أَعْدَائِهِ 18وَيَتَبَارَكُ فِي نَسْلِكَ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِي». 19ثُمَّ رَجَعَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى غُلاَمَيْهِ فَقَامُوا وَذَهَبُوا مَعاً إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ. وَسَكَنَ إِبْرَاهِيمُ فِي بِئْرِ سَبْعٍ.)
        1- تفترض التوراة أن إبراهيم كان لا يملك كلمة فى بيته ، وأن سارة هى صاحبة الأمر والنهى ، ونسيت أنها تتكلم عن نبى الله ، وأبى الأنبياء. فترى سارة هى التى زوجته ، وهى التى أمرت بطرد زوجته هاجر ، وتحكمت فى شرع الله ، وجعلت أبى الأنبياء يخالف شرع الله ، عندما استجاب لطلبها فى حرمان هاجر وابنها من الميراث. (10فَقَالَتْ لإِبْرَاهِيمَ: «اطْرُدْ هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا لأَنَّ ابْنَ هَذِهِ الْجَارِيَةِ لاَ يَرِثُ مَعَ ابْنِي إِسْحَاقَ».) تكوين 21: 10
        2- على الرغم من غضب إبراهيم من طلب سارة هذا، إلا أن ملاك الرب أمره أن يسمع لها، ووعده أنه سيبارك ابنه إسماعيل كما سيبارك ابنه إسحاق، واعتبر إسماعيل ابنه مثل إسحاق: (فَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيمَ: «لاَ يَقْبُحُ فِي عَيْنَيْكَ مِنْ أَجْلِ الْغُلاَمِ وَمِنْ أَجْلِ جَارِيَتِكَ. فِي كُلِّ مَا تَقُولُ لَكَ سَارَةُ اسْمَعْ لِقَوْلِهَا لأَنَّهُ بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ. 13وَابْنُ الْجَارِيَةِ أَيْضاً سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ».) تكوين 21: 12-13
        3- الغريب أنه على الرغم من معرفة إبراهيم أن الله سيقيم له نسلاً من ابنه إسماعيل، إلا أنك تجده أعطى هاجر خبزاً وقربة الماء وحمَّل الغلام على كتفها وأطلقها فى الصحراء: (14فَبَكَّرَ إِبْرَاهِيمُ صَبَاحاً وَأَخَذَ خُبْزاً وَقِرْبَةَ مَاءٍ وَأَعْطَاهُمَا لِهَاجَرَ وَاضِعاً إِيَّاهُمَا عَلَى كَتِفِهَا وَالْوَلَدَ وَصَرَفَهَا. فَمَضَتْ وَتَاهَتْ فِي بَرِّيَّةِ بِئْرِ سَبْعٍ.) تكوين 21: 14 ، فأى صورة للأبوة هذه؟ وأى صورة للزوج الحنون هذا؟

        تعليق


        • #94
          الملف 70
          4- والمدقق للقصة يعلم أن سارة طردت هاجر بعد أن فطمت إسحاق، وكان إسماعيل أكبر من إسحاق بأربع عشرة سنة. أى فى هذا الوقت كان إسماعيل ابن 16 سنة. وهذه احدى سقطات محرفوا القصة. فمن المستحيل أن تكون سارة قد أعطت ابنها إسحاق لسارة تذهب به بمفردهما فى الصحراء. وهذا يعنى أن هذه القصة حدثت قبل ولادة إسحاق. وعلى ذلك فهذه الحادثة كانت بإسماعيل عندما كان رضيعًا كما حكى القرآن.
          5- كان عهد الله النهائى مع إبراهيم فى إسماعيل وهذا يدل عليه ترتيب قبول دعوة الله لإبراهيم أولًا فى إسحاق ثم بإسماعيل: (12فَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيمَ: «لاَ يَقْبُحُ فِي عَيْنَيْكَ مِنْ أَجْلِ الْغُلاَمِ وَمِنْ أَجْلِ جَارِيَتِكَ. فِي كُلِّ مَا تَقُولُ لَكَ سَارَةُ اسْمَعْ لِقَوْلِهَا لأَنَّهُ بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ. 13وَابْنُ الْجَارِيَةِ أَيْضًا سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ».) تكوين 21: 12-13
          6- بسبب طاعة إبراهيم لله وأنه لم يمسك ابنه وحيده عنه باركه الله هو وذريته من بعده: (16وَقَالَ: «بِذَاتِي أَقْسَمْتُ يَقُولُ الرَّبُّ أَنِّي مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ فَعَلْتَ هَذَا الأَمْرَ وَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ 17أُبَارِكُكَ مُبَارَكَةً وَأُكَثِّرُ نَسْلَكَ تَكْثِيرًا كَنُجُومِ السَّمَاءِ وَكَالرَّمْلِ الَّذِي عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ وَيَرِثُ نَسْلُكَ بَابَ أَعْدَائِهِ) تكوين 22: 16-17
          7- صور العهد القديم أن الابن الذبيح إسحاق لم يكن على علم بما سيحدث له، بل سحبه أبوه لكى يسجدوا لله فى بيت معد للصلاة (4وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ رَفَعَ إِبْرَاهِيمُ عَيْنَيْهِ وَأَبْصَرَ الْمَوْضِعَ مِنْ بَعِيدٍ 5فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِغُلاَمَيْهِ: «اجْلِسَا أَنْتُمَا هَهُنَا مَعَ الْحِمَارِ وَأَمَّا أَنَا وَالْغُلاَمُ فَنَذْهَبُ إِلَى هُنَاكَ وَنَسْجُدُ ثُمَّ نَرْجِعُ إِلَيْكُمَا»)تكوين22: 4-5
          وكذب عليه وأفهمه أنه سيذبح كبشًا، وأخذه غيلة وربطه ليذبحه: (7وَقَالَ إِسْحَاقُ لإِبْرَاهِيمَ أَبِيهِ: «يَا أَبِي». فَقَالَ: «هَئَنَذَا يَا ابْنِي». فَقَالَ: «هُوَذَا النَّارُ وَالْحَطَبُ وَلَكِنْ أَيْنَ الْخَرُوفُ لِلْمُحْرَقَةِ؟» 8فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: «اللهُ يَرَى لَهُ الْخَرُوفَ لِلْمُحْرَقَةِ يَا ابْنِي». فَذَهَبَا كِلاَهُمَا مَعًا. 9فَلَمَّا أَتَيَا إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَ لَهُ اللهُ بَنَى هُنَاكَ إِبْرَاهِيمُ الْمَذْبَحَ وَرَتَّبَ الْحَطَبَ وَرَبَطَ إِسْحَاقَ ابْنَهُ وَوَضَعَهُ عَلَى الْمَذْبَحِ فَوْقَ الْحَطَبِ. 10ثُمَّ مَدَّ إِبْرَاهِيمُ يَدَهُ وَأَخَذَ السِّكِّينَ لِيَذْبَحَ ابْنَهُ)تكوين 22: 7-10
          8- كيف وثق إسحاق فيما بعد بأبيه بعد أن كذب عليه وأفهمه أنه سيذبح كبشًا، ثم أوثقه وهمَّ بذبحه هو؟
          9- وكيف وثقت سارة بإبراهيم بعد أن علمت أنه كذاب، يكذب ليبيع شرفه ويجمع من الأغنام والأبقار؟ فهل امرأة يكون هذا هو رأيها فى زوجها تصدق عليه النبوة أو تصدق عليه أن الله أمره بذبح ابنها إسحاق وتسلمه له؟ (11وَحَدَثَ لَمَّا قَرُبَ أَنْ يَدْخُلَ مِصْرَ أَنَّهُ قَالَ لِسَارَايَ امْرَأَتِهِ: «إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ امْرَأَةٌ حَسَنَةُ الْمَنْظَرِ. 12فَيَكُونُ إِذَا رَآكِ الْمِصْرِيُّونَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: هَذِهِ امْرَأَتُهُ. فَيَقْتُلُونَنِي وَيَسْتَبْقُونَكِ. 13قُولِي إِنَّكِ أُخْتِي لِيَكُونَ لِي خَيْرٌ بِسَبَبِكِ وَتَحْيَا نَفْسِي مِنْ أَجْلِكِ».14فَحَدَثَ لَمَّا دَخَلَ أَبْرَامُ إِلَى مِصْرَ أَنَّ الْمِصْرِيِّينَ رَأَوُا الْمَرْأَةَ أَنَّهَا حَسَنَةٌ جِدًّا. 15وَرَآهَا رُؤَسَاءُ فِرْعَوْنَ وَمَدَحُوهَا لَدَى فِرْعَوْنَ فَأُخِذَتِ الْمَرْأَةُ إِلَى بَيْتِ فِرْعَوْنَ 16فَصَنَعَ إِلَى أَبْرَامَ خَيْرًا بِسَبَبِهَا وَصَارَ لَهُ غَنَمٌ وَبَقَرٌ وَحَمِيرٌ وَعَبِيدٌ وَإِمَاءٌ وَأُتُنٌ وَجِمَالٌ)تكوين12: 11-16
          وعلى ذلك فإن قصة إبراهيم هذه لا تعلم أتباع هذا الكتاب إلا الدياثة، وعدم ثقة الناس فى إبراهيم، ومطالبة الناس بالإقتداء به، لأنه أبو الأنبياء. فلك أن تتخيل أن أبى الأنبياء ديوث، فكيف سيكون نسله من بعده؟ كما تُعلم أن الكذب وسيلة لإنقاذ النفس، وأن التضحية بالشرف من أجل الحاكم، تؤدى إلى السعادة والثراء الدنيوى.
          10- نزل ملاك الرب لإبراهيم نبى الله وخليله. لكن أن ينزل الملاك لهاجر ليطمئنها على ابنها إسماعيل، ويعدها أنه ستكون أمة عظيمة من نسله. ثم نزل أيضًا لأبيمالك. فهذا غريب على فهمنا الإسلامى. فمن المعروف أن ملاكَ الله لا ينزل إلى على نبيه. فهل يُعد سفر التكوين هاجر وأبيمالك الذى أراد أن يغتصب سارة زوجة إبراهيم من الأنبياء؟
          11- لو كان الابن الوحيد هو إسحاق لاتهموا الرب بذلك بالتعصب، وعدم العدل بين الذرية، حيث أقرهم الرب على دان ونفتالى أبناء يعقوب من زوجته بلهة جارية راحيل، وجاد وأشير أبناء يعقوب من زلفة جارية ليئة، وكانوا من الأسباط الاثنى عشر لبنى إسرائيل.
          12- ولو كان الابن الوحيد هو إسحاق لكان الرب بذلك قد سبَّ إبراهيم واتهمه أنه رجل خروف، أتت له زوجته بإسماعيل من رجل آخر، واتهم هاجر بذلك فى عرضها.
          13- ولو كان الابن الوحيد هو إسحاق لكان الرب بذلك قد نسى ما وعد به إبراهيم من قبل بشأن النبوة فى ابنه إسحاق. وهذا كفر لا يليق بكتاب يُدعى مقدسًا.
          14- ولو كان الذبيح هو إسحاق، لكان طاعة إبراهيم لأمر الرب استهزاء من إبراهيم بالرب نفسه، لأنه قد أخبره من قبل أنه سيكون نبيًا، وسيأتى من ذريته يعقوب. فكيف يكون هذا بلاء وإمتحان عسير، وإجابته قد سبقته؟ ولذلك لا بد أن تكون هذه القصة قد تمت بإسماعيل قبل ولادة إسحاق.
          15- صدقت قصة القرآن فى أن هاجر كانت تحمل إسماعيل وهى فى برية فاران، حيث تربى إسماعيل فيها وترعع، وأخذت أمه تبحث له عن ماء، حتى فجر الله من تحت قدميه بئر زمزم.
          16- جعل اليهود سبب خروج هاجر وإسماعيل غيرة زوجته سارة. وهذا غير ممكن، لأن إبراهيم ليس لعبة فى يد نسائه، وكان يمكنه أن يبنى خيمة لها ولإبنها فى نفس المكان أو مكان آخر، ولا يرمى بهما إلى الصحراء، إلا إذا كان يريد أن يتخلص من إسماعيل وأمه، وهذا مستحيل، لأن المتتبع للقصة يجد أن إبراهيم كان أشد حبًا لإسماعيل من إسحاق، والدليل على ذلك أنه طلب من الله أن يجعل النبوة أبدية فى نسل إسماعيل، بعدما بشره الله بولادة إسحاق، لعلمه أيضًا أن إسماعيل حليم ومطيع، وستكون ذريته من بعده على نفس دربه.
          17- فبعد أن حذفوا مكان الذبح، واسم الذبيح، طمسوا معلم من أهم المعالم وهو بئر زمزم الذى تفجر تحت أرجل الغلام الرضيع إسماعيل. ونلاحظ تدليسهم فى سبب تسمية هذا البئر ببئر سبع:
          يذكر سفر التكوين (14فَبَكَّرَ إِبْرَاهِيمُ صَبَاحًا وَأَخَذَ خُبْزًا وَقِرْبَةَ مَاءٍ وَأَعْطَاهُمَا لِهَاجَرَ وَاضِعًا إِيَّاهُمَا عَلَى كَتِفِهَا وَالْوَلَدَ وَصَرَفَهَا. فَمَضَتْ وَتَاهَتْ فِي بَرِّيَّةِ بِئْرِ سَبْعٍ.) تكوين 21: 14 أن البرية كان اسمها بريَّة بئر سبع.
          ثم فى موضع آخر من نفس السفر يقول إن سبب تسمية البئر بهذا الاسم هو عقد اتفاق بين إبراهيم وأبيمالك أن إبراهيم حفر هذا البئر، أعطاه إبراهيم بمقتضاه سبع نعجات. وهذا كذب وضع على لسان إبراهيم، لأنه لم يكن هو الفاعل، ولكن الله بقدرته فجر هذا البئر تحت قدمى الغلام. (27فَأَخَذَإِبْرَاهِيمُ غَنَمًا وَبَقَرًا وَأَعْطَى أَبِيمَالِكَ فَقَطَعَا كِلاَهُمَا مِيثَاقًا. 28وَأَقَامَ إِبْرَاهِيمُ سَبْعَ نِعَاجٍ مِنَ الْغَنَمِ وَحْدَهَا. 29فَقَالَ أَبِيمَالِكُ لإِبْرَاهِيمَ: «مَا هِيَ هَذِهِ السَّبْعُ النِّعَاجِ الَّتِي أَقَمْتَهَا وَحْدَهَا؟» 30فَقَالَ: «إِنَّكَ سَبْعَ نِعَاجٍ تَأْخُذُ مِنْ يَدِي لِكَيْ تَكُونَ لِي شَهَادَةً بِأَنِّي حَفَرْتُ هَذِهِ الْبِئْرَ». 31لِذَلِكَ دَعَا ذَلِكَ الْمَوْضِعَ بِئْرَ سَبْعٍ. لأَنَّهُمَا هُنَاكَ حَلَفَا كِلاَهُمَا. 32فَقَطَعَا مِيثَاقًا فِي بِئْرِ سَبْعٍ. ثُمَّ قَامَ أَبِيمَالِكُ وَفِيكُولُ رَئِيسُ جَيْشِهِ وَرَجَعَا إِلَى أَرْضِ الْفَلَسْطِينِيِّينَ)تكوين21: 27-32
          وبعد ذلك قال نفس السفر عن سبب تسمية البئر ببئر سبع: (25فَبَنَى هُنَاكَ مَذْبَحًا وَدَعَا بِاسْمِ الرَّبِّ. وَنَصَبَ هُنَاكَ خَيْمَتَهُ. وَحَفَرَ هُنَاكَ عَبِيدُ إِسْحَاقَ بِئْرًا. 26وَذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ جَرَارَ أَبِيمَالِكُ وَأَحُزَّاتُ مِنْ أَصْحَابِهِ وَفِيكُولُ رَئِيسُ جَيْشِهِ. 27فَقَالَ لَهُمْ إِسْحَاقُ: «مَا بَالُكُمْ أَتَيْتُمْ إِلَيَّ وَأَنْتُمْ قَدْ أَبْغَضْتُمُونِي وَصَرَفْتُمُونِي مِنْ عِنْدِكُمْ؟» 28فَقَالُوا: «إِنَّنَا قَدْ رَأَيْنَا أَنَّ الرَّبَّ كَانَ مَعَكَ فَقُلْنَا: لِيَكُنْ بَيْنَنَا حَلْفٌ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ وَنَقْطَعُ مَعَكَ عَهْدًا: 29أَنْ لاَ تَصْنَعَ بِنَا شَرًّا كَمَا لَمْ نَمَسَّكَ وَكَمَا لَمْ نَصْنَعْ بِكَ إِلَّا خَيْرًا وَصَرَفْنَاكَ بِسَلاَمٍ. أَنْتَ الْآنَ مُبَارَكُ الرَّبِّ!» 30فَصَنَعَ لَهُمْ ضِيَافَةً. فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا 31ثُمَّ بَكَّرُوا فِي الْغَدِ وَحَلَفُوا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ وَصَرَفَهُمْ إِسْحَاقُ. فَمَضُوا مِنْ عِنْدِهِ بِسَلاَمٍ. 32وَحَدَثَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ عَبِيدَ إِسْحَاقَ جَاءُوا وَأَخْبَرُوهُ عَنِ الْبِئْرِ الَّتِي حَفَرُوا وَقَالُوا لَهُ: «قَدْ وَجَدْنَا مَاءً». 33فَدَعَاهَا «شِبْعَةَ». لِذَلِكَ اسْمُ الْمَدِينَةِ بِئْرُ سَبْعٍ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ.) تكوين 26: 25-33
          18- لقد طلب إبراهيم عليه السلام من الله سبحانه وتعالى أن يجعل النبوة فى نسل إسماعيل، ولم يطلبها لإسحاق، لعلمه أن النبوة والميراث للابن البكر، ولم يكن له ابنًا بكرًا أو وحيدًا إلا إسماعيل. حتى اسمه يدل على أنه هو الذى استجاب له الله فيه، أو إنه غلام حليم مطيع لله كما جاءت فى القرآن.
          19- إن فاران مكان سكنى إسماعيل وأمه (21وَسَكَنَ فِي بَرِّيَّةِ فَارَانَ. وَأَخَذَتْ لَهُ أُمُّهُ زَوْجَةً مِنْ أَرْضِ مِصْرَ) تكوين 21: 21، وقد ذكر الإنجيل فى طبعة 1622 أن مكان الذبح هو (أرض العبادة) بدلًا من (أرض المريا) تكوين 22: 1-2، وكانت فى الترجمة السامرية (الأرض المقدسة). وهى بالطبع لم تكن أرض الشام كما كتبها المزورون، حيث إن أرض الشام لم تصبح أرضًا مقدسة إلا بعد زمن إبراهيم بألف عام فى عهد داود وابنه سليمان: (1وَشَرَعَ سُلَيْمَانُ فِي بِنَاءِ بَيْتِ الرَّبِّ فِي أُورُشَلِيمَ فِي جَبَلِ الْمُرِيَّا حَيْثُ تَرَاءَى لِدَاوُدَ أَبِيهِ حَيْثُ هَيَّأَ دَاوُدُ مَكَانًا فِي بَيْدَرِ أُرْنَانَ الْيَبُوسِيِّ.) أخبار الأيام الثانى 3: 1
          وفى هذا الوقت لم تكن هناك أرضًا مقدسة غير فى بلاد العرب، وهو المذبح الذى بناه نوح للرب بعد انتهاء الطوفان: (4وَاسْتَقَرَّ الْفُلْكُ فِي الشَّهْرِ السَّابِعِ فِي الْيَوْمِ السَّابِعَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ عَلَى جِبَالِ أَرَارَاطَ. .. .. .. 20وَبَنَى نُوحٌ مَذْبَحًا لِلرَّبِّ.) تكوين 8: 4 و20
          وهنا يحق لنا أن نعرف إذا كانت المركب قد استقرت فعلًا على جبل أراراط كما يقول سفر التكوين أم استقرت على جبل الجودى كما يقول القرآن؟
          جبل أراراط هذا فى أرمينيا، ويقول سفر التكوين: (2وَحَدَثَ فِي ارْتِحَالِهِمْ شَرْقًا أَنَّهُمْ وَجَدُوا بُقْعَةً فِي أَرْضِ شِنْعَارَ وَسَكَنُوا هُنَاكَ.) 11: 2، وأرض شنعار هى كل أرض بلاد فارس، ما بين دجلة والفرات، فلو كانت السفينة هبطت فى أراراط، كما يقول سفر التكوين، لكانت شنعار فى الغرب وليست فى الشرق.
          وهناك من مفسرى التوراة من قال بشأن (تكوين 11: 2): ”وجاء فى الخبر الكلدانى أن السفينة استقرت على جبل ينزير أو نزير أو الوند شرق أشور، مع أنه يمكن أن (أريورات) أى (الأرض المقدسة)، إلا أنه يصعب بيان نقل اسم الوند إلى أرمينية بل يتعذر“.
          ولم يكن هناك أرضًا مقدسة إلا فى بلاد العرب، أرض إسماعيل وبنيه، وهى التى أشار إليها عيسى  للمرأة السامرية، التى تغيرت إليها القبلة: (21قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا امْرَأَةُ صَدِّقِينِي أَنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ لاَ فِي هَذَا الْجَبَلِ وَلاَ فِي أُورُشَلِيمَ تَسْجُدُونَ لِلآبِ.) يوحنا 4: 21
          20- نقطة أخرى فى هذا الموضوع وهى تتعلق بالأرض التى تم الذبح فيها وهى أرض المريا. يقول الكتاب: (3فَبَكَّرَ إِبْرَاهِيمُ صَبَاحًا وَشَدَّ عَلَى حِمَارِهِ وَأَخَذَ اثْنَيْنِ مِنْ غِلْمَانِهِ مَعَهُ وَإِسْحَاقَ ابْنَهُ وَشَقَّقَ حَطَبًا لِمُحْرَقَةٍ وَقَامَ وَذَهَبَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَ لَهُ اللهُ. 4وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ رَفَعَ إِبْرَاهِيمُ عَيْنَيْهِ وَأَبْصَرَ الْمَوْضِعَ مِنْ بَعِيدٍ 5فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِغُلاَمَيْهِ: «اجْلِسَا أَنْتُمَا هَهُنَا مَعَ الْحِمَارِ وَأَمَّا أَنَا وَالْغُلاَمُ فَنَذْهَبُ إِلَى هُنَاكَ وَنَسْجُدُ ثُمَّ نَرْجِعُ إِلَيْكُمَا».) تكوين 22: 3-5
          فأنا أتعجب كيف مرَّت هذه النقطة على مفسرى العهد الجديد!! فلو كانت أرض الذبح هى المريا أرض إسحاق، لما وصلها إبراهيم  على خطوات الحمار والغلامين فى ثلاثة أيام.، بل كانت استغرقت أسابيع.
          وإذا تمعنت فى كلمة (فَنَذْهَبُ إِلَى هُنَاكَ وَنَسْجُدُ) لعلمت أنه ينبغى أن يكون فى هذا المكان بيتًا معدًا للرب للصلاة فيه، وعلى ذلك لا بد أن يكون هذا البيت هو البيت الذى بناه نوح.
          وهنا خلاف يصطنعه اليهود والنصارى على كلمة وحيدك. فيقولون إن الابن الوحيد هو إسحاق لأنه ابن الحرة، أما إسماعيل فهو ابن الجارية. ولا يمكن بحال من الأحوال أن يكون إسحاق الابن الوحيد، لأن إسماعيل ولد قبل منه ب 14 عام. والكلمة التى جاءت ya^chi^ydyaw-kheed'، وهى تعنى أيضًا ابنك الأوحد، الذى ليس لك غيره، أى البكر كما كانت فى الترجمات القديمة. كما اعتبر الله إسماعيل من نسل إبراهيم، وسمَّى إبراهيم إسماعيل ابنه، (13وَابْنُ الْجَارِيَةِ أَيْضًا سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ») تكوين 21: 13
          (23فَأَخَذَ إِبْرَاهِيمُ إِسْمَاعِيلَ ابْنَهُ وَجَمِيعَ وِلْدَانِ بَيْتِهِ وَجَمِيعَ الْمُبْتَاعِينَ بِفِضَّتِهِ كُلَّ ذَكَرٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ إِبْرَاهِيمَ وَخَتَنَ لَحْمَ غُرْلَتِهِمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عَيْنِهِ كَمَا كَلَّمَهُ اللهُ. .. .. .. .. 26فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عَيْنِهِ خُتِنَ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ ابْنُهُ.) تكوين 17: 23 و26
          ومعنى هذا أن إسماعيل هو ابن إبراهيم الذى كان يحبه، والابن الوحيد، فسمع الله له، وقال له (نعم، أى نعم قد استجبت لك فيه)، والدليل على ذلك ما أكده النص رقم (20)، وأغدق عليه نعمه أكثر بأن جعل النبوة أيضًا فى ابنه الذى لم يأت بعد وهو إسحاق: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِلَّهِ: ((لَيْتَ إِسْمَاعِيلَ يَعِيشُ أَمَامَكَ!)) 19فَقَالَ اللهُ بَلْ سَارَةُ امْرَأَتُكَ تَلِدُ لَكَ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ إِسْحَاقَ. وَأُقِيمُ عَهْدِي مَعَهُ عَهْدًا أَبَدِيًّا لِنَسْلِهِ مِنْ بَعْدِهِ. 20وَأَمَّا إِسْمَاعِيلُ فَقَدْ سَمِعْتُ لَكَ فِيهِ. هَا أَنَا أُبَارِكُهُ وَأُثْمِرُهُ وَأُكَثِّرُهُ كَثِيرًا جِدًّا. اثْنَيْ عَشَرَ رَئِيسًا يَلِدُ وَأَجْعَلُهُ أُمَّةً كَبِيرَةً.) تكوين 17: 18-20
          وهنا يحدث تحريف آخر غير إضافتهم كلمة إسحاق بعد ابنك وحيدك، فقد قام المترجم بتغيير موافقة الله تعالى على طلب إبراهيم عليه السلام، وأبدل كلمة (نعم) بكلمة (لا) أو تجنب أن يذكر كلمة (نعم) صريحة. فلاحظ الكلمات التى تحتها خط، وتخبطهم فى كلمة واضحة المعنى والترجمة:
          جاءت معنى هذه الكلمة فى ترجمة Einheitsübersetzung كالآتى:
          Gott entgegnete: Nein، deine Frau Sara wird dir einen Sohn gebنren und du sollst ihn Isaak nennen. Ich werde meinen Bund mit ihm schlieكen als einen ewigen Bund für seine Nachkommen.
          http://theol.uibk.ac.at/leseraum/bibel/gen1.html#1
          وكانت فى ترجمة لوثر لعام 1545 كالآتى:
          19Da sprach Gott: Ja، Sara، dein Weib، soll dir einen Sohn gebنren، den sollst du Isaak heiكen; denn mit ihm will ich meinen ewigen Bund aufrichten und mit seinem Samen nach ihm.
          http://bible.gospelcom.net/bible?sho...language=germa...
          ويبدو أن المترجم للوثر أفاق بعد أن لفت نظره اليهود إلى أنه بصدقه فى الترجمة سيعطى لإسماعيل الحق فى النبوة، وسيكون على شعوبنا الاعتراف بمحمد عليه الصلاة والسلام ودينه، وعلينا ألا نحتل أراضيهم تحت شعار أرض الميعاد، فغيرها المترجم المؤمن فى الطبعات التى تلت طبعة 1912، ثم وخذه ضميره فأعاد تصحيح الترجمة فى عام 1914، ثم مات ضميره فغيرها فى طبعة 1984):
          19 Da sprach Gott: Nein، Sara، deine Frau، wird dir einen Sohn gebنren، den sollst du Isaak nennen، und mit ihm will ich meinen * ewigen Bund aufrichten und mit seinem Geschlecht nach ihm. (1912)
          http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?1M...nomd&bi=luther
          19. Da sprach Gott: Ja، Sara، dein Weib، soll dir einen Sohn gebنren، den sollst du Isaak heiكen; denn mit ihm will ich meinen ewigen Bund aufrichten und mit seinem Samen nach ihm.(1914), (GLB) e-sword
          http://unbound.biola.edu/results/ind...german%5Fluthe...
          19Da sprach Gott: Nein، Sara، deine Frau، wird dir einen Sohn gebنren، den sollst du Isaak nennen، und mit ihm will ich meinen dewigen Bund aufrichten und mit seinem Geschlecht nach ihm. (1984)
          http://www.bibel-online.net/buch/01.1-mose/17.html#17،1
          وفى ترجمة Schlachter نفى قاطع أن يكون له مع إسماعيل عهد:
          19 Da sprach Gott: Nein، sondern Sarah، dein Weib، soll dir einen Sohn gebنren، den sollst du Isaak nennen; denn ich will mit ihm einen Bund aufrichten als einen ewigen Bund für seinen Samen nach ihm.
          http://www.pfarre-grinzing.at/bibel/...ebi_Gen_17.htm
          وفى تراجمة الـ Basic الإنجليزية جاءت أيضًا بالنفى:
          19 And God said، Not so; but Sarah، your wife، will have a son، and you will give him the name Isaac، and I will make my agreement with him for ever and with his seed after him.
          http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?1M...mo&nomd&bi=bbe
          وتجاهلت ترجمة الملك جيمس ترجمة كلمة الرب الأولى منعًا للإحراج، وهذا ما فعلته ترجمة الـ Webster لعام 1833، وسأضع الرابط أسفل رابط الترجمة:
          19 And God said، Sarah thy wife shall bear thee a son indeed; and thou shalt call his name Isaac: and I will establish my covenant with him for an everlasting covenant، and with his seed after him
          http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?1M...mo&nomd&bi=kjv
          http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?1M...omd&bi=webster
          إلا أنه يبدو أن المترجم قد وقع تحت ضغط اللوبى الصهيونى فتجرأ هذه المرة وغير كلمة الرب من نعم إلى لا:
          19Then God said: "No، Sarah your wife shall bear you a son، and you shall call his name Isaac; I will establish My covenant with him for an everlasting covenant، and with his descendants after him. (NKJV)
          http://bible.gospelcom.net/bible?sho...language=engli...
          وكذلك نفت الترجمة الإنجليزية العالمية:
          19. God said، "No، but Sarah، your wife، will bear you a son. You shall call his name Isaac. I will establish my covenant with him for an everlasting covenant for his seed after him. (World Eng.)
          http://unbound.biola.edu/results/ind...web%3AWorld%20...
          وبالإيطالية غيَّر المترجم كلمة الرب وجعلها (لا) بدلًا من (نعم)، ووافقتها على هذا التحريف ترجمة أخرى بالإيطالية أيضًا سأضع رابطها بعد رابط الترجمة:
          19E Dio disse: "No، Sara، tua moglie، ti partorirà un figlio e lo chiamerai Isacco. Io stabilirٍ la mia alleanza con lui come alleanza perenne، per essere il Dio suo e della sua discendenza dopo di lui.
          http://bible.gospelcom.net/bible?sho...language=itali...
          http://bible.gospelcom.net/bible?sho...language=itali...
          كما غيرتها الترجمة الفرنسية الآتية إلى رفض الرب هذا الطلب فى إسماعيل رفضًا قاطعًا، ولاحظ الفراغ الذى تركته قبل إجابة الرب:
          19 Dieu reprit: ---Mais non! c'est Sara، ta femme، qui te donnera un fils. Tu l'appelleras Isaac (Il a ri) et j'établirai mon alliance avec lui، pour l'éternité، et avec sa descendance après lui.
          http://bible.gospelcom.net/bible?sho...language=frenc...
          ووافقتها فى التحريف هذه الطبعة الفرنسية:
          http://unbound.biola.edu/results/ind...french%5Fjerus...
          وكان مترجم الطبعة الفرنسية لداربى Darby حى الضمير فأبى أن يكذب. وقد سوَّل له ضميره الحى أن لا يذكر كلمة الرب بالمرة، فلم يترجم (نعم) ولا (لا). كما فعلت ترجمة الملك جيمس سابقة الذكر. ولكنه بدأها بقوله: بالطبع ستلد لك زوجتك سارة ..، بدلًا من قوله: نعم. أو بالطبع. ثم يستأنف الجملة التى تليها. أى جعل الموافقة منصبة على ولادة سارة لغلام سيكون معه العهد:
          19. Et Dieu dit: Certainement Sara، ta femme، t'enfantera un fils; et tu appelleras son nom Isaac; et j'établirai mon alliance avec lui، comme alliance perpétuelle، pour sa semence après lui.
          http://unbound.biola.edu/results/ind...french%5Fdarby...
          ووافقتها على هذا الضمير الحى فى معالجة كلمة الرب هذه الطبعة:
          http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?1M...mo&nomd&bi=lsg
          (فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ) البقرة 79
          فمن المستحيل أن يُخطىء كل هؤلاء. إن النية السيئة متوفرة لدى المترجمين. وقس على ذلك كل ما يشير فى الكتاب المقدس إلى المِسِّيِّا. وقد رأينا الكثير من ذلك، ومازلنا
          لقد أقسم الله بذاته قائلًا، أن يبارك إبراهيم ونسله بسبب طاعة إبراهيم لله، وأنه همَّ بذبح ابنه من أجل الله: (16وَقَالَ: «بِذَاتِي أَقْسَمْتُ يَقُولُ الرَّبُّ أَنِّي مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ فَعَلْتَ هَذَا الأَمْرَ وَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ 17أُبَارِكُكَ مُبَارَكَةً وَأُكَثِّرُ نَسْلَكَ تَكْثِيرًا كَنُجُومِ السَّمَاءِ وَكَالرَّمْلِ الَّذِي عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ وَيَرِثُ نَسْلُكَ بَابَ أَعْدَائِهِ 18وَيَتَبَارَكُ فِي نَسْلِكَ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِي».) تكوين 22: 16-18
          وهذا بسبب استسلامه لأمر الله بذبح ابنه وحيده. ولم يكن إسحاق  قد ولد بعد، حيث إن الفارق فى العمر بينهما هو (14) عاماَ: (16كَانَ أَبْرَامُ ابْنَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ سَنَةً لَمَّا وَلَدَتْ هَاجَرُ إِسْمَاعِيلَ لأَبْرَامَ.) تكوين 16: 16 و(5وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ ابْنَ مِئَةِ سَنَةٍ حِينَ وُلِدَ لَهُ إِسْحَاقُ ابْنُهُ) تكوين 21: 5
          ولم يجد اليهود أو النصارى مخرجًا لهذه النقطة إلا سبِّ الإله واتهامه بالظلم. فقالوا: إن الابن الوحيد والبكر، لم يكن إسماعيل قط، لأن إسماعيل ابن الجارية، أما إسحاق فهو ابن الحرة. وعلى ذلك يكون إسحاق هو الابن الحقيقى لإبراهيم، وهو الوريث الوحيد.
          والعجيب أن الكتاب المقدس جدًا لم تقل أبدًا إن إسماعيل ابن غير شرعى لإبراهيم، فهذه سارة امرأة إبراهيم أيقنت أنها لن تنجب لإبراهيم نسلًا فآثرت أن تزوجه بهاجر: (3فَأَخَذَتْ سَارَايُ امْرَأَةُ أَبْرَامَ هَاجَرَ الْمِصْرِيَّةَ جَارِيَتَهَا مِنْ بَعْدِ عَشَرِ سِنِينَ لإِقَامَةِ أَبْرَامَ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ وَأَعْطَتْهَا لأَبْرَامَ رَجُلِهَا زَوْجَةً لَهُ.) تكوين 16: 3
          أى إن نسلها يجب أن يكون نسلًا شرعيًا، ويؤكد ذلك قول الرب نفسه: (13وَابْنُ الْجَارِيَةِ أَيْضًا سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ») تكوين 21: 13
          كما سمَّاه ابنًا لإبراهيم: (. 23فَأَخَذَ إِبْرَاهِيمُ إِسْمَاعِيلَ ابْنَهُ وَجَمِيعَ وِلْدَانِ بَيْتِهِ وَجَمِيعَ الْمُبْتَاعِينَ بِفِضَّتِهِ كُلَّ ذَكَرٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ إِبْرَاهِيمَ وَخَتَنَ لَحْمَ غُرْلَتِهِمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عَيْنِهِ كَمَا كَلَّمَهُ اللهُ. .. .. .. .. 26فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عَيْنِهِ خُتِنَ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ ابْنُهُ.) تكوين 17: 23 و26
          كما سمَّى الله إسماعيل أخًا لإسحاق ولباقى اخوته: (12وَإِنَّهُ يَكُونُ إِنْسَانًا وَحْشِيًّا يَدُهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ وَيَدُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَيْهِ وَأَمَامَ جَمِيعِ إِخْوَتِهِ يَسْكُنُ»)تكوين 16: 12
          واعترف إبراهيم به ابنًا شرعيًا له: (15فَوَلَدَتْ هَاجَرُ لأَبْرَامَ ابْنًا. وَدَعَا أَبْرَامُ اسْمَ ابْنِهِ الَّذِي وَلَدَتْهُ هَاجَرُ «إِسْمَاعِيلَ».) تكوين 16: 15، أى إن الله اعتبر إسماعيل من نسل إبراهيم. وعلى ذلك يكون إسماعيل هو البكر.
          كما تجد تعاطف الله سبحانه وتعالى مع إسماعيل وأمه من اللحظة التى فكرت فيها هاجر أن تهرب تبعًا لقول الكتاب، فأرسل لها ملاكه يواسيها وينبئها بالبشارة السارة فى ابنها إسماعيل ونسله: (8وَقَالَ: ((يَا هَاجَرُ جَارِيَةَ سَارَايَ مِنْ أَيْنَ أَتَيْتِ وَإِلَى أَيْنَ تَذْهَبِين؟)). فَقَالَتْ: ((أَنَا هَارِبَةٌ مِنْ وَجْهِ مَوْلاَتِي سَارَايَ)). 9فَقَالَ لَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ: ((ارْجِعِي إِلَى مَوْلاَتِكِ وَاخْضَعِي تَحْتَ يَدَيْهَا)). 10وَقَالَ لَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ: ((تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ نَسْلَكِ فَلاَ يُعَدُّ مِنَ الْكَثْرَةِ)). 11وَقَالَ لَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ: ((هَا أَنْتِ حُبْلَى فَتَلِدِينَ ابْنًا وَتَدْعِينَ اسْمَهُ إِسْمَاعِيلَ لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ سَمِعَ لِمَذَلَّتِكِ. 12وَإِنَّهُ يَكُونُ إِنْسَانًا وَحْشِيًّا يَدُهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ وَيَدُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَيْهِ وَأَمَامَ جَمِيعِ إِخْوَتِهِ يَسْكُنُ)).) تكوين 16: 8-12
          وهو نفس الكلام الذى قاله الله لإبراهيم عن ابنه البكر الذى سينجبه: ())4َإِذَا كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَيْهِ: ((لاَ يَرِثُكَ هَذَا. بَلِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ أَحْشَائِكَ هُوَ يَرِثُكَ)). 5ثُمَّ أَخْرَجَهُ إِلَى خَارِجٍ وَقَالَ: ((انْظُرْ إِلَى السَّمَاءِ وَعُدَّ النُّجُومَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَعُدَّهَا)). وَقَالَ لَهُ: ((هَكَذَا يَكُونُ نَسْلُكَ)).) تكوين 15: 4-5
          وعندما غارت سارة من هاجر: (10فَقَالَتْ لإِبْرَاهِيمَ: «اطْرُدْ هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا لأَنَّ ابْنَ هَذِهِ الْجَارِيَةِ لاَ يَرِثُ مَعَ ابْنِي إِسْحَاقَ». 11فَقَبُحَ الْكَلاَمُ جِدًّا فِي عَيْنَيْ إِبْرَاهِيمَ لِسَبَبِ ابْنِهِ. 12فَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيمَ: «لاَ يَقْبُحُ فِي عَيْنَيْكَ مِنْ أَجْلِ الْغُلاَمِ وَمِنْ أَجْلِ جَارِيَتِكَ. فِي كُلِّ مَا تَقُولُ لَكَ سَارَةُ اسْمَعْ لِقَوْلِهَا لأَنَّهُ بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ. 13وَابْنُ الْجَارِيَةِ أَيْضًا سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ».) تكوين 21: 10-13
          وفى برية بئر سبع (17فَسَمِعَ اللهُ صَوْتَ الْغُلاَمِ. وَنَادَى مَلاَكُ اللهِ هَاجَرَ مِنَ السَّمَاءِ وَقَالَ لَهَا:«مَا لَكِ يَا هَاجَرُ؟لاَ تَخَافِي لأَنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ لِصَوْتِ الْغُلاَمِ حَيْثُ هُوَ. 18قُومِي احْمِلِي الْغُلاَمَ وَشُدِّي يَدَكِ بِهِ لأَنِّي سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً عَظِيمَةً)تكوين21: 17-18
          وقال عنه الكتاب المقدس جدًا إنه ابن إبراهيم: (وهذه مواليد إسماعيل بن ابراهيم الذى ولدته هاجر المصرية جارية سارة لإبراهيم) تكوين 25: 12
          وعند وفاة إبراهيم اشترك الابنان فى دفن أبيهما: (ودفنه إسحق وإسماعيل ابناه فى مغارة المكفيلة) تكوين 25: 7، والاشتراك فى الدفن يعنى الاشتراك فى الميراث.
          إذن لقد كان عهد الله مع إبراهيم فى ابنه إسماعيل، فى ابنه الوحيد الذى يحبه، الذى نزل ملاك الله من السماء ليبشر به إبراهيم، ويؤكد ذلك لأمه هاجر.
          أما إقحام اسم إسحق وأن العهد الأبدى كان به فتكذبه نقاط عديدة جدًا جدًا فى الكتاب منها ما ذكرت آنفًا، ومنها أيضًا قول عيسى  لليهود أبناء إسحاق، أن العهد ليس فى نسلهم، وأن النبوة لا بد أن تؤخذ منهم، وستُعطى لأمة أخرى، ستُعطى لرجل من نسل هاجر، الحجر الذى رفضه البناؤون: (42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ») متى 21: 42-44
          أما القارىء الجيد للإصحاح السابع عشر من سفر التكوين يتضح له أن الرب أنبأ إبراهيم وسارة بولادة طفل يُسمونه إسحاق وأن الله سيعمل معه العهد الأبدى: (19فَقَالَ اللهُ بَلْ سَارَةُ امْرَأَتُكَ تَلِدُ لَكَ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ إِسْحَاقَ. وَأُقِيمُ عَهْدِي مَعَهُ عَهْدًا أَبَدِيًّا لِنَسْلِهِ مِنْ بَعْدِهِ. .. .. .. 21وَلَكِنْ عَهْدِي أُقِيمُهُ مَعَ إِسْحَاقَ الَّذِي تَلِدُهُ لَكَ سَارَةُ) تكوين 17: 19 و21، فلا يليق بجلال الله وقداسته أن ينسى ما ذكره من قبل، أو أن يدع عبدًا من عباده يضحك على نسيان الرب أو إمتحان سخيف قد أعطى الرب نفسه ورقة الإجابة قبل أن يوزع الأسئلة. ويصر مع هذا أن يسميه إمتحان.
          وكان رد فعل إبراهيم  أنه ضحك وتعجب من أمر الله: (17فَسَقَطَ إِبْرَاهِيمُ عَلَى وَجْهِهِ وَضَحِكَ وَقَالَ فِي قَلْبِهِ: «هَلْ يُولَدُ لِابْنِ مِئَةِ سَنَةٍ؟ وَهَلْ تَلِدُ سَارَةُ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِينَ سَنَةً؟».) تكوين 17: 17
          كما غيَّرَ الرب اسم سارة: (15وَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيمَ: «سَارَايُ امْرَأَتُكَ لاَ تَدْعُو اسْمَهَا سَارَايَ بَلِ اسْمُهَا سَارَةُ. 16وَأُبَارِكُهَا وَأُعْطِيكَ أَيْضًا مِنْهَا ابْنًا. أُبَارِكُهَا فَتَكُونُ أُمَمًا وَمُلُوكُ شُعُوبٍ مِنْهَا يَكُونُونَ». 17فَسَقَطَ إِبْرَاهِيمُ عَلَى وَجْهِهِ وَضَحِكَ وَقَالَ فِي قَلْبِهِ: «هَلْ يُولَدُ لِابْنِ مِئَةِ سَنَةٍ؟ وَهَلْ تَلِدُ سَارَةُ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِينَ سَنَةً؟».) تكوين 17: 15-17
          لكن العجب العُجاب أنك لا تجد سارة نفسها تعرف شيئًا عن تغيير اسمها، وليس لديها أية فكرة أنها ستلد ابنًا: (9وَقَالُوا لَهُ: «أَيْنَ سَارَةُ امْرَأَتُكَ؟» فَقَالَ: «هَا هِيَ فِي الْخَيْمَةِ». 10فَقَالَ: «إِنِّي أَرْجِعُ إِلَيْكَ نَحْوَ زَمَانِ الْحَيَاةِ وَيَكُونُ لِسَارَةَ امْرَأَتِكَ ابْنٌ». وَكَانَتْ سَارَةُ سَامِعَةً فِي بَابِ الْخَيْمَةِ وَهُوَ وَرَاءَهُ – 11وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ وَسَارَةُ شَيْخَيْنِ مُتَقَدِّمَيْنِ فِي الأَيَّامِ وَقَدِ انْقَطَعَ أَنْ يَكُونَ لِسَارَةَ عَادَةٌ كَالنِّسَاءِ. 12فَضَحِكَتْ سَارَةُ فِي بَاطِنِهَا قَائِلَةً: «أَبَعْدَ فَنَائِي يَكُونُ لِي تَنَعُّمٌ وَسَيِّدِي قَدْ شَاخَ!» 13فَقَالَ الرَّبُّ لإِبْرَاهِيمَ: «لِمَاذَا ضَحِكَتْ سَارَةُ قَائِلَةً: أَفَبِالْحَقِيقَةِ أَلِدُ وَأَنَا قَدْ شِخْتُ؟ 14هَلْ يَسْتَحِيلُ عَلَى الرَّبِّ شَيْءٌ؟ فِي الْمِيعَادِ أَرْجِعُ إِلَيْكَ نَحْوَ زَمَانِ الْحَيَاةِ وَيَكُونُ لِسَارَةَ ابْنٌ». 15فَأَنْكَرَتْ سَارَةُ قَائِلَةً: «لَمْ أَضْحَكْ». (لأَنَّهَا خَافَتْ). فَقَالَ: «لاَ! بَلْ ضَحِكْتِ».) تكوين 18: 9-15
          إذن ما قاله الرب فى الإصحاح السابق كان خاصًا بإسماعيل . ولم يُذكر اسم إسحاق  لأول مرة إلا فى الإصحاح الذى تلاه، عند تعجُّب سارة من هذه البشارة التى أفقدتها اتزانها، وتعجبت من كلام الرب نفسه الذى نزل ليخبرها أو ملاكه. فلو كانت قد علمتها من قبل لما كان رد فعلها بهذه الدرجة، أو لقالت على الأقل على اسمها الحقيقى الذى تعرفه، لأنه من خلاف الأدب أن ينادى شخص ما شخصًا آخرًا باسم غير اسمه وهو يعلم اسمه الحقيقى. فهل لم يعلم الرب أنها لم تعرف اسمها الجديد؟ ولو عرفت اسمها الجديد فكيف لم تعرف بالبشارة السعيدة بحملها لطفل يدعى إسحاق؟ ولو لم يخبرها إبراهيم، فكيف لم يعلم الرب ذلك ويناديها باسم غريب عليها؟ وكيف لم تتعجب هى من هذا الاسم الجديد الذى ليس اسمها على حد علمها؟ وكيف لم يؤاخذ الرب إبراهيم  فى عدم إبلاغه سارة باسمها الجديد وبباقى البشارة؟
          ومعنى هذا أن التوراة قد حرَّفت اسم الذبيح وجعلته إسحاق بدلًا من إسماعيل، وسار مؤلفوا العهد الجديد على نهجهم. وأتعجب هنا بالذات، لأن نفس هذه الفكرة كانت سائدة أيام عيسى ، وحاربها ضمن الأفكار الخاطئة التى كان يروجها اليهود، فى محاولة منهم، لإبعاد إسماعيل ونسله عن وراثة النبوة، التى وعدها الله إبراهيم فى ولديه: (10فَقَالَتْ لإِبْرَاهِيمَ: «اطْرُدْ هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا لأَنَّ ابْنَ هَذِهِ الْجَارِيَةِ لاَ يَرِثُ مَعَ ابْنِي إِسْحَاقَ». 11فَقَبُحَ الْكَلاَمُ جِدًّا فِي عَيْنَيْ إِبْرَاهِيمَ لِسَبَبِ ابْنِهِ. 12فَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيمَ: «لاَ يَقْبُحُ فِي عَيْنَيْكَ مِنْ أَجْلِ الْغُلاَمِ وَمِنْ أَجْلِ جَارِيَتِكَ. فِي كُلِّ مَا تَقُولُ لَكَ سَارَةُ اسْمَعْ لِقَوْلِهَا لأَنَّهُ بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ. 13وَابْنُ الْجَارِيَةِ أَيْضًا سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ».) تكوين 21: 10-13
          سأجعله أمة عظيمة. فالأمة تختلف عن الشعب. فالأمة هى عدة دول يجمعهم شىء مشترك: مثل اللغة أو الدين فنقول الأمة العربية أى البلاد الناطقة باللغة العربية، ونقول الأمة الإسلامية أى الدول التى تُدين بالإسلام.
          وإذا قرأت نص الذبيح فى (تكوين 22: 2) تجد أنه يقول له: خذ ابنك وحيدك الذى تحبه. فلو كان وُلِدَ إسحاق، فلا يمكن أن يكون له ابن وحيد، أو لكان سأله أيهما! ولو أراد الله بالذبيح إسحاق، أو لو كان إسحاق قد ولِدَ عند هذا الإختبار الصعب، أو لو كان الذبيح غير محبوب ومقبول عند أبيه ومرضى عليه منه، فلا تتبقى قيمة للأضحية! ولو كان يحب إسحاق فقط لكان نبى الله ظالمًا، ولكان إلهه أيضًا ظالمًا أن يُشجعه على التمادى فى الظلم بهذه التسمية! ولما قبح الكلام فى عينى إبراهيم عندما طردت سارة هاجر وابنها.
          هل كان إسماعيل مغضوبًا عليه أو محرومًا من الميراث؟
          على العكس. ندرك قمة الحب لإسماعيل عند إبراهيم فى هذه النصوص: (18وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِلَّهِ: «لَيْتَ إِسْمَاعِيلَ يَعِيشُ أَمَامَكَ!» 19فَقَالَ اللهُ بَلْ سَارَةُ امْرَأَتُكَ تَلِدُ لَكَ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ إِسْحَاقَ. وَأُقِيمُ عَهْدِي مَعَهُ عَهْدًا أَبَدِيًّا لِنَسْلِهِ مِنْ بَعْدِهِ. 20وَأَمَّا إِسْمَاعِيلُ فَقَدْ سَمِعْتُ لَكَ فِيهِ. هَا أَنَا أُبَارِكُهُ وَأُثْمِرُهُ وَأُكَثِّرُهُ كَثِيرًا جِدًّا. اثْنَيْ عَشَرَ رَئِيسًا يَلِدُ وَأَجْعَلُهُ أُمَّةً كَبِيرَةً.) تكوين 17: 18، و (10فَقَالَتْ لإِبْرَاهِيمَ: «اطْرُدْ هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا لأَنَّ ابْنَ هَذِهِ الْجَارِيَةِ لاَ يَرِثُ مَعَ ابْنِي إِسْحَاقَ». 11فَقَبُحَ الْكَلاَمُ جِدًّا فِي عَيْنَيْ إِبْرَاهِيمَ لِسَبَبِ ابْنِهِ. 12فَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيمَ: «لاَ يَقْبُحُ فِي عَيْنَيْكَ مِنْ أَجْلِ الْغُلاَمِ وَمِنْ أَجْلِ جَارِيَتِكَ. فِي كُلِّ مَا تَقُولُ لَكَ سَارَةُ اسْمَعْ لِقَوْلِهَا لأَنَّهُ بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ. 13وَابْنُ الْجَارِيَةِ أَيْضًا سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ».) تكوين 21: 10-13
          أى سيكون عهدى الأول مع إسحاق وفى نسله، ثم سيكون من بعد ذلك فى نسل إسماعيل، لهذا عمل اليهود ألا ينتهى هذا العهد، وأرادوا خلع صفة المسيح الرئيس (المِسِّيِّا) على عيسى ، لكى لا ينتظروا المِسِّيِّا، خاتم الأنبياء، الذى سينهى شريعتهم، ويأتى بالدين الخاتم لكل أهل الأرض.
          هل ابن الجارية كان من المغضوب عليهم؟
          بالطبع لا. فقط ابن الزنى. وإلا فماذا نقول عن (دان) و (نفتالى) ابنى يعقوب من بلهة جارية راحيل؟ وماذا نقول عن (جاد) و (أشير) ابنى يعقوب أيضًا من زلفة جارية ليئة؟ إن هؤلاء من الأسباط الاثنى عشر، ذرية يعقوب ، واقتران يعقوب لبلهة جارية راحيل، وزلفة جارية ليئة مماثل لاقتران إبراهيم لهاجر جارية سارة.
          فتقول التوراة بشأن (دان) و (نفتالى) أن راحيل (3فَقَالَتْ: «هُوَذَا جَارِيَتِي بَلْهَةُ. ادْخُلْ عَلَيْهَا فَتَلِدَ عَلَى رُكْبَتَيَّ وَأُرْزَقُ أَنَا أَيْضًا مِنْهَا بَنِينَ». 4فَأَعْطَتْهُ بَلْهَةَ جَارِيَتَهَا زَوْجَةً فَدَخَلَ عَلَيْهَا يَعْقُوبُ 5فَحَبِلَتْ بَلْهَةُ وَوَلَدَتْ لِيَعْقُوبَ ابْنًا 6فَقَالَتْ رَاحِيلُ: «قَدْ قَضَى لِيَ اللهُ وَسَمِعَ أَيْضًا لِصَوْتِي وَأَعْطَانِيَ ابْنًا». لِذَلِكَ دَعَتِ اسْمَهُ «دَانًا». 7وَحَبِلَتْ أَيْضًا بَلْهَةُ جَارِيَةُ رَاحِيلَ وَوَلَدَتِ ابْنًا ثَانِيًا لِيَعْقُوبَ 8فَقَالَتْ رَاحِيلُ: «قَدْ صَارَعْتُ أُخْتِي مُصَارَعَاتِ اللهِ وَغَلَبْتُ». فَدَعَتِ اسْمَهُ «نَفْتَالِي».) تكوين 30: 3-8
          وتقول التوراة بشأن (جاد) و (أشير): (9وَلَمَّا رَأَتْ لَيْئَةُ أَنَّهَا تَوَقَّفَتْ عَنِ الْوِلاَدَةِ أَخَذَتْ زِلْفَةَ جَارِيَتَهَا وَأَعْطَتْهَا لِيَعْقُوبَ زَوْجَةً 10فَوَلَدَتْ زِلْفَةُ جَارِيَةُ لَيْئَةَ لِيَعْقُوبَ ابْنًا. 11فَقَالَتْ لَيْئَةُ: «بِسَعْدٍ». فَدَعَتِ اسْمَهُ «جَادًا». 12وَوَلَدَتْ زِلْفَةُ جَارِيَةُ لَيْئَةَ ابْنًا ثَانِيًا لِيَعْقُوبَ 13فَقَالَتْ لَيْئَةُ: «بِغِبْطَتِي لأَنَّهُ تُغَبِّطُنِي بَنَاتٌ». فَدَعَتِ اسْمَهُ «أَشِيرَ».) تكوين 30: 9-13
          وقد حُسِبوا ضمن أولاده الشرعيين، فكيف يعترفون بهؤلاء أبناء شرعيين ليعقوب وينكرون ذلك على إسماعيل؟! وإلا لقلنا أن نبى الله، أبو الأنبياء، إبراهيم عليه السلام كان عنده ابن غير شرعى من الحرام؟ حاشاه أن يزنى أبو الأنبياء .
          وهؤلاء هم أبناء يعقوب الاثنى عشر: (وَكَانَ بَنُو يَعْقُوبَ اثْنَيْ عَشَرَ: 23بَنُو لَيْئَةَ: رَأُوبَيْنُ بِكْرُ يَعْقُوبَ وَشَمْعُونُ وَلاَوِي وَيَهُوذَا وَيَسَّاكَرُ وَزَبُولُونُ. 24وَابْنَا رَاحِيلَ؛ يُوسُفُ وَبِنْيَامِينُ. 25وَابْنَا بِلْهَةَ جَارِيَةِ رَاحِيلَ: دَانُ وَنَفْتَالِي.26وَابْنَا زِلْفَةَ جَارِيَةِ لَيْئَةَ: جَادُ وَأَشِيرُ. هَؤُلاَءِ بَنُو يَعْقُوبَ الَّذِينَ وُلِدُوا لَهُ فِي فَدَّانَِ أَرَامَ.) تكوين 35: 22-26
          ومن الدلائل الجلية أن (دان) ابن بلهة جارية راحيل جاء من ذريته شمشون، ذلك الإنسان الممسوح بالروح القدس منذ ولادته، وقد كان قاضيًا لبنى إسرائيل لمدة 20 سنة، فها هو ملاك الرب يبشر امرأة منوح العاقر بولادتها لشمشون قائلًا: (5فَهَا إِنَّكِ تَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا، وَلاَ يَعْلُ مُوسَى رَأْسَهُ، لأَنَّ الصَّبِيَّ يَكُونُ نَذِيرًا لِلَّهِ مِنَ الْبَطْنِ، وَهُوَ يَبْدَأُ يُخَلِّصُ إِسْرَائِيلَ مِنْ يَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ».) القضاة 13: 5
          (24فَوَلَدَتِ الْمَرْأَةُ ابْنًا وَدَعَتِ اسْمَهُ شَمْشُونَ. فَكَبِرَ الصَّبِيُّ وَبَارَكَهُ الرَّبُّ. 25وَابْتَدَأَ رُوحُ الرَّبِّ يُحَرِّكُهُ فِي مَحَلَّةِ دَانٍَ بَيْنَ صُرْعَةَ وَأَشْتَأُولَ.) القضاة 13: 24-25، (وهو قضى لاسرائيل عشرين سنة) القضاة 16: 31
          ويدافع (جيمس هيستنج) عن حق البكورية لإسماعيل فيقول: لقد جانب التوفيق كُتَّاب سِفر التكوين، أولئك الذين حاولوا أن يجعلوا نسل إسماعيل واستحقاقه لحقوق البكورية أقل مرتبة زعمًا أن انتماءه لأمه هاجر جارية إبراهيم يفقده حق البكورية، وبهذا الصنيع فهم يغفلون قانون الأسرة الواضح الصريح المنصوص عليه فى التوراة فى سفر التثنية؛ ووفقًا لهذا القانون فإن حقوق الابن البكر لا يمكن إسقاطها بسبب الوضع الاجتماعى للأم. هذا الحق الشرعى قد بيَّنَه الناموس بالنسبة للرجل الذى يجمع أكثر من زوجة. فتقول التوراة: (15«إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ امْرَأَتَانِ إِحْدَاهُمَا مَحْبُوبَةٌ وَالأُخْرَى مَكْرُوهَةٌ فَوَلدَتَا لهُ بَنِينَ المَحْبُوبَةُ وَالمَكْرُوهَةُ. فَإِنْ كَانَ الاِبْنُ البِكْرُ لِلمَكْرُوهَةِ 16فَيَوْمَ يَقْسِمُ لِبَنِيهِ مَا كَانَ لهُ لا يَحِلُّ لهُ أَنْ يُقَدِّمَ ابْنَ المَحْبُوبَةِ بِكْرًا عَلى ابْنِ المَكْرُوهَةِ البِكْرِ 17بَل يَعْرِفُ ابْنَ المَكْرُوهَةِ بِكْرًا لِيُعْطِيَهُ نَصِيبَ اثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ مَا يُوجَدُ عِنْدَهُ لأَنَّهُ هُوَ أَوَّلُ قُدْرَتِهِ. لهُ حَقُّ البَكُورِيَّةِ.) تثنية 21: 15-17
          أضف إلى ذلك قول عيسى  مرارًا: إن رسول الله (المسيَّا، البيركليت، خاتم الأنبياء) ليس من نسل داود، وهو بذلك قد نفى عن نفسه تُهمة أن يكون هو هذا المسيح أو يكون غيره من نسل داود. إذن فهو من نسل إسماعيل، وهى البركة (النبوة) التى وعد الله نبيه إبراهيم أن تكون فى نسل ولديه.
          كما أكَّدَ مرارًا أنه لم يُبعث إلا إلى خاصته من بنى إسرائيل، بل إنه كان يرفض علاج إلا من أُرسِلَ إليهم إلا فى أضيق الحقوق وللمؤمنين فقط، على الرغم من أنه نبى الرحمة، ولكن ليأكد أنه ليس هو المسيح (المسيَّا الرئيس): («لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ».) متى 15: 24،
          بل كانت توجيهاته لتلاميذه المقربين وحاملين الدعوة من بعده: (5هَؤُلاَءِ الاِثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلًا: «إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا. 6بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ.) متى 10: 5-10
          وقبل مجيئه أعلن ملاك الرب أن سبب وجود هذا الغلام هو تخليص شعبه من خطاياهم: (20وَلَكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هَذِهِ الأُمُورِ إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلًا: «يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. 21فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ».) متى 1: 20-21
          وفى نص متى القادم نقرأ أن عيسى  يمتدح بطرس، وهنا يناقض النص نفسه ويناقض نص مرقس الذى لم يذكر هذا المدح. فيناقض نفسه لأنه بعد أن مدحه أوصاهما ألا يقولا هذا لأحد . ما معنى هذا؟ أيخفى شخصيته ورسالته عن المبعوث إليهم؟ فلماذا جاء إذن؟ وكيف سيؤدى رسالته؟ وبأى صفة؟ (13وَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى نَوَاحِي قَيْصَرِيَّةِ فِيلُبُّسَ سَأَلَ تَلاَمِيذَهُ: «مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا ابْنُ الإِنْسَانِ؟» 14فَقَالُوا: «قَوْمٌ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ وَآخَرُونَ إِيلِيَّا وَآخَرُونَ إِرْمِيَا أَوْ وَاحِدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ». 15قَالَ لَهُمْ: «وَأَنْتُمْ مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟» 16فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ». 17فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لَمْ يُعْلِنْ لَكَ لَكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 18وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضًا: أَنْتَ بُطْرُسُ وَعَلَى هَذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْنِي كَنِيسَتِي وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا. 19وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاوَاتِ. وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي السَّمَاوَاتِ». 20حِينَئِذٍ أَوْصَى تَلاَمِيذَهُ أَنْ لاَ يَقُولُوا لأَحَدٍ إِنَّهُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ. 21مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يُظْهِرُ لِتَلاَمِيذِهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَيَتَأَلَّمَ كَثِيرًا مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ وَيُقْتَلَ وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومَ. 22فَأَخَذَهُ بُطْرُسُ إِلَيْهِ وَابْتَدَأَ يَنْتَهِرُهُ قَائِلًا: «حَاشَاكَ يَا رَبُّ! لاَ يَكُونُ لَكَ هَذَا!» 23فَالْتَفَتَ وَقَالَ لِبُطْرُسَ: «اذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ. أَنْتَ مَعْثَرَةٌ لِي لأَنَّكَ لاَ تَهْتَمُّ بِمَا لِلَّهِ لَكِنْ بِمَا لِلنَّاسِ».) متى 16: 13-23
          وإذا ما حذفت الإضافة التى دخلت على النص بعد رد بطرس على يسوع (16: 17-19) لكان سياق النص بدون خلل. لأنه لا يُعقل أن يمتدحه على قول ما، ثم يأمر بعدم قول هذا لأحد. ولو كان هذا مما يوجب على كل شخص يتبعه أن يعرفه، لكان يسوع مقصرًا بذلك فى دعوته. إذ كيف ينهى عن شىء فى رسالته من الأشياء التى يجب أن تكون معلومة للكل؟
          وكذلك لو حذفنا النص (16: 21-22) لحصلنا على معنى موافق لما قاله عند مرقس وفى لوقا 4: 41.
          وأقرَّ بطرس بذلك أمام عيسى  فى قوله: (68فَأَجَابَهُ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «يَا رَبُّ إِلَى مَنْ نَذْهَبُ؟ كلاَمُ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ عِنْدَكَ 69وَنَحْنُ قَدْ آمنَّا وَعَرَفْنَا أَنَّكَ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ». 70أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَلَيْسَ أَنِّي أَنَا اخْتَرْتُكُمْ الاِثْنَيْ عَشَرَ؟ وَوَاحِدٌ مِنْكُمْ شَيْطَانٌ!» 71قَالَ عَنْ يَهُوذَا سِمْعَانَ الإِسْخَرْيُوطِيِّ لأَنَّ هَذَا كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يُسَلِّمَهُ وَهُوَ وَاحِدٌ مِنَ الاِثْنَيْ عَشَرَ) يوحنا 6: 68-71، ووصفه يسوع أنه شيطان،لأنه قال ذلك، إلا أن فهم التلاميذ هنا أنه قال ذلك عن يهوذا فهو فهم خاطىء من عند أنفسهم.
          ويؤكد كلامى هذا أن الشياطين قالت من قبل نفس القول الذى لم يرتضيه عيسى  منهم وقبله من بطرس. ومعنى هذا أن الكتاب هنا أظهر الشياطين فى ثوب المؤمنين، وكان يسوع ظالمًا لهم، لأنه أخرصهم، ولم يتكهم يساعدونه فى الدعوة: (41وَكَانَتْ شَيَاطِينُ أَيْضًا تَخْرُجُ مِنْ كَثِيرِينَ وَهِيَ تَصْرُخُ وَتَقُولُ: «أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ!» فَانْتَهَرَهُمْ وَلَمْ يَدَعْهُمْ يَتَكَلَّمُونَ لأَنَّهُمْ عَرَفُوهُ أَنَّهُ الْمَسِيحُ.) لوقا 4: 41
          ونفى عن نفسه أن يكون المسيَّا: (وَفِي الطَّرِيقِ سَأَلَ تَلاَمِيذَهُ: «مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا؟» 28فَأَجَابُوا: «يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ وَآخَرُونَ إِيلِيَّا وَآخَرُونَ وَاحِدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ». 29فَقَالَ لَهُمْ: «وَأَنْتُمْ مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟» فَأَجَابَ بُطْرُسُ: «أَنْتَ الْمَسِيحُ!» 30فَانْتَهَرَهُمْ كَيْ لاَ يَقُولُوا لأَحَدٍ عَنْهُ.) مرقس 8: 27-30
          بل سألهم عن المسيَّا بأسلوب الغائب، أى يسألهم عن شخص آخر غيره، قائلًا: (41وَفِيمَا كَانَ الْفَرِّيسِيُّونَ مُجْتَمِعِينَ سَأَلَهُمْ يَسُوعُ: 42«مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟ ابْنُ مَنْ هُوَ؟» قَالُوا لَهُ: «ابْنُ دَاوُدَ». 43قَالَ لَهُمْ: «فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبًّا قَائِلًا: 44قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ؟ 45فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبًّا فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟» 46فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يُجِيبَهُ بِكَلِمَةٍ. وَمِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ أَنْ يَسْأَلَهُ بَتَّةً.) متى 22: 41-46
          وبذلك صحح لهم أن المسِّيِّا لن يأتى من نسل داود. وبذلك فالمسيِّا لن يكون من نسل إسحاق، ولأن العهد عمله الله مع إبراهيم بسبب طاعته لأمره فى ذبح إبنه. إذن فالذبيح ليس إسحاق، ولكنه إسماعيل.
          وقد جاء عيسى  - آخر أنبياء بنى إسرائيل من أبيه إسحاق - يُبشِّر المؤمنين أن ملكوت الله سوف يُنزع من بنى إسحاق وسيعطيه الله لبنى إسماعيل، على الرغم أن هذا غريب على بعض غير الفقهاء فى الكتاب، وغريب على المعاندين الذين يظنون أنّ الملكوت سوف يدوم لهم، ونسوا وعد الله لنبيه إبراهيم ، أنه سيقيم النبوة فى إسحاق وأيضًا فى إسماعيل (تكوين 17: 20 و تكوين 21: 17-21)، فقال لهم: (42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ»)متى 21: 42-44، مرقس 12: 10-12
          وقد قال سفر التكوين فى إزالة ملكوت الله من بنى إسرائيل: (10لاَ يَزُولُ قَضِيبٌ مِنْ يَهُوذَا وَمُشْتَرِعٌ مِنْ بَيْنِ رِجْلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ شِيلُونُ وَلَهُ يَكُونُ خُضُوعُ شُعُوبٍ.) تكوين 49: 10 معنى هذا أن الحكم والسلطة الدينية ستزول يومًا ما من يهوذا (أبِى الشعب الإسرائيلى)، ستزول من بنى إسرائيل، ولكن عندما يأتى شيلون (من يكون له الأمر)، وهذا النبى يكون دينه لكافة الأمم، لليهود وللنصارى ولغيرهم من الأمم (وَلَهُ يَكُونُ خُضُوعُ شُعُوبٍ)،
          وهو نفس الأمر الذى قاله عيسى عليه السلام لليهود: (38هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَابًا! 39لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَنِي مِنَ الآنَ حَتَّى تَقُولُوا: مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ!».) متى 23: 37-39
          حتى إنه أعلنها بأسلوب مختلف قائلًا إن آخر أنبياء الله هو الأصغر فى ملكوت الله وهو الأعظم: (1فِي تِلْكَ السَّاعَةِ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ قَائِلِينَ: «فَمَنْ هُوَ أَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ؟» 2فَدَعَا يَسُوعُ إِلَيْهِ وَلَدًا وَأَقَامَهُ فِي وَسَطِهِمْ 3وَقَالَ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. 4فَمَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ مِثْلَ هَذَا الْوَلَدِ فَهُوَ الأَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. 5وَمَنْ قَبِلَ وَلَدًا وَاحِدًا مِثْلَ هَذَا بِاسْمِي فَقَدْ قَبِلَنِي. 6وَمَنْ أَعْثَرَ أَحَدَ هَؤُلاَءِ الصِّغَارِ الْمُؤْمِنِينَ بِي فَخَيْرٌ لَهُ أَنْ يُعَلَّقَ فِي عُنُقِهِ حَجَرُ الرَّحَى وَيُغْرَقَ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ.) متى 18: 1-6
          أى إن الأصغر فى ملكوت الله هو الأعظم، فقد سأله تلاميذه: فمن أعظم أنبياء الله؟ فقال الأصغر، أى آخرهم، أى إنه ليس هو المسيا، ودليل على ذلك قوله عن إيليَّا (المسيَّا) الذى قرب ظهوره: (11اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ وَلَكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ. 12وَمِنْ أَيَّامِ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ إِلَى الآنَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ يُغْصَبُ وَالْغَاصِبُونَ يَخْتَطِفُونَهُ. 13لأَنَّ جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ وَالنَّامُوسَ إِلَى يُوحَنَّا تَنَبَّأُوا. 14وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا فَهَذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ.) متى 11: 11-14
          هل وعيتم كلمته إلى الآن؟ (12وَمِنْ أَيَّامِ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ إِلَى الآنَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ يُغْصَبُ وَالْغَاصِبُونَ يَخْتَطِفُونَهُ.) أى إلى اليوم، حتى فى عصره يحاول الغاصبون أن يسرقوا الملكوت لأنفسهم، لكن من أراد أن يقبل الملكوت، فهذا هو إيليا القادم قريبًا، هو صاحبه الحقيقى.
          ويُستنتَج من كل ما سبق أنه:
          لم يكن هناك ابنًا بكرًا لإبراهيم إلا إسماعيل عليهما السلام.
          وأن إسماعيل من أبناء إبراهيم المقربين والمرضى عنهم لدى الله سبحانه وتعالى، فقد استجاب الله لدعاء أبيه فى إكثار نسله، وباركه (أى جعل النبوة فى نسله).
          وأنه لو كان إسحاق قد ولِدَ قبل رؤيا الذبح، لما كان لها معنى فى إثبات حب إبراهيم لله، لأنه سيكون فى هذه الحالة عنده البديل.
          وأن بشارة الله بميلاد إسحاق هى مكافأة لإبراهيم  على طاعته لله.
          وأن بنو إسرائيل قد وضعوا إسحاق بدلًا من إسماعيل، ليكونوا هم شعب الله المختار الذى افتداه الله ليرث الأرض الموعودة، وإبعاد أى نسل آخر ينازعها هذا الميراث. لذلك صحّحَ عيسى  هذه المفاهيم بقوله: (42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ».) متى 21: 42-44
          لذلك أراد اليهود أن يتخلصوا أيضًا من عيسى  واتهموه أنه هو المسيا المنتظر، وكان رد عيسى  برفض هذه الفرية، ولذلك برأه بيلاطس، إلا أن اليهود أصرَّوا على صلبه، فتدخلت العناية الإلاهية التى كان يحظى بها دائمًا ونجته.
          ولو كان إسحاق هو الذبيح، لاتخذ بنو إسرائيل من الفداء سنة لهم ولذكروها فى مناسبات مختلفة، ولكننا نجد أن الفداء عند بنى إسرائيل يرتبط بالخروج من مصر، ولا نجد إشارة من قريب أو بعيد لذكرى فداء إسحق: («وَيَكُونُ مَتَى أَدْخَلَكَ الرَّبُّ أَرْضَ الْكَنْعَانِيِّينَ .. .. 12أَنَّكَ تُقَدِّمُ لِلرَّبِّ كُلَّ فَاتِحِ رَحِمٍ وَكُلَّ بِكْرٍ مِنْ نِتَاجِ الْبَهَائِمِ الَّتِي تَكُونُ لَكَ. الذُّكُورُ لِلرَّبِّ. .. .. 14«وَيَكُونُ مَتَى سَأَلَكَ ابْنُكَ غَدًا: مَا هَذَا؟ تَقُولُ لَهُ: بِيَدٍ قَوِيَّةٍ أَخْرَجَنَا الرَّبُّ مِنْ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ. 15وَكَانَ لَمَّا تَقَسَّى فِرْعَوْنُ عَنْ إِطْلاَقِنَا أَنَّ الرَّبَّ قَتَلَ كُلَّ بِكْرٍ فِي أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بِكْرِ النَّاسِ إِلَى بِكْرِ الْبَهَائِمِ. لِذَلِكَ أَنَا أَذْبَحُ لِلرَّبِّ الذُّكُورَ مِنْ كُلِّ فَاتِحِ رَحِمٍ وَأَفْدِي كُلَّ بِكْرٍ مِنْ أَوْلاَدِي.) خروج 13: 11-16
          ومن عجائب اليهود أنهم يرفضون إسماعيل لأن أمه كانت خادمة لإبراهيم قبل زواجها منه ، ولم يرفضوا أولاد الزنى فى نسل أسباطهم!
          كما أنها ليست المرة الأخيرة التى يسطون فيها على ميراث غيرهم ، فقد جعلوا يعقوب يسرق النبوة من أخيه البكر عيسو ، أو ابتاعها منه مقابل طبق عدس على اختلاف الروايات:
          (1وَحَدَثَ لَمَّا شَاخَ إِسْحَاقُ وَكَلَّتْ عَيْنَاهُ عَنِ النَّظَرِ أَنَّهُ دَعَا عِيسُوَ ابْنَهُ الأَكْبَرَ وَقَالَ لَهُ: «يَا ابْنِي». فَقَالَ لَهُ: «هَئَنَذَا». 2فَقَالَ: «إِنَّنِي قَدْ شِخْتُ وَلَسْتُ أَعْرِفُ يَوْمَ وَفَاتِي. 3فَالْآنَ خُذْ عُدَّتَكَ: جُعْبَتَكَ وَقَوْسَكَ وَاخْرُجْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ وَتَصَيَّدْ لِي صَيْداً 4وَاصْنَعْ لِي أَطْعِمَةً كَمَا أُحِبُّ وَأْتِنِي بِهَا لِآكُلَ حَتَّى تُبَارِكَكَ نَفْسِي قَبْلَ أَنْ أَمُوتَ». 5وَكَانَتْ رِفْقَةُ سَامِعَةً إِذْ تَكَلَّمَ إِسْحَاقُ مَعَ عِيسُو ابْنِهِ. فَذَهَبَ عِيسُو إِلَى الْبَرِّيَّةِ لِيَصْطَادَ صَيْداً لِيَأْتِيَ بِهِ. 6وَأَمَّا رِفْقَةُ فَقَالَتْ لِيَعْقُوبَ ابْنِهَا: «إِنِّي قَدْ سَمِعْتُ أَبَاكَ يُكَلِّمُ عِيسُوَ أَخَاكَ قَائِلاً: 7اِئْتِنِي بِصَيْدٍ وَاصْنَعْ لِي أَطْعِمَةً لِآكُلَ وَأُبَارِكَكَ أَمَامَ الرَّبِّ قَبْلَ وَفَاتِي. 8فَالْآنَ يَا ابْنِي اسْمَعْ لِقَوْلِي فِي مَا أَنَا آمُرُكَ بِهِ: 9اِذْهَبْ إِلَى الْغَنَمِ وَخُذْ لِي مِنْ هُنَاكَ جَدْيَيْنِ جَيِّدَيْنِ مِنَ الْمِعْزَى فَأَصْنَعَهُمَا أَطْعِمَةً لأَبِيكَ كَمَا يُحِبُّ 10فَتُحْضِرَهَا إِلَى أَبِيكَ لِيَأْكُلَ حَتَّى يُبَارِكَكَ قَبْلَ وَفَاتِهِ». 11فَقَالَ يَعْقُوبُ لِرِفْقَةَ أُمِّهِ: «هُوَذَا عِيسُو أَخِي رَجُلٌ أَشْعَرُ وَأَنَا رَجُلٌ أَمْلَسُ. 12رُبَّمَا يَجُسُّنِي أَبِي فَأَكُونُ فِي عَيْنَيْهِ كَمُتَهَاوِنٍ وَأَجْلِبُ عَلَى نَفْسِي لَعْنَةً لاَ بَرَكَةً». 13فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: «لَعْنَتُكَ عَلَيَّ يَا ابْنِي. اسْمَعْ لِقَوْلِي فَقَطْ وَاذْهَبْ خُذْ لِي». 14فَذَهَبَ وَأَخَذَ وَأَحْضَرَ لِأُمِّهِ فَصَنَعَتْ أُمُّهُ أَطْعِمَةً كَمَا كَانَ أَبُوهُ يُحِبُّ. 15وَأَخَذَتْ رِفْقَةُ ثِيَابَ عِيسُو ابْنِهَا الأَكْبَرِ الْفَاخِرَةَ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهَا فِي الْبَيْتِ وَأَلْبَسَتْ يَعْقُوبَ ابْنَهَا الأَصْغَرَ 16وَأَلْبَسَتْ يَدَيْهِ وَمَلاَسَةَ عُنُقِهِ جُلُودَ جَدْيَيِ الْمِعْزَى. 17وَأَعْطَتِ الأَطْعِمَةَ وَالْخُبْزَ الَّتِي صَنَعَتْ فِي يَدِ يَعْقُوبَ ابْنِهَا. 18فَدَخَلَ إِلَى أَبِيهِ وَقَالَ: «يَا أَبِي». فَقَالَ: «هَئَنَذَا. مَنْ أَنْتَ يَا ابْنِي؟» 19فَقَالَ يَعْقُوبُ لأَبِيهِ: «أَنَا عِيسُو بِكْرُكَ. قَدْ فَعَلْتُ كَمَا كَلَّمْتَنِي. قُمِ اجْلِسْ وَكُلْ مِنْ صَيْدِي لِتُبَارِكَنِي نَفْسُكَ». 20فَقَالَ إِسْحَاقُ لِابْنِهِ: «مَا هَذَا الَّذِي أَسْرَعْتَ لِتَجِدَ يَا ابْنِي؟» فَقَالَ: «إِنَّ الرَّبَّ إِلَهَكَ قَدْ يَسَّرَ لِي». 21فَقَالَ إِسْحَاقُ لِيَعْقُوبَ: «تَقَدَّمْ لأَجُسَّكَ يَا ابْنِي. أَأَنْتَ هُوَ ابْنِي عِيسُو أَمْ لاَ؟» 22فَتَقَدَّمَ يَعْقُوبُ إِلَى إِسْحَاقَ أَبِيهِ فَجَسَّهُ وَقَالَ: «الصَّوْتُ صَوْتُ يَعْقُوبَ وَلَكِنَّ الْيَدَيْنِ يَدَا عِيسُو». 23وَلَمْ يَعْرِفْهُ لأَنَّ يَدَيْهِ كَانَتَا مُشْعِرَتَيْنِ كَيَدَيْ عِيسُو أَخِيهِ. فَبَارَكَهُ. 24وَقَالَ: «هَلْ أَنْتَ هُوَ ابْنِي عِيسُو؟» فَقَالَ: «أَنَا هُوَ». 25فَقَالَ: «قَدِّمْ لِي لِآكُلَ مِنْ صَيْدِ ابْنِي حَتَّى تُبَارِكَكَ نَفْسِي». فَقَدَّمَ لَهُ فَأَكَلَ وَأَحْضَرَ لَهُ خَمْراً فَشَرِبَ. 26فَقَالَ لَهُ إِسْحَاقُ أَبُوهُ: «تَقَدَّمْ وَقَبِّلْنِي يَا ابْنِي». 27فَتَقَدَّمَ وَقَبَّلَهُ. فَشَمَّ رَائِحَةَ ثِيَابِهِ وَبَارَكَهُ. وَقَالَ: «انْظُرْ! رَائِحَةُ ابْنِي كَرَائِحَةِ حَقْلٍ قَدْ بَارَكَهُ الرَّبُّ. 28فَلْيُعْطِكَ اللهُ مِنْ نَدَى السَّمَاءِ وَمِنْ دَسَمِ الأَرْضِ وَكَثْرَةَ حِنْطَةٍ وَخَمْرٍ. 29لِيُسْتَعْبَدْ لَكَ شُعُوبٌ وَتَسْجُدْ لَكَ قَبَائِلُ. كُنْ سَيِّداً لإِخْوَتِكَ وَلْيَسْجُدْ لَكَ بَنُو أُمِّكَ. لِيَكُنْ لاَعِنُوكَ مَلْعُونِينَ وَمُبَارِكُوكَ مُبَارَكِينَ». 30وَحَدَثَ عِنْدَمَا فَرَغَ إِسْحَاقُ مِنْ بَرَكَةِ يَعْقُوبَ وَيَعْقُوبُ قَدْ خَرَجَ مِنْ لَدُنْ إِسْحَاقَ أَبِيهِ أَنَّ عِيسُوَ أَخَاهُ أَتَى مِنْ صَيْدِهِ 31فَصَنَعَ هُوَ أَيْضاً أَطْعِمَةً وَدَخَلَ بِهَا إِلَى أَبِيهِ وَقَالَ لأَبِيهِ: «لِيَقُمْ أَبِي وَيَأْكُلْ مِنْ صَيْدِ ابْنِهِ حَتَّى تُبَارِكَنِي نَفْسُكَ». 32فَقَالَ لَهُ إِسْحَاقُ أَبُوهُ: «مَنْ أَنْتَ؟» فَقَالَ: «أَنَا ابْنُكَ بِكْرُكَ عِيسُو». 33فَارْتَعَدَ إِسْحَاقُ ارْتِعَاداً عَظِيماً جِدّاً. وَقَالَ: «فَمَنْ هُوَ الَّذِي اصْطَادَ صَيْداً وَأَتَى بِهِ إِلَيَّ فَأَكَلْتُ مِنَ الْكُلِّ قَبْلَ أَنْ تَجِيءَ وَبَارَكْتُهُ؟ نَعَمْ وَيَكُونُ مُبَارَكاً!» 34فَعِنْدَمَا سَمِعَ عِيسُو كَلاَمَ أَبِيهِ صَرَخَ صَرْخَةً عَظِيمَةً وَمُرَّةً جِدّاً وَقَالَ لأَبِيهِ: «بَارِكْنِي أَنَا أَيْضاً يَا أَبِي!» 35فَقَالَ: «قَدْ جَاءَ أَخُوكَ بِمَكْرٍ وَأَخَذَ بَرَكَتَكَ».) تكوين 27: 1-35

          تعليق


          • #95
            الملف 70
            4- والمدقق للقصة يعلم أن سارة طردت هاجر بعد أن فطمت إسحاق، وكان إسماعيل أكبر من إسحاق بأربع عشرة سنة. أى فى هذا الوقت كان إسماعيل ابن 16 سنة. وهذه احدى سقطات محرفوا القصة. فمن المستحيل أن تكون سارة قد أعطت ابنها إسحاق لسارة تذهب به بمفردهما فى الصحراء. وهذا يعنى أن هذه القصة حدثت قبل ولادة إسحاق. وعلى ذلك فهذه الحادثة كانت بإسماعيل عندما كان رضيعًا كما حكى القرآن.
            5- كان عهد الله النهائى مع إبراهيم فى إسماعيل وهذا يدل عليه ترتيب قبول دعوة الله لإبراهيم أولًا فى إسحاق ثم بإسماعيل: (12فَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيمَ: «لاَ يَقْبُحُ فِي عَيْنَيْكَ مِنْ أَجْلِ الْغُلاَمِ وَمِنْ أَجْلِ جَارِيَتِكَ. فِي كُلِّ مَا تَقُولُ لَكَ سَارَةُ اسْمَعْ لِقَوْلِهَا لأَنَّهُ بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ. 13وَابْنُ الْجَارِيَةِ أَيْضًا سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ».) تكوين 21: 12-13
            6- بسبب طاعة إبراهيم لله وأنه لم يمسك ابنه وحيده عنه باركه الله هو وذريته من بعده: (16وَقَالَ: «بِذَاتِي أَقْسَمْتُ يَقُولُ الرَّبُّ أَنِّي مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ فَعَلْتَ هَذَا الأَمْرَ وَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ 17أُبَارِكُكَ مُبَارَكَةً وَأُكَثِّرُ نَسْلَكَ تَكْثِيرًا كَنُجُومِ السَّمَاءِ وَكَالرَّمْلِ الَّذِي عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ وَيَرِثُ نَسْلُكَ بَابَ أَعْدَائِهِ) تكوين 22: 16-17
            7- صور العهد القديم أن الابن الذبيح إسحاق لم يكن على علم بما سيحدث له، بل سحبه أبوه لكى يسجدوا لله فى بيت معد للصلاة (4وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ رَفَعَ إِبْرَاهِيمُ عَيْنَيْهِ وَأَبْصَرَ الْمَوْضِعَ مِنْ بَعِيدٍ 5فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِغُلاَمَيْهِ: «اجْلِسَا أَنْتُمَا هَهُنَا مَعَ الْحِمَارِ وَأَمَّا أَنَا وَالْغُلاَمُ فَنَذْهَبُ إِلَى هُنَاكَ وَنَسْجُدُ ثُمَّ نَرْجِعُ إِلَيْكُمَا»)تكوين22: 4-5
            وكذب عليه وأفهمه أنه سيذبح كبشًا، وأخذه غيلة وربطه ليذبحه: (7وَقَالَ إِسْحَاقُ لإِبْرَاهِيمَ أَبِيهِ: «يَا أَبِي». فَقَالَ: «هَئَنَذَا يَا ابْنِي». فَقَالَ: «هُوَذَا النَّارُ وَالْحَطَبُ وَلَكِنْ أَيْنَ الْخَرُوفُ لِلْمُحْرَقَةِ؟» 8فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: «اللهُ يَرَى لَهُ الْخَرُوفَ لِلْمُحْرَقَةِ يَا ابْنِي». فَذَهَبَا كِلاَهُمَا مَعًا. 9فَلَمَّا أَتَيَا إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَ لَهُ اللهُ بَنَى هُنَاكَ إِبْرَاهِيمُ الْمَذْبَحَ وَرَتَّبَ الْحَطَبَ وَرَبَطَ إِسْحَاقَ ابْنَهُ وَوَضَعَهُ عَلَى الْمَذْبَحِ فَوْقَ الْحَطَبِ. 10ثُمَّ مَدَّ إِبْرَاهِيمُ يَدَهُ وَأَخَذَ السِّكِّينَ لِيَذْبَحَ ابْنَهُ)تكوين 22: 7-10
            8- كيف وثق إسحاق فيما بعد بأبيه بعد أن كذب عليه وأفهمه أنه سيذبح كبشًا، ثم أوثقه وهمَّ بذبحه هو؟
            9- وكيف وثقت سارة بإبراهيم بعد أن علمت أنه كذاب، يكذب ليبيع شرفه ويجمع من الأغنام والأبقار؟ فهل امرأة يكون هذا هو رأيها فى زوجها تصدق عليه النبوة أو تصدق عليه أن الله أمره بذبح ابنها إسحاق وتسلمه له؟ (11وَحَدَثَ لَمَّا قَرُبَ أَنْ يَدْخُلَ مِصْرَ أَنَّهُ قَالَ لِسَارَايَ امْرَأَتِهِ: «إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ امْرَأَةٌ حَسَنَةُ الْمَنْظَرِ. 12فَيَكُونُ إِذَا رَآكِ الْمِصْرِيُّونَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: هَذِهِ امْرَأَتُهُ. فَيَقْتُلُونَنِي وَيَسْتَبْقُونَكِ. 13قُولِي إِنَّكِ أُخْتِي لِيَكُونَ لِي خَيْرٌ بِسَبَبِكِ وَتَحْيَا نَفْسِي مِنْ أَجْلِكِ».14فَحَدَثَ لَمَّا دَخَلَ أَبْرَامُ إِلَى مِصْرَ أَنَّ الْمِصْرِيِّينَ رَأَوُا الْمَرْأَةَ أَنَّهَا حَسَنَةٌ جِدًّا. 15وَرَآهَا رُؤَسَاءُ فِرْعَوْنَ وَمَدَحُوهَا لَدَى فِرْعَوْنَ فَأُخِذَتِ الْمَرْأَةُ إِلَى بَيْتِ فِرْعَوْنَ 16فَصَنَعَ إِلَى أَبْرَامَ خَيْرًا بِسَبَبِهَا وَصَارَ لَهُ غَنَمٌ وَبَقَرٌ وَحَمِيرٌ وَعَبِيدٌ وَإِمَاءٌ وَأُتُنٌ وَجِمَالٌ)تكوين12: 11-16
            وعلى ذلك فإن قصة إبراهيم هذه لا تعلم أتباع هذا الكتاب إلا الدياثة، وعدم ثقة الناس فى إبراهيم، ومطالبة الناس بالإقتداء به، لأنه أبو الأنبياء. فلك أن تتخيل أن أبى الأنبياء ديوث، فكيف سيكون نسله من بعده؟ كما تُعلم أن الكذب وسيلة لإنقاذ النفس، وأن التضحية بالشرف من أجل الحاكم، تؤدى إلى السعادة والثراء الدنيوى.
            10- نزل ملاك الرب لإبراهيم نبى الله وخليله. لكن أن ينزل الملاك لهاجر ليطمئنها على ابنها إسماعيل، ويعدها أنه ستكون أمة عظيمة من نسله. ثم نزل أيضًا لأبيمالك. فهذا غريب على فهمنا الإسلامى. فمن المعروف أن ملاكَ الله لا ينزل إلى على نبيه. فهل يُعد سفر التكوين هاجر وأبيمالك الذى أراد أن يغتصب سارة زوجة إبراهيم من الأنبياء؟
            11- لو كان الابن الوحيد هو إسحاق لاتهموا الرب بذلك بالتعصب، وعدم العدل بين الذرية، حيث أقرهم الرب على دان ونفتالى أبناء يعقوب من زوجته بلهة جارية راحيل، وجاد وأشير أبناء يعقوب من زلفة جارية ليئة، وكانوا من الأسباط الاثنى عشر لبنى إسرائيل.
            12- ولو كان الابن الوحيد هو إسحاق لكان الرب بذلك قد سبَّ إبراهيم واتهمه أنه رجل خروف، أتت له زوجته بإسماعيل من رجل آخر، واتهم هاجر بذلك فى عرضها.
            13- ولو كان الابن الوحيد هو إسحاق لكان الرب بذلك قد نسى ما وعد به إبراهيم من قبل بشأن النبوة فى ابنه إسحاق. وهذا كفر لا يليق بكتاب يُدعى مقدسًا.
            14- ولو كان الذبيح هو إسحاق، لكان طاعة إبراهيم لأمر الرب استهزاء من إبراهيم بالرب نفسه، لأنه قد أخبره من قبل أنه سيكون نبيًا، وسيأتى من ذريته يعقوب. فكيف يكون هذا بلاء وإمتحان عسير، وإجابته قد سبقته؟ ولذلك لا بد أن تكون هذه القصة قد تمت بإسماعيل قبل ولادة إسحاق.
            15- صدقت قصة القرآن فى أن هاجر كانت تحمل إسماعيل وهى فى برية فاران، حيث تربى إسماعيل فيها وترعع، وأخذت أمه تبحث له عن ماء، حتى فجر الله من تحت قدميه بئر زمزم.
            16- جعل اليهود سبب خروج هاجر وإسماعيل غيرة زوجته سارة. وهذا غير ممكن، لأن إبراهيم ليس لعبة فى يد نسائه، وكان يمكنه أن يبنى خيمة لها ولإبنها فى نفس المكان أو مكان آخر، ولا يرمى بهما إلى الصحراء، إلا إذا كان يريد أن يتخلص من إسماعيل وأمه، وهذا مستحيل، لأن المتتبع للقصة يجد أن إبراهيم كان أشد حبًا لإسماعيل من إسحاق، والدليل على ذلك أنه طلب من الله أن يجعل النبوة أبدية فى نسل إسماعيل، بعدما بشره الله بولادة إسحاق، لعلمه أيضًا أن إسماعيل حليم ومطيع، وستكون ذريته من بعده على نفس دربه.
            17- فبعد أن حذفوا مكان الذبح، واسم الذبيح، طمسوا معلم من أهم المعالم وهو بئر زمزم الذى تفجر تحت أرجل الغلام الرضيع إسماعيل. ونلاحظ تدليسهم فى سبب تسمية هذا البئر ببئر سبع:
            يذكر سفر التكوين (14فَبَكَّرَ إِبْرَاهِيمُ صَبَاحًا وَأَخَذَ خُبْزًا وَقِرْبَةَ مَاءٍ وَأَعْطَاهُمَا لِهَاجَرَ وَاضِعًا إِيَّاهُمَا عَلَى كَتِفِهَا وَالْوَلَدَ وَصَرَفَهَا. فَمَضَتْ وَتَاهَتْ فِي بَرِّيَّةِ بِئْرِ سَبْعٍ.) تكوين 21: 14 أن البرية كان اسمها بريَّة بئر سبع.
            ثم فى موضع آخر من نفس السفر يقول إن سبب تسمية البئر بهذا الاسم هو عقد اتفاق بين إبراهيم وأبيمالك أن إبراهيم حفر هذا البئر، أعطاه إبراهيم بمقتضاه سبع نعجات. وهذا كذب وضع على لسان إبراهيم، لأنه لم يكن هو الفاعل، ولكن الله بقدرته فجر هذا البئر تحت قدمى الغلام. (27فَأَخَذَإِبْرَاهِيمُ غَنَمًا وَبَقَرًا وَأَعْطَى أَبِيمَالِكَ فَقَطَعَا كِلاَهُمَا مِيثَاقًا. 28وَأَقَامَ إِبْرَاهِيمُ سَبْعَ نِعَاجٍ مِنَ الْغَنَمِ وَحْدَهَا. 29فَقَالَ أَبِيمَالِكُ لإِبْرَاهِيمَ: «مَا هِيَ هَذِهِ السَّبْعُ النِّعَاجِ الَّتِي أَقَمْتَهَا وَحْدَهَا؟» 30فَقَالَ: «إِنَّكَ سَبْعَ نِعَاجٍ تَأْخُذُ مِنْ يَدِي لِكَيْ تَكُونَ لِي شَهَادَةً بِأَنِّي حَفَرْتُ هَذِهِ الْبِئْرَ». 31لِذَلِكَ دَعَا ذَلِكَ الْمَوْضِعَ بِئْرَ سَبْعٍ. لأَنَّهُمَا هُنَاكَ حَلَفَا كِلاَهُمَا. 32فَقَطَعَا مِيثَاقًا فِي بِئْرِ سَبْعٍ. ثُمَّ قَامَ أَبِيمَالِكُ وَفِيكُولُ رَئِيسُ جَيْشِهِ وَرَجَعَا إِلَى أَرْضِ الْفَلَسْطِينِيِّينَ)تكوين21: 27-32
            وبعد ذلك قال نفس السفر عن سبب تسمية البئر ببئر سبع: (25فَبَنَى هُنَاكَ مَذْبَحًا وَدَعَا بِاسْمِ الرَّبِّ. وَنَصَبَ هُنَاكَ خَيْمَتَهُ. وَحَفَرَ هُنَاكَ عَبِيدُ إِسْحَاقَ بِئْرًا. 26وَذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ جَرَارَ أَبِيمَالِكُ وَأَحُزَّاتُ مِنْ أَصْحَابِهِ وَفِيكُولُ رَئِيسُ جَيْشِهِ. 27فَقَالَ لَهُمْ إِسْحَاقُ: «مَا بَالُكُمْ أَتَيْتُمْ إِلَيَّ وَأَنْتُمْ قَدْ أَبْغَضْتُمُونِي وَصَرَفْتُمُونِي مِنْ عِنْدِكُمْ؟» 28فَقَالُوا: «إِنَّنَا قَدْ رَأَيْنَا أَنَّ الرَّبَّ كَانَ مَعَكَ فَقُلْنَا: لِيَكُنْ بَيْنَنَا حَلْفٌ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ وَنَقْطَعُ مَعَكَ عَهْدًا: 29أَنْ لاَ تَصْنَعَ بِنَا شَرًّا كَمَا لَمْ نَمَسَّكَ وَكَمَا لَمْ نَصْنَعْ بِكَ إِلَّا خَيْرًا وَصَرَفْنَاكَ بِسَلاَمٍ. أَنْتَ الْآنَ مُبَارَكُ الرَّبِّ!» 30فَصَنَعَ لَهُمْ ضِيَافَةً. فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا 31ثُمَّ بَكَّرُوا فِي الْغَدِ وَحَلَفُوا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ وَصَرَفَهُمْ إِسْحَاقُ. فَمَضُوا مِنْ عِنْدِهِ بِسَلاَمٍ. 32وَحَدَثَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ عَبِيدَ إِسْحَاقَ جَاءُوا وَأَخْبَرُوهُ عَنِ الْبِئْرِ الَّتِي حَفَرُوا وَقَالُوا لَهُ: «قَدْ وَجَدْنَا مَاءً». 33فَدَعَاهَا «شِبْعَةَ». لِذَلِكَ اسْمُ الْمَدِينَةِ بِئْرُ سَبْعٍ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ.) تكوين 26: 25-33
            18- لقد طلب إبراهيم عليه السلام من الله سبحانه وتعالى أن يجعل النبوة فى نسل إسماعيل، ولم يطلبها لإسحاق، لعلمه أن النبوة والميراث للابن البكر، ولم يكن له ابنًا بكرًا أو وحيدًا إلا إسماعيل. حتى اسمه يدل على أنه هو الذى استجاب له الله فيه، أو إنه غلام حليم مطيع لله كما جاءت فى القرآن.
            19- إن فاران مكان سكنى إسماعيل وأمه (21وَسَكَنَ فِي بَرِّيَّةِ فَارَانَ. وَأَخَذَتْ لَهُ أُمُّهُ زَوْجَةً مِنْ أَرْضِ مِصْرَ) تكوين 21: 21، وقد ذكر الإنجيل فى طبعة 1622 أن مكان الذبح هو (أرض العبادة) بدلًا من (أرض المريا) تكوين 22: 1-2، وكانت فى الترجمة السامرية (الأرض المقدسة). وهى بالطبع لم تكن أرض الشام كما كتبها المزورون، حيث إن أرض الشام لم تصبح أرضًا مقدسة إلا بعد زمن إبراهيم بألف عام فى عهد داود وابنه سليمان: (1وَشَرَعَ سُلَيْمَانُ فِي بِنَاءِ بَيْتِ الرَّبِّ فِي أُورُشَلِيمَ فِي جَبَلِ الْمُرِيَّا حَيْثُ تَرَاءَى لِدَاوُدَ أَبِيهِ حَيْثُ هَيَّأَ دَاوُدُ مَكَانًا فِي بَيْدَرِ أُرْنَانَ الْيَبُوسِيِّ.) أخبار الأيام الثانى 3: 1
            وفى هذا الوقت لم تكن هناك أرضًا مقدسة غير فى بلاد العرب، وهو المذبح الذى بناه نوح للرب بعد انتهاء الطوفان: (4وَاسْتَقَرَّ الْفُلْكُ فِي الشَّهْرِ السَّابِعِ فِي الْيَوْمِ السَّابِعَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ عَلَى جِبَالِ أَرَارَاطَ. .. .. .. 20وَبَنَى نُوحٌ مَذْبَحًا لِلرَّبِّ.) تكوين 8: 4 و20
            وهنا يحق لنا أن نعرف إذا كانت المركب قد استقرت فعلًا على جبل أراراط كما يقول سفر التكوين أم استقرت على جبل الجودى كما يقول القرآن؟
            جبل أراراط هذا فى أرمينيا، ويقول سفر التكوين: (2وَحَدَثَ فِي ارْتِحَالِهِمْ شَرْقًا أَنَّهُمْ وَجَدُوا بُقْعَةً فِي أَرْضِ شِنْعَارَ وَسَكَنُوا هُنَاكَ.) 11: 2، وأرض شنعار هى كل أرض بلاد فارس، ما بين دجلة والفرات، فلو كانت السفينة هبطت فى أراراط، كما يقول سفر التكوين، لكانت شنعار فى الغرب وليست فى الشرق.
            وهناك من مفسرى التوراة من قال بشأن (تكوين 11: 2): ”وجاء فى الخبر الكلدانى أن السفينة استقرت على جبل ينزير أو نزير أو الوند شرق أشور، مع أنه يمكن أن (أريورات) أى (الأرض المقدسة)، إلا أنه يصعب بيان نقل اسم الوند إلى أرمينية بل يتعذر“.
            ولم يكن هناك أرضًا مقدسة إلا فى بلاد العرب، أرض إسماعيل وبنيه، وهى التى أشار إليها عيسى  للمرأة السامرية، التى تغيرت إليها القبلة: (21قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا امْرَأَةُ صَدِّقِينِي أَنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ لاَ فِي هَذَا الْجَبَلِ وَلاَ فِي أُورُشَلِيمَ تَسْجُدُونَ لِلآبِ.) يوحنا 4: 21
            20- نقطة أخرى فى هذا الموضوع وهى تتعلق بالأرض التى تم الذبح فيها وهى أرض المريا. يقول الكتاب: (3فَبَكَّرَ إِبْرَاهِيمُ صَبَاحًا وَشَدَّ عَلَى حِمَارِهِ وَأَخَذَ اثْنَيْنِ مِنْ غِلْمَانِهِ مَعَهُ وَإِسْحَاقَ ابْنَهُ وَشَقَّقَ حَطَبًا لِمُحْرَقَةٍ وَقَامَ وَذَهَبَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَ لَهُ اللهُ. 4وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ رَفَعَ إِبْرَاهِيمُ عَيْنَيْهِ وَأَبْصَرَ الْمَوْضِعَ مِنْ بَعِيدٍ 5فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِغُلاَمَيْهِ: «اجْلِسَا أَنْتُمَا هَهُنَا مَعَ الْحِمَارِ وَأَمَّا أَنَا وَالْغُلاَمُ فَنَذْهَبُ إِلَى هُنَاكَ وَنَسْجُدُ ثُمَّ نَرْجِعُ إِلَيْكُمَا».) تكوين 22: 3-5
            فأنا أتعجب كيف مرَّت هذه النقطة على مفسرى العهد الجديد!! فلو كانت أرض الذبح هى المريا أرض إسحاق، لما وصلها إبراهيم  على خطوات الحمار والغلامين فى ثلاثة أيام.، بل كانت استغرقت أسابيع.
            وإذا تمعنت فى كلمة (فَنَذْهَبُ إِلَى هُنَاكَ وَنَسْجُدُ) لعلمت أنه ينبغى أن يكون فى هذا المكان بيتًا معدًا للرب للصلاة فيه، وعلى ذلك لا بد أن يكون هذا البيت هو البيت الذى بناه نوح.
            وهنا خلاف يصطنعه اليهود والنصارى على كلمة وحيدك. فيقولون إن الابن الوحيد هو إسحاق لأنه ابن الحرة، أما إسماعيل فهو ابن الجارية. ولا يمكن بحال من الأحوال أن يكون إسحاق الابن الوحيد، لأن إسماعيل ولد قبل منه ب 14 عام. والكلمة التى جاءت ya^chi^ydyaw-kheed'، وهى تعنى أيضًا ابنك الأوحد، الذى ليس لك غيره، أى البكر كما كانت فى الترجمات القديمة. كما اعتبر الله إسماعيل من نسل إبراهيم، وسمَّى إبراهيم إسماعيل ابنه، (13وَابْنُ الْجَارِيَةِ أَيْضًا سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ») تكوين 21: 13
            (23فَأَخَذَ إِبْرَاهِيمُ إِسْمَاعِيلَ ابْنَهُ وَجَمِيعَ وِلْدَانِ بَيْتِهِ وَجَمِيعَ الْمُبْتَاعِينَ بِفِضَّتِهِ كُلَّ ذَكَرٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ إِبْرَاهِيمَ وَخَتَنَ لَحْمَ غُرْلَتِهِمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عَيْنِهِ كَمَا كَلَّمَهُ اللهُ. .. .. .. .. 26فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عَيْنِهِ خُتِنَ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ ابْنُهُ.) تكوين 17: 23 و26
            ومعنى هذا أن إسماعيل هو ابن إبراهيم الذى كان يحبه، والابن الوحيد، فسمع الله له، وقال له (نعم، أى نعم قد استجبت لك فيه)، والدليل على ذلك ما أكده النص رقم (20)، وأغدق عليه نعمه أكثر بأن جعل النبوة أيضًا فى ابنه الذى لم يأت بعد وهو إسحاق: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِلَّهِ: ((لَيْتَ إِسْمَاعِيلَ يَعِيشُ أَمَامَكَ!)) 19فَقَالَ اللهُ بَلْ سَارَةُ امْرَأَتُكَ تَلِدُ لَكَ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ إِسْحَاقَ. وَأُقِيمُ عَهْدِي مَعَهُ عَهْدًا أَبَدِيًّا لِنَسْلِهِ مِنْ بَعْدِهِ. 20وَأَمَّا إِسْمَاعِيلُ فَقَدْ سَمِعْتُ لَكَ فِيهِ. هَا أَنَا أُبَارِكُهُ وَأُثْمِرُهُ وَأُكَثِّرُهُ كَثِيرًا جِدًّا. اثْنَيْ عَشَرَ رَئِيسًا يَلِدُ وَأَجْعَلُهُ أُمَّةً كَبِيرَةً.) تكوين 17: 18-20
            وهنا يحدث تحريف آخر غير إضافتهم كلمة إسحاق بعد ابنك وحيدك، فقد قام المترجم بتغيير موافقة الله تعالى على طلب إبراهيم عليه السلام، وأبدل كلمة (نعم) بكلمة (لا) أو تجنب أن يذكر كلمة (نعم) صريحة. فلاحظ الكلمات التى تحتها خط، وتخبطهم فى كلمة واضحة المعنى والترجمة:
            جاءت معنى هذه الكلمة فى ترجمة Einheitsübersetzung كالآتى:
            Gott entgegnete: Nein، deine Frau Sara wird dir einen Sohn gebären und du sollst ihn Isaak nennen. Ich werde meinen Bund mit ihm schließen als einen ewigen Bund für seine Nachkommen.
            http://theol.uibk.ac.at/leseraum/bibel/gen1.html#1
            وكانت فى ترجمة لوثر لعام 1545 كالآتى:
            19Da sprach Gott: Ja، Sara، dein Weib، soll dir einen Sohn gebären، den sollst du Isaak heißen; denn mit ihm will ich meinen ewigen Bund aufrichten und mit seinem Samen nach ihm.
            http://bible.gospelcom.net/bible?sho...language=germa...
            ويبدو أن المترجم للوثر أفاق بعد أن لفت نظره اليهود إلى أنه بصدقه فى الترجمة سيعطى لإسماعيل الحق فى النبوة، وسيكون على شعوبنا الاعتراف بمحمد عليه الصلاة والسلام ودينه، وعلينا ألا نحتل أراضيهم تحت شعار أرض الميعاد، فغيرها المترجم المؤمن فى الطبعات التى تلت طبعة 1912، ثم وخذه ضميره فأعاد تصحيح الترجمة فى عام 1914، ثم مات ضميره فغيرها فى طبعة 1984):
            19 Da sprach Gott: Nein، Sara، deine Frau، wird dir einen Sohn gebären، den sollst du Isaak nennen، und mit ihm will ich meinen * ewigen Bund aufrichten und mit seinem Geschlecht nach ihm. (1912)
            http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?1M...nomd&bi=luther
            19. Da sprach Gott: Ja، Sara، dein Weib، soll dir einen Sohn gebären، den sollst du Isaak heißen; denn mit ihm will ich meinen ewigen Bund aufrichten und mit seinem Samen nach ihm.(1914), (GLB) e-sword
            http://unbound.biola.edu/results/ind...german%5Fluthe...
            19Da sprach Gott: Nein، Sara، deine Frau، wird dir einen Sohn gebären، den sollst du Isaak nennen، und mit ihm will ich meinen dewigen Bund aufrichten und mit seinem Geschlecht nach ihm. (1984)
            http://www.bibel-online.net/buch/01.1-mose/17.html#17،1
            وفى ترجمة Schlachter نفى قاطع أن يكون له مع إسماعيل عهد:
            19 Da sprach Gott: Nein، sondern Sarah، dein Weib، soll dir einen Sohn gebären، den sollst du Isaak nennen; denn ich will mit ihm einen Bund aufrichten als einen ewigen Bund für seinen Samen nach ihm.
            http://www.pfarre-grinzing.at/bibel/...ebi_Gen_17.htm
            وفى تراجمة الـ Basic الإنجليزية جاءت أيضًا بالنفى:
            19 And God said، Not so; but Sarah، your wife، will have a son، and you will give him the name Isaac، and I will make my agreement with him for ever and with his seed after him.
            http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?1M...mo&nomd&bi=bbe
            وتجاهلت ترجمة الملك جيمس ترجمة كلمة الرب الأولى منعًا للإحراج، وهذا ما فعلته ترجمة الـ Webster لعام 1833، وسأضع الرابط أسفل رابط الترجمة:
            19 And God said، Sarah thy wife shall bear thee a son indeed; and thou shalt call his name Isaac: and I will establish my covenant with him for an everlasting covenant، and with his seed after him
            http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?1M...mo&nomd&bi=kjv
            http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?1M...omd&bi=webster
            إلا أنه يبدو أن المترجم قد وقع تحت ضغط اللوبى الصهيونى فتجرأ هذه المرة وغير كلمة الرب من نعم إلى لا:
            19Then God said: "No، Sarah your wife shall bear you a son، and you shall call his name Isaac; I will establish My covenant with him for an everlasting covenant، and with his descendants after him. (NKJV)
            http://bible.gospelcom.net/bible?sho...language=engli...
            وكذلك نفت الترجمة الإنجليزية العالمية:
            19. God said، "No، but Sarah، your wife، will bear you a son. You shall call his name Isaac. I will establish my covenant with him for an everlasting covenant for his seed after him. (World Eng.)
            http://unbound.biola.edu/results/ind...web%3AWorld%20...
            وبالإيطالية غيَّر المترجم كلمة الرب وجعلها (لا) بدلًا من (نعم)، ووافقتها على هذا التحريف ترجمة أخرى بالإيطالية أيضًا سأضع رابطها بعد رابط الترجمة:
            19E Dio disse: "No، Sara، tua moglie، ti partorirà un figlio e lo chiamerai Isacco. Io stabilirò la mia alleanza con lui come alleanza perenne، per essere il Dio suo e della sua discendenza dopo di lui.
            http://bible.gospelcom.net/bible?sho...language=itali...
            http://bible.gospelcom.net/bible?sho...language=itali...
            كما غيرتها الترجمة الفرنسية الآتية إلى رفض الرب هذا الطلب فى إسماعيل رفضًا قاطعًا، ولاحظ الفراغ الذى تركته قبل إجابة الرب:
            19 Dieu reprit: ---Mais non! c'est Sara، ta femme، qui te donnera un fils. Tu l'appelleras Isaac (Il a ri) et j'établirai mon alliance avec lui، pour l'éternité، et avec sa descendance après lui.
            http://bible.gospelcom.net/bible?sho...language=frenc...
            ووافقتها فى التحريف هذه الطبعة الفرنسية:
            http://unbound.biola.edu/results/ind...french%5Fjerus...
            وكان مترجم الطبعة الفرنسية لداربى Darby حى الضمير فأبى أن يكذب. وقد سوَّل له ضميره الحى أن لا يذكر كلمة الرب بالمرة، فلم يترجم (نعم) ولا (لا). كما فعلت ترجمة الملك جيمس سابقة الذكر. ولكنه بدأها بقوله: بالطبع ستلد لك زوجتك سارة ..، بدلًا من قوله: نعم. أو بالطبع. ثم يستأنف الجملة التى تليها. أى جعل الموافقة منصبة على ولادة سارة لغلام سيكون معه العهد:
            19. Et Dieu dit: Certainement Sara، ta femme، t'enfantera un fils; et tu appelleras son nom Isaac; et j'établirai mon alliance avec lui، comme alliance perpétuelle، pour sa semence après lui.
            http://unbound.biola.edu/results/ind...french%5Fdarby...
            ووافقتها على هذا الضمير الحى فى معالجة كلمة الرب هذه الطبعة:
            http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?1M...mo&nomd&bi=lsg
            (فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ) البقرة 79
            فمن المستحيل أن يُخطىء كل هؤلاء. إن النية السيئة متوفرة لدى المترجمين. وقس على ذلك كل ما يشير فى الكتاب المقدس إلى المِسِّيِّا. وقد رأينا الكثير من ذلك، ومازلنا
            لقد أقسم الله بذاته قائلًا، أن يبارك إبراهيم ونسله بسبب طاعة إبراهيم لله، وأنه همَّ بذبح ابنه من أجل الله: (16وَقَالَ: «بِذَاتِي أَقْسَمْتُ يَقُولُ الرَّبُّ أَنِّي مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ فَعَلْتَ هَذَا الأَمْرَ وَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ 17أُبَارِكُكَ مُبَارَكَةً وَأُكَثِّرُ نَسْلَكَ تَكْثِيرًا كَنُجُومِ السَّمَاءِ وَكَالرَّمْلِ الَّذِي عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ وَيَرِثُ نَسْلُكَ بَابَ أَعْدَائِهِ 18وَيَتَبَارَكُ فِي نَسْلِكَ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِي».) تكوين 22: 16-18
            وهذا بسبب استسلامه لأمر الله بذبح ابنه وحيده. ولم يكن إسحاق  قد ولد بعد، حيث إن الفارق فى العمر بينهما هو (14) عاماَ: (16كَانَ أَبْرَامُ ابْنَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ سَنَةً لَمَّا وَلَدَتْ هَاجَرُ إِسْمَاعِيلَ لأَبْرَامَ.) تكوين 16: 16 و(5وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ ابْنَ مِئَةِ سَنَةٍ حِينَ وُلِدَ لَهُ إِسْحَاقُ ابْنُهُ) تكوين 21: 5
            ولم يجد اليهود أو النصارى مخرجًا لهذه النقطة إلا سبِّ الإله واتهامه بالظلم. فقالوا: إن الابن الوحيد والبكر، لم يكن إسماعيل قط، لأن إسماعيل ابن الجارية، أما إسحاق فهو ابن الحرة. وعلى ذلك يكون إسحاق هو الابن الحقيقى لإبراهيم، وهو الوريث الوحيد.
            والعجيب أن الكتاب المقدس جدًا لم تقل أبدًا إن إسماعيل ابن غير شرعى لإبراهيم، فهذه سارة امرأة إبراهيم أيقنت أنها لن تنجب لإبراهيم نسلًا فآثرت أن تزوجه بهاجر: (3فَأَخَذَتْ سَارَايُ امْرَأَةُ أَبْرَامَ هَاجَرَ الْمِصْرِيَّةَ جَارِيَتَهَا مِنْ بَعْدِ عَشَرِ سِنِينَ لإِقَامَةِ أَبْرَامَ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ وَأَعْطَتْهَا لأَبْرَامَ رَجُلِهَا زَوْجَةً لَهُ.) تكوين 16: 3
            أى إن نسلها يجب أن يكون نسلًا شرعيًا، ويؤكد ذلك قول الرب نفسه: (13وَابْنُ الْجَارِيَةِ أَيْضًا سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ») تكوين 21: 13
            كما سمَّاه ابنًا لإبراهيم: (. 23فَأَخَذَ إِبْرَاهِيمُ إِسْمَاعِيلَ ابْنَهُ وَجَمِيعَ وِلْدَانِ بَيْتِهِ وَجَمِيعَ الْمُبْتَاعِينَ بِفِضَّتِهِ كُلَّ ذَكَرٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ إِبْرَاهِيمَ وَخَتَنَ لَحْمَ غُرْلَتِهِمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عَيْنِهِ كَمَا كَلَّمَهُ اللهُ. .. .. .. .. 26فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ عَيْنِهِ خُتِنَ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ ابْنُهُ.) تكوين 17: 23 و26
            كما سمَّى الله إسماعيل أخًا لإسحاق ولباقى اخوته: (12وَإِنَّهُ يَكُونُ إِنْسَانًا وَحْشِيًّا يَدُهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ وَيَدُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَيْهِ وَأَمَامَ جَمِيعِ إِخْوَتِهِ يَسْكُنُ»)تكوين 16: 12
            واعترف إبراهيم به ابنًا شرعيًا له: (15فَوَلَدَتْ هَاجَرُ لأَبْرَامَ ابْنًا. وَدَعَا أَبْرَامُ اسْمَ ابْنِهِ الَّذِي وَلَدَتْهُ هَاجَرُ «إِسْمَاعِيلَ».) تكوين 16: 15، أى إن الله اعتبر إسماعيل من نسل إبراهيم. وعلى ذلك يكون إسماعيل هو البكر.
            كما تجد تعاطف الله سبحانه وتعالى مع إسماعيل وأمه من اللحظة التى فكرت فيها هاجر أن تهرب تبعًا لقول الكتاب، فأرسل لها ملاكه يواسيها وينبئها بالبشارة السارة فى ابنها إسماعيل ونسله: (8وَقَالَ: ((يَا هَاجَرُ جَارِيَةَ سَارَايَ مِنْ أَيْنَ أَتَيْتِ وَإِلَى أَيْنَ تَذْهَبِين؟)). فَقَالَتْ: ((أَنَا هَارِبَةٌ مِنْ وَجْهِ مَوْلاَتِي سَارَايَ)). 9فَقَالَ لَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ: ((ارْجِعِي إِلَى مَوْلاَتِكِ وَاخْضَعِي تَحْتَ يَدَيْهَا)). 10وَقَالَ لَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ: ((تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ نَسْلَكِ فَلاَ يُعَدُّ مِنَ الْكَثْرَةِ)). 11وَقَالَ لَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ: ((هَا أَنْتِ حُبْلَى فَتَلِدِينَ ابْنًا وَتَدْعِينَ اسْمَهُ إِسْمَاعِيلَ لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ سَمِعَ لِمَذَلَّتِكِ. 12وَإِنَّهُ يَكُونُ إِنْسَانًا وَحْشِيًّا يَدُهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ وَيَدُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَيْهِ وَأَمَامَ جَمِيعِ إِخْوَتِهِ يَسْكُنُ)).) تكوين 16: 8-12
            وهو نفس الكلام الذى قاله الله لإبراهيم عن ابنه البكر الذى سينجبه: ())4َإِذَا كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَيْهِ: ((لاَ يَرِثُكَ هَذَا. بَلِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ أَحْشَائِكَ هُوَ يَرِثُكَ)). 5ثُمَّ أَخْرَجَهُ إِلَى خَارِجٍ وَقَالَ: ((انْظُرْ إِلَى السَّمَاءِ وَعُدَّ النُّجُومَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَعُدَّهَا)). وَقَالَ لَهُ: ((هَكَذَا يَكُونُ نَسْلُكَ)).) تكوين 15: 4-5
            وعندما غارت سارة من هاجر: (10فَقَالَتْ لإِبْرَاهِيمَ: «اطْرُدْ هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا لأَنَّ ابْنَ هَذِهِ الْجَارِيَةِ لاَ يَرِثُ مَعَ ابْنِي إِسْحَاقَ». 11فَقَبُحَ الْكَلاَمُ جِدًّا فِي عَيْنَيْ إِبْرَاهِيمَ لِسَبَبِ ابْنِهِ. 12فَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيمَ: «لاَ يَقْبُحُ فِي عَيْنَيْكَ مِنْ أَجْلِ الْغُلاَمِ وَمِنْ أَجْلِ جَارِيَتِكَ. فِي كُلِّ مَا تَقُولُ لَكَ سَارَةُ اسْمَعْ لِقَوْلِهَا لأَنَّهُ بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ. 13وَابْنُ الْجَارِيَةِ أَيْضًا سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ».) تكوين 21: 10-13
            وفى برية بئر سبع (17فَسَمِعَ اللهُ صَوْتَ الْغُلاَمِ. وَنَادَى مَلاَكُ اللهِ هَاجَرَ مِنَ السَّمَاءِ وَقَالَ لَهَا:«مَا لَكِ يَا هَاجَرُ؟لاَ تَخَافِي لأَنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ لِصَوْتِ الْغُلاَمِ حَيْثُ هُوَ. 18قُومِي احْمِلِي الْغُلاَمَ وَشُدِّي يَدَكِ بِهِ لأَنِّي سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً عَظِيمَةً)تكوين21: 17-18
            وقال عنه الكتاب المقدس جدًا إنه ابن إبراهيم: (وهذه مواليد إسماعيل بن ابراهيم الذى ولدته هاجر المصرية جارية سارة لإبراهيم) تكوين 25: 12
            وعند وفاة إبراهيم اشترك الابنان فى دفن أبيهما: (ودفنه إسحق وإسماعيل ابناه فى مغارة المكفيلة) تكوين 25: 7، والاشتراك فى الدفن يعنى الاشتراك فى الميراث.
            إذن لقد كان عهد الله مع إبراهيم فى ابنه إسماعيل، فى ابنه الوحيد الذى يحبه، الذى نزل ملاك الله من السماء ليبشر به إبراهيم، ويؤكد ذلك لأمه هاجر.
            أما إقحام اسم إسحق وأن العهد الأبدى كان به فتكذبه نقاط عديدة جدًا جدًا فى الكتاب منها ما ذكرت آنفًا، ومنها أيضًا قول عيسى  لليهود أبناء إسحاق، أن العهد ليس فى نسلهم، وأن النبوة لا بد أن تؤخذ منهم، وستُعطى لأمة أخرى، ستُعطى لرجل من نسل هاجر، الحجر الذى رفضه البناؤون: (42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ») متى 21: 42-44
            أما القارىء الجيد للإصحاح السابع عشر من سفر التكوين يتضح له أن الرب أنبأ إبراهيم وسارة بولادة طفل يُسمونه إسحاق وأن الله سيعمل معه العهد الأبدى: (19فَقَالَ اللهُ بَلْ سَارَةُ امْرَأَتُكَ تَلِدُ لَكَ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ إِسْحَاقَ. وَأُقِيمُ عَهْدِي مَعَهُ عَهْدًا أَبَدِيًّا لِنَسْلِهِ مِنْ بَعْدِهِ. .. .. .. 21وَلَكِنْ عَهْدِي أُقِيمُهُ مَعَ إِسْحَاقَ الَّذِي تَلِدُهُ لَكَ سَارَةُ) تكوين 17: 19 و21، فلا يليق بجلال الله وقداسته أن ينسى ما ذكره من قبل، أو أن يدع عبدًا من عباده يضحك على نسيان الرب أو إمتحان سخيف قد أعطى الرب نفسه ورقة الإجابة قبل أن يوزع الأسئلة. ويصر مع هذا أن يسميه إمتحان.
            وكان رد فعل إبراهيم  أنه ضحك وتعجب من أمر الله: (17فَسَقَطَ إِبْرَاهِيمُ عَلَى وَجْهِهِ وَضَحِكَ وَقَالَ فِي قَلْبِهِ: «هَلْ يُولَدُ لِابْنِ مِئَةِ سَنَةٍ؟ وَهَلْ تَلِدُ سَارَةُ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِينَ سَنَةً؟».) تكوين 17: 17
            كما غيَّرَ الرب اسم سارة: (15وَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيمَ: «سَارَايُ امْرَأَتُكَ لاَ تَدْعُو اسْمَهَا سَارَايَ بَلِ اسْمُهَا سَارَةُ. 16وَأُبَارِكُهَا وَأُعْطِيكَ أَيْضًا مِنْهَا ابْنًا. أُبَارِكُهَا فَتَكُونُ أُمَمًا وَمُلُوكُ شُعُوبٍ مِنْهَا يَكُونُونَ». 17فَسَقَطَ إِبْرَاهِيمُ عَلَى وَجْهِهِ وَضَحِكَ وَقَالَ فِي قَلْبِهِ: «هَلْ يُولَدُ لِابْنِ مِئَةِ سَنَةٍ؟ وَهَلْ تَلِدُ سَارَةُ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِينَ سَنَةً؟».) تكوين 17: 15-17
            لكن العجب العُجاب أنك لا تجد سارة نفسها تعرف شيئًا عن تغيير اسمها، وليس لديها أية فكرة أنها ستلد ابنًا: (9وَقَالُوا لَهُ: «أَيْنَ سَارَةُ امْرَأَتُكَ؟» فَقَالَ: «هَا هِيَ فِي الْخَيْمَةِ». 10فَقَالَ: «إِنِّي أَرْجِعُ إِلَيْكَ نَحْوَ زَمَانِ الْحَيَاةِ وَيَكُونُ لِسَارَةَ امْرَأَتِكَ ابْنٌ». وَكَانَتْ سَارَةُ سَامِعَةً فِي بَابِ الْخَيْمَةِ وَهُوَ وَرَاءَهُ – 11وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ وَسَارَةُ شَيْخَيْنِ مُتَقَدِّمَيْنِ فِي الأَيَّامِ وَقَدِ انْقَطَعَ أَنْ يَكُونَ لِسَارَةَ عَادَةٌ كَالنِّسَاءِ. 12فَضَحِكَتْ سَارَةُ فِي بَاطِنِهَا قَائِلَةً: «أَبَعْدَ فَنَائِي يَكُونُ لِي تَنَعُّمٌ وَسَيِّدِي قَدْ شَاخَ!» 13فَقَالَ الرَّبُّ لإِبْرَاهِيمَ: «لِمَاذَا ضَحِكَتْ سَارَةُ قَائِلَةً: أَفَبِالْحَقِيقَةِ أَلِدُ وَأَنَا قَدْ شِخْتُ؟ 14هَلْ يَسْتَحِيلُ عَلَى الرَّبِّ شَيْءٌ؟ فِي الْمِيعَادِ أَرْجِعُ إِلَيْكَ نَحْوَ زَمَانِ الْحَيَاةِ وَيَكُونُ لِسَارَةَ ابْنٌ». 15فَأَنْكَرَتْ سَارَةُ قَائِلَةً: «لَمْ أَضْحَكْ». (لأَنَّهَا خَافَتْ). فَقَالَ: «لاَ! بَلْ ضَحِكْتِ».) تكوين 18: 9-15
            إذن ما قاله الرب فى الإصحاح السابق كان خاصًا بإسماعيل . ولم يُذكر اسم إسحاق  لأول مرة إلا فى الإصحاح الذى تلاه، عند تعجُّب سارة من هذه البشارة التى أفقدتها اتزانها، وتعجبت من كلام الرب نفسه الذى نزل ليخبرها أو ملاكه. فلو كانت قد علمتها من قبل لما كان رد فعلها بهذه الدرجة، أو لقالت على الأقل على اسمها الحقيقى الذى تعرفه، لأنه من خلاف الأدب أن ينادى شخص ما شخصًا آخرًا باسم غير اسمه وهو يعلم اسمه الحقيقى. فهل لم يعلم الرب أنها لم تعرف اسمها الجديد؟ ولو عرفت اسمها الجديد فكيف لم تعرف بالبشارة السعيدة بحملها لطفل يدعى إسحاق؟ ولو لم يخبرها إبراهيم، فكيف لم يعلم الرب ذلك ويناديها باسم غريب عليها؟ وكيف لم تتعجب هى من هذا الاسم الجديد الذى ليس اسمها على حد علمها؟ وكيف لم يؤاخذ الرب إبراهيم  فى عدم إبلاغه سارة باسمها الجديد وبباقى البشارة؟
            ومعنى هذا أن التوراة قد حرَّفت اسم الذبيح وجعلته إسحاق بدلًا من إسماعيل، وسار مؤلفوا العهد الجديد على نهجهم. وأتعجب هنا بالذات، لأن نفس هذه الفكرة كانت سائدة أيام عيسى ، وحاربها ضمن الأفكار الخاطئة التى كان يروجها اليهود، فى محاولة منهم، لإبعاد إسماعيل ونسله عن وراثة النبوة، التى وعدها الله إبراهيم فى ولديه: (10فَقَالَتْ لإِبْرَاهِيمَ: «اطْرُدْ هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا لأَنَّ ابْنَ هَذِهِ الْجَارِيَةِ لاَ يَرِثُ مَعَ ابْنِي إِسْحَاقَ». 11فَقَبُحَ الْكَلاَمُ جِدًّا فِي عَيْنَيْ إِبْرَاهِيمَ لِسَبَبِ ابْنِهِ. 12فَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيمَ: «لاَ يَقْبُحُ فِي عَيْنَيْكَ مِنْ أَجْلِ الْغُلاَمِ وَمِنْ أَجْلِ جَارِيَتِكَ. فِي كُلِّ مَا تَقُولُ لَكَ سَارَةُ اسْمَعْ لِقَوْلِهَا لأَنَّهُ بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ. 13وَابْنُ الْجَارِيَةِ أَيْضًا سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ».) تكوين 21: 10-13
            سأجعله أمة عظيمة. فالأمة تختلف عن الشعب. فالأمة هى عدة دول يجمعهم شىء مشترك: مثل اللغة أو الدين فنقول الأمة العربية أى البلاد الناطقة باللغة العربية، ونقول الأمة الإسلامية أى الدول التى تُدين بالإسلام.
            وإذا قرأت نص الذبيح فى (تكوين 22: 2) تجد أنه يقول له: خذ ابنك وحيدك الذى تحبه. فلو كان وُلِدَ إسحاق، فلا يمكن أن يكون له ابن وحيد، أو لكان سأله أيهما! ولو أراد الله بالذبيح إسحاق، أو لو كان إسحاق قد ولِدَ عند هذا الإختبار الصعب، أو لو كان الذبيح غير محبوب ومقبول عند أبيه ومرضى عليه منه، فلا تتبقى قيمة للأضحية! ولو كان يحب إسحاق فقط لكان نبى الله ظالمًا، ولكان إلهه أيضًا ظالمًا أن يُشجعه على التمادى فى الظلم بهذه التسمية! ولما قبح الكلام فى عينى إبراهيم عندما طردت سارة هاجر وابنها.
            هل كان إسماعيل مغضوبًا عليه أو محرومًا من الميراث؟
            على العكس. ندرك قمة الحب لإسماعيل عند إبراهيم فى هذه النصوص: (18وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِلَّهِ: «لَيْتَ إِسْمَاعِيلَ يَعِيشُ أَمَامَكَ!» 19فَقَالَ اللهُ بَلْ سَارَةُ امْرَأَتُكَ تَلِدُ لَكَ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ إِسْحَاقَ. وَأُقِيمُ عَهْدِي مَعَهُ عَهْدًا أَبَدِيًّا لِنَسْلِهِ مِنْ بَعْدِهِ. 20وَأَمَّا إِسْمَاعِيلُ فَقَدْ سَمِعْتُ لَكَ فِيهِ. هَا أَنَا أُبَارِكُهُ وَأُثْمِرُهُ وَأُكَثِّرُهُ كَثِيرًا جِدًّا. اثْنَيْ عَشَرَ رَئِيسًا يَلِدُ وَأَجْعَلُهُ أُمَّةً كَبِيرَةً.) تكوين 17: 18، و (10فَقَالَتْ لإِبْرَاهِيمَ: «اطْرُدْ هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا لأَنَّ ابْنَ هَذِهِ الْجَارِيَةِ لاَ يَرِثُ مَعَ ابْنِي إِسْحَاقَ». 11فَقَبُحَ الْكَلاَمُ جِدًّا فِي عَيْنَيْ إِبْرَاهِيمَ لِسَبَبِ ابْنِهِ. 12فَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيمَ: «لاَ يَقْبُحُ فِي عَيْنَيْكَ مِنْ أَجْلِ الْغُلاَمِ وَمِنْ أَجْلِ جَارِيَتِكَ. فِي كُلِّ مَا تَقُولُ لَكَ سَارَةُ اسْمَعْ لِقَوْلِهَا لأَنَّهُ بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ. 13وَابْنُ الْجَارِيَةِ أَيْضًا سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ».) تكوين 21: 10-13
            أى سيكون عهدى الأول مع إسحاق وفى نسله، ثم سيكون من بعد ذلك فى نسل إسماعيل، لهذا عمل اليهود ألا ينتهى هذا العهد، وأرادوا خلع صفة المسيح الرئيس (المِسِّيِّا) على عيسى ، لكى لا ينتظروا المِسِّيِّا، خاتم الأنبياء، الذى سينهى شريعتهم، ويأتى بالدين الخاتم لكل أهل الأرض.
            هل ابن الجارية كان من المغضوب عليهم؟
            بالطبع لا. فقط ابن الزنى. وإلا فماذا نقول عن (دان) و (نفتالى) ابنى يعقوب من بلهة جارية راحيل؟ وماذا نقول عن (جاد) و (أشير) ابنى يعقوب أيضًا من زلفة جارية ليئة؟ إن هؤلاء من الأسباط الاثنى عشر، ذرية يعقوب ، واقتران يعقوب لبلهة جارية راحيل، وزلفة جارية ليئة مماثل لاقتران إبراهيم لهاجر جارية سارة.
            فتقول التوراة بشأن (دان) و (نفتالى) أن راحيل (3فَقَالَتْ: «هُوَذَا جَارِيَتِي بَلْهَةُ. ادْخُلْ عَلَيْهَا فَتَلِدَ عَلَى رُكْبَتَيَّ وَأُرْزَقُ أَنَا أَيْضًا مِنْهَا بَنِينَ». 4فَأَعْطَتْهُ بَلْهَةَ جَارِيَتَهَا زَوْجَةً فَدَخَلَ عَلَيْهَا يَعْقُوبُ 5فَحَبِلَتْ بَلْهَةُ وَوَلَدَتْ لِيَعْقُوبَ ابْنًا 6فَقَالَتْ رَاحِيلُ: «قَدْ قَضَى لِيَ اللهُ وَسَمِعَ أَيْضًا لِصَوْتِي وَأَعْطَانِيَ ابْنًا». لِذَلِكَ دَعَتِ اسْمَهُ «دَانًا». 7وَحَبِلَتْ أَيْضًا بَلْهَةُ جَارِيَةُ رَاحِيلَ وَوَلَدَتِ ابْنًا ثَانِيًا لِيَعْقُوبَ 8فَقَالَتْ رَاحِيلُ: «قَدْ صَارَعْتُ أُخْتِي مُصَارَعَاتِ اللهِ وَغَلَبْتُ». فَدَعَتِ اسْمَهُ «نَفْتَالِي».) تكوين 30: 3-8
            وتقول التوراة بشأن (جاد) و (أشير): (9وَلَمَّا رَأَتْ لَيْئَةُ أَنَّهَا تَوَقَّفَتْ عَنِ الْوِلاَدَةِ أَخَذَتْ زِلْفَةَ جَارِيَتَهَا وَأَعْطَتْهَا لِيَعْقُوبَ زَوْجَةً 10فَوَلَدَتْ زِلْفَةُ جَارِيَةُ لَيْئَةَ لِيَعْقُوبَ ابْنًا. 11فَقَالَتْ لَيْئَةُ: «بِسَعْدٍ». فَدَعَتِ اسْمَهُ «جَادًا». 12وَوَلَدَتْ زِلْفَةُ جَارِيَةُ لَيْئَةَ ابْنًا ثَانِيًا لِيَعْقُوبَ 13فَقَالَتْ لَيْئَةُ: «بِغِبْطَتِي لأَنَّهُ تُغَبِّطُنِي بَنَاتٌ». فَدَعَتِ اسْمَهُ «أَشِيرَ».) تكوين 30: 9-13
            وقد حُسِبوا ضمن أولاده الشرعيين، فكيف يعترفون بهؤلاء أبناء شرعيين ليعقوب وينكرون ذلك على إسماعيل؟! وإلا لقلنا أن نبى الله، أبو الأنبياء، إبراهيم عليه السلام كان عنده ابن غير شرعى من الحرام؟ حاشاه أن يزنى أبو الأنبياء .
            وهؤلاء هم أبناء يعقوب الاثنى عشر: (وَكَانَ بَنُو يَعْقُوبَ اثْنَيْ عَشَرَ: 23بَنُو لَيْئَةَ: رَأُوبَيْنُ بِكْرُ يَعْقُوبَ وَشَمْعُونُ وَلاَوِي وَيَهُوذَا وَيَسَّاكَرُ وَزَبُولُونُ. 24وَابْنَا رَاحِيلَ؛ يُوسُفُ وَبِنْيَامِينُ. 25وَابْنَا بِلْهَةَ جَارِيَةِ رَاحِيلَ: دَانُ وَنَفْتَالِي.26وَابْنَا زِلْفَةَ جَارِيَةِ لَيْئَةَ: جَادُ وَأَشِيرُ. هَؤُلاَءِ بَنُو يَعْقُوبَ الَّذِينَ وُلِدُوا لَهُ فِي فَدَّانَِ أَرَامَ.) تكوين 35: 22-26
            ومن الدلائل الجلية أن (دان) ابن بلهة جارية راحيل جاء من ذريته شمشون، ذلك الإنسان الممسوح بالروح القدس منذ ولادته، وقد كان قاضيًا لبنى إسرائيل لمدة 20 سنة، فها هو ملاك الرب يبشر امرأة منوح العاقر بولادتها لشمشون قائلًا: (5فَهَا إِنَّكِ تَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْنًا، وَلاَ يَعْلُ مُوسَى رَأْسَهُ، لأَنَّ الصَّبِيَّ يَكُونُ نَذِيرًا لِلَّهِ مِنَ الْبَطْنِ، وَهُوَ يَبْدَأُ يُخَلِّصُ إِسْرَائِيلَ مِنْ يَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ».) القضاة 13: 5
            (24فَوَلَدَتِ الْمَرْأَةُ ابْنًا وَدَعَتِ اسْمَهُ شَمْشُونَ. فَكَبِرَ الصَّبِيُّ وَبَارَكَهُ الرَّبُّ. 25وَابْتَدَأَ رُوحُ الرَّبِّ يُحَرِّكُهُ فِي مَحَلَّةِ دَانٍَ بَيْنَ صُرْعَةَ وَأَشْتَأُولَ.) القضاة 13: 24-25، (وهو قضى لاسرائيل عشرين سنة) القضاة 16: 31
            ويدافع (جيمس هيستنج) عن حق البكورية لإسماعيل فيقول: لقد جانب التوفيق كُتَّاب سِفر التكوين، أولئك الذين حاولوا أن يجعلوا نسل إسماعيل واستحقاقه لحقوق البكورية أقل مرتبة زعمًا أن انتماءه لأمه هاجر جارية إبراهيم يفقده حق البكورية، وبهذا الصنيع فهم يغفلون قانون الأسرة الواضح الصريح المنصوص عليه فى التوراة فى سفر التثنية؛ ووفقًا لهذا القانون فإن حقوق الابن البكر لا يمكن إسقاطها بسبب الوضع الاجتماعى للأم. هذا الحق الشرعى قد بيَّنَه الناموس بالنسبة للرجل الذى يجمع أكثر من زوجة. فتقول التوراة: (15«إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ امْرَأَتَانِ إِحْدَاهُمَا مَحْبُوبَةٌ وَالأُخْرَى مَكْرُوهَةٌ فَوَلدَتَا لهُ بَنِينَ المَحْبُوبَةُ وَالمَكْرُوهَةُ. فَإِنْ كَانَ الاِبْنُ البِكْرُ لِلمَكْرُوهَةِ 16فَيَوْمَ يَقْسِمُ لِبَنِيهِ مَا كَانَ لهُ لا يَحِلُّ لهُ أَنْ يُقَدِّمَ ابْنَ المَحْبُوبَةِ بِكْرًا عَلى ابْنِ المَكْرُوهَةِ البِكْرِ 17بَل يَعْرِفُ ابْنَ المَكْرُوهَةِ بِكْرًا لِيُعْطِيَهُ نَصِيبَ اثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ مَا يُوجَدُ عِنْدَهُ لأَنَّهُ هُوَ أَوَّلُ قُدْرَتِهِ. لهُ حَقُّ البَكُورِيَّةِ.) تثنية 21: 15-17
            أضف إلى ذلك قول عيسى  مرارًا: إن رسول الله (المسيَّا، البيركليت، خاتم الأنبياء) ليس من نسل داود، وهو بذلك قد نفى عن نفسه تُهمة أن يكون هو هذا المسيح أو يكون غيره من نسل داود. إذن فهو من نسل إسماعيل، وهى البركة (النبوة) التى وعد الله نبيه إبراهيم أن تكون فى نسل ولديه.
            كما أكَّدَ مرارًا أنه لم يُبعث إلا إلى خاصته من بنى إسرائيل، بل إنه كان يرفض علاج إلا من أُرسِلَ إليهم إلا فى أضيق الحقوق وللمؤمنين فقط، على الرغم من أنه نبى الرحمة، ولكن ليأكد أنه ليس هو المسيح (المسيَّا الرئيس): («لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ».) متى 15: 24،
            بل كانت توجيهاته لتلاميذه المقربين وحاملين الدعوة من بعده: (5هَؤُلاَءِ الاِثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلًا: «إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا. 6بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ.) متى 10: 5-10
            وقبل مجيئه أعلن ملاك الرب أن سبب وجود هذا الغلام هو تخليص شعبه من خطاياهم: (20وَلَكِنْ فِيمَا هُوَ مُتَفَكِّرٌ فِي هَذِهِ الأُمُورِ إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لَهُ فِي حُلْمٍ قَائِلًا: «يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. 21فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ».) متى 1: 20-21
            وفى نص متى القادم نقرأ أن عيسى  يمتدح بطرس، وهنا يناقض النص نفسه ويناقض نص مرقس الذى لم يذكر هذا المدح. فيناقض نفسه لأنه بعد أن مدحه أوصاهما ألا يقولا هذا لأحد . ما معنى هذا؟ أيخفى شخصيته ورسالته عن المبعوث إليهم؟ فلماذا جاء إذن؟ وكيف سيؤدى رسالته؟ وبأى صفة؟ (13وَلَمَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى نَوَاحِي قَيْصَرِيَّةِ فِيلُبُّسَ سَأَلَ تَلاَمِيذَهُ: «مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا ابْنُ الإِنْسَانِ؟» 14فَقَالُوا: «قَوْمٌ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ وَآخَرُونَ إِيلِيَّا وَآخَرُونَ إِرْمِيَا أَوْ وَاحِدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ». 15قَالَ لَهُمْ: «وَأَنْتُمْ مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟» 16فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ». 17فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لَمْ يُعْلِنْ لَكَ لَكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 18وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضًا: أَنْتَ بُطْرُسُ وَعَلَى هَذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْنِي كَنِيسَتِي وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا. 19وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاوَاتِ. وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي السَّمَاوَاتِ». 20حِينَئِذٍ أَوْصَى تَلاَمِيذَهُ أَنْ لاَ يَقُولُوا لأَحَدٍ إِنَّهُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ. 21مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يُظْهِرُ لِتَلاَمِيذِهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَيَتَأَلَّمَ كَثِيرًا مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ وَيُقْتَلَ وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومَ. 22فَأَخَذَهُ بُطْرُسُ إِلَيْهِ وَابْتَدَأَ يَنْتَهِرُهُ قَائِلًا: «حَاشَاكَ يَا رَبُّ! لاَ يَكُونُ لَكَ هَذَا!» 23فَالْتَفَتَ وَقَالَ لِبُطْرُسَ: «اذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ. أَنْتَ مَعْثَرَةٌ لِي لأَنَّكَ لاَ تَهْتَمُّ بِمَا لِلَّهِ لَكِنْ بِمَا لِلنَّاسِ».) متى 16: 13-23
            وإذا ما حذفت الإضافة التى دخلت على النص بعد رد بطرس على يسوع (16: 17-19) لكان سياق النص بدون خلل. لأنه لا يُعقل أن يمتدحه على قول ما، ثم يأمر بعدم قول هذا لأحد. ولو كان هذا مما يوجب على كل شخص يتبعه أن يعرفه، لكان يسوع مقصرًا بذلك فى دعوته. إذ كيف ينهى عن شىء فى رسالته من الأشياء التى يجب أن تكون معلومة للكل؟
            وكذلك لو حذفنا النص (16: 21-22) لحصلنا على معنى موافق لما قاله عند مرقس وفى لوقا 4: 41.
            وأقرَّ بطرس بذلك أمام عيسى  فى قوله: (68فَأَجَابَهُ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «يَا رَبُّ إِلَى مَنْ نَذْهَبُ؟ كلاَمُ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ عِنْدَكَ 69وَنَحْنُ قَدْ آمنَّا وَعَرَفْنَا أَنَّكَ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ». 70أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَلَيْسَ أَنِّي أَنَا اخْتَرْتُكُمْ الاِثْنَيْ عَشَرَ؟ وَوَاحِدٌ مِنْكُمْ شَيْطَانٌ!» 71قَالَ عَنْ يَهُوذَا سِمْعَانَ الإِسْخَرْيُوطِيِّ لأَنَّ هَذَا كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يُسَلِّمَهُ وَهُوَ وَاحِدٌ مِنَ الاِثْنَيْ عَشَرَ) يوحنا 6: 68-71، ووصفه يسوع أنه شيطان،لأنه قال ذلك، إلا أن فهم التلاميذ هنا أنه قال ذلك عن يهوذا فهو فهم خاطىء من عند أنفسهم.
            ويؤكد كلامى هذا أن الشياطين قالت من قبل نفس القول الذى لم يرتضيه عيسى  منهم وقبله من بطرس. ومعنى هذا أن الكتاب هنا أظهر الشياطين فى ثوب المؤمنين، وكان يسوع ظالمًا لهم، لأنه أخرصهم، ولم يتكهم يساعدونه فى الدعوة: (41وَكَانَتْ شَيَاطِينُ أَيْضًا تَخْرُجُ مِنْ كَثِيرِينَ وَهِيَ تَصْرُخُ وَتَقُولُ: «أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ!» فَانْتَهَرَهُمْ وَلَمْ يَدَعْهُمْ يَتَكَلَّمُونَ لأَنَّهُمْ عَرَفُوهُ أَنَّهُ الْمَسِيحُ.) لوقا 4: 41
            ونفى عن نفسه أن يكون المسيَّا: (وَفِي الطَّرِيقِ سَأَلَ تَلاَمِيذَهُ: «مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا؟» 28فَأَجَابُوا: «يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ وَآخَرُونَ إِيلِيَّا وَآخَرُونَ وَاحِدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ». 29فَقَالَ لَهُمْ: «وَأَنْتُمْ مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟» فَأَجَابَ بُطْرُسُ: «أَنْتَ الْمَسِيحُ!» 30فَانْتَهَرَهُمْ كَيْ لاَ يَقُولُوا لأَحَدٍ عَنْهُ.) مرقس 8: 27-30
            بل سألهم عن المسيَّا بأسلوب الغائب، أى يسألهم عن شخص آخر غيره، قائلًا: (41وَفِيمَا كَانَ الْفَرِّيسِيُّونَ مُجْتَمِعِينَ سَأَلَهُمْ يَسُوعُ: 42«مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟ ابْنُ مَنْ هُوَ؟» قَالُوا لَهُ: «ابْنُ دَاوُدَ». 43قَالَ لَهُمْ: «فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبًّا قَائِلًا: 44قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ؟ 45فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبًّا فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟» 46فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يُجِيبَهُ بِكَلِمَةٍ. وَمِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ أَنْ يَسْأَلَهُ بَتَّةً.) متى 22: 41-46
            وبذلك صحح لهم أن المسِّيِّا لن يأتى من نسل داود. وبذلك فالمسيِّا لن يكون من نسل إسحاق، ولأن العهد عمله الله مع إبراهيم بسبب طاعته لأمره فى ذبح إبنه. إذن فالذبيح ليس إسحاق، ولكنه إسماعيل.
            وقد جاء عيسى  - آخر أنبياء بنى إسرائيل من أبيه إسحاق - يُبشِّر المؤمنين أن ملكوت الله سوف يُنزع من بنى إسحاق وسيعطيه الله لبنى إسماعيل، على الرغم أن هذا غريب على بعض غير الفقهاء فى الكتاب، وغريب على المعاندين الذين يظنون أنّ الملكوت سوف يدوم لهم، ونسوا وعد الله لنبيه إبراهيم ، أنه سيقيم النبوة فى إسحاق وأيضًا فى إسماعيل (تكوين 17: 20 و تكوين 21: 17-21)، فقال لهم: (42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ»)متى 21: 42-44، مرقس 12: 10-12
            وقد قال سفر التكوين فى إزالة ملكوت الله من بنى إسرائيل: (10لاَ يَزُولُ قَضِيبٌ مِنْ يَهُوذَا وَمُشْتَرِعٌ مِنْ بَيْنِ رِجْلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ شِيلُونُ وَلَهُ يَكُونُ خُضُوعُ شُعُوبٍ.) تكوين 49: 10 معنى هذا أن الحكم والسلطة الدينية ستزول يومًا ما من يهوذا (أبِى الشعب الإسرائيلى)، ستزول من بنى إسرائيل، ولكن عندما يأتى شيلون (من يكون له الأمر)، وهذا النبى يكون دينه لكافة الأمم، لليهود وللنصارى ولغيرهم من الأمم (وَلَهُ يَكُونُ خُضُوعُ شُعُوبٍ)،
            وهو نفس الأمر الذى قاله عيسى عليه السلام لليهود: (38هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَابًا! 39لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَنِي مِنَ الآنَ حَتَّى تَقُولُوا: مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ!».) متى 23: 37-39
            حتى إنه أعلنها بأسلوب مختلف قائلًا إن آخر أنبياء الله هو الأصغر فى ملكوت الله وهو الأعظم: (1فِي تِلْكَ السَّاعَةِ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ قَائِلِينَ: «فَمَنْ هُوَ أَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ؟» 2فَدَعَا يَسُوعُ إِلَيْهِ وَلَدًا وَأَقَامَهُ فِي وَسَطِهِمْ 3وَقَالَ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. 4فَمَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ مِثْلَ هَذَا الْوَلَدِ فَهُوَ الأَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. 5وَمَنْ قَبِلَ وَلَدًا وَاحِدًا مِثْلَ هَذَا بِاسْمِي فَقَدْ قَبِلَنِي. 6وَمَنْ أَعْثَرَ أَحَدَ هَؤُلاَءِ الصِّغَارِ الْمُؤْمِنِينَ بِي فَخَيْرٌ لَهُ أَنْ يُعَلَّقَ فِي عُنُقِهِ حَجَرُ الرَّحَى وَيُغْرَقَ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ.) متى 18: 1-6
            أى إن الأصغر فى ملكوت الله هو الأعظم، فقد سأله تلاميذه: فمن أعظم أنبياء الله؟ فقال الأصغر، أى آخرهم، أى إنه ليس هو المسيا، ودليل على ذلك قوله عن إيليَّا (المسيَّا) الذى قرب ظهوره: (11اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ وَلَكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ. 12وَمِنْ أَيَّامِ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ إِلَى الآنَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ يُغْصَبُ وَالْغَاصِبُونَ يَخْتَطِفُونَهُ. 13لأَنَّ جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ وَالنَّامُوسَ إِلَى يُوحَنَّا تَنَبَّأُوا. 14وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا فَهَذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ.) متى 11: 11-14
            هل وعيتم كلمته إلى الآن؟ (12وَمِنْ أَيَّامِ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ إِلَى الآنَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ يُغْصَبُ وَالْغَاصِبُونَ يَخْتَطِفُونَهُ.) أى إلى اليوم، حتى فى عصره يحاول الغاصبون أن يسرقوا الملكوت لأنفسهم، لكن من أراد أن يقبل الملكوت، فهذا هو إيليا القادم قريبًا، هو صاحبه الحقيقى.
            ويُستنتَج من كل ما سبق أنه:
            لم يكن هناك ابنًا بكرًا لإبراهيم إلا إسماعيل عليهما السلام.
            وأن إسماعيل من أبناء إبراهيم المقربين والمرضى عنهم لدى الله سبحانه وتعالى، فقد استجاب الله لدعاء أبيه فى إكثار نسله، وباركه (أى جعل النبوة فى نسله).
            وأنه لو كان إسحاق قد ولِدَ قبل رؤيا الذبح، لما كان لها معنى فى إثبات حب إبراهيم لله، لأنه سيكون فى هذه الحالة عنده البديل.
            وأن بشارة الله بميلاد إسحاق هى مكافأة لإبراهيم  على طاعته لله.
            وأن بنو إسرائيل قد وضعوا إسحاق بدلًا من إسماعيل، ليكونوا هم شعب الله المختار الذى افتداه الله ليرث الأرض الموعودة، وإبعاد أى نسل آخر ينازعها هذا الميراث. لذلك صحّحَ عيسى  هذه المفاهيم بقوله: (42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ».) متى 21: 42-44
            لذلك أراد اليهود أن يتخلصوا أيضًا من عيسى  واتهموه أنه هو المسيا المنتظر، وكان رد عيسى  برفض هذه الفرية، ولذلك برأه بيلاطس، إلا أن اليهود أصرَّوا على صلبه، فتدخلت العناية الإلاهية التى كان يحظى بها دائمًا ونجته.
            ولو كان إسحاق هو الذبيح، لاتخذ بنو إسرائيل من الفداء سنة لهم ولذكروها فى مناسبات مختلفة، ولكننا نجد أن الفداء عند بنى إسرائيل يرتبط بالخروج من مصر، ولا نجد إشارة من قريب أو بعيد لذكرى فداء إسحق: («وَيَكُونُ مَتَى أَدْخَلَكَ الرَّبُّ أَرْضَ الْكَنْعَانِيِّينَ .. .. 12أَنَّكَ تُقَدِّمُ لِلرَّبِّ كُلَّ فَاتِحِ رَحِمٍ وَكُلَّ بِكْرٍ مِنْ نِتَاجِ الْبَهَائِمِ الَّتِي تَكُونُ لَكَ. الذُّكُورُ لِلرَّبِّ. .. .. 14«وَيَكُونُ مَتَى سَأَلَكَ ابْنُكَ غَدًا: مَا هَذَا؟ تَقُولُ لَهُ: بِيَدٍ قَوِيَّةٍ أَخْرَجَنَا الرَّبُّ مِنْ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ الْعُبُودِيَّةِ. 15وَكَانَ لَمَّا تَقَسَّى فِرْعَوْنُ عَنْ إِطْلاَقِنَا أَنَّ الرَّبَّ قَتَلَ كُلَّ بِكْرٍ فِي أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بِكْرِ النَّاسِ إِلَى بِكْرِ الْبَهَائِمِ. لِذَلِكَ أَنَا أَذْبَحُ لِلرَّبِّ الذُّكُورَ مِنْ كُلِّ فَاتِحِ رَحِمٍ وَأَفْدِي كُلَّ بِكْرٍ مِنْ أَوْلاَدِي.) خروج 13: 11-16
            ومن عجائب اليهود أنهم يرفضون إسماعيل لأن أمه كانت خادمة لإبراهيم قبل زواجها منه ، ولم يرفضوا أولاد الزنى فى نسل أسباطهم!
            كما أنها ليست المرة الأخيرة التى يسطون فيها على ميراث غيرهم ، فقد جعلوا يعقوب يسرق النبوة من أخيه البكر عيسو ، أو ابتاعها منه مقابل طبق عدس على اختلاف الروايات:
            (1وَحَدَثَ لَمَّا شَاخَ إِسْحَاقُ وَكَلَّتْ عَيْنَاهُ عَنِ النَّظَرِ أَنَّهُ دَعَا عِيسُوَ ابْنَهُ الأَكْبَرَ وَقَالَ لَهُ: «يَا ابْنِي». فَقَالَ لَهُ: «هَئَنَذَا». 2فَقَالَ: «إِنَّنِي قَدْ شِخْتُ وَلَسْتُ أَعْرِفُ يَوْمَ وَفَاتِي. 3فَالْآنَ خُذْ عُدَّتَكَ: جُعْبَتَكَ وَقَوْسَكَ وَاخْرُجْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ وَتَصَيَّدْ لِي صَيْداً 4وَاصْنَعْ لِي أَطْعِمَةً كَمَا أُحِبُّ وَأْتِنِي بِهَا لِآكُلَ حَتَّى تُبَارِكَكَ نَفْسِي قَبْلَ أَنْ أَمُوتَ». 5وَكَانَتْ رِفْقَةُ سَامِعَةً إِذْ تَكَلَّمَ إِسْحَاقُ مَعَ عِيسُو ابْنِهِ. فَذَهَبَ عِيسُو إِلَى الْبَرِّيَّةِ لِيَصْطَادَ صَيْداً لِيَأْتِيَ بِهِ. 6وَأَمَّا رِفْقَةُ فَقَالَتْ لِيَعْقُوبَ ابْنِهَا: «إِنِّي قَدْ سَمِعْتُ أَبَاكَ يُكَلِّمُ عِيسُوَ أَخَاكَ قَائِلاً: 7اِئْتِنِي بِصَيْدٍ وَاصْنَعْ لِي أَطْعِمَةً لِآكُلَ وَأُبَارِكَكَ أَمَامَ الرَّبِّ قَبْلَ وَفَاتِي. 8فَالْآنَ يَا ابْنِي اسْمَعْ لِقَوْلِي فِي مَا أَنَا آمُرُكَ بِهِ: 9اِذْهَبْ إِلَى الْغَنَمِ وَخُذْ لِي مِنْ هُنَاكَ جَدْيَيْنِ جَيِّدَيْنِ مِنَ الْمِعْزَى فَأَصْنَعَهُمَا أَطْعِمَةً لأَبِيكَ كَمَا يُحِبُّ 10فَتُحْضِرَهَا إِلَى أَبِيكَ لِيَأْكُلَ حَتَّى يُبَارِكَكَ قَبْلَ وَفَاتِهِ». 11فَقَالَ يَعْقُوبُ لِرِفْقَةَ أُمِّهِ: «هُوَذَا عِيسُو أَخِي رَجُلٌ أَشْعَرُ وَأَنَا رَجُلٌ أَمْلَسُ. 12رُبَّمَا يَجُسُّنِي أَبِي فَأَكُونُ فِي عَيْنَيْهِ كَمُتَهَاوِنٍ وَأَجْلِبُ عَلَى نَفْسِي لَعْنَةً لاَ بَرَكَةً». 13فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: «لَعْنَتُكَ عَلَيَّ يَا ابْنِي. اسْمَعْ لِقَوْلِي فَقَطْ وَاذْهَبْ خُذْ لِي». 14فَذَهَبَ وَأَخَذَ وَأَحْضَرَ لِأُمِّهِ فَصَنَعَتْ أُمُّهُ أَطْعِمَةً كَمَا كَانَ أَبُوهُ يُحِبُّ. 15وَأَخَذَتْ رِفْقَةُ ثِيَابَ عِيسُو ابْنِهَا الأَكْبَرِ الْفَاخِرَةَ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهَا فِي الْبَيْتِ وَأَلْبَسَتْ يَعْقُوبَ ابْنَهَا الأَصْغَرَ 16وَأَلْبَسَتْ يَدَيْهِ وَمَلاَسَةَ عُنُقِهِ جُلُودَ جَدْيَيِ الْمِعْزَى. 17وَأَعْطَتِ الأَطْعِمَةَ وَالْخُبْزَ الَّتِي صَنَعَتْ فِي يَدِ يَعْقُوبَ ابْنِهَا. 18فَدَخَلَ إِلَى أَبِيهِ وَقَالَ: «يَا أَبِي». فَقَالَ: «هَئَنَذَا. مَنْ أَنْتَ يَا ابْنِي؟» 19فَقَالَ يَعْقُوبُ لأَبِيهِ: «أَنَا عِيسُو بِكْرُكَ. قَدْ فَعَلْتُ كَمَا كَلَّمْتَنِي. قُمِ اجْلِسْ وَكُلْ مِنْ صَيْدِي لِتُبَارِكَنِي نَفْسُكَ». 20فَقَالَ إِسْحَاقُ لِابْنِهِ: «مَا هَذَا الَّذِي أَسْرَعْتَ لِتَجِدَ يَا ابْنِي؟» فَقَالَ: «إِنَّ الرَّبَّ إِلَهَكَ قَدْ يَسَّرَ لِي». 21فَقَالَ إِسْحَاقُ لِيَعْقُوبَ: «تَقَدَّمْ لأَجُسَّكَ يَا ابْنِي. أَأَنْتَ هُوَ ابْنِي عِيسُو أَمْ لاَ؟» 22فَتَقَدَّمَ يَعْقُوبُ إِلَى إِسْحَاقَ أَبِيهِ فَجَسَّهُ وَقَالَ: «الصَّوْتُ صَوْتُ يَعْقُوبَ وَلَكِنَّ الْيَدَيْنِ يَدَا عِيسُو». 23وَلَمْ يَعْرِفْهُ لأَنَّ يَدَيْهِ كَانَتَا مُشْعِرَتَيْنِ كَيَدَيْ عِيسُو أَخِيهِ. فَبَارَكَهُ. 24وَقَالَ: «هَلْ أَنْتَ هُوَ ابْنِي عِيسُو؟» فَقَالَ: «أَنَا هُوَ». 25فَقَالَ: «قَدِّمْ لِي لِآكُلَ مِنْ صَيْدِ ابْنِي حَتَّى تُبَارِكَكَ نَفْسِي». فَقَدَّمَ لَهُ فَأَكَلَ وَأَحْضَرَ لَهُ خَمْراً فَشَرِبَ. 26فَقَالَ لَهُ إِسْحَاقُ أَبُوهُ: «تَقَدَّمْ وَقَبِّلْنِي يَا ابْنِي». 27فَتَقَدَّمَ وَقَبَّلَهُ. فَشَمَّ رَائِحَةَ ثِيَابِهِ وَبَارَكَهُ. وَقَالَ: «انْظُرْ! رَائِحَةُ ابْنِي كَرَائِحَةِ حَقْلٍ قَدْ بَارَكَهُ الرَّبُّ. 28فَلْيُعْطِكَ اللهُ مِنْ نَدَى السَّمَاءِ وَمِنْ دَسَمِ الأَرْضِ وَكَثْرَةَ حِنْطَةٍ وَخَمْرٍ. 29لِيُسْتَعْبَدْ لَكَ شُعُوبٌ وَتَسْجُدْ لَكَ قَبَائِلُ. كُنْ سَيِّداً لإِخْوَتِكَ وَلْيَسْجُدْ لَكَ بَنُو أُمِّكَ. لِيَكُنْ لاَعِنُوكَ مَلْعُونِينَ وَمُبَارِكُوكَ مُبَارَكِينَ». 30وَحَدَثَ عِنْدَمَا فَرَغَ إِسْحَاقُ مِنْ بَرَكَةِ يَعْقُوبَ وَيَعْقُوبُ قَدْ خَرَجَ مِنْ لَدُنْ إِسْحَاقَ أَبِيهِ أَنَّ عِيسُوَ أَخَاهُ أَتَى مِنْ صَيْدِهِ 31فَصَنَعَ هُوَ أَيْضاً أَطْعِمَةً وَدَخَلَ بِهَا إِلَى أَبِيهِ وَقَالَ لأَبِيهِ: «لِيَقُمْ أَبِي وَيَأْكُلْ مِنْ صَيْدِ ابْنِهِ حَتَّى تُبَارِكَنِي نَفْسُكَ». 32فَقَالَ لَهُ إِسْحَاقُ أَبُوهُ: «مَنْ أَنْتَ؟» فَقَالَ: «أَنَا ابْنُكَ بِكْرُكَ عِيسُو». 33فَارْتَعَدَ إِسْحَاقُ ارْتِعَاداً عَظِيماً جِدّاً. وَقَالَ: «فَمَنْ هُوَ الَّذِي اصْطَادَ صَيْداً وَأَتَى بِهِ إِلَيَّ فَأَكَلْتُ مِنَ الْكُلِّ قَبْلَ أَنْ تَجِيءَ وَبَارَكْتُهُ؟ نَعَمْ وَيَكُونُ مُبَارَكاً!» 34فَعِنْدَمَا سَمِعَ عِيسُو كَلاَمَ أَبِيهِ صَرَخَ صَرْخَةً عَظِيمَةً وَمُرَّةً جِدّاً وَقَالَ لأَبِيهِ: «بَارِكْنِي أَنَا أَيْضاً يَا أَبِي!» 35فَقَالَ: «قَدْ جَاءَ أَخُوكَ بِمَكْرٍ وَأَخَذَ بَرَكَتَكَ».) تكوين 27: 1-35

            تعليق


            • #96
              الملف 71
              نبى الله يعقوب يشترى النبوة من أخيه عيسو بطبق عدس: (29وَطَبَخَ يَعْقُوبُ طَبِيخًا فَأَتَى عِيسُو مِنَ الْحَقْلِ وَهُوَ قَدْ أَعْيَا. 30فَقَالَ عِيسُو لِيَعْقُوبَ: «أَطْعِمْنِي مِنْ هَذَا الأَحْمَرِ لأَنِّي قَدْ أَعْيَيْتُ. (لِذَلِكَ دُعِيَ اسْمُهُ أَدُومَ). 31فَقَالَ يَعْقُوبُ: «بِعْنِي الْيَوْمَ بَكُورِيَّتَكَ». 32فَقَالَ عِيسُو: «هَا أَنَا مَاضٍ إِلَى الْمَوْتِ فَلِمَاذَا لِي بَكُورِيَّةٌ؟» 33فَقَالَ يَعْقُوبُ: «احْلِفْ لِيَ الْيَوْمَ». فَحَلَفَ لَهُ. فَبَاعَ بَكُورِيَّتَهُ لِيَعْقُوبَ. 34فَأَعْطَى يَعْقُوبُ عِيسُوَ خُبْزًا وَطَبِيخَ عَدَسٍ فَأَكَلَ وَشَرِبَ وَقَامَ وَمَضَى. فَاحْتَقَرَ عِيسُو الْبَكُورِيَّةَ.) تكوين 25: 29-34
              ومرة ثالثة نال يعقوب البركة من الإله نفسه بعد أن تصارع معه وهزمه: (24فَبَقِيَ يَعْقُوبُ وَحْدَهُ. وَصَارَعَهُ إِنْسَانٌ حَتَّى طُلُوعِ الْفَجْرِ. 25وَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ ضَرَبَ حُقَّ فَخْذِهِ فَانْخَلَعَ حُقُّ فَخْذِ يَعْقُوبَ فِي مُصَارَعَتِهِ مَعَهُ. 26وَقَالَ: «أَطْلِقْنِي لأَنَّهُ قَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ». فَقَالَ: «لاَ أُطْلِقُكَ إِنْ لَمْ تُبَارِكْنِي». 27فَسَأَلَهُ: «مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ: «يَعْقُوبُ». 28فَقَالَ: «لاَ يُدْعَى اسْمُكَ فِي مَا بَعْدُ يَعْقُوبَ بَلْ إِسْرَائِيلَ لأَنَّكَ جَاهَدْتَ مَعَ اللهِ وَالنَّاسِ وَقَدِرْتَ». 29وَسَأَلَهُ يَعْقُوبُ: «أَخْبِرْنِي بِاسْمِكَ». فَقَالَ: «لِمَاذَا تَسْأَلُ عَنِ اسْمِي؟» وَبَارَكَهُ هُنَاكَ. 30فَدَعَا يَعْقُوبُ اسْمَ الْمَكَانِ «فَنِيئِيلَ» قَائِلًا: «لأَنِّي نَظَرْتُ اللهَ وَجْهًا لِوَجْهٍ وَنُجِّيَتْ نَفْسِي».) تكوين 32: 22-30
              ومرة رابعة ظلت النبوة فى هارون على الرغم من قول الكتاب إنه هو الذى ضلَّلَ بنى إسرائيل وصنع لهم العجل، وأمر الرب بقتلهم كلهم ونجا هارون صانع العجل: (1وَلَمَّا رَأَى الشَّعْبُ أَنَّ مُوسَى أَبْطَأَ فِي النُّزُولِ مِنَ الْجَبَلِ اجْتَمَعَ الشَّعْبُ عَلَى هَارُونَ وَقَالُوا لَهُ: «قُمِ اصْنَعْ لَنَا آلِهَةً تَسِيرُ أَمَامَنَا لأَنَّ هَذَا مُوسَى الرَّجُلَ الَّذِي أَصْعَدَنَا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لاَ نَعْلَمُ مَاذَا أَصَابَهُ». 2فَقَالَ لَهُمْ هَارُونُ: «انْزِعُوا أَقْرَاطَ الذَّهَبِ الَّتِي فِي آذَانِ نِسَائِكُمْ وَبَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ وَأْتُونِي بِهَا». 3فَنَزَعَ كُلُّ الشَّعْبِ أَقْرَاطَ الذَّهَبِ الَّتِي فِي آذَانِهِمْ وَأَتُوا بِهَا إِلَى هَارُونَ. 4فَأَخَذَ ذَلِكَ مِنْ أَيْدِيهِمْ وَصَوَّرَهُ بِالْإِزْمِيلِ وَصَنَعَهُ عِجْلًا مَسْبُوكًا. فَقَالُوا: «هَذِهِ آلِهَتُكَ يَا إِسْرَائِيلُ الَّتِي أَصْعَدَتْكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ!» 5فَلَمَّا نَظَرَ هَارُونُ بَنَى مَذْبَحًا أَمَامَهُ وَنَادَى هَارُونُ وَقَالَ: «غَدًا عِيدٌ لِلرَّبِّ». 6فَبَكَّرُوا فِي الْغَدِ وَأَصْعَدُوا مُحْرَقَاتٍ وَقَدَّمُوا ذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ. وَجَلَسَ الشَّعْبُ لِلأَكْلِ وَالشُّرْبِ ثُمَّ قَامُوا لِلَّعِب.) خروج 32: 1-6
              ومرة خامسة يدعى الكتاب أن داود قد زنى بامرأة أوريا الحثى (أم سليمان فيما بعد) ولم تخرج النبوة من نسله، بل تشرف الرب بأن تجسد من هذا النسل (متى 1: 6-7)
              ومرة سادسة عبد سليمان الأوثان، ولم تنتهى النبوة من بنى إسرائيل: (4وَكَانَ فِي زَمَانِ شَيْخُوخَةِ سُلَيْمَانَ أَنَّ نِسَاءَهُ أَمَلْنَ قَلْبَهُ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى، وَلَمْ يَكُنْ قَلْبُهُ كَامِلًا مَعَ الرَّبِّ إِلَهِهِ كَقَلْبِ دَاوُدَ أَبِيهِ. 5فَذَهَبَ سُلَيْمَانُ وَرَاءَ عَشْتُورَثَ إِلَهَةِ الصَّيْدُونِيِّينَ وَمَلْكُومَ رِجْسِ الْعَمُّونِيِّينَ. 6وَعَمِلَ سُلَيْمَانُ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَلَمْ يَتْبَعِ الرَّبَّ تَمَامًا كَدَاوُدَ أَبِيهِ. 7حِينَئِذٍ بَنَى سُلَيْمَانُ مُرْتَفَعَةً لِكَمُوشَ رِجْسِ الْمُوآبِيِّينَ عَلَى الْجَبَلِ الَّذِي تُجَاهَ أُورُشَلِيمَ، وَلِمُولَكَ رِجْسِ بَنِي عَمُّونَ. 8وَهَكَذَا فَعَلَ لِجَمِيعِ نِسَائِهِ الْغَرِيبَاتِ اللَّوَاتِي كُنَّ يُوقِدْنَ وَيَذْبَحْنَ لِآلِهَتِهِنَّ.) الملوك الأول 11: 4-8
              ولم يكتفِ النصارى بذلك، بل جعلوا الرب يتجسد من زناة مطرودين من رحمته، وعقابهم عنده الرجم:
              (يهوذا ولد فارص وزارح من ثامار) متى 1: 3 ،
              وثامار هذه زوجة أبناء يهوذا التى زنى معها (تكوين 38: 14-16)
              وعقوبة الزنى مع الكنة (زوجة الابن) هو القتل (12وَإِذَا اضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ كَنَّتِهِ فَإِنَّهُمَا يُقْتَلاَنِ كِلاَهُمَا. قَدْ فَعَلاَ فَاحِشَةً. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا.) لاويين 20: 12
              (وسلمون ولد بوعز من راحاب) متى 1: 5،
              (راحاب امرأة زانية) يشوع 2: 1-15،
              (وبوعز ولد عوبيد من راعوث) متى 1: 5،
              (وراعوث هى راعوث الموابية) راعوث 4: 5
              (لا يدخل عمونى ولا موابى فى جماعة الرب ، حتى الجيل العاشر لا يدخل منهم أحد فى جماعة الرب إلى الأبد) تثنية 23: 3 ،
              (وداود الملك ولد سليمان من التى لأوريا) متى 1: 6 اقرأ قصة زنا داود بامرأة جاره (صموئيل الثانى 11)
              (وسليمان ولد رحبعام) متى 1: 7 ،
              اسم أم رحبعام زوجة سليمان نعمة العمونية (ملوك الأول 14: 21 ، (2لا يَدْخُلِ ابْنُ زِنىً فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. حَتَّى الجِيلِ العَاشِرِ لا يَدْخُل مِنْهُ أَحَدٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. 3لا يَدْخُل عَمُّونِيٌّ وَلا مُوآبِيٌّ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. حَتَّى الجِيلِ العَاشِرِ لا يَدْخُل مِنْهُمْ أَحَدٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ إِلى الأَبَدِ) تثنية 23: 3
              وعقوبة الزانى والزانية الموت رجمًا سواء أكان الزانى متزوجًا أو غير متزوج: (23«إِذَا كَانَتْ فَتَاةٌ عَذْرَاءُ مَخْطُوبَةً لِرَجُلٍ فَوَجَدَهَا رَجُلٌ فِي المَدِينَةِ وَاضْطَجَعَ مَعَهَا 24فَأَخْرِجُوهُمَا كِليْهِمَا إِلى بَابِ تِلكَ المَدِينَةِ وَارْجُمُوهُمَا بِالحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَا. الفَتَاةُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا لمْ تَصْرُخْ فِي المَدِينَةِ وَالرَّجُلُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ أَذَل امْرَأَةَ صَاحِبِهِ. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ وَسَطِكَ.) تثنية 22: 23 و 24
              وبالتالى لا يدخل يسوع ولا أجداده فى جماعة الرب للأبد!!
              ورأوبين يزنى بسرية أبيه التى هى فى حكم أمه: (لأنك صعدت على مضجع أبيك حينئذ ودنسته) تكوين 49: 4 وحكمهما هو: (وإذا اضطجع رجل مع امرأة أبيه فقد كشف عورة أبيه، إنهما يقتلان كلاهما، دمهما عليهما) لاويين 20: 11
              ومرة رقم ألف ظل الإله إلهًا على الرغم من كونه من نسل زناة، طغاة، مجرمين، لصوص، كفرة، عابدى أوثان. ومع ذلك لم تذهب النبوة من نسل أحد من سلالة الرب، ولم تنته ألوهيته عندكم.
              لكن مع إسماعيل ابن هاجر التى كانت تعمل عند زوجها قبل الزواج منه فلا بد أن يتغير الأمر. لا بد أن يُرمى به، ويُقذف إلى خارج الملكوت (شجرة النبوة). على الرغم من كون أربعة من أسباط بنى إسرائيل الإثنى عشر أولاد أُمَّين كانتا أيضًا خادمتين وهما (دَانُ وَنَفْتَالِي وجَادُ وَأَشِيرُ).
              («لَكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ!) متى 23: 13
              * * *
              قصة نبى الله يوسف فى الكتاب المقدس:
              مثال آخر لتناقضات القصص فى الكتاب المقدس جدًا، وهى قصة نبى الله يوسف ، فالمتابع لهذه القصة فى سفر التكوين 39: 7-20 ، يرى فيها الآتى:
              1- رفض يوسف الإنصياع للمرأة وفاءً لسيده، وليس خوفًا من الله: (7وَحَدَثَ بَعْدَ هَذِهِ الأُمُورِ أَنَّ امْرَأَةَ سَيِّدِهِ رَفَعَتْ عَيْنَيْهَا إِلَى يُوسُفَ وَقَالَتِ: «اضْطَجِعْ مَعِي». 8فَأَبَى وَقَالَ لِامْرَأَةِ سَيِّدِهِ: «هُوَذَا سَيِّدِي لاَ يَعْرِفُ مَعِي مَا فِي الْبَيْتِ وَكُلُّ مَا لَهُ قَدْ دَفَعَهُ إِلَى يَدِي. 9لَيْسَ هُوَ فِي هَذَا الْبَيْتِ أَعْظَمَ مِنِّي. وَلَمْ يُمْسِكْ عَنِّي شَيْئًا غَيْرَكِ لأَنَّكِ امْرَأَتُهُ. فَكَيْفَ أَصْنَعُ هَذَا الشَّرَّ الْعَظِيمَ وَأُخْطِئُ إِلَى اللهِ؟»)
              بينما رفض فى القرآن الإنصياع لطلبها الدنىء خوفًا من الله تعالى: (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) يوسف 23، وهذا يتناسب مع مقام النبوة، ومع اصطفاء الله تعالى لأنبيائه.
              2- أنه أثناء هربه منها، والبيت لا يوجد فيه أحد، أمسكته من ثوبه فتركه لها: (11ثُمَّ حَدَثَ نَحْوَ هَذَا الْوَقْتِ أَنَّهُ دَخَلَ الْبَيْتَ لِيَعْمَلَ عَمَلَهُ وَلَمْ يَكُنْ إِنْسَانٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ هُنَاكَ فِي الْبَيْتِ. 12فَأَمْسَكَتْهُ بِثَوْبِهِ قَائِلَةً: «اضْطَجِعْ مَعِي». فَتَرَكَ ثَوْبَهُ فِي يَدِهَا وَهَرَبَ وَخَرَجَ إِلَى خَارِجٍ.)
              3- فأغاظها رفضه لها، ونادت أهل البيت لتفضحه وتفضح نفسها. فكيف نادت أهل البيت فى الوقت الذى لا يوجد به أحد؟ (11ثُمَّ حَدَثَ نَحْوَ هَذَا الْوَقْتِ أَنَّهُ دَخَلَ الْبَيْتَ لِيَعْمَلَ عَمَلَهُ وَلَمْ يَكُنْ إِنْسَانٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ هُنَاكَ فِي الْبَيْتِ. ..... 14أَنَّهَا نَادَتْ أَهْلَ بَيْتِهَا وَقَالَتْ: «انْظُرُوا! قَدْ جَاءَ إِلَيْنَا بِرَجُلٍ عِبْرَانِيٍّ لِيُدَاعِبَنَا. دَخَلَ إِلَيَّ لِيَضْطَجِعَ مَعِي فَصَرَخْتُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ.) ومن غير منطقى أن تفضح المرأة الخاطئة نفسها، لأنه على الأقل سيثير شك زوجها فيها، لعلمها بأخلاق يوسف.
              4- وعندما رجع زوجها إلى البيت أخبرته أنه كان يريد أن ينال منها، وصرخت رافضة مستغيثة، وتركت ثوبه بجانبها كدليل على صدق كلامها: (15وَكَانَ لَمَّا سَمِعَ أَنِّي رَفَعْتُ صَوْتِي وَصَرَخْتُ أَنَّهُ تَرَكَ ثَوْبَهُ بِجَانِبِي وَهَرَبَ وَخَرَجَ إِلَى خَارِجٍ». 16فَوَضَعَتْ ثَوْبَهُ بِجَانِبِهَا حَتَّى جَاءَ سَيِّدُهُ إِلَى بَيْتِهِ. 17فَكَلَّمَتْهُ بِمِثْلِ هَذَا الْكَلاَمِ قَائِلَةً: «دَخَلَ إِلَيَّ الْعَبْدُ الْعِبْرَانِيُّ الَّذِي جِئْتَ بِهِ إِلَيْنَا لِيُدَاعِبَنِي. 18وَكَانَ لَمَّا رَفَعْتُ صَوْتِي وَصَرَخْتُ أَنَّهُ تَرَكَ ثَوْبَهُ بِجَانِبِي وَهَرَبَ إِلَى خَارِجٍ». 19فَكَانَ لَمَّا سَمِعَ سَيِّدُهُ كَلاَمَ امْرَأَتِهِ الَّذِي كَلَّمَتْهُ بِهِ قَائِلَةً: «بِحَسَبِ هَذَا الْكَلاَمِ صَنَعَ بِي عَبْدُكَ» أَنَّ غَضَبَهُ حَمِيَ. 20فَأَخَذَ يُوسُفَ وَوَضَعَهُ فِي بَيْتِ السِّجْنِ الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ أَسْرَى الْمَلِكِ مَحْبُوسِينَ فِيهِ.)
              يحدد القرآن أن سيدها فاجأها ومعه شاهد من أهلها، وهى تجرى خلفه لتمنعه من مغادرة الحجرة قبل أن ينفذ رغبتها، وجذبته من قميصه، فقطعته من الخلف، وافترت عليه أنه هو الذى أراد أن يزنى بها، فاضطر للدفاع عن نفسه، وعن مقام النبوة، فاعترف بالحقيقة أنها هى التى راودته عن نفسه، وحكم هذا الشاهد الحكيم، أنه لو كان القميص قد قُطِعَ من الخلف فهى المعتدية، وهى التى كانت تجذبه إليها، ولو كان مقطوعًا من الأمام، فقد كانت تدفعه عنها، ويكون هو المذنب: (وَاسُتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ * وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ * فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ * يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ) يوسف 25-29
              وهذا يُخالف القصة التى تخيلها كاتب سفر التكوين فى السياق والتفاصيل.
              ثم زاد القرآن رد فعل باقى نساء المدينة، حيث أثبتت لهن أنه أجمل من أن يقاوم، وكيد امرأة العزيز لهن، وعدم توبتها وإصرارها على أن تنال منه، وكذلك شهادة المرأة الصحيحة التى برأت يوسف فيها، ونيتها تجاهه إن لم يطعها، وإلا فسوف تدخله السجن. وخالف القرآن هذه القصة التى يحكيها سفر التكوين أيضًا فى أن يوسف لم يدخل السجن مباشرة، بل كانت هناك مُهلة دعت فيها امرأة العزيز النساء اللاتى تقوَّلن عليها، وإعجاب النساء بيوسف، وشهادة تبرئة يوسف، وإصرارها على النيل منه. وهنا يلجأ يوسف بالدعاء لله مرة أخرى، قائلا إنه يفضل السجن على أن يغضب ربه، وبالتالى يسجنه أصحاب الحل والعقد حتى يتم نسيان هذا الموضوع: (وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ * فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكًَا وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ * قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ * قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ * فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ) يوسف 30-35
              وعلى ذلك فهل تنطبق على القرآن أسس الاقتباس أم هو ذو سلطان خاص به فيما يقول ويقرر؟ فالمقتبس لا بد وأن ينقل الفكرة كلها أو بعضها، ولا يزيد عليها من عنده أو من مكان آخر. وها نحن قد رأينا القرآن يتجاوز هذه الأسس فيأتى بجديد لم يذكر فيما سواه، ويصحح خطأ وقع فيه ما سواه. فليس الاختلاف فيها اختلاف حَبْكٍ وصياغة، وإنما هو اختلاف يشمل الأصول والفروع. هذا بالإضافة إلى إحكام البناء وعفة الألفاظ وشرف المعانى.
              قصة عبادة بنى إسرائيل للعجل:
              ومثال ثالث هى قصة عبادة العجل الذى صنعه السامرى:
              يقول سفر الخروج إن الذى أضل بنى إسرائيل وجعلهم يعبدون العجل هو نبى الله هارون، وذلك بتحويل الذهب الذى سرقه بنو إسرائيل من المصريين بأمر من الرب وبمساعدته، إلى عجل. وعلى الرغم من أمر الرب بقتل كل من عبد العجل، نرى أن هارون لم يقتل، وعاش وتولى الدعوى مع موسى عليهما السلام.
              ومعنى أنْ يأمر الرب بقتل عابدى العجل ويترك هارون الفاعل الأساسى أنَّ الرب ظالم أو غير حكيم؛ لأنه ترك رأس الكفر وقتل الباقين. أو أمر بقتل هارون ولم ينفذ موسى أمر الرب، وغفل الرب عن هذا، أو كان أمر القتل مشمولا به أيضًا ثم تركه محبة لموسى، أو خوفًا أن يترك موسى دعوته، ولا يجد من يواصل هداية شعبه المختار، أو أن هارون برىء مما نُسب إليه من كاتب القصة.
              الرب يأمر موسى أن يأمر بنى إسرائيل بسرقة ذهب المصريين عند خروجهم من مصر: (21وَأُعْطِي نِعْمَةً لِهَذَا الشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ. فَيَكُونُ حِينَمَا تَمْضُونَ أَنَّكُمْ لاَ تَمْضُونَ فَارِغِينَ. 22بَلْ تَطْلُبُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ جَارَتِهَا وَمِنْ نَزِيلَةِ بَيْتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَابًا وَتَضَعُونَهَا عَلَى بَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ. فَتَسْلِبُونَ الْمِصْرِيِّينَ) خروج 3: 21-22
              (35وَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. طَلَبُوا مِنَ الْمِصْرِيِّينَ أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَابًا. 36وَأَعْطَى الرَّبُّ نِعْمَةً لِلشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ حَتَّى أَعَارُوهُمْ. فَسَلَبُوا الْمِصْرِيِّينَ.) خروج 12: 35-36
              (21وَقَالَ مُوسَى لِهَارُونَ: «مَاذَا صَنَعَ بِكَ هَذَا الشَّعْبُ حَتَّى جَلَبْتَ عَلَيْهِ خَطِيَّةً عَظِيمَةً؟» 22فَقَالَ هَارُونُ: «لاَ يَحْمَ غَضَبُ سَيِّدِي! أَنْتَ تَعْرِفُ الشَّعْبَ أَنَّهُ شِرِّيرٌ. 23فَقَالُوا لِيَ: اصْنَعْ لَنَا آلِهَةً تَسِيرُ أَمَامَنَا. لأَنَّ هَذَا مُوسَى الرَّجُلَ الَّذِي أَصْعَدَنَا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لاَ نَعْلَمُ مَاذَا أَصَابَهُ. 24فَقُلْتُ لَهُمْ: مَنْ لَهُ ذَهَبٌ فَلْيَنْزِعْهُ وَيُعْطِنِي. فَطَرَحْتُهُ فِي النَّارِ فَخَرَجَ هَذَا الْعِجْلُ». 25وَلَمَّا رَأَى مُوسَى الشَّعْبَ أَنَّهُ مُعَرًّى (لأَنَّ هَارُونَ كَانَ قَدْ عَرَّاهُ لِلْهُزْءِ بَيْنَ مُقَاوِمِيهِ) 26وَقَفَ مُوسَى فِي بَابِ الْمَحَلَّةِ وَقَالَ: «مَنْ لِلرَّبِّ فَإِلَيَّ!» فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمِيعُ بَنِي لاَوِي. 27فَقَالَ لَهُمْ: «هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: ضَعُوا كُلُّ وَاحِدٍ سَيْفَهُ عَلَى فَخِْذِهِ وَمُرُّوا وَارْجِعُوا مِنْ بَابٍ إِلَى بَابٍ فِي الْمَحَلَّةِ وَاقْتُلُوا كُلُّ وَاحِدٍ أَخَاهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ قَرِيبَهُ». 28فَفَعَلَ بَنُو لاَوِي بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. وَوَقَعَ مِنَ الشَّعْبِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ نَحْوُ ثَلاَثَةِ آلاَفِ رَجُلٍ.) خروج 32: 21-28
              وهل تعلم أنه لو كانت هذه القصة كما يحكونها صادقة، لتبيَّن لكم أيضًا أن الرب يُحاسب الإنسان على جريمته، وليس على جريمة الآخرين!!
              ومن القصة السابقة يتبيَّن لنا الآتى:
              1- أمر الرب بنى إسرائيل أن يسرقوا حل المصريين، وقد ساعدهم الرب نفسه فى ذلك، بأن أدخل الرضى فى قلوب المصريين على طلب بنى إسرائيل.
              2- أن موسى نبى بمفرده، ولم يُطلع هارون على لقائه مع الرب لمدة أربعين يومًا. أو أن هارون كان يعلم بلقاء موسى  لله تعالى، وكذب على قومه. وهذا هو المطابق لما يقوله السفر: (13فَقَامَ مُوسَى وَيَشُوعُ خَادِمُهُ. وَصَعِدَ مُوسَى إِلَى جَبَلِ اللهِ. 14وَأَمَّا الشُّيُوخُ فَقَالَ لَهُمُ: «اجْلِسُوا لَنَا هَهُنَا حَتَّى نَرْجِعَ إِلَيْكُمْ. وَهُوَذَا هَارُونُ وَحُورُ مَعَكُمْ. فَمَنْ كَانَ صَاحِبَ دَعْوَى فَلْيَتَقَدَّمْ إِلَيْهِمَا».) خروج 24 : 13-14
              3- أن هارون من بنى لاوى، فكيف يوكل الرب الأمر بقتل عبدة العجل لبنى لاوى أنفسهم، والذى كان هارون هو رأسهم؟
              4- يحدد الكتاب أنه مات فى ذلك اليوم 3000 نفسًا.
              5- تم قتل كل عبدة العجل، وترك بنو إسرائيل رأس الكفر، الذى صنع لهم هذا العجل وقال لهم إنه إلههم: (2فَقَالَ لَهُمْ هَارُونُ: «انْزِعُوا أَقْرَاطَ الذَّهَبِ الَّتِي فِي آذَانِ نِسَائِكُمْ وَبَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ وَأْتُونِي بِهَا». 3فَنَزَعَ كُلُّ الشَّعْبِ أَقْرَاطَ الذَّهَبِ الَّتِي فِي آذَانِهِمْ وَأَتُوا بِهَا إِلَى هَارُونَ. 4فَأَخَذَ ذَلِكَ مِنْ أَيْدِيهِمْ وَصَوَّرَهُ بِالْإِزْمِيلِ وَصَنَعَهُ عِجْلاً مَسْبُوكاً. فَقَالُوا: «هَذِهِ آلِهَتُكَ يَا إِسْرَائِيلُ الَّتِي أَصْعَدَتْكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ!» 5فَلَمَّا نَظَرَ هَارُونُ بَنَى مَذْبَحاً أَمَامَهُ وَنَادَى هَارُونُ وَقَالَ: «غَداً عِيدٌ لِلرَّبِّ». 6فَبَكَّرُوا فِي الْغَدِ وَأَصْعَدُوا مُحْرَقَاتٍ وَقَدَّمُوا ذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ. وَجَلَسَ الشَّعْبُ لِلأَكْلِ وَالشُّرْبِ ثُمَّ قَامُوا لِلَّعِب.) الخروج 32: 2-6
              ولم تكن هذه هى المرة الأولى التى يكفر فيها هارون (تبعًا لقول كتابكم المقدس جدًا)، بل يبرر الكتاب كفره بأن هذه أوامر الرب، فها هو يقدم تيسًا للرب وآخر للشيطان، بأمر من الرب نفسه: (5وَمِنْ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَأْخُذُ تَيْسَيْنِ مِنَ الْمَعْزِ لِذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ وَكَبْشًا وَاحِدًا لِمُحْرَقَةٍ. 6وَيُقَرِّبُ هَارُونُ ثَوْرَ الْخَطِيَّةِ الَّذِي لَهُ وَيُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ بَيْتِهِ. 7وَيَأْخُذُ التَّيْسَيْنِ وَيُوقِفُهُمَا أَمَامَ الرَّبِّ لَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ. 8وَيُلْقِي هَارُونُ عَلَى التَّيْسَيْنِ قُرْعَتَيْنِ: قُرْعَةً لِلرَّبِّ وَقُرْعَةً لِعَزَازِيلَ. 9وَيُقَرِّبُ هَارُونُ التَّيْسَ الَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ لِلرَّبِّ وَيَعْمَلُهُ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ. 10وَأَمَّا التَّيْسُ الَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ لِعَزَازِيلَ فَيُوقَفُ حَيًّا أَمَامَ الرَّبِّ لِيُكَفِّرَ عَنْهُ لِيُرْسِلَهُ إِلَى عَزَازِيلَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ.) لاويين 16: 5-10
              6- إن الرب الذى أمر بقتل عبدة العجل لم يكن منطقيًا فى حكمه، ولا حكيم، حيث هو الذى أمر نبيه هارون من قبل بتقديم تيس إلى الشيطان، وآخر مشابه له للرب. وبالتالى دفعه الرب إلى إشراك الشيطان معه فى العبادة. فلماذا يكتفى هارون وعبدة العجل بعبادة إله واحد، فى الوقت الذى يأمر فيه الرب بإشراك الشيطان معه فى التقدمة؟ أليست عبادة العجل أهون من عبادة الشيطان؟!!
              أما القصة القرآنية ففيها هارون نبى من أنبياء الله الأتقياء، ولم يأمر الرب بسرقة المصريين، وأن الذى صنع العجل البقرة هو السامرى، وليس هارون، ولم يتعرض لعدد القتلى.
              (وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83) قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84) قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85) فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُم مَّوْعِدِي (86) قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (87) فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ (88) أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا (89) وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90) قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى (91) قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93) قَالَ يَابْنؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94) قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ (95)) طه 83-95
              فكيف يكون الإقتباس من قصة متهافتة أخلاقيًا ودينيًا، تدعى أن الرب زعيم لصوص، وأن لبنى إسرائيل الحق فى سرقة من يعيشون معهم، حتى لو كانوا أذلاء لهم أو لملكهم، ثم تطعن فى عدل الله حيث انتقم من المصريين وقد كانوا هم أنفسهم أذلاء لهذا الحاكم الغاشم، ثم تهدم أصلا آخرًا من أصول الإيمان، وهى الطعن فى رسل الله، وتبرئة المجرم الحقيقى. ففكر معى: لو كان الشيطان كاتبًا لهذه القصة، فماذا كا سيفعل غير ذلك؟ الطعن فى الله، وصفه بالظلم، زهد الناس فى عبادته، أنبياؤه يتركونه، ويعبدون العجل ويدعون لعبادته، فيترك الرب رأس الكفر، ويعاقب الباقين!
              عزيزى الكاتب: أعلم أنك تحنق على القرآن لأنه فضح كذب وكفر كتبة كتبكم! ولكن فى الحقيقى إن الإنسان السوى عندما يعلم أنه خُدع فى إنسان ما أو كتاب ما، عليه أن يسارع بتركه، وأن يتبرأ منه: (26لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟) متى 16: 26
              إن دعوى الإقتباس هى دعوى كاذبة، وعليكم أن تعيدوا تسميتها إلى (إظهار الحق)!
              * * * * *
              أخطاء مزعومة فى القرآن الكريم:
              ويواصل الكاتب انتقادات للقرآن الكريم فيقول تحت عنوان(هل يرتكب الله هذه الأخطاء؟):
              يعتقد المسلمون أن القرآن هو كلام الله مباشرة. ولأن الله معصوم من الخطأ، فإنه من المفروض أن يكون القرآن معصومًا أيضًا من الخطأ. ولكن بفحص القرآن نجد الكثير من التعبيرات التى لا تتمشى مع الحقائق العلمية الثابتة. إنه من غير المقبول أن ننسب مثل هذه الأخطاء إلى إنسان متعلم، فكيف يمكن نسبها إلى الله العارف بكل شىء؟
              إن قائمة أخطاء القرآن طويلة جدًا وهى مغطاة بالتفصيل فى مراجع أخرى. ولكن المساحة المحدودة هنا تسمح لنا بذكر بعض الأمثلة فقط. إن هدفنا هو أن نتساءل ما إذا كان الله يمكن أن يرتكب هذه الأخطاء، وما إذا كان الله هو فى الحقيقة هو الذى كتب القرآن.
              أخطاء جغرافية مزعومة
              الأرض ثابتة
              "خلق السموات بغير عمد ترونها وألقى فى الأرض رواسى أن تميد بكم وبث فيها من كل دابة وأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فيها من كل زوج كريم". سورة لقمان 10:31
              الشمس تغرب فى عين حمئة
              "حتى اذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب فى عين حمئة ووجد عندها قومًا قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنًا".سورة الكهف 86:18
              وأقول له:
              حقًا قلت: (ولأن الله معصوم من الخطأ، فإنه من المفروض أن يكون القرآن معصومًا أيضًا من الخطأ). فهل مازلت تؤمن أن كتابك من عند الرب على الرغم من كل الأخطاء التى ذكرتها لك، وأقر بها علماؤكم؟ فكيف تكون من عند الرب المعصوم وهى تحتوى على كل ما ذكرته لك؟ بل كيف يكون الإله عندك معصوم وهو يندم، ويظلم، ويأمر بالسرقة، ويأمر بالفسق والفجور والعصيان، وذلك بإعطائه أوامر وتعاليم غير صالحة، واصطفائه لأنبياء تكفر به، وتدعو لعبادة غيره، وتفجر بالزنى والسرقة والكذب، والتطاول على الرب نفسه. فلم يكن الإله عندك معصوم ولم يعصم أنبياءه، فكيف يأتى كتابه فى النهاية معصومًا؟
              أما اعتقاده بأن الله تعالى وصف الأرض بأنها ثابتة من قوله (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ) لقمان 10
              فقد أساء فهم الآية، وفهم كلمة (تميد)، فهى تعنى تضطرب وتتمايل، والمعنى أن الجبال لحفظ توازن الأرض، وليس لتثبيتها. وتغافل الكاتب أيضًا عن قول الله تعالى عن الجبال: (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) النمل 88
              فقد أكَّد الله تعالى أن الجبال الراسية على الأرض تسير حثيثًا مثل السحاب، كما يراه الإنسان. فهل تسير الجبال وتبقى الأرض دون حركة؟ إن الجبال لها جذور فى الأرض تمنع الأرض من أن تميد بنا فى حركتها واضطرابها، فمن الذى يقول بعد ذلك إنها ثابتة؟
              لقد أشار القرآن للحركة الانتقالية الدورانية للأرض حول محورها فى قوله تعالى (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) النمل 88، والسحاب كما هو معروف لعلماء الطبيعة لا يتحرك بذاته، ولكن ينتقل محمولًا على الرياح، فكذلك الجبال يراها الرائي فيظنها جامدة في مكانها، بينما هي في الحقيقة تمر مسرعة محمولة علي شئ، هذا الحامل هو الأرض التي تعمل عمل الرياح، وكلا الأمرين من صنع الله الذي أتقن كل شيء، فهو سبحانه الذي يرسل الرياح فتثير سحابًا، وهو الذي يحرك الأرض فتحمل الجبال التي تمر مر السحاب وهذا تفسير علمي لظاهرة كونية فيها من إتقان الصنع ما يدل على جلال حكمة الله وقدرته سبحانه.
              لقد أهمل المفسرون هذا المعني الضمني، أن هذا حال الأرض والجبال فى الدنيا، وليس فى الآخرة، وذلك عندما اعتبروا هذه الآية إشارة إلى نسف الجبال نسفًا يوم القيامة؛ لأنهم لم يكونوا يعرفون أن للأرض حركة ما، فأهملوا الإعجاز البياني والعلمي في التعبير القرآني، وهذه أدلة قوية علي صحة هذا القول:
              أولًا: الجبال يوم القيامة لا وجود لها؛ لأنها سوف تتناثر وتنسف كما في قوله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا) طه: 105، فكيف ينظر الإنسان إلى الجبال المنسوفة وليس عنده مجال يومئذٍ للتأمل في الجبال أو غيرها في وقت تسوده الأهوال والشدائد.
              ثانيًا: قوله تعالى (تَحْسَبُهَا جَامِدَةً) يكون في الدنيا وليس الآخرة؛ فالدنيا دار الظن والحسبان، بينما الآخرة دار اليقين كما في قوله تعالى: (ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ اليَقِينِ) [التكاثر: 7، وقوله تعالى: (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) يشير إلى الدنيا لأن الخراب والدمار والنسف يوم القيامة لا يسمى صنعًا، ولا يدخل في حيز الإتقان.
              راجع (الإعجاز في قوله تعالى: (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرّ مَرّ السّحَابِ) على هذا الموقع:
              http://www.hadielislam.com/arabic/in...ticle&id=28462
              إن من بين خصائص الكون أن كل عنصر من عناصره وأن كل جزيء من جزيئات هذه العناصر _ حتى ولو كان وزنه مثقال ذرة _ هو في حركة مستمرة لا تتوقف أبدًا إلا بأمر الله عز وجل فاطر السموات والأرض وما بينهما والقائم عليها. ولا تخضع هذه الحركة للصدفة أو لأسباب عمليات النشوء الذاتي للمادة كما يلوح الملحدون، وإنما هي حركة مقننة ومقدرة تقديرًا إلهيًا حكيمًا، وهي أمر خارق لقوانين العلم الوضعي، الذي وضعه الإنسان، وتعرف عليه واكتشفه في محيطه الأرضي. فكل من الكواكب ومجموعات النجوم والكوكبات والمجرات تدور حول نفسها في حركة محورية وتدور في مداراتها في حركة انتقالية. بل إن الكون كله يتحرك حركة انتقالية حول مركز سحيق يبعد عن خيال البشر ولا يدري العلم الوضعي عنه القليل أو الكثير، ولا يقع إلا في علم الله وحده عز وجل.
              وهذه الحركة المستمرة المنتظمة التي لاتعرف الكلل أو الملل أو الخلل لكل عنصر من عناصر هذا الكون الفسيح الأرجاء، هي تسبيح وسجود لله العلي القدير فاطر السموات والأرض وما بينهما، ولكن الإنسان بما أوتي من علم محدود لا يفقه مثل هذا التسبيح. كما أن في حركة كل عنصر من عناصر الكون إفادة ونعمة وبركة ومنفعة للإنسان ساكن سطح كوكب الأرض. وذلك لأن كل عناصر الكون مسخرة بأمر الله جل وعلا لخدمة الإنسان ولتيسير سبل حياته على سطح الأرض، ويقول المولى عز وجل: (لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) يس 40؛ (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) الأنبياء 33
              وينتج عن الحركة المحورية للنجوم والكواكب قوة طرد مركزية تحفظ للنجم أو للكوكب موقعه في مداره على بعد ثابت بينه وبين النجم الأم. وتتمثل العوامل التي تؤثر في استمرار حدوث ربط النجوم والكواكب بعضها بالبعض الآخر في الآتي:
              1- كتلة الشمس الأم.
              2- الدوران المحوري للشمس.
              3- قوة الجذب الشمسي.
              4- كتلة كل كوكب تابع للشمس.
              5- استمرار الدوران المحوري لكل كوكب في سرعة ثابتة له.
              6- قوة الطرد المركزية لك كوكب.
              7- المسافة الفاصلة بين الشمس وكل كوكب.
              وأنقل ما كتبه المهندس عبد الدائم الكحيل الباحث في إعجاز القرآن الكريم والسنّة النبوية من مقاله (الإعجاز في علوم الأرض - الجبال والتوازن الأرضي)، والذى يثبت فيه أن الجبال تحافظ على اتزان الأرض، وليس جعلها ثابتة بلا حراك، كى لا تميد بنا. يقول المهندس عبد الدائم الكحيل:
              لقد قرأتُ العديد من الأبحاث في إعجاز القرآن الكريم والتي تدور حول حديث القرآن عن حقائق علمية في علم الجبال قبل أن يكتشفها العلم بقرون طويلة. ولكن الذي أثار اهتمامي بهذا الموضوع ما قرأته على أحد المواقع الذي ينشر سلسلة مقالات بعنوان: أكذوبة الإعجاز العلمي!!
              وقد تناولوا في إحدى مقالاتهم نشوء الجبال وأكدوا أن القرآن قد أخطأ علميًا في الآية التي تقول: (وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) النحل 15. وأن الجبال ليس لها أي دور في تثبيت الأرض وأن التثبيت يكون للأرض الثابتة أصلًا وليس المتحركة، ويكون التثبيت للجسم المستوي وليس الكروي لأن الأرض كروية.
              وبما أن هؤلاء لا تقنعهم كلمات علمائنا من المسلمين، فسوف نلجأ إلى علماء الغرب وهم من غير المسلمين ونتأمل في آخر ما توصلت إليه أبحاثهم وماذا يقولون حول هذا الموضوع وسوف نرى التطابق الكامل بين ما تكشفه الأبحاث الجديدة في علوم الأرض وبين القرآن العظيم.
              فقد تابعتُ ما يعتقده علماء الغرب اليوم حول الجبال، وقرأتُ ما يدرِّسونه لطلابهم من أشياء يعدّونها حقائق facts وإليك عزيزي القارئ ما اكتشفه هؤلاء العلماء وهم من غير المسلمين:
              "التوازن الأرضي هو توازن لبنات القشرة الأرضية العائمة على الغلاف الصخري للأرض. الجبال تملك جذورًا تمتد إلى داخل الغلاف الصخري بهدف تأمين التوازن" [1].
              شكل (1) نرى فيه كيف أن قطعة الجليد أو الخشب تطفو على سطح الماء ولكن هنالك جزء منها يغوص داخل الماء لتحقيق التوازن، وبغير هذا الجزء لا يتحقق التوازن لقطعة الخشب. وهذا ما يحدث بالضبط في الجبال فجميع جبال الدنيا لها جذور تمتد في الأرض وتعمل على تثبيت الأرض واستقرار الجبال.
              وهذا ما نجد وصفًا دقيقًا في كتاب الله تعالى عندما يقول: (وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) النحل 15.
              إذن سمّى القرآن الجبال بالرواسي تشبيهًا لها بالسفينة التي ترسو ويغوص جزء كبير منها في الماء. وهو ما تفعله الجبال فهي ترسو وتغوص في قشرة الأرض خصوصًا إذا علمنا أن القشرة الأرضية تتألف من مجموعة من الألواح العائمة على بحر من الحمم والصخور المنصهرة [4].
              ولو بحثنا عن معنى كلمة (رسا) في المعاجم مثل مختار الصحاح نجد معناها (ثبت)، وهذا ما تقوم به الجبال من تثبيت للأرض لكي لا تميل وتهتز بنا. ويؤكد العلماء اليوم أن كثافة الجبال تختلف عن كثافة الأرض التي حولها، تمامًا مثل قطعة الجليد العائمة على سطح الماء.
              فإذا وضعنا قطعة من الجليد في الماء نجد أن جزءًا كبيرًا منها يغوص في الماء ويظهر جزء صغير منها على وجه الماء ولولا ذلك لا تستقر قطعة الجليد وتنقلب وتميل.
              ونحن نعلم من هندسة تصميم السفن أن السفينة يجب أن يكون لها شكل محدد لتستقر في الماء ولا تنقلب. والجبال قد صمّمها الله تعالى بشكل محدد فهي لا تنقلب برغم مرور ملايين السنين عليها!! ومن أعجب ما قرأت حول هذه الجبال ودورها في التوازن الأرضي أن العلماء عندما قاسوا كثافة الجبال وكثافة الأرض المحيطة بها وجدوا أن النسبة هي ذاتها كثافة الجليد بالنسبة للماء.
              وهنا تتجلّى عظمة القرآن في دقة التشبيه وروعته، ولذلك قال تعالى: (وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) الأنبياء 31. فشبّه الجبال بالسفن الرواسي وهو تشبيه دقيق جدًا من الناحية العلمية!! فمن الذي أخبر النبي الأمي  بهذه الحقائق؟
              شكل (2) جميع جبال الدنيا تمتد عميقًا في الغلاف الصخري للأرض، ويبلغ عمق هذه الجذور عشرات الكيلو مترات، ونجد أن عمق جذر الجبل يزيد على ارتفاعه فوق سطح الأرض بأكثر من عشرة أضعاف!!! وهذا ما نجده في الوتد. فالوتد من الناحية الهندسية وحتى يؤدي مهمته في التثبيت يجب أن يغوص في الأرض لعدة أضعاف الجزء البارز منه. فسبحان الذي سمى الجبال (أوتادًا) وهذا التشبيه أفضل تشبيه من الناحية العلمية.
              ثم إن جميع العلماء يؤكدون اليوم بأن الجبال لها أوتاد تمتد في الأرض وتغوص لعشرات الكيلو مترات، وهذا ما حدثنا عنه القرآن العظيم بقوله تعالى: (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا * وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا) النبأ 6-7. فإذا كان القرآن يصرّح بأن الجبال هي أوتاد، والعلماء يقولون إن للجبال جذورًا تثبت الأرض وتعمل على توازنها[5]، وهنالك علم قائم بذاته يدرس هذا التوازن الأرضي، والسؤال: هل هذه المعجزات هي أكذوبة أم هي حقيقة؟ [2]
              وقفة لغوية
              ربما يأتي من يقول بأننا نحمّل هذه الآيات غير ما تحتمل من المعاني، وهذه عادة المشككين بكتاب الله تعالى. ولذلك سوف نقدم من خلال هذه الوِقفة ما فهمه العرب قديمًا من هذه الآيات. فلو بحثنا في معجم لسان العرب عن معنى كلمة (رَسَا)، لوجدنا: "رَسَا الشَّيءُ يَرْسُو رُسُوًّا وأَرْسَى: ثَبَتَ، وأَرْساه هو. ورَسَا الجَبَلُ يَرْسُو إِذا ثَبَت أَصلهُ في الأَرضُ، وجبالٌ راسِياتٌ. والرَّواسِي من الجبال: الثَّوابِتُ الرَّواسخُ. ورَسَتِ السَّفينةُ تَرْسُو رُسُوًّا: بَلَغَ أَسفلُها القَعْرَ وانتهى إِلى قرارِ الماءِ فَثَبَتَت وبقيت لا تَسير، وأَرْساها هو. وفي التنزيل العزيز في قصة نوح  وسفينته: (وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) هود 41. والمِرْساةُ: أَنْجَرُ السَّفينة التي تُرْسَى بها، وهو أَنْجَرُ ضَخْمٌ يُشَدُّ بالجِبال ويُرْسلُ في الماءِ فيُمْسِكُ السَّفينة ويُرْسِيها حتى لا تَسير. قال ابن بري: يقال: أَرْسَيْتُ الوَتِدَ في الأَرض إِذا ضَرَبْتَه فيها".
              وجاء في هذا المعجم معنى كلمة (وتد): "الوتِدُ، بالكسر، والوَتْدُ والوَدُّ: ما رُزَّ في الحائِط أَو الأَرض من الخشب، والجمع أَوتادٌ، قال الله تعالى: (والجِبالَ أَوتادًا) النبأ 7. ووَتَدَ الوَتِدُ وَتْدًا وتِدَةً ووَتَّدَ كلاهما: ثَبَتَ، ووَتَدْتُه أَنا أَتِدُه وَتْدًا وتِدَةً وَوَتَدْتُه: أَثْبَتُّه".
              ونلاحظ أن العرب فهمت من الآيات ما نفهمه نحن اليوم مع فارق التطور العلمي! فهم فهموا من كتاب الله تعالى أن للجبال أصلًا في الأرض يثبته كما تثبت المرساة السفينة ولذلك سمى الله الجبال بالرواسي، وهذا ما يقوله العلماء اليوم كما نرى من خلال الأبحاث الصادرة حديثًا في علم التوازن الأرضي.
              وهنا نود أن نقول: إذا كان القرآن العظيم يستخدم تشبيهًا للجبال بالسفن التي ترسو في الماء، وإذا كان العلماء حديثًا يستخدمون تشبيهًا لتوازن الجبال كقطعة خشب تطفو على سطح الماء ويغوص منها جزء كبير لضمان توازن القطعة الخشبية، ويشبّهون توازن الجبل بتوازن هذه القطعة الخشبية في الماء، أي يستخدمون نفس التشبيه القرآني، والسؤال: لولا أن العلماء وهم من غير المسلمين وجدوا في هذا التشبيه منتهى الدقة العلمية فهل كانوا سيستخدمونه في مراجعهم ويدرسونه لطلابهم في القرن الحادي والعشرين؟
              إن هذا يثبت أن القرآن كتاب علم وليس كتاب أساطير كما يدّعي الملحدون، ويثبت أن القرآن معجز من الناحية العلمية ويتضمن سبقًا علميًا في علم الجبال، ويعني أيضًا أننا لا نحمّل النص القرآني أي معنى لا يحتمله، إنما نفهم النص كما فهمه العرب أثناء نزول القرآن، ولكن هم فهموه حسب معطيات عصرهم ولم يكن هنالك مشكلة على الرغم من عدم وجود أي تفسير علمي لجذور الجبال ودورها في التوازن الأرضي، ونحن اليوم نفهمه حسب أحدث المكتشفات العلمية ولا نجد أي مشكلة أيضًا، ألا يدلّ هذا على أن القرآن كتاب صالح لكل زمان ومكان؟!
              المراجع
              [1] http://highered.mcgraw-hill.com/site...student_view0/
              [2]http://honolulu.hawaii.edu/distance/gg101/Programs/program8%20MountainBuilding/program8.html
              [3] http://geosciences.ou.edu/~msoreg/tes/isostasy.html
              [4] http://maps.unomaha.edu/Maher/ESSlec.../isostasy.html
              [5] http://rst.gsfc.nasa.gov/Sect2/Sect2_1a.html
              http://www.da3wh.com/vb/showthread.php?t=2118&page=1
              وإليك أقوال الغرب عن الإعجاز العلمى فى القرآن الكريم:
              الإعجاز العلمي
              يقول المولى سبحانه وتعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) فُصِّلَت 53، معجزة العصر تتجلى في محاورة علمية مع 14 من رواد العلوم المعاصرة في شتى الآفاق
              البينة القرآنية الحية قائمة بين أيدينا تشع بأنوارها عبرالقرون وتدهش بحقائقها اليوم علماء الكون في شتى التخصصات، لصاحب الفضيلة العلامة الشيخ عبدالمجيد الزنداني.
              مقدمة
              الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد:فهذه محاورة علمية مع أربعة عشر من رواد العلوم المعاصرة في شتى الآفاق جمعت في شريط (إنه الحق) نقدمها للقراء في هذا الكتاب وهو يضم أربع عشرة مقابلة مع علماء كونيين في مختلف التخصصات، كان الغرض من هذه المقابلات معرفة الحقائق العلمية التي أشارت إليها بعض الآيات القرآنية، مع بيان أن دين الإسلام حث على العلم والمعرفة، وأنه لا يمكن أن يقع صدام بين الوحي وحقائق العلم التجريبي. وهؤلاء العلماء الذين أجريت معهم تلك المقابلات غير مسلمين، ولكنهم كانوا يقررون حقائق عليمة توصلوا إليها بعد البحث والدراسة، وحينما يخبرون بأن ما توصلوا إليه قد أشار إليه القرآن الكريم إما تصريحًا وإما تلميحًا منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام، فإنهم يصابون بالدهشة والاستغراب وتختلف تعبيراتهم في ذلك، إلا أنهم يكادون يجمعون على أن هذا القرآن لا يمكن أن يكون من البشر. بل إن منهم من أعلن صراحة بأن محمدًا  رسول الله، ومنهم من شهد شهادة الحق فنطق بالشهادتين وأقر لله عز وجل بالوحدانية ولنبيه  بالرسالة، وإذا كان هؤلاء قادة العلوم يقولون هذا فإنهم يقيمون الحجة بذلك على من هم في منزلتهم العلمية فضلًا عمن دونهم من أبناء قومهم، إنهم يفتحون لهم الأبواب الموصدة، ويمهدون لهم الطريق الموصل إلى الإيمان بالله رب العالمين، فما حجة المعرضين عن الإيمان بعد قيام الحجة، ووضوح المحجة، وشهادة العلماء على ذلك. وصدق قول الله تعالى في أمثال هؤلاء: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَكَفَرْتُم بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ الأحقاف: 10
              وأصل هذه المحاورات والمقابلات مع أولئك العلماء مسجل بالصوت والصورة. وهي أقوى تأثيرًا وأوضح بيانًا بالنسبة للمشاهد، إلا أن كثيرًا من الناس لا تتوفر لهم الأجهزة التي يشاهدون عليها اعترافات العلماء وشهاداتهم بصدق الرسول  ورغبة منا في تعميم الفائدة ونشرها، واستجابة لكثير من الطلبات والرغبات فقد عزمنا على طباعة تلك الحلقات وإخراجها في كتيب يسهل تداوله والاطلاع عليه، مع المحافظة على النص ومراعاة الدقة في النقل، آملين أن ينفع الله بهذا الجهد وأن يجعله سببًا موصلًا إلى طريقة القويم وصراطه المستقيم، وما نريد إلا الإصلاح ما استطعنا وما توفيقنا إلا بالله عليه توكلنا وإليه أنبنا وإليه المصير والحمد لله رب العالمين.
              [يجب الأخذ فى الاعتبار أننى قمت بإعادة التنسيق لبعض الفقرات، ووضعت الآيات مشكلة، وتصحيح بضعة كلمات]
              الحلقة الأولى: أطوار خلق الإنسان (أ)
              لقد أرسل الله محمدًا  رسولًا للعالمين.قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ (الأنبياء: 107)، فهو رسول إلى البدوي في الصحراء، ورسول إلى العالم وراء مختبراته في عصرنا، ورسول إلى كل العصور.
              فالرسل قبل محمد  كان كل رسول منهم يرسل إلى قومه خاصة ﴿وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾ (الرعد: 7)، أما رسالة محمد  فهي للناس جميعًا. ولذلك جعل الله بينة محمد  مختلفة عن بينات الرسل قبله. فبينات الرسل قبل محمد  يراها المعاصرون لهم ومن جاء بعدهم من أجيال متقاربة، ثم يبعث الله رسولًا جديدًا فيجدد الدين ويجدد المعجزة، لكن محمدًا  هو الرسول الخاتم إلى يوم القيامة جعل الله معجزته باقية. فلو طلبنا من يهودي أو نصراني أن يرينا معجزة موسى أو عيسى عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام لقال كل من اليهودي والنصراني لا أملك ذلك. لا أستطيع أن أحضر عصا موسى، ولا أستطيع أن أحضر عيسى ليحيي الموتى بإذن الله أمامكم هذا الأمر ليس لنا فيه إلا الخبر التاريخي. لكن المسلم لو سئل عن أكبر معجزة لمحمد  لأجاب: إنها معجزة القرآن الكريم لأنها معجزة باقية بين أيدينا ويمكن للناس أن يتفحصوا ما فيها كما قال تعالى: ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ ...﴾ (الأنعام: 19) وطبيعة المعجزة في هذا الكتاب هي العلم الذي فيه كما قال تعالى: ﴿لَّـكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ﴾ (النساء: 166)
              ويُمَكِّن لأهل عصرنا للباحثين للأساتذة في الجامعات لقادة الفكر الإنساني أن يفصحوا العلم الذي في كتاب الله سبحانه وتعالى. إنهم في عصرنا قد تفرقوا في الكشوف الكونية. ولقد تكلم القرآن عن الكون وعن النفس الإنسانية فماذا كانت النتيجة؟
              هذا هو البروفيسور "كيث ل. مور"أحد كبار العلماء في العالم في مجال (التشريح وعلم الأجنة). طلب منه أن يكون مستشارًا علميًا لإبداء رأيه من الجانب العلمي حول بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية المتعلقة بمجال تخصصه.هذا الأستاذ مؤلف لكتاب (The Developing Human) (أطوار خلق الإنسان) وهذا الكتاب مترجم بثمان لغات:الروسية، واليابانية، والألمانية، والصينية،والإيطالية، والبرتغالية، والإنجليزية، واليوغوسلافية.وعندما طلبنا منه أن يبدي رأيه فيما سمع من آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية اندهش وأعلن دهشته هذه، كيف يكون لمحمد  قبل 1400 عام أن يصف الجنين وأطواره هذا الوصف الدقيق الذي لم يتمكن العلماء من معرفته إلا منذ ثلاثين عامًا؟ وسرعان ما تحولت دهشته إلى إعجاب بهذا البيان وهذا الهدي فتبنى هذه الآراء في المجامع العلمية وقدم محاضرة بعنوان "مطابقة علم الأجنة لما في القرآن والسنة."
              وقد قدمه الدكتور عبدالله نصيف مدير جامعة الملك عبدالعزيز سابقًا والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي حاليًا لإلقاء محاضرته بقوله: محاضرنا اليوم هو الأستاذ كيث مور أستاذ علم التشريح والأجنة في جامعة تورنتو بكندا وقد تدرج فيها حتى وصل إلى هذه المرتبة في جامعات عديدة منها جامعة توينابك في الغرب الكندي حيث كان هناك لمدة 11 سنة ورأس العديد من الجمعيات الدولية. منها على سبيل المثال جمعية علماء التشريح والأجنة في كندا وأمريكا، ومجلس اتحاد العلوم الحيوية الأخرى. كما انتخب عضوًا بالجمعية الطبية الملكية بكندا، والأكاديمية الدولية لعلوم الخلايا، والاتحاد الأمريكي لأطباء التشريح، وعضوًا في إتحاد الأمريكتين في التشريح أيضًا، وقد ألف العديد من الكتب، بعض هذه الكتب في مجال التشريح الأكلينكي وعلم الأجنة، وله ثمانية كتب تعتبر مرجعًا لطلاب كليات الطب، وقد ترجمت إلى ست لغات: الإيطالية، والألمانية، والبرتغالية، والإسبانية، واليونانية، والصينية.
              وتحدث الدكتور مور فقال: لقد أسعدني جدًا أن أشارك في توضيح هذه الآيات والأحاديث التي تتحدث عن الخلق في القرآن الكريم والحديث الشريف، ويتضح لي أن هذه الأدلة حتمًا جاءت لمحمد من عند الله لأن كل هذه المعلومات لم تكتشف إلا حديثًا وبعد قرون عدة وهذا يثبت لي أن محمدًا رسول الله.
              وقد عقب الشيخ الزنداني بقوله: تأمل ما قاله هذا الأستاذ الكبير من مشاهير علماء العالم في الأجنة عندما درس الآيات المتعلقة بمجال اختصاصه في هذا الكتاب تأمل ماذا قال: إنه لا بد أن يكون محمد رسولًا من عند الله. وعندما شاهد البروفيسور كيث مور العلقة التي توجد في البرك وقارن بينها وبين الجنين في مرحلة العلقة وجد تشابها كبيرًا بين الاثنين ثم قال بعد ذلك: إن الجنين في مرحلة العلقة يشبه هذه العلقة تمامًا. وتبنى هذه القضية وجاء بعد ذلك بصورة لهذه العلقة التي تعيش في البرك ووضعها بجوار صورة أخرى للجنين وجمع بينهما في شكل توضيحي وعرضه على الأطباء في عدد من المؤتمرات. وبين البروفيسور كيث مور أيضًا أن الجنين في مرحلة العلقة يكون معلقًا في رحم أمه.
              وكذلك فإن العلقة في لغة العرب تعني الدم المتجمد. وقد ذكر البروفيسور كيث مور أن الجنين في مرحلة العلقة تكون الدماء فيه محبوسة في العروق الدموية قبل أن تتم الدورة بين الجنين وبين المشيمة فيظهر شكل الجنين كشكل الدم المتجمد. وهكذا تشمل كلمة (العلقة) جميع أوصاف الجنين فمن أخبر محمدًا  بهذا؟
              ثم تحدث البروفيسور كيث مور عن المضغة. وجاء بقطعة من الطين الصلصال ومضغها بفمه ثم جاء بصورة من جنين وقارن بين الاثنين وقال: إن الجنين يشبه المضغة. ولقد نشرت بعض الصحف الكندية كثيرًا من تصريحات البروفيسور كيث مور. وأخيرًا قدم كيث مور ثلاث حلقات في التلفزيون الكندي عن التوافق بين ما ذكره القرآن قبل 1400 عام وما كشف عنه العلم في هذا الزمان.
              وعلى أثر ذلك وجه له هذا السؤال: يا أستاذ مور معنى ذلك أنك تؤمن بأن القرآن كلام الله؟ فأجاب: لم أجد صعوبة في قبول هذا. فقيل له: كيف تؤمن بمحمد وأنت تؤمن بالمسيح؟ فأجاب: أعتقد أنهما من مدرسة واحدة. وهكذا يمكن لعلماء العالم في عصرنا أن يعلموا أن هذا الكتاب قد نزل بعلم الله، كما قال تعالى ﴿لَّـكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ﴾ (النساء: 166). فيعلمون إذًا أن محمدًا رسول الله .
              ﴿وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ (سبأ: 6).
              الحلقة الثانية
              أطوار خلق الإنسان (ب) (يجد القارىء الصور موضحة فى الموقع على النت)
              الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه وبعد: فهذا كتاب (The Developing Human) (أطوار خلق الإنسان) وهو مرجع علمي عالمي مترجم بثمان لغات مؤلفه هو البروفيسور كيث مور، عندما كونت لجنة فى

              تعليق


              • #97
                الملف 72
                أمريكا لاختيار أحسن كتاب في العالم ألفه مؤلف واحد كان هذا الكتاب هو الفائز عند تلك اللجنة. صاحب هذا الكتاب التقينا به وعرضنا عليه كثيرًا من الآيات والأحاديث المتعلقة بمجال تخصصه في علم الأجنة فاقتنع بما عرضنا عليه وقلنا له: إنك ذكرت في كتابك القرون الوسطى وقلت إن هذه القرون لم يكن فيها تقدم لعلم الأجنة بل لم يعلم فيها إلا الشيء القليل وفي هذه العصور عندكم كان القرآن ينزل عندنا وكان محمد  يعلم الناس الهدي الذي جاء من عند الله سبحانه وتعالى وفيه الوصف الدقيق لخلق الإنسان ولأطوار خلق الإنسان. وأنت رجل عالمي فلماذا لم تنصف وتضع في كتابك هذه الحقائق؟ فقال: الحجة عندكم وليست عندي قدموها لنا ففعلنا فكان هو كذلك عالمًا شجاعًا. فوضع إضافة في الطبعة الثالثة وهي الآن منتشرة في العالم بثمان لغات يقرؤها أكابر العلماء في العالم الذين ينطقون باللغة الإنجليزية والروسية والصينية واليابانية والألمانية والإيطالية واليوغوسلافية والبرتغالية. أكابر العلماء في العالم الناطقون بهذه اللغات يقرؤون ما أضافه البروفيسور كيث مور في هذا الباب.
                يقول البروفيسور كيث مور في كتابه تحت عنوان: العصور الوسطى: كان تقدم العلوم في العصور الوسطى بطيئًا ولم نعلم عن علم الأجنة إلا الشيء القليل وفي القرآن الكريم الكتاب المقدس لدى المسلمين ورد أن الإنسان يخلق من مزيج من الإفرازات من الذكر والأنثى وقد وردت عدة إشارات بأن الإنسان يخلق من نطفة من المني، وبيَّنَ أيضًا أن النطفة الناتجة تستقر في المرأة كبذرة بعد ستة أيام، والمعروف أن البيضة الملقحة - بعد أن تكون قد بدأت في الانقسام - تبدأ في النمو بعد ستة أيام من الإخصاب، ويقول القرآن الكريم أيضًا: إن النطفة (المني) تتطور لتصبح قطعة من دم جامد (علقة) وأن البُويضة الملقحة بعد أن تكون قد بدأت في الانقسام، أو أن البُويضة الملقحة التي بدأت بالإنقسام أو الحمل المجهض تلقائيًا يمكن أن تشبه العلقة، ويمكن رؤية مظهر الجنين في تلك المرحلة يشبه العلقة كما هو موضح (الشكل): فإن الرسم لا يختلف عن شكل العلقة أو ماص الدماء. ويكون مظهر الجنين في هذه المرحلة يشبه شيئًا ممضوغًا كاللبان أو الخشب ويظهر في (الشكل): وكأن فيها آثار الأسنان التي مضغتها، ولقد اعتبر الجنين في الشكل الإنساني بعد مضي أربعين أو اثنين وأربعين يومًا ولا يشبه بعدها جنين الحيوان. لأن الجنين البشري يبدأ باكتساب مميزات الإنسان في هذه المرحلة، كما هو مبين في (الشكل): قال تعالى: ﴿... يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ...﴾ الزمر: 6.
                إن الجنين يتطور داخل ثلاثة حجب مظلمة. وهذا قد يشير إلى:
                1- جدار البطن الخارجي للمرأة.
                2- جدار الرحم.
                3- الغشاء الداخلي الذي يحيط بالجنين مباشرة، ولا يتسع المجال لمناقشة موضوعات هامة أخرى مشوقة وردت في القرآن الكريم وتتعلق بتطور الإنسان في مرحلة ما قبل ولادته. هذا الذي كتبه د. كيث مور وأصبح منتشرًا في العالم اليوم ولله الحمد هذا ما أملاه عليه البحث العلمي. لقد اقتنع الأستاذ كيث مور أيضًا بأن التقسيم الذي تقسم إليه أطوار الجنين في بطن أمه الآن في العالم كله تقسيم صعب غير مفهوم ولا ينفع في فهم مراحل تطور الجنين، ذلك لأنه يقسم المراحل تقسيمًا رقميًا أي المرحلة 1،2،3،4، أو المرحلة رقم 5 وهكذا. والتقسيم الذي جاء بالقرآن لا يعتمد على الأرقام بل يعتمد على الأشكال المتميزة الجلية فكانت التقسيمات في كتاب الله (نطفة-علقة-مضغة-عظام-كساء العظام باللحم-النشأة خلقًا آخر) وهناك تفاصيل متفاوتة في كل منها. وعن هذه التقسيمات القرآنية التي تعتمد على الشكل المحدد المتميز عن الشكل الآخر قال البروفيسور كيث مور: هي تقسيمات علمية دقيقة، وتقسيمات سهلة ومفهومة ونافعة، ووقف في أحد المؤتمرات يعلن هذا فقال: الدكتور كيث مور: "يحمي الجنين في رحم الأم ثلاثة أحجبه أو طبقات موضحة في الشريحة التالية:
                أ- الجدار البطني.
                ب- الجدار الرحمي.
                ج- الغشاء.
                لأن مراحل تطور الجنين البشري معقدة وذلك بسبب التغيرات المستمرة التي تطرأ عليه فإنه يصبح بالإمكان تبني نظام جديد في التصنيف باستخدام الاصطلاحات والمفاهيم التي ورد ذكرها في القرآن والسنة، ويتميز النظام الجديد بالبساطة والشمولية إضافة إلى انسجام مع علم الأجنة الحالي. لقد كشفت الدراسات المكثفة للقرآن والحديث خلال السنوات الأربعة الأخيرة جهاز تصنيف الأجنة البشرية الذي يعتبر مدهشًا حيث إنه سجل في القرن السابع بعد الميلاد فيما يتعلق بما هو معلوم من تاريخ علم الأجنة لم يكن يعرف شيء عن تطور وتصنيف الأجنة البشرية حتى حلول القرن العشرين؛ ولهذا السبب فإن أوصاف الأجنة البشرية في القرآن الكريم لا يمكن بناؤها على المعرفة العلمية للقرن السابع. الاستنتاج الوحيد المعقول هو أن هذه الأوصاف قد أوحيت إلى محمد  من الله. إذ ما كان له أن يعرف مثل هذه التفاصيل لأنه كان أميًا ولهذا لم يكن قد نال تدريبًا علميًا.
                الشيخ الزنداني: وقلنا للدكتور مور: إن هذا الذي قلته صحيح ولكنه أقل مما عرض عليك من حقائق الكتاب والسنة في مجال علم الأجنة فلم لا تكون منصفًا وتفسح المجال لبيان جميع الآيات والأحاديث التي وردت في القرآن المتعلقة بمجال اختصاصك.
                قال: لقد كتبت القدر المناسب في المكان المناسب في كتاب علمي متخصص ولكني أسمح لك أن تضيف إلى كتابي إضافات إسلامية تجمع فيها جميع الآيات والأحاديث التي تحدثنا عنها وناقشناها وتضعها في مواضعها المناسبة من كتابي هذا وبعد ذلك تقدم وتبين أوجه الإعجاز في هذا الكتاب ففعلت ذلك. ثم بعد ذلك وضع الدكتور كيث مور مقدمة هذه الإضافات الإسلامية فكان هذا الكتاب هو الذي اقترحه البروفيسور كيث مور مع الإضافات الإسلامية كما يراه القارئ بين يديه. لقد رجعنا إلى كل صفحة من الصفحات التي فيها حقائق من علم الأجنة فوضعنا في مقابلها الآيات والأحاديث النبوية التي تبين وجه الإعجاز.
                إننا اليوم بإذن الله تعالى على موعد مع الإسلام في فتح جديد للعقول البشرية المنصفة. ﴿وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْـزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ سبأ: 6
                الحلقة الثالثة
                عن الإحساس ومراكزه في الجلد والأعصاب والتصوير القرآني أقر الدكتور تاجات تاجاسون في هذه الحلقة بأنه: (لا إله إلا لله محمد رسول الله)
                وعقب الشيخ الزنداني بقوله: إنه يعلن الشهادتين، كان هذا في المؤتمر الطبي السعودي الثامن بالرياض، إنه البروفيسور تاجات تاجاسون رئيس قسم التشريح والأجنة في جامعة شاينج ماي، بتايلاند، والآن عميد كلية الطب بها.
                بدأت صلتنا بالبروفيسور تاجات تاجاسون عندما عرضنا عليه بعض الآيات والأحاديث النبوية المتعلقة بمجال تخصصه في مجال علم التشريح وعندما أجاب عليها قال لنا: ونحن كذلك يوجد لدينا في كتبنا المقدسة البوذية أوصاف دقيقة لأطوار الجنين
                فقلنا له: نحن بشوق لكي نعرف هذه الأوصاف ونريد أن نطلع على ما كتب في هذه الكتب. وعندما جاء ممتحنًا خارجيًا لطلاب الطب في جامعة الملك عبدالعزيز بعد عام سألناه فاعتذر لنا وقال: كنت قد أجبتكم دون أن أتثبت لهذا الأمر ولما بحثت عنه وجدت أنه لا توجد النصوص التي ذكرتها لكم. عندئذٍ قدمنا له محاضرة مكتوبة للدكتور كيث مور وكان عنوان المحاضرة "مطابقة علم الأجنة لما في القرآن والسنة" وسألناه عن الأستاذ كيث مور هل تعرفه؟ قال: إنه رجل من كبار علماء العالم المشهورين في هذا المجال. وبعد أن اطلع على هذه المحاضرة اندهش أيضًا. وسألناه عددًا من الأسئلة في مجال تخصصه، كان منها ما يتعلق بالجلد فأجابنا الدكتور تاجات تاجاسون قائلًا: نعم، إذا كان الحرق عميقًا دمر عضو الإحساس بالألم.
                المترجم المناقش: سيهمك أن تعرف أنه في هذا الكتاب المقدس القرآن الكريم إشارة منذ ألف وأربعمائة سنة إلى يوم عقاب الكافرين بعذاب النار في جهنم ويذكر القرآن أنه عندما ينضج الجلد يخلق الله لهم جلودًا أخرى حتى يذوقوا العقاب بالنار مما يشير إلى حقيقة أطراف الأعصاب في الجلد ونص الآية هو: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾ النساء: 56. هل توافق على أن هذه إشارة إلى أهمية أطراف الأعصاب في الجلد بالنسبة إلى الإحساس منذ 1400سنة؟
                الدكتور تاجاتات تاجاسون: نعم، أوافق أن هذه معرفة إذا الإحساس عرفت منذ زمن طويل قبل ذلك لأنه مذكور أنه إذا ارتكب أحد خطيئة وعوقب بحرق جلده يخلق الله جلدًا جديدًا ويغطيه لجعله يذوق الألم مرة أخرى هذا يعني أنه كان معروفًا منذ 1400سنة أن مستقبل الإحساس بالألم لا بد وأن يكون في الجلد ولذلك فلا بد أن يخلق لهم جلدًا جديدًا.
                الشيخ الزنداني: إن الجلد هو مركز الإحساس بالحريق إذا حرق الجلد بالنار فإذا نضب فقد الإحساس، لذلك يعاقب الله الكفار يوم القامة بإعادة الجلد مرة بعد مرة كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ …﴾ وهكذا ذكرنا له عددًا من الآيات والأحاديث وسألناه بعد ذلك هل يمكن أن تكون هذه الآيات قد جاءت إلى محمد  من مصدر بشري؟
                فأجاب: لا يمكن أن يكون ذلك.
                قلنا: فمن أين جاءت؟
                قال: لا يمكن أن تكون مصدرًا بشريًا ولكن أسألكم أنتم من أين تلقى محمد هذه العلوم؟
                قلنا له: من عند الله سبحانه وتعالى.
                فقال لنا: ومن هو الله؟
                قلنا له: إنه الخالق لهذا الوجود. إذا رأيت الحكمة، فالحكمة تدل على الحكيم، وإذا رأيت العلم في هذا الوجود دلك على أنه من صنع العليم، وإذا رأيت الخبرة في تكوين هذه المخلوقات دلتك على أنها من صنع الخبير. وإذا رأيت الرحمة شهدت لك على أنها من صنع الرحيم وهكذا إذا رأيت النظام الواحد في هذا الوجود والترابط المحكم دلك ذلك على أنه من صنع الخالق الواحد سبحانه وتعالى.
                فأقر بما قلنا، ثم عاد إلى بلاده وألقى عددًا من المحاضرات عن هذه الظاهرة التي رآها واطلع عليها وبلغنا أنه أسلم بعد محاضرته خمسة من طلابه. ثم جاء موعد المؤتمر الطبي السعودي الثامن واستمع في الصالة الكبرى التي خصصت للإعجاز الطبي في القرآن والسنة طوال أربعة أيام لعدد من الأساتذة من المسلمين وغير المسلمين يتحدثون عن هذه الظاهرة (الإعجاز العلمي في القرآن والسنة). وفي ختام هذه الجلسة وقف البروفيسور تاجاتات تاجسون يقول هذه الكلمات.
                البروفيسور تاجاتات تاجاسون: (في السنوات الثلاث الأخيرة أصبحت مهتمًا بترجمة معاني القرآن الكريم الذي أعطاه لي الشيخ عبدالمجيد الزنداني في العام الماضي، ومحاضرات البروفيسور كيث مور التي طلب مني الشيخ الزنداني أن أترجمها إلى اللغة التايلاندية وأن ألقي فيها بعض المحاضرات للمسلمين الذي أعطيته في دراساتي، فإنني أؤمن أن كل شيء ذكر في القرآن منذ 1400 سنة لا بد أن يكون صحيحًا، ويمكن إثباته بالوسائل العلمية، وحيث إن النبي  لم يكن يستطيع القراءة والكتابة فلا بد أن محمدًا  رسول جاء بهذه الحقيقة، لقد بعث إله هذا عن طريق وحي من خالق عليم بكل شيء، هذا الخالق لا بد أن يكون هو الله، ولذلك فإنني أعتقد أنه حان الوقت لأن أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله. أخيرًا يجب أن أشكركم على جهدكم لإعداد هذا النقاش والذي كان على درجة عالية من النجاح. إن الفقرات التي أعدت (لهذا المؤتمر) بمثل هذا الحجم لا بد وأنها كانت صعبة جدًا. لقد اهتممت كثيرًا ليس بالجانب العملي فقط ولكن بالأمانة العظيمة التي أصبحت لي لزيارة العلماء وتكوين صداقات جديدة. إن أثمن شيء اكتسبته باعتناق هذه العقيدة هو (لا إله إلا الله محمد رسول الله) فأصبحت مسلمًا).
                الشيخ الزنداني: وصدق الله القائل: ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا﴾ النمل: 93
                ﴿وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْـزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ سبأ: 6
                الحلقة الرابعة
                عن تصريحات البروفيسور كرونر بشأن الأخبار القرآنية عن الجيولوجيا وتكون الأجرام:
                البروفيسور ألفريد كرونر: إن كثيرًا من القضايا المعروضة في ذلك الوقت لم يكن من الممكن إثباتها ولكن الوسائل العلمية الحديثة الآن في وضع تستطيع فيه أن تثبت ما قاله محمد  منذ 1400 سنة.
                الشيخ عبدالمجيد الزنداني: هذا هو البروفيسور ألفريد كرونر من أشهر علماء العالم في الجيولوجيا، اشتهر بين العلماء بنقده لنظريات أكابر علماء العالم في علم الجيولوجيا. التقينا به وعرضنا عليه عددًا من الآيات وأحاديث رسول الله  فأجاب عليها وناقشناه فيها.
                فقال البروفيسور كرونر: إن التفكير في كثير من مسائل الجيولوجيا ونشأة الأجرام من أين جاء بها محمد  فقد كان بدويًا على أية حال يجعلنا نعتقد أنه من المستحيل أن يكون قد عرفها بنفسه أو بمعارف عصره لأن العلماء اكتشفوا ذلك فقط خلال السنوات القليلة الماضية بوسائل معقدة جدًا ومتقدمة جدًا تكنولوجيًا.
                الشيخ عبدالمجيد الزنداني: ولقد اختار مثلًا للتدليل على أن هذا القرآن لا يمكن أن يكون قد جاء من عند محمد النبي الأمي. كان المثل الذي اختاره البروفيسور ألفريد هو المتعلق بوصف القرآن للبداية الواحدة لهذا الكون والمتعلقة بقول الله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ﴾ الأنبياء: 30. ﴿كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا﴾ كما قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما رضي الله عنهما كانتا ملتزقتين أو ملتصقتين ففصلتا.
                ضرب البروفيسور كرونر مثلًا بهذه الآية لبيان أن هذا لا يمكن أن يكون من عند محمد ولا يمكن أن يكون من المعلومات البشرية في عصره.
                البروفيسور كرونر: وشخص لا يعرف عن الفيزياء النووية منذ 1400 سنة ما كان له في رأيي أن يكون في وضع يكشف فيه بعقله هو مثلًا أن الأرض والسماوات كانت لهما نفس الأصول أو كثيرًا من المسائل الأخرى التي ناقشناها هنا.
                الشيخ عبدالمجيد الزنداني: لقد كان البروفيسور كرونر لا يترك لنا فرصة يمكنه أن يفر منها إلا فر سأذكر مثالًا على ذلك ونحن نتناقش معه كيف كانت بلاد العرب لقد سألناه: هل كانت بلاد العرب بساتين وأنهارًا؟ فأجاب: نعم، فقلنا: متى كان هذا؟ قال: في العصر الجليدي الذي مر بالأرض إن الجليد يتراكم في القطب المتجمد الشمالي ثم يزحف نحو الجنوب فإذا اقترب من جزيرة العرب قربًا نسبيًا طبعًا تغير الطقس وتكون بلاد العرب من أكثر بلاد العالم بساتين وأنهارًا، قلنا له: وهل ستعود بلاد العرب بساتين وأنهارًا؟ قال: نعم، هذه حقيقة علمية. فعجبنا كيف يقول هذه حقيقة علمية وهي مسألة تتعلق بالمستقبل.
                فسألناه: لماذا؟ قال: لأن العصر الجليدي قد بدأ، فهذه الثلوج تزحف من القطب المتجمد الشمالي مرة ثانية نحو الجنوب وهي في طريقها لتقترب من المناطق القريبة من بلاد العرب. ثم قال: إن من أدلتنا على ذلك ما تسمعون عنه من العواصف الثلجية التي تضرب في كل شتاء المدن الشمالية في أوروبا وأمريكا. هذه من أدلة العلماء على ذلك، لهم أدلة كثيرة إنها حقيقة علمية.
                فقلنا له: إن هذا الذي تذكره أنت لم يصل إليه العلماء إلا بعد حشد طويل من الإكتشافات وبعد آلات دقيقة يسرت لهم مثل هذه الدراسات لكنا قد وجدنا هذا مذكورًا على لسان محمد النبي الأمي قبل 1400 عام. قال  في الحديث الذي رواه مسلم: (في الزكاة باب18 حديث60): (لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجًا وأنهارًا) أي بساتين وأنهارًا فقلنا له: من قال لمحمد  أن بلاد العرب كانت بساتين وأنهارًا؟ فأجاب على الفور قال: الرومان. فتذكرت قدرته على التخلص من المآزق فقلنا: إذًا نوجه له سؤالًا آخر فقلنا له: ومن أخبره بأنها ستعود مروجًا وأنهارًا؟ لقد كان يفر إذا أحرج وإذا وجد فرصة، ولكنه إذا وجد الحقيقة يكون شجاعًا ويعلن رأيه بصراحة، قال: إن هذا لا يمكن أن يكون إلا بوحي من أعلى. وبعد مناقشتنا معه علق على هذه المناقشة بكلمته هذه:
                البروفيسور كرونر: أعتقد أنك لو جمعت كل هذه الأشياء وجمعت كل هذه القضايا التي بسطت في القرآن الكريم والتي تتعلق بالأرض وتكوين الأرض والعلم عامة، يمكنك جوهريًا أن تقول: إن القضايا المعروضة هناك صحيحة بطرق عديدة، ويمكن الآن تأكيدها بوسائل علمية، ويمكن إلى حد ما أن نقول: إن القرآن هو كتاب العلم المبسط للرجل البسيط وإن كثيرًا من القضايا المعروضة فيه في ذلك الوقت لم يكن من الممكن إثباتها. ولكنك بالوسائل العلمية الحديثة الآن في وضع تستطيع فيه أن تثبت ما قاله محمد  منذ 1400 سنة.
                الشيخ الزنداني: وصدق الله القائل في كتابه: ﴿إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ * وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ﴾ ص: 87-88
                ﴿وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْـزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ سبأ: 6
                الحلقة الخامسة
                التوصيف الظاهري والداخلي لأطوار التخلق الإنساني في القرآن الكريم:
                الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
                فهذا هو البروفيسور مارشال جونسون رئيس قسم التشريح ومدير معهد دانيال بجامعة توماس جيفرسون بفلادلفيا بالولايات المتحدة الأمريكية. لقد التقينا به في المؤتمر الطبي السعودي الثامن وقد خصصت لنا لجنة تبحث في موضوع الإعجاز العلمي في القرآن والسنة فالتقينا به أول ما التقينا في هذه اللجنة.
                بدأ بالسؤال فقال: ما هو موضوع لجنتنا هذه؟
                فقلنا له: موضوعنا هو دراسة العلاقة بين ما ذكر في القرآن والسنة قبل 1400 عام وما ذكرته العلوم الحديثة
                فقال: مثل ماذا؟
                قلنا: مثلًا ذكر العلم أن الإنسان يخلق في أطوار وذكر القرآن الكريم هذه الأطوار قبل 1400عام. كان جالسًا فوقف يصيح لا. لا. لا. اجلس يا دكتور.
                قال: أجلس ما هذا الكلام الذي تقوله؟ كنا ندرك أثر هذا عليه وهو أحد العلماء المشهورين في أمريكا يعلم أن البشرية بعد اكتشاف الميكروسكوب في القرن السادس عشر كان الأطباء طوال القرن السابع عشر يعتقدون أن الإنسان يخلق خلقًا كاملًا في الحيوان المنوي أي في نطفة الرجل أي في السلالة التي تخرج من الرجل كما في (هذا الشكل): هذا الشكل رسمه الأطباء في ذلك العصر ليدللوا على أن الإنسان يخلق خلقًا كاملًا في هذا الحيوان المنوي، واستمر هذا الاعتقاد إلى القرن الثامن عشر. وبعد اكتشاف البُويضة في القرن 18 غير العلماء جميعًا آراءهم وقالوا: إن الإنسان يخلق خلقًا كاملًا في بُويضة المرأة لأنها أكبر، وأهمل دور الرجل بعد أن أهمل القرن السابع عشر دور المرأة، وفي منتصف القرن 19 فقط بدأ الإنسان، وبدأ العلماء يكتشفون أن الإنسان يخلق في أطوار. لذلك لما قيل للبروفيسور مارشال جونسون هذا مذكور في القرآن قبل 1400 عام وقف يصرخ لا لا لا فقمنا إليه وقدمنا له المصحف وقلنا له: تفضل اقرأ وقرأنا عليه قوله سبحانه: ﴿مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا﴾ نوح: 13-14
                وقرأ ترجمة معناها باللغة الإنجليزية. ثم قرأنا عليه قول الله سبحانه وتعالى: ﴿... يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ...﴾ الزمر: 6 فجلس، قال: لكن هذا يمكن أن يكون له ثلاثة تفسيرات، الأول: أن يكون صدفة.
                فجمعنا له أكثر من خمسة وعشرين نصًا ووضعناها بين يديه، وقلنا: كل هذه النصوص قد تكون صدفة؟ ثم إن القرآن الكريم قد أعطى لهذه الأطوار أسماء هذا نطفة والذي بعده علقة والذي بعده مضغة والذي بعده العظام والذي بعده كساء العظام باللحم. إنه سمى هذه الأطوار بأسماء أيكون هذا صدفة؟
                فقال: لا.
                قلنا: فماذا بقي؟
                قال: يمكن أن يقال: إن محمدًا عنده ميكروسكوبات ضخمة:
                قلنا: أنت تعلم أن مثل هذه الأطوار والدقائق والتفاصيل وما عرفه العلم من تفاصيل هذه الأطوار وذكره القرآن كذلك هذا لا يتيسر إلا بميكروسكوبات ضخمة جدًا والذي عنده هذه الميكروسكوبات الضخمة لا بد أن يكون له تقنية عالية جدًا وتنعكس على طعامه وشرابه وحربه وسلمه ولا بد أن يتلقى هذا من الجيل الذي قبله، ويسلمه للجيل الذي بعده.
                فضحك بعد ذلك وقال: لقد رأيت في معرض من المعارض أول ميكروسكوب اخترع في العالم. إنه لا يكبر أكثر من عشر مرات، ولا يستطيع أن يظهر الصورة واضحة. لا. لم يكن عند محمد أجهزة ولا مكروسكوبات فما بقي إلا أن نقول هو رسول من عند الله ثم بعد ذلك تبنى هذه الأبحاث المتعلقة بالإعجاز العلمي وركز في بعض أبحاثه على أطوار الجنين، فبينما كان الدكتور كيث مور وغيره من الدكاترة يتكلمون عن الشكل الظاهري أخذ يقدم بحثه هو عن وصف القرآن الدقيق لشكل الجنين الخارجي ولتركيبات الجنين الداخلية.
                البروفيسور مارشال جونسون: القرآن في الواقع شرح المراحل الخارجية ولكنه يؤكد أيضًا المراحل التي داخل الجنين أثناء خلقه وتطوره مؤكدًا على أحداث رئيسية تعرف عليها العلماء المعاصرون.
                الشيخ عبدالمجيد الزنداني: هذا الشكل الذي نراه للمضغة ضمن الأشياء التي قدمها واستدل بها. تعطينا الشكل الخارجي للجنين إنه يكون مقوسًا كما نرى ويكون في نهاية هذا القوس آثار وكأنها طبع الأسنان ليوحي بشكل المضغة ونرى انتفاخات وأخاديد ونرى سطحًا منفرجًا يعطي انطباع المضغة، هذه المضغة طولها 1 سم. لو أننا وضعنا قطاعًا منها جئنا نشرح الأجزاء الداخلية سنجد معظم الأجهزة قد تخلقت كما هو واضح في هذا الشكل، وسنرى في هذا الشكل الظاهر أمامنا الآن- أن جزءًا من الخلايا قد تخلق، وجزءًا آخر لم يتخلق بعد. إذا أردنا أن نصف هذه المضغة. هذا ما يقوله البروفيسور جونسون –ماذا نقول؟ هل نقول هي مخلقة؟ هذا ينطبق على الجزء الذي تخلق. نقول غير مخلقة؟ سيصدق هذا على الجزء الذي لم يخلق فقط. قال: فلا بد لنا أن نصف المضغة في تركيبها الداخلي بالوصف الذي وصفت به في القرآن فنقول كما قال القرآن: ﴿ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَة﴾ الحج: 5
                ثم جاء بملخص لبحثه هذا فقال: البروفيسور مارشال جونسون: إنني كعالم أستطيع فقط أن أتعامل مع أشياء أستطيع أن أراها بالتحديد أستطيع أن أفهم علم الأجنة وتطور علم الأحياء أستطيع أن أفهم الكلمات التي تترجم لي من القرآن كما ضربت لكم أمثلة من قبل. إذا افترضنا أنني نقلت نفسي لتلك الفترة عملًا بما تعلمته حتى اليوم وواصفًا الأشياء. لقد استطعت أن أصف الأشياء التي تترجم لي من القرآن كما ضربت لكم أمثلة من قبل. إذا افترضنا أنني نقلت نفسي لتلك الفترة عملًا بما تعلمته حتى اليوم وواصفًا الأشياء. لقد استطعت أن أصف الأشياء التي وصفت. إنني لا أرى شيئًا لا أرى سببًا لا أرى دليلًا على حقيقة تفند مفهوم هذا الفرد محمد  الذي لا بد وأنه يتلقى هذه المعلومات من مكان ما ولذلك إنني لا أرى شيئًا يتضارب مع مفهوم أن التدخل الإلهي كان مشمولًا فيما كان باستطاعته أن يبلغه.
                الشيخ الزنداني: هذا هو البروفيسور مارشال جونسون الذي بدأ رافضًا لما قلناه من أول وهلة وانتهى به الأمر متبنيًا لهذه الأبحاث في عديد من المؤتمرات. عندما سئل عن رأيه في تفسير هذه الظاهرة- ظاهرة ما كشفه العلم من تصديق لما جاء في القرآن والسنة- أجاب بقوله: نعم، إنه الوحي. نعم، لا طريق أمام البشرية إلا أن تقر كما يقر هؤلاء العلماء بأن الله قد أوحى إلى محمد  كتابًا أنزله بعلمه ووعد البشرية أثناء سيرها أن تكتشف طوال سيرها ما يدلها على أن هذا القرآن من عند الله كما قال تعالى: ﴿وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ﴾ ص: 88. وكما قال تعالى: ﴿لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ الأنعام: 67. وكما قال تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ فصلت: 53.
                ﴿وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْـزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ سبأ: 6
                الحلقة السادسة
                عن تطابق بعض الكشوف الكونية مع الأخبار القرآنية
                قال البروفيسور يوشيودي كوزان: (إنني متأثر جدًا باكتشاف الحقيقة في القرآن).
                الشيخ الزنداني: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
                إنه يتكلم بلغته الأصلية اللغة اليابانية إنه البروفيسور يوشيودي كوزان مدير مرصد طوكيو عرضنا عليه عددًا من الآيات المتعلقة بوصف بداية الخلق وبوصف السماء وبعلاقة الأرض بالسماء فلما قرأ معاني هذه الآيات وسألنا عن القرآن وعن زمن نزوله فأخبرناه أنه نزل منذ 1400 عام وسألناه نحن عن هذه الحقائق التي تعرضت لها هذه الآيات فأجاب وكان بعد كل إجابة يجيب بها نعرض عليه النص القرآني. ولقد عبر عن دهشته فقال: (إن هذا القرآن يصف الكون من أعلى نقطة في الوجود فكل شيء أمامه مكشوف إن الذي قال هذا القرآن، يرى كل شيء في هذا الكون، فليس هناك شيء قد خفي عليه) .
                سألناه عن الفترة الزمنية التي مرت بها السماء يوم أن كانت في صورة أخرى فأجاب: لقد تضافرت الأدلة وحشدت وأصبحت الآن شيئًا مرئيًا مشاهدًا نرى الآن نجومًا في السماء تتكون من هذا الدخان الذي هو أصل الكون كما نرى في (هذا الشكل): هذه الصورة حصل عليها العلماء أخيرًا بعد أن أطلقوا سفن الفضاء إنها تصور نجمًا من النجوم وهو يتكون من الدخان. انظروا إلى الأطراف الحمراء للدخان الذي في بداية الالتهاب والتجمع وإلى الوسط الذي اشتدت به المادة وتكدست فأصبح شيئًا مضيئًا وهكذا النجوم المضيئة كانت قبل ذلك دخانًا وكان الكون كله دخانًا. وعرضنا عليه الآية وهي قول الله جل وعلا: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾ فصلت: 11.
                إن بعض العلماء يتكلمون عن هذا الدخان فيقولون إنه ضباب فبين البروفيسور يوشيودي كوزان أن لفظ الضباب لا يتناسب مع وصف هذا الدخان، لأن الضباب يكون باردًا وأما هذا الدخان الكوني فإن فيه شيئًا من الحرارة. نعم، الدخان عبارة عن غازات تعلق فيها مواد صلبة. ويكون معتمًا وهذا وصف الدخان الذي بدأ منه الكون. قبل أن تتكون النجوم كان عبارة عن غازات تعلق فيها مواد صلبة وكان معتمًا. قال: وكذلك كان حارًا، فلا يصدق عليه وصف الضباب، بل إن أدق وصف هو أن نقول: هو دخان.
                وهكذا أخذ يفصل فيما عرض عليه من آيات وأخيرًا سألناه: ما رأيك في هذه الظاهرة التي رأيتها بنفسك، العلم يكشف بتقدمه أسرار الكون، فإذا بكثير من هذه الأسرار قد ذكرت في القرآن أو ذكرت في السنة هل تظن أن هذا القرآن جاء إلى محمد  من مصدر بشري؟ كما نرى هذه المحاورة معًا.
                البروفيسور يوشيودي كوزان: وقبلنا كان هؤلاء الفلكيون المعاصرون يدرسون تلك القطع الصغيرة في السماء. لقد ركزنا مجهودنا لفهم هذه الأجزاء الصغيرة لأننا نستطيع باستخدام التلسكوب أن نرى كل الأجزاء الرئيسية في السماء، ولذلك أعتقد أنه بقراءة القرآن وبإجابة الأسئلة أنني أستطيع أن أجد طريقًا في المستقبل للبحث في الكون.
                الشيخ عبدالمجيد الزنداني: قال كما رأينا لا. لا يمكن أن يكون من مصدر بشري. وقال: إننا نحن العلماء نركز على جزء صغير في دراستنا، أما من يقرأ القرآن فإنه يرى صورة واسعة لهذا الكون. قال: إنني عرفت منهجًا جديدًا في دراسة الكون لا بد أن ننظر إليه نظرة شاملة لا أن ننظر إليه من هذه النقطة الضيقة الجزئية المحدودة. قال: إنني سأنهج هذا المنهج وقد عرفت بعد أن قرأت القرآن وهذه الآيات المتعلقة بالكون عرفت مستقبلي، أي إنني سأخطط أبحاثي على هذه النظرة الشاملة التي استفدتها من كتاب الله. سبحانك يا رب سبحانك ها هم علماء الشرق وعلماء الغرب يحنون رؤوسهم إجلالًا لهذا الكتاب الكريم، هذه حجة محمد . هذه هي معجزته الباقية المتجددة، هذه هي المعجزة الحية التي تقنع المسلمين وغير المسلمين وتقنع الأجيال إلى يوم الدين.
                ﴿لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْـزَلَ إِلَيْكَ أَنْـزَلَهُ بِعِلْمِهِ …﴾ النساء: 166.
                ﴿وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا ...﴾ النمل: 93
                ﴿ وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْـزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ سبأ: 6
                الحلقة السابعة:
                الإسلام والعلم
                الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين… وبعد، فإن الفكر الغربي يعيش معركة قوية عارمة بين الدين والعلم فلا يمكن لمفكر غربي أن يتقبل أن يكون هناك لقاء بين الدين والعلم ذلك لأن سفر التكوين المقدس عند اليهود والنصارى يقول: إن الشجرة التي منع آدم من أكلها هي شجرة المعرفة. فإنه بعد أن أكل منها ازداد بصيرة، لذلك أخذت أوروبا تتحاور مدة قرنين من الزمان، هل تقبل هذه العلوم الكونية القادمة من بلاد المسلمين أم تردها على المسلمين لأن القسس حكموا على هذه العلوم والمعارف بأنها المعصية الأولى واستدلوا بأن هذا السفر يقول بأن آدم عندما أكل من هذه الشجرة ازداد بصيرة وغضب الله عليه وطرده من رحمته، لذلك رفضوا هذه العلوم جملة وتفصيلًا وصادروا هذا العلم من أساسه، فلما انتصر قادة العلم على رجال الكنيسة انتقموا بحركة في اتجاه معاكس فأرادوا أن يصادروا الدين من أساسه وفعلوا ذلك واعتسفوا أي شيء من أجل أن ينجحوا في معركتهم حتى نجحوا في حصر الكنيسة في أضيق دائرة لها.
                ولذلك عندما تتكلم مع غربي عن الدين والعلم يعجب يقول: ماذا تقول؟ إنهم لا يعرفون الإسلام، لا يعرفون أن الإسلام كرم العلم والعلماء وجعل العلماء هم الشهود على أن لا إله إلا الله بعد الملائكة كما جاء في قوله تعالى: ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ ...﴾ آل عمران: 18. وكما قال تعالى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ...﴾ محمد: 19. ويعلمون أن الصفة التي كرم الله آدم بها على الملائكة هي صفة العلم وأن القصة عندنا في القرآن تعاكس الذي جاء عندهم في كتبهم بعد أن حرفوا قول الله جل وعلا.
                إن العلم هو سبب تكريم آدم، لا سبب طرده. هذا ما يقرره القرآن ولذلك إذا حدثتهم عن الإسلام والعلم ظنوا أنك تحدثهم عن أمر مشابه لما في دينهم وعن موقف مشابه لدينهم وللعلم ولكنهم يفاجؤون بعد ذلك إذا وجدوا الحقائق جلية واضحة.
                من هؤلاء الذين فوجئوا بهذا: البروفيسور جولي سمسون وهو أستاذ أمراض النساء والولادة في جامعة نورث وستون في شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية. التقينا به وكان في شك أول الأمر –يريد أن يتأكد هل هذه نصوص القرآن؟ هل هذه نصوص السنة؟ فلما اطمأنت نفسه ورأى النصوص المتعلقة بالوراثة والتي تحدث في المراحل الأولى في الجنين عندما يكون نطفة، وعرف دقة الأوصاف وكيف أن القرآن يقرر أن الإنسان يخلق بعد أن تجمع النطفتان فيتقرر خلق الإنسان، وبعد ذلك يقرر البرنامج الوراثي في هذه الكروموزومات التي نشاهدها الآن.
                هذه الكروموزومات فيها تفاصيل الإنسان الذي يولد لون العينين، لون الجلد، لون الشعر، كثير من تفاصيل الإنسان مقررة هنا، فالإنسان في هذه الكروموزمات مقدر، وهذه الكروموزمات في مرحلة النطفة، إذًا فهذا الإنسان يقدر وهو في مرحلة النطفة.قال تعالى: ﴿قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ * مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ * مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ) عبس: 17-19. والجنين قبل أربعين يومًا –خلال الأربعين يومًا الأولى- تجمع جميع أجهزته، فتكون جميع الأجهزة قد ظهرت، وإن كانت تظهر تباعًا. بدأت الأجهزة تتخلق وتجمع، والجنين يكون منحنيًا على نفسه، والرسول  يقول: (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا) تعرض البروفيسور جولي سممسون لهذا الحديث والحديث الآخر: (إذا مر بالنطفة اثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكًا فصورها) وأخذ يقارن بين الحديثين والحد الفاصل بينهما وبعد أن رأى هذه الدقائق والتفاصيل وقف في أحد المؤتمرات يعلن رأيه حول هذا الموضوع فقال البروفيسور جولي سمسون: من هذين الحديثين يمكننا استخلاص جدول محدود حول التطور الرئيسي للجنين قبل أربعين يومًا. ومرة أخرى تكررت هذه النقطة من قبل.
                الشيخ الزنداني: إنه يقول: إن بإمكان الدين أن يقود العلم قيادة ناجحة انظروا هناك الدين ضد العلم، وهنا هذا البروفيسور الأمريكي يقول: يمكن للدين –أي الإسلام- أن يقود العلم قيادة ناجحة. نعم، أنت إذا دخلت مصنعًا من المصانع ولديك إرشادات في الكتالوج فإنك ستتعرف على المصنع بسهولة لأن معك إرشادات من الصانع أما الذي يدخل وهو لا يعلم لا يتعرف بسهولة. إلى علماء المسلمين نسوق هذه الكلمات للبروفيسور جولي سمسون.
                البروفيسور جولي سمسون: وعليه أعتقد أنه لا يوجد خلاف بين المعرفة العلمية وبين الوحي بل إن الوحي ليدعم أساليب الكشف العلمية التقليدية المعروفة حينئذٍ. وجاء القرآن قبل عدة قرون مؤيدًا لما تطرقنا إليه مما يدل على أن القرآن هو كلام الله.
                الشيخ الزنداني: نعم، وأقول: يمكن للمسلمين أن يقودوا الحركة العلمية، وأن ينزلوا العلم منزلته الصحيحة، وأن يضعوه في موضعه دليلًا على الإيمان بالله سبحانه وتعالى ومصدقًا لرسول الله . وصدق الله القائل: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ فصلت: 53.
                ﴿وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْـزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ سبأ: 6
                الحلقة الثامنة
                الحقائق التي في البحار والمحيطات
                الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
                هذا هو البروفيسور هاي خرجنا معه في رحلة بحرية ليرينا بعض الظواهر البحرية المتعلقة بموضوع أبحاثنا معه عن الإعجاز العلمي في القرآن والسنة. فالبروفيسور هاي من أشهر علماء البحار في أمريكا، سألناه عن كثير من الظواهر البحرية التي تتعلق بسطح البحر، والتي تتعلق بالحد الفاصل بين البحر السطحي وبين البحر العميق، والتي قد تتعلق أيضًا بقاع البحار وجيولوجيا البحار. سألناه عن هذا كله، وسألناه عن الحواجز المائية بين البحار المختلفة، وعن الحواجز المائية بين مياه البحار والأنهار. سألناه عن هذا كله وكان يجيبنا بتفصيل، وعندما تعرضنا لشرح الحواجز بين البحار المالحة وضح لنا أن البحار المالحة ليست كما تشاهدها العين بحرًا واحدًا، إنها بحار مختلفة، تختلف في درجة الحرارة، والملوحة والكثافة. كما نرى في هذه الشريحة. حيث نرى فيها خطوطًا بيضاء تمثل الحواجز بين الكتل البحرية، وكل حاجز يفصل بين كتلتين بحريتين مختلفتين فيما بينهما، في الحرارة والملوحة والكثافة، والأحياء المائية وقابلية ذوبان الأوكسيجين.
                هذه الصورة أول ما عرفت في عام 1942 بهذا الشكل بعد أن أقام العلماء مئات المحطات المائية في البحار لدراسة خصائص البحار. وهي توضح حدًا فاصلًا بين البحر الأبيض المتوسط وبين المحيط الأطلنطي. في الوسط الذي في الصورة مثلث هو عتبة جبل طارق أسفل وهذه منطقة جبل طارق نرى فيها كيف يوجد الحد الفاصل، وهو مبين باللون بين الكتلتين المائيتين يفصل بينهما. هذا أمر لا تشاهده الأبصار ولكنه أصبح الآن حقيقة واضحة وبتطور الأقمار الصناعية ودراستها واستشعارها من بعد تمكنت هذه الأقمار الصناعية أن تصور هذه المناطق البحرية، الحدود البحرية بين الكتل المختلفة.
                كما نرى في هذا الشكل الذي التقط بالأقمار الصناعية بالخاصية الحرارية فظهرت البحار بألوان مختلفة، كما نرى بعضها بلون أزرق فاتح وبعضها بلون أزرق قاتم وبعضها بلون أسود وبعضها بلون يميل إلى الأخضر. هذه الألوان المختلفة السبب فيها اختلاف درجات الحرارة على سطح البحار، ولكنك لو وقفت على سطح البحر لا ترى. لا ترى إلا ماءً أزرق في كل هذه البحار والمحيطات. إنها حواجز لا ترى إلا بالدراسة وبالتقنية الحديثة.
                لقد كان المفسرون وهم يتعرضون لتفسير هذه الآية يقفون أمام منهجية أو رأيين متمايزين، جمهور المفسرين كانوا يقولون في تفسير قوله تعالى: ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ﴾ الرحمن: 19-20. كما رأينا هذه البرازخ الآن التي تفصل بين البحار، لكن كما قلت ظهر في كتب التفسير رأيان بارزان، رأي الجمهور في قوله تعالى: ﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ﴾ قالوا مرج معناها: خلط هكذا في اللغة "مرج البحرين يلتقيان" أي يلتقي بعضها مع بعض ويختلطان. "بينهما برزخ" أي حاجز "لا يبغيان" رأي: لا يطغى أحدهما على الآخر. الرأي الثاني قالوا: كيف يكون بينهما برزخ؟ وكيف يوصفان بأنهما لا يبغيان؟ وتقولون: إن مرج معناها خلط، كيف يختلطان وبينهما برزخ؟ قد نفى الله جل وعلا بغي أحدهما على الآخر، فقالوا: إذًا الاختلاط لا يتم، وبحثوا عن معنى آخر للفظ مرج الذي يدل على الخلط ولكن رد عليهم الجمهور بأن استدلالهم غير صحيح، فجاءت هذه العلوم وكشفت هذه الدقائق. نعم، البحار تختلط ببعضها مع بعض، كما رأينا، فمياه البحر الأبيض تدخل في مياه المحيط الأطلنطي، ومياه المحيط تدخل مياه البحر الأبيض، وبينهما برزخ مائي بدرجة مائلة. هذا البرزخ ينتقل فيه ماء كل من البحرين إلى البحر الآخر. ولكنه أثناء انتقاله يفقد خصائصه ويتجانس مع البحر الذي يدخل فيه، فإذا دخل ماء البحر الأبيض إلى ماء المحيط أخذ صفات المحيط، وإذا دخل ماء المحيط إلى ماء البحر الأبيض أخذ بالتدريج في هذا البرزخ صفات البحر الأبيض، فلا يبغي أحدهما على الآخر. فتأمل كيف تأتي الكشوف، ويتقدم علم الإنسان، وتتجلى آيات الإعجاز: تكلمنا مع البروفيسور هاي عن هذه الظواهر، وعن هذه الآية غيرها، ثم في النهاية وجه له السؤال. ما رأيك في هذه الظاهرة؟ نصوص نزلت قبل 1400 عام تصف دقائق لا يمكن لبشر أن يعرفها في ذلك الزمان، وجاء العلم اليوم شاهدًا بها مبينًا لدقائقها فما هو رأيك؟ فجرت معه هذه المحادثة.
                البروفيسور هاي: إنني أجد من المثير جدًا أن هذا النوع من المعلومات موجود في آيات القرآن الكريم، وليست لدي طريقة أعرف بها من أين جاءت، ولكنني أعتقد أنه من المثير للغاية أنها موجودة فيه، وأن العمل مستمر لكشف معاني بعض الفقرات.
                المترجم: إذن فقد أنكرت تمامًا أنها من مصدر بشري: ممن إذن يأتي في اعتقادك أصل أو مصدر هذه المعلومات؟
                البروفيسور هاي: أعتقد أنه ولا بد أن يكون من الله.
                الشيخ الزنداني: حقًا إنه العلم الإلهي الذي أيد الله به محمدًا  ولقد قال رسول الله : (ما من الأنبياء نبي إلا أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيًا أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة) إنه وحي فيه المعجزة، وفيه البينة للبشرية إلى قيام الساعة. (رواه البخاري في فضائل القرآن باب 1 حديث 4981 عن أبي هريرة)
                ﴿وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْـزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ سبأ: 6
                الحلقة التاسعة
                ظهور الأمراض والأوجاع بظهور الفاحشة
                البروفيسور برسود: إنني لا أجد صعوبة في أن أوفق في عقلي أن هذا الإلهام إلهي أو وحي قاده إلى عرض القضايا.
                الشيخ الزنداني: وهذا هو البروفيسور… برسود رئيس قسم التشريح بكلية الطب بمينوتوبا بكندا. عرضنا عليه الدكتور كيث مور وقال الدكتور مور: هناك علماء أحرار يهمهم البحث عن الحقيقة، وهذا أحدهم البروفيسور فان برسود مؤلف مشهور له عدد من الكتب ألفها في علم أمراض النساء، وأضاف أيضًا في هذه الكتب بعض ما جاء في القرآن والسنة، وأشار إلى هذه الآيات والأحاديث في كتبه وقدم عددًا من البحوث في عدد من المؤتمرات. وكان من ضمن أبحاثه ما قدمه حول حديث رسول الله  الذي رواه مسلم وهو قول رسول الله : (إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكًا فصورها، وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها، ثم قال: يا رب أذكر أم أنثى؟ فيقضي ربك ما شاء) (رواه مسلم في القدر باب 1 حديث 3 عن ابن مسعود)
                كما نرى في هذه الصورة، هذه صورة للجنين في اليوم الخامس والثلاثين لا نكاد نميز فيه صورة الإنسان. وهذه الصورة التي نراها هي صورة للجنين في اليوم الثاني والأربعين تمامًا. إلى الآن كما يقول البروفيسور ت. ف. ن. برسود لم يتبين الشكل الإنساني فيه. ونرى هذه الصورة التوضيحية التي قدمتها شركة سيبا. هذه الشركة قدمت هذا للأطباء في العالم في اليوم 42 تمامًا. وبعد هذا بأسبوع، أي في خلال الأسبوع السابع بعد اثنتين وأربعين تمامًا تتغير الصورة كما نراها هكذا. والحديث، يقول الرسول : (إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكًا فصورها، وخلق سمعها وبصرها، وجلدها ولحمها وعظامها...)
                كما رأينا في الصورة التي مرت بنا، وقدم البروفيسور برسود أبحاثًا كثيرة حول علاقة القرآن والسنة بالعلوم الحديثة، وكان من ضمن أبحاثه ما قدمه في معنى حديث رسول الله  الذي رواه ابن ماجه والحاكم وهو قول رسول الله : (ما ظهرت الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم) (رواه ابن ماجه، الفتن باب22 حديث 4019، والحاكم 4/540 وصححه). ها هو ذا البروفيسور برسود يشرح لنا هذا الجزء من بحثه.
                البروفيسور برسود: من المعترف به الآن على نطاق واسع أن هذه التغيرات الخبيثة في عنق الرحم لها صلة بعمر النساء، وعدد مرات الجماع، وعدد مرات الولادة. عديد من دراسات علم الأوبئة قد أظهرت بوضوح علاقة متبادلة هامة بين التعرض للعلاقات الجنسية المتعددة، والسرطان العرضي المحتمل الحدوث بدرجة عالية. إن نتائج ومخاطر العلاقات الجنسية غير الشرعية، والممارسات الجنسية المنحرفة، قد ذكرت في هذا الحديث منذ 1400 سنة وأرجو أن أكون مصيبًا "مشيرًا إلى مرض الإيدز". (ما ظهرت الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم) الفاحشة الخيانة والشذوذ الجنسي غير المعلن والبوهيمية، وكل العلاقات الجنسية الأخرى، وليس من اتساع الخيال أن نعتبر الهربز والإيدز كأمثلة واضحة لأمراض جديدة في الوقت الحاضر ليس لدينا العلاج لها.
                الشيخ الزنداني: انظروا إلى هذا الربط بين قول الرسول : (ما ظهرت الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم) فلما أعلنت أوروبا وأمريكا إباحة الشذوذ وإباحة الزنا والفجور بأشكاله ما إن أعلنوا هذا وأذاعوا به حتى ظهرت بعد ذلك بأعوام هذه الأمراض التي تهز كيانهم هزًا. وصدق رسول الله  إنها أمراض جديدة، طاعون فشا. وأمراض تفشو وتسري بين الناس وهم يخافونها، إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم. البروفيسور برسود له جهد مشكور في هذا الباب وعندما سئل عن رأيه في هذه الظاهرة التي اطلع بنفسه عليها وشارك بأبحاثه فيها قال البروفيسور برسود: الطريقة التي شرح لي بها هو أن محمدًا  كان رجلًا عاديًا جدًا، ولم يكن يقرأ ولم يكن يكتب، بل كان في الواقع أميًا، ونحن نتحدث عنه أنه كان منذ 1400 سنة رجلًا أميًا يدلي بتصريحات عميقة ودقيقة بصورة مدهشة، وذات طبيعة علمية، وأنا شخصيًا لا أستطيع أن أرى كيف يكون هذا مجرد مصادفة، هناك أشياء كثيرة دقيقة مثل دكتور كيث مور لا أجد صعوبة في أن أوافق في عقلي أن هذا إلهام إلهي أو وحي قاده إلى البيانات.
                الشيخ الزنداني: إنه الوحي الذي جاء من عند الله إلى محمد  هذا الوحي الذي نزل بعلم الله ﴿لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْـزَلَ إِلَيْكَ أَنْـزَلَهُ بِعِلْمِهِ …﴾ النساء: 166
                فهو الهدى، وهو البينة، وهو الدليل، وهو المدلول عليه، وهو الحق الباقي بين أيدينا إلى قيام الساعة.
                ﴿وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْـزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ سبأ: 6
                الحلقة العاشرة
                أخبار كونية وجغرافية
                الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على سيدنا ونبينا محمد  وآله وصحبه أجمعين أما بعد:
                فكيف تقوم الحجة بهذا الدين على الذين لا ينطقون بلغة العرب ولا يعرفون الإعجاز البلاغي في هذا الزمان؟ هل يجب عليهم أن يتعلموا اللغة العربية ويتقنوا علومها؟ أم أن الله سبحانه وتعالى قد رحمهم ورحم الأجيال كلها فأقام من الأدلة ما يكفي للبشرية كلها على اختلاف أجناسهم ولغاتها وأزمنتها وعصورها.
                معنا في هذه الحلقة البروفيسور بالمار من أشهر علماء الجيولوجيا في الولايات المتحدة الأمريكية، كان رئيس اللجنة التي أشرفت على الاحتفال المئوي للجمعية الجيولوجية الأمريكية. عندما التقينا معه وعرضنا عليه أوجه الإعجاز العلمي للقرآن والسنة. كان يندهش. وأذكر قصة لطيفة بدأت معه عندما قلنا له: إن القرآن يذكر أخفض منطقة في الأرض وبين أنها قرب بيت المقدس، حيث دارت المعركة بين الفرس والروم. كما جاءت الإشارة إلى ذلك في قوله تعالى: ﴿الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ﴾ الروم: 1-3. وأدنى تأتي بمعنى أقرب، وتأتي بمعنى أخفض، والمفسرون رضوان الله عليهم ذهبوا إلى معنى "أدنى الأرض" أي أقرب الأرض إلى جزيرة العرب، ولكن المعنى الثاني أيضًا مقصود. وهكذا القرآن الكريم، اللفظ الواحد منه يحمل معاني كثيرة، كما وصفه الرسول  بقوله: (أوتيت جوامع الكلم) (مسلم 1/372 المساجد، حديث رقم 7و8).
                وعندما درسنا أخفض منطقة في الأرض وجدنا أنها هي نفس المنطقة التي دارت فيها المعارك ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ﴾. فلما قلنا هذا للبروفيسور بالمار، قال: لا… مناطق كثيرة هي أخفض من هذه المنطقة، وأخذ يذكر لنا مناطق في أوروبا ومناطق في أمريكا، فقلنا له: يا دكتور نحن قد تأكدنا من ذلك. فكان معه مصور جغرافي مجسم فيه الارتفاعات والانخفاضات، فقال: إذًا الأمر بسيط، هذا هو المجسم يبين لنا أخفض منطقة، فأدار الكرة الأرضية بيده – المجسمة- ووجه نظره على المنطقة المحددة وهي قرب بيت المقدس فإذا به يرى سهمًا قد خرج من تلك الخريطة مكتوبًا عليه أخفض منطقة على وجه الأرض. ثم بعد ذلك تحول بسرعة وقال: هذا كلام صحيح. ثم أخذ يشرح كما نرى الآن وهو يتكلم في الخريطة ويقول عن هذه المنطقة إنها أخفض منطقة في العالم.
                البروفيسور بالمار: إن هذا في الواقع يقول: أخفض منطقة في العالم بجانب البحر الميت.
                الشيخ الزنداني: لقد اندهش البروفيسور بالمار عندما وجد القرآن يصف الماضي كيف بدأ، خلق الأرض كيف بدأ، خلق السماء كيف، خرجت المياه من باطن الأرض كيف، أُرسيت الجبال كيف، خرجت النباتات كيف. كيف حدثت هذه الأحداث، ثم كيف يصف سطح الأرض اليوم ويصف الجبال ويصف ما عليها من ظواهر، ثم يصف الأحوال التي تمر بها الأرض، كما حدث بالنسبة لجزيرة العرب، بل ويصف ما سيكون عليه حال بلاد العرب، وما سيكون عليه حال الأرض.
                فقال: هذا الكتاب عجيب يصف لنا الماضي، ويصف لنا الحاضر، ويصف لنا المستقبل، ولكنه كغيره من العلماء، يقفون مترددين في أول الأمر ثم بعد ذلك يعلنون ما يعتقدون.

                تعليق


                • #98
                  الملف 73
                  ولقد قدم بحثًا في القاهرة حول الإعجاز في مجال علم الجيولوجيا، ثم ختم بحثه هذا بقوله: أنا لا أعلم المستوى الثقافي الذي كان عليه الناس في زمن محمد  ولا أدري في أي مستوى علمي كانوا، فإذا كان الأمر كما نعرف عن أحوال الأولين والمستوى العلمي المتواضع والذي ليس فيه هذه الإمكانيات، فلا شك أن هذا العلم الذي نقرؤه الآن في القرآن هو نور من العلم الإلهي قد أوحي به إلى محمد .
                  ها هو ذا ينهي بحثه بالتصريح التالي.
                  البروفيسور بالمار: لقد قمت ببحث في تاريخ الحضارة المبكر للشرق الأوسط لأعرف إذا كان في الواقع قد وردت أنباء جادة كهذه، إذا لم يكن هناك سجل كهذا فإن هذا يقوي الاعتقاد بأن الله قد أرسل من خلال محمد  مقادير ضئيلة من علمه اكتشفناها فقط في الأزمنة الحديثة، إننا نتطلع إلى حوار مستمر في موضوع العلم في القرآن في سياق الجيولوجيا.
                  الشيخ الزنداني: نعم، هذا علم من أعلام الجيولوجيا في عالمنا المعاصر في الولايات المتحدة الأمريكية لا يتردد في أن يعترف ويقدم ويبين ولكنه بحاجة إلى من يوضح له الحقيقة، لقد عاش الغربيون وكذلك الشرقيون معركة بين الدين والعلم، وكان لا بد أن تحدث هذه المعركة، لأن كل الأديان قد حرفت وما بعث الله محمدًا  بالإسلام إلا لتصحيح ما أفسده هؤلاء. سيتساءل متسائل ويقول: وكيف سيقبل منا هؤلاء الناس ونحن في تخلف ونحن في بعد عن ديننا؟ أقول: إن العلم يفتح بصائر أهله، إنهم ينظرون إلى الحقائق ولا ينظرون إلى الصور، إن رصيد الإسلام اليوم هو هذا العلم والتقدم العلمي. فإن هذا العالم يحني رأسه إجلالًا لكتاب الله وسنة رسول الله  ثم إن الفطرة التي فطر الله الناس عليها لا تطمئن إلا مع الإيمان. إن الناس بدون إيمان في قلق وضياع. ثم إن هذه الحرية التي يتمتع بها أهل الغرب تعين علماءهم على أن يقولوا الكلمة التي يعتقدونها، وهم لا يبالون ولا يحسبون أي حساب. وها هم كما سمعناهم في كثير من هذه الحلقات، يقرون ويعترفون بالمعجزة القرآنية الحية المتجددة إلى قيام الساعة.
                  http://ebnmaryam.com/web/modules.php...s&new_topic=14
                  http://d1.islamhouse.com/data/ar/ih_..._the_right.doc
                  * * *
                  أما عن قول الكاتب بأن الشمس تغرب فى عين حمئة، ليدل على أنه ينسخ من نساخ، نسخوا بدورهم من نساخ وهكذا. فقد اعتدنا من المسيحيين أنهم يجيدون النسخ أو القص واللصق من المنتديات المختلفة، ولا يجهدوا أنفسهم فى قراءة النص المنسوخ أو المعترض عليه فى مصدره أو حتى فى سياقه،ولا يحاولون فهمه لغويًا.
                  يقول الله تعالى: (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا) الكهف 86
                  فغروب الشمس فى عين حمئة هو فى رأى المرء الذى يقف وأمامه بحر ويشاهد الشمس وقت الغروب، فيرى فى هذه اللحظة أن الشمس تسقط فى البحر. ويجيب على هذا الاستفسار الدكتور محمد بن إبراهيم دودح، الباحث العلمي في هيئة الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة:
                  الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
                  فجوابا على السؤال حول معنى قوله تعالى: (حَتّىَ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ) [الكهف: 86]، ومدى مطابقته للواقع؛ أقول مستعينا بالله سائله –تعالى- العون والتوفيق (نقلا من موقع الهيئة العالمية للإعجاز العلمى فى القرآن والسنة بتصرف يسير):
                  - في أعماق البحار شقوق تدفع بحمم حامية ملتهبة:
                  اكتشف علماء الجيولوجيا حديثا أن القشرة الأرضية مقسمة بشبكة من الصدوع العميقة إلى قطع متجاورات يسمى كل منها لوحًا (Plate) بالإضافة إلى عدة ألواح صغيرة تسمى لويحات (Platelets)، وتطفو هذه الألواح على طبقة شبه منصهرة، وتصعد الصهارة (Magma) من بينها في قيعان المحيطات لتضيف مادة جديدة إلى كل لوحين متجاورين، وبالزيادة من طرف تنقص الألواح من الطرف الآخر دوما بالانثناء تحت طرف الألواح المجاورة، ولذا فالأرض الصلبة التي تحملنا فوق تلك الصهارة تنقص على الدوام من أطرافها، وهو نفس المعنى في قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنّا نَأْتِي الأرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا) [الرعد: 41]،
                  وقوله تعالى: (أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنّا نَأْتِي الأرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا) [الأنبياء:44]. ولا يستقيم صرف لفظ (الأرض) في السياق إلى معنى الكوكب لأن الشكل الكروي لا طرف له، وإنما يصدق على السطح الصخري، ويتضمن بيان تجزئته إلى قطع متجاورات تفصلها صدوع وتحركها دوامات صهير الباطن التي تمور على الدوام كما في قوله تعالى: (أَأَمِنتُمْ مّن فِي السّمَآءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ" [الملك: 16]،
                  ولفظ (الأرض) هنا أيضا لا يعني الكوكب، وإنما يستقيم حمله على سطحها الصخري فيكشف لك التهاب الباطن وحركته الدوامية قبل أن يدركها بشر مؤيدا أن لفظ (البحر) كاسم جنس يعني أن كل البحار العظيمة ملتهبة القاع في قوله تعالى: (والبحر المسجور) [الطور: 6]، وإن شئت فهم المراد في موضع فينصحك الأعلام باستيفاء كل المواضع لتتضح لك الدلالة في قولهم (القرآن يفسر بعضه بعضا)، وإلا فمن لم يكن غرضه البحث النزيه عن الحقيقة، وبيت النية على مجرد الاعتراض أو التشويش غير آبه بأصول فهم الكتاب العزيز لن ينفع معه دليل، وهكذا تبين وجود صدوع عميقة في منتصف المحيطات Mid-Oceanic Rifts تمتد لتغطي القشرة الأرضية بأكملها، وقد يصل عمقها إلى حوالي (150كم) بعمق القشرة ذاتها في أسمك منطقة، وتبين كذلك أن جميع القارات وما يميزها من جبال تتحرك بحركة الألواح التي تحملها متقاربة أو متباعدة عن بعضها البعض حركة بطيئة، لتحقق مسافة لا تتجاوز عددًا قليلًا من السنتيمترات كل سنة، ولكنها حركة مستمرة، فمثلًا يتسع شق البحر الأحمر بنسبة (3 سم) في السنة، وشق خليج كاليفورنيا بنسبة (6 سم) في السنة، ويعتقد حاليا بأن القارات الشابة كانت متكتلة مع بعضها البعض منذ حوالي (200) مليون سنة، لتكون قارة وحيدة ضخمة وسط محيط واحد، ومع انقسامها سمي الصدع الأصلي.
                  بصدع المنتصف الأطلنطي (Mid-Atlantic Ridge) ومازال إلى اليوم يمثل منطقة نشطة بركانيًا، وفي مناطق الوديان العميقة في منتصف المحيطات (Mid-Ocean Rifts) حيث تلتقي الألواح القارية تتوقد الأعماق بنيران لا يقدر ماء المحيطات كله على إطفائها، وتبلغ درجة الحرارة في تلك المناطق البركانية النشطة الألف درجة مئوية، وفي قوله تعالى: (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ. إِنّ عَذَابَ رَبّكَ لَوَاقِعٌ) [الطور:6-7]. ترجع عظمة القسم على المقسوم به كدليل على الوحي، ولفظ (البحر) اسم جنس يعني البحار العظيمة في سياق نظرة شمولية للعالم حاليا تنذر بخرابه مستقبلا في جواب القسم (إِنّ عَذَابَ رَبّكَ لَوَاقِعٌ)، ووصف البحر بلفظ (المسجور) يعني أن قاعه ملتهب يتقد بالنيران، كما في قوله تعالى: (ثُمّ فِي النّارِ يُسْجَرُونَ) [غافر:72] أي توقد تحتهم، لأن (السجر) هو الإيقاد في التنور. وأما قوله تعالى: (وَإِذَا الْبِحَارُ سُجّرَتْ) [التكوير:6] فيعني أن نيران القاع محجوزة وينذر باندفاعها لتصبح منظورة لاحقًا بيانًا لدمار العالم مستقبلًا، ولم تعرف صدوع منتصف المحيط (Mid-OceanRifts) إلا بعد الحرب العالمية الثانية خلال نظرية الألواح التكتونية (Tectonic Plates) التي صيغت في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن الماضي فقط.
                  ومن الناحية العلمية تمثل تلك الصدوع الملتهبة المتصلة والممتدة عميقا أبرز معلم لقشرة الأرض، ولذا في قوله تعالى: (وَالأرْضِ ذَاتِ الصّدْعِ) [الطارق:12] وقوله تعالى: (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) يعتبر سبق القرآن بالإشارة إلى هذه الحقائق المخبوءة عميقا تحت سطح المحيطات دليلًا جازمًا على أنه كلام الله العليم الحكيم.
                  فى الواقع إن جرم الشمس أكبر كتلة وحجما من كواكبها وأقمارها مجتمعة، حيث يحوي وحده ما يقدر فلكيا بنسبة (99.86%) من كتلة النظام الشمسي، وتبلغ كتلتها (1.99) × (10 أس 30) كجم [وللاختصار يصطلح رياضيا بالأس لتضاعيف الأعداد، والقيمة (10 أس 3) تعني 1 أمامه 3 أصفار (1000) وكذلك القيمة (10 أس 30) تعني 1 أمامه 30 صفرًا]. أي (333.1325) ألف مرة قدر كتلة الأرض التي تبلغ (5.9736) × (10 أس 24) كجم، [يبلغ قطر الشمس 1,392,000كم، وهذه المسافة تعادل 109 مرات قدر قطر الأرض، ويبلغ حجم الشمس حوالى 330330 مرة مقارنة بحجم الأرض] ومع أن قرص الشمس يبدو كالقمر حجما قطع القرآن بأنه حقيقة أكبر على لسان نبي الله إبراهيم (عليه السلام) محاججا قومه في قوله تعالى: (فَلَماّ رَأَى الشّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هََذَا رَبّي هََذَآ أَكْبَرُ فَلَمّآ أَفَلَتْ قَالَ يَقَوْمِ إِنّي بَرِيَءٌ مّمّا تُشْرِكُونَ) [الأنعام: 78]، ولا يتوهم إذن أن القرآن يقرر أن جرم الشمس صغير حتى تهبط حقيقة في بحر من بحار الأرض؛ لأن التعبير (وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ) قائم على النسبة لسكان الأرض كما ترى العين، وعلى هذا اتفق الجمع الغفير من المفسرين سلفا وخلفا.
                  قال ابن الجوزي: "ربما توهم متوهم أن هذه الشمس على عظم قدرها تغوص بذاتها في عين ماء وليس كذلك.. وإنما وجدها تغرب.. كما يرى راكب البحر الذي لا يرى طرفه أن الشمس تغيب في الماء، وذلك لأن ذا القرنين انتهى إلى آخر البنيان" [زاد المسير لعبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي المتوفى سنة (597 هـ)، المكتب الإسلامي بيروت (1404 ط3)، (5/186).
                  وقال الرازي: "الشمس أكبر من الأرض بمرات كثيرة، فكيف يعقل دخولها في عين من عيون الأرض.. (و) أول الليل عند أهل المغرب هو أول النهار الثاني عند أهل المشرق، بل ذلك الوقت الذي هو أول الليل عندنا فهو وقت العصر في بلد، ووقت الظهر في بلد آخر، ووقت الضحى في بلد ثالث، ووقت طلوع الشمس في بلد رابع، ونصف الليل في بلد خامس، وإذا كانت هذه الأحوال معلومة بعد الاستقراء والاعتبار، وعلمنا أن الشمس طالعة ظاهرة في كل هذه الأوقات كان الذي يقال أنها تغيب (حقيقة) في الطين والحمئة كلاما على خلاف اليقين، وكلام الله –تعالى- مبرأ عن هذه التهمة فلم يبق إلا أن يصار إلى التأويل" [التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب لابن خطيب الري فخر الدين محمد بن عمر الرازي المتوفى (سنة 606 هـ)، دار الكتب العلمية بيروت (1421)، (ج21ص142).
                  وقال البغوي: "معنى قوله: (وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ).. في رأي العين".
                  معالم التنزيل للحسن بن سعيد الفراء البغوي المتوفى (سنة 516 هـ)، دار المعرفة بيروت (1407 ط)، (ج3ص179).
                  وبذلك قال أيضًا أبو حيان، وقال الألوسي، والسعدى، والبيضاوى، فى تفاسيرهم، وأوجز سيد قطب فهم المفسرين -رحمهم الله تعالى أجمعين- بقوله: "ومغرب الشمس هو المكان الذي يرى الرائي أن الشمس تغرب عنده وراء الأفق، وهو يختلف بالنسبة للمواضع، فبعض المواضع يرى الرائي فيها أن الشمس تغرب خلف جبل، وفي بعض المواضع يرى أنها تغرب في الماء كما في المحيطات الواسعة والبحار، وفي بعض المواضع يرى أنها تغرب في الرمال إذا كان في صحراء مكشوفة على مد البصر، والظاهر من النص أن ذا القرنين غَرَّبَ حتى وصل إلى نقطة على شاطئ المحيط الأطلسي، وكان يسمى بحر الظلمات، ويظن أن اليابسة تنتهي عنده، فرأى الشمس تغرب فيه" [في ظلال القرآن لسيد قطب المتوفى (سنة 1386 هـ)، طبعة دار الشروق].
                  ومن هنا أشعر بالحزن على الكاتب الذى أنفق وقته، وبذل جهده دون أن يكلف نفسه عناء البحث. عزيزى الكاتب إن ما تفعله هو حرب، تظن أنه على الشيطان، ولنصرة الحق! إن هذا الغرض النبيل، غرض البحث عن الحق، ألا يستحق منك عناء البحث، والقراءة الجيدة، والفهم التام المطابق لمنطوق وسياق النصوص؟
                  العجز العلمى فى الكتاب المقدس:
                  عزيزى الكاتب ..
                  قمنا على مدار الصفحات السابقة بإثبات أن أصول القرآن الكريم والسنة النبوية يرجع إلى الله تعالى، وقد أقر علماء لا يمتهم بالإسلام صلة، ومنهم من أسلم، ومنهم من لم يسلم، ولكنه أذعن للحق ودافع عنه، وتبنى ترويجه فى كتبه. وآن لنا الأوان أن نرى قدرًا من الإفلاس العلمى فى الكتاب الذى تنسبه إلى الرب، لعل يدفعك هذا إلى الرجوع إلى الحق، والتمسك به:
                  قارن هذا بمحاربة الرب فى كتابك للعلم، بل وجهله به:
                  فها هو الرب يمنع آدم وحواء من الأكل من شجرة معرفة الخير من الشر، بدلا من يأمرهم بالإكثار من الأكل منها: (16وَأَوْصَى الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ قَائِلاً: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً 17وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتاً تَمُوتُ».) تكوين 2: 16-17
                  أما جهل الرب فيتمثل فى مواقف كثيرة، منها أنهم نفوا عنه علمه بما يحدث فى ملكوته: فقد كان يبحث عن آدم فى الجنة، ولم يعرف أنه كان عرياناً أو أكل من الشجرة حتى أخبره آدم! وبذلك جعلوه الرب الذى لا يعلم خائنة الأعين ولا ما تخفى الصدور: (9فَنَادَى الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ: «أَيْنَ أَنْتَ؟».) تكوين 3: 9 و(11فَقَالَ: «مَنْ أَعْلَمَكَ أَنَّكَ عُرْيَانٌ؟ هَلْ أَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ أَنْ لاَ تَأْكُلَ مِنْهَا؟») تكوين 3: 11
                  ومنها نزوله على الأرض ليتفقد المدينة والبرج، حيث لم يره من على عرشه، ولم يعجبه تعاون البشر على البر والتقوى، فبلبل ألسنتهم، حتى لا يفهم أحدهم الآخر، خوفًا مما قد يعملونه ضده، دون علم مسبق بما ينوى الإنسان عمله: (5فَنَزَلَ الرَّبُّ لِيَنْظُرَ الْمَدِينَةَ وَالْبُرْجَ اللَّذَيْنِ كَانَ بَنُو آدَمَ يَبْنُونَهُمَا. 6وَقَالَ الرَّبُّ: «هُوَذَا شَعْبٌ وَاحِدٌ وَلِسَانٌ وَاحِدٌ لِجَمِيعِهِمْ وَهَذَا ابْتِدَاؤُهُمْ بِالْعَمَلِ. وَالْآنَ لاَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ كُلُّ مَا يَنْوُونَ أَنْ يَعْمَلُوهُ. 7هَلُمَّ نَنْزِلْ وَنُبَلْبِلْ هُنَاكَ لِسَانَهُمْ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ بَعْضُهُمْ لِسَانَ بَعْضٍ». 8فَبَدَّدَهُمُ الرَّبُّ مِنْ هُنَاكَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ فَكَفُّوا عَنْ بُنْيَانِ الْمَدِينَةِ 9لِذَلِكَ دُعِيَ اسْمُهَا «بَابِلَ» لأَنَّ الرَّبَّ هُنَاكَ بَلْبَلَ لِسَانَ كُلِّ الأَرْضِ. وَمِنْ هُنَاكَ بَدَّدَهُمُ الرَّبُّ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ.) تكوين 11: 9
                  ومنها نزوله عندما كثُر صراخ سدوم وعمورة وخطيتهم عظمت ليتأكد (20وَقَالَ الرَّبُّ: «إِنَّ صُرَاخَ سَدُومَ وَعَمُورَةَ قَدْ كَثُرَ وَخَطِيَّتُهُمْ قَدْ عَظُمَتْ جِدّاً. 21أَنْزِلُ وَأَرَى هَلْ فَعَلُوا بِالتَّمَامِ حَسَبَ صُرَاخِهَا الْآتِي إِلَيَّ وَإِلَّا فَأَعْلَمُ».) التكوين 18: 20-21
                  منها ما لم يخطر على باله: (4لأنَّهُم تَرَكوني وشَوَّهوا هذا المَوضِعَ وبَخروا فيهِ لآلِهَةٍ أُخرى لا يَعرفونَها ولا عَرَفَها آباؤُهُم ولا مُلوكُ يَهوذا. ومَلأوا هذا المَوضعَ مِنْ دَمِ الأبرياءِ5وبَنَوا مذابِحَ لِلبَعلِ في المشارِفِ ليَحرقوا أولادَهُم بِالنَّارِ، وأنا ما أوصَيتُ بِذلِكَ ولا تَكَلَّمْتُ بهِ ولا خطَر بِبالي.) إرميا 19: 4-5 الترجمة العربية المشتركة
                  وفى ترجمة الآباء اليسوعيين: (...5 وبَنَوا مَشارِفَ البَعْلِ لِيُحرِقوا بَنيهم بِالنَّارِ مُحرَقاتٍ لِلبَعْل، مِمَّا لم آمُرْ بِه ولم آتكلَمْ بِه ولم يَخطُرْ بِبالي.) إرميا 19: 4-5
                  وكذلك جاء بترجمة كتاب الحياة (ولم يخطر ببالى)
                  وهذا يُخالف بالطبع ما أخبر الرب به عن نفسه:
                  (أَيُّهَا الرَّبُّ الْقَدِيرُ مُخْتَبِرُ الصِّدِّيقِ وَالْمُطَّلِعُ عَلَى سَرَائِرِ النُّفُوسِ) إرميا 20: 12
                  (لأَنَّكَ تَعْرِفُ قَلْبَهُ، فَأَنْتَ وَحْدَكَ الْمُطَّلِعُ عَلَى دَخَائِلِ النَّاسِ) أَخْبَارِ الثَّانِي 6: 30
                  (لِذَلِكَ هُوَ مُطَّلِعٌ عَلَى أَعْمَالِهِمْ) أَيُّوبَ 34/25
                  (وَلَكِنَّ الرَّبَّ مُطَّلِعٌ عَلَى حَوَافِزِ الأَرْوَاحِ) الأَمْثَالِ 16: 2
                  (وَلَكِنَّ الرَّبَّ مُطَّلِعٌ عَلَى حَوَافِزِ الْقُلُوب.) الأمثال 21: 2
                  (ولَكِنِّي مُطَّلِعٌ عَلَى حَرَكَاتِكَ وَسَكَنَاتِكَ وَهَيَجَانِكَ عَلَيَّ) إشعياء 37: 27
                  ولكن كيف يكون إله عليم وهو يسكر وينام؟ (65فَاسْتَيْقَظَ الرَّبُّ كَنَائِمٍ كَجَبَّارٍ مُعَيِّطٍ مِنَ الْخَمْرِ.) مزامير 78: 65
                  وكيف يكون إله حكيم وعليم وهو إله فاشل، وفاشل أيضًا ملائكته وجنوده، الأمر الذى اضطره أن يلجأ إلى الشيطان ويستعين به فى القضاء على أخاب (ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم): (19وَقَالَ: [فَاسْمَعْ إِذاً كَلاَمَ الرَّبِّ: قَدْ رَأَيْتُ الرَّبَّ جَالِساً عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَكُلُّ جُنْدِ السَّمَاءِ وُقُوفٌ لَدَيْهِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ. 20فَقَالَ الرَّبُّ: مَنْ يُغْوِي أَخْآبَ فَيَصْعَدَ وَيَسْقُطَ فِي رَامُوتَ جِلْعَادَ؟ فَقَالَ هَذَا هَكَذَا وَقَالَ ذَاكَ هَكَذَا. 21ثُمَّ خَرَجَ الرُّوحُ وَوَقَفَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: أَنَا أُغْوِيهِ. وَسَأَلَهُ الرَّبُّ: بِمَاذَا؟ 22فَقَالَ: أَخْرُجُ وَأَكُونُ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ. فَقَالَ: إِنَّكَ تُغْوِيهِ وَتَقْتَدِرُ. فَاخْرُجْ وَافْعَلْ هَكَذَا.) ملوك الأول 22: 19-22
                  ومنها وصف الكتاب له أنه عنده جهالة وضعف: (25لأَنَّ جَهَالَةَ اللهِ أَحْكَمُ مِنَ النَّاسِ! وَضَعْفَ اللهِ أَقْوَى مِنَ النَّاسِ!) كورنثوس الأولى 1: 25
                  ومنها اعتراف الرب نفسه أنه يدمر الحكمة والحكماء: (19لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «سَأُبِيدُ حِكْمَةَ الْحُكَمَاءِ وَأَرْفُضُ فَهْمَ الْفُهَمَاءِ». 20أَيْنَ الْحَكِيمُ؟ أَيْنَ الْكَاتِبُ؟ أَيْنَ مُبَاحِثُ هَذَا الدَّهْرِ؟ أَلَمْ يُجَهِّلِ اللهُ حِكْمَةَ هَذَا الْعَالَمِ؟ 21لأَنَّهُ إِذْ كَانَ الْعَالَمُ فِي حِكْمَةِ اللهِ لَمْ يَعْرِفِ اللهَ بِالْحِكْمَةِ اسْتَحْسَنَ اللهُ أَنْ يُخَلِّصَ الْمُؤْمِنِينَ بِجَهَالَةِ الْكِرَازَةِ) كورنثوس الأولى 1: 19-21
                  ومن الإعجاز العلمى فى الكتاب المقدس جدًا أن الرب يظن أن أكل الخراء والبول لا يُسبب أية أمراض، لذلك نراه يأمر شعبه المختار جدًا وعبده ونبيه بأكل الخراء: (12وَتَأْكُلُ كَعْكاً مِنَ الشَّعِيرِ. عَلَى الْخُرْءِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ تَخْبِزُهُ أَمَامَ عُيُونِهِمْ». 13وَقَالَ الرَّبُّ: [هَكَذَا يَأْكُلُ بَنُو إِسْرَائِيلَ خُبْزَهُمُ النَّجِسَ بَيْنَ الأُمَمِ الَّذِينَ أَطْرُدُهُمْ إِلَيْهِمْ». 14فَقُلْتُ: [آهِ يَا سَيِّدُ الرَّبُّ، هَا نَفْسِي لَمْ تَتَنَجَّسْ. وَمِنْ صِبَايَ إِلَى الآنَ لَمْ آكُلْ مِيتَةً أَوْ فَرِيسَةً، وَلاَ دَخَلَ فَمِي لَحْمٌ نَجِسٌ». 15فَقَالَ لِي: [اُنْظُرْ. قَدْ جَعَلْتُ لَكَ خِثْيَ الْبَقَرِ بَدَلَ خُرْءِ الإِنْسَانِ فَتَصْنَعُ خُبْزَكَ عَلَيْهِ».) حزقيال 4: 12-15
                  ومن الأخطاء العلمية التى يتبناها الكتاب المقدس جدًا هى أنه يُحدد وجود آدم على الأرض بسنة 3589 قبل الميلاد. والعلم الحديث والحفريات أثبتت وجود مخلوقات على الأرض ترجع إلى 3,8 إلى 4 مليون سنة عثر عليه فى أثيوبيا.
                  ومن الأخطاء العلمية أيضًا نزول الرب ليصفر للذباب الذى ليس له جهاز سمعى، فلماذا نزل؟ ولماذا كان يصفر ولن يسمعه الذباب؟ فهل لم يعرف الرب خلقه؟ أم خلق له إله آخر هذه المخلوقات ولم يُطلعه على ذلك؟: (18وَيَكُونُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ الرَّبَّ يَصْفِرُ لِلذُّبَابِ الَّذِي فِي أَقْصَى تُرَعِ مِصْرَ وَلِلنَّحْلِ الَّذِي فِي أَرْضِ أَشُّورَ) إشعياء 7: 18
                  وقوله عن الأرنب والوبر من الحيوانات المجترة (لاويين 11: 5)
                  وقوله إن حبة الخردل أصغر البذور
                  وقوله عن رجال تأتيهم الدورة الشهرية (لاويين 15: 1-15)
                  وقوله إن أبيمالك زرع الأرض ملحًا (قضاة 9: 45)
                  وقوله إن الأرض لها أربعة زوايا (حزقيال 7: 2) و(الرؤيا 7: 1) و(إشعياء 11: 12)
                  وقوله إن الأرض لها أربعة أعمدة (أيوب 9: 6)
                  قوله إن هناك طيور لها أربعة أرجل (لاويين 11: 20 ، 23)
                  وقوله إن الماء له رائحة: (9فَمِنْ رَائِحَةِ الْمَاءِ تُفْرِخُ وَتُنْبِتُ فُرُوعاً كَالْغَرْسِ.) أيوب 14: 9
                  وقوله فى سفر يشوع 10: 11-14 إن الرب أوقف الشمس حتى تستمر معركة يشوع ضد العمالقة ولا ينتهى اليوم ونوره ليتمكن من إبادتهم. وكاتب هذه الرواية جاهل بأصول الفلك، فقد كان يجهل أن الأرض هى التى تدور حول الشمس. ولو كان من عند الله لقالها الله أنه أوقف الأرض عن الدوران حول محورها.
                  وقوله إن الذباب الميت يُخمِّر طيب العطَّار (جامعة 10: 1)
                  وقوله إن النحل تبني خلية عسل داخل جيفة الأسد (قضاة 14: 8)
                  وقوله إن الحمار يتكلم بالعدل (عدد 22: 27-28)
                  وقوله إن شرب الماء بمفرده مضر (ثم كما أن شرب الخمر وحدها أو شرب الماء وحده مضر، وإنما تطيب الخمر ممزوجة بالماء...) المكابيين الثانى 15: 40
                  يحكى الرب فى كتابه عن حيوانات خرافية غير موجود إلا بالأساطير مثل الغول والنداهة وأمنا الغول والتنين. وأحيل القارىء لهذا الموقع ليقرأ التحليل اللغوى والتحايل فى الترجمة لإخفاء هذه الخرافات عن شعب الكنيسة:
                  ونكتفى بذكر الغول: تقول الترجمة العربية المشتركة: (تتلاقى الوحوشُ وبناتُ آوى ويتَنادَى مَعَزُ الوحشِ إليها. هُناكَ تستَقِرُّ الغُولُ وتجدُ لنَفسِها مَقامًا.) إشعياء 34: 14، على الرغم من أنه ترجم نفس الكلمة فى إشعياء 13: 21 بمعز الوحش.
                  http://ahsaweb.net/vb/showthread.php?t=151652
                  وأخيرًا ما نسبه كتاب الأناجيل ليسوع جهلا فى علم النباتات:
                  أما فى علم النباتات فتذكر الأناجيل أن حبة الخردل هى أصغر البزور: (31قَالَ لَهُمْ مَثَلاً آخَرَ: «يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ حَبَّةَ خَرْدَلٍ أَخَذَهَا إِنْسَانٌ وَزَرَعَهَا فِي حَقْلِهِ 32وَهِيَ أَصْغَرُ جَمِيعِ الْبُزُورِ. وَلَكِنْ مَتَى نَمَتْ فَهِيَ أَكْبَرُ الْبُقُولِ وَتَصِيرُ شَجَرَةً حَتَّى إِنَّ طُيُورَ السَّمَاءِ تَأْتِي وَتَتَآوَى فِي أَغْصَانِهَا».) متى 13: 31-32،
                  (31مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مَتَى زُرِعَتْ فِي الأَرْضِ فَهِيَ أَصْغَرُ جَمِيعِ الْبُزُورِ الَّتِي عَلَى الأَرْضِ. 32وَلَكِنْ مَتَى زُرِعَتْ تَطْلُعُ وَتَصِيرُ أَكْبَرَ جَمِيعِ الْبُقُولِ وَتَصْنَعُ أَغْصَاناً كَبِيرَةً حَتَّى تَسْتَطِيعَ طُيُورُ السَّمَاءِ أَنْ تَتَآوَى تَحْتَ ظِلِّهَا».) ومرقس 4: 31،
                  (18فَقَالَ: «مَاذَا يُشْبِهُ مَلَكُوتُ اللهِ وَبِمَاذَا أُشَبِّهُهُ؟ 19يُشْبِهُ حَبَّةَ خَرْدَلٍ أَخَذَهَا إِنْسَانٌ وَأَلْقَاهَا فِي بُسْتَانِهِ فَنَمَتْ وَصَارَتْ شَجَرَةً كَبِيرَةً وَتَآوَتْ طُيُورُ السَّمَاءِ فِي أَغْصَانِهَا».) لوقا 13: 18-19
                  وهذه عبارة خاطئة من عدة نواحى:
                  1- أولا تُكتب كلمة البذور بالذال وليست بالزين، لذلك صححتها ترجمة كتاب الحياة.
                  2- أنها ليست أصغر البذور، فيوجد من البذور من هو أصغر منها، مثل الأوركيد Orchid, Poppy, Salt grains, Wolffia
                  3- أن شجرتها صغيرة وليست كبيرة، ولا تسمح غصونها بعيش الطيور، ولا تصنع ظلا تستظل به الحيوانات بهذه الصورة التى يصفها كتبة الأناجيل.
                  4- هناك من أشجار البذور ما يكبر ويرتفع إلى 3,30 مترًا، ولكنها بأن حال من الأحوال لن تكون أكبر الأشجار، التى يستظل بها الحيوانات، وتأوى الطيور.
                  5- لا يمكن أن تُزرع حبة الخردل لتصبح شجرة بأى حال من الأحوال
                  [Walter-Jِrg Langbein: »Lexikon der Irrtümer des Neuen Testaments«, München 2004, S. 228]
                  6- وهذا كفيل بنفى ألوهية يسوع، إذ لا يوجد إله لا يعرف مخلوقاته.
                  7- وكذلك ينفى هذا قداسة الكتاب الذى يحتويه وقدسيته، إذ لا يوجد كتاب مقدس يُنسب إلى الرب ويحتوى على أخطاء.
                  8- وهذه الأخطاء تؤكد أن كتبة هذه الأناجيل ليسوا من فلسطين ولم يوح إليهم، حيث كانت شجرة الخردل تُزرع فى فلسطين، ويعرف أهلها شكلها وحجمها جيدًا.
                  هذا ناهيك عن الأخطاء الرقمية والعددية، التى تؤكد بكل الطرق أن انتساب هذا الكتاب للرب هو سُبَّة لهذا الإله. والملاحظ عند تكرار قصة ما، بها أعداد وأرقام، تجد دائمًا اختلاف بينهما. والمثير للدهشة أنك عندما تتكلم مع صديق مسيحى، وتضيق عليه الخناق، يقول لك، إن كل هذه أمور تافهة، المهم أن العقيدة سليمة، لم يمسسها تحريف. متناسيًا أن الله تعالى لا يُخطىء، وأن نسبة هذا الكتاب وما فيه من أخطاء، إهانة للرب، حيث يدعى قائل هذا أن الرب ليس عنده أفضل من ذلك، ولم يتمكن من الحفاظ على كتابه أكثر من ذلك، أو قهره الشيطان وغير فى هذه النقاط فقط.
                  ومثال لذلك: كم كان عدد المحاربين فى يهوذا؟
                  صموئيل الثانى 24: 9 (9فَدَفَعَ يُوآبُ جُمْلَةَ عَدَدِ الشَّعْبِ إِلَى الْمَلِكِ، فَكَانَ إِسْرَائِيلُ ثَمَانَ مِئَةِ أَلْفِ رَجُلٍ ذِي بَأْسٍ مُسْتَلِّ السَّيْفِ، وَرِجَالُ يَهُوذَا خَمْسَ مِئَةِ أَلْفِ رَجُلٍ.)
                  أخبار الأيام الأولى 21: 5 (5فَدَفَعَ يُوآبُ جُمْلَةَ عَدَدِ الشَّعْبِ إِلَى دَاوُدَ، فَكَانَ كُلُّ إِسْرَائِيلَ مِلْيُوناً وَمِئَةَ أَلْفِ رَجُلٍ مُسْتَلِّي السَّيْفِ وَيَهُوذَا أَرْبَعَ مِئَةٍ وَسَبْعِينَ أَلْفَ رَجُلٍ مُسْتَلِّي السَّيْفِ)
                  فمن فيهم وحى الرب؟
                  لدينا أيضًا فى الكتاب المقدس جدًا زواج لصبى ابن ثمان سنوات، وغيرتها الطبعات الحديثة إلى ثمان عشرة سنة، حتى يستقيم الأمر مع العقل والمنطق والعلم:
                  فقالت ترجمة الفاندايك والترجمة الكاثوليكية: (9كَانَ يَهُويَاكِينُ ابْنَ ثَمَانِي سِنِينَ حِينَ مَلَكَ وَمَلَكَ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةَ أَيَّامٍ فِي أُورُشَلِيمَ. وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ.) أخبار الثانى 36: 9
                  وخجلت الترجمة العربية المشتركة من عمر هذا الطفل الملك، ومن عدم صحة المعلومة، بمطابقتها بملوك الثانى 24: 8، فغيرتها إلى 18 سنة: (وكانَ يوياكينُ اَبنَ ثَماني عَشْرَةَ سنَةً حينَ ملَكَ، وملَكَ ثلاثةَ أشهرٍ وعشَرَةَ أيّامِ بأورُشليمَ، وفعَلَ الشَّرَ في نظَرِ الرّبِّ أخبار الثانى 36: 9
                  ووافقتها ترجمة الحياة فقالت: (وَكَانَ يَهُويَاكِينُ فِي الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ مِنْ عُمْرِهِ حِينَ مَلَكَ، وَدَامَ حُكْمُهُ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةَ أَيَّامٍ فِي أُورُشَلِيمَ، وَارْتَكَبَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ.) أخبار الثانى 36: 9
                  وعندما أوحى الرب هذه القصة مرة أخرى نسى أن يهوياكين كان طفلا ابن ثمان سنوات، وأنه حكم مدة ثلاثة أشهر وعشرة أيام، وجعله ابن ثمان عشر سنة حين تولى الحكم، وأنه حكم مدة ثلاثة أشهر فقط: (8كَانَ يَهُويَاكِينُ ابْنَ ثَمَانِي عَشَرَةَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ فِي أُورُشَلِيمَ. وَاسْمُ أُمِّهِ نَحُوشْتَا بِنْتُ أَلْنَاثَانَ مِنْ أُورُشَلِيمَ.) ملوك الثانى 24: 8
                  فكم كان عمر يهوياكين عندما تولى الحكم؟ وهل من حق دار النشر للكتاب المقدس أن تحرف فيه وتعدل ما أخطأ الرب فيه؟ وكم حكم أورشليم، هل حكمها ثلاثة أشهر وعشرة أيام أو ثلاثة أشهر فقط؟
                  ويقول قاموس الكتاب المقدس مادة يهوياكين: (اسم عبري معناه ((يهوه يثبت)). وهو ابن يهوياقيم ملك يهوذا وخليفته. تبوأ العرش سنة 597 ق.م. وكان، كما جاء في 2 مل 24: 8 ابن 18 سنة، وابن 8 سنين كما جاء في 2 اخبار 36: 9. ولكن الأرجح أن رواية سفر الملوك الثاني في الرواية الصحيحة.)
                  والمهم هنا أيضًا أنه بعد أن حكم ثلاثة أشهر أو ثلاثة أشهر وعشرة أيام سُبى إلى بابل هو ونساؤه: (15وَسَبَى يَهُويَاكِينَ إِلَى بَابِلَ. وَأُمَّ الْمَلِكِ وَنِسَاءَ الْمَلِكِ وَخِصْيَانَهُ وَأَقْوِيَاءَ الأَرْضِ سَبَاهُمْ مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى بَابِلَ.) ملوك الثانى 24: 15
                  والخطأ هنا أن الطفل ذى الثمان سنوات لا يمكن أن ينجب أو يتزوج، لأن نقطة نضجه تبدأ وهو فى سن العاشرة. فكيف كان له نساء وتزوج قبل أن ينضج؟
                  ولن أنسى أن أذكرك أن كتابك المقدس جدًا يُشير إلى إنجاب أب لابنه الأصغر قبل أن يولد الأب نفسه: فقد كان عمر أخزيا 32 سنة عندما تولى حكم أورشليم، وحكمها مدة 8 سنوات، ومات، أى كان عمره 40 سنة. ثم تولى ابنه الأصغر عقبًا عنه، وكان عمره حينئذ 42 سنة. فكيف يكون الابن الأصغر أكبر من أبيه بسنتين؟ فهل أنجبه قبل أن يولد بسنتين ليتساويان فى العمر؟
                  42 سنة: (2كَانَ أَخَزْيَا ابْنَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ وَمَلَكَ سَنَةً وَاحِدَةً فِي أُورُشَلِيمَ وَاسْمُ أُمِّهِ عَثَلْيَا بِنْتُ عُمْرِي.) أخبار الأيام الثانى 22: 2
                  انظر إلى قول دائرة المعارف الكتابية فى هذا الموضوع (مادة عثليا): (ومات يهورام ملك يهوذا بعد أن ملك ثماني سنوات ، وخلفه ابنه أخزيا ، وهو في الثانية والعشرين من عمره ، وأصبحت عثليا بذلك – " الملكة الأم " – صاحبة المشورة في القصر وفي الأمة . ولكن قبل أن تمضي سنة على أخزيا على العرش ، مات متأثرا بجراحه التي أصابته من جنود ياهو أحد قادة جيش إسرائيل، الذي خرج على يهورام ملك إسرائيل وقتله عند حقلة " نابوت اليزرعيلي " إتماماً لقول الرب على فم إيليا النبي لأخآب بعد قتله لنابوت واغتصاب كرمه ( 2مل 9 :11-29 ، 2أخ 22 :7-9 ).)
                  إذن لقد خالف علماء الكتاب المقدس فى موسوعتهم كلام الرب بأن أخزيا قد تولى الحكم وهو ابن 42 سنة ، فى الوقت الذى مات فيه أبوه ابن 40 سنة. ولكى تلفت نظر القارىء عن هذه الكارثة ، تبنت رأى ملوك الثانى 8: 26 ، الذى يقول فيه الكتاب أنه كان ابن 22 سنة عندما مات أبوه وتولى هو الحكم.
                  20 سنة (طبعة الترجمة المشتركة عن الترجمة السبعينية) (2وكان أخَزْيَا ابن عشرين سنة حين ملك ، وملك سنة واحدة بأورشليم ، وكان اسم أمه عثليا بنت عَمرى) أخبار الأيام الثانى 22: 2
                  22 سنة (طبعة كتاب الحياة من النسختين السريانية والعربية، وكل تراجم الكتاب المقدس الأوربية): (وكان أخزيا فى الثانية والعشرين من عمره حين تولى الملك، ودام حكمه سنة واحدة فى أورشليم، واسم أمه عثليا ، وهى حفيدة عُمرى)
                  ومعنى ذلك أن النسخ الأصلية التى لديهم مختلفة هى الأخرى ، وأنها لا تخلو من الأخطاء.
                  22 سنة: (26وَكَانَ أَخَزْيَا ابْنَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ سَنَةً وَاحِدَةً فِي أُورُشَلِيمَ. وَاسْمُ أُمِّهِ عَثَلْيَا بِنْتُ عُمْرِي مَلِكِ إِسْرَائِيلَ) ملوك الثانى 8: 26
                  وأكتفى بهذا القدر لإثبات صحة القرآن الكريم وهيمنته على كل الكتب، ,اثبت أيضًا أن هذا الكتاب الذى تحتكم إليه ما هو إلا أساطير الأولين، ولا علاقة لله له.
                  * * * * *
                  أخطاء تاريخية مزعومة:
                  يواصل الكاتب تهجمه على الإسلام وانتقاده له فيقول تحت: (أخطاء تاريخية)
                  فرعون بنى برج بابل فى مصر
                  "وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيرى فأوقد لى ياهامان على الطين فاجعل لى صرحًا. لعلى أطلع إلى إله موسى وإنى لأظنه من الكاذبين". سورة القصص 38:28
                  وأرد عليه قائلًا:
                  أولًا: لا يُعوَّل على ما جاء فى الكتاب الذى تُطلق عليه مقدسًا؛ حيث أثبتنا أنه ليس بمقدس، وأنه من صنع بشر، تتفاوت درجات إيمانهم من الإيمان إلى الكفر، ومن الأخلاق إلى الفجور، ومن الإتقان إلى الإسفاف. والكثير من النصوص التى ذكرتها على صفحات هذا الكتاب تُثبت ذلك.
                  كما أثبتنا أنه لا يصلح أن يكون مرجعًا فى التاريخ أو الجغرافيا أو العلوم أو الحساب أو حتى العقيدة السليمة. فحتى العقائد تُخالف بعضها بعضًا. ففى الوقت الذى ينهى فيه الرب عن القول بتوارث الخطيئة، تؤكد الرسائل المنسوبة لبولس أن يسوع قتل من أجل الخطيئة المتوارثة الأزلية. وفى الوقت الذى يقول الكتاب إن الله حى سرمدى لا يموت، تدَّعون أن الإله مات على الصليب ميتة الملاعين. وفى الوقت الذى يقول الكتاب إن الله لا يُخطىء مطلقًا، تدَّعون أن الرب أخطأ، بل وندم على ما فعل فى بعض الأحيان. وغيره الكثير.
                  هذا بالإضافة إلى أن مجمع الفاتيكان لسنة 1962: 1965م اعترف بتحريف هذا الكتاب، ونزع نسبته لله ضمنيًا، واعتبره كتابًا مثل أى كتاب بشرى آخر. فقد تم بحث موضوع المشكلات الصعبة في الكتاب المقدس وصدرت وثيقة صوت لها 2344 من الحاضرين مقابل 6 رفضوها تقول الوثيقة في الفصل الرابع: (تسمح أسفار العهد القديم للكل بمعرفة الله ومن هو الإنسان بما لا يقل عن معرفة الطريقة التي يتصرف بها الله في عدله ورحمته، غير أن هذه الكتب تحتوى على شوائب وشيء من البطلان، ومع ذلك ففيها شهادة عن تعليم إلهي)
                  ثانيًا: لم يرد فى الآية أية ذكر لبرج بابل، بل ليس المقصود هو هذا البرج الذى تظنه.
                  ثالثًا: إن برج بابل بُنى فى بلاد الكلدانيين عقب حادثة الطوفان "تكوين 11: 1-9" الذى حدث فى كل الأرض، وأفنى كل البشر والحيوانات، كما يدعى الكتاب المقدس جدًا. فلا يمكن أن يكون الآمر بالبرج هو فرعون، لأنه لم تكن هناك حضارة قد تكونت، ولا بشر يعيش بعد الطوفان غير نوح ومن معه فى الفلك!
                  رابعًا: لم يبن فرعون من الأساس هذا البرج سواء كان برج بابل أم برجًا آخر، بل قال ذلك لهامان على سبيل التهكم من قول موسى  رافضًا دعوته جُملة وتفصيلا: (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ) القصص 38
                  خامسًا: لو كان فرعون موسى  هو رمسيس الثانى أو ابنه، فقد كانت الأهرامات موجودة منذ عصور طويلة، وكان البناء وقتها بالحجارة. فما الداعى أن يأمر فرعون وزيره أن يبنى بالطوب اللبن، ثم يوقد عليه النار.
                  سادسًا: إن طول برج بابل حوالى 97 مترًا، ويتكلم الكتاب المقدس جدًا عن برج يصل إلى السماء، وعلى ذلك فالبرج المقصود لابد أن يبلغ علوه أكثر من علو الأهرامات أو احدى المسلات؛ ليتناسب مع حالة التحدى.
                  ومن الجدير بالذكر أن تعرف عزيزى القارىء أن ارتفاع الهرم الأكبر كان حوالى 147 مترًا قبل أن يفقد كسوته والهريم الذى يعلوه، أما بالنسبة للمسلات فقد كانت أعلى مسلة تلك التى أخذت إلى روما، وتعرف باسم مسلة اللاتيران، ويبلغ ارتفاعها 30,70 مترًا، ويبلغ ارتفاع الصرح الذى به بوابة المعبد حوالى 40 مترًا. فلماذا لم يأمره ببناء هرمًا أكبر من الهرم الأكبر؟ حيث لا يُعقل أن يظن فرعون أن 40 مترًا أعلى من الأهرامات، أو ستصل به إلى عنان السماء.
                  سابعًا: إن حكاية نزول الرب ليبلبل ألسنة الناس خوفًا من تعاونهم أو بنائهم برجًا، لهى تعكس فقط التفكير اليهودى والاستعمارى، والتى جاءت من فكرة (فرِّق تسُد). تقول الرواية الكتابية: (1وَكَانَتِ الأَرْضُ كُلُّهَا لِسَانًا وَاحِدًا وَلُغَةً وَاحِدَةً. 2وَحَدَثَ فِي ارْتِحَالِهِمْ شَرْقًا أَنَّهُمْ وَجَدُوا بُقْعَةً فِي أَرْضِ شِنْعَارَ وَسَكَنُوا هُنَاكَ. 3وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «هَلُمَّ نَصْنَعُ لِبْنًا وَنَشْوِيهِ شَيًّا». فَكَانَ لَهُمُ اللِّبْنُ مَكَانَ الْحَجَرِ، وَكَانَ لَهُمُ الْحُمَرُ مَكَانَ الطِّينِ. 4وَقَالُوا: «هَلُمَّ نَبْنِ لأَنْفُسِنَا مَدِينَةً وَبُرْجًا رَأْسُهُ بِالسَّمَاءِ. وَنَصْنَعُ لأَنْفُسِنَا اسْمًا لِئَلاَّ نَتَبَدَّدَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ». 5فَنَزَلَ الرَّبُّ لِيَنْظُرَ الْمَدِينَةَ وَالْبُرْجَ اللَّذَيْنِ كَانَ بَنُو آدَمَ يَبْنُونَهُمَا. 6وَقَالَ الرَّبُّ: «هُوَذَا شَعْبٌ وَاحِدٌ وَلِسَانٌ وَاحِدٌ لِجَمِيعِهِمْ، وَهذَا ابْتِدَاؤُهُمْ بِالْعَمَلِ. وَالآنَ لاَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ كُلُّ مَا يَنْوُونَ أَنْ يَعْمَلُوهُ. 7هَلُمَّ نَنْزِلْ وَنُبَلْبِلْ هُنَاكَ لِسَانَهُمْ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ بَعْضُهُمْ لِسَانَ بَعْضٍ». 8فَبَدَّدَهُمُ الرَّبُّ مِنْ هُنَاكَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ، فَكَفُّوا عَنْ بُنْيَانِ الْمَدِينَةِ، 9لِذلِكَ دُعِيَ اسْمُهَا «بَابِلَ» لأَنَّ الرَّبَّ هُنَاكَ بَلْبَلَ لِسَانَ كُلِّ الأَرْضِ. وَمِنْ هُنَاكَ بَدَّدَهُمُ الرَّبُّ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ.)
                  ثامنًا: لماذا لم يبلبل الرب اليوم ألسنة وعقول مبتكرى أسلحة الدمار الشامل، والقنابل الذرية وغيرها؟ ألا يخشى من امتلاك سفهاء القوم والملحدين لهذه الأسلحة؟
                  تاسعًا: هل من يخاف عبيده يُطلق عليه إله؟ أم أن هذه رواية حكاها رجل كافر أو إنسان لا يعرف لله قدرًا، أو إنسان مخمور، أم إنسان تخيل الرب زعيم عصابة؟
                  عاشرًا: ما علاقة أرض شنعار بمُلك فرعون ومصر؟إن روايتكم تتكلم عن أناس اتفقت على بناء برج لتصنع لنفسها اسمًا ومجدًا، فما علاقة هذا بفرعون وموسى؟
                  الحادى عشر: هل يتطلب خوف الرب من اتحاد البشر وتعاونهم على الخير أو حتى الإثم والعدوان، الخوف على ملكوته وعرشه حتى ينزل ويبلبل ألسنة الناس؟ فماذا فعل الرب فى تعاون الدول فى الحربين العالميتين؟ لماذا لم يخف الرب من تعاون الدول الأوربية وتكوين الاتحاد الأوروبى؟
                  الثانى عشر: هل نفهم من ذلك أنه لا يمكن أن يتم التعاون فى البناء لأناس ذوى أجناس مختلفة ولا يفهم أحدهم الآخر؟ يثبت العلم والتجربة عكس ذلك! وخاصة أنهم يكونون الطمى، ثم يضعونه فى قوالب، ثم يدخلونها الفرن، وعندما تخرج وتبرد، يتم اسخدامها فى البناء. فهذا العمل يمكن للأخرص أن يقوم به!!
                  الثالث عشر: اعتقد الكاتب الجاهل أن سبب تسمية بابل يأتى من الفعل (بَلْبَلَ)، وهذا غير صحيح، فهى تعنى (باب إيل) أى باب الرب أو باب الإله. فقد جاء فى قاموس الكتاب المقدس مادة (بابل – مدينة بابل) تحت (اسم بابل): (جاء اسم بابل من لفظ "باب ايلو" من اللغة الاكدية ومعناه "باب الله" ونفس اللفظ ترجمة الكلمة السومرية "كادنجرا" وتظهر أهمية بابل في العصور القديمة من ورود ذكرها في الكتاب المقدس أكثر من مائتي مرة. وهو اسم العاصمة العظيمة لمملكة بابل القديمة "شنعار" المذكورة في تك 10: 10 و14: 1 والأسماء الأخرى التي أطلقت على المدينة كثيرة، منها "تندير" مركز الحياة و"ايريدوكي" المدينة الطيبة آي الفردوس، إذ كان البابليون يعتقدون أن جنة عدن في بقعتها و"سو-انا" اليد العالية، ويظن أن المعنى "ذات الأسوار العالية".)
                  وبذلك قالت أيضًا (The International Standard Bible Encyclopedia) الموسوعة العالمية القياسية للكتاب المقدس.
                  (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) القصص 50
                  الرابع عشر: وقد ذكر الشيخ طاهر بن عاشور فى تفسيره (التحرير والتنوير 24/145) معنى لم يسبقه أحد إليه، فهو يرى أن المراد من قول فرعون لهامان ببناء صرح ليطلع إلى إله موسى أن يكون فرعون قد أراد أن يخلوا لنفسه، كنوع من الرياضة الروحية، ظنًا منه أنه سيستمد الوحي من الرب بهذه الطريقة، حيث يرى فرعون أنه يدعى أنه يوحى إليه، إذ قال (إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَىٰ مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ) طه 48، (فإن الارتياض فى مكان منعزل عن الناس كان من شعار الاستحياء الكهنوتي عندهم وكان فرعون يحسب نفسه أهلا لذلك لزعمه أنه ابن الآلهة وحامى الكهنة والهياكل. فأراد فى هذه الأزمة الجدلية أن يتصدى لذلك بنفسه ليكون قوله الفصل في نفي وجود إله آخر تضليلًا لدهماء أمته لأنه أراد التوطئة للإخبار بنفي إله آخر غير آلهتهم فأراد أن يتولى وسائل النفي بنفسه.)
                  الخامس عشر: لم يذكر لفظ هامان، ولا أنه كان وزيرًا لْمَلِكِ يُدعى أَحْشَوِيرُوشَإلا في سفر واحد من أسفارالكتاب المقدس ال 73 أو ال66 إلا فى سفر أستير فقط.
                  السادس عشر: يقول حبيب سعيد فى (المدخل إلى الكتاب المقدس) ص160 عن تاريخية هذه القصة: (على أن طائفة من الشراح يذهبون إلى أن القصة ليست تاريخية واقعية. فليس في سجلات الملك الفارسي ًاحَشْوِيرُوش –وهي باقية حتى اليوم- ذكر للملكة وشتي، أو أستير، أو مردخاي، أو هامان)
                  فهل تريد أن تعرف شيئًا عن هذا السفر عزيزى الكاتب؟
                  سفر أستير هو السفر الوحيد بين أسفار الكتاب المقدس الذي لم يجدوا أثرًا له، ولو لفقرة واحدة فيه بين مخطوطات البحر الميت. فمن بين آلاف القصاصات وأشلاء الأوراق المتناثرة في كهوف قمران لم يجدوا عبارة واحدة أو نصف عبارة لسفر أستير تؤكد وجود هذا السفر تاريخيًا. لم يجدوا مطلقًا. كما أنه السفر الوحيد الذى لم يُذكر فيه اسم الله. ولم يقتبس منه العهد الجديد ولو فقرة واحدة.
                  وفى ذلك يقول قاموس الكتاب المقدس:(وقد اكتشفت من بين لفائف وادي قمران ومخطوطاته أجزاء من كل سفر من أسفار العهد القديم فيما عدا سفر أستير).
                  ويقول مدخل سفر أستير فى الكتاب المقدس النسخة الكاثوليكية ص875: (.. .. إنه عبارة عن رواية شعبية قد اقتُبست من التقليد الحِكَمى الشائع فى العالم الوثنى المحيط باليهودية .. ..)
                  وفى ص876 يقول: (من الواضح أن المؤلف لا يعرف الملوك الذين يذكرهم إلا من بعيد (1/2 و15) وأنه لم يتنقل فى المناطق التى يصفها (5/6). فإذا أحاطت روايته بإطار عريق هو إطار القرنين الثامن والسابع، فما ذلك إلا ليُضفى عليها طابع الحقيقة والحجة. إن المؤلف هو فى الواقع قصاص يحب الطرافة والتفاصيل المأخوذة على طبيعتها.)
                  أى إن المؤلف قصَّاص خيالى، كذَّاب ومدلِّس، يريد أن يخدع القارىء ويُضفى المصداقية على كتابه وهى ما أسماها المدخل (طابع الحقيقة والحُجَّة)، وأنه استقى معلوماته من حكم الوثنيين!!
                  وفى هامش الإصحاح الأول يقول ص880: (كثيرًا ما يختلف النص اللاتينى الشائع عن النص اليونانى المعتمد فى هذه الترجمة العربية (راجع المدخل إلى سفر طوبيا)، ولذلك فهنالك عدم توافق متواتر بينهما فى ترقيم الآيات.)
                  ويقول أيضًا فى نفس الصفحة: (اسم الأب طوبيت واسم الابن طوبيا. أما سائر أسماء العلم فى الكتاب فإنها تختلف اختلافًا كبيرًا باختلاف المخطوطات.)
                  يقول مليتو أسقف ساردس (حوالي 170م) إنه ذهب إلى الشرق ليعرف عدد الكتب التي يستخدمها اليهود في فلسطين، كما نقل عنه المؤرخ الكنسي يوسابيوس ك4 ف11:26، ولم يذكر ضمن هذه الكتب سفر أستير.
                  نقلًا عن (الكتاب المقدس يتحدى) للقس عبدالمسيح بسيط ص87
                  وإليك أراء بعض علماء الكتاب المقدس فى سفر أستير:
                  يقول حبيب سعيد فى (المدخل إلى الكتاب المقدس. ص160): (ليس هناك أي دليل ينبئ عمن هو كاتب هذا السفر، وعن تاريخ كتابته.... ولا ندري متى كتبت القصة، ويذهب بعضهم إلى أنها كتبت حوالي سنة 130 ق.م. لأنها تعكس وجهة نظر المكابيين. وتنبئ لغة القصة وأسلوبها على أنها كتبت بعد زمن حدوثها بوقت طويل. ومن غريب الأمر أن القصة تخلو تمامًا من ذكر "يهوه"). وهذا النقص العجيب في هذا السفر جعل اليهود يضيفون إليه بعد ذلك ما عرف بـ "تتمة سفر إستير" ويكثرون من كتابة اسم "الله" ليتداركوا نقص السفر الأول.
                  وفى ص192 من نفس الكتاب أعلاه يقول حبيب سعيد: (وهذه الإضافات التي كتبت فيما بين سنة 114 ق.م. وسنة 90 ب.م. والتي يبدو أنها كتبت بغير يد واحدة، وضعت في الأصل باليونانية وأدخلت بعد ذلك في الترجمة السبعينية لسفر أستير القانوني.
                  وسفر أستير القانوني – كما هو معروف- عار عن أي صبغة دينية، وحتى اسم الله لم يذكر به إطلاقًا. وفي هذه الفصول الإضافية يظهر الطابع الديني الذي ينقص السفر العبري القانوني، فيذكر اسم الله بكثرة، ولعل بعض القصد في هذه الإضافات اليونانية أن يكمل النقص الديني في النسخة العبرانية)
                  يقول مارتن لوثر: (أشعر بالعداء نحو هذا السفر لدرجة أنني كنت أتمنى ألا يكون موجودًا، فهذا السفر يصبغ كل شيء بالصبغة اليهودية، كما أنه يحمل في طياته الكثير من القسوة الوثنية.)
                  ويقول أيضًا: (على الرغم من أن اليهود يضعون هذا السفر بين الأسفار القانونية إلا أن ذلك السفر جدير - أكثر من كل كتب الأبوكريفا - بأن يستبعد من الأسفار القانونية).
                  ويقول نولدكه: (إن هذا السفر - في حقيقة الأمر- ليس إلا نسيجًا من المستحيلات)
                  ويقول سملر: (إن سفر أستير نتاج خيال محض، وأنه لايثبت سوى غطرسة اليهود وكبريائهم).
                  ويقول دى فيته: (إن هذا السفر ينتهك كل الاحتمالات التاريخية، كما أنه يحتوي على صعوبات بالغة وأخطاء عديدة).
                  ويقول نولدكه نقلا عن دائرة المعارف اليهودية: (إن اصل القصة باكملها مقتبسة من الأساطير البابلية والعيلامية، فاستير مستوحاه من الإلهه البابلية عشتار، ومردخاى مستوحى من مردوخ الاله الحافظ لبابل، وهامان مستوحى من (هامان) أو (هومان) إله العيلاميين الرئيسى الذى فى عاصمة دولته (سوسه) تدور احداث قصة استر، كما ان (وشتى) مستوحاه من احدى الالهات العيلامية). الأمر الذى يشير إلى تهافت ما يسمونه بالكتاب المقدس تاريخيًا.
                  فهل هذا هو كتابك الذى تُقدسه وتدعوا إليه أيها الكاتب، وتُهاجم من أجله القرآن الكريم؟ هل هذا هو الكتاب الذى تريد أن تتخذه قدوة وترفعه كشعار للحق والصدق التاريخى؟ هل هذا هو الكتاب الذى تجعله مهيمنًا على مجريات الأحداث، وصدق الحقائق التاريخية؟ فأين حُمرتكَ يا خجل؟!! وما علاقة الوحى بهذا؟؟!! وهل تآمر الوحى مع هذا القصَّاص المُخادع لإخراج هذا الكتاب؟ ألا تُسبُّون الله هكذا بنسبة هذا الكتاب إليه؟
                  وننهى الرد بقولنا: ومن أفضل من شرح موضوع هامان هو العالم الفرنسي المسلم "موريس بوكاي" في كتابه "موسى وفرعون" (Moise et Pharaon)؛ إذ قام ببحث مستفيض حول قصتي يوسف وموسى -عليهما السلام- كما وردتا في التوراة، وقارنهما بما جاء في القرآن حولهما، وتوصل بعد بحث علمي وموضوعي دقيق إلى أن المعلومات العلمية المتوفرة لدينا تقف بجانب ما جاء في القرآن، وتخالف ما جاء في التوراة.
                  يقول موريس بوكاي: "لقد جاء ذكر هامان في القرآن كرئيس المعماريين والبنّائين. ولكن الكتاب المقدس لا يذكر أي شيء عن هامان في عهد فرعون. وقد قمتُ بكتابة كلمة "هامان" باللغة الهيروغلوفية (لغة مصر القديمة)، وعرضتها على أحد المختصّين في تارخ مصر القديمة. ولكي لا أدعه تحت أي تأثير لم أذكر له أنها وردت في القرآن، بل قلت له إنها وردت في وثيقة عربية قديمة يرجع تاريخها إلى القرن السابع الميلادي. فقال لي المختصّ: "يستحيل أن ترِد هذه الكلمة في أي وثيقة عربية في القرن السابع؛ لأن رموز الكتابة باللغة الهيروغلوفية لم تكن قد حلّت آنذاك". ولكي أتحقق من هذا الأمر فقد أوصاني بمراجعة "قاموس أسماء الأشخاص في الإمبراطورية الجديدة" لمؤلفه "أللامند رانك". نظرتُ إلى القاموس فوجدت أن هذا الاسم موجود هناك ومكتوب باللغة الهيروغلوفية وباللغة الألمانية كذلك. كما كانت هناك ترجمة لمعنى هذا الاسم وهو "رئيس عمّال مقالع الحجر". وكان هذا الاسم أو اللقب يطلق آنذاك على الرئيس الذي يتولى إدارة المشاريع الإنشائية الكبيرة.
                  استنسخت تلك الصفحة من ذلك القاموس وذهبت إلى المختص الذي أوصاني بقراءته، ثم فتحتُ ترجمة القرآن بالألمانية وأريته اسم هامان فيه، فاندهش ولم يستطع أن يقول شيئًا.
                  لو جاء ذكر اسم هامان فرعون في أي كتاب قبل القرآن، أو لو جاء ذكره في الكتاب المقدس لكان المعترضون على حق، ولكن لم يرد هذا الاسم حتى نزول القرآن في أي نصّ، بل ورد فقط على الأحجار الأثرية لمصر القديمة وبالخط الهيروغلوفي. إن ورود هذا الاسم في القرآن بهذا الشكل المذهل لا يمكن تفسيره إلا بأنه معجزة، وليس ثمة أي تعليل آخر. أجل، إن القرآن أعظم معجزة".
                  وكما سبق القول إنه ما من مؤرّخ أو كتاب أو نص أشار إلى شخص اسمه هامان كان مقربًا من فرعون مصر في عهد موسى ، ولم يكن أحد يعلم شيئًا كثيرًا عن تاريخ مصر القديم؛ لأن العلماء كانوا عاجزين عن قراءة الكتابات المصرية القديمة المكتوبة بالهيروغلوفية. وقد اندثرت اللغة الهيروغلوفية تدريجيًّا بعد انتشار المسيحية في مصر حتى انمحت تمامًا. وآخر نص مكتوب بهذه اللغة كان في عام 394م، ولم يعد أحد يتكلم بها أو يعرف قراءتها. واستمر هذا الوضع حتى عام 1822م عندما استطاع العالم الفرنسي "فراجيان فرانسوا شامبليون" فكّ رموز هذه اللغة التي كان هناك نص مكتوب بها على حجر رشيد (Rosetta Stone).
                  وقد تم اكتشاف هذا الحجر من قبل ضابط فرنسي عام 1799م في أثناء الحملة الفرنسية على مصر في قرية رشيد بمحافظة البحيرة. كان هناك نص يمجِّد فرعون مصر وانتصاراته ومكتوب بثلاث لغات هي: اللغة الهيروغلوفية، واللغة الديموطيقية (وهي اللغة العامية المصرية القديمة) واللغة الإغريقية. وكان تاريخ الكتابة يعود إلى عام 196 ق.م. وساعد وجود هذه اللغات الثلاث العالم الفرنسي على فك رموز اللغة الهيروغلوفية. فقد قام بمضاهاة هذا النص بالنص الإغريقي ونصوص هيروغلوفية أخرى حتى نجح في فك رموز الهيروغلوفية؛ لأن النص اليوناني كان عبارة عن أربعة وخمسين سطرًا وسهل القراءة. وهذا يدل على أن هذه اللغات الثلاث كانت سائدة إبان حكم البطالسة الإغريق لمصر. (أحمد محمد عوف: عبقرية الحضارة المصرية القديمة)
                  وبعد حل رموز الكتابة الهيروغلوفية علمنا من الكتابات الموجودة على عدد من الأحجار الأثرية العائدة للتاريخ المصري القديم وجود شخص مقرب من فرعون مصر في عهد موسى  كان مسئولًا عن البناء اسمه "هامان". وهناك حجر من هذه الأحجار المصرية القديمة ورد فيه هذا الاسم، وهو موجود في متحف "هوف" في "فيينا" عاصمة النمسا.
                  أطالبك عزيزى القارىء لو أنت باحث فعلا عن الحق أن تترك التعصُّب وتشهد أنه لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله.
                  * * *

                  تعليق


                  • #99
                    الملف 74
                    هل كان الاسكندر الأكبر نبيًا؟:
                    يواصل الكاتب المسيحى نقله للشبهات الموجه للقرآن فيقول:
                    الاسكندر الأكبر كان نبيًا
                    "ويسألونك عن ذى القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذِكرًا. إنّا مكنّا له فى الأرض وأتيناه من كل شىء سببًا فاتبع سببًا حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب فى عين حمئة ووجد عندها قومًا قلنا ياذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنًا قال أما من ظلم سوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابًا نكرًا. وأما من آمن وعمل صالحًا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرًا". سورة الكهف 83:18-88
                    وأرد عليه قائلا:
                    وأكرر: إنه لو حدث اختلاف بين معطيات كتابك الذى تقدسه والقرآن الكريم، فالقرآن الكريم أصدق فى نقل الخبر والحدث والمعطيات، وقد أثبت لك مرارًا أن كتابك لا يصلح أن يكون كتابًا مدرسيًا، ولا حتى كتاب للثقافة، لكثرة ما به من أخطاء، ولاسيما حول قصص أنبياء الله كإبراهيم ونوح ولوط وموسى وداود وعيسى عليهم السلام. وكما أنكم لا تملكون سندًا متصلا لهذه الكتب التي تؤمنون بها، ولا معرفة بحال الذين قاموا بكتابتها أو بترجمتها أو بحفظها، مع اشتمالها على عشرات المواضع المتناقضة والمختلفة التي ينتفي معها دعوى العصمة وأنها كتبت بالإلهام من الروح القدس، وحسبك باختلافهم في نسب عيسى . فكيف تفكر أن يكون كتابك هو الحكم الفيصل على ما ورد فى القرآن؟
                    فى الحقيقة إن هذه الشبهة مرتبطة بشبهة أخرى وهى كيف تغرب الشمس فى بئر ماء، وهى تكبر الأرض نفسها بحوالى مليون وثلاثين ألف مرة. وفيها من التدليس على القرآن ما فيها، وهو يعكس كيف يفكر هؤلاء القوم، وكيف ينقل بعضهم عن البعض الآخر دون تمحيص أو تفكير أو حتى قراءة الرد الإسلامى على الشبهات. فكل ما هناك أنهم يفترون، ويتركونا للرد. لكن على كل حال فهذا نفع الإسلام ولم يضره. وأفاد المسلمين بالبحث والتمحيص والقراءة المتأنية. ونشكرهم على هذا!
                    وها هى الآيات التى تتكلم عن ذى القرنين: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا * إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآَتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا * فَأَتْبَعَ سَبَبًا * حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا * قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا * وَأَمَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا * ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا * حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا * كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا * ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا * حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا * قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا * قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا * آَتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا * فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا) الكهف 83-97
                    والمعنى الإجمالى: هذا جواب عن سؤال لقنه الله تعالى لرسوله  مفاده أن من عباد الله عز وجل عبد يقال له ذو القرنين ومن صفات هذا العبد أن الله هيأ له الأسباب فانتفع بها وأضاف إليها وأنه وصل إلى مكان غروب الشمس فوجدها تغرب فى بحيرة شأنه شأن كل من وقف على شاطئ بحر فإنه يجد الشمس كأنها تغرب فى قلب البحر ووجد فى هذا المكان قوما، خيره الله عز وجل فى أمرهم لما غلبهم، خيره بين أن يعذبهم أو أن يحسن إليهم فقال إنه سوف يعذب الظالم ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا منكرًا عظيمًا وأما المؤمن الذى يعمل الصالحات فله عند الله جزاء الحسنى وهى الجنة وسوف ييسر له وازداد أخذًا بالأسباب ووصل على مطلع الشمس أى وصل إلى أقصى المشرق كما وصل إلى أقصى المغرب ووجد عند المشرق قومًا ليس لهم من الشمس ستر أى بناء أو ملبس، فأخبرهم بأن الله مكن له وطلب منهم أن يعينوه بقوة حتى يجعل بينهم وبين هؤلاء القوم ردمًا وأمرهم أن يأتوه بقطع الحديد ووضعها بين هذين الجبلين حتى إذا اكتملت أمرهم أن يأتوه بنحاس مذاب ليفرغ عليه من هذا النحاس وبهذا لم يستطع القوم المفسدون أن يصعدوه ولا أن ينقبوه وقال لهم إن هذا السد رحمة من الله فإذا جاء وعد الله فسوف يندك السد وكان وعد الله حقا لا يخلف. (عن موقع هدى الإسلام)
                    أما الرد التفصيلى:
                    أولا: لا يوجد فى الآيات القرآنية ما يشير إلى أن ذا القرنين هو الإسكندر الأكبر أو أنه كان وثنيًا وأوحى الله إليه.
                    لكن فى الحقيقة هذه نقطة جيدة جدًا فى الحوار، فهم يؤمنون إذًا أنه من غير المنطقى أن يتخذ الرب نبيًا وثنيًا ويوحى إليه، حيث إن النبى فى عرف كل العقلاء لابد أن يمثل الله سبحانه وتعالى على الأرض من خلال الرسالة التى يحملها للناس، وكيفية تطبيقها على أرض الواقع.
                    ومن هنا نسألهم: فكيف تؤمنون أن نبى الله إبراهيم وأبا الأنبياء أقنع زوجته سارة أن تذهب إلى فراش فرعون إذا طلبها ليكون له أغنام وأبقار وغيره؟ (تكوين 12: 11-16) وكيف تؤمنون أن يعقوب ضرب الرب وهزمه وأجبره على أن يباركه وانتزع منه النبوة لنفسه وفى ذريته من بعده؟ (تكوين 32: 24-30)
                    وكيف تؤمنون أن داود كان نبيًا وهو قد زنى بامرأة جاره؟ (صموئيل الثانى صح 11) وكيف تؤمنون أن داود كان نبيًا، وهو جد الرب عندكم، وقد قتل أولاده الخمسة من زوجته ميكال لإرضاء يهوه؟ (صموئيل الثاني 21: 8-9) وكيف تؤمنون أن سليمان كان نبيًا وتحتفظون له بثلاثة أسفار تنسبونها له، وهو قد كان كافرًا؟ (الملوك الأول 11: 4-7) ألم يعلم الرب بعلمه الأزلى أن سليمان سيكفر ويعبد الأوثان ويبنى لها المذابح ويدعو لعبادتها؟
                    بل كيف تؤمنون أن الرب يهوه/يسوع أمر هارون أن يقدم تيسًا للشيطان (عزازيل)؟ (لاويين 16: 5-10)
                    وكيف تؤمنون أن الرب يتعاون مع الشيطان على إغواء أخاب؟ (ملوك الأول 22: 19-22)
                    وكيف تؤمنون أن الرب وافق على تحدى الشيطان أن يكفر به عبده ونبيه أيوب؟ (أيوب 2: 6-12)
                    وكيف تؤمنون أن موسى عصى الرب ولم يختن ابنه، حتى نزل الرب ليقتله فتداركت صفورة هذه الكارثة وأخذت قطعة الصخر الصوان وقطعت غرلة الطفل؟ (خروج 4: 24-26) ألم تفكروا كيف عرفت صفورة بنزول الرب؟ فهل كان يوحى إليها؟ أم كانت يتراءى لها تحركات الرب فى السماء؟ أم كانت أسرع من الرب فأنقذت ابنها من بين يديه؟
                    وكيف تؤمنون أن يهوه إله وهو يخلق الشر ويدمر الخير: (فَإِنَّ الرَّبَّ أَمَرَ بِإِبْطَالِ مَشُورَةِ أَخِيتُوفَلَ الصَّالِحَةِ لِيُنْزِلَ الرَّبُّ الشَّرَّ بِأَبْشَالُومَ.) صموئيل الثانى 17: 14، فما هو عمل الشيطان غير ذلك؟
                    وكيف تؤمن أن يسوع الإله وقد اعتقله الشيطان لمدة أربعين يومًا فى الصحراء؟ وكيف تؤكد أن الذى عاد من الأسر هو يسوع وليس الشيطان متجسدًا فى صورة يسوع؟ وهل الذى يقدر على الإله ويسيطر عليه بهذه الكيفية يصعب عليه قتل الإله أو على الأقل تحريف كتابه؟
                    ألا ترى أنك عزيزى الكاتب تتناقض مع نفسك، وأن هناك تخبط فى حكمك على الأشياء، وأنه ليس لديك معيار واحد تقيس به الأمور، وأنك تنقل دون فهم أو وعى ما يُقال لك أو ما تجده يدين الإسلام فى فهمك؟ ألا يدل هذا على تحاملك على الإسلام وكرهك له؟
                    ثانيًا: لا يوجد فى كتابكم المقدس جدًا أية معلومة عن ذى القرنين الرجل المؤمن، ولا حتى الإسكندر المقدونى، وكل ما هناك رؤيا لدانيال، زعموا أن فيها إشارة لحكم هذا الإسكندر الكافر وانقسام مملكته من بعده. كما يوجد انطباع فى سفرى إشعياء وإرمياء أن ذا القرنين هو (الملك قورش) وهو المنقذ والمَوعود بهُ الذى أرسله الله لتحرير اليهود من الأسر وتجديد عمارة أورشاليم. هذا ويرى المؤرخ اليونانى هيرودوت أن قورش هو ذى القرنين.
                    ثالثًا: وأنه سُمِّىَ بذى القرنين لأنه كان ذا ضفيرتين من شعر فسمي بهما؛ ذكره الثعلبي وغيره. والضفائر قرون الرأس. وقيل: إنما سمي بذلك، لأنه بلغ المغرب والمشرق فكأنه حاز قرني الدنيا. وقالت طائفة: إنه لما بلغ مطلع الشمس كشف بالرؤية قرونها فسمي بذلك ذا القرنين؛ أو قرني الشيطان بها.
                    وسأل ابن الكواء عليا  عن ذي القرنين أنبيا كان أم ملكا؟ فقال (لاذا ولاذا، كان عبدا صالحا دعا قومه إلى الله تعالى فشجوه على قرنه، ثم دعاهم فشجوه على قرنه الآخر، فسمي ذا القرنين). وهناك أسباب أخرى قيلت فى سبب تسميته بهذا الاسم.
                    وقال وهب بن منبه: كان له قرنان تحت عمامته.
                    رابعًا: لا يوجد فى تفاسير المسلمين من قال إن ذا القرنين هو الإسكندر المقدونى الوثنى، إلا فى السيرة لابن هشام، ثم وهب بن منبه واضع الكثير من الإسرائيليات. فقد جاءت الروايات القائلة إن "ذو القرنين" هو الإسكندر المقدوني عن "وهب بن منبه" [ 34 ـ 114هـ 654 ـ 732م] وهو مصدر لرواية الكثير من الإسرائيليات والقصص الخرافي.
                    ولقد شكك ابن إسحاق ـ وهو الذي تميز بوعي ملحوظ في تدوين ونقد القصص التاريخي ـ شكك فيما روى من هذا القصص ـ الذي دار حول تسمية ذي القرنين بالإسكندر، أو غيره من الأسماء .. وشكك أيضا في صدق ما نسب للرسول  حول هذا الموضوع .. وذلك عندما قال ابن إسحاق: "فالله أعلم أي ذلك كان؟ .. أقال رسول الله  ذلك أم لا؟".
                    ويثني القرطبي على شك وتشكيك ابن إسحاق هذا،عندما يورده، ثم يقول: "والحق ما قال " .. أي أن الحق هو شك وتشكيك ابن إسحاق في هذا القصص، الذي لم يخضع للتحقيق والتمحيص وإن يكن موقف ابن إسحاق هذا، وكذلك القرطبي، هو لون من التحقيق والتمحيص.
                    فليس هناك إذًا ما يشهد على أن الإسكندر الأكبر المقدوني ـ الملك الوثني ـ هو ذو القرنين، العادل، والموحد لله.
                    خامسًا: إن ذا القرنين المذكور فى الآية هنا هو عبد مؤمن سار فى عبادة الله تعالى إلى أن وصل إلى أقصى غرب البلاد، على المحيط الأطلس، ورأى مغرب الشمس فى المحيط. أى كان بين الإسكندر المقدونى حوالى ألفى سنة، وعلى ذلك فهو ليس الإسكندر المقدوني اليوناني الكافر الذي بنى الإسكندرية، والمتوفى عن عمر يُناهز 33 سنة، وتوفى عام 323 قبل الميلاد.
                    أما ذو القرنين المذكور في القرآن فكان في زمن إبراهيم ، ويقال إنه أسلم على يدي إبراهيم ، وحج البيت ماشيًا. وقد اختلف الناس فيه هل كان نبيا أم كان عبدا صالحا وملكًا عادلًا، مع اتفاقهم على أنه مسلم موحد طائع لله تعالى.
                    سادسًا: ويُقال إنه كان هناك اثنان يُطلق عليهم هذا الاسم: أحدهما: اسكندر هو ذو القرنين وأبوه أول القياصرة وكان من ولد سام بن نوح ، وهذا ما قاله قتادة، والثانى اسكندر المقدونى الكافر، الذى بنى مدينة الإسكندرية.
                    سابعًا: ويجب أن ننوِّه أنه لم يتفق المفسرون أو الصحابة على قول واحد فى ذى القرنين هذا. لكنهم اتفقوا على أن ذا القرنين القرآنى كان مسلمًا مؤمنًا موحدًا، بل اختلف المسلمون فى كونه نبيًا أم ملكًا، أم الاثنين معًا. طاف الأرض يدعو إلى الإسلام ويقاتل عليه من خالفه، فنشر الإسلام وقمع الكفر وأهله وأعان المظلوم وأقام العدل.
                    أما الذي سماه "الإسكندر" (يقول الدكتور محمد عمارة) فهو ابن هشام [213هـ 828م ] ـ الذي لخص وحفظ [السيرة] ـ لابن إسحاق ـ . . وهو يحدد أنه الإسكندر الذي بني مدينة الإسكندرية، فنسبت إليه .
                    وكذلك جاءت الروايات القائلة إن "ذو القرنين" هو الإسكندر المقدوني عن "وهب بن منبه" [ 34 ـ 114هـ 654 ـ 732م] وهو مصدر لرواية الكثير من الإسرائيليات والقصص الخرافي. وقال بذلك أيضًا غير واحد من المفسرين، على سبيل الإجتهاد الشخصى، ويحمد لهم هذا الإجتهاد، حتى لو أخطأوا.
                    ويقول الإمام الرازي فى تحديد المراد بذي القرنين: (إنه كان عبدًا صالحًا، ملكه الله الأرض، أعطاه العلم والحكمة، وألبسه الهيبة، وإن كنا لا نعرف من هو" (انظر: مفاتيح الغيب للرازي 21/163)
                    ثامنًا: فى الحقيقة إن هناك قاعدة مهمة لابد من تقريرها، وهي أن القرآن الكريم هو الحاكم على التاريخ، لا المحكوم عليه بالتاريخ، وعلى هذا فلا يؤخذ قول المؤرخين ليفسر به القرآن الكريم؛ لأنه قد يقع الخلل فى التأريخ، فتفسير القرآن بالتاريخ حط من مرتبة القرآن الكريم وخلط بين كتاب إلهي محفوظ وجهد بشرى متعرض للخل؛ ولذلك فإن المفسرين لما اغتروا بالتاريخ وقعوا فى معضلات لم يجدوا لها حلًا. انظر إلى ما نقل الإمام الألوسى مثلًا من أن ذا القرنين كان تلميذًا لأرسطو الحكيم، أو أنه كان من وزرائه الخضر،أو أنه كان في عصر إبراهيم .
                    وكذلك ليس المنهج الذى سار عليه الإمام الألوسى فى ترجيح أنه من الأذواء لأن اسمه مبدوء بذي ليس هذا المنهج أيضًا بمرضى؛ لأنه لا يدل عليه دليل من القرآن الكريم ولا يصلح أيضًا أن تكون عدم الشهرة دليلًا على تحديد المسئول عنه وما أعظم كلمته رحمه الله حين يقول ولا يكاد يسلم فى أمر ذي القرنين شئ من الأقوال عن قيل وقال وحين يقول وتواريخ هاتيك الأعصار قد أصابها إعصار ولم يبق ما يعول عليه ويرجع فى حل المشكلات إليه.
                    تاسعًا: لقد صح عن مجاهد أنه قال: "ملك الأرض مشرقها ومغربها أربعة نفر: مؤمنان وكافران، فالمؤمنان: سليمان بن داود وذو القرنين، والكافران: بختنصر ونمرود بن كنعان، لم يملكها غيرهم" رواه الطبري في "التفسير" (5/433) .
                    قال ابن كثير رحمه الله: "ذكر الله تعالى ذا القرنين هذا وأثنى عليه بالعدل، وأنه بلغ المشارق والمغارب، وملك الأقاليم وقهر أهلها، وسار فيهم بالمعدلة التامة والسلطان المؤيد المظفر المنصور القاهر المقسط. والصحيح: أنه كان ملكا من الملوك العادلين" انتهى من "البداية والنهاية" (2 /122)
                    وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذِي الْقَرْنَيْنِ فَقِيلَ كَانَ نَبِيًّا، وَقِيلَ: كَانَ مَلَكًا مِنْ الْمَلَائِكَة، وقيل لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا وَلَا مَلَكًا، وَقِيلَ: كَانَ مِنْ الْمُلُوك. وَعَلَيْهِ الْأَكْثَر" انتهى بتصرف .
                    وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "هو ملك صالح كان على عهد الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ويقال إنه طاف معه بالبيت، فالله أعلم" انتهى من "فتاوى نور على الدرب" - لابن عثيمين (60 /4) .
                    قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "الْإِسْكَنْدَر الْيُونَانِيّ كَانَ قَرِيبًا مِنْ زَمَن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام، وَبَيْن زَمَن إِبْرَاهِيم وَعِيسَى أَكْثَر مِنْ أَلْفَيْ سَنَة، وَالَّذِي يَظْهَر أَنَّ الْإِسْكَنْدَر الْمُتَأَخِّر لُقِّبَ بِذِي الْقَرْنَيْنِ تَشْبِيهًا بِالْمُتَقَدِّمِ لِسَعَةِ مُلْكه وَغَلَبَته عَلَى الْبِلَاد الْكَثِيرَة، أَوْ لِأَنَّهُ لَمَّا غَلَبَ عَلَى الْفُرْس وَقَتَلَ مَلِكهمْ اِنْتَظَمَ لَهُ مُلْك الْمَمْلَكَتَيْنِ الْوَاسِعَتَيْنِ الرُّوم وَالْفُرْس فَلُقِّبَ ذَا الْقَرْنَيْنِ لِذَلِكَ.
                    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "كان أرسطو قبل المسيح بن مريم عليه السلام بنحو ثلاثمائة سنة، كان وزيرا للإسكندر بن فيلبس المقدوني الذي غلب على الفرس وهو الذي يؤرخ له اليوم بالتاريخ الرومي تؤرخ له اليهود والنصارى، وليس هذا الإسكندر هو ذا القرنين المذكور في القرآن كما يظن ذلك طائفة من الناس، فإن ذلك كان متقدما على هذا وذلك المتقدم هو الذي بنى سد يأجوج ومأجوج، وهذا المقدوني لم يصل إلى السد، وذاك كان مسلما موحدا وهذا المقدوني كان مشركا هو وأهل بلده اليونان كانوا مشركين يعبدون الكواكب والأوثان" انتهى "منهاج السنة النبوية" (1 /220)، وينظر: "مجموع الفتاوى" (11 /171-172)، "إغاثة اللهفان"، لابن القيم (2 /263-264).
                    عاشرًا: سُئل النبى محمد  عن ذى القرنين بايعاذ من علماء اليهود (روى ذلك القرطبى، والترمذى، والامام احمد فى سنده) (قالت اليهود ..... اخبرنا عن نبى لم يذكره الله فى التوراه الا فى مكان واحد). قال الرسول  ومن هو ...... قالوا اليهود ذو القرنين. وبالتالى نستخلص ان هذا الاسم أو اللقب لم يضعه القرآن من عنده، بل وضعوه الذين سألوا عنه و هم (اليهود) وهم الذين اطلقوه عليه، ولذلك نزلت الآيه الكريمة بسورة الكهف... (ويسألونك عن ذى القرنين). فأجاب الرسول  ...... (هو ملكُ مَسَحَ الأرض بالأسباب) ولم يشرح الرسول الكريم معنى الأسباب، وذلك مذكور فى رواية ابن اسحاق وروايه عن معذان الكلابى.
                    الحادى عشر: يقول سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 12: 1-6 (1وَظَهَرَتْ آيَةٌ عَظِيمَةٌ فِي السَّمَاءِ: امْرَأَةٌ مُتَسَرْبِلَةٌ بِالشَّمْسِ، وَالْقَمَرُ تَحْتَ رِجْلَيْهَا، وَعَلَى رَأْسِهَا إِكْلِيلٌ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ كَوْكَبًا، 2وَهِيَ حُبْلَى تَصْرُخُ مُتَمَخِّضَةً وَمُتَوَجِّعَةً لِتَلِدَ. 3وَظَهَرَتْ آيَةٌ أُخْرَى فِي السَّمَاءِ: هُوَذَا تِنِّينٌ عَظِيمٌ أَحْمَرُ لَهُ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ وَعَشَرَةُ قُرُونٍ، وَعَلَى رُؤُوسِهِ سَبْعَةُ تِيجَانٍ. 4وَذَنَبُهُ يَجُرُّ ثُلْثَ نُجُومِ السَّمَاءِ فَطَرَحَهَا إِلَى الأَرْضِ. وَالتِّنِّينُ وَقَفَ أَمَامَ الْمَرْأَةِ الْعَتِيدَةِ أَنْ تَلِدَ حَتَّى يَبْتَلِعَ وَلَدَهَا مَتَى وَلَدَتْ. 5فَوَلَدَتِ ابْنًا ذَكَرًا عَتِيدًا أَنْ يَرْعَى جَمِيعَ الأُمَمِ بِعَصًا مِنْ حَدِيدٍ. وَاخْتُطِفَ وَلَدُهَا إِلَى اللهِ وَإِلَى عَرْشِهِ، 6وَالْمَرْأَةُ هَرَبَتْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ حَيْثُ لَهَا مَوْضِعٌ مُعَدٌّ مِنَ اللهِ لِكَيْ يَعُولُوهَا هُنَاكَ أَلْفًا وَمِئَتَيْنِ وَسِتِّينَ يَوْمًا.)
                    ولنا الحق أن نسأل: كيف تتسربل سيدة بالشمس، وهى لا تستطيع حتى الاقتراب منها، ناهيك عن عظم حجمها بالنسبة لها؟ فلك أن تتخيل أن يكون هناك إنسان متسربل بالمحيط، والشمس أكبر وأعظم فى الحجم من الأرض كلها مليون وثلاثين ألف مرة، كما تقولون! وكيف يكون القمر تحت رجليها والقمر يكبرها ملايين المرات؟ وكيف تكون ثلث نجوم السماء تُجر بذنب التنين، الشيطان، بل ويطرحها على الأرض؟
                    * * *
                    أخطاء أخلاقية مزعومة
                    إباحة الحنث فى اليمين:
                    ويواصل الكاتب انتقاده للإسلام والقرآن قائلا تحت: (أخطاء أخلاقية)
                    إباحة الحنث فى اليمين
                    "لا يؤاخذكم الله باللغو فى إيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم". سورة البقرة 225:2
                    إباحة القتل
                    "يا أيها النبى حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائه يغلبوا ألفًا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون". سورة الأنفال 65:8
                    إباحة الخداع
                    "لا يؤاخذكم الله باللغو فى إيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الإيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة إيمانكم إذا حلفتهم واحفظوا إيمانكم كذلك يبيّن الله لكم آياته لعلكم تشكرون". سورة المائدة 89:5
                    وأرد عليه قائلا:
                    يطعن أهل الجهل اللغوى فى قول الله تعالى: (لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) البقرة: 225، فظن أن القرآن يبيح للمسلم أن يقسم كذبًا كيفما شاء.
                    اليمين أو الأيمان أو القسم لا يكون إلا باسم عظيم ذا شأن ومكانة عظيمة، ولا يوجد أعظم من الله تعالى. وبالنسبة للبشر لايجوز القسم بغيره سبحانه وتعالى ولا حتى بالنبي ولا بالعكبة ولا بالقرآن، بل برب النبي ورب الكعبة وهو الله تعالى أو باسم من أسمائه الحسنى.
                    عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهُوَ يَسِيرُ فِي رَكْبٍ وَهُوَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : (إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ).
                    أما بالنسبة للحنث فى اليمين أو الخداع الذى تكلم عنه الكاتب المسيحى العربى، الذى لا يفهم الآيات العربية، أو لا يريد أن يفهمها، فإن الله تعالى من رحمته أنه لا يُحاسب على الأعمال إلا بالنيات، فمن أحسن لله تعالى أثابه الله على عمله. ومن أحسن للدنيا أو للمنصب أو لأى شىء إلا لله، لم يُثاب على عمله هذا فى الآخرة. ومن تعمَّد الإساءة عوقب من الله على هذه الإساءة، ومن أخطأ فى حق الله تعالى غير متعمِّد، غفر الله له.
                    وفى الحقيقة فإن هذا الفهم الخاطىء قد ينتج عن عدم فهمه اللغة والفقه الإسلامى فى نفس الوقت. الأمر الذى جعل أهل الجهل اللغوى والفقهى أن يطعن فى قول الله تعالى: (لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) البقرة: 225، فظن أن القرآن يبيح للمسلم أن يقسم كذبًا كيفما شاء.
                    إلا أن القارىء المدقق للآية لا يظن فى طارح هذه الشبهة ظنًا حسنًا، لأن مفهوم الآية ينقسم إلى اثنين: أيمان لغو لا يُحاسب الله عليه، ولكن ما يُحاسب عليه العبد هو نيته وقلبه وقت القسم. لذلك جاءت الآيات المبينة أكثر لهذا الأيمان والمقسِّمة له إلى ثلاثة أقسام، كما سيأتى: (لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ ۖ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ۖ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ۚ ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ۚ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) المائدة 89
                    فالآية تتحدث عن عفو الله تعالى عن الحالف لغوًا لا يقصد به القسم، فهل هذا يؤخذ على الإسلام، أم أن هذا من باب محبة الله تعالى لعبده؟
                    فإن الحلف على الكذب من صفات المنافقين واليهود الذين يعتاضون ويستبدلون بعهد الله تعالى، وبأيمانهم الكاذبة الفاجرة أعراض الحياة الدنيا.
                    وقد أمر الله تعالى بحفظ الأيمان، وعدم المسارعة إليها، فقال: (وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ) المائدة 89
                    وقال: (وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ) البقرة 224، أي لا تجعلوه معرضا لأيمانكم فتبتذلون اسمه بكثرة الحلف به.
                    كما أنه تعالى ذم المكثرين من الحلف فقال: (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ) القلم 10
                    ثم إن من حلف بالله كاذبًا متعمدًا، فقد ذهب الجمهور إلى أنه لا كفارة عليه، إذ أنه أتى بذنب أعظم من أن تمحو أثره كفارة يمين، وإنما الواجب عليه أن يتوب لله تعالى مما ارتكبه وتجرأ عليه.
                    وذهب الشافعي وطائفة من العلماء إلى وجوب الكفارة عليه، لعموم قوله تعالى: (لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ) المائدة 89
                    ولعل الجمع بين التوبة والكفارة أسلم، إعمالًا للنصوص كلها، وخروجًا من خلاف أهل العلم، ولأن موجب التوبة والكفارة قائم، فلا يغني أحدهما عن الآخر. والله أعلم
                    أما بالنسبة للحلف على الكذب فقد رخص فيه لحديث أم كلثوم رضي ‏الله عنها أنها سمعت رسول الله  يقول: "ليس الكذاب الذي يصلح بين ‏الناس فينمي خيرًا، أو يقول خيرًا" متفق عليه.
                    وزاد مسلم قالت أم كلثوم: ولم أسمعه يرخص في ‏شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث: تعني الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل ‏امرأته، وحديث المرأة زوجها.‏
                    إن الأيمان ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
                    1- الأيمان اللغو: وهو ما جرى ذكره على اللسان كأن يقول المرء والله ذهبنا والله قلنا وما إلى ذالك من لغو الكلام، على أن لا يعقده القلب، أى لا تكون نيته القسم؛ لأنه إن عقد في القلب فإنه يدخل إلى اليمين المنعقدة. فلو أقسم رجل على أن القادم فى الطريق على مرمى البصر هو زيد، مؤمنًا بذلك يقينًا، وعندما وصل إليهم كان شخصًا آخرًا، فهو من باب اللغو، ولا يعاقبه الله به، لأنه أقسم عن يقين أنه زيد. فهل يُعاب الإسلام على عدم عقوبة غير المتعمِّد القسم الكاذب، أم يُعد هذا من باب الرأفة والمحبة والتيسير؟
                    وقالت أمنا عائشة رضي الله عنها: (إن رسول الله  قال: هو كلام الرجل في بيته كلا والله، وبلى والله).
                    ولما أخرجه أبو داود وغيره عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن رسول الله  قال: هو - أي يمين اللغو- كلام الرجل في بيته لا والله وبلى والله. وصححه الألباني مرفوعًا في إرواء الغليل.
                    وروى البيهقي في السنن الكبرى وعبد الرزاق في المصنف عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: أيمان اللغو ما كان في المراء والمزاحة والهزل، والحديث الذي لا يعقد عليه القلب.
                    فقارن بين محبة الله تعالى هذه، وبين محبته فى الكتاب المقدس جدًا، حيث يعترف الرب أنه أعطى شعبه المختار فرائض غير صالحة لا يحيون بها، وجعلهم يقدمون أطفالهم قربانًا، فقط ليعلموا أنه الرب: (25وَأَعْطَيْتُهُمْ أَيْضًا فَرَائِضَ غَيْرَ صَالِحَةٍ وَأَحْكَـامًا لاَ يَحْيُونَ بِهَا 26وَنَجَّسْتُهُمْ بِعَطَايَاهُمْ إِذْ أَجَازُوا فِي النَّارِ كُلَّ فَاتِحِ رَحِمٍ لأُبِيدَهُمْ، حَتَّى يَعْلَمُوا أَنِّي أَنَا الرَّبُّ.) حزقيال 20: 25-26
                    وقارن بين قوله أخطأ واحد فأخطأ الجميع: (بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ.) رومية 5: 12
                    أما الله تعالى فى القرآن فيعلن برحمته وغفرانه لمن لم يتعمَّد الخطأ أنه الله الرحمن، الرحيم، الغفَّار، الودود. بل ويعطى فرصة لمن يُقسم ثم لا يستطيع أن يوفى أن يكفر عن هذا الذنب بعقوبة مادية من عتق أو إطعام أو غيره.
                    2- الأيمان المنعقدة: وهو إنعقاد القول باليمين على عمل فى المستقبل أن يفعله أو يمتنع عنه، ثم لا يستطيع ذلك لأى سبب. فعليه أن يفى أو عليه بالتوبة والكفارة. أى إن الإسلام يؤاخذه عليه، ولكن عقوبته مخففة لأن نيته كانت الصدق والبر.
                    فانظر كيف جعل الله برحمته هذه الأيمان المنعقدة سببًا فى تحرير رقبة، أى عتق عبد. ونهدى هذه الآية لمن يظن أن الإسلام لم يحارب الرق.
                    3- الأيمان الغموس: وهى اليمين الكاذبة المتعمدة، وهى كبيرة من الكبائر ولا كفارة فيها، وسمِّيَت غموسًا لأنها تغمس صاحبها فى الإثم ونار جهنم، إلا إذا تغمده الله برحمته وتقبل توبته. وهى من حلف على كذب متعمدًا على أمر ماض أنه كان ولم يكن، أو العكس. وقد عدَّ النبي  اليمين الغموس من الكبائر، فقد روى البخارى عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما أن النبى  قال: (الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس) واختلف هل تجب فيها كفارة مع التوبة أم لا؟ والأحوط هو الجمع بين التوبة والكفارة.
                    يقول الله تعالى: (وَلاَ تَتَّخِذُواْ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُواْ الْسُّوءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) النحل 94
                    وروى أحمد عن أبى هريرة  أنه قال: (خمس ليس لهن كفارة: الشرك بالله، وقتل النفس بغير الحق، وبهتُ مؤمن، ويمين صابرة [غموس] يُقطع بها مالًا بغير حق).
                    وروى أبو داود عن عمران بن حصين أن النبى  قال: (من حلف على يمين مصبورة [أى كذب فى أيمانه متعمدًا قاصدًا] كاذبًا، فليتبوأ بوجهه مقعده من النار).
                    ومن هنا يعلم السائل سماحة الإسلام، ومحبة الله لعباده. فهو لا يعلق لهم المشانق، ولا يكلفهم فوق ما يطيقون، ولا يحملهم وزر شخص آخر، يواء كان الذنب الأول أو الآخر، وسواء كان هذا الذنب فى حق الله أم فى حق العباد. لكنه موضوعيًا جدًا: فالناس على هذه الأقسام فى قسمهم.
                    وعن هذا القسم تقول دائرة المعارف الكتابية مادة (حلف): ((1) شريعة الحلف أو القسم : الحلف أو القسم هو استمطار اللعنة على النفس إذا أنكرت الحق (متى 26: 74)، وهذا يعنى أنه بكذب بطرس استمطر لعنة الله عليه!!
                    لقد تخلى عنه بطرس وأنكره وأقسم كاذبًا أنه لا يعرفه، على الرغم من قول يسوع عنه: (أَنْتَ بُطْرُسُ وَعَلَى هَذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْنِي كَنِيسَتِي وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا. 19وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاوَاتِ. وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي السَّمَاوَاتِ.) متى 16: 18-19، الأمر الذى ينفى الألوهية، بل والنبوة عن يسوع، لأنه لم يعرف أن الشخص الذى أعطاه مفاتيح ملكوت السماوات والأرض سيرفضه وينكره، بل وسيقسم كذبًا. والمعروف أن القسم لا يكون إلا بالله، وأن من يُقسم بالله كاذبًا فهو على الأقل ملعون: (7لاَ تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلَهِكَ بَاطِلًا لأَنَّ الرَّبَّ لاَ يُبْرِئُ مَنْ نَطَقَ بِاسْمِهِ بَاطِلًا.) خروج 20: 7، (12وَلاَ تَحْلِفُوا بِاسْمِي لِلْكَذِبِ فَتُدَنِّسَ اسْمَ إِلَهِكَ. أَنَا الرَّبُّ.) لاويين 19: 12
                    تقول دائرة المعارف الكتابية تحت كلمة (حلف): (ونعلم من الأسفار المقدسة أن الحلف بآلهة كاذبة كان أمرًا شائعًا، كما نعلم أيضًا من البرديات التي اكتشفت حديثًا في جزيرة الفنتين في صعيد مصر أن الشعب لم يكن يقسم باسم الرب فقط، بل كانوا يقسمون بآلهة أخرى، بل كان أمرًا طبيعيًا في الحديث العادي، أن يحلف الشخص بحياة من يتحدث إليه (صموئيل الأول 1: 26، 20: 3، ملوك الثانى 2: 2)، أو بحياة الملك (صموئيل الأول 17: 55، 25: 26، صموئيل الثانى 11: 11) أو برأس الشخص ذاته (متى 5: 36) أو بالأرض (متى 5: 35) أو بالسماء (متى 5: 34، 23: 22)، أو بالهيكل (متى 23: 16) أو بأجزاء منه (متى 23: 16)، أو بأورشليم (متى 5: 35)، أو بالملائكة كما يقول يوسيفوس، [أو بإله آخر مثل بعل كما يقول (إرمياء 12: 16)].
                    وقد يظن صاحب السؤال المسيحى أن عيسى  قد نهى عن الحلف بتاتًا. ولو فهم ذلك سيكون مخطئًا للأسباب الآتية:
                    1- جاء عيسى  مطبقًا للناموس منفذًا له. فلم يأت بناموس جديد، ولم يلغ شريعة موسى ، ومن قرأ الأناجيل أدرك ذلك فى أسئلة الناس له عن الناموس، وإجاباته التى تتطابق مع ما جاء به موسى . لذلك قالها لهم صراحة: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. 19فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هَكَذَا يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهَذَا يُدْعَى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.) متى 5: 17
                    وكلمة (لِأُكَمِّلَ) تعنى أيضًا لأنفذ، لأحقق، لأتبع، والتى تعنى فى اليونانية (Plerosia) كما يقول التفسير الحديث للكتاب المقدس ص 117.
                    لكن ماذا قال الناموس فى القسم؟
                    (7لاَ تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلَهِكَ بَاطِلًا لأَنَّ الرَّبَّ لاَ يُبْرِئُ مَنْ نَطَقَ بِاسْمِهِ بَاطِلًا.) خروج 20: 7
                    (12وَلاَ تَحْلِفُوا بِاسْمِي لِلْكَذِبِ فَتُدَنِّسَ اسْمَ إِلَهِكَ. أَنَا الرَّبُّ.) لاويين 19: 12
                    (13الرَّبَّ إِلهَكَ تَتَّقِي وَإِيَّاهُ تَعْبُدُ وَبِاسْمِهِ تَحْلِفُ.) تثنية 6: 13
                    (20الرَّبَّ إِلهَكَ تَتَّقِي. إِيَّاهُ تَعْبُدُ وَبِهِ تَلتَصِقُ وَبِاسْمِهِ تَحْلِفُ.) تثنية 10: 20
                    (5ليْسَ لأَجْلِ بِرِّكَ وَعَدَالةِ قَلبِكَ تَدْخُلُ لِتَمْتَلِكَ أَرْضَهُمْ بَل لأَجْلِ إِثْمِ أُولئِكَ الشُّعُوبِ يَطْرُدُهُمُ الرَّبُّ إِلهُكَ مِنْ أَمَامِكَ وَلِيَفِيَ بِالكَلامِ الذِي أَقْسَمَ الرَّبُّ عَليْهِ لآِبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ.) تثنية 9: 5
                    (9وَلِتُطِيلُوا الأَيَّامَ عَلى الأَرْضِ التِي أَقْسَمَ الرَّبُّ لآِبَائِكُمْ أَنْ يُعْطِيَهَا لهُمْ وَلِنَسْلِهِمْ أَرْضٌ تَفِيضُ لبَنًا وَعَسَلًا.) تثنية 11: 9
                    وقد أقسم الرب يسوع/يهوه نفسه فقال: تكوين 22: 16 (16وَقَالَ: «بِذَاتِي أَقْسَمْتُ يَقُولُ الرَّبُّ أَنِّي مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ فَعَلْتَ هَذَا الأَمْرَ وَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ.)
                    وأقسم أن كل ركبة من خلقه تجثو له: (23بِذَاتِي أَقْسَمْتُ. خَرَجَ مِنْ فَمِي الصِّدْقُ كَلِمَةٌ لاَ تَرْجِعُ: إِنَّهُ لِي تَجْثُو كُلُّ رُكْبَةٍ. يَحْلِفُ كُلُّ لِسَانٍ.) إشعياء 45: 23
                    (34وَسَمِعَ الرَّبُّ صَوْتَ كَلامِكُمْ فَسَخِطَ وَأَقْسَمَ قَائِلًا:..) تثنية 1: 34
                    (كَمَا أَقْسَمَ الرَّبُّ لهُمْ.) تثنية 2: 14
                    (21وَغَضِبَ الرَّبُّ عَليَّ بِسَبَبِكُمْ وَأَقْسَمَ إِنِّي لا أَعْبُرُ الأُرْدُنَّ وَلا أَدْخُلُ الأَرْضَ الجَيِّدَةَ التِي الرَّبُّ إِلهُكَ يُعْطِيكَ نَصِيبًا.) تثنية 4: 21
                    (17وَلاَ يُفَكِّرَنَّ أَحَدٌ فِي السُّوءِ عَلَى قَرِيبِهِ فِي قُلُوبِكُمْ. وَلاَ تُحِبُّوا يَمِينَ الزُّورِ. لأَنَّ هَذِهِ جَمِيعَهَا أَكْرَهُهَا يَقُولُ الرَّبُّ].) زكريا 8: 17
                    وفي غالبية الحالات كان قصاص الحنث في القسم، يفهم من القرينة، مثل: "هكذا يفعل الرب بي" ( راعوث 1: 17، صموئيل الثانى 3: 9 و17و35، 14: 44، صموئيل الثانى 3: 35، ملوك الأول 2: 23و 43، ملوك الثانى 6: 31 ). وفي بعض الحالات كان يحدد القصاص مثل: "يجعلك الرب مثل صدقيا ومثل أخآب اللذين قلاهما ملك بابل بلنار" (إرمياء 29: 22).
                    2- وقد أقسم رئيس الكهنة على يسوع وهو على الصليب (؟) وأبر القسم وأجابه: (63وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ سَاكِتًا. فَسَأَلَهُ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ: «أَسْتَحْلِفُكَ بِاللَّهِ الْحَيِّ أَنْ تَقُولَ لَنَا: هَلْ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ؟»64قَالَ لَهُ يَسُوعُ:«أَنْتَ قُلْتَ!)متى26: 63-64
                    كما أقسم بولس (23وَلَكِنِّي أَسْتَشْهِدُ اللهَ عَلَى نَفْسِي أَنِّي إِشْفَاقًا عَلَيْكُمْ لَمْ آتِ إِلَى كُورِنْثُوسَ) كورنثوس الثانية 1: 23
                    (20وَالَّذِي أَكْتُبُ بِهِ إِلَيْكُمْ هُوَذَا قُدَّامَ اللهِ أَنِّي لَسْتُ أَكْذِبُ فِيهِ.) غلاطية 1: 20،
                    (فَإِنَّ اللهَ شَاهِدٌ لِي كَيْفَ أَشْتَاقُ إِلَى جَمِيعِكُمْ فِي أَحْشَاءِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ)فيليبى1: 8
                    لكن ما السبب فى سؤال السائل؟
                    إن السبب فيه هو قسم بطرس كاذبًا متعمدًا أنه لا يعرف يسوع، على الرغم من قول يسوع له: (أَنْتَ بُطْرُسُ وَعَلَى هَذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْنِي كَنِيسَتِي وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا. 19وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاوَاتِ. وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي السَّمَاوَاتِ».) متى 16: 18-19
                    وعلى الرغم من قوله عنه ضمن زمرة التلاميذ أنهم نور العالم الذى يجب أن يُضىء للعالم كله، وملح الأرض، الذى لو فسد لفسد معه الطعام، ولا ينفع لشىء إلا أن يُقذف به فى قارعة الطريق لتدوسه الأقدام: (13«أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ وَلَكِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟ لاَ يَصْلُحُ بَعْدُ لِشَيْءٍ إِلاَّ لأَنْ يُطْرَحَ خَارِجًا وَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ. 14أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَلٍ 15وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجًا وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ. 16فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.) متى 5: 13-16
                    إلا أن بطرس اتبع التقية وأقسم مرتين كاذبًا متبرئًا من إلهه (؟): (69أَمَّا بُطْرُسُ فَكَانَ جَالِسًا خَارِجًا فِي الدَّارِ فَجَاءَتْ إِلَيْهِ جَارِيَةٌ قَائِلَةً: «وَأَنْتَ كُنْتَ مَعَ يَسُوعَ الْجَلِيلِيِّ». 70فَأَنْكَرَ قُدَّامَ الْجَمِيعِ قَائِلًا: «لَسْتُ أَدْرِي مَا تَقُولِينَ!» 71ثُمَّ إِذْ خَرَجَ إِلَى الدِّهْلِيزِ رَأَتْهُ أُخْرَى فَقَالَتْ لِلَّذِينَ هُنَاكَ: «وَهَذَا كَانَ مَعَ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ!» 72فَأَنْكَرَ أَيْضًا بِقَسَمٍ: «إِنِّي لَسْتُ أَعْرِفُ الرَّجُلَ!» 73وَبَعْدَ قَلِيلٍ جَاءَ الْقِيَامُ وَقَالُوا لِبُطْرُسَ: «حَقًّا أَنْتَ أَيْضًا مِنْهُمْ فَإِنَّ لُغَتَكَ تُظْهِرُكَ!» 74فَابْتَدَأَ حِينَئِذٍ يَلْعَنُ وَيَحْلِفُ: «إِنِّي لاَ أَعْرِفُ الرَّجُلَ!» وَلِلْوَقْتِ صَاحَ الدِّيكُ.) متى 26: 69-74
                    فهل لم يتعلم ملح الأرض ونور العالم أن القسم قد تم نسخه؟ ألم يسمع من يسوع تحريم القسم؟ أم سمع منه وخالفه، ضاربًا بكلامه عرض الحائط؟ وبمن أقسم بطرس؟ ومن الذى لعنه بطرس؟ هل لعن الرب؟ أم لعن يسوع؟ أعتقد يقينًا أنه لعن يسوع، لأنه فى هذه اللحظة هو الشخص المهان المقبوض عليه، ولأنه لو لعن يهوه لرجموه. فلم يكن يسوع عندهم بإله!
                    وهل من الممكن أن يملك إنسان كهذا غفران الذنوب؟ (وَلَمَّا قَالَ هَذَا نَفَخَ وَقَالَ لَهُمُ: اقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ وَمَنْ أَمْسَكْتُمْ خَطَايَاهُ أُمْسِكَتْ) يوحنا 20: 22-23
                    فهل هذا حال رئيس التلاميذ الذى بيده مفاتيح الجنة والنار أنه أقسم كاذبًا متعمدًا، أى جزاؤه الرجم؟ فما بالك بباقى التلاميذ؟ أم سنصل إلى ما ذكرت من قبل: إن كتبة الأناجيل هذه شوَّهوا صورة يسوع وتلاميذه، لينفروا الناس من اتباعه، ولعلموهم انهم كلهم كانوا ضد الناموس وتعاليم موسى .
                    لذلك أراد الكاتب الأمين رمى الإسلام بهذه التهمة تجميلًا لصورة من يملك مفاتيح السماوات والأرض. وربما نقل عن غير وعى ما قاله أو قصده غيره!
                    والسبب الثانى هو تضارب الأقوال عندهم بشأن اليمين: فبينما يقول متى فى موضع: (33«أَيْضًا سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ:لاَ تَحْنَثْ بَلْ أَوْفِ لِلرَّبِّ أَقْسَامَكَ. 34وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَحْلِفُوا الْبَتَّةَ لاَ بِالسَّمَاءِ لأَنَّهَا كُرْسِيُّ اللَّهِ 35وَلاَ بِالأَرْضِ لأَنَّهَا مَوْطِئُ قَدَمَيْهِ وَلاَ بِأُورُشَلِيمَ لأَنَّهَا مَدِينَةُ الْمَلِكِ الْعَظِيمِ. 36وَلاَ تَحْلِفْ بِرَأْسِكَ لأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَجْعَلَ شَعْرَةً وَاحِدَةً بَيْضَاءَ أَوْ سَوْدَاءَ. 37بَلْ لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ: نَعَمْ نَعَمْ لاَ لاَ. وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ مِنَ الشِّرِّيرِ.) متى 5: 33-37
                    وبهذا النص قد نسخ ما قاله موسى  فى القسم بالله. ومع ذلك لا يعترفون بالناسخ والمنسوخ فى كتابهم.
                    والنص السابق يتضارب مع النص الآتى: (16وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ الْقَائِلُونَ: مَنْ حَلَفَ بِالْهَيْكَلِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَلَكِنْ مَنْ حَلَفَ بِذَهَبِ الْهَيْكَلِ يَلْتَزِمُ! 17أَيُّهَا الْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ أَيُّمَا أَعْظَمُ: أَلذَّهَبُ أَمِ الْهَيْكَلُ الَّذِي يُقَدِّسُ الذَّهَبَ؟ 18وَمَنْ حَلَفَ بِالْمَذْبَحِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ وَلَكِنْ مَنْ حَلَفَ بِالْقُرْبَانِ الَّذِي عَلَيْهِ يَلْتَزِمُ! 19أَيُّهَا الْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ أَيُّمَا أَعْظَمُ: أَلْقُرْبَانُ أَمِ الْمَذْبَحُ الَّذِي يُقَدِّسُ الْقُرْبَانَ؟ 20فَإِنَّ مَنْ حَلَفَ بِالْمَذْبَحِ فَقَدْ حَلَفَ بِهِ وَبِكُلِّ مَا عَلَيْهِ 21وَمَنْ حَلَفَ بِالْهَيْكَلِ فَقَدْ حَلَفَ بِهِ وَبِالسَّاكِنِ فِيهِ 22وَمَنْ حَلَفَ بِالسَّمَاءِ فَقَدْ حَلَفَ بِعَرْشِ اللَّهِ وَبِالْجَالِسِ عَلَيْهِ!)متى23: 16-21
                    فقد صحح لهم هنا أنه من حلف بالمذبح الذى هو أعظم من القربان الذى عليه، أو من حلف بالهيكل، فقد حلف أيضًا بالساكن فيه أى فقد حلف بالله، تمامًا مثل الذى يحلف بالسماء فهو يقصد القسم بالله الجالس على عرشه. ولم يتفوَّه برفض الأيمان نهائيًا. إذًا فالنص السابق (متى 5: 33-37) الذى يخالف الناموس الذى جاء عيسى  لينفذه فهو موضوع ولم يتفوَّه به يسوع. وإلا كيف تفهمون التضارب بين النصين؟
                    فهل ألغى يسوع القسم نهائيًا أم سمح بالقسم بالله والسماء والعرش؟ ولماذا أقسم القديس بولس إذن؟ ولماذا أبرَّ يسوع نفسه بقسم رئيس الكهنة؟
                    وهنا ينبغى على القارىء أن يتساءل: كيف جاء يسوع مؤيدًا لتعاليم موسى والأنبياء عليهم السلام، وهو فى نفس الوقت يقوم بإلغاء بعضها ونسخه؟ وكل هذا فى الوقت الذى لا تعترف فيه الكنيسة بالنسخ فى تشريعاتهم، ويتخذونه عند المسلمين هزوا.
                    فهل خالف يسوع الناموس؟ هل قام يسوع بإلغاء كلمة الرب للناموس والأنبياء؟
                    لا. فقد قال: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. 19فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هَكَذَا يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهَذَا يُدْعَى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.) متى 5: 17-19
                    بل لم يقم يسوع بإلغاء نقطة واحدة من الناموس أو الأنبياء. ولكنه شدَّد فى التعامل مع اليهود والكهنة. فقال بينما يقول الناموس والقدماء كذا وكذا وهو صادق، أفضل لكم أن تحفظوا أيمانكم، وتتجنبوا القسم، حتى لا يقع منكم أيمان باطل. فكأنما يتشدَّد فى عدم ذكر اسم الله أو القسم الباطل، بتجنبه، وليس بإلغائه. وإلا لما أبرَّ هو قسم رئيس الكهنة، ولما أقسم بولس وبطرس، ولما تركه الكهنة يتلاعب بالناموس فى الوقت الذى يدرس فيه فى معبدهم.
                    * * *
                    إباحة القتل وعبقرية السائل
                    أما عبقرية الكاتب فى فهمه لكلمة القتال بأنها تعنى القتل، فقد كان وحده كفيلا أن أتجاهل هذه الشبهة، ولكننى سأرد عليه معتبرًا إياه حسن النية.
                    يقول الكاتب تحت عناوان (إباحة القتل)
                    "يا أيها النبى حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائه يغلبوا ألفًا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون". سورة الأنفال 65:8
                    وأقول له:
                    نؤمن جميعًا أن هذه الروح ملكًا لله وحده، ولهذا لا تُقتل إلا بإذن مالكها. ولا يوجد فى الإسلام أمر بقتل نفس إلا بتشريع من الله تعالى مالكها. وما عدا ذلك فهو قتل ظلم وعدوان، يحرمه الإسلام فى كل صوره، حتى ولو كان قتل النفس أى الانتحار، يؤاخذ فيه القاتل حتى ولو كان مسلمًا.
                    لكن هل تؤمن أن الناس على الأرض ملائكة مهتدين لا يحتاج أحدهم للتوبيخ أو الحبس للتأديب أو الحبس مدى الحياة أو القتل؟ ماذا تظن فى البلطجى الذى يسطو على الناس، ويروِّع الآمنين، ويسرقهم بالإجبار؟
                    إنك فى دينك تقبل القتل والقتال، بل تقبل قطع اليد وفقأ العين قصاصًا، والحرق لابنة الكاهن الزانية، ولمن يزنى بالابنة وأمها، وغيرها من الأحكام، فهل من الإنصاف أن تقبل أنت هذه الأحكام وتعتبرها أحكام إلهية مفيدة وصالحة لتهذيب المجتمع، ونافعة للحكم بين الناس، وقبلها من قبلك يسوع نفسه، ثم تأباها على الآخرين فى دينهم؟
                    فمن أحكام الإسلام الجليلة التي جاء فيها الحفاظ على حياة الناس، كما يقول فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد (بتصرف يسير منى):
                    أ. تحريم الانتحار وقتل النفس .
                    ب. تحريم كل ضار بالبدن مما يؤدي إلى إتلاف النفس، كالخمور والمخدرات .
                    ت. تحريم الإجهاض .
                    ث. تحريم قتل النفس بغير حق، وقد ورد الوعيد الشديد في قتل النفوس الآمنة، ومن ذلك : ما قاله الله عز وجل (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) النساء 93، ويشمل هذا حتى النفوس غير المسلمة، من المعاهدين والذميِّين، وفي ذلك يقول نبيُّنا محمد (مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا) رواه البخاري (2995) .
                    قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - : "والمراد به: مَن له عهد مع المسلمين، سواء كان بعقد جزية، أو هدنة من سلطان، أو أمان من مسلم". انتهى من" فتح الباري " ( 12 / 259 ) .
                    ج. درء الحدود بالشبهات، فكل حدِّ قتل فيه شبهة، فإنه لا يقتل معها صاحب الحد، لوجود تلك الشبهة التي تدفع حد القتل عنه.
                    ح. حصر حد القتل في العظيم من الجرائم كالردة والزنا للمحصن وقتل النفوس بغير حق؛ تعظيمًا لشأن الدين والعرض والنفس، وثمة ذنوب كثيرة عظيمة ليس حدها القتل، كالربا، والسرقة، وقذف المحصنات، والغيبة، وغيرها كثير، ولو كان الإسلام كما يصوِّره الإعلام الغربي الظالم لكان حد القتل على كل معصية وجريمة، وحاشا الإسلام أن يكون كذلك وهو يشتمل على أقوم الأحكام وأعدلها.
                    خ. الترهيب الشديد من القتل وأنه قد يؤدي بالقاتل إلى الكفر المخرج من الملة؛ وذلك حين يستحل ذلك القتل ولا يحرمه بسبب ما وقع منه من جرأة على قتل نفس معصومة، وفي ذلك يقول نبينا محمد  (لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا) رواه البخاري (6469).
                    د. لم يُجعل حد القتل في الإسلام لمستحقه يقوم به آحاد الناس، بل هو من اختصاص القضاء الشرعي، وولاة الأمر .
                    قال القرطبي – رحمه الله -: "لا خلاف أن القصاص في القتل لا يقيمه إلا أولو الأمر الذين فرض عليهم النهوض بالقصاص وإقامة الحدود وغير ذلك" . انتهى من" تفسير القرطبي " ( 2 / 245 ) .
                    ولو جُعل القتل للناس ليأخذ كل واحد حقَّه لتجاوز الأمر القاتل، ولحصل كما كان الأمر في الجاهلية، فيُقتل عشرة مقابل واحد، ويُقتل رجل أو أكثر مقابل امرأة، وكل هؤلاء المقتولين إنما قٌتلوا ظلمًا، وأما في الإسلام فلا بدَّ من ثبوت القتل على القاتل، ولا بدَّ من انتفاء الشبهة، ثم يصير مستحقًّا للقتل، ولا يقف الأمر عند هذا، بل يُرغَّب أهل المقتول بالعفو مجانًا عن القاتل، أو بقبول الدية، والشرع المُطهَّر قد رغَّب أولياء المقتول بالعفو، ووعدهم بالأجر الجزيل إن هم قاموا به، وأذن لهم بالصلح بأكثر من الدية الشرعية من أجل كسب موافقتهم بعدم إيقاع القتل على القاتل، وبالطبع لا يكون مثل هذا الترغيب بالعفو ولا الترغيب بالشفاعة عند أولياء المقتول فيما لو كان القاتل مجرمًا عتيدًا لا يظهر عليه أثر التوبة والندم على فعله، بل مثل هذا يَحرم الشفاعة فيه؛ وبقتله يأمن الناس على أنفسهم، وفي ذلك يقول الله تعالى (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة 179، وهذه الجملة البليغة تلخِّص الحكمة من القصاص من القاتل، وهي أبلغ وأعظم دلالة مما كان يقوله الجاهليون في جاهليتهم بكلمة نحوها .
                    قال الشيخ الشنقيطي -رحمه الله-: "ومن هدي القرآن للتي هي أقوم: القصاص؛ فإن الإنسان إذا غضب وهمَّ بأن يقتل إنسانًا آخر فتذكر أنه إن قتله قُتل به: خاف العاقبة فترك القتل، فحيي ذلك الذي كان يريد قتله، وحيي هو؛ لأنه لم يَقتل فيُقتل قصاصًا، فقتْل القاتل يحيا به ما لا يعلمه إلا الله كثرة، كما ذكرنا، قال تعالى (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة 79، ولا شك أن هذا من أعدل الطرق وأقومها، ولذلك يشاهَد في أقطار الدنيا قديمًا وحديثًا قلة وقوع القتل في البلاد التي تحكم كتاب الله؛ لأن القصاص رادع عن جريمة القتل؛ كما ذكره الله في الآية المذكورة آنفًا.
                    وما يزعمه أعداء الإسلام من أن القصاص غير مطابق للحكمة لأن فيه إقلال عدد المجتمع بقتل إنسان ثان بعد أن مات الأول، وأنه ينبغي أن يعاقب بغير القتل فيحْبس، وقد يولد له في الحبس فيزيد المجتمع : كله كلام ساقط، عار من الحكمة؛ لأن الحبس لا يردع الناس عن القتل، فإذا لم تكن العقوبة رادعة: فإن السفهاء يكثر منهم القتل فيتضاعف نقص المجتمع بكثرة القتل". انتهى من "أضواء البيان" (3 / 31، 32 ) .
                    4. ثم نقول لك ـ أيها السائل ـ: هل تعلم أن عدد من قُتل في زمن النبي  من المسلمين والكفار- بما في ذلك قتلى الكفار في الغزوات- لم يتجاوز الألف شخص من الطرفين! بينما تجدين الآلاف يقتلون في سنة واحدة في ظل القوانين الغربية المحرمة للقصاص .
                    فاقرأ جزءًا من أعداد قتلى شعب الرب المختار فى كتابه المقدس جدًا: (29فَضَرَبُوا مِنْ مُوآبَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ نَحْوَ عَشَرَةِ آلاَفِ رَجُلٍ، كُلَّ نَشِيطٍ وَكُلَّ ذِي بَأْسٍ, وَلَمْ يَنْجُ أَحَدٌ.) قضاة 3: 29
                    (20وَخَرَجَ رِجَالُ إِسْرَائِيلَ لِمُحَارَبَةِ بَنْيَامِينَ، وَصَفَّ رِجَالُ إِسْرَاِيلَ أَنْفُسَهُمْ لِلْحَرْبِ عِنْدَ جِبْعَةَ 21فَخَرَجَ بَنُو بَنْيَامِينَ مِنْ جِبْعَةَ وَأَهْلكُوا مِن إِسْرَائِيلَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ أَلْفَ رَجُلٍ إِلَى الأَرْضِ.) قضاة 20: 20-21
                    (35فَضَرَبَ الرَّبُّ بَنْيَامِينَ أَمَامَ إِسْرَائِيلَ، وَأَهْلَكَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنْ بَنْيَامِينَ فِي ذِلكَ الْيَوْمِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ أَلْفَ رَجُلٍ وَمِئَةَ رَجُلٍ.) قضاة 20: 35
                    5. أن هذا الاعتراض يستغرب من إنسان يؤمن بهذا الكتاب الذى تقدسه، وتؤمن بالضرورة بما فيه من تشريع القتل مالا يخفى، بل فيه الأمر بقتل أمم كاملة بذكورها وإناثها وأطفالها . وإليك بعضًا من نصوص القتل الجماعى والتصفية العرقية، وقتل الأطفال والنساء والشيوخ، وشق بطون الحوامل:
                    (10«حِينَ تَقْرُبُ مِنْ مَدِينَةٍ لِتُحَارِبَهَا اسْتَدْعِهَا لِلصُّلحِ 11فَإِنْ أَجَابَتْكَ إِلى الصُّلحِ وَفَتَحَتْ لكَ فَكُلُّ الشَّعْبِ المَوْجُودِ فِيهَا يَكُونُ لكَ لِلتَّسْخِيرِ وَيُسْتَعْبَدُ لكَ. 12وَإِنْ لمْ تُسَالِمْكَ بَل عَمِلتْ مَعَكَ حَرْباً فَحَاصِرْهَا. 13وَإِذَا دَفَعَهَا الرَّبُّ إِلهُكَ إِلى يَدِكَ فَاضْرِبْ جَمِيعَ ذُكُورِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 14وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالأَطْفَالُ وَالبَهَائِمُ وَكُلُّ مَا فِي المَدِينَةِ كُلُّ غَنِيمَتِهَا فَتَغْتَنِمُهَا لِنَفْسِكَ وَتَأْكُلُ غَنِيمَةَ أَعْدَائِكَ التِي أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ. 15هَكَذَا تَفْعَلُ بِجَمِيعِ المُدُنِ البَعِيدَةِ مِنْكَ جِدّاً التِي ليْسَتْ مِنْ مُدُنِ هَؤُلاءِ الأُمَمِ هُنَا. 16وَأَمَّا مُدُنُ هَؤُلاءِ الشُّعُوبِ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيباً فَلا تَسْتَبْقِ مِنْهَا نَسَمَةً مَا 17بَل تُحَرِّمُهَا تَحْرِيماً: الحِثِّيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالكَنْعَانِيِّينَ وَالفِرِزِّيِّينَ وَالحِوِّيِّينَ وَاليَبُوسِيِّينَ كَمَا أَمَرَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ 18لِكَيْ لا يُعَلِّمُوكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا حَسَبَ جَمِيعِ أَرْجَاسِهِمِ التِي عَمِلُوا لآِلِهَتِهِمْ فَتُخْطِئُوا إِلى الرَّبِّ إِلهِكُمْ) تثنية 20: 10- 18
                    (20فَهَتَفَ الشَّعْبُ وَضَرَبُوا بِالأَبْوَاقِ. وَكَانَ حِينَ سَمِعَ الشَّعْبُ صَوْتَ الْبُوقِ أَنَّ الشَّعْبَ هَتَفَ هُتَافاً عَظِيماً، فَسَقَطَ السُّورُ فِي مَكَانِهِ، وَصَعِدَ الشَّعْبُ إِلَى الْمَدِينَةِ كُلُّ رَجُلٍ مَعَ وَجْهِهِ، وَأَخَذُوا الْمَدِينَةَ. 21وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ, مِنْ طِفْلٍ وَشَيْخٍ - حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ. ... 24وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ مَعَ كُلِّ مَا بِهَا. إِنَّمَا الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ وَآنِيَةُ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ جَعَلُوهَا فِي خِزَانَةِ بَيْتِ الرَّبِّ.) يشوع 6: 20-24
                    (10ثُمَّ رَجَعَ يَشُوعُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَأَخَذَ حَاصُورَ وَضَرَبَ مَلِكَهَا بِالسَّيْفِ.... 11وَضَرَبُوا كُلَّ نَفْسٍ بِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. حَرَّمُوهُمْ. وَلَمْ تَبْقَ نَسَمَةٌ. وَأَحْرَقَ حَاصُورَ بِالنَّارِ. 12فَأَخَذَ يَشُوعُ كُلَّ مُدُنِ أُولَئِكَ الْمُلُوكِ وَجَمِيعَ مُلُوكِهَا وَضَرَبَهُمْ بِحَدِّ السَّيْفِ. حَرَّمَهُمْ كَمَا أَمَرَ مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ.) يشوع 11: 10-12
                    (3فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً، طِفْلاً وَرَضِيعاً، بَقَراً وَغَنَماً، جَمَلاً وَحِمَاراً.)صموئيل الأول15: 3
                    (5وَقَالَ لأُولَئِكَ فِي سَمْعِي: [اعْبُرُوا فِي الْمَدِينَةِ وَرَاءَهُ وَاضْرِبُوا. لاَ تُشْفِقْ أَعْيُنُكُمْ وَلاَ تَعْفُوا. 6اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ. اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ. وَلاَ تَقْرُبُوا مِنْ إِنْسَانٍ عَلَيْهِ السِّمَةُ، وَابْتَدِئُوا مِنْ مَقْدِسِي». فَـابْتَدَأُوا بِـالرِّجَالِ الشُّيُوخِ الَّذِينَ أَمَامَ الْبَيْتِ. 7وَقَالَ لَهُمْ: [نَجِّسُوا الْبَيْتَ، وَامْلأُوا الدُّورَ قَتْلَى. اخْرُجُوا». فَخَرَجُوا وَقَتَلُوا فِي الْمَدِينَةِ.) حزقيال 9: 5-7
                    (12وَأَمَرَ دَاوُدُ الْغِلْمَانَ فَقَتَلُوهُمَا، وَقَطَعُوا أَيْدِيَهُمَا وَأَرْجُلَهُمَا وَعَلَّقُوهُمَا عَلَى الْبِرْكَةِ فِي حَبْرُونَ.) صموئيل الثانى 4: 12
                    (4فَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى: «خُذْ جَمِيعَ رُؤُوسِ الشَّعْبِ وَعَلِّقْهُمْ لِلرَّبِّ مُقَابِل الشَّمْسِ فَيَرْتَدَّ حُمُوُّ غَضَبِ الرَّبِّ عَنْ إِسْرَائِيل».) العدد 25: 4

                    تعليق


                    • الملف 75
                      (3وَأَخْرَجَ الشَّعْبَ الَّذِينَ بِهَا وَنَشَرَهُمْ بِمَنَاشِيرَِ وَنَوَارِجِ حَدِيدٍ وَفُؤُوسٍ. وَهَكَذَا صَنَعَ دَاوُدُ لِكُلِّ مُدُنِ بَنِي عَمُّونَ. ثُمَّ رَجَعَ دَاوُدُ وَكُلُّ الشَّعْبِ إِلَى أُورُشَلِيمَ.) أخبار الأيام الأول 20: 3
                      (10مَلْعُونٌ مَنْ يَعْمَلُ عَمَلَ الرَّبِّ بِرِخَاءٍ وَمَلْعُونٌ مَنْ يَمْنَعُ سَيْفَهُ عَنِ الدَّمِ.) إرمياء 48: 10
                      (8يَا بِنْتَ بَابِلَ الْمُخْرَبَةَ طُوبَى لِمَنْ يُجَازِيكِ جَزَاءَكِ الَّذِي جَازَيْتِنَا! 9طُوبَى لِمَنْ يُمْسِكُ أَطْفَالَكِ وَيَضْرِبُ بِهِمُ الصَّخْرَةَ!) مزامير 137: 8-9
                      (16تُجَازَى السَّامِرَةُ لأَنَّهَا قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَى إِلَهِهَا. بِـالسَّيْفِ يَسْقُطُونَ. تُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ وَالْحَوَامِلُ تُشَقُّ) هوشع 13: 16
                      (13لِذَلِكَ أُزَلْزِلُ السَّمَاوَاتِ وَتَتَزَعْزَعُ الأَرْضُ مِنْ مَكَانِهَا فِي سَخَطِ رَبِّ الْجُنُودِ وَفِي يَوْمِ حُمُوِّ غَضَبِهِ. 14وَيَكُونُونَ كَظَبْيٍ طَرِيدٍ وَكَغَنَمٍ بِلاَ مَنْ يَجْمَعُهَا. يَلْتَفِتُونَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى شَعْبِهِ وَيَهْرُبُونَ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى أَرْضِهِ. 15كُلُّ مَنْ وُجِدَ يُطْعَنُ وَكُلُّ مَنِ انْحَاشَ يَسْقُطُ بِالسَّيْفِ. 16وَتُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ أَمَامَ عُيُونِهِمْ وَتُنْهَبُ بُيُوتُهُمْ وَتُفْضَحُ نِسَاؤُهُمْ. 17هَئَنَذَا أُهَيِّجُ عَلَيْهِمِ الْمَادِيِّينَ الَّذِينَ لاَ يَعْتَدُّونَ بِالْفِضَّةِ وَلاَ يُسَرُّونَ بِالذَّهَبِ 18فَتُحَطِّمُ الْقِسِيُّ الْفِتْيَانَ ولاَ يَرْحَمُونَ ثَمَرَةَ الْبَطْنِ. لاَ تُشْفِقُ عُيُونُهُمْ عَلَى الأَوْلاَدِ) أشعياء 13: 13-18
                      وقد ألف القسيس (الدكتور كيث) كتابًا بالإنجليزية- سماه (كشف الآثار، في قصص أنبياء بني إسرائيل) جاء فيه: "علم من الكتب القديمة أن البلاد اليهودية كان فيها قبل 550 سنة من الخروج ثمانون مليونًا" .
                      إذًا، فهذا هو العدد الذي أمر (الكتاب المقدس) بقتله وإبادته: ثمانون مليونا.
                      وإذا كان هذا هو العدد الذى استباحه الرب إله المحبة، الذى لعن من لم يمنع سيفه من الدم (إرمياء 48: 10)، فما رأى يسوع فى الكتاب الذى تنسبونه له؟
                      لم يحرم يسوع، ولم يجرم ما قيل فى العهد القديم، بل جاء متبعًا لموسى والأنبياء عليهم السلام، ماشيًا على خطاهم، غير منتقض لأى ما جاءوا به.
                      ويرى بولس أن إهلاك الرب لهذه الأمم على يد بنى إسرائيل كان نعمة ورحمة لهم: (30بِالإِيمَانِ سَقَطَتْ أَسْوَارُ أَرِيحَا بَعْدَمَا طِيفَ حَوْلَهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ. .. .. .. 33الَّذِينَ بِالإِيمَانِ قَهَرُوا مَمَالِكَ، صَنَعُوا بِرّاً، نَالُوا مَوَاعِيدَ، سَدُّوا أَفْوَاهَ أُسُودٍ، 34أَطْفَأُوا قُوَّةَ النَّارِ، نَجَوْا مِنْ حَدِّ السَّيْفِ، تَقَّوُوا مِنْ ضُعْفٍ، صَارُوا أَشِدَّاءَ فِي الْحَرْبِ، هَزَمُوا جُيُوشَ غُرَبَاءَ) عبرانيين 11: 30 –34
                      (34«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً بَلْ سَيْفاً. 35فَإِنِّي جِئْتُ لِأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ وَالاِبْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا.) متى 10: 34-40
                      ثم اقرأ قول الرب الذى يعترف فيه أن السيف للقتل: (.. .. يَقُولُ الرَّبُّ: السَّيْفَ لِلْقَتْلِ .. ...) إرمياء 15: 3
                      (49«جِئْتُ لأُلْقِيَ نَاراً عَلَى الأَرْضِ … 51أَتَظُنُّونَ أَنِّي جِئْتُ لأُعْطِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ؟ كَلاَّ أَقُولُ لَكُمْ! بَلِ انْقِسَاماً.) لوقا 12: 49-50
                      (27أَمَّا أَعْدَائِي أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي».) لوقا 19: 27
                      وأمر الرب بقتل أولاد إيزابلا بسبب زناها: (22هَا أَنَا أُلْقِيهَا فِي فِرَاشٍ، وَالَّذِينَ يَزْنُونَ مَعَهَا فِي ضِيقَةٍ عَظِيمَةٍ، إِنْ كَانُوا لاَ يَتُوبُونَ عَنْ أَعْمَالِهِمْ. 23وَأَوْلاَدُهَا أَقْتُلُهُمْ بِالْمَوْتِ. فَسَتَعْرِفُ جَمِيعُ الْكَنَائِسِ أَنِّي أَنَا هُوَ الْفَاحِصُ الْكُلَى وَالْقُلُوبَِ، وَسَأُعْطِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِ.) رؤيا يوحنا 2: 22-23
                      عزيزى الكاتب:
                      كان من الأولى أن تسأل قساوستك: كيف يكون رب الكتاب المقدس إلهًا رحيمًا رغم كل هذه الأوامر؟ وما ذنب النساء والشيوخ الذين لا يحاربون أن يقتلوا؟ وما ذنب الأطفال والأجنة فى بطون أمهاتهم أن يُحرموا الحياة ويقتلوا بهذه البشاعة؟
                      وأذكرك بقول يسوع لليهود المجادلين بالباطل: (41لِمَاذَا تَنْظُرُ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ وَأَمَّا الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا؟ 42أَوْ كَيْفَ تَقْدِرُ أَنْ تَقُولَ لأَخِيكَ: يَا أَخِي دَعْنِي أُخْرِجِ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِكَ وَأَنْتَ لاَ تَنْظُرُ الْخَشَبَةَ الَّتِي فِي عَيْنِكَ. يَا مُرَائِي! أَخْرِجْ أَوَّلاً الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّداً أَنْ تُخْرِجَ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ.) لوقا 6: 41-42
                      * * *
                      أخطاء علمية مزعومة
                      يواصل الكاتب تهجمه على الإسلام وانتقاده له فيقول تحت: ()
                      جثة تستند على عصا لمدة سنة
                      "فلما قضينا عليه (سليمان) الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض (دودة) تأكل منساته (عصاه) فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب مالبثوا فى العذاب المهين". سورة سبا 14:34
                      نومة تستغرق 309 عاماً
                      "ولبثوا فى كهفهم ثلاث مئه سنين وازدادوا تسعاً".سورة الكهف25:18
                      وأرد عليه قائلا:
                      هل من الممكن أن تستند جثة على عصا لمدة سنة؟
                      أولا: لم يحدد القرآن مدة مكث سليمان ميتًا، بل هي نقول المفسرين عن أهل الكتاب. وكل ما ورد في هذا الشأن إنما هي نقول للمفسرين استندوا فيها إلى الإسرائيليات وأخبار أهل الكتاب، دون التثبت من صحتها.
                      ثانيًا: الآية تكتفي بالحديث عن عدم علم الجن الغيب، وأنهم مكثوا في العمل الشاق: الْعَذَابِ الْمُهِين وهم لا يدرون أن سليمان  قد مات لولا رؤيتهم دابة الأرض قد أكلت العصا، وتكتفي الآية بذلك دون تحديد تفاصيل عن المدة التي مكثها وهو ميت. ومن هنا اتضح توهم الناس أن الجن تعرف الغيب، وعلموا أن الغيب لله وحده.
                      ثالثًا: يستبعد بعض المفسرين أن يمكث سليمان ميتًا متكئًا على عصاه سنة كاملة قائلا: إنه من غير المعقول أن يمكث مدة طويلة تمر فيها الأعياد ولا يقوم بالطقوس الدينية، كما أنه من غير المعقول أن يمكث هذه المدة الطويلة ولا يعلم أحد به، خاصة أنه كان ملكا، فعليه مسئولية إقامة العدل بين الناس، ومقابلة الوفود من الملوك، ومطالعة العرفاء والرؤساء في مشكلاتهم. كما أنه كنبى وكرجل عدد الزوجات كان عليه أن لا يتركهن طوال هذه المدة دون أن يدخل عليهن، وإلا لكان مفرطًا فى حقوقهن، ظالمًا لهن. وهذا ينافى مقام النبوة.
                      ولو حدث هذا لعلمت احدى زوجاته ذلك فى نفس اليوم، وربما فى نفس الساعة. حيث لا يأكل الميت، ولن تترك زوجة زوجها دون أن تطمئن عليه من ناحية المأكل والمشرب والملبس! فهل تعتقد أنهم وضعوا له طعام الغداء، وعندما عادوا لرفع الطعام، ووجدوه كما هو، أو عندما أتوا إليه بالعشاء ووجدوا أنه لم يتناول طعام الغداء، لم يشكوا فى أمر صحته؟ وهل المتعبد أو حتى الراهب لا يأكل ولا يشرب ولا يستحم ولا يدخل الخلاء باليوم أو بالأسبوع أو أكثر من ذلك؟
                      فى حين يصدق آخرون هذه الروايات، ويرون أنه من الممكن أن يغيب سليمان طوال هذه السنة، ويعمل وزراؤه ونوابه مكانه، وخاصة أن الآية تشير إلى أنه لم يمت فى قصره، بل كان على أرض بها أكلة الخشب هذه، التى نخرت عصاه.
                      رابعًا: أين جاء، أيها الكاتب، فى النص القرآنى أن سليمان  ظل ميتًا متكئًا على عصاه لمدة سنة؟ إنها اجتهادات المفسرين، أو أحاديث موضوعة دخلت عن طريق الإسرائيليات. إن الله تعالى أراد أن يعلمنا أن الجن لا تعلم الغيب، ويكذبهم فى ظنهم أو فى ادعاءاتهم، أو فى إيمان بعض الناس أنهم يعلمون الغيب. ومن ثم لا يعطيها أحد قدرًا أكبر من قدرها الحقيقى. وكل ما هناك أن النبى سليمان  اعتاد أن يخلو بنفسه للتعبُّد، ولا يدخل عليه أحد ليقطع خلوته واتصاله بالله تعالى. وعلى ذلك فإنه قد يكون مات فى هذه الأثناء، وسرعان ما علم بموته عندما خر على الأرض، بعد أن كان متكأ على العصا؛ التى ربما يكون أحد جوانب طرفيها متآكل من الأساس، الأمر الذى عجَّل عدم اتزان العصا، فسقط سليمان على الأرض، كما أنه لا يستغنى الناس عن ملكهم وحاكمهم وقاضيهم طوال هذه المدة، ولا يستغنى هو نفسه عن زوجاته وأبنائه ومستشاريه وجيشه لمدة سنة.
                      وقد يتساءل المرء: أين كان أولاده وزوجاته ومستشاروه وخدمه وحاشيته عندما مات نبى الله سليمان؛ حيث نعلم من القرآن أن ما دلهم على موته غير دابة الأرض تأكل منسأته، فأين كان كل هؤلاء كلهم عندما مات؟ فهل كان هذا بعيدًا عن منزله فى مكان بناء الجن للمسجد الذى أمروا به؟ وهل لم يلاحظ أحد مستشاريه أنه ظل على هذه الجلسة منذ الأمس أو أكثر ولم يشكوا فى موته؟ ولو ظنوا أنه يصلى فإن اليهود كانوا يسجدون فى الصلاة، فهل رأوه واقفًا أو جالسًا متكئًا على عصاه طوال هذه اللمدة وظنوا أيضًا أنه يصلى؟
                      وذهب إلى هذا القول أيضًا الطاهر بن عاشور، حيث قال: إن تلك المدة لم تطل كثيرا فقال في التحرير والتنوير: (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ المَوْتَ) إلى آخره. لا شك أن ذلك لم يطل وقته لأن مثله في عظمة ملكه لا بد أن يفتقده أتباعه.
                      وقال القرطبي: وقيل: كان رؤساء الجن سبعة وكانوا منقادين لسليمان  وكان داود  أسس بيت المقدس فلما مات أوصى إلى سليمان في إتمام مسجد بيت المقدس فأمر سليمان الجن به فلما دنا وفاته قال لأهله: لا تخبروهم بموتي حتى يتموا بناء المسجد وكان بقي لإتمامه سنة.." قال أبو جعفر النحاس وهذا أحسن ما قيل في الآية ويدل على صحته الحديث المرفوع (وفيه) قول سليمان: اللهم عم عن الجن موتي حتى تعلم الإنس أن الجن لا يعلمون الغيب..انتهى منه بتصرف.
                      قال السُّدِّي، في حديث ذكره عن أبي مالك عن أبي صالح، عن ابن عباس -وعن مُرة الهمداني، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب رسول الله ، قال: كان سليمان يتحرر في بيت المقدس السنة والسنتين والشهر والشهرين، وأقل من ذلك وأكثر، يدخل طعامه وشرابه، فأدخله في المرة التي توفي فيها، .....ثم دخل المحراب فقام يصلي متكئا على عصاه، فمات ولم تعلم به الشياطين، وهم في ذلك يعملون له، يخافون أن يخرج فيعاقبهم. .... وَوَجدوا منسأته -وهي: العصا بلسان الحبشة- قد أكلتها الأرضة، ولم يعلموا منذ كم مات؟ فوضعوا الأرضة على العصا، فأكلت منها يومًا وليلة، ثم حسبوا على ذلك النحو، فوجدوه قد مات منذ سنة. وهي في قراءة ابن مسعود: فمكثوا يدأبون له من بعد موته حولا، فأيقن الناس عند ذلك أن الجن كانوا يَكْذبونهم ولو أنهم علموا الغيب، لعلموا بموت سليمان ولم يلبثوا في العذاب يعملون له سنة، وذلك قول الله عز وجل: (مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلا دَابَّةُ الأرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ). يقول: تبين أمرهم للناس أنهم كانوا يكذبونهم.
                      وهذا الأثر -والله أعلم- إنما هو مما تُلُقِّي من علماء أهل الكتاب، وهي وَقْفٌ، لا يصدق منها إلا ما وافق الحق، ولا يُكذب منها إلا ما خالف الحق، والباقي لا يصدق ولا يكذب.
                      وقال ابن وهب وأصبغ بن الفرج، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله: (مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلا دَابَّةُ الأرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ) قال: قال سليمان  لملك الموت: إذا أُمِرْتَ بي فأعلمني. فأتاه فقال: يا سليمان، قد أمرت بك، قد بقيت لك سويعة. فدعا الشياطين فبنوا عليه صرحًا من قوارير، وليس له باب، فقام يصلي فاتكأ على عصاه، قال: فدخل عليه ملك الموت، فقبض روحه وهو متكئ على عصاه، ولم يصنع ذلك فرارًا من ملك الموت. قال: والجن يعملون بين يديه وينظرون إليه، يحسبون أنه حي. قال: فبعث الله، عز وجل، دابة الأرض. قال: والدابة تأكل العيدان -يقال لها: القادح- فدخلت فيها فأكلتْها، حتى إذا أكلت جوف العصا ضعفت، وثقل عليها فخر ميتًا، فلما رأت ذلك الجن انفضوا وذهبوا. قال: فذلك قوله: (مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلا دَابَّةُ الأرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهِ). قال أصبغ: بلغني عن غيره أنها قامت سنة تأكل منها قبل أن يخر. وقد ذكر غير واحد من السلف نحوًا من هذا، والله أعلم.
                      فحتى الأحاديث الواردة بشأن تعبُّد نبى الله سليمان  بالسنة أو الشهر فى خلوته، لم تقل إن نبى الله سليمان  مكث عامًا متكئًا على عصاه. فمن أين أتى كاتبنا بهذا الفهم؟ أكيد من روايات المفسرين عن أهل الكتاب!
                      وحسبنا أننا نؤمن ونصدق بما أخبر القرآن به من تعمية موت سليمان  لكشف أمر الجن للناس وعدم اطلاعهم على الغيب، والحجة في ذلك تقوم بساعة فأكثر، وقد قامت عليهم سواء أكان مكث يومًا أو أسبوعًا أو شهرًا أو حولا، وعمي حاله على أهله لنفس العلة إما بما ذكر من تحنثه وتزوده لذلك فلا يدخل عليه أحد أو بطلبه من أهله ألا يكشفوا خبره أو غير ذلك بما ذكر من القصص. والله أعلم.
                      وعلى ذلك فالأثار الواردة فى القصة لا تعنى الجزم بالكيفية التى مات بها سليمان  ولا المدة التى مكثها متكئًا على عصاه، وهى واهية فى الجملة، وعلى ذلك فنحن على أى حال لا نجزم بصحة هذا الأثر.
                      نومة تستغرق 309 عامًا:
                      فى الحقيقة أنت تتكلم عن قصة أصحاب الكهف، والفتية المؤمنين الذين أعزهم الله تعالى بأن جعلهم ينامون مدة من الوقت، يقول الناس إنها 309 عامًا، ولا يعرف مقدارها الصحيح إلا الله، وجعلهم آية، وجعل كل من يعرف بقصتهم يطلب من الله لهم الرحمة، والمغفرة، وجعلها آية على البعث؛ ليؤمن الناس بالبعث فى الآخرة، وأنهم سوف يلقون حسابهم على إيمانهم وأعمالهم. وهذه القصة كان يعرفها اليهود، ولم يكتبوها فى كتبهم، وامتحنوا نبوة الرسول ، فقد قالوا له: (إنه لا يعرفها إلا نبى). وصدقوا على علمه لها، أى صدقوا أنه يوحى إليه، وأنه نبى الله حقًا. وطالما أن هذه القصة أثبتت نبوة الرسول ، فكان يجب أن يغنيك هذا عن التعجب من المدة التى ناموها. فهل يُعجز الله شىء فى السماء أو الأرض أو فى غيرهم؟
                      فهل كنت تعرف هذه القصة فى كتب المسلمين وسبب نزولها، أم تكلمت فيما لا تعلم؟ أم كنت تعرف كل تفاصيلها وتكتمت أنها أثبتت نبوة الرسول ؟
                      والأغرب من ذلك أنك لا تعرف أن هذه القصة مشهورة أيضًا فى السنكسار القبطى، ويعترف القس القبطى يوسف تادرس بعد أن اطلع مؤخرًا على كتاب البطرك اغناطيوس زكا الأول عن أهل الكهف بقوله: "ولما اطلعت على الكتاب وجدته مرجعًا تاريخيًا قيمًا عن قصة (أهل الكهف) كما وردت فى المخطوطات السريانية وعرفت أن هذه ليست أسطورة تاريخية أو قصة خرافية ..... ولما وجدت هذا بدأت أبحث هل الكنيسة القبطية تؤمن بها أم لا..؟
                      فلو كانت حقيقة بهذا الشكل وقد هزت المسكونة فور وقوعها. فهل سمع بها آباء الكنيسة وسجلوها فى كتبهم..؟ وكنت معتقدًا أنى سوف لا أجد شيئًا فى هذا المضمار. إلى أن اكتشفت أن كتب الكنيسة القبطية قد سجلتها بدقة متناهية فى كتبها مؤيدة بالتاريخ والزمن الذى حدثت فيه، وغير هذا فلقد رتب آباء الكنيسة لهم عيدًا سنويًا لذكراهم يحتفل به الأقباط مثل بقية الشهداء والمعترفين. ووضعت لهم ألحانًا تتلى فى ذكراهم".
                      وقد بيَّن القس يوسف تادرس مصادره التى اعتمد عليها فى نقل القصة القبطية فقال ما نصه: "واعتمدت فى ذلك على كتاب "الصادق الأمين فى أخبار القديسين" طبعة 1913 م الجزء الثانى. والسنكسار طبعة (Rene passe) باسيه رينيه فى مجموعه (Patrologia Orintale) المطبوع فى باريس سنة 1909م". راجع كتابه (سيرة أهل الكهف ص3-5)، نقلا عن (أصحاب الكهف والرقيم، ص486)
                      أما اختلافك معنا فهو فى المدة التى قضاها الفتية فى الكهف، وتعجبت من نومة تستغرق 309 عامًا!! فاقرأ ما يقوله أهل مبتك، وكتبكم المعتبرة عندكم!
                      لقد جاء فى رواية السنكسار المتداولة أن الفتية ماتوا داخل الكهف، لمدة 200 سنة تقريبًا، بينما جاء فى رواية السنكسار العربى اليعقوبى أن الفتية ناموا بأمر الله المدة المذكورة، وأن مدة نومهم كانت 372 سنة. نقلا عن (أصحاب الكهف والرقيم، ص491)
                      وتختلف هذه القصة بين المؤرخين فى أعداد الفتية، وفى أى زمن حدثت، وفى مدة مكوث الفتية فى الكهف:
                      فلو حدثت فى عهد داقيوس (249-251م) وانتهت فى عهد تيودسيوس (408-450م) فإن المدة التى قضاها الفتية فى الكهف تتراوح بين (159-199) سنة.
                      وهى عند المسعودى فى (مروج الذهب) تتراوح بين (165-167) سنة.
                      وعند ابن خلدون فى كتابه (العبر فى ديوان المبتدأ والخبر) بين (172-174) سنة.
                      ولو حدثت فى عهد دقيانوس (285-305م) وانتهت فى عهد تيودسيوس (408-450م) فإن المدة التى قضاها الفتية فى الكهف تتراوح بين (123-145) سنة.
                      وإن كان بعثهم فى السنة الثامنة من ملك تيودوسيوس كما قال المسعودى، فإن المدة التى قضاها الفتية فى الكهف تتراوح بين (111 و131) سنة.
                      وإن كان بعثهم فى السنة الخامسة عشر من ملك تيودوسيوس كما قال ابن خلدون، فإن المدة التى قضاها الفتية فى الكهف تتراوح بين (118 و138) سنة. ارجع أيضًا إلى (أصحاب الكهف والرقيم، ص312-313).
                      فما رأى كاتبنا؟ هل نرد عليك السؤال متعجبين من أناس ينامون من 111 إلى 199 سنة؟ لا. لن نتعجب فقدرة الله تعالى لا حدود لها.
                      ولكن إن فكرنا بمنطق الكتاب الذى تقدسه:
                      فهل يصعب على الله أن يعمى عين الجن عن موت أحد عبيده الميت؟
                      ألم يغير الرب طبيعة الحديد وجعله يطفو على الماء؟ ملوك الثانى 6: 6 (6فَقَالَ رَجُلُ اللَّهِ: [أَيْنَ سَقَطَ؟] فَأَرَاهُ الْمَوْضِعَ، فَقَطَعَ عُوداً وَأَلْقَاهُ هُنَاكَ، فَطَفَا الْحَدِيدُ.)
                      ألم يفلق الله تعالى البحر وجعل الأرض يابسة ليمر عليها بنو إسرائيل أثناء هروبهم من فرعون؟ خروج 14: 21 (21وَمَدَّ مُوسَى يَدَهُ عَلَى الْبَحْرِ فَأَجْرَى الرَّبُّ الْبَحْرَ بِرِيحٍ شَرْقِيَّةٍ شَدِيدَةٍ كُلَّ اللَّيْلِ وَجَعَلَ الْبَحْرَ يَابِسَةً وَانْشَقَّ الْمَاءُ.)
                      ألم يفلق نبى الله إليشع البحر بردائه؟ ملوك الثانى 2: 8 (8وَأَخَذَ إِيلِيَّا رِدَاءَهُ وَلَفَّهُ وَضَرَبَ الْمَاءَ، فَانْفَلَقَ إِلَى هُنَا وَهُنَاكَ، فَعَبَرَا كِلاَهُمَا فِي الْيَبَسِ.)
                      ألا تؤمن أن الرب أمر نبيه إشعياء أن يمشى عاريًا حافى القدمين لمدة ثلاث سنوات؟ فهل لم يرى الناس عورته؟ هل لم تصب قدمه بأى مشكلة؟ هل لم يُصب ببرد أو نزلة شعبية؟
                      ألا تؤمن أن يسوع/يهوه نفسه خبَّأ على بنى إسرائيل أنه الإله المتجسِّد، كما خبَّأ ذلك على الشيطان، حتى لا يفسد مخططاته فى الفداء؟
                      ألا تؤمن أن الشيطان أسر يسوع 40 يومًا، ولم يرى أحد يسوع مختطفًا، ولم يعرف أحد كيف اقتاده الشيطان إلى البرية، ولم يعرف أحد بذلك أو تدخل لإنقاذ الرب من بهدلة الشيطان له؟ ولم تسأل عنه أمه طوال هذه المدة؟ وفى النهاية يدعى كتابكم أن يسوع كان له سلطان على هذه الشياطين!!
                      وعلى ذلك فما المستغرب أيضًا أن يميت الرب أصحاب الكهف أى عدد من السنوات ثم يحييهم؟
                      ألم يُحيى حزقيال جيشًا كاملا من الموتى بإذن الله؟ حزقيال 37: 10 (10فَتَنَبَّأْتُ كَمَا أَمَرَني، فَدَخَلَ فِيهِمِ الرُّوحُ، فَحَيُوا وَقَامُوا عَلَى أَقدَامِهِمْ جَيْشٌ عَظيمٌ جِدّاً جِدّاً.)
                      ألا تؤمن أن عظام أليشع أحيت رجلا ميتًا؟ ملوك الثانى 13: 20-21 (20وَمَاتَ أَلِيشَعُ فَدَفَنُوهُ. وَكَانَ غُزَاةُ مُوآبَ تَدْخُلُ عَلَى الأَرْضِ عِنْدَ دُخُولِ السَّنَةِ. 21وَفِيمَا كَانُوا يَدْفِنُونَ رَجُلاً إِذَا بِهِمْ قَدْ رَأَوُا الْغُزَاةَ، فَطَرَحُوا الرَّجُلَ فِي قَبْرِ أَلِيشَعَ. فَلَمَّا نَزَلَ الرَّجُلُ وَمَسَّ عِظَامَ أَلِيشَعَ عَاشَ وَقَامَ عَلَى رِجْلَيْهِ.)
                      ألا تؤمن أن يشوع أوقف الشمس بإذن الله حتى تنتهى حربه؟ يشوع 10: 12-13 (12حِينَئِذٍ قَالَ يَشُوعُ لِلرَّبَّ، يَوْمَ أَسْلَمَ الرَّبُّ الأَمُورِيِّينَ أَمَامَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَمَامَ عُيُونِ إِسْرَائِيلَ: «يَا شَمْسُ دُومِي عَلَى جِبْعُونَ، وَيَا قَمَرُ عَلَى وَادِي أَيَّلُونَ». 13فَدَامَتِ الشَّمْسُ وَوَقَفَ الْقَمَرُ حَتَّى انْتَقَمَ الشَّعْبُ مِنْ أَعْدَائِهِ. أَلَيْسَ هَذَا مَكْتُوباً فِي سِفْرِ يَاشَرَ؟ فَوَقَفَتِ الشَّمْسُ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ وَلَمْ تَعْجَلْ لِلْغُرُوبِ نَحْوَ يَوْمٍ كَامِلٍ.)
                      بل تؤمن أن الإله الحى الذى لا يموت، قد مات؟
                      وتؤمن أن الآب والابن والروح القدس إله واحد لا ينفصلون طرفة عين، وعلى ذلك قد مات الإله ثلاثى الأقانيم بأقانيمه الثلاثة، وعلى ذلك يجب أن يكون هناك إله أو أقنوم رابع هو الذى أحيى الثلاثة أقانيم الميتة!
                      تثنية 32: 40 (40إِنِّي أَرْفَعُ إِلى السَّمَاءِ يَدِي وَأَقُولُ: حَيٌّ أَنَا إِلى الأَبَدِ.)
                      إرمياء 10: 10 (10أَمَّا الرَّبُّ الإِلَهُ فَحَقٌّ. هُوَ إِلَهٌ حَيٌّ وَمَلِكٌ أَبَدِيٌّ. ...)
                      دانيال 6: 26 (... وَيَخَافُونَ قُدَّامَ إِلَهِ دَانِيآلَ لأَنَّهُ هُوَ الإِلَهُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ إِلَى الأَبَدِ وَمَلَكُوتُهُ لَنْ يَزُولَ وَسُلْطَانُهُ إِلَى الْمُنْتَهَى)
                      تيموثاوس الأولى 6: 16 (16الَّذِي وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ، سَاكِناً فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ، الَّذِي لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَاهُ، الَّذِي لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ الأَبَدِيَّةُ. آمِينَ.)
                      * * *
                      أخطاء قانونية مزعومة:
                      ويواصل الكاتب نقده للقرآن تحت عنان (أخطاء قانونية) قائلا:
                      جلد الشاهد
                      "الذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون". سورة النور 4:24
                      الله يبيح أخذ الغنائم
                      "واعلموا إنما غنمتم من شىء فإن لله خمسه وللرسول ولذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شىء قدير". سورة الأنفال 41:8
                      وأقول له:
                      إن فهمك للآية القرآنية شىء مختلف عن الآية تمامًا. فأين جاء جلد الشاهد الذى عنونت لها انتقادك؟
                      إن الآية تقول بأنه على المرء أن يأتى بأربعة شهود عيان فى واقعة اتهام امرأة ما بالزنى. فمن يدعى على امرأة أنها زنت دون وجود الأربعة شهود يُجلد 80 جلدة، وإن لم يكن له هذا العدد من الشهداء يُعتبر راميًا لها بالزنى والفحشاء دون الأدلة الكافية التى كفلها الإسلام لحفظ الأعراض. فهل يُعاب على الإسلام أنه يحافظ على سمعة النساء؟ مع الأخذ فى الاعتبار أن هذا القانون يُطبَّق أيضًا على المسلم الذى يتهم المسيحية أو اليهودية أو المعاهدة فى عرضها دون وجود أربعة شهود عيان. فهل يُعاب على الإسلام أنه يحافظ على سمعة أمك وزوجتك وابنتك وسلامة المجتمع كله؟ أعتقد أنك توافقنى الرأى!
                      أما إذا كنت تنظر إلى قصة يسوع مع المرأة الزانية وشهود الإثبات عليها، فالقصة نفسها مكذوبة ولا أساس لها فى المخطوطات اليونانية القديمة. لذلك حذفتها الترجمة العربية المشتركة ووضعتها بين قوسين معكوفين وعلقت فى هامش الترجمة قائلة: (لا نجد 7: 53- 8: 11 فى المخطوطات القديمة، وفى الترجمات السريانية واللاتينية. بعض المخطوطات تجعل هذا المقطع فى نهاية الإنجيل.) راجع هامش إنجيل يوحنا 8: 1-11 ص155
                      ولن أتعرض إلى عدم وجودها فى المخطوطات السينائية والفاتيكانية ولا البردية 66 التى ترجع إلى القرن الثانى، ولا البردية 75، ولا مخطوطة واشنطون التى ترجع إلى القرن الخامس. ولن أتعرض لما قاله الأب متى المسكين عن هذه القصة ولا الآباء الأقدمون، فيكفيك أن تقرأ عن (قصة المرأة الزانية ويسوع على النت.
                      ولم يدن عيسى  هذه المرأة التى اتهمت بالزنى لأن الله أوحى إليه أن هذه المرأة لم تزن، وإنما قد جاءه اليهود ليجربوه: فإن حكم عليها وأدانها، فهو يدعى إذًا أنه هو المسِّيِّا، وفى هذه الحالة كانوا سيقيمون عليه الحد بالرجم. ولم تكن هذه هى التجربة الوحيدة، فقد قال له طلب منه أحد اليهود أن يقسم الميراث بينه وبين أخيه، ورفض أيضًا؛ لأن الملك والحكم ليس من شأنه بل من شأن المسِّيِّا، النبى الخاتم : (13وَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنَ الْجَمْعِ: «يَا مُعَلِّمُ قُلْ لأَخِي أَنْ يُقَاسِمَنِي الْمِيرَاثَ». 14فَقَالَ لَهُ: «يَا إِنْسَانُ مَنْ أَقَامَنِي عَلَيْكُمَا قَاضِياً أَوْ مُقَسِّماً؟» 15وَقَالَ لَهُمُ: «انْظُرُوا وَتَحَفَّظُوا مِنَ الطَّمَعِ فَإِنَّهُ مَتَى كَانَ لأَحَدٍ كَثِيرٌ فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ أَمْوَالِهِ».) لوقا 12: 13-15
                      وحاولوا معه مرة ثالثة أن يجعلوه يستصدر حكمًا، حتى يوقعوا بينه وبين القيصر نفسه، لأنه من المعلوم أن المسِّيِّا سيحارب قيصر وسيقضى على الإمبراطورية الرومانية، كما فعل : (15حِينَئِذٍ ذَهَبَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَتَشَاوَرُوا لِكَيْ يَصْطَادُوهُ بِكَلِمَةٍ. 16فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ تَلاَمِيذَهُمْ مَعَ الْهِيرُودُسِيِّينَ قَائِلِينَ: «يَا مُعَلِّمُ نَعْلَمُ أَنَّكَ صَادِقٌ وَتُعَلِّمُ طَرِيقَ اللَّهِ بِالْحَقِّ وَلاَ تُبَالِي بِأَحَدٍ لأَنَّكَ لاَ تَنْظُرُ إِلَى وُجُوهِ النَّاسِ. 17فَقُلْ لَنَا مَاذَا تَظُنُّ؟ أَيَجُوزُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ أَمْ لاَ؟» 18فَعَلِمَ يَسُوعُ خُبْثَهُمْ وَقَالَ:«لِمَاذَا تُجَرِّبُونَنِي يَا مُرَاؤُونَ؟ 19أَرُونِي مُعَامَلَةَ الْجِزْيَةِ». فَقَدَّمُوا لَهُ دِينَاراً. 20فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَنْ هَذِهِ الصُّورَةُ وَالْكِتَابَةُ؟» 21قَالُوا لَهُ: «لِقَيْصَرَ». فَقَالَ لَهُمْ: «أَعْطُوا إِذاً مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلَّهِ لِلَّهِ».) متى 22: 15-21
                      وحاولوا إيقاعه مرة ثالثة فقالوا له احكم بكتاب الله على هذه المرأة التى أمسكناها تزنى فى نفس ذات الفعل: (2ثُمَّ حَضَرَ أَيْضاً إِلَى الْهَيْكَلِ فِي الصُّبْحِ وَجَاءَ إِلَيْهِ جَمِيعُ الشَّعْبِ فَجَلَسَ يُعَلِّمُهُمْ. 3وَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ امْرَأَةً أُمْسِكَتْ فِي زِناً. وَلَمَّا أَقَامُوهَا فِي الْوَسَطِ 4قَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ الْفِعْلِ 5وَمُوسَى فِي النَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ تُرْجَمُ. فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ؟» 6قَالُوا هَذَا لِيُجَرِّبُوهُ لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ مَا يَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ. وَأَمَّا يَسُوعُ فَانْحَنَى إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ بِإِصْبِعِهِ عَلَى الأَرْضِ. 7وَلَمَّا اسْتَمَرُّوا يَسْأَلُونَهُ انْتَصَبَ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ!» 8ثُمَّ انْحَنَى أَيْضاً إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ عَلَى الأَرْضِ. 9وَأَمَّا هُمْ فَلَمَّا سَمِعُوا وَكَانَتْ ضَمَائِرُهُمْ تُبَكِّتُهُمْ خَرَجُوا وَاحِداً فَوَاحِداً مُبْتَدِئِينَ مِنَ الشُّيُوخِ إِلَى الآخِرِينَ. ) يوحنا 8: 2-9
                      وذلك على الرغم من قوله إنه لم يأت لينقض نقطة واحدة من الناموس: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ.) متى 5: 17-18
                      وتشديده على منع الزنى، حتى أمر المؤمن بإتلاف عينه إذا لم يستطع التحكم فى الغض من البصر: (27«قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَزْنِ. 28وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ. 29فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ.) متى 5: 27-29
                      بل حاولوا تنصيبه ملكًا والاعتراف به المسِّيِّا رسميًا فرفض: (15وَأَمَّا يَسُوعُ فَإِذْ عَلِمَ أَنَّهُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ يَأْتُوا وَيَخْتَطِفُوهُ لِيَجْعَلُوهُ مَلِكاً انْصَرَفَ أَيْضاً إِلَى الْجَبَلِ وَحْدَهُ.) يوحنا 6: 19
                      بل نفى عن نفسه أنه المسِّيَّا: (27ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ وَتَلاَمِيذُهُ إِلَى قُرَى قَيْصَرِيَّةِ فِيلُبُّسَ. وَفِي الطَّرِيقِ سَأَلَ تَلاَمِيذَهُ: «مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا؟» 28فَأَجَابُوا: «يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ وَآخَرُونَ إِيلِيَّا وَآخَرُونَ وَاحِدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ». 29فَقَالَ لَهُمْ: «وَأَنْتُمْ مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟» فَأَجَابَ بُطْرُسُ: «أَنْتَ الْمَسِيحُ!» 30فَانْتَهَرَهُمْ كَيْ لاَ يَقُولُوا لأَحَدٍ عَنْهُ.) مرقس 8: 27-30
                      واتهم اليهود علانية أنهم هم الذين يحرفون كلام الله، ويحاولون إغلاق ملكوت الله فى وجه إسماعيل، ويدعون الناس بالباطل، ومَن ينضم إليهم فهو قد ضمن النار: (13«لَكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ! ..... 15وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تَطُوفُونَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ لِتَكْسَبُوا دَخِيلاً وَاحِداً وَمَتَى حَصَلَ تَصْنَعُونَهُ ابْناً لِجَهَنَّمَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ مُضَاعَفاً!) متى 23: 13-15
                      وأعلنها لهم صراحة أنه لا يمكن لأحد أن يخطف أحد شيئًا من يد الله، أى النبوة التى سرقها يعقوب من أخيه، فهذا تحريف، لأنه لا يمكن أن يُغصب الرب على عمل شىء، وأنه بادعائكم زنى الأنبياء وفجورهم، وأنه بقولكم على إسماعيل ابن الخادمة، وليس له الحق فى النبوة وفى ميراث بركة أبيه، فهذا هراء، ويُخالف كتاب الله ومراده، وتعاليمه ، ولن يحول هذا دون بركة إسماعيل أو يحرمه منها شئتم ذلك أم أبيتم؛ لأنه: (..لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْطَفَ مِنْ يَدِ أَبِي.) يوحنا 10: 29
                      فالتى رفضتموها وأوهمتم أنفسكم أن من نسلها لن يأتى المسِّيِّا سوف يأتى منها: (قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟) متى 21: 42-44
                      وهم قد رفضوا هاجر وابنها عن تعصب أعمى ذميم وادعوا أنها محرومة من أن يأتى من نسلها النبوة، على الرغم من دعوة الرب لإسماعيل أنه نسل إبراهيم عليهما السلام (13وَابْنُ الْجَارِيَةِ أَيْضاً سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ.) تكوين 21: 13
                      وكل ذلك على الرغم من وجود أربعة أشخاص من الأسباط الاثنى عشر أبناء خادمتين، أى ثلث أسباطهم أبناء خادمتين، وهم: (دان) و(نفتالى) ابنا يعقوب من بلهة جارية راحيل، و(جاد) و(أشير) ابنا يعقوب من زلفة جارية ليئة كانوا من الأسباط الاثنى عشر ذرية يعقوب : (تكوين 30: 1-13)
                      ثم سألهم عن المسِّيِّا بأسلوب الغائب، وفى هذا الأسلوب وحده تأكيد أن المسِّيِّا شخص آخر غيره، قائلاً: (وَفِيمَا كَانَ الْفَرِّيسِيُّونَ مُجْتَمِعِينَ سَأَلَهُمْ يَسُوعُ: 42«مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟ ابْنُ مَنْ هُوَ؟» قَالُوا لَهُ: «ابْنُ دَاوُدَ». 43قَالَ لَهُمْ: «فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبّاً قَائِلاً: 44قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ؟ 45فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبّاً فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟» 46فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يُجِيبَهُ بِكَلِمَةٍ. وَمِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ أَنْ يَسْأَلَهُ بَتَّةً.) متى 22: 41-46
                      والغريب أنهم لا يفطنون إلى أن القول بأن يسوع هو المسِّيِّا ابن الله هو من أقوال الشياطين: (41وَكَانَتْ شَيَاطِينُ أَيْضاً تَخْرُجُ مِنْ كَثِيرِينَ وَهِيَ تَصْرُخُ وَتَقُولُ: «أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ!» فَانْتَهَرَهُمْ وَلَمْ يَدَعْهُمْ يَتَكَلَّمُونَ لأَنَّهُمْ عَرَفُوهُ أَنَّهُ الْمَسِيحُ.) لوقا 4: 41
                      وسمَّاه ابن الإنسان، وتنبأ بقرب قدومه: (23وَمَتَى طَرَدُوكُمْ فِي هَذِهِ الْمَدِينَةِ فَاهْرُبُوا إِلَى الأُخْرَى. فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ لاَ تُكَمِّلُونَ مُدُنَ إِسْرَائِيلَ حَتَّى يَأْتِيَ ابْنُ الإِنْسَانِ) متى 10: 23، وهو هنا بالطبع لا يُشير إلى نفسه، لأنه كان مازال معهم، وتكلم عن ابن الإنسان بصيغة الغائب.
                      حتى إنه أعلنها بأسلوب مختلف قائلاً إن آخر أنبياء الله هو الأصغر فى ملكوت الله وهو الأعظم، فهو أعظم من أنجبت امرأة بين البشر، أى أعظم خلق الله، وذلك عندما سأله تلاميذه: عن أعظم أنبياء الله؟ فقال الأصغر، أى آخرهم، أى إن يسوع ليس هو المسِّيَّا، ودليل على ذلك قوله عن إيليَّا (المسِّيَّا) الذى قرب ظهوره: (11اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ وَلَكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ. 12وَمِنْ أَيَّامِ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ إِلَى الآنَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ يُغْصَبُ وَالْغَاصِبُونَ يَخْتَطِفُونَهُ. 13لأَنَّ جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ وَالنَّامُوسَ إِلَى يُوحَنَّا تَنَبَّأُوا. 14وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا فَهَذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ.) متى 11: 11-14
                      وبالتالى فقد أعلن يسوع عن مقدم إيليا بعده، وهو قريب الخروج، أى سيليه فى شجرة النبوة، وهو خير من أنجبت البشرية، بل هو أفضل من يوحنا المعمدان، الذى هو أفضل من يسوع نفسه، على حد تعبير يسوع. وبالتالى هذا يُكذب قول يوحنا فى إشارته إلى أن يسوع هو إيليا القائم فى وسطهم ولا يعرفونه، وهو نوع من خطف الملكوت وتوجيهه إلى داود، كما كان اليهود يتمنون: (26أَجَابَهُمْ يُوحَنَّا: «أَنَا أُعَمِّدُ بِمَاءٍ وَلَكِنْ فِي وَسَطِكُمْ قَائِمٌ الَّذِي لَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ. 27هُوَ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي الَّذِي صَارَ قُدَّامِي الَّذِي لَسْتُ بِمُسْتَحِقٍّ أَنْ أَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِهِ».) يوحنا 1: 26-27
                      ولم يكن يوحنا المعمدان هو إيليا باعترافه هو نفسه: (19وَهَذِهِ هِيَ شَهَادَةُ يُوحَنَّا حِينَ أَرْسَلَ الْيَهُودُ مِنْ أُورُشَلِيمَ كَهَنَةً وَلاَوِيِّينَ لِيَسْأَلُوهُ: «مَنْ أَنْتَ؟» 20فَاعْتَرَفَ وَلَمْ يُنْكِرْ وَأَقَرَّ أَنِّي لَسْتُ أَنَا الْمَسِيحَ. 21فَسَأَلُوهُ: «إِذاً مَاذَا؟ إِيلِيَّا أَنْتَ؟» فَقَالَ: «لَسْتُ أَنَا». «أَلنَّبِيُّ أَنْتَ؟» فَأَجَابَ: «لاَ». 22فَقَالُوا لَهُ: «مَنْ أَنْتَ لِنُعْطِيَ جَوَاباً لِلَّذِينَ أَرْسَلُونَا؟ مَاذَا تَقُولُ عَنْ نَفْسِكَ؟» 23قَالَ: «أَنَا صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: قَوِّمُوا طَرِيقَ الرَّبِّ كَمَا قَالَ إِشَعْيَاءُ النَّبِيُّ». 24وَكَانَ الْمُرْسَلُونَ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ 25فَسَأَلُوهُ: «فَمَا بَالُكَ تُعَمِّدُ إِنْ كُنْتَ لَسْتَ الْمَسِيحَ وَلاَ إِيلِيَّا وَلاَ النَّبِيَّ؟») يوحنا 1: 19-25
                      ولنا وقفة أخرى مع المرأة الزانية:
                      تؤمن عزيزى الكاتب أن يسوع هو يهوه وهو إله هذا العالم الذى لم يستطع أن يغفر لحواء وآدم خطيئتهما الأولى وأكلهما من الشجرة المحرمة، وبالتالى حمَّل العالم كل وزر هذه الخطيئة وقرر أن ينزل متجسدًا فى صورة رجل، ويُضرب من اليهود والرومان ويُهان ويموت ميتة الملاعيين حتى يتمكن من غفران هذا الذنب. وذلك على الرغم من أنه غفر للمرأة الزانية استنادًا على إنكارها فقط، وتضافر شهود الإثبات عليها.
                      ومعنى هذا أن إمكانية غفران الذنوب والتبرئة كانت متوافرة لدى هذا الإله دون إهانة أو صلب. فكيف صعب عليه أن يغفر لحواء وآدم أكلهما من الشجرة وسهل عليه أن يغفر للزانية، على الرغم من أن جريمة الزنى تدمر المجتمع بأكمله، بخلاف جريمة الأكل من الشجرة؟ فهل الزنى أعز عليه وأسهل من المخالفة والأكل من الشجرة؟ أما كان للرب أن يعتبر أن الجريمتين مخالفة لأمره، ويعاملهما بنفس المقدار، إن لم يكن من الأولى أن ينزل كل جريمة منزلتها من حيث الضرر والفساد التى تسببها؟
                      إن هذه القصة لتنسف فكرة الخطيئة والفداء الوثنية، والتى طالبكم الرب بعدم الإيمان بها، لأنها لا تتفق مع عدالته: فقال الرب لموسى: (16«لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ.) التثنية 24 : 16
                      وقال الرب لإرمياء: (29فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لاَ يَقُولُونَ بَعْدُ:[الآبَاءُ أَكَلُوا حِصْرِماً وَأَسْنَانُ الأَبْنَاءِ ضَرِسَتْ]. 30بَلْ: [كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ بِذَنْبِهِ].كُلُّ إِنْسَانٍ يَأْكُلُ الْحِصْرِمَ تَضْرَسُ أَسْنَانُهُ.) إرمياء 31: 29-30
                      وقال الرب لحزقيال: (19[وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: لِمَاذَا لاَ يَحْملُ الاِبْنُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ؟ أَمَّا الاِبْنُ فَقَدْ فَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً. حَفِظَ جَمِيعَ فَرَائِضِي وَعَمِلَ بِهَا فَحَيَاةً يَحْيَا. 20اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ. 21فَإِذَا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُ الَّتِي فَعَلَهَا وَحَفِظَ كُلَّ فَرَائِضِي وَفَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً فَحَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ. 22كُلُّ مَعَاصِيهِ الَّتِي فَعَلَهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. فِي بِرِّهِ الَّذِي عَمِلَ يَحْيَا. 23هَلْ مَسَرَّةً أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ؟ أَلاَ بِرُجُوعِهِ عَنْ طُرُقِهِ فَيَحْيَا؟) حزقيال 18: 19-23
                      وقال أيضًا له: (كَطَرِيقِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ دِنْتُهُمْ.) حزقيال 36: 19
                      وقال الرب لإشعياء: (حَسَبَ الأَعْمَالِ هَكَذَا يُجَازِي مُبْغِضِيهِ سَخَطاً وَأَعْدَاءَهُ عِقَاباً) إشعياء 59: 18
                      وقال الرب لداود: (12وَلَكَ يَا رَبُّ الرَّحْمَةُ لأَنَّكَ أَنْتَ تُجَازِي الإِنْسَانَ كَعَمَلِهِ) مزمور 62: 12
                      وقال أيضًا له: (19عَظِيمٌ فِي الْمَشُورَةِ وَقَادِرٌ فِي الْعَمَلِ الَّذِي عَيْنَاكَ مَفْتُوحَتَانِ عَلَى كُلِّ طُرُقِ بَنِي آدَمَ لِتُعْطِيَ كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ طُرُقِهِ وَحَسَبَ ثَمَرِ أَعْمَالِهِ.) إرمياء 32: 19
                      وقال أيضًا له: (5الرَّبُّ يَمْتَحِنُ الصِّدِّيقَ. أَمَّا الشِّرِّيرُ وَمُحِبُّ الظُّلْمِ فَتُبْغِضُهُ نَفْسُهُ. 6يُمْطِرُ عَلَى الأَشْرَارِ فِخَاخاً نَاراً وَكِبْرِيتاً وَرِيحَ السَّمُومِ نَصِيبَ كَأْسِهِمْ. 7لأَنَّ الرَّبَّ عَادِلٌ وَيُحِبُّ الْعَدْلَ. الْمُسْتَقِيمُ يُبْصِرُ وَجْهَهُ.) مزمور 11: 5-7
                      وقال أيضًا له: (3أَلَيْسَ الْبَوَارُ لِعَامِلِ الشَّرِّ وَالنُّكْرُ لِفَاعِلِي الإِثْمِ! 4أَلَيْسَ هُوَ يَنْظُرُ طُرُقِي وَيُحْصِي جَمِيعَ خَطَوَاتِي. 5إِنْ كُنْتُ قَدْ سَلَكْتُ مَعَ الْكَذِبِ أَوْ أَسْرَعَتْ رِجْلِي إِلَى الْغِشِّ 6لِيَزِنِّي فِي مِيزَانِ الْحَقِّ فَيَعْرِفَ اللهُ كَمَالِي.) أيوب 31: 3-6
                      وقال الرب لأيوب: (حَاشَا لِلَّهِ مِنَ الشَّرِّ وَلِلْقَدِيرِ مِنَ الظُّلْمِ. 11لأَنَّهُ يُجَازِي الإِنْسَانَ عَلَى فِعْلِهِ وَيُنِيلُ الرَّجُلَ كَطَرِيقِهِ. 12فَحَقّاً إِنَّ اللهَ لاَ يَفْعَلُ سُوءاً وَالْقَدِيرَ لاَ يُعَوِّجُ الْقَضَاءَ.) أيوب 34: 10-12
                      وقال الرب لهوشع: (15«إِنْ كُنْتَ أَنْتَ زَانِياً يَا إِسْرَائِيلُ فَلاَ يَأْثَمُ يَهُوذَا. ...) هوشع 4: 15
                      وقال أيضًا له: (الآنَ قَدْ أَحَاطَتْ بِهِمْ أَفْعَالُهُمْ.) هوشع 7: 3
                      وقال كاتب الرسالة إلى غلاطية: (4وَلَكِنْ لِيَمْتَحِنْ كُلُّ وَاحِدٍ عَمَلَهُ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ الْفَخْرُ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ فَقَطْ، لاَ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ. 5لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ سَيَحْمِلُ حِمْلَ نَفْسِهِ.) غلاطية 6: 4-5
                      وأدعوك للتفكر: ماذا قدم يسوع فى قصة المرأة الزانية للحفاظ على المجتمع من انتشار هذه الرذيلة والحفاظ على الأنساب، ووقايته من الأمراض الخبيثة؟ لا شىء.
                      وماذا قدم يسوع للحفاظ على الناموس؟ لا شىء سوى قوله إنه لم يأت لينقض الناموس أو الأنبياء، ولكن الكتبة الأمناء جعلوه يُخالف الناموس ليكون مستحقًا للعنة والقتل بلا رحمة: (26مَلعُونٌ مَنْ لا يُقِيمُ كَلِمَاتِ هَذَا النَّامُوسِ لِيَعْمَل بِهَا. وَيَقُولُ جَمِيعُ الشَّعْبِ: آمِينَ».) تثنية 27: 26
                      (... هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: مَلْعُونٌ الإِنْسَانُ الَّذِي لاَ يَسْمَعُ كَلاَمَ هَذَا الْعَهْدِ 4الَّذِي أَمَرْتُ بِهِ آبَاءَكُمْ يَوْمَ أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ ...) إرمياء 11: 3-4
                      (10لأَنَّ مَنْ حَفِظَ كُلَّ النَّامُوسِ، وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِماً فِي الْكُلِّ. 11لأَنَّ الَّذِي قَالَ: «لاَ تَزْنِ» قَالَ أَيْضاً: «لاَ تَقْتُلْ». فَإِنْ لَمْ تَزْنِ وَلَكِنْ قَتَلْتَ، فَقَدْ صِرْتَ مُتَعَدِّياً النَّامُوسَ.) يعقوب 2: 10-11
                      (28مَنْ خَالَفَ نَامُوسَ مُوسَى فَعَلَى شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يَمُوتُ بِدُونِ رَأْفَةٍ.) عبرانيين 10: 28
                      ألم يأمر الناموس برجم الزانية؟ فلماذا تجنب يسوع الحكم على المرأة بالرجم تنفيذًا لتعاليم الناموس؟ فهل يوجد سبب آخر غير الذى ذكرت؟ لا.
                      فبعرض هذه الوقائع، التى نسبها الكاتب الأمين إلى يسوع، يجب أن يكون الحكم عليه بأنه مجرم، خالف تعاليم موسى والأنبياء، كذب فى ادعائه بعدم نقض نقطة واحدة من الناموس، وبالتالى يستحق اللعنة، والموت بدون رأفة، وعدم تصديقه، والكفر بمبادئه وتعاليمه، ومحاربته إن أمكن، وعدم الشفقة عليه فيما ظنوا أنهم قتلوه أو صلبوه!!
                      ألم أقل لك إن كتبة هذه الكتب، التى تسمونها أناجيل يكرهون يسوع ويسفهونه ويحرضون الناس ضده فى هذه الأسفار؟
                      * * *
                      الغنائم بين الإسلام والكتاب المقدس:
                      كان هذا بخصوص النقطة الأولى التى أثارها الكاتب المسيحى، أما بشأن النقطة الثانية التى يثيرها بقوله (الله يبيح أخذ الغنائم) فأقول له:
                      أنا أعلم أنه من العقل أن أنتقد عدم نظافة إنسان ما طالما أنا نظيف وأحب النظافة. لكن ليس من العقل أن يكون الإنسان قذر الملبس والمسكن والسيارة ثم ينتقد نظافة الآخرين أو حتى عدم نظافتهم. هذا ليس منطقى، ويُخالف العقل! فإذا كان يهوه/يسوع قد أباح أخذ الغنائم من المحاربين له، وطالما أنك ارتضيت هذا فى دينك، واعتبرته هو المعيار الطبيعى فى الحكم على هذه النقطة، فلا أفهم فى الحقيقة لماذا تنتقدها؟ اللهم إلا إذا كنت تكتب لجهلاء فى دينك، لا يعرفون ما فى كتبهم، ويصدقونك دون فحص أو تمحيص لما تكتب؟!
                      قد يظن الكاتب أو القارىء البسيط أن الغنائم فى الحرب هى ابتداع إسلامى. وهذا ظن خاطىء. فالغنائم من ثوابت الحروب، والحرب هى لهزيمة العدو وتكبيده أكبر خسارة، تجعله ألا يفكر مرة أخرى فى محاربة الطرف الآخر، وفى العصر الحديث تمنعه الدول المنتصرة من تصنيع السلاح، أو امتلاك نوعية معينة من الأسلحة الإستراتيجية، كما حدث لألمانيا بعد هزيمتها فى الحرب العالمية الثانية. فهي ثابتة في كل حرب في أي مكان على الأرض، ولا يجوز لمسلم أن يغتنم أموال وممتلكات غير المسلم إلا في حرب أعلنتها الدولة المسلمة، أو فرضت عليها.
                      وها هو العهد القديم يحلل الغنائم، وسأذكر بعضًا من نصوصه دون تطويل لأن الكتاب ملىء بمثل هذه النصوص، ويكفينا أن نسرد بعضًا من النصوص فى عهد إبراهيم وموسى عليهما السلام بأمر من الرب، وهذا يكفى لأن يسوع جاء متبعًا لموسى ولم يأت ليخالفه أو لينقض نقطة واحدة منه:
                      فقد حارب أبو الأنبياء إبراهيم لاسترجاع أخيه، واسترجع أملاك أخيه وغنم أعداءه، وأعطى عشر الغنيمة لملكى صادق: (14فَلَمَّا سَمِعَ أَبْرَامُ أَنَّ أَخَاهُ سُبِيَ جَرَّ غِلْمَانَهُ الْمُتَمَرِّنِينَ وِلْدَانَ بَيْتِهِ ثَلاَثَ مِئَةٍ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَتَبِعَهُمْ إِلَى دَانَ. 15وَانْقَسَمَ عَلَيْهِمْ لَيْلاً هُوَ وَعَبِيدُهُ فَكَسَّرَهُمْ وَتَبِعَهُمْ إِلَى حُوبَةَ الَّتِي عَنْ شَِمَالِ دِمَشْقَ. 16وَاسْتَرْجَعَ كُلَّ الأَمْلاَكِ وَاسْتَرْجَعَ لُوطاً أَخَاهُ أَيْضاً وَأَمْلاَكَهُ وَالنِّسَاءَ أَيْضاً وَالشَّعْبَ. ........ فَأَعْطَاهُ عُشْراً مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.) التكوين 14: 14-20
                      فها هو إبراهيم أبو الأنبياء الشهير بطاعته للرب وكلمته كان يأخذ غنائم حرب، بل إن المسيح قد دعا اليهود إلى إتباع إبراهيم والسير على سنته ونهجه، فيقول يسوع لليهود: (39أَجَابُوا: «أَبُونَا هُوَ إِبْرَاهِيمُ». قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لَوْ كُنْتُمْ أَوْلاَدَ إِبْرَاهِيمَ لَكُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أَعْمَالَ إِبْرَاهِيمَ!) يوحنا 8: 39
                      فإذا كان إبراهيم قد قبل الحق من الله وعمل بمقتضاه، فإن أخذ الغنائم جاء موافقة لمراد يسوع ورغبته، سواء كان إلهًا أقر بهذا، أو كان نبيًا ووافق على معطيات العهد القديم. فكيف تعترض أيها الكاتب على ربك ونبيك وكتابك لتنال من الإسلام؟ ألم يقل الرب عنه إنه كان بارًا فى أعماله: (لِذَلِكَ أَيْضاً حُسِبَ لَهُ بِرّاً)رومية 4: 22
                      ويمدح الرب بنيامين بقوله: (27بِنْيَامِينُ ذِئْبٌ يَفْتَرِسُ. فِي الصَّبَاحِ يَأْكُلُ غَنِيمَةً وَعِنْدَ الْمَسَاءِ يُقَسِّمُ نَهْباً».) التكوين 49: 27
                      وأخذ موسى غنيمة من أعدائه: (7فَتَجَنَّدُوا عَلى مِدْيَانَ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ وَقَتَلُوا كُل ذَكَرٍ...... 9وَسَبَى بَنُو إِسْرَائِيل نِسَاءَ مِدْيَانَ وَأَطْفَالهُمْ وَنَهَبُوا جَمِيعَ بَهَائِمِهِمْ وَجَمِيعَ مَوَاشِيهِمْ وَكُل أَمْلاكِهِمْ. 10وَأَحْرَقُوا جَمِيعَ مُدُنِهِمْ بِمَسَاكِنِهِمْ وَجَمِيعَ حُصُونِهِمْ بِالنَّارِ. 11وَأَخَذُوا كُل الغَنِيمَةِ وَكُل النَّهْبِ مِنَ النَّاسِ وَالبَهَائِمِ 12وَأَتُوا إِلى مُوسَى وَأَلِعَازَارَ الكَاهِنِ وَإِلى جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيل بِالسَّبْيِ وَالنَّهْبِ وَالغَنِيمَةِ إِلى المَحَلةِ إِلى عَرَبَاتِ مُوآبَ التِي عَلى أُرْدُنِّ أَرِيحَا.) العدد 31: 7-12
                      وأحل الرب يهوه/يسوع هذه الغنائم، وفرض فيها فروضًا محدد للمقاتلين ولبيت الرب: (25وَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى: 26«أَحْصِ النَّهْبَ المَسْبِيَّ مِنَ النَّاسِ وَالبَهَائِمِ أَنْتَ وَأَلِعَازَارُ الكَاهِنُ وَرُؤُوسُ آبَاءِ الجَمَاعَةِ. 27وَنَصِّفِ النَّهْبَ بَيْنَ الذِينَ بَاشَرُوا القِتَال الخَارِجِينَ إِلى الحَرْبِ وَبَيْنَ كُلِّ الجَمَاعَةِ. 28وَارْفَعْ زَكَاةً لِلرَّبِّ. مِنْ رِجَالِ الحَرْبِ الخَارِجِينَ إِلى القِتَالِ وَاحِدَةً. نَفْساً مِنْ كُلِّ خَمْسِ مِئَةٍ مِنَ النَّاسِ وَالبَقَرِ وَالحَمِيرِ وَالغَنَمِ.) العدد 31: 25-28
                      وأيضًا: (31وَقَال الرَّبُّ لِي: انْظُرْ! قَدِ ابْتَدَأْتُ أَدْفَعُ أَمَامَكَ سِيحُونَ وَأَرْضَهُ. ابْتَدِئْ تَمَلكْ حَتَّى تَمْتَلِكَ أَرْضَهُ. 32فَخَرَجَ سِيحُونُ لِلِقَائِنَا هُوَ وَجَمِيعُ قَوْمِهِ لِلحَرْبِ إِلى يَاهَصَ 33فَدَفَعَهُ الرَّبُّ إِلهُنَا أَمَامَنَا فَضَرَبْنَاهُ وَبَنِيهِ وَجَمِيعَ قَوْمِهِ. 34وَأَخَذْنَا كُل مُدُنِهِ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ وَحَرَّمْنَا مِنْ كُلِّ مَدِينَةٍ الرِّجَال وَالنِّسَاءَ وَالأَطْفَال. لمْ نُبْقِ شَارِداً. 35لكِنَّ البَهَائِمَ نَهَبْنَاهَا لأَنْفُسِنَا وَغَنِيمَةَ المُدُنِ التِي أَخَذْنَا.) تثنية 2: 31-35
                      (10«حِينَ تَقْرُبُ مِنْ مَدِينَةٍ لِتُحَارِبَهَا اسْتَدْعِهَا لِلصُّلحِ 11فَإِنْ أَجَابَتْكَ إِلى الصُّلحِ وَفَتَحَتْ لكَ فَكُلُّ الشَّعْبِ المَوْجُودِ فِيهَا يَكُونُ لكَ لِلتَّسْخِيرِ وَيُسْتَعْبَدُ لكَ. 12وَإِنْ لمْ تُسَالِمْكَ بَل عَمِلتْ مَعَكَ حَرْباً فَحَاصِرْهَا. 13وَإِذَا دَفَعَهَا الرَّبُّ إِلهُكَ إِلى يَدِكَ فَاضْرِبْ جَمِيعَ ذُكُورِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 14وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالأَطْفَالُ وَالبَهَائِمُ وَكُلُّ مَا فِي المَدِينَةِ كُلُّ غَنِيمَتِهَا فَتَغْتَنِمُهَا لِنَفْسِكَ وَتَأْكُلُ غَنِيمَةَ أَعْدَائِكَ التِي أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ. 15هَكَذَا تَفْعَلُ بِجَمِيعِ المُدُنِ البَعِيدَةِ مِنْكَ جِدّاً التِي ليْسَتْ مِنْ مُدُنِ هَؤُلاءِ الأُمَمِ هُنَا. 16وَأَمَّا مُدُنُ هَؤُلاءِ الشُّعُوبِ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيباً فَلا تَسْتَبْقِ مِنْهَا نَسَمَةً مَا) تثنية 20: 10- 18
                      قارن هذا بصورة الحرب فى الإسلام! فالسبي في الاسلام لا يحدث إلا في الحرب والغزو والجهاد، فأن سالمت القرية أو البلد المسلمين فهي أمنة، لا تُستعبد.
                      فهذا النص يدعوا إلى إذلال واستعباد كل من خالف العقيدة وكل من خالف أفكار اليهود فيستعبدوه وإن اعترض فاقتلوه وخذوا أهله غنائم لكم، أى إما الإيمان بمبادئهم وإلا القتل والإذلال، فأى الأديان انتشر بالعنف والسيف والقهر بأمر الرب ورضاه؟ وهذه العنصرية غير موجودة في الإسلام، فلم تكن الحرب في الإسلام هدفها إبادة المخالف أو استعبادهم، ولكن هدفها حرب المعادي والمتهجم على الإسلام.
                      وقد سار يشوع على نهج موسى متبعًا أوامر الرب فى أخذ الغنائم: (20فَهَتَفَ الشَّعْبُ وَضَرَبُوا بِالأَبْوَاقِ. وَكَانَ حِينَ سَمِعَ الشَّعْبُ صَوْتَ الْبُوقِ أَنَّ الشَّعْبَ هَتَفَ هُتَافاً عَظِيماً، فَسَقَطَ السُّورُ فِي مَكَانِهِ، وَصَعِدَ الشَّعْبُ إِلَى الْمَدِينَةِ كُلُّ رَجُلٍ مَعَ وَجْهِهِ، وَأَخَذُوا الْمَدِينَةَ. 21وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، مِنْ طِفْلٍ وَشَيْخٍ - حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ. ... 24وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ مَعَ كُلِّ مَا بِهَا. إِنَّمَا الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ وَآنِيَةُ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ جَعَلُوهَا فِي خِزَانَةِ بَيْتِ الرَّبِّ.) يشوع 6: 20-24
                      (وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ. ... .... .... 24وَكَانَ لَمَّا انْتَهَى إِسْرَائِيلُ مِنْ قَتْلِ جَمِيعِ سُكَّانِ عَايٍ فِي الْحَقْلِ فِي الْبَرِّيَّةِ حَيْثُ لَحِقُوهُمْ، وَسَقَطُوا جَمِيعاً بِحَدِّ السَّيْفِ حَتَّى فَنُوا أَنَّ جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ رَجَعَ إِلَى عَايٍ وَضَرَبُوهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 25فَكَانَ جَمِيعُ الَّذِينَ سَقَطُوا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً، جَمِيعُ أَهْلِ عَايٍ. 26وَيَشُوعُ لَمْ يَرُدَّ يَدَهُ الَّتِي مَدَّهَا بِالْحَرْبَةِ حَتَّى حَرَّمَ جَمِيعَ سُكَّانِ عَايٍ. 27لَكِنِ الْبَهَائِمُ وَغَنِيمَةُ تِلْكَ الْمَدِينَةِ نَهَبَهَا إِسْرَائِيلُ لأَنْفُسِهِمْ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ الَّذِي أَمَرَ بِهِ يَشُوعَ.) يشوع 8: 18-27
                      وأخذ داود أيضًا غنائم من أعدائه فى الحروب بأمر الرب: (26وَلَمَّا جَاءَ دَاوُدُ إِلَى صِقْلَغَ أَرْسَلَ مِنَ الْغَنِيمَةِ إِلَى شُيُوخِ يَهُوذَا إِلَى أَصْحَابِهِ قَائِلاً: «هَذِهِ لَكُمْ بَرَكَةٌ مِنْ غَنِيمَةِ أَعْدَاءِ الرَّبِّ».) صموئيل الأول 30: 26
                      ولا يمكن لإنسان مسيحى أو يهودى أن يتهم نبى الله داود فى أى تصرف عمله، لأن الرب يشهد فى كتابه بصلاح داود، وأنه لم يحد عن أوامره: (5لأَنَّ دَاوُدَ عَمِلَ مَا هُوَ مُسْتَقِيمٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ وَلَمْ يَحِدْ عَنْ شَيْءٍ مِمَّا أَوْصَاهُ بِهِ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ، إِلاَّ فِي قَضِيَّةِ أُورِيَّا الْحِثِّيِّ.) ملوك الأول 15: 5
                      لذلك كانت له جيوش تأخذ الغنائم من أعدائهم، وتضع جزءًا منه فى خزانة الرب بأمر من الرب وبرضاه: (27مِنَ الْحُرُوبِ وَمِنَ الْغَنَائِمِ قَدَّسُوا لِتَشْدِيدِ بَيْتِ الرَّبِّ.) أخبار الأيام الأول 26: 27
                      ولنر الآن أقوال علماء المسيحية في هذه النصوص المريبة:
                      فهذا هو ناموس الرب، الذى لعن من لا يعمل به، بل أمر برجمه: (مَلعُونٌ مَنْ لا يُقِيمُ كَلِمَاتِ هَذَا النَّامُوسِ لِيَعْمَل بِهَا. وَيَقُولُ جَمِيعُ الشَّعْبِ: آمِينَ».) تثنية 27: 26
                      (... هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: مَلْعُونٌ الإِنْسَانُ الَّذِي لاَ يَسْمَعُ كَلاَمَ هَذَا الْعَهْدِ 4الَّذِي أَمَرْتُ بِهِ آبَاءَكُمْ يَوْمَ أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ ...) إرمياء 11: 3-4
                      (10لأَنَّ مَنْ حَفِظَ كُلَّ النَّامُوسِ، وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِماً فِي الْكُلِّ. 11لأَنَّ الَّذِي قَالَ: «لاَ تَزْنِ» قَالَ أَيْضاً: «لاَ تَقْتُلْ». فَإِنْ لَمْ تَزْنِ وَلَكِنْ قَتَلْتَ، فَقَدْ صِرْتَ مُتَعَدِّياً النَّامُوسَ.) يعقوب 2: 10-11
                      (28مَنْ خَالَفَ نَامُوسَ مُوسَى فَعَلَى شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يَمُوتُ بِدُونِ رَأْفَةٍ.) عبرانيين 10: 28
                      والذى قال عنه يسوع: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. 19فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هَكَذَا يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهَذَا يُدْعَى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.) متى 5: 17
                      والكاتب المسيحى هنا ليس بجاهل أو غبى حتى لا يعرف ما يوجد فى كتابه، ولكنه يريد أن يقول إن النبى  كان يقوم بالحروب لأخذ الغنائم والسطو على ممتلكات الآخرين، أى إن الأمر بالنسبة له لا يعدو عملية قرصنة على ممتلكات الآخرين. وقد يصدقه فى زعمه هذا الجهلاء الذين لا يعرفون شيئًا عن تاريخ النبى ، ولا عن أخلاقه، ولا عن إنجازاته فى كل المجالات وأهمها بناء الإنسان خُلُقيًا ونفسيًا واجتماعيًا وعلميًا واقتصاديًا وغيره من مجالات النظافة والمحبة والحفاظ على البيئة والممتلكات العامة والخاصة.
                      وأنقل عن الأستاذ (محسن عبد المقصود) بمنتدى ابن مريم قوله فى هذا الموضوع بتصرف: وإذا كان الإسلام قد أقر غنائم الحرب مثل ما جاء فى العهد القديم وحروب الدنيا كلها، فهناك فرق كبير بين التشريع الرباني بحلِّ الغنيمة والتصرف الهمجي الذي نقله الكتاب المقدس جدًا والذي يبيح أموال الناس ودماءهم، وحيث إن الغنيمة هي ما يحصل للمسلمين مما يخلفه الكفار بعد انتهاء الحرب، وليس الهجوم على مدينتهم وسلب كل ما فيها، من كل الناس محاربين أم غير محاربين. فإن الاستيلاء عليها وطريقة تقسيمها جزء من منظومة تشريعات الجهاد، وتشريع الجهاد في الإسلام اقترن بضوابط ترفعه عن مجرد كونه قتالًا، بل يرتفع ليكون أداة لتربية الإنسان، وإزالة للطواغيت الظالمة، وإقرارًا للعدل والحرية.
                      وقد كانت فلسفة الإسلام دائمًا هي الحفاظ على أموال الناس وحياتهم حتى في الحروب. ونحن مأمورون بالحفاظ على أموال الناس وحياتهم مسلمهم وكافرهم على حد سواء، حتى في حالة الجهاد، ومن ثم جاء النهي عن قتل الحيوان؛ لغير مصلحة وعن تحريق الأشجار، وإفساد الزروع والثمار، والمياه، وتلويث الآبار، وهدم البيوت، وهل يليق بمن يحرم هذه الأمور في وقت الحرب أن يقال: إنه يحلل نهب أموال الناس؟ لا والله! إنها خُلُق الإسلام! إنها الكمال التشريعى! إنها الحب الفياض للإنسان والبيئة!
                      ثم شتان بين نهب أموال الناس ذلك التصرف الذي يمليه على بعض الناس أو المقاتلين شياطينهم وبين تشريع يربي الإنسان على ضبط النفس، ويفطمها عن أهوائها، ويعوِّدها على طاعة الله، ومن ذلك التربية على عدم إرادة الغنائم دون رجاء ما عند الله تعالى، فعن أبي مُوسَى الأشعري  قَالَ: (قَالَ أعرابي للنبي  الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُذْكَرَ، وَيُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، مَنْ في سَبِيلِ اللَّهِ؟. فَقَالَ: (مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هي الْعُلْيَا فَهْوَ في سَبِيلِ اللَّهِ).)
                      وشبهة أعداء الإسلام لا يوجد عليه دليلٌ في واقع حياة رسول الله ، إذ لو كان كما قيل لعاش عيش الملوك، في القصور والبيوت الفارهة، ولاتخذ من الخدم والحراس والحشم ما يكون على المستوى المتناسب مع تلك المطامع المزعومة، بينما الواقع يشهد بخلاف ذلك، إذ كان في شظف من العيش، مكتفيًا بما يقيم أود الحياة، وكانت هذه حاله منذ أن رأى نور الحياة إلى أن التحق بالرفيق الأعلى، يشهد لهذا أنّ بيوته  كانت عبارة عن غرف بسيطة لا تكاد تتسع له ولزوجاته.
                      وكذلك الحال بالنسبة لطعامه وشرابه، فقد كان يمر عليه الشهر والشهران لا توقد نارٌ في بيته، ولم يكن له من الطعام إلا الأسودان - التمر والماء-، فعن عائشة رضي الله عنها قالت لعروة : (ابن أختي إن كنا لننظر إلى الهلال، ثم الهلال، ثلاثة أهلة في شهرين، وما أوقدت في أبيات رسول الله  نارٌ، فقلت: يا خالة ما كان يعيشكم؟ قالت: الأسودان، التمر والماء) متفق عليه.

                      تعليق


                      • الملف 76
                        وهذه الشبهة تتناقض مع الزهد الذي عُرف به النبي ، وحث عليه أصحابه، فقد صح عنه أنه قال: (إن مما أخاف عليكم بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها) متفق عليه.
                        ومما يدحض هذه الشبهة وينقضها من أساسها أن أهل مكة عرضوا على رسول الله  المال والملك والجاه من أجل أن يتخلى عن دعوته، فرفض ذلك كله، وفضل أن يبقى على شظف العيش مع الاستمرار في دعوته، ولو كان من الراغبين في الدنيا لما رفضها وقد أتته من غير عناء.
                        كما أن الوصايا التي كان يزود بها قواده تدل على أنه  لم يكن طالب مغنم ولا صاحب شهوة، بل كان هدفه الأوحد والوحيد إبلاغ دين الله للناس، وإزالة العوائق المعترضة سبيل الدعوة، فها هو يوصي معاذ بن جبل  عندما أرسله إلى اليمن بقوله: (إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى، فإذا عرفوا ذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا صلوا فأخبرهم أن الله افترض عليهم زكاة في أموالهم تؤخذ من غنيهم فترد على فقيرهم، فإذا أقروا بذلك فخذ منهم وتوق كرائم أموال الناس) رواه البخاري.
                        ورسول الله  ارتحل من الدنيا ولم يكن له فيها إلا أقل القليل، ففي الصحيح عن عمرو بن الحارث قال: (ما ترك رسول الله  عند موته درهماً، ولا ديناراً، ولا عبداً، ولا أمة، ولا شيئاً إلا بغلته البيضاء، وسلاحه وأرضاً جعلها صدقة) رواه البخاري، وعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: (توفي رسول الله  وما في بيتي من شيء يأكله ذو كبد، إلا شطر شعير في رف لي) متفق عليه.
                        والآن: استحضر مدى الكارثة التي أصابت المصريين في أموالهم عند خروج بنى إسرائيل من مصر بأمر الرب ومشاركته، واستحضر كيف أبقى رسول الله  علي بن أبي طالب في مكة ليرد إلى المشركين ودائعهم في حادث الهجرة!
                        (21وَأُعْطِي نِعْمَةً لِهَذَا الشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ. فَيَكُونُ حِينَمَا تَمْضُونَ أَنَّكُمْ لاَ تَمْضُونَ فَارِغِينَ. 22بَلْ تَطْلُبُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ جَارَتِهَا وَمِنْ نَزِيلَةِ بَيْتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَاباً وَتَضَعُونَهَا عَلَى بَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ. فَتَسْلِبُونَ الْمِصْرِيِّينَ) خروج 3: 21-22، هكذا تسلبون المصريين الآمنين بتخطيط من الرب دون حروب!
                        (35وَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. طَلَبُوا مِنَ الْمِصْرِيِّينَ أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَاباً. 36وَأَعْطَى الرَّبُّ نِعْمَةً لِلشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ حَتَّى أَعَارُوهُمْ. فَسَلَبُوا الْمِصْرِيِّينَ.) خروج 12: 35-36
                        لكن رغم ذلك يستمر أهل الكفر والزيغ ويقولون إن تعرض النبي  لقوافل قريش كان لغرض السيطرة وجمع المال.
                        وتناسى هؤلاء أن الهدف الأساس من هذا التعرّض النبي للقوافل التجارية كان إعلام أهل مكّة، بأنّ الخطوط الرئيسية للتجارة ( الطائف – الشام)، التي كان يعتمد عليها المكِّيُّون، ويعتبرونها شريان الحياة، هي بيد المسلمين، يتصرّفون بها كيف ومتى شاءوا، لأنّهم كانوا يعلمون بأنّ البضائع التجارية التي كان أهل مكّة ينقلونها إلى الطائف والشام تشكّل العمود الفقري لمعيشتهم، وهذا الاقتصاد القوي يقف حائلاً دون انتشار الإسلام، فوقع بعض المستشرقين في أخطاء عند تحليلهم للأوضاع التي كانت تعيشها مكّة آنذاك، وقاموا بتفسير الحوادث التاريخية بشكل يتناقض مع التاريخ، وادَّعوا بأنّ النبي  كان يسيطر على تلك القوافل التجارية لزيادة قوّته وسلطانه.
                        ولكن إذا كان اعتراض السائل من الناحية الإنسانية ويقول لسان حاله: لماذا لا يترك المسلمون بعد الفتح الناس في حالهم دون سبي أو غيره؟
                        فنقول بعون الله:
                        مما لا شك فيه أن في الحروب دائمًا ما يكون الضحية الأكبر هم الرجال، وبالرغم من سقوط بعض النساء والأطفال قتلى، عمدًا أو خطأ فإن الرجال يشكلون العدد الأكبر من ضحاياها، والتي قد يفوق عددهم الآلاف بل وأكثر. وهذا مشاهد ومجرب في كل الحروب التي خاضها الإنسان.
                        وفي هذه الحالة فإن البلد المهزوم سيكون قد تعرض لثلاث ضربات:
                        الأولى: سقوط عدد هائل من رجاله قتلى وهم العمود الفقري للعمالة في أي دولة أو بلد.
                        ثانيا: انهيار الوضع الاقتصادي والأمني والسياسي والاجتماعي.
                        ثالثا: فقدان آلاف الأسر لمن يعولها من الرجال.
                        وفي النقطة الثالثة مربط الفرس، فإن هذه الأسر لو تركت دون عناية من الدولة الفاتحة فإنها ولا شك ستتمزق وتنهار بحثًا وتنقيبًا عن الغذاء والطعام.
                        وبما أن الوضع في البلد قد انهار كما ذكرنا من كل جوانبه فإن أهل البلد من النساء والأطفال الذين فقدوا عائلهم سيسعون وحدهم بعد أن فقدوا أي مساعدة إلى لقمة العيش. وهذا ماثل أمامنا في كل البلدان التي أنهكتها الحروب.
                        وهنا نقول: ما هي الوسائل التي سيحاولون الوصول إلى لقمة العيش من خلالها؟
                        ما زال يمثل في ذاكرتي مشهد امرأة فرنسية رأيتها في برنامج ثقافي عن الحرب العالمية الثانية بعد دخول الألمان إلى فرنسا، وهي تخرج ثديها عارضة على المارة بيع لبنها التي ترضعه لصغيرها من أجل الحصول على بعض القروش التافهة.
                        هذا مشهد بسيط لما يحدث في دول اجتاحتها الحرب، وسنجد في غيرها من الوسائل الكثير من المهانة والانحطاط الخلقي والاجتماعي، فالنساء،وإن كان بعضهن سيجدن وظائف أفضل ما يقال عليها أنها وضيعة اجتماعيًا كالخدمة في البيوت وغيرها، فإن كثيرًا منهن سيجدن الوسيلة الوحيدة لإطعام نفسها وأهلها هي طريق الرذيلة والفحش وغيرها من الطرق الشيطانية.
                        أما الأطفال فسنجدهم يقتاتون على القمامة أو يتعلمون التسول، ومنهم من يتجه نحو السرقة والجريمة وبيع المخدرات وغيرها. وهذا مشاهد بالذات في هذا العصر بل وغيره من العصور.
                        ففتح الدولة في هذه الحالة لم يؤدي سوى إلى دمار البلد من كل النواحي بدلاً من إعمارها. وبهذا نرى أن لا خير في ترك أهل البلد وحدهم، بل تركهم يعني نشر الرذيلة والجريمة وغيرها. والدولة الفاتحة مسؤولة أمام الله عن الناس الذين في هذه البلد، فكيف تهملهم؟
                        ولكن قد يتساءل المرء: أليس هناك طريقة أخرى سوى السبي؟
                        فنقول هناك طريقتان ولنتدارسهم سويًا:
                        أولاً:
                        أن تتحمل الدولة الفاتحة مسؤولية هؤلاء الناس في انفاقهم وعيشهم.
                        وهذا كلام جميل نظريًا، أما عمليًا ففيه عدة عيوب:
                        1- سيكون تعامل الدولة مع هؤلاء الناس تعامل لا بشري، مجرد واجب عليها تطبيقه وذلك بسبب كثرتهم، فهي في هذه الحالة كالمدرس الذي في فصله خمسون طالباً، فهو لكثرتهم لا يلتفت إلى مشاكلهم بل همه توصيل الخدمة التي يقدمها، فهو لا يفرغ لكل منهم لكي يستمع منه.
                        2- تحمل الدولة الفاتحة ما لا تطيق من نفقات مالية هي بحاجة إليها على أناس لا ينتجون مما سيؤدي إلى إهمال في أداء هذا الواجب إن طرأ طارئ تحتاج إلى تحويل أموالها إليه.
                        3- إهمال حاجات الناس، فالمرأة بحاجة إلى زوج، والأولاد بحاجة إلى رجل يرعاهم ويوجههم إلى ما فيه صلاحهم، وانعدام هذا سيؤدي إلى فساد المجتمع أيضًا.
                        ثانيًا:
                        أن تقوم الدولة الفاتحة بتوكيل مواطنيها برعاية هؤلاء، وهذا سيكون مرفوض من الناس لما سيتحملونه من نفقات، خصوصًا إذا كان عدد الأطفال والنساء بالآلاف بل وبالملايين أحيانًا.
                        فسيشعر الإنسان أنه يقوم بتبذير أمواله على أطفال وهو يرى أولاده أحق بذلك منهم، وهذا سيؤدي إلى أهمالهم وعدم الانفاق عليهم بالشكل المتوازن.
                        أما إذا شعر بأن هذه المرأة أو الطفل له هو شخصيًا يخدمه ويطيعه، بل ويستطيع الاستفادة ماليًا منه من خلال تشغيله أو بيعه وغير ذلك، فأنه سيشعر أن هذا مكسب لا خسارة.
                        وبهذا نضمن أمرين، دنيوي وديني:
                        أما الدنيوي فإننا ننتشل هذا الإنسان من حضيض وشظف العيش، ليعيش فردًا منتجًا في المجتمع، يعمل ويكد في الحق بدلاً من الباطل، ويعيش في بيت كريم طاهر ليشعر بإنسانيته خير له من العيش في الشوارع يقتات على المزابل أو على جيوب الناس.
                        والأمر الديني أننا نضمن أن يعيش هذا الإنسان في بيت مسلم يشاهد بأم عينه الإسلام بدلاً من أن يسمع عنه سمعًا، فتتجذر في نفسه أحكام وأخلاق الإسلام فيدخل الإسلام طوعًا لا كرهًا، ويحبه من كل قلبه.
                        فإن كان قادرًا على تحرير نفسه من خلال المكاتبة لصاحبه، فيبرز لدينا إنسان حر شريف منتج، يملأ الدنيا صلاحًا وعملاً، بدلاً من أن يملأها فسادًا وظلمًا.
                        وكذلك المرأة تعيش في كنف البيت المسلم وتتلقى مباشرة تعاليم الإسلام من أهله، وبدلاً من يمتلئ قلبها بالكراهية لمن قتلوا رجالها وتركوها في الشوارع وأهملوها، تحب الإسلام وتحترمه وتتعلمه رويدًا حتى يملأ الإيمان قلبها، فتصبح من خير النساء، بعد أن كان مكتوبًا عليها العار والفاحشة والدمار.
                        ويأتي سؤال أخير يسأله سائل:
                        كل هذا جميل، ولكن لماذا أباح الإسلام للرجل مجامعة جاريته؟ ولماذا لم يكتفي بخدمتها له دون المعاشرة؟
                        فنقول بحول الله:
                        مما لا شك فيه أن هذه المرأة ككل النساء لها رغباتها التي إن لم تفرغ في الحلال أفرغتها في الحرام.
                        فأباح الاسلام وطئها من أجلها وربما من أجله أيضًا، لكي تنطفئ رغباتها ورغباته دون الوقوع في الحرام. وهي لها في ذلك من أحكام الاسلام ما يحفظ كرامتها بل ويرفع قدرها.
                        فإن أنجبت منه فأولادها أحرار وينسبون لأبيهم ويرثونه، وهو في هذه الحالة لا يجوز له بيعها، بل تبقى عنده حتى يتوفاه الله، فإن مات قبلها أصبحت حرة وخرجت من المواريث.
                        وبهذا تصبح أمرأة حرة كريمة لها أولاد أحرار رجال يرعونها في كبرها وتفخر بهم ويملأون حياتها سعادة وسرور، وتشاهد نسلها يكبر وينتشر.
                        أليس هذا خير من تركها لحالها تغوص في عالم الفحش كما هو مشاهد في عالم اليوم؟
                        هداك الله أيها الكاتب وإيانا إلى الحق، ويسَّر لنا اتباعه!
                        * * *
                        الكتاب الأسبق هو الأصل الذى يُعوَّل عليه:
                        يواصل الكاتب تهجمه على الإسلام وانتقاده له فيقول:
                        وما دام الكتاب المقدس قد جاء أولاً، ومادام هناك الدليل القاطع على أنه لم يمسه تحريف، فإنه تقع على علماء الإسلام مسئولية أن يقدموا لنا تفسيراً مقنعاً عن التناقضات والأخطاء التى فى كتابهم.
                        وأقول له:
                        فى الحقيقة لو كان الكتاب الأسبق هو الأصل الذى يجب أن يُعوَّل عليه، وأن يُقاس عليه، لأنه الأصل، ما كان هناك أدنى داع إلى أن ينزل الرب كتبًا بعد كتابه، الذى أنزله إلى موسى . وعلى ذلك يجب أن يكون معيار إيمانك هو العهد القديم، وكل ما يُخالفه من تعاليم فهى باطلة. وبالتالى لن يكون لك إيمان أو كتاب أو كنيسة، فتجسد الإله أو رؤيته ترفضه صراحة نصوص العهد القديم، وتوارث الخطيئة الأولى من المحرمات فى العهد القديم، وكذلك موت الإله من الوثنيات التى حرم العهد القديم الإيمان بها، لأنها تُخالف نصوصه.
                        ولكن بمجرد إيمانك بما تسمونه العهد الجديد وأنه كتاب أوحى به الله، لهو إيمان بتحريف العهد القديم، وأنه أصبح غير صالح لهذا الزمان. وإلا فما الحكمة أن يُرسل الرب كتابين فى نفس الوقت، تتعارض تعاليمهما فى كثير من النقاط؟
                        ثم أين هو الدليل القاطع الذى قدمته على أن الكتاب المقدس جدًا لم يمسه التحريف؟ إنك تحاول أن تقوم بغسيل لمخ المسيحيين بعكس الحقيقة. لقد قدمت إليك أمثلة من اعتراف علماء الكتاب الذى تقدسه، وأثبت لك أن الإله الحقيقى الذى يجب أن تعبده ليس اسمه يهوه، وأن يسوع ليس اسمه يسوع فى مخطوطاتكم اليونانية، وأن اسم الله الحقيقى جاء به يسوع بعد أن اختفى من عند اليهود، وأضاعوه مرة أخرى من مخطوطاتكم، وأنه عُثر على اسم هذا الإله عشر مرات فى سفر دانيال الأرامى، الذى عثروا عليه فى كوم عمران، وهو الله. وقدمت إليك أمثلة من داخل الكتاب نفسه، نماذج لنصوص وفقرات حُذفت فى الطبعات الحديثة؛ لأنها لا وجود لها فى المخطوطات الأقدم، وبالتالى إذا كانت المخطوطات تختلف فى نص واحد فقط، فقد فشل الرب فى حفظ كتابه، أو لنقل بالحق: لم يتعهد الرب بحفظ هذا الكتاب، ولم يكن الكتاب معصومون من الخطأ والزلل والأهواء.
                        كما قدمنا لك الإجابات على ما تسميه تناقضات وأخطاء فى القرآن الكريم، وأثبتنا جهلكم فى اللغة العربية وفى فهم النصوص، وفى كثير من النصوص نراكم تفهمون غير المكتوب، كما لو كانت هذه أمنيتكم أن تكون فى القرآن الكريم. وصدق الله العظيم فى قوله: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) البقرة 120
                        أما دليلك على صحة الكتاب الذى تقدسه فهو دليل غريب لا يقنع أطفال رياض الأطفال: فهل لأن هذه الكتب جاءت أولا (بالإضافة إلى ادعائك أنه لم يمسسها بشر بالتحريف) فهو دليل على صحتها؟ ألا تعلم كم الكتب والأناجيل المحرفة التى رفضها آباؤكم الأقدمون؟ فهل هذه أيضًا دليل على صحتها وقداستها فوق القرآن الكريم؟ ألا تعلم أن من هذه الكتب، والتى نسبتموها إلى القرن الثانى، ما يؤكد صحة القرآن بشأن قصة عيسى  وتكلمه فى المهد، وعدم قتله أو صلبه، وأن يهوذا هو الذى قتل نيابة عنه، سواء بالاتفاق مع يسوع (إنجيل يهوذا الإسخريوطى) أن يُلقى عليه شبه يسوع ويلبس ملابسه ويُقتل نيابة عنه ويضمن له يسوع الأجر والجنة عند ربه، أو بإجراء القرعة بين التلاميذ، ووقعت على يهوذا؟
                        أعيد عليك بداية خطاب لوقا لصديقه ثاوفيلس والذى يعترف به بانتشار التحريف: (1إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا 2كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّاماً لِلْكَلِمَةِ 3رَأَيْتُ أَنَا أَيْضاً إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيقٍ أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ 4لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ.) لوقا 1: 1-4
                        وأؤكد على مسامعك مرة أخرى اعتراف علماء الكتاب المقدس بتحريفه:
                         اعتراف الطبعة للكاثوليكية من الكتاب المقدس بتحريفه:
                        أصدرت المطبعة الكاثوليكية عام 1960م طبعة للكتاب المقدس جاء في مدخلها “ما من عالم كاثوليكي في عصرنا يعتقد أن موسى ذاته كتب كل التوراة منذ قصة الخليقة، أو أنه أشرف على وضع النص الذي كتبه عديدون بعده، بل يجب القول بأن هناك ازدياداً تدريجياً سببته مناسبات العصور التالية الاجتماعية والدينية”، ومثله في المدخل الفرنسي للكتاب المقدس.
                         اعتراف دائرة معارف القرن التاسع عشر بتحريف الكتاب:
                        وتقول دائرة معارف القرن التاسع عشر: إن “العلم العصري، ولاسيما النقد الألماني قد أثبت بعد أبحاث مستفيضة في الآثار القديمة، والتاريخ وعلم اللغات أن التوراة لم يكتبها موسى ، وإنما هي من عمل أحبار لم يذكروا أسماءهم عليها، وألفوها على التعاقب معتمدين في تأليفها على روايات سماعية سمعوها قبل أسر بابل”.
                         اعتراف أستاذ اللغات السامية نولدكه بتحريف الكتاب:
                        ويقول نولدكه في كتابه "اللغات السامية": "جمعت التوراة بعد موسى بتسعمائة سنة، واستغرق تأليفها وجمعها زمناً متطاولاً تعرضت حياله للزيادة والنقص، وإنه من العسير أن نجد كلمة متكاملة في التوراة مما جاء به موسى.
                         اعتراف الفاتيكان بالتحريف:
                        وفى هذا الصدد اعترفت مؤخراً الهيئات اللاهوتية بوجود أخطاء فى الكتاب ، الأمر الذى ينفى بالطبع قداسته ، أو نسبته لله. فقد أصدرت الهيئة الكهنوتية في الكنيسة الكاثوليكية الرومانية وثيقة تعليمية تفيد أن بعض أجزاء الكتاب المقدس غير صحيحة. وحذّر الأساقفة الكاثوليك في بريطانيا وويلز واسكتلندا أتباعهم البالغين 5 ملايين وكل من يقرأ ويدرس الكتاب المقدس أن "عليهم ألا يتوقعوا دقة كاملة في الكتاب المقدس".
                         اعتراف أساقفة بريطانيا بالتحريف:
                        وأوردت صحيفة "التايمز" البريطانية، في عددها الصادر الأربعاء 5/10/2005، أن الأساقفة ذكروا في وثيقتهم المسماة "هبة الكتاب المقدس": "يجب علينا ألا نتوقع العثور على كلام علمى دقيق وإحكام تاريخى بالغ الدقة أو تام فى الكتاب المقدس".
                        وتضيف الصحيفة أن الوثيقة تسرد موقف الكنيسة الكاثوليكية منذ القرن السابع عشر عندما أدانت غاليليو واعتبرته "مهرطقا" لسخريته من اعتقاد كان سائدا آنذاك حول الوحي الإلهي للكتاب المقدس، وذلك بدفاعه عن وجهة نظر كوبرنيكوس حول النظام الشمسى.
                        ويتابعون: "الكتاب المقدس فيه فقرات صحيحة تتحدث عن تخليص الإنسان.. لكن يجب علينا ألا نتوقع دقة كاملة في الكتاب المقدس في مسائل دنيوية أخرى".
                        http://www.alarabiya.net/Articles/2005/10/05/17432.htm
                         اعتراف الملحق العلمى للكتاب المقدس بالتحريف:
                        ويواصل الدكتور روبرت كيل تسلر قوله فى كتابه "حقيقة الكتاب المقدس تحت مجهر علماء اللاهوت": “وقد تم عرض ملحق علمي لطبعة تسفنجلي الحديثة من الكتاب المقدس، ولم يسمح له بالنشر، إلا أنه بعد (30) عاماً من ظهور هذه الطبعة سأل دكتور روبرت كيل تسلر عن عدم طباعة هذا الملحق مع الكتاب المقدس ، وجائته الإجابة بأن ذلك سيفقد الشعب [المسيحى] إيمانه بالكتاب المقدس إذا ما علم بكل محتوى ذلك الملحق، كما أخبره أحد أساتذة اللاهوت قائلاً: أليس من الذكاء سلب الشعب [المسيحى] هذا الإيمان الساذج بالكتاب المقدس ، حيث إن هذا سيسره بالطبع؟”
                        أليس هذا تدليساً على الشعب لمصلحة الشيطان وحطب نار جهنم؟ فمن المستفيد من هذا الضلال غير الشيطان وأعوانه؟ (5وَكُلَّ أَعْمَالِهِمْ يَعْمَلُونَهَا لِكَيْ تَنْظُرَهُمُ النَّاسُ فَيُعَرِّضُونَ عَصَائِبَهُمْ وَيُعَظِّمُونَ أَهْدَابَ ثِيَابِهِمْ 6وَيُحِبُّونَ الْمُتَّكَأَ الأَوَّلَ فِي الْوَلاَئِمِ وَالْمَجَالِسَ الأُولَى فِي الْمَجَامِعِ 7وَالتَّحِيَّاتِ فِي الأَسْوَاقِ وَأَنْ يَدْعُوَهُمُ النَّاسُ: سَيِّدِي سَيِّدِي!) متى 23: 5-7
                        (25وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُنَقُّونَ خَارِجَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ وَهُمَا مِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوآنِ اخْتِطَافاً وَدَعَارَةً! 26أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّ الأَعْمَى نَقِّ أَوَّلاً دَاخِلَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ لِكَيْ يَكُونَ خَارِجُهُمَا أَيْضاً نَقِيّاً.) متى 23: 25-26
                        (27وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُوراً مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً وَهِيَ مِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ. 28هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً: مِنْ خَارِجٍ تَظْهَرُونَ لِلنَّاسِ أَبْرَاراً وَلَكِنَّكُمْ مِنْ دَاخِلٍ مَشْحُونُونَ رِيَاءً وَإِثْماً!) متى 23: 27-28
                        (33أَيُّهَا الْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ؟) متى 23: 33
                        “لذلك يدور تقريباً كل القساوسة في الكنيسة بطريقة ما حول حقيقة الكتاب المقدس بإعطاء أنصاف إجابات، وإجابات أخرى تحمل أكثر من معني، كما اعتادوا استخدام لفظ "كلمة الله" بصورة كبيرة، عسى أن يتمكنوا بذلك من إبقاء الشعب [المسيحى] أسير هذا الإيمان – الساذج – السابق ذكره – بالكتاب المقدس.”
                        “يقولSchmidt W. صفحة 33 "إن نتائج فحص الكتاب المقدس (علم نقد الكتاب المقدس) لم يخرج (لليوم) عن منصة الخطابة أو المنبر، ولا عن قاعات المحاضرات الدينية والمحاضرات التعليمية [البروتستانتية] ، الأمر الذي يحزن عدد لا يحصى من القساوسة حزناً عميقاً."”
                        “ويؤكد القس شورر: "أن الأغلبية العظمى من اللاهوتيين والقساوسة يخاطبون قومهم عن الكتاب المقدس بطريقة تدعو إلى القول بأنه لم يوجد مؤرخون قط من ذوي العلم."”
                        “ويكتب إلينا أحد قساوسة كنيسة بلدة زيورخ قائلاً: "إن الطريق (لتقييم يطابق حقيقة الكتاب المقدس) قد بدأ في مطلع هذا القرن .. .. .. وإن عدم استخدام اللاهوتيين هذا التقييم لجريمة تجاه البشرية تشين جباههم”.
                        ويواصل الدكتور روبرت كيل تسلر فى كتابه (حقيقة الكتاب المقدس [تحت مجهر علماء اللاهوت]) قائلاً: “وأعلنت الدكتورة مارجا بوريج مديرة مركز إجتماعات بولدرن لكنيسة البلدية الإنجيلية في إحدى محاضراتي التي ألقيتها في اللقاء المنعقد في شهر مايو1972 قائلة: "إنه لذنب كبير يقترفه اللاهوتيون تجاه أمتهم بتكتمهم هذه المعلومات (الخاصة بنقد نصوص [الكتاب المقدس]) عن أمتهم مدة طويلة، وهذا ليس بالشىء الجديد." (راجع تقرير الإجتماع صفحة 46)”.
                        “كما أعلن اللاهوتي ماكس أولرش بالزيجر في كتابه "المسيحية الحرة" الصادر بتاريخ 1979 صفحة 231 وما بعدها قائلاً : "من البديهي أن نتكلم عن أزمة الكنيسة، لكن هل سمع أحد في الأونة الأخيرة عن أزمة فهم الكتاب المقدس؟ فمنذ زمن بعيد وتتفاقم مثل هذه الأزمة، وينتج عنها الكثير من المشاكل التي يمكن السيطرة عليها في كنيستنا التى تطلق على نفسها "كنيسة الكلمة"”.
                        “ونقلاً عن مقال لإرنست فالتر شميث في كتاب "النصرانية الحرة" لعام 1977 صفحة 67، فقد أعلن عالم اللاهوت المعروف ميشكوفسكي قائلاً: "هناك فجوة كبيرة راسخة منذ عشرات السنين بين اللاهوت العلمي وخطب الكنيسة، حيث يعهد لقساوستنا في المحاضرات اللاهوتية بالنقد الحديث لنص الكتاب المقدس. مع علمهم أن إنجيل يوحنا على سبيل المثال يُعد وثيقة للاهوت الكنيسة القديمة ولا يُعد مصدراً لحياة يسوع ، إلا أنهم يرددون في خطبهم كلمات يسوع لإنجيل يوحنا دون أدنى حد من النقد، وكذلك نراهم أيضاً قد غضوا أطرافهم أثناء التعميد عن قراءة "أمر تعميد" يسوع والذى تعلموا عنه أنه شىء غير حقيقى"”.
                        “وفي النهاية يقرر شميث أيضاً أنه ينبغى على الكنائس إظهار الشجاعة والتمسك بأن الكتاب المقدس ليس هو الكتاب الذي يجب أن ننفق في سبيله بدلاً من التعتيم الدائم للحقائق الواضحة وطمسها (صفحة 51).”
                        “وليس أقل من أن يطالب الأسقف الأنجليكانى جون روبنسون الكنائس بقلب الأوراق على المنضدة [أي يطالبها باللعب على المكشوف] (صفحة 52 من كتابه "مناقشة"، ميونيخ 1964).”
                        ووجهة نظر الدكتور روبرت كيل تسلر فى هذا الكتاب هي: “أن الكتاب المقدس مليء دون شك بالنبضات الإلهية والحقائق الكبرى، ولكنه أيضاً كتاب بشرى يحتوى على ما لا يُحصى من النقص بكل أشكاله.”
                        هذا ويُعد تعدُّد التوراة والأناجيل والتناقض بينها من أكبر الأدلة على التحريف: فلدينا أربع أنواع من التوراة: العبرية (39 سفراً) واليونانية (39 سفراً) والسامرية (7 أسفار) ومنهم من يعتبرها (5 أسفار فقط) والكاثوليكية (46 سفراً).
                         اعتراف مفسر الكتاب المقدس آدم كلارك بالتحريف:
                        وقد أعلن “آدم كلارك” فى المجلد السادس من تفسيره: (أن الأناجيل الكاذبة كانت رائجة فى القرون الأولى للمسيحية ، وأن فايبر بسينوس جمع أكثرَ من سبعين إنجيلاً من تلك الأناجيل وجعلها فى ثلاث مجلدات).
                        والأكثر من ذلك أنه اعترف فى مقدمة كتابه بتحريف كتب الآباء أنفسهم، فقد قال عن كتب أوريجانوس فى مقدمة تفسيره: (إن الكتب الكبيرة من تصنيفات أُرجن قد فُقدَت ، وكثير من تفاسيره مازالت موجودة، لكن يوجد فيها شرح تمثيلى وخيالى بصورة فاحشة. وهو ما يدل بصورة واضحة على وقوع التحريف فيها بعد أُرجن.)
                         اعتراف فاستوس فى القرن الرابع بالتحريف:
                        كما أعلن فاستوس الذى كان من أعظم علماء فرقة مانى فى القرن الرابع الميلادى: (إن تغيير الديانة النصرانية كان أمراً محقاً، وإن هذا العهد الجديد المتداول حالياً بين النصارى ما صنعه السيد المسيح ولا الحواريين تلامذته ، بل صنعه رجال مجهولوا الاسم ونسبه إلى الحواريين أصحاب المسيح ليعتبر الناس).
                         اعتراف سلسوس فى القرن الثانى بالتحريف:
                        بل أعلن سلسوس وهو من علماء المشركين الوثنيين فى القرن الثانى للميلاد عن تغيير النصارى الأول لأناجيلهم ، ونقل أكهارن وهو من العلماء الألمان المشهورين هذا القول له: “بدّل المسيحيون أناجيلهم ثلاث مرات أو أربع مرات بل أزيد من هذا تبديلا كأنّ مضامينها بدِّلت.” إظهار الحق ج2 ص543
                        وألفت نظر أعزائى القراء من الديانات المختلفة وعلى الأخص المسيحيين أنه لا غضاضة لديكم من الإستشهاد بعلماء أو مؤرخين هم من الكفَّار لديكم. فقد استشهد القمص مرقس عزيز خليل بأقوال زعماء دول بروتستانتية وبفلاسفة مشهورين عالمياً من البروتستانت والكاثوليك على صحة الكتاب المقدس ، وهم لديكم من أهل الكفر. وذلك فى كتابه إستحالة تحريف الكتاب المقدس ص 652-656، كما استشهد فى كتابه المذكور أعلاه ص 174 وما بعدها بمؤرخين وثنيين وشيعة متطرفين ومسلمين (ولى هنا تعليق على فهمه لكلام المسلمين ليس هذا مكانه) على صحة قضية صلب المسيح عيسى ابن مريم عليهما السلام.
                         اعتراف دائرة المعارف البريطانية بالتحريف:
                        وتقول دائرة المعارف البريطانية فى (ج2 ص519-521): “إن المخطوطات الأصلية (اليونانية) لكتب العهد الجديد قد فنيت منذ زمن طويل ، وإن كل المخطوطات التى استخدمها المسيحيون فى الفترة التى سبقت مجمع نيقية قد غشيها نفس المصير ، (فيما عدا بقايا من صعيد مصر).”
                        وهذا يعنى أن أساقفة وآباء مجمع نيقية اعتمدوا فى كتاباتهم وفى محاوراتهم العقائدية على نسخ غير النسخ الأصلية ، لأن هذه الأصول لم تكن موجودة. الأمر الذى جعلهم فى خلاف دائم حول الكتب المعترف بها ، والتى أطلقوا عليها الكتب المقدسة ونسبوها لله، وحول الكتب التى رفضوا قدسيتها ووصموها بأنها مدسوسة.
                        وتواصل دائرة المعارف البريطانية فى نفس الصفحات قولها: “أما بالنسبة لموقف الأناجيل فهو على العكس من ذلك، فإن التغييرات الهامة فيها قد حدثت عن قصد مثل إضافة أو ادخال فقرات بأكملها. وبالتأكيد فإن بعضاً منها قد استمد من مصدر خارجى”.
                        وفى ص521 تقول: “إنه أمل لا طائل من ورائه أن نتصور إمكانية الوصول إلى النص الأصلى، وذلك عن طريق ترتيب: النص السكندرى، والنص الغربى القديم، والنص الشرقى القديم (البيزنطى)، ثم قبول النص الذى يتفق عليه اثنان منهم ضد الآخر”.
                        هكذا أيها الكاتب يؤلفون ويرقعون الكتاب الذى بأيديهم ، ثم يقولون عنه إنه الكتاب المقدس ، الذى أوحى به الرب، الذى استيقظ من النوم تدمع عيناه من أثر السُّكر وخمر الأمس، وأنه خال تمامًا من أى خطأ فى أى حرف من حروفه أو كلماته أو آياته!!
                         اعتراف دائرة المعارف الأمريكية بالتحريف:
                        جاء فى دائرة المعارف الأمريكية ط1959م ج3 ص615-617 نقلاً عن (دلائل تحريف الكتاب المقدس) ج1 ص15: “لم يصلنا نسخة بخط المؤلف الأصلى لكتب العهد القديم. أما النصوص التى بين أيدينا فقد نقلتها إلينا أجيال عديدة من الكتبة والنسَّاخ. ولدينا شواهد وفيرة تبين أن الكتبة قد غيروا بقصد أو دون قصد منهم فى الوثائق والأسفار ، التى كان علمهم الرئيسى هو كتابتها ونقلها .. وأما تغييرهم فى النص عن قصد فقد مارسوه مع فقرات كاملة حين كانوا يحذفون بعض الكلمات أو الفقرات أو يضيفون على النص الأصلى فقرات توضيحية .. ولا يوجد سبب للافتراض بأن أسفار العهد القديم لم تتعرض للأنواع العادية من الفساد فى عملية النسخ. على الأقل فى الفترة التى يبقت اعتبارها أسفاراً مقدسة”.
                         اعتراف كتاب ”مرشد الطالبين إلى الكتاب المقدس الثمين“ بالتحريف:
                        وهو كتاب تراثى كنسى شهير ، جاء فى ص15 منه (نقلاً عن دلائل تحريف الكتاب المقدس ج1 ص14-15): “ومن المعلوم أنه فى نساخة هذه الكتب خطأ من زمان إلى زمان لعدم معرفة صناعة الطبع يومئذ. ربما وقع حذف أو تغيير أو خلل فى الحروف أو الكلمات فى بعض النسخ ، ولكن لا يوجد خلل فى أحد التعاليم الضرورية.”
                        ولك أن تتخيل اعترافه بوجود حذف أو تغيير ، وترفعه عن الإعتراف بوجود إضافات كما جاءت دائرة المعارف البريطانية وغيرها الكثيرون بقولها (فإن التغييرات الهامة فيها قد حدثت عن قصد مثل إضافة أو ادخال فقرات بأكملها). ومثل هذا فعله الكتبة ورجال الكنيسة من قبله فجاء هذا الكتاب على نفس الحالة التى هو عليها ، ووصلت التعاليم الكنسية إلى هذا المستوى الذى يؤكد الكثير من علماء المسيحية أنه لا فرق بينها وبين الوثنية وديانة مترا وكرشنا وبوذا.
                        والغريب أن اللاهوتى مؤلف هذا الكتاب يدعى أن هذه الأخطاء لم تغير مطلقاً من التعاليم الضرورية ، ظنَّاً منه أنه لا يوجد عاقل سيسأل نفسه: لماذا تم التحريف إذاً؟ وهل يعتقد عاقل أنهم غيروا اسم شخص ما مكان آخر إلا لهدف عقائدى؟ أو حذفوا جملة أو فقرة إلا لتمرير مبدأ ما أو إخفاء شىء ما يتعلق بلب الدين؟
                        ثم اقرأ اعترافه بالحقيقة على استحياء مع شىء من التجميل فى ص16: “وأما وقوع بعض الإختلافات فى نسخ الكتاب المقدس فليس بمستغرب عند من يتذكر أنه قبل اختراع صناعة الطبع فى القرن الخامس عشر كانت كل الكتب تُنسخ بخط القلم، ولابد أن يكون بعض النسَّاخ جاهلاً وبعضهم غافلاً فلا يمكن أن يَسْلَموا من وقوع الزلل ، ولو كانوا ماهرين فى صناعة الكتابة ، ومتى وقعت غلطة فى النسخة الواحدة فلابد أن تقع أيضاً فى كل النسخ التى تُنقل عنها ، وربما يوجد فى كل واحدة من النسخ غلطات خاصة بها لا توجد فى الأخرى. وعلى هذا تختلف الصور فى بعض الأماكن على قدر اختلاف النسخ.”
                        لكن هل هذا اعتراف بفشل الإله فى أن يمنع النسَّاخ من الأخطاء العفوية أو المتعمدة؟ وهل هذا اعتراف باختفاء الروح القدس الذى يدعون أنه هو الذى أملى هذا الكتاب وكان يُلازم النّسَّاخ وقت النسخ؟ أم هذا اعتراف ببعد الروح القدس عن الكتبة لسوء ضمائرهم؟
                         اعتراف جورج كيرد بالتحريف:
                        اعترف اللاهوتى G. B. Caird فى كتابه “القديس لوقا” ص32 بذلك قائلاً: “إن أول نص مطبوع من العهد الجديد كان ذلك الذى قدمه إرازموس عام 1516 ، وقبل هذا التاريخ كان يُحفَظ النص فى مخطوطات نسختها أيدى مجهدة لكتبة كثيرين. ويوجد اليوم من هذه المخطوطات 4700 ما بين قصاصات من ورق إلى مخطوطات كاملة على رقائق من الجلد أو القماش. وإن نصوص جميع هذه المخطوطات تختلف إختلافاً كبيراً ، ولا يُمكننا الاعتقاد بأن أياً منها قد نجا من الخطأ. ومهما كان الناسخ حى الضمير ، فإنه ارتكب أخطاءً ، وهذه الأخطاء بقيت فى كل النسخ التى نقلت عن نسخته الأصلية. وإن أغلب النسخ الموجودة من جميع الأحجام قد تعرضت لتغييرات أخرى على أيدى المصححين ، الذين لم يكن عملهم دائماً إعادة القراءة الصحيحة.”
                         اعتراف دى يونس بالتحريف:
                        وقد كتب فى مسألة تعدد الأناجيل الكثير من مؤرخى النصرانية ، فيقول العالم الألمانى “دى يونس” فى كتابه (الإسلام): “إن روايات الصلب والفداء من مخترعات بولس ومَنْ شابهه من المنافقين خصوصاً وقد اعترف علماء النصرانية قديماً وحديثاً بأن الكنيسة العامة كانت منذ عهد الحواريين إلى مضى 325 سنة بغير كتاب معتمد ، وكل فرقة كان لها كتابها الخاص بها”.
                         اعتراف يوسابيوس مؤرخ القرن الرابع بالتحريف:
                        وخاصة أن المؤرخ الكنسى يوسابيوس القيصرى قد أقر أن بولس لم يكتب سوى أسطر قليلة: فقد قال عن بولس ورسائله الأربعة عشر ناقلاً عن أوريجانوس: “أما ذاك الذى جعل كفئاً لأن يكون خادم عهد جديد ، لا الحرف بل الروح ، أى بولس ، الذى أكمل التبشير بالإنجيل من أورشليم وما حولها إلى الليريكون ، فإنه لم يكتب إلى كل الكنائس التى علمها ، ولم يرسل سوى أسطر قليلة لتلك التى كتب إليها”. (يوسابيوس 6: 25)
                         اعتراف القديس جيروم بالتحريف:
                        مقدمة القديس جيروم التي يتهم فيها اليهود بالتحريف لأول مرة باللغة العربية
                        PREFACE TO THE BOOK OF HEBREW QUESTIONS.
                        مقدمة كتاب أسئلة العبرانيين ترجمها إلي العربية محمود مختار أباشيخ
                        سوف أجعل هدفي الأول هنا أن أشير إلي خطأ من يشكون في [عدم] وجود أخطاء في النسخة العبرية، أما هدفي الثاني فهو تصحيح تلك الأخطاء ومن الواضح أن الأخطاء انتقلت إلي النسخة اليونانية واللاتينية بسبب اعتمادها علي المرجع الأصلي الخاطئ، وبالإضافة إلي ذلك، سوف أقوم بتوضيح الأشياء والأسماء والبلدان صرفيا ( أي إعادة الكلمات إلي أصلها) وذلك إن كانت ليست واضحة في اللاتينية، ويكون ذلك بإعادة صياغتها باللغة الدارجة.
                        ولكي يسهل علي الدارسين معرفة ما قمت به من تصحيحات، أقترح في البدء أن نحدد القراءة الصحيحة، وأنا قادر علي فعل ذلك الآن، ثانيا ثم بعد ذلك نأتي بالقراءات اللاحقة ونقارن بما حددنا في الأول، ثم نشير علي ما أنقص، أو أضيف أو بدِّل، وليس هدفي من هذا كما يدعِ علي الحساد أن أدين الترجمة السبعينية ولا أقصد بعملي أن أنتقص من مترجمي النسخة السبعينية ولكن الحقيقة هي إن ترجمتها كان بأمر من الملك بطليموس في الإسكندرية، وبسبب عملهم لحساب الملك، لم يرد المترجمون أن يذكروا كل ما يحتويه الكتاب المقدس من الأسرار خاصة تلك التي تعد لمجىء المسيح، خشية أن يظن الناس أن اليهود يعبدون إله آخر لأن الناس كانت تحترم اليهود في توحيدها لله بل أننا نجد أن التلاميذ وأيضا ربنا ومخلصنا وكذلك الرسول بولس استشهدوا بنصوص من العهد القديم ونحن لا نجدها في العهد القديم، وسوف أسهب في هذا الموضوع في مكانه المناسب.
                        كما أن يوسفوس المؤرخ اليهودي أخبر أن المترجمين ترجموا فقط أسفار موسى الخمسة ومن الواضح أن الأسفار الخمسة أكثر الأسفار انسجاما من نسختنا بينما ترجمات أكيلا ، سيمشيس وثيودوشن تختلف اختلافا كبيرا عن النسخة التي نستخدمها.) مقدمة القديس جيروم بالإنجليزية علي الروابط التالية
                        http://www.ccel.org/fathers/NPNF2-06...s/hebquest.htm
                        http://www.theworkofgod.org/Bible/Sermons/SJerome.htm
                        وهناك وثيقة اعتراف القديس جيروم من القرن الرابع بتحريف الكتاب الذى تقدسونه بأمر من البابا داماسوس. ترجمتها الدكتورة زينب عبد العزيز.
                        http://ebnmaryam.com/web/modules.php...ticle&sid=1226
                         اعتراف الكتاب المقدس للآباء اليسوعيين بالتحريف:
                        وأن يوحنا لم يكتب الإنجيل المنسوب إليه، بل يُجمع علماء نصوص الكتاب اليوم على وجود إضافات لهذا السفر: “فمن الراجح أن الإنجيل كما هو بأيدينا، أصدره بعض تلاميذ المؤلِّف فأضافوا عليه فصل 21 ، ولا شك أنهم أضافوا أيضًا بعض التعليق (مثل 4/2 (وربما 4/1) و4/44 و7،39 و11/2 و19/35). أمَّا رواية المرأة الزانية (7/53-8/11) فهناك إجماع على أنها من مرجع مجهول ، فأُدخلت فى زمن لاحق. (وهى مع ذلك جزء من "قانون" الكتاب المقدس”!!! (راجع المدخل إلى الإنجيل كما رواه يوحنا من الكتاب المقدس للآباء اليسوعيين ص286)
                        لكن مَن الذى كتبه على وجه اليقين؟ لا نعرف ، ولكن ”التقاليد الكنسية تُسمِّيه يوحنا منذ القرن الثانى وتوحِّد بينه وبين أحد ابنى زبدى“. ولا داعٍ لتكرار ما ذكرته من قبل.
                         اعتراف يسوع نفسه بتحريف الكتاب الذى تقدسونه:
                        فقد اعترف إشعياء بالتحريف: (15وَيْلٌ لِلَّذِينَ يَتَعَمَّقُونَ لِيَكْتُمُوا رَأْيَهُمْ عَنِ الرَّبِّ فَتَصِيرُ أَعْمَالُهُمْ فِي الظُّلْمَةِ وَيَقُولُونَ: «مَنْ يُبْصِرُنَا وَمَنْ يَعْرِفُنَا؟». 16يَا لَتَحْرِيفِكُمْ!) إشعياء 29: 15-16
                        كما اعترف الرب لإرمياء أن هناك أناس، يدَّعون النبوة، وهم فى الحقيقة لصوص قد سرقوا كلمته ويضيفون عليها ثم ينسبونها للرب، بغرض إضلال الشعب، وهؤلاء هم الأنبياء الذين لم يرسلهم الرب، وهم الكهنة القائمون على حراسة هذا الكتاب وتعليمه للناس: (31اَلأَنْبِيَاءُ يَتَنَبَّأُونَ بِالْكَذِبِ وَالْكَهَنَةُ تَحْكُمُ عَلَى أَيْدِيهِمْ وَشَعْبِي هَكَذَا أَحَبَّ.) إرمياء 5: 31
                        (16هَكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: لاَ تَسْمَعُوا لِكَلاَمِ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ فَإِنَّهُمْ يَجْعَلُونَكُمْ بَاطِلاً. يَتَكَلَّمُونَ بِرُؤْيَا قَلْبِهِمْ لاَ عَنْ فَمِ الرَّبِّ) إرمياء 23: 16
                        (30لِذَلِكَ هَئَنَذَا عَلَى الأَنْبِيَاءِ يَقُولُ الرَّبُّ الَّذِينَ يَسْرقُونَ كَلِمَتِي بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ) إرمياء 23: 30
                        (31هَئَنَذَا عَلَى الأَنْبِيَاءِ يَقُولُ الرَّبُّ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ لِسَانَهُمْ وَيَقُولُونَ: قَالَ.) إرمياء 23: 31
                        (32هَئَنَذَا عَلَى الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ بِأَحْلاَمٍ كَاذِبَةٍ يَقُولُ الرَّبُّ الَّذِينَ يَقُصُّونَهَا وَيُضِلُّونَ شَعْبِي بِأَكَاذِيبِهِمْ وَمُفَاخَرَاتِهِمْ وَأَنَا لَمْ أُرْسِلْهُمْ وَلاَ أَمَرْتُهُمْ. فَلَمْ يُفِيدُوا هَذَا الشَّعْبَ فَائِدَةً يَقُولُ الرَّبُّ].) إرمياء 23: 32
                        (33وَإِذَا سَأَلَكَ هَذَا الشَّعْبُ أَوْ نَبِيٌّ أَوْ كَاهِنٌ: [مَا وَحْيُ الرَّبِّ؟] فَقُلْ لَهُمْ: [أَيُّ وَحْيٍ؟ إِنِّي أَرْفُضُكُمْ - هُوَ قَوْلُ الرَّبِّ. 34فَالنَّبِيُّ أَوِ الْكَاهِنُ أَوِ الشَّعْبُ الَّذِي يَقُولُ: وَحْيُ الرَّبِّ - أُعَاقِبُ ذَلِكَ الرَّجُلَ وَبَيْتَهُ.) إرمياء 23: 33-34
                        (36أَمَّا وَحْيُ الرَّبِّ فَلاَ تَذْكُرُوهُ بَعْدُ لأَنَّ كَلِمَةَ كُلِّ إِنْسَانٍ تَكُونُ وَحْيَهُ إِذْ قَدْ حَرَّفْتُمْ كَلاَمَ الإِلَهِ الْحَيِّ رَبِّ الْجُنُودِ إِلَهِنَا.) إرمياء 23: 36
                        (لاَ تَغِشَّكُمْ أَنْبِيَاؤُكُمُ الَّذِينَ فِي وَسَطِكُمْ وَعَرَّافُوكُمْ وَلاَ تَسْمَعُوا لأَحْلاَمِكُمُ الَّتِي تَتَحَلَّمُونَهَا. 9لأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ بِاسْمِي بِالْكَذِبِ. أَنَا لَمْ أُرْسِلْهُمْ يَقُولُ الرَّبُّ.) إرمياء 29: 8-9
                        وها هو الرب يشهد بتحريف اليهود لكلامه على لسان حزقيال: (7أَلَمْ تَرُوا رُؤْيَا بَاطِلَةً، وَتَكَلَّمْتُمْ بِعِرَافَةٍ كَـاذِبَةٍ، قَائِلِينَ: وَحْيُ الرَّبِّ وَأَنَا لَمْ أَتَكَلَّمْ؟ 8لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: لأَنَّكُمْ تَكَلَّمْتُمْ بِـالْبَاطِلِ وَرَأَيْتُمْ كَذِباً، فَلِذَلِكَ هَا أَنَا عَلَيْكُمْ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ.) حزقيال 13: 7-8
                        (26كَهَنَتُهَا خَالَفُوا شَرِيعَتِي وَنَجَّسُوا أَقْدَاسِي. لَمْ يُمَيِّزُوا بَيْنَ الْمُقَدَّسِ وَالْمُحَلَّلِ، وَلَمْ يَعْلَمُوا الْفَرْقَ بَيْنَ النَّجِسِ وَالطَّاهِرِ، وَحَجَبُوا عُيُونَهُمْ عَنْ سُبُوتِي فَتَدَنَّسْتُ فِي وَسَطِهِمْ. 27رُؤَسَاؤُهَا فِي وَسَطِهَا كَذِئَابٍ خَاطِفَةٍ خَطْفاً لِسَفْكِ الدَّمِ، لإِهْلاَكِ النُّفُوسِ لاِكْتِسَابِ كَسْبٍ. 28وَأَنْبِيَاؤُهَا قَدْ طَيَّنُوا لَهُمْ بِـالطُّفَالِ، رَائِينَ بَاطِلاً وَعَارِفِينَ لَهُمْ كَذِباً، قَائِلِينَ: هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ وَالرَّبُّ لَمْ يَتَكَلَّمْ!) حزقيال 22: 26-28
                        ويتضح نية بنى إسرائيل السيئة فى تحريف كلمة الرب فى قوله لعاموس ، وذلك عن طريق إفساد الأنبياء وأخلاقهم: (11وَأَقَمْتُ مِنْ بَنِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَمِنْ فِتْيَانِكُمْ نَذِيرِينَ. أَلَيْسَ هَكَذَا يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ يَقُولُ الرَّبُّ؟ 12لَكِنَّكُمْ سَقَيْتُمُ النَّذِيرِينَ خَمْراً وَأَوْصَيْتُمُ الأَنْبِيَاءَ قَائِلِينَ: لاَ تَتَنَبَّأُوا.) عاموس 2: 11-12
                        حتى إن كاتب سفر المكابيين قالها صراحة إن هذا الكتاب من تأليفه هو، ومع ذلك تعتبرونه وحيًا من الله: (فإنْ كُنْتُ قد أَحْسَنْتُ التَّأْلِيِف وأَصَبْتُ الغَرَضَ فَذَلكَ مَا كُنْتُ أَتَمَنَّى. وإنْ كَانَ قَد لَحقَنى الوَهَن والتَّقْصيرُ، فإنِّى قد بَذلتُ وسعى.) مكابيين الثانى 15: 39
                        لذلك عرفهم الرب أن نتيجة ما يفعلونه أن كلمة الرب سوف تختفى، ولن يجدوها مرة أخرى: (11«هُوَذَا أَيَّامٌ تَأْتِي يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ أُرْسِلُ جُوعاً فِي الأَرْضِ لاَ جُوعاً لِلْخُبْزِ وَلاَ عَطَشاً لِلْمَاءِ بَلْ لاِسْتِمَاعِ كَلِمَاتِ الرَّبِّ. 12فَيَجُولُونَ مِنْ بَحْرٍ إِلَى بَحْرٍ وَمِنَ الشِّمَالِ إِلَى الْمَشْرِقِ يَتَطَوَّحُونَ لِيَطْلُبُوا كَلِمَةَ الرَّبِّ فَلاَ يَجِدُونَهَا.) عاموس 8: 11-12
                        ففكر عزيزى المسيحى: كيف يبحث المرء عن كلمة الرب فلا يجدها؟ فهل تعتقد (كما أفهمتك الكنيسة) أن كلمة الرب كانت منتشرة فى كتب، ولا يُعقل أن يجمع أحد كل هذه النسخ ويُحرفها؟) لقد علم الله بعلمه الأزلى أن بنى إسرائيل غلاظ القلب، وأنهم سيحرفون كلامه ، فأنبأ عاموس بهذه النبوءة. ثم فكر مرة أخرى: هل من العدل أن يترك الرب عبيده هكذا بدون كتاب بعد أن رفع عنهم كلامه ، أم أنه أنزل إليهم كتابًا فيه نور وهدى وتعهَّد هو بحفظه ليكون دستورًا خالدًا تُحكم به مملكة الله على الأرض؟
                        (6فَقَدْ أَبْطَلْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ بِسَبَبِ تَقْلِيدِكُمْ! 7يَا مُرَاؤُونَ! حَسَناً تَنَبَّأَ عَنْكُمْ إِشَعْيَاءُ قَائِلاً: 8يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هَذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ وَيُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيداً. 9وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ».) متى 15: 6-9
                        ووصية الله هى الناموس والعمل به. فإذا كان الكهنة والفريسيون قد أبطلوا العمل به، وعبدوا الله بالباطل ، فقد كانوا يعبدونه إذن على أصول أخرى ما أنزلها الله فى كتابه. وهى أصول باطلة. الأمر الذى يثبت التحريف والزيغ عن الدين الحق، وتأصيل الباطل عند الناس ، حتى لم يشعروا بفساد هذه التعاليم.
                        24) حتى حذرهم عيسى  من تعاليم الفريسيين والصدوقيين: (6وَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «انْظُرُوا وَتَحَرَّزُوا مِنْ خَمِيرِ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ») متى 6: 6 ، أليس هذا إقرار من عيسى  بقيام الفريسيين والصدوقيين أى رجال الكهنوت مهما اختلفت مسمياتهم بتحريف تعاليم الكتاب ، والتمسك بالتقاليد؟ أليس هذا هو نفس ما قاله عيسى  للفريسيين والصدوقيين: (6فَأَجَابَ: «حَسَناً تَنَبَّأَ إِشَعْيَاءُ عَنْكُمْ أَنْتُمُ الْمُرَائِينَ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: هَذَا الشَّعْبُ يُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيداً 7وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ. 8لأَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ وَتَتَمَسَّكُونَ بِتَقْلِيدِ النَّاسِ: .. .. .. 9ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «حَسَناً! رَفَضْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ. .. .. .. 13مُبْطِلِينَ كَلاَمَ اللَّهِ بِتَقْلِيدِكُمُ الَّذِي سَلَّمْتُمُوهُ. وَأُمُوراً كَثِيرَةً مِثْلَ هَذِهِ تَفْعَلُونَ».) مرقس 7: 7-13
                        وماذا يعنى قول الرب عندكم أن اليهود أخذوا كتاب الرب ولم يحفظوه؟ (الَّذِينَ أَخَذْتُمُ النَّامُوسَ بِتَرْتِيبِ مَلاَئِكَةٍ وَلَمْ تَحْفَظُوهُ؟) أعمال الرسل 7: 53
                        (... أَمَّا أَوَّلاً فَلأَنَّهُمُ اسْتُؤْمِنُوا عَلَى أَقْوَالِ اللهِ. 3فَمَاذَا إِنْ كَانَ قَوْمٌ لَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ؟) رومية 3: 2-3
                        وكيف لم يحفظوا الناموس ، إلا إذا أدخلوا تقاليدهم واستبدلوا بها تعاليم الله؟ (13مُبْطِلِينَ كَلاَمَ اللَّهِ بِتَقْلِيدِكُمُ الَّذِي سَلَّمْتُمُوهُ. وَأُمُوراً كَثِيرَةً مِثْلَ هَذِهِ تَفْعَلُونَ».) مرقس 7: 13
                        * * *
                        مقارنة بين إله المسيحية وإله الإسلام:
                        يواصل الكاتب عرض رأيه فى الإسلام، وتحت عنوان (مقارنة بين إله المسيحية وإله الإسلام) يقول:
                        يؤمن كل من المسيحيين والمسلمين بإله واحد؛ سرمدى سماوى وروحى، هو خالق السماء والأرض وديّان البشرية كلها. وعليه فقد يستنتج البعض أن المسيحيين والمسلمين يعبدون نفس الإله. ولكن بفحص الأمر نجد أن الأمر ليس كذلك.
                        يستخدم دعاة الإسلام فى الغرب هذه الخدعة التى يدعون فيها أن المسلمين يعبدون نفس الإله الذى يعبده المسيحيون حتى يكتسبوا الشرعية والقبول.
                        ليس هناك جديد تحت الشمس! إن هذا يذكرنا بما حدث منذ 14 قرن من الزمان. فعندنا بدأ نبى الإسلام المناداة بدينه الجديد كان مراضياً ومسالماً للمسيحيين. قال لهم: " قولوا آمنا بالذى أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون". (سورة العنكبوت 46:29). قارن هذا بما حدث بعد ذلك فى المدينة بعد أن قوى باع محمد، نجد أن الله يقول له:
                        "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون". (سورة التوبة 29:9)
                        وأقول له:
                        فى الحقيقة لقد صدقت فى قولك: إن إله المسيحية يختلف عن إله الإسلام، وإله موسى وعيسى والأنبياء عليهم السلام أجمعين، ولا داع لأن أستفيض وأعيد جزءًا كبيرًا مما ذكرت من قبل، فيكفى أن تتذكر أن الإله الذى يصوره الكتاب المقدس جدًا عاش مُهانًا يهرب من اليهود: (1وَكَانَ يَسُوعُ يَتَرَدَّدُ بَعْدَ هَذَا فِي الْجَلِيلِ لأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَتَرَدَّدَ فِي الْيَهُودِيَّةِ لأَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُ.) يوحنا 7: 1
                        (53فَمِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ تَشَاوَرُوا لِيَقْتُلُوهُ. 54فَلَمْ يَكُنْ يَسُوعُ أَيْضاً يَمْشِي بَيْنَ الْيَهُودِ علاَنِيَةً ...) يوحنا 11: 53-54
                        (59فَرَفَعُوا حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ. أَمَّا يَسُوعُ فَاخْتَفَى وَخَرَجَ مِنَ الْهَيْكَلِ مُجْتَازاً فِي وَسْطِهِمْ وَمَضَى هَكَذَا.) يوحنا 8: 59
                        واستهزأوا به وضربوه وبصقوا فى وجهه: (67حِينَئِذٍ بَصَقُوا فِي وَجْهِهِ وَلَكَمُوهُ وَآخَرُونَ لَطَمُوهُ 68قَائِلِينَ: «تَنَبَّأْ لَنَا أَيُّهَا الْمَسِيحُ مَنْ ضَرَبَكَ؟».) متى 26: 67-68
                        (28فَعَرَّوْهُ وَأَلْبَسُوهُ رِدَاءً قِرْمِزِيَّاً 29وَضَفَرُوا إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ وَقَصَبَةً فِي يَمِينِهِ. وَكَانُوا يَجْثُونَ قُدَّامَهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ قَائِلِينَ: «السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ!» 30وَبَصَقُوا عَلَيْهِ وَأَخَذُوا الْقَصَبَةَ وَضَرَبُوهُ عَلَى رَأْسِهِ. 31وَبَعْدَ مَا اسْتَهْزَأُوا بِهِ نَزَعُوا عَنْهُ الرِّدَاءَ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ وَمَضَوْا بِهِ لِلصَّلْبِ) متى 27: 28-31
                        ومسمروه فى جذع شجرة: (25فَقَالَ لَهُ التّلاَمِيذُ الآخَرُونَ: «قَدْ رَأَيْنَا الرَّبَّ». فَقَالَ لَهُمْ: «إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ لاَ أُومِنْ».) يوحنا 20: 25
                        وانتزعوا منه حياته، فأسلم الروح ومات: (50فَصَرَخَ يَسُوعُ أَيْضاً بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ.) متى 27: 50
                        وتمجدونه بقولكم إنه مات ميتة الملاعين: (13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ:«مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ»)غلاطية 3: 13
                        وبالتالى مات الثالوث بأكمله، لأنه لا ينفصل طرفة عين، فأحياه إله المسلمين الذى لا يموت: (32فَيَسُوعُ هَذَا أَقَامَهُ اللهُ وَنَحْنُ جَمِيعاً شُهُودٌ لِذَلِكَ.) أعمال الرسل 2: 32،
                        وعلى ذلك فإلهكم ليس بسرمدى، فقد ولد، أى له بدايو، ومات وقد كانت هذه نهايته، إلى أن أحياه الله الحى الذى لا يموت.
                        (15وَرَئِيسُ الْحَيَاةِ قَتَلْتُمُوهُ الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَنَحْنُ شُهُودٌ لِذَلِكَ.) أعمال الرسل 3: 15
                        (30إِلَهُ آبَائِنَا أَقَامَ يَسُوعَ الَّذِي أَنْتُمْ قَتَلْتُمُوهُ مُعَلِّقِينَ إِيَّاهُ عَلَى خَشَبَةٍ) أعمال الرسل 5: 30
                        لذلك قال بولس: (24بَلْ مِنْ أَجْلِنَا نَحْنُ أَيْضاً الَّذِينَ سَيُحْسَبُ لَنَا الَّذِينَ نُؤْمِنُ بِمَنْ أَقَامَ يَسُوعَ رَبَّنَا مِنَ الأَمْوَاتِ.) رومية 4: 24
                        وقال بطرس: (21أَنْتُمُ الَّذِينَ بِهِ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَأَعْطَاهُ مَجْداً، حَتَّى إِنَّ إِيمَانَكُمْ وَرَجَاءَكُمْ هُمَا فِي اللهِ.) بطرس الأولى 1: 21
                        وقال بولس: (13أُوصِيكَ أَمَامَ اللهِ الَّذِي يُحْيِي الْكُلَّ وَالْمَسِيحِ يَسُوعَ الَّذِي شَهِدَ لَدَى بِيلاَطُسَ الْبُنْطِيِّ بِالاِعْتِرَافِ الْحَسَنِ: 14أَنْ تَحْفَظَ الْوَصِيَّةَ بِلاَ دَنَسٍ وَلاَ لَوْمٍ إِلَى ظُهُورِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، 15الَّذِي سَيُبَيِّنُهُ فِي أَوْقَاتِهِ الْمُبَارَكُ الْعَزِيزُ الْوَحِيدُ، مَلِكُ الْمُلُوكِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ، 16الَّذِي وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ، سَاكِناً فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ، الَّذِي لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَاهُ، الَّذِي لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ الأَبَدِيَّةُ. آمِينَ.)تيموثاوس الأولى6: 13-16
                        وكل ذلك على الرغم من أنه كان عبدًا لله: أعمال الرسل 4: 30 (30باسِطًا يدَكَ لِيَجرِيَ الشِّفاءُ والآياتُ والأَعاجيبُ بِاسمِ عَبدِكَ القُدُّوسِ يَسوع)).) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية

                        تعليق


                        • الملف 77
                          أعمال الرسل 3: 13 (13إِنَّ إِلهَ إِبراهيمَ وإِسحقَ ويَعْقوب، إِلهَ آبائِنا، قد مَجَّدَ عَبدَه يسوع الَّذي أَسلَمتُموه أَنتمُ وأَنكَرتُموه أَمامَ بيلاطُس، وكانَ قد عَزَمَ على تَخلِيَةِ سَبيلِه، ) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
                          أعمال الرسل 3: 26 (26فمِن أَجلِكم أَوَّلاً أَقامَ اللهُ عَبدَه وأرسَله لِيُبارِكَكم، فيَتوبَ كُلَّ مِنكُم عن سَيِّئاتِه)).) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
                          أعمال الرسل 4: 27 (27تحالَفَ حَقًّا في هذهِ المَدينةِ هِيرودُس وبُنْطيوس بيلاطُس والوَثَنِيُّونَ وشُعوبُ إِسرائيلَ على عَبدِكَ القُدُّوسِ يسوعَ الَّذي مَسَحتَه،) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
                          ولو قارنا بين الله تعالى وبين ما تدعون أنه إله وما كتبه اليهود عنه فى أسفاركم ... لا أستطيع أن أمسك نفسى عن الكتابة. فى الحقيقة سأسرد لك بعضًا من صفات وأعمال يهوه/يسوع لتتوقف عن المقارنة، لأنه من الخزى والكفر أن تنسب هذا لله:
                          هل يكفيك أن تعلم أن يهوه/يسوع كان يتودد للشيطان بأمر هارون أن يذبح له تيسًا متساويًا مع التيس الذى سوف يذبحه له؟ (لاويين 16: 5-10)
                          هل يكفيك أن تعلم أن الرب وكل جنوده فشلوا فى إغواء أخاب، فلما دخل الشيطان مجلس الرب الموقَّر اقترح عليه اقتراحًا لم يخطر ببال الرب وجنوده، فقبله الرب وأمره بالتنفيذ؟ هل تصدق أن الشيطان جند من جنود الرب؟ (ملوك الأول 22: 19-22)
                          هل يكفيك أن تعلم أن الكتاب المقدس جدًا يسمى الشيطان إله هذا الدهر؟ (كورنثوس الثانية 4: 4)؛ ورئيس هذا العالم (يوحنا 12: 31؛ 14: 3؛ 16: 11)
                          هل يكفيك أن تعلم أن الشيطان اعتقل يسوع/يهوه لمدة 40 يومًا فى الصحراء؟ (لوقا 4: 1-11) فبالله عليك: من يستحق العبادة فى نظر كاتب هذا الكتاب: هل هو الإله الضعيف الذى يتلاعب به خلقه، أم الشيطان الأقوى الذى أحكم قبضته على إلهه؟
                          هل يكفيك أن تعلم أن يهوه/يسوع كان ينام ويستيقظ تدمع عيناه من خمر الليل؟ (65فَاسْتَيْقَظَ الرَّبُّ كَنَائِمٍ كَجَبَّارٍ مُعَيِّطٍ مِنَ الْخَمْرِ.) مزامير 78: 65
                          هل يكفيك أن تعلم أن يهوه/يسوع كان يعطى شعبه فرائضًا غير صالحة، يتنجسون بها، ولا يحيون بها؟ (25وَأَعْطَيْتُهُمْ أَيْضاً فَرَائِضَ غَيْرَ صَالِحَةٍ وَأَحْكَـاماً لاَ يَحْيُونَ بِهَا 26وَنَجَّسْتُهُمْ بِعَطَايَاهُمْ إِذْ أَجَازُوا فِي النَّارِ كُلَّ فَاتِحِ رَحِمٍ لأُبِيدَهُمْ، حَتَّى يَعْلَمُوا أَنِّي أَنَا الرَّبُّ.) حزقيال 20 : 25-26
                          هل يكفيك أن تعلم أن يهوه/يسوع أمر اليهود أن يأكلوا أطفالهم فى المجاعات؟ (53فَتَأْكُلُ ثَمَرَةَ بَطْنِكَ لحْمَ بَنِيكَ وَبَنَاتِكَ الذِينَ أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فِي الحِصَارِ وَالضِّيقَةِ التِي يُضَايِقُكَ بِهَا عَدُوُّكَ.) تثنية 28: 53
                          هل يكفيك أن تعلم أن يهوه/يسوع أمر اليهود بتقديم أطفالهم قربانًا له، وذلك برميهم فى النار؟ (57بِمَشِيمَتِهَا الخَارِجَةِ مِنْ بَيْنِ رِجْليْهَا وَبِأَوْلادِهَا الذِينَ تَلِدُهُمْ لأَنَّهَا تَأْكُلُهُمْ سِرّاً فِي عَوَزِ كُلِّ شَيْءٍ فِي الحِصَارِ وَالضِّيقَةِ التِي يُضَايِقُكَ بِهَا عَدُوُّكَ فِي أَبْوَابِكَ.) تثنية 28: 57
                          (29لاَ تُؤَخِّرْ مِلْءَ بَيْدَرِكَ وَقَطْرَ مِعْصَرَتِكَ وَأَبْكَارَ بَنِيكَ تُعْطِينِي. 30كَذَلِكَ تَفْعَلُ بِبَقَرِكَ وَغَنَمِكَ. سَبْعَةَ أَيَّامٍ يَكُونُ مَعَ أُمِّهِ وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ تُعْطِينِي إِيَّاهُ.) الخروج 22: 29-30
                          (28أَمَّا كُلُّ مُحَرَّمٍ يُحَرِّمُهُ إِنْسَانٌ لِلرَّبِّ مِنْ كُلِّ مَا لَهُ مِنَ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ وَمِنْ حُقُولِ مُلْكِهِ فَلاَ يُبَاعُ وَلاَ يُفَكُّ. إِنَّ كُلَّ مُحَرَّمٍ هُوَ قُدْسُ أَقْدَاسٍ لِلرَّبِّ. 29كُلُّ مُحَرَّمٍ يُحَرَّمُ مِنَ النَّاسِ لاَ يُفْدَى. يُقْتَلُ قَتْلاً.) لاويين 27: 28-29
                          هل يكفيك أن تعلم أن يهوه/يسوع أمر اليهود بقتل الأطفال والنساء والشيوخ والأجنة فى بطون أمهاتهم فى الحروب؟
                          (21وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، مِنْ طِفْلٍ وَشَيْخٍ - حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ. ... 24وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ مَعَ كُلِّ مَا بِهَا. إِنَّمَا الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ وَآنِيَةُ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ جَعَلُوهَا فِي خِزَانَةِ بَيْتِ الرَّبِّ.) يشوع 6: 21-24
                          (3فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً، طِفْلاً وَرَضِيعاً، بَقَراً وَغَنَماً، جَمَلاً وَحِمَاراً») صموئيل الأول 15: 3
                          (13حَتَّى إِنَّ كُلَّ مَنْ لاَ يَطْلُبُ الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ يُقْتَلُ مِنَ الصَّغِيرِ إِلَى الْكَبِيرِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ.) أخبار الثانى 15: 13
                          (8يَا بِنْتَ بَابِلَ الْمُخْرَبَةَ طُوبَى لِمَنْ يُجَازِيكِ جَزَاءَكِ الَّذِي جَازَيْتِنَا! 9طُوبَى لِمَنْ يُمْسِكُ أَطْفَالَكِ وَيَضْرِبُ بِهِمُ الصَّخْرَةَ!) مزامير 137: 8-9
                          (16تُجَازَى السَّامِرَةُ لأَنَّهَا قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَى إِلَهِهَا. بِـالسَّيْفِ يَسْقُطُونَ. تُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ وَالْحَوَامِلُ تُشَقُّ) هوشع 13: 16
                          (5وَقَالَ لأُولَئِكَ فِي سَمْعِي: [اعْبُرُوا فِي الْمَدِينَةِ وَرَاءَهُ وَاضْرِبُوا. لاَ تُشْفِقْ أَعْيُنُكُمْ وَلاَ تَعْفُوا. 6اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ. اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ. وَلاَ تَقْرُبُوا مِنْ إِنْسَانٍ عَلَيْهِ السِّمَةُ، وَابْتَدِئُوا مِنْ مَقْدِسِي». فَـابْتَدَأُوا بِـالرِّجَالِ الشُّيُوخِ الَّذِينَ أَمَامَ الْبَيْتِ. 7وَقَالَ لَهُمْ: [نَجِّسُوا الْبَيْتَ، وَامْلأُوا الدُّورَ قَتْلَى. اخْرُجُوا». فَخَرَجُوا وَقَتَلُوا فِي الْمَدِينَةِ.) حزقيال 9: 5-7
                          (10مَلْعُونٌ مَنْ يَعْمَلُ عَمَلَ الرَّبِّ بِرِخَاءٍ وَمَلْعُونٌ مَنْ يَمْنَعُ سَيْفَهُ عَنِ الدَّمِ.) إرمياء 48: 10
                          هل يكفيك أن تعلم أن يهوه/يسوع امتنع عن إبادة البشرية من أجل رائحة شواء اللحم الذى يصعد إليه؟ (20وَبَنَى نُوحٌ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ. وَأَخَذَ مِنْ كُلِّ الْبَهَائِمِ الطَّاهِرَةِ وَمِنْ كُلِّ الطُّيُورِ الطَّاهِرَةِ وَأَصْعَدَ مُحْرَقَاتٍ عَلَى الْمَذْبَحِ 21فَتَنَسَّمَ الرَّبُّ رَائِحَةَ الرِّضَا. وَقَالَ الرَّبُّ فِي قَلْبِهِ: «لاَ أَعُودُ أَلْعَنُ الأَرْضَ أَيْضاً مِنْ أَجْلِ الإِنْسَانِ لأَنَّ تَصَوُّرَ قَلْبِ الإِنْسَانِ شِرِّيرٌ مُنْذُ حَدَاثَتِهِ. وَلاَ أَعُودُ أَيْضاً أُمِيتُ كُلَّ حَيٍّ كَمَا فَعَلْتُ.) تكوين 8: 20-21
                          هل يكفيك أن تعلم أن يهوه/يسوع وافق على نشر بولس رسائله وتعاليمه بالكذب؟ (7فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟) رومية 3: 7
                          هل يكفيك أن تعلم أن يعقوب ضرب يهوه/يسوع؟ (تكوين 32: 22-30)
                          هل يكفيك أن تعلم أن يعقوب أجبر يهوه/يسوع على أن يباركه ويجعله نبيًا بدلا من عيسو، الذى استبعدوه بخديعة تمت بين الابن وأمه؟ (تكوين 32: 22-30)
                          هل يكفيك أن تعلم أن يهوه/يسوع أمر بنى إسرائيل بسرقة المصريين؟ (خروج 3: 21-22؛ خروج 12: 35-36)
                          هل يكفيك أن تعلم أن يهوه/يسوع اصطفى إبراهيم نبيًا، وقد أرضى الرب فى كل ما عمله، على الرغم من أنه باع شرفه وشرف زوجته سارة من أجل أن ينال بضعة أبقار وماشية من فرعون؟ (تكوين 20: 1-12)
                          هل يكفيك أن تعلم أن جنة فرعون وحدائقه أشهى وأجمل من جنة يهوه/يسوع؟ (7فَكَانَ جَمِيلاً فِي عَظَمَتِهِ وَفِي طُولِ قُضْبَانِهِ، لأَنَّ أَصْلَهُ كَـانَ عَلَى مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ. 8اَلأَرْزُ فِي جَنَّةِ اللَّهِ لَمْ يَفُقْهُ، السَّرْوُ لَمْ يُشْبِهْ أَغْصَانَهُ، وَالدُّلْبُ لَمْ يَكُنْ مِثْلَ فُرُوعِهِ. كُلُّ الأَشْجَارِ فِي جَنَّةِ اللَّهِ لَمْ تُشْبِهْهُ فِي حُسْنِهِ. 9جَعَلْتُهُ جَمِيلاً بِكَثْرَةِ قُضْبَانِهِ حَتَّى حَسَدَتْهُ كُلُّ أَشْجَارِ عَدْنٍ الَّتِي فِي جَنَّةِ اللَّهِ].) حزقيال 31: 7-9
                          فخمِّن من هو هذا الإله الذى يُجمِّل الشيطان ويخافه، ويصف جنة فرعون الكافر، عدو الرب اللدود أنها تفوق جنة عدن نفسها، بمعنى أن الدخول فى زمرة فرعون والوقوف ضد الرب، هو مطلب العقلاء لينالوا الحظوة فى عين فرعون، ويدخلوا جنته!
                          ويصفه أنه أقوى من الرب، ويستحوذ على حكم العالم، ويصبح إله هذا الدهر، ورئيس سلطان الهواء، ويساعد الرب وينقذه من ورطته مع أخاب التى غرق فيها هو وكل جنود السماء، ويصفه بأنه إله فاشل لم يُحسن انتقاء أنبيائه، فمنهم من كفر به، ومنهم من سبه، ومنهم من ضربه، ومنهم من خالف أوامره وعصاه، ويعتقل يهوه/يسوع فى الصحراء، ويحرم عليه الطعام والشراب أربعين يومًا، عند نزوله إلهًا متجسدًا على الأرض، ويجعل عبيده يضربوه ويبصقوا فى وجهه، ويصفعوه على قفاه، ويقيدوه فى جذع شجرة، ثم ينتزعوا منه حياته مصلوبًا مثل المجرمين ملعونًا كما وصف الرب هذه الميتة، ويعطى فرائض غير صالحة، ويأمركم بقتل أطفال الأعداء، ويأمركم بتقديم بكر أبنائكم فى النار ليهوه/يسوع، ويأمركم بأكل أطفالكم فى المجاعات، وببيع بناتكم كالدواب؟ (7وَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ ابْنَتَهُ أَمَةً لاَ تَخْرُجُ كَمَا يَخْرُجُ الْعَبِيدُ.) خروج 21: 7
                          هل هو الإله الجدير بالعبادة أم هو الشيطان الذى يخوِّف أولياءه؟
                          على هذا الأساس إن مقارنتك فاشلة من أساسها وجذورها؟
                          أما باقى ما ذكره الكاتب فقد رددت عليه فى نقطة كيفية انتشار الإسلام، وهل انتشر بالسيف كما يدعون أم انتشر بالخلق واستحسان الناس لدين عقلانى، بدلا من عقيدة التثليث التى لا يفهمها مسيحى مهما بلغ علو مكانته الدينية.
                          * * *
                          إله المسيحية مثلث الأقانيم:
                          يواصل الكاتب تحت عنوان (إله المسيحية) قوله:
                          تنادى المسيحية بإله واحد مثلث الأقانيم، بينما يرفض الإسلام هذا المفهوم ويعتبره كفراً.
                          "لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد..." سورة المائدة 73:5
                          إن سبب رفض الإسلام لمبدأ التثليث هو سوء فهم للمعنى الحقيقى من ورائه. يبدوا أن فهم الإسلام لمبدأ التثليث يُبنى على بدعة مسيحية كانت منتشرة فى شبه الجزيرة العربية أيام محمد. هذه البدعة كانت تنادى بتثليث يتكون من الله الآب والله الأم (العذراء مريم) والله الإبن (يسوع). يقول القرآن:
                          "واذ قال الله يا عيسى إبن مريم أأنت قلت للناس اتخذونى وأمى إلهين من دون الله. قال سبحانك ما يكون لى أن أقول ماليس لى بحق..." سورة المائدة 116:5
                          وأقول له:
                          الغريب أنك تلوم الإسلام الذى يرفض التثليث، ويؤمن فقط بوحدانية الله تعالى لا شريك له، ثم تلف وتدور، ثم تعود وتؤكد أن المسيحية تؤمن بإله واحد. فلماذا تلوم الإسلام إذًا فى رفضه لإله مثلث الأقانيم، لا قيمة للآب بدون الابن والروح القدس، ولا قيمة للابن بدون الأب والروح القدس، ولا قيمة للروح القدس بدون الاثنين الأولين. ويكفر فى عقيدتكم من يقول إن أى عضو من الثالوث هو نفسه أحد العضوين الآخرين؛ لأنه بذلك سيلغى الثالوث وكونهم ثلاثة. أما كيف يكون الثلاثة واحد، فبرهانه فقط أن قانون الإيمان يقول هذا بالنص. على الرغم من أنه يتكلم عنهم على أنهم مجموع. فلماذا تتمحكون فى التوحيد وأنتم تسمونه تثليث؟
                          ولنقرأ نص القانون النيقاوى 325م، الذى ينص على كون الإله ثنائى الأقانيم، ولم يكونوا بعد قد أدمجوا الروح القدس فى الثالوث المخترع من مجمع القسطنطينية 381م: (نؤمن بإلهٍ واحد، آبٍ قادر على كل شيء، صانع كل الأشياء المرئيّة واللامرئيّة. وبربٍ واحدٍ يسوع المسيح، ابن الله، مولود الآب الوحيد، أي من جوهر الآب، إله من إله، نور من نور، إلهٌ حق من إلهٍ حق، مولود غير مخلوق، مساوٍ للآب في الجوهر، الذي بواسطتهِ كل الأشياء وُجِدَت، تلك التي في السماء وتلك التي في الأرض. الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزلَ وتجسَّد، تأنَّس، تألَّم وقام في اليوم الثالث [و] صعدَ إلى السماوات، آتٍ ليدين الأحياء والأموات، وبالروح القدس.)
                          وهذا هو قانون الإيمان بعد التعديل وهو المعروف بالقانون القسطنطينى، ولكن بالصيغة المستعملة فى كنائس اليوم: (نؤمن بإله واحد، آب ضابط الكل، خالق السماء والأرض، كل ما يرى وما لا يرى. وبرب واحد يسوع المسيح، ابن الله الوحيد، المولود من الآب قبل كل الدهور، إله من إله، نور من نور، إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق، مساوٍ للآب في الجوهر، الذي به كان كل شيء، الذي من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد بالروح القدس من مريم العذراء، وصار إنساناً وصلب عنا على عهد بيلاطس البنطي، تألـم ومات وقُبر، وقام في اليوم الثالث كما جاء في الكتب، وصعد إلى السماء وجلس عن يمين الآب وسيأتي أيضاً بمجدٍ عظيم ليدين الأحياء والأموات الذي لا فناء لملكه. وبالروح القدس الرب المحيي، المنبثق من الآب (والابن)، الذي هو مع الآب والابن يُسجد له ويُمجد، الناطق بالأنبياء. وبكنيسة واحدة جامعة مقدّسة رسولية، ونعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا، وننتظر قيامة الأموات والحياة في الدهر الآتي. آمين)
                          فمعنى (إله من إله) أنه يوجد اثنان، ومعنى (المنبثق من الآب والابن) أو الآب لوحده على اختلاف المذاهب، أنه يوجد اثنان أو ثلاثة. ومعنى (مساو للآب فى الجوهر) أن هناك اثنان يمكنك أن تعقد بينهما المقارنة وستجدهما متساوين. فعلى أى أساس يأتى عدم اعترافكم بتعدد الآلهة وتماحيكم فى التوحيد؟
                          وقد رأينا من نصوص عديدة أنه لا يوجد تساوى مطلقًا بين يسوع (الابن) والآب: فهل كان يسجد الآب ليسوع كما كان يفعل يسوع؟ هل يجلس الآب على يمين يسوع؟ بل هل يجلس الروح القدس على يمين الآب مثل يسوع؟ هل أُهين الآب أو الروح القدس مثل الابن؟ هل مات الآب أو الروح القدس ودُفن مثل الابن؟ هل اعتقل الشيطان الآب أو الروح القدس مثلما اعتقد الابن؟ لماذا لا يوجد صالح إلا الآب فقط، ولم يدخل فى هذا الصلاح الابن أو الروح القدس؟ لماذا كان الآب فقط أعظم من الابن ومن الروح القدس؟ فهل كل هذا يعنى التساوى؟ لا.
                          من الممكن أن أخبرك عن التوحيد وعن قول الله تعالى عن عيسى  وأمه فى القرآن، ولكنه طالما أنك لا تؤمن بالقرآن، فأفضل أن أخبرك بما قاله يسوع عن نفسه، وبما قاله عنه أتباعه وأعداؤه، من الكتاب الذى تقدسه، لتتأكد أن يسوع لم يكن أكثر من نبى لله تعالى أرسله إلى بنى إسرائيل، وأنه مات (؟) وأحياه (؟) الله الحى الذى لا يموت:
                          لقد أقر يسوع أنه كان نبيًا مرسلا من الله إلى خراف بيت إسرائيل الضالة فقط: متى 15: 24 (24فَأَجَابَ: «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ».) فمن الذى أرسله؟ إنه إلهه وربه ومالكه! ثم اقرأ بعدها قوله: يوحنا 13: 16-17 (16الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ، وَلاَ رَسُولٌ أَعْظَمَ مِنْ مُرْسِلِهِ. 17إِنْ عَلِمْتُمْ هَذَا فَطُوبَاكُمْ إِنْ عَمِلْتُمُوهُ)
                          ونهاكم يسوع أن تعتقدوا أن لكم إله على الأرض، فقال: متى 23: 9 (9وَلاَ تَدْعُوا لَكُمْ أَباً عَلَى الأَرْضِ لأَنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.) ،
                          وذلك لأنه لا يسكن على الأرض: ملوك الأول 8: 27 (27لأَنَّهُ هَلْ يَسْكُنُ اللَّهُ حَقّاً عَلَى الأَرْضِ؟ هُوَذَا السَّمَاوَاتُ وَسَمَاءُ السَّمَاوَاتِ لاَ تَسَعُكَ، …)
                          وقلنا إن الله لم ولن يره أحد قط تيموثاوس الأولى 6: 16 (... الَّذِي لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَاهُ، ...)
                          قال يسوع عن نفسه إنه إنسان، ولم يقل مطلقًا إنه إله: يوحنا 8: 40 (40وَلَكِنَّكُمُ الآنَ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ. ...) فمن الذى سمع مِن مَن؟ إنهما اثنان
                          وها هو الرب نفسه يقول لكم إنه ليس بإنسان:
                          عدد 23: 19 (19ليْسَ اللهُ إِنْسَاناً فَيَكْذِبَ وَلا ابْنَ إِنْسَانٍ فَيَنْدَمَ. هَل يَقُولُ وَلا يَفْعَلُ؟ أَوْ يَتَكَلمُ وَلا يَفِي؟) أليس سفر العدد هذا من كلام الرب الذى تؤلهونه؟ أليس هو جزء من الكتاب الذى تقدسونه؟ إن كتابكم يقول لكم: يسوع الإنسان وابن الإنسان ليس الله، لأن الله ليس بإنسان أو ابن إنسان!!
                          هوشع 11: 9 (9«لاَ أُجْرِي حُمُوَّ غَضَبِي. لاَ أَعُودُ أَخْرِبُ أَفْرَايِمَ لأَنِّي اللَّهُ لاَ إِنْسَانٌ الْقُدُّوسُ فِي وَسَطِكَ فَلاَ آتِي بِسَخَطٍ.) إن الله ينفى عن نفسه البشرية فيقول إنه هو الله وليس بإنسان! وأنه قدوس، فالقدوس لا يمكن أن يكون الإنسان الخطَّاء المُهان باحتياجه للطعام والشراب والتبوُّل والتبرُّز والماء لينظف نفسه وغيره من ضروريات الحياة!
                          أيوب 9: 32 (32لأَنَّهُ لَيْسَ هُوَ إِنْسَاناً مِثْلِي ...)
                          حزقيال 28: 9 (9هَلْ تَقُولُ قَوْلاً أَمَامَ قَاتِلِكَ: أَنَا إِلَهٌ. وَأَنْتَ إِنْسَانٌ لاَ إِلَهٌ فِي يَدِ طَاعِنِكَ؟)
                          ولا يمكن أن يكون الرب إنسان، لأن هذا يتناقض مع أسمائه الحسنى وصفاته العليا:
                          أخبارالأيام الأولى 17: 20 (يَا رَبُّ لَيْسَ مِثْلُكَ وَلاَ إِلَهَ غَيْرُكَ)
                          إشعياء 40: 18 (18فَبِمَنْ تُشَبِّهُونَ اللَّهَ وَأَيَّ شَبَهٍ تُعَادِلُونَ بِهِ)
                          إشعياء 46: 5 (5بِمَنْ تُشَبِّهُونَنِي وَتُسَوُّونَنِي وَتُمَثِّلُونَنِي لِنَتَشَابَهَ؟) فلماذا تشبهونه بالإنسان؟
                          وكيف هان عليكم إلهكم فشبهتموه بالإنسان الرمة، وابن آدم الدود؟ (فى البدء كان الكلمة ... وكان الكلمة الله ... والكلمة صار جسداً وحلَّ بيننا) أى أصبح إنساناً (يوحنا 1: 1-14)، (6فَكَمْ بِالْحَرِيِّ الإِنْسَانُ الرِّمَّةُ وَابْنُ آدَمَ الدُّودُ) أيوب 25: 6
                          وكيف هان عليكم إلهكم فشبهتموه بالإنسان عديم الفهم، وبجحش الفرا؟ أيوب 11: 12 (12أَمَّا الرَّجُلُ فَفَارِغٌ عَدِيمُ الْفَهْمِ وَكَجَحْشِ الْفَرَا يُولَدُ الإِنْسَانُ.) فهل قبلتم أن يولد يسوع كجحش الفرا؟ هل قبلتم أن يكون من تؤلهونه عديم الفهم فارغ وتافه؟
                          وكيف هان عليكم إلهكم فشبهتموه بالبهيمة؟ الجامعة 3: 19-20 (19لأَنَّ مَا يَحْدُثُ لِبَنِي الْبَشَرِ يَحْدُثُ لِلْبَهِيمَةِ وَحَادِثَةٌ وَاحِدَةٌ لَهُمْ. مَوْتُ هَذَا كَمَوْتِ ذَاكَ وَنَسَمَةٌ وَاحِدَةٌ لِلْكُلِّ. فَلَيْسَ لِلإِنْسَانِ مَزِيَّةٌ عَلَى الْبَهِيمَةِ لأَنَّ كِلَيْهِمَا بَاطِلٌ. 20يَذْهَبُ كِلاَهُمَا إِلَى مَكَانٍ وَاحِدٍ. كَانَ كِلاَهُمَا مِنَ التُّرَابِ وَإِلَى التُّرَابِ يَعُودُ كِلاَهُمَا.)
                          وإذا كنتم تؤمنون أن هذه النصوص نصوص إلهية ألهمها الله تعالى لكاتبها، فهل رضى الرب فيما بعد أن يتجسد فى صورة الإنسان الذى أهانه هو نفسه؟ أم ترى كما أرى أن هذه النصوص قالها الرب القدوس لينفى من عقولكم أنه يمكنه أن يُنزل من قداسته ويأخذ جسد إنسان؟
                          ولا يمكن أن يكون الرب إنسانًا معرضًا للموت والفناء:
                          لوقا 23: 46 (46وَنَادَى يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «يَا أَبَتَاهُ فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي». وَلَمَّا قَالَ هَذَا أَسْلَمَ الرُّوحَ.)
                          مات الإله، فهل له مزية بذلك على البهيمة، فهى أيضًا تموت؟ اقرأ تصوير الرب لهذا الموت: الجامعة 3: 19 (19لأَنَّ مَا يَحْدُثُ لِبَنِي الْبَشَرِ يَحْدُثُ لِلْبَهِيمَةِ وَحَادِثَةٌ وَاحِدَةٌ لَهُمْ. مَوْتُ هَذَا كَمَوْتِ ذَاكَ وَنَسَمَةٌ وَاحِدَةٌ لِلْكُلِّ. فَلَيْسَ لِلإِنْسَانِ مَزِيَّةٌ عَلَى الْبَهِيمَةِ لأَنَّ كِلَيْهِمَا بَاطِلٌ.)
                          اقرأ قول الرب مالك الروح: الجامعة 12: 7 (فَيَرْجِعُ التُّرَابُ إِلَى الأَرْضِ كَمَا كَانَ وَتَرْجِعُ الرُّوحُ إِلَى اللَّهِ الَّذِي أَعْطَاهَا)
                          كان تصوير يسوع لموته، أنه أسلم الروح لبارئها. وهذا إقرار منه يتضمَّن قول لا إله إلا الله، فقد أسلم الروح لبارئها، ومات. وهذا إقرار منه أمام معاصريه أن الخالق هو الله، وأن مالك الروح هو الله، وأن المحيى والمميت هو الله. فيكون بذلك قد أقر أمام معاصريه بأنه ابن إنسان بشر نبى من عند الله وليس أكثر:
                          فالله إله حى، لا يموت: إرمياء 10: 10 (10أَمَّا الرَّبُّ الإِلَهُ فَحَقٌّ. هُوَ إِلَهٌ حَيٌّ وَمَلِكٌ أَبَدِيٌّ. ...)
                          تيموثاوس الأولى 6: 13-16 (13أُوصِيكَ أَمَامَ اللهِ الَّذِي يُحْيِي الْكُلَّ وَالْمَسِيحِ يَسُوعَ الَّذِي شَهِدَ لَدَى بِيلاَطُسَ الْبُنْطِيِّ بِالاِعْتِرَافِ الْحَسَنِ: 14أَنْ تَحْفَظَ الْوَصِيَّةَ بِلاَ دَنَسٍ وَلاَ لَوْمٍ إِلَى ظُهُورِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، 15الَّذِي سَيُبَيِّنُهُ فِي أَوْقَاتِهِ الْمُبَارَكُ الْعَزِيزُ الْوَحِيدُ، مَلِكُ الْمُلُوكِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ، 16الَّذِي وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ، سَاكِناً فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ، الَّذِي لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَاهُ، الَّذِي لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ الأَبَدِيَّةُ. آمِينَ.)
                          وليقطع عليهم منافذ الشيطان ويسدها، قال لهم: إنَّ (24اَللَّهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا».) يوحنا 3: 24
                          فإذا كان الله روح ، ولا يمكن أن يرى الإنسان هذا الروح يوحنا 1: 18 (اَللَّهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ.) فكيف يكون عيسى  هو الله؟ وهل الله له جسد أو مولود من الجسد؟ لا. (6اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ.) يوحنا 3: 6 إن قول يسوع إن الله لم يره أحد قط، وأنه روح، وأن الروح ليس لها لحم أو عظم، لينفى تجسُّد الإله نفيًا تامًا!
                          وقال لهم: يوحنا الأولى 4: 2-3 ف (كُلُّ رُوحٍ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ فَهُوَ مِنَ اللهِ، 3وَكُلُّ رُوحٍ لاَ يَعْترِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ.)
                          وكان لعيسى  جسد ظاهر أمام تلاميذه ومعاصريه، لأنه ليس للروح عظام أو لحم لوقا 24: 39 (فَإِنَّ الرُّوحَ لَيْسَ لَهُ لَحْمٌ وَعِظَامٌ)
                          وكان ليسوع لحم وعظام: متى 27: 57-60 (57وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ جَاءَ رَجُلٌ غَنِيٌّ مِنَ الرَّامَةِ اسْمُهُ يُوسُفُ - وَكَانَ هُوَ أَيْضاً تِلْمِيذاً لِيَسُوعَ. 58فَهَذَا تَقَدَّمَ إِلَى بِيلاَطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ. فَأَمَرَ بِيلاَطُسُ حِينَئِذٍ أَنْ يُعْطَى الْجَسَدُ. 59فَأَخَذَ يُوسُفُ الْجَسَدَ وَلَفَّهُ بِكَتَّانٍ نَقِيٍّ 60وَوَضَعَهُ فِي قَبْرِهِ الْجَدِيدِ)
                          لوقا 24: 39 (39اُنْظُرُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ: إِنِّي أَنَا هُوَ. جُسُّونِي وَانْظُرُوا فَإِنَّ الرُّوحَ لَيْسَ لَهُ لَحْمٌ وَعِظَامٌ كَمَا تَرَوْنَ لِي». 40وَحِينَ قَالَ هَذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ.)
                          بل إمعانًا فى نفى الألوهية عنه، أكل معهم ليطمئنوا أنه جسد طبيعى غير ممجد، لأنه لم يمت، وليس بإله: لوقا 24: 41-43 (41وَبَيْنَمَا هُمْ غَيْرُ مُصَدِّقِين مِنَ الْفَرَحِ وَمُتَعَجِّبُونَ قَالَ لَهُمْ: «أَعِنْدَكُمْ هَهُنَا طَعَامٌ؟» 42فَنَاوَلُوهُ جُزْءاً مِنْ سَمَكٍ مَشْوِيٍّ وَشَيْئاً مِنْ شَهْدِ عَسَلٍ. 43فَأَخَذَ وَأَكَلَ قُدَّامَهُمْ.)
                          وتكلم فى آخر رسالة بالكتاب عن إلهه: رؤيا 3: 12 (12مَنْ يَغْلِبُ فَسَأَجْعَلُهُ عَمُوداً فِي هَيْكَلِ إِلَهِي، وَلاَ يَعُودُ يَخْرُجُ إِلَى خَارِجٍ، وَأَكْتُبُ عَلَيْهِ اسْمَ إِلَهِي، وَاسْمَ مَدِينَةِ إِلَهِي أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةِ النَّازِلَةِ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ إِلَهِي، وَاسْمِي الْجَدِيدَ.) فمن هو إله إلهكم؟
                          وقال للمجدلية بعد نشوره: يوحنا 20: 17 (17قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «لاَ تَلْمِسِينِي لأَنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي. وَلَكِنِ اذْهَبِي إِلَى إِخْوَتِي وَقُولِي لَهُمْ: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلَهِي وَإِلَهِكُمْ».) فإلى إله من سيصعد إلهكم؟ ولماذا لا تعبدون إله من تؤلهونه؟
                          لقد صدَّقت يا عيسى يا نبى الله الكتب والأنبياء، فها هو يقول الرب إنه إله كل ذى جسد: إرمياء 32: 17 (27[هَئَنَذَا الرَّبُّ إِلَهُ كُلِّ ذِي جَسَدٍ. هَلْ يَعْسُرُ عَلَيَّ أَمْرٌ مَا؟)، فكيف تقبلون أن يكون إلهكم هو يسوع الإنسان ذو الجسد عديم الفهم، الذى ولد كجحش الفرا، ولا مزية له عن البهيمة؟
                          ألا تدركون معنى أن يأكل الرب ويشرب، أو يكون له جسد؟ معنى ذلك أنه ستبول ويتبرز، ولن يطهر من بوله أو برازه إلا بالماء أو الخشب أو الورق. أى إنه لن يكون طاهرًا فى نفسه، بل يحتاج إلى أحد عبيده ومخلوقاته أن يطهره!!
                          وهل يجلس على يمين الرب فى السماء بجسده البشرى الذى يحتاج إلى الطعام والشراب؟ ونرد إليكم سؤالكم الشهير: أليس أكله وشربه فى الجنة يتطلب التبول والتبرز وتنجيس الجنة نفسها؟
                          فأى منزلة تنزلونها إلهكم؟ إن عباد البقر يوقرون بقرتهم ويحترمونها. ولم أعلم فى حياتى عن أناس يقدسون معبودهم ويصلون إليه فى الوقت الذى يلعنونه ويصفونه بأقبح الصفات:
                          1- الرب حمامة: متى 3: 16-17 (16فَلَمَّا اعْتَمَدَ يَسُوعُ صَعِدَ لِلْوَقْتِ مِنَ الْمَاءِ وَإِذَا السَّمَاوَاتُ قَدِ انْفَتَحَتْ لَهُ فَرَأَى رُوحَ اللَّهِ نَازِلاً مِثْلَ حَمَامَةٍ ....)
                          2- الرب خروف وشاة: رؤيا يوحنا 17: 14 (14هَؤُلاَءِ سَيُحَارِبُونَ الْخَرُوفَ، والْخَرُوفُ يَغْلِبُهُمْ، لأَنَّهُ رَبُّ الأَرْبَابِ وَمَلِكُ الْمُلُوكِ، ...)
                          3- الرب شاة: أعمال الرسل 8: 32 («مِثْلَ شَاةٍ سِيقَ إِلَى الذَّبْحِ وَمِثْلَ خَرُوفٍ صَامِتٍ أَمَامَ الَّذِي يَجُزُّهُ هَكَذَا لَمْ يَفْتَحْ فَاهُ.)
                          4- الرب أسد ، وكنمر، وكدبة، وكلبوة: هوشع 13: 4-8 (4«وَأَنَا الرَّبُّ إِلَهُكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ وَإِلَهاً سُِوَايَ لَسْتَ تَعْرِفُ وَلاَ مُخَلِّصَ غَيْرِي. 5أَنَا عَرَفْتُكَ فِي الْبَرِّيَّةِ فِي أَرْضِ الْعَطَشِ. 6لَمَّا رَعُوا شَبِعُوا. شَبِعُوا وَارْتَفَعَتْ قُلُوبُهُمْ لِذَلِكَ نَسُونِي. 7«فَأَكُونُ لَهُمْ كَأَسَدٍ. أَرْصُدُ عَلَى الطَّرِيقِ كَنَمِرٍ. 8أَصْدِمُهُمْ كَدُبَّةٍ مُثْكِلٍ وَأَشُقُّ شَغَافَ قَلْبِهِمْ وَآكُلُهُمْ هُنَاكَ كَلَبْوَةٍ. يُمَزِّقُهُمْ وَحْشُ الْبَرِّيَّةِ.)
                          5- الرب ينوح ويولول ويُشبه نفسه بالكلاب: ميخا 1: 8 (8مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَنُوحُ وَأُوَلْوِلُ. أَمْشِي حَافِياً وَعُرْيَاناً. أَصْنَعُ نَحِيباً كَبَنَاتِ آوَى وَنَوْحاً كَرِعَالِ النَّعَامِ.)
                          6- الرب كالعُث والسوس: هوشع 5: 12 (12فَأَنَا لأَفْرَايِمَ كَالْعُثِّ وَلِبَيْتِ يَهُوذَا كَالسُّوسِ)
                          7- الرب رمة ودودة: يوحنا 1: 1-14 (فى البدء كان الكلمة ... وكان الكلمة الله ... والكلمة صار جسداً وحلَّ بيننا) أى أصبح إنساناً ، أيوب 25: 6 (6فَكَمْ بِالْحَرِيِّ الإِنْسَانُ الرِّمَّةُ وَابْنُ آدَمَ الدُّودُ)
                          8- الرب فارغ وكجحش الفرا: أيوب 11: 12 (12أَمَّا الرَّجُلُ فَفَارِغٌ عَدِيمُ الْفَهْمِ وَكَجَحْشِ الْفَرَا يُولَدُ الإِنْسَانُ.)
                          9- ليس للرب مزية على البهيمة: الجامعة 3: 19-20 (19لأَنَّ مَا يَحْدُثُ لِبَنِي الْبَشَرِ يَحْدُثُ لِلْبَهِيمَةِ وَحَادِثَةٌ وَاحِدَةٌ لَهُمْ. مَوْتُ هَذَا كَمَوْتِ ذَاكَ وَنَسَمَةٌ وَاحِدَةٌ لِلْكُلِّ. فَلَيْسَ لِلإِنْسَانِ مَزِيَّةٌ عَلَى الْبَهِيمَةِ لأَنَّ كِلَيْهِمَا بَاطِلٌ. 20يَذْهَبُ كِلاَهُمَا إِلَى مَكَانٍ وَاحِدٍ. كَانَ كِلاَهُمَا مِنَ التُّرَابِ وَإِلَى التُّرَابِ يَعُودُ كِلاَهُمَا.)
                          10- الحية رمز ليسوع عند يوحنا بينما كانت الحية رمزًا للشيطان عند موسى: يوحنا 3: 14 (14«وَكَمَا رَفَعَ مُوسَى الْحَيَّةَ فِي الْبَرِّيَّةِ هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْفَعَ ابْنُ الإِنْسَانِ) ، تكوين 3: 1-14 (1وَكَانَتِ الْحَيَّةُ أَحْيَلَ جَمِيعِ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ الَّتِي عَمِلَهَا الرَّبُّ الإِلَهُ فَقَالَتْ لِلْمَرْأَةِ: «أَحَقّاً قَالَ اللهُ لاَ تَأْكُلاَ مِنْ كُلِّ شَجَرِ الْجَنَّةِ؟» .. .. .. 4فَقَالَتِ الْحَيَّةُ لِلْمَرْأَةِ: «لَنْ تَمُوتَا! 5بَلِ اللهُ عَالِمٌ أَنَّهُ يَوْمَ تَأْكُلاَنِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا وَتَكُونَانِ كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ». 14فَقَالَ الرَّبُّ الإِلَهُ لِلْحَيَّةِ: «لأَنَّكِ فَعَلْتِ هَذَا مَلْعُونَةٌ أَنْتِ مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ وَمِنْ جَمِيعِ وُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ. عَلَى بَطْنِكِ تَسْعِينَ وَتُرَاباً تَأْكُلِينَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكِ.)
                          11- الرب مات ميتة الملاعين المطرودين من رحمة الله: غلاطية 3: 13 (13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ».)
                          ناهيك عن الصفات التى ذكرتها من قبل من أنه يخاف عبيده ويهرب منهم، وأن نبيه يعقوب ضربه وقهره وأجبره أن يباركه، وأن الكثير من أنبيائه تركوه واستحسنوا عبادة الأصنام، وأنه كان يسكر وينام، وعندما يستيقظ تدمع عيناه من أثر هذا الخمر، وأنه كان يستخدم الشيطان فيما يفشل فيه هو وجنوده، وغير ذلك مما ذكرته مرارًا.
                          وهذه رحلة من تسمونه إلهًا ولد كجحش الفرا فى مزود للأبقار، وعاش طريدًا، خائفًا من البشر، الذين يُفترض أن يكونوا عبيده، وفى النهاية تمكنوا منه وأهانوه وبصقوا فى وجهه، ثم أماتوه ميتة الملاعين المطرودين من رحمة الله، ولم يأخذهم ورع أو حب له، فلعنوه!!
                          والأغرب من هذا كله أنك تفترض نظرية ثم تبنى عليها ردك، أى والله تخترع كلامًا ثم تلفق الرد عليه، وتتناسى أنك تفترض بدلا من البحث الجيد. يقول الكاتب: (إن سبب رفض الإسلام لمبدأ التثليث هو سوء فهم للمعنى الحقيقى من ورائه. يبدوا أن فهم الإسلام لمبدأ التثليث يُبنى على بدعة مسيحية كانت منتشرة فى شبه الجزيرة العربية أيام محمد. هذه البدعة كانت تنادى بتثليث يتكون من الله الآب والله الأم (العذراء مريم) والله الإبن (يسوع).)
                          لقد بدأ الكاتب بافتراض (يبدوا أن) واخترع لها تاريخ وأحداث ومكان فى الجزيرة العربية، ومن ثم اعتبرها حقيقة، وقام بإلغاء هدم الإسلام للثالوث الأب والابن والروح القدس، أو أى ثالوث آخر، لأى ديانة أخرى، واستبدل أحد أعضاء هذا الثالوث ليظل ثالوثه بعيدًا عن الانتقاد.
                          أؤكد لك أن القرآن يقصد ثالوثك بالتحديد الذى تؤمن به، ومن ثم كل من أو ما يُعبد من دون الله تعالى، سواء كان ثالوثًا أو أكثر أو أقل.
                          ولكنك مازلت تُكابر وتدعى أن هذا الثالوث هو إله واحد، فقط لقول قانون الإيمان هذه العبارة. على الرغم من قوله أيضًا: إن الأب إله، والابن إله، والروح القدس إله. ولكنهم ليسوا ثلاثة آلهة، بل إله واحد، لا ينفصلون طرفة عين.
                          فمن الذى كان يأكل ويشرب ويتبول ويتبرز، ويحمل فى أمعائه البراز إلى أن يتخلص منه، ويظل نجسًا إلى أن يجد أحد خلقه مثل الماء أو غيره لينظفه؟
                          ومن الذى أُهين وضُرب واستُهزىء به؟ ومن الذى مات على الخشبة؟ ومن الذى أحياه؟
                          لماذا حدث كل هذا ليسوع ولم يحدث للآب أو الروح القدس؟ هل كانا أفضل منه فى القداسة، فتركاه يتحمل هذا عنهما؟ ولو كانوا لا ينفصلون طرفة عين فقد مات إذًا الثلاثة وهناك إله رابع أحياهم؟
                          لماذا تبدأ التثليث ب باسم الآب، وليس باسم الابن أو اسم الروح القدس؟
                          وكيف يتساوون والابن يجلس على يمين الآب، ولا يجلس الروح القدس على اليمين، ولا يجلس الآب نفسه على يمين الابن؟ وهل بوجود اثنين احدهما على اليمين والآخر بجواره يدل على وجود واحد أم اثنين؟ أضف إليهما الروح القدس تجدهما ثلاثة! أليس معنى هذا أن الثلاثة مختلفون، وأنكم تعبدون ثلاثة آلهة، وتزعمون أنهم واحد فقط لقولكم هذا اتباعًا لقانون الإيمان النيقوى؟
                          كذلك الآب أعظم من الابن، والراسل (الآب) أعظم من رسوله (الابن) فعلى أى أساس يتساوون؟ يوحنا 13: 13 و16-17 (13أَنْتُمْ تَدْعُونَنِي مُعَلِّماً وَسَيِّداً، وَقَدْ صَدَقْتُمْ، فَأَنَا كَذَلِكَ.... 16الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ، وَلاَ رَسُولٌ أَعْظَمَ مِنْ مُرْسِلِهِ. 17إِنْ عَلِمْتُمْ هَذَا فَطُوبَاكُمْ إِنْ عَمِلْتُمُوهُ)
                          يوحنا 14: 28 (... لأَنَّ أَبِي أَعْظَمُ مِنِّي.)
                          لوقا 18: 18-19 (18وَسَأَلَهُ رَئِيسٌ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» 19فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحاً؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ.)
                          وكان يسوع عبدًا للآب، يصلى له، ويرجو رضاه، ولم يصلى الآب للابن، فعلى أى أساس يتساوون؟ لوقا 6: 12 (12وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ خَرَجَ إِلَى الْجَبَلِ لِيُصَلِّيَ. وَقَضَى اللَّيْلَ كُلَّهُ فِي الصَّلاَةِ لِلَّهِ.)
                          لماذا لم يخر الآب على وجهه أمام الابن ساجدًا له؟
                          متى 26: 36-44 (36حِينَئِذٍ جَاءَ مَعَهُمْ يَسُوعُ إِلَى ضَيْعَةٍ يُقَالُ لَهَا جَثْسَيْمَانِي فَقَالَ لِلتَّلاَمِيذِ: «اجْلِسُوا هَهُنَا حَتَّى أَمْضِيَ وَأُصَلِّيَ هُنَاكَ». ......... 39ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَكَانَ يُصَلِّي قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ وَلَكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ». ......... 42فَمَضَى أَيْضاً ثَانِيَةً وَصَلَّى قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ تَعْبُرَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ إِلاَّ أَنْ أَشْرَبَهَا فَلْتَكُنْ مَشِيئَتُكَ». ...... 44فَتَرَكَهُمْ وَمَضَى أَيْضاً وَصَلَّى ثَالِثَةً قَائِلاً ذَلِكَ الْكَلاَمَ بِعَيْنِهِ.)
                          لوقا 22: 41-44 (41وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى 42قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ. وَلَكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ». 43وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ. 44وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ.)
                          ولا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئًا، وكان يحتاج إلى عناية الله وحفظه، ويحتاج أن يعلمه إلهه ويسمعه تعاليمه: يوحنا 5: 19 (19فَقَالَ يَسُوعُ لَهُمُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَقْدِرُ الاِبْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئاً إِلاَّ مَا يَنْظُرُ الآبَ يَعْمَلُ.)
                          وتكلم عن مشيئتين: مشيئته التى ألغاها، لأنه لا يعمل لها، ومشيئة الله تعالى التى يدعو إليها، وينفذها قدر جهده: يوحنا 5: 30 (30أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً. كَمَا أَسْمَعُ أَدِينُ وَدَيْنُونَتِي عَادِلَةٌ لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.)
                          لقد فهمت الجموع فى عصر يسوع، كما فهم تلاميذه أنه نبى الله إليهم، فعن أى ألوهية مزعومة تتكلم؟ وعن أى ثالوث تتكلم ولم يعرف يسوع إلا الله وحده؟:
                          متى 21: 10-11 (10وَلَمَّا دَخَلَ أُورُشَلِيمَ ارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا قَائِلَةً: «مَنْ هَذَا؟» 11فَقَالَتِ الْجُمُوعُ: «هَذَا يَسُوعُ النَّبِيُّ الَّذِي مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ».)
                          يوحنا 7: 40 (40فَكَثِيرُونَ مِنَ الْجَمْعِ لَمَّا سَمِعُوا هَذَا الْكلاَمَ قَالُوا: «هَذَا بِالْحَقِيقَةِ هُوَ النَّبِيُّ».)
                          بل عرفوه نبيًا مقتدرًا فى القول والفعل والعمل: فها هو بطرس يقول فى أعمال الرسل 2: 22 (22«أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ اسْمَعُوا هَذِهِ الأَقْوَالَ: يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ بِقُوَّاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا اللهُ بِيَدِهِ فِي وَسَطِكُمْ كَمَا أَنْتُمْ أَيْضاً تَعْلَمُونَ.)
                          وها هما اثنان آخران من تلاميذه يقولان بعد موته المزعوم إنه كان نبيًا مقتدرًا فى الفعل والقول أمام الله: لوقا 24: 17-20 (... 17فَقَالَ لَهُمَا: «مَا هَذَا الْكَلاَمُ الَّذِي تَتَطَارَحَانِ بِهِ وَأَنْتُمَا مَاشِيَانِ عَابِسَيْنِ؟» 18فَأَجَابَ أَحَدُهُمَا الَّذِي اسْمُهُ كَِلْيُوبَاسُ: «هَلْ أَنْتَ مُتَغَرِّبٌ وَحْدَكَ فِي أُورُشَلِيمَ وَلَمْ تَعْلَمِ الأُمُورَ الَّتِي حَدَثَتْ فِيهَا فِي هَذِهِ الأَيَّامِ؟» 19فَقَالَ لَهُمَا: «وَمَا هِيَ؟» فَقَالاَ: «الْمُخْتَصَّةُ بِيَسُوعَ النَّاصِرِيِّ الَّذِي كَانَ إِنْسَاناً نَبِيّاً مُقْتَدِراً فِي الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ أَمَامَ اللهِ وَجَمِيعِ الشَّعْبِ. 20كَيْفَ أَسْلَمَهُ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَحُكَّامُنَا لِقَضَاءِ الْمَوْتِ وَصَلَبُوهُ.)
                          وهكذا فهم كل الناس الذين عاصروه ورأوا معجزاته. بل إنه عندما أحيا ميت أرملة نايين (وهى معجزة من أكبر المعجزات) أقر التلاميذ والجمع أنه نبى عظيم:
                          لوقا 7: 15-16 (15فَجَلَسَ الْمَيْتُ وَابْتَدَأَ يَتَكَلَّمُ فَدَفَعَهُ إِلَى أُمِّهِ. 16فَأَخَذَ الْجَمِيعَ خَوْفٌ وَمَجَّدُوا اللهَ قَائِلِينَ: «قَدْ قَامَ فِينَا نَبِيٌّ عَظِيمٌ وَافْتَقَدَ اللهُ شَعْبَهُ».)
                          وهكذا قال الرجل الذى كان أعمى منذ مولده عن يسوع عندما سأله الكهنة عن رأيه فيه، قال إنه نبى: يوحنا 9: 17 (17قَالُوا أَيْضاً لِلأَعْمَى: «مَاذَا تَقُولُ أَنْتَ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ فَتَحَ عَيْنَيْكَ؟» فَقَالَ: «إِنَّهُ نَبِيٌّ».)
                          وكيف يكون إلهًا وقد كان خاضعًا لله الذى خلقه فى الدنيا وفى الآخرة مثل باقى عبيده من المخلوقات؟ يوحنا 8: 29 (...... لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ».)
                          يوحنا 4: 34 (......... «طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ.)
                          يوحنا 17: 4 (......... الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ.)
                          يوحنا 12: 49-50 (49لأَنِّي لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنْ نَفْسِي لَكِنَّ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ أَعْطَانِي وَصِيَّةً: مَاذَا أَقُولُ وَبِمَاذَا أَتَكَلَّمُ. 50وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ وَصِيَّتَهُ هِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ. فَمَا أَتَكَلَّمُ أَنَا بِهِ فَكَمَا قَالَ لِي الآبُ هَكَذَا أَتَكَلَّمُ».)
                          ألن يخضع يسوع لإلهه فى الآخرة؟ فبم يستحق التأليه؟: كورنثوس الأولى 15: 28 (28وَمَتَى أُخْضِعَ لَهُ الْكُلُّ فَحِينَئِذٍ الِابْنُ نَفْسُهُ أَيْضاً سَيَخْضَعُ لِلَّذِي أَخْضَعَ لَهُ الْكُلَّ كَيْ يَكُونَ اللهُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ.)
                          فاسمعوا قوله: يوحنا 8: 40 (40وَلَكِنَّكُمُ الآنَ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ. ...)
                          لقد أعلن أنه رسول الله إلى بنى إسرائيل:
                          1- يوحنا 12: 44 (44فَنَادَى يَسُوعُ: «الَّذِي يُؤْمِنُ بِي لَيْسَ يُؤْمِنُ بِي بَلْ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي.)
                          2- يوحنا 17: 3 (3وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ.)
                          3- يوحنا 12: 49 (49لأَنِّي لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنْ نَفْسِي لَكِنَّ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ أَعْطَانِي وَصِيَّةً: مَاذَا أَقُولُ وَبِمَاذَا أَتَكَلَّمُ.)
                          4- يوحنا 5: 24 (24اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ.)
                          5- يوحنا 4: 34 (... طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ.)
                          6- يوحنا 5: 30 (... لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.)
                          7- يوحنا 7: 28-29 (.... وَمِنْ نَفْسِي لَمْ آتِ بَلِ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ حَقٌّ .... 29أَنَا أَعْرِفُهُ لأَنِّي مِنْهُ وَهُوَ أَرْسَلَنِي».)
                          8- يوحنا 8: 26 (.... لَكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ حَقٌّ. ....)
                          9- يوحنا 5: 37 (37وَالآبُ نَفْسُهُ الَّذِي أَرْسَلَنِي يَشْهَدُ لِي. ....)
                          10- يوحنا 13: 20 (... الَّذِي يَقْبَلُ مَنْ أُرْسِلُهُ يَقْبَلُنِي وَالَّذِي يَقْبَلُنِي يَقْبَلُ الَّذِي أَرْسَلَنِي)
                          وفى الوقت الذى أعلن فيه أنه رسول الله إلى بنى إسرائيل، وأقركم على دعوته معلمًا، يؤكد لكم إنه لا يوجد عبد أعظم من سيده، ولا رسول أعظم من مرسله. فالرسول عبد لله، والسيِّد هو الرب المرسِل: يوحنا 13 و16 (13أَنْتُمْ تَدْعُونَنِي مُعَلِّماً وَسَيِّداً، وَقَدْ صَدَقْتُمْ، فَأَنَا كَذَلِكَ. 16الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ، وَلاَ رَسُولٌ أَعْظَمَ مِنْ مُرْسِلِهِ.)
                          ثم اقرأ اعترافه أن الله ربه وسيده أعظم منه ليتضح لك أنه لا يعتبر نفسه إلهًا بل عبدًا لله: يوحنا 14: 28 (... لأَنَّ أَبِي أَعْظَمُ مِنِّي.)
                          فهذا من أجمل النصوص لتفنيد عقيدة التثليث ومساواة الابن بالآب، وإثبات عبودية يسوع لله رب العالمين.
                          أليس موت يسوع مقتولا على الصليب يقدح فى نبوته وألوهيته؟
                          من المعروف أن يسوع مات وأسلم الروح إلى بارئها: لوقا 23: 46 (46وَقَالَ يَسُوعُ صَارِخاً بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «يَاأَبِي، فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي!» وَإِذْ قَالَ هَذَا، أَسْلَمَ الرُّوحَ.)
                          والكتاب نفسه يقول إن الروح ترجع إلى الله بارئها: الجامعة 12: 7 (فَيَرْجِعُ التُّرَابُ إِلَى الأَرْضِ كَمَا كَانَ وَتَرْجِعُ الرُّوحُ إِلَى اللَّهِ الَّذِي أَعْطَاهَا)
                          فموت يسوع يدل على أنه ليس الله، لأن الله هو الحى القيوم إلى الأبد، الذى لا يموت: تيموثاوس الأولى 6: 16 (16الَّذِي وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ، سَاكِناً فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ، الَّذِي لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَاهُ، الَّذِي لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ الأَبَدِيَّةُ. آمِينَ.)
                          تثنية 32: 40 (40إِنِّي أَرْفَعُ إِلى السَّمَاءِ يَدِي وَأَقُولُ: حَيٌّ أَنَا إِلى الأَبَدِ.)
                          إرمياء 10: 10 (10أَمَّا الرَّبُّ الإِلَهُ فَحَقٌّ. هُوَ إِلَهٌ حَيٌّ وَمَلِكٌ أَبَدِيٌّ. ...)
                          دانيال 6: 26 (... وَيَخَافُونَ قُدَّامَ إِلَهِ دَانِيآلَ لأَنَّهُ هُوَ الإِلَهُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ إِلَى الأَبَدِ وَمَلَكُوتُهُ لَنْ يَزُولَ وَسُلْطَانُهُ إِلَى الْمُنْتَهَى)
                          إن اليهود يتفقون معنا كتابًا وعقلاً على عدم تجسد الله، ولا يؤمنون بالثالوث أو التثليث. ولم يأت يسوع إلا ليعمل بكتاب موسى والأنبياء، ولم ينقض نقطة واحدة من هذا الكتاب، فلو كان يسوع قد أعلمكم أنه الإله المتجسد، وأمركم بالتثليث، فقد ضل عن منهج الله الذى رسمه له، واستحق على ذلك القتل، وذلك مصداقًا لقول الرب فى سفر التثنية 18: 20 (20وَأَمَّا النَّبِيُّ الذِي يُطْغِي فَيَتَكَلمُ بِاسْمِي كَلاماً لمْ أُوصِهِ أَنْ يَتَكَلمَ بِهِ أَوِ الذِي يَتَكَلمُ بِاسْمِ آلِهَةٍ أُخْرَى فَيَمُوتُ ذَلِكَ النَّبِيُّ.)
                          تهميش دور الروح القدس فى الثالوث:
                          فى الحقيقة لم تُصرِّح الأناجيل أو الرسائل بالمرة بكلمة أقنوم، وبالتالى لم تذكر المساواة بين أعضاء هذا الثالوث، فكل هذه العقيدة من بنات أفكار رجال الكهنوت. فتارة يخبركم يسوع أن الله أعظم منه، وأنه فى كل حين يفعل ما يرضيه، وأنه لم يفعل من نفسه شيئًا قط، وأن كل ما يقوله أو يعمله فهو من أبيه. (31وَلَكِنْ لِيَفْهَمَ الْعَالَمُ أَنِّي أُحِبُّ الآبَ وَكَمَا أَوْصَانِي الآبُ هَكَذَا أَفْعَلُ.) يوحنا 14: 31، (29وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ.) يوحنا 18: 29
                          وتجد بعضًا آخر من النصوص تُنقص من قدر الروح القدس، وتجعله لا يساوى حتى قيمة الخروف. ففى رؤيا يوحنا 7: 10 نقرأ: (وَهُمْ يَصْرُخُونَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلِينَ: «الْخَلاَصُ لِإِلَهِنَا الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ وَلِلْخروف»). وهل نعلم من هذا النص أن الخلاص فقط للرب والخروف الجالس على يمينه؟ فما موقف الروح القدس من هذا الخلاص؟ أليس لها دورًا فيه، أم تقلَّص دور الإله الثالث على ما اتفقتم عليه دون الخلاص؟ وأين يتبق قولكم بالمساواة بين الثلاثة أقانيم؟ وهل نفهم من اعطاء الخروف دورًا فى الخلاص دون الابن والروح القدس أن الخروف له أهمية خاصة تفوق أهمية الابن والروح القدس عندكم؟
                          وأدلِّل أكثر على أن الكتاب يضع الروح القدس فى مرتبة أقل من التى عليها الآب والابن، وأنه لا يمكن أن يتساوى معهما بأى حال من الأحوال، الأمر الذى يدل على عدم استحقاقه للألوهية أو اتحاده بالله.
                          1) ونقرأ ذلك فى الرسالة الأولى إلى كورنثوس 11: 3 (وَلَكِنْ أُرِيدُ أَنْ تَعْلَمُوا أَنَّ رَأْسَ كُلِّ رَجُلٍ هُوَ الْمَسِيحُ. وَأَمَّا رَأْسُ الْمَرْأَةِ فَهُوَ الرَّجُلُ. وَرَأْسُ الْمَسِيحِ هُوَ اللهُ). فما موقع الروح القدس هنا؟ ولماذا نسوه وفصلوه عن الثالوث؟
                          2) ومرة أخرى يتكلم بولس عن ملكوت الله والمسيح، ونسى تمامًا ملكوت الروح القدس هذا. ويعلم قارىء الكتاب المقدس أن صيغة التثليث التى جاءت عند متى يجهلها بولس وبطرس ومرقس الذى نقل متى من إنجيله حوالى 65%، والتلاميذ أنفسهم. ففى رسالته إلى (أفسس 5: 5) يقول: (5فَإِنَّكُمْ تَعْلَمُونَ هَذَا أَنَّ كُلَّ زَانٍ أَوْ نَجِسٍ أَوْ طَمَّاعٍ، الَّذِي هُوَ عَابِدٌ لِلأَوْثَانِ لَيْسَ لَهُ مِيرَاثٌ فِي مَلَكُوتِ الْمَسِيحِ وَاللهِ.)، فلماذا لا يوجد ملكوت باسم الروح القدس أو يتسمَّى ذلك الملكوت إضافة إلى الله والمسيح أيضًا باسم الروح القدس؟
                          3) ونادى يسوع أبيه (إلهه)، وصلى إليه طالبًا رضاه، وتضرع إليه ليتقبل دعاءه، وفعل كل شىء ليرضيه، وصرخ على الصليب مناديًا إلهه. ألم يخطر ببالك عزيزى المسيحى أنه لم يصلّ للروح القدس، ولم يخاطبه، وأنه لم يُصرِّح أنه فعل شيئًا ليرضيه؟ لماذا تجاهل يسوع الروح القدس؟ لماذا لم ينادى عليه وهو على الصليب؟ وهل كان متحدًا وقتها مع يسوع فقط أم مع الرب الذى كان يناديه يسوع أم منفصلاً عنهما؟ ولو كان الأمر كذلك، ألا يُثبت ذلك وجود إلهين وأقنومين أو ثلاثة آلهة وثلاثة أقانيم تبعًا لكيفية الإنفصال؟
                          4) قال يسوع: (35اَلآبُ يُحِبُّ الاِبْنَ وَقَدْ دَفَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي يَدِهِ.) يوحنا 3: 35، فأين موقع الروح القدس من هذا الحب؟ وماذا أعطاه الآب إذا كان كل شىء قد دُفعَ للابن؟ والغريب أن يتفاخر الابن بهذا والروح القدس هو الذى حبل أمه، أى إنه هو أبوه الفعلى!!
                          5) وقال أيضًا: (36اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِالاِبْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ بِالاِبْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً بَلْ يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ اللَّهِ.) يوحنا 3: 36، ولماذا استثنى إيمان أهل الملكوت بالروح القدس كما يؤمنون بالابن؟
                          6) وقال أيضًا (16اَلرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضاً يَشْهَدُ لأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللهِ.)رومية 8: 16، وأين شهادة الآب والابن؟ ألا تعلم أيها الكاتب أن شهادة الابن نفسها لا يعتد بها؟ فكيف يعلو قدر الروح القدس على الابن، وشهادة الأول على الثانى، على الرغم من أن الروح القدس يحتل المكانة الثالثة فى البسملة المسيحية؟
                          يوحنا 5: 31-37 (31«إِنْ كُنْتُ أَشْهَدُ لِنَفْسِي فَشَهَادَتِي لَيْسَتْ حَقّاً. 32الَّذِي يَشْهَدُ لِي هُوَ آخَرُ وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ الَّتِي يَشْهَدُهَا لِي هِيَ حَقٌّ.) ولماذا لا يشهد الآب للروح القدس كما يشهد للابن؟
                          وهل لتعاليم الثالوث فائدة عند المؤمنين بها؟
                          من الفصل الثالث عشر من كتاب (علم اللاهوت النظامى) ألفه القس جيمس أنس وراجعه الدكتور القس منيس عبد النور ونقحه وأضاف عليه، يقول ردًا على سؤال عن فائدة تعاليم التثليث، (ما بين القوسين المعكوفين [ ] هو قول الكتاب)، واقرأ كيف ينتقص من التوحيد وإفراد إله واحد بالعبودية:
                          [13 - هل للتثليث فائدة خاصة في توضيح غيره من تعاليم الدين المسيحي؟
                          * توضح عقيدة التثليث تعاليم أخرى منها:
                          (1) إنه يرفع شأن اللاهوت ويوضح كمالاته، فالتوحيد دون التثليث يحصر اللاهوت ويجعله في غاية الانفراد، خالياً من كل موضوع للمحبة أو من إمكان المعاشرة أو من خواص السعادة التامة. فالواحد الفرد من كل وجهٍ لا يقدر أن يحب غير نفسه، وليس في محبة النفس سعادة تامة. فنرى في تشاور الأقانيم الثلاثة واتحادها، ومحبة أحدها للآخر ما يجعل في اللاهوت كل مقتضيات السعادة الأزلية. ولو لم يكن الله واحدًا في ثلاثة أقانيم لما كان له سوى مخلوقاته لتكون موضوع محبته! فقد التزم منكرو التثليث أن يجعلوا الخلق لازمًا لكمال سعادة اللاهوت، أو أن يفرضوا أن الله لم يكن وحده منذ الأزل، أو أن العالم أزلي على رأي مؤلّهي الكون. أما الكتاب المقدس فيعلن وجود الله الواحد بأقانيمه الثلاثة منذ الأزل، ويجعله كاملاً في نفسه شاملاً كل لوازم السعادة التامة.]
                          والمدقق لمعانى الكلمات التى يستخدمها القسَّان يرى أنهما يرفضان التوحيد الخالص، وأنهما يتلاعبان بكلمة التوحيد، لعدم إمكانهما إثبات ذلك أو فهمه، وأن الأصل عندهم هو الثلاثة آلهة التى يؤمنون بهم. فمن ذلك انتقادهم للموحدين أنهم بدون التثليث (لم يرفعوا من شأن اللاهوت، بل حصروه فى واحد فقط وجعلوه في غاية الانفراد).
                          ومعنى ذلك أنهم يؤمنون بالتثليث حتى يكون مع الله إلهان آخران يؤنسانه حتى لا يكون وحده!! ومنها أيضًا أنه يرى أن التوحيد الخالص يُحقق أنانية الرب، لأنه فى هذه الحالة سيحب نفسه فقط، فأوجدوا معه الآخرين ليتكامل الحب: (فالواحد الفرد من كل وجهٍ لا يقدر أن يحب غير نفسه، وليس في محبة النفس سعادة تامة. فنرى في تشاور الأقانيم الثلاثة واتحادها، ومحبة أحدها للآخر ما يجعل في اللاهوت كل مقتضيات السعادة الأزلية).
                          ولا يُحب أحد الأقانيم الأقنوم الآخر ولا يتشاور معه، إلا إذا تعددا وتفرقا. وإلا لقلنا إنه باتحادهما تنشأ الأنانية وحب النفس. ولا مجال مع هذا الاعتراف بالقول بكونهم واحد. وهو ما عبر عنه فى النقطة الرابعة بالشركة والألفة والمعاشرة (يجعل التثليث الله مثالاً للحياة البشرية في ما يتعلق بالمعاشرة الحبية والشركة والأُلفة والأُنس، وذلك بمعاشرة الأقانيم الثلاثة معاً بالمحبة والألفة والاتحاد).
                          بل إن فهمهم هذا ليؤكد أن الله هو الأزلى، وأنه لكى لا يظل بمفرده، ولكى لا يحب إلا نفسه اضطُرَّ لخلق اثنين آخرين معه من أجل الأُلفة والأنس والشركة. الأمر الذى ينفى أزلية الابن والروح القدس، ويؤكد أن الإيمان بهذا الهراء هو الشرك بعينه.
                          علمنا أن عقيدة التثليث لا وجود لها فى الكتاب الذى يقدسونه بعهديه القديم والجديد، وهم يستنبطون بأفهامهم هذا الكلام، الذى لم يصرح به الله ولا أى نبى فى كتابهم. كما أن نصارى القرن الأول كانوا من الموحدين، وكانوا لا يعرفون التثليث إلا عند الأمم الوثنية التى تجاورهم.
                          وهذا الذى يقولونه هو اعتراف صريح بأن هذا الإله صعب عليهم وجوده بمفرده (الأمر الذى يعنى أن أصل الدين هو التوحيد) فنسبوا إليه اثنين آخرين! الأمر الذى يعنى أنهم هم الذين اخترعوا هذه العقيدة ونسبوها لله. ولا علاقة لهم بوحدانية الله ولا توحيده، بل إنهم يستحسنون وجود آلهة (أقانيم) أخرى مع هذا الإله، حتى لا يشعر بالوحدة أو الملل، ويتذوق طعم المشاركة والألفة.
                          فهل اشتكى الرب من الوحدة حتى يجعلوا معه شريك؟
                          وأليس قولهم بوجود شريكين معه لتعم المحبة والألفة، اعترافًا بأن الثلاثة ليسوا واحدًا كما يزعمون ويتمحَّكون فى التوحيد؟
                          وأليس ما يقولونه بأن الثلاثة واحد أى إن الآب هو الابن هو الروح القدس لم يضيفوا عنصرًا آخرًا للإله لتنعدم الأنانية عنه، ويحب الآخرين؟
                          ألم يثبتوا له الأنانية، لأنه أصر على اتحاده بالأقنومين الآخرين مكونًا فردًا واحدًا، ورفض أن يكونوا ثلاثة لتعم المحبة والألفة؟
                          وأين تجدون المحبة فى شخص يحب نفسه كابن أو يحب نفسه كروح قدس، وهو واحد فقط كما تزعمون؟
                          أليس هذا مثل الذى يحب صورته سواء كانت فى المرآة أو مصورة بصور يختلف فيها وضعه أو عمله أو شكله؟ أليس هذا مثل الممثل الذى لا يُحب إلا أدواره التى يقوم بها فقط، سواء لعب دور الابن أو الأب أو الشبح أو اللص أو الطبيب أو المهندس أو المهرج؟ فهل الذى لا يحب إلا نفسه، (مع إيهامكم أنه يحب غيره) أنانيًا كاذبًا مُخادعًا؟
                          ثم أليس من الأنانية ألا تعم المحبة والألفة والشركة إلا بين ثلاثة أقانيم فقط؟ فلماذا لا يكون لديهم مجمع للآلهة مثل الرومان لتعم المحبة والألفة بين جمع أكبر من الآلهة، مثل العدد الغفير الذى كان لدى الرومان أو المصريين القدماء؟
                          ثم هل كون الآب هو الابن وهو نفسه الروح القدس لا يُحقق الأنانية؟ فإن عين الأنانية أن يكون للابن وجودًا ذاتيًا (أى أقنومًا منفصلاً عن أقنوم الآب)، ثم يُدمجه الأب فى نفسه، ويتبرأ من وجوده الذاتى!
                          وعين الأنانية أن يكون الابن مساويًا للآب، ويسجد الابن للآب ويتضرع له، ولا يسجد الآب للابن. فأين المساواة بينهما؟
                          وعين الأنانية أن يضحى الآب بالابن لغفران ذنب لم يقترفه، ولا يُضحى الآب بنفسه، أو يغفر هذا الذنب دون تضحية، كما غفر يسوع للمرأة الزانية.
                          وعين الأنانية أن يكون الآب هو الراسل والابن المُرسَل، ولا يكون العكس!
                          وعين الأنانية أن يتجسد الابن ويُعذَّب ويُهان ثم يُقتل، ولا يُفعل هذا بالآب!
                          وعين الأنانية أن يجوع الابن ويعطش ويأكل ويشرب ويحمل فى أمعائه الغليظة براز ونجاسات، ويبحث عن مكان خال ليخرج هذه الفضلات، ثم يبحث عن أى شىء من خلقه ينظف به نفسه، ولا يحدث هذا كله للأقانيم الأخرى المشاركة فى ثالوث المحبة والألفة؟
                          وهم بذلك لا يمكنهم فهم طبيعة الله إلا عن طريق تصوره بالصورة البشرية (كما يقول القس توفيق جيد فى كتابه "سر الأزل" ص7). ومن هذا يتضح لكم أنهم يسبون أنبياء الله ويتهمونهم بالضلال ونقص الدين، حيث لم يفهم أحد منهم طبيعة الله، لأنه لم يكن أحد منهم من المثلثين، أو شبَّه الإله بالإنسان. على الرغم من اتخاذهم إبراهيم  أبًا للأنبياء، وهو لم يكن من المثلثين، ومن اتباع إلههم لناموس موسى ، وهو لم يكن من المثلثين. ويتضح أيضًا فشل الرب وتهاونه فى إنزال عقيدة واضحة تبين طبيعته للناس، فلم يتلفظ مرة بأنه الأقنوم الأول أو غيره، أو أنه يتكون من ثلاثة أقانيم متحدة، وترك ذلك لآباء المسيحيين وقساوستهم، الذين أحسنوا عرض دين الرب أكثر منه وأكثر من أنبيائه!!!

                          تعليق


                          • الملف 78
                            ناهيك عن قولهم بأن التثليث (يرفع شأن اللاهوت ويوضح كمالاته). وإذا كان الأمر كذلك فلماذا لا يتمادون فى رفع الإله أكثر وأكثر ويزيدون من عدد الأقانيم أكثر من ذلك رفعة لشأن الإله؟ وهل يعى المؤمن قول القسيسين أن التثليث يرفع شأن الرب؟
                            ألا يدل هذا على إصرار الرب فى الماضى على تحقير نفسه وتعريض الابن والروح القدس لكل أمر مشين بتكتَّمه أمر التثليث عن كل الأنبياء والمرسلين السابقين ليسوع؟
                            ويعنى أيضًا أن شأن الرب لم يكن مرتفعًا بالقدر الكافى، الأمر الذى تطلب إشراك آخرين معه ليرتفع شأنه؟ أى لم يرتفع شأن الإله إلا بالابن والروح القدس، فى الوقت الذى يخبركم يسوع بنفسه أن الآب أعظم منه: (لأَنَّ أَبِي أَعْظَمُ مِنِّي.) يوحنا 14: 28
                            أليس هذا قلبًا لأبسط قواعد الفهم فى الحياة؟ أليس هذا تحريفًا لأقوال يسوع ومفهوم الدين الذى جاء به؟ هل لو أنت مالك لمصنع يقدر ب 90 مليون جنيهًا أفضل أم أن يكون معك شريكان لكل منهما الثلث فى المصنع؟ ألا يحط هذا من نصيبك وهيمنتك على المصنع وصنع القرار بمفردك؟ أم هل يزيد هذا من قدرة المصنع وإمكانياته؟ فإن كانت هذه الشركة تُنقص من نصيب الإله فلماذا أقدم عليها إلا إذا كان معتوهًا؟ الأمر الذى يقدح فى ألوهيته!! وإن كانت هذه الشركة قد زادت من قدرة الشركاء، فلا يستحق الآب بمفرده ولا أحد من شركائه الألوهية، لأن كل منهم إله ناقص بمفرده!!
                            ومن ناحية أخرى: هل تستوجب المحبة وجود ثلاثة أطراف فقط؟ ألا تصلح باثنين أو أربعة أو أكثر من ذلك؟
                            ومن ناحية ثالثة: لو كان الأمر كما يقول القس جيمس أنس والدكتور القس منيس عبد النور لكان كل من الابن والروح القدس من مخلوقات الله لزومًا، خلقهما الله لغرض انتشار المحبة المتبادلة، والقضاء على النرجسية والأنانية، التى قد تعترى الرب وتسيطر عليه فى عزلته هذه.
                            ومع هذا الكلام لا يصح أن يدَّع شخص ما أن الأب والابن والروح القدس إلهًا واحدًا لأن ذلك يبرز الأنانية وافتقار الرب للمحبة، لأن الرب فى هذه الحالة لا يُحب أيضًا إلا نفسه المتكونة من الثلاثة، والذين هم بمثابة الذات الواحدة التى تتكوَّن من الجسد والروح والنفس، بل عليه الاعتراف دائمًا بأنهم ثلاثة، حتى يعى المستمع إلى الحب المتدفق بينهم.
                            [(2) التثليث وسيلة إعلان الله نفسه للخليقة، فكل من الآب والابن الروح القدس إله من جوهر واحد. .. .. ..]
                            وهل هو أعلن نفسه بإخفاء كلمة الثالوث والتثليث والأقنوم فى كتابه وعن أنبيائه؟
                            ولماذا لم يقم قبل المسيحية بعدة آلاف من السنين بإعلان هذا التثليث للأنبياء؟
                            التثليث والفداء من الخطيئة الأزلية:
                            [(3) التثليث وسيلة لإتمام الله عمل الفداء بكل لوازمه. فالابن، الأقنوم الثاني، تجسد وأعلن وكفَّر وشفع فينا، .. .. ..]
                            فطبيعة الله هى صفاته التى أخبرنا عنها. ومن صفاته أنه هو الديَّان العادل، وهو القدوس الذى لا يُهان، وهو العزيز الذى لا يُقهر، ويا ليتهم يخبرونا كيف عرفوا أنه من العدل معاقبة البرىء وصلبه وترك المذنب ينعم بالحياة؟
                            كيف يكون من العدل أن يُهان البرىء، ويُترك المذنب حرًا طليقًا، دون أن يُهينه أحد أو يدفع ثمن خطأه؟
                            ولو دفع آدم وحواء ثمن خطأيهما بأن طردهما الله من جنة النعيم إلى أرض الكد والشقاء، ألم يكن هذا عقاب الرب لهما؟ ألم يكن هذا العقاب عقابًا كافيًا؟ فلماذا أضمر إله المحبة كل هذا الحنق على آدم وذريته، ولم يغفر لهم؟ فهل عاقبهما الرب مرتين: مرة بطردهما، ومرة بالإنتقام من ذريتهما بأن أدخلهما النار انتظارًا لينزل أو يرسل ابنه ليُقتل على الصليب تكفيرًا لخطيئتهما؟ وهل توقيع العقوبة مرتين على شخص ارتكب ذنبًا واحدًا من العدل؟ ولماذا لم ينتقم من الشيطان نفسه؟
                            لكن ماذا نقول فى إله لا يغفر إلا بالدم؟ (وَكُلُّ شَيْءٍ تَقْرِيباً يَتَطَهَّرُ حَسَبَ النَّامُوسِ بِالدَّمِ، وَبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ!) عبرانيين 9: 22
                            أين عدل الإله الذى يظهر من وضعه كل البشرية: بارهم وفاجرهم فى أتون النار، حتى ينزل متجسدًا، ثم يُهان، ويفقد ملكوته وحياته، حتى يتمكن من غفران ذنب أكل آدم وحواء من الشجرة المحرمة عليهما؟
                            أليس بقولكم بتجسد الرب لم تُظهروا طبيعة الرب الرحيم الغفور العادل القدوس القوى العزيز، بل طمستموها وأظهرتم صفات شيطانية ونسبتموها إليه؟ أخبرنى بالله عليك: ألا يشعر قارىء هذا الكتاب وهذه العقيدة بعظمة الشيطان وقوته وحكمته، وتفاهة الإله وظلمه وحقارته وغبائه؟
                            أما قولكم (أنهم لم يرفعوا من شأن اللاهوت، بل حصروه فى واحد فقط وجعلوه في غاية الانفراد) وقولكم (فالواحد الفرد من كل وجهٍ لا يقدر أن يحب غير نفسه) وهو نفس قول القس توفيق جيد فى كتابه "سر الأزل" (إن الوحدانية دون التثليث تجعل الله فى الأزل بدون موضوع للمحبة) وبهذا يشبِّهون الوحدانية بشخص أقوى من الرب، فقام بعزل الذات الإلهية فى الأزل، وحرمها من المحبة حتى خَلق أحدهما وولده وانبثق الآخر منه! واعتبروا المحبة قانونًا أزليًا مفروضًا على الرب، وذلك على الرغم من أن المحبة مثل الرضا والرحمة والعفو صفة حميدة يشمل الله بها عباده المتقين، ويحرم منها عباده من المجرمين الكافرين، إذا أصروا على جرائمهم. وهل إذا ما أراد الرب أن يحب، فما الذى يمنعه من أن يحب كل مخلوقاته من الملائكة والبشر والحيوانات؟ هل كان لزامًا على الرب أن يخلق إلهين معه ليتونس بهما ويستشيرهما ويشتركان معه فى إتمام عملية الخلق؟
                            من الإيمان نفى كل ما يُشين الرب من صفات عنه، وتنزيهه من كل ما لا يليق به وبقداسته. ويتفق المسلمون واليهود بل وعبَّاد الأوثان معكم على ذلك. الأمر الذى جعلكم تنفون عن الله النرجسية والأنانية، وجعلكم تنسبون إليه الأقنومين الآخرين. فلماذا تصرون على نفى باقى الصفات الحسنى التى يتصف بها الإله الجدير بالعبادة؟
                            لماذا تصرون على نفى العدل عنه فى تعذيب كل البشرية بذنب لم تقترفه، وقتل ابنه البرىء نيابة عن غيره؟
                            لماذا تصرون على نزع القداسة عنه ونسب الإهانة والتحقير له، بل والبصق فى وجهه فداءًا للبشرية من ذنب لم تقترفه، ولم تشارك فيه؟
                            ولماذا تصرون على نفى المقدرة المطلقة عنه فى غفران ذنب آدم وحواء دون اقتراف جريمة قتل، يقتل فيها إله المحبة ابنه البرىء؟
                            ولماذا تصرون على نفى العزة والقوة والنصر عن الرب بادعائكم أن عبيده قهروه وأهانوه وانتزعوا روحه منه كارهًا؟
                            {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (17) المائدة
                            ثم ألا ترى معى عزيزى المسيحى أن ما تدعيه من أن الرب محبة، تنفيه عنه من الجانب الآخر بنسب صفة الظلم له، وأنه أرسل ابنه البرىء ليُصلب تكفيرًا لخطيئة لم يرتكبها، فى الوقت الذى يملك فيه الرب أن يغفر الذنب دون إرهاب وارتكاب جريمة قتل؟ فهل تتجسد المحبة فى نظرك فى الإرهاب؟ كيف يكون القاتل إلهًا للمحبة؟ ألا تجوِّزون بذلك ارتكاب جرائم القتل باسم المحبة؟
                            (إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا فَمَنْ عَلَيْنَا! 32اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ) رومية 8: 31-33
                            فمن الذى فرض على الرب ألا يغفر إلا بهذا الأسلوب الإرهابى، وقتل البرىء مكان المذنب؟ فالفداء هو التوبة من الذنوب، وعقد النية على ترك المعاصى وعدم العودة إليها مرة أخرى، وبهذا تاب الله على آدم كما يقول الكتاب: (هي التي حفظت أول من جبل أبا للعالم لما خلق وحده، وأنقذته من زلته وآتته قوة ليتسلط على الجميع) سفر الحكمة 10: 1-2
                            وهل الإله الذى يحتفظ بلعنته للبشرية آلاف السنين يُطلق عليه إله المحبة؟ فكيف سيكون شيطان الغل والظلم والإنتقام والإرهاب؟
                            ولماذا كان يأمر يسوع والأنبياء من قبله قومهم بالتوبة، إذا لم يكن هناك إلا طريق سفك دم الإله أو ابنه للتكفير عن ذنب الأكل من الشجرة المحرمة؟ (إِنْ لَمْ تَتُوبُوا فَجَمِيعُكُمْ كَذَلِكَ تَهْلِكُونَ.) لوقا 13: 3
                            اقرأ عزيزى المسيحى ما يقوله لك الرب فى كتابك، فمع كونه الإله الجبار، الذى بزجرة واحدة تنشف البحار والأنهار من مياهها، يقول لكم: (هَلْ قَصَرَتْ يَدِي عَنِ الْفِدَاءِ وَهَلْ لَيْسَ فِيَّ قُدْرَةٌ لِلإِنْقَاذِ؟ هُوَذَا بِزَجْرَتِي أُنَشِّفُ الْبَحْرَ. أَجْعَلُ الأَنْهَارَ قَفْراً. يُنْتِنُ سَمَكُهَا مِنْ عَدَمِ الْمَاءِ وَيَمُوتُ بِالْعَطَشِ. 3أُلْبِسُ السَّمَاوَاتِ ظَلاَماً وَأَجْعَلُ الْمِسْحَ غِطَاءَهَا».) إشعياء 50: 2-3
                            إنه يقول لك: كيف لا يكون لدى قدرة على إنقاذ العبيد من زلاتهم وأنا أعلم أن بنى آدم خطَّاء؟ (لأَنَّهُ لَيْسَ إِنْسَانٌ لاَ يُخْطِئُ) أخبار الأيام الثانى 6: 36
                            إنه يقول لك: كيف لا أغفر لمن يتوب وأنا الرحمن الرحيم؟ (لِيَتْرُكِ الشِّرِّيرُ طَرِيقَهُ وَرَجُلُ الإِثْمِ أَفْكَارَهُ وَلْيَتُبْ إِلَى الرَّبِّ فَيَرْحَمَهُ وَإِلَى إِلَهِنَا لأَنَّهُ يُكْثِرُ الْغُفْرَانَ.) إشعياء 55: 7
                            إنه يقول لك: كيف لا أغفر وأنا الذى أمرتكم بالتوبة، وأنا الإله العادل، لا أظلم عبدًا من عبادى، ولا أجازى الإنسان إلا بعمله؟ (حَاشَا لِلَّهِ مِنَ الشَّرِّ وَلِلْقَدِيرِ مِنَ الظُّلْمِ. 11لأَنَّهُ يُجَازِي الإِنْسَانَ عَلَى فِعْلِهِ وَيُنِيلُ الرَّجُلَ كَطَرِيقِهِ. 12فَحَقّاً إِنَّ اللهَ لاَ يَفْعَلُ سُوءاً وَالْقَدِيرَ لاَ يُعَوِّجُ الْقَضَاءَ) أيوب 34: 10-13، (12وَلَكَ يَا رَبُّ الرَّحْمَةُ لأَنَّكَ أَنْتَ تُجَازِي الإِنْسَانَ كَعَمَلِهِ.) مزمور 62: 12
                            إن الرب ينفى عن نفسه الظلم، فهو لا يجازى الإنسان إلا على عمله، وغير ذلك يكون حكم أهوج، وقضاء معوَّج، وفعلا للسوء، يتبرأ الرب من الاتصاف بهذه الصفات، فيبدأ قوله بحاشا لله.
                            ألم تتعلَّم من دعاء موسى وهارون للرب؟ («اللهُمَّ إِلهَ أَرْوَاحِ جَمِيعِ البَشَرِ هَل يُخْطِئُ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَتَسْخَطَ عَلى كُلِّ الجَمَاعَةِ؟») العدد 16 : 22 ، فهل يُعقل أن يكون عبيد الرب أحكم منه وأعدل منه وأرحم منه على مخلوقاته؟؟
                            ثم اقرأ قول الله بصورة واضحة بدون تأويل: (16لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ.) التثنية 24 : 16،
                            وقوله: (19وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: لِمَاذَا لاَ يَحْمِلُ الاِبْنُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ؟ أَمَّا الاِبْنُ فَقَدْ فَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً. حَفِظَ جَمِيعَ فَرَائِضِي وَعَمِلَ بِهَا فَحَيَاةً يَحْيَا. 20اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ. 21فَإِذَا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُ الَّتِي فَعَلَهَا وَحَفِظَ كُلَّ فَرَائِضِي وَفَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً فَحَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ. 22كُلُّ مَعَاصِيهِ الَّتِي فَعَلَهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. فِي بِرِّهِ الَّذِي عَمِلَ يَحْيَا. 23هَلْ مَسَرَّةً أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ؟ أَلاَ بِرُجُوعِهِ عَنْ طُرُقِهِ فَيَحْيَا؟) حزقيال 18: 19-23
                            أى ألا تزر وازرة وزر أخرى، وأن ليس للإنسان إلا ما سعى، وأن سعيه سوف يُرى، ثم يُجزاه الجزاء الأوفى، وهذا هو دستور الله الأبدى العادل:
                            {قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} (164) سورة الأنعام
                            {مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} (15) سورة الإسراء
                            {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} (18) سورة فاطر
                            {إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} (7) سورة الزمر
                            {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى} (39-41) سورة النجم
                            * * *
                            [(4) يجعل التثليث الله مثالاً للحياة البشرية في ما يتعلق بالمعاشرة الحبية والشركة والأُلفة والأُنس، وذلك بمعاشرة الأقانيم الثلاثة معاً بالمحبة والألفة والاتحاد. .. .. ..] (انتهى الاستشهاد)
                            ومعنى ذلك أن الرب فشل أن يكون مثالاً للحياة البشرية من زمن خلق البشر إلى أن فهم الآباء فى القرن الرابع أن الرب مثلث الأقانيم!!
                            ومعنى ذلك أيضًا أنهم ثلاثة ولا يمكنكم القول بالتوحيد، لأن قولكم بأن الله واحد تنفون عنه (المعاشرة الحبية والشركة والأُلفة والأُنس). وهذا هو الشرك بالله تحت أى مُسمَّى تتخذونه: فتدعون أنه لا بد له من معاشر أو شريك أو أليف أو أنيس!!
                            http://answering-islam.org.uk/Arabic...chapter13.html
                            فقد قال الوثنيون قبلكم نفس هذا الكلام عن آلهتهم، فنسبوا لها الأُسْرة، حتى يعيش الإله فى سعادة ومحبة أسرية، تكون قدوة لبنى البشر.
                            ولن أزيد فى التعليق غير ما قاله كتابكم المقدس: (3لأَنَّهُ سَيَكُونُ وَقْتٌ لاَ يَحْتَمِلُونَ فِيهِ التَّعْلِيمَ الصَّحِيحَ، بَلْ حَسَبَ شَهَوَاتِهِمُ الْخَاصَّةِ يَجْمَعُونَ لَهُمْ مُعَلِّمِينَ مُسْتَحِكَّةً مَسَامِعُهُمْ، 4فَيَصْرِفُونَ مَسَامِعَهُمْ عَنِ الْحَقِّ، وَيَنْحَرِفُونَ إِلَى الْخُرَافَاتِ.) تيموثاوس الثانية 4: 3-4 (نقلا عن المناظرة الكبرى مع القس زكريا بطرس حول عقيدة التثليث)
                            (21لأَنَّهُمْ لَمَّا عَرَفُوا اللهَ لَمْ يُمَجِّدُوهُ أَوْ يَشْكُرُوهُ كَإِلَهٍ بَلْ حَمِقُوا فِي أَفْكَارِهِمْ وَأَظْلَمَ قَلْبُهُمُ الْغَبِيُّ. 22وَبَيْنَمَا هُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ حُكَمَاءُ صَارُوا جُهَلاَءَ 23وَأَبْدَلُوا مَجْدَ اللهِ الَّذِي لاَ يَفْنَى بِشِبْهِ صُورَةِ الإِنْسَانِ الَّذِي يَفْنَى وَالطُّيُورِ وَالدَّوَابِّ وَالزَّحَّافَاتِ. 24لِذَلِكَ أَسْلَمَهُمُ اللهُ أَيْضاً فِي شَهَوَاتِ قُلُوبِهِمْ إِلَى النَّجَاسَةِ لإِهَانَةِ أَجْسَادِهِمْ بَيْنَ ذَوَاتِهِمِ. 25الَّذِينَ اسْتَبْدَلُوا حَقَّ اللهِ بِالْكَذِبِ وَاتَّقَوْا وَعَبَدُوا الْمَخْلُوقَ دُونَ الْخَالِقِ الَّذِي هُوَ مُبَارَكٌ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ. 26لِذَلِكَ أَسْلَمَهُمُ اللهُ إِلَى أَهْوَاءِ الْهَوَانِ لأَنَّ إِنَاثَهُمُ اسْتَبْدَلْنَ الاِسْتِعْمَالَ الطَّبِيعِيَّ بِالَّذِي عَلَى خِلاَفِ الطَّبِيعَةِ 27وَكَذَلِكَ الذُّكُورُ أَيْضاً تَارِكِينَ اسْتِعْمَالَ الأُنْثَى الطَّبِيعِيَّ اشْتَعَلُوا بِشَهْوَتِهِمْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فَاعِلِينَ الْفَحْشَاءَ ذُكُوراً بِذُكُورٍ وَنَائِلِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ جَزَاءَ ضَلاَلِهِمِ الْمُحِقَّ. 28وَكَمَا لَمْ يَسْتَحْسِنُوا أَنْ يُبْقُوا اللهَ فِي مَعْرِفَتِهِمْ أَسْلَمَهُمُ اللهُ إِلَى ذِهْنٍ مَرْفُوضٍ لِيَفْعَلُوا مَا لاَ يَلِيقُ. 29مَمْلُوئِينَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ وَزِناً وَشَرٍّ وَطَمَعٍ وَخُبْثٍ مَشْحُونِينَ حَسَداً وَقَتْلاً وَخِصَاماً وَمَكْراً وَسُوءاً 30نَمَّامِينَ مُفْتَرِينَ مُبْغِضِينَ لِلَّهِ ثَالِبِينَ مُتَعَظِّمِينَ مُدَّعِينَ مُبْتَدِعِينَ شُرُوراً غَيْرَ طَائِعِينَ لِلْوَالِدَيْنِ 31بِلاَ فَهْمٍ وَلاَ عَهْدٍ وَلاَ حُنُوٍّ وَلاَ رِضىً وَلاَ رَحْمَةٍ. 32الَّذِينَ إِذْ عَرَفُوا حُكْمَ اللهِ أَنَّ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ مِثْلَ هَذِهِ يَسْتَوْجِبُونَ الْمَوْتَ لاَ يَفْعَلُونَهَا فَقَطْ بَلْ أَيْضاً يُسَرُّونَ بِالَّذِينَ يَعْمَلُونَ!) رومية 1: 21- 32
                            عقيدة التثليث عقيدة مبهمة ولا يمكن فهمها:
                            وبعد كل ما ذكرته لك عن عقيدة التثليث وافتخار علماؤكم بها، أوضح لك باستشهادات أخرى أن هذه العقيدة مبهمة، غير مفهومة، ولا يمكن أن يكون الإله الذى تعبدوه فاشل إلى هذه الدرجة، حتى يعجز عن عمل عقيدة لا يفهمها الناس، أو خلق عقول لا تستوعب فهم عقيدته:
                            وقد أوجز القديس أوغسطين فهمه للمسيحية بقوله: ”أنا أؤمن، لأن ذلك لا يتفق والعقل“.
                            ويقول زكى شنودة عن التثليث: ”وهذا سر من أسرار اللاهوت الغامضة، التى لا يمكن إدراك كنهها بالعقل البشرى“.
                            ويقول الأب جيمس تد: ”العقيدة المسيحية تعلو على فهم العقل“.
                            ويقول القس أنيس شروش: ”واحد فى ثلاثة، وثلاثة فى واحد، سر ليس عليكم أن تفهموه، بل عليكم أن تقبلوه“.
                            وقد ذكر الأستاذ أحمد طاهر في كتابه الأناجيل – دراسة مقارنة – ص113 – دار المعارف) ما ذكرته دائرة المعارف الكاثوليكية عن التثليث. فهى تقول إن: ”كل من يتكلم في التثليث دون أن يكون مؤهلاً لذلك، إنما ينتقل إلى أحداث الربع الأخير من القرن الرابع وفي هذا الوقت فقط أدخل ما يسمى بالتثليث إلى المسيحية فكرًا وحياة.“ (دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة طبعة 1967 ج14 ص295)
                            ”وتقول نفس دائرة المعارف في عبارات واضحة بعد ذلك بقليل، لم تستقر نظرية التثليث "إله واحد في ثلاثة أشخاص" ولم يعرف الآباء الرسل قبل ذلك شيئًا يشبه من قريب أو من بعيد مثل هذه الفكرة أو هذه النظرية.“ (دائرة المعارف الكاثوليكية الجديدة ط1967 ج14 ص299).
                            ويقول القس ج. ف. دى جرون في كتابه (تعاليم الكاثوليكية): (إنَّ الثالوث المقدس هو سر الأسرار بكل معنى الكلمة، العقل وحده لا يستطيع إثبات وجود الثلاثة فى إله واحد، لكن الوحي علمنا إياه، وحتى بعد أنْ عرفنا بوجود سر الأسرار، فإنَّه يستحيل على العقل البشرى أنْ يفهم كيف تتحد ثلاث ذوات فى طبيعة إلهية واحدة).
                            الأمر الذى حدا بأحد حكماء الهند إلى القول بأن هؤلاء القوم تفردوا فى العالم كله بأنهم: (قصدوا مضادة العقل، وناصبوه العداوة، واستحلوا بيت الاستحالات، مع أنهم حادوا عن المسلك الذى انتهجه غيرهم من أهل الشرائع، وقد كان لهم فيهم كفاية، ولكنهم شذوا عن جميع مناهج العالم الشرعية الصالحة، العقلية الواضحة، واعتقدوا كل مستحيل ممكنًا) (نقلاً عن "بين الإسلام والمسيحية"، لأبى عبيدة الخزرجى، ص123)
                            وهذه الصورة تعبر بصورة مختصرة عن الثالوث الذى يؤمنون به:
                            فالصورة تصيب بالإحباط لاستحالة فهمها. فالمتتبع للمثلث من الخارج يفهم أن الآب غير الابن غير الروح القدس، أما المتتبع للمثلث من الداخل فيجد أن الآب هو الابن هو الروح القدس!! وهذا هو لب العقيدة التى اعتبرها بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر تقوم على العقل بخلاف الإسلام.
                            وعلى القارىء الآن أن يكون مستعدًا أن يفتش الكتب ليرى فى أى سفر من أسفاره أمر الرب بعقيدة التثليث صراحة، وأى نبى عرفها وعلمها أتباعه دون مواربة:
                            ففى العهد القديم لا توجد إشارة صريحة لهذه العقيدة:
                            فيقول قاموس الكتاب المقدس المصور: ”الكلمة ثالوث ليست موجودة في الكتاب المقدس ولم تجد مكانا بصورة رسمية في لاهوت الكنيسة حتى القرن الرابع“.
                            وتقول دائرة المعارف الكاثوليكية: ”الثالوث ليس كلمة الله على نحو مباشر وفورى“.
                            تعترف دائرة معارف الدين: ”اللاهوتيون اليوم متفقون على أن الكتاب المقدس العبرانى لا يحتوى على عقيدة الثالوث“.
                            وتقول دائرة المعارف الكاثوليكية الحديثة: ”لا يحتوى العهد القديم على عقيدة الثالوث الأقدس“.
                            في كتاب (الإله الثالوثى) لمؤلفه اليسوعى ادموند فورتمان ”لا يخبرنا العهد القديم صراحة أو بمعنى مُحدَّد عن أى شىء بوضوح عن إله ثالوثى هو الأب والابن والروح القدس. ولا يوجد أيضًا أى دليل لدينا على أن أى كتبة النصوص المقدسة قد توقع وجود ثالوث فى الذات الإلهية. ولكن أن يرى المرء في العهد القديم إشارات أو رموز أو علامات خفية لثالوث من الأقانيم، فهذا أبعد ما يكون عن معنى الكلمات أو مقصد كتبة الأسفار المقدسة“.
                            ولا توجد إشارة صريحة لهذه العقيدة أيضًا فى العهد الجديد:
                            تقول دائرة معارف الدين ”يتفق اللاهوتيون على أن العهد الجديد لا يحتوى على عقيدة واضحة للثالوث“.
                            ويعلن اليسوعي فورتمان: ”إن كتبة العهد الجديد لا يعطوننا أية فكرة عن عقيدة تتعلَّق بلثالوث سواء كانت رسمية أو مصوغة، ولا يَهْدُوننا إلى تعليمٍ واضحٍ يقضى بأن هناك ثلاثة أقانيم إلهية متساوية فى إله واحد، ولا نجد فى أى مكان أية عقيدة ثالوثية لثلاثة أشخاص متميزين للحياة والنشاط الإلهيين فى الذات الإلهية نفسها“.
                            ويقول برنار لوسيه فى (تاريخ قصير للعقيدة المسيحية) ”فيما يتعلق بالعهد الجديد لا يجد فيه المرء عقيدة حقيقية للثالوث“.
                            ويعلن القاموس الأممى الجديد للاهوت العهد الجديد: ”لا يحتوى العهد الجديد على عقيدة الثالوث المتطورة (لا يوجد إعلان واضح بأن الأب والابن والروح القدس هم من جوهر متساوى) - كما قال اللاهوتى البروتستانتى كارل بارت –“.
                            ويقول المؤرخ آرثر ويغول: ”لم يذكر يسوع المسيح مثل هذه الظاهرة ولا تظهر فى أى مكان فى العهد الجديد كلمة ثالوث غير أن الكنيسة تبنت الفكرة بعد ثلاثمائة سنة من موت ربنا“.
                            يقول القاموس الأممي الجديد للاهوت العهد الجديد: ”لم تكن لدى المسيحية الأولى عقيدة واضحة للثالوث كالتى تطورت فيما بعد فى الدساتير“.
                            وتقول دائرة معارف الدين والأخلاق: ”في بادىء الأمر لم يكن الإيمان المسيحي ثالوثيًا، ولم يكن كذلك في العصر الرسولى وبعده مباشرة، كما يظهر ذلك فى العهد الجديد والكتابات المسيحية المبكرة الأخرى“.
                            وتقول دائرة المعارف الكتابية مادة (ثالوث) ”لم ترد كلمة "الثالوث" في الكتاب المقدس، حيث لا يذكر الكتاب المقدس هذا اللفظ بالذات تعبيرا عن مفهوم انه ليس هناك سوى الله الواحد الحقيقي، وأن في وحدانية الله ثلاثة أقانيم هم واحد في الجوهر ومتساوون في الأزلية والقدرة والمجد، لكنهم متمايزون في الشخصية. وعقيدة الثالوث عقيدة كتابية، ليس باعتبار ورودها نصا في الكتاب المقدس، لكن باعتبارها روح الكتاب المقدس. والتعبير عن عقيدة كتابية بعبارات كتابية افضل لحفظ الحق الكتابي.“
                            وتقول أيضًا: (ثالثا ـ عقيدة الثالوث ليس لها برهان عقلاني: لا يمكن إثبات عقيدة الثالوث بالعقل لأنها تسمو عن إدراك العقل، إذ ليس لها شبيه في الطبيعة الروحية للإنسان المخلوق على صورة الله. فالثالوث الأقدس فريد لا مثيل له في الكون كله، وعليه فليس ثمة ما يعيننا على فهمه.)
                            ويقول قاموس الكتاب المقدس مادة (ثالوث): ”ولقد كان يقين الكنيسة وايمانها بلاهوت المسيح هو الدافع الحتمي لها لتصوغ حقيقة التثليث في قالب يجعلها المحور الذي تدور حوله كل معرفة المسيحيين بالله في تلك البيئة اليهودية او الوثنية وتقوم عليه.“ وهذا اعتراف ضمنى أن الكنيسة هى صاحبة هذه الصيغة، وقج اخترعتها لتغطى ثغرة عدم ذكر الكتاب المقدس لها. فماذا اخترعت لكم الكنيسة أيضًا؟
                            ”والكلمة نفسها ((التثليث او الثالوث)) لم ترد في الكتاب المقدس، ويظن ان اول من صاغها واخترعها واستعملها هو ترتليان في القرن الثاني للميلاد. ثم ظهر سبيليوس ببدعته في منتصف القرن الثالث وحاول ان يفسر العقيدة بالقول ((ان التثليث ليس امرًا حقيقيًا في الله لكنه مجرد اعلان خارجي، فهو حادث مؤقت وليس أبديًا)) . ثم ظهرت بدعة اريوس الذي نادى بان الآب وحده هو الازلي بينما الابن والروح القدس مخلوقان متميزان عن سائر الخلقة، وأخيرًا ظهر اثناسيوس داحضًا هذه النظريات وواضعًا أساس العقيدة السليمة التي قبلها واعتمدها مجمع نيقية في عام 325 ميلادية .
                            ولقد تبلور قانون الايمان الاثناسيوسي على يد أغسطينوس في القرن الخامس، وصار القانون عقيدة الكنيسة الفعلية من ذلك التاريخ إلى يومنا هذا.
                            ولا يستطيع دارس هذه العقيدة ان ينسى المصلح جون كلفن، الذي عاش في القرن السادس عشر، ونبّه على التساوي التام بين الاقانيم الثلاثة في هذه العقيدة، التي يلزمها مثل هذا التنبيه من وقت إلى آخر على مر الزمن. وأخيرًا نود أن نشير إلى أن عقيدة التثليث عقيدة سامية ترتفع فوق الادراك البشري ولا يدركها العقل مجردًا، لأنها ليست وليدة التفكير البشري بل هي إعلان سماوي يقدمه الوحي المقدس، ويدعمه الاختبار المسيحي. وهكذا تصير كل ديانة يبتدعها البشر خالية من عقيدة التثليث. وفي سبيل قبول هذه العقيدة واعتناقها لا بد من الاختبار العميق للحياة المسيحية.“
                            قال يوستينوس الشهيد، الذى مات نحو سنة 165م ”كان المسيح ملاكًا مخلوقًا. وهو غير الله الذى صنع كل الأشياء“. وقال إن يسوع هو أدنى من الله ولم يفعل شيئًا إلا ما أراد الخالق أن يفعله ولم يقل إلا ما أراد الله له أن يقوله.
                            يؤكد أنه كان خاضعًا لإرادة الله ومشيئته أقوال يسوع نفسه الآتية:
                            (وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئاً مِنْ نَفْسِي بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهَذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي.) يوحنا 8: 28
                            (49لأَنِّي لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنْ نَفْسِي لَكِنَّ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ أَعْطَانِي وَصِيَّةً: مَاذَا أَقُولُ وَبِمَاذَا أَتَكَلَّمُ. 50وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ وَصِيَّتَهُ هِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ. فَمَا أَتَكَلَّمُ أَنَا بِهِ فَكَمَا قَالَ لِي الآبُ هَكَذَا أَتَكَلَّمُ».) يوحنا 12: 49-50
                            وقوله: (30أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً.) يوحنا 5: 30
                            وإيريناوس الذى مات نحو 200م قال: إن يسوع قبل بشريته كان له وجود منفصل عن الله، وكان أدنى منه، وأظهر أن يسوع ليس مساويًا للإله الحقيقى الوحيد، الذى هو أسمى من الجميع.
                            يؤكد هذا قول يسوع نفسه: (إِنَّهُ لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ وَلاَ رَسُولٌ أَعْظَمَ مِنْ مُرْسِلِهِ.) يوحنا 14: 16،
                            وقوله: (لأَنَّ أَبِي أَعْظَمُ مِنِّي.) يوحنا 14: 28
                            وترتليان الذى مات نحو 230م علم بسمو الله قائلاً: ”الاب مختلف عن الابن، إذ هو أعظم. إن الذى يلد يختلف عن الذى يولد، والذي يُرسَل يختلف عن المُرسِل“ وقال أيضًا: ”كان هناك وقت لم يكن فيه يسوع قبل كل الاشياء، وكان الله وحده“. وعلى هذا فالابن غير الآب غير الروح القدس.
                            ويقول الفان لامسون فى كتابه (كنيسة القرون الثلاثة الأولى): ”لا تستمد عقيدة الثالوث الشائعة فى عصرنا هذا أدنى تأييد من لغة يوستينوس الشهيد، وهذه الملاحظة يمكن أن تشمل كل آباء ما قبل مجمع نيقية، أى كل الكتبة المسييحين طوال الثلاثة قرون بعد الميلاد. صحيح أنهم يتكلمون عن الأب والابن والروح القدس، ولكن ليس باعتبارهم متساوون معًا، وليس باعتبارهم جوهر عددى واحد، وليس باعتبارهم ثلاثة فى واحد، ولا بأى معنى يعترف به الثالوثيون اليوم، والعكس تمامًا هو الواقع“.
                            وهذه العقيدة التى تنادى بها الكنيسة اليوم هى نفس العقيدة الهرطوقية التى كان ترتليان يحاربها. فقد كتب ترتليان كتابًا كاملاً أسماه «ضد باركسياس»، وحارب فيه هذه العقيدة الضالة التى كان ينادى بها. وتتلخص تعاليم هذه الطائفة الضالة فى أن ”المسيح هو الله الآب، فالمسيح ما هو إلا مظهرًا من مظاهر الله، أو بمعنى آخر، فإن الله واحد وهذا الإله الواحد ظهر فى يسوع المسيح فى هيئة إنسان. وهو نفسه ظهر فيما بعد فى الروح القدس وحل على المؤمنين. فالآب والابن والروح القدس ما هم إلا أسماء لأقانيم، وفى الحقيقة لا يوجد إلا شخص واحد وهو الله“. (تاريخ الفكر المسيحى ص527)
                            وأكرر إن ما ينادى به المسيحيون اليوم هو ما نادى به من قبل «باركسياس» فى روما، وهو ضال من وجهة نظر ترتليان، وصاحب عقيدة فاسدة. فيقول الدكتور القس حنا جرجس الخضرى فى كتابه السابق الذكر ص524 عن ملخص عقيدة باركسياس التى تقول: ”إن الآب هو نفسه الذى نزل فى بطن مريم العذراء وولد منها، وهو أيضًا نفسه الذى تألم، فالآب نفسه هو يسوع (انظر Prax 1) ورفض ترتليانوس هذه العقيدة، ويعتبر ما كتبه دحضًا لهذه الهرطقة فى غاية الأهمية“.
                            وفى كتابه عن الروح يرفض ترتليان ”فكرة الوجود السابق للروح“ ص524. الأمر الذى لا يتفق مع عقيدة المثلثين اليوم، الذين ينادون بأزلية الابن والروح القدس، وتجسُّد الإله، وتعذيبه وقتله على الصليب. وكان يستشهد على عدم تساوى الآب والابن بقول المسيح نفسه الذى يقول فيه: (لأَنَّ أَبِي أَعْظَمُ مِنِّي)يوحنا 14: 28 ويواصل ترتليان شرحه لعقيدة اللوجوس فى المسيح ”بالقول بأنه بناءً على ما سبق فالابن كابن ليس أزليًا“. (تاريخ الفكر المسيحى ص529)
                            ومعنى هذا أن التثليث الذى تكلم عنه ترتليان غير الثالوث الذى تُؤمن به الكنيسة اليوم، وأنه كان يؤمن أن فكرة (كون الآب هو الابن هو الروح القدس) عقيدة كفر وضلال عند ترتليان، ويجب مكافحتها بالفكر وتعليم الناس ليتسلحوا ضدها، إلا أنها هى التى انتصرت فى النهاية!!
                            إلا أن الدكتور القس حنا الخضرى عاد فألصق بترتليان إيمانه بالثالوث، وفيه يظل الآب ”سيدًا للكون ويحتفظ بهذا السلطان، ومع أنه محتفظ بهذا السلطان فقد منحه للابن، وهذا الأخير يستعمل هذا السلطان فى العالم لكى ينفذ به ما يريده الآب. وكل ما يريده الابن لا يختلف عن ما يريده الآب، فلا نزاع إذن بين الآب والابن. لأن ما يريده الآب هو ما يريده الابن، وينفذه الروح القدس“. (ص531)
                            ولو قرأت هذه الفقرة مرة أخرى، لوجدت أن الابن سينفذ ما يريده الآب، إلا أنه لم يجد وظيفة للروح القدس، فجعلها تنفذ هى الأخرى ما يريده الآب والابن. وهذا يكاد يصيب القارىء بالحَوَل. وأكيد سيتساءل القارىء عن الآتى:
                            كيف تكون إرادة الابن هى نفس إرادة الآب، وهذا يُخالف قول يسوع نفسه إنهما إرادتان مختلفتان، يتنازل فيها الابن عن إرادته لتحقيق مراد الله ومشيئته؟
                            يوحنا 5: 30 (... لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.)
                            يوحنا 4: 34 (......... «طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ.)
                            متى 7: 21 (21«لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَا رَبُّ يَا رَبُّ يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.) وتكررت فى لوقا 7: 21
                            يوحنا 8: 29 (29وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ».)
                            بل إن كل من سيؤلهه فى الدنيا سيتبرأ هو نفسه منه أمام حضرة الله رب العالمين: متى 7: 21-23 (21«لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَا رَبُّ يَا رَبُّ يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 22كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ: يَا رَبُّ يَا رَبُّ أَلَيْسَ بِاسْمِكَ تَنَبَّأْنَا وَبِاسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ وَبِاسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟ 23فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! اذْهَبُوا عَنِّي يَا فَاعِلِي الإِثْمِ!)
                            وذلك حين يكون يسوع خاضعًا لله تعالى، يسأله عما تقولونه عنه: كورنثوس الأولى 15: 28 (28وَمَتَى أُخْضِعَ لَهُ الْكُلُّ فَحِينَئِذٍ الِابْنُ نَفْسُهُ أَيْضاً سَيَخْضَعُ لِلَّذِي أَخْضَعَ لَهُ الْكُلَّ كَيْ يَكُونَ اللهُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ.)
                            ما الذى دعا الآب أن يتنازل اليوم (بعد وجود الابن) عن سلطانه؟
                            ولمن يكون الدعاء اليوم: هل هو للآب الذى تنازل عن سلطانه أم للابن الذى يملك هذا السلطان أم للروح القدس الذى ينفذ مشيئة الآب؟
                            ولماذا استأثر الآب بالسلطان والسيادة طوال هذا العمر قبل ولادة الابن وخلقه؟
                            وكيف سيكون الآب محتفظًا بسلطانه كسيد للعالم، فى الوقت الذى أعطى فيه هذا السلطان للابن؟
                            وهل من العدل أن يستأثر الآب بهذا السلطان طوال هذا الزمن، الذى يقدره البعض بملايين السنين، ثم يعطيه للابن لعدة سنوات قليلة؟ هل فى هذا تساوى بينهما فى الألوهية والسلطان؟ فقد تكلم الابن عن نهاية وشيكة للعالم قبل انتهاء الجيل المعاصر له: (29«وَلِلْوَقْتِ بَعْدَ ضِيقِ تِلْكَ الأَيَّامِ تُظْلِمُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لاَ يُعْطِي ضَوْءَهُ وَالنُّجُومُ تَسْقُطُ مِنَ السَّمَاءِ وَقُوَّاتُ السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ. 30وَحِينَئِذٍ تَظْهَرُ عَلاَمَةُ ابْنِ الإِنْسَانِ فِي السَّمَاءِ. وَحِينَئِذٍ تَنُوحُ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ وَيُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِياً عَلَى سَحَابِ السَّمَاءِ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ. 31فَيُرْسِلُ مَلاَئِكَتَهُ بِبُوقٍ عَظِيمِ الصَّوْتِ فَيَجْمَعُونَ مُخْتَارِيهِ مِنَ الأَرْبَعِ الرِّيَاحِ مِنْ أَقْصَاءِ السَّمَاوَاتِ إِلَى أَقْصَائِهَا. ........ 34اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَمْضِي هَذَا الْجِيلُ حَتَّى يَكُونَ هَذَا كُلُّهُ. 35اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ وَلَكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ.) متى 24: 29-35
                            وكيف تتفق مشيئة الآب والابن فى الوقت الذى اختلفت مشيئتهما على الأرض، وتنازل الابن تأدُّبًا معه عن إرادته، ووافق على مشيئة الرب العالم بكل شىء وإرادته؟ (39ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَكَانَ يُصَلِّي قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ وَلَكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ». ..... 42فَمَضَى أَيْضاً ثَانِيَةً وَصَلَّى قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ تَعْبُرَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ إِلاَّ أَنْ أَشْرَبَهَا فَلْتَكُنْ مَشِيئَتُكَ».) متى 26: 39 و42
                            ولماذا لم يعط هذا السلطان للروح القدس؟
                            وما معنى أن الابن سينفذ إرادة الآب؟ فالآب ينفذ إرادته بكلمة «كن»، فهل يضن الرب بنطق هذه الكلمة، وتركها للابن؟
                            ومن الذى سينفذ مشيئة الآب بالضبط: هل هو الابن أم الروح القدس؟
                            فإذا كان الآب الذى كان يستأثر بالسلطان والسيادة على العالم، هو نفسه الابن الذى دُفِعَت إليه السيادة، هو نفسه الروح القدس. فما المغزى من القول بأن الآب أعطى الابن؟
                            لماذا لا تقولون أعطى نفسه أو نقل الملكية من نفسه كآب إلى نفسه كابن؟
                            وهكذا فإن شهادة الكتاب المقدس والتاريخ توضحان أن الثالوث لم يكن معروفًا في كل أزمنة الكتاب المقدس وطوال عدة قرون بعد ذلك، وأنه لا يمكن للعقل أن يدركه أو يفهمه.
                            وهو ما يؤكده القس منسى يوحنا فى كتابه "شمس البر" ص107 بقوله إن على المؤمن المسيحى أن يستعمل عقله لا ليفهم أسرار الكنيسة بل ليقبلها. أى يجتهد أيما اجتهاد ليقنع عقله بما هو مستحيل على العقل أن يفهمه: (ولا يؤخذ من ذلك أن الدين المسيحى يبغى إلغاء العقل، حاشا، بل يريد منا أن نستعمل عقولنا فى ديننا. حتى أن الرسول يسمي عبادتنا "العقلية" (رو 12: 1). ولكن ما لا يطيق الإنسان فيه من الأسرار فعليه أن يستعمل عقله فيه، لا ليفهمه كما هو، بل ليقبله) أى تُسلِّم أولاً أن التثليث وباقى أسرار الكنيسة من الدين، ثم تُعمل عقلك فى كيف تقبله ولا تحاول أن تفهمه.
                            وصرح به مرة أخرى ص106 من كتابه (شمس البر): (ثم إذا نظرنا إلى طبيعة الحقائق الدينية وجدناها على نوعين: منها ما يتناوله العقل كوجود الله وخلود النفس وحقيقة الدين ووحدانيته، ومنها ما ليس له أن يتناوله كالتجسد الإلهى والفداء والتثليث وقيامة الأموات).
                            وفى ص108 يستشهد القس منسى حنا بقول العلامة اسكندر قائلاً: (فإذن فى قبول أعظم غوامض الوحى تنتهى الدعوى إلى حكم العقل).
                            وفى ص113 يرى القس منسى يوحنا أن إشراك الله مع اثنين آخرين خير له من أن يظل إلهًا وحيدًا منعزلاً عمن سواه، وبقوله هذا أثبت أنه يؤمن بثلاثة وليسوا واحدًا، وأنه يستحيل على الثلاثة أن يكونوا واحدًا!! يقول القس منسى يوحنا: (أما عقيدة الوحدانية المحضة فمعناها "أن الله إله منعزل عمن سواه وكائن بمفرده منذ الأزل").
                            ونفس هذا المعنى صاغه فى انتقاده لوحدانية الله ودفاعه عن التثليث باستشهاده بالسيد م. ليموان قائلاً: (إن هؤلاء الذين يزعمون أنهم حكماء ويسخرون من تثليثنا قائلين إنه عقيدة صبيانية، قد تصوروا مكان هذا الإله المبارك كائنًا ساكنًا فى عزلة وصمت أبديين، وتصوروه وحيدًا حبيسًا مكانه، وناسكًا أخرس اللسان بلا عينين ولا حب، مطويًا فى لانهايته، جاثمًا فى عزلته الموحشة.) بمعنى أنه يرفض وحدانية الله، لأنه لا يتصور الإله الكريم الذى يحبه منعزلاً عن العالم لا يجد من يحبه ولا من يكلمه، لذلك كان ثلاثة آلهة بالنسبة له أفضل من إله واحد، حتى يتسنى لهم الخروج من عزلة الصمت والتسامر، وتسود بينهم المحبة. ولو كان يؤمن بأن الثلاثة واحد، لما قال ذلك لأن وحدانية الثلاثة سينسحب عليه أيضًا هذا النقد الموجه للموحدين. وعلى هذا ينبغى أن تنتهى قضية قولهم بوحدانية الثلاثة، وأن يعترفوا بأنهم ثلاثة وليسوا واحدًا!!
                            وفى ص115 يؤكد القس منسى يوحنا على أن هناك ثلاثة وليسوا واحدًا، فيقول: إن (التثليث يجعل الله مثالاً للحياة البشرية فى ما يتعلق بالمعاشرة الحبية والألفة الإلهية وذلك بمعاشرة الأقانيم والنسبة البنوية بين البشر). فكيف تتعاشر الأقانيم إن كانوا واحدًا؟ فلو كانوا واحدًا لأحب الرب نفسه، وتكلم مع نفسه وظل يعيش فى العزلة هى التى يرفضها القائلون بالتثليث!!
                            لذلك خلص إلى نتيجة باهرة من كلامه عن الثالوث، فيقول ص115: (ولعمرى أى سر أغمض من سر الثالوث؟ فباعترافنا إذن بهذا السر نكرم الله، لأننا حينئذ نضحى له بأعظم شىء فينا وهو العقل، وليس هذا فقط، بل إننا نضحيه من نوع غريب، إذ أننا نعترف بسر لا معرفة لنا به البتة، ويستحيل على عقولنا القاصرة إدراكه أو معرفته. ولكن الله قد أوحاه لنا ونحن أعتقدنا به دون أن نضعه تحت حكم العقل، وهذا يجعل ضحيتنا كاملة لأننا نعتقد بما يسمو عقولنا، ويعلو فوق فهمنا البشرى). لقد ضحى بالعقل ليكون إيمانه كاملا!!!
                            إن القس منسى يوحنا يعترف بأن التثليث أعقد سر فى الوجود، وأننا بإيماننا به نكون قد ضحينا بعقولنا، حيث يستحيل على العقل فهم هذا السر!! فهل أفهم من ذلك أن كل المسيحيين قد ضحوا بعقولهم وأصبحوا أغبياء فقط لإيمانهم بالتثليث؟ وهل نفهم من ذلك أن هذا اعتراف بأن الإيمان المسيحى مناقض للعقل، وأن ما نسبه بابا الفاتيكان فى محاضرته عن الدين والعقل هو من باب رمتنى بدائها وانسلت؟
                            ويقول ص121 تحت عنوان (إن العقل يقبل سر التثليث وإن كان لا يفهمه): (نعود فنكرر القول أن سر التثليث عقيدة كتابية لا تفهم بدون الكتاب المقدس، وأنه من الضرورى أن لا يفهمها البشر، لأننا لو قدرنا أن نفهم الله لأصبحنا في مصاف الألهة). ولطالما أنها لا تُفهم بدون الكتاب،فأين النص الذى يقرر هذه العقيدة ويوضحها لكم؟ وهل الفرق فى العلم بينكم وبين الله يكمن فى فهم التثليث فقط؟
                            ويقول كتاب (حقائق وأساسيات الإيمان المسيحى) ص39: ”تعليم الثالوث القدوس صعب علينا ومُربك لنا، وأحيانًا يُعتقد أن المسيحية تعلم فكرة غبية هى 1+1+1=1. ومن الجلى أن هذه معادلة غبية. ...... وعلى الرغم من أن تعبير "الثالوث القدوس" ليس موجودًا فى الكتاب المقدس، غير أنه من الجلى أن المفهوم موجود هناك.“
                            ويقول صاحب كتاب (علم اللاهوت النظامى) ص168: ”ولما كان العقل البشرى عاجزًا عن إدراك جوهر الله، يبطل حكمنا باستحالة أنه فى ثلاثة أقانيم، لأننا نكون قد حكمنا بمداركنا المحدودة على ما هو فوق إدراكنا، وما هو خارج دائرة معرفتنا“.
                            وأقول له: من الذى خلقنا وخلق عقولنا بهذه الكيفية؟ فالإجابة بديهية: هو الله. فبعلمه الأزلى كان يعلم أن عقولنا قاصرة على فهم هذه العقيدة. فلماذا لم يُصرِّح بها فى كتابه؟ ولماذا لم يوضحها لنا كما أوضح باقى العقائد وبرهنها؟ وإذا كان لم يعلنها لبنى إسرائيل فى العهد القديم وللأنبياء، لأنهم كانوا فى عهد الطفولة الفكرية، كما يقول القمص زكريا بطرس وغيره، فإذا كان الرب يعتبرنا الآن فى عهد النضج، فلماذا لم يعلنها لنا صراحة وبوضوح؟ وإذا كان الرب لم يعلنها فما الفرق بين عهد الطفولة الفكرية التى لم يعلن الرب فيها عن ثالوثه وأقانيمه وبين عهد النضج الفكرى الذى لم يُعلن فيه أيضًا عن ثالوثه وأقانيمه؟
                            وفى ص105 يدافع القس منسى يوحنا عن العقيدة المبهمة فيقول: ”ومن الضرورى أن توجد أشياء لا يدركها العقل، لأنه إذا وقع كل شىء تحت إدراك العقل لانتفخ صاحبه وتعالى .. فيجب أن يظهر عجزه فى فهم بعض الأشياء ليقف عند حده ويمجِّد صانعه العالِم بكل شىء“.
                            إن ما يقوله القس لتعزية لمن يريد أن يفهم عقيدة التثليث!
                            إنه اليأس من فهم هذه العقيدة!!
                            إنه الغرور الفعلى من الاعتراف بالفشل!!
                            إنه التعالى على الجهل بكنه هذه العقيدة!!
                            إن الجهل بعقيدة المرء عنده هو السبب أو سبب لتمجيد الرب!! وإن الإدراك العقلى لمراد الرب وفهم دينه ليؤدى إلى الغرور!!
                            ويقول العلامة أوجين دي بليسي نقلا عن منسى يوحنا ص118: ”ما أعلى الحقائق التي تتضمنها عقيدة التثليث وما أدقها، فما مستها اللغة البشرية إلا جرحتها في إحدى جوانبها“.
                            ويقول منسى يوحنا ص121: ”إن سر التثليث عقيدة كتابية لا تُفهم بدون الكتاب المقدس، وأنه من الضرورى أن لا يفهمها البشر، لأننا لو قدرنا أن نفهم الله لأصبحنا في مصاف الألهة“.
                            ويرد عليه بوسويه بتسمية التثليث معضلة، واعترافه بأنه لا يوجد لا فى الكتاب المقدس ولا حتى فى قانون الإيمان النيقوى. فقال ص118 نقلا عن منسى يوحنا:”ولقد خلت الكتب المقدسة من تلك المعضلة حتى وقف آباء الكنيسة حائرين زمنا طويلا. لأن كلمة أقنوم لا توجد فى قانون الإيمان الذى وضعه الرسل، ولا فى قانون مجمع نيقية، وأخيرا اتفق أقدم الأباء على أنهم "كلمة" تعطي فكرة ما عن كائن لا يمكن تعريفه بأى وجه من الوجوه“. أى اتفقوا على ألا يتفقوا.
                            ويقول القديس أوغسطينوس عن التثليث إن اللغة البشرية لتعجز عن التعبير عنه، فقال ص118 نقلا عن منسى يوحنا: ”عندما يراد البحث عن كلمة للإعراب بها عن الثلاثة فى الله تعجز اللغة البشرية عن ذلك عجزًا أليمًا“.
                            القس ج. ف. دى. جروت في كتابه (تعاليم الكاثوليكية) ص149: ”إنّ الثالوث الأقدس هو سر غامض بمعنى الإلزام بالكلمة. وللأسباب وحدها لا يمكن التدليل على وجود الثالوث الإلهى نتعلمه من الكتب الموحى بها. وحتى بعد وجود السر الغامض قد كُشف لنا بقاء استحالة العقل الإنسانى إدراك كيف أن الثلاثة الأشخاص إنما هى ذات طبيعة إلهية واحدة.“ (نقلاً عن الغفران ص94)
                            وتقول دائرة المعارف الكاثوليكية ج14 ص299 ”إن صياغة الإله الواحد فى ثلاثة أشخاص لم تنشأ موطدة وممكنة فى حياة المسيحيين وعقيدة إيمانهم قبل نهاية القرن الرابع“. (نقلاً عن الغفران ص96)
                            ويقول المعلم (بطرس البستانى) فى دائرة معارفه ص305 ج6: ”ومع أن لفظة «ثالوث» لا توجد فى الكتاب المقدس، ولا يمكن أن يؤتى بآية من العهد القديم تصرِّح بتعليم الثالوث، فقد اقتبس المؤلفون المسيحيون القدماء آيات كثيرة تشير إلى وجود صورة جمعية فى اللاهوت“.(ص219 ”النصرانية من التوحيد إلى التثليث“)
                            وجاء فى دائرة المعارف الفرنسية: ”أن عقيدة التثليث وإن لم تكن موجودة فى كتب العهد الجديد، ولا فى أعمال الآباء الرسوليين، ولا عند تلاميذهم الأقربين، إلا أن الكنيسة الكاثوليكية والمذهب البروتستانتى التقليدى يدعيان أن عقيدة التثليث كانت مقبولة عند المسيحيين فى كل زمان، رغمًا عن أدلة التاريخ التى ترينا كيف ظهرت هذه العقيدة، وكيف نمت، وكيف علقت بها الكنيسة بعد ذلك“.(ص219 ”النصرانية من التوحيد إلى التثليث“)
                            ويقول الأنبا بيشوى عضو المجمع المقدس ومطران دمياط وكفر الشيخ والبرارى – في نهاية مذكرة تسمى مذكرة ”اللاهوت العقيدى“: ”وحينما نتأمل هذه العقيدة نجد أنفسنا أمام سر من أعمق أسرار الوجود والحياة ونجد اللغة لعاجزة عن التعبير عن عمق هذا السر“.
                            الذين يشهدون فى السماء ثلاثة:
                            ولكن قد يفكر العاقل منكم عزيزى الكاتب: ما هو النص الكتابى الذى ترتكنون إليه للإيمان بهذا الثالوث المزعوم وغير المفهوم؟
                            لا يوجد فى الكتاب نص يشير إلى التثليث كما سبق وذكر علماؤكم ورجال دينكم، إلا أنه يوجد نصان يفهمون منهما أنهما يشيران إلى هذا التثليث:
                            النص الأول وهو رسالة يوحنا الأولى 5: 7 والذى يقول (فَإِنَّ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الآبُ، وَالْكَلِمَةُ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ. وَهَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ. 8وَالَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي الأَرْضِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الرُّوحُ، وَالْمَاءُ، وَالدَّمُ. وَالثَّلاَثَةُ هُمْ فِي الْوَاحِدِ.) يوحنا الأولى 5: 7-8
                            وقد علقنا على هذا النص فى الصفحات السابقة، وأكرر شيئًا يسيرًا للتابع فقط:
                            أما عن أصالة هذا النص يقول موقع Biblegateway.comللكتاب المقدس على النت تعليقًا على هذه الفقرة فى هامشه إنها غير موجودة فى أى نسخة يونانية قبل القرن السادس عشر:
                            http://bible.gospelcom.net/passage/?...fen-NIV-30617a
                            a. 1 John 5:8 Late manuscripts of the Vulgate testify in heaven: the Father، the Word and the Holy Spirit، and these three are one. 8 And there are three that testify on earth: the (not found in any Greek manuscript before the sixteenth century)
                            وتعلق عليها ترجمة الملك جيمس الحديثة قائلة:
                            1 John 5:8 NU-Text and M-Text omit the words from in heaven (verse 7) through on earth (verse 8). Only four or five very late manuscripts contain these words in Greek.
                            http://bible.gospelcom.net/bible?sho...&language=engl...
                            لاحظ قوله إن هناك بعض النسخ حذفت كلمات (فى السماء) من الفقرة السابعة و(فى الأرض) من الفقرة الثامنة ولم تحتويها أى نسخة غير أربع أو خمس نسخ من النسخ المتأخرة (الحديثة نسبيًا) على هذه الكلمات. ألا يثبت هذا الاختلافات الواقعة بين النسخ القديمة التى يتفاخرون بها؟ وألا يثبت هذا وجود التحريفات التى دخلت هذا الكتاب لمدة ما من الوقت، ثم أنبهم ضميرهم فحذفوا غير الموجود فى أقدم النسخ؟ ألا يثبت هذا تلاعبهم بكتاب يُطلقون عليه كتاب الله، ويثبت عدم إيمانهم به ككتاب لله وإلا لما تلاعبوا به؟
                            وقد وضعها مترجم كتاب الحياة بين قوسين معكوفين، أى عدَّها عبارة تفسيرية ليست من أصل الكتاب!!
                            أما مترجموا الترجمة العربية المشتركة فقد حذفوا النص، لأنهم قرروا أنه ليس من وحى الله، فحذفوا ما تحته خط: (7فَإِنَّ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الآبُ، وَالْكَلِمَةُ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ. وَهَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ. 8وَالَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي الأَرْضِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الرُّوحُ، وَالْمَاءُ، وَالدَّمُ. وَالثَّلاَثَةُ هُمْ فِي الْوَاحِدِ.)
                            وكتبوها كالآتى: (7والّذينَ يَشهَدونَ هُم ثلاثةٌ(1): 8الرُوحُ والماءُ والدَّمُ، وهَؤُلاءِ الثَّلاثَةُ هُم في الواحدِ.)، تُرى متى تفيق ضمائر باقى المسئولين عن ترجمة الكتاب المقدس ونقده، وينقون الكتاب مما علق به.كما أضاف التعليق الآتى فى نهاية الصفحة: (والَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الآبُ، وَالْكَلِمَةُ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ. وَهَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ. وَالَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي الأَرْضِ هُمْ ثَلاَثَةٌ). ثم قال: هذه الإضافة وردت فى بعض المخطوطات اللاتينية القديمة.
                            وفى الترجمة الكاثوليكية (العهد الجديد بمفرده) الطبعة الحادية عشر لدار المشرق بيروت لعام 1986 تجدهم قد حذفوا النص وكتبوها كالآتى: (7والذين يشهدون ثلاثة(1): 8الروح والماء والدم وهؤلاء الثلاثة متفقون).
                            وفى الهامش السفلى قالوا: (فى بعض الأصول: الأب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد. لم يرد ذلك فى الأصول اليونانية المعوَّل عليها، والأرجح أنه شرح أدخل إلى المتن فى بعض النسخ.) ألا يثبت هذا التحريف عند العقلاء ولو بحسن نية؟
                            أما ترجمة الكاثوليك اليسوعية لدار المشرق ببيروت عام 1986 (الكتاب المقدس بعهديه) فقد أثبتتها ضمن النص ولم يعلق عليها فى تعليقه بنهاية الكتاب إلا ما يثبت حقيقة وحى هذا النص، ويؤكد قانونيته.

                            تعليق


                            • الملف 79
                              أما الترجمة الأباء اليسوعيين الطبعة السادسة لعام 2000 فقد حذفتها من متن النص ص 779 وآثر ألا يُعلق عليها فى هوامشه حتى لا يفقد المؤمنين به إيمانهم بقدسية هذا الكتاب الذى يتلاعبون به. كما لو كان القارىء لن يلتفت إلى هذا الحذف، ولن يدر بخلده أن هناك من يحذف ويبدل ويضيف من تلقاء نفسه. وذلك لأنه يثق ثقة عمياء فى رجال الكنيسة وعلماء اللاهوت، الذين لهم الحق فى تفسير الكتاب والعقيدة، دون إبداء اعتراض أو تعبير لعدم الفهم أو عدم الإقتناع.
                              فماذا تنتظر عزيزى المسيحى بعد اعتراف من أرفع علمائكم وهم علماء الكتاب المقدس وشرح المتون والأصول؟ لقد قالها بصراحة عارية: إن هذا النص أُدخِلَ إلى المتن، وهذا أحد أدلتنا عليكم للتحريف!
                              دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ
                              وبالنسبة للنص الثانى وهو متى 28: 19 (19فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ)
                              وهو النص الوحيد (مع نص رسالة يوحنا الأولى 5: 7) الذى يستشهد به المثلثون على صدق عقيدتهم فى التثليث، وباقى أدلتهم عبارة عن تأويل، مثل قول القديس جريجوريوس فى استشهاده بنشيد الملائكة (قدوس، قدوس، قدوس) فهو يرى أن تكرار الكلمة ثلاث مرات دليل على صحة عقيدة التثليث. ويتغاضى عن ما ذكر فى باقى النصوص. وهكذا تُأخذ العقيدة عن جريجوريوس، ولا تُأخذ عن يسوع!!
                              وقبل أن أذكر النص الذى نحن بصدد الكلام عنه،أفترض ما يفترضه المسيحيون أن هذا النص يدل على التثليث، وأن يسوع هو الله (سبحانه وتعالى). ونذكِّر بأن هذه العقيدة هى لب المسيحية وأساسها.
                              ففكَّر معى:
                              أليس الكتاب الذى أقدسه تُؤخذ منه عقيدة إيمانى؟
                              هل يوجد نص كتابى ذكر أن الرب يتكوَّن من ثلاثة أقانيم، أو حتى كلمة أقنوم؟
                              هل نزل الرب وضُرب، وأُهين، وقُتل ولم يذكر أنه يتكوَّن من ثلاثة أقانيم؟
                              هل نسى الرب أن يذكر لُبَّ عقيدته للبشر، وأن يبرهنها لهم، ويفهمها إياهم، على الرغم من أنه تذكر أن يخبركم أنه دخل أورشليم راكبًا على جحش وأتانة؟
                              ما الذى أنسى الرب لب هذه العقيدة، التى هى أساس الدين وقوامه، إلى أن يُقتل ويقيمه إلهه من الأموات؟
                              لماذا لم يذكر يسوع هذه العقيدة مرات ومرات ليؤكِّد عليها، كما أكد العهد القديم والجديد على أن الله واحد أحد، لا يُرى، ولم يره أحد من قبل؟
                              وإذا كانت نهاية إنجيل مرقس 16: 9-20 قد تم إضافتها بيد متأخرة، وأنها غير موجودة فى أهم النسخ، وقد فقدت من الأصول، وأضافها التلميذ أرستون ليكمل بها القيامة، تبعًا لما ذكره الأب متى المسكين فى تفسيره لإنجيل متى ص622. كما أشار الدكتور وليم باركلى أستاذ العهد الجديد بجامعة جلاسجو إلى أن نهاية إنجيل متى مفقودة، وأن الأعداد من 9 إلى 20 ليست موجودة فى أقدم النسخ وأصحها، كما أن أسلوبها اللغوى يختلف عن أسلوب باقى الإنجيل، ويستحيل أن يكون كاتبها هو نفس كاتب الإنجيل. وهذا ما قالت به ترجمة الآباء اليسوعيين، والترجمة العربية المشتركة، ودائرة المعارف الكتابية. ولا توجد فى المخطوطات السينائية والفاتيكانية والسريانية والقبطية الصعيدية والأرمينية والجورجية (تحريف مخطوطات الكتاب المقدس، ص92-107)
                              وأكرر: فإذا كانت نهاية إنجيل مرقس 16: 9-20 قد تم إضافتها بيد متأخرة، وأنها غير موجودة فيما يسمونه بالأصول اليونانية، وإذا كان هذا هو رأى علماء المخطوطات ونصوص الكتاب المقدس فيها، فما الذى يمنع من إضافة نصوص أخرى غير التى أضيفت إلى متى أو إلى رسالة يوحنا الأولى 5: 7؟
                              إن إنجيل مرقس هو أقدم الأناجيل من ناحية تاريخ كتابته، ويكاد ينعقد الأمر بالإجماع بين علماء اللاهوت على أن إنجيل مرقس كان ضمن المصادر التى استقى منها متى معلوماته بنسبة تصل إلى 91.6% من عدد الجمل. وأن ”البشائر لا تورد المادة والفكر فحسب، بل الكلمات أيضًا، فبشارة متى تستخد 51 فى المائة من كلمات بشارة مرقس“.
                              فيقول وليم باركلى فى تفسيره "إنجيل متى" ص 17 :إن ”المادة الموجودة فى بشارة متى وبشارة لوقا مستقاة من بشارة مرقس كأساس لهما. ويمكن تقسيم بشارة مرقس إلى 105 فقرة، ونستطيع أن نجد 93 فقرة منها فى بشارة متى، و81 فقرة منها فى بشارة لوقا. ومن هذه الفقرات ال 105 الواردة فى بشارة مرقس نجد أربع فقرات فقط لا وجود لها فى بشارة متى وبشارة لوقا.“ أى 88.6% من عدد الفقرات الموجودة فى إنجيل مرقس قد نقلها متى مع تغيير يؤيد وجهة نظره العقائدية.
                              وبحساب الجُمَل يقول وليم باركلى فى تفسيره لإنجيل متى ص 17 نجد أن (مرقس يحتوى على 661 عددًا، ومتى 1068 عددًا، وفى بشارة لوقا 1149 عددًا. ويورد متى أكثر من 606 من الأعداد الواردة فى مرقس [أى 91.6%]، ويورد لوقا 320 منها.) وهناك أيضًا 55 عددًا موجودة عند مرقس ولا يذكرها متى، ومن هؤلاء الجمل نجد 31 عددًا يوردها لوقا.
                              وفى ص19 يقول باركلى: (فكلاهما [متى ولوقا] أخذا من مرقس رواية الأحداث فى حياة يسوع، ولكنهما أخذا رواية التعاليم من مصدر آخر. وقرينة ذلك أن 200 عددًا فى متى تتشابه مع نظيرها فى لوقا، وهذه مختصة بتعاليم يسوع. ونحن لا نعرف المصدر الذى استقيا منه هذه التعاليم، ولكن علماء الكتاب المقدس يعتقدون أن هناك كتاب يجمع تعاليم المسيح، ويرمزون إليه ب (Q)) التى تعنى المصدر.
                              إذن لقد كان متى ينتقى كما أقر العلماء، بدليل أنه ترك 55 جملة كانت عند مرقس، وأتى من مصدر آخر مجهول ومفقود بباقى إنجيله.
                              ويرفع ر. ت. فرانس فى التفسير الحديث لمتى ص 25 نسبة إسهامات متى الشخصية فى إنجيله فيقول: ”نجد فى إنجيل مرقس ما يقرب من 45% من مادة إنجيل متى، فى صيغة مماثلة (وأحيانًا متطابقة تمامًا)، بل يكاد تكون بنفس الترتيب، وثمة 20% أو أكثر أخرى تشترك بنفس الطريقة مع إنجيل لوقا، هذا فضلاً عن وجود توافق تقريبى فى ترتيب الكثير من الأجزاء المشتركة وإن اختلف مكانها فى الهيكل العام لكل إنجيل، وبهذا لا يتبقى سوى 35% من الإنجيل، وهى محصلة ما ساهم به متى شخصيًا فى الإنجيل المعروف باسمه، على الرغم من أنه بلا شك قدم الكثير من المادة المشتركة بطريقة واضحة مميزة، إلى حد أنه قد يكون من الصعب أحيانًا تحديد ما إذا كان فى الواقع ثمة تقليد مشترك يستند إليه الإنجيل فى سرده لحدث أو قول معين.“
                              ومعنى ذلك أن متى أضاف من عنده 35% من هذا الكتاب المنسوب إليه، وباقى ال 65% فهى مادة يشترك فيها مع مرقس ولوقا، ونلاحظ اعتراف الكاتب بأن ما أضافه متى هو(إسهام شخصى منه)، وأنه قدم هذه المادة (بطريقة واضحة مميزة). وأنه يصعب أحيانًا تحديد إذا كان هناك تقليد مشترك يستند إليه الإنجيل فى سرده لحدث أو قول معين، أم هو اتفاق بين كبار الكهنة والكتبة على التحريف. فالأمر الخاص بالتقليد المشترك لا يعدو أن يكون أيضًا مجرد تخمين.
                              وإذا كان متى قد نقل من مرقس ما يقرب من 91.6% من عدد الجمل الواردة عنده، فما أصل نص التعميد هذا الذى أورده متى وما مصدره، فهو لم يُذكر إلا عنده، فلا يعرفه الإنجيليون الآخرون، ولا سمعه التلاميذ ولا استعملوه؟
                              وإذا كانت هذه تعاليم يسوع، فكيف أغفلها الباقون؟ فهل طرد الباعة من الهيكل أهم من أساس هذا الدين؟ لقد ذكر هذه الحادثة الأناجيل الأربعة.
                              وهل لعنه لشجرة التين وتدميرها أهم من لب عقيدتكم التى ما جاء وأُهين وبُصق فى وجهه إلا من أجلها؟ لقد ذكرها متى ومرقس.
                              وهل ذكر دخوله أورشليم على جحش وأتانة أهم من ذكر قوام الدين عندكم؟
                              هل مسح مريم لرجل يسوع بالدهن أو الطيب أهم من لُب عقيدتكم؟
                              هل ولادة يسوع فى مزود للأبقار، ولفه فى كوافيل أهم من أصل عقيدتكم؟
                              هل سلسلة نسب يسوع المتضاربة بين متى ولوقا أهم من أساس الدين والعقيدة؟
                              هل ضربه للصيارفة وطردهم من المعبد أهم من توضيح هذا الثالوث وتكراره؟
                              ولنتعرف الآن على هذا النص وملابساته عن قُرب.
                              يقول النص:
                              (18فَتَقَدَّمَ يَسُوعُ وَكَلَّمَهُمْ قَائِلاً: «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ 19فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.).
                              فهذه هى الصيغة التى يعتبرونها تدل على التثليث، والتى ذُكرت فى نهاية إنجيل متى، ويتمسك بها القائلون بالتثليث. وهو النص الوحيد الذى يحتوى على هذه الصيغة بين كل أسفار ورسائل الكتاب الذى يقدسه المسيحيون. ولم يعرف التلاميذ، كما يقص علينا سفر أعمال الرسل إلا التعميد على اسم يسوع أو باسم الرب.
                              ونبدأ بتحليل النص:
                              فالقارىء للنص (دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ) يُثبت أن الدافع له هذا السلطان هو آخر كان مالكًا له غير يسوع، لذلك فهو أعظم من يسوع، لأنه صاحب هذا السلطان، وقد تنازل عنه بأى صورة كانت ليسوع. وعلى ذلك فالعبارة لا تدل إلا على أن يسوع كان عبدًا لله، اصطفاه وقربه وأعطاه هذا السلطان. الأمر الذى يشير إلى افتقار يسوع إلى هذا السلطان قبل أن يعطيه الله إياه!! وعلى ذلك ينفى وجود أى إشارة داخل الأناجيل تدل على ألوهية يسوع أو امتلاكه لمثل هذا السلطان!! ومن هنا يجب ألا يستشهد مسيحى بأى فقرة أو جملة من الكتاب الذى يقدسه للتدليل على ألوهية يسوع.
                              ولو قرأنا النص مرة أخرى بتدقيق أكبر لفهمنا أن سبب قول يسوع هذا النص للتلاميذ (هذا بفرض صحته) هو ما دفعه الله إليه من سلطان. أى لولا هذا لما جَرُأ يسوع على قول هذا، وأنه لا يفعل إلا ما يمليه الله تعالى عليه. وهذا مصداقًا لقوله: يوحنا 5: 30 (30أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً. كَمَا أَسْمَعُ أَدِينُ وَدَيْنُونَتِي عَادِلَةٌ لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.)
                              وهذا يثبت أن الله تعالى هو إله يسوع وإله الروح القدس، يستخدمهم من أجل دينه ويوظفهم لما يريده. الأمر الذى ينفى التساوى بينهم!!
                              وهذا يُثبت أيضًا بدوره وجود شخصين اثنين مختلفين غير متحدين، أحدهما المالك الأصلى والدافع، والآخر المدفوع له السلطان. ولو كانا شخصًا واحدًا، لكان المتكلم يهزى أو يضحك عليكم، أو لا يجيد التعبير، ولا نرى داعٍ لهذه المسرحية.
                              ويُثبت أيضًا عدم اتحاد الروح القدس مع الاثنين الآخرين، وإلا لتساءلنا: لماذا خص الآب يسوع بكل سلطان فى السماء وعلى الأرض دون الروح القدس؟
                              وما هى وظيفة الأقنوم الثالث حاليًا، وما هى سلطاته، بعد أن دُفع كل سلطان فى السماء وعلى الأرض ليسوع دونه؟
                              هل هو حاليًا واقع تحت إمرة وسلطة يسوع؟
                              وهل يملك الآب أن يعطى يسوع هذه السلطات متحاشيًا الروح القدس شريكهما فى الألوهية؟
                              وماذا كانت سلطات الابن كإله قبل أن تُعطى له كل هذه السلطات؟
                              وهل كانت كل هذه السلطات فى أيدى الآب وحده؟
                              فبماذا استحق يسوع والروح القدس التأليه؟
                              أليس معنى هذا أن يسوع لم يكن يملك هذا السلطان قبل موته وقيامته؟
                              ألا يدل هذا أيضًا على عدم تساويه بالآب فى الألوهية؟
                              فكيف وبأى حق دفع يسوع من قبل كل سلطان فى الأرض وفى السماء لبطرس أو للتلاميذ وهو لا يملكه؟:
                              (18وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضاً: أَنْتَ بُطْرُسُ وَعَلَى هَذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْنِي كَنِيسَتِي وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا. 19وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطاً فِي السَّمَاوَاتِ. وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولاً فِي السَّمَاوَاتِ».) متى 16: 18-19
                              (18اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَا تَرْبِطُونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطاً فِي السَّمَاءِ وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولاً فِي السَّمَاءِ.) متى 18: 18
                              ولو فعل يسوع هذا بأمر الله كما صرح من قبل فى يوحنا 14: 24 (وَالْكلاَمُ الَّذِي تَسْمَعُونَهُ لَيْسَ لِي بَلْ لِلآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.)، فكيف تراجع الرب فى كلامه وسحب الهيمنة على ملكوت السماوات والأرض من التلاميذ وأعطاها ليسوع؟
                              ولو سحبها الرب من التلاميذ وأعطاها ليسوع، فبأى سلطان أو روح كان يتكلم التلاميذ بعد اليوم الخمسين؟
                              وما الدليل على صدق أسفار ورسائل الكتاب المقدس، لو كانت أوحيت من الروح القدس، الذى نزع منه كل سلطان فى السماء وعلى الأرض؟
                              ولو كان كل هذا السلطان فقط فى يد يسوع، فما قيمة أن يعطيهم الروح القدس فى اليوم الخمسين؟
                              وهل يُمكننا الثقة فى كلامهم وأعمالهم بعد أن سحب الرب ثقته فيهم وتراجع فى هيمنتهم على ملكوت السماوات والأرض؟
                              أليس سحب الرب هذا الملكوت منهم يدل على سحب ثقته فيهم؟
                              وأليس سحب الثقة ينتزع منهم القداسة، ويجعل أعمالهم غير مقدسة؟
                              أليس بجعل أعمالهم غير مقدسة ينفى قداسة ما نسب إليهم من أسفار ورسائل؟
                              بل كيف يمكن للروح القدس الثقة فى التلاميذ وفهمهم للب عقيدة هذا الدين، إذا كانوا لم يفهموا كلام يسوع أو أمثاله فى حياته وهو معهم؟
                              فهل الروح القدس أجدر على أفهامهم وتعليمهم أكثر من يسوع؟
                              فلم يفهموا مثل الزوان: (36حِينَئِذٍ صَرَفَ يَسُوعُ الْجُمُوعَ وَجَاءَ إِلَى الْبَيْتِ. فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: «فَسِّرْ لَنَا مَثَلَ زَوَانِ الْحَقْلِ».) متى 13: 36
                              ووصفهم بقلة الإيمان: (فَقَالَ لَهُمْ:«مَا بَالُكُمْ خَائِفِينَ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ؟»)متى8: 26
                              ولم يهتموا لسماعهم عن موته وفراقهم له، بل تنازعوا على الزعامة: (21وَلَكِنْ هُوَذَا يَدُ الَّذِي يُسَلِّمُنِي هِيَ مَعِي عَلَى الْمَائِدَةِ. 22وَابْنُ الإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ مَحْتُومٌ وَلَكِنْ وَيْلٌ لِذَلِكَ الإِنْسَانِ الَّذِي يُسَلِّمُهُ». 23فَابْتَدَأُوا يَتَسَاءَلُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ: «مَنْ تَرَى مِنْهُمْ هُوَ الْمُزْمِعُ أَنْ يَفْعَلَ هَذَا؟». 24وَكَانَتْ بَيْنَهُمْ أَيْضاً مُشَاجَرَةٌ مَنْ مِنْهُمْ يُظَنُّ أَنَّهُ يَكُونُ أَكْبَرَ. 25فَقَالَ لَهُمْ: «مُلُوكُ الأُمَمِ يَسُودُونَهُمْ وَالْمُتَسَلِّطُونَ عَلَيْهِمْ يُدْعَوْنَ مُحْسِنِينَ. 26وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَيْسَ هَكَذَا بَلِ الْكَبِيرُ فِيكُمْ لِيَكُنْ كَالأَصْغَرِ وَالْمُتَقَدِّمُ كَالْخَادِمِ.) لوقا 22: 21-26
                              وأقر بطرس أنه والتلاميذ لا يفهمونه: (15فَقَالَ بُطْرُسُ لَهُ: «فَسِّرْ لَنَا هَذَا الْمَثَلَ». 16فَقَالَ يَسُوعُ: «هَلْ أَنْتُمْ أَيْضاً حَتَّى الآنَ غَيْرُ فَاهِمِينَ؟) متى 15: 15-16
                              وتضجَّر منهم ووصفهم بالإلتواء وعدم الإيمان: (16وَأَحْضَرْتُهُ إِلَى تَلاَمِيذِكَ فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَشْفُوهُ». 17فَأَجَابَ يَسُوعُ: «أَيُّهَا الْجِيلُ غَيْرُ الْمُؤْمِنِ الْمُلْتَوِي إِلَى مَتَى أَكُونُ مَعَكُمْ؟ إِلَى مَتَى أَحْتَمِلُكُمْ؟ قَدِّمُوهُ إِلَيَّ هَهُنَا!» 18فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ فَخَرَجَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ. فَشُفِيَ الْغُلاَمُ مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ. 19ثُمَّ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ عَلَى انْفِرَادٍ وَقَالُوا: «لِمَاذَا لَمْ نَقْدِرْ نَحْنُ أَنْ نُخْرِجَهُ؟» 20فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لِعَدَمِ إِيمَانِكُمْ. فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهَذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ مِنْ هُنَا إِلَى هُنَاكَ فَيَنْتَقِلُ وَلاَ يَكُونُ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَيْكُمْ. 21وَأَمَّا هَذَا الْجِنْسُ فَلاَ يَخْرُجُ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ».) متى 17: 16-21
                              وإذا كان هذا الجنس لا يخرج إلا بالصلاة والصوم، ولم يتمكنوا من إخراجه، فهم إذن لم يكونوا من المصليين الصائمين بصورة تُرضى الله عنهم!!
                              (13وَقَدَّمُوا إِلَيْهِ أَوْلاَداً لِكَيْ يَلْمِسَهُمْ. وَأَمَّا التَّلاَمِيذُ فَانْتَهَرُوا الَّذِينَ قَدَّمُوهُمْ. 14فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ ذَلِكَ اغْتَاظَ وَقَالَ لَهُمْ: «دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هَؤُلاَءِ مَلَكُوتَ اللَّهِ. 15اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ لاَ يَقْبَلُ مَلَكُوتَ اللَّهِ مِثْلَ وَلَدٍ فَلَنْ يَدْخُلَهُ». 16فَاحْتَضَنَهُمْ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ وَبَارَكَهُمْ.) مرقس 10: 13-16
                              على الرغم من أنه قال لهم عن الأولاد الصغار من قبل: (1فِي تِلْكَ السَّاعَةِ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ قَائِلِينَ: «فَمَنْ هُوَ أَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ؟» 2فَدَعَا يَسُوعُ إِلَيْهِ وَلَداً وَأَقَامَهُ فِي وَسَطِهِمْ 3وَقَالَ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. 4فَمَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ مِثْلَ هَذَا الْوَلَدِ فَهُوَ الأَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. 5وَمَنْ قَبِلَ وَلَداً وَاحِداً مِثْلَ هَذَا بِاسْمِي فَقَدْ قَبِلَنِي. 6وَمَنْ أَعْثَرَ أَحَدَ هَؤُلاَءِ الصِّغَارِ الْمُؤْمِنِينَ بِي فَخَيْرٌ لَهُ أَنْ يُعَلَّقَ فِي عُنُقِهِ حَجَرُ الرَّحَى وَيُغْرَقَ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ.) متى 18: 1-6
                              وكانت غلظة قلوبهم سببًا فى عدم فهمهم: (52لأَنَّهُمْ لَمْ يَفْهَمُوا بِالأَرْغِفَةِ إِذْ كَانَتْ قُلُوبُهُمْ غَلِيظَةً.) مرقس 6: 52
                              كما وصف بطرس أيضاً بقلة الإيمان: (25وَفِي الْهَزِيعِ الرَّابِعِ مِنَ اللَّيْلِ مَضَى إِلَيْهِمْ يَسُوعُ مَاشِياً عَلَى الْبَحْرِ. 26فَلَمَّا أَبْصَرَهُ التَّلاَمِيذُ مَاشِياً عَلَى الْبَحْرِ اضْطَرَبُوا قَائِلِينَ: «إِنَّهُ خَيَالٌ». وَمِنَ الْخَوْفِ صَرَخُوا! 27فَلِلْوَقْتِ قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «تَشَجَّعُوا! أَنَا هُوَ. لاَ تَخَافُوا». 28فَأَجَابَهُ بُطْرُسُ: «يَا سَيِّدُ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ هُوَ فَمُرْنِي أَنْ آتِيَ إِلَيْكَ عَلَى الْمَاءِ». 29فَقَالَ: «تَعَالَ». فَنَزَلَ بُطْرُسُ مِنَ السَّفِينَةِ وَمَشَى عَلَى الْمَاءِ لِيَأْتِيَ إِلَى يَسُوعَ. 30وَلَكِنْ لَمَّا رَأَى الرِّيحَ شَدِيدَةً خَافَ. وَإِذِ ابْتَدَأَ يَغْرَقُ صَرَخَ: «يَا رَبُّ نَجِّنِي». 31فَفِي الْحَالِ مَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَأَمْسَكَ بِهِ وَقَالَ لَهُ: «يَا قَلِيلَ الإِيمَانِ لِمَاذَا شَكَكْتَ؟») متى 14: 25-31
                              بل اتهمه أنه لا يهتم بأوامر الله، ولا يهتم إلا بما يُعجب الناس، أى اتهمه بأنه مرائى ومنافق، الأمر الذى جعله ينعته بأنه شيطان: (فَالْتَفَتَ وَقَالَ لِبُطْرُسَ: «اذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ. أَنْتَ مَعْثَرَةٌ لِي لأَنَّكَ لاَ تَهْتَمُّ بِمَا لِلَّهِ لَكِنْ بِمَا لِلنَّاسِ»)متى 16: 23
                              ووعدوه بنصرته، وتخلوا عنه كلهم: (35قَالَ لَهُ بُطْرُسُ: «وَلَوِ اضْطُرِرْتُ أَنْ أَمُوتَ مَعَكَ لاَ أُنْكِرُكَ!» هَكَذَا قَالَ أَيْضاً جَمِيعُ التَّلاَمِيذِ.) متى 26: 35، (حِينَئِذٍ تَرَكَهُ التَّلاَمِيذُ كُلُّهُمْ وَهَرَبُوا.) متى 26: 56
                              بل لقد أقسم بطرس كذبًا أنه لا يعرف معلمه (إلهه؟)، وتركه (69أَمَّا بُطْرُسُ فَكَانَ جَالِساً خَارِجاً فِي الدَّارِ فَجَاءَتْ إِلَيْهِ جَارِيَةٌ قَائِلَةً: «وَأَنْتَ كُنْتَ مَعَ يَسُوعَ الْجَلِيلِيِّ». 70فَأَنْكَرَ قُدَّامَ الْجَمِيعِ قَائِلاً: «لَسْتُ أَدْرِي مَا تَقُولِينَ!» 71ثُمَّ إِذْ خَرَجَ إِلَى الدِّهْلِيزِ رَأَتْهُ أُخْرَى فَقَالَتْ لِلَّذِينَ هُنَاكَ: «وَهَذَا كَانَ مَعَ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ!» 72فَأَنْكَرَ أَيْضاً بِقَسَمٍ: «إِنِّي لَسْتُ أَعْرِفُ الرَّجُلَ!» 73وَبَعْدَ قَلِيلٍ جَاءَ الْقِيَامُ وَقَالُوا لِبُطْرُسَ: «حَقّاً أَنْتَ أَيْضاً مِنْهُمْ فَإِنَّ لُغَتَكَ تُظْهِرُكَ!» 74فَابْتَدَأَ حِينَئِذٍ يَلْعَنُ وَيَحْلِفُ: «إِنِّي لاَ أَعْرِفُ الرَّجُلَ!» .. …) متى 26: 69-74
                              نعود لنص متى (دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ).
                              ومن الذى أمر يسوع أن يعطيها للتلاميذ أو لبطرس فقط؟ إنه الآب: (49لأَنِّي لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنْ نَفْسِي لَكِنَّ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ أَعْطَانِي وَصِيَّةً: مَاذَا أَقُولُ وَبِمَاذَا أَتَكَلَّمُ. 50وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ وَصِيَّتَهُ هِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ. فَمَا أَتَكَلَّمُ أَنَا بِهِ فَكَمَا قَالَ لِي الآبُ هَكَذَا أَتَكَلَّمُ».) يوحنا 12: 49-50،
                              فإذا كان الآب هو الذى أمره أن يقول هذا، فلماذا نسخ الرب أوامره، بالرغم من رفضكم للنسخ فى كتابكم، وتعتبرونه سُبَّة فى جبين الإسلام!!
                              إن سحب الملكوت والهيمنة عليه من أيدى التلاميذ وإعطائها ليسوع قد يكون تأكيد من الرب لكلام يسوع أنهم أغبياء ولا يستحقون هذه المنزلة!! أو قد يكون من حرف كتابكم أراد أن يسب التلاميذ، ويدعى أنهم أغبياء لا يستحقون أن يكونوا قادة، حتى يصرف الناس عن اتباعهم!
                              ولو كانوا كذلك فلماذا عاد وأعطاهم الروح القدس؟
                              فهل يريد كاتب الكتاب أن يقول إن الروح القدس لا تُعطى إلا للأغبياء؟
                              ولو تصرَّف يسوع بدافع شخصى، وأعطاهم هذا السلطان من تلقاء نفسه، لكان كاذبًا كافرًا، لأنه فى هذه الحالة كذب فى أن كل ما يقوله أو يفعله من الله، ويكون قد كفر لأنه تأوَّل على الله وقال ما لم يخبره به!! يؤكِّد هذا أنه مات مقتولاً، ويقول الرب فى سفر اتثنية إن من يقل كلامًا من تلقاء نفسه وينسبه للرب يموت مقتولاً: (20وَأَمَّا النَّبِيُّ الذِي يُطْغِي فَيَتَكَلمُ بِاسْمِي كَلاماً لمْ أُوصِهِ أَنْ يَتَكَلمَ بِهِ أَوِ الذِي يَتَكَلمُ بِاسْمِ آلِهَةٍ أُخْرَى فَيَمُوتُ ذَلِكَ النَّبِيُّ.) التثنية 18: 20، وجاءت فى التوراة السامرية والترجمة اليسوعية (فيُقتل ذَلِكَ النَّبِيُّ). الأمر الذى لا يُقره عاقل من المسلمين أو المسيحيين.
                              أو على الأقل لكان مناقدًا لنفسه، إذ كيف يكونوا أغبياء ويُعطيهم الهيمنة على ملكوت السماوات والأرض؟
                              وألا يدل هذا على أن الله هو المتسلط على هذا الملكوت يعطيه من يشاء ويسلبه ممن يشاء، وقد تساوى يسوع مع التلاميذ فى هذا العطاء، فلا سبب مقنع لتأليه يسوع دون التلاميذ؟
                              نُجمل قولنا فى الاستفسار والتعجُّب أن هذا السلطان الذى أعطاه يسوع للتلاميذ، ألغاه الله، وأعطاه ليسوع. الأمر الذى يؤكد عدم ألوهية يسوع، وأنه ليس له من الأمر شىء وأن الأمر والنهى كله بيد الله!!
                              والغريب أن يسوع أخذ من الرب السلطان على ملكوت السماوات والأرض، على الرغم من أن الرب نفسه لم يكن يملكه. فقد كان بأيدى الشيطان، ووعد به يسوع إن أطاعه وسجد له: (8ثُمَّ أَخَذَهُ أَيْضاً إِبْلِيسُ إِلَى جَبَلٍ عَالٍ جِدّاً وَأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ الْعَالَمِ وَمَجْدَهَا 9وَقَالَ لَهُ: «أُعْطِيكَ هَذِهِ جَمِيعَهَا إِنْ خَرَرْتَ وَسَجَدْتَ لِي».) متى 4: 8، ولم يعترض يسوع إلا على السجود له، فلم يقل له إن هذا الملكوت ملكًا لى أو ملكًا لله، وليس لك منه شىء، حتى لا يتوهم إنسان أن الشيطان يمكنه أن يعطى السلطان والتسلط على العالم لمن يطيعه. وإلا لكانت تجربة يسوع متهافتة لا قيمة لها، مثل الذى يدخل الإمتحان ويعرفه ويعرف إجاباته مسبقًا.
                              وقال يسوع فى كتابه عن الشيطان إنه إله هذا العالم وسيده: (4الَّذِينَ فِيهِمْ إِلَهُ هَذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، ....) كورنثوس الثانية 4: 4
                              (31اَلآنَ دَيْنُونَةُ هَذَا الْعَالَمِ. اَلآنَ يُطْرَحُ رَئِيسُ هَذَا الْعَالَمِ خَارِجاً.) يوحنا 12: 31؛ 14: 3؛ 16: 11
                              (11وَأَمَّا عَلَى دَيْنُونَةٍ فَلأَنَّ رَئِيسَ هَذَا الْعَالَمِ قَدْ دِينَ.) يوحنا 16: 11
                              (2الَّتِي سَلَكْتُمْ فِيهَا قَبْلاً حَسَبَ دَهْرِ هَذَا الْعَالَمِ، حَسَبَ رَئِيسِ سُلْطَانِ الْهَوَاءِ، الرُّوحِ الَّذِي يَعْمَلُ الآنَ فِي أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ،) أفسس 2: 2
                              فالشيطان يطلب منه أن يسجد له، وهو الإله الذى تسجد له كل الخلائق، ويريد الشيطان أن يُكافئ الإله بأن يهبه ملكوت السماوات والأرض، الذين هم من ممتلكات الإله. فلك أن تتخيل أننى أطلب منك طلبًا، أو أسألك سؤالاً، وستكون مكافأته أن أعطيك سيارتك التى تملكها مكافأة على ذلك! ومثل هذا لا يحدث إلا فى أربع حالات فقط:
                              1- إما أن تكون مسرحية هزلية، كتبها كاتب فاشل فى سيناريو القصة.
                              2- إما أن يكون الشيطان يُهزِّر مع إلهه ويرفه عنه فى أسره!! ومثل هذا ليس بشيطان، ولا المأسور المتمتع بهزار الشيطان معه بإله.
                              3- وإما أن يكون الشيطان غبى، وليست هذه صفته. فالشيطان الذى يتمكَّن من أسر إلهه، والضحك عليه، وينقذ الرب وجنوده من فشل ذريع، ليس بغبى!!
                              4- وإما أن يكون الشيطان قد رأى فى الإله السذاجة الكافية، التى تمكنه من الضحك عليه، وإظهار غباء هذا الإله! وهذا هو ما اتضح، حيث لم ينوِّه يسوع أن هذا الملكوت ملكوته هو، فكيف سيُكافأ به؟
                              فيسوع ليس له إذن سلطان ذاتى، أى ليس بإله، ولكنه استمد قدراته وسلطانه من الله تعالى. ومثل هذا كثير فى الأناجيل وفى أقوال عيسى ، الأمر الذى لا يدع مجالاً للشك أنه كان يتكلم عن إلهه، الذى كان يسوع أقل منه، وأضعف منه، وتابعًا له، ومنها:
                              1- يوحنا 12: 44 (44فَنَادَى يَسُوعُ: الَّذِي يُؤْمِنُ بِي لَيْسَ يُؤْمِنُ بِي بَلْ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي.)
                              2- يوحنا 8: 29 (29وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ».)، أى هو رسول الله!
                              3- لوقا 7: 21 (21«لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَا رَبُّ يَا رَبُّ يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.) تكلمت أكثر من مرة عن معنى ربى الذى تفسيره يا معلم: (16قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا مَرْيَمُ!» فَالْتَفَتَتْ تِلْكَ وَقَالَتْ لَهُ: «رَبُّونِي» الَّذِي تَفْسِيرُهُ يَا مُعَلِّمُ.) يوحنا 20: 16، وهذا دليل بين على عدم ألوهيته، أو اتحاده مع الله، وأن إرادة الأب الذى فى السماوات، هى التى يجب أن نسعى لتحقيقها حتى نفوز بالخلود الأبدى فى الجنة.
                              4- لوقا 7: 22-23 (22كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ: يَا رَبُّ يَا رَبُّ أَلَيْسَ بِاسْمِكَ تَنَبَّأْنَا وَبِاسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ وَبِاسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟ 23فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! اذْهَبُوا عَنِّي يَا فَاعِلِي الإِثْمِ!) فهذا النص وحده يكفى لتفنيد عقيدة الثالوث والتجسد، التى يعتنقها أهل الصليب. أليس باسمك .. ..؟ هؤلاء هم الذين اتخذوه إلهًا، وصنعوا كل هذا باسمه بدلاً من اسم الله الواحد الأحد. فسمَّاهم فاعلى الإثم، وطردهم بعيدًا عنه، لأنهم لم يلتزموا بوصاياه وتعاليمه.
                              وعندما نتعرض لصيغة التعميد التى مارسها التلاميذ، سنجدهم كانوا يعمدون الناس على اسم يسوع. وسوف نتعرض له لاحقًا. فهل يدل ذلك على أنهم هم فاعلو الإثم، الذين سيبعدهم يسوع عن نفسه يوم الحساب؟
                              يوحنا 17: 3-4 (3وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ. 4أَنَا مَجَّدْتُكَ عَلَى الأَرْضِ. الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ.)، أى إن الخلود فى الجنة يتوقف على شهادة ألا إله إلا الله، وأن عيسى عبد الله ورسوله. فما علاقة هذا بالتثليث؟
                              6- لوقا 11: 20 (20وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ بِإِصْبِعِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ.)، وهذا إقرار من عيسى  أنه لا يفعل معجزة إلا بقدرة الله!
                              7- يوحنا8: 28 (وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئاً مِنْ نَفْسِي بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهَذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي)
                              8- يوحنا 14: 16 (إِنَّهُ لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ وَلاَ رَسُولٌ أَعْظَمَ مِنْ مُرْسِلِهِ.)
                              9- يوحنا 14: 28 (لأَنَّ أَبِي أَعْظَمُ مِنِّي.)
                              فهل بعد كل هذه النصوص، تُنادون أعزائى المسيحيين بالتثليث، وباتحاد الابن مع الآب والروح القدس؟
                              ألم تفكر عزيزى المسيحى أن اتحاد الثالوث لا يتم إلا إذا كان هناك ثلاثة منفصلون يتم الاتحاد بينهما، وإلا لما قلنا كلمة اتحاد من الأساس؟ فمتى كان هناك ثلاثة آلهة؟ ومتى اتحدوا؟ ولماذا؟ ولو أنصفت فى الإجابة على هذه الأسئلة لأدت بك إلى رفض التثليث، والإيمان بالله الواحد الأحد، الذى لا يتكون من أقانيم.
                              ألم تُفكر عزيزى المسيحى أن كلمة ثالوث تعنى ثلاثة، مثل كلمة ثنائى أو مثنى التى تعنى اثنين؟ فكيف يُشير الجمع المحدد بثلاثة إلى المفرد الذى يعنى الواحد فقط؟
                              وإذا كان قانون الإيمان يريد أن يجمع بين الفطرة والدين الصحيح الذى يقر أن الله واحد أحد، وبين ما يَدَّعون من كونه ثلاثة فى واحد، فما دليل قانون الإيمان على قوله من ناحية العقل والنصوص الصريحة الدالة على ذلك فى العهدين القديم والجديد دون تأويل؟
                              ألم تفكر عزيزى المسيحى أن يسوع كان يطوف القرى والمجامع، وليست له إلا وظيفة واحدة هى أن يكرز بملكوت الله؟ ففى متى 4: 17 كان عمله الوحيد من وقت موت يوحنا المعمدان الكرازة باقتراب ملكوت الله: (17مِنْ ذَلِكَ الزَّمَانِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَكْرِزُ وَيَقُولُ : «تُوبُوا لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ».). وفى لوقا 8: 1 يقول: (1وَعَلَى أَثَرِ ذَلِكَ كَانَ يَسِيرُ فِي [كل (الترجمة اليسوعية)] مَدِينَةٍ وَقَرْيَةٍ يَكْرِزُ وَيُبَشِّرُ بِمَلَكُوتِ اللهِ وَمَعَهُ الاِثْنَا عَشَرَ.). وهذا هو لب رسالته التى كان يعلمها تلاميذه وكانوا يتعاونون معه فى البشارة بقرب مجىء ملكوت الله.
                              ألا ترى معى أنه لو كان يسوع  إلهًا، لكان قد أخطأ فى حق كل البشرية؟ ألم يكن من واجبه أن يبشر كل الناس بأنه الإله أو البشر المتجسِّد معه؟ فهل نسى ذلك أم خاف من اليهود؟ وإذا كان يخشى اليهود فلماذا لم يخرج إلى الوثنيين وعُبَّاد الثالوث فى الهند والصين ومصر والرومان وغيرهم؟ ألا تعتقد أنه لو قعل هذا لكان أوقع لدعوته وأكثر جدية ومصداقية مما حدث؟
                              وإذا كان هذا هو لب رسالته، فما علاقة هذا بألوهيته أو بتجسده؟ وما علاقة لب رسالته هذه التى تنادى باقتراب ملكوت الله بالخطيئة الأزلية والفداء؟ فلماذا لم ينطق بألوهيته بلفظ صريح، ويُخلصكم من هذه التخبطات؟ لماذا لم يدلل على ألوهيته بأنه خلق السماوات والأرض وما بينهما وما فيهما؟ لماذا لم يُصرِّح لكل هذه القرى التى طاف بها أنه تجسَّد ليفدى البشرية من الخطيئة الأزلية التى اقترفتها حواء؟
                              وهل من العقل أن ينزل الإله على الأرض متجسدًا، يلقى الهوان من الشيطان الذى يعتقله أربعين يومًا فى الصحراء، ويتجرع الذل من عبيده، بين هروب منهم، وتسفيه له، والقبض عليه، والإستهزاء به، والبصق فى وجهه، ولطمه على وجهه، ثم تقييده وشل حركته، ثم انتزاع حياته منه، أكرر: هل من العقل أن ينزل ويحدث له كل هذا وينسى أن يخبرهم أنه هو الإله المتجسد، أو يخبرهم بأنه نزل ليفديهم من الخطيئة الأزلية؟
                              هل تعرف عزيزى المسيحى أن يسوع ذكر فى الأناجيل كلمة ابن الإنسان حوالى 83 مرة؟ بل ذكرت كلمة شيطان 14 مرة، وذكرت كلمة إبليس 26 مرة، فلم يذكر مرة واحدة أنه إله، ولم يذكر كلمة الخطيئة الأزلية، أو آدم أو حواء مرة واحدة.
                              عزيزى المسيحى: إن دخولك الجنة يتوقف على رضى الله. ورضى الله يتوقف على اتباعك لرسوله إليك. وقد أقر رسول الله إليك أنك لن تدخل الجنة إلا بقولة (لا إله إلا الله، عيسى رسول الله): (3وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ [(ويَعْرِفُوا) الترجمة اليسوعية] وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ. 4أَنَا مَجَّدْتُكَ عَلَى الأَرْضِ. الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ.) يوحنا 17: 3-4
                              عزيزى المسيحى: إن يسوع الذى تحبه يُحذرك من أن تتخذه إلهًا، فيقول لك: (22كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ: يَا رَبُّ يَا رَبُّ أَلَيْسَ بِاسْمِكَ تَنَبَّأْنَا وَبِاسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ وَبِاسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟ 23فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! اذْهَبُوا عَنِّي يَا فَاعِلِي الإِثْمِ!) لوقا 7: 22-23
                              ويقول لك: لا إله إلا الله. إن الله هو أعظم منه، وهو الذى يستحق العبادة فقال: (لأَنَّ أَبِي أَعْظَمُ مِنِّي.) يوحنا 14: 28، وأنه لا صالح إلا هو، فقال: (لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحاً؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ.) لوقا 18: 18-19، ولا يجب أن تؤلهوا رسوله، فقال (إِنَّهُ لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ وَلاَ رَسُولٌ أَعْظَمَ مِنْ مُرْسِلِهِ.) يوحنا 14: 16، فماذا تنتظر لتفيق إلى أمر الله ورسوله؟
                              وقال فى الكتاب الذى تنسبونه إليه إنه عبد لله:
                              أعمال الرسل 3: 13 (13إِنَّ إِلهَ إِبراهيمَ وإِسحقَ ويَعْقوب، إِلهَ آبائِنا، قد مَجَّدَ عَبدَه يسوع الَّذي أَسلَمتُموه أَنتمُ وأَنكَرتُموه أَمامَ بيلاطُس، وكانَ قد عَزَمَ على تَخلِيَةِ سَبيلِه، ) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
                              أعمال الرسل 3: 26 (26فمِن أَجلِكم أَوَّلاً أَقامَ اللهُ عَبدَه وأرسَله لِيُبارِكَكم، فيَتوبَ كُلَّ مِنكُم عن سَيِّئاتِه)).) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
                              أعمال الرسل 4: 27 (27تحالَفَ حَقًّا في هذهِ المَدينةِ هِيرودُس وبُنْطيوس بيلاطُس والوَثَنِيُّونَ وشُعوبُ إِسرائيلَ على عَبدِكَ القُدُّوسِ يسوعَ الَّذي مَسَحتَه،) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
                              أعمال الرسل 4: 30 (30باسِطًا يدَكَ لِيَجرِيَ الشِّفاءُ والآياتُ والأَعاجيبُ بِاسمِ عَبدِكَ القُدُّوسِ يَسوع)).) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
                              * * *
                              وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ
                              والنقطة الثانية: هل تعنى صيغة (وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.) اتحاد الآب بالابن بالروح القدس وذلك لأنه باسم وليس بأسماء؟
                              لا. فإن النص يتكلم عن ثلاث ذوات متغايرة قرن بينها بواو العطف، التى تدل على المغايرة. وهو مثل قول الكتاب نفسه (أُنَاشِدُكَ أَمَامَ اللهِ وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَالْمَلاَئِكَةِ الْمُخْتَارِينَ) تيموثاوس الأولى 5: 21
                              فلو كان نص متى يعنى اتحاد الابن والروح القدس بالرب، لكان نص تيموثاوس يعنى أيضًا اتحاد يسوع وملايين الملائكة بالرب، ولم تقف عقيدتكم على الثالوث!
                              ويقولون لو كانوا ثلاثة لقال النص (عمودوهم بأسماء)، وبما أنه قال (اسم) على المفرد فهو واحد.
                              وإذا بحثنا فى الكتاب المقدس سنجد نصوصًا تُخالف هذا المفهوم، حيث وردت كلمة اسم بالمفرد وتشير إلى الجمع، أو قل أفضل جواز إفراد المضاف المفرد إلى المضاف إليه الجمع، منها:
                              1 - (6وَأَمَّا أَوْلاَدُكَ الَّذِينَ تَلِدُ بَعْدَهُمَا فَيَكُونُونَ لَكَ. عَلَى اسْمِ أَخَوَيْهِمْ يُسَمُّونَ فِي نَصِيبِهِمْ.) التكوين 48: 6، فهل هنا الاسم المفرد المنسوب إلى أخوين يعنى الوحدة بين هذين الاخوين؟!
                              2- (24وَيَدْفَعُ مُلُوكَهُمْ إِلى يَدِكَ فَتَمْحُو اسْمَهُمْ مِنْ تَحْتِ السَّمَاءِ. لا يَقِفُ إِنْسَانٌ فِي وَجْهِكَ حَتَّى تُفْنِيَهُمْ.) التثنية 7: 24، ولاحظ هنا أنه استخدم كلمة اسم المفردة للدلالة على أسماء الملوك، ولم يقل أحد باتحاد هؤلاء الملوك، كما يقولون باتحاد الآب والابن والروح القدس.
                              ومثلها أيضًا ما ذُكر فى سفر التثنية، حيث ذكر أن الرب سيمحو اسم أعدائه، وهم شعوب كاملة وليس أسماءهم: (14أُتْرُكْنِي فَأُبِيدَهُمْ وَأَمْحُوَ اسْمَهُمْ مِنْ تَحْتِ السَّمَاءِ وَأَجْعَلكَ شَعْباً أَعْظَمَ وَأَكْثَرَ مِنْهُمْ.) التثنية 9: 14
                              3- (7حَتَّى لاَ تَدْخُلُوا إِلَى هَؤُلاَءِ الشُّعُوبِ أُولَئِكَ الْبَاقِينَ مَعَكُمْ، وَلاَ تَذْكُرُوا اسْمَ آلِهَتِهِمْ وَلاَ تَحْلِفُوا بِهَا وَلاَ تَعْبُدُوهَا وَلاَ تَسْجُدُوا لَهَا.) يشوع 23: 7، ومثلها أيضًا فى (20وَأَمَّا النَّبِيُّ الذِي يُطْغِي فَيَتَكَلمُ بِاسْمِي كَلاماً لمْ أُوصِهِ أَنْ يَتَكَلمَ بِهِ أَوِ الذِي يَتَكَلمُ بِاسْمِ آلِهَةٍ أُخْرَى فَيَمُوتُ ذَلِكَ النَّبِيُّ.) التثنية 18: 20، وهو هنا استخدم أيضًا كلمة ”اسم“ المفردة للدلالة على الآلهة الوثنية العديدة، التى تُعبد من دونه، بل وأشار إليها فى الكلمات التى تليها بالضمير المفرد أيضًا.
                              وهنا أتذكر كلمة أحد الزعماء فى مصر عندما كان يستهل خطبته بقوله: (باسم الشعب)، ولم يعتقد إنسان أنه يقصد اتحاد الشعب فى فرد (أقنوم) واحد.
                              ومثل هذا ورد أيضًا فى القرآن الكريم، ومنها قوله: {أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} (87) سورة آل عمران
                              * * *
                              وبالنسبة لقوله إن الآب هو الابن وهو نفسه الروح القدس فهذا سيؤدى إلى فساد أخلاقى فى المجتمع لا حصر له، حيث يكون الروح القدس الذى حل على مريم وحبَّلها هو الابن نفسه، فتكون الأم قد حملت من ابنها (فالروح القدس هو الابن) ثم أنجبت زوجها، الذى هو ابنها أيضًا. فهذا فساد للعقل والأخلاق، ووثنية علمنا بوجودها فى الديانات الوثنية التى حاربها الله تعالى عن طريق كل أنبيائه.
                              ولو كان الآب هو نفسه الابن وهما نفسهما الروح القدس، لجاز لكم أن تقولوا باسم الروح القدس والآب والابن أو باسم الابن والروح القدس والآب، وهو غير جائز عندكم، بل يكفر من يفعل ذلك.
                              ولو كان الآب هو نفسه الابن والروح القدس لما قلتم بأن الأقانيم متمايزة أى مختلفة عن بعضها البعض، وتتكامل باتحادها. الأمر الذى يعنى أنهم ثلاثة آلهة ناقصة، ولا بد من جمعهم فى وعاء أحدهم ليتحد الثالوث، ويصبح واحدًا.
                              ولا نعرف هل كان هذا الثالوث رابوع أثناء حمل مريم بالآب والابن والروح القدس؟ حيث كان رحمها هو الوعاء الذى حوى هذا الثالوث. وهل كانت هى بنفسها الإله الرابع أم رحمها؟ وهل كان هناك خاموس أثناء تثبيته على الصليب أو وهو فى القبر؟
                              ويا ليت الكاتب يخبرنا من الذى كان يحكم العالم وإلهه فى رحم امرأة أو ميتًا؟
                              ومن الذى كان يقوت العالم ويحيى ويميت والإله يرضع من ثديى أمه؟
                              ومن الذى مات منهم على الصليب؟ فلو مات الابن فقط لما كملت عملية الفداء، ولو مات الآب ومعه الباقون فلمن أسلم الروح؟ ومن الذى أحيا الإله بعد مماته؟ وما اسم الإله الرابع الذى لا يموت ولا يدنى منه أحد ولم يره أحد؟
                              والأغرب من ذلك أنهم يقولون إن أصل الوجود هو الآب، ثم بعد ذلك يُقرُّون أن الروح القدس منبثق من الآب أو الآب والابن. ومعنى ذلك أنه محدث عليهما وليس بأزلى.
                              ونفس الشىء نجده مع الابن، فهم يقولون إنه مولود، والمولود لا بد أن يكون مخلوقًا، وذلك بنصوص الكتاب أيضًا. الأمر الذى يدل بالبداهة على أنه كذلك مُحدَث على الآب. والدليل على ذلك أن هذا الثالوث لم يظهر إلا فى من يدعى اتباع عيسى ، ولم يعرفه نبى أو مؤمن فى الكتاب الذى يقدسونه.
                              وحول هذه العبارة قالت دائرة المعارف الفرنسية: ”نعم إن العادة فى التعميد كانت أن يذكروا عليه اسم الأب والابن والروح القدس، ولكنا سنريك أن هذه الكلمات الثلاث كانت مدلولات غير ما يفهم نصارى اليوم، وأن تلاميذ المسيح الأولين الذين عرفوا شخصه وسمعوا قوله كانوا أبعد الناس عن اعتقاد أنه أحد الأركان الثلاثة المكونة لذات الخالق، وما كان (بطرس) حواريه يعتبره أكثر من رجل يوحى إليه من عند الله“. (ص223 ”النصرانية من التوحيد إلى التثليث“ نقلا عن دائرة معارف القرن العشرين، محمد فريد وجدى ج10 ص202)
                              لذلك بيَّن ابن تيمية فى (الجواب الصحيح ج2 ص98) أن عبارة التعميد المقصود منها: (مروا الناس أن يؤمنوا بالله ونبيه الذى أرسله، وبالملك الذى أنزل عليه الوحى الذى جاء به، فيكون ذلك أمرًا لهم بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، وهذا هو الحق الذى يدل عليه صريح المعقول وصحيح المنقول). (ص224 ”النصرانية من التوحيد إلى التثليث“)
                              وذلك لأن الأب هو الله، وأن الابن هو المسِّيِّا النبى الخاتم، الذى أنبأ عيسى  عن قرب قدومه، وأن الروح القدس هو جبريل ملاك الله ورسوله إلى أنبيائه، وهو كان مكروهًا عند اليهود. (10وَلَكِنَّهُمْ تَمَرَّدُوا وَأَحْزَنُوا رُوحَ قُدْسِهِ فَتَحَوَّلَ لَهُمْ عَدُوّاً وَهُوَ حَارَبَهُمْ) أشعياء 63: 10، وقال أيضًا: (51«يَا قُسَاةَ الرِّقَابِ وَغَيْرَ الْمَخْتُونِينَ بِالْقُلُوبِ وَالآذَانِ أَنْتُمْ دَائِماً تُقَاوِمُونَ الرُّوحَ الْقُدُسَ. كَمَا كَانَ آبَاؤُكُمْ كَذَلِكَ أَنْتُمْ.) أعمال الرسل 7: 51
                              ”وتستشهد دائرة المعارف الفرنسية بأقوال قدماء المؤرخين، فتؤكد صحة ما ذهبت إليه، ومن هؤلاء المؤرخين جوستن مارستر (مؤرخ لاتينى فى القرن الثانى) حيث يقول: (إنه كان فى زمنه فى الكنيسة مؤمنون يعتقدون أن عيسى هو المسيح، ويعتبرونه إنسانًا بحتًا، وإن كان أرقى من غيره من الناس، وحدث بعد ذلك أنه كلما نما عدد من تنصر من الوثنيين، ظهرت عقائد جديدة لم تكن من قبل)“.(ص225 ”النصرانية من التوحيد إلى التثليث“)
                              * * *
                              رأى علماء اللاهوت فى عبارة متى 28: 19:
                              أما عن رأى علماء اللاهوت والكتاب المقدس فى صيغة التثليث فأنقل إليكم هنا ما كتبه (كلينتون دي ويليس): وترجمه (Al_sarem76)
                              (by: Clinton D. Willis، [email protected])
                              ملحوظة:
                              1) كل ما بين قوسين من النوع "{ }" فهو من المترجم.
                              2) لم أقم بترجمة كل الشهادات ولكن معظمها لضيق الوقت ولأن ما فيها مكرر لما هو مترجم بالفعل، وقد تركت لضيق الوقت بعض الشهادات من الموجودة بالمقال وفيما هو موجود الكفاية. [وقمت أنا علاء أبو بكر بإضافة بعض الحروف ليستقيم معنى الجملة العربية لغويًا دون أن تؤثر فى المضمون. ووضع تحتها خطًا. كما أعدت ترجمة بعض الجمل من الأصل]
                              موسوعة الأديان والأخلاق: The Encyclopedia of Religion and Ethics
                              قالت الموسوعة على ما جاء في متى 28: 19 (إنه الدليل المركزي على وجهة النظر التراثية للتثليث. فإن كان غير مشكوك فيه، لكان بالطبع دليلاً حاسمًا، ولكن كونه موثوقًا أمر مطعون فيه على خلفيات نقد النصوص والنقد الأدبي والتاريخي.
                              ونفس الموسوعة أفادت قائلة: (إن التفسير الواضح لصمت العهد الجديد عن اسم الثالوث واستخدام صيغة أخرى (باسم المسيح (1) في أعمال الرسل وكتابات بولس، هو (أي التفسير) أن هذه الصيغة كانت متأخرة، وأن صيغة التثليث كانت إضافة لاحقة. {(1) ويشير الكاتب إلي الصيغة التي وردت في أعمال الرسل ورسائل بولس ومن مثلها: (أعمال 8: 12: (ولكن لما صدقوا فيلبس وهو يبشر بالأمور المختصة بملكوت الله و"باسم يسوع المسيح اعتمدوا" رجالا ونساء. و(كورنثوس11: 2 (الى كنيسة الله التي في كورنثوس المقدسين في المسيح يسوع المدعوين قديسين مع جميع الذين يدعون "باسم ربنا يسوع المسيح" في كل مكان لهم ولنا. وغيرها ولا وجود إطلاقاً لصيغة التثليث في متى}.
                              إدموند شلنك،عقيدة التعميد،ص28: Edmund Schlink، The Doctrine of Baptism
                              صيغة الأمر بالتعميد الواردة بمتى 28: 19 لا يمكن أن يكون الأصل التاريخي للتعميد المسيحي. وعلى أقل تقدير، يجب أن يفترض أن هذا النص نُقِلَ عن الشكل الذي نشرته الكنيسة الكاثوليكية.
                              تفسير العهد الجديد لتيندال: (ج1 ص275): The Tyndale New Testament Commentaries
                              إنه من المؤكد أن الكلمات "باسم الأب والابن والروح القدس" ليست النص الحرفي لما قاله عيسى، ولكن … إضافة دينية لاحقة.
                              المسيحية، لفيلهيلم بوسيت وكيريوس (ص295): Wilhelm Bousset، Kyrios Christianity
                              إن الشهادة للإنتشار الواسع للصيغة التعميدية البسيطة [باسم المسيح] حتى القرن الميلادي الثاني، كان كاسحًا جدًا برغم وجود صيغة متى 28: 19 وهذا يُثبت أن الصيغة التثليثية أقحمت لاحقاً.
                              الموسوعة الكاثوليكية،(المجلد الثاني،ص236): The Catholic Encyclopedia
                              إن الصيغة التعميدية قد غيرتها الكنيسة الكاثوليكية في القرن الثاني من باسم يسوع {عيسى} المسيح لتصبح باسم الأب والابن والروح القدس.
                              قاموس الكتاب المقدس لهاستينج (طبعة 1963، ص1015): Hastings Dictionary of the Bible
                              الثالوث: - … غير قابل للإثبات المنطقي أو بالأدلة النصية {لا معقول ولا منقول}، … كان ثيوفيلوس الأنطاكي (180م) هو أول من استخدم المصطلح "ثلاثي"، … (المصطلح ثالوث) غير موجود في النصوص.
                              النص التثليثي الرئيسي في العهد الجديد هو الصيغة التعميدية في متى 28: 19 ... وهذا القول المتأخر فيما بعد القيامة غير موجود في أي من الأناجيل الأخرى أو في أي مكان آخر في العهد الجديد، هذا وقد رآه بعض العلماء كنص موضوع أُقحم في إنجيل متى. حتى إن الإشارة المتأخرة للتعميد بصيغتها التثليثية لربما كانت إقحام لاحق في الكلام.
                              وأخيرًا فإن صيغة يوسابيوس للنص (القديم) كان ("باسمي" بدلاً من اسم الثالوث) لها بعض المدافعين عنها. (بالرغم من وجود صيغة التثليث الآن في الطبعات الحديثة لكتاب متى) فهذا لا يضمن أن مصدرها هو من التعليم التاريخي ليسوع. والأفضل بلا شك النظر لصيغة التثليث هذه على أنها مستمدة من الطقس التعميدي للمسيحيين الكاثوليكيين الأوائل ربما السوريين أو الفلسطينيين (أنظر ديداكى 7: 1-4)، وعلى أنها تلخيص موجز للتعاليم الكنسية الكاثوليكية عن الآب والابن والروح ... .
                              موسوعة شاف هيرزوج للعلوم الدينية: The Schaff-Herzog Encyclopedia of Religious Knowledge
                              لا يمكن أن يكون يسوع قد أعطى تلاميذه هذا التعميد الثالوثي بعد قيامته - فالعهد الجديد يعرف صيغة واحدة فقط للتعميد باسم المسيح (أعمال2: 38، 8: 16، 10: 43، 19: 5 وأيضاً في غلاطية 3: 27، رومية 6: 3، كورنثوس الأولى 1: 13-15)، والتي بقيت موجودة حتى في القرنين الثاني والثالث. بينما لا توجد الصيغة التثليثية إلا في متى 28: 19 فقط، في الديداكى 7: 1، وفي جوستين أعمال الرسل 1: 61 ... أخيراً، الطبيعة الطقسية الواضحة لهذه الصيغة ...غريبة، وهذه ليست طريقة يسوع في عمل مثل هذه الصياغات ... وبالتالي فالثقة التقليدية في صحة (أو أصالة) متى 28: 19 يجب أن تُناقش.( صـ 435).
                              كتاب جيروزاليم المقدس، عمل كاثوليكي علمي: The Jerusalem Bible، a scholarly Catholic work، states قرر أن:
                              من المحتمل أن هذه الصيغة، (الثالوثية بمتى 28: 19) بكمال تعبيرها واستغراقه، هي انعكاس للإستخدام الطقسي (فعل بشري) الذي تقرر لاحقًا في الجماعة (الكاثوليكية) الأولى. سيبقى مذكورًا أن الأعمال {أعمال الرسل} تتكلم عن التعميد "باسم يسوع،"... .
                              الموسوعة الدولية للكتاب المقدس، المجلد الرابع، صفحة 2637، The International Standard Bible Encyclopedia وتحت عنوان "العماد" Baptism قالت:
                              ماجاء في متى 28: 19 كان تقنينًا {أو ترسيخًا} لموقف كنسي متأخر، فشموليته تتضاد مع الحقائق التاريخية المسيحية، بل والصيغة التثليثية غريبة على كلام يسوع.
                              جاء في الإصدار المحقق الجديد للكتاب المقدس (NRSV)عن متى28: 19: New Revised Standard Version
                              يدعي النقاد المعاصرين أن هذه الصيغة نسبت زوراً ليسوع وأنها تمثل تقليداً متأخراً من تقاليد الكنيسة (الكاثوليكية)، لأنه لا يوجد مكان في كتاب أعمال الرسل (أو أي مكان آخر في الكتاب المقدس) تم التعميد فيه باسم الثالوث. .. .
                              ترجمة العهد الجديد لجيمس موفيت: James Moffatt's New Testament Translation
                              في الهامش السفلي صفحة 64 تعليقًا على متى 28: 19 قرر المترجم أن: من المحتمل أن هذه الصيغة، (الثالوثية بمتى 28: 19) بكمال تعبيرها واستغراقه، هي
                              انعكاس للإستخدام الطقسي (فعل بشري) الذي تقرر لاحقاً في الجماعة (الكاثوليكية) الأولى. سيبقى مذكوراً أن الأعمال {أعمال الرسل} تتكلم عن التعميد "باسم يسوع، راجع أعمال الرسل 1: 5 +.".
                              توم هاربر: Tom Harpur
                              يخبرنا توم هاربر، الكاتب الديني في صحيفة تورنتو ستار، وفي عموده "لأجل المسيح" صفحة 103 بهذه الحقائق:
                              كل العلماء ما عدا المحافظين يتفقون على أن الجزء الأخير من هذه الوصية [الجزء التثليثي بمتى 28: 19 ] قد أقحم لاحقًا. الصيغة [التثليثية] لا توجد في أي مكان آخر في العهد الجديد، ونحن نعرف من الدليل الوحيد المتاح [باقي العهد الجديد] أن الكنيسة الأولى لم تُعَمِّد الناس باستخدام هذه الكلمات ("باسم الآب والابن والروح القدس")، وكان التعميد "باسم يسوع مفردًا".
                              وبناءًا على هذا فقد طُرِحَ أن الأصل كان "عمدوهم باسمي" وفيما بعد مُدِّدَت [غُيِّرَت] لتلائم العقيدة [التثليث الكاثوليكي المتأخر].
                              في الحقيقة، إن التصور الأول الذي وضعه علماء النقد الألمان والموحدون أيضًا في القرن التاسع عشر قد تقررت وقُبِلَت كخط رئيسي لرأي العلماء منذ 1919 عندما نـُـشِرَ تفسير بيك { Peake }الكنيسة الأولى (33م) لم تلاحظ الصيغة المنتشرة للتثليث برغم أنهم عرفوها. إن الأمر بالتعميد باسم الثلاثة [الثالوث] كان توسيعًا {تحريفًا} مذهبيًا متأخرًا".
                              تفسير الكتاب المقدس 1919 صفحة 723: The Bible Commentary 1919
                              قالها الدكتور بيك(Peake) واضحة: إن الأمر بالتعميد باسم الثلاثة كان توسيعًا {تحريفًا} مذهبيًا متأخرًا. وبدلاَ من كلمات التعميد باسم الآب والابن والروح القدس، فإنه من الأفضل أن نقرأها ببساطة - "بِاسمي.".
                              ويقول أيضًا: يشكُّ معظم المعلقين فى أصالة صيغة التثليث هذه فى إنجيل متى، حيث إنها لا توجد فى أى مكان آخر من العهد الجديد، الذى لا يعرف هذه الصيغة، ويصف التعميد أنه يتم باسم المسيح، كما جاءت فى أعمال الرسل 2: 38 و8: 16.

                              تعليق


                              • الملف 80
                                كتاب لاهوت العهد الجديد: Theology of the New Testament
                                تأليف آر بولتمان، 1951، صفحة 133، تحت عنوان مشكلة الكنيسة الهلينستية والأسرار المقدسة. الحقيقة التاريخية أن العدد متى 28: 19 قد تم تبديله بشكل واضح وصريح. "لأن شعيرة التعميد قد تمت بالتغطيس حيث يُغطَس الشخص المراد تعميده في حمام، أو في مجرى مائي كما يظهر من سفر الأعمال 8: 36، والرسالة للعبرانيين 10: 22، .. والتي تسمح لنا بالإستنتاج، وكذا ما جاء في كتاب الديداكى 7: 1-3 تحديدًا، إعتمادًا على النص الأخير [النص الكاثوليكي الأبوكريفي] أنه يكفي في حال الحاجة سكب الماء ثلاث مرات [تعليم الرش الكاثوليكي المزيف] على الرأس. والشخص المُعَمَّد يسمي على الشخص الجاري تعميده باسم الرب يسوع المسيح، "وقد وُسِّعت [بُدِّلَت] بعد هذا لتكون باسم الأب والابن والروح القدس.".
                                عقائد وممارسات الكنيسة الأولى: Doctrine and Practice in the Early Church
                                تأليف دكتور. ستيوارت ج هال 1992، صفحة 20-21. الأستاذ {بروفيسر} هال كان رسميًا أستاذًا لتاريخ الكنيسة بكلية كينجز، لندن انجلترا. قال دكتور هال بعبارة واقعية: إن التعميد التثليثي الكاثوليكي لم يكن الشكل الأصلي لتعميد المسيحيين، والأصل كان معمودية اسم المسيح.
                                3- يقول ويلز: لم يقم دليل على أن حواريي المسيح اعتنقوا التثليث". ويقول أدولف هرنك: "صيغة التثليث هذه التي تتكلم عن الآب والابن والروح القدس، غريب ذكرها على لسان المسيح، ولم يكن لها وجود في عصر الرسل، … كذلك لم يرد إلا في الأطوار المتأخرة من التعاليم النصرانية ما تكلم به المسيح وهو يلقي مواعظ ويعطي تعليمات بعد أن أقيم من الأموات. وأن بولس لم يعلم شيئًا عن هذا ".([1]) إذ هو لم يستشهد بقول ينسبه للمسيح يحض على نشر النصرانية بين الأمم.
                                4- ويؤكد تاريخ التلاميذ عدم معرفتهم بهذا النص إذ لم يخرجوا لدعوة الناس كما أمر المسيح، ثم لم يخرجوا من فلسطين إلا حين أجبرتهم الظروف على الخروج "وأما الذين تشتتوا من جراء الضيق الذي حصل بسبب استفانوس فاجتازوا إلى فينيقية وقبرص وأنطاكيا وهم لا يكلمون أحدًا بالكلمة إلا اليهود فقط" (أعمال 11: 19).
                                ولما حدث أن بطرس استدعي من قبل كرنيليوس الوثني ليعرف منه دين النصرانية، ثم تنصر على يديه. لما حصل ذلك لامه التلاميذ فقال لهم: "28فَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ كَيْفَ هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَى رَجُلٍ يَهُودِيٍّ أَنْ يَلْتَصِقَ بِأَحَدٍ أَجْنَبِيٍّ أَوْ يَأْتِيَ إِلَيْهِ. وَأَمَّا أَنَا فَقَدْ أَرَانِي اللهُ أَنْ لاَ أَقُولَ عَنْ إِنْسَانٍ مَا إِنَّهُ دَنِسٌ أَوْ نَجِسٌ. " (أعمال 10: 28)، لكنه لم يذكر أن المسيح أمرهم بذلك بل قال "نَحْنُ الَّذِينَ أَكَلْنَا وَشَرِبْنَا مَعَهُ بَعْدَ قِيَامَتِهِ مِنَ الأَمْوَاتِ. 42وَأَوْصَانَا أَنْ نَكْرِزَ لِلشَّعْبِ" (أعمال10: 41-42)، أى لليهود فقط.
                                5- وعليه فبطرس لا يعلم شيئاً عن نص متى الذي يأمر بتعميد الأمم باسم الأب والابن والروح القدس. ولذلك اتفق التلاميذ مع بولس على أن يدعو الأمميين، وهم يدعون الختان أي اليهود يقول بولس: "رأوا أني أؤتمنت على إنجيل الغرلة (الأمم) كما بطرس على إنجيل الختان … أعطوني وبرنابا يمين الشركة لنكون نحن للأمم، وأما هم فللختان" (غلاطية2/7-9) فكيف لهم أن يخالفوا أمر المسيح - لو كان نص متى صحيحًا - ويتقاعسوا عن دعوة الأمم، ثم يتركوا ذلك لبولس وبرنابا فقط؟
                                6- وجاءت شهادة تاريخية تعود للقرن الثاني مناقضة لهذا النص إذ يقول المؤرخ أبولونيوس :"إني تسلمت من الأقدمين أن المسيح قبل صعوده إلى السماء كان قد أوصى رسله أن لايبتعدوا كثيراً عن أورشليم لمدة اثني عشر سنة".([2])
                                الجامعة الكاثوليكية الأمريكية بواشنطن،1923،دراسات في العهد الجديد رقم 5:
                                الأمر الإلهي بالتعميد تحقيق نقدي تاريخي. كتبه هنري كونيو صـ 27.: The Catholic University of America in Washington، D. C. 1923، New Testament Studies Number 5
                                "إن نصوص سفر الأعمال ورسائل القديس بولس تشير لوجود صيغة مبكرة للتعميد باسم الرب {المسيح}". ونجد أيضًا: "هل من الممكن التوفيق بين هذه الحقائق والإيمان بأن المسيح أمر تلاميذه أن يعمدوا بالصيغة التثليثية؟ لو أعطى المسيح مثل هذا الأمر، لكان يجب على الكنيسة الرسولية أن تتبعه، ولكننا نستطيع تتبع أثر هذه الطاعة في العهد الجديد. ومثل هذا الأثر لم يوجد. والتفسير الوحيد لهذا الصمت، وبناءً على نظرة غير متقيدة بالتقليد، أن الصيغة المختصرة باسم المسيح كانت الأصلية، وأن الصيغة المطولة التثليثية كانت تطورًا لاحقًا".
                                والشهادات التى لم أترجمها هي للمصادر التالية، وهي لا تضيف للحجج الماضية شيئًا جديدًا، بل تؤكده فقط:
                                1- The Beginnings of Christianity: The Acts of the Apostles Volume 1، Prolegomena 1(أضفت أنا علاء أبو بكر هذا الإستشهاد أثناء تحقيقى له)
                                2- A History of The Christian Church 1953: by Williston Walker former Professor of Ecclesiastical History at Yale University
                                3- Catholic Cardinal Joseph Ratzinger:
                                4- "The Demonstratio Evangelica" by Eusebius: Eusebius was the Church historian and Bishop of Caesarea
                                وسيجد القارىء هذه الإستشهادات، تحليلاً كاملاً لهذا النص ورأى العلم والعلماء ودوائر المعارف وآباء الكنيسة فى هذا الموقع:
                                http://www.geocities.com/fdocc3/quotations.htm
                                http://www.geocities.com/fdocc3/in-my-name.htm
                                ويُعلق Ethelbert W. Bullinger على هذا النص فى هذا الرابط أعلاه قائلاً: ”توجد صعوبة كبيرة فيما يتعلق بكلمات التثليث [التى نقرأها فى متى 28: 19 فى نسخنا الحالية] وهى أن التلاميذ أنفسهم لم يُطيعوا هذا الأمر، ولا توجد أية إشارة فى بقية العهد الجديد، ولم يتبعها أى شخص. فقد كان التعميد فقط على اسم الرب يسوع. "ومن الصعب أن نفترض أنهم لم يعترفوا بهذا الأمر الواضح، هذا إن كانوا قد أُعطوه بالمرة، أو إذا كان هذا هو فعلاً النص الحقيقى، الذى احتوته النصوص الأولية. فلا يوجد بين النصوص اليونانية نصًا واحدًا يحتوى على هذه الصيغة يرجع إلى ما قبل القرن الرابع. يُضاف إلى ذلك أن هذا النص مُخرَّب فى كلٍ من المخطوطة الفاتيكانية والمخطوطة السينائية، وترجع باقى المخطوطات اليونانية المعروفة إلى القرن الخامس وما بعده. ومن الواضح أن الكنيسة السورية لم تعرف شيئًا عن هذه الصيغة، ويبدو .. .. أن هذه الكلمات قد أُدخلت إلى النص (ربما كانت مذكورة فى الهامش) فى كنيسة أفريقيا الشمالية [ويُحتمل أنه كانت كنيسة الإسكندرية التى كان بمثابة المقر الرئيسى لاسكندروس وأثناسيوس راجع الملحق الثالث]، وأن الكنائس السورية لم تتخذ هذه الصيغة فى نصوصها عند نسخها.“
                                (Word Studies on the HOLY SPIRIT، pp. 47-49).
                                وقد علَّق فريدريك س. كونيبير Fredrick C. Conybeare على هذا النص فى نفس الرابط أعلاه قائلاً: ”يُؤخذ فى الاعتبار أن الورقة التى تحتوى على نهاية إنجيل متى قد اختفت من أقدم المخطوطات“.(Zeitschrift f. d. Neutest. Wiss. Jahrg. II، 1901، p. 275)
                                وأنه ”فى المخطوطات الوحيدة التى تحتفظ بقراءة أقدم [تجد قراءة غير مثلثة لنص متى 28: 19]، وحتى المخطوطة السريانية السينائية، وأقدم مخطوطة لاتينية قد تلاشت الصفحات التى تحتوى على نهاية إنجيل متى“.
                                ”وقد أورد يوسابيوس نص متى 28: 19 مرات عديدة بين عامى 300-336م وبالتحديد فى تعليقاته المطولة على سفر المزامير، وتعليقاته على سفر إشعياء وفى كتابه (Demonstratio Evangelica) وكتابه (Theophany) ... وفى كتابه الشهير (تاريخ الكنيسة) وفى كتابه (Panegyric of the Emperor Constantine). وقد وجدت بعد بحث وتأنِّى فى أعمال يوسابيوس هذه أنه ذكر هذا النص سبعة عشر مرة، وفى كل مرة يذكره كالتالى: "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم باسمى، وعلموهم أن يطيعوا كل ما أمرتكم به" ... وقد جمعت كل هذه الفقرات فى
                                Zeitschrift für die neutestamentliche Wissenschaft، edited by Dr. Erwin Preuschen in Darmstaft in 1901،،
                                ما عدا واحدة نشرت فى مايو فى مجلة ألمانية فى catena“.
                                يُضاف إلى ذلك اعتراف التفسير الحديث للكتاب المقدس (متى) أن هذه القراءة لا توجد حاليًا فى أية مخطوطة لإنجيل متى. (ص463)
                                عدم علم التلاميذ وقديسى القرون الأولى بهذا النص:
                                لم تُعرف هذه الصيغة عند التلاميذ أو حتى آباء القرن الأول والثانى حتى نهايته، فلم يعرفها بطرس ولا بولس ولا فيلبُّس، ولا التلاميذ حيث ظلوا فى أورشليم، ولم يغادروها كما يقول النص، حتى اضطروا للخروج منها بسبب الإضطهادات التى كانت واقعة عليهم. وأسوق رأى القديسين فى القرون الأولى للمسيحية فى نص التثليث هذا:
                                فبداية لم يعرفها الحواريون، ويشهد بذلك سفر أعمال الرسل ورسائل بولس:
                                (47وَأَنْ يُكْرَزَ بِاسْمِهِ بِالتَّوْبَةِ وَمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا لِجَمِيعِ الأُمَمِ مُبْتَدَأً مِنْ أُورُشَلِيمَ.) لوقا 24: 47
                                فها هو بطرس لم يعرفها. ومن هو بطرس؟ إنه مالك مفاتيح ملكوت السماوات والأرض، الرجل الصخرة التى تُبنى عليها كنيسة يسوع، ولا تقوى عليها أبواب الجحيم، الرجل صاحب الحل والعقد فى الأرض والسماوات: («طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا إِنَّ لَحْماً وَدَماً لَمْ يُعْلِنْ لَكَ لَكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 18وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضاً: أَنْتَ بُطْرُسُ وَعَلَى هَذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْنِي كَنِيسَتِي وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا. 19وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطاً فِي السَّمَاوَاتِ. وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولاً فِي السَّمَاوَاتِ».) متى 16: 17-19
                                فيقول لهم بطرس: (38فَقَالَ لَهُمْ بُطْرُسُ: «تُوبُوا وَلْيَعْتَمِدْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَلَى اسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِغُفْرَانِ الْخَطَايَا فَتَقْبَلُوا عَطِيَّةَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.) أعمال الرسل 2: 38، والمفروض أن هذا قاله بطرس بعد رفع يسوع بعدة أيام قليلة. فهل هذه الأيام كافية لأن ينسى أهم تعاليم دينه، وأهم وصية لأحب شخص لديه؟
                                ولم يعرفها كذلك فِيلُبُّسَ فى أعمال الرسل 8: 12 (12وَلَكِنْ لَمَّا صَدَّقُوا فِيلُبُّسَ وَهُوَ يُبَشِّرُ بِالْأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ وَبِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ اعْتَمَدُوا رِجَالاً وَنِسَاءً.)
                                وكذلك لم يعرفها لا بطرس (كما تبيَّن من أعمال 2: 38) ولا يوحنا، ولا الروح القدس نفسه. فقد صلى بطرس ويوحنا لله ليتقبل الناس الروح القدس، واستجاب لهم الرب، وتعمَّدَ الناس على اسم الرب يسوع: (14وَلَمَّا سَمِعَ الرُّسُلُ الَّذِينَ فِي أُورُشَلِيمَ أَنَّ السَّامِرَةَ قَدْ قَبِلَتْ كَلِمَةَ اللهِ أَرْسَلُوا إِلَيْهِمْ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا 15اللَّذَيْنِ لَمَّا نَزَلاَ صَلَّيَا لأَجْلِهِمْ لِكَيْ يَقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ 16لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ حَلَّ بَعْدُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ - غَيْرَ أَنَّهُمْ كَانُوا مُعْتَمِدِينَ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ.) أعمال الرسل 8: 14-16
                                ومن المستحيل أن يحكم عاقل بخطأ هذه الصيغة التى عمَّدَ بها (فِيلُبُّسَ) الناس أمام بطرس ويوحنا، وبعد صلاتهما، ورضى الرب أن يتم هذا العمل بهذه الكيفية!! لأنه لو كان التعميد خاطىء، وعلم الرب ذلك بعلمه الأزلى، ما كان ليتقبل صلاة بطرس ويوحنا، وما كان لينزل الروح القدس فى المرة الثانية، وإلا لقلنا إنه يُمكن لأى كافر اليوم أن يقوم بطقس التعميد هذا باسم يسوع بصورة خاطئة أو باسم شخص آخر ويطاوعه الروح القدس، ويهبط على المعمَّد، ولا حاجة للقسيس للتعميد، ولا حُجَّة على الكافر الذى يُعمِّد بصيغة خاطئة! ولكان الرب نفسه متورطًا فى هذا العمل!!
                                ويصعب على العقل أن يصدق أنه تورط ثلاثة من التلاميذ مرة واحدة فى هذا التحريف، ورضوا جميعًا بتعميد الناس بصيغة لم يتفوَّه بها يسوع!! مع العلم أنه لن يُتهم فى هذا إلا يسوع الذى نسب الإنجيل له القول (دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ)
                                وهو نفس الشىء الذى حدث فيما بعد أيضًا مع بطرس نفسه: (44فَبَيْنَمَا بُطْرُسُ يَتَكَلَّمُ بِهَذِهِ الْأُمُورِ حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ كَانُوا يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ. 45فَانْدَهَشَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ مِنْ أَهْلِ الْخِتَانِ كُلُّ مَنْ جَاءَ مَعَ بُطْرُسَ لأَنَّ مَوْهِبَةَ الرُّوحِ الْقُدُسِ قَدِ انْسَكَبَتْ عَلَى الْأُمَمِ أَيْضاً - 46لأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْمَعُونَهُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ وَيُعَظِّمُونَ اللهَ. حِينَئِذٍ قَالَ بُطْرُسُ: 47«أَتُرَى يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَمْنَعَ الْمَاءَ حَتَّى لاَ يَعْتَمِدَ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ قَبِلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ كَمَا نَحْنُ أَيْضاً؟» 48وَأَمَرَ أَنْ يَعْتَمِدُوا بِاسْمِ الرَّبِّ. حِينَئِذٍ سَأَلُوهُ أَنْ يَمْكُثَ أَيَّاماً.) أعمال الرسل 10: 44-48
                                لقد عمَّد بطرس إذن باسم الرب، ولم يعمِّد بالصيغة التى يحتويها إنجيل متى. وهذه هى المرة الثالثة التى نقرأ هذا فيها فى أعمال الرسل. فقد سبق له أن عمَّدَ الناس فى (أعمال الرسل 2: 38)، واستجاب الرب له وليوحنا، وأرسل الروح القدس، واستقبله الناس وآمنوا واعتمدوا (بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ.) أعمال الرسل 8: 14-16، فهل تعتقدون أن يتركه الرب يُضلِّل باقى الناس ويستمر فى ضلاله، أم أن صيغة التعميد بإنجيل متى قد أُضيفت فيما بعد بعد مجمع نيقية؟
                                أما بالنسبة للرجل التقى حنانيا فيقول عنه الكتاب: (12ثُمَّ إِنَّ حَنَانِيَّا رَجُلاً تَقِيّاً حَسَبَ النَّامُوسِ وَمَشْهُوداً لَهُ مِنْ جَمِيعِ الْيَهُودِ السُّكَّانِ) أعمال الرسل 22: 12
                                فقد أمر حنانيا بولس نفسه أن يتطهَّر ويتعمَّد باسم الرب فقط: (16وَالآنَ لِمَاذَا تَتَوَانَى؟ قُمْ وَاعْتَمِدْ وَاغْسِلْ خَطَايَاكَ دَاعِياً بِاسْمِ الرَّبِّ.) أعمال الرسل 22: 16
                                وفى أعمال الرسل 19: 5 (5فَلَمَّا سَمِعُوا اعْتَمَدُوا بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ.) عمَّدَ بولس بنفس الصيغة التى كان يعرفها التلاميذ بطرس ويوحنا وفيلُبُّس، وبنفس الطريقة التى تعمَّد هو بها على يد الرجل التقى حنانيا.
                                كما حدَّد بولس أن التعميد يتم باسم يسوع الذى صُلب، ولا يقول أحد أن الذى صُلب هو الآب والروح القدس، على الرغم من أن قانون الإيمان يُحتِّم أن يكون الصلب قد وقع على الثلاثة، لأنهم لا ينفصلون طرفة عين: (13هَلِ انْقَسَمَ الْمَسِيحُ؟ أَلَعَلَّ بُولُسَ صُلِبَ لأَجْلِكُمْ أَمْ بِاسْمِ بُولُسَ اعْتَمَدْتُمْ؟) كورنثوس الأولى 1: 13
                                وأوضح موقفه من العماد فى رومية 6: 3، فقال: (أَمْ تَجْهَلُونَ أَنَّنَا كُلَّ مَنِ اعْتَمَدَ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ اعْتَمَدْنَا لِمَوْتِهِ)
                                وقال أيضًا في غلاطية 3: 27 (27لأَنَّ كُلَّكُمُ الَّذِينَ اعْتَمَدْتُمْ بِالْمَسِيحِ قَدْ لَبِسْتُمُ الْمَسِيحَ.)
                                بل قال الكتاب إن القداسة والتبرير لا يكون إلا باسم الرب (المعلِّم) يسوع: (11وَهَكَذَا كَانَ أُنَاسٌ مِنْكُمْ. لَكِنِ اغْتَسَلْتُمْ بَلْ تَقَدَّسْتُمْ بَلْ تَبَرَّرْتُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ وَبِرُوحِ إِلَهِنَا.) كورنثوس الأولى 6: 11
                                وكل هذا لم يخرج عن وصايا يسوع التى حددها لوقا فى إنجيله، فقد قال لهم إن المكتوب سيتم، ومن ضمن هذا المكتوب أن الكرازة ستكون باسم يسوع، وأشهدهم على ذلك، وهو الذى فعلوه من بعد: (46وَقَالَ لَهُمْ: «هَكَذَا هُوَ مَكْتُوبٌ وَهَكَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ وَيَقُومُ مِنَ الأَمْوَاتِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ 47وَأَنْ يُكْرَزَ بِاسْمِهِ بِالتَّوْبَةِ وَمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا لِجَمِيعِ الأُمَمِ مُبْتَدَأً مِنْ أُورُشَلِيمَ. 48وَأَنْتُمْ شُهُودٌ لِذَلِكَ.) لوقا 24: 46-48
                                * * *
                                من الأدلة البيِّنة الأخرى على أن صيغة التثليث بمتى لم يعرفها التلاميذ هو أن عيسى  كان مرسلاً فقط إلى بنى إسرائيل وليس للعالمين، وأتناول هذا فى موضوع قائم بذاته بعد أن أنتهى من صيغة التثليث هذه.
                                والآن: ما الذى يجب على كل مسيحى أن يعمله تجاه هذا النص؟
                                إما أن يُصدِّق يسوع وتلاميذه ويلغى نص التثليث هذا من كتابه ومن حياته، ويعترف أن التحريف أصاب إنجيل متى فى هذا النص.
                                وإما أن يكذب يسوع وتلاميذه، ويضع رأسه فى التراب هربًا من الحقيقة دون أن يواجهها، ويُصدِّق متى، الذى لم يكن يومًا ما من تلاميذ المسيح، أو على الأقل يكون تلميذه المنشق عن تعاليمه بناءًا على ما أسلفنا. ويعترف أنه يتبع دينًا جديدًا لا علاقة له بموسى أو الأنبياء أو يسوع أو رب يسوع. ويعترف أن التحريف أصاب أقوال يسوع وتآمر عليها التلاميذ وضربوا بتعاليمه عرض الحائط. وبذلك يكون التحريف أصاب كل رسائل بولس، حيث سيكون فى عداد المحرفين، وعلى الأخص رسالته الأولى إلى كورنثوس ورسالته إلى رومية ورسالته إلى غلاطية وأيضًا إنجيلى مرقس ولوقا، وسفر أعمال الرسل!!
                                وعلى ذلك فلن يخرج هذا الأمر فى النهاية من أحد الإحتمالين: الأول وهو أن يكون نص التثليث الموجود بنهاية إنجيل متى نص أصيل. وعلى ذلك فعدم ذكر التلاميذ لها سيؤدى إلى أحد هذه الاحتمالات:
                                1- إما أن يكون التلاميذ قد نسوا ما كلفهم به يسوع، وعمدوا بصيغة أخرى لأى سبب من الأسباب.
                                2- وإما لم يفهموه بصورة صحيحة، وظنوا أنهم بذلك ينفذون تعاليمه.
                                3- وإما لم يفهموه جيدًا، وضربوا بكلامه عُرض الحائط، وتصرفوا بصورة أخرى حسبوها أفضل من التى أتى بها معلمهم.
                                4- وإما فهموه جيدًا، ولم يطيعوا أمره عن قصد وتعمُّد.
                                وبأى احتمال أخذت ستجد نفسك تدين الروح القدس، الذى وافقهم على التعميد باسم يسوع، ونزل وبارك التعميد!!
                                وبما أنكم تعتبرونه الإله المتجسد، العالم بكل شىء، والذى أوحى هذه الأناجيل والرسائل بعد صعوده بعدة أعوام، فكان عليه أن يُذكرهم بما قاله لهم، وألا يتركهم يُضيِّعون مَن ورائهم!!
                                وأرى أنه أخطأ بعدم تذكيرهم خطأً لا يستحق معه التأليه، لأنه على الأقل قد ضيَّع تلاميذه بعدم معرفتهم لعقيدة التثليث هذه. وبذلك لا فائدة من قوله: (56لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُهْلِكَ أَنْفُسَ النَّاسِ بَلْ لِيُخَلِّصَ».) لوقا 9: 56، لأنه فى الحقيقة أهلكهم وأهلك من أتى بعدهم، لأنهم لم يفهموا رسالته، وكان يعلم بعلمه الأزلى كإله أنهم أغبياء ولن يفهموا، وبالتالى سينقلون تعاليمه بصورة مغايرة لما أراده، الأمر الذى سيترتب عليه عدم إتمام الكتاب، وإحراج الإله: (9لِيَتِمَّ الْقَوْلُ الَّذِي قَالَهُ: «إِنَّ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي لَمْ أُهْلِكْ مِنْهُمْ أَحَداً».) يوحنا 18: 9
                                ولا يمكنه أن يُقيم عليهم الحُجَّة يوم القايمة أو يُحاسبهم على ضلالهم. لأنه يعلم أنهم هم حملة لواء الدعوة من بعده، وهو الذى تركهم ينشرون هذه التعاليم، فتركه لهم يسيرون فى ظلمات الجهل والكفر هو تأييدٌ لأعمالهم، وتضليلٌ لغيرهم!!
                                وعلى أى حال من الحالات الأربع نصل إلى أن رسالة عيسى  الحقة قد تحرفت، وأن التلاميذ قد ضلوا عن طريق الإيمان، وأضلوكم!!
                                والإحتمال الثانى أن نص التثليث هذا لم يرد على لسان يسوع. وهذا سيؤدى إلى الآتى:
                                1- إما أن يسوع قد تكلم عن التعميد كما مارسه التلاميذ،
                                2- وإما تكلم عن التعميد بصورة أخرى لا نعرفها،
                                3- وإما لم يتكلم يسوع عن التعميد مطلقًا، وخاصة أنه لم يكن يُعمِّد.
                                4- وإما أضافه آباء الكنيسة فى القرن الرابع أو بعده تنفيذًا لقرارات مجمع نيقية الوثنى.
                                وعلى أى حال من الحالات الأربع السابقة نصل إلى أن تعاليم عيسى  الحقة وكتابه قد تحرفا!!
                                وحتى صيغة إنجيل مرقس، الذى هو أقدم الأناجيل، والذى نقل منه متى ولوقا، لا يعرف صيغة التثليث هذه ولا التعميد، فيُنسب إلى يسوع قوله: (15وَقَالَ لَهُمُ: «اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا.) مرقس 16: 15، ولا يوجد فيها لا اسمه، ولا اسم الآب، ولا الروح القدس. مع الأخذ فى الاعتبار أن نهاية إنجيل مرقس مفقودة، وأن الأعداد من 9 إلى 20 غير كتابية، فلم يفسرها الأب متى المسكين فى تفسيره، واعتبر أن إنجيل مرقس قد انتهى إلى العدد الثامن من الأصحاح السادس عشر.
                                ووضعتها التراجم العربية بين قوسين معكوفين أى اعتبرتها شرحًا، وليست نصًا مقدسًا: مثل الترجمة العربية المشتركة التى يعترف بها الكاثوليك والبروتستانت والأرثوذكس، وعلقت عليها فى هامشها قائلة: (ما جاء فى الآيات 9 إلى 20 لا يرد فى أقدم المخطوطات).
                                وقالت عنها ترجمة الآباء اليسوعيين فى هامشها (المخطوطات غير ثابتة فيما يتعلق بخاتمة إنجيل مرقس هذه (9-20))، بل أسقطتها الترجمة الإنجليزية القياسية المراجعة RSV لعام 1952 من النص ووضعتها فى الهامش.
                                كذلك لم يعرف تلاميذه أن هناك تعميد باسم الروح القدس، وهى من مبتدعات بولس، الذى أقنعهم به: (1فَحَدَثَ فِيمَا كَانَ أَبُلُّوسُ فِي كُورِنْثُوسَ أَنَّ بُولُسَ بَعْدَ مَا اجْتَازَ فِي النَّوَاحِي الْعَالِيَةِ جَاءَ إِلَى أَفَسُسَ. فَإِذْ وَجَدَ تَلاَمِيذَ 2سَأَلَهُمْ: «هَلْ قَبِلْتُمُ الرُّوحَ الْقُدُسَ لَمَّا آمَنْتُمْ؟» قَالُوا لَهُ: «وَلاَ سَمِعْنَا أَنَّهُ يُوجَدُ الرُّوحُ الْقُدُسُ». 3فَسَأَلَهُمْ: «فَبِمَاذَا اعْتَمَدْتُمْ؟» فَقَالُوا: «بِمَعْمُودِيَّةِ يُوحَنَّا». 4فَقَالَ بُولُسُ: «إِنَّ يُوحَنَّا عَمَّدَ بِمَعْمُودِيَّةِ التَّوْبَةِ قَائِلاً لِلشَّعْبِ أَنْ يُؤْمِنُوا بِالَّذِي يَأْتِي بَعْدَهُ أَيْ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ». 5فَلَمَّا سَمِعُوا اعْتَمَدُوا بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ. 6وَلَمَّا وَضَعَ بُولُسُ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْهِمْ فَطَفِقُوا يَتَكَلَّمُونَ بِلُغَاتٍ وَيَتَنَبَّأُونَ.) أعمال الرسل 19: 1-6
                                فهل تعتقدون أن التلاميذ فشلوا فى فهم مراد يسوع؟
                                وهل تعتقدون أن التلاميذ فشلوا فى استيعاب أهم بنود عقيدة معلمهم؟
                                وهل تؤمنون أن التلاميذ فشلوا فى تطبيق جملة واحدة هى لب عقيدتهم التى تعلموها من معلمهم؟
                                وإذا كان الأمر كذلك فما الذى أدراكم أن من أتوا بعدهم نجحوا فيما فشل فيه الرب وتلاميذه؟
                                وإذا كان الأمر كذلك فلماذا تعتبرون أناجيلكم موحى بها (هذا إن كان كتابها من التلاميذ أو التابعين)؟ فهل ينفع مع هؤلاء التلاميذ وحى، لو كان الرب نفسه قد أخبرهم وجهًا لوجه بما يريده؟
                                وهل تعتقدون أن الإله العليم بأن تلاميذه لن يستوعبوا أهم تعاليمه فى حياته، قد اتخذ القرار بتأجيل هذه التعاليم لبعد موته وقيامته فى الوقت الذى تتيه فيه العقول؟
                                أم تعتقدون أنه قد تعمَّد إضلال أتباعه بعد أن فشل فى تعليمهم؟ وهذا ليس بغريب عن الرب فى كتابكم: فقد اتفق من قبل مع الشيطان لإغواء أخاب (ملوك الأول 22: 19-22)، كما تعمَّد فى إعطاء بنى إسرائيل فرائض غير صالحة لا يحيون بها: (25وَأَعْطَيْتُهُمْ أَيْضاً فَرَائِضَ غَيْرَ صَالِحَةٍ وَأَحْكَـاماً لاَ يَحْيُونَ بِهَا)حزقيال 20: 25
                                وبهذا قد أثبت أن صيغة التعميد باسم الثالوث لم يعرفها أحد من التلاميذ، ولم يمارسها أحد بعد رفع المسيح عيسى ابن مريم .
                                وننتقل الآن إلى شهادة آباء الكنيسة الأول ومدى معرفتهم لصيغة التثليث هذه، لنتعرف بالضبط على الوقت الذى دخلت فيه هذه الصيغة إلى الأناجيل.
                                شهادة القديس يوسابيوس:
                                وهناك شهادات فى غاية الأهمية ذكرها أبو التأريخ الكنسى يوسابيوس القيصرى، الذى ولد عام 265م ومات عام 339م. فهو لم يعرف صيغة التثليث هذه فى نسخة إنجيل متى التى كانت بحوزته! وقد استشهد مرات عديدة بمتى 28: 19، ولم يذكر الصيغة المثلثة المذكورة بمتى حاليًا مرة واحدة. وهناك استشهادات قليلة بهذه الصيغة المثلثة ولكنها ترجع إلى المؤلفات المتأخرة التى كتبها يوسابيوس فى الفترة التى تلت إنعقاد مجمع نيقية (أى بعد 325م). وكل كتاباته التى ترجع إلى ما قبل إنعقاد هذا المجمع لا تعرف هذه الصيغة المثلثة!!
                                وقد ذكر يوسابيوس القيصرى (265-339م) مؤرخ الكنيسة فى القرن الرابع أن متى لم يذكر هذه الصيغة المثلثة، ولكنها ذكرها بصيغة (اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم باسمى) ك3 ف5 ص100 فى الترجمة العربية. وقد ذكرها فى كتاباته 17 مرة بنفس الصيغة التى ذكرها بها فى تاريخه.
                                وفى الحقيقة توجد ثلاث صيغ مختلفة لهذا النص فى كتاباته:
                                1- ”اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم ... وعلموهم أن يتمسكوا ..“ (7 مرات)
                                2- ” اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم باسمى .. وعلموهم أن يتمسكوا ..“ (17 مرة)
                                3- ” اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمِّدوهم باسم الأب والابن والروح القدس، وعلموهم أن يتمسكوا ..“ (5 مرات)
                                والمدقق لهذه الصيغ الثلاثة يجد أن الصيغ التى كانت قبل مجمع نيقية، والتى لا تشير لا من قريب أو من بعيد إلى التثليث، قد تجاهلت التعميد، ولم تظهر صيغة التعميد هذه إلا فى النص الذى صيغ بعد مجمع نيقية. وهذا يتطابق مع أفعال عيسى  لأنه لم يكن يُعمِّد أحد، بل كان تلاميذه هم الذين يقومون بهذا العمل: (2مَعَ أَنَّ يَسُوعَ نَفْسَهُ لَمْ يَكُنْ يُعَمِّدُ بَلْ تلاَمِيذُهُ) يوحنا 4: 2
                                هذا على الرغم من وجود نص آخر يتعارض مع النص الذى ذُكر، ويؤكد أن يسوع كان يُعمِّد، فهو يقول: (22وَبَعْدَ هَذَا جَاءَ يَسُوعُ وَتلاَمِيذُهُ إِلَى أَرْضِ الْيَهُودِيَّةِ وَمَكَثَ مَعَهُمْ هُنَاكَ وَكَانَ يُعَمِّدُ.) يوحنا 3: 22
                                ويوضح الجدول القادم عدد المرات التى استخدم فيها يوسابيوس كل صيغة واسم المؤلَّف الذى ذُكرت فيه، نقلاً عن Wolfgang Schneider من الموقع الأتى:
                                http://www.bibelcenter.de/bibel/trin..._allgemein.php
                                اسم المؤلَّف عدد المرات التى ذُكرت بها
                                الصيغة (1) الصيغة (2) الصيغة (3)
                                Demonstratio euangelica 3 5
                                Commentarius in Psalmos 2 4
                                Commentarius in Isaiam 2
                                Historia ecclesiastica 1
                                De laudibus Constantini 1
                                Theophania 1 4 1
                                De ecclesiastica theologia 1 1
                                Der Brief nach Caesarea 1
                                Contra Marcellum 2
                                 الإجمالى 7 مرات 17 مرة 5 مرات
                                شهادة القديس جوستين الشهيد Justin Martyr:
                                توجد فى كتابات هذا القديس والتى ترجع إلى 130-140م استشهاد أقره الكثير من العلماء، وهو استشهاد يُشير إلى متى 28: 19، يوجد هذا الاستشهاد فى حديثه مع تريفو 39 ص258، يقول فيه: ”لم يعقد الرب محاكمته بعد، لأنه يعلم أنه مازال هناك أناس يتم تحويلهم إلى تلاميذ باسم مسيحه، وأنهم سيتركون طريق الخطأ، والذين يقبلون العطايا، مثل أى إنسان جدير بالاحترام، والذين أضاءت أرواحهم من خلال اسم هذا المسيح“.
                                ثم رفضت هذه الكلمات فيما بعد من الكثير من العلماء والاهوتيين كاستشهاد له علاقة بما قاله متى فى 28: 19، وذلك لخلو كلامه من صيغة التعميد المثلثة التى ينتهى بها كلام متى. ولكن هذا الرفض قد زال منذ نهاية القرن التاسع عشر، حينما خرجت كتابات يوسابيوس القيصرى للنور. حيث يبدو أن جوستين كان بيديه نص متى عام 140م والذى استشهد منه يوسابيوس فيما بعد بين عامى 300-340م. (ارجع إلى:Artikel von F. C. Conybeare in The Hibbert Journal von Okt. 1902، page 106)
                                شهادة القديس أفراتس Aphraates:
                                توجد شهادة أخرى جديرة بالاعتبار وهى شهادة القديس الأرامى السورى أفراتس والذى كتب بين عامى 337 و345م، ويستشهد بالنص بصيغته الرسمية قائلاً: ”تلمذوا جميع الأمم وسوف يؤمنون بى“، وتشير كلماته الأخيرة (كما يرى عالم الكتاب المقدس Wolfgang Schneider) إلى صيغة (باسمى) التى تجدها عند يوسابيوس. وكيفما كان الحال فإنها لا تحتوى على صيغة التثليث التى جاءت فى النص المستلم، فلو كان استشهاد أفراتس هو استشهاد شاذ عن المألوف فماذا نقول عن استشهادات يوسابيوس والقديس جوستين الشهيد، وهو مطابق لاستشهاده؟ (المرجع السابق ص107)
                                وبهذا نجد أيضًا أن أفراتس الذى ترجع كتاباته إلى بدايات القرن الرابع لم يذكر ولو لمرة واحدة صيغة التثليث هذه، تمامًا مثل جوستين الشهيد فى ذلك.
                                شهادة القديس باسيليوس:
                                يقر القديس باسيليوس الكبير (329-379م) بأن التعميد بصيغة التثليث إنما هو مجرد تقليد، لأنه من أسرار الكنيسة غير المكتوبة التى تسلمها الآباء من المسيح، وتوارثوها شفاهًة بالتتابع، ويتحفظون من إعلانها أو حتى كتابتها، كى لا يطلع أعداؤهم على أسرار ديانتهم. وهم يقسرون الإنجيل على ضوء هذه التقاليد وليس العكس .. وبدون ذلك لا يصح التفسير فى نظرهم. فهو يقول:
                                But the object of attack is faith. The one aim of the whole band of opponents and enemies of “sound doctrine” is to shake down the foundation of the faith of Christ by levelling apostolic tradition with the ground، and utterly destroying it. So like the debtors،—of course bona fide debtors— they clamour for written proof، and reject as worthless the unwritten tradition of the Fathers. But we will not slacken in our defence of the truth. We will not cowardly abandon the cause. The Lord has delivered to us as a necessary and saving doctrine that the Holy Spirit is to be ranked with the Father. Our opponents think differently، and see fit to divide and rend asunder، and relegate Him to the nature of a ministering spirit ... "
                                http://www.ccel.org/ccel/schaff/npnf208.vii.xi.html
                                ويُعرِّب د. جورج حبيب بباوي ما قاله القديس باسيليوس الكبير (القديس باسيليوس الكبير: الروح القدس) ف10 ص91 قائلاً: إن الموضوع المتنازع عليه هو مسألة إيمان. وإن هدف عصابة خصوم التعليم الشفاهية [التقليد الشفاهى] وأعدائه هو: ”هدم التسليم الرسولي ومحوه ليصبح في مستوى تراب الأرض وهم مثل الذين عليهم دين واقترضوا من آخرين، ولكنهم يطلبون الإبطال، أي الوثيقة المكتوبة ويرفضون تسليم الآباء غير المكتوب كأنه بلا قيمة. أما نحن فلن نتأخر عن الدفاع عن الحق ولن نهرب مثل الجبناء لقد سلمنا الرب كأساس للخلاص [وهو] التعليم بأن الروح القدس يُحسب مع الآب في جوهر واحد. أما المقاومون فهم يقولون عكس ذلك ويُعبرون عن رأيهم بفصل الروح القدس عن الآب واعتباره في مرتبة الأرواح الخادمة“ (نقلاً عن الدكتور أمير عبد الله)
                                إن باسيليوس هذا هو صاحب كتاب يتبنى فيه تأليه الروح القدس. فهل تتخيلون أن من يُنادى بتأليه الروح القدس يعترف أنه لا يوجد لديه نص فى الكتاب بما يقوله، وأن ما ينادى به هو تقليد شفاهى فقط؟ وهذا يعنى أنه إلى الربع الأخير من القرن الرابع لم يكن هذا النص قد أُدخل إلى إنجيل متى!!
                                وإذا كان هذا تقليدًا شفاهيًا، فكيف ومتى ولماذا دخلت هذه الصغة المثلثة إلى إنجيل متى؟ وما علاقة هذا بتعاليم يسوع وإنجيله؟
                                وإذا كانت موجودة فى الإنجيل فكيف لم يعرفها التلاميذ أو الآباء المذكوين؟ وإذا جاز للتلاميذ أن يُخطئوا فى عقيدة مهمة مثل عقيدة التثليث فكيف تأمنون على باقى العقائد التى أتت عن طريقهم؟ وإذا أخطأ باسيليوس وغيره من الآباء الذين قرروا عدم معرفتهم بصيغة التثليث، فعليكم أن تضربوا عرض الحائط بكل ما أتى عن طريق هؤلاء القديسين!! وإذا قبلتم التثليث كتقليد شفاهى، فلماذا رفضتم الكثير من التقاليد الشفاهية الأخرى، ومنها التوحيد الذى كان آريوس يتبنَّاه؟
                                وقد جاء إقرار باسيليوس بذلك فى رده على المعترضين فى زمنه على تأليه الروح القدس من آريوسيين وغيرهم حيث كان هؤلاء يحتجون بأن تأليه الروح لم يرد فى أى أصل مكتوب ويطالبون من يؤلهونه بتقديم السند الكتابى من الإنجيل أو غيره من أصولهم المدونة الذى يبرر دعواهم .. وهو ما يعنى أن صيغة التثليث، أو تأليه الروح القدس حتى ذلك الوقت من القرن الرابع لم تكن قد دونا بعد فى الإنجيل وإلا لكان استشهد بها باسيليوس أو أثناسيوس فى مناظراته ضد آريوس!!
                                وقد يُعلِّل هذا سبب اختفاء نهاية إنجيل متى من المجلد السينائى والفاتيكانى: إنه التخريب المتعمَّد من قِبَل أُناس فقدوا ضمائرهم أو لم يعتبروا هذه الكتب كتبًا إلهية أوحى الله بها. وهو الأمر الذى دعا مترجمو الكتاب المقدس للآباء اليسوعيين أن يقدموا كتابهم موضحين أن نصوص الكتاب المقدس وعلى الأخص العهد الجديد قد أضاف عليه النسَّاخ فقرات جديدة، أسموها زخارف وشوائب، تؤيد هذه الفقرات بالطبع وجهة نظر الكنيسة التى ينسخون لها. فقد قال تحت عنوان (نص العهد الجديد): ”فإن نص العهد الجديد قد نسخ ثم نسخ طوال قرون كثيرة بيد نسَّاخ صلاحهم للعمل متفاوت، وما من واحد منهم معصوم من مختلف الأخطاء التى تحول دون أن تتصف أية نسخة كانت، مهما بُذِلَ من الجهد بالموافقة التامة للمثال الذى أُخذت عنه.“
                                ”يُضاف إلى ذلك أن بعض النساخ حاولوا أحيانًا، عن حُسن نية، أن يصوِّبوا ما جاء فى مثالهم وبدا لهم أنه يحتوى أخطاء واضحة أو قلّة دقة فى التعبير اللاهوتى. وهكذا أدخلوا إلى النص قراءات جديدة تكاد تكون كلها خطأً.“
                                ”ثم يمكن أن يُضاف إلى ذلك كله أن استعمال كثير من الفقرات من العهد الجديد فى أثناء إقامة شعائر العبادة أدّى أحيانًا كثيرة إلى إدخال زخارف غايتها تجميل الطقس أو إلى التوفيق بين نصوص مختلفة ساعدت عليه التلاوة بصوت عالٍ.“
                                ”ومن الواضح أن ما أدخله النسَّاخ من التبديل على مر القرون تراكم بعضه على بعضه الآخر، فكان النص الذى وصل آخر الأمر إلى عهد الطباعة مُثقلاً بمختلف ألوان التبديل ظهرت فى عدد كبير من القراءات. والمثال الأعلى الذى يهدف إليه علم نقد النصوص هو أن يُمحِّص هذه الوثائق لكى يقيم نصًّا يكون أقرب ما يمكن من الأصل الأول، ولا يُرجى فى حال من الأحوال الوصول إلى الأصل نفسه“.
                                ”يُضاف إلى مراجعة الكتب المخطوطة باليونانية والترجمات القديمة أن علماء نقد النصوص يحاولون الاستفادة مما فى مؤلفات آباء الكنيسة من شواهد كثيرة جداً أُخذت من العهد الجديد. .. .. .. غير أن لهذه الشواهد محذورَيْن. فالأمر لا يقتصر على أن كلاً منها لا يورد إلا شيئًا يسيرًا من النص، بل كان الآباء على سوء طالعنا، يستشهدون به فى أغلب الأحيان عن ظهر قلبهم ومن غير أن يراعوا الدقة مراعاة كبيرة. فلا يمكننا، والحالة هذه، أن نثق تمامًا بما ينقلون إلينا.“
                                ويقول المدخل ص14 عن النص الاسكندرى: ”يكاد يُجمع أهل الإختصاص كلهم على أن لهذا النص قيمة عظيمة من جهة الدقة .. .. وتعتمد طبعات العهد الجديد منذ النصف الثانى من القرن التاسع عشر هذا المثال للنص وهى محقة فى ذلك وإن كان لا يمكن عدَّه خاليًا من الشوائب“.
                                وكما يقول الدكتور القس منيس عبد النور فى كتابه المترجم (فى علم اللاهوت) ج1 ص35: ”لا يوجد مقياس لمعرفة صحيح التقاليد من خاطئها .. فقد دخل فى الأزمنة الغابرة فى الكنيسة كثير من التقاليد التى تمسكوا بها. ثم تبين أنها كاذبة فرفضوها.“ (راجع المناظرة الكبرى مع القس زكريا بطرس حول صحة الكتاب المقدس)
                                فالتحريف إذن ليس بجديد على الآباء أو النسَّاخ، والكثيرون قد حاولوا زخرفة النصوص بما يتفق مع تقاليد كنيستهم، سواء كان هذا تخريبًا عن عمد، أم عن حُسن نية، كما تقول مقدمة الكتاب، حتى إن علماء نصوص الكتاب المقدس اليوم لا يمكنهم تحديد التقاليد الصحيحة من غيرها!!
                                ثم يستكمل باسيليوس دفاعه مؤكدًا أن التعميد بصيغة التثليث لم يرد مطلقا فى أى أصل مكتوب فى الإنجيل أو غيره .. وإنما هو مجرد تقليد أو تسليم يُسلَّم شفاهًا من الأباء عن المعمودية: فيقول باسيليوس: ”وسوف أحتاج لوقت طويل جدًا إذا حاولت أن أسرد (أسرار) الكنيسة غير المكتوبة. أما عن باقى الموضوعات فلا يجوز لى أن أقول عنها أى شىء .. أما عن الاعتراف بإيماننا بالأب والابن والروح القدس فما هو المصدر المكتوب لهذه العقيدة؟ إذا كان حقا أننا اعتمدنا فإن التسليم الخاص بالمعمودية يحتم الإيمان والاعتراف بصيغة معروفة عند معموديتنا….“ (القديس باسيليوس الكبير: الروح القدس ف27 ص163 تعريب د. جورج حبيب بباوى).
                                موقف أوريجانوس (185-245م):
                                إن موقف أوريجانوس من المعمودية والثالوث يؤكد أيضا عدم أصالة النص ... فقد جاء عن أوريجانوس أنه كان يرى أن صيغة التثليث باسم الاب والابن والروح القدس تُوهِم بأن المسيحيين يعبدون ثلاثة آلهة وليس إلهًا واحدًا، لذلك كان يَستحسِن عدم ذكر التثليث لمن يؤمن بالإله الواحد. ... وها هو النص بحروفه على لسان سليمان الغزى الأسقف الذى عاش خلال القرنين العاشر والحادى عشر: "عبد عبيد يسوع وأصغر أولاد بيعته يرد على من قال كمقالة أوريجانوس ومارون اللذين قالا:
                                لا حاجة لمن وحد الاله إلى ذكر الأقانيم إذ كانت تُوهم الناس بأن المسيحيين يعبدون ثلاثة آلهة. وزعما بجهلهما: أن المعمودية (سنة) وليست فريضة"
                                (مجموعة التراث العربى المسيحى المجلد رقم (9) سليمان الغزى ـ الجزء الثالث: المقالات اللاهوتية النثرية الفقرة39، ص63-64. تحقيق ناوفيطوس أدلبى.)
                                لذلك نجده لا يذكر صيغة متى المثلثة، وكان هذا المقطع عنده يتوقف دائمًا عند كلمة الأمم!!
                                بل إن عقيدة أوريجانوس فى التثليث وتصوره للروح القدس لتخالف مفاهيم كل الكنائس اليوم، ولو نادى أحد اليوم بما كان يعتقده أوريجانوس لكفرته الكنائس، بل وأعدمته حيا. فقد كان يعتقد بخلق المسيح للروح القدس، ولا يعتقد بتساوي الأقانيم في الجوهر!!
                                وهنا نرجع لأنفسنا ونُصرُّ على الحق ونتدبر هذا السؤال: فإذا كانت استشهادات يوسابيوس القيصرى والشهيد جوستين لا يعرفون هذه الصيغة، ولم تعرفها الوثائق التى كانت بحوزتهما، ورفضها أوريجانوس ومارون وغيرهم، ولا يعرفها إنجيل متى الذى كان أحد مصادرهم، فمن أين جاءت صيغة التثليث هذه؟
                                فلم تكن عقيدة المسيحيين الأول كما يدعى البعض اليوم من أنهم كانوا يؤمنون بالتثليث، والدليل على ذلك أن مجمع نيقية (325م) لم يتكلم إلا عن علاقة الآب باللابن، ونسى الروح القدس، ولم تتحدد علاقة الروح القدس بهؤلاء الاثنين إلا عام 381م فى مجمع القسطنطينية، الذى رأى أن يؤله الروح القدس أيضًا.
                                ولذك نجد أن التاريخ يؤكد أنه دام صراع دامى فى بعض الأحيان بين الطوائف المسيحية المختلفة حول هذا الثالوث، ومنها الصراع الذى خاضه أثناسيوس ضد آريوس حول ألوهية يسوع. فلو كان هناك نص يُشير إلى هذه الصيغة المثلثة لكان عرفه آريوس، ولكان استشهد به أثناسيوس وانتهى الصراع.
                                شهادة المؤرخ أبولونيوس (القرن الثانى):
                                ويؤكد التاريخ كذلك بشهادة تاريخية تعود للقرن الثاني مناقضة لهذا النص إذ يقول المؤرخ أبولونيوس: ”إني تسلمت من الأقدمين أن المسيح قبل صعوده إلى السماء كان قد أوصى رسله أن لا يبتعدوا كثيرًا عن أورشليم لمدة اثني عشر سنة“. وسوف نعود لهذا النص، لنتبين أن يسوع لم يُرسل تلاميذه للعالم كله، الأمر الذى يطعن فى صدق النص بأكمله، ويُغنينا عن مناقشة مفهوم الثالوث.
                                لكن قبل أن يقول قائل إن كتاب (تعاليم الرسل) والمسمَّى بالديداكى يحتوى على هذه الصيغة المثلثة. ألا يُعد هذا دليل على صحة هذه العقيدة؟
                                وأرد إليه السؤال: وماذا ستقول فى ممارسات الرسل (التلاميذ) أنفسهم. إن سفر أعمال الرسل الموحى به كما تدعون لا يعرفها، ولم يمارس هذا الطقس المثلث أحد من تلاميذ يسوع؟ فهل ستترك الكتاب الموحى به، وتستشهد بكتاب آخر يعتبر كتابًا هرطوقيًا؟ فإن جاز لك هذا أقمنا عليك الحجة بعدم وجود التثليث من كتابنا!!
                                شهادة أكليمندس السكندرى (150-215):
                                أما بالنسبة لأكليمندس فلم يذكر نص متى التثليثى عنده إلا مرة واحدة فى أعمال أكليمندس السكندرى، ولم يذكره كاستشهاد إنجيلى، بل كقول قاله مبتدع روحى اسمه ثيودوتس، ولا يشير إلى النص القانونى.
                                وذكر هذا الثالوث (الآب والابن والروح القدس) لأول مرة فى منتصف القرن الثانى الميلادى من المدافع أثيناجوراس، قائلاً ”إن المسيحيين يعرفون الله وكلمته، ويعلمون وحدة الابن بالأب، واشتراكه معه، ويعلمون ما هو الروح، واتحاد الثلاثة: الروح والابن والأب، وتميزهم فى الوحدانية“. واستعملها بعده بعشرات السنين ترتليان، ولكن بمعنى مختلف عما تعلمه الكنيسة اليوم.
                                كان هذا عزيزى الكاتب عن التثليث الذى تدعى أن المسلمين لا يؤمنون به عن جهل وسوء فهم. وقد اتضح لك الآن أنكم أنتم الذين تؤمنون بالثالوث وبصيغة التعميد المدسوسة فى الكتاب الذى تؤمنون بقداسته عن جهل وهوى. فالكتاب لم يذكر كلمة الثالوث، ولا كلمة أقنوم، ولا كلمة اتحاد بين الآب والابن والروح القدس، ولم يساوى الابن بالآب، ولا الروح القدس بالآب أو الابن، ولم يقل يسوع إنه أكثر من إنسان، بل عظَّم إلهه ووقره وكان يصلى إليه ويتعبَّد إليه بالصلاة والصيام والعمل الصالح. وأن نصي التثليث يرفضهم علماء اللاهوت اليوم، ولم بعرفهم آباء الكنيسة فى الثلاثة قرون الأولى. الأمر الذى يعنى تحريف العقيدة والكتاب! فالحمد لله على نعمة الإسلام! والحمد لله أنه تولى حفظ القرآن بنفسه!
                                وعلى ذلك: أدعوك أيها الكاتب ألا تضيع ما تبقى من عمرك فى ضلال! أدعوك للإيمان بالله الواحد الأحد، العزيز الذى لا يُهان، القوى الذى لا يُقهر، العادل الغفور الرحمن الرحيم الذى لا يُضمر حنقه على البشرية كلها، وينزل بعد ملايين السنين ليُقتل هو أو ابنه عن خطية لم يرتكبها، ويترك الجانى أساسى ينعم بالحياة. (26لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟) متى 16: 26
                                كان هذا نقدًا وتحليلا للثالوث وزعمهم باتحاد الآب مع الابن مع الروح القدس.
                                * * *
                                إله الإسلام والكذَّاب:
                                ويواصل الكاتب قوله تحت عنوان (إله الإسلام) قائلا:
                                من الناحية النظرية فإن الله فى الإسلام له 99 إسماً أو صفة مثل: الرحمن، الرحيم، الملك، القدوس، السلام، المؤمن، المهيمن ، العزيز، الجبار.. ألخ. ولكن فى الحقيقة أن القرآن يرسم صورة لله تماثل إلى حد كبير شخصية محمد. قال أحدهم إن محمد فى القرآن كان يخلق إلها على صورته هو.
                                وأقول له: هل مازلت تكذب متبعًا بولسك لزيادة مجد الشيطان؟ من هو الذى تقصده بقولك: (قال أحدهم إن محمد فى القرآن كان يخلق إلها على صورته هو)؟ هل يقول هذا القول مسلم؟ لا والله، إنه من اختراعكم أو قول لأحد المستشرقين أو غير المسلمين. وعلى ذلك فأنا لا أرد على هذا ....
                                ولكن قولك إن الله كان يسارع فى هوى رسوله، فله احتمال آخر عند العقلاء غير الذى ذكرت: ألا يدل هذا على حب الله تعالى لنبيه ودفاعه عنه حتى تكتمل رسالته، ويؤدى عمله الذى كلفه به الله؟
                                فقارن بين هذه الصورة وبين دعاء يسوع ببكاء ودموع تنزل كقطرات دماء أن يُخلصه الرب من القتل والتعذيب والإهانة، فلم يستمع الرب له، وتركه يُصلب بعد أن أُهين وعُذِّب: (27فَأَخَذَ عَسْكَرُ الْوَالِي يَسُوعَ إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَجَمَعُوا عَلَيْهِ كُلَّ الْكَتِيبَةِ 28فَعَرَّوْهُ وَأَلْبَسُوهُ رِدَاءً قِرْمِزِيَّاً 29وَضَفَرُوا إِكْلِيلاً مِنْ شَوْكٍ وَوَضَعُوهُ عَلَى رَأْسِهِ وَقَصَبَةً فِي يَمِينِهِ. وَكَانُوا يَجْثُونَ قُدَّامَهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ قَائِلِينَ:«السَّلاَمُ يَا مَلِكَ الْيَهُودِ!» 30وَبَصَقُوا عَلَيْهِ وَأَخَذُوا الْقَصَبَةَ وَضَرَبُوهُ عَلَى رَأْسِهِ. 31وَبَعْدَ مَا اسْتَهْزَأُوا بِهِ نَزَعُوا عَنْهُ الرِّدَاءَ وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابَهُ وَمَضَوْا بِهِ لِلصَّلْبِ)متى27: 27-31
                                (41وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى 42قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ. وَلَكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ». 43وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ. 44وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ.) لوقا 22: 41-44
                                (46وَنَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: «إِيلِي إِيلِي لَمَا شَبَقْتَنِي» (أَيْ: إِلَهِي إِلَهِي لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟)) متى 27: 46
                                ووصفوه بالنعجة التى تُساق للذبح: («مِثْلَ شَاةٍ سِيقَ إِلَى الذَّبْحِ وَمِثْلَ خَرُوفٍ صَامِتٍ أَمَامَ الَّذِي يَجُزُّهُ هَكَذَا لَمْ يَفْتَحْ فَاهُ.) أعمال الرسل 8: 32
                                واستحسنوا له أن يموت ميتة الملاعين المغضوب عليهم من الله سبحانه وتعالى: (13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ».) غلاطية 3: 13
                                ألم يقل الرب إنه ينجى الصديق، ويرفعه لأنه عرف اسمه؟ ألم يقل إنه معه فى الضيق وسينقذه؟ ألم يقل الرب إنه سينجى الصديق من فخ الصيَّاد، وأنه لا يلاقيه شر؟: (1اَلسَّاكِنُ فِي سِتْرِ الْعَلِيِّ فِي ظِلِّ الْقَدِيرِ يَبِيتُ. 2أَقُولُ لِلرَّبِّ: [مَلْجَإِي وَحِصْنِي. إِلَهِي فَأَتَّكِلُ عَلَيْهِ]. 3لأَنَّهُ يُنَجِّيكَ مِنْ فَخِّ الصَّيَّادِ وَمِنَ الْوَبَإِ الْخَطِرِ. 4بِخَوَافِيهِ يُظَلِّلُكَ وَتَحْتَ أَجْنِحَتِهِ تَحْتَمِي. تُرْسٌ وَمِجَنٌّ حَقُّهُ. 5لاَ تَخْشَى مِنْ خَوْفِ اللَّيْلِ وَلاَ مِنْ سَهْمٍ يَطِيرُ فِي النَّهَارِ 6وَلاَ مِنْ وَبَأٍ يَسْلُكُ فِي الدُّجَى وَلاَ مِنْ هَلاَكٍ يُفْسِدُ فِي الظَّهِيرَةِ. 7يَسْقُطُ عَنْ جَانِبِكَ أَلْفٌ وَرَبَوَاتٌ عَنْ يَمِينِكَ. إِلَيْكَ لاَ يَقْرُبُ. 8إِنَّمَا بِعَيْنَيْكَ تَنْظُرُ وَتَرَى مُجَازَاةَ الأَشْرَارِ. 9لأَنَّكَ قُلْتَ: [أَنْتَ يَا رَبُّ مَلْجَإِي]. جَعَلْتَ الْعَلِيَّ مَسْكَنَكَ 10لاَ يُلاَقِيكَ شَرٌّ وَلاَ تَدْنُو ضَرْبَةٌ مِنْ خَيْمَتِكَ. 11لأَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ لِكَيْ يَحْفَظُوكَ فِي كُلِّ طُرْقِكَ. 12عَلَى الأَيْدِي يَحْمِلُونَكَ لِئَلاَّ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ. 13عَلَى الأَسَدِ وَالصِّلِّ تَطَأُ. الشِّبْلَ وَالثُّعْبَانَ تَدُوسُ. 14لأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِي أُنَجِّيهِ. أُرَفِّعُهُ لأَنَّهُ عَرَفَ اسْمِي. 15يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبُ لَهُ. مَعَهُ أَنَا فِي الضِّيقِ. أُنْقِذُهُ وَأُمَجِّدُهُ. 16مِنْ طُولِ الأَيَّامِ أُشْبِعُهُ وَأُرِيهِ خَلاَصِي.) مزمور 91: 1-16
                                فلماذا لم ينقذ يسوع؟ هل لم يكن من الصديقين؟ هل لم يعرف اسمه؟ أم أنقذه بالفعل، وعلم التلاميذ ذلك، فهربوا لأن معلمهم أصبح فى أمان ورفعه الله إليه؟
                                فأيهما أنصف الله تعالى؟ وأيهما كان يحبه الله تعالى؟ وأيهما صدَّق الله فى كلامه وفى دعوته فأنجاه الله تعالى؟ وأيهما استحق الثناء من الله؟ أيهما ذمه الله وجعله يموت ميتة الملاعين المغضوب عليهم؟ أيهما حفظ الله تعالى تعاليمه والكتاب المنزل عليه؟ ألم يقل كتابك إن من يدعى النبوة يُقتل (التثنية 18: 20)؟ فلماذا ترك الرب يسوع يُقتل، مضحيًا بسمعته؟
                                ثم ذكرت مواقف أنزل الله فيها قرآنًا نصرة للحق ولنبيه ، فهل يمكنك أن تذكر قولا قاله يسوع وتذكر المناسبة التى قيلت فيه، وتؤيده من الأناجيل الأربعة؟ لا. لا يمكنك. فستجد حتمًا اختلافات فى القصص والأقوال بين الأناجيل الأربعة، على الرغم من أنهم قد نقلوا من بعض ما كتبه أولهم وهو مرقس، الذى لم يكن من الأساس من التلاميذ.
                                أما قولك: (عندما ضبطت حفصة محمد يمارس الجنس مع جاريته ماريا على سريرها، حاول محمد أن يهدئ غضب حفصة بأن وعدها أن يتجنب ماريا. وفى تلك اللحظة يتدخل الله ويأخذ جانب محمد: "يا أيها النبى لم تحرم ما أحل الله لك تبتغى مرضات أزواجك والله غفور رحيم". سورة التحريم 1:66)
                                فأقول لك:
                                إن تعبيرك (عندما ضبطت حفصة محمد يمارس الجنس مع جاريته ماريا على سريرها) تعبير غير مهذب، ولا تقصد به إلا أن تقول إن ماريا رضى الله عنها لم تكن زوجته، وكانت جاريته فقط. وهذا غير صحيح فقد تزوجها الرسول  كما تزوج النساء فى الإسلام، وكان مهرها عتقها من العبودية، وكانت أم ابنه إبراهيم عليهم رحمة الله. وبالطبع من حق الرجل أن يُجامع زوجته، ولا أعرف عقلاء اختلفوا فى ذلك.
                                تقول الرواية التى فهمت منها هذا الإسفاف: (عن عمر  قال: دخل رسول الله  بأم ولده مارية فى بيت حفصة، فوجدته حفصة معها، فقالت له: تدخلها بيتى، ما صنعت بى هذا من بين نسائك إلا من هوانى عليك، فقال: لا تذكرى هذا لعائشة، فهى علىَّ حرام إن قربتها'، قالت حفصة: وكيف تحرم عليك وهى جاريتك، فحلف لها لا يقربها، فقال النبى ، لا تذكريه لأحد، فذكرته لعائشة، فآلى لا يدخل على نسائه شهراً، فاعتزلهن تسعاً وعشرين ليلة: فأنزل الله تعالى: (لم تحرم ما أحل الله لك).
                                وهذه الرواية قال بها بعض المفسرين، ونحن نعلم أن كل يؤخذ منه ويرد إلا الرسول . وهناك رواية أخرى فى سبب نزول سورة التحريم، فقد قيل فى سبب نزولها تآمر نساء الرسول  عليه حتى لا يأكل عسل المغافير:
                                فعَنْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا أَنَّ النَّبِيّ ، كَانَ يَمْكُث عِنْد زَيْنَب بِنْت جَحْش فَيَشْرَب عِنْدهَا عَسَلًا، قَالَتْ فَتَوَاطَأْت أَنَا وَحَفْصَة أَنَّ أَيَّتنَا مَا دَخَلَ عَلَيْهَا رَسُول اللَّه  فَلْتَقُلْ: إِنِّي أَجِد مِنْك رِيح مَغَافِير! أَكَلْتَ مَغَافِير؟ فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ. فَقَالَ: (بَلْ شَرِبْت عَسَلًا عِنْد زَيْنَب بِنْت جَحْش وَلَنْ أَعُود لَهُ). فَنَزَلَ: "لِمَ تُحَرِّم مَا أَحَلَّ اللَّه لَك - إِلَى قَوْله - إِنْ تَتُوبَا": (لِعَائِشَة وَحَفْصَة). صَحِيح مُسْلِم
                                ويزيد القرطبي: وَأَمَّا مَنْ رَوَى أَنَّهُ حَرَّمَ مَارِيَة الْقِبْطِيَّة فَهُوَ أَمْثَل فِي السَّنَد وَأَقْرَب إِلَى الْمَعْنَى، لَكِنَّهُ لَمْ يُدَوَّن فِي الصَّحِيح، وَرُوِيَ مُرْسَلًا.
                                نفس هذا التفسير ذهب إليه تفسير الخازن بعد ذكر الروايتين: عن أنس بن مالك  "أن رسول الله  كانت له أمة يطؤها بها فلم تزل به عائشة وحفصة حتى حرمها على نفسه فأنزل الله تعالى: {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك} الآية" أخرجه النسائي قال العلماء الصحيح في سبب نزول الآية أنها في قصة العسل لا في قصة مارية المروية في غير الصحيحين ولم تأت قصة مارية من طريق صحيح قال النسائي إسناد حديث عائشة في العسل جيد صحيح غاية
                                تقول الآيات: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ * إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ * عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا) التحريم 1-5
                                فنص الآية إذًا يوضح عتاب الله تعالى وتحذيره لأمهاتنا السيدة عائشة والسيدة حفصة. وعتاب الله تعالى للنبى بتحريم أكل عسل المغافير على نفسه، وهو ليس تحريم بالمعنى الشرعى له، ولكنه بالمعنى اللغوى الذى يعنى منع نفسه من أكله، أى حرمه على نفسه، ومثال ذلك فى القرآن قول الله تعالى (وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ) القصص 12، وفى اللغة تحريم شرب القهوة على بعض المرضى، أى منعهم من شربها.
                                ومن هنا نقول للكاتب: اتق الله تعالى فستقف يومًا ما بين يديه يحاسبك على هذا التدليس والتعصب والتحامل البغيض! فالرسول  قدوة البشر، وخير رسل الله، وأعظم من أنجبت البشرية باعتراف يسوع نفسه: (11اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ وَلَكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ. 12وَمِنْ أَيَّامِ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ إِلَى الآنَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ يُغْصَبُ وَالْغَاصِبُونَ يَخْتَطِفُونَهُ. 13لأَنَّ جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ وَالنَّامُوسَ إِلَى يُوحَنَّا تَنَبَّأُوا. 14وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا فَهَذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ.) متى 11: 11-14
                                * * *

                                تعليق

                                مواضيع ذات صلة

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                ابتدأ بواسطة زين الراكعين, منذ أسبوع واحد
                                ردود 0
                                17 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة زين الراكعين  
                                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ أسبوع واحد
                                ردود 0
                                1 مشاهدة
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                                بواسطة *اسلامي عزي*
                                 
                                ابتدأ بواسطة زين الراكعين, منذ أسبوع واحد
                                ردود 0
                                23 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة زين الراكعين  
                                ابتدأ بواسطة زين الراكعين, منذ أسبوع واحد
                                ردود 0
                                6 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة زين الراكعين  
                                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ 3 أسابيع
                                ردود 0
                                11 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                                بواسطة *اسلامي عزي*
                                 
                                يعمل...
                                X