الرد على كتاب الإسلام بدون حجاب

تقليص

عن الكاتب

تقليص

abubakr_3 مسلم اكتشف المزيد حول abubakr_3
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #61
    الملف رقم 5
    بل كانت أوامر الرب أن يُقدم أول ابن للأم قربانًا للرب: (لاَ تُؤَخِّرْ تَقْدِيمَ بَاكُورَةِ مَحْصُولِ بَيْدَرِكَ وَمَعْصَرَتِكَ، وَأَعْطِنِي أَبْكَارَ بَنِيكَ.) الخروج 22:29
    ولم يُبق فى الحروب إلا على العذراوات من النساء: (17فَالآنَ اقْتُلُوا كُل ذَكَرٍ مِنَ الأَطْفَالِ. وَكُل امْرَأَةٍ عَرَفَتْ رَجُلاً بِمُضَاجَعَةِ ذَكَرٍ اقْتُلُوهَا. 18لكِنْ جَمِيعُ الأَطْفَالِ مِنَ النِّسَاءِ اللوَاتِي لمْ يَعْرِفْنَ مُضَاجَعَةَ ذَكَرٍ أَبْقُوهُنَّ لكُمْ حَيَّاتٍ.) عدد 31: 17-18، ولن أسألك: كيف يوجد أطفال من نساء لم يضاجعهن ذكر؟ فهذا موضوع آخر.
    بل أمر بأكل أطفالها فى المجاعة: (53فَتَأْكُلُ ثَمَرَةَ بَطْنِكَ لحْمَ بَنِيكَ وَبَنَاتِكَ الذِينَ أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فِي الحِصَارِ وَالضِّيقَةِ التِي يُضَايِقُكَ بِهَا عَدُوُّكَ.) تثنية 28: 53
    كما أمر بقتل طفلها المعاند لأبويه: (18«إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ ابْنٌ مُعَانِدٌ وَمَارِدٌ لا يَسْمَعُ لِقَوْلِ أَبِيهِ وَلا لِقَوْلِ أُمِّهِ وَيُؤَدِّبَانِهِ فَلا يَسْمَعُ لهُمَا. 19يُمْسِكُهُ أَبُوهُ وَأُمُّهُ وَيَأْتِيَانِ بِهِ إِلى شُيُوخِ مَدِينَتِهِ وَإِلى بَابِ مَكَانِهِ 20وَيَقُولانِ لِشُيُوخِ مَدِينَتِهِ: ابْنُنَا هَذَا مُعَانِدٌ وَمَارِدٌ لا يَسْمَعُ لِقَوْلِنَا وَهُوَ مُسْرِفٌ وَسِكِّيرٌ. 21فَيَرْجُمُهُ جَمِيعُ رِجَالِ مَدِينَتِهِ بِحِجَارَةٍ حَتَّى يَمُوتَ. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ بَيْنِكُمْ وَيَسْمَعُ كُلُّ إِسْرَائِيل وَيَخَافُونَ.) تثنية 21: 18-21
    أليست هذه كلها عقوبات قاتلة للزوجة أو الأم نفسيًا قبل قتلها على وجه الحقيقة؟
    كما أمر انتقامًا أن يُقدم الآباء أبناءهم البكر للرب تُحرق حية على المذبح إرضاءً للرب، وتنفيذًا لأوامره الرحيمة: (26وَنَجَّسْتُهُمْ بِعَطَايَاهُمْ إِذْ أَجَازُوا فِي النَّارِ كُلَّ فَاتِحِ رَحِمٍ لأُبِيدَهُمْ، حَتَّى يَعْلَمُوا أَنِّي أَنَا الرَّبُّ.) حزقيال 20: 26
    وها هو الرب يطالب المؤمنين بتقديم أنفسهم ذبيح قربان للرب: (1فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ بِرَأْفَةِ اللهِ أَنْ تُقَدِّمُوا أَجْسَادَكُمْ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ اللهِ عِبَادَتَكُمُ الْعَقْلِيَّةَ.) رومية 12: 1
    ألم يقر الرب عقوبة بالأوبئة الفتَّاكة والقتل لبنى إسرائيل، إن لم يتأدبوا ويطيعوه؟ (14«لَكِنْ إِنْ لَمْ تَسْمَعُوا لِي وَلَمْ تَعْمَلُوا كُلَّ هَذِهِ الْوَصَايَا 15وَإِنْ رَفَضْتُمْ فَرَائِضِي وَكَرِهَتْ أَنْفُسُكُمْ أَحْكَامِي فَمَا عَمِلْتُمْ كُلَّ وَصَايَايَ بَلْ نَكَثْتُمْ مِيثَاقِي 16فَإِنِّي أَعْمَلُ هَذِهِ بِكُمْ: أُسَلِّطُ عَلَيْكُمْ رُعْباً وَسِلاًّ وَحُمَّى تُفْنِي الْعَيْنَيْنِ وَتُتْلِفُ النَّفْسَ. وَتَزْرَعُونَ بَاطِلاً زَرْعَكُمْ فَيَأْكُلُهُ أَعْدَاؤُكُمْ. 17وَأَجْعَلُ وَجْهِي ضِدَّكُمْ فَتَنْهَزِمُونَ أَمَامَ أَعْدَائِكُمْ وَيَتَسَلَّطُ عَلَيْكُمْ مُبْغِضُوكُمْ وَتَهْرُبُونَ وَلَيْسَ مَنْ يَطْرُدُكُمْ.) لاويين 26: 14-17
    (27«وَإِنْ كُنْتُمْ بِذَلِكَ لاَ تَسْمَعُونَ لِي بَلْ سَلَكْتُمْ مَعِي بِالْخِلاَفِ 28فَأَنَا أَسْلُكُ مَعَكُمْ بِالْخِلاَفِ سَاخِطاً وَأُؤَدِّبُكُمْ سَبْعَةَ أَضْعَافٍ حَسَبَ خَطَايَاكُمْ 29فَتَأْكُلُونَ لَحْمَ بَنِيكُمْ وَلَحْمَ بَنَاتِكُمْ تَأْكُلُونَ.) لاويين 26: 27-29، راجع أيضًا (حزقيال 29: 8-16).
    ألم يأمر الرب موسى بالتمثيل بجثث الموتى بعد قتلهم عقوبة لكفرهم؟ (4فَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى: «خُذْ جَمِيعَ رُؤُوسِ الشَّعْبِ وَعَلِّقْهُمْ لِلرَّبِّ مُقَابِل الشَّمْسِ فَيَرْتَدَّ حُمُوُّ غَضَبِ الرَّبِّ عَنْ إِسْرَائِيل».) العدد 25: 4
    ألم يعاقب الرب الأطفال غير المؤدبين لتهكمهم على نبيه أليشع؟ (وَفِيمَا هُوَ صَاعِدٌ فِي الطَّرِيقِ إِذَا بِصِبْيَانٍ صِغَارٍ خَرَجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ وَسَخِرُوا مِنْهُ وَقَالُوا لَهُ: [اصْعَدْ يَا أَقْرَعُ! اصْعَدْ يَا أَقْرَعُ!] 24فَالْتَفَتَ إِلَى وَرَائِهِ وَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ. فَخَرَجَتْ دُبَّتَانِ مِنَ الْوَعْرِ وَافْتَرَسَتَا مِنْهُمُ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَلَداً.) ملوك الثانى 2: 23-24
    ألم يقتل الرب 50070 نفسًا فقط لأنهم نظروا إلى تابوت الرب؟ (19وَضَرَبَ أَهْلَ بَيْتَشَمْسَ لأَنَّهُمْ نَظَرُوا إِلَى تَابُوتِ الرَّبِّ. وَضَرَبَ مِنَ الشَّعْبِ خَمْسِينَ أَلْفَ رَجُلٍ وَسَبْعِينَ رَجُلاً. فَنَاحَ الشَّعْبُ لأَنَّ الرَّبَّ ضَرَبَ الشَّعْبَ ضَرْبَةً عَظِيمَةً.) صموئيل الأول 6: 19
    ألم يقذف الرب العماليق أعداءه من نساء ورجال بحجارة من عنده؟ (11وَبَيْنَمَا هُمْ هَارِبُونَ مِنْ أَمَامِ إِسْرَائِيلَ وَهُمْ فِي مُنْحَدَرِ بَيْتِ حُورُونَ، رَمَاهُمُ الرَّبُّ بِحِجَارَةٍ عَظِيمَةٍ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى عَزِيقَةَ فَمَاتُوا. وَالَّذِينَ مَاتُوا بِحِجَارَةِ الْبَرَدِ هُمْ أَكْثَرُ مِنَ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِالسَّيْفِ.) يشوع 10: 11
    ألم يحرم الرب المرأة من الجنة والنجاة فى الآخرة؟ فهل ينتظر إله فعل هذا بالمرأة أن يحترمها الرجال من البشر؟ إن الجنة والنجاة مازالت بنصوص الكتاب للرجال الذين لم يتنجسوا مع النساء، أى لا نجاة للنساء، حتى لو أصلحن: (1ثُمَّ نَظَرْتُ وَإِذَا حَمَلٌ وَاقِفٌ عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، وَمَعَهُ مِئَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفاً، لَهُمُ اسْمُ أَبِيهِ مَكْتُوباً عَلَى جِبَاهِهِمْ. 2وَسَمِعْتُ صَوْتاً مِنَ السَّمَاءِ كَصَوْتِ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ وَكَصَوْتِ رَعْدٍ عَظِيمٍ. وَسَمِعْتُ صَوْتاً كَصَوْتِ ضَارِبِينَ بِالْقِيثَارَةِ يَضْرِبُونَ بِقِيثَارَاتِهِمْ 3وَهُمْ يَتَرَنَّمُونَ كَتَرْنِيمَةٍ جَدِيدَةٍ أَمَامَ الْعَرْشِ وَأَمَامَ الأَرْبَعَةِ الْحَيَوَانَاتِ وَالشُّيُوخِ. وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَتَعَلَّمَ التَّرْنِيمَةَ إِلَّا الْمِئَةُ وَالأَرْبَعَةُ وَالأَرْبَعُونَ أَلْفاً الَّذِينَ اشْتُرُوا مِنَ الأَرْضِ - 4هَؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ لَمْ يَتَنَجَّسُوا مَعَ النِّسَاءِ لأَنَّهُمْ أَطْهَارٌ. هَؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ يَتْبَعُونَ الْحَمَلَ حَيْثُمَا ذَهَبَ. هَؤُلاَءِ اشْتُرُوا مِنْ بَيْنِ النَّاسِ بَاكُورَةً لِلَّهِ وَلِلْحَمَلِ. 5وَفِي أَفْوَاهِهِمْ لَمْ يُوجَدْ غِشٌّ،لأَنَّهُمْ بِلاَ عَيْبٍ قُدَّامَ عَرْشِ اللهِ)رؤيا يوحنا 14: 1-5
    فأيهما أرحم: ضرب المرأة الناشز بالسواك أم أحكام الرب فى كتابك؟ (3وَلِمَاذَا تَنْظُرُ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ وَأَمَّا الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا؟) متى 7: 3
    ألم يقر يسوع عقوبة النفس وتحمل الألم فى الدنيا، أفضل من عقوبة الله فى الآخرة؟ (28وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ. 29فَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ. 30وَإِنْ كَانَتْ يَدُكَ الْيُمْنَى تُعْثِرُكَ فَاقْطَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ لأَنَّهُ خَيْرٌ لَكَ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ أَعْضَائِكَ وَلاَ يُلْقَى جَسَدُكَ كُلُّهُ فِي جَهَنَّمَ.) متى 5: 27-29
    وأمر الرب باستخدام العصا، وليس السواك، فى تأديب الأبناء: (24مَنْ يَمْنَعُ عَصَاهُ يَمْقُتُ ابْنَهُ وَمَنْ أَحَبَّهُ يَطْلُبُ لَهُ التَّأْدِيبَ.) الأمثال 13: 24
    (15اَلْجَهَالَةُ مُرْتَبِطَةٌ بِقَلْبِ الْوَلَدِ. عَصَا التَّأْدِيبِ تُبْعِدُهَا عَنْهُ.) الأمثال 22: 15
    (12وَجِّهْ قَلْبَكَ إِلَى الأَدَبِ وَأُذُنَيْكَ إِلَى كَلِمَاتِ الْمَعْرِفَةِ. 13لاَ تَمْنَعِ التَّأْدِيبَ عَنِ الْوَلَدِ لأَنَّكَ إِنْ ضَرَبْتَهُ بِعَصاً لاَ يَمُوتُ. 14تَضْرِبُهُ أَنْتَ بِعَصاً فَتُنْقِذُ نَفْسَهُ مِنَ الْهَاوِيَةِ.) الأمثال 23: 12-14
    ألم يقرأ الكاتب فى كتابه أنّ (الضرب) علامة (الحبّ، ورضى الرب)، ومنها جاء المثل الذى يقول "إن ضرب الحبيب مثل أكل الزبيب"؟ فيقول الرب فى العهد القديم: (12لأَنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ وَكَأَبٍ بِابْنٍ يُسَرُّ بِهِ.) الأمثال 3: 12
    وأكّد سفر سيراخ في العهد القديم على أن (الضرب) دلالة على (عميق الحبّ) (!)؛ فقال: (1من أَحَبَّ ابنَهُ، أَكْثَرَ مِن ضَرْبِهِ لكي يُسرُّ في آخرته) سيراخ 30: 1
    ويقول يسوع فى العهد الجديد: (5وَقَدْ نَسِيتُمُ الْوَعْظَ الَّذِي يُخَاطِبُكُمْ كَبَنِينَ: «يَا ابْنِي لاَ تَحْتَقِرْ تَأْدِيبَ الرَّبِّ، وَلاَ تَخُرْ إِذَا وَبَّخَكَ. 6لأَنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ، وَيَجْلِدُ كُلَّ ابْنٍ يَقْبَلُهُ». 7إِنْ كُنْتُمْ تَحْتَمِلُونَ التَّأْدِيبَ يُعَامِلُكُمُ اللهُ كَالْبَنِينَ. فَأَيُّ ابْنٍ لاَ يُؤَدِّبُهُ أَبُوهُ؟ 8وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِلاَ تَأْدِيبٍ، قَدْ صَارَ الْجَمِيعُ شُرَكَاءَ فِيهِ، فَأَنْتُمْ نُغُولٌ لاَ بَنُونَ.) الرسالة إلى العبرانيين 12: 5-8
    ومعنى هذا أنه لا يمكن للمسيحى أن يكون ابنًا للرب، دون أن يتعرض للتأديب، كما قال القديس يوحنا ذهبى الفم فى John Chrysostom، “Homilies XXIX ،” in Nicene and Post-Nicene Fathers، 14/500
    • ألم يقل كتاب (الديداخي) ص 165، الذي عدّه قديس الكنيسة أثناسيوس من الكتب التعليميّة القانونيّة: (لا ترفع يدك عن ابنك أو ابنتك)، أى إنه أمرٍ مباشر بالضرب المستمرّ المتواصل للطفل!!
    • ألم يقرأ الكاتب ما أمرت به (الدسقولية) ص140-في الباب الخامس والعشرين الواقع تحت عنوان (يجب على الآباء تعليم أبناءهم)- في نصح الأب في معاملته ابنه لتعليمه: (علّموا أولادكم كلام الربّ. وتوّجوهم بالضرب..).. فالضرب هنا علامة إكرام وتشريف؛ فهو (تاج) يتزّين به الطفل!!!
    • جاء في (الدسقولية) في نفس الفصل، اقتباسًا عن (سليمان) (!): (هشِّم أجنابه ما دام صغيرًا لئلا يعصي ولا يرضيك.) وهو نفس المعنى الذي جاء في سيراخ 30/ 12: (أرضض أضلاعه ما دام صغيرًا لئلا يتصلب فيعصيك.) (الترجمة الكاثوليكيّة) .. ألم ير الكاتب كلمة ((هشّم)) و((ارضض)) التي تهدر حرمة جسد الطفل المسكين؟!!
    لماذا يستنكر الكاتب فعل الضرب بإطلاق، رغم أنّ الكنيسة تقول إنّ ما جاء في صموئيل الثانى 7: 12-14 في خطاب الربّ (لدواد)، هو نبوءة عن المسيح: (وَمَتَى اسْتَوْفَيْتَ أَيَّامَكَ وَرَقَدْتَ مَعَ آبَائِكَ، فَإِنَّنِي أُقِيمُ بَعْدَكَ مِنْ نَسْلِكَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ صُلْبِكَ مَنْ أُثَبِّتُ مَمْلَكَتَهُ. هُوَ يَبْنِي بَيْتًا لاِسْمِي، وَأَنَا أُثَبِّتُ عَرْشَ مَمْلَكَتِهِ إِلَى الأَبَدِ أَنَا أَكُونُ لَهُ أَبًا وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْنًا، إِنِ انْحَرَفَ أُسَلِّطُ عَلَيْهِ الشُّعُوبَ الأُخْرَى لأُقَوِّمَهُ بِضَرَبَاتِهِمْ).
    وفى الترجمة اليسوعية: (أنا أكون له أبا وهو يكون لي ابنا. وإذا أثم أؤدبه بقضيب الناس وبضربات بني البشر، وأما رحمتي فلا تنزع عنه) وهذا يعنى أن الرب يقر أن الضرب لا يُذهب بالرحمة، بل هى من أجل استمرار نزول رحماته.
    وفى ترجمة الأخبار السارة، وفى الترجمة العربية المشتركة: (14أنا أكونُ لَه أبًا وهوَ يكونُ لي اَبنًا، وإذا فعَلَ الشَّرَ أُؤدِّبُهُ بِعصًا كالتي يستخدِمُها النَّاسُ وبها يَضرِبونَ، وأما رحمتي فلا أنزعها عنه).
    أى لو انحرف يسوع الإله الابن (؟) عن طريق الإله الآب (؟)، فسوف يؤدبه الرب (بِعصًا كالتي يستخدِمُها النَّاسُ وبها يَضرِبونَ). فإذا جاز عند الكاتب وبقيّة أرباب الكنيسة وأبنائها أن يُضرَب الإله (!) الابن الناشز (!) من الإله الآب المؤدِّب؛ فلِمَ يُستنكر من هؤلاء أن تضرب المرأة الناشز!؟؟
    لذلك حذفت ترجمة كتاب الحياة، والترجمة الحديثة، كلمة العصا أو قضيب الناس بالمرة وجاءت بتعبير لا تحتمله الترجمة (أنا أكون له أبا وهو يكون لي ابنا، إن انحرف أسلط عليه الشعوب الأخرى لأقومه بضرباتهم، ولكن لا أنزع رحمتي منه)
    * * * * *
    الحدود الإسلامية وإنهاء العنف من المجتمع:
    أما بالنسبة للحدود الإسلامية من قتل المرتد والقاتل المتعمِّد وقطاع الطرق (البلطجية)، وجلد السكير، وقطع يد السارق، فهذه هى حدود الله تعالى فى الإسلام لضبط المجتمع بأكمله، ولا تنفذ إلا بضوابط صارمة. فماذا قدمت المسيحية من قوانين لضبط المجتمع وعقاب المخالف؟ لا قوانين بها.
    فالرب قد غفر للكل: المؤمن والكافر، البار والفاجر فور صلبه وموته ميتة الملاعين وتساوى الكل، الأمر الذى يجعل عمل الرب من إرسال أنبياء وكتب من قبل عملا لا قيمة له، ولم يكن بحاجة إلى ذلك، ومعنى ذلك أن كل الملايين الذين قتلوا فى حروب بنى إسرائيل قد قتلوا دون داعٍ: (13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ».) غلاطية 3: 13
    ونزل إلى جهنم أو الأراضى السفلية عقب موته وخلص من كان بها، وأكيد قام أيضًا بتخليص القديس يهوذا الإسخريوطى، الذى دفعه للصلب، وكان العامل الأكبر فى عملية صلب يسوع: (9وَأَمَّا أَنَّهُ صَعِدَ، فَمَا هُوَ إِلاَّ إِنَّهُ نَزَلَ أَيْضاً أَوَّلاً إِلَى أَقْسَامِ الأَرْضِ السُّفْلَى.) أفسس 4: 9
    (19الَّذِي فِيهِ أَيْضاً ذَهَبَ فَكَرَزَ لِلأَرْوَاحِ الَّتِي فِي السِّجْنِ.) بطرس الأولى 3: 19
    فهل انضبط المجتمع المسيحى فى أى عصر من عصور الكنيسة؟ مطلقًا. والدليل على ذلك النكسة الحضارية والعلمية التى منيت بها أوروبا المسيحية لمدة ألف عام، كانت فيها السيطرة فيها للكنيسة وقوانينها ورجالها. ولم تتقدم أوروبا إلا بعد أن فصلت الدين عن الدولة. والنكسة الخلقية التى يعانى منها الأوربيون وأطفالهم من رجال الكنيسة فى أوروبا فى القرن الحادى والعشرين وما سبقه.
    ولكن إن كنت تؤمن بقدسية العهد القديم وأنه من كلام الرب، فإليك تعاليم الرب يسوع/يهوه وأوامره فى الحدود:
    عقوبة القتل: يُعاقب المرء بالقتل فى الحالات الآتية:
    (1) عبادة الأوثان: (تثنية 13: 10-11) ولو ارتكبت مدينة بأكملها هذا الجرم (تثنية 13: 12-16)، مع تحطيم الأوثان وكل ما يتصل بعبادتها ومذابحها وحرقها بالنار (تثنية 7: 5 و 25)
    (2) تقديم الأطفال ذبيحة: (لاويين 20: 2)
    (3) السحر والعرافة ومخاطبة الأرواح: (تثنية 18: 10-11 وخروج 22: 18).
    (4) التجديف على الله وعلى الرؤساء: (لاويين 24: 11-23)، (خروج 22: 28، و رومية 13: 1 و 2).
    (5) النبوة الكاذبة: (تثنية 18: 20-22).
    (6) كسر السبت: (خروج 31: 14-17)، (عدد 15: 32-36).
    (7) الاستخفاف بناموس الله: أى عدم الخضوع له (عدد 15: 30 و 31)
    (8) عدم الخضوع لقرارت الكاهن فى خيمة الاجتماع أو الهيكل: (تثنية17: 8-12)
    (9) القاتل متعمداً: (خروج 21: 12 وعدد 35 : 31)
    (10) من اعتدى على أحد والديه بالضرب أو السب: (خروج 21: 15)
    (11) الشذوذ الجنسى والسدومية: (لاويين 18: 22 و29 ولاويين20: 3)
    (12) الاضطجاع مع بهيمة: (لاويين 20: 15-16)
    (13) الزنا: (لاويين 20: 10، تثنية 22: 24).
    (14) اغتصاب فتاة مخطوبة أو إغوائها: (تثنية 22: 25-27)
    (15) زواج المحارم: (لاويين 20: 11-14) (لاويين 20: 11 و12 و17 و 19-21) (تثنية 27: 23) و(لاويين 18: 10).
    (16) المعاشرة الزوجية في فترة الطمث: (لاويين20: 18).
    (17) معاندة الوالداين: (تثنية 21: 18-21)
    (18) خطف الإشخاص: (خروج 21: 16) و(تثنية 24: 7)
    (19) ومن يتعدى على وصية بالتحريم كما حدث مع عخان بن كرمي (يشوع 7: 25) وقد رجم استفانوس لاتهامه بالتجديف (أعمال 7: 57 و 58).
    (20) الإعدام بالحرق للرجل الذي يتخذ امرأة وأمها: (لاويين 20: 14).
    (21) الإعدام بالحرق لإبنة الكاهن إذا تدنست بالزنى: (لاويين 21: 9).
    كما كانت هناك عقوبات مثل البتر، وكانت فى حالة:
    (1) المرأة التى تتقدم لكي تخلص رجلها من يد ضاربه، فتمد يدها و تمسك بعورته، (تثنية 25: 12).
    (2) الاعتداء والتشويه: (خروج 21: 24-25 وخروج 21: 26 و 27)
    وهناك عقوبات أخرى مثل:
    (1) الجلد: وكان وسيلة عقاب الرجل الذي يتهم زوجته باطلاً بأنها لم تكن عذراء عندما تزوجها، (خروج 21: 20 و 26 و 27).
    (2) والتعويض والغرامات: (خروج 22: 1-4).
    (3) والاستعباد: (خروج 22: 1-3). مثل عدم دفع الديون (ملوك الثانى 4: 1، نحميا 5: 5، عاموس 2: 6)، و"إذا افتقر أخوك عندك وبيع لك فلا تستعبده استعباد عبد. كأجير كنزيل يكون عندك إلي سنة اليوبيل يخدم عندك" (لاويين 25: 39-43). )
    وهناك عقوبات غريبة لا معنى لها قام بها الرب نفسه أو أمر بها، مثل:
    (1) الضرب بالحذاء والبصق فى الوجه: (تثنية 25: 5-10)
    (2) الزنى: فقد أسلم رب الأرباب نساء نبيه داود للزنى: (صموئيل الثانى12: 11-12)
    (3) أكل الخراء: الرب يأمر نبيه حزقيال بأكل الخراء الآدمى: )حزقيال 4: 12)
    (4) القذف بالخراء: فقد أمسك الرب الخراء بيديه وقذفه فى وجوه الكهنة: (ملاخى 2: 3)
    (5) المشى حافياً عارياً: الرب يأمر إشعياء أن يمشى عارياً حافياً لمدة ثلاث سنوات: (إشعياء 20: 2-4)
    (6) الرب يأمر بقتل كل امرأة عاشرت رجلاً من قبل والإبقاء على العذارى:
    عدد 31: 17-18
    (7) الرب يعطى متعمداً فرائض غير صالحة: (حزقيال 20: 25)
    (8) هدم المنزل المُصاب بالبرص: (45فَيَهْدِمُ الْبَيْتَ: حِجَارَتَهُ وَأَخْشَابَهُ وَكُلَّ تُرَابِ الْبَيْتِ وَيُخْرِجُهَا إِلَى خَارِجِ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَانٍ نَجِسٍ.) لاويين 14: 45
    (9) حرق الملابس المُصابة بالبرص: (50فَيَرَى الْكَاهِنُ الضَّرْبَةَ وَيَحْجِزُ الْمَضْرُوبَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ. 51فَمَتَى رَأَى الضَّرْبَةَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ إِذَا كَانَتِ الضَّرْبَةُ قَدِ امْتَدَّتْ فِي الثَّوْبِ فِي السَّدَى أَوِ اللُّحْمَةِ أَوْ فِي الْجِلْدِ مِنْ كُلِّ مَا يُصْنَعُ مِنْ جِلْدٍ لِلْعَمَلِ فَالضَّرْبَةُ بَرَصٌ مُفْسِدٌ. إِنَّهَا نَجِسَةٌ. 52فَيُحْرِقُ الثَّوْبَ أَوِ السَّدَى أَوِ اللُّحْمَةَ مِنَ الصُّوفِ أَوِ الْكَتَّانِ أَوْ مَتَاعِ الْجِلْدِ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ الضَّرْبَةُ لأَنَّهَا بَرَصٌ مُفْسِدٌ. بِالنَّارِ يُحْرَقُ.) لاويين 13: 50-52
    (10) المعايرة والفضح على الملأ: (45وَالأَبْرَصُ الَّذِي فِيهِ الضَّرْبَةُ تَكُونُ ثِيَابُهُ مَشْقُوقَةً وَرَأْسُهُ يَكُونُ مَكْشُوفاً وَيُغَطِّي شَارِبَيْهِ وَيُنَادِي: نَجِسٌ نَجِسٌ)لاويين13: 45
    (11) الرب قتل 50070 رجلاً لأنهم نظروا تابوت الرب:
    هل تتخيل عقوبة القتل لمن ينظر تابوت الرب! أليس خير له أن تُقطع يده أو تُفقأ أحد عينيه ويعيش؟ فلماذا لم ينتظر حتى ينزل ويُصلَب، حتى لا يعاقبهم مرتين؟ أين رحمته؟ بل أين عدله؟ وأين محبته؟ (19وَضَرَبَ أَهْلَ بَيْتَشَمْسَ لأَنَّهُمْ نَظَرُوا إِلَى تَابُوتِ الرَّبِّ. وَضَرَبَ مِنَ الشَّعْبِ خَمْسِينَ أَلْفَ رَجُلٍ وَسَبْعِينَ رَجُلاً. فَنَاحَ الشَّعْبُ لأَنَّ الرَّبَّ ضَرَبَ الشَّعْبَ ضَرْبَةً عَظِيمَةً.) صموئيل الأول 6: 19
    (12) الرب يعاقب الأشدوديين بالبواسير: (6فَثَقُلَتْ يَدُ الرَّبِّ عَلَى الأَشْدُودِيِّينَ, وَأَخْرَبَهُمْ وَضَرَبَهُمْ بِالْبَوَاسِيرِ فِي أَشْدُودَ وَتُخُومِهَا.) صموئيل الأول 5: 6
    (13) الرب حكم على الحيَّة أن تأكل تراباً بقية عمرها جزاء إغوائها لآدم وحواء: فهل سمعتم عن حيَّة تأكل التراب؟ (14فَقَالَ الرَّبُّ الإِلَهُ لِلْحَيَّةِ: «لأَنَّكِ فَعَلْتِ هَذَا مَلْعُونَةٌ أَنْتِ مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ وَمِنْ جَمِيعِ وُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ. عَلَى بَطْنِكِ تَسْعِينَ وَتُرَاباً تَأْكُلِينَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكِ.) تكوين 3: 14
    (14) الرب يحكم على بنى آدم بالتعب عمره كله:
    (16وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيراً أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ. بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَداً. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ». 17وَقَالَ لِآدَمَ: «لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ امْرَأَتِكَ وَأَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ قَائِلاً: لاَ تَأْكُلْ مِنْهَا مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. 18وَشَوْكاً وَحَسَكاً تُنْبِتُ لَكَ وَتَأْكُلُ عُشْبَ الْحَقْلِ. 19بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزاً حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لأَنَّكَ تُرَابٌ وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ».) تكوين 3: 16-19
    (15) التمثيل بالموتى:
    (11فَكَمْ بِالْحَرِيِّ إِذَا كَانَ رَجُلاَنِ بَاغِيَانِ يَقْتُلاَنِ رَجُلاً صِدِّيقاً فِي بَيْتِهِ عَلَى سَرِيرِهِ! فَالآنَ أَمَا أَطْلُبُ دَمَهُ مِنْ أَيْدِيكُمَا وَأَنْزِعُكُمَا مِنَ الأَرْضِ؟» 12وَأَمَرَ دَاوُدُ الْغِلْمَانَ فَقَتَلُوهُمَا، وَقَطَعُوا أَيْدِيَهُمَا وَأَرْجُلَهُمَا وَعَلَّقُوهُمَا عَلَى الْبِرْكَةِ فِي حَبْرُونَ. وَأَمَّا رَأْسُ إِيشْبُوشَثَ فَأَخَذُوهُ وَدَفَنُوهُ فِي قَبْرِ أَبْنَيْرَ فِي حَبْرُونَ) 2صموئيل 4: 12
    والآن فى أى كتاب من كتابك الذى تقدسه العيب والنقص؟ هل فى العهد القديم الذى يقر بعقوبات جنائية من قتل وحرق وقطع، أم ما تسمونه العهد الجديد، والذى لا يوجد به قوانين تغطى على الأقل الجرائم الجنائية؟
    وهل خلق الرب الناس كلهم بأخلاق الملائكة أبرار، صادقين، أمناء، وسيطرت المحبة بينهم، حتى يلغى العقوبات؟ الواقع ينفى ذلك.
    وأستحلفك بالله الخالق، الحى الذى لا يموت: أى الكتب ترى أنها أنفع للبشرية؟ فلو كنت تعرف القرآن والإسلام، فأنا على يقين أنك ستختاره.
    * * * * *
    هل يتلوَّن المسلمون لنشر دينهم؟
    ويواصل كاتب كتاب (الإسلام بدون حجاب) اتهامه للمسلمين تحت عنوان (تغيير الهوية) قائلا: (إنهم يحرصون على تأكيد أنهم يؤمنون بموسى وعيسى (يسوع). إنهم لا يطلقون الآن على اليهود إسم "الصهاينة" ولا يطلقون على المسيحيين إسم "الصليبيين" ولا يسمونهم "الكفار".
    إن آخر شئ يريدونه هو إحداث صدمة للناس. أحد مقدمي برنامجهم الإسلامي أسمه بول (بولس)، لأن أسماءً مثل محمد أو مصطفى أو عمر غير مستساغة عند المواطن الغربي. إنهم يستعملون الآن التعبير "مدارس الأحد" بدلا من "درس الجمعة"، ويختمون برامجهم بعبارة "الرب يبارككم" التي يستعملها المسيحيون في كلامهم.
    إنهم يتباهون بأنهم أمريكيون، ويغطون خلفية برامجهم بالعلم الأمريكي. هذا هو العلم الذي طالما أحرقوه في البلاد الإسلامية وهم يطلقون على أمريكا اسم "الشيطان الأكبر".) انتهى.
    وأقول له:
    نعم نحن نؤمن بموسى وعيسى وكل الأنبياء الذين ذكرهم الله فى كتابه، ونؤمن أن هناك أنبياء أخرى لم يذكرها الله تعالى، بل نؤمن بكل كتاب أنزله الله تعالى، فنؤمن بصحف إبراهيم وموسى، والتوراة وزبور داود، وإنجيل عيسى. أكرر مرة أخرى: نؤمن بالكتب التى أنزلها الله بهذه المسميات، وليست الكتب التى أعطيتموها أنتم هذه المسميات، ويبرأ الله تعالى منها، إذ تصفه بأقذع الألفاظ، وتسبه، وتتهم أنبياءه بالكفر والفجور.
    قال الله تعالى: (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) البقرة 136
    (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) البقرة 285
    وذكر الله تعالى جزاء هؤلاء المؤمنين فى قوله: (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُوْلَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) النساء 152
    ومرة أخرى نؤمن أن كل صاحب عقيدة ضالة تُخالف تعاليم الإستسلام لله تعالى وحده لا شريك له، فهو كافر ضال. يندرج تحتهم كل من يؤمن بأن الله ثالث ثلاثة، ومن يؤمن بصفات الخسة والوضاعة ناسبًا إياها لله تعالى، ومن يؤمن أن الرب يسكر وينام، ويُقتل ويموت، بعد أن بُصق فى وجهه، وأذاقه عبيده من العذاب والإهانات، ما يرفضه الإنسان الطبيعى على نفسه، فما بالك بإلهه العزيز؟
    قال الله تعالى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) المائدة 17
    (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ ُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآَيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ *) المائدة 71-76
    وجاء هذا مصداقًا لأقوال يسوع فى الأناجيل، فقد أقرت أنه عبد لله:
    أعمال الرسل 4: 30 (30باسِطًا يدَكَ لِيَجرِيَ الشِّفاءُ والآياتُ والأَعاجيبُ بِاسمِ عَبدِكَ القُدُّوسِ يَسوع)).) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
    أعمال الرسل 3: 13 (13إِنَّ إِلهَ إِبراهيمَ وإِسحقَ ويَعْقوب، إِلهَ آبائِنا، قد مَجَّدَ عَبدَه يسوع الَّذي أَسلَمتُموه أَنتمُ وأَنكَرتُموه أَمامَ بيلاطُس، وكانَ قد عَزَمَ على تَخلِيَةِ سَبيلِه، ) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
    أعمال الرسل 3: 26 (26فمِن أَجلِكم أَوَّلاً أَقامَ اللهُ عَبدَه وأرسَله لِيُبارِكَكم، فيَتوبَ كُلَّ مِنكُم عن سَيِّئاتِه)).) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
    أعمال الرسل 4: 27 (27تحالَفَ حَقًّا في هذهِ المَدينةِ هِيرودُس وبُنْطيوس بيلاطُس والوَثَنِيُّونَ وشُعوبُ إِسرائيلَ على عَبدِكَ القُدُّوسِ يسوعَ الَّذي مَسَحتَه،) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
    واعترف هو بعبوديته لله تعالى، فقد كان يعمل فى كل حين على إرضاء الله تعالى، وأنه لا يعمل إلا مشيئة الله ربه الذى أرسله، وأنه لم يقل أو يعمل إلا ما أمره به الله تعالى، وأنه لا يقدر أن يفعل من نفسه شيئًا:
    يوحنا 4: 34 (...«طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ.)
    يوحنا 8: 29 (...... لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ».)
    يوحنا 5: 30 (... لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.)
    ولا يقول إلا ما يخبره الله به:
    يوحنا 8: 28 (وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئاً مِنْ نَفْسِي بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهَذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي)
    يوحنا 17: 4 (......... الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ.)
    يوحنا 12: 49-50 (49لأَنِّي لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنْ نَفْسِي لَكِنَّ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ أَعْطَانِي وَصِيَّةً: مَاذَا أَقُولُ وَبِمَاذَا أَتَكَلَّمُ. 50وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ وَصِيَّتَهُ هِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ. فَمَا أَتَكَلَّمُ أَنَا بِهِ فَكَمَا قَالَ لِي الآبُ هَكَذَا أَتَكَلَّمُ».)
    ولم يفعل شيئًا إلا بحول الله وقوته:
    يوحنا 5: 30 (30أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً. ...)
    لوقا 11: 20 (20وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ بِإِصْبِعِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ.)
    متى 12: 28 (28وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ أَنَا بِرُوحِ اللَّهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللَّهِ!)
    وقال أيضاً: يوحنا 5: 36 (36وَأَمَّا شأَنَا فَلِي شَهَادَةٌ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا لأَنَّ الأَعْمَالَ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ لِأُكَمِّلَهَا هَذِهِ الأَعْمَالُ بِعَيْنِهَا الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا هِيَ تَشْهَدُ لِي أَنَّ الآبَ قَدْ أَرْسَلَنِي.)
    وكان يستمطر رضا الله وموافقته على معجزاته أمام الناس:
    يوحنا 11: 41-42 (41فَرَفَعُوا الْحَجَرَ حَيْثُ كَانَ الْمَيْتُ مَوْضُوعاً وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى فَوْقُ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي 42وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي. وَلَكِنْ لأَجْلِ هَذَا الْجَمْعِ الْوَاقِفِ قُلْتُ لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي».)
    مرقس 7: 32-36 (32وَجَاءُوا إِلَيْهِ بِأَصَمَّ أَعْقَدَ وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ. 33فَأَخَذَهُ مِنْ بَيْنِ الْجَمْعِ عَلَى نَاحِيَةٍ وَوَضَعَ أَصَابِعَهُ فِي أُذُنَيْهِ وَتَفَلَ وَلَمَسَ لِسَانَهُ 34وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَأَنَّ وَقَالَ لَهُ: «إِفَّثَا». أَيِ انْفَتِحْ. 35وَلِلْوَقْتِ انْفَتَحَتْ أُذْنَاهُ وَانْحَلَّ رِبَاطُ لِسَانِهِ وَتَكَلَّمَ مُسْتَقِيماً. 36فَأَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يَقُولُوا لأَحَدٍ.)
    فعندما أراد إطعام الجمع: متى 14: 19 (أَخَذَ الأَرْغِفَةَ لْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى الأَرْغِفَةَ لِلتَّلاَمِيذِ وَالتَّلاَمِيذُ لِلْجُمُوعِ.)
    مرقس 8: 22-26 (22وَجَاءَ إِلَى بَيْتِ صَيْدَا فَقَدَّمُوا إِلَيْهِ أَعْمَى وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَلْمِسَهُ 23فَأَخَذَ بِيَدِ الأَعْمَى وَأَخْرَجَهُ إِلَى خَارِجِ الْقَرْيَةِ وَتَفَلَ فِي عَيْنَيْهِ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ وَسَأَلَهُ هَلْ أَبْصَرَ شَيْئاً؟ 24فَتَطَلَّعَ وَقَالَ: «أُبْصِرُ النَّاسَ كَأَشْجَارٍ يَمْشُونَ». 25ثُمَّ وَضَعَ يَدَيْهِ أَيْضاً عَلَى عَيْنَيْهِ وَجَعَلَهُ يَتَطَلَّعُ. فَعَادَ صَحِيحاً وَأَبْصَرَ كُلَّ إِنْسَانٍ جَلِيّاً. 26فَأَرْسَلَهُ إِلَى بَيْتِهِ قَائِلاً: «لاَ تَدْخُلِ الْقَرْيَةَ وَلاَ تَقُلْ لأَحَدٍ فِي الْقَرْيَةِ»)
    فهل لو كان يعمل المعجزات بلاهوته لفشل واحتاج إلى تجربة ثانية ليشفى الأعمى؟ هل يوجد إله يقوم بتجارب يفشل منها ما يفشل، وينجح فى النهاية فى إشفاء أعمى؟
    ففكر فى قول يسوع الآتى مرقس 10: 27 (27فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ يَسُوعُ وَقَالَ: «عِنْدَ النَّاسِ غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ وَلَكِنْ لَيْسَ عِنْدَ اللَّهِ لأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللَّهِ».) ستجد أنه يقول لك إن كل ما هو غير مستطاع عند الناس، فهو مستطاع عند الله، وستجد أنه يعلنها لكل الناس أنه بشر، وليس بإله!!
    ودليل آخر على أن المعجزات لا يفعلها بمحض قوته أو إرادته، فقد رفع الله عنه تأييده، فلم يتمكن من إجراء أية معجزة فى وقت ما:
    مرقس 6: 5 (5وَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَصْنَعَ هُنَاكَ وَلاَ قُوَّةً وَاحِدَةً غَيْرَ أَنَّهُ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى مَرْضَى قَلِيلِينَ فَشَفَاهُمْ.)
    وكان يصلى لله فى كل حين:
    لوقا 6: 12 (12وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ خَرَجَ إِلَى الْجَبَلِ لِيُصَلِّيَ. وَقَضَى اللَّيْلَ كُلَّهُ فِي الصَّلاَةِ لِلَّهِ.)
    متى 26: 36-44 (36حِينَئِذٍ جَاءَ مَعَهُمْ يَسُوعُ إِلَى ضَيْعَةٍ يُقَالُ لَهَا جَثْسَيْمَانِي فَقَالَ لِلتَّلاَمِيذِ: «اجْلِسُوا هَهُنَا حَتَّى أَمْضِيَ وَأُصَلِّيَ هُنَاكَ». ......... 39ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَكَانَ يُصَلِّي قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ وَلَكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ». ......... 42فَمَضَى أَيْضاً ثَانِيَةً وَصَلَّى قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ تَعْبُرَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ إِلاَّ أَنْ أَشْرَبَهَا فَلْتَكُنْ مَشِيئَتُكَ». ...... 44فَتَرَكَهُمْ وَمَضَى أَيْضاً وَصَلَّى ثَالِثَةً قَائِلاً ذَلِكَ الْكَلاَمَ بِعَيْنِهِ.)
    لوقا 22: 41-44 (41وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى 42قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ. وَلَكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ». 43وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ. 44وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ.)
    وأقر أنه إنسان قد كلمهم بالحق الذى سمعه من الله ولم يأت به من عند نفسه:
    يوحنا 8: 40 (... وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ. ...)
    بل أكد الله تعالى وحذر وأنذر أنه ليس بإنسان:
    عدد 23: 19 (19ليْسَ اللهُ إِنْسَاناً فَيَكْذِبَ وَلا ابْنَ إِنْسَانٍ فَيَنْدَمَ. ...)
    هوشع 11: 9 (9«لاَ أُجْرِي حُمُوَّ غَضَبِي. لاَ أَعُودُ أَخْرِبُ أَفْرَايِمَ لأَنِّي اللَّهُ لاَ إِنْسَانٌ الْقُدُّوسُ فِي وَسَطِكَ فَلاَ آتِي بِسَخَطٍ.)
    حزقيال 28: 9 (9هَلْ تَقُولُ قَوْلاً أَمَامَ قَاتِلِكَ: أَنَا إِلَهٌ. وَأَنْتَ إِنْسَانٌ لاَ إِلَهٌ فِي يَدِ طَاعِنِكَ؟)
    ولم يعرف أحد من التلاميذ عن هذا الثالوث أو التعميد باسم الثالوث، بل نسب التعميد فى الكتاب باسم يسوع. وأقرت الكنيسة وكتابها أن صيغة التثليث برسالة يوحنا الأولى 5: 7 غير أصلية، وأنها أقحمت فى الطبعة الثالثة لترجمة إيرازموس فى الكتاب المقدس، وأنها لا توجد فى أقدم النسخ اليونانية، وأقدم نسخة وجدت بها ترجع للقرن الخامس عشر، وقد ألفتها الكنيسة الكاثوليكية ليوافق إيرازموس على جعلها أحد النصوص المقدسة لتتفق مع عقائد الكنيسة.
    فقد وجد هذا النص فقط فى ثمانية مخطوطات سبعة منها تعود للقرن السادس عشر وهذه هى أرقام المخطوطات 61 و88 و429 و629 و636 و318 و2318 و221.
    والمخطوطة الأخيرة رقم 221 هى من القرن العاشر أى بعد ألف سنة من رفع يسوع، وموجود بها هذا النص على الهامش بخط مختلف ولا يعرف على وجة الدقة تاريخ كتابته.
    ومعنى ذلك أنه لا يوجد أى دليل مؤكد على وجود هذا النص فى أى مخطوطة يونانية قبل عام 1500 حتى السبعة مخطوطات السابق ذكرها منهم أربع كُتِبَ فيها النص على الهامش. وأول مرة ظهرت هذه الكلمات كانت فى مخطوطة لاتينية فى القرن الرابع على الهامش ثم ترجمت إلى اليونانية.
    ويقول بعض علمائهم إن النص أضيف باللغة اللاتينية أثناء احتدام النقاش مع أريوس الموحد وأتباعه، فكان لا بد من إضافة ما، تقوى مركزهم وتخدع السذج من أتباعهم، ثم وجدت هذه الإضافة طريقًا بعد ذلك حتى ظهرت لأول مرة فى الطبعة الثالثة من إنجيل إيرازموس 1522 ميلادية بضغط على إيرازموس هذا الذى لم يضعها فى الطبعة الأولى عام 1516 ولم يضعها فى الطبعة الثانية عام 1519 من كتابه.
    وقد سُئِلَ عن سبب عدم وضعه هذا النص فأجاب الإجابة المنطقية الوحيدة: إنه لم يجدها فى أى نص يونانى قديم فتم وضع المخطوطة رقم 61 باليونانى وبها هذا النص. هنا فقط أضافها إيرازموس إلى الكتاب، وبعد ضغط قوى من الكنيسة الكاثوليكية. والسؤال: كيف يجادل أحد والنص لم يظهر قبل القرن السادس عشر فى أى مخطوطة من آلاف المخطوطات الموجودة باللغة اليونانية؟؟؟
    فهل تعلمون ما معنى أن يضغط كبار رجال الكنيسة وآباؤها على إيرازموس لإضافة نص إلى الكتاب المقدس وهو غير موجود فى أصوله؟
    هل تعلمون ما معنى الحرية التى يتمتع بها هؤلاء الناس لإضافة نص أو حذف آخر أو لَىِّ الحقائق لتمرير عقيدة ما وهدم أخرى؟
    وهل تعلمون ما معنى أن الكنيسة تصنع له مخطوطة لتقنعه بوجود النص بها حتى تخدع هذا الرجل الأمين ويُدخلها فى متن الكتاب؟
    وهل تعلمون أن معنى هذا أن الكتاب تم تجميعه من مخطوطات مختلفة؟
    ليس عندى تعليق على هذا إلا قول كتابك المقدس جدًا فيهم:
    (لَكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ! ... 15وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تَطُوفُونَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ لِتَكْسَبُوا دَخِيلاً وَاحِداً وَمَتَى حَصَلَ تَصْنَعُونَهُ ابْناً لِجَهَنَّمَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ مُضَاعَفاً!) متى 23: 13 و15
    (كَيْفَ تَدَّعُونَ أَنَّكُمْ حُكَمَاءُ وَلَدَيْكُمْ شَرِيعَةَ الرَّبِّ بَيْنَمَا حَوَّلَهَا قَلَمُ الْكَتَبَةِ المُخَادِعُ إِلَى أُكْذُوبَةٍ؟) إرمياء 8 : 8
    (31هَئَنَذَا عَلَى الأَنْبِيَاءِ يَقُولُ الرَّبُّ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ لِسَانَهُمْ وَيَقُولُونَ: قَالَ. 32هَئَنَذَا عَلَى الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ بِأَحْلاَمٍ كَاذِبَةٍ يَقُولُ الرَّبُّ الَّذِينَ يَقُصُّونَهَا وَيُضِلُّونَ شَعْبِي بِأَكَاذِيبِهِمْ وَمُفَاخَرَاتِهِمْ وَأَنَا لَمْ أُرْسِلْهُمْ وَلاَ أَمَرْتُهُمْ. فَلَمْ يُفِيدُوا هَذَا الشَّعْبَ فَائِدَةً يَقُولُ الرَّبُّ].) إرمياء 23: 31-32
    (36أَمَّا وَحْيُ الرَّبِّ فَلاَ تَذْكُرُوهُ بَعْدُ لأَنَّ كَلِمَةَ كُلِّ إِنْسَانٍ تَكُونُ وَحْيَهُ إِذْ قَدْ حَرَّفْتُمْ كَلاَمَ الإِلَهِ الْحَيِّ رَبِّ الْجُنُودِ إِلَهِنَا.) إرمياء 23: 36
    (9وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ».) متى 15: 9
    هذا وتعتمد الترجمة الألمانية لرسالة يوحنا على الطبعة الثانية من كتاب إيرازموس هذا لعام 1519، ولذلك حذف الألمان من عندهم هذه الصيغة فى أى عصر من العصور. فلك أن تتخيل هذا!
    ونسخة الملك جيمس الشهيرة اعتمدت بصورة رئيسية على النسخة اليونانية للطبعة العاشرة لنسخة تيودور بيزا التى هى فى الأساس تعتمد على الطبعة الثالثة لنسخة إيرازموس السابق ذكرها ولذلك هذه الصيغة مشهورة عند الشعوب الناطقة بالإنجليزية فقط أكثر من غيرهم.
    ولذلك عندما اجتمع 32 عالم نصرانى، يدعمهم خمسون محاضر نصرانى لعمل النسخة القياسية المراجعة حذف هذا النص بلا أى تردد. (راجع المناظرة الكبرى مع القس زكريا بطرس حول عقيدة التثليث).
    ولم يقل إنه هو الله الخالق، البارىء الذى خلق الإنسان والحيوان والشجر والسماوات والأرض، بل لقد أقر أنه لا يستطيع أن يعمل من نفسه شيئًا:
    وأقر هو نفسه أنه رسول الله إلى بنى إسرائيل:
    1- يوحنا 12: 44 (44فَنَادَى يَسُوعُ: «الَّذِي يُؤْمِنُ بِي لَيْسَ يُؤْمِنُ بِي بَلْ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي.)
    2- يوحنا 17: 3 (3وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ.)
    3- يوحنا 12: 49 (49لأَنِّي لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنْ نَفْسِي لَكِنَّ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ أَعْطَانِي وَصِيَّةً: مَاذَا أَقُولُ وَبِمَاذَا أَتَكَلَّمُ.)
    4- يوحنا 5: 24 (24اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ.)
    5- يوحنا 4: 34 (... طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ.)
    6- يوحنا 5: 30 (... لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.)
    7- يوحنا 7: 28-29 (.... وَمِنْ نَفْسِي لَمْ آتِ بَلِ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ حَقٌّ .... 29أَنَا أَعْرِفُهُ لأَنِّي مِنْهُ وَهُوَ أَرْسَلَنِي».)
    8- يوحنا 8: 26 (.... لَكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ حَقٌّ. ....)
    9- يوحنا 5: 37 (37وَالآبُ نَفْسُهُ الَّذِي أَرْسَلَنِي يَشْهَدُ لِي. ....)
    10- يوحنا 13: 20 (... الَّذِي يَقْبَلُ مَنْ أُرْسِلُهُ يَقْبَلُنِي وَالَّذِي يَقْبَلُنِي يَقْبَلُ الَّذِي أَرْسَلَنِي)
    وأقرت الجموع أن يسوع رسول لله تعالى: متى 21: 10-11 (10وَلَمَّا دَخَلَ أُورُشَلِيمَ ارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا قَائِلَةً: «مَنْ هَذَا؟» 11فَقَالَتِ الْجُمُوعُ: «هَذَا يَسُوعُ النَّبِيُّ الَّذِي مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ».)
    وأقر أعداؤه أنه رسول لله تعالى: يوحنا 3: 1-2 (1كَانَ إِنْسَانٌ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ اسْمُهُ نِيقُودِيمُوسُ رَئِيسٌ لِلْيَهُودِ. 2هَذَا جَاءَ إِلَى يَسُوعَ لَيْلاً وَقَالَ لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ نَعْلَمُ أَنَّكَ قَدْ أَتَيْتَ مِنَ اللَّهِ مُعَلِّماً لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَعْمَلَ هَذِهِ الآيَاتِ الَّتِي أَنْتَ تَعْمَلُ إِنْ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ مَعَهُ».)
    وأقر من رأوا معجزاته أو شفاهم بإذن الله أنه رسول لله تعالى: يوحنا 6: 14 (14فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ الآيَةَ الَّتِي صَنَعَهَا يَسُوعُ قَالُوا: «إِنَّ هَذَا هُوَ بِالْحَقِيقَةِ النَّبِيُّ الآتِي إِلَى الْعَالَمِ!»)
    يوحنا 9: 17 (17قَالُوا أَيْضاً لِلأَعْمَى: «مَاذَا تَقُولُ أَنْتَ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ فَتَحَ عَيْنَيْكَ؟» فَقَالَ: «إِنَّهُ نَبِيٌّ».)
    يوحنا 3: 19 (19قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: «يَا سَيِّدُ أَرَى أَنَّكَ نَبِيٌّ!)
    وأقر بطرس أنه رسول لله تعالى: وقال بطرس فى أعمال الرسل 2: 22 (22«أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ اسْمَعُوا هَذِهِ الأَقْوَالَ: يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ بِقُوَّاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا اللهُ بِيَدِهِ فِي وَسَطِكُمْ كَمَا أَنْتُمْ أَيْضاً تَعْلَمُونَ.)
    وأمر أتباعه أن لا يتخذوا إلهًا على الأرض، وكان بالطبع يقصد أن ينفى الألوهية عن نفسه: متى 23: 9 (9وَلاَ تَدْعُوا لَكُمْ أَباً عَلَى الأَرْضِ لأَنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.)
    وشهد أن لا إله إلا الله، وأنه عبد الله ورسوله: يوحنا 17: 3 (3وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ.)
    وسيكون مصيره فى الآخرة خاضعًا لله تعالى: فبم يستحق التأليه؟: كورنثوس الأولى 15: 28 (28وَمَتَى أُخْضِعَ لَهُ الْكُلُّ فَحِينَئِذٍ الِابْنُ نَفْسُهُ أَيْضاً سَيَخْضَعُ لِلَّذِي أَخْضَعَ لَهُ الْكُلَّ كَيْ يَكُونَ اللهُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ.)
    * * *
    الصهيونية وشعب الله المختار:
    وها هما موسى وعيسى عليهما السلام الذين نؤمن بهما: عبدان لله تعالى أرسلهما كأنبياء من أولى العزم إلى بنى إسرائيل لهدايتهم.
    ونؤمن أيضًا أن من يدعون اليوم أنهم من اليهود أسباط بنى إسرائيل فهذه كذبة وادعاء باطل، ويعلم ذلك كل قارىء للتاريخ أو فى الأديان. والمحتلون يتبعون حركة الصهيونية العالمية، التى تزكيها كل دول العالم الغربى المسيحى، تخلصًا من اليهود الذين فى أراضيهم من ناحية، وعملا يُجنى لهم الملايين من تسابق التسلح فى الشرق. وليس إيمانًا بحقهم فى أرض فلسطين، لأن وعد الله تعالى فى الكتاب الذى تنسبونه إليه هو وعد مشروط بتقواهم وصلاحهم واتباع تعاليمه، وهو الأمر الذى لم ينفذوه، فانتفى معه جواب الشرط:
    إن وعد الله تعالى بتمكين عباده فى الأرض هو وعد مشروط ومحدد للمؤمنين: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (55) سورة النور
    وعندما كان بنو إسرائيل يعبدون الله دمَّر فرعون وجنوده من أجلهم: {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ} (5-6) سورة القصص
    وها هو يشترط على إبراهيم : {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} (124) البقرة، أى لا يشمل ولا يعُمُّ عهدى الظالمين.
    وهو نفس قوله على لسان نبيه موسى : {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} (128) سورة الأعراف
    وهو نفس ما أوحاه لله لنبيه داود : {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} (105) سورة الأنبياء
    والكتاب الذى تقدسه عزيزى الكاتب يقر هذه الحكمة الإلهية: (وَهَذِهِ هِيَ الوَصَايَا وَالفَرَائِضُ وَالأَحْكَامُ التِي أَمَرَ الرَّبُّ إِلهُكُمْ أَنْ أُعَلِّمَكُمْ لِتَعْمَلُوهَا فِي الأَرْضِ التِي أَنْتُمْ عَابِرُونَ إِليْهَا لِتَمْتَلِكُوهَا ... ... 17احْفَظُوا وَصَايَا الرَّبِّ إِلهِكُمْ وَشَهَادَاتِهِ وَفَرَائِضِهِ التِي أَوْصَاكُمْ بِهَا. 18وَاعْمَلِ الصَّالِحَ وَالحَسَنَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ لِيَكُونَ لكَ خَيْرٌ وَتَدْخُل وَتَمْتَلِكَ الأَرْضَ الجَيِّدَةَ التِي حَلفَ الرَّبُّ لآِبَائِكَ) تثنية 6: 1 و17-18
    وقال أيضًا: (11فَاحْفَظِ الوَصَايَا وَالفَرَائِضَ وَالأَحْكَامَ التِي أَنَا أُوصِيكَ اليَوْمَ لِتَعْمَلهَا. 12«وَمِنْ أَجْلِ أَنَّكُمْ تَسْمَعُونَ هَذِهِ الأَحْكَامَ وَتَحْفَظُونَ وَتَعْمَلُونَهَا يَحْفَظُ لكَ الرَّبُّ إِلهُكَ العَهْدَ وَالإِحْسَانَ اللذَيْنِ أَقْسَمَ لآِبَائِكَ 13وَيُحِبُّكَ وَيُبَارِكُكَ وَيُكَثِّرُكَ وَيُبَارِكُ ثَمَرَةَ بَطْنِكَ وَثَمَرَةَ أَرْضِكَ: قَمْحَكَ وَخَمْرَكَ وَزَيْتَكَ وَنِتَاجَ بَقَرِكَ وَإِنَاثَ غَنَمِكَ عَلى الأَرْضِ التِي أَقْسَمَ لآِبَائِكَ أَنَّهُ يُعْطِيكَ إِيَّاهَا. 14مُبَارَكاً تَكُونُ فَوْقَ جَمِيعِ الشُّعُوبِ. لا يَكُونُ عَقِيمٌ وَلا عَاقِرٌ فِيكَ وَلا فِي بَهَائِمِكَ. 15وَيَرُدُّ الرَّبُّ عَنْكَ كُل مَرَضٍ وَكُل أَدْوَاءِ مِصْرَ الرَّدِيئَةِ التِي عَرَفْتَهَا لا يَضَعُهَا عَليْكَ بَل يَجْعَلُهَا عَلى كُلِّ مُبْغِضِيكَ.) تثنية 7: 11-15
    وها هو الرب يقرر أن العاقبة للمتقين: (4لا تَقُل فِي قَلبِكَ حِينَ يَنْفِيهِمِ الرَّبُّ إِلهُكَ مِنْ أَمَامِكَ: لأَجْلِ بِرِّي أَدْخَلنِي الرَّبُّ لأَمْتَلِكَ هَذِهِ الأَرْضَ. وَلأَجْلِ إِثْمِ هَؤُلاءِ الشُّعُوبِ يَطْرُدُهُمُ الرَّبُّ مِنْ أَمَامِكَ. 5ليْسَ لأَجْلِ بِرِّكَ وَعَدَالةِ قَلبِكَ تَدْخُلُ لِتَمْتَلِكَ أَرْضَهُمْ بَل لأَجْلِ إِثْمِ أُولئِكَ الشُّعُوبِ يَطْرُدُهُمُ الرَّبُّ إِلهُكَ مِنْ أَمَامِكَ وَلِيَفِيَ بِالكَلامِ الذِي أَقْسَمَ الرَّبُّ عَليْهِ لآِبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ.) تثنية 9: 4-5
    (19وَإِنْ نَسِيتَ الرَّبَّ إِلهَكَ وَذَهَبْتَ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى وَعَبَدْتَهَا وَسَجَدْتَ لهَا أُشْهِدُ عَليْكُمُ اليَوْمَ أَنَّكُمْ تَبِيدُونَ لا مَحَالةَ.) تثنية 8: 19
    (8«فَاحْفَظُوا كُل الوَصَايَا التِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا اليَوْمَ لِتَتَشَدَّدُوا وَتَدْخُلُوا وَتَمْتَلِكُوا الأَرْضَ التِي أَنْتُمْ عَابِرُونَ إِليْهَا لِتَمْتَلِكُوهَا 9وَلِتُطِيلُوا الأَيَّامَ عَلى الأَرْضِ التِي أَقْسَمَ الرَّبُّ لآِبَائِكُمْ أَنْ يُعْطِيَهَا لهُمْ وَلِنَسْلِهِمْ أَرْضٌ تَفِيضُ لبَناً وَعَسَلاً.) تثنية 11: 8-9
    (16بِمَا أَنِّي أَوْصَيْتُكَ اليَوْمَ أَنْ تُحِبَّ الرَّبَّ إِلهَكَ وَتَسْلُكَ فِي طُرُقِهِ وَتَحْفَظَ وَصَايَاهُ وَفَرَائِضَهُ وَأَحْكَامَهُ لِتَحْيَا وَتَنْمُوَ وَيُبَارِكَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فِي الأَرْضِ التِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِليْهَا لِتَمْتَلِكَهَا. 17فَإِنِ انْصَرَفَ قَلبُكَ وَلمْ تَسْمَعْ بَل غَوَيْتَ وَسَجَدْتَ لآِلِهَةٍ أُخْرَى وَعَبَدْتَهَا 18فَإِنِّي أُنْبِئُكُمُ اليَوْمَ أَنَّكُمْ لا مَحَالةَ تَهْلِكُونَ. لا تُطِيلُ الأَيَّامَ عَلى الأَرْضِ التِي أَنْتَ عَابِرٌ الأُرْدُنَّ لِتَدْخُلهَا وَتَمْتَلِكَهَا.) تثنية 30: 16-18
    وأمرهم أن يحفظوا فرائضه وأن يسيروا فى أحكامه، وألا يأثموا مثل الشعوب التى حرمها الله أرضها بآثامهم، وبذلك يميزهم، فالعاقبة للمتقين: (فَتَحْفَظُونَ جَمِيعَ فَرَائِضِي وَجَمِيعَ أَحْكَامِي وَتَعْمَلُونَهَا لِكَيْ لاَ تَقْذِفَكُمُ الأَرْضُ الَّتِي أَنَا آتٍ بِكُمْ إِلَيْهَا لِتَسْكُنُوا فِيهَا. 23وَلاَ تَسْلُكُونَ فِي رُسُومِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ أَنَا طَارِدُهُمْ مِنْ أَمَامِكُمْ. لأَنَّهُمْ قَدْ فَعَلُوا كُلَّ هَذِهِ فَكَرِهْتُهُمْ 24وَقُلْتُ لَكُمْ: تَرِثُونَ أَنْتُمْ أَرْضَهُمْ وَأَنَا أُعْطِيكُمْ إِيَّاهَا لِتَرِثُوهَا أَرْضاً تَفِيضُ لَبَناً وَعَسَلاً. أَنَا الرَّبُّ إِلَهُكُمُ الَّذِي مَيَّزَكُمْ مِنَ الشُّعُوبِ. 25فَتُمَيِّزُونَ بَيْنَ الْبَهَائِمِ الطَّاهِرَةِ وَالنَّجِسَةِ وَبَيْنَ الطُّيُورِ النَّجِسَةِ وَالطَّاهِرَةِ. فَلاَ تُدَنِّسُوا نُفُوسَكُمْ بِالْبَهَائِمِ وَالطُّيُورِ وَلاَ بِكُلِّ مَا يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ مِمَّا مَيَّزْتُهُ لَكُمْ لِيَكُونَ نَجِساً.) اللاويين 20: 22-25
    وقال أيضًا: (3وَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: [قَدْ سَمِعْتُ صَلاَتَكَ وَتَضَرُّعَكَ الَّذِي تَضَرَّعْتَ بِهِ أَمَامِي. قَدَّسْتُ هَذَا الْبَيْتَ الَّذِي بَنَيْتَهُ لأَجْلِ وَضْعِ اسْمِي فِيهِ إِلَى الأَبَدِ، وَتَكُونُ عَيْنَايَ وَقَلْبِي هُنَاكَ كُلَّ الأَيَّامِ. 4وَأَنْتَ إِنْ سَلَكْتَ أَمَامِي كَمَا سَلَكَ دَاوُدُ أَبُوكَ بِسَلاَمَةِ قَلْبٍ وَاسْتِقَامَةٍ، وَعَمِلْتَ حَسَبَ كُلِّ مَا أَوْصَيْتُكَ وَحَفِظْتَ فَرَائِضِي وَأَحْكَامِي، 5فَإِنِّي أُقِيمُ كُرْسِيَّ مُلْكِكَ عَلَى إِسْرَائِيلَ إِلَى الأَبَدِ كَمَا قُلْتُ لِدَاوُدَ أَبِيكَ: لاَ يُعْدَمُ لَكَ رَجُلٌ عَنْ كُرْسِيِّ إِسْرَائِيلَ.6إِنْ كُنْتُمْ تَنْقَلِبُونَ أَنْتُمْ أَوْ أَبْنَاؤُكُمْ مِنْ وَرَائِي، وَلاَ تَحْفَظُونَ وَصَايَايَ فَرَائِضِيَ الَّتِي جَعَلْتُهَا أَمَامَكُمْ، بَلْ تَذْهَبُونَ وَتَعْبُدُونَ آلِهَةً أُخْرَى وَتَسْجُدُونَ لَهَا، 7فَإِنِّي أَقْطَعُ إِسْرَائِيلَ عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ الَّتِي أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا، وَالْبَيْتُ الَّذِي قَدَّسْتُهُ لاِسْمِي أَنْفِيهِ مِنْ أَمَامِي، وَيَكُونُ إِسْرَائِيلُ مَثَلاً وَهُزْأَةً فِي جَمِيعِ الشُّعُوبِ، 8وَهَذَا الْبَيْتُ يَكُونُ عِبْرَةً. كُلُّ مَنْ يَمُرُّ عَلَيْهِ يَتَعَجَّبُ وَيَصْفُرُ، وَيَقُولُونَ: لِمَاذَا عَمِلَ الرَّبُّ هَكَذَا لِهَذِهِ الأَرْضِ وَلِهَذَا الْبَيْتِ؟ 9فَيَقُولُونَ: مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ تَرَكُوا الرَّبَّ إِلَهَهُمُ الَّذِي أَخْرَجَ آبَاءَهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، وَتَمَسَّكُوا بِآلِهَةٍ أُخْرَى وَسَجَدُوا لَهَا وَعَبَدُوهَا. لِذَلِكَ جَلَبَ الرَّبُّ عَلَيْهِمْ كُلَّ هَذَا الشَّرِّ].) ملوك الأول 9: 3-9
    وعلى هذا فهم سيكونون شعب الله المحبب إلى قلبه والمختار من بين باقى البشر آنذاك بشرط عبادته هو وحده دون شريك له، واتباعهم أحكامه، وتطبيق شرائعه. فهل هم فعلوا ذلك؟ هل هم فعلوا جملة الشرط لينطبق عليهم جوابه؟
    لا. لقد تركوه وعبدوا العجل ، واتهموا هارون نبيه فى ذلك، وعبدوا البعل، وكل الآلهة الوثنية فى البلاد التى حلوا بها. وقتلوا أنبياءه ورفضوا شرائعه، وحرفوا كتبه، بل أكثر من ذلك حرَّموا على شعبهم أن ينطقوا باسم الله، حتى أنسوهم اسمه عدة مرات.
    فهم كما قال عنهم موسى : (24قَدْ كُنْتُمْ تَعْصُونَ الرَّبَّ مُنْذُ يَوْمَ عَرَفْتُكُمْ.) تثنية 9: 24، وسيظل ذلك حالهم.
    وقال لهم أيضًا: (27لأَنِّي أَنَا عَارِفٌ تَمَرُّدَكُمْ وَرِقَابَكُمُ الصُّلبَةَ. هُوَذَا وَأَنَا بَعْدُ حَيٌّ مَعَكُمُ اليَوْمَ قَدْ صِرْتُمْ تُقَاوِمُونَ الرَّبَّ فَكَمْ بِالحَرِيِّ بَعْدَ مَوْتِي) تثنية 31: 27
    (4فَأَخَذَ ذَلِكَ مِنْ أَيْدِيهِمْ وَصَوَّرَهُ بِالْإِزْمِيلِ وَصَنَعَهُ عِجْلاً مَسْبُوكاً. فَقَالُوا: «هَذِهِ آلِهَتُكَ يَا إِسْرَائِيلُ الَّتِي أَصْعَدَتْكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ!» 5فَلَمَّا نَظَرَ هَارُونُ بَنَى مَذْبَحاً أَمَامَهُ وَنَادَى هَارُونُ وَقَالَ: «غَداً عِيدٌ لِلرَّبِّ». 6فَبَكَّرُوا فِي الْغَدِ وَأَصْعَدُوا مُحْرَقَاتٍ وَقَدَّمُوا ذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ. .....) خروج 32: 4-6
    (11وَأَوْقَدُوا هُنَاكَ عَلَى جَمِيعِ الْمُرْتَفَعَاتِ مِثْلَ الأُمَمِ الَّذِينَ سَاقَهُمُ الرَّبُّ مِنْ أَمَامِهِمْ، وَعَمِلُوا أُمُوراً قَبِيحَةً لإِغَاظَةِ الرَّبِّ. 12وَعَبَدُوا الأَصْنَامَ الَّتِي قَالَ الرَّبُّ لَهُمْ عَنْهَا: [لاَ تَعْمَلُوا هَذَا الأَمْرَ]. 13وَأَشْهَدَ الرَّبُّ عَلَى إِسْرَائِيلَ وَعَلَى يَهُوذَا عَنْ يَدِ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ وَكُلِّ رَاءٍ قَائِلاً: [ارْجِعُوا عَنْ طُرُقِكُمُ الرَّدِيئَةِ وَاحْفَظُوا وَصَايَايَ فَرَائِضِي حَسَبَ كُلِّ الشَّرِيعَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُ بِهَا آبَاءَكُمْ، وَالَّتِي أَرْسَلْتُهَا إِلَيْكُمْ عَنْ يَدِ عَبِيدِي الأَنْبِيَاءِ]. 14فَلَمْ يَسْمَعُوا بَلْ صَلَّبُوا أَقْفِيَتَهُمْ كَأَقْفِيَةِ آبَائِهِمِ الَّذِينَ لَمْ يُؤْمِنُوا بِالرَّبِّ إِلَهِهِمْ. 15وَرَفَضُوا فَرَائِضَهُ وَعَهْدَهُ الَّذِي قَطَعَهُ مَعَ آبَائِهِمْ وَشَهَادَاتِهِ الَّتِي شَهِدَ بِهَا عَلَيْهِمْ، وَسَارُوا وَرَاءَ الْبَاطِلِ، وَصَارُوا بَاطِلاً وَرَاءَ الأُمَمِ الَّذِينَ حَوْلَهُمُ، الَّذِينَ أَمَرَهُمُ الرَّبُّ أَنْ لاَ يَعْمَلُوا مِثْلَهُمْ. 16وَتَرَكُوا جَمِيعَ وَصَايَا الرَّبِّ إِلَهِهِمْ وَعَمِلُوا لأَنْفُسِهِمْ مَسْبُوكَاتٍ عِجْلَيْنِ، وَعَمِلُوا سَوَارِيَ وَسَجَدُوا لِجَمِيعِ جُنْدِ السَّمَاءِ، وَعَبَدُوا الْبَعْلَ. 17وَعَبَّرُوا بَنِيهِمْ وَبَنَاتِهِمْ فِي النَّارِ، وَعَرَفُوا عِرَافَةً وَتَفَاءَلُوا، وَبَاعُوا أَنْفُسَهُمْ لِعَمَلِ الشَّرِّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ لإِغَاظَتِهِ. 18فَغَضِبَ الرَّبُّ جِدّاً عَلَى إِسْرَائِيلَ وَنَحَّاهُمْ مِنْ أَمَامِهِ، وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ سِبْطُ يَهُوذَا وَحْدَهُ. 19وَيَهُوذَا أَيْضاً لَمْ يَحْفَظُوا وَصَايَا الرَّبِّ إِلَهِهِمْ بَلْ سَلَكُوا فِي فَرَائِضِ إِسْرَائِيلَ الَّتِي عَمِلُوهَا. 20فَرَذَلَ الرَّبُّ كُلَّ نَسْلِ إِسْرَائِيلَ، وَأَذَلَّهُمْ وَدَفَعَهُمْ لِيَدِ نَاهِبِينَ حَتَّى طَرَحَهُمْ مِنْ أَمَامِهِ) ملوك الثانى 17: 11-20
    (10فقالَ الرّبُّ ليَشوعَ: ((قُم، لماذا تَنحَني حتى الأرضِ؟ 11خطئَ بَنو إِسرائيلَ وخالَفوا عَهدي وما أمَرتُهُم بهِ فأخذوا مِمَّا حَرَّمتُهُ علَيهم: سرَقوا وخبَّأوا ما سرَقوهُ بَينَ أمتِعَتِهِم، 12فما قَدِرَ بَنو إِسرائيلَ أنْ يَثبُتوا أمامَ أعدائِهِم، بلِ اَنهَزَموا مِنْ أمامِهِم لأنَّهُم صاروا مَلعونينَ مِنَ الرّبِّ، فلن أكونَ معَكُم ثانيةً ما لم تُزيلوا الحَرامَ مِنْ بَينِكُم) يشوع 7: 10- 12 الترجمة العربية المشتركة
    وها هو إيليا يشهد على زيغهم عن طريق الله: (... وَكَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَيْهِ: [مَا لَكَ هَهُنَا يَا إِيلِيَّا؟] 10فَقَالَ: [قَدْ غِرْتُ غَيْرَةً لِلرَّبِّ إِلَهِ الْجُنُودِ، لأَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ تَرَكُوا عَهْدَكَ وَنَقَضُوا مَذَابِحَكَ وَقَتَلُوا أَنْبِيَاءَكَ بِالسَّيْفِ، فَبَقِيتُ أَنَا وَحْدِي. وَهُمْ يَطْلُبُونَ نَفْسِي لِيَأْخُذُوهَا].) ملوك الأول 19: 9-10
    وها هو إشعياء يشهد على زيغهم عن طريق الله: (14لِذَلِكَ اسْمَعُوا كَلاَمَ الرَّبِّ يَا رِجَالَ الْهُزْءِ وُلاَةَ هَذَا الشَّعْبِ الَّذِي فِي أُورُشَلِيمَ. 15لأَنَّكُمْ قُلْتُمْ: «قَدْ عَقَدْنَا عَهْداً مَعَ الْمَوْتِ وَصَنَعْنَا مِيثَاقاً مَعَ الْهَاوِيَةِ. السَّوْطُ الْجَارِفُ إِذَا عَبَرَ لاَ يَأْتِينَا لأَنَّنَا جَعَلْنَا الْكَذِبَ مَلْجَأَنَا وَبِالْغِشِّ اسْتَتَرْنَا) إشعياء 28: 14-15
    (14لِذَلِكَ هَئَنَذَا أَعُودُ أَصْنَعُ بِهَذَا الشَّعْبِ عَجَباً وَعَجِيباً فَتَبِيدُ حِكْمَةُ حُكَمَائِهِ وَيَخْتَفِي فَهْمُ فُهَمَائِهِ». 15وَيْلٌ لِلَّذِينَ يَتَعَمَّقُونَ لِيَكْتُمُوا رَأْيَهُمْ عَنِ الرَّبِّ فَتَصِيرُ أَعْمَالُهُمْ فِي الظُّلْمَةِ وَيَقُولُونَ: «مَنْ يُبْصِرُنَا وَمَنْ يَعْرِفُنَا؟». 16يَا لَتَحْرِيفِكُمْ!) إشعياء 29: 14-16

    تعليق


    • #62
      والآن كان الملف رقم 1 فى المداخلة 41، والملف 2 فى المداخلة 42، والملف 3 فى المداخلة 43، والملف 4 فى المجلد 44 والملف 5 فى المجلد 45، والملف الحالى هو رقم 9 وسيكون فى هذه المداخلة رقم 46

      6- التأمين عند العجز والشيخوخة والفقر
      وأكثر من ذلك أن الإسلام ضمن لغير المسلمين في ظل دولته، كفالة المعيشة الملائمة لهم ولمن يعولونه، لأنهم رعية للدولة المسلمة وهي مسئولة عن كل رعاياها، عن ابن عمر، رضى الله عنهما، قال رسول الله : "كلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته" متفق عليه
      ففي عهد أبي بكر الصِّدِّيق، وبحضرة عدد كبير من الصحابة، جاء فى عقد أهل الذمة، الذى كتبه خالد بن الوليد لأهل الحيرة بالعراق وكانوا من النصارى: "وجعلت لهم، أيما شيخ ضعف عن العمل، أو أصابته آفة من الآفات، أو كان غنيًّا فافتقر وصار أهل دينه يتصدقون عليه، طرحت جزيته وعِيل من بيت مال المسلمين هو وعياله". رواه أبو يوسف في "الخراج" ص 144
      ورأى عمر بن الخطاب شيخًا يهوديًا يسأل الناس، فسأله عن ذلك، فعرف أن الشيخوخة والحاجة ألجأتاه إلى ذلك، فأخذه وذهب به إلى خازن بيت مال المسلمين، وأمره أن يفرض له ولأمثاله من بيت المال ما يكفيهم ويصلح شأنهم، وقال في ذلك: ما أنصفناه إذ أخذنا منه الجزية شابًا، ثم نخذله عند الهرم! (السابق ص 126)
      وعند مقدمهِ "الجابية" من أرض دمشق مَرَّ في طريقه بقوم مجذومين من النصارى، فأمر أن يعطوا من الصدقات، وأن يجرى عليهم القوت. (البلاذري في فتوح البلدان ص 177 ط . بيروت)
      والسؤال البديهى الذى يطرح نفسه هنا: فإذا كان أهل الكتاب يتمتعون بكل هذه المزايا، فلماذا يدفعون الجزية إذن عن يد وهم صاغرون؟
      أولا فهم صاغرون لحكم الله، أى لملكوته وشريعته، وليس للمسلم، حيث أثبتنا أن لهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين.
      ثانيًا لم تكن الجزية شريعة جديدة أتى بها الإسلام، فقد فرض الله تعالى الجزية على الممالك التى كانت تخضع لبنى إسرائيل: (وضرب الموآبيين وقاسهم بالحبل، مضجعا إياهم على الأرض. فقاس منهم حبلين للقتل وطول حبل للآستبقاء. وصار الموآبيون رعايا لداود يؤدون الجزية. ... وأقام داود محافظين في أرام دمشق، فصار الأراميون رعايا لداود يؤدون الجزية. ونصر الرب داود حيثما توجه) صموئيل الثانى 8: 2 و6 (الترجمة الكاثوليكية اليسوعية، والأخبار السارة، والحياة، والترجمة العربية المشتركة)
      بل كانت الجزية فى العهد القديم نساء من العذارى تُقدم للرب: فماذا سيفعل الرب بهن؟: (40ومِنَ النِّساءِ ستَّةَ عشَرَ ألفًا، فكانَت جزيَةُ الرّبِّ مِنها اَثْنَينِ وثلاثينَ اَمرأةً. 41فدفَعَ موسى الجزيَةَ المُخصَّصَةَ للرّبِّ إلى ألِعازارَ الكاهنِ، كما أمرَ الرّبُّ موسى.) العدد 31: 40-41 (الترجمة العربية المشتركة)، وهكذا قالت أيضًا ترجمة الأخبار السارة.
      وانظر إلى تدليس المترجم فى ترجمة الفاندايك، ليخفى عن القراء وضع المرأة المتدنى، والذى كانت تُعد فيه المرأة كالماشية وتُقدم قرابين للرب. فقد جعلها المترجم (الناس) بدلا من (النساء) أو (العذارى)، كما جعلتها الترجمة الكاثوليكية (البشر) زيادة فى طمس المعنى: (40وَنُفُوسُ النَّاسِ سِتَّةَ عَشَرَ أَلفاً وَزَكَاتُهَا لِلرَّبِّ اثْنَيْنِ وَثَلاثِينَ نَفْساً.) العدد 31: 40-41 (ترجمة الفاندايك)،
      وكانت (ترجمة الحياة) أكثر التراجم هنا احترامًا لعقل القراء وأكثر صدقًا معهم: (وَمِنَ النِّسَاءِ الْعَذَارَى سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفاً، وَزَكَاةُ الرَّبِّ مِنْهَا اثْنَيْنَ وَثَلاَثِينَ نَفْساً.)
      ولكن الأمر يختلف بين الإسلام والكتاب الذى تقدسه، فمن يدفع الجزية فى كتابكم هم من العبيد، بينما فى الإسلام هم مواطنون لهم كامل المواطنة، لا فرق بينهم وبين المسلمين فى ذلك: (10فَلَمْ يَطْرُدُوا الْكَنْعَانِيِّينَ السَّاكِنِينَ فِي جَازَرَ. فَسَكَنَ الْكَنْعَانِيُّونَ فِي وَسَطِ أَفْرَايِمَ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ، وَكَانُوا عَبِيداً تَحْتَ الْجِزْيَةِ.) يشوع 16: 10
      وكان يسوع الذى تؤلهه يدفع نفسه الجزية للرومان صاغرًا لقوانين قيصر، فلو كان دفع الجزية يعيبه وينقص من قدره، ما كان دفعها. وأيهما أفضل: أن تكون صاغرًا لقوانين قيصر أم صاغرًا لقوانين الله؟: (24وَلَمَّا جَاءُوا إِلَى كَفْرِنَاحُومَ تَقَدَّمَ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ الدِّرْهَمَيْنِ إِلَى بُطْرُسَ وَقَالُوا: «أَمَا يُوفِي مُعَلِّمُكُمُ الدِّرْهَمَيْنِ؟» 25قَالَ: «بَلَى». فَلَمَّا دَخَلَ الْبَيْتَ سَبَقَهُ يَسُوعُ قَائِلاً: «مَاذَا تَظُنُّ يَا سِمْعَانُ؟ مِمَّنْ يَأْخُذُ مُلُوكُ الأَرْضِ الْجِبَايَةَ أَوِ الْجِزْيَةَ أَمِنْ بَنِيهِمْ أَمْ مِنَ الأَجَانِبِ؟» 26قَالَ لَهُ بُطْرُسُ: «مِنَ الأَجَانِبِ». قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «فَإِذاً الْبَنُونَ أَحْرَارٌ. 27وَلَكِنْ لِئَلَّا نُعْثِرَهُمُ اذْهَبْ إِلَى الْبَحْرِ وَأَلْقِ صِنَّارَةً وَالسَّمَكَةُ الَّتِي تَطْلُعُ أَوَّلاً خُذْهَا وَمَتَى فَتَحْتَ فَاهَا تَجِدْ إِسْتَاراً فَخُذْهُ وَأَعْطِهِمْ عَنِّي وَعَنْكَ».) متى 17: 24-27
      وأمر بولس بالخضوع إلى سلطان الحاكم، والجزية هى دليل خضوع لحكم الله، الذى فرضها على أهل الكتاب: (1لِتَخْضَعْ كُلُّ نَفْسٍ لِلسَّلاَطِين الْفَائِقَةِ لأَنَّهُ لَيْسَ سُلْطَانٌ إِلاَّ مِنَ اللهِ وَالسَّلاَطِينُ الْكَائِنَةُ هِيَ مُرَتَّبَةٌ مِنَ اللهِ 2حَتَّى إِنَّ مَنْ يُقَاوِمُ السُّلْطَانَ يُقَاوِمُ تَرْتِيبَ اللهِ وَالْمُقَاوِمُونَ سَيَأْخُذُونَ لأَنْفُسِهِمْ دَيْنُونَةً. ... ... ... 6فَإِنَّكُمْ لأَجْلِ هَذَا تُوفُونَ الْجِزْيَةَ أَيْضاً إِذْ هُمْ خُدَّامُ اللهِ مُواظِبُونَ عَلَى ذَلِكَ بِعَيْنِهِ. 7فَأَعْطُوا الْجَمِيعَ حُقُوقَهُمُ: الْجِزْيَةَ لِمَنْ لَهُ الْجِزْيَةُ. الْجِبَايَةَ لِمَنْ لَهُ الْجِبَايَةُ. وَالْخَوْفَ لِمَنْ لَهُ الْخَوْفُ. وَالإِكْرَامَ لِمَنْ لَهُ الإِكْرَامُ.) رومية 13: 1-7
      فها هو بولس يقول إن الجزية من أمر الله، وبترتيبه، فمن يرفض دفعها، فقد عصى الله، وقاوم أوامره. لكن الإسلام لا يحصلها بالإجبار، ويتمتع دافعها بمميزات كثيرة منها التأمين الصحى والإجتماعى والأمنى، له ولأسرته.
      مقدار الجزية وعلى من تجب:
      فهل بعد كل هذا تعلم مقدار الجزية وعلى من تجب؟
      يقول "وول ديورانت" مات عام (1981) في موسوعة الحضارة عن مقدار الجزية التي كان يأخذها المسلمون: إن المبلغ يتراوح بين دينار وأربعة دنانير (من 4.75 إلى 19 دولارًا أمريكيًا) سنويًا". وأنه يعفى منها الرهبان والنساء والذكور الذين هم دون سن البلوغ، والأرقاء، والشيوخ، والعجزة، والعمى والفقراء. وكان الذميون يعفون في نظير هذه الضريبة من الخدمة العسكرية ولا تفرض عليهم الزكاة. [التى هى بمثابة 2,5% من المدخرات، و5% إلى 10% من المزروعات]. وسعر الدولار فى ذلك الوقت كان متأرجحًا، وإن حسبنا أن الدولار كان يساوى ثلاثة جنيهات فى نهاية الثمانينات فتكون قيمة المبلغ من 15 جنيهًا إلى 57 جنيهًا.
      وكتب آدم ميتز: "كان أهل الذمة يدفعون الجزية، كل منهم بحسب قدرته، وكانت هذه الجزية أشبه بضريبة الدفاع الوطني، فكان لا يدفعها إلا الرجل القادر على حمل السلاح، فلا يدفعها ذوو العاهات، ولا المترهبون، وأهل الصوامع إلا إذا كان لهم يسار". آدم ميتز -الحضارة الإسلامية 1/96
      وذهب الإمام أبو حنيفة إلى تقسيم الجزية إلى فئات ثلاث:
      1- أعلاها وهي 48 درهمًا في السنة على الأغنياء مهما بلغت ثرواتهم. ( وهي تقدر بـ 136 جراما من الفضة) لأن الدرهم يساوي ( 2,832 جراما).(جرام الفضة فى نوفمبر 2012 بين 5 إلى 6 جنيهات تقريبًا حسب عيار الفضة، أى حوالى 3400 جنيهًا مصريًا.
      2- وأوسطها وهي 24 درهماً في السنة على المتوسطين من تجار وزرّاع، أى حوالى 1700 جنيهًا مصريًا.
      3- وأدناها وهي 12 درهماً في السنة على العمال المحترفين الذين يجدون عملاً. أى حوالى 850 جنيهًا مصريًا. (معاملة غير المسلمين في الدولة الاسلامية- د.ناريمان عبد الكريم –ص 50- عن الماوردي: الاحكام السلطانية- ص 144.)
      بمعنى أنه لو هناك تاجر مسلم وآخر مسيحى، ويملك كل منهما مليون جنيهًا، لدفع المسلم 2,5% من دخله أى 25000 جنيهًا زكاة المال. بينما يدفع المسيحى 3400 جنيهًا.
      وفى النهاية فإن الله أمرنا بالقتال من أجل كف الاعتداء لا من أجل الاعتداء: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) البقرة 190 (نقلا بتصرف كبير عن عبد الوهاب بمنتدى شيخ عرب)
      * * * * *
      القرآن من تأليف محمد:
      يواصل كاتب (الإسلام بدون غطاء) قوله (ولتبرير هذا التغيير المفاجئ في أسلوب القرآن من المسالمة إلى المعاداة، ومن المهادنة إلى المواجهة، فإن رسول الإسلام يلقي التبعة في ذلك على الله، بقوله إن الله هو الذي نسخ (أبدل) الآيات المسالمة بالآيات العنيفة.)
      وأقول له:
      إن ما تقوله ليس باستنتاج عقلى، حتى نقول إنك توصلت إلى ذلك بقرائن تاريخية أو دينية أو حتى موضوعية. إن ما تقوله هو طفح الغل والتعصب وكره الإسلام ونبيه دون مبرر. فلا يملك نبى أن يقول غير ما أمره الله به، ولا يملك أن ينسخ حكمًا من تلقاء نفسه. ويبدو أنك لا تعرف أن النسخ فى القرآن الكريم لا يتناول إلا أحكامًا، سكت الله عنها مؤقتًا أو مهَّد الناس لتغييرها، ثم استبدلها بحكم إلهى آخر. أما مبادىء الإسلام الثابتة فى التسامح، فهو من المبادىء التى لم ولن تتغير.
      ونسيت أيها الكاتب أن تصارح الناس بقولك: إن من يقول أو يكتب أو يتنبأ وينسبه للرب هم أنبياء الكتاب الذى تقدسه. ونسيت أن تُكفر كل صاحب شهادة استعمل عقوله ولو لمرة، واكتشف أن القرآن به آيات تعاتب الرسول ، وتنذره، ولو كان هذا القرآن من تأليف الرسول ، لما تردد لحظة واحدة فى الافتخار به، ولما نسبه لله تعالى، حيث كان يُعرف من صغره بأنه الصادق الأمين، ولما تركه الله تعالى دون عقاب، لقوله:
      (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَد عَنْهُ حَاجِزِينَ * وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ * وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُم مُّكَذِّبِينَ * وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ * وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ * فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) الحاقة 44-52
      لكن تأثرك بما يقوله كتابك الذى تقدسه، جعلك تنسب لنا ما فيه، وسوف أتركك تقرأ رفض الرب لأنبياء السامرة ويهوذا، أى أنبياء بنى إسرائيل، الذى جاءوا بالعهد القديم، وحرفوه، وأضافوا من عند أنفسهم، وتنبأوا بكلام لم يقله الرب:
      1) (كَيْفَ تَدَّعُونَ أَنَّكُمْ حُكَمَاءُ وَلَدَيْكُمْ شَرِيعَةَ الرَّبِّ بَيْنَمَا حَوَّلَهَا قَلَمُ الْكَتَبَةِ المُخَادِعُ إِلَى أُكْذُوبَةٍ؟) إرمياء 8: 8
      2) اعترف كاتب سفر إرميا بأن أنبياء أورشليم وأنبياء السامرة الكذبة حرفوا كلام الله عمداً: (13وَقَدْ رَأَيْتُ فِي أَنْبِيَاءِ السَّامِرَةِ حَمَاقَةً. تَنَبَّأُوا بِالْبَعْلِ وَأَضَلُّوا شَعْبِي إِسْرَائِيلَ. 14وَفِي أَنْبِيَاءِ أُورُشَلِيمَ رَأَيْتُ مَا يُقْشَعَرُّ مِنْهُ. يَفْسِقُونَ وَيَسْلُكُونَ بِالْكَذِبِ وَيُشَدِّدُونَ أَيَادِيَ فَاعِلِي الشَّرِّ حَتَّى لاَ يَرْجِعُوا الْوَاحِدُ عَنْ شَرِّهِ. ..... . 16هَكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: لاَ تَسْمَعُوا لِكَلاَمِ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ فَإِنَّهُمْ يَجْعَلُونَكُمْ بَاطِلاً. يَتَكَلَّمُونَ بِرُؤْيَا قَلْبِهِمْ لاَ عَنْ فَمِ الرَّبِّ.) إرميا 23: 13-16
      فكيف يشيع الكفر من أنبياء بنى إسرائيل إلا إذا حرفوا تعاليم الله أو تكتموها، وإلا لحاكمهم شعبهم ولأقاموا عليهم حدود الله! وهذا يدل أيضًا على عدم انتشار كلمة الرب وكتابه إلا بين الكتبة والكهنة فقط، الأمر الذى ييسِّر عملية التحريف.
      3) وهذا كلام الله الذى يقدسه نبى الله داود ويفتخر به، يحرفه غير المؤمنين، ويطلبون قتله لأنه يعارضهم ويمنعهم ، ولا يبالى إن قتلوه من أجل الحق ، فهو متوكل على الله: (4اَللهُ أَفْتَخِرُ بِكَلاَمِهِ. عَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ فَلاَ أَخَافُ. مَاذَا يَصْنَعُهُ بِي الْبَشَرُ! 5الْيَوْمَ كُلَّهُ يُحَرِّفُونَ كَلاَمِي. عَلَيَّ كُلُّ أَفْكَارِهِمْ بِالشَّرِّ.) مزمور 56: 4-5
      4) واعترف إشعياء بالتحريف: (15وَيْلٌ لِلَّذِينَ يَتَعَمَّقُونَ لِيَكْتُمُوا رَأْيَهُمْ عَنِ الرَّبِّ فَتَصِيرُ أَعْمَالُهُمْ فِي الظُّلْمَةِ وَيَقُولُونَ: «مَنْ يُبْصِرُنَا وَمَنْ يَعْرِفُنَا؟». 16يَا لَتَحْرِيفِكُمْ!) إشعياء 29: 15-16
      5) واعترف الرب لإرمياء أن هناك لصوص، يدعون النبوة، وهم فى الحقيقة قد سرقوا كلمته ويضيفون عليها ثم ينسبونها للرب، بغرض إضلال الشعب: (30لِذَلِكَ هَئَنَذَا عَلَى الأَنْبِيَاءِ يَقُولُ الرَّبُّ الَّذِينَ يَسْرقُونَ كَلِمَتِي بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ) إرمياء 23: 30
      6) (31هَئَنَذَا عَلَى الأَنْبِيَاءِ يَقُولُ الرَّبُّ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ لِسَانَهُمْ وَيَقُولُونَ: قَالَ.) إرمياء 23: 31
      7) (32هَئَنَذَا عَلَى الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ بِأَحْلاَمٍ كَاذِبَةٍ يَقُولُ الرَّبُّ الَّذِينَ يَقُصُّونَهَا وَيُضِلُّونَ شَعْبِي بِأَكَاذِيبِهِمْ وَمُفَاخَرَاتِهِمْ وَأَنَا لَمْ أُرْسِلْهُمْ وَلاَ أَمَرْتُهُمْ. فَلَمْ يُفِيدُوا هَذَا الشَّعْبَ فَائِدَةً يَقُولُ الرَّبُّ].) إرمياء 23: 32
      8) (33وَإِذَا سَأَلَكَ هَذَا الشَّعْبُ أَوْ نَبِيٌّ أَوْ كَاهِنٌ: [مَا وَحْيُ الرَّبِّ؟] فَقُلْ لَهُمْ: [أَيُّ وَحْيٍ؟ إِنِّي أَرْفُضُكُمْ - هُوَ قَوْلُ الرَّبِّ. 34فَالنَّبِيُّ أَوِ الْكَاهِنُ أَوِ الشَّعْبُ الَّذِي يَقُولُ: وَحْيُ الرَّبِّ - أُعَاقِبُ ذَلِكَ الرَّجُلَ وَبَيْتَهُ.) إرمياء 23: 33-34
      9) (36أَمَّا وَحْيُ الرَّبِّ فَلاَ تَذْكُرُوهُ بَعْدُ لأَنَّ كَلِمَةَ كُلِّ إِنْسَانٍ تَكُونُ وَحْيَهُ إِذْ قَدْ حَرَّفْتُمْ كَلاَمَ الإِلَهِ الْحَيِّ رَبِّ الْجُنُودِ إِلَهِنَا.) إرمياء 23: 36
      10) (لاَ تَغِشَّكُمْ أَنْبِيَاؤُكُمُ الَّذِينَ فِي وَسَطِكُمْ وَعَرَّافُوكُمْ وَلاَ تَسْمَعُوا لأَحْلاَمِكُمُ الَّتِي تَتَحَلَّمُونَهَا. 9لأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ بِاسْمِي بِالْكَذِبِ. أَنَا لَمْ أُرْسِلْهُمْ يَقُولُ الرَّبُّ.) إرمياء 29: 8-9
      11) (31اَلأَنْبِيَاءُ يَتَنَبَّأُونَ بِالْكَذِبِ وَالْكَهَنَةُ تَحْكُمُ عَلَى أَيْدِيهِمْ وَشَعْبِي هَكَذَا أَحَبَّ.) إرمياء 5: 31
      فإذا كان من الأنبياء من هم حمقى وكذبة وضالين، فإن هذا الأمر يتطلب منكم إعمال العقل مع النص فيما نُقلَ إليكم، وعدم الثقة التامة فى رجال الكهنوت مهما كان منصبهم. فلن يكونوا أشرف ولا أفضل من أنبياء الله. كما يدفعكم إلى تغيير عنوان كتابكم وحذف كلمة (المقدس) من على غلافه. وإلا أخبرونا: ما هى الأحلام الكاذبة والكذب والضلال الذى قاله الأنبياء؟ والله إنى لأتعجب: كيف يكون هناك نبى كذاب؟ فكيف انتقاه الرب لحمل لواء دعوته؟ وكيف لم يقتله الرب أو الشعب عملا بكتاب الرب؟ ألم يقل الرب: (وَأَمَّا النَّبِيُّ الذِي يُطْغِي فَيَتَكَلمُ بِاسْمِي كَلاماً لمْ أُوصِهِ أَنْ يَتَكَلمَ بِهِ أَوِ الذِي يَتَكَلمُ بِاسْمِ آلِهَةٍ أُخْرَى فَيَمُوتُ ذَلِكَ النَّبِيُّ.) التثنية 18: 20
      12) (3هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: وَيْلٌ لِلأَنْبِيَاءِ الْحَمْقَى الذَّاهِبِينَ وَرَاءَ رُوحِهِمْ وَلَمْ يَرُوا شَيْئاً. 4أَنْبِيَاؤُكَ يَا إِسْرَائِيلُ صَارُوا كَـالثَّعَالِبِ فِي الْخِرَبِ.) حزقيال 13: 3
      إن وجود أنبياء بهذه الأخلاق المتدنية لهو إشارة إلى رفض هذه الأنبياء وتعاليمهم. إذ كيف أثق فيما نُقِلَ عن كذَّاب؟ وكيف أسلم أمر عقيدتى وآخرتى ودنياى لمن هو فاسق؟ فإن من كانت هذه صفاته فهو شيطان. فكيف أبيع نفسى للشيطان؟ (26لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟) متى 16: 26
      13) (32فَأَخَذَ إِرْمِيَا دَرْجاً آخَرَ وَدَفَعَهُ لِبَارُوخَ بْنِ نِيرِيَّا الْكَاتِبِ فَكَتَبَ فِيهِ عَنْ فَمِ إِرْمِيَا كُلَّ كَلاَمِ السِّفْرِ الَّذِي أَحْرَقَهُ يَهُويَاقِيمُ مَلِكُ يَهُوذَا بِالنَّارِ وَزِيدَ عَلَيْهِ أَيْضاً كَلاَمٌ كَثِيرٌ مِثْلُهُ.) إرمياء 36: 32
      14) (6رَأُوا بَاطِلاً وَعِرَافَةً كَـاذِبَةً. الْقَائِلُونَ: وَحْيُ الرَّبِّ وَالرَّبُّ لَمْ يُرْسِلْهُمْ، وَانْتَظَرُوا إِثْبَاتَ الْكَلِمَةِ.) حزقيال 13: 6
      والأمر تعدى وجود تحريفات فى الكتاب، إلى وجود من يدَّعى أنه يوحى إليه، ويؤلف كتابًا ينسبه لله. وجدير بالذكر أنه لا يوجد سفر فى الكتاب عُرفَ كاتبه على وجه اليقين. وهذا ما شهد به لوقا فى افتتاحية إنجيله، وشهد به بولس أيضًا.
      15) وها هو حزقيال يشهد بتحريف اليهود لكلام الرب: (7أَلَمْ تَرُوا رُؤْيَا بَاطِلَةً، وَتَكَلَّمْتُمْ بِعِرَافَةٍ كَـاذِبَةٍ، قَائِلِينَ: وَحْيُ الرَّبِّ وَأَنَا لَمْ أَتَكَلَّمْ؟) حزقيال 13: 7
      16) (8لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: لأَنَّكُمْ تَكَلَّمْتُمْ بِـالْبَاطِلِ وَرَأَيْتُمْ كَذِباً، فَلِذَلِكَ هَا أَنَا عَلَيْكُمْ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ.) حزقيال 13: 8
      17) (9وَتَكُونُ يَدِي عَلَى الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يَرُونَ الْبَاطِلَ وَالَّذِينَ يَعْرِفُونَ بِـالْكَذِبِ. فِي مَجْلِسِ شَعْبِي لاَ يَكُونُونَ، وَفِي كِتَابِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ لاَ يُكْتَبُونَ، وَإِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ لاَ يَدْخُلُونَ، فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا السَّيِّدُ الرَّبُّ.) حزقيال 13: 9
      18) (26كَهَنَتُهَا خَالَفُوا شَرِيعَتِي وَنَجَّسُوا أَقْدَاسِي. لَمْ يُمَيِّزُوا بَيْنَ الْمُقَدَّسِ وَالْمُحَلَّلِ، وَلَمْ يَعْلَمُوا الْفَرْقَ بَيْنَ النَّجِسِ وَالطَّاهِرِ، وَحَجَبُوا عُيُونَهُمْ عَنْ سُبُوتِي فَتَدَنَّسْتُ فِي وَسَطِهِمْ. 27رُؤَسَاؤُهَا فِي وَسَطِهَا كَذِئَابٍ خَاطِفَةٍ خَطْفاً لِسَفْكِ الدَّمِ، لإِهْلاَكِ النُّفُوسِ لاِكْتِسَابِ كَسْبٍ. 28وَأَنْبِيَاؤُهَا قَدْ طَيَّنُوا لَهُمْ بِـالطُّفَالِ، رَائِينَ بَاطِلاً وَعَارِفِينَ لَهُمْ كَذِباً، قَائِلِينَ: هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ وَالرَّبُّ لَمْ يَتَكَلَّمْ!) حزقيال 22: 26-28
      19) ويتضح نية بنى إسرائيل السيئة فى تحريف كلمة الرب فى قوله لعاموس، وذلك عن طريق إفساد الأنبياء وأخلاقهم: (11وَأَقَمْتُ مِنْ بَنِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَمِنْ فِتْيَانِكُمْ نَذِيرِينَ. أَلَيْسَ هَكَذَا يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ يَقُولُ الرَّبُّ؟ 12لَكِنَّكُمْ سَقَيْتُمُ النَّذِيرِينَ خَمْراً وَأَوْصَيْتُمُ الأَنْبِيَاءَ قَائِلِينَ: لاَ تَتَنَبَّأُوا.) عاموس 2: 11-12
      20) (16هَكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: لاَ تَسْمَعُوا لِكَلاَمِ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ فَإِنَّهُمْ يَجْعَلُونَكُمْ بَاطِلاً. يَتَكَلَّمُونَ بِرُؤْيَا قَلْبِهِمْ لاَ عَنْ فَمِ الرَّبِّ) إرمياء 23: 16
      21) حتى إن كاتب سفر المكابيين قالها صراحة إن هذا الكتاب من تأليفه هو، ومع ذلك تعتبرونه وحيًا من الله: (فإنْ كُنْتُ قد أَحْسَنْتُ التَّأْلِيِف وأَصَبْتُ الغَرَضَ فَذَلكَ مَا كُنْتُ أَتَمَنَّى. وإنْ كَانَ قَد لَحقَنى الوَهَن والتَّقْصيرُ، فإنِّى قد بَذلتُ وسعى.) مكابيين الثانى 15: 39
      22) (11«هُوَذَا أَيَّامٌ تَأْتِي يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ أُرْسِلُ جُوعاً فِي الأَرْضِ لاَ جُوعاً لِلْخُبْزِ وَلاَ عَطَشاً لِلْمَاءِ بَلْ لاِسْتِمَاعِ كَلِمَاتِ الرَّبِّ. 12فَيَجُولُونَ مِنْ بَحْرٍ إِلَى بَحْرٍ وَمِنَ الشِّمَالِ إِلَى الْمَشْرِقِ يَتَطَوَّحُونَ لِيَطْلُبُوا كَلِمَةَ الرَّبِّ فَلاَ يَجِدُونَهَا.) عاموس 8: 11-12
      ففكر عزيزى المسيحى: كيف يبحث المرء عن كلمة الرب فلا يجدها؟ فهل تعتقد (كما أفهمتك الكنيسة) أن كلمة الرب كانت منتشرة فى كتب، ولا يُعقل أن يجمع أحد كل هذه النسخ ويُحرفها؟) لقد علم الله بعلمه الأزلى أن بنى إسرائيل غلاظ القلب، وأنهم سيحرفون كلامه، فأنبأ عاموس بهذه النبوءة. ثم فكر مرة أخرى: هل من العدل أن يترك الرب عبيده هكذا بدون كتاب بعد أن رفع عنهم كلامه ، أم أنه أنزل إليهم كتابًا فيه نور وهدى وتعهَّد هو بحفظه ليكون دستورًا خالدًا تُحكم به مملكة الله على الأرض؟
      23) (6فَقَدْ أَبْطَلْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ بِسَبَبِ تَقْلِيدِكُمْ! 7يَا مُرَاؤُونَ! حَسَناً تَنَبَّأَ عَنْكُمْ إِشَعْيَاءُ قَائِلاً: 8يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هَذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ وَيُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيداً. 9وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ».) متى 15: 6-9
      ووصية الله هى الناموس والعمل به. فإذا كان الكهنة والفريسيون قد أبطلوا العمل به، وعبدوا الله بالباطل ، فقد كانوا يعبدونه إذن على أصول أخرى ما أنزلها الله فى كتابه. وهى أصول باطلة. الأمر الذى يثبت التحريف والزيغ عن الدين الحق، وتأصيل الباطل عند الناس، حتى لم يشعروا بفساد هذه التعاليم.
      24) حتى حذرهم عيسى  من تعاليم الفريسيين والصدوقيين: (6وَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «انْظُرُوا وَتَحَرَّزُوا مِنْ خَمِيرِ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ») متى 6: 6 ، أليس هذا إقرار من عيسى  بقيام الفريسيين والصدوقيين أى رجال الكهنوت مهما اختلفت مسمياتهم بتحريف تعاليم الكتاب ، والتمسك بالتقاليد؟ أليس هذا هو نفس ما قاله عيسى  للفريسيين والصدوقيين: (6فَأَجَابَ: «حَسَناً تَنَبَّأَ إِشَعْيَاءُ عَنْكُمْ أَنْتُمُ الْمُرَائِينَ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: هَذَا الشَّعْبُ يُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيداً 7وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ. 8لأَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ وَتَتَمَسَّكُونَ بِتَقْلِيدِ النَّاسِ: .. .. .. 9ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «حَسَناً! رَفَضْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ. .. .. .. 13مُبْطِلِينَ كَلاَمَ اللَّهِ بِتَقْلِيدِكُمُ الَّذِي سَلَّمْتُمُوهُ. وَأُمُوراً كَثِيرَةً مِثْلَ هَذِهِ تَفْعَلُونَ».) مرقس 7: 7-13
      25) (الَّذِينَ أَخَذْتُمُ النَّامُوسَ بِتَرْتِيبِ مَلاَئِكَةٍ وَلَمْ تَحْفَظُوهُ؟) أعمال الرسل 7: 53 فكيف لم يحفظوا الناموس ، إلا إذا أدخلوا تقاليدهم واستبدلوا بها تعاليم الله؟ رومية 3: 2-3 (... أَمَّا أَوَّلاً فَلأَنَّهُمُ اسْتُؤْمِنُوا عَلَى أَقْوَالِ اللهِ. 3فَمَاذَا إِنْ كَانَ قَوْمٌ لَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ؟)
      26) لقد أوكل الله حفظ الكتاب للكتبة ، ولم يقل إطلاقًا إنه سيحفظه ، وإلا لكان حَفِظَ الكتاب الذى كتبه بيديه لموسى على اللوحين (19وَكَانَ عِنْدَمَا اقْتَرَبَ إِلَى الْمَحَلَّةِ أَنَّهُ أَبْصَرَ الْعِجْلَ وَالرَّقْصَ. فَحَمِيَ غَضَبُ مُوسَى وَطَرَحَ اللَّوْحَيْنِ مِنْ يَدَيْهِ وَكَسَّرَهُمَا فِي أَسْفَلِ الْجَبَلِ) الخروج 32: 19 ، ولكان حَفِظَ الكتاب الذى أحرقه يهوياقيم ملك يهوذا ، ولكان حفظ اسمه أيضاً فى هذه الكتب. وبعلمه الأزلى علم أن بنى إسرائيل سيحرفونه بما يتناسب مع ميولهم، لذلك توعد المحرفين، وإلا لما استنَّ قانونًا يحذر فيه المحرفين ويتوعدهم. لأنه ليس من العقل أن يُسِنُّ الرب قانونًا لجريمة يعلم أنها لن تتم!! لذلك قال:
      (وَإِنَّنِي أَشْهَدُ لِكُلِّ مَنْ يَسْمَعُ مَا جَاءَ فِي كِتَابِ النُّبُوءَةِ هَذَا: إِنْ زَادَ أَحَدٌ شَيْئاً عَلَى مَا كُتِبَ فِيهِ، يَزِيدُهُ اللهُ مِنَ الْبَلاَيَا الَّتِي وَرَدَ ذِكْرُهَا، 19وَإِنْ أَسْقَطَ أَحَدٌ شَيْئاً مِنْ أَقْوَالِ كِتَابِ النُّبُوءَةِ هَذَا، يُسْقِطُ اللهُ نَصِيبَهُ مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ، وَمِنَ الْمَدِينَةِ الْمُقَدَّسَةِ، اللَّتَيْنِ جَاءَ ذِكْرُهُمَا فِي هَذَا الْكِتَاب") رؤيا يوحنا 22: 18-19
      (2لا تَزِيدُوا عَلى الكَلامِ الذِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهِ وَلا تُنَقِّصُوا مِنْهُ لِتَحْفَظُوا وَصَايَا الرَّبِّ إِلهِكُمُ التِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا.) التثنية 4: 2
      (32كُلُّ الكَلامِ الذِي أُوصِيكُمْ بِهِ احْرِصُوا لِتَعْمَلُوهُ. لا تَزِدْ عَليْهِ وَلا تُنَقِّصْ مِنْهُ».) التثنية 12: 32
      (5كُلُّ كَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ نَقِيَّةٌ. تُرْسٌ هُوَ لِلْمُحْتَمِينَ بِهِ. 6لاَ تَزِدْ عَلَى كَلِمَاتِهِ لِئَلاَّ يُوَبِّخَكَ فَتُكَذَّبَ.) الأمثال 30: 5-6
      27) وها هو لوقا يشهد بكثرة تأليف الأناجيل، التى أقرت الكنيسة فى القرن الرابع أربعة منها: (1إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا 2كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّاماً لِلْكَلِمَةِ 3رَأَيْتُ أَنَا أَيْضاً إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيقٍ أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ 4لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ.) لوقا 1: 1-4
      28) (6إِنِّي أَتَعَجَّبُ أَنَّكُمْ تَنْتَقِلُونَ هَكَذَا سَرِيعاً عَنِ الَّذِي دَعَاكُمْ بِنِعْمَةِ الْمَسِيحِ إِلَى إِنْجِيلٍ آخَرَ. 7لَيْسَ هُوَ آخَرَ، غَيْرَ أَنَّهُ يُوجَدُ قَوْمٌ يُزْعِجُونَكُمْ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُحَوِّلُوا إِنْجِيلَ الْمَسِيحِ. 8وَلَكِنْ إِنْ بَشَّرْنَاكُمْ نَحْنُ أَوْ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ بِغَيْرِ مَا بَشَّرْنَاكُمْ، فَلْيَكُنْ «أَنَاثِيمَا».) غلاطية 1: 6-8
      29) ولم ينته التحريف برفع عيسى  بل استمر وعلى نطاق أكبر: (17لأَنَّنَا لَسْنَا كَالْكَثِيرِينَ غَاشِّينَ كَلِمَةَ اللهِ، لَكِنْ كَمَا مِنْ إِخْلاَصٍ، بَلْ كَمَا مِنَ اللهِ نَتَكَلَّمُ أَمَامَ اللهِ فِي الْمَسِيحِ.) كورنثوس الثانية 2: 17 ،
      30) (1ثُمَّ نَسْأَلُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ مَجِيءِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَاجْتِمَاعِنَا إِلَيْهِ، 2أَنْ لاَ تَتَزَعْزَعُوا سَرِيعاً عَنْ ذِهْنِكُمْ، وَلاَ تَرْتَاعُوا، لاَ بِرُوحٍ وَلاَ بِكَلِمَةٍ وَلاَ بِرِسَالَةٍ كَأَنَّهَا مِنَّا: أَيْ أَنَّ يَوْمَ الْمَسِيحِ قَدْ حَضَرَ.) تسالونيك الثانية 2: 1-2
      وقالتها ترجمة كتاب الحياة: (2ألا تضطرب أفكاركم سريعا ولا تقلقوا، لا من إيحاء ولا من خبر ولا من رسالة منسوبة إلينا زورا)
      31) (2بَلْ قَدْ رَفَضْنَا خَفَايَا الْخِزْيِ، غَيْرَ سَالِكِينَ فِي مَكْرٍ، وَلاَ غَاشِّينَ كَلِمَةَ اللهِ، بَلْ بِإِظْهَارِ الْحَقِّ،) كورنثوس الثانية 4: 17
      فهل صدق بولس فى قوله هذا وأن المحرفين كانوا أناس آخرين غيره ، أم كان هو المحرِّف ، ورمى غيره بهذه التهمة؟
      32) وها هو بولس يعترف قبل لوقا بانتشار التعاليم الباطلة من أجل التربح، واصفًا المتمسكين بالتوراة ووصايا العهد القديم مخرفين مرتدين: (10فَإِنَّهُ يُوجَدُ كَثِيرُونَ مُتَمَرِّدِينَ يَتَكَلَّمُونَ بِالْبَاطِلِ، وَيَخْدَعُونَ الْعُقُولَ، وَلاَ سِيَّمَا الَّذِينَ مِنَ الْخِتَانِ - 11الَّذِينَ يَجِبُ سَدُّ أَفْوَاهِهِمْ، فَإِنَّهُمْ يَقْلِبُونَ بُيُوتاً بِجُمْلَتِهَا، مُعَلِّمِينَ مَا لاَ يَجِبُ، مِنْ أَجْلِ الرِّبْحِ الْقَبِيحِ. 12قَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ - وَهُوَ نَبِيٌّ لَهُمْ خَاصٌّ: «الْكِرِيتِيُّونَ دَائِماً كَذَّابُونَ. وُحُوشٌ رَدِيَّةٌ. بُطُونٌ بَطَّالَةٌ». 13هَذِهِ الشَّهَادَةُ صَادِقَةٌ. فَلِهَذَا السَّبَبِ وَبِّخْهُمْ بِصَرَامَةٍ لِكَيْ يَكُونُوا أَصِحَّاءَ فِي الإِيمَانِ، 14لاَ يُصْغُونَ إِلَى خُرَافَاتٍ يَهُودِيَّةٍ وَوَصَايَا أُنَاسٍ مُرْتَدِّينَ عَنِ الْحَقِّ.) ثيطس 1: 13-14
      33) وها هو بولس يعترف أنه كذب لتمرير دينه، وليكسب أكبر عدد من من يصدقونه، والغرض واضح، وهو إيجاد دين جديد، يحارب به دين يسوع وأتباعه: (7فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟) رومية 3: 7
      ومن الذى أوحى ذلك لبولس؟
      وهل هذا اعتراف صريح من الرب بكذبه لإزدياد مجده، أم كان الكاذب هو بولس بمحض إرادته وليس بوحى من الرب؟
      وهل يلجأ الإله الصادق إلى الكذب ليزداد مجده؟
      فهل صدق الله ومجده يحتاجان إلى كذب بولس؟
      أليس الكذب دليل عجز وفشل واستهانة واستغباء بالآخرين؟ فهل تقبلون أن تصفوا إلهكم بهذه الصفات، التى تحقر مقترفها؟
      وهل عجز الرب أو فشل عن نشر كلمته بالفضيلة والصدق فلجأ إلى الكذب؟
      وهل يُعقل أن يلجأ الرب إلى الكذب والكذابين لنشر دينه بين الناس؟
      وما حكمة الإله أن يوحى إلى كذاب بنشر رسالته وتعاليمه؟
      وهل أراد أن يعلم عبيده أن الكذب منجِّى؟
      وهل رضى الرب بكذب بولس ليكسب أتباعاً جدداً لدينه؟
      أيخادع الرب عبيده؟
      ألا يُظهر هذا فشله أمام أنبيائه وعباده؟
      ألا ينقص هذا من قداسته؟
      وكيف أُأنب ابنى أو أعاقبه إذا كذب، وهو يتبع إله كاذب، لا ينشر دينه إلا بالكذب؟
      وما مصير من اتخذوا كذب الرب ذريعة وآمنوا أن الغاية تبرر الوسيلة؟
      ألا يخشى ذلك الإله من تفشى الكذب بين شعبه؟
      وكيف أثق فى هذا الإله الذى يرتكن إلى كاذب ومخادع لنشر رسالته؟
      وهل سيحاسبكم الرب على الكذب فى الآخرة يوم الحساب؟ كيف وهو ناشره؟
      وألا يوصف الرب بذلك أنه كذَّاب ، لأن من أعان على الكذب فهو كذَّاب؟
      وما الفرق بينه وبين الشيطان فى هذه الصفة الرذيلة؟
      وإذا كان إلهاً صادقاً ، فكيف يأمر بما لا يفعله هو؟ أليس ذلك من النفاق؟
      أليست هذه حجة عليه؟
      أليس هذا من الظلم؟
      ألم يقل فى الناموس (لا تكذب)؟ فلماذا أعان الكاذب وأوحى إليه؟؟؟
      وهل يتوقع الرب أن يصدقه الناس بعد أن كذب هو نفسه عليهم ليؤمنوا به؟
      وهل المغرر بهم يُحسب لهم إيمانًا، ويعتبرهم الرب من الصادقين المخلصين له؟
      وهذا جزء من أخلاق أنبياء بنى إسرائيل، الذين هم أجداد يسوع الذى تعتبره إلهًا:
      (11لأَنَّ الأَنْبِيَاءَ وَالْكَهَنَةَ تَنَجَّسُوا جَمِيعاً بَلْ فِي بَيْتِي وَجَدْتُ شَرَّهُمْ يَقُولُ الرَّبُّ.) إرمياء 23: 11
      (13وَقَدْ رَأَيْتُ فِي أَنْبِيَاءِ السَّامِرَةِ حَمَاقَةً. تَنَبَّأُوا بِالْبَعْلِ وَأَضَلُّوا شَعْبِي إِسْرَائِيلَ.) إرمياء 23: 13
      (31اَلأَنْبِيَاءُ يَتَنَبَّأُونَ بِالْكَذِبِ وَالْكَهَنَةُ تَحْكُمُ عَلَى أَيْدِيهِمْ وَشَعْبِي هَكَذَا أَحَبَّ.) إرمياء 5: 31
      (لأَنَّهُمْ مِنَ الصَّغِيرِ إِلَى الْكَبِيرِ كُلُّ وَاحِدٍ مُولَعٌ بِالرِّبْحِ مِنَ النَّبِيِّ إِلَى الْكَاهِنِ كُلُّ وَاحِدٍ يَعْمَلُ بِالْكَذِبِ.) إرميا 8: 10
      (14فَقَالَ الرَّبُّ لِي: [بِالْكَذِبِ يَتَنَبَّأُ الأَنْبِيَاءُ بِاسْمِي. لَمْ أُرْسِلْهُمْ وَلاَ أَمَرْتُهُمْ وَلاَ كَلَّمْتُهُمْ. بِرُؤْيَا كَاذِبَةٍ وَعِرَافَةٍ وَبَاطِلٍ وَمَكْرِ قُلُوبِهِمْ هُمْ يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ])إرميا 14: 14
      بل قال الرب عن أنبياء بنى إسرائيل إنهم أنبياء للضلالة والكذب، أى أتباع الشيطان: (11لَوْ كَانَ أَحَدٌ وَهُوَ سَالِكٌ بِـالرِّيحِ وَالْكَذِبِ يَكْذِبُ قَائِلاً: أَتَنَبَّأُ لَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمُسْكِرِ لَكَانَ هُوَ نَبِيَّ هَذَا الشَّعْبِ!) ميخا 2: 11
      ويُنسب إلى عيسى  أنه طعن فى كل أجداده من الأنبياء، فقال: (8جَمِيعُ الَّذِينَ أَتَوْا قَبْلِي هُمْ سُرَّاقٌ وَلُصُوصٌ وَلَكِنَّ الْخِرَافَ لَمْ تَسْمَعْ لَهُمْ.) يوحنا 10: 8 ، فقد حسم هذا النص قضية السابقين وكتبهم وتعاليمهم، فلا يبقى لكم كتاب، ولا دين، ولا فضيلة، ولا علم يُؤخذ عن هؤلاء الأنبياء!!
      كما يُنسب إليه قوله إن إبراهيم لم يُطع الله: (40وَلَكِنَّكُمُ الآنَ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ. هَذَا لَمْ يَعْمَلْهُ إِبْرَاهِيمُ)يوحنا8: 40
      (لأَنَّهُمْ مِنَ الصَّغِيرِ إِلَى الْكَبِيرِ كُلُّ وَاحِدٍ مُولَعٌ بِالرِّبْحِ مِنَ النَّبِيِّ إِلَى الْكَاهِنِ كُلُّ وَاحِدٍ يَعْمَلُ بِالْكَذِبِ.) إرميا 8: 10
      وهذا نبى الله إبراهيم كان يتاجر فى عرض زوجته الجميلة سارة (تكوين 12: 11-16)، وهذا يعقوب كذب على أبيه وسرق البركة والنبوة من أخيه، وبذلك فرض على الرب أن يوحى إليه (تكوين الإصحاح 27)، بل ضرب الرب وأجبره أن يباركه (تكوين 32: 24-30)، وهذا لوط زنى بابنتيه وأنجب منهما (تكوين 19: 30-38)، وهذا رأوبين يزنى بزوجة أبيه (تكوين 35: 22؛ 49: 3-4)، وهذا يهوذا زنى بزوجة ابنه وأنجب منها (تكوين الإصحاح 38)، وهذا موسى وهارون خانا الرب ولم يقدساه أمام بنى إسرائيل (تثنية 32: 48-51)، وهذا هارون صنع العجل ودعا بنى إسرائيل لعبادته، وتركه موسى ولم يعاقبه (خروج 32: 1-6)، وهذا داود زنى بزوجة جاره وقَتَلَه وخان جيشه (صموئيل الثانى صح 11)، ثم قتل أولاده الخمسة من زوجته ميكال إرضاءً للرب (صموئيل الثاني21: 8-9)، وأنه كان ينام فى حضن فتاة عذراء فى هرمه (ملوك الأول 1: 1-4)، وعلى الرغم من ذلك فإن المسِّيِّا المنتظر، الذى يُعد خاتم رسل الله، وشريعته سوف تكون الشريعة الباقية، سيأتى فى نظرهم من داود، بعد كل ما قالوه عنه، وهذا أبشالوم ابن داود زنى بزوجات أبيه (صموئيل الثاني 16: 22)، وهذا أمنون ابن داود زنى بأخته ثامار (صموئيل الثانى صح 13)، ناهيك عن الأنبياء الذين تركوا الرب وعبدوا الأوثان ، بل دعوا لعبادتها وبنوا لها المذابح ، وقدموا لها القرابين مثل نبى الله سليمان الحكيم (الملوك الأول 11: 4-7).
      فكيف تثقون بعد ذلك فى كلام أنبيائكم وكهنتكم إذا كان علام الغيوب قد وصفهم بالكذب؟ أى يقولون ما لم يقله الله، ويدعون أنه منزَّل من عنده. أليس هذا دليل على التحريف؟ أليس هذا أكبر دليل على سحب الثقة من هذا الكتاب وهؤلاء الأنبياء؟
      أليس هذا هو الذى دعا الرب إلى تغيير شجرة النبوة إلى فرع آخر، كان مرفوضًا عند اليهود؟
      (فَأَتْرُكَ شَعْبِي وَأَنْطَلِقَ مِنْ عِنْدِهِمْ لأَنَّهُمْ جَمِيعاً زُنَاةٌ جَمَاعَةُ خَائِنِينَ. 3يَمُدُّونَ أَلْسِنَتَهُمْ كَقِسِيِّهِمْ لِلْكَذِبِ. لاَ لِلْحَقِّ قَوُوا فِي الأَرْضِ. لأَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنْ شَرٍّ إِلَى شَرٍّ وَإِيَّايَ لَمْ يَعْرِفُوا يَقُولُ الرَّبُّ.) إرميا 9: 2-3
      ألا يذكر هذا النص قرار الله بسحب شريعته من هذا الشعب وعدم جعل النبوة فى نسلهم بسبب ما اقترفوه من الزنا والكذب؟ فقد سحب الله ثقته منهم ، فكيف تقتنع أنت اليوم بالثقة فيهم وفى كتاباتهم وأقوالهم؟
      لذلك لعن يسوع شجرة التين التى ترمز للأمة اليهودية، قائلا لها: («لاَ يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ». فَيَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ.) متى 21: 19، أى لن يخرج منها نبى قط بعد الآن.
      لذلك ذكرهم مرة أخرى صراحة قائلا: (42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ».) متى 21: 42-44
      وصدق الله العظيم القائل: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ} البقرة 170
      {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} لقمان 21
      وعلى هذا فالذى يفترى على الله وينسب إليه ما لم ينزله هو ما تعودت أن تقرأه فى كتابك الذى تقدسه. فأنت مشوَّه الصورة عن الله تعالى، فالله لا يضربه نبى، ويجبره على أن يجعله نبيًا، ويوحى إليه، مشاركًا معه فى عملية النصب التى قام بها مع أمه للنصب على أبيه إسحاق الذى فقد بصره، ولم يكن يراهما (تكوين 32: 22-30).
      فلو تقوَّل نبى على الله، لما تركه الله تعالى يضل عباده. ومن هنا لم يلق الرسول  تبعية تغيير موقفه من مكة إلى المدينة على الله، وادعى أنه نسخ آيات الرحمة والرفق وغيره، واستبدلت بآيات القتال والبطش بالأعداء. ولم يقل إنسان بأن آيات الرحمة نُسخت. فتأليفك هذا هو امتداد لتأليف أنبياء ذكرهم كتابك، كانوا يؤلفون وينسبون ما كتبوا للرب.
      يسوع والتقية فى الكتاب المقدس:
      عزيزى الكاتب أنت تتبع المثل القائل: (رمتنى بدائها وانسلت)، أى أنت ترمى الإسلام بما يسوِّد صفحات كتابك، وترمى المسلمات بما عانت منه البشرية والمرأة على وجه الخصوص من تسلط رجال الكنيسة على الحياة، حتى فصلوا الدين عن الدولة، مستندين فى ذلك إلى نصوص كتابك الذى تحسبه مقدسًا. وترمى الإسلام بالترهات التى تشوِّه كتابك وتاريخك! فهل وقفت وقفة رجل صادق، وعلمت أنك ستخسر آخرتك، واحترامك لنفسك!
      أرجوك لا تتخذ بولس وكذبه ونفاقه قدوة!
      (7فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟) رومية 3: 7
      (19فَإِنِّي إِذْ كُنْتُ حُرّاً مِنَ الْجَمِيعِ اسْتَعْبَدْتُ نَفْسِي لِلْجَمِيعِ لأَرْبَحَ الأَكْثَرِينَ. 20فَصِرْتُ لِلْيَهُودِ كَيَهُودِيٍّ لأَرْبَحَ الْيَهُودَ وَلِلَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ كَأَنِّي تَحْتَ النَّامُوسِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ 21وَلِلَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ كَأَنِّي بِلاَ نَامُوسٍ - مَعَ أَنِّي لَسْتُ بِلاَ نَامُوسٍ لِلَّهِ بَلْ تَحْتَ نَامُوسٍ لِلْمَسِيحِ - لأَرْبَحَ الَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ. 22صِرْتُ لِلضُّعَفَاءِ كَضَعِيفٍ لأَرْبَحَ الضُّعَفَاءَ. صِرْتُ لِلْكُلِّ كُلَّ شَيْءٍ لأُخَلِّصَ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَوْماً. 23وَهَذَا أَنَا أَفْعَلُهُ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ لأَكُونَ شَرِيكاً فِيهِ.) كورنثوس الأولى 9: 19-23
      لكن المشكلة لديك أنك تؤمن أن يسوع هو الإله الذى أوحى بذلك!!
      ثم إن يسوع نفسه كانت له مواقف مختلفة، منها فى بداية إنجيل متى أمر يسوع بمحبة الأعداء ومباركتهم ومهادنتهم، والإحسان إلى من يكروهننا. (21«قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَقْتُلْ وَمَنْ قَتَلَ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ. 22وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ. ............. 44وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ 45لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ ......) متى 5: 21-22 و44
      ثم قال: (34«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَمًا عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَمًا بَلْ سَيْفًا. 35فَإِنِّي جِئْتُ لِأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ وَالاِبْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا.) متى 10: 34-40
      وهو يعلم تمامًا كإله العهد القديم والجديد أن السيف للقتل: (.... يَقُولُ الرَّبُّ: السَّيْفَ لِلْقَتْلِ.....) إرمياء 15: 3
      ويقول يسوع: (49«جِئْتُ لأُلْقِيَ نَارًا عَلَى الأَرْضِ … 51أَتَظُنُّونَ أَنِّي جِئْتُ لأُعْطِيَ سَلاَمًا عَلَى الأَرْضِ؟ كَلاَّ أَقُولُ لَكُمْ! بَلِ انْقِسَامًا. 52لأَنَّهُ يَكُونُ مِنَ الآنَ خَمْسَةٌ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مُنْقَسِمِينَ: ثَلاَثَةٌ عَلَى اثْنَيْنِ وَاثْنَانِ عَلَى ثَلاَثَةٍ. 53يَنْقَسِمُ الأَبُ عَلَى الاِبْنِ وَالاِبْنُ عَلَى الأَبِ وَالأُمُّ عَلَى الْبِنْتِ وَالْبِنْتُ عَلَى الأُمِّ وَالْحَمَاةُ عَلَى كَنَّتِهَا وَالْكَنَّةُ عَلَى حَمَاتِهَا».) لوقا 12: 49-53
      وفى الوقت الذى طالب فيه الرب بمحبة الوالدين والبر بهما: (أكرم أباك وأمك) تثنية 5: 16، متى 19: 19
      اشترط فيما بعد أن تبغض أحب الناس إليك أبوك وأمك واخوتك، وزوجتك وذريتك، حتى نفسك، لتكون تلميذًا له: (26«إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضًا فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا.) لوقا 14: 25-26
      أليست هذه هى التقية التى ترفضها، أم لها مسمَّى آخر لديكم؟
      وها هو رأى يسوع فيمن لا يتخذه ملكًا: (27أَمَّا أَعْدَائِي أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي».) لوقا 19: 27، فكيف ولماذا هادن وأمر بمحبة الأعداء، ثم انقلب ليأمر بقتل كل من لا يتخذه ملكًا؟ إنها التقية!
      فلماذا لم يحب يسوع أعداءه؟ لماذا لم يحب يهوذا الإسخريوطى وينقذه مما هو مقدم عليه؟ لماذا سبَّ اليهود ولعنهم؟
      (13«لَكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ! 14وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تَأْكُلُونَ بُيُوتَ الأَرَامِلِ ولِعِلَّةٍ تُطِيلُونَ صَلَوَاتِكُمْ. لِذَلِكَ تَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ. 15وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تَطُوفُونَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ لِتَكْسَبُوا دَخِيلاً وَاحِداً وَمَتَى حَصَلَ تَصْنَعُونَهُ ابْناً لِجَهَنَّمَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ مُضَاعَفاً! 16وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ .... 17أَيُّهَا الْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ .... 24أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ .... 25وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُنَقُّونَ خَارِجَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ وَهُمَا مِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوآنِ اخْتِطَافاً وَدَعَارَةً! 26أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّ الأَعْمَى .... 27وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُوراً مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً وَهِيَ مِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ. 28هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً: مِنْ خَارِجٍ تَظْهَرُونَ لِلنَّاسِ أَبْرَاراً وَلَكِنَّكُمْ مِنْ دَاخِلٍ مَشْحُونُونَ رِيَاءً وَإِثْماً! ... 31فَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنَّكُمْ أَبْنَاءُ قَتَلَةِ الأَنْبِيَاءِ. 32فَامْلَأُوا أَنْتُمْ مِكْيَالَ آبَائِكُمْ. 33أَيُّهَا الْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ؟) متى 23: 13-33
      على الرغم من قوله: (21«قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَقْتُلْ وَمَنْ قَتَلَ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ. 22وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ.) متى 5: 21-22
      لماذا طالب تلاميذه ببيع ملابسهم لشراء سيوف؟ أليس لكل مقام مقال؟ هل تتصور أنت أن يسوع كان يهادن اليهود ويدعى أنه جاء بالمحبة فقط ونبذ العنف؟ فلماذا طالب تلاميذه ببيع ملابسهم وشراء سيوف؟ وماذا تسمى هذا التحول فى تصرفه مرة بالدعوة إلى شرء سيوف، ومرة بسب اليهود ورؤسائهم؟
      (36فَقَالَ لَهُمْ: «لَكِنِ الآنَ مَنْ لَهُ كِيسٌ فَلْيَأْخُذْهُ وَمِزْوَدٌ كَذَلِكَ. وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ وَيَشْتَرِ سَيْفًا.) لوقا 22: 36
      أليست هذه التقية؟ أم لها مسمَّى آخر؟
      ألم يضرب الصيارفة ويطردهم من المعبد ثأرًا لبيت الرب؟ (14وَوَجَدَ فِي الْهَيْكَلِ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ بَقَراً وَغَنَماً وَحَمَاماً وَالصَّيَارِفَ جُلُوساً. 15فَصَنَعَ سَوْطاً مِنْ حِبَالٍ وَطَرَدَ الْجَمِيعَ مِنَ الْهَيْكَلِ اَلْغَنَمَ وَالْبَقَرَ وَكَبَّ دَرَاهِمَ الصَّيَارِفِ وَقَلَّبَ مَوَائِدَهُمْ. 16وَقَالَ لِبَاعَةِ الْحَمَامِ: «ارْفَعُوا هَذِهِ مِنْ هَهُنَا. لاَ تَجْعَلُوا بَيْتَ أَبِي بَيْتَ تِجَارَةٍ». 17فَتَذَكَّرَ تلاَمِيذُهُ أَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «غَيْرَةُ بَيْتِكَ أَكَلَتْنِي».) يوحنا 2: 14-17
      (15وَجَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ. وَلَمَّا دَخَلَ يَسُوعُ الْهَيْكَلَ ابْتَدَأَ يُخْرِجُ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِي الْهَيْكَلِ وَقَلَّبَ مَوَائِدَ الصَّيَارِفَةِ وَكَرَاسِيَّ بَاعَةِ الْحَمَامِ. 16وَلَمْ يَدَعْ أَحَداً يَجْتَازُ الْهَيْكَلَ بِمَتَاعٍ. 17وَكَانَ يُعَلِّمُ قَائِلاً لَهُمْ: «أَلَيْسَ مَكْتُوباً: بَيْتِي بَيْتَ صَلاَةٍ يُدْعَى لِجَمِيعِ الأُمَمِ؟ وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ».) مرقس 11: 15-17؛ متى 21: 12-13
      إذن الحكمة تقتضى اللين وقت اللين، واستعمال الشدة لنصرة شرع الله عند توافرها وفى مكانها. وهكذا كان نبى الله عيسى ، ونبى الله محمد .
      حان الوقت لقتل المسلمين والتخلص منهم:
      وينهى الكاتب كلامه بتقليب أرباب القوة والبطش فى العالم للتخلص نهايًا من المسلمين والإسلام، فقال: (اليوم نحن نشاهد في العالم الغربي مرحلة الاستضعاف الإسلامية ولكن دعونا ألا نُخدع، فإن مرحلة الجهاد قادمة إن عاجلا أم آجلا. ذلك الحمل الوديع الصغير سيتحول إلى ذئب مفترس، هذه الأسنان اللؤلؤية الجميلة ستصير أنياباً، وتلك المأمأة الموسيقية العذبة ستصبح زئيراً مرعداً.)
      والمطلوب طبعًا قتل هذا الحمل الوديع، لأنه قد يصبح ذئبًا فى يوم من الأيام!! أى إنه فى الوقت الذى يحكم فيه على المسلمين بأنهم كالحمل الوديع، أى لم يروا منهم إرهابًا، ولا تطرفًا، يُطالبون بالتخلص منهم، تحسُّبًا أن يتحوَّل هذا الحمل الوديع إلى ذئب. على الرغم من أنه لم يثبت أن كان الإسلام شرًا أو وبالا على بلد فتحها الإسلام، وأخرج شعبها من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد. لكنه العقل والمنطق والحكمة التى تجعلهم يصدرون الحكم بالإعدام على برىء (يسوع) لم يرتكب جريمة فى حياته، ولا ينوى ارتكاب جنحة، حفاظًا على تراثهم وعقيدتهم التى يتوهمون أنها من عند الرب، الذى أنزلوه بدورهم من عرشه، وجعلوه متحدًا مع الابن والروح القدس، وقالوا إنهم لا ينفصلون طرفة عين، ثم أهانوا هذا الإله وأماتوه ميتة الملاعين مصلوبًا، ولا يريدون أن يدافع إنسان عن الحق أو يتفوَّه به: (13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ».) غلاطية 3: 13
      * * * * *
      الكذب فى الإسلام سُبة، أما كذب الرب نفسه لإزدياد مجده فهى فضيلة:
      تكلم الكاتب بعد ذلك على الكذب فى الإسلام، ويراه من باب الخديعة، على الرغم من أنه يذكر الأحاديث التى تبيح الكذب للإصلاح بين متخاصمين، أو لمصلحة الدولة، وعدم كشف أسرارها، أو لمدح الزوجة ولتأليف القلوب بين الزوجين.
      ولا أعلم هل يريد أن نزيد النار وقودًا بين المتخاصمين أم نتركهما يكيد كل منهما للآخر؟
      ولا أعلم هل يريد أن نذهب بأنفسنا للعدو لنطلعه على أسرار الدولة؟ فإذا كانت هذه عقيدتهم فيجب منعهم فورًا من دخول الجيش والشرطة وتولى الوظائف الحساسة فى الدولة؟ وليتعظ من يفكر فى أن يتولى مسيحى هذه عقيدته أى منصب هام فى الدولة! ألم يهلك شمشون بعد أن أفصح للعاهرة دليلة عن سر قوته؟ (القضاة 16: 4-22)
      وهل يريد أن يقول الزوج لزوجته أنت امرأة فاشلة؟ أم يأخذ بيدها لإصلاحها، ويلين قلبها لتتقبل نصحه؟
      ثم إن موضوع رفض الكذب قد يأتى من إنسان لا يؤمن بقدسية كتابك، لكن لا يجب أن يأتى من مسيحى أو يهودى، لأن المسيحى يؤمن بازدياد مجد الرب بالكذب: (7فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟) رومية 3: 7
      فمن الذى أوحى لبولس أن مجده لا يزداد إلا بكذبه؟ فإن كان يسوع/يهوه، فقد أحل الكذب، ورأى أن دينه لا ينتشر إلى بهذه الوسيلة الكاذبة التى تتبعها أنت والمنصرون معك. وإن كان غير يسوع سقطت عصمة الكتاب الذى تقدسه.
      وكذب الرب نفسه فى العهد القديم، بل استعان بالشيطان ليكون لسان كذب فى فم أخاب: (19وَقَالَ: [فَاسْمَعْ إِذاً كَلاَمَ الرَّبِّ: قَدْ رَأَيْتُ الرَّبَّ جَالِساً عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَكُلُّ جُنْدِ السَّمَاءِ وُقُوفٌ لَدَيْهِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ. 20فَقَالَ الرَّبُّ: مَنْ يُغْوِي أَخْآبَ فَيَصْعَدَ وَيَسْقُطَ فِي رَامُوتَ جِلْعَادَ؟ فَقَالَ هَذَا هَكَذَا وَقَالَ ذَاكَ هَكَذَا. 21ثُمَّ خَرَجَ الرُّوحُ وَوَقَفَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: أَنَا أُغْوِيهِ. وَسَأَلَهُ الرَّبُّ: بِمَاذَا؟ 22فَقَالَ: أَخْرُجُ وَأَكُونُ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ. فَقَالَ: إِنَّكَ تُغْوِيهِ وَتَقْتَدِرُ. فَاخْرُجْ وَافْعَلْ هَكَذَا.) ملوك الأول 22: 19-22!
      أليس الخداع نوع من أنواع الكذب؟ ألا تؤمنون بداود نبيًا من الأنبياء العظام؟ ألا تؤمنون أنه خدع أوريا الحثى بعد أن زنى بامرأته، وحمَّله خطابًا لقائد الجيش ليقضى على أوريا الحثى ويستر فضيحته مع امرأته التى حملت منه؟ ألم يخدع داود زوجاته بهذه الخيانة؟ فلماذا أوحى الرب هذه القصة عن نبى كبير من أنبيائه؟ هل يريد أن يقتدى به عبيده؟ أم يُحل الرب الكذب فى الزنى والقتل فقط؟
      ومن عدة صفحات مضت ذكرت أخلاق الأنبياء فى الكذب والخداع وتحريف كلمة الرب، فعلام تعترض أيها الكاتب، إن كنت تؤمن أن الكذب شيئًا مقدسًا، يزيِّن الأنبياء والرب نفسه؟
      ألم يقل الرب لآدم إنه سوف يموت إن أكل من الشجرة المحرمة عليه؟ (16وَأَوْصَى الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ قَائِلاً: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً 17وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتاً تَمُوتُ».) تكوين 2: 16-17، وأكل آدم وأكلت حواء ولم يمت أحد منهما.

      تعليق


      • #63
        الملف رقم 10 فى هذه المداخلة رقم 47

        وقال الرب لموسى : (20وَقَالَ: «لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَرَى وَجْهِي لأَنَّ الْإِنْسَانَ لاَ يَرَانِي وَيَعِيشُ».) خروج 33: 20، فى الوقت الذى رآه موسى وتكلم معه وجهًا لوجه: (11وَيُكَلِّمُ الرَّبُّ مُوسَى وَجْهاً لِوَجْهٍ كَمَا يُكَلِّمُ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ) خروج 33: 11
        وفى الوقت الذى رأى فيه إبراهيم الرب وجلس معه تحت الشجرة، وغيره من المواقف التى تشير إلى أن هناك الكثيرون الذين تمكنوا من رؤية الرب.
        وفى الوقت الذى كذب فيه الرب على يعقوب وأخبره أن اسمه (هو الذى هو)، أثبت سفر دانيال الذى عثر عليه فى وادى قمران أن اسم الرب هو (الله)، وقد وجد اسم الله عشر مرات فى هذا السفر الآرامى. وبذلك يكون الرب قد كذب على يعقوب، حتى لا يخبره باسمه: («هَا أَنَا آتِي إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَقُولُ لَهُمْ: إِلَهُ آبَائِكُمْ أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ. فَإِذَا قَالُوا لِي: مَا اسْمُهُ؟ فَمَاذَا أَقُولُ لَهُمْ؟» 14فَقَالَ اللهُ لِمُوسَى: «أَهْيَهِ الَّذِي أَهْيَهْ». وَقَالَ: «هَكَذَا تَقُولُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: أَهْيَهْ أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ». 15وَقَالَ اللهُ أَيْضاً لِمُوسَى: «هَكَذَا تَقُولُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: يَهْوَهْ إِلَهُ آبَائِكُمْ إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلَهُ إِسْحَاقَ وَإِلَهُ يَعْقُوبَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ. هَذَا اسْمِي إِلَى الأَبَدِ وَهَذَا ذِكْرِي إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ.) خروج 3: 13-15
        و«أَهْيَهِ الَّذِي أَهْيَهْ» ليس هو يهوه، وذلك باعتراف الرب نفسه لموسى: (2ثُمَّ قَالَ اللهُ لِمُوسَى: «أَنَا الرَّبُّ. 3وَأَنَا ظَهَرْتُ لإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ بِأَنِّي الْإِلَهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. وَأَمَّا بِاسْمِي «يَهْوَهْ» فَلَمْ أُعْرَفْ عِنْدَهُمْ.) خروج 6: 2-3وعلى ذلك فإن الرب كذب على يعقوب وأخبره اسمًا غير اسمه الأبدى!!
        وكذلك كذب على المصريين وخدعهم، إذ أعطاهم الرضى فى قلوبهم ليوافقوا على إقراض حليهم لبنى إسرائيل، وكان قد اتفق مع موسى  ليسرقوها. فأين الصدق فى تصرفات الرب؟: (21وَأُعْطِي نِعْمَةً لِهَذَا الشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ. فَيَكُونُ حِينَمَا تَمْضُونَ أَنَّكُمْ لاَ تَمْضُونَ فَارِغِينَ. 22بَلْ تَطْلُبُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ جَارَتِهَا وَمِنْ نَزِيلَةِ بَيْتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَاباً وَتَضَعُونَهَا عَلَى بَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ. فَتَسْلِبُونَ الْمِصْرِيِّينَ) خروج 3: 21-22
        (35وَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. طَلَبُوا مِنَ الْمِصْرِيِّينَ أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَاباً. 36وَأَعْطَى الرَّبُّ نِعْمَةً لِلشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ حَتَّى أَعَارُوهُمْ. فَسَلَبُوا الْمِصْرِيِّينَ.) خروج 12: 35-36
        ومن صفاته التى علمها خلقه أنه إله عادل لا يظلم أحدًا أبدًا، وقد ظلم عبده أيوب بأن اتفق مع الشيطان لإغوائه: (2لأَنَّ أَحْكَامَهُ حَقٌّ وَعَادِلَةٌ،) رؤيا يوحنا 19: 2
        (... عَادِلَةٌ وَحَقٌّ هِيَ طُرُقُكَ يَا مَلِكَ الْقِدِّيسِينَ) رؤيا يوحنا 15: 3
        (... حَقٌّ وَعَادِلَةٌ هِيَ أَحْكَامُكَ».) رؤيا يوحنا 16: 7
        (6وَكَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَنَّهُ جَاءَ بَنُو اللهِ لِيَمْثُلُوا أَمَامَ الرَّبِّ وَجَاءَ الشَّيْطَانُ أَيْضَاً فِي وَسَطِهِمْ. 7فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: [مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟] فَأَجَابَ الشَّيْطَانُ: [مِنْ الْجَوَلاَنِ فِي الأَرْضِ وَمِنَ التَّمَشِّي فِيهَا]. 8فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: [هَلْ جَعَلْتَ قَلْبَكَ عَلَى عَبْدِي أَيُّوبَ؟ لأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِي الأَرْضِ. رَجُلٌ كَامِلٌ وَمُسْتَقِيمٌ يَتَّقِي اللهَ وَيَحِيدُ عَنِ الشَّرِّ]. 9فَأَجَابَ الشَّيْطَانُ: [هَلْ مَجَّاناً يَتَّقِي أَيُّوبُ اللهَ؟ 10أَلَيْسَ أَنَّكَ سَيَّجْتَ حَوْلَهُ وَحَوْلَ بَيْتِهِ وَحَوْلَ كُلِّ مَا لَهُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ؟ بَارَكْتَ أَعْمَالَ يَدَيْهِ فَانْتَشَرَتْ مَوَاشِيهِ فِي الأَرْضِ! 11وَلَكِنِ ابْسِطْ يَدَكَ الآنَ وَمَسَّ كُلَّ مَا لَهُ فَإِنَّهُ فِي وَجْهِكَ يُجَدِّفُ عَلَيْكَ]. 12فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: [هُوَذَا كُلُّ مَا لَهُ فِي يَدِكَ وَإِنَّمَا إِلَيهِ لاَ تَمُدَّ يَدَكَ]. ثمَّ خَرَجَ الشَّيْطَانُ مِنْ أَمَامِ وَجْهِ الرَّبِّ.) أيوب 2: 6-12
        أليس هذا من باب الخداع والكذب؟ فأين العدل هنا؟ بل أين الصدق؟ وأين القدوة؟
        بل كذب يسوع نفسه على اخوته عندما سألوه أن يذهب معهم إلى العيد فرقض، قائلا إنه لن يصعد، وبعد أن مشوا صعد هو: (2وَكَانَ عِيدُ الْيَهُودِ عِيدُ الْمَظَالِّ قَرِيباً 3فَقَالَ لَهُ إِخْوَتُهُ: «انْتَقِلْ مِنْ هُنَا وَاذْهَبْ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ لِكَيْ يَرَى تلاَمِيذُكَ أَيْضاً أَعْمَالَكَ الَّتِي تَعْمَلُ 4لأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يَعْمَلُ شَيْئاً فِي الْخَفَاءِ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ علاَنِيَةً. إِنْ كُنْتَ تَعْمَلُ هَذِهِ الأَشْيَاءَ فَأَظْهِرْ نَفْسَكَ لِلْعَالَمِ». 5لأَنَّ إِخْوَتَهُ أَيْضاً لَمْ يَكُونُوا يُؤْمِنُونَ بِهِ. 6فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «إِنَّ وَقْتِي لَمْ يَحْضُرْ بَعْدُ وَأَمَّا وَقْتُكُمْ فَفِي كُلِّ حِينٍ حَاضِرٌ. 7لاَ يَقْدِرُ الْعَالَمُ أَنْ يُبْغِضَكُمْ وَلَكِنَّهُ يُبْغِضُنِي أَنَا لأَنِّي أَشْهَدُ عَلَيْهِ أَنَّ أَعْمَالَهُ شِرِّيرَةٌ. 8اِصْعَدُوا أَنْتُمْ إِلَى هَذَا الْعِيدِ. أَنَا لَسْتُ أَصْعَدُ بَعْدُ إِلَى هَذَا الْعِيدِ لأَنَّ وَقْتِي لَمْ يُكْمَلْ بَعْدُ». 9قَالَ لَهُمْ هَذَا وَمَكَثَ فِي الْجَلِيلِ. 10وَلَمَّا كَانَ إِخْوَتُهُ قَدْ صَعِدُوا حِينَئِذٍ صَعِدَ هُوَ أَيْضاً إِلَى الْعِيدِ لاَ ظَاهِراً بَلْ كَأَنَّهُ فِي الْخَفَاءِ.) يوحنا 7: 2-10
        فبغض النظر عن مدى الواقعية والمصداقية فى هذه الرواية، فمن المستحيل أن ينصحه تلاميذه أن يخرج ويُظهر تعاليمه للناس كلهم، وهم لا يؤمنون به!! فهل كانوا يؤيدونه قلبًا وقالبًا، ويريدون انتشار دعوته، فى الوقت الذى لا يؤمنون به؟
        وفى نفس الوقت لا يتبع يسوع نفسه النصيحة التى أمر بها تلاميذ بعمل الصالحات أمام الناس، نشرًا للدعوة، حتى يرى الناس نورهم وأعمالهم الصالحة: (13«أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ وَلَكِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟ لاَ يَصْلُحُ بَعْدُ لِشَيْءٍ إِلاَّ لأَنْ يُطْرَحَ خَارِجاً وَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ. 14أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَلٍ 15وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجاً وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ. 16فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.) متى 5: 13-16
        ألم أخبرك مرارًا أن كاتب هذه الأسفار من أعداء يسوع؟ إنه يُشوِّه صورة يسوع وتلاميذه فى كل موقف! إنه يُظهره هنا بأنه يأمر بما لا يفعل، وينصح بما لا يعمل! ناهيك عن أنه يريد أن يقول إن دعوته تافهة وغير صادقة، حتى إن اخوته أنفسهم لم يؤمنوا به، على الرغم من أن أخيه يعقوب كان من كبار التلاميذ، بل كان قائدهم بعد رفع يسوع.
        كما أنه كان كاذبًا وغير مقنع فى ردوده، التى كتبوها وتبدو كالهذيان. فما معنى أن ساعته لم تحن بعد؟ لقد كانت خطته سرية، لا يعلم بها أحد. ومن الغريب أن يُلمح إليها مرتين: مرة مع أمره فى عرس قانا، علانية أمام الناس، ومرة لاخوته؟ فكيف تكون خطة الرب سرية، ولا يستطيع كتمانها ويلمح بها مرارًا؟ لا توجد إجابة غير أنه إله فاشل، يتكلم مع أغبية. ولكن لا. إن كاتب هذه الروايات لم يهمه حبك الرواية أو صحتها.
        فهل كان يقصد ساعة موته على الصليب كما يقول القس أنطونيوس فكرى فى تفسيره؟ (وقته الذي حدده هو أن يذهب للصليب ... هو له خطة إلهية يسير بمقتضاها للصليب وذلك بالإتفاق مع الآب). وتخيل هذه الخطة الإلهية التى يعتقدها الكاتب والمفسٍّر، والتى يسير يسوع بمقتضاها، قد نفاها يسوع نفسه لليهود، وأخبرهم أنهم لن يقبضوا عليه أو يمسكوه/ ولن يصلبوه، لأنه فى هذا الوقت سيكون فوق، أنقذه ربه، لأنه فى كل ساعة يفعل ما يرضيه: (21قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضاً: «أَنَا أَمْضِي وَسَتَطْلُبُونَنِي وَتَمُوتُونَ فِي خَطِيَّتِكُمْ. حَيْثُ أَمْضِي أَنَا لاَ تَقْدِرُونَ أَنْتُمْ أَنْ تَأْتُوا» ... 23.... «أَنْتُمْ مِنْ أَسْفَلُ أَمَّا أَنَا فَمِنْ فَوْقُ. أَنْتُمْ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ أَمَّا أَنَا فَلَسْتُ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ. 24فَقُلْتُ لَكُمْ إِنَّكُمْ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ لأَنَّكُمْ إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا أَنِّي أَنَا هُوَ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ». .... لَكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ حَقٌّ. وَأَنَا مَا سَمِعْتُهُ مِنْهُ فَهَذَا أَقُولُهُ لِلْعَالَمِ». .... 28فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «مَتَى رَفَعْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُونَ أَنِّي أَنَا هُوَ وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئاً مِنْ نَفْسِي بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهَذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي. 29وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ».) يوحنا 8: 21-29
        وصدق كاتب الرسالة إلى العبرانيين على إنقاذ الله تعالى ليسوع، واستجابته لدعائه: (7الَّذِي، فِي أَيَّامِ جَسَدِهِ، إِذْ قَدَّمَ بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طِلْبَاتٍ وَتَضَرُّعَاتٍ لِلْقَادِرِ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ الْمَوْتِ، وَسُمِعَ لَهُ مِنْ أَجْلِ تَقْوَاهُ،) العبرانيين 5: 7
        وعلى ذلك إما كان يسوع كاذبًا فى الحديث عن ساعته التى لم تحن بعد، أى خطته السرية وصلبه نيابة عن البشرية، أو كذب على اليهود، وادعى بطولة زائفة وأنهم لن يقبضوا عليه، ولن يمسوه بأذى، لأنه سيكون خارج هذا العالم.
        وفى الحقيقة أنا أعلم أن خطتى للهرب لإنقاذ نفسى تكون سرية حتى لا يقوضها أحد! لكن أن تكون هناك خطة سرية لموتى، أعلمها أنا بنفسى ولا أحاول أن أقوضها، فهذا انتحار! والانتحار ضعف أو يأس وهذه صفات لا ينسبها للرب إلا كافر، أو أحمق، أو جاهل لا يعرف قدر الله!
        ولو كانت هذه هى خطته، فلماذا كان فى نفس الوقت يهرب منهم ويختفى من التواجد حيث يتواجدون، ويصلى بأشد تضرع لله تعالى أن ينقذه منهم؟ أليس هذا بدليل على أنه لا يريد الموت؟ فلو كان يريد أن يموت على الصليب لتغيَّر دعاؤه فى الصلاة إلى رجاء أن يموت ليفدى الناس! هذا إن جاز أن يصلى الرب من الأساس ويتعبَّد لنفسه إن كان متحدًا مع الآب، أو لأبيه إن كان منفصلا عنه!
        وبما أن خطته كانت سرية، فما كان له حتى أن ينوِّه عنها، فكيف فهموا هم أنفسهم كلامه دون تعليق أو حتى سؤال. وهو نفس الرد الذى قاله لأمه فى عرس قانا فى الاصحاح الثانى بإنجيل يوحنا.
        وبغض النظر عن هذا لقد أقنع يسوع تلاميذه أنه لن يصعد إلى العيد، وأقنعم بالظروف التى تمنعه، ثم صعد خفية! ألا يُعد هذا كذبًا أو خوفًا من اخوته غير المؤمنين به، أو تقية؟
        وسألوه عن موعد الساعة، فأخبرهم أنه لا يعلم بها أحد إلا الآب: (36وَأَمَّا ذَلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ وَلاَ مَلاَئِكَةُ السَّمَاوَاتِ إِلاَّ أَبِي وَحْدَهُ.) متى 24: 36
        ألا تؤمنون أنه والآب واحد؟ فعلى ذلك لابد أن يكون بينهم اتحاد فى العلم والقدرة والحكمة وكل الصفات! أو أن يكون الآب هو نفسه الابن وهو نفسه الروح القدس.
        وهنا يمكننا أن نقول إما كذب يسوع فى رده هذا بعدم علم الساعة، وإما كذبتم أنتم عليه بتأليهكم إياه!
        وأعتقد أنه فى هذا القدر البسيط تتضح الفكرة. ألم أقل لكم أعزائى القراء إنه يرمى الإسلام بما يعانيه من كتابه؟
        * * *
        هل يبيح الإسلام الأيمان الكاذبة؟
        أما قول الكاتب (لا يؤاخذكم الله باللغو فى إيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور رحيم". سورة البقرة 225)
        وعلى ذلك فإن أنواع الأيمان أو القسم ثلاثة أنواع:
        1- اليمين الغموس هو الحلف الكذب على أمر ماض أو حاضر وهو مدرك بكذب نفسه كقوله والله ما سرقت هذا الشىء، وهو يدرك تمامًا أنه سرقه، أو والله ما لك دين عندى، وهو يعلم أنه مُدان له. وهذا كذب ظاهر، ويُعد من الكبائر، وما أخذه حرام. وهذا له فى الإسلام عقوبة صارمة، وتحذير شديد منه، ونهى قاطع عنه!
        فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي  قال: (الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس واليمين الغموس) رواه البخاري
        وعن جابر بن عتيك  أنه سمع رسول الله  يقول: (من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة، فقال رجل: وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله؟ قال: وإن كان قضيبا من أراك). رواه مسلم
        وعن عبدالله بن مسعود قال سمعت رسول الله  يقول: (من حلف على مال امرئ مسلم بغير حق لقي الله وهو عليه غضبان قال عبدالله ثم قرأ علينا رسول الله  تصديقه من كتاب الله {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَـئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} آل عمران 77 إلى آخر الآية أخرجاه في الصحيحين
        وأما الكفارة فيها، فقد ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أنه لا كفارة في اليمين الغموس، ويجب أن يُغمس صاحبه فى النار.
        وأوجب الشافعية والأوزاعي الكفارة فيها. وتجب التوبة منها كغيرها من الذنوب مع رد الحقوق إن ضاع بسببها حق أو عفا أصحابها عنها.
        2- اليمين المنعقدة فهو حلف على شىء يريد فعله أو تركه فى المستقبل كقوله: والله لا ألبس هذا الثوب، ثم يلبسه، وهذا له كفارة: يقول سبحانه في سورة المائدة: (لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ) سورة المائدة 89
        3- اليمين اللغو فهو الحلف الذي لم يعقد عليه القلب أى يقصده كقوله أثناء الكلام لا والله وبلى والله، وهو لم يقصد عقد اليمين، أو يقسم، معتقدًا أنه صادق، أن القادم من بعيد هو فلان، ثم يجده شخصًا آخرًا. وهذا ليس عليه مؤاخذة من الله تعالى على العبد، لأنها إما زلة لسان منه، أو حلف بنية صادقة على حق توهمه: يقول الحق تبارك وتعالى: (لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) سورة البقرة 225
        من هنا يتضح لك أن اليمين الكاذب حرام شرعًا، لكن زلات اللسان لا يؤاخذ الله بها الإنسان برحمته، وعلى المسلم أن يحفظ لسانه من كثرة الأيمان دون داع، وهو أمر الله تعالى للمسلم فى آخر الآية: (وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ) سورة المائدة 89
        ويا ليتك أيها الكاتب كلفت نفسك قليلا من الوقت، وفتحت تفسير الآية، أو حتى بحثت عن "الكذب فى الإسلام" على النت! لقد كان هذا كفيلا بعدم إظهار سوء نيتك أو تحاملك على الإسلام! ولا أريد أن أقول إنه أظهر جهل الكاتب والناقل، فيكفى أنه أظهر عدم موضوعيته ككاتب فى تناول الإسلام.
        أما عن تعظيم الإسلام للصدق، فاقرأ:
        لقد أثنى سبحانه وتعالى على نبيه إسماعيل ، فقال (إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا) مريم 54، ووصف الله بالصدق نبيه محمد ، فقال جل شأنه (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ) الزمر 33
        وقد جعل الباري سبحانه الصدق من سمات أصحاب رسول رب العالمين، فقال سبحانه وتعالى (مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) الأحزاب 23
        وأمر تبارك وتعالى به المؤمنين، فقال جل ثناؤه (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) التوبة 119
        وبين تبارك وتعالى أن الصدق والكذب مقياس النجاح في دار الابتلاء والامتحان، فقال (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) العنكبوت 3
        بل وبين الله سبحانه وتعالى فضل الصدق، وعظم منزلته، وأن الصادقين يوم القيامة، سينفعهم صدقهم، وسيكون جزاؤهم الفوز العظيم، المتمثل في رضوان الله تعالى عنهم، والفوز بخلود أبدي في جنات الخلد والنعيم، يقول سبحانه وتعالى (قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) المائدة 119
        ولقد أوضح لنا المصطفى ، منزلة الصدق من الدين، وأثره عند رب العالمين، وبين كذلك أن عواقب الكذب ذميمة، ونتائجه وخيمة، فقال في الحديث الذي رواه عبد الله بن مسعود  (عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق، حتى يكتب عند الله صديقا، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب، حتى يكتب عند الله كذابا) رواه مسلم
        وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن رجلا جاء إلى النبي  فقال: (يا رسول الله ما عمل الجنة، قال: الصدق، وإذا صدق العبد بر، وإذا بر آمن، وإذا آمن دخل الجنة، قال : يا رسول الله ما عمل النار، قال: الكذب، إذا كذب العبد فجر، وإذا فجر كفر، وإذا كفر دخل يعني النار) رواه الإمام أحمد
        وقال : (أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق، حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر) البخارى
        وقَالَ : ‏"‏الْبَيِّعَان ِبِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا ـ اَوْ قَالَ حَتَّى يَتَفَرَّقَا ـ فَاِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَاِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا"‏‏.‏‏ صحيح البخارى
        وقَالَ : "مَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَهُوَ بَاطِلٌ بُنِيَ لَهُ قَصْرٌ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ وَمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَهُوَ مُحِقٌّ بُنِيَ لَهُ فِي وَسَطِهَا وَمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ بُنِيَ لَهُ فِي أَعْلاَهَا ‏"‏ ‏.‏ابن ماجه
        وكما أن الإسلام اعتبر الصدق أس الفضائل، فقد اعتبر الكذب رأس الرذائل، فبالكذب يتصدع بناء المجتمع، ويختل نظامه، ويسقط صاحبه من العيون، وتدور حوله الظنون، فلا يصدقونه في قول، ولا يثقون به في عمل، ولا يحبون له مجلسا، أحاديثه منبوذة، وشهادته مردودة. (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَاذِبُونَ) النحل 105
        وعن أبي الحوراء السعدي، قال: قلت للحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما، ما حفظت من رسول الله ، قال: حفظت من رسول الله  (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة، وإن الكذب ريبة) رواه الترمذى
        * * * * *
        التقية بين الإسلام والكتاب المقدس:
        أما عن مبدأ التقية فيقول الكاتب: (كلمة "التقية" تأتى من "وقاية" فمبدأ التقية فى الإسلام هو أن يكذب المسلم بلسانه ليقى نفسه أو يقى المسلمين من الضرر. هذا المبدأ يعطى المسلم الحرية أن يكذب فى ظروف يظن فيها أن حياته مهددة. فيمكن للمسلم أن يكفر بالإيمان طالما يقول ذلك بلسانه ولا يعنيه فى قلبه. هذا المبدأ مبنى على ما ورد فى هذه الآية القرآنية: "لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء (أصدقاء) من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله فى شئ إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير". سورة آل عمران 28:3)
        التقية هي الحذر من إظهار ما في النفس من معتقد وغيره للغير، كما يمكن القول بأن التقية عند أهل السنة بأنها إظهار المسلم لبعض الأقوال والأفعال الموافقة لأهل الكفر أو الجارية على سبلهم إذا اضطر المسلم إلى ذلك من أجل اجتناب شرهم مع ثبات القلب على إنكار موافقتهم وبغضها والسعي لدفع الحاجة إليها، كما يمكن القول بأن التقية هي إظهار الكفر وإبطان الإيمان وذلك عند خوف المسلم على نفسه من الكفار والمشركين.
        أى إن التقية هى كتمان الحق، وستر الاعتقاد فيه، وكتمان المخالفين، وترك مظاهرتهم بما يعقب ضررًا في الدين أو الدنيا" [شرح عقائد الصدوق: ص261 (ملحق بكتاب أوائل المقالات.]).
        ألم يأمر يسوع أتباعه أن يكونوا كالحيات وسط الذئاب خوفًا من الذين يُعارضون دعوتهم أن يسلموهم إلى السلطات؟ ومعنى هذا أنهم لا يُصرحون ما يبطنونه، ولكنهم سيتعاملون بالتقية، وهى ما يسميها يسوع الحكمة: (16«هَا أَنَا أُرْسِلُكُمْ كَغَنَمٍ فِي وَسَطِ ذِئَابٍ فَكُونُوا حُكَمَاءَ كَالْحَيَّاتِ وَبُسَطَاءَ كَالْحَمَامِ. 17وَلَكِنِ احْذَرُوا مِنَ النَّاسِ لأَنَّهُمْ سَيُسْلِمُونَكُمْ إِلَى مَجَالِسَ وَفِي مَجَامِعِهِمْ يَجْلِدُونَكُمْ. 18وَتُسَاقُونَ أَمَامَ وُلاَةٍ وَمُلُوكٍ مِنْ أَجْلِي شَهَادَةً لَهُمْ وَلِلأُمَمِ.) متى 10: 16-18
        والتقية في الإسلام غالبًا إنما هي مع الكفار، قال تعالى: {إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران، آية:28.]. قال ابن جرير الطبري: "التقية التي ذكرها الله في هذه الآية إنما هي تقية من الكفار لا من غيرهم" [تفسير الطبري: 6/316 (تحقيق شاكر.]).
        والتقية عند أهل السنة والجماعة والإثنا عشرية واليهود مجازة بصفة عامة على العكس من المسيحية التي لا تبيح تصرفات مثل التقية مطلقا. ولكن الخلاف في معناها واستخدامها. ولكن لأنها مرتبطة دائمًا في تاريخ الأديان بصفة عامة بمراحل الاضطهاد أو التمييز القائم على العقيدة، فقد مارسها أيضًا المسيحيون الأوائل في عصر دقلديانوس، فقد اضطروا لاستخدامها في مصر وبلاد الشام. واستخدمها اليهود في أوروبا في العصور الوسطى.
        وفي الإسلام أباحها الإسلام بصفة عامة لحماية المسلم من أي ضرر في عقيدته أو دنياه، على أن يكون باللسان فقط، ولا يُبنى عليها عمل ما. فلا أقتل أو أسرق أو أترك الصلاة أو أشرب الخمر تقية. ولكن توسع الشيعة خصوصا بكل طوائفهم في استخدامها واعتبروها من أساسيات الدين ويعزو البعض هذا إلى اضطهاد الشيعة العام عبر التاريخ خصوصا في العصر الأموي والعباسي مما جعل التقية أمرًا ضروريا لحياة الشيعي.
        واشتق مصطلح التقية من القران الكريم من الآية:} لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ{. آل عمران 28، أى الاتقاء من الكفار، وليس الأمر بالنفاق والكذب.
        وقوله تعالى (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ)، أى من خاف في بعض البلدان والأوقات من شرهم (أي الكافرين) فله أن يتقيهم بظاهره لا بباطنه ونيته. فقد أباح الله تعالى لمن أكره على كلمة الكفر أن يتكلم بها إذا كان قلبه مطمئنًا بالإيمان، وقال الثوري: قال ابن عباس: ليس التقية بالعمل وإنما التقية باللسان. ونقل القرطبي في تفسيره: إجماع أهل العلم على أن من أُكره على الكفر حتى خشي على نفسه القتل أنه لا إثم عليه إن كفر وقلبه مطمئن بالإيمان. وذكر أن هذا هو قول مالك والشافعي والكوفيين وقال: أجمع أهل العلم على أن من أكره على الكفر فأختار القتل أنه أعظم أجرًا عند الله ممن اختار الرخصة (أي التقية).
        ويجب أيضًا أن نوضح أن التقية في الإسلام أشد حرمة من أكل لحم الخنزير، إذ يجوز للمضطر أكل لحم الخنزير عند الشدة، وكذلك التقية تجوز في مثل تلك الحالة فقط، فلو أن إنسانا تنزه عن أكل لحم الخنزير في حالة الاضطرار ومات، فإنه آثم عند الله. وهذا بخلاف التقية فإنه إذا لم يلجأ إليها في حالة الاضطرار ومات فإن له درجة وثوابًا عند الله، فكأن رخصة أكل لحم الخنزير تنتقل إلى العزيمة، لكن لا تنتقل رخصة التقية إلى العزيمة، بل إن من مات لدين الله، ولم يحتم التقية، فإنه سيؤجر على موته هذا أجرًا عظيمًا، والعزيمة على كل حال أفضل من التقية. والتاريخ الإسلامي شاهد على ذلك، فما عاناه الحبيب  من أذى المشركين وما تحمله الصحابة رضي الله عنهم من أذى في سبيل الله لم يجعلهم يتعذرون بالتقية. وهذا دليل على أن العزيمة هي الأصل والأفضل والأحسن. وهذا بخلاف فهم الشيعة للتقية، التى تراها ركنًا من أركان الدين، من تركها فهو بمنزلة من ترك الصلاة، ولا يجوز رفعها إلى أن يخرج القائم، فمن تركها قبل خروجه فقد خرج عن دين الله وعن دين الإمامية وخالف الله ورسوله والأئمة. (الاعتقادات، 114)
        ويقول الخميني: وترك التقية من الموبقات التي تلقي صاحبها قعر جهنم وهي توازي جحد النبوة والكفر بالله العظيم (المكاسب المحرمة، 2/162).
        ويرى بعض السلف أنه لا تقية بعد أن أعز الله الإسلام، قال معاذ بن جبل، ومجاهد: كانت التقية في جدة الإسلام قبل قوة المسلمين، أما اليوم فقد أعز الله المسلمين أن يتقوا منهم تقاة [انظر: تفسير القرطبي: 4/57، فتح القدير للشوكاني: 1/331].
        لقد كذب يسوع تقية وخوفًا من اليهود عندما سأله اخوته هل سيصعد إلى العيد، فأجاب بالنفى، ثم صعد من بعدهم. أليست هذه هى التقية التى ترفضونها؟ فها هى قد أقر بها يسوع وعملها! لقد كذب على اخوته حفاظًا على حياته!! (2وَكَانَ عِيدُ الْيَهُودِ عِيدُ الْمَظَالِّ قَرِيبًا 3فَقَالَ لَهُ إِخْوَتُهُ: «انْتَقِلْ مِنْ هُنَا وَاذْهَبْ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ لِكَيْ يَرَى تلاَمِيذُكَ أَيْضًا أَعْمَالَكَ الَّتِي تَعْمَلُ 4لأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يَعْمَلُ شَيْئًا فِي الْخَفَاءِ .... 6فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «.... 8اِصْعَدُوا أَنْتُمْ إِلَى هَذَا الْعِيدِ. أَنَا لَسْتُ أَصْعَدُ بَعْدُ إِلَى هَذَا الْعِيدِ لأَنَّ وَقْتِي لَمْ يُكْمَلْ بَعْدُ». 9قَالَ لَهُمْ هَذَا وَمَكَثَ فِي الْجَلِيلِ. 10وَلَمَّا كَانَ إِخْوَتُهُ قَدْ صَعِدُوا حِينَئِذٍ صَعِدَ هُوَ أَيْضًا إِلَى الْعِيدِ لاَ ظَاهِرًا بَلْ كَأَنَّهُ فِي الْخَفَاءِ. 11فَكَانَ الْيَهُودُ يَطْلُبُونَهُ فِي الْعِيدِ وَيَقُولُونَ: «أَيْنَ ذَاكَ؟») يوحنا 7: 2-11
        وأقر يسوع للمرأة السامرية أنه المسيح: (25قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: «أَنَا أَعْلَمُ أَنَّ مَسِيَّا الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْمَسِيحُ يَأْتِي. فَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُخْبِرُنَا بِكُلِّ شَيْءٍ». 26قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «أَنَا الَّذِي أُكَلِّمُكِ هُوَ».) يوحنا 4: 25-26
        وامتدح بطرس لأنه عرف أنه المسيح: (16فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ». 17فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لَمْ يُعْلِنْ لَكَ لَكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 18وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضًا: أَنْتَ بُطْرُسُ وَعَلَى هَذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْنِي كَنِيسَتِي وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا. 19وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاوَاتِ. وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي السَّمَاوَاتِ».) متى 16: 16-19
        إلا أنه أمام بيلاطس أنكر أنه المسيح، وبناءً على اعترافه والتحقيقات التى رفض فيها هذه التهمة، رأى بيلاطس أنه برىء وأراد أن يُطلق سراحه: (فَسَأَلَهُ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ: «أَسْتَحْلِفُكَ بِاللَّهِ الْحَيِّ أَنْ تَقُولَ لَنَا: هَلْ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ؟» 64قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنْتَ قُلْتَ! ) متى 26: 63-64
        وعند لوقا قال لهم: («أَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا هُوَ») لوقا 22: 70
        وعند يوحنا أنكر أيضًا قائلا: (34أَجَابَهُ يَسُوعُ: «أَمِنْ ذَاتِكَ تَقُولُ هَذَا أَمْ آخَرُونَ قَالُوا لَكَ عَنِّي؟») يوحنا 18: 34
        لذلك أراد بيلاطس إطلاق سراح يسوع واعتبره برىء: (17فَفِيمَا هُمْ مُجْتَمِعُونَ قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «مَنْ تُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ؟ بَارَابَاسَ أَمْ يَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟» 18لأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُمْ أَسْلَمُوهُ حَسَدًا. 19وَإِذْ كَانَ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ قَائِلَةً: «إِيَّاكَ وَذَلِكَ الْبَارَّ لأَنِّي تَأَلَّمْتُ الْيَوْمَ كَثِيرًا فِي حُلْمٍ مِنْ أَجْلِهِ». .... 23فَقَالَ الْوَالِي: «وَأَيَّ شَرٍّ عَمِلَ؟» فَكَانُوا يَزْدَادُونَ صُرَاخًا قَائِلِينَ: «لِيُصْلَبْ!» 24فَلَمَّا رَأَى بِيلاَطُسُ أَنَّهُ لاَ يَنْفَعُ شَيْئًا بَلْ بِالْحَرِيِّ يَحْدُثُ شَغَبٌ أَخَذَ مَاءً وَغَسَلَ يَدَيْهِ قُدَّامَ الْجَمْعِ قَائِلًا: «إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ هَذَا الْبَارِّ. أَبْصِرُوا أَنْتُمْ». 25فَأَجَابَ جَمِيعُ الشَّعْبِ: «دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلاَدِنَا».) متى 27: 17-25
        إذن فى الوقت الذى أعترف فيه يسوع للمرأة السامرية أنه هو المسِّيِّا، المسيح، برَّأ نفسه أمام بيلاطس، وأنكر هذه التهمة، وما هذا إلا التقية، التى ترفضونها عن جهل منكم بكتابكم.
        كلنا يعلم أن القسم الصحيح لا يكون إلا باسم الله. لأن الحلف بالله دليل خضوع الإنسان له. وتؤكد ذلك دائرة المعارف الكتابية مادة (حلف - يحلف): (كان الحلف أو القسم باسم الرب ( تك 14: 22 ، تث 6: 13، قض 21: 7، راعوث 1: 17 ..إلخ) علامة الخضوع له ( تث 10: 20، إش 48: 11 ، إرميا 12: 16).)
        وعلى ذلك فإن الحلف باسم آلهة أخرى دليل خضوع لها، أى كفر بالله، أو إشراك به: وتؤكد دائرة المعارف الكتابية مادة (حلف - يحلف) أن القسم باسم آلهة كاذبة خطية شنيعة: (ناحية أخرى منعت الحلف بآلهة كاذبة ، الأمر الذي كان يعتبر خطية شنيعة ( إرميا 12: 16، عاموس 8: 14) .)
        كذلك القسم باسمه باطلا يستوجب الرجم، وهو ذنب لا يبرئه الله تعالى: (16وَمَنْ جَدَّفَ عَلَى اسْمِ الرَّبِّ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. يَرْجُمُهُ كُلُّ الْجَمَاعَةِ رَجْمًا. الْغَرِيبُ كَالْوَطَنِيِّ عِنْدَمَا يُجَدِّفُ عَلَى الاسْمِ يُقْتَلُ.) لاويين 24: 16
        (7لاَ تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلَهِكَ بَاطِلًا لأَنَّ الرَّبَّ لاَ يُبْرِئُ مَنْ نَطَقَ بِاسْمِهِ بَاطِلًا.) خروج 20: 7
        وها هو بطرس الذى أعطاه يسوع مفاتيح ملكوت السموات، والذى يربط فى السماء والأرض ما يشاء، وتكون مشيئة السموات والأرض تبعًا لهواه، واعتبره هو وباقى التلاميذ ملح الأرض ونور العالم (متى 5: 13-16). ها هو بطرس يقسم (طبعًا باسم الرب، لأنه لو لم يقسم باسم الرب لاستحق الرجم) كذبًا، أنه لا يعرف يسوع، لينجى نفسه: (69أَمَّا بُطْرُسُ فَكَانَ جَالِسًا خَارِجًا فِي الدَّارِ فَجَاءَتْ إِلَيْهِ جَارِيَةٌ قَائِلَةً: «وَأَنْتَ كُنْتَ مَعَ يَسُوعَ الْجَلِيلِيِّ». 70فَأَنْكَرَ قُدَّامَ الْجَمِيعِ قَائِلًا: «لَسْتُ أَدْرِي مَا تَقُولِينَ!» 71ثُمَّ إِذْ خَرَجَ إِلَى الدِّهْلِيزِ رَأَتْهُ أُخْرَى فَقَالَتْ لِلَّذِينَ هُنَاكَ: «وَهَذَا كَانَ مَعَ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ!» 72فَأَنْكَرَ أَيْضًا بِقَسَمٍ: «إِنِّي لَسْتُ أَعْرِفُ الرَّجُلَ!» 73وَبَعْدَ قَلِيلٍ جَاءَ الْقِيَامُ وَقَالُوا لِبُطْرُسَ: «حَقًّا أَنْتَ أَيْضًا مِنْهُمْ فَإِنَّ لُغَتَكَ تُظْهِرُكَ!» 74فَابْتَدَأَ حِينَئِذٍ يَلْعَنُ وَيَحْلِفُ: «إِنِّي لاَ أَعْرِفُ الرَّجُلَ!» وَلِلْوَقْتِ صَاحَ الدِّيكُ. 75فَتَذَكَّرَ بُطْرُسُ كَلاَمَ يَسُوعَ الَّذِي قَالَ لَهُ: «إِنَّكَ قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ تُنْكِرُنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ». فَخَرَجَ إِلَى خَارِجٍ وَبَكَى بُكَاءً مُرًّا.) متى 16: 69-75
        وها هو يسوع كان يعلم أن بطرس سينكره ثلاث مرات، ولم ينهه عن التقية، بل أقرها بسكوته.
        واستخدم بولس التقية بنية تدمير الدين الذى جاء به يسوع، فعلم الناس التخلى عن الناموس، وعدم اتباعه، وأن لا يختنوا أولادهم، وحاكمه يعقوب والتلاميذ فى المحمع، وأدانوه، وطالبوه بالتكفير عن هذا الذنب، وأن يسلك هو أيضًا حافظًا للناموس. ووافقهم بولس مبدئيًا، أى تقية أن يقتلوه، إلا أنه بعد ذلك أصر على رفض الناموس ومحاربته، ورفض الختان. وربح دينه وخسر يسوع ودينه فى المعركة مع بولس، بسبب التقية الكاذبة لإنسان كاذب:
        أعمال الرسل 21: 17-26 (17وَلَمَّا وَصَلْنَا إِلَى أُورُشَلِيمَ قَبِلَنَا الإِخْوَةُ بِفَرَحٍ. 18وَفِي الْغَدِ دَخَلَ بُولُسُ مَعَنَا إِلَى يَعْقُوبَ وَحَضَرَ جَمِيعُ الْمَشَايِخِ. 19فَبَعْدَ مَا سَلَّمَ عَلَيْهِمْ طَفِقَ يُحَدِّثُهُمْ شَيْئًا فَشَيْئًا بِكُلِّ مَا فَعَلَهُ اللهُ بَيْنَ الْأُمَمِ بِوَاسِطَةِ خِدْمَتِهِ. 20فَلَمَّا سَمِعُوا كَانُوا يُمَجِّدُونَ الرَّبَّ. وَقَالُوا لَهُ: «أَنْتَ تَرَى أَيُّهَا الأَخُ كَمْ يُوجَدُ رَبْوَةً مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُمْ جَمِيعًا غَيُورُونَ لِلنَّامُوسِ. 21وَقَدْ أُخْبِرُوا عَنْكَ أَنَّكَ تُعَلِّمُ جَمِيعَ الْيَهُودِ الَّذِينَ بَيْنَ الْأُمَمِ الاِرْتِدَادَ عَنْ مُوسَى قَائِلًا أَنْ لاَ يَخْتِنُوا أَوْلاَدَهُمْ وَلاَ يَسْلُكُوا حَسَبَ الْعَوَائِدِ. 22فَإِذًا مَاذَا يَكُونُ؟ لاَ بُدَّ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَنْ يَجْتَمِعَ الْجُمْهُورُ لأَنَّهُمْ سَيَسْمَعُونَ أَنَّكَ قَدْ جِئْتَ. 23فَافْعَلْ هَذَا الَّذِي نَقُولُ لَكَ: عِنْدَنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ عَلَيْهِمْ نَذْرٌ. 24خُذْ هَؤُلاَءِ وَتَطهَّرْ مَعَهُمْ وَأَنْفِقْ عَلَيْهِمْ لِيَحْلِقُوا رُؤُوسَهُمْ فَيَعْلَمَ الْجَمِيعُ أَنْ لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا أُخْبِرُوا عَنْكَ بَلْ تَسْلُكُ أَنْتَ أَيْضًا حَافِظًا لِلنَّامُوسِ. 25وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْأُمَمِ فَأَرْسَلْنَا نَحْنُ إِلَيْهِمْ وَحَكَمْنَا أَنْ لاَ يَحْفَظُوا شَيْئًا مِثْلَ ذَلِكَ سِوَى أَنْ يُحَافِظُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِمَّا ذُبِحَ لِلأَصْنَامِ وَمِنَ الدَّمِ وَالْمَخْنُوقِ وَالزِّنَا».26حِينَئِذٍ أَخَذَ بُولُسُ الرِّجَالَ فِي الْغَدِ وَتَطَهَّرَ مَعَهُمْ وَدَخَلَ الْهَيْكَلَ مُخْبِرًا بِكَمَالِ أَيَّامِ التَّطْهِيرِ إِلَى أَنْ يُقَرَّبَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْقُرْبَانُ.)
        (10لأَنَّ جَمِيعَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَعْمَالِ النَّامُوسِ هُمْ تَحْتَ لَعْنَةٍ، ...) غلاطية 3: 10
        (18فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِبْطَالُ الْوَصِيَّةِ السَّابِقَةِ مِنْ أَجْلِ ضُعْفِهَا وَعَدَمِ نَفْعِهَا، 19إِذِ النَّامُوسُ لَمْ يُكَمِّلْ شَيْئًا.) عبرانيين 7: 18-19
        (7فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الأَوَّلُ بِلاَ عَيْبٍ لَمَا طُلِبَ مَوْضِعٌ لِثَانٍ.) عبرانيين 8: 7
        (4قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ.) غلاطية 5: 4
        (19فَلِمَاذَا النَّامُوسُ؟ قَدْ زِيدَ بِسَبَبِ التَّعَدِّيَاتِ، إِلَى أَنْ يَأْتِيَ النَّسْلُ الَّذِي قَدْ وُعِدَ لَهُ، مُرَتَّبًا بِمَلاَئِكَةٍ فِي يَدِ وَسِيطٍ. 20وَأَمَّا الْوَسِيطُ فَلاَ يَكُونُ لِوَاحِدٍ. وَلَكِنَّ اللهَ وَاحِدٌ. 21فَهَلِ النَّامُوسُ ضِدَّ مَوَاعِيدِ اللهِ؟ حَاشَا! لأَنَّهُ لَوْ أُعْطِيَ نَامُوسٌ قَادِرٌ أَنْ يُحْيِيَ، لَكَانَ بِالْحَقِيقَةِ الْبِرُّ بِالنَّامُوسِ.) غلاطية 3: 19-21
        (16إِذْ نَعْلَمُ أَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَتَبَرَّرُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ، بَلْ بِإِيمَانِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، آمَنَّا نَحْنُ أَيْضًا بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، لِنَتَبَرَّرَ بِإِيمَانِ يَسُوعَ لاَ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ. لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ لاَ يَتَبَرَّرُ جَسَدٌ مَا.) غلاطية 2: 16
        (4قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ. 5فَإِنَّنَا بِالرُّوحِ مِنَ الإِيمَانِ نَتَوَقَّعُ رَجَاءَ بِرٍّ. 6لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئًا وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ.) غلاطية 5: 4-6
        (20وَأَمَّا النَّامُوسُ فَدَخَلَ لِكَيْ تَكْثُرَ الْخَطِيَّةُ.) رومية 5: 20
        (21لَسْتُ أُبْطِلُ نِعْمَةَ اللهِ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِالنَّامُوسِ بِرٌّ، فَالْمَسِيحُ إِذًا مَاتَ بِلاَ سَبَبٍ.) غلاطية 2: 21
        (5لأَنَّهُ لَمَّا كُنَّا فِي الْجَسَدِ كَانَتْ أَهْوَاءُ الْخَطَايَا الَّتِي بِالنَّامُوسِ تَعْمَلُ فِي أَعْضَائِنَا لِكَيْ نُثْمِرَ لِلْمَوْتِ.) رومية 7: 5
        (56أَمَّا شَوْكَةُ الْمَوْتِ فَهِيَ الْخَطِيَّةُ وَقُوَّةُ الْخَطِيَّةِ هِيَ النَّامُوسُ) كورنثوس الأولى 15: 56
        ورفض الختان فقال: (2هَا أَنَا بُولُسُ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنِ اخْتَتَنْتُمْ لاَ يَنْفَعُكُمُ الْمَسِيحُ شَيْئًا!) غلاطية 5: 2، {مع أن المسيح تم ختانه}
        (15لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لَيْسَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئًا وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الْخَلِيقَةُ الْجَدِيدَةُ.) غلاطية 6: 15
        هذا هو بولس الذى اتهم الرب بأنه لديه جهالة وضعف فقال: (25لأَنَّ جَهَالَةَ اللهِ أَحْكَمُ مِنَ النَّاسِ! وَضَعْفَ اللهِ أَقْوَى مِنَ النَّاسِ!) كورنثوس الأولى 1: 25
        هذا هو بولس الذى اتهم الرب بأنه ليس لديه شفقة أو رحمة على ابنه فقال: (31فَمَاذَا نَقُولُ لِهَذَا؟ إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا فَمَنْ عَلَيْنَا! 32اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ كَيْفَ لاَ يَهَبُنَا أَيْضًا مَعَهُ كُلَّ شَيْءٍ؟) رومية 8: 31-32
        وهذا هو بولس الذى سبَّ يسوع واعتبره مات ملعونًا طريدًا من رحمة الرب، فقال: (اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ:«مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ») غلاطية 3: 13
        وأعتقد أنه بعد اعترافه بأنه كذب لمجد الرب، فلا لوم يقع إلا على من يتبعه: (7فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟) رومية 3: 7، (16فَلْيَكُنْ. أَنَا لَمْ أُثَقِّلْ عَلَيْكُمْ. لَكِنْ إِذْ كُنْتُ مُحْتَالًا أَخَذْتُكُمْ بِمَكْرٍ!) كورنثوس الثانية 12: 16
        وعلى ذلك فإن التقية استخدمها يسوع وبطرس وبولس، بل استخدمها يهوه نفسه، عندما اتفق مع الشيطان لإغواء أخاب، بعد أن فشل هو وملائكته فى التوصل والتعاون على الإثم والعدوان وإغواء أخاب: (19وَقَالَ: [فَاسْمَعْ إِذًا كَلاَمَ الرَّبِّ: قَدْ رَأَيْتُ الرَّبَّ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَكُلُّ جُنْدِ السَّمَاءِ وُقُوفٌ لَدَيْهِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ. 20فَقَالَ الرَّبُّ: مَنْ يُغْوِي أَخْآبَ فَيَصْعَدَ وَيَسْقُطَ فِي رَامُوتَ جِلْعَادَ؟ فَقَالَ هَذَا هَكَذَا وَقَالَ ذَاكَ هَكَذَا. 21ثُمَّ خَرَجَ الرُّوحُ وَوَقَفَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: أَنَا أُغْوِيهِ. وَسَأَلَهُ الرَّبُّ: بِمَاذَا؟ 22فَقَالَ: أَخْرُجُ وَأَكُونُ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ. فَقَالَ: إِنَّكَ تُغْوِيهِ وَتَقْتَدِرُ. فَاخْرُجْ وَافْعَلْ هَكَذَا.) ملوك الأول 22: 19-22
        ففى الوقت الذى يحرم الرب فيه الكذب، ويُجرِّم الكذاب، لجأ هو نفسه إلى الكذاب وأبى الكذاب (الشيطان)، لينفذ له مهمته ويغوى أخاب. فما قولك بمن يتعاون مع من وصفه هو بالكذَّاب؟ ألا يفقد هذا المؤمنين بمصداقية من أوحى هذا الكتاب؟ ألا يبرىء هذا النص الشيطان مما قاله الرب فيه، ويثبت تخبُّط الرب فى أحكامه على الشيطان وظلمه له؟ فمن الذى له مصلحة فى وجود هذا النص فى الكتاب المقدس جدًا جدًا إلا الشيطان نفسه؟ (44أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالاً لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ.) يوحنا 8: 44
        * * * * *
        أما قول الكاتب (وبناء على هذا المبدأ فإن المسلم من حقه أن يقول أى شئ بل ويرتكب الكثير من المحرمات طالما أنه لا يقتل إنسانًا آخرًا. وهذه أمثلة لما يحل للمسلم تحت مبدأ "التقية". فيمكن للمسلم أن: يشرب الخمر، ويترك الصلاة، ويتوقف عن صوم رمضان.- يعلن كفره بالله.- يسجد لغير الله.- يحلف اليمين كذبًا.)
        وقوله: (هذا المبدأ الذى يجيز الكذب فى سبيل الإسلام له عواقبه الخطيرة فيما يتعلق بنشر الإسلام فى الغرب. فقد رأينا كيف أن دعاة الإسلام يقومون بخطط خادعة فى محاولتهم لصقل صورة الإسلام وجعله أكثر جاذبية. إنهم يحرصون على استبعاد كل التعاليم السلبية التى يمكن أن تنفر الإنسان الغربى من الإسلام.
        وكمثال لمحاولات الخداع هو محاولة دعاة الإسلام أن يقتبسوا دائمًا من القرآن المكى الآيات التى تدعو إلى السلام والتسامح مع من لا يؤمنون بالإسلام. هذا بينما هم يعلمون أن معظم هذه الآيات قد تم نسخها (استبدالها) بآيات أخرى نزلت فى المدينة وتدعو إلى القتل والعنف مع غير المسلمين.)
        وأقول له:
        أثبتنا كذب الكاتب وجهله وتحايله على الإسلام، بل وتعمده تشويه الحقائق الساطعة عن هذا الدين، فى كل مرة من المرات السابقة. وأثبتنا انتقائه لبعض الآيات أو جزء منها ليثبت نظريته التى وضعها مسبقًا، ويلهث وراءها لإثباتها. فقلنا إن الإسلام حرم الكذب فى كل أشكاله، وأبقى على الكذب لحماية الدولة والعباد، ولا أعلم كيف يستهجن هذا التصرف الذى فيه أمنه هو وكنائسه واخوانه فى الدول الإسلامية؟ وأبقى كذلك على الكذب لمصالحة اثنين متخاصمين، والكذب على الزوجة لتدليلها وليس لخداعها.
        وأثبتنا حرص القرآن والرسول  على الصدق ورفعه من شأن الصادقين. ونهيهما عن الكذب، وتحقير الكذابين، وبيان موقف الله تعالى منهم فى الدنيا والآخرة، وأثبتنا أن التقية هى بالقول وليس بالعمل، فلا يجوز شرب الخمر أو ترك الصلاة أو الصيام تقية، وهذا بإجماع علماء المسلمين السنة.
        أما قوله (إنهم يحرصون على استبعاد كل التعاليم السلبية التى يمكن أن تنفر الإنسان الغربى من الإسلام)، فهو لم يثبت حتى اللآن سلبية واحدة فى الإسلام، بل رمى الإسلام بما ينفره فى دينه وكتابه!!
        أما قوله بنسخ الآيات التى تحث على الرحمة والمودة بالآخرين، وأنها آيات مكية نسختها الآيات المدنية فهو وهم عنده، كان يتمنى صدقه، لأنه يقبل العمى والحرق على أن يقول كلمة صدق واحدة فى الإسلام. فلم يقل بنسخ هذه الآيات إلا هو، دون علماء المسلمين بكل طوائفهم. والذى لا يعرفه أنه لا ناسخ ولا منسوخ إلى فى التشريعات لحكمة التدرج، ولا يوجد نسخ لا فى القصص، ولا فى العقيدة، ولا فى صفات الله تعالى. ومن ضمن العقائد الثابتة فى الإسلام أنه لا إكراه فى الدين لقول الله تعالى فى سورة البقرة المدنية، والتى نزلت فى العام الثانى من الهجرة، لأن فيها فرض الصيام، وقد صام النبى  تسع رمضانات، أولها من العام الثانى الهجرى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) البقرة 256
        كما أثبتنا أن يهوه الذى تحول إلى يسوع فى العهد الجديد لم يعرف الرحمة قط مع المخالفين لبنى إسرائيل، بل أمر بخداع أعداء بنى إسرائيل وأمرهم بالكذب تقية: (21وَأُعْطِي نِعْمَةً لِهَذَا الشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ. فَيَكُونُ حِينَمَا تَمْضُونَ أَنَّكُمْ لاَ تَمْضُونَ فَارِغِينَ. 22بَلْ تَطْلُبُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ جَارَتِهَا وَمِنْ نَزِيلَةِ بَيْتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَابًا وَتَضَعُونَهَا عَلَى بَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ. فَتَسْلِبُونَ الْمِصْرِيِّينَ) خروج 3: 21-22
        (35وَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. طَلَبُوا مِنَ الْمِصْرِيِّينَ أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَابًا. 36وَأَعْطَى الرَّبُّ نِعْمَةً لِلشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ حَتَّى أَعَارُوهُمْ. فَسَلَبُوا الْمِصْرِيِّينَ.) خروج 12: 35-36
        ألم يأمر يسوع بهذه التقية ومارسها تحت اسم يهوه؟
        ألم يقل إنه لم يأت ناقضًا للناموس أو الأنبياء، أى وافق على كل ما جاء فيه؟
        ألم يتولى يعقوب جد يسوع النبوة بالكذب على أبيه إسحاق، وبموافقة الرب ومباركته؟
        والغريب أن يعقوب، هذا الذى كذب وافترى على أخيه وابتزه، وتآمر مع أمه على أبيه لينال البركة والنبوة، اعتبره يسوع فى الملكوت: (11وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ مِنَ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ وَيَتَّكِئُونَ مَعَ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.) متى 8: 11
        ألم يتولى سليمان جد يسوع النبوة بالكذب مع أمه والتحايل على داود، وبموافقة الرب؟ واعتبره يسوع/يهوه حكيمًا وعظيمًا: (42مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِ مَعَ هَذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُ لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ هَهُنَا!) متى 12: 42
        ألا تكذب أنت وتفترى على الإسلام ما ليس فيه إما بجهل وإما بتعمُّد لتَصُدَّ عنه الداخلين فيه؟ وهذا كذب وليس تقية.
        وأبو الأنبياء كما أطلق عليه يسوع كذب تقية فرعون وضحى بشرفه وعفة زوجته من أجل الحفاظ على حياته ومن أجل ما سيدفعه فرعون مقابل هذا: (11وَحَدَثَ لَمَّا قَرُبَ أَنْ يَدْخُلَ مِصْرَ أَنَّهُ قَالَ لِسَارَايَ امْرَأَتِهِ: «إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ امْرَأَةٌ حَسَنَةُ الْمَنْظَرِ. 12فَيَكُونُ إِذَا رَآكِ الْمِصْرِيُّونَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: هَذِهِ امْرَأَتُهُ. فَيَقْتُلُونَنِي وَيَسْتَبْقُونَكِ. 13قُولِي إِنَّكِ أُخْتِي لِيَكُونَ لِي خَيْرٌ بِسَبَبِكِ وَتَحْيَا نَفْسِي مِنْ أَجْلِكِ». 14فَحَدَثَ لَمَّا دَخَلَ أَبْرَامُ إِلَى مِصْرَ أَنَّ الْمِصْرِيِّينَ رَأَوُا الْمَرْأَةَ أَنَّهَا حَسَنَةٌ جِدًّا. 15وَرَآهَا رُؤَسَاءُ فِرْعَوْنَ وَمَدَحُوهَا لَدَى فِرْعَوْنَ فَأُخِذَتِ الْمَرْأَةُ إِلَى بَيْتِ فِرْعَوْنَ 16فَصَنَعَ إِلَى أَبْرَامَ خَيْرًا بِسَبَبِهَا وَصَارَ لَهُ غَنَمٌ وَبَقَرٌ وَحَمِيرٌ وَعَبِيدٌ وَإِمَاءٌ وَأُتُنٌ وَجِمَالٌ.) تكوين 12: 11-16
        فعلام تعترض؟ لقد كذب الرب يهوه ↔ يسوع فى كتابك، وبارك الكذابين، وسار على هواهم، وأعطاهم النبوة والبركة، ثم فجأة تتبرأ أنت من كل هذه النصوص المقدسة، راميًا الإسلام بها، أو منتقدًا فى الإسلام أشياء لم تع حقيقتها!! عجبت لك!!
        * * * * *
        هل استولى المسلمون على القوافل التجارية لتمويل جيوشهم؟
        يواصل كاتب (الإسلام بدون غطاء) تشويه الإسلام والافتراء عليه تحت عنوان (نبي مكة المسالم يتحول إلى محارب لا يرحم في المدينة) متهمًا الرسول والصحابة أنهم اضطروا فى المدينة لتأسيس دولتهم وتقوية اقتصادهم وتمويل حروبهم إلى الإغارة على القبائل الأخرى والاستيلاء على ممتلكاتهم.
        و(كانت أول هذه الغزوات ما سميت "النخلة". وفيها قام المسلمون بقيادة عبد الله بن جحش بعمل كمين قرب مكان يسمى "النخلة" وانقضوا فجأة على القافلة التجارية للقرشيين فقتلوا قائدها وأسروا رجلين واستولوا على كل ما تحمله القافلة من بضائع.)
        وأقول له:
        تُسمَّى سرية عبد الله بن جحش، أو سرية نخلة وفيها أمر الرسول  عبد الله بن جحش بالتوجه إلى نخلة (وهو مكان بين مكة والطائف) لرصد قافلة لقريش، أكرر: فقط لرصدها. وكان ذلك في شهر رجب من السنة الثانية للهجرة مع ثمانية رهط من المهاجرين، ليس فيهم أحد من الأنصار، وكتب معه كتابًا فدفعه إليه، وأمره أن يسير ليلتين ثم يقرأ الكتاب فيتبع ما فيه، وكان أصحاب عبد الله بن جحش، أبو حذيفة بن عتبة وعمرو بن سراقة، وعامر بن ربيعة، وسعد بن أبي وقاص، وعتبة بن غزوان، وواقد بن عبد الله، وصفوان بن بيضاء. (سيرة ابن هشام ج2 ص448)
        فلما سار ليلتين فتح الكتاب فإذا فيه: أن أمض حتى تبلغ نخلة، فلما قرأه قال: سمعًا وطاعة لله ولرسوله، فمن كان منكم يريد الموت في سبيل الله فليمض، فإني ماض على ما أمر رسول الله، فمضى ومضى معه أصحابه ولم يتخلف عنه منهم أحد. القارىء الواع يدرك أن الرسول  لم يرسلهم للحرب ولكنه أرسلهم لرصد القافلة (لاحظ أنهم كانوا ثمانية أشخاص فقط)، وما جاء من عبد الله بن جحش ومن معه، كان اجتهاد خاص منهم. وسترى غضب الرسول  مما فعلوه.
        وكان لما حدث لهم فى مكة (فكلهم من المهاجرين) أثر فى تفكيرهم هذا:
        فهم لو تركوها حتى تأتي الليلة الأولى من شهر رجب فإن القافلة سَتُفلت، وستدخل حرم مكة، وتقوى قريش عليهم أكثر وأكثر، فقد كانوا فى الليلة الأخيرة من جماد الآخرة، قبل رجب. لذلك كانت القافلة بالنسبة لهم فرصة لأكثر من سبب فهي:
        أولًا: ستكون الضربة الأولى لقريش لأن كل الغزوات والسرايا السابقة لم تسفر حقيقة عن أي غنائم أو انتصارات، ترفع من الروح المعنوية للمسلمين المهاجرين، الذين سلبت أموالهم وتجارتهم بل وديارهم.
        ثانيًا: هذه الضربة في عمق الجزيرة العربية بعيدة جدًا من عقر دار المسلمين، وقريبة جدًا من عقر دار الكافرين، وهي تحمل جرأة لا تخفي على أحد، وسيكون لها أثر سلبي ضخم على المشركين وروحهم المعنوية.
        ثالثًا: كانت الحراسة في صحبة القافلة ضعيفة وقليلة وليست إلا أربعة رجال فقط بينما المسلمون ثمانية.
        رابعًا: المسلمون في هذه السرية من المهاجرين الذين أوذوا إيذاءًا كبيرًا من قريش، بل إن قائدهم عبد الله بن جحش  قد سلبت داره شخصيًا حين استولى عليها أبو سفيان بعد هجرة عبد الله بن جحش وباعها لنفسه.
        فلما رآهم القوم هابوهم وقد نزلوا قريبًا منهم، فأشرف لهم عكاشة بن محصن وكان قد حلق رأسه، فلما رأوه أمنوا وقالوا: عمار لا بأس عليكم منهم، وتشاور القوم فيهم، وذلك في آخر يوم من رجب، فقال القوم: والله لئن تركتم القوم هذه الليلة ليدخلن الحرمٍ، فليمتنعن منكم به، ولئن قتلتموهم لتقتلنهم في الشهر الحرام، فتردد القوم وهابوا الإقدام عليهم، ثم شجعوا أنفسهم عليهم، وأجمعوا على قتل من قدروا عليه منهم، وأخذ ما معهم، فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله، وأسروا عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان، وأفلت القوم نوفل بن عبد الله فأعجزهم، وأقبل عبد الله بن جحش وأصحابه بالعير وبالأسيرين حتى قدموا على رسول الله المدينة، وأعطوه الخمس من الغنائم، ووزعوا سائرها على أنفسهم. (سيرة ابن هشام ج2 ص449)
        فلما قدموا على رسول الله المدينة، قال: ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام، فوقف العير والأسيرين، وأبى أن يأخذ من ذلك شيئا، فلما قال ذلك رسول الله سقط في أيدي القوم، وظنوا أنهم قد هلكوا، وعنفهم إخوانهم من المسلمين فيما صنعوا، وقالت قريش: قد استحل محمد وأصحابه الشهر الحرام وسفكوا فيه الدم، وأخذوا فيه الأموال، وأسروا فيه الرجال، فقال: يرد عليهم من المسلمين ممن كان بمكة إنما أصابوا ما أصابوا في شعبان.
        فلما أكثر الناس في ذكر حرب المسلمين فى الشهر الحرام أنزل الله تعالى على رسوله، يؤيد تحريم القتال فى الأشهر الحرم، ويؤكد أيضًا على أن إخراج أهله منه أكبر من هذا الخطأ الذى وقع فيه عبد الله بن جحش ومن معه: }يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{ البقرة 217
        فالله تعالى يقول للمشركين في هذه الآيات: "نحن مُسَلِّمون أن القتال في الشهر الحرام أمر كبير، ولكن انظروا يا كفار قريش إلى ما صنعتم مع عبادنا، وقارنوا بين كبر هذا وكبر ذاك، أنتم تقولون: إن القتال في الشهر الحرام مسألة كبيرة، ولكن صدكم عن سبيل الله وكفركم به، ومنعكم المسلمين من المسجد الحرام، وإخراج أهل مكة منها أكبر عند الله من القتال في الشهر الحرام، فلا تفعلوا ما هو أكبر من القتال في الشهر الحرام، ثم تأخذكم الغيرة على الحرمات". (تفسير الشعراوي، دار أخبار اليوم، مصر، ط1، 1991م، ج2، ص930)
        "فقد صرح الوحي بأن الضجة التي افتعلها المشركون لإثارة الريبة في سيرة المقاتلين المسلمين لا مساغ لها؛ فإن الحرمات المقدسة قد انتهكت كلها في محاربة الإسلام، واضطهاد أهله، ألم يكن المسلمون مقيمين بالبلد الحرام حين تقرر سلب أموالهم، وقتل نبيهم؟ فما الذي أعاد لهذه الحرمات قداستها فجأة، فأصبح انتهاكها معرة وشناعة". (الرحيق المختوم، صفي الرحمن المباركفوري، 1998م، ص201)
        إن المسلمين لم يبدءوا بالقتال، ولم يبدأوا بالعدوان، ولكن المشركين هم الذين وقع منهم الصد عن سبيل الله؛ فلقد كفروا بالله، وجعلوا الناس يكفرون، وكفروا بالمسجد الحرام، وانتهكوا حرمته؛ فآذوا المسلمين فيه، وفتنوهم عن دينهم طوال ثلاثة عشر عاما قبل الهجرة، وأخرجوا أهله منه، وإخراج أهله منه أكبر عند الله من القتال فيه. (في ظلال القرآن، سيد قطب، دار الشروق، القاهرة، ط13، 1407هـ/1987م، ج1، ص226)
        إلا أن التلويح بحرمة الشهر الحرام كلمة حق أريد بها باطل، فهي مجرد ستار كان يحتمي خلفه المشركون، لتشويه موقف الجماعة المسلمة، وإظهارها بمظهر المعتدي، وهم المعتدون ابتداء، وهم الذين انتهكوا حرمة البيت ابتداء، والإسلام يرعى حرمات من يرعون الحرمات، ويشدد في هذا المبدأ ويصونه، ولكنه لا يسمح بأن تتخذ الحرمات متاريس لمن ينتهكون الحرمات، ويؤذون الطيبين، ويقتلون الصالحين، ويفتنون المؤمنين، ويرتكبون كل منكر، وهم في منجاة من القصاص تحت ستار الحرمات التي يجب أن تصان.
        ولذلك وجب على المسلمين أن يقاتلوهم أنى وجدوهم؛ لأنهم عادون باغون أشرار لا يرقبون حرمة ولا يتحرجون أمام قداسة، وكان على المسلمين ألا يدعوهم يحتمون بستار زائف من الحرمات التي لا احترام لها في نفوسهم. (في ظلال القرآن، ج1، ص226، 227 بتصرف من موقع بيان الإسلام)

        تعليق


        • #64
          الملف 41 وسوف يستمر الترتيب التصاعدى 42، 43، 44 وهكذا

          (20فَهَتَفَ الشَّعْبُ وَضَرَبُوا بِالأَبْوَاقِ. وَكَانَ حِينَ سَمِعَ الشَّعْبُ صَوْتَ الْبُوقِ أَنَّ الشَّعْبَ هَتَفَ هُتَافًا عَظِيمًا، فَسَقَطَ السُّورُ فِي مَكَانِهِ، وَصَعِدَ الشَّعْبُ إِلَى الْمَدِينَةِ كُلُّ رَجُلٍ مَعَ وَجْهِهِ، وَأَخَذُوا الْمَدِينَةَ. 21وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، مِنْ طِفْلٍ وَشَيْخٍ - حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ. ... 24وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ مَعَ كُلِّ مَا بِهَا. إِنَّمَا الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ وَآنِيَةُ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ جَعَلُوهَا فِي خِزَانَةِ بَيْتِ الرَّبِّ.) يشوع 6: 20-24
          وربما يكون معك الحق لو قلت: وهل تبقى منهم أحد لإقامة حوار؟ وهل أبقى الرب على مُخالف لنا فى العقيدة لنثبت أننا نتحمل المعيشة مع المخالفين لنا؟!!!
          وها هو الرب، إله المحبة والرحمة، يأمر بالتمثيل بجثث الأعداء: (4فَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى: «خُذْ جَمِيعَ رُؤُوسِ الشَّعْبِ وَعَلِّقْهُمْ لِلرَّبِّ مُقَابِل الشَّمْسِ فَيَرْتَدَّ حُمُوُّ غَضَبِ الرَّبِّ عَنْ إِسْرَائِيل».) العدد 25: 4
          وتعلم منه داود فاقتدى بالرب إله المحبة؟ ألم يكن هذا هو يسوع/يهوه إله المحبة؟ (45فَقَالَ دَاوُدُ: «أَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ بِسَيْفٍ وَبِرُمْحٍ وَبِتُرْسٍ. وَأَنَا آتِي إِلَيْكَ بِاسْمِ رَبِّ الْجُنُودِ إِلَهِ صُفُوفِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ عَيَّرْتَهُمْ. 46هَذَا الْيَوْمَ يَحْبِسُكَ الرَّبُّ فِي يَدِي فَأَقْتُلُكَ وَأَقْطَعُ رَأْسَكَ. وَأُعْطِي جُثَثَ جَيْشِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ هَذَا الْيَوْمَ لِطُيُورِ السَّمَاءِ وَحَيَوَانَاتِ الأَرْضِ، فَتَعْلَمُ كُلُّ الأَرْضِ أَنَّهُ يُوجَدُ إِلَهٌ لإِسْرَائِيلَ.) صموئيل الأول 17: 45-46
          (12وَأَمَرَ دَاوُدُ الْغِلْمَانَ فَقَتَلُوهُمَا، وَقَطَعُوا أَيْدِيَهُمَا وَأَرْجُلَهُمَا وَعَلَّقُوهُمَا عَلَى الْبِرْكَةِ فِي حَبْرُونَ.) صموئيل الثانى 4: 12
          (3وَأَخْرَجَ الشَّعْبَ الَّذِينَ بِهَا وَنَشَرَهُمْ بِمَنَاشِيرَِ وَنَوَارِجِ حَدِيدٍ وَفُؤُوسٍ. وَهَكَذَا صَنَعَ دَاوُدُ لِكُلِّ مُدُنِ بَنِي عَمُّونَ. ثُمَّ رَجَعَ دَاوُدُ وَكُلُّ الشَّعْبِ إِلَى أُورُشَلِيمَ.) أخبار الأيام الأول 20: 3
          وهكذا كان إله المحبة يهوه/يسوع ينشر دينه بين الشعوب: يبيد أممًا من على وجه البسيطة لتعلم باقى الشعوب، التى لم يأت الدور عليها، أنه لا يوجد فى كل الأرض إلا إله إسرائيل!! ومن فرط تعصبهم وتجاهلهم للحوار المهذَّب المقنع سموا إلههم "إله إسرائيل" وليس رب العالمين.
          وسار على نهج الرب الدموى، الذى لا يعرف الحوار، ولا يعرف الرحمة أو الرأفة أو المحبة، وأمر بالتصفية العرقية لأخاب! فمتى يقوم هذا الحوار؟ وهل هم بذلك تحملوا المخالفين لهم؟ (وَجَاءَ إِلَى السَّامِرَةِ، وَقَتَلَ جَمِيعَ الَّذِينَ بَقُوا لأَخْآبَ فِي السَّامِرَةِ حَتَّى أَفْنَاهُ، حَسَبَ كَلاَمِ الرَّبِّ الَّذِي كَلَّمَ بِهِ إِيلِيَّا.) ملوك الثانى 10: 17
          ومن آمن من الشعوب بدين بنى إسرائيل كان بسبب الرعب الواقع عليهم، إما الاستعباد وإما القتل: (16وَكَانَ لِلْيَهُودِ نُورٌ وَفَرَحٌ وَبَهْجَةٌ وَكَرَامَةٌ. 17وَفِي كُلِّ بِلاَدٍ وَمَدِينَةٍ كُلِّ مَكَانٍ وَصَلَ إِلَيْهِ كَلاَمُ الْمَلِكِ وَأَمْرُهُ كَانَ فَرَحٌ وَبَهْجَةٌ عِنْدَ الْيَهُودِ وَوَلاَئِمُ وَيَوْمٌ طَيِّبٌ. وَكَثِيرُونَ مِنْ شُعُوبِ الأَرْضِ تَهَوَّدُوا لأَنَّ رُعْبَ الْيَهُودِ وَقَعَ عَلَيْهِمْ.) أستير 8: 11-17
          وكيف تعايش اليهود مع المخالفين لهم فى العقيدة؟
          عاملوهم كالحيوانات أو أقل، فلا يوجد أدنى اعتبار للحفاظ على صحتهم، أو أن يكونوا أمناء معهم، بل إن العنصر الذى يجمعهما هو عنصر ابتزاز اليهود لهم، ماديًا ومعنويًا وصحيًا ونفسيًا: (21«لا تَأْكُلُوا جُثَّةً مَا. تُعْطِيهَا لِلغَرِيبِ الذِي فِي أَبْوَابِكَ فَيَأْكُلُهَا أَوْ يَبِيعُهَا لأَجْنَبِيٍّ لأَنَّكَ شَعْبٌ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ إِلهِكَ.) تثنية 14: 21، أليس هذا إكراه فى الدين؟ إما أن تؤمن وإما سنجعلك تأكل الجثث والجيف؟
          (19«لا تُقْرِضْ أَخَاكَ بِرِبًا رِبَا فِضَّةٍ أَوْ رِبَا طَعَامٍ أَوْ رِبَا شَيْءٍ مَا مِمَّا يُقْرَضُ بِرِبًا 20لِلأَجْنَبِيِّ تُقْرِضُ بِرِبًا وَلكِنْ لأَخِيكَ لا تُقْرِضْ بِرِبًا لِيُبَارِكَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فِي كُلِّ مَا تَمْتَدُّ إِليْهِ يَدُكَ فِي الأَرْضِ التِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِليْهَا لِتَمْتَلِكَهَا.) تثنية 23: 19-20
          وتابع يسوع هذه العنصرية، ولم يوافق فى بداية الأمر أن يشفى ابنة المرأة الكنعانية، لأنها ليست من بنى إسرائيل. الأمر الذى ينم على أن يسوع سار على نفس عنصرية بنى إسرائيل، وكتابهم، أو أن من حرف هذه الكتب ووضعها على لسان يسوع، الذى كان ينادى بمحبة الأعداء، هم بنو إسرائيل أنفسهم. ولم يقم بشفاء ابنتها إلا بعد أن أفحمته فى ردها!! فيا له من إله يفحمه عبيده!: (21ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ مِنْ هُنَاكَ وَانْصَرَفَ إِلَى نَوَاحِي صُورَ وَصَيْدَاءَ. 22وَإِذَا امْرَأَةٌ كَنْعَانِيَّةٌ خَارِجَةٌ مِنْ تِلْكَ التُّخُومِ صَرَخَتْ إِلَيْهِ: «ارْحَمْنِي يَا سَيِّدُ يَا ابْنَ دَاوُدَ. ابْنَتِي مَجْنُونَةٌ جِدًّا». 23فَلَمْ يُجِبْهَا بِكَلِمَةٍ. فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَطَلَبُوا إِلَيْهِ قَائِلِينَ: «اصْرِفْهَا لأَنَّهَا تَصِيحُ وَرَاءَنَا!» 24فَأَجَابَ: «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ». 25فَأَتَتْ وَسَجَدَتْ لَهُ قَائِلَةً: «يَا سَيِّدُ أَعِنِّي!» 26فَأَجَابَ: «لَيْسَ حَسَنًا أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَبِ». 27فَقَالَتْ: «نَعَمْ يَا سَيِّدُ. وَالْكِلاَبُ أَيْضًا تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا». 28حِينَئِذٍ قَالَ يَسُوعُ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ عَظِيمٌ إِيمَانُكِ! لِيَكُنْ لَكِ كَمَا تُرِيدِينَ». فَشُفِيَتِ ابْنَتُهَا مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ.) متى 15: 21-28
          فبركة الرب ومحبته ورحمته لا تتنزل على بنى إسرائيل، إلا لو أطاعوا الإله الدموى، وقاموا بكل ما لا يتقبله العقل السليم مع المخالفين لهم فى العقيدة، وتأنفه النفس البشرية من قتل وتمثيل بالجثث وإبادة جماعية وشق بطون الحوامل، وقتل النساء والمسنين والأطفال!!!
          فأين ومتى قام حوار بينهم وبين المخالف لهم؟
          وأين ومتى عاملوا الغريب مثل اليهودى فى وقت السلم؟
          أين ومتى كانوا شعبًا ذا أخلاق فى حروبهم البهيمية، التى كانت بأمر الرب فى زعمهم؟
          فلا بشر إلا هم! ولا يستحق الحياة إلا هم! ولا مؤمن إلا هم! ولا إله إلا إلههم!
          عزيزى الكاتب: من البديهي أن الأديان بحكم إنتمائها إلى السماء، فإنها لا تأمر إلاّ بالخير والحق والصلاح ولا تدعو إلاّ بالبِرّ، و(البر حسن الخلق) رواه مسلم، والحب والرحمة والاحسان، ولا توصي إلاّ بالأمن والسلم والسلام، وما كانت يومًا في حدِّ ذاتها عائقًا أمام التبادل والتلاقح والتَّثاقف ولا أمام التعايش والتعارف والحوار، وإنما العائق يكمن في الذين يتوهّمون أنهم يمتلكون الحقيقة المطلقة ويستغلّون الأديان في أقدار الناس ومصائرهم تلك المهمة التي أبَى الله تعالى أن يمنحها لأنبيائه الأخيار. فإلى أى إله ينتمى هذا الدين الذى يأمر بالإبادة الجماعية، والتصفية العرقية، ويحرِّم التعايش مع الآخرين؟
          إن الإسلام من جهته يعترف بوجود الغير المخالف فردًا كان أو جماعة ويعترف بشرعية ما لهذا الغير من وجهة نظر ذاتية في الاعتقاد والتصوّر والممارسة تخالف ما يرتـئيه شكلًا ومضمونًا. ويكفي أن نعلم أن القرآن الكريم قد سمّى الشِّرك دينًا على الرغم من وضوح بطلانه، لا لشيء إلاّ لأنه في وجدان معتنقيه دين. (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) الكافرون 6 ، (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ) آل عمران 24
          ومن هنا، فإن جريمة المشركين لم تكن في إعراضهم عن الإسلام، وإنما في كونهم رفضوا أن يعيش دين جديد بجوار دينهم، فقرّروا مَحْقَه واستئصاله من الوجود.
          هذا وقد أوصَل بعضهم الآيات الواردة في شأن احترام الأديان الأخرى واحترام خصوصيتها واتباعها إلى أكثر من مائة آية موزّعة في ست وثلاثين سورة.
          والآن تَعَلَّم عزيزى الكاتب والقارىء سمو الدين الإسلامى وعظمته فى معاملة الغريب والمخالف له فى العقيدة، بل والمحارب له، وقيمه الأصيلة فى تهذيب النفس البشرية، واحتضان المخالف والمعرض والمحارب له، وقدرته على تحقيق السعادة فى الدنيا لكل البشر، وفى الآخرة لمن آمن به، وعمل عملا صالحًا.
          الإسلام والحوار الهادف مع غير المسلمين واحتواؤهم فى الدولة الإسلامية
          إن الإسلام هو دعوة كل الرسل، ويتناول إطلاقه جميع الأديان التي أمر الله تعالى رسله أن يبلغوها للناس، لأنه روحها الكلي، على اختلاف في بعض التكاليف والأعمال، وينضوي الإنسان تحت راية الإسلام عندما تصح عقيدته، وتخلص من كل شائبة من شوائب الشرك والنفاق، ويخلص في إيمانه وعمله لله تعالى .. وهذا هو المراد بقوله تعالى: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) آل عمران 85
          فالإسلام بمفهومه القرآني المشرق اسم للدين الإلهي الذي جاء به جميع الأنبياء والرسل، وانتسب إليه أتباعهم جميعًا، يقول نوح لقومه: (فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) يونس 72
          ويوصي يعقوب بنيه قائلًا، قال تعالى: (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) البقرة 132
          ويجيب أبناء يعقوب أباهم قائلين: (أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَـهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) البقرة 133
          ويقول موسى  لقومه: (وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ) يونس 84
          ويقول الحواريون لعيسى : (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) آل عمران 52
          وقال بعض أهل الكتاب حين سمع القرآن: (وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ) القصص 53
          وقد وجه القرآن الكريم الأمة الإسلامية إلى بيان هذه الحقيقة في قوله تعالى: (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ) الشورى 13
          كما خاطب الله تعالى الرسل جميعًا مبينًا أن الإسلام والتوحيد قد أمر به كافة الرسل عليهم الصلاة والسلام وكافة الأمم، فالملة واحدة، متحدة في أصول الشرائع لا تتبدل بتبدل العصور، قال تعالى: (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) المؤمنون 52
          وتتلخص دعوة الملة القيمة في التوحيد الخالص لله الواحد الأحد: البعيد عن العقائد الزائفة، مع اتباع جميع الأحكام المنوطة بأتباع الإسلام، كما قال تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) البينة 5
          وقال تعالى: (قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) البقرة 136
          فعلاقة الإسلام إذا بالأديان الأخرى علاقة الشيء بنفسه، مادام جوهره هو جوهر كل الرسالات، ودعوة رسوله هي دعوة كل الرسل، وأما ما اختصت به العقيدة الإسلامية الخاتمة من شرائع وأحكام فهذا مدلول معين على شريعة معينة، وعلاقة الإسلام كشريعة للرسول  بالأديان الأخرى تقوم على أساس تصديق القرآن لما بين يديه من الكتب والهيمنة عليها.
          وهذه العلاقة تأخذ اتجاهين واضحين:
          الاتجاه الأول: علاقة الإسلام بالشرائع السماوية قبل التحريف فيها.
          والاتجاه الثاني: علاقته بها بعد التحريف فيها.
          أما الاتجاه الأول فالقرآن جاء مصدقًا لما قبله من الكتب، وقد أخذ رب العزة سبحانه على كل نبي إذا جاء رسول مصدق لما معه أن يؤمن به وينصره. وتصديق الكتب المتأخرة للمتقدمة لا يعني أنها لا تغير منها شيئًا، فهي مع أنها مصدقة لها إلا أنها تغير منها، كما حدث أن جاء الإنجيل بتعديل أحكام التوراة، فأعلن عيسى  أنه جاء ليحل لبني إسرائيل بعض الذي حرم عليهم، وأيضًا فقد جاء القرآن بتعديل بعض أحكام الإنجيل والتوراة، إذ أعلن أن الرسول  أنه جاء ليحل للناس كل الطيبات، ويحرم عليهم كل الخبائث، ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم، وليس في هذا تناقض من اللاحق للسابق ولا إنكار منه له، وإنما هو توافق وتناسب للزمن الذي تعيشه كل أمة، ليتواءم مع ظروفها وطبيعتها وأطوارها المختلفة، فإن الذي يتناسب مع أمة من الأمم في طورها الأول قد لا يتناسب معها في الطور الثاني، والذي يتناسب معها في الطورين الأولين قد لا يتناسب معها في الطور الثالث، وهكذا ..
          نعم، هناك من الأمور ما تأذن الشريعة اللاحقة بإبقائه واستمراره في نطاق ظروفه السابقة. وهناك تشريعات مؤقتة بآجال طويلة أو قصيرة، وهي تنتهي بانتهاء وقتها، وتأتي الشريعة اللاحقة بما يوافق الأوضاع مصداقًا لقوله تعالى: (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) البقرة 106
          إذًا ففي كل شريعة من الشرائع عنصران ضروريان للدعوة: عنصر مستمر: يربط حاضرها بماضيها. وآخر غير مستمر: ويقوم بالتجديد بما يتناسب مع تطورها في كل زمان ومكان، فمثلًا نرى شريعة التوراة تنص ضمن قوانين السلوك الأخلاقي على "النهي عن القتل والسرقة .. الخ. ومن أهم ما تبرزه: طلب العدل والمساواة. ونرى شريعة الإنجيل تقرر هذه المبادئ وتزيد عليها: "لا تراء الناس بفعل الخير" و"أحسن إلى من أساء إليك" وأوضح ما فيها التسامح والإحسان .. فتأتي شريعة القرآن فتقرر المبدأين معًا: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) النحل 90
          (وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) الشورى 40
          وقال تعالى: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ) النحل 126
          وقد أضافت الشريعة الإسلامية كل مكارم الأخلاق، فلم تدع جانبًا من جوانب السلوك في التحية، والاستئذان، والمجالسة والمخاطبة، وما إلى ذلك من الآداب السامية، والأخلاق الرفيعة كما هو موضح في سورة النور، والحجرات، والمجادلة.
          إذًا فالشرائع كلها بمثابة اللبنات في بناء الدين، ومهمة اللبنة الأخيرة: إكمال البناء وإمساكه، وبلوغه الكمال الخلقي كما قال عليه الصلاة والسلام: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)
          وقد وصف الله تعالى رسوله  بأكمل وصف، وأعظم خُلُق إذ يقول سبحانه وتعالى للرسول: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) القلم 4
          ويقول القرآن الكريم في بيان إكمال الدين، وإتمام النعمة الإلهية على العباد على يدي خاتم المرسلين: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) المائدة 3
          ويوضح الرسول  موقفه من الأنبياء السابقين عليه كرسول خاتم فيقول: (إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتًا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له، ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة، قال: فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين) رواه البخاري
          وقال : (الأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد) البخارى، وقال ابن حجر رحمه الله: (معنى الحديث: أن أصل دينهم واحد وهو التوحيد وإن اختلفت فروع الشرائع) انظر فتح الباري (6/ 489).
          وأما عن علاقة الإسلام بالأديان السماوية الأخرى بعد تحريفها وتغييرها: هو علاقة تصديق لما بقى من أجزائها الأصلية، وتصحيح لما طرأ من البدع والإضافات الغريبة عنها. فالقرآن يحوي تعليمات لاحترام الأديان الأخرى. ويؤكد أنه: يقوم باعادة الديانة السماوية النقية التي أُنزلت على إبراهيم والتي تم تحريفها من قبل اليهود والنصارى.
          فقد عرفنا أن القرآن الكريم جاء "مصدقًا" لما بين يديه من الكتب و"مهيمنًا" على تلك الكتب، والهيمنة تعني الحراسة الأمينة عليها، والحماية الواعية لها من الدخيل الذي يدس فيها، ويطرأ عليها، وإبراز ما تدعو إليه الحاجة من حقائق قد أخفيت منها، وتأييد ما خلده التاريخ من حق وخير.
          وقد أمر الإسلام أتباعه بالتعامل الحسن، حتى مع أبعد الأديان عنه، قال تعالى:
          (وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ) التوبة 6
          إن سماحة الإسلام لتنفسح جوانبها، وتمتد ظلال الأمن فيها وارفة فتجير المشرك وتؤويه وتكفل له الأمن، وتقدم له الرشد الناجع، والتوجيه السديد بالحكمة والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن كما قال تعالى: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) النحل 125
          ولم يكتف القرآن بتشريع حرية التديّن، بل نجده قد وضع جملة من الآداب، يمكن عَدّها تربوية للتسامح الديني، كما ندب الإسلام أتباعه أن يكون موقفهم من غير المسلمين موقف حفاوة ومودّة وبر ورحمة وقسط وعدل، بل وتكفل له الحماية والرعاية والأمان من كل غائلة: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) الممتحنة 8، ويعتبر المسلمون هذه الآية أساسًا في التعامل مع غير المسلمين.
          وما أروع قول الرسول  يوم الحديبية: (والله لا تدعوني قريش إلى خطة توصل بها الأرحام، وتعظم فيها الحرمات إلا أعطيتهم إياها).
          ومع ذلك منع الإسلام من اتخاذ اليهود والنصارى المحاربين للإسلام والمسلمين كاخوة أو موالاتهم في الحرب وذلك وفقًا لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍۚ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) المائدة 51، والتي استنبط منها العلماء المسلمون قاعدة الولاء والبراء. فالإسلام لا يعرف النفاق لا فى العقيدة ولا فى التعايش مع الآخرين.
          لقد دعا الإسلام إلى المساواة والعدالة الاجتماعية والتسامح الدينى، وقضى على مظاهر التفرقة والطبقية والتمييز، وأعلن بأنه لا فضل لإنسان على آخر إلا بالتقوى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى). أخرجه أحمد (23536)
          هذه المعاني والنصوص التي تشكل جزءًا من أيديولوجية المسلم، تجسدت في واقع الدولة الإسلامية حيث برز غير المسلمين في مواقع هامة في هيكلية الدولة، وبذلك تعدّت درجة التعايش إلى درجة التوحّد والحياة الطبيعية. حتى أنه ولكثرة إسناد الوظائف العامة إلى غير المسلمين في الدولة الإسلامية قال آدم متز أحد مؤرخي الغرب: (من الأمور التي نُعجب بها كثرة عدد العمال والمتصرفين غير المسلمين في الدولة الإسلامية) (مصطفى الرافعي، الإسلام انطلاق لا جمود، دار ومكتبة الحياة، 1959م، ص16).
          وبنى علاقة المسلم مع غيره على التعارف والتعاون، وهذا التعارف والتعاون لن يتواجد إلا بشعور كل طرف من الأطراف المتعاونة بالمحبة المتبادلة وانتشار العدل والمساواة فى الحقوق والواجبات. وإلا فلماذا أتعاون مع شخص ترفعه الدولة علىّ فى الحقوق، وتنصفه، حتى لو ظلمنى. وهذا مصدقًا لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات 13
          لقد أكدت الآية ما كان قد توصَّل إليه الحكماء والفلاسفة من قَبل وأثبته الواقع التاريخي المُشَاهد من أن الإنسان مَدني بطبعه، بمعنى أنه لا تتحقّق حياته ولا ينبني كيانه ولا تكتمل ذاته ولا يكتسب ما تصبو إليه قدراته إلاّ داخل وسط اجتماعي متشابك فيه الخير والشر، وفيه التحابُب والتباغض، وفيه التجانس والتنافر، وفيه الأنا والأنا الآخر.
          فالإنسان ابن بيئته، فهي التي تنشئه وتكونه وتلونه، وهي التي توفر له ما تملك مما يفي بحاجاته الأساسية، كما أنها هي التي تَكفيه مع ما تقدّس من شعائر وتطبعه بما تقدر من عادات، وهي التي تأقلمه بشكل يجعل ما هو من متعلقات ذاتيته يتناسق مع روحها العامة وينسجم مع ما لديها من غاية مشتركة.
          من ذلك، نتبيّن أن التنوّع بين الناس أفرادًا وجماعات ما كان انحرافًا ولا شذوذًا ولا مُروقًا، بل كان من طبيعتهم البشرية ومن أصل خلقتهم الآدمية، فهو ظاهرة ضرورية اقتضتها الفطرة الإنسانية واستلزمتها النشأة الاجتماعية.
          إنه تنوّع في الطبائع والأمزجة والمواهب والميول والمؤهلات والطموحات. وإنه تنوّع في أنماط الممارسات الاعتقادية وتباين في التمثّلات الطقوسية وتغاير في التجلّيات السلوكية وتمايز في المنطلقات الفكرية. وإنه تنوّع إيجابي فيه ثراء وخصوبة وتلاقح، يحفّز على الاضطلاع بالمسؤوليات الثّقال، ويدفع إلى جعل الوفاء بالحاجات النفسية والعقلية والوجدانية والاجتماعية والحضارية واقعًا مرئيًا وخيارًا متاحًا أمام القدرات والكفاءات.
          وقد ألمع القرآن إلى ضرورة هذا الاختلاف النمطي، وإلى حتمية وجوده حتى يتمكّن كل فرد وكل مجتمع من العيش حسب ما لديه من إرادة وحرية واختيار وبالطريقة التي يهواها ويرتضيها (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ....) هود 118-119
          وهكذا نلحَظ، أن الغاية من اختلاف الناس إلى شعوب وقبائل وتنوعهم إلى ثقافات ومَدَنيات إنما هو التعارف لا التَّناكر، والتعايش لا الاقتِتَال، والتعاون لا التَّطاحن، والتكامل لا التعارض، وبات واضحًا أن أهمية التسامح الديني تتمثّل في كونه ضروريًا ضرورة الوجود نفسه.
          والخطاب هنا موجه للناس جميعًا؛ ليدلل على أن أهمية التسامح الديني تتمثّل في كونه ذا بُعد وُجودي، أي أنه ضروري ضرورة الوجود نفسه. وليبرهن على أن المدخل لصياغة العلاقة بين هذا التنوع العرقي والقومي والجنسي.. هو التعارف الذي يفتح باب التلاقي والتعايش، فالحركة الكونية حركة انسجام وتناسق، وصورة البشر يجب أن تكون كذلك لتستقر الحياة. فالتعارف والتعايش والتحاور وليس التنافر والتقاتل والصراع، والمطلب الثاني هو الذي يروج له أصحاب القوة والشأن ليبرروا طغيانهم وتدخلهم وتسلطهم وليمحقوا الآخر في أبشع صورة الإبادة العرقية والدينية "البوسنة والهرسك في العصر الحديث وأثيوبيا ذات الأربعين مليون نسمة، والبورما والشيشان، وأفغانستان والعراق" و"محاكم التفتيش في العصور السابقة".
          أولاً: أعلن أن الناس كلهم اخوان لأمهات وآباء مختلفون، فقد خلقوا كلهم من نفس واحدة: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) النساء 1
          وأعطى الإسلام هذه النفس البشرية حرمة ومكانة خاصة في الإسلام. فيروى أن جنازة مرت على رسول الله  فقام لها واقفًا، فقيل له: يا رسول الله إنها جنازة يهودي! فقال: أليست نفسًا؟
          ثانيًا: أمَّن الإسلام غير المسلمين، وأعلن لهم أنهم أحرار فى اعتقادهم، فلا إكراه فى الدين: يقول الله تعالى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) البقرة 256
          فالتعايش في ظل الدولة الإسلامية هو التعايش الكريم الحر غير المهيمن؛ لأن الحرية مضمونة للفرد في اختياراته ومعتقداته، قال تعالى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) البقرة 25، وقال: سبحانه: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) الكافرون 6. وهذه الحرية هي التي تفسر لنا الفسيفساء الرائعة للوجود المتنوع في ظل الدولة الإسلامية التي جمعت إلى المسلمين المسيحيين واليهود والصابئة والوثنيين. وبقي الجميع يمارس حياته واستمرت معيشته ولم يتعرض لما شهده التاريخ من اضطهاد أو إبادة جماعية، كما يحكى العهد القديم، وكما حدث في الأندلس التي نقل الغرب منها علوم المسلمين ثم جعلوها مقبرة للمسلمين في أبشع حملات الإبادة.
          ثالثًا: يحق للمسلم الاستعانة بغير المسلم في أمور الدنيا، فقد استأجر رسول الله  عبد الله بن أريقط وهو مشرك ليكون دليلًا له في الهجرة. كما استعان بناس من اليهود في حربه. قال العلماء وأنه يجوز أن يستعين المسلمون بغير المسلمين وبخاصة أهل الكتاب في الشؤون الحربية وأن يسْهَم لهم في الغنائم كالمسلمين (القرضاوي، الحلال والحرام، ص304-312).
          وهكذا وعلى هذا المبدأ سار المسلمون في علائقهم مع أهل الأديان الأخرى وتعايشوا مع أهل البلاد التي فتحوها.
          وخير مثال على ذلك العهد الذي كتبه أبو بكر  لأهل نجران المسيحيين حيث كتب لهم بأنه أجارهم بجوار الله وذمة محمد النبي  على أنفسهم وأراضيهم وملتهم وأموالهم وحاشيتهم وعبادتهم وغائبهم وشاهدهم وأساقفتهم ورهبانهم وبيعهم وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير لا يخسرون لا يعسرون ولا يغير أسقف من أسقفيته ولا راهب من رهبانيته وفاء لهم بكل ما كتب لهم محمد. (أبي يوسف، الخراج، ص 79).
          فهل بعد كل هذا يُساء إلى الإسلام، ويُتهم أنه لا يستطيع أن يتعايش مع الأديان الأخرى؟! فعلى أى آية أو حديث بنيت استنتاجك هذا؟ فأنا على يقين أنك لم تقرأ التاريخ الإسلامى!!
          إلا أن التسامح الديني مصطلح شائك، قد يُفهم بأكثر من معنى، وبالتالى سيختلف حكمه باختلاف مدلوله: فإن قصد به قبول الديانات الأخرى غير دين الإسلام على أنها طرق موصلة إلى الله سبحانه، ومنجية من عذابه يوم الدين، فهو حينئذ مصطلح فاسد، بل هذا هو الكفر البواح، الذي لا يقبل معه عمل صالح، لمصادمته لقول الله جل وعلا: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) أل عمران 85
          أما إن أريد به أن الإسلام يقر أصحاب الديانات الأخرى على دياناتهم، إذا هم سالموا المسلمين، وأدوا لهم الجزية، فهو حينئذ مصطلح شرعي، لأن الإسلام لا يكره أحدًا على الدخول فيه، لقوله تعالى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) البقرة 256
          فمن الجَلِي أن التسامح الديني يُعدّ أرضية أساسية لبناء المجتمع المدني وإرساء قواعده، فالتعدّدية والديموقراطية وحرية المعتقد وقبول الاختلاف في الرأي والفكر وثقافة الإنسان وتقدير المواثيق الوطنية واحترام سيادة القانون، خيارات استراتيجية وقيم إنسانية ناجزة لا تقبل التراجع ولا التفريط ولا المساومة، فالتسامح – إذن – عامل فاعل في بناء المجتمع المدني، ومشجّع على تفعيل قواعده.
          وهكذا، نستخلص أن التسامح يستوجب الاحترام المتبادل، ويستلزم التقدير المشترك، ويدعو إلى أن تتعارف الشعوب وتتقارب، ويفرض التعامل في نطاق الدائرة الموضوعية من دون المسَاس بدائرة الخصوصية من غير إثارة لحساسيتها، وانتهاك لحُرمة ذاتيتها، وهي دائرة تبادل المعارف والمنافع والمصالح الشَّراكة الفاعلة التي يعود مردودها بالخير على الجميع.
          ومن صور التسامح الديني في شريعة الإسلام أن الله سبحانه قد أمر بتحسين الخُلُق مع الناس كافة، بصرف النظر عن دياناتهم، واعتقاداتهم، ما داموا غير محاربين لله ورسوله، فقال سبحانه: (وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا..) البقرة 83، وقال سبحانه: (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) العنكبوت 46، وجوَّز الفقهاء دفع الصدقات المندوبة للكفار.
          فالحوار الجيد هو الحوار الهادف وليس المقصود منه تمييع الخصوصيات وإضعاف التعلق بالدين. ولكي يتسنى للمسلمين أن يمارسوا هذا الحوار يجب إعطاؤهم الفرصة بإبعاد كل أشكال الضغوطات عنهم والتي لا تتناسب مع منطق الحوار، فلا يعقل مثلًا أن يكون المسيحى مضطهد أو مُكره على عقيدة محددة ومحاور في آن واحد.
          وبالإختصار فإن أهل الذمة لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين، كما قال علي بن أبي طالب : (إنما قبلوا الجزية لتكون أموالهم كأموالنا، ودماؤهم كدمائنا). فلهم حق الإقامة آمنين مطمئنين على دمائهم وأموالهم وأعراضهم، وعلى الإمام حمايتهم من كل من أراد بهم سوءًا من المسلمين أو المحاربين لهم أو أهل الذمة، واستنقاذ من أسر منهم واسترجاع ما أخذ من أموالهم، سواء كانوا مع المسلمين أم منفردين عنهم في بلد لهم، لأنهم بذلوا الجزية لحفظهم وحفظ أموالهم، ومن مقتضيات عقد الذمة أن أهل الذمة لا يظلمون ولا يؤذون، قال النبي : (ألا من ظلم معاهدًا أو انتقصه حقه، أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس منه، فأنا حجيجه يوم القيامة) ارواء الغليل برقم 471.
          وجعل علاقة المسلمين مع غيرهم قائمة على المسالمة والأمن وعدم الاعتداء إلا إذا اعتدي عليهم فيجب أن يردوا الاعتداء بمثله: يقول تعالى: (وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ) البقرة 190
          (الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) البقرة 194
          كما أن الحرب في الإسلام لها حدود وضوابط، وللمسلمين أخلاقهم التي يتخلقون بها حتى في حربهم مع من يحاربهم من غير المسلمين، فأمر الإسلام بالحفاظ على أموال الغير، وبترك الرهبان في صوامعهم دون التعرض لهم، ونهى الإسلام عن الخيانة والغدر والغلول، كما نهى عن التمثيل بالقتلى، وعن قتل الأطفال والنساء والشيوخ، وعن حرق النخيل والزروع، وقطع الأشجار المثمرة، إلا إذا استعملت كدروع فى القتال، وأوصى أبو بكر الصديق  أسامة بن زيد عندما وجهه إلى الشام بالوفاء بالعهد وعدم الغدر أو التمثيل، وعاهد خالد بن الوليد أهل الحيرة ألا يهدم لهم بيعة ولا كنيسة ولا قصرًا، ولا يمنعهم من أن يدقوا نواقيسهم أو أن يخرجوا صلبانهم في أيام أعيادهم.
          وكان عمر بن الخطاب  رحيمًا بغير المسلمين من أهل الكتاب، وكان ينصح سعد بن أبي وقاص ـ عندما أرسله في حرب الفرس ـ بأن يكون حربه بعيدًا عن أهل الذمة، وأوصاه ألا يأخذ منهم شيئًا لأن لهم ذمة وعهدًا، كما أعطى عمر  أهل إيلياء أمانًا على أموالهم وكنائسهم وصلبانهم وحذر من هدم كنائسهم.
          ولم يقبل الرسول أن يمثل بأحد من أعدائه في الحروب مهما كان أمره، ولما أشير عليه أن يمثل بسهيل بن عمرو لأنه كان يحرص على حرب المسلمين وعلى قتالهم فأشير عليه أن ينزع ثنيتيه السفليين حتى لا يستطيع الخطابة بعد ذلك لم يوافق النبي  على ذلك بل رفض قائلًا: لا أمثل به فيمثل الله بي، وإن كنت نبيًا.
          وعندما حقق الله تعالى لرسوله أمنيته بفتح مكة المكرمة ودخلها فاتحًا منتصرًا ظافرًا قال لقريش: (ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا خيرًا أخ كريم وابن أخ كريم، فقال : اذهبوا فأنتم الطلقاء، لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لي ولكم)
          فهل كل هذا ينم على أن الإسلام لا يستطيع أن يتعايش مع الأديان الأخرى، أم من قتلوا المخالف وعذبوه وأجبروه على ترك دينه، كما فعل اليهود من قبل، وتابعهم المسيحيون على ذلك طوال تاريخهم على وجه العموم، وفى محاكم التفتيش على وجه الخصوص؟ وليس موقفهم فى فرنسا وأوروبا من حجاب المسلمة والمآذن ببعيد!
          أما غير المعتدى على المسلمين أو الإسلام فقد أمرنا المولى عز وجل أن نبرهم ونقسط إليهم، فقال: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) الممتحنة 8
          وعلى الرغم من قول الله تعالى إن اليهود حرفوا كتابه وكلامه وأن قلوبهم قاسية، وأنهم ملعونون بنقضهم لميثاقهم، وأن معظمهم خائنون، وأنهم يتمنون رد المؤمنين إلى الكفر (راجع قول الرب فى من يعمل على ردة المؤمنين تثنية 13: 15- 17)، إلا أنه أمرنا بالصفح والتجاوز: (فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلًا مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) المائدة 13
          وعلى الرغم من أمنية الكثيرين من أهل الكتاب أن يردونا عن ديننا كفارًا، إلا أن الله تعالى أمرنا أيضًا بالصفح عنهم: ويقول تعالى: (وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) البقرة 109
          أليس كل هذا تحمُّل للمخالف لنا، الكاره لعقيدتنا، الكائد والحاسد لنا؟
          وهناك أداب عامة فى القتال والجهاد فى الإسلام: فإن الإسلام:
          1- حرَّمَ الحرب بدون سبب لأنها اعتداء على الحياة.
          2- ومنع حرب التوسع والانتقام والعدوان.
          3- ومنع حرب التخريب والدمار.
          4- ودعا إلى قبول أي مبادرة إلى السلم.
          5- وأمر بدعوة الكفار إلى الإسلام فإن أبوا فالجزية أو القتال.
          6- وحرَّمَ الغدر بمن أجاره مسلم، وأمنه على حياته.
          7- ومنع إحراق العدو بالنار.
          8- وحرَّمَ التمثيل بالقتلى.
          9- وحرَّمَ قتل الأطفال أو النساء أو المسنين طالما لم يشاركوا فى الحرب
          10- وأمر أن لا يُنزع طفل من حضن أمه، ولا يُفرَّق بين الطفل وأمه
          11- من رمى سيفه وولى فقد خرج من القتال، لا يُقاتل
          12- من رمى سيفه وأعلن إسلامه بالشهادتين، ولو رياءً أو خوفًا لا يُقتل
          13- حرَّمَ الإسلام ردم آبار المياه أو تلويثها
          14- حرَّمَ الإسلام قطع الأشجار أو النخيل، إلا إذا استُعملت كدروع حربية
          15- حرَّمَ الإسلام قتل الحيوانات، ولكن أباح ذبح ما سيُأكل منها.
          16- منع الإسلام حرق أو إتلاف صحائفهم التى يقدسونها
          17- أمر الإسلام بمداواة جرحاهم وعلاجهم على نفقة الدولة الإسلامية
          18- حرَّمَ الإسلام إكراه الأسير على الإسلام
          19- أمر الإسلام بمعاملة الأسير والإنفاق عليه فى المأكل والمشرب والعلاج
          20- أمر الإسلام أن يُترك أهل البلاد المفتوحة وعقيدتهم، من كنائس أو صلبان
          21- أمر الإسلام برد الجزية إلى أهلها، إن لم يتمكَّن المسلمون من حمايتهم.
          22- أمر الإسلام بعدم التفرقة بين أهل الجزية والمسلمين، فما يسرى على المسلم، يسرى أيضًا على أهل الذمة.
          والحالات التي تستوجب الجهاد:
          1- حالة الدفاع عن العقيدة
          2- حالة الدفاع عن النفس
          3- حالة الدفاع عن المظلومين والعجزة والنساء والأطفال.
          أما عن معاملة المسلمين مع أهل البلاد المفتوحة والأسرى:
          1- فقد منع قتل من لا يقاتل من الرجال والنساء والأطفال والشيوخ والعجزة ورجال الدين: قال رسول الله : (انطلقوا باسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله لا تقتلوا شيخًا فانيًا ولا طفلًا صغيرًا ولا امرأة..) أبو داود
          وفي حديث آخر: (سيروا باسم الله وفي سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، ولا تمثلوا، ولا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تقتلوا وليدًا) سنن ابن ماجة
          كما نهى  عن التعرض للرهبان وأصحاب الصوامع، وعن التمثيل والغلول، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله  إذا بعث جيوشه قال: (اخرجوا باسم الله، قاتلوا في سبيل الله من كفر بالله، لا تعتدوا، ولا تغلوا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا الولدان ولا أصحاب الصوامع) مسند احمد، ج1 ص200
          2- حرم تشويه القتيل بقطع عضو أو أكثر أو تعليقه.
          3- نهى عن إساءة معاملة الأسرى والإضرار بهم بل جعل إطعامهم من صفة الأبرار المقربين إلى الله: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا) الإنسان 8-9
          موقف الإسلام من غير المسلمين في حال السلم
          يقف الإسلام من غير المسلمين في حال السلم موقف الأمان، بل إنه لم ينه عن البر بهم ماداموا لم يقاتلوا المسلمين، وإنما ينهى عن البر بالذين قاتلوا المسلمين في دينهم وأخرجوهم من ديارهم وظاهروا على إخراجهم، فقال جل شأنه: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) الممتحنة 8-9
          أما فى حالة السلم فيوجب الإسلام على المسلمين دعوة الناس بالحكمة والموعظة الحسنة، دون إكراه. ولا شك أن هذا الأمر سينشئ نوعًا من الحوار مع المخالف، حيث إنه من حق كل شخص أن يدافع عن معتقده بالأدلة والبراهين، كما أنه لا يمكن لأحد أن يتخلى عن دينه ويدخل دينا آخر، إلا إذا استطاع أن يزيل ما في نفسه من تساؤلات واستفسارات تجاه الدين الجديد بالنسبة له. فهل يوجد حوار بالحكمة والموعظة الحسنة مع أناس يريد الإسلام أن يتخلص منهم أو لا يطيقهم؟ أعتقد أنك أيها الكاتب جانبت الصواب تمامًا، ونقلت دون علم أو بحث وتقصى عن أناس لا يهمهم الوصول إلى الحق: يقول الحق تبارك وتعالى: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) النحل 125
          وقال تعالى: (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ)الكهف 29
          وقال سبحانه: (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ * لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِر) الغاشية 21-22
          بل نسب الله تعالى الهداية لنفسه فقط، فلا الرسول ولا أتقى رجل فى الأمة يملك هداية الناس، وكل داعية هو مبلِّغ ومذكِّر فقط، وليست له سيطرة على قلب إنسان: (إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللـه يَهْدِي مَن يَشَآءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) القصص 56
          بل يفهم المسلم من الآيات أن هذه هى إرادة الله تعالى، لأنه لو شاء لما جعلهم مختلفين، ولآمن كل أهل الأرض. فهذا واقع إيمانى، فرضه الله تعالى، ولا بد للمؤمن أن يؤمن به ويقر به: (وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ) يونس 99
          وقال: (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ) الشورى 48
          ومن احترام الإسلام للمخالف أمرنا القرآن أن ندعوه للتمتع برضا الله تعالى فى الدنيا، وجناته ونعيمه فى الآخرة، ووضع شروطًا ومحاذير فى دعوته، والتحدث معه، على المسلم أن يتقيَّد بها، منها أن ندعوه بالحكمة والموعظة الحسنة، وألا نسب آلهتهم، الذين يدعون من دون الله، وألا نسخر منهم، وأن نقسط ونعدل فى معاملتنا لهم، فلهم ما لنا، وعليهم ما علينا: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) النحل 125
          (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) آل عمران 64
          وإتساقًا مع تلك الدعوة إلى حُسن التعامل، نرى القرآن يحذّر أتباعه ويَنهاهم عن سَبّ المشركين وشتم عقائدهم، فقال تعالى: (وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) الأنعام 108
          وهنا تتمثّل قيمة الإسلام فى هذه الآية في كونه يقتضي التسليم المطلق – إعتقادًا وسلوكًا وممارسة – بأنه إذا كان لهؤلاء الحق فى الوجود، فلغيرهم نفس الحق فى الوجود، وإذا كان لهؤلاء دين له حُرمته، فلغيرهم دين له الحُرمة نفسها، وإذا كان لهؤلاء خُصوصية ثقافية، لا ترضى الانتهاك، فلأولئك خُصوصية ثقافية، لا تقبل المَسّ أبدًا.
          وأمرنا ألا نسخر منهم أو من غيرهم: يقول سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ) الحجرات 11-12
          كما ينهى الإسلام عن الحوار المبنى على التمسك بالرأى مسبقًا، لأنه مفسدة للوقت، واتباعًا للهوى، ولا طائل من ورائه إلا الإختلاف، ومحاولة كل خصم مُغالبة خصمه، ومثل هذا الحوار هو مفسدة لجو الصفاء بين المسلم وغيره، لذلك نهى عنه الرسول ، فقد قال : (إذا رأيت شحًا مطاعًا وهوى متبعًا وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك نفسك)
          وعلى الرغم من أن القرآن يقول إنه من يبتغى غير الإسلام دينًا فلن يُقبل منه، وهو فى الآخرة من الخاسرين: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) آل عمران 85، إلا أن مقصد الإسلام من الحوار مع المخالفين ليس من أجل المجاملة أو النفاق أو إنشاء دين جديد، بل من أجل أن تتفق كل الأمم على دين الله تعالى قبل الخلاف، وعلى الأصول الواحدة من الإيمان بالله الواحد والإيمان باليوم الآخر والإيمان بالرسل وبالكتب السماوية ككل في ظل قوله تعالى: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ) الشورى 13
          فإن لم يحدث فعلى الأقل حتى يكون بيننا مساحة من الود والاتفاق على أن نكون جميعا أتباعًا لله تعالى، وعبيدًا له، وأن يكون بيننا قدر مشترك من الإنسانية نتعامل في إطاره.
          والواقع أن المرء إذا نظر إلى تلك المبادئ المتعلقة بموضوع حرية التديّن التي أَقَرَّها القرآن بموضوعية، لا يسعه إلاّ الاعتراف بأنها فعلًا مبادئ التسامح الديني في أعمق معانيه وأروع صوره وأبعد قِيمه.
          فهل تعلم عزيزى الكاتب أن البشرية قد تعلمت مبدءًا أخلاقيًا ما كانت لتعرفه قبل الإسلام وهو من أعظم المبادئ الإنسانية والدولية، ألا وهو التسامح مع المخالفين في الدين؟
          فلم تعرف الأمم فاتحين متسامحين مثل العرب. كيف لا وهو الذي يعتبر أن البشر جميعًا عبيد لرب واحد، وأبناء لأب واحد، فلا فرق بين جنس ولون ولغة ونسب وأرض وطبقة، إنها تعاليم ري العالمين، الذى قال مخاطبًا الناس أجمعين: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات 13
          وقال رسول رب العالمين : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى). أخرجه أحمد (23536)
          ووقف علماء النفس على أسرار النفس الإنسانية وكيف أنها تختلف في الحكم على الأشياء حديثًا، في حين أن الإسلام توصل إلى نزع الأحقاد الدينية من عقول متبعيه. فصرح القرآن بأن اختلاف الناس في معتقداتهم من سنن الله في خلقه حيث قال تعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ....) هود 118-119، كما خاطب رسوله الكريم بقوله: (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) يوسف 103، فكم من مذابح وحشية سوَّدت وجه التاريخ. وما من شك في أن زعماء الأديان والسياسة هم من وراء هذه المذابح. ولم تعرف الأمم الغربية الدعوة لحرية المعتقد سوى في القرن الثامن عشر مع بدايات الثورة الفرنسية. في حين أقر هذه الحرية الدينية الإسلام منذ ما يزيد على أربعة عشر قرنًا، حين نادى (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) البقرة 256، وقال: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) يونس 99
          وأمر بالوفاء بالعهد حتى مع المشركين، قال تعالى: (إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) التوبة 4
          ولو طلب المشرك من المسلم أن يجيره فعليه أن يجيره، بل ويبلغه مأمنه، كما قال الحق تبارك وتعالى: (وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ) التوبة 6
          ومن رعاية الإسلام لحقوق غير المسلمين رعايته لمعابدهم وكنائسهم، ومن محافظته عليها ما جاء عن عمر بن الخطاب  عندما حان وقت الصلاة وهو في كنيسة القيامة، فطلب البطريرك من عمر أن يصلي بها، وهمَّ أن يفعل ثم اعتذر ووضح أنه يخشى أن يصلي بالكنيسة فيأتي المسلمون بعد ذلك ويأخذونها من النصارى على زعم أنها مسجد لهم، ويقولون: هنا صلى عمر.
          ولم تتوقف معاملة المسلمين لغير المسلمين عند حد المحافظة على أموالهم وحقوقهم، بل حرص الإسلام عبر عصوره على القيام بما يحتاجه أهل الكتاب وما يحتاج إليه الفقراء منهم.
          إن مثل هذه المعاملة من المسلمين لغير المسلمين تطلع العالم أجمع على أن الإسلام ربى أتباعه على التسامح، وعلى رعاية حقوق الناس، وعلى الرحمة بجميع البشر مهما اختلفت عقائدهم وأجناسهم.
          وقد حفظت أجيال المسلمين قيمة هذه الرعاية الإسلامية لحقوق غير المسلمين، لأنهم ما طبقوها إلا استجابة لتعاليم القرآن الكريم، وتوجيهات الرسول العظيم وقد طبقها في حياته فوعاها المسلمون جيلًا فجيلًا، وطبقها الخلف عن السلف، والأبناء عن الآباء، وقد دل تاريخ المسلمين أن الإسلام يسمح: أن يتجاور المسلم مع غيره من أهل الأديان الأخرى فى تناغم لم يعرفه تاريخ أمة من الأمم: فهذا ابن عباس الصحابي الشهير يذبح شاة فيقول لغلامه: (لا تنس جارنا اليهودي) ثم كررها حتى قال له الغلام: كم تقول هذا! فقال: إن النبي أوصانا بالجار حتى خشينا أنه سيورثه). الكاساني، البدائع، جـ5، ص281.
          ألم يكن هذا اليهودى أحد جيران ابن عباس؟ ألم يسمح الإسلام بذلك لأصحاب العقائد الأخرى أن تجاوره وتتعايش معه ويتفاعل معها؟!
          قارن هذا بقول إله المحبة يسوع/يهوه الذى يتحمل الآخر ويتسامح معه لدرجة أنه أباح الربا منه وابتزازه، كما سمح ببيع اللحم الميت (الجيفة) له:
          (21«لا تَأْكُلُوا جُثَّةً مَا. تُعْطِيهَا لِلغَرِيبِ الذِي فِي أَبْوَابِكَ فَيَأْكُلُهَا أَوْ يَبِيعُهَا لأَجْنَبِيٍّ لأَنَّكَ شَعْبٌ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ إِلهِكَ.) تثنية 14: 21
          (19«لا تُقْرِضْ أَخَاكَ بِرِبًا رِبَا فِضَّةٍ أَوْ رِبَا طَعَامٍ أَوْ رِبَا شَيْءٍ مَا مِمَّا يُقْرَضُ بِرِبًا 20لِلأَجْنَبِيِّ تُقْرِضُ بِرِبًا وَلكِنْ لأَخِيكَ لا تُقْرِضْ بِرِبًا لِيُبَارِكَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فِي كُلِّ مَا تَمْتَدُّ إِليْهِ يَدُكَ فِي الأَرْضِ التِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِليْهَا لِتَمْتَلِكَهَا.) تثنية 23: 19-20
          وهل قول يسوع للمرأة الكنعانية إنه لم يُرسل إلا لبنى إسرائيل، وأنه من غير المستحسن أن يؤخذ خبز البنين ويُطرح للكلاب، من باب تحمل الآخر، أو محاولة إقامة ودية معه؟ (24فَأَجَابَ: «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ». 25فَأَتَتْ وَسَجَدَتْ لَهُ قَائِلَةً: «يَا سَيِّدُ أَعِنِّي!» 26فَأَجَابَ: «لَيْسَ حَسَنًا أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَبِ». ...) متى 15: 24-26
          أقام الإسلام المساواة بين المسلمين وغير المسلمين في القضاء وفي سائر المعاملات، وقد سجل التاريخ نماذج رائدة لهذه المعاملات التي تعتبر قمة ما وصلت إليه المعاملات الإنسانية العادلة في تاريخ البشرية جمعاء.

          تعليق


          • #65
            الملف 42
            فعندما شكا رجل من اليهود علي بن أبي طالب للخليفة عمر بن الخطاب  قال عمر لعلي: قم يا أبا الحسن فاجلس بجوار خصمك، فقام علي وجلس بجواره ولكن بدت على وجهه علامة التأثر، فبعد أن انتهى الفصل في القضية قال لعلي: أكرهت يا علي أن نسوي بينك وبين خصمك في مجلس القضاء؟ قال: لا، ولكني تألمت لأنك ناديتني بكنيتي، فلم تسو بيننا، ففي الكنية تعظيم، فخشيت أن يظن اليهود أن العدل ضاع بين المسلمين.
            وكان مما يعمق مفهوم الحياة المشتركة والتعايش الفعلي هو الإحساس بالحرية والحماية وإبعاد كل أشكال الخوف والصراع والتحقير. ففضلًا عن نظرة الإسلام العامة لتكريم بني البشر، إلا أنه تم تخصيص غير المسلمين في الدولة الإسلامية بالرعاية والحماية والحقوق كي يعيشوا حياة حرة هنيئة، وتتابعت وصايا رسول الله  بأهل الذمة والمعاهدين فقال : (من قتل معاهدًا، لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عامًا) البخارى، أى لم يشم رائحة الجنة.
            وقال : (ألا من ظلم معاهدًا، أو انتقصه، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس، فأنا حجيجه يوم القيامة) سنن أبي داود
            وحديث رسول الله تشريع سار عليه المسلمون، إنما صور التقاتل والتنافر إنما هي ثقافة غربية غريبة وخارجة عن روح الإسلام ومفهوم تاريخه، ولم تظهر تلك الصور البشعة إلا بعد انهيار الدولة الإسلامية، ودخول ثقافات غريبة وقوى استعمارية عديدة من سياساتها وأدواتها التحريض العرقي والديني والقومي؛ من أجل إثارة الفتن، وإضعاف المنطقة، واستساغة السيطرة عليها، ونهب ثرواتها، وتحطيم مكوناتها. وما نشهده في العصر الحديث لا يخرج عن هذا الإطار.
            ومما يدل على المساواة بين المسلمين وغيرهم في القضاء، وعلى انتشار الإسلام بسماحته وحسن معاملة المسلمين لغير المسلمين: هذه الواقعة التي حدثت بين الإمام علي بن أبي طالب وبين رجل من أهل الكتاب، وذلك عندما فقد الإمام علي  درعه، ثم وجدها عند هذا الرجل الكتابي، فجاء به إلى القاضي شريح قائلًا: إنها درعي ولم أبع ولم أهب، فسأل القاضي شريح الرجل الكتابي قائلًا: (ما تقول فيما يقول أمير المؤمنين؟)
            فقال الرجل: ما الدرع إلا درعي، وما أمير المؤمنين عندي بكاذب، فالتفت القاضي شريح إلى الإمام علي  يسأله: يا أمير المؤمنين هل من بينة؟ فضحك علي وقال: أصاب شريح ما لي بينة، فقضى بالدرع للرجل، وأخذها ومشى، وأمير المؤمنين ينظر إليه، إلا أن الرجل لم يخط خطوات حتى عاد يقول: أما أنا فأشهد أن هذه أحكام أنبياء .. أمير المؤمنين يدينني إلى قاضيه فيقضي عليه؟ أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، الدرع والله درعك يا أمير المؤمنين؛ انبعث الجيش وأنت منطلق إلى صفين، فخرجت من بعيرك الأورق، فقال الإمام علي رضي الله عنه: "أما إذ أسلمت فهي لك).
            وهكذا نرى كيف وصلت سماحة الإسلام إلى هذا المدى الذي سمح فيه لرجل من أهل الكتاب أن يقاضى أمير المؤمنين، يقف فيه أمير المؤمنين نفسه أمام القاضي، يطالبه القاضي بالبينة، ومع أن أمير المؤمنين على حق.
            خُلق! وأدب! وتسامح! وتحمُّل للآخرين! وعدم إكراه فى الدين أو الاعتقاد!
            هذا من سمو الإسلام، وعلو قدره، وتسامى منزلته!
            إن مثل هذه المعاملة السمحة مع غير المسلمين، هي التي قربت الإسلام إلى الناس، وجعلتهم يدخلون في دين الله أفواجًا.
            ومن أسس التسامح وتقبل الآخر، هو سماح الإسلام للمسلم أن يأكل من طعام أهل الكتاب، وأن يتزوج من كتابية، ولا رابطة في الظواهر الاجتماعية أقوى من النسب والمصاهرة: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) المائدة 5
            إن الهدف الأكبر من الإسلام، وهو تكوين جماعة إنسانية فاضلة تبنى في تكوينها على الفضيلة، وتربط العلاقات فيها بالأخلاق الفاضلة، والمودة الواصلة، وتكون العلاقة بينها وبين غيرها قائمة على العدالة والوفاء والمثل الإنسانية العالية. والعصبية هى أن يحس المسلم بانتمائه لقبيلة أو دولة أو جنس أكثر من إحساسه بانتمائه للإسلام، وأن يؤثر الدعوة إلى العصبية على الدعوة إلى العدل، وكل تمسك بالانتماء لقبيلة أو نسب أو جنس أو إقليم هو من قبيل التمسك بالعصبية، وإيثارها على التمسك بعرى الحق والعدل، ومبادئ الإسلام التي لا تفرق بين جنس وجنس، ولون ولون، والتي يتمثل فيها قول النبي : (كلكم لآدم، وآدم من تراب).
            لذلك قاوم الإسلام العصبية بكل أشكالها، ودعا إلى التسامح، فقد قال النبى : (ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية) وعرف النبي  العصبية فقال: (العصبية أن تعين قومك على الظلم) ولقد قال : (من نصر قومًا على غير الحق، فهو كالبعير الذي تردى، فهو ينزع بذنبه).
            ولم يقتصر تسامح الإسلام مع أهل الكتاب فحسب، بل إنه شمل حتى المشركين فدعا الإسلام إلى منحهم الجوار والأمان حين يطلبه أحد المشركين، قال الله تعالى: (وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ) التوبة 6
            بل إن الإسلام يعتبر ضرب الإنسان الفاجر أو المعاهد دون ذنب أو بسبب جريمة يتبرأ الرسول  من صاحبها فيقول: (ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها لا يتحاشى من مؤمنها ولا يفي لعهد ذي عهدها، فلست منه وليس مني) مسلم
            نموذجان لأثر سماحة الإسلام وتعايشه مع الآخرين
            وأقدم هنا بعض النماذج من سماحة الإسلام، وما كان لها من أثر كريم في نفوس الذين عرفوها ولمسوها، حتى دخل بسببها في الإسلام أناس كثيرون؛ لتثبت لكاتبنا العزيز أن اسلام يستطيع أن يتعايش مع كل الأديان والوثنيات ويستوعبها، ويؤثر فيها، بل ويبتلعها راضيةً مُقدمةً غير مترددة.
            1- إسلام ثمامة بن أثال:
            قال الإمام البخاري رحمه الله: حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا الليث قال: حدثني سعيد بن أبي سعيد: أنه سمع أبا هريرة  قال: بعث النبي  خيلا قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له: ثمامة بن أثال، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه النبي  فقال: "ما عندك يا ثمامة؟" قال: عندي خير يا محمد إن تقتلني تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت، فتركه حتى كان الغد ثم، قال له: "ما عندك يا ثمامة؟" قال: ما قلت لك: إن تنعم تنعم على شاكر، فتركه حتى كان بعد الغد فقال: "ما عندك يا ثمامة؟" فقال: عندي ما قلت لك، فقال: "أطلقوا ثمامة" فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. يا محمد والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلي من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلي، والله ما كان من دين أبغض إليّ من دينك، فأصبح دينك أحب الدين إليّ، والله ما كان من بلد أبغض إليّ من بلدك، فأصبح بلدك أحب البلاد إليّ، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة فماذا ترى؟ فبشره النبي وأمره أن يعتمر، فلما قدم مكة قال له قائل: صبوت؟ قال: لا والله ولكن أسلمت مع محمد رسول الله  ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها النبي . رواه البخاري، وصحيح مسلم
            وفي رواية ابن إسحاق أن رسول الله قال: (قد عفوت عنك يا ثمامة وأعتقتك)
            وهذه القصة من أوضح الشواهد والدلائل على انتشار الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة، وبروح التسامح والرحمة .. إنه انتشر بمبادئه الإنسانية العالية لا كما يقول المتشدقون وأعداء الإسلام إنه انتشر بالسيف؛ كيف والقرآن الكريم يقول: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) البقرة 256
            ويقول سبحانه: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) الكافرون 6
            ويقول سبحانه: (لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ) الغاشية 22
            وقد كان لهذه السماحة أثرها في قلب ثمامة جعلته يبادر بالدخول في الإسلام، وقد سر الرسول بإسلامه كثيرًا لما ترتب على إسلامه من دخول قومه في الإسلام، ولم يقف الحال عند هذا، بل كان لإسلامه أثر هام، ففي رواية ابن هشام قال: بلغني أنه خرج معتمرًا، حتى إذا كان ببطن مكة لبى، فكان أول من دخل مكة يلبي فأخذته قريش فقال: لقد اجترأت علينا، وأرادوا قتله، فقال قائل منهم: دعوه فإنكم تحتاجون إلى الطعام من اليمامة، فتركوه.
            وزاد ابن هشام: ثم خرج إلى اليمامة، فمنعهم أن يحملوا إلى مكة شيئًا، فكتبوا إلى النبي : (إنك تأمر بصلة الرحم، فكتب إلى ثمامة أن يخلي بينهم وبين الحمل إليهم).
            وهكذا كتب الرسول  إلى ثمامة أن يخلي بينهم وبين حبوب اليمامة، ففعل ثمامة ما أمره به الرسول  ولو أراد الرسول  أن يقهر القوم، وأن يلجئهم إلى الإسلام مستعملًا القسوة، وانتهاز حاجتهم وضرورتهم لفعل، ولكنه لا يقهر أحدًا ولا يستعمل القوة، ولا يكره الناس على الدخول في الإسلام.
            وبعد أن انتقل الرسول إلى الرفيق الأعلى، وكانت حركة الردة، وارتد بعض أهل اليمامة، ظل ثمامة هذا ثابتًا هو وأتباعه، وراح يحذر المرتدين من اتباع مسيلمة الكذاب قائلًا لهم: إياكم وأمرًا مظلمًا لا نور فيه، وإنه لشقاء كتبه الله عز وجل على من أخذ به منكم، وبلاء على من لم يأخذ به منكم، ولما لم يجد النصح معهم خرج هو والذين معه وانضموا للعلاء بن الحضرمي مددًا له، فكان هذا مما فت في عضد المرتدين وألحق بهم الهزيمة.
            وهذا الموقف من رسول الله  مع ثمامة نموذج من نماذج التسامح العالية التي كان الرسول يتعامل بها مع الناس، فقد كانت معاملاته عبر حياته كلها تتسم بروح التسامح والرأفة، والدعوة إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة لا بالقوة والسيف.
            ومما لا شك فيه أن الذي يكره على شيء لا يثبت عليه، وإنما يتخلص منه إذا وجد سبيلًا إلى ذلك، بل يكون عدوا له، ولكننا عبر تاريخ الإسلام لم نجد أحدًا ارتد سخطة عن دينه بعد أن يدخل فيه، بل وجدنا المسلمين تعرضوا عبر تاريخهم إلى حروب وانقسامات لأقطارهم، وتسلط أعدائهم عليهم، ومع هذا لم نجد أحدًا منهم رجع عن دينه بل ثبتوا على الإسلام حتى فتح الله عليهم بركات من السماء والأرض، وجاءهم نصر الله والفتح.
            2- إسلام سعد بن سعنة:
            أخرج الطبراني، وابن حبان، والحاكم .. وغيرهم من طريق الوليد بن مسلم، عن محمد بن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام، عن أبيه، عن جده، عن عبد الله بن سلام قال: قال زيد بن سعنة:
            ما من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفتها في وجه محمد  حين نظرت إليه إلا خصلتين لم أخبرهما منه: يسبق حلمه جهله، ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلما. قال زيد بن سعنة: فخرج رسول الله  يومًا من الحجرات، ومعه علي بن أبي طالب  فأتاه رجل على راحلته كالبدوي فقال: يا رسول الله: لي نفر في قرية بني فلان، قد أسلموا ودخلوا في الإسلام، وكنت حدثتهم: إن أسلموا أتاهم الرزق رغدًا، وقد أصابتهم سنة، وشدة وقحط من الغيث. فأنا أخشى يا رسول الله أن يخرجوا من الإسلام طمعًا كما دخلوا فيه طمعًا، فإن رأيت أن ترسل إليهم بشيء تغيثهم به فعلت، فنظر إلى رجل إلى جانبه ـ أراه عليا ـ فقال: يا رسول الله ما بقى منه شيء، قال زيد بن سعنة: فدنوت إليه، فقلت: يا محمد هل لك أن تبيعني تمرًا معلومًا في حائط بني فلان إلى أجل معلوم إلى أجل كذا وكذا؟
            قال: لا تسم حائط بني فلان، قلت نعم، فبايعني، فأطلقت همياني، فأعطيته ثمانين مثقالًا من ذهب في تمر معلوم إلى أجل كذا وكذا، فأعطاها الرجل وقال: "اعدل عليهم وأغثهم" قال زيد بن سعنة: فلما كان قبل محل الأجل بيومين أو ثلاث خرج رسول الله ومعه أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم في نفر من أصحابه، فلما صلى على الجنازة ودنا إلى الجدار ليجلس إليه أتيته فأخذته بمجامع قميصه وردائه ونظرت إليه بوجه غليظ قلت له: يا محمد ألا تقضيني حقي؟ فوالله ما علمتم ـ بني عبد المطلب ـ إلا مطلًا، ولقد كان لي بمخالطتكم علم، ونظرت إلى عمر وعيناه تدوران في وجهه كالفلك المستدير، ثم رماني ببصره فقال: يا عدو الله: أتقول لرسول الله ما أسمع؟ وتصنع به ما أرى؟ فو الذي نفسي بيده لولا ما أحاذر فوته لضربت بسيفي رأسك. ورسول الله ينظر إلي في سكون وتؤدة فقال: يا عمر أنا وهو كنا أحوج إلى غير هذا؛ أن تأمرني بحسن الأداء، وتأمره بحسن اتباعه، اذهب به يا عمر فأعطه حقه، وزده عشرين صاعا من تمر مكان ما رعته.
            قال زيد: فذهب بي عمر فأعطاني حقي وزادني عشرين صاعًا من تمر، فقلت: ما هذه الزيادة يا عمر؟ قال: أمرني رسول الله أن أزيدك مكان ما رعتك، قال وتعرفني يا عمر؟ قال: لا، قلت: أنا زيد بن سعنة، قال: الحبر؟ قلت: الحبر، قال: فما دعاك إلى أن فعلت برسول الله ما فعلت؟ وقلت له ما قلت؟ قلت: يا عمر، لم يكن من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفت في وجه رسول الله حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أخبرهما منه: يسبق حلمه جهله، ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلمًا، وقد خبرتهما، فأشهدك يا عمر أني قد رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيًا وأشهدك أن شطر مالي - فإني أكثرها مالا - صدقة على أمة محمد قال عمر: أو علي بعضهم فإنك لا تسعهم؟ قلت: أو على بعضهم، فرجع عمر وزيد إلى رسول الله  فقال زيد: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وآمن به وصدقه، وبايعه، وشهد معه مشاهد كثيرة ثم توفى في غزوة تبوك مقبلًا غير مدبر ـ رحم الله زيدًا ـ.
            إن هذه القصة تصور لنا بعض سجايا رسول الله وما فطر عليه من الحلم، والصفح، والعفو عن المسيء، استجابة لتوجيه الله تعالى له: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) الأعراف 199
            وقال الله تعالى: (وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) الشورى 40
            إنه كالبحر العذب لا يعكر ماءه الصافي ما يلقى فيه من أحجار.
            يُضاف إلى ذلك أنه لما هاجر رسول الله  إلى المدينة وفيها من اليهود عدد كبير، كان من أول ما عمله من شؤون الدولة أن أقام بينه وبينهم ميثاقًا تحترم فيه عقائدهم وتلتزم فيه الدولة بدفع الأذى عنهم، ويكونون مع المسلمين يدًا واحدة على من يقصد المدينة بسوء. فطبق بذلك رسول الله  مبدأ التسامح الديني في البذور الأولى للحضارة الإسلامية، وتعايش مع الغير، ثم لمَّا خالفوا المواثيق واستعدوا المشركين عليه، اتخذ منهم موقفًا حاسمًا.
            وكان للرسول جيران من أهل الكتاب، فكان يتعاهدهم ببره ويهديهم الهدايا ويتقبل منهم هداياهم. ولما جاء وفد نصارى الحبشة أنزلهم رسول الله في المسجد، وقام بنفسه على ضيافتهم وخدمتهم، وكان مما قاله يومئذ: إنهم كانوا لأصحابنا مكرِمين فأحب أن أكرمهم بنفسي.
            وجاء مرة وفد نصارى نجران فأنزلهم في المسجد وسمح لهم بإقامة صلاتهم فيه، فكانوا يصلون في جانب منه، ورسول الله والمسلمون يصلون في جانب آخر. ولما أرادوا أن يناقشوا الرسول في الدفاع عن دينهم، استمع إليهم وجادلهم، كل ذلك برفق وأدب وسماحة خلق.
            (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) آل عمران 159
            فمن مظاهر التسامح الديني أن المساجد كانت تجاور الكنائس في ظل حضارتنا الخالدة، وكان رجال الدين في الكنائس يعطون السلطة التامة على رعاياهم في كل شؤونهم الدينية والكنسية، ولا تتدخل الدولة في ذلك، بل إن الدولة كانت تتدخل في حل المشاكل الخلافية بين مذاهبهم وتنصف بعضهم من بعض.
            أما حرية رجال الدين في طقوسهم، وإبقاء سلطتهم على رعاياهم دون تدخل الدولة في ذلك، فقد شعر المسيحيون من سكان البلاد بالحرية في ذلك ما لم يشعروا ببعضه في حكم الروم. ولعل أحدًا منا لا ينسى موقف السلطان محمد الفاتح حين استولى على القسطنطينية مقر البطريركية الأرثوذكسية في الشرق كله، فقد أعلن يومئذ تأمين سكانها – وكلهم نصارى – على أموالهم وأرواحهم وعقائدهم وصلبانهم وأعفاهم من الجندية، ومنح رؤساءهم سلطة التشريع والفصل في الخصومات التي تقع بين رعاياهم، دون أن تتدخل الدولة فيها! فرأى في ذلك سكان القسطنطينية فرقًا كبيرًا بين ما كانوا يعاملون به في عهد البيزنطيين وبين معاملة السلطان محمد الفاتح لهم، إذ كان البيزنطيون يتدخلون في الخلافات المذهبية ويفضلون أتباع كنيستهم على أتباع الكنائس الأخرى.
            ومن مظاهر التسامح الديني أن كانت الوظائف تعطى للمستحق الكفء، بقطع النظر عن عقيدته ومذهبه، وبذلك كان الأطباء المسيحيون في العهدين الأموي والعباسي محل الرعاية لدى الخلفاء، وكان لهم الإشراف على مدارس الطب في بغداد ودمشق زمنا طويلا. كان ابن أثال الطبيب النصراني طبيب معاوية الخاص، وكان (سرجون) كتابه. وقد عين مروان (اتناسيوس) مع آخر اسمه إسحاق في بعض مناصب الحكومة في مصر، ثم بلغ مرتبة الرئاسة في دواوين الدولة.
            ومن أشهر الأطباء الذين كانت لهم الحظوة عند الخلفاء جرجيس بن بختيشوع، وكان مقربًا من الخليفة المنصور واسع الحظوة عنده.
            وكان سلمويه بن بنان النصراني طبيب المعتصم، ولما مات جزع عليه المعتصم جزعًا شديدًا، وأمر بأن يدفن بالبخور والشموع على طريقة ديانته!
            وكان بختيشوع بن جبرائيل طبيب المتوكل وصاحب الحظوة لديه، حتى إنه كان يضاهي الخليفة في اللباس وحسن الحال، وكثرة المال وكمال المروءة.
            وكذلك كانت الحظوة للشعراء والأدباء لدى الخلفاء والأمراء، بقطع النظر عن أديانهم ومذاهبهم. وكلنا يعلم مكانة الأخطل في العهد الأموي.
            وكان الأفراد كالخلفاء يصادقون من تروق لهم مصادقتهم بقطع النظر عن دينهم. كان إبراهيم بن هلال (الصابي) أي من الصائبة – وهم قوم المجوس لهم ديانة خاصة بهم – قد بلغ أرفع مناصب الدولة، وتقلد الأعمال الجليلة في تقدمه الشعراء، وكانت بينه وبين زعماء الأدب والعلم من المسلمين صلات حسنة، وصداقات وشيجة، حتى أنه لما مات رثاه الشريف الرضي شيخ الهاشميين العلويين ونقيبهم بقصائد خالدة.
            وكانت الحلقات العلمية في حضرة الخلفاء تجمع بين مختلف العلماء على اختلاف أديانهم ومذاهبهم. كانت للمأمون حلقة علمية يجتمع فيها علماء الديانات والمذاهب كلها، وكان يقول لهم: ابحثوا ما شئتم من العلم من غير أن يستدل كل واحد منكم بكتابه الديني، كيلا تثور بذلك مشاكل طائفية.
            ومثل ذلك كانت الحلقات العلمية الشعبية. قال خلف بن المثنى: لقد شهدنا عشرة في البصرة يجتمعون في مجلس لا يُعرف مثلهم في الدنيا علمًا ونباهة، وهم الخليل بن أحمد صاحب النحو (وهو سني)، والحميري الشاعر (وهو شيعي)، وصالح بن عبد القدوس (وهو زنديق ثنوي)، وسفيان بن مجامع (وهو خارجي صفري)، وبشّار بن بُرد (وهو شعوبي خليع ماجن)، وحمّاد عجرد (وهو زنديق شعوبي)، وابن رأس الجالوت الشاعر (وهو يهودي)، وابن نظير المتكلم (وهو نصراني)، وعمر بن المؤيد (وهو مجوسي)، وابن سنان الحرّاني الشاعر (وهو صابئي)، كانوا يجتمعون فيتناشدون الأشعار ويتناقلون الأخبار، ويتحدثون في جو من الود لا تكاد تعرف منهم أن بينهم هذا الاختلاف الشديد في دياناتهم ومذاهبهم!
            ومن مظاهر التسامح الديني في حضارتنا الاشتراك بالأعياد الدينية بمباهجها وزينتها. فمنذ العهد الأموي كانت للنصارى إحتفالاتهم العامة في الشوارع تتقدمها الصُلبان ورجال الدين بألبستهم الكهنوتية. وقد دخل البطريرك ميخائيل مدينة الإسكندرية في احتفال رائع وبين يديه الشموع والصُلبان والأناجيل، والكهنة يصيحون: قد أرسل الرب إلينا الراعي المأمون الذي هو مرقس الجديد. وكان ذلك في عهد هشام بن عبد الملك.
            وجرت العادة أيام الرشيد بأن يخرج النصارى في موكب كبير وبين أيديهم الصليب وكان ذلك في يوم عيد الفصح.
            ومن الغريب أن مثل هذه المظاهر من الود ظلت حتى في الحروب الصليبية حيث كان الغرب يشن أقسى الحملات التاريخية على بلاد الإسلام باسم الصليب، وهذا هو الرحالة ابن جُبير يقول لنا في رحلته: ومن أعجب ما يحدث أن نيران الفتنة تشتعل بين الفئتين مسلمين ونصارى، وربما يلتقي الجمعان منهم ويقع المصاف بينهم، ورفاق المسلمين والنصارى تختلف بينهم دون اعتراض. واختلاف القوافل عن مصر إلى دمشق على بلاد الإفرنج غير منقطع، وللنصارى على المسلمين ضريبة يؤدونها في بلادهم، وهي من الأمنة على غاية، وتجار النصارى يؤدون في بلاد المسلمين ضريبة على سلعهم، والاتفاق بينهم الاعتدال، وأهل الحرب مشتغلون بحربهم، والناس في عافية والدنيا لمن غلب.
            وبعد، التسامح الديني في حضارتنا مما لا يعهد له مثيل في تاريخ العصور الماضية، وقد أجمع المؤرخون الغربيون ممن يحترمون الحق على هذا التسامح وأشادوا به.
            يقول المستر (درابر) الأمريكي المشهور: إن المسلمين الأولين في زمن الخلفاء لم يقتصروا في معاملة أهل العلم من النصارى النسطوريين ومن اليهود على مجرد الاحترام، بل فوضوا إليهم كثيرًا من الأعمال الجسام ورقوهم إلى مناصب الدولة، حتى أن هارون الرشيد وضع جميع المدارس تحت مراقبة حنا بن ماسويه، ولم يكن ينظر إلى البلد الذي عاش فيه العالم، ولا إلى الدين الذي ولد فيه، بل لم يكن ينظر إلا إلى مكانته من العلم والمعرفة.
            ويقول المؤرخ الشهير المعاصر (ولز) في صدر بحثه عن تعاليم الإسلام: (إنها أسست في العالم تقاليد عظيمة للتعامل العادل الكريم، وإنها لتنفخ في الناس روح الكرم والسماحة، كما أنها إنسانية السمة، ممكنة التنفيذ، فإنها خلقت جماعة إنسانية يقل ما فيها مما يغمر الدنيا من قسوة وظلم اجتماعي عما في أية جماعة أخرى سبقتها (إلى أن يقول عن الإسلام): إنه مليء بروح الرفق والسماحة والأخوة).
            ويقول (رينو) في تاريخ غزوات العرب في فرنسا وسويسرا وإيطاليا وجزائر البحر المتوسط: (إن المسلمين في مدن الأندلس كانوا يعاملون النصارى بالحسنى، كما أن النصارى كانوا يراعون شعور المسلمين فيختنون أولادهم ولا يأكلون لحم الخنزير).
            وقال السيد توماس أرنولد في كتابه: "الدعوة إلى الإسلام": (لقد عامل المسلمون الظافرون العرب المسيحيين بتسامح عظيم مند القرن الأول للهجرة، واستمر هذا التسامح في القرون المتعاقبة، ونستطيع أن نحكم بحق أن القبائل المسيحية التي اعتنقت الإسلام إنما اعتنقته عن اختيار وإرادة وحرية، وأن العرب المسيحيين الذين يعيشون في وقتنا هذا بين جماعات مسلمة لشاهد عل هذا التسامح).
            ألست معي عزيزى الكاتب أن قول غوستاف لوبون: (إن الأمم لم تعرف فاتحين راحمين متسامحين مثل العرب ولا دينًا سمحًا مثل دينهم) هو إنصاف للحق قبل أن يكون إنصافًا للمسلمين؟!
            والدارس للقرآن الكريم وللتاريخ يجد سماحة في التعامل مع الشرائع الأخرى وأهلها بصورة دفعت علماء الغرب أنفسهم إلى الأشادة بها، كما ذكرنا من قبل. فمن المعلوم أنه من أركان الإيمان: (الإيمان برسل الله، وكتبه)، فالمسلم لا يرفض نبيًا من الأنبياء السابقين عليهم الصلاة والسلام أجمعين، ولا كتاب من كتبهم التى أنزلت عليهم. والمسلم يؤمن كذلك أن رسالة الله تعالى واحدة، وهى الإسلام أى الإستسلام لله تعالى فى أوامره ونواهيه، ولكن الشرائع تختلف بين أمة وأخرى. ومن هنا فالإسلام يحترم كل الكتب السابقة التى أنزلها الله تعالى، ورسله الذين أرسلهم.
            قال تعالى: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) البقرة 285
            بل إن إيمان المؤمن لا يكون صحيحًا إلا إذا آمن بجميع الأنبياء السابقين، وآمن بما أنزل الله تعالى عليهم من الكتب السماوية الصحيحة. قال الله تعالى: (قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) البقرة 136
            ومادام كل مسلم مأمورًا أن يؤمن بجميع الرسل السابقين وبجميع الكتب السماوية، فلا يكون لديه تعصب، ولا كراهية لدين آخر أو نبي أو رسول، ولا كراهية ولا حقد على أحد من أتباع الأديان الأخرى.
            ووصل تسامح المسلم مع المحارب له، فلا يحاربه من الأساس إلا إذا اعتدى هو، ولا توجد إبادة ولا تصفية عرقية، ولا تمثيل بالجثث، ولا قتل للنساء أو الأطفال، أو غير المشاركين فى الحرب، ولا يكرهه على الاعتقاد، ويجب أن يُعامله معاملة إنسانية تليق بإنسانيته: قال الله تعالى: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) الإنسان 8
            ومن باب التسامح وتقبُّل الآخر أن الإسلام فرض له نصيبًا من أموال زكاة المسلمين عند عجزه أو مرضه: فقد روي أن عمر بن الخطاب  مر بباب جماعة، فوجد سائلا يسأل ـ وهو شيخ كبير ضرير ـ فسأله قائلًا: من أي أهل الكتاب أنت؟ فقال: يهودي، فسأله: ما ألجأك إلى ما أرى؟ قال: اسأل الجزية، والحاجة، والسن، فأخذ عمر بيده إلى منزله، وأعطاه، ثم أرسل إلى خازن بيت المال فقال له: انظر هذا وأضرابه، فوالله ما أنصفناه أن أكلنا شيبته ثم نخذله عند الهرم!!
            فهل هذا التصرُّف ينم على أن الإسلام لا يُطيق الآخر؟ لقد جانبك الصواب عزيزى الكاتب!!
            وما حدث في تاريخ سلفنا إهانة لأحد من أهل الذمة، بل إن حدث أي تجاوز كان يعالجه الإسلام في الحال، فعندما ذهب أحد أقباط مصر إلى مكة، حيث الخلفة عمر بن الخطاب، ليشتكى ابن والي مصر عمرو بن العاص الذى لطم ابنه عندما غلبه ابن القبطي في السباق، وقال: أنا ابن الأكرمين، أسرع عمر  بإحضار والي مصر وابنه إلى مكة في موسم الحج، وأعطى عمر الدرة لابن القبطي وأمره أن يقتص من ابن الأكرمين، ثم قال لعمرو كلمته المأثورة: "متى تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟!"
            وقد أقام الإسلام العدل بين عنصري الأمة من المسلمين وغير المسلمين، ومن رسالة سيدنا عمر بن الخطاب  إلى قاضي القضاة أبي موسى الأشعري قال له: (آس بين الناس في وجهك ومجلسك وقضائك، حتى لا يطمع شريف في حيفك، ولا ييأس ضعيف من عدلك) فلا يصح التفرقة بين المتخاصمين حتى ولو كان أحدهما غير مسلم.
            وهكذا نرى كيف عامل سلفنا أهل الكتاب، وكيف أظهروا سماحة هذا الدين الذي لا يقر العصبية، ولا يرضى الظلم حتى لغير المسلمين، بل يدعو إلى التسامح والعدل معهم. وهذا المنهاج المتسامح للإسلام مع أهل الأديان الأخرى هو سر عظمة الإسلام، وسر ذيوعه وانتشاره في ربوع المعمورة.
            فهل هذه الأخلاق تشير إلى عدم استطاعة الإسلام أن يتعايش مع غير المسلمين؟
            إن التعايش يبدأ من الاعتراف بالآخرين والعمل على قبولهم كما هم، ولا يمنع ذلك من الحوار الدائم المستمر المتبادل، فرسول الله  حاور سائر الأمم بملوكها وبعمومها وحدد لنا إطار هذا الحوار بالتي هي أحسن وبالحكمة والموعظة الحسنة. وهذه هى الروح التى تبعث على التعايش الإيجابي التي ينشدها الجميع وبدونها سيكون شكل العالم مختلفًا.
            فالحوار وتقبل الآخر سمة من سمات الحضارة الإسلامية، ولم تعرف هذه الحضارة وهذا الرقى دولة ما أو إمبراطورية ما، أو حتى دين ما قبل الإسلام. وتلك السمة ساعدت على دخول الأمم والشعوب في الإسلام وقد بقيت على عهدها رغم ما تعرضت له لاحقًا من قهر وجور. وبالمقابل حافظ الإسلام على سائر الأقليات الدينية والعرقية في الدول العربية والإسلامية. وهذا دليل عملي على تقبل الآخر والحفاظ على خصوصياته ضمن احترام متبادل.
            هذا الخطاب ساد مع الراغبين في حياة إنسانية، أما الذين ظلموا منهم وعادوا فكان لهم شأن آخر: (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا ءَامَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) العنكبوت 46
            إن في تاريخنا الإسلامي الشاهد الأكبر على التعددية، رغم أن الإسلام كان المرجعية الكبرى لأهم القضايا، ولكن قوة الكلمة، ورقة الخطاب كانا الفيصل في العديد من المنازعات؛ حيث كان يجد غير المسلم في ظل هذا الخطاب المتوازن ما يريح صدره ويضمن إستمراريته وحريته.
            مما تقدّم، نتبيّن أن قيمة التسامح فى الإسلام تتمثّل في كونه يُقرّ الاختلاف ويقبل التنوّع ويعترف بالتغاير ويحترم ما يميز الأفراد من معطيات نفسية ووجدانية وعقلية ومخيال، ويقدر ما يختص به كل شعب من مكونات ثقافية امتزج فيها قديم ماضيه بجديد حاضره ورؤية مستقبله، هي سبب وجوده وسرّ بقائه وعنوان هويته ومَبعث اعتزازه.
            * * * * *
            هل من باب التسامح مع الآخر أن لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء؟
            4- يتساءل الكاتب: يأمرالإسلام المسلمين بأن لا يتخذوا من اليهود أو النصارى أولياء (أصدقاء).
            "يا أيها الذين آمنوا لاتتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم أن الله لا يهدي القوم الظالمين". سورة المائدة 51:5
            هذا ما قاله الكاتب. وقد رددت عليه فى النقطة السابقة، وهذا شأن المسلم مع الكتابى المحارب للإسلام، أما المسالم الملتزم بأحكام الدولة الإسلامية، فعلى المسلم أن يبره، ويقسط إليه. قال الله تعالى: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) الممتحنة 8، ويعتبر المسلمون هذه الآية أساسًا في التعامل مع غير المسلمين
            إن آية عدم موالاة اليهود والنصارى نزلت تنبيهًا للمؤمنين الذين فكر البعض منهم نفاقًا فى موالاة اليهود أو النصارى المحاربين للإسلام خشية أن ينتصروا عليهم، فيأمنوا انتقامهم منهم، أو خشية احتياجهم اقتصاديًا فيمتنعوا عنهم.
            تقول الآيات: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ) المائدة 51-52
            يقول البغوى فى تفسيره لهذه الآية: اخْتَلَفُوا فِي نِزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ وَإِنْ كَانَ حُكْمُهَا عَامًّا لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ.
            فَقَالَ قَوْمٌ: نَزَلَتْ فِي عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُمَا اخْتَصَمَا، فَقَالَ عُبَادَةُ: إِنَّ لِي أَوْلِيَاءَ مِنَ الْيَهُودِ، كَثِيرٌ عَدَدُهُمْ شَدِيدَةٌ شَوْكَتُهُمْ، وَإِنِّي أَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ مِنْ وِلَايَتِهِمْ وَوِلَايَةِ الْيَهُودِ، وَلَا مَوْلَى لِي إِلَّا اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَكِنِّي لَا أَبْرَأُ مِنْ وِلَايَةِ الْيَهُود، لِأَنِّي أَخَافُ الدَّوَائِرَ، وَلَا بُدَّ لِي مِنْهُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ : يَا أَبَا الْحُبَابِ مَا نَفَسْتَ بِهِ مِنْ وِلَايَةِ الْيَهُودِ عَلَى عُبَادَةِ بْنِ الصَّامِتِ فَهُوَ لَكَ دُونَهُ، قَالَ: إِذًا أَقْبَلُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
            قَالَ السُّدِّيُّ: لَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ أُحُدٍ اشْتَدَّتْ عَلَى طَائِفَةٍ مِنَ النَّاسِ وَتَخَوَّفُوا أَنْ يُدَالَ عَلَيْهِمُ الْكُفَّارُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: أَنَا أَلْحَقُ بِفُلَانٍ الْيَهُودِيِّ وَآخُذُ مِنْهُ أَمَانًا إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُدَالَ عَلَيْنَا الْيَهُودُ، وَقَالَ رَجُلٌ آخَرُ: أَمَّا أَنَا فَأَلْحَقُ بِفُلَانٍ النَّصْرَانِيِّ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَآخُذُ مِنْهُ أَمَانًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ يَنْهَاهُمَا.
            وَقَالَ عِكْرِمَةُ: نَزَلَتْ فِي [أَبِي لُبَابَةَ] بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ بَعَثَهُ النَّبِيُّ  إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ [حِينَ حَاصَرَهُمْ] فَاسْتَشَارُوهُ فِي النُّزُولِ، وَقَالُوا: مَاذَا يَصْنَعُ بِنَا إِذَا نَزَلْنَا، فَجَعَلَ أُصْبُعَهُ عَلَى حَلْقِهِ أَنَّهُ [ص68] الذَّبْحُ، أَيْ: يَقْتُلُكُمْ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.
            (بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) فِي الْعَوْنِ وَالنُّصْرَةِ وَيَدُهُمْ وَاحِدَةٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ) فَيُوَفِّقْهُمْ وَيُعِنْهُمْ (فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)
            (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) أَيْ: نِفَاقٌ يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ وَأَصْحَابَهُ مِنَ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ يُوَالُونَ الْيَهُودَ، (يُسَارِعُونَ فِيهِمْ) فِي مَعُونَتِهِمْ وَمُوَالَاتِهِمْ، (يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ) دَوْلَةٌ، يَعْنِي: أَنْ يَدُولَ الدَّهْرُ دَوْلَةً فَنَحْتَاجُ إِلَى نَصْرِهِمْ إِيَّانَا، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: مَعْنَاهُ نَخْشَى أَنْ لَا يَتِمَّ أَمْرُ مُحَمَّدٍ فَيَدُورُ الْأَمْرُ عَلَيْنَا، وَقِيلَ: نَخْشَى أَنْ يَدُورَ الدَّهْرُ عَلَيْنَا بِمَكْرُوهٍ مِنْ جَدْبٍ وَقَحْطٍ فَلَا يُعْطُونَا الْمِيرَةَ وَالْقَرْضَ (فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ) قَالَ قَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ : بِالْقَضَاءِ الْفَصْلِ مِنْ نَصْرِ مُحَمَّدٍ  عَلَى مَنْ خَالَفَهُ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ وَالسُّدِّيُّ: فَتْحُ مَكَّةَ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: فَتْحُ قُرَى الْيَهُودِ مِثْلُ خَيْبَرَ وَفَدَكَ، (أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ) قِيلَ: بِإِتْمَامِ أَمْرِ مُحَمَّدٍ ، وَقِيلَ: هُوَ عَذَابٌ لَهُمْ، وَقِيلَ: إِجْلَاءُ بَنِي النَّضِيرِ، (فَيُصْبِحُوا) يَعْنِي: هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ، (عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ) مِنْ مُوَالَاةِ الْيَهُودِ وَدَسِّ الْأَخْبَارِ إِلَيْهِمْ، (نَادِمِينَ).
            وعلى ذلك ليس لهذه الآيات علاقة باليهود والنصارى المعاهدين أو أهل الذمة أو غير المحاربين للإسلام والمسلمين. ولكن بصفة عامة ينهى الإسلام عن موالاة المحاربين للمسلمين والإسلام، أو اخبارهم عن أسرار الدولة الإسلامية أو جيشها. وأعتقد أن قوانين كل الدول تنهى عن ذلك، فما سبب اعتراضك إن كنت تفهم الآيات بصورة صحيحة؟
            * * * * *
            ما حُكم المرتد عن الإسلام؟
            5- يتساءل الكاتب: ماذا يحدث للشخص الذي يرتد عن الإسلام بعد إشهار إسلامه؟
            • يعلّم الإسلام أن أي شخص يقبل الإسلام ثم بعد ذلك يرتد عنه يُحكم عليه بالقتل.
            "وإن نكثوا إيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا إيمان لهم لعلهم ينتهون". سورة التوبة 12:9 (انظر ايضا سورة النساء 89:4)
            هذا ما قاله الكاتب. أما ردنا فهو:
            أعتقد أنك تؤمن الآن وأنت مسيحى عربى، تعيش وسط المسلمين، أجدادًا عن آباء عن أبناء، ولم يُجبر فيكم شخص على الإسلام. فالإسلام لا يُكره أحدًا مطلقًا على دين ما، بل قرر الله تعالى وأنذر أنه لا إكراه فى الدين، لأن الدين من أعمال العقل والقلب، فهل من الممكن أن يُكره إنسان ما على حب شخص، أو دين آخر؟ هل يمكن أن يُجبر القلب أو العقل على الإقتناع بدين والالتزام بتعاليمه، والدفاع عنه، والموت فى سبيله؟ إن ما تقوله هو عكس ما يعمل به العقل، ويؤمن به القلب، فكيف يجتمع النقيضان فى وقت واحد؟ ومن هنا كان الإسلام منطقيًا فى أوامره ونواهيه. وهذا ما يُقره العقل أيضًا.
            والآيات القرآنية توجه المسلم إلى ذلك، فهى تقول:
            (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) البقرة 256
            (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) الكافرون 6
            (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) الكهف 29
            (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) يونس 99
            (لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا) الرعد 31
            (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً ) المائدة 48
            (إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ) الشورى 48
            (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) القصص 56
            (لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) الغاشية 22
            وهذا خلاف ما تؤمن أنت به عزيزى الكاتب، ولا تريد أن تصرح به. فالتاريخ كله يشهد أن المسيحية واليهودية انتشرتا بالسيف، وعلى أشلاء الآخرين. وهذه هى اليهودية التى كان يؤمن بها إلهك، ولم يأت لينقض شيئًا منها يقر بذلك: (17وَفِي كُلِّ بِلاَدٍ وَمَدِينَةٍ كُلِّ مَكَانٍ وَصَلَ إِلَيْهِ كَلاَمُ الْمَلِكِ وَأَمْرُهُ كَانَ فَرَحٌ وَبَهْجَةٌ عِنْدَ الْيَهُودِ وَوَلاَئِمُ وَيَوْمٌ طَيِّبٌ. وَكَثِيرُونَ مِنْ شُعُوبِ الأَرْضِ تَهَوَّدُوا لأَنَّ رُعْبَ الْيَهُودِ وَقَعَ عَلَيْهِمْ.) أستير 8: 17
            وقتل إرمياء أنبياء البعل، دون أن يحاربونهم، وهذا إكراه فى الدين: (40فَقَالَ لَهُمْ إِيلِيَّا: [أَمْسِكُوا أَنْبِيَاءَ الْبَعْلِ وَلاَ يُفْلِتْ مِنْهُمْ رَجُلٌ]. فَأَمْسَكُوهُمْ، فَنَزَلَ بِهِمْ إِيلِيَّا إِلَى نَهْرِ قِيشُونَ وَذَبَحَهُمْ هُنَاكَ) ملوك الأول 18: 40
            إذن لا يحق لمسلم أن يُكره إنسانًا آخرًا على الإسلام، ولا يُكره إنسان بطبيعة الحال على تغيير معتقده، ولا يتقبَّل الله من مُكره على الإسلام إسلامه، لأن الأعمال بالنيات، ولم تكن نيته الإسلام، فلن يُقبل منه بالتالى، بل ويأثم المسلم الذى يُكره غيره على الإسلام.
            ومن هنا نعلم أن الذى دخل الإسلام قد دخله بمحض إرادته، راضيًا بأحكامه، ومن ضمن أحكامه قتل المرتد. فهل لو أنا مسيحى أو ذو ديانة أخرى، وأعلم أن المرتد عن الإسلام سوف يُعاقب بالموت، فهل هذا سيدفعنى أو سيُعجِّل بدخولى فى هذا الدين؟ بالطبع لا.
            إذن لقد دفع الله تعالى الناس إلى التريث، والدراسة والتمحيص فى هذا الدين قبل الدخول إليه، والموافقة على كل أوامره ونواهيه. فهل هذا يعيب الإسلام؟ لا، بل إنها تُحسب لصالحه.
            والنقطة الأخرى هى أنه يجب على المنتقد للإسلام أن يعلم أن الإسلام ليس دين عبادة وشعائر فقط، بل هو دين ودولة، فهل من الممكن أن تقبل أى دولة أن يُغيِّر فرد فيها ولاءه لصالح أعدائه أو حتى لمصلحة دولة أخرى؟ ماذا تفعل القوانين بشخص رضى أن يكون مواطنًا فى دولة ما، ثم خرج عن ولائه لدولته، أو انضم لأعدائها؟
            وهكذا الإسلام لا يقبل من ارتد وخرج من عباءة الدين والدولة، بل تحتجزه، فإن كانت هناك شبهات أزالتها، ورجع إلى دينه ودولته. لكن إن أصرَّ على الخروج على الدولة والدين، فهذا لا يقبله الإسلام، ويُأمر بقتله، شأنه شأن الخائن لوطنه.
            وهو نفس ما فعله التلاميذ مع بولس عندما ارتد عن تعاليم يسوع، اقرأ عزيزى الكاتب، فأنت فى الحقيقة – ومع شديد الأسف - لا تفهم دينك: (20فَلَمَّا سَمِعُوا كَانُوا يُمَجِّدُونَ الرَّبَّ. وَقَالُوا لَهُ: «أَنْتَ تَرَى أَيُّهَا الأَخُ كَمْ يُوجَدُ رَبْوَةً مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُمْ جَمِيعاً غَيُورُونَ لِلنَّامُوسِ. 21وَقَدْ أُخْبِرُوا عَنْكَ أَنَّكَ تُعَلِّمُ جَمِيعَ الْيَهُودِ الَّذِينَ بَيْنَ الْأُمَمِ الاِرْتِدَادَ عَنْ مُوسَى قَائِلاً أَنْ لاَ يَخْتِنُوا أَوْلاَدَهُمْ وَلاَ يَسْلُكُوا حَسَبَ الْعَوَائِدِ. 22فَإِذاً مَاذَا يَكُونُ؟ لاَ بُدَّ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَنْ يَجْتَمِعَ الْجُمْهُورُ لأَنَّهُمْ سَيَسْمَعُونَ أَنَّكَ قَدْ جِئْتَ. 23فَافْعَلْ هَذَا الَّذِي نَقُولُ لَكَ: عِنْدَنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ عَلَيْهِمْ نَذْرٌ. 24خُذْ هَؤُلاَءِ وَتَطهَّرْ مَعَهُمْ وَأَنْفِقْ عَلَيْهِمْ لِيَحْلِقُوا رُؤُوسَهُمْ فَيَعْلَمَ الْجَمِيعُ أَنْ لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا أُخْبِرُوا عَنْكَ بَلْ تَسْلُكُ أَنْتَ أَيْضاً حَافِظاً لِلنَّامُوسِ. 25وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْأُمَمِ فَأَرْسَلْنَا نَحْنُ إِلَيْهِمْ وَحَكَمْنَا أَنْ لاَ يَحْفَظُوا شَيْئاً مِثْلَ ذَلِكَ سِوَى أَنْ يُحَافِظُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِمَّا ذُبِحَ لِلأَصْنَامِ وَمِنَ الدَّمِ وَالْمَخْنُوقِ وَالزِّنَا».26حِينَئِذٍ أَخَذَ بُولُسُ الرِّجَالَ فِي الْغَدِ وَتَطَهَّرَ مَعَهُمْ وَدَخَلَ الْهَيْكَلَ مُخْبِراً بِكَمَالِ أَيَّامِ التَّطْهِيرِ إِلَى أَنْ يُقَرَّبَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْقُرْبَانُ.) أعمال الرسل 21: 20-26
            إلا أن الموضوع لم ينته عند هذا الحد، فقد هادنهم بولس، وادعى أنه استجاب لأوامرهم، وتظاهر أمام اليهود بالتوبة تقية القتل، إلا أنه قام بإلغاء الناموس، وكل تعاليمه، من الختان، الذى هو علامة العهد الأبدى بين الرب وإبراهيم ونسله، والسبت، وعدم أكل الحيوانات النجسة والمتوحشة، ولم يذكر أيًا من تعاليم يسوع، ولا كلمة عن ملكوت السماوات، الذى كان لُب تعاليم يسوع ويوحنا المعمدان.
            (56أَمَّا شَوْكَةُ الْمَوْتِ فَهِيَ الْخَطِيَّةُ وَقُوَّةُ الْخَطِيَّةِ هِيَ النَّامُوسُ) كورنثوس الأولى 15: 56
            (4قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ. 5فَإِنَّنَا بِالرُّوحِ مِنَ الإِيمَانِ نَتَوَقَّعُ رَجَاءَ بِرٍّ. 6لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئاً وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ.) غلاطية 5: 4-6
            (20وَأَمَّا النَّامُوسُ فَدَخَلَ لِكَيْ تَكْثُرَ الْخَطِيَّةُ.) رومية 5: 20
            وها هو بطرس يدعى بأن الرب أنزل إليه ملاءة من السماء تحمل من كل الحيوانات النجسة والطاهرة قائلا له اذبح وكل، الأمر الذى لم يعمله الرب نفسه مع أنبيائه! وهكذا انتظر الرب إلى أن رُفع نبيه، وانقطعت علاقته بالرسالة والأرض، فقام بتغيير رسالته ووصاياه لموسى والأنبياء من بعده!
            (9ثُمَّ فِي الْغَدِ فِيمَا هُمْ يُسَافِرُونَ وَيَقْتَرِبُونَ إِلَى الْمَدِينَةِ صَعِدَ بُطْرُسُ عَلَى السَّطْحِ لِيُصَلِّيَ نَحْوَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ. 10فَجَاعَ كَثِيراً وَاشْتَهَى أَنْ يَأْكُلَ. وَبَيْنَمَا هُمْ يُهَيِّئُونَ لَهُ وَقَعَتْ عَلَيْهِ غَيْبَةٌ 11فَرَأَى السَّمَاءَ مَفْتُوحَةً وَإِنَاءً نَازِلاً عَلَيْهِ مِثْلَ مُلاَءَةٍ عَظِيمَةٍ مَرْبُوطَةٍ بِأَرْبَعَةِ أَطْرَافٍ وَمُدَلاَّةٍ عَلَى الأَرْضِ. 12وَكَانَ فِيهَا كُلُّ دَوَابِّ الأَرْضِ وَالْوُحُوشِ وَالزَّحَّافَاتِ وَطُيُورِ السَّمَاءِ. 13وَصَارَ إِلَيْهِ صَوْتٌ: «قُمْ يَا بُطْرُسُ اذْبَحْ وَكُلْ». 14فَقَالَ بُطْرُسُ: «كَلاَّ يَا رَبُّ لأَنِّي لَمْ آكُلْ قَطُّ شَيْئاً دَنِساً أَوْ نَجِساً». 15فَصَارَ إِلَيْهِ أَيْضاً صَوْتٌ ثَانِيَةً: «مَا طَهَّرَهُ اللهُ لاَ تُدَنِّسْهُ أَنْتَ!» 16وَكَانَ هَذَا عَلَى ثَلاَثِ مَرَّاتٍ ثُمَّ ارْتَفَعَ الإِنَاءُ أَيْضاً إِلَى السَّمَاءِ.) أعمال الرسل 10: 9-16
            وهكذا يرد بطرس الرب، ويذكره بأن هذه الحيوانات نجسة، وتبعًا لشريعته السابقة لا يجب أن يأكلها، ويرده الرب بأنه طهرها، ونسخ حكمه السابق! ومع ذلك لا تؤمن الكنيسة بوجود ناسخ ومنسوخ فى شريعتها!!
            وهكذا نزلت ملاءة من السماء على شكل إناء تحمل فيلا وأسدًا وفهدًا ونمرًا وخنزيرًا وعدّ باقى الحيوانات المحرمة فى ناموس موسى والأنبياء، ووضعت كلها فى ملاءة واحدة، ولم يرها إلا بطرس، ولم يؤمر بتغيير شرع الرب وناموسه الذى جاء يسوع منفذًا له، مطبقًا لتعاليمه، ومتزمًا بنواهيه، إلا بولس وبطرس!
            بولس الذى كان يقتل أتباع يسوع، ويكره يسوع وتعاليمه مثل باقى الكهنة!
            وبطرس الذى نعته يسوع بأنه شيطان ومعثر له؟ (23فَالْتَفَتَ وَقَالَ لِبُطْرُسَ: «اذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ. أَنْتَ مَعْرثََةٌ لِي لأَنَّكَ لاَ تَهْتَمُّ بِمَا لِلَّهِ لَكِنْ بِمَا لِلنَّاسِ».) متى 16: 23 (راجع: "عيسى ليس المسيح الذى تفسيره المسِّيِّا" فى تحليل هذه الفقرة)
            ناهيك عن محاولة اليهود فى المدينة التأثير على المسلمين غير الراسخين فى دينهم، وغير المسلمين الذين يفكرون فى الإسلام، وذلك عن طريق ادعائهم الإسلام، ثم الخروج منه جماعة أو أفرادًا. (وَقَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) آل عمران 72. ولا أعتقد أن هناك عاقل ينتقد حماية الدولة لرعاياها، ويحمى حرية الاعتقاد. فمن أسلم بمحض إرادته، فله ذلك. ومن بقى على دينه، فله ذلك. لكن أن يُحارب الإسلام بهذا النفاق، الذى قام به اليهود، فهذا لا تقبله دولة تحترم حرية العقيدة، وتحمى أفرادها من تلاعب الناس بها.
            فالخروج على الإسلام أو الخروج منه هو رفض لله تعالى ولدينه ولرسوله، بعد أن تعلمه وفهمه ومارسه، وتقبله بمحض إرادته. فهل يقبل العهد القديم، وهو أصل دين يسوع، الذى تؤلهه، أن يرفض اليهودى الناموس أو يستخف به؟
            (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ.) متى 5: 17-18
            وقال: (7نَامُوسُ الرَّبِّ كَامِلٌ يَرُدُّ النَّفْسَ. شَهَادَاتُ الرَّبِّ صَادِقَةٌ تُصَيِّرُ الْجَاهِلَ حَكِيماً. 8وَصَايَا الرَّبِّ مُسْتَقِيمَةٌ تُفَرِّحُ الْقَلْبَ. أَمْرُ الرَّبِّ طَاهِرٌ يُنِيرُ الْعَيْنَيْنِ. 9خَوْفُ الرَّبِّ نَقِيٌّ ثَابِتٌ إِلَى الأَبَدِ. أَحْكَامُ الرَّبِّ حَقٌّ عَادِلَةٌ كُلُّهَا. 10أَشْهَى مِنَ الذَّهَبِ وَالإِبْرِيزِ الْكَثِيرِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَقَطْرِ الشِّهَادِ.) مزمور 19: 7-10
            وقال: (2لأَنِّي أُعْطِيكُمْ تَعْلِيماً صَالِحاً فَلاَ تَتْرُكُوا شَرِيعَتِي.) أمثال 4: 2
            وقال: (20يَا ابْنِي أَصْغِ إِلَى كَلاَمِي. أَمِلْ أُذْنَكَ إِلَى أَقْوَالِي. 21لاَ تَبْرَحْ عَنْ عَيْنَيْكَ. احْفَظْهَا فِي وَسَطِ قَلْبِكَ. 22لأَنَّهَا هِيَ حَيَاةٌ لِلَّذِينَ يَجِدُونَهَا وَدَوَاءٌ لِكُلِّ الْجَسَدِ.) الأمثال 4: 20-22
            وقال (30اَللهُ طَرِيقُهُ كَامِلٌ. قَوْلُ الرَّبِّ نَقِيٌّ. تُرْسٌ هُوَ لِجَمِيعِ الْمُحْتَمِينَ بِهِ. 31لأَنَّهُ مَنْ هُوَ إِلَهٌ غَيْرُ الرَّبِّ! وَمَنْ هُوَ صَخْرَةٌ سِوَى إِلَهِنَا!) مزمور 18: 30-31
            ولعن الرب من يعرض عن هذا الناموس وكلامه، فقال: (26مَلعُونٌ مَنْ لا يُقِيمُ كَلِمَاتِ هَذَا النَّامُوسِ لِيَعْمَل بِهَا. وَيَقُولُ جَمِيعُ الشَّعْبِ: آمِينَ».) تثنية 27: 26، وإرمياء 11: 3-4
            وأكَّد كاتب الرسالة إلى العبرانيين الناموس فقال: (28مَنْ خَالَفَ نَامُوسَ مُوسَى فَعَلَى شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يَمُوتُ بِدُونِ رَأْفَةٍ.) عبرانيين 10: 28
            وأيَّد يعقوب تعاليمه فقال: (10لأَنَّ مَنْ حَفِظَ كُلَّ النَّامُوسِ، وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِماً فِي الْكُلِّ. 11لأَنَّ الَّذِي قَالَ: «لاَ تَزْنِ» قَالَ أَيْضاً: «لاَ تَقْتُلْ». فَإِنْ لَمْ تَزْنِ وَلَكِنْ قَتَلْتَ، فَقَدْ صِرْتَ مُتَعَدِّياً النَّامُوسَ.) يعقوب 2: 10-11
            إن المرتد عن الإسلام بعد أن دخل فيه يقول لسان حاله لله تعالى: أنت لا تصلح إلهًا ولا مشرعًا ولا حاكمًا، وانطلاقًا من هنا، لا أؤمن بك. فهل يرحم الناموس من يستهين أو يستهزأ أو يُجدف على الرب؟ (16وَمَنْ جَدَّفَ عَلَى اسْمِ الرَّبِّ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. يَرْجُمُهُ كُلُّ الْجَمَاعَةِ رَجْماً. الْغَرِيبُ كَالْوَطَنِيِّ عِنْدَمَا يُجَدِّفُ عَلَى الاسْمِ يُقْتَلُ.) لاويين 24: 16
            هل يرحم أصل دين يسوع من يستخف بناموس الرب ووصاياه؟ (30وَأَمَّا النَّفْسُ التِي تَعْمَلُ بِيَدٍ رَفِيعَةٍ مِنَ الوَطَنِيِّينَ أَوْ مِنَ الغُرَبَاءِ فَهِيَ تَزْدَرِي بِالرَّبِّ. فَتُقْطَعُ تِلكَ النَّفْسُ مِنْ بَيْنِ شَعْبِهَا 31لأَنَّهَا احْتَقَرَتْ كَلامَ الرَّبِّ وَنَقَضَتْ وَصِيَّتَهُ. قَطْعاً تُقْطَعُ تِلكَ النَّفْسُ. ذَنْبُهَا عَليْهَا».) عدد 15: 30-31
            ألم يرجم يشوع عخان بن كرمي بسبب تعديه على وصية من وصايا الرب بالتحريم؟: (25فَقَالَ يَشُوعُ: «كَيْفَ كَدَّرْتَنَا؟ يُكَدِّرُكَ الرَّبُّ فِي هَذَا الْيَوْمِ!» فَرَجَمَهُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ بِالْحِجَارَةِ وَأَحْرَقُوهُمْ بِالنَّارِ وَرَمُوهُمْ بِالْحِجَارَةِ) يشوع 7: 25
            ألم يتبع المسيحيون الأول تعاليم العهد القديم ورجموا استفانوس بتهمة التجديف؟ (57فَصَاحُوا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَسَدُّوا آذَانَهُمْ وَهَجَمُوا عَلَيْهِ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ 58وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ وَرَجَمُوهُ. وَالشُّهُودُ خَلَعُوا ثِيَابَهُمْ عِنْدَ رِجْلَيْ شَابٍّ يُقَالُ لَهُ شَاوُلُ.) أعمال 7: 57-58
            ثم ما موقف المسيحية ككتاب وممارسة من المرتد؟ هل تقبل المسيحية المرتد إلى الإسلام؟ هل يوجد فى المسيحية قانون بهذا الشأن؟ لا. إلا إذا اعتمدت على قوانين العهد القديم. الأمر الذى يعنى أن ما تسمونها بالمسيحية لا يمكن أن تُقبل كدين، أو كتاب سماوى لأنه ناقص التشريع. وليست هذه هى النقطة الوحيدة التى لم تتعرض لها المسيحية، بل هناك آلاف القوانين، التى لا يعرف ما تسمونه بالعهد الجديد شيئًا عنها. ومن هنا نرفض أن نعتبر المسيحية دينًا، كما نرفض أن نعتبر ما تسمونه بالعهد الجديد عهدًا آخرًا مثل عهد موسى أو كتاب موسى ، وهو الذى أنبأ الله به موسى  أنه سيعمله مع أحد اخوة بنى إسرائيل: (18أُقِيمُ لهُمْ نَبِيّاً مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلكَ وَأَجْعَلُ كَلامِي فِي فَمِهِ فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ. 19وَيَكُونُ أَنَّ الإِنْسَانَ الذِي لا يَسْمَعُ لِكَلامِي الذِي يَتَكَلمُ بِهِ بِاسْمِي أَنَا أُطَالِبُهُ)التثنية 18: 18-19 فالله تعالى لم ينزل إلا دينًا واحدًا هو الإسلام، مع اختلاف التشريعات من أمة لأمة. لكن أصول الدين من التوحيد والتسامح وبر الوالدين وتحريم الخبائث، وتحليل الطيبات، والجهاد فى سبيل الله، فهذه كلها من أصول العقائد.
            (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآَيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ * فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ) آل عمران 19-20
            ويقول تعالى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) آل عمران 85
            ويقول جل شأنه: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) المائدة 3

            تعليق


            • #66
              الملف 43
              فالإسلام إذًا هو دين الله تعالى للأولين والآخرين، باختلاف التشريعات من أمة لأخرى، ويخبرنا الله تعالى فى القرآن الكريم أن كل الأنبياء كانوا مسلمين أى كانوا مستسلمين لأوامر الله ونواهيه، منقادين لطاعته، مخلصين لله فى عبادته، وهو معنى الإسلام.
              فقال نوح : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ* فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) يونس 71-72
              وقال الله تعالى حاكيًا عن إبراهيم : (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) البقرة 130-131
              وفى قصة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام: (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ) البقرة 128
              وقال تعالى فى قصة لوط : (فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) الذاريات 36
              وقول يوسف : (رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) يوسف 101
              وقال موسى  لقومه: (وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ) يونس 84
              وقال سحرة فرعون: (قَالَ فِرْعَوْنُ آَمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ * لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ * قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ * وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِآَيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ) الأعراف 123-126
              وقال فرعون عندما أدركه الغرق: (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) يونس 90
              وقول سليمان  لبلقيس وقومها: (قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) النمل 29-31
              وقالت بلقيس التى أسلمت مع سليمان : (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) النمل 44
              وقال عيسى : (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)
              وقال الحواريون رضى الله عنهم: (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ) المائدة 111
              وقال عن الأنبياء عليهم السلام: (يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا) المائدة 44
              ماذا تفعل الكنيسة اليوم بالمرتدين إلى الإسلام؟ ما مصير وفاء قسطنطين والمئات من أخواتها اللاتى أسلمن؟ لماذا تمارس الكنيسة ألوانًا من العذاب والضغوط الشديدة على الحكومات الضعيفة بسبب إسلام أحد من رعياها؟لماذا طالبت ميليشيات الكنيسة بتدخل إسرائيل والولايات المتحدة سياسيًا وعسكريًا فى شؤون مصر ليضعوا حدًا لإسلام المسيحيين فى مصر؟ لماذا افتريتم على المسلمين واتهمتموهم بخطف المسيحيات وإكراههن على الإسلام؟
              أما موقف ما يسمونه بالعهد القديم، وهى كتب موسى  والأنبياء؟ هل يُقبل المرتد فى وسطهم؟ بل هل قبلت قوانين العهد القديم أن يكسر إنسان ما قانونًا من قوانينه، دون الإرتداد؟ لا. بل اعتبر موسى ، الذى جاء يسوع يتبع تعاليمه، ولا ينقض منها تعليمًا واحدًا، أن الذى يكسر نقطة واحدة من هذا الناموس، كأنه رفض الناموس كله، وعلى ذلك فعقوبته الرجم: (28مَنْ خَالَفَ نَامُوسَ مُوسَى فَعَلَى شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يَمُوتُ بِدُونِ رَأْفَةٍ.) عبرانيين 10: 28
              وقال يعقوب رئيس التلاميذ: (10لأَنَّ مَنْ حَفِظَ كُلَّ النَّامُوسِ، وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِمًا فِي الْكُلِّ. 11لأَنَّ الَّذِي قَالَ: «لاَ تَزْنِ» قَالَ أَيْضًا: «لاَ تَقْتُلْ». فَإِنْ لَمْ تَزْنِ وَلَكِنْ قَتَلْتَ، فَقَدْ صِرْتَ مُتَعَدِّيًا النَّامُوسَ.) يعقوب 2: 10-11
              بل إن عقوبة كسر وصية السبت هى الرجم حتى الموت، لأن هذا استهزاء بوصية من وصايا الرب: (14فَتَحْفَظُونَ السَّبْتَ لأَنَّهُ مُقَدَّسٌ لَكُمْ. مَنْ دَنَّسَهُ يُقْتَلُ قَتْلًا. إِنَّ كُلَّ مَنْ صَنَعَ فِيهِ عَمَلًا تُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ بَيْنِ شَعْبِهَا. ... كُلُّ مَنْ صَنَعَ عَمَلًا فِي يَوْمِ السَّبْتِ يُقْتَلُ قَتْلًا.) الخروج 31: 14-15
              وعقوبة من يذبح لغير الرب يُقتل: (20مَنْ ذَبَحَ لِآلِهَةٍ غَيْرِ الرَّبِّ وَحْدَهُ يُهْلَكُ.) خروج 22: 20
              فمن وصايا الرب فى العهد القديم تجنب عبادة الأوثان، أو صناعة تماثيل أو منحوتات لأى مخلوق: (3لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي. 4لاَ تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالًا مَنْحُوتًا وَلاَ صُورَةً مَا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ وَمَا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ.) الخروج 20: 3-4
              وكانت عقوبة عابد الأوثان هى الرجم حتى الموت، ولو ارتكبت مدينة بأكملها هذا الجرم: (6«وَإِذَا أَغْوَاكَ سِرًّا أَخُوكَ ابْنُ أُمِّكَ أَوِ ابْنُكَ أَوِ ابْنَتُكَ أَوِ امْرَأَةُ حِضْنِكَ أَوْ صَاحِبُكَ الذِي مِثْلُ نَفْسِكَ قَائِلًا: نَذْهَبُ وَنَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى لمْ تَعْرِفْهَا أَنْتَ وَلا آبَاؤُكَ 7مِنْ آلِهَةِ الشُّعُوبِ الذِينَ حَوْلكَ القَرِيبِينَ مِنْكَ أَوِ البَعِيدِينَ عَنْكَ مِنْ أَقْصَاءِ الأَرْضِ إِلى أَقْصَائِهَا 8فَلا تَرْضَ مِنْهُ وَلا تَسْمَعْ لهُ وَلا تُشْفِقْ عَيْنُكَ عَليْهِ وَلا تَرِقَّ لهُ وَلا تَسْتُرْهُ 9بَل قَتْلًا تَقْتُلُهُ. يَدُكَ تَكُونُ عَليْهِ أَوَّلًا لِقَتْلِهِ ثُمَّ أَيْدِي جَمِيعِ الشَّعْبِ أَخِيرًا. 10تَرْجُمُهُ بِالحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَ لأَنَّهُ التَمَسَ أَنْ يُطَوِّحَكَ عَنِ الرَّبِّ إِلهِكَ الذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ بَيْتِ العُبُودِيَّةِ. 11فَيَسْمَعُ جَمِيعُ إِسْرَائِيل وَيَخَافُونَ وَلا يَعُودُونَ يَعْمَلُونَ مِثْل هَذَا الأَمْرِ الشِّرِّيرِ فِي وَسَطِكَ.) تثنية 13: 6-11
              بل لو ارتدت مدينة عن أوامر الرب ووصاياه، فتُباد هذه المدينة رجالا ونساءً وأطفالا، حتى الحيوانات لن تسلم من القتل، بأمر الرب، وتُحرق المدينة، ولا تُبنى فيما بعد: (12«إِنْ سَمِعْتَ عَنْ إِحْدَى مُدُنِكَ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ لِتَسْكُنَ فِيهَا قَوْلًا: 13قَدْ خَرَجَ أُنَاسٌ بَنُو لئِيمٍ مِنْ وَسَطِكَ وَطَوَّحُوا سُكَّانَ مَدِينَتِهِمْ قَائِلِينَ: نَذْهَبُ وَنَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى لمْ تَعْرِفُوهَا. 14وَفَحَصْتَ وَفَتَّشْتَ وَسَأَلتَ جَيِّدًا وَإِذَا الأَمْرُ صَحِيحٌ وَأَكِيدٌ قَدْ عُمِل ذَلِكَ الرِّجْسُ فِي وَسَطِكَ 15فَضَرْبًا تَضْرِبُ سُكَّانَ تِلكَ المَدِينَةِ بِحَدِّ السَّيْفِ وَتُحَرِّمُهَا بِكُلِّ مَا فِيهَا مَعَ بَهَائِمِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 16تَجْمَعُ كُل أَمْتِعَتِهَا إِلى وَسَطِ سَاحَتِهَا وَتُحْرِقُ بِالنَّارِ المَدِينَةَ وَكُل أَمْتِعَتِهَا كَامِلةً لِلرَّبِّ إِلهِكَ فَتَكُونُ تَلًا إِلى الأَبَدِ لا تُبْنَى بَعْدُ.) التثنية 13: 12-16 فما ذنب الأطفال والبهائم؟
              ألم يستسلم موسى  لأوامر الرب وقتل الكهنة ثلاثة آلاف من بنى إسرائيل عابدى البقرة فى يوم واحد؟ أليست هذه ردة، وعقوبتها القتل؟ (26وَقَفَ مُوسَى فِي بَابِ الْمَحَلَّةِ وَقَالَ: «مَنْ لِلرَّبِّ فَإِلَيَّ!» فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمِيعُ بَنِي لاَوِي. 27فَقَالَ لَهُمْ: «هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: ضَعُوا كُلُّ وَاحِدٍ سَيْفَهُ عَلَى فَخِْذِهِ وَمُرُّوا وَارْجِعُوا مِنْ بَابٍ إِلَى بَابٍ فِي الْمَحَلَّةِ وَاقْتُلُوا كُلُّ وَاحِدٍ أَخَاهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ قَرِيبَهُ». 28فَفَعَلَ بَنُو لاَوِي بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. وَوَقَعَ مِنَ الشَّعْبِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ نَحْوُ ثَلاَثَةِ آلاَفِ رَجُلٍ.) خروج 32: 26-28
              وأكثر من ذلك فإن عدم الخضوع لقرارت الكاهن فى خيمة الاجتماع أو الهيكل الذى ينفذ أحكام الرب تؤدى إلى قتله: (12وَالرَّجُلُ الذِي يَعْمَلُ بِطُغْيَانٍ فَلا يَسْمَعُ لِلكَاهِنِ الوَاقِفِ هُنَاكَ لِيَخْدِمَ الرَّبَّ إِلهَكَ أَوْ لِلقَاضِي يُقْتَلُ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ إِسْرَائِيل.) تثنية 17: 12
              وكانت عقوبة عدم التسليم بيسوع كملك هى الذبح أمامه: (27أَمَّا أَعْدَائِي أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي») لوقا 19: 27
              إذن فعقوبة المرتد فى الكتاب الذى تقدسه عزيزى الكاتب هى القتل رجمًا!
              وعقوبة الكافر بدين الرب ووصاياه هى القتل رجمًا!
              وعقوبة من يُخالف تعليمًا من تعاليم الرب هى القتل رجمًا!
              وعقوبة من يحيد عن حكم الله، الذى يقول به كاهن الرب هى القتل رجمًا!
              ومن يُخالف نقطة واحدة من تعاليم الرب فقد خالف تعاليمه كلها، وعقوبة ذلك هى القتل رجمًا!
              فهل تضن علينا أن نؤمن بما أنت تؤمن به؟ أليست هذه عجيبة من عجائبك أن تنتقد فى ديننا ما يقره كتابك، ورضى به إلهك، وعمل به تلاميذ يسوع؟ أم إنك تؤمن أن اليهودية والمسيحية انتشرتا بالسيف والإجبار، وتنتقد قتل المرتد فى الإسلام، لأنه انتشر بالتسامح، وأنت لا ترى أن هذا تسامحًا؟ أم تفجِّر نقطة خلافية بين رافضين حد الردة وبين مؤيديه فى عصرنا هذا، لتشغلهم عن انتقاد كتابك؟
              إلا أن هناك قول آخر لعلماء معاصرين يرى أن قتل المرتد هو حكم سياسى، وليس تشريعًا دينيًا، فيرى الدكتور عوض محمد عوض، الذى يشاركه هذا الرأى الدكتور محمد عمارة، والدكتور القرضاوى وغيرهم: (ونرى أن المنهج السليم يفرض علينا البدء بتحرير الموضوع قبل الخوض في تفاصيله؛ لأن كثيرًا من وجوه الخلاف مردها إلى اللبس في فهم المراد بمصطلح الردة. والردة التي يتعين البحث في حكمها هي الردة المحضة، أي مجرد الخروج من الإسلام، سواء كان ذلك بالتحول إلى غيره من الأديان، أو بالخروج منه إلى غير دين . أما الخروج على الإسلام، سواء باللحاق بأعدائه، أو بالتشنيع عليه والكيد له، أو بالتغرير بالآخرين واغرائهم بالخروج منه فليس من طبيعة الردة ولا هو من لوازمها. والبحث في مدى جواز العقاب على هذه الأفعال يخرج عن نطاق البحث في موضوع الردة، وإذا وجب العقاب على هذه الأفعال فلا شأن لذلك بحرية الاعتقاد، وإنما هو من باب السياسة الشرعية.
              والذي نراه أن الحديث عن حرية الاعتقاد وتصنيفها ضمن مجموعة الحريات التي تنص الدساتير والتشريعات المعاصرة على كفالتها، فيه قدر من المجاز والتسامح، ذلك أن الاعتقاد بطبيعته لا يكون إلا حرًا. وإذا لم يكن له في التصور المجرد إلا حال واحدة فلا معنى لسلكه في عداد الحريات العامة ووضعه في صعيد واحد مع حرية التعبير وحرية التنقل وحرية العمل ونحوها، فهذه الحريات يمكن أن تكفل وأن تسلب أو تقيد، بل الحرية الكبرى، وهي اللصيقة بصفة الإنسانية، تعرضت للانكار والسلب لفترات طويلة من التاريخ، استرق الإنسان فيها أخاه، وأسقط عنه صفة الإنسانية، وأحاله (شيئا).
              إن الحرية من خصائصها القابلية للسلب والتقييد، أما ما لا يقبل أن يسلب من الإنسان أو يقيد فلا يصح وصفه بأنه حرية، وإنما هو فطرة وجبلة، والاعتقاد - ومثله التفكير - من هذا القبيل، فالعقيدة فكرة ترسخ في النفس، وتصمد في وجه كل عوامل النفي، وتسمو إلى مرتبة المسلمات، وهي تبلغ هذا المدى إما لقبولها ابتداء باتباع وتسليم، أو بعد تمحيص واقتناع؛ ولأن الاعتقاد حالة باطنية وليس حركة عضوية فإنه يستعصي على الإرغام.
              ومن هنا فنحن نرى أن قوله تعالى: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} (البقرة :256) هو خبر قبل أن يكون حكمًا، أو هو حكم معلل بالواقع . فالاعتقاد - لكونه اختيارًا حرًا - يستعصي على الإجبار، ومتى تبين الرشد من الغي فلكل امرئ أن يختار لنفسه ما يشاء؛ ولأن الأمر هكذا فلا يجوز لأحد أن يكره غيره على الدخول في أي دين، كائنًا ما كان، أو على البقاء فيه؛ لعدم جدوى هذا الإكراه. وإذا صح فهمنا للنص القرآني على هذا الوجه، جاز لنا القول مع الباحث بأنه لا يقبل النسخ؛ لأن النسخ لا يرد على الأخبار.
              وقد وردت في القرآن الكريم إشارات عديدة تؤكد المعنى الذي فهمناه، ونكتفي هنا بالاستشهاد بآيتين غنيتين بالدلالة. قال تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ} (الأعراف 88). وقال تعالى على لسان نوح: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ} (هود 28). فهذا شعيب يسفه قومه؛ لأنهم يريدون إكراهه هو ومن معه على الخروج من دينه والعودة في ملتهم، ودليله على سفههم أنهم يظنون الإكراه سبيلا للايمان. وهذا نوح يصارح قومه بأن الله قد آتاه بينة من عنده فعرضها على قومه، فآمن من آمن وكفر من كفر؛ ولأنه يدرك حقيقة الدين وطبيعته فقد استبعد إكراه المخالف على الدخول في دينه حثًا له في المقابل على الكف عن حمله هو ومن معه على العدول عن دينهم والعودة إلى دين قومهم.
              ونلاحظ من سياق الآيتين أمرين: الأول: أن كلا منهما ختمت باستفهام استنكاري لا يحتمل غير جواب واحد، وذلك للدلالة على سخف المخاطب الذي يتجاهل الطبيعة البشرية ويتعامى عن المسلمات. والثاني: أن كلا من النبيين الكريمين لم يدلل على فساد منطق قومه بأنه ومن معه على الحق وأنهم على الباطل، بل دلل على فساد منطقهم بالتعجب من أن يكون الإكراه في اعتقادهم سبيلا لحمل إنسان على ترك دين آمن به والدخول في سواه، وذلك بغض النظرعن صحة هذا الدين أو فساده؛ لأن الإكراه ليس من شأنه أن يكون وسيلة لتحقيق هذا الغرض، ومن ثم فإن اللجوء إليه لا يجدي."
              وهو يرى أن القرآن الكريم لا يتضمن أي ذكر لعقوبة لجريمة الردة بينما يتضمن عقوبات محددة لجرائم أقل شناعة منها. وأنه لو جاز أن يأمرنا الإسلام بقتل من ينسلخ منه بعد الدخول فيه لوجب أن يكون أمرنا كذلك بقتل من يرفض ابتداء الدخول في الإسلام؛ وذلك لاتحاد العلة وهي الكفر. والتفرقة بين الكفر الأصلي والكفر الطارئ لا تصمد – في رأي الدكتور عوض محمد عوض – للنقد؛ لما تنطوي عليه من تكلف. وهو يؤكد هذا الرأى بقوله: "والحق أن معصية الكفر تختلف عن سائر المعاصي في أنها تقع عدوانًا على حق الله الخالص. ونقصد بهذا المصطلح هنا معنى يختلف عن المعنى المتداول في كتب الفقه والذي يرادف حق الجماعة، فالفقهاء يصفون الزكاة بأنها حق الله، ويعتبرون البر بالوالدين وصلة الرحم وأداء الشهادة وإماطة الأذى عن الطريق من حقوق الله، وهذه الحقوق واقع أمرها مقررة للجماعة؛ لأن نفعها عائد إليهم، وإنما أضيفت إلى الله من باب المجاز؛ إعلاءً لشأنها، وتنبيهًا لأهميتها، وتأكيدًا لوجوب كفالتها. ولهذا كان العدوان على هذه الحقوق موجبًا للعقاب الدنيوي عليها؛ لأن هذا العدوان يورث اضطرابًا في حياة الناس ويلحق الأذى بهم، فكان العقاب عليه من أجلهم ودفاعًا عن مصالحهم. وليس الأمر كذلك بالنسبة لإيمان الناس بالله والتزامهم بعبادته، فهذا من حقوق الله الخالصة التي لا يتعلق بها حق لأحد من البشر.
              فليس لأحد من حق في أن يؤمن الآخرون بالله وأن يعبدوه حق عبادته. وإذا كان إخلاصنا لله وحبنا لإخواننا في الإنسانية يفرضان علينا هداية الآخرين إلى الله ليظفروا بنعمة الإيمان وجزائه، فليس لأحد منا الحق في تجاوز حدود الدعوة واللجوء إلى استعمال القوة التي تصل إلى حد القتل لحمل الآخرين على الإيمان بالله، إلا أن يكون ثمة نص قطعي الثبوت والدلالة يفوضنا - نيابة عن الله – في قتل من يرفض الإيمان أو من يخرج منه بعد الدخول فيه. وليس لهذا النص وجود؛ ولا نتصور أن يكون له وجود، ذلك أن الله لو شاء أن يحمل الناس جميعا على الإيمان لفعل ، هذا ما يصرح به النص القرآني: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} (يونس:99). تأمل طلاقة القدرة في قوله تعالى: {كُلُّهُمْ جَمِيعًا}. وإذا كان الله قد أراد لنا أن نختار بملء حريتنا بين الإيمان والكفر، ونهى رسوله عن حمل الناس على الإيمان به كرهًا، فكيف يقبل عقلا أن يفوضنا في قتل من يرتكس في الكفر بعد إيمانه. والله، بعد، غنى لا يزيد في ملكه أن يعبده الناس، ولا ينقص من ملكه أن يكفروا به، {وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ} (إبراهيم:8).
              إذا كان الله لم يحرم أحدا من خلقه من عطاء الربوبية، فوسع ملكه البر والفاجر، والمؤمن والكافر، وكان قادرًا على أن يعطل الأسباب فلا تستجيب لمن كفر، وكان قادرًا على إزهاق روحه، بل على ألا يخلقه ابتداء، فكيف نضيق بمن لم يضق به ربه في ملكه، وكيف نزهق حياة من منحه ربه الحياة بدعوى أنه لا يؤمن به، وكأننا أغير على دين الله من الله؟
              ومما يدعو إلى الحيرة أن في القرآن إشارات كثيرة تدل على أن عقاب المرتد موكول إلى الله في الآخرة ، أما في الحياة الدنيا فلا عقاب عليه لمجرد ارتداده، ولا ندري لم لم يلاحظ كثير من الفقهاء دلالة هذه الإشارات.
              وأخيرا فإن القائلين بوجوب قتل المرتد أو بعقابه بما دون ذلك لا ينصرون الإسلام كما يظنون؛ فلا فائدة للإسلام ممن أضله الله بعد إذ هداه، ولا خير للإسلام فيمن أبطن الكفر وأظهر الإسلام تقية مخافة العقاب؛ فمثل هذا ضرره أكبرمن نفعه، وإن الإسلام لا يعنيه الاستكثار من المنافقين، وإنما ينتصر فحسب بالمؤمنين الصادقين، وإذا كان الإسلام يذم النفاق ويحذر المؤمنين من كيد المنافقين، فكيف يصح لنا أن نصنع بأيدينا وأن نقيم بين أظهرنا فئة من المنافقين، خرج الإسلام من قلوبهم، وأخرس خوف العقاب ألسنتهم، فغم علينا أمرهم، نحسبهم معنا وهم يد علينا، يضمرون للإسلام الشر ويتربصون به الدوائر؟ وهذا بالضبط ما يؤدي إليه تقرير العقاب على الردة، فليس من شأن التهديد بالعقاب عليها حمل المرتد على الرجوع إلى الإسلام، وإنما شأن التهديد بالعقاب جعله منافقًا يظهر الإسلام ويبطن الكفر، وحكمة الله في التشريع تتنزه عن ذلك.)
              وينقل الدكتور عبد العزيز بن فوزان الفوزان فى خطبته عن حقوق الإنسان فى الإسلام رأى علماء المسلمين وجمهرتهم عن وجوب قتل المرتد، فيقول: (والعلماء يعتبرون قتل المرتد نتيجة خيانته للملة الإسلامية التي انخرط في عداد أفرادها باختياره، ثم غدرها وتنكر لها، فلو ستر كفره لم يتعرض له أحد ولم ينقب عما في قلبه، بل يبقى حاله كحال المنافقين الذين قال فيهم الله: }وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَىٰ شَيَـٰطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءونَ{ البقرة 14
              يقول الشيخ محمد الغزالي: "إن الإسلام واجه أناسًا يدخلون فيه خداعًا ويخرجون منه ضرارًا، فهل ينتظرون من دين هو بطبيعته عقيدة قلبية وشريعة اجتماعية أن يقابل هذه المسالك ببلادة؟! كلا، لقد أباح لليهود والنصارى أن يعيشوا إلى جواره في مجتمع واحد، لهم فيه ما للمسلمين وعليهم فيه ما على المسلمين، فلماذا يترك هؤلاء أو أولئك دينهم ويدخلون في الإسلام ثم يخرجون منه؟!
              وحرية الارتداد هنا معناها الوحيد إعطاء الآخرين حرية الإساءة إلى الإسلام وإهانة عقيدته والاحتيال على شريعته، فهل يقبل هذا منطق سليم؟!
              إن الارتداد قلما يكون أمرًا قلبيًا فحسب، ولو كان كذلك ما أحسّ به أحد.
              إن الارتداد في أغلب صوره ستار نفسي للتمرد على العبادات والتقاليد والشرائع والقوانين،بل على أساس الدولة نفسه وموقفها من خصومها الخارجيين ولذلك كثيرًا ما يرادف الارتداد جريمة الخيانة العظمى، وتكون مقاومته واجبًا مقدسًا. وأية دولة لا تلام على موقفها الصارم من المرتدين يوم يكون موقفهم طعنة لوجودها).
              وبهذا يتضح لك أن تعترض على قانون إلهى، ينادى به كتابك، وتقعله كنيستك دون وجود نص فى كتابها يأمرها بذلك، وهو يُخالف عقيدة محبة الأعداء.
              * * * * *
              الديمقراطية ومبدأ فصل الدين عن الدولة:
              وتحت (4- الديمقراطية) يقول الكاتب: هل ينادي الإسلام بمبدأ الفصل بين الدين والدولة؟
              • يعلّم الإسلام أن القرآن هو الدستور، وان الله هو الذى أملاه وأن الدولة هي الجهاز المنوط بتنفيذه.
              "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله" سورة البقرة 193:2
              "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيمًا". سورة النساء 105:4
              "فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجًا..." سورة المائدة 48:5
              "إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون". سورة يوسف 40:12
              ما هو حكم الإسلام في أولئك الذين لا يسلكون بموجب أحكامه؟
              • يعتبر الإسلام أولئك الناس ظالمين وفاسقين وكافرين.
              "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون". سورة المائدة 45:5
              "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون". سورة المائدة 47:5
              "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون". سورة المائدة 44:5
              هذا ما قاله الكاتب. أما ردنا فهو:
              فى الحقيقة لا ينادى الإسلام بفصل الدين عن الدولة، فدولة الله (ملكوته الذى يُحكم بشريعته) لا تحكمه إلا شريعته، وأردد ما يقوله اليهود: لا يحق لبشر أن يحكم فى أرض الله إلا بشرع الله. وأنه لا يشرك فى حكمه أحدًا، وهو نفس قول الله تعالى: (إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) يوسف 40، أى من أسس عبادتنا إياه، هو التسليم لحكمه وبحكمه، لأن ذلك هو الدين القيِّم.
              وقال تعالى: (فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ) غافر 12 ،
              وقال تعالى: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ) التين 8 ،
              وقال تعالى: (قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا) الكهف 26 ،
              وقال تعالى: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) المائدة 50 .
              أما فصل الدين عن الدولة فى المسيحية كان ضرورة مُلحَّة، وأدت إلى انتعاش العالم الغربى إقتصاديًا وعلميًا وطبيًا وتربويًا وتعاملا مع المرأة وفى جميع مناحى الحياة! أما ابتعاد المسلمين عن دينهم أخرهم فى جميع مناحى الحياة، وتراجعوا بعد أن كانوا أسياد العالم من الناحية العلمية والطبية والتربوية والإقتصادية. وهذا يعنى أن التمسك بالمسيحية يساوى تخلف ورجعية، والابتعاد عنها يساوى رقى وتقدم. وأن التمسك بالإسلام يعنى الرقى والتقدم، وأن التخلى عنه يساوى التخلف والرجعية. وهو واقع عملى يعترف به علماء الغرب قبل الشرق. فأى الدينين أحق بإبعاده عن الحكم والحياة نفسها؟ إنها المسيحية عزيزى الكاتب!
              وللأسف إن مبدأ فصل الدين عن الدولة، المستورد من الغرب، جاء من أناس قاموا بعمل قياس فاسد، إن أحسنا الظن بهم. فاعتقدوا أن الإسلام مثل المسيحية، وأن كل الأديان لابد أن تؤدى إلى التخلف وإنهيار الدولة وأفرادها، مثل ما حدث معهم فى دينهم. ولكن بدون إحسان الظن، فقد وعوا هذا الدرس ويريدون التخلف المستمر للعالم الإسلامى، نكاية فى الإسلام، ومحاربة له من جانب، وحتى يكون الشرق وباقى بلاد المسلمين السوق الذى ينبغى أن تُباع فيه بضائع الغرب ونفاياتهم، من جانب آخر!
              وعلى ذلك فإن كلمة الديمقراطية التى تعنى أن الشعب هو صاحب السيادة ومصدر السلطات والشرعية، أى حكم الشعب بتشريعات من عند نفسه فهو مُخالف للإسلام، ولليهودية ولتعاليم يسوع، الذى كان ينادى فى صلاته بقدوم حكم الله أى ملكوته: («فَصَلُّوا أَنْتُمْ هَكَذَا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ. 10لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ. لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ عَلَى الأَرْضِ.) متى 6: 9-10
              والذى جاء متبعًا تعاليم الرب التى أنزلها على موسى والأنبياء: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ.) متى 5: 17
              أما باقى بنود الديمقراطية من مراقبة الحكام وممارسة التأثير عليهم، ضمان حريات المعتقد والتعبير، حفظ مصالح الضعفاء والأقليات، احترام حقوق الإنسان فهى من أسس الإسلام، وما تعلمها الغرب إلا من الإسلام: فقد قال عمر بن الخطاب فى خطبته بعد توليه الخلافة: (إن أحسنت فأعينوني، وإن أخطأت فقوموني)، فرد عليه رجل من المسلمين قائلا: (سنقومك بسيوفنا هذه يا عمر). فقال عمر: (الحمد لله الذي جعل في أمة عمر من يقوم اعوجاجه بالسيف).
              وأراد عمر أن يحدد المهور، بعد أن بالغ الناس فيها، فقالت له امرأة فى المسجد وهو يخطب: (اتق الله يا عمر، فإن الله لم يحددها).
              أما عن احترام الإسلام للمرأة وللإنسان بصفة عامة، وللأطفال وللحيوان وللبيئة وللأسير ولأهل الذمة، ولغير المقاتلين من أصحاب الملل الأخرى، وهو ما يسمونه بالأقليَّات، فهو أمر يتميز به الإسلام عن أقرانه من الديانات الأخرى، وقد ذكرت الكثير من آيات الله وأقوال الرسول .
              وعلى ذلك فالديمقراطية تنتج الشرك في نظر الإسلام، لأن من يحكم بغير حكم الله تعالى فقد كفر، ومن ثَم لا يصح وصف الإسلام بالديمقراطية، رغم وجود نقاط الاتفاق في الحقوق والضمانات.
              لقد تكلمنا توًا عن ناموس الرب وأحكامه فى الكتاب الذى تقدسه. وقالت النصوص إن أحكام الرب عادلة، وناموسه طاهر، وتعاليمه صالحة، ولعن الرب من يترك العمل بكتابه وكلامه، وأمر بقتل من يُخالف نقطة واحدة من الناموس، أو يرفض حكم الرب الذى يأمره به الكاهن:
              وقال: (7نَامُوسُ الرَّبِّ كَامِلٌ يَرُدُّ النَّفْسَ. شَهَادَاتُ الرَّبِّ صَادِقَةٌ تُصَيِّرُ الْجَاهِلَ حَكِيمًا. 8وَصَايَا الرَّبِّ مُسْتَقِيمَةٌ تُفَرِّحُ الْقَلْبَ. أَمْرُ الرَّبِّ طَاهِرٌ يُنِيرُ الْعَيْنَيْنِ. 9خَوْفُ الرَّبِّ نَقِيٌّ ثَابِتٌ إِلَى الأَبَدِ. أَحْكَامُ الرَّبِّ حَقٌّ عَادِلَةٌ كُلُّهَا.) مزمور 19: 7-9
              وقال: (2لأَنِّي أُعْطِيكُمْ تَعْلِيمًا صَالِحًا فَلاَ تَتْرُكُوا شَرِيعَتِي.) أمثال 4: 2
              وقال: (20يَا ابْنِي أَصْغِ إِلَى كَلاَمِي. أَمِلْ أُذْنَكَ إِلَى أَقْوَالِي. 21لاَ تَبْرَحْ عَنْ عَيْنَيْكَ. احْفَظْهَا فِي وَسَطِ قَلْبِكَ. 22لأَنَّهَا هِيَ حَيَاةٌ لِلَّذِينَ يَجِدُونَهَا وَدَوَاءٌ لِكُلِّ الْجَسَدِ.) الأمثال 4: 20-22
              وقال (30اَللهُ طَرِيقُهُ كَامِلٌ. قَوْلُ الرَّبِّ نَقِيٌّ. تُرْسٌ هُوَ لِجَمِيعِ الْمُحْتَمِينَ بِهِ. 31لأَنَّهُ مَنْ هُوَ إِلَهٌ غَيْرُ الرَّبِّ! وَمَنْ هُوَ صَخْرَةٌ سِوَى إِلَهِنَا!) مزمور 18: 30-31
              ولعن الرب من يعرض عن هذا ناموسه وأحكامه، فقال: (26مَلعُونٌ مَنْ لا يُقِيمُ كَلِمَاتِ هَذَا النَّامُوسِ لِيَعْمَل بِهَا. وَيَقُولُ جَمِيعُ الشَّعْبِ: آمِينَ».) تثنية 27: 26، وإرمياء 11: 3-4
              وأمر بقتل من يُخالف نقطة واحدة من ناموسه: (28مَنْ خَالَفَ نَامُوسَ مُوسَى فَعَلَى شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يَمُوتُ بِدُونِ رَأْفَةٍ.) عبرانيين 10: 28
              وذلك (10لأَنَّ مَنْ حَفِظَ كُلَّ النَّامُوسِ، وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِمًا فِي الْكُلِّ. 11لأَنَّ الَّذِي قَالَ: «لاَ تَزْنِ» قَالَ أَيْضًا: «لاَ تَقْتُلْ». فَإِنْ لَمْ تَزْنِ وَلَكِنْ قَتَلْتَ، فَقَدْ صِرْتَ مُتَعَدِّيًا النَّامُوسَ.) يعقوب 2: 10-11
              (12وَالرَّجُلُ الذِي يَعْمَلُ بِطُغْيَانٍ فَلا يَسْمَعُ لِلكَاهِنِ الوَاقِفِ هُنَاكَ لِيَخْدِمَ الرَّبَّ إِلهَكَ أَوْ لِلقَاضِي يُقْتَلُ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ إِسْرَائِيل.) تثنية17: 12
              وإذا كنت تؤمن أن تعاليم الرب فى كتابك صالحة، وأن ناموس الرب كامل، ووصاياه مستقيمة، وأحكامه عادلة، بما فيها قتل المرتد، فلماذا لا نُحكِّم تعاليم الله تعالى، الذى لا يوجد أصدق منه قيلا، ولا أحكم منه حكمًا، ولا أعدل منه قضاءً؟ هل لأن بولس لديكم سبَّ الرب وناموسه، وأخرجكم من عهد الرب مع إبراهيم بإلغائه الختان، تريدون لنا أن نكون ملعونين، كافرين، ظالمين، وفاسقين بترك تعاليم الله؟
              (10لأَنَّ جَمِيعَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَعْمَالِ النَّامُوسِ هُمْ تَحْتَ لَعْنَةٍ، .. .. .. لأَنَّهُ لَوْ أُعْطِيَ نَامُوسٌ قَادِرٌ أَنْ يُحْيِيَ، لَكَانَ بِالْحَقِيقَةِ الْبِرُّ بِالنَّامُوسِ.) غلاطية 3: 10-21
              (18فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِبْطَالُ الْوَصِيَّةِ السَّابِقَةِ مِنْ أَجْلِ ضُعْفِهَا وَعَدَمِ نَفْعِهَا، 19إِذِ النَّامُوسُ لَمْ يُكَمِّلْ شَيْئًا.) عبرانيين 7: 18-19
              (13فَإِذْ قَالَ«جَدِيدًا» عَتَّقَ الأَوَّلَ.وَأَمَّا مَا عَتَقَ وَشَاخَ فَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الاِضْمِحْلاَلِ) عبرانيين 8: 13
              (7فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الأَوَّلُ بِلاَ عَيْبٍ لَمَا طُلِبَ مَوْضِعٌ لِثَانٍ.) عبرانيين 8: 7
              (9ثُمَّ قَالَ: «هَئَنَذَا أَجِيءُ لأَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا أَللهُ». يَنْزِعُ الأَوَّلَ لِكَيْ يُثَبِّتَ الثَّانِيَ.) عبرانيين 10: 9
              (16إِذْ نَعْلَمُ أَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَتَبَرَّرُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ، بَلْ بِإِيمَانِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، آمَنَّا نَحْنُ أَيْضًا بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، لِنَتَبَرَّرَ بِإِيمَانِ يَسُوعَ لاَ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ. لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ لاَ يَتَبَرَّرُ جَسَدٌ مَا.) غلاطية 2: 16
              (5وَأَمَّا الَّذِي لاَ يَعْمَلُ وَلَكِنْ يُؤْمِنُ بِالَّذِي يُبَرِّرُ الْفَاجِرَ فَإِيمَانُهُ يُحْسَبُ لَهُ بِرًّا.) رومية 4: 5
              (4قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ. 5فَإِنَّنَا بِالرُّوحِ مِنَ الإِيمَانِ نَتَوَقَّعُ رَجَاءَ بِرٍّ. 6لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئًا وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ.) غلاطية 5: 4-6
              (20وَأَمَّا النَّامُوسُ فَدَخَلَ لِكَيْ تَكْثُرَ الْخَطِيَّةُ.) رومية 5: 20
              (56أَمَّا شَوْكَةُ الْمَوْتِ فَهِيَ الْخَطِيَّةُ وَقُوَّةُ الْخَطِيَّةِ هِيَ النَّامُوسُ) كورنثوس الأولى 15: 56
              وذلك لأن بولس كان له إنجيلا (كتابًا) خاصًا، غير الذى كان يبشر به يسوع، لم يتعلمه من يسوع، ولا من تلاميذ يسوع، بل كانت تعاليمه تُخالف تعاليم يسوع، لذلك أدانه التلاميذ، وكفروا معتقداته فى إلغاء الختان، والابتعاد عن الناموس، وأمروه بالتوبة: (11وَأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الإِنْجِيلَ الَّذِي بَشَّرْتُ بِهِ، أَنَّهُ لَيْسَ بِحَسَبِ إِنْسَانٍ. 12لأَنِّي لَمْ أَقْبَلْهُ مِنْ عِنْدِ إِنْسَانٍ وَلاَ عُلِّمْتُهُ. بَلْ بِإِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.) غلاطية 1: 11-12
              (10حَسَبَ نِعْمَةِ اللهِ الْمُعْطَاةِ لِي كَبَنَّاءٍ حَكِيمٍ قَدْ وَضَعْتُ أَسَاسًا وَآخَرُ يَبْنِي عَلَيْهِ. وَلَكِنْ فَلْيَنْظُرْ كُلُّ وَاحِدٍ كَيْفَ يَبْنِي عَلَيْهِ.) كورنثوس الأولى 3: 10-11
              (17الَّذِي أَتَكَلَّمُ بِهِ لَسْتُ أَتَكَلَّمُ بِهِ بِحَسَبِ الرَّبِّ، بَلْ كَأَنَّهُ فِي غَبَاوَةٍ، فِي جَسَارَةِ الاِفْتِخَارِ هَذِهِ.) كورنثوس الثانية 11: 17
              لذلك تراه لم يتكلم مرة على لسان عيسى ابن مريم ، ولم يذكر مرة مثلا من أمثال يسوع عن ملكوت الله، ولا تعليمًا من تعاليمه، ولم يذكر حتى معجزة واحدة من معجزاته، ولم يكرر قولا من أقوال يسوع التى أشار فيها إلى أن الكلام والأعمال التى كان يعملها هى من عند الله، ولم يأخذ بنصائح التلاميذ، بل اختلف عقائديًا مع برنابا، وعندما عاد إلى أورشليم أدانه رئيس التلاميذ، وكفَّروا معتقداته، وأرسلوا من يُدرِّس العقيدة السليمة والدين الصحيح لمن ضللهم بولس، وأمروه بالإستتابة، وأن يسلك هو أيضًا حافظًا للناموس: (وَقَالُوا لَهُ: «أَنْتَ تَرَى أَيُّهَا الأَخُ كَمْ يُوجَدُ رَبْوَةً مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُمْ جَمِيعًا غَيُورُونَ لِلنَّامُوسِ. 21وَقَدْ أُخْبِرُوا عَنْكَ أَنَّكَ تُعَلِّمُ جَمِيعَ الْيَهُودِ الَّذِينَ بَيْنَ الْأُمَمِ الاِرْتِدَادَ عَنْ مُوسَى قَائِلًا أَنْ لاَ يَخْتِنُوا أَوْلاَدَهُمْ وَلاَ يَسْلُكُوا حَسَبَ الْعَوَائِدِ. .. .. .. 23فَافْعَلْ هَذَا الَّذِي نَقُولُ لَكَ: عِنْدَنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ عَلَيْهِمْ نَذْرٌ. 24خُذْ هَؤُلاَءِ وَتَطهَّرْ مَعَهُمْ وَأَنْفِقْ عَلَيْهِمْ لِيَحْلِقُوا رُؤُوسَهُمْ فَيَعْلَمَ الْجَمِيعُ أَنْ لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا أُخْبِرُوا عَنْكَ بَلْ تَسْلُكُ أَنْتَ أَيْضًا حَافِظًا لِلنَّامُوسِ. 25وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْأُمَمِ فَأَرْسَلْنَا نَحْنُ إِلَيْهِمْ وَحَكَمْنَا أَنْ لاَ يَحْفَظُوا شَيْئًا مِثْلَ ذَلِكَ سِوَى أَنْ يُحَافِظُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِمَّا ذُبِحَ لِلأَصْنَامِ وَمِنَ الدَّمِ وَالْمَخْنُوقِ وَالزِّنَا». 26حِينَئِذٍ أَخَذَ بُولُسُ الرِّجَالَ فِي الْغَدِ وَتَطَهَّرَ مَعَهُمْ وَدَخَلَ الْهَيْكَلَ مُخْبِرًا بِكَمَالِ أَيَّامِ التَّطْهِيرِ إِلَى أَنْ يُقَرَّبَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْقُرْبَانُ.) أعمال الرسل 21: 17-26
              الحمد لله تعالى الذى عافانا من أمثال هؤلاء المحرفين المخربين!!
              بالطبع لا ينادى الإسلام بالفصل بين الدين والدولة، وإلا فلما أرسل الله تعالى دستورًا كاملًا، وحفظه من أيدى العابثين والمحرفين؟ فالقرآن دستور كامل شامل، يهتم بأمور الناس دنيا وآخرة، وهو الكتاب الذى أنزله الله تعالى على عبده ورسول محمد ، وتعهَّد بحفظه، وحفظ لغته، ليكون شمسًا مضيئة للناس على مر العصور، ويكون حجة عليهم فى الآخرة. لذلك فليس هناك أى داعى للتعجب أن يكون القرآن هو دستور الله تعالى الذى يجب أن يحكم بمقتضاه أى حاكم فى دولة إسلامية.
              أليس هذا هو ملكوت الله الذى كان يصلى يسوع من أجل مجيئه، وطالب تلاميذه أن يصلوا من أجله؟
              (9«فَصَلُّوا أَنْتُمْ هَكَذَا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ. 10لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ. لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ عَلَى الأَرْضِ. 11خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا الْيَوْمَ. 12وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضًا لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا. 13وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ لَكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ. لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ وَالْقُوَّةَ وَالْمَجْدَ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ.) متى 6: 9-13
              مع الأخذ فى الاعتبار أن صيغة الصلاة هذه، وهى تنسب إلى يسوع، قد حذفوا منها فى التراجم الحديثة، وخاصة عبارة (لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ وَالْقُوَّةَ وَالْمَجْدَ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ.)، فقد حذفتها الترجمة العربية المشتركة بين البروتستانت والأرثوذكس والكاثوليك، وحذفتها الترجمة الكاثوليكية اليسوعية، والترجمة البولسية. الأمر الذى يؤكد اختلاف ما يسمونه بمخطوطات الكتاب المقدس.
              وجاءت الجملة (12) التى يطلب فيها المصلى الغفران من الرب على الذنوب مغايرة فى الترجمة الكاثوليكية، إذ يطلب فيها المصلى أن يعفيه الله مما عليه تجاه الآخرين، ولا تشير إلى الذنوب، بل إلى الدَّيْن، مُخالفة بذلك باقى الترجمات العربية: (وأَعْفِنا مِمَّا علَينا فَقَد أَعْفَينا نَحْنُ أَيْضًا مَن لنا عَلَيه)
              لكن أليس هذا هو ملكوت الله الذى قال يسوع إنه سيأتى وسوف يُطبَّق بكل حزم؟ (42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ».) متى 21:
              والآن ماذا قال المتدبرون من غير المسلمين فى القرآن الذى تريد من المسلم ألا يتمسك به، وألا يحكم بمقتضاه؟
              يقول السير "وليم موير" وهو ناقد عدواني متحدثًا عن القرآن الكريم: (لا يوجد في العالم على الأرجح كتابًا آخر بقي إثني عشر قرنًا بنصه مثل هذا النقاء).
              تقول ايفلين كوبولد (نقلا عن قيم حضارية لمحمد مسعد ياقوت): "لعمري، ليجدن المرء في نفسه، ما تقدم إلى قبر محمد [] روعة ما يستطيع لها تفسيرًا، وهي روعة تملأ النفس اضطرابًا وذهولًا ورجاءً وخوفًا وأملًا، ذلك أنه أمام نبي مرسل وعبقري عظيم لم تلد مثله البطون حتى اليوم.. إن العظمة والعبقرية يهزان القلوب ويثيران الأفئدة فما بالك بالعظمة إذا انتظمت مع النبوة، وما بالك بها وقد راحت تضحي بكل شيء في الحياة في سبيل الإنسانية وخير البشرية".
              ويؤكد القس دافيد بنجامين كلدانى (عبد الأحد داود) في مؤلفه: "محمد في الكتاب المقدس" هذه الحقيقة بأن الرسول خادم الله والإنسانية بقوله: (إن الخدمة الجليلة العظيمة المدهشة التي قدمها محمد  لله، ولصالح البشر، لم يقدمها أي مخلوق من عباد الله ملكًا كان أو نبيًا، خدمته لله فإنه أقلع جذور الوثنية من جزء كبير من الأرض، وأما خدمته للإنسان فقد قدم له أكمل دين وأفضل شريعة لإرشاده وأمنه).
              ويقول ماكس فان برشم المستشرق السويسري (1863-1921) بمعرض حديثه عن دور النبي محمد التاريخي العظيم في حياة العرب والشعوب التي دخلت في الإسلام، فارتقت من وهاد الضلالة إلى معارج النور والحضارة، يقول في كتابه: "العرب في آسية" (إن محمدًا [] نبي العرب من أكبر مريدي الخير للإنسانية، وإن ظهور محمد [] للعالم أجمع إنما هو أثر عقل عال، وإن افتخرت آسية بأبنائها فيحق لها أن تفتخر بهذا الرجل العظيم، إن من الظلم الفادح، أن نغمط حق محمد [] الذي جاء من بلاد العرب وإليهم، وهم على ما علمناه من الحقد البغيض قبل بعثه، ثم كيف تبدلت أحوالهم الأخلاقية والاجتماعية والدينية بعد إعلانه النبوة، وبالجملة مهما ازداد المرء إطلاعًا على سيرته ودعوته إلى كل ما يرفع من مستوى الإنسان، إنه لا يجوز أن ينسب إلى محمد [] ما ينقصه، ويدرك أسباب إعجاب الملايين بهذا الرجل ويعلم سبب محبتهم إياه وتعظيمهم له).
              ويقول القس بنيامين كلدانى(عبد الأحد داوود) فى كتابه (محمد في الكتاب المقدس ص 82): (وما أجمل ما قال المعلم العظيم محمد : "الخلق كلهم عيال الله وأحب الخلق إلى الله أنفعهم لعياله")
              ويقول أيضًا: (إن الإسلام اعتنى بالإنسان أكثر من أي من الأنظمة الأخرى، وكرم الإنسان من الأشكال، بحيث إن الانتحار نجد ما يبرره إذا إنسان عمله. بينما الإسلام يمنع الانتحار لأن الإنسان له الكرامة العليا فهناك حديث عن الرسول : سئل رسول الله من قتل هذا الشخص فقالوا لا ندري فقال القتيل بين المسلمين ولا تدري من قتله. والذي بعثني بالحق لو أن أهل السماء والأرض اشتركوا في دم مسلم ورضوا به لأكبهم الله على وجوههم في النار. فلو أن كل المسلمين قبلوا على قتل واحد ظلمًا لوضعهم الله جميعهم في النار نتيجة هذا).
              نقل صاحب كتاب المستشرقون والإسلام المهندس زكريا هاشم زكريا عن أحد المسشرقين يقول: "لو أن كتاب مُحَمَّد وجد في صحراء لكان الذي يعثر عليه جديرًا بالخلود، ولو جاء مُحَمَّد بالقرآن من عنده لكان جديرًا أن تدين له الإنسانية بالولاء، فرسالة مُحَمَّد في قرآن كريم أو حديث شريف حكمة بالغة في الحياة، وقد أحاطت بالمادة والروح، وأعطت صورة سكون في أرضه وسمائه، وصورة للوجود في بدئه ومختتمه، وأملًا عاليًا في الخلود في طاقات عليا بعد جمود المادة واضطرابها، ثم تحدثت عن الخالق الأعظم في أروع صورة للواحد الأحد، الفرد الصمد، لم يسبق إليها في فلسفة أو كتاب بهذه الصورة الجامعة الكاملة."
              فلماذا نترك حكم الله إذًا، إذا كان لا يوجد أفضل أو أعدل أو أشمل من حكمه؟ فلا يفعل ذلك إلا مجنون أو موتور أو كافر، أو زنديق، أو أحمق أو فاسق أو ظالم!
              لكن فى الحقيقة اضطر العالم المسيحى كله إلى ترك شريعة العهد القديم وما تسمونه بالعهد الجديد، لأنها غير صالحة للبشرية، أو للحفاظ على حقوق الإنسان وآدميته: (25وَأَعْطَيْتُهُمْ أَيْضًا فَرَائِضَ غَيْرَ صَالِحَةٍ وَأَحْكَـامًا لاَ يَحْيُونَ بِهَا) حزقيال 20: 25
              (56أَمَّا شَوْكَةُ الْمَوْتِ فَهِيَ الْخَطِيَّةُ وَقُوَّةُ الْخَطِيَّةِ هِيَ النَّامُوسُ) كورنثوس الأولى 15: 56
              (10لأَنَّ جَمِيعَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَعْمَالِ النَّامُوسِ هُمْ تَحْتَ لَعْنَةٍ، .. .. .. لأَنَّهُ لَوْ أُعْطِيَ نَامُوسٌ قَادِرٌ أَنْ يُحْيِيَ، لَكَانَ بِالْحَقِيقَةِ الْبِرُّ بِالنَّامُوسِ.) غلاطية 3: 10-21
              (18فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِبْطَالُ الْوَصِيَّةِ السَّابِقَةِ مِنْ أَجْلِ ضُعْفِهَا وَعَدَمِ نَفْعِهَا، 19إِذِ النَّامُوسُ لَمْ يُكَمِّلْ شَيْئًا.) عبرانيين 7: 18-19
              فقد قامت المسيحية بإلغاء الطلاق، ثم حددت حالات محددة أجازت فيها الطلاق، لاحتياج البشرية إليه، ولأنها علمت بعد عدة قرون أن البشر ليسوا بملائكة، ومن ثم لابد من وجود مخرج لإنهاء عقد الزواج، بدلا من العذاب الأبدى للزوجين أو لأحدهما. ومنهم من استنكف أن يسميها طلاق، حتى لا يتشبهوا بالشريعة الإسلامية، فأسموها إنفصال.
              كما قامت المسيحية بإلغاء تعدد الزوجات، وهى سُنة كل الأنبياء.
              وقد أوضحت من قبل الظلم فى توزيع الميراث، وخاصة على المرأة.
              كما بيَّنت الظلم الواقع على المرأة فى كل مناحى الحياة، فليس لها الحق أن تتكلم أو تسأل فى الكنيسة، وإن أرادت أن تسأل فتسأل زوجها فى البيت، وإن لم يفهم زوجها، فقد فاتها العلم والفهم.
              كما بيَّنت النصوص أن المرأة تعيش نصف عمرها نجسة: سبعة أيام طمثها، وسبعة أيام بعدها، ولا تلمس شيئًا أو شخصًا إلا وكان نجسًا حتى المساء، ولا تجلس على شىء إلا ونجسته. وعلى ذلك فهى غير صالحة لمخالطة البشر والمجتمع نصف عمرها. وبالتالى فقد ضن عليها يهوه/يسوع أن تشارك الرجل فى معترك الحياة العلمية أو التجارية أو الصناعية أو غيرها، وجعل المجتمع مجتمعًا ذكوريًا، لا مجال للمرأة أن تقترب منه.
              وذكرت لك نص بيع الأب ابنته القاصر، الأمر الذى يعنى أن الرب يزكى وينمى العبودية، ولا يريد أن يضع لها حدًا. (7وَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ ابْنَتَهُ أَمَةً لاَ تَخْرُجُ كَمَا يَخْرُجُ الْعَبِيدُ.) خروج 21: 7
              عدم حفظ الرب لكتابه، يجعل من الظلم العمل بمقتضاه، ويوجب البحث عن تعاليم الرب الحقيقية!
              قول الكتاب على لسان الرب إن الرب أعطى تعاليم غير صالحة مضللة للبشر، تجعل العقلاء من البشر يرفضون هذا الكتاب، أو يطالبون الرب بتعاليم غيرها، لأنها غير صالحة للاستعمال الآدمى: (25وَأَعْطَيْتُهُمْ أَيْضًا فَرَائِضَ غَيْرَ صَالِحَةٍ وَأَحْكَـامًا لاَ يَحْيُونَ بِهَا) حزقيال 20: 25
              (17يُصْلِعُ السَّيِّدُ هَامَةَ بَنَاتِ صِهْيَوْنَ وَيُعَرِّي الرَّبُّ عَوْرَتَهُنَّ.) أشعياء 3: 17
              الرب يأمر إشعياء أن يمشى عاريًا حافيًا لمدة ثلاث سنوات (3فَقَالَ الرَّبُّ: «كَمَا مَشَى عَبْدِي إِشَعْيَاءُ مُعَرًّى وَحَافِيًا ثَلاَثَ سِنِينٍ آيَةً وَأُعْجُوبَةً عَلَى مِصْرَ وَعَلَى كُوشَ) إشعياء 20: 3
              الرب يأمر حزقيال يأكل الخراء الآدمى: (12وَتَأْكُلُ كَعْكًا مِنَ الشَّعِيرِ. عَلَى الْخُرْءِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ تَخْبِزُهُ أَمَامَ عُيُونِهِمْ». 13وَقَالَ الرَّبُّ: [هَكَذَا يَأْكُلُ بَنُو إِسْرَائِيلَ خُبْزَهُمُ النَّجِسَ بَيْنَ الأُمَمِ الَّذِينَ أَطْرُدُهُمْ إِلَيْهِمْ». 14فَقُلْتُ: [آهِ يَا سَيِّدُ الرَّبُّ, هَا نَفْسِي لَمْ تَتَنَجَّسْ. وَمِنْ صِبَايَ إِلَى الآنَ لَمْ آكُلْ مِيتَةً أَوْ فَرِيسَةً, وَلاَ دَخَلَ فَمِي لَحْمٌ نَجِسٌ». 15فَقَالَ لِي: [اُنْظُرْ. قَدْ جَعَلْتُ لَكَ خِثْيَ الْبَقَرِ بَدَلَ خُرْءِ الإِنْسَانِ فَتَصْنَعُ خُبْزَكَ عَلَيْهِ».) حزقيال 4: 12-15
              الرب يمسك الخراء بيديه ويقذفه فى وجوه الكهنة: (3هَئَنَذَا أَنْتَهِرُ لَكُمُ الزَّرْعَ وَأَمُدُّ الْفَرْثَ عَلَى وُجُوهِكُمْ فَرْثَ أَعْيَادِكُمْ فَتُنْزَعُونَ مَعَهُ.) ملاخى 2: 3
              وفى الترجمة العربية المشتركة: (ها أنا أمنَعُ عَنكُمُ الزَّرعَ وأرمي وجوهَكُم بالزِّبْلِ، زِبْلِ ذبائِحِ أعيادِكُم، وأُبعدُكُم عنِّي،) ملاخى 2: 3
              وفى الترجمة الكاثوليكية: (هاءَنَذا أَقطعُ أَذرُعَكم وأَذْري الرَّوثَ على وُجوهِكم، رَوثَ أَعْيادِكم، ويُذهَبُ بِكم معَه، فتَعلَمونَ أَنِّي أَرسَلتُ إِلَيكُم بِهذه الوَصِيَّة، لِيَبْقى عَهْدي مع لاوي، قالَ رَبُّ القُوَّات.) ملاخى 2: 3
              وفى ترجمة كتاب الحياة: (هَا أَنَا أُعَاقِبُ أَوْلاَدَكُمْ، وَأَنْثُرُ رَوْثَ الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي تُقَدِّمُونَهَا لِي عَلَى وُجُوهِكُمْ، ثُم يَطْرَحُونَكُمْ مَعَهَا خَارِجًا فَوْقَ الْقُمَامَةِ الدَّنِسَةِ.) ملاخى 2: 3
              فقد تفردت ترجمة كتاب الحياة بذكر عقاب الأولاد (أُعَاقِبُ أَوْلاَدَكُمْ)
              وتفردت الترجمة الكاثوليكية بذكر قطع الأذرع (أَقطعُ أَذرُعَكم)، ثم يقولون إن الرب حفظ أصول هذا الكتاب، وها هى الإختلافات بين أصول هذا الكتاب، وهذا جزء من ربع مليون اختلاف ذكره علماء مخطوطات الكتاب الذى تقدسه فى جريدة Tagesanzeiger السويسرية بتاريخ 18/2/1972
              الرب إله المحبة يأمر بنى إسرائيل بأكل أبائهم وبناتهم وقت الضيق (53فَتَأْكُلُ ثَمَرَةَ بَطْنِكَ لحْمَ بَنِيكَ وَبَنَاتِكَ الذِينَ أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فِي الحِصَارِ وَالضِّيقَةِ التِي يُضَايِقُكَ بِهَا عَدُوُّكَ.) تثنية 28: 53
              الرب يقر المرأة بأكل أولادها ومشيمتها وقت الحصار (57بِمَشِيمَتِهَا الخَارِجَةِ مِنْ بَيْنِ رِجْليْهَا وَبِأَوْلادِهَا الذِينَ تَلِدُهُمْ لأَنَّهَا تَأْكُلُهُمْ سِرًّا فِي عَوَزِ كُلِّ شَيْءٍ فِي الحِصَارِ وَالضِّيقَةِ التِي يُضَايِقُكَ بِهَا عَدُوُّكَ فِي أَبْوَابِكَ.) تثنية 28: 57
              ومن هنا يسعد كل مسلم بتطبيق شرع الله، وملكوته على الأرض، بل سعد من قبلهم مسيحيو العالم واليهود، وكان العصر الذهبى لليهود فى إسبانيا تحت حكم الإسلام، وكانت سنوات القمع والإضطهاد والتنكيل لليهود والمسلمين ومحاكم التفتيش عندما سقطت إسبانيا فى أيدى المسيحيين، وحكموها باسم الصليب.
              ومصداقًا لما قرأته فى كتابك المقدس جدًا، أن الرافض أو المخالف لشرع الله ملعون، حكمت عليه شريعتكم بالرجم، أى اعتبرته من الكافرين. وأتعجب: ما هو وجه الغرابة فى ذلك، حيث إن إيمانك يقتضى التسليم بنفس الشىء؟
              * * * * *
              عقوبات القتل والقطع والصلب فى الإسلام:
              يواصل الكاتب اعتراضه على الإسلام جملة وتفصيلا، فيقول:
              ما هي بعض القوانين والعقوبات الإسلامية التي يتحتم تطبيقها في الدولة الإسلامية؟
              • يطبق الإسلام سلسلة من العقوبات القاسية على أولئك الذين يتعدون أحكامه. وفيما يلي بعض الأمثلة:
              • مقاومة الإسلام عقوبته الموت أو الصلب أو قطع الأيدي والأقدام أو النفي.
              "إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم". سورة المائدة 33:5
              • الزنا عقوبته الجلد العلني للأعزب والعزباء.
              "الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين". سورة النور 2:24
              أما الزناة من المتزوجين فالعقوبة هى الرجم حتى الموت.
              • السرقة عقوبتها قطع اليدين.
              " السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم". سورة المائدة 38:5
              • السكر عقوبته ثمانون جلدة طبقاً للحديث. البخارى جـ 770:8
              "يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون". سورة المائدة 90:5
              هذا ما قاله الكاتب. أما ردنا فهو:
              لقد بدأ الكاتب بمغالطة كبيرة، وهى اعتبار أن من يُحارب الله ورسوله أن تقطع أيديه وأرجله من خلاف أو يُقتَّل أو يُصلب أو يُنفى من الأرض، وجاءت عقوبته هذه فى سورة المائدة (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الَأرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلاَفٍ أَوْ يُنْفَوا مِنَ الَأرْضِ) المائدة 33
              على الرغم من أن الآية واضحة أن هذه العقوبة عقوبة الإرهابى، البلطجى، قاطع الطريق، بالمصطلحات الحديثة، والذى يسعى فى الأرض فسادًا ويروع الآمنين من الناس، من المسلمين وغير المسلمين الذين يسالمون الدولة الإسلامية سواء بمعاهدة أو كانوا ذميين. فهل تريد عقوبة غير رادعة لأمثال هؤلاء؟
              فالحِرابة بمعنى قَطْع الطريق، وهى تتم بخروج جماعة مُسَلَّحة لإحداث الفوضى وسَفْكِ الدِّمَاء وسلْب الأموال وهتك الأعراض، وإهلاك الحَرْثِ والنَّسل، وكما تتحقق بخروج جماعة تتحقق بخروج فرد واحد له جبروته.
              واشترط الفقهاء لعقوبة الحِرَابة أن يكون الشخص مُكَلَّفًا يحمل سلاحًا، وفي مكان بعيد عن العُمران وأن يُجاهر بذلك، ويمكن أن يكون السلاح عَصَا أو حَجَرًا، وإذا كان الإرهاب داخل العُمران مع إمكان الاستغاثة لم تكن حِرابة عند بعض الفقهاء، وأَلْحَقَهَا بعضهم بالحِرابة لعموم الآية، ولأن التَّرْويع مَوْجُود في أي مكان، ولو أُخِذَ المال سِرًّا كان سَرِقة، فالحِرابة تقوم على المُجاهرة وعدمِ الخَوْفِ.
              ولو لم تتحقق هذه الشروط في حد الحِرابة أَمْكَنَ للقاضي أن يحكم بالتعزير، والتعزير عند أبي حنيفة قد يصلُ إلى القَتْل.
              والعقوبات الموجودة في الآية مُرَتَّبة، كل عقوبة على قَدر الجريمة، فإن كان قتلٌ مع أخذ مال فالعقوبة قتلٌ وصلب وإن كان قتل بدون أخذ مال فالعقوبة القتل فقط، وإن كان أخذ مال دون قتل فالعقوبة تقطيع الأيدي والأرجُل، وإذا كان إرهاب دون قتل ولا أخذ مال فالعقوبة النَّفي وقال مالك، العقوبة مُخيرة وللقاضي أن يحكم بما يشاء فيها.
              ثم تكلم عن حد الزانى المحصن وهو الرجم، فهل لا يعلم الكاتب أن عقوبة الزانى فى كتابه هى الرجم؟
              يحتوى الكتاب الذى يقدسه الكاتب على عدة أحكام، تختلف باختلاف الجرم المُرتكب؛ وذلك فقط فيما يسمونه العهد القديم. أما ما يسمونه العهد الجديد ظلمًا وزورًا فهو ليس بعهد وليس به تشريع،بل كل ما فيه هو محاربة دين موسى ويسوع

              تعليق


              • #67
                الملف 44
                والأنبياء وكتبهم. فقد قام بإلغاء الناموس وكتب الأنبياء، ودسَّ عقائد فاسدة حذَّر الرب من القول بها أو الإيمان والعمل بمقتضاها، مثل كذبة توارث الخطيئة (حزقيال 18: 1-31). ومن هذه العقوبات:
                عقوبة القتل رجمًا:
                (1) عبادة الأوثان: (تثنية 13: 10-11) ولو ارتكبت مدينة بأكملها هذا الجرم (تثنية 13: 12-16) ، مع تحطيم الأوثان وكل ما يتصل بعبادتها ومذابحها وحرقها بالنار (تثنية 7: 5 و 25)
                (2) تقديم الأطفال ذبيحة: (لاويين 20: 2)
                (3) السحر والعرافة ومخاطبة الأرواح: (تثنية 18: 10-11 وخروج 22: 18).
                (4) التجديف على الله وعلى الرؤساء: (لاويين 24: 11-23)، (خروج 22: 28، ورومية 13: 1 و 2).
                (5) النبوة الكاذبة: (تثنية 18: 20-22).
                (6) كسر السبت: (خروج 31: 14-17) ، (عدد 15: 32-36).
                (7) الاستخفاف بناموس الله: أى عدم الخضوع له (عدد 15: 30 و 31)
                (8) عدم الخضوع لقرارت الكاهن فى خيمة الاجتماع أو الهيكل: (تثنية17: 8-12)
                (9) القاتل متعمدًا: (خروج 21: 12 وعدد 35 : 31)
                (10) من اعتدى على أحد والديه بالضرب أو السب: (خروج 21: 15)
                (11) الشذوذ الجنسى والسدومية: (لاويين 18: 22 و29 ولاويين20: 3)
                (12) الاضطجاع مع بهيمة: (لاويين 20: 15-16)
                (13) الزنا: (لاويين 20: 10 ، تثنية 22: 24).
                (14) اغتصاب فتاة مخطوبة أو إغوائها: (تثنية 22: 25-27)
                (15) زواج المحارم: (لاويين 20: 11-14) (لاويين 20: 11 و12 و17 و 19-21) (تثنية 27: 23) و(لاويين 18: 10).
                (16) المعاشرة الزوجية في فترة الطمث: (لاويين20: 18).
                (17) معاندة الوالداين وعدم طاعتهما: (تثنية 21: 18-21)
                (18) من ضرب أباه أو أمه: (خروج 21: 15)
                (19) من سبَّ أباه أو أمه: (خروج 21: 16)
                (20) خطف الإشخاص: (خروج 21: 16) و(تثنية 24: 7)
                (21) ومن يتعدى على وصية بالتحريم كما حدث مع عخان بن كرمي (يشوع 7: 25) وقد رجم استفانوس لاتهامه بالتجديف (أعمال 7: 57 و 58).
                (22) صاحب الثور النطَّاح، إذا أُعلم بخطورة ثوره ولم يعالجه، فنطح الثور إنسانًا وقتله: (الخروج 21: 29)
                عقوبة القتل صلبًا:
                (1) نزل الرب متجسدًا وصلب تكفيرًا لخطيئة حواء: (رومية 5: 8-21).
                عقوبة القتل حرقًا:
                (1) الإعدام بالحرق للرجل الذي يتخذ امرأة وأمها: (لاويين 20: 14).
                (2) الإعدام بالحرق لإبنة الكاهن إذا تدنست بالزنى: (لاويين 21: 9).
                عقوبة قطع اليد:
                (1) المرأة التى تتقدم لكي تخلص رجلها من يد ضاربه، فتمد يدها و تمسك بعورته، (تثنية 25: 12).
                (2) الاعتداء والتشويه: (خروج 21: 24-25 وخروج 21: 26 و 27)
                وهناك عقوبات أخرى مثل:
                (1) الجلد: وكان وسيلة عقاب الرجل الذي يتهم زوجته باطلًا بأنها لم تكن عذراء عندما تزوجها، (خروج 21: 20؛ تثنية 25: 5-10).
                (2) والتعويض والغرامات: (خروج 22: 1-4).
                (3) والاستعباد: (خروج 22: 1-3). مثل عدم دفع الديون (ملوك الثانى 4: 1، نحميا 5: 5، عاموس 2: 6 )، و"إذا افتقر أخوك عندك وبيع لك فلا تستعبده استعباد عبد. كأجير كنزيل يكون عندك إلي سنة اليوبيل يخدم عندك" (لاويين 25: 39-43)
                وهناك عقوبات غريبة لا معنى لها قام بها الرب نفسه أو أمر بها ، مثل:
                (1) الضرب بالحذاء والبصق فى الوجه: (تثنية 25: 5-10)
                (2) الزنى: فقد أسلم رب الأرباب نساء نبيه داود للزنى: (صموئيل الثانى12: 11-12)
                (3) أكل الخراء: الرب يأمر نبيه حزقيال بأكل الخراء الآدمى: )حزقيال 4: 12)
                (4) القذف بالخراء: فقد أمسك الرب الخراء بيديه وقذفه فى وجوه الكهنة: (ملاخى 2: 3)
                (5) المشى حافيًا عاريًا: الرب يأمر إشعياء أن يمشى عاريًا حافيًا لمدة ثلاث سنوات: (إشعياء 20: 2-4)
                (6) الرب يأمر بقتل كل امرأة عاشرت رجلًا من قبل والإبقاء على العذارى:
                عدد 31: 17-18
                (7) الرب يعطى متعمدًا فرائض غير صالحة: (حزقيال 20: 25)
                (8) هدم المنزل المُصاب بالبرص: (45فَيَهْدِمُ الْبَيْتَ: حِجَارَتَهُ وَأَخْشَابَهُ وَكُلَّ تُرَابِ الْبَيْتِ وَيُخْرِجُهَا إِلَى خَارِجِ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَانٍ نَجِسٍ.) لاويين 14: 45
                (9) حرق الملابس المُصابة بالبرص: (50فَيَرَى الْكَاهِنُ الضَّرْبَةَ وَيَحْجِزُ الْمَضْرُوبَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ. 51فَمَتَى رَأَى الضَّرْبَةَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ إِذَا كَانَتِ الضَّرْبَةُ قَدِ امْتَدَّتْ فِي الثَّوْبِ فِي السَّدَى أَوِ اللُّحْمَةِ أَوْ فِي الْجِلْدِ مِنْ كُلِّ مَا يُصْنَعُ مِنْ جِلْدٍ لِلْعَمَلِ فَالضَّرْبَةُ بَرَصٌ مُفْسِدٌ. إِنَّهَا نَجِسَةٌ. 52فَيُحْرِقُ الثَّوْبَ أَوِ السَّدَى أَوِ اللُّحْمَةَ مِنَ الصُّوفِ أَوِ الْكَتَّانِ أَوْ مَتَاعِ الْجِلْدِ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ الضَّرْبَةُ لأَنَّهَا بَرَصٌ مُفْسِدٌ. بِالنَّارِ يُحْرَقُ.) لاويين 13: 50-52
                (10) المعايرة والفضح على الملأ: (45وَالأَبْرَصُ الَّذِي فِيهِ الضَّرْبَةُ تَكُونُ ثِيَابُهُ مَشْقُوقَةً وَرَأْسُهُ يَكُونُ مَكْشُوفًا وَيُغَطِّي شَارِبَيْهِ وَيُنَادِي: نَجِسٌ نَجِسٌ) لاويين 13: 45
                (11) الرب قتل 50070 رجلًا لأنهم نظروا تابوت الرب: هل تتخيل عقوبة القتل لمن ينظر تابوت الرب! أليس خير له أن تُقطع يده أو تُفقأ أحد عينيه ويعيش؟ فلماذا لم ينتظر حتى ينزل ويُصلَب ، حتى لا يعاقبهم مرتين؟ أين رحمته؟ بل أين عدله؟ وأين محبته؟ (19وَضَرَبَ أَهْلَ بَيْتَشَمْسَ لأَنَّهُمْ نَظَرُوا إِلَى تَابُوتِ الرَّبِّ. وَضَرَبَ مِنَ الشَّعْبِ خَمْسِينَ أَلْفَ رَجُلٍ وَسَبْعِينَ رَجُلًا. فَنَاحَ الشَّعْبُ لأَنَّ الرَّبَّ ضَرَبَ الشَّعْبَ ضَرْبَةً عَظِيمَةً.) صموئيل الأول 6: 19
                (12) الرب يعاقب الأشدوديين بالبواسير: (6فَثَقُلَتْ يَدُ الرَّبِّ عَلَى الأَشْدُودِيِّينَ, وَأَخْرَبَهُمْ وَضَرَبَهُمْ بِالْبَوَاسِيرِ فِي أَشْدُودَ وَتُخُومِهَا.) صموئيل الأول 5: 6
                (13) الرب حكم على الحيَّة أن تأكل ترابًا بقية عمرها جزاء إغوائها لآدم وحواء: فهل سمعتم عن حيَّة تأكل التراب؟ (14فَقَالَ الرَّبُّ الإِلَهُ لِلْحَيَّةِ: «لأَنَّكِ فَعَلْتِ هَذَا مَلْعُونَةٌ أَنْتِ مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ وَمِنْ جَمِيعِ وُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ. عَلَى بَطْنِكِ تَسْعِينَ وَتُرَابًا تَأْكُلِينَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكِ.) تكوين 3: 14
                (14) الرب يحكم على بنى آدم بالتعب عمره كله: (16وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ. بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ». 17وَقَالَ لِآدَمَ: «لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ امْرَأَتِكَ وَأَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ قَائِلًا: لاَ تَأْكُلْ مِنْهَا مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. 18وَشَوْكًا وَحَسَكًا تُنْبِتُ لَكَ وَتَأْكُلُ عُشْبَ الْحَقْلِ. 19بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزًا حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لأَنَّكَ تُرَابٌ وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ»)تكوين 3: 16-19
                (15) حدُّ الحرابة والتمثيل بالموتى: (11فَكَمْ بِالْحَرِيِّ إِذَا كَانَ رَجُلاَنِ بَاغِيَانِ يَقْتُلاَنِ رَجُلًا صِدِّيقًا فِي بَيْتِهِ عَلَى سَرِيرِهِ! فَالآنَ أَمَا أَطْلُبُ دَمَهُ مِنْ أَيْدِيكُمَا وَأَنْزِعُكُمَا مِنَ الأَرْضِ؟» 12وَأَمَرَ دَاوُدُ الْغِلْمَانَ فَقَتَلُوهُمَا، وَقَطَعُوا أَيْدِيَهُمَا وَأَرْجُلَهُمَا وَعَلَّقُوهُمَا عَلَى الْبِرْكَةِ فِي حَبْرُونَ. وَأَمَّا رَأْسُ إِيشْبُوشَثَ فَأَخَذُوهُ وَدَفَنُوهُ فِي قَبْرِ أَبْنَيْرَ فِي حَبْرُونَ.) صموئيل الثانى 4: 11-12
                وهكذا تجد عزيزى الكاتب حد القتل والقطع والرجم والحرابة فى كتابك، فعلام الاعتراض إذن؟ أما كان يجب عليك دراسة كتابك أولا، ثم نترك ما اتفقت عليه الديانتان، ثم تنباحث فيما اختلفا فيه؟
                أما قولك:
                هل تطبق هذه القوانين على الأقلية غير المسلمة في الدولة الإسلامية؟
                • غير المسلمين يجب أن يتبعوا نفس القوانين وتطبق عليهم نفس العقوبات.
                "ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين". سورة آل عمران 85:3
                فأرد عليك قائلا:
                نعم تُطبق القوانين الجنائية على كل سكان البلد. أما أحكام الزواج والطلاق والمحرمات من الطعام والشراب والملبس فلكم دينكم ولنا ديننا. مع الأخذ فى الاعتبار أن ما تسمونه بالعهد الجديد لا يحتوى على أى أحكام جنائية. وعلى ذلك فليس أمامنا إلا أن نطبق قوانين العهد القديم، أو القانون الفرنسى أو الرومانى أو الأمريكى أو غيره من أنظمة القضاء المختلفة. لكن ما الفرق فى نظرك أن يُطبق فى بلدك العقوبات الجنائية الإسلامية أم الرومانية أم الفرنسية؟ هل اعترض أحد منكم على القانون الجنائى الفرنسى المطبق فى البلد؟ هل اعترض أحد منكم على قتل السارق فى روسيا الأرثوذكسية؟ فهل تطبيق حكم الله فى أرض الله تعتبرونه إضطهادًا لكم، وإذا طُبِّق قانون غيره ترضون به؟ أليس هذا من التعصُّب ضد الإسلام؟
                وبما أنه لم يعترض إنسان منكم على القوانين الوضعية، التى تشمل أيضًا القتل والحبس والجلد والإهانة، فهذا يعنى أنه لا فرق لديكم فى أى القوانين تُطبَّق لضبط المجتمع! فعلام الاعتراض إذن؟
                وإذا لم نطبق حكم الله الإسلامى، فهل لديكم فى كتابكم حكم لإلهكم فيما يُسمَّى بالعهد الجديد؟ لا. ولنتناول قضية رجم الزانية التى شهد عليها من أمسكوها تزنى، ورد فعل يسوع على هذه الحادثة، وما جدوى رده هذا على القضاء على هذا الجرم: (3وَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ امْرَأَةً أُمْسِكَتْ فِي زِنًا. وَلَمَّا أَقَامُوهَا فِي الْوَسَطِ 4قَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ هَذِهِ الْمَرْأَةُ أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ الْفِعْلِ 5وَمُوسَى فِي النَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ تُرْجَمُ. فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ؟» 6قَالُوا هَذَا لِيُجَرِّبُوهُ لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ مَا يَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ. وَأَمَّا يَسُوعُ فَانْحَنَى إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ بِإِصْبِعِهِ عَلَى الأَرْضِ. 7وَلَمَّا اسْتَمَرُّوا يَسْأَلُونَهُ انْتَصَبَ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلًا بِحَجَرٍ!» 8ثُمَّ انْحَنَى أَيْضًا إِلَى أَسْفَلُ وَكَانَ يَكْتُبُ عَلَى الأَرْضِ. 9وَأَمَّا هُمْ فَلَمَّا سَمِعُوا وَكَانَتْ ضَمَائِرُهُمْ تُبَكِّتُهُمْ خَرَجُوا وَاحِدًا فَوَاحِدًا مُبْتَدِئِينَ مِنَ الشُّيُوخِ إِلَى الآخِرِينَ. وَبَقِيَ يَسُوعُ وَحْدَهُ وَالْمَرْأَةُ وَاقِفَةٌ فِي الْوَسَطِ. 10فَلَمَّا انْتَصَبَ يَسُوعُ وَلَمْ يَنْظُرْ أَحَدًا سِوَى الْمَرْأَةِ قَالَ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ أَيْنَ هُمْ أُولَئِكَ الْمُشْتَكُونَ عَلَيْكِ؟ أَمَا دَانَكِ أَحَدٌ؟» 11فَقَالَتْ: «لاَ أَحَدَ يَا سَيِّدُ». فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «ولاَ أَنَا أَدِينُكِ. اذْهَبِي وَلاَ تُخْطِئِي أَيْضًا».) يوحنا 8: 2-11
                حذفت الترجمة العربية المشتركة هذه الفقرة، وذلك بوضعها بين قوسين معكوفين أى أخرجتها من دائرة كلام الله إلى كلام الشيطان الذى أضافها هنا للنص. وعلقت فى هامشها قائلة: (لا نجد 7: 53 – 8: 11 فى المخطوطات القديمة وفى الترجمات السريانية واللاتينية. بعض المخطوطات تجعل هذا المقطع فى نهاية الإنجيل.)
                وفى تقديم الترجمة العربية المشتركة يقول الكتاب: (فى هذه الترجمة استندت اللجنة إلى أفضل النصوص المطبوعة للكتاب المقدس فى اللغتين العبرية واليونانية). فإذا كانت أفضل النصوص لا تحتوى على هذه الفقرات ، فلماذا تتمسك الكنيسة بها على أنها من وحى الله؟
                ويقول الدكتور بارت إيرمان أستاذ المخطوطات إن هذه القصة أضيفت من قبل الكتاب المتأخرين، حيث لا توجد هذه الفقرة فى أى مخطوطة من المخطوطات القديمة، التى تحتوى على إنجيل يوحنا، كذلك لم يذكرها المؤلفون اليونانيون، الذين قاموا بتفسير إنجيل يوحنا، إلا فى القرن العاشر، أى بعد ألف سنة من رفع يسوع، فأسلوب هذه القصة لو قرأت باليونانية، لظهر الفارق اللغوى بين يونانية إنجيل يوحنا، ويونانية هذه الفقرة، ولهذا يُخمَّن أن هذه القصة سمعها أحد الكتبة، فرأى أنها تؤكد على تعاليم التسامح والمحبة التى تكلم عنها يسوع، فكتبها على هامش الصفحة، ثم جاء كاتب آخر وظن أن القصة من متن النص، فوضعها فى متن الإصحاح الثامن، وتناولها النساخ من بعده كنص أصيل من الكتاب المقدس، حتى وصلت إلى المخطوطة التى ترجموا منها نسخة الملك جيمس عام 1611.
                ويقول الأب متى المسكين فى (شرح إنجيل القديس يوحنا) ص650: ( ويكشف هؤلاء الآباء عن سبب غياب هذه القصة من المخطوطات الأخرى، وهو خوف الآباء الأوائل من استخدام هذه القصة كمشجع للإنحلال الخُلُقى، مما حدا بهم إلى حذفها من نسخ بعض المخطوطات (أغسطين "ضد بيلاجيوس"، 2: 17).
                ويلاحظ الباحث أن الآباء الشرقيين كانوا هم الأكثر تحفظًا وامتناعًا، بل وحضًّا على الامتناع عن الخوض فى شرح هذه القصة، أو الرجوع إليها أو حتى ذكرها بالمرة، بل وقد لجأ البعض إلى جحد هذه القصة برُمَّتها سواء بسبب اعتراضات خارجية فى القصة أو اعتراضات جوهرية أخلاقية. والذين جحدوا هذه القصة أو صمتوا إزاءها هم: أوريجانوس ويوحنا ذهبى الفم وكبريانوس. ومعروف أن أوريجانوس كان مُحارَبًا جنسيًا إلى الدرجة التى خصى فيها نفسه بنفسه، لذلك فإن حذفها من شرحه لإنجيل يوحنا له ما يبرره من ظروفه الخاصة. ويوحنا ذهبى الفم كان مضطهدًا على مستوى اضطهاد المعمدان بسبب التعليق على خطية الزنا، لذلك فإن حذف هذه القصة من تفسيراته يتمشى مع ظروف حياته وخدمته أيضًا.)
                وإلى هنا يكون الأب متى المسكين قد أثبت تدخل الأهواء الشخصية للآباء فى تكوين الكتاب المقدس وتفسيره، وأنهم كان لهم الأمر والنهى فى حذف نصوص وإثبات أخرى.
                وإلى هنا نكون قد علمنا أن من الآباء من يخجل من هذا النص، لأنه بكل صراحة يبيح الزنى! وقس على ذلك كل الجرائم الأخرى من قتل ونهب وإرهاب وتزوير، وبما أنه لا يوجد إنسان بلا خطية، فلا يحق لأحد أن يدين أحد أو يحاكمه.
                وبالاختصار:
                ليس لديك عزيزى الكاتب تشريع فيما تسميه بالعهد الجديد، بل كل ما لديك هو هدم لتشريعات الرب السابقة. أى لا يمكننا العمل بتشريع من عندك، لعم وجود تشريعات جنائية فى كتابك. وكل ما لديك هو عدم الحكم على إنسان ما فى قضية ما لأنه لا يوجد إنسان بلا خطية، وعليك أن تحب عدوك، وإذا سرق منك شيئًا فاعطه الباقى أيضًا، وإذا سخَّرك ميلا فلتجعلها أميالا!
                كما أنك تفتقد بناءً على إيمانك بنص المرأة الزانية ويسوع إلى معرفة الصالح للمجتمع من القوانين الهدَّامة له.
                أنتم تقبلون أى قانون جنائى فرنسى كان أو غيره، فعلى أى أساس ترفض القانون الجنائى الإسلامى؟ هل فقط لأنه إسلامى؟ فإن القانون الجنائى الإسلامى يرفضه نوعان من البشر: إنسان غير مسلم يمقت الإسلام، حتى لو جاءه بالحق، والآخر إنسان مُخالف أو ينوى أن لا يستقيم، ويخشى أن يقع تحت براثن هذا القانون فيُقتل أو يُرجم أو تُقطع يده! وأربأ بك أن تكون من أى منهما!!
                * * * * *
                هل يسمح الإسلام بوجود حزب للمعارضة في الدولة الإسلامية؟
                ويواصل الكاتب فيقول:
                هل يسمح الإسلام بحزب للمعارضة في الدولة الإسلامية؟
                • لا. لأن الحاكم يحكم بأمر الله، والله لا يعارض.
                "وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ذلكم الله ربى عليه توكلت وإليه أنيب". سورة الشورى 10:42
                "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول". سورة النساء 59:4
                هل طبقت تجربة الدولة الإسلامية في العصر الحديث؟ وما مدى نجاحها إن كانت قد طبقت؟
                • هناك كثير من الدول التى تطبق الشريعة الإسلامية بدرجات متفاوتة. بعض الدول التي تطبق الإسلام بطريقة متزمتة هي: المملكة العربية السعودية، وإيران، والسودان، وباكستان. حالة هذه الدول تتكلم عن نفسها: خرق لمبادئ حقوق الأنسان، عنف وإرهاب، قمع واضطهاد. معظم الدول الإسلامية في حالة إفلاس اقتصادي، قد يصل عند بعضها إلى درجة تعرضها للمجاعات، ناهيك عن سوء الأخلاق وافتقاد الأمان.
                هذا ما قاله الكاتب. أما ردنا فهو:
                سنتكلم هنا عن النقاط الآتية:
                1- المعارضة وأحزاب المعارضة فى الإسلام
                2- مدى نجاح تطبيق فكرة الدولة الإسلامية فى العصر الحديث
                أولًا: المعارضة فى الإسلام ليست الاختلاف فى الرأى من أجل الاختلاف، ومعارضة الحاكم وحكومته أينما ذهبا، وكيفما تصرفا، حيث يحكم الحاكم بما أنزله الله تعالى، فليس لمسلم أن يعترض على حكم الله، ولكنه يكون مراقبًا للحاكم وحكومته، ساهرًا على استقامة الحاكم على الحكم بشرع الله تعالى. وعلى ذلك فإن المعارضة فى الإسلام تُفهم بصورة إيجابية، فالمعارض منقذ للحاكم وحكومته من سؤال الله لهم يوم القيامة ومحاسبته إياهم على خروجهم عن طاعته، كما أنه منقذ لهم ولشعبهم أو أمتهم فى الدنيا فى فترة حكمهم، مؤسسًا لمفاهيم وقواعد إيجابية يسير عليها من يخلفهم.
                وتعريف المعارضة كما يفهمها الإسلام يعرفها الشيخ فاضل الصفار بقوله: (إن كلمة المعارضة أو الخلاف في الرأي لا يجب أن نتصورها كلمة تنطوي على جملة من المعاني والمفاهيم السلبية التي تضر ولاتنفع؛ لأن المعارضة لاتعني الافتراء والتهمة والإساءة وكل كلام جارح يحط من قدر الإنسان، ويخرج عن موازين الحق والاعتدال، ولاتعني أيضًا إخفاء العداوات والأحقاد والضغائن التي من شأنها تمزيق الأُمة وتحطيم أواصر الوحدة والمحبة الدينية والوطنية بين الناس.
                كما أن المعارضة لاتعني المخاصمة والصراع والمحاربة والمواقف السلبية بين الأطراف السياسية التي تشغلها في صراعات هامشية تصرفها عن البناء والتقدم والأعمال الإيجابية، وإلى غير ذلك من التعابير والتسميات المذمومة التي يلصقها بها الحكام المستبدون من أجل التفرد بالأُمور ومصادرة الحرية.
                وإنما المعارضة تعني العمل والكفاح المتواصل في مراقبة أجهزة الدولة ومتابعة مواقفها ومخططاتها ومحاولة توعية وإثارة الرأي العام دائمًا من أجل اليقظة على أُموره والتنبه لما يمر به من أحداث، ومايجب عليه من مواقف، أي إن المعارضة تعني حماية الحرية وحقوق الشعب من خطر الاستبداد والعدوان السلطوي الذي قد تسببه له سياسة الحكومة في غفلة من الشعب).
                فالمعارضة التى يقبلها الإسلام إذن هى النصيحة، والتى يمكننا أن نسميها المعارضة البنَّاءة الإيجابية، وهى فريضة على كل مسلم مؤهل لمثل هذه النصيحة، وليست المعارضة التى تُبنى على الأهواء الشخصية، والأمراض النفسية. وهى كما يقول عنها الشيخ فاضل الصفار: (المعارضة التي يؤيدها الإسلام ويعتبرها حقًا طبيعيًا يجب أن يتمتع به كل إنسان هي المعارضة الإيجابية، بل وفوق ذلك يعتبرها فريضة على كل مسلم وإن اختلفت تسميته لها، فمرة يصطلح عليها بالرأي والنصيحة، ومرة بالشورى والمشاورة، ومرة بالأمر بالمعروف، وأُخرى بالتنافس والمنافسة، وهكذا.)
                وذلك لأن (المعارضة الإيجابية تعني إبداء الرأي الخالص لوجه الله دون هوى أو غضب وقصد الهدم والإحراج أو الانتقام وإشفاء الغليل، وإنما إبداء الرأي والنقد الهادف إلى البناء والتقويم وتلبية مصالح الناس، بينما المعارضة السلبية تعني المعارضة لذات المعارضة وبقصد الهدم وإحراج الحاكم وتعطيل خططه ومشاريعه وغيرها من النوايا والأهداف التي لم يقبل بها الإسلام غاية للنقد وحرية الرأي.
                والمعارضة الإيجابية تعني توظيف الطاقات والإمكانات الفكرية والخبروية في سبيل الحق وتوخي العدل والصلاح والخير للجميع في شكل هيئات وجماعات تهتم لخدمة الصالح العام في الوقت الذي تعني المعارضة السلبية أن يكون فريق من الناس المنغلقين على أنفسهم كل وظيفتهم هي النقد والمعارضة بصفة دائمة لكل قرار أو مشروع إيجابي كان أو سلبي، أي يكون ديدنهم الخلاف والمخاصمة حتى لو كانوا في قرارة نفوسهم مقتنعين بفائدته للأُمة وخيره للوطن تعصبًا وعنادًا.
                المعارضة الإيجابية تعني تحكيم القيم والمبادىء والأُصول الأخلاقية في العمل السياسي بعيدًا عن المصلحية والأنانية وحب الذات والدجل والنفاق التي هي سمات المعارضة السلبية غالبًا، وهي التي تقلب التنافس الحر إلى صراع حقيقي وحاد تحدو به الغرائز والمصالح الشخصية على حساب مصالح الشعب وأهدافه العليا، فإن من شأن المعارضة السلبية أنها تحول المقاومة إلى انتقام، والتفاهم إلى عنف وإرهاب وتطرف في الآراء والمواقف، بينما تتجسد المعارضة الإيجابية في خطوات سريعة وبناءة نحو الهدف يسودها التوازن والاعتدال والجنوح إلى السلم.)
                يواصل الشيخ فاضل الصفار قوله عن المعارضة ومتى يحق للحاكم إقافها، فيقول: (ونحن لكي نسد أمام الديكتاتورية أبواب الفردية والتمرد والاستبداد بالأُمور، ونسحب من يدها إمكانية القدرة على قمع الأصوات وتصفية المعارضين بحجة اتهامهم بالسلبية والعنف والخروج على النظام لابد لنا أن نعرف أيضًا متى تفتقد المعارضة شرعيتها السياسية وتصبح وجودًا خارجًا عن القانون؟ وفي أي ظرف يحق للدولة أن تحظر المعارضة وتعتبرها مخالفة للنظام؟
                لاشك أننا لايمكن أن نقضي في الخصومة قبل معرفة أطرافها، كما لايحق لنا أن نحكم على جهات المعارضة للدولة بأنها تدخل ضمن فصائل المعارضة السلبية أو الإيجابية حتى نبيح حظرها أو لا نبيحه ما لم نشخص حقيقة أهدافها ونواياها، ونتفهم مواقفها بعمق وروية ونظرة مجردة من التطرف والميول السياسية الخاصة،وإلا لأصبحت تهمة السلبية أفضل وسيلة تستخدمها السلطات الديكتاتورية من أجل قمع الشعب ومصادرة حرياته.
                إن مبادىء الإسلام الحرة التي أكدت على أصالة الحرية في الإنسان في كل أفعاله وأحواله لم تر أي حق للدولة يجيز لها حظر المعارضة أو الغاءها بصورة مطلقة، كما لم تترك قضية حرية المعارضة مفتوحة وبلا ضوابط أو قيود، وإنما انتهجت سبيلًا وسطًا يكفل لنا حرية الرأي والنقد والمعارضة إلى جانب رعاية المبادىء وحفظ النظام، حيث أباح الإسلام عمل المعارضة واعتبره حقًا مشروعًا للجميع، ولكن بشرط أن لا تحمل السلاح وتهدد أمن الشعب بالفوضى والاضطراب وانعدام الأمن إلا عند الضرورات القصوى، أو توفر الشرائط الموضوعية والشرعية الخاصة، أي إن الإسلام يجيز كل أنواع المعارضة السياسية ما عدا المعارضة المسلحة فقط، لا لأنها معارضة، بل لأنها بشهر السلاح تخرج عن دائرة المعارضة، وتصبح ممارسة عدوانية ظالمة تعرض الشعب إلى الفتن والمخاطر، والإسلام يحارب الظلم، ويمنع التجاوز بكل أشكاله.
                إن الإسلام الذي يمنح الإنسان الحقوق والحريات كافة، ويطلق بيديه الاختيارات المشروعة كافة من دون موانع أو ضغوط تحد من تصرفاته؛ لأنه يعتمد اعتمادًا كبيرًا على يقظة الضمير ووازع الدين والتهذيب النفسي والأخلاقي في تحديد سلوك الإنسان وأعماله، ولذلك فهو بعد أن يربيه ويهذبه يبيح له الأشياء، وهو بذلك مطمئن عليه؛ لأنه مؤمن بأنه لو أراد تجاوز المبادىء والقيم لكان في ضميره ووجدانه ما يكفي في ردع الحكومة أو عقوبة القانون عادة.
                أما عندما يحظر عليه المعارضة المسلحة لا لأنه يريد تحديد حريته عليه، أو تضييق دائرة اختياراته، بل لأن المعارضة المسلحة بذاتها ضد الحرية واعتداء سافر على الأمن والسلام الاجتماعي، وهو بلا شك مما يجب الوقوف أمامه والحد من أضراره وأخطاره؛ لأنه يدخل حينئذ في باب الدفاع الذي هو حق مشروع للجميع.)
                ومن هنا كانت سياسة النبي  قائمة على الحريات المطلقة، وخصوصًا حرية المعارضة، إلا مع من دعا إلى حمل السلاح، وتجييش الجيوش ضد الدولة الإسلامية، كما حدث مع من أسميتهم عزيزى الكاتب بالإغتيالات السياسية، والتى أمر فيها بقتل كعب بن الأشرف وغيره.
                ومما يدل على أن سياسة النبى  كانت قائمة على التسامح مع المعارضة المسالمة هى معارضة الكثيرون له من الكفار والمسلمين والمنافقين واليهود، بل (مع كل ذلك كان يواجهها بالحلم والصبر والمداراة وحسن السيرة، ولم يذكر لنا التأريخ أنه قد استخدم في حقها السيف، وسعى للقضاء عليها باستعمال الوسائل التي تتنافى مع الإنسانية والمبادىء الإسلامية الحرة.)
                حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ  كَانَ فِي مَحْفِلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، إِذْ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، قَدْ صَادَ ضَبًّا وَجَعَلَهُ فِي كُمِّهِ يَذْهَبُ بِهِ إِلَى رَحْلِهِ، فَرَأَى جَمَاعَةً، فَقَالَ: مَا هَذِهِ الْجَمَاعَةُ؟، قَالُوا: عَلَى هَذَا الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، فَشَقَّ النَّاسَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا اشْتَمَلَتِ النِّسَاءُ عَلَى ذِي لَهْجَةٍ أَكْذَبَ مِنْكَ وَلا أَبْغَضَ، وَلَوْلا أَنْ تُسَمِّيَنِي قَوْمِي عَجُولا، لَعَجِلْتُ إِلَيْكَ فَقَتَلْتُكَ فَسَرَرْتُ بِقَتْلِكَ النَّاسَ جَمِيعًا، فَقَالَ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْنِي حَتَّى أَقْتُلَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : "أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْحَلِيمَ كَادَ يَكُونُ نَبِيًّا؟"
                ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ، فَقَالَ: وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى، لا آمَنْتُ بِكَ، وَقَدْ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ : "يَا أَعْرَابِيُّ، مَا حَمَلَكَ عَلَيَّ بِأَنْ قُلْتَ مَا قُلْتَ، وَقُلْتَ غَيْرَ الْحَقِّ، وَلَمْ تُكْرِمْ مَجْلِسِي؟!" قَالَ: وَتُكَلِّمُنِي اسْتِخْفَافًا يَا مُحَمَّدُ؟! وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى لا آمَنْتُ بِكَ، أَوْ يُؤْمِنْ بِكَ هَذَا الضَّبُّ؟! فَأَخْرَجَ ضَبًّا مِنْ كُمِّهِ، وَطَرَحَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ، وَقَالَ : إِنْ آمَنَ بِكَ هَذَا الضَّبُّ آمَنْتُ بِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : "يَا ضَبُّ"، فَتَكَلَّمَ الضَّبُّ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ يَفْهَمُهُ الْقَوْمُ جَمِيعًا: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يَا رَسُولَ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ : "مَنْ تَعْبُدُ؟"، قَالَ: الَّذِي فِي السَّمَاءِ عَرْشُهُ، وَفِي الأَرْضِ سُلْطَانُهُ، وَفِي الْبَحْرِ سَبِيلُهُ، وَفِي الْجَنَّةِ رَحْمَتُهُ، وَفِي النَّارِ عَذَابُهُ، قَالَ: "فَمَنْ أَنَا يَا ضَبُّ؟" قَالَ: أَنْتَ رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ صَدَّقَكَ، وَقَدْ خَابَ مَنْ كَذَّبَكَ، فَقَالَ الأَعْرَابِيُّ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا، وَاللَّهِ لَقَدْ أَتَيْتُكَ وَمَا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ أَحَدٌ هُوَ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْكَ، وَاللَّهِ لأَنْتَ السَّاعَةَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي وَمِنْ وَالِدَيَّ، وَقَدْ آمَنَ بِكَ شَعْرِي وَبَشَرِي وَدَاخِلِي وَخَارِجِي وَسِرِّي وَعَلانِيَتِي، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ : "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَاكَ إِلَى هَذَا الدِّينِ الَّذِي يَعْلُو وَلا يُعْلَى، لا يَقْبَلُهُ اللَّهُ إِلا بِصَلاةٍ، وَلا يَقْبَلُ الصَّلاةَ إِلا بِقُرْآنٍ ..." (أورده الهيثمي في مجمع الزوائد ورواه الطبراني ) حديث مرفوع
                ويحكى البخارى أن رهطًا من اليهود دخلوا على الرسول  وسبوه بدلا من تحيته، ورفض عنف عائشة رضى الله عنها فى ردها عليهم: (5901 حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ دَخَلَ رَهْطٌ مِنْ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ  فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكَ فَفَهِمْتُهَا فَقُلْتُ عَلَيْكُمْ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ  مَهْلًا يَا عَائِشَةُ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  فَقَدْ قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ)
                وفى حادثة أخرى: كان عمير في مجلس عمه الجُلاس، فقال له: يا عماه، سمعت الرسول ، يخبرنا عن الساعة حتى كأني أراها رأي العين، فقال الجُلاس بن سويد: يا عمير، والله إن كان محمد صادقًا، فنحن شر من الحمير، فانتقع وجه عمير بن سعد، واهتز جسمه، وانتفض كيانه، وقال: يا عم، والله إنك كنت من أحب الناس إلى قلبي، والله لقد أصبحت الآن أبغضهم إلى قلبي جميعًا.
                يا عم، أنا بين اثنتين؛ إما أن أخون الله ورسوله، فلا أخبر الرسول  بما قلت، وإما أن أخبر الرسول  وليكن ما يكون، فكأن عمه استخف به واستبعد أن يصدقه رسول الله  وهو شاب صغير ...
                وبينما يجلس النبى  وصحابته رضوان الله عليهم، إذ دخل عليهم عمير وهو يتوقد إيمانا وغيرة على دين الله تعالى وجلس أمام الرسول ، وقال: يا رسول الله، الجُلاس بن سويد، خان الله ورسوله، وهو عمي، وقد تبرأت إلى الله ثم إليك منه. قال الرسول : وماذا قال؟ قال عمير: قال: لو كان محمد صادقًا، لنحن شر من الحمير!!
                فأشار الصحابة على الرسول  أن عمير طفل صغير، والجُلاس عمه يصلى معنا، وهو شيخ كبير. فأعرض الرسول  عن الموضوع، والغلام. وعلى هذا تراءى للغلام أن الرسول والصحابة يكذبونه وهو صادق، فتوجه إلى الذي يعلم السرّ وأخفى قائلا: اللهم إن كنتُ صادقًا فصدقني، وإن كنتُ – يا رب – كاذبًا فكذبني، فوالله ما غادر مجلسه، ولا قام من المسجد، إلا وجبريل ينزل بتصديقه من فوق سبع سماوات، وأنزل الله (يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ) التوبة 74
                فاستدعى رسول الله  الجُلاس فسأله عن الكلمة، فحلف بالله ما قالها، فقرأ رسول الله : "يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ" أما أنت يا جُلاس، فقد كفرت بالله، فاستأنف توبتك، فإن الله تعالى يقول: "فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ". واستدعى الرسول  عمير بن سعد وقال له: (مرحبًا بالذي صدقه ربه من فوق سبع سموات) والقصة أوردها السيوطي وعزاها لعبد الرزاق وابن أبي حاتم
                وعن كيفية تعامل الإسلام مع المعارضين غير المسلحين أو الداعين إلى الحرب والفرقة بين صفوف المسلمين يرى الأستاذ علاء الدين عبد المنعم أن الله تعالى ضرب لنا مثلا بقصة الشيطان واعتراضه على السجود لآدم. بل وتحاور معه، وسمح للشيطان أن يقول سبب كفره واعتراضه على تنفيذ أمر الله تعالى له، وحين طلب إبليس من الله سبحانه وتعالى أن يمهله حتى يوم القيامة، فاستجاب الله له، ولم يسجنه أو يعذبه أو ينهى حياته فورًا أو يجعله عدمًا جزاءً له على معارضته بل أمهله إلى يوم يبعثون.
                وواقع القياس هنا أن عدم السجود لآدم هو من باب الاعتراض والمعارضة لأمر الله تعالى. مع الأخذ فى الاعتبار أن أمر الله تعالى واجب التنفيذ دون أدنى تباطوء أو اعتراض.
                وفى القرآن الكريم يأمرنا الله تعالى أن نجادل خصومنا بالتى هى أحسن: «وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِى هِيَ أَحْسَنُ» ولا تكون المجادلة إلا فى أحوال المعارضة.
                وفى عهد رسولنا الكريم والصحابة الأجلاء كانت المعارضة؛ حيث كان الصحابة يسألون الرسول فى بعض الأمور المتعلقة بشئون حياتهم، وكثيرًا ما كان يتفق الصحابة ويختلفون ويعارضون دون حرج أو تردد فى معارضتهم للرسول، وهذا التوجه شهدته غزوة بدر عندما طالب الصحابة الرسول بتغيير قراره فى منزل الجيش الذى سيلاقى قريشًا وقد غيره الرسول فعلًا.
                وبعد المعركة خالف عمر بن الخطاب الرسول فيما يتعلق بأسرى قريش.. وامتدت معارضة الصحابة للرسول فى غزوة الخندق عندما عارض الأنصار قيام الرسول بتوقيع معاهدة مع حلفاء قريش كى ينصرفوا عن المدينة المحاصرة، إلا أن الأنصار لم يوافقوا على المعاهدة فنزل الرسول عن رأيه وعدل عن المعاهدة وقام  إلى صحيفة المعاهدة ومحاها (د. محمد عمارة فى "الإسلام حقوق وواجبات").
                وعندما فتح الرسول  مكة، لم يفتك بأعدائه، الذين كانوا محاربين له، بل سألهم: (ماذا تظنون أنى فاعل بكم؟ قالوا: أخ كريم، وابن أخ كريم, فقال لهم : اذهبوا فأنتم الطلقاء!)
                وقد روى البخارى: (وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنهما - قَالَ غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ  غَزْوَةً قِبَلَ نَجْدٍ فَأَدْرَكَنَا رَسُولُ اللَّهِ  في وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاه فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ  تَحْتَ شَجَرَةٍ فَعَلَّقَ سَيْفَهُ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا - قَالَ - وَتَفَرَّقَ النَّاسُ في الوادي يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ - قَالَ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : « إِنَّ رَجُلًا أتاني وَأَنَا نَائِم،ٌ فَأَخَذَ السَّيْفَ، فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِي، فَلَمْ أَشْعُرْ إِلاَّ وَالسَّيْفُ صَلْتًا في يَدِهِ، فَقَالَ لي: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ. ثُمَّ قَالَ في الثَّانِيَةِ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ. قَالَ فَشَامَ السَّيْفَ فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ». ثم لم يعرض له رسول الله .
                وفى مسند الإمام أحمد: سأل الرجل الكافر الرسول  مشهرًا سيفه فى وجهه: من يمنعك منى؟ قَالَ الرسول : «اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ». فَسَقَطَ السَّيْفُ مِنْ يَدِه،ِ فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ  فَقَالَ الرسول : «مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟». قَالَ الرجل الكافر: كُنْ كَخَيْرِ آخِذٍ. قَالَ الرسول : «أَتَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ». قَالَ الرجل الكافر: لاَ، وَلَكِنِّى أُعَاهِدُكَ أَنْ لاَ أُقَاتِلَكَ، وَلاَ أَكُونَ مَعَ قَوْمٍ يُقَاتِلُونَكَ. فَخَلَّى سَبِيلَهُ - قَالَ-: فَذَهَبَ إِلَى أَصْحَابِهِ، قَالَ: قَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ خَيْرِ النَّاسِ) مسند الإمام أحمد - (31 / 348) رقم (15314).
                لقد كانت فى الإسلام مشروعية للمعارضة، وكانت معارضة ذات صبغة سياسية ولم تكن مجرد معارضة لحاكم، لقد كانت فى مواجهة النبى الأعظم.
                وبعد وفاة الرسول وانتقاله إلى رحاب ربه ظهرت معارضة قوية متمثلة فى الأنصار ورفضهم مبايعة أبى بكر التى شهدتها سقيفة بنى ساعدة، بل كان على  غير موافق على مبايعة أبى بكر خليفة للمسلمين فى أول الأمر وتقديرًا منه للشيخ الجليل قبل على بخلافة أبى بكر وإن كان دون رضاء تام.
                وحين تمت البيعة للخليفة عمر بن الخطاب، الخليفة العادل، كانت الرعية تعارض وهو يتقبل المعارضة ولا أدل على ذلك من معارضة امرأة له فى شأن المهور فأخذ برأيها وقال قولته الشهيرة: «أصابت امرأة وأخطأ عمر».
                وحين بويع على  كان له معارضون، سواء أكانوا معترضين على ولايته أصلًا أم مخالفين له فى الرأى كما حدث فى واقعة التحكيم بينه وبين معاوية بن أبى سفيان.
                والمعارضة فى الإسلام (ليست ترفًا فكريًا أو ممارسة على الهامش يتوخى منها قضاء الوقت والتلهية الكلامية. والمناقشات الفارغة في مسائل جانبية لا تهم صميم المجتمع ولا واقع الحياة، كما أنها ليست كما يدعي أنصار الديكتاتورية وأصحاب المذهب الفردي من أنها عمل زائد عن الحاجة، ووجوده يضر ولا ينفع؛ لأنه يلتهم الأوقات، ويشغل الطاقات ويصرفها في مهمات لاتمس حاجة البلد، بل إن المعارضة ضرورة من ضرورات استقرار المجتمع وفلاح الأُمة وتوازن السياسة واعتدالها، وخاصة في هذه الأيام التي يغيب فيها الضمير والأخلاق والوازع الديني عن المسرح السياسي، ولم تبق أية حصانة ذاتية يمكن أن تحد من تجاوزات السلاطين والحكام على شعوبهم.) الشيخ فاضل الصفار بتصرف
                وعلى ذلك لا يمانع الإسلام من المعارضة، أو تكوين حزب معارض غرضه الأخذ بيد الحاكم ومراقبة أحكامه وتصرفاته بما يتناسب مع شرع الله تعالى، الذى هو دستور الأمة، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وهم الذين وصفهم الله تعالى بأنهم هم المفلحون قال الله تعالى: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) آل عمران 104
                ووصف الله تعالى الأمة الإسلامية بأنها خير الأمم لوجود المعارضين البنَّائين فيها، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وما الأمر بالمعروف إلا نصيحة وموعظة لمن لا يدرك أو لمن يجهل، وما النهى عن المنكر إلا اعتراض على تصرف يُخالف شرع الله تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ...) آل عمران 110
                أما قياسك الذى تريد أن تقوم به بسؤالك عن مدى نجاح تطبيق فكرة الدولة الإسلامية فى العصر الحديث، فهو قياس فاسد؛ لأنه لا يعيب الإسلام مسلم لا يتبعه، كما لا يعيب نبى سفهاء كفروا به. كما لو أن لسان حالك يحكم على موسى أو عيسى عليهما السلام بالفشل والفساد؛ لفساد أقوامهما.
                ولكن ما تود معرفته هو هل نجحت الدولة الإسلامية وقت قيامها وتطبيق الرسول والمسلمون لها؟ نعم. واستمرت الدولة الإسلامية، وانتقلت من نجاح إلى نجاح، ومن فتوحات إلى أخرى، وتقدم معها العلم وارتقى، حتى أصبح الدولة الإسلامية هى قبلة العالم العلمية فى شتى المجالات. فهل تناسيت أن هذا من ثمار الإسلام وعظمته وصدق رسالته؟ وكان هذا فى الوقت الذى تمسَّك فيه العالم المسيحى الأوروبى أيضًا بالمسيحية، فكان كارثة على هذه البلاد وأهلها، وكان لا بد لهم من فصل الدين عن الدولة. ولما حدث هذا بدأت أوروبا تتقدم مقتبسة من علوم المسلمين وغيرهم، مطورة لها، بانية عليه.
                الأمر الذى يعنى أن التمسك بالإسلام وتعاليمه يساوى الرقى والتقدم ورفعة البلاد والعباد، وأن التخلى عن الإسلام يعنى التخلف المذرى فى الدنيا والآخرة. كما أن العكس صحيح بالنسبة للمسيحية: فإن التمسك بالمسيحية وكتابها لا يعنى إلا التخلف، وأن التخلى عنها يساوى التقدم والرقى!
                ولذلك لا تريد دولة من الدول الغربية أن تتقدم دولة مسلمة، فمن ناحية يراعون عدم تقدم المسلمين المتمسكين بدينهم، وإفساد حكامهم، وتأييد الفاسدين منهم، حتى لا يُشار من قريب أو بعيد إلى نجاح الإسلام ويكون بمثابة الدعوة إليه. ومن ناحية أخرى فهم الذين يستهلكون بضائع الغرب من الأسلحة والأجهزة العلمية المتقدمة، فتكون بمثابة الدعاية لهم، يغسلون به عار الماضى، الذى يلاحقهم أينما ذهبوا! لذلك تراهم يرمون المسلمين بما لا يريدون شعوبهم أن يعرفوه عن حضارتهم. فتراهم يتهمون الإسلام أنه حقر من المرأة، وأنه دين يدعو إلى التخلف، وأنه أفيونة الشعوب، وأنه انتشر بالسيف والإكراه. وكل هذه التهم ثابتة فى حقهم هم أنفسهم، ويبرأ منها الإسلام براءة الذئب من دم ابن يعقوب! فهذا هو القياس السليم، الذى ينبغى عليك أخذه فى الاعتبار عند قيامك بعمل مقارنة!
                ونؤجل الحديث عن حقوق الإنسان فى الإسلام إلى حينه.
                * * * * *
                ما من مسلم إلا وسيدخل النار إلا الشهداء. فهل هذا صحيح؟:
                ينتقل الكاتب بعد ذلك إلى النقطة الخامسة ويقول فيها:
                5- الضمان الأبدي
                ما هو مدى تأكد المسلم من مصيره الأبدي؟
                • يعلم الإسلام أن "القدر" هو الذي يحدد مصير كل إنسان.
                "وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابًا يلقاه منشورًا". سورة الإسراء 13:17
                • يعلم الإسلام أن كل مسلم سيمر على جهنم.
                "وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتمًا مقضيًا". سورة مريم 71:19
                • الضمان الوحيد للمسلم في الذهاب إلى الجنة هو عن طريق الجهاد ثم الاستشهاد في سبيل نشر
                "ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير ممن يجمعون". سورة آل عمران 157:3
                هذا ما قاله الكاتب. أما ردنا فهو:
                ويتركز ردنا هنا على النقاط الآتية:
                1- ما مدى تأكد المسلم من مصيره الأبدى؟
                2- هل سيمر المسلم على جهنم، بمعنى أنه سيعذَّب أولا فيها؟
                3- ما هو الضمان الوحيد للمسلم في الذهاب إلى الجنة؟ هل هو فقط عن طريق الجهاد والاستشهاد فى سبيل الله؟
                إن سؤالك هذا ليؤكد أنك بعيد كل البعد عن الثقافة الإسلامية، وعن القراءة فى القرآن والأحاديث، وسوف أجمع لك العديد من الأعمال والأقوال التى تدخل صاحبها الجنة. فمصير المسلم الذى شهد أنه لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبد الله ورسوله هو الجنة. لكن لا تنسى أنه إن زنى أو سرق أو اغتاب أحدًا، سيقتص الله تعالى منه، وسيدخل النار بمقدار سيئاته، إلا إذا كانت حسناته تغطى سيئاته ويزيد، أو يتغمده الله برحمته، ويكون مات على توبة نصوح، سواء شهيدًا أو غيره. وعلى ذلك فالمسلم يعلم أن مصيره هو الجنة، لأن الله تعالى يُحاسب على الأعمال بناءً على النية: فإن كان موحدًا أى مسلمًا، وكانت نيته لله تعالى أثابه الله تعالى على عمله، وإن كان غير ذلك لن يُثاب على عمله فى الآخرة.
                ولكن ألست معى فى أن يكون هناك حافز (وهو الجنة)، وخوف (من الله وعذابه) أفضل من أن يفعل المرء ما يشاء؛ لأن إلهه نزل إلى الأرض فأُهين وبُصق فى وجهه واستُهزأ به، ثم أماتوه ميتة الملاعين، مُعلقًا على خشبة؛ لكى يتمكن من غفران خطيئة واحدة للبشر (خطيئة أكل حواء وآدم من الشجرة) لا يعلمون عنها أدنى شىء، إلا ما حكته رسائل بولس عنها؟ أين الدافع لعمل الصالحات؟ أين الخوف من عقاب الله تعالى؟ أليس هذا هو نفس السبب الذى جعل آباء الكنيسة الأقدمين أن يحذفوا قصة المرأة الزانية من إنجيل يوحنا؟
                أما استفسارك عن قول الله تعالى (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا) مريم 71-72
                اقرأ أولًا عن أحوال المؤمنين يوم القيامة:
                يخبرنا الله تعالى عن المؤمنين والنعيم الذى أعده لهم قائلا: (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَىٰ أُولَٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا ۖ وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ * لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَٰذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) الأنبياء 101-103
                أحوال المتقين عند خروجهم من القبور:
                قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) فُصِّلَت 30- 32
                وقال الله تعالى: (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) يونس 62- 64
                أحوال المؤمنين المتقين في الموقف العظيم:
                قال الله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) الأنعام 82
                وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ  قال: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّهُ: الإمَامُ العَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ، وَرَجُلانِ تَحَابَّا فِي الله اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقال إنِّي أخَافُ اللهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ، أخْفَى حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِيًا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ». متفق عليه.
                وهناك أعداد غفيرة سيدخلها الله تعالى الجنة بلا حساب ولا عذاب، وهؤلاء هم الصفوة من هذه الأمة، أهل كمال الإيمان والتقوى.
                عَنِ ابْن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قال: قال النَّبِيُّ : «عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ، فَأجدُ النَّبِيَّ يَمُرُّ مَعَهُ الأُمَّةُ، وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ النَّفَرُ، وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ العَشَرَةُ، وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الخَمْسَةُ، وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ وَحْدَهُ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ، قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، هَؤُلاءِ أُمَّتِي؟ قال: لا، وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ، قال: هَؤُلاءِ أُمَّتُكَ، وَهَؤُلاءِ سَبْعُونَ ألْفًا قُدَّامَهُمْ لا حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلا عَذَابَ، قُلْتُ: وَلِمَ؟ قال: كَانُوا لا يَكْتَوُونَ، وَلا يَسْتَرْقُونَ، وَلا يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ». متفق عليه.
                وَعَنْ أَبي أُمَامَةَ البَاهِلِيَّ  قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله يَقُولُ: «وَعَدَنِي رَبي سُبْحَانَهُ أَنْ يُدْخِلَ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا لاَ حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلاَ عَذابَ مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعُونَ أَلْفًا وَثلاَث حَثيَاتٍ مِنْ حَثيَاتِ رَبي عَزَّ وَجَلَّ». أخرجه الترمذي وابن ماجه.
                وقوله  (مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعُونَ أَلْفًا وَثلاَث حَثيَاتٍ مِنْ حَثيَاتِ رَبي عَزَّ وَجَلَّ) يدل على عدم حصر عدد الداخلين إلى الجنة بغير حساب. فقد أخرج الترمذي وحسنه والطبراني وابن حبان في صحيحه من حديث أبي أمامة رفعه. «وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا مع كل ألف سبعين ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب، وثلاث حثيات من حثيات ربي.» أى عدد لا يمكن حسابه من كثرته.
                من الآيات السابقة نفهم أن هناك من المؤمنين لا يحول بينهم وبين الجنة إلا الموت، وأن منهم من سيدخله الله الجنة بغير حساب.
                أما استفسارك عن قول الله تعالى (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا) مريم 71-72
                فالهاء في واردها راجعة إلى جهنم، الذى ضُرب فوقها الصراط المستقيم، والذى لابد أن يعبر عليه كل الناس، وهو المعنى بقول الله تعالى (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا). وسيعبر الناس على هذا الصراط بصور مختلفة، فمنهم من سيعبر عليه بسرعة البرق، ولن يشعر أنه مرَّ عليه، ومنهم من سيمر عليه بسرعة الريح أو الفرس، ومنهم من سيمر عليه بسرعة الراكب أو الجارى أو الماشى أو الزاحف أو دون ذلك، ومنهم من سيقع من على الصراط فى جهنم، لأن جهنم أعلم بأهلها، وذلك تبعًا لإيمان وأعمال كل مار عليه.
                قال رسول الله : (... ثُمَّ يُؤْتَى بِالْجَسْرِ فَيُجْعَلُ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْجَسْرُ قَالَ مَدْحَضَةٌ مَزِلَّةٌ عَلَيْهِ خَطَاطِيفُ وَكَلَالِيبُ وَحَسَكَةٌ مُفَلْطَحَةٌ لَهَا شَوْكَةٌ عُقَيْفَاءُ تَكُونُ بِنَجْدٍ يُقَالُ لَهَا السَّعْدَانُ الْمُؤْمِنُ عَلَيْهَا كَالطَّرْفِ وَكَالْبَرْقِ وَكَالرِّيحِ وَكَأَجَاوِيدِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ وَنَاجٍ مَخْدُوشٌ وَمَكْدُوسٌ فِي نَارِ جَهَنَّمَ حَتَّى يَمُرَّ آخِرُهُمْ يُسْحَبُ سَحْبًا ...) البخاري
                ومن المعلوم أن جهنم تميز أهلها، وتنفذ فيهم حكم الله تعالى ومراده. وتمتنع عن عذاب غيرهم، فهى دركات، وكل دركة لها نوع من العذاب، ونوع من المعذبين.
                وهل تصير جهنم مكان للعذاب قبل أن تُعطى أمر من الله أن تلتهم نيرانها كل كافر منافق، وقبل أن يُضرب بينهم وبين المؤمنين بسور، به باب باطنه فيه الرحمة، وظاهره من قبل أهل النار العذاب؟
                (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ * يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ * فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) الحديد 12-15
                وهل معنى أن نارها استعرت ألف عام حتى احمرت، ثم ألف عام حتى ابيضت، ثم ألف عام حتى اسودت، أن هذه النار ستأكل حتمًا كل من فيها؟ أم تنتظر الأمر من الله تعالى أو من خازنها حتى تبدأ عملها؟ من الملاحظ فى الآيات السابقة اجتماع أهل الإيمان مع أهل الكفر فى مكان واحد مظلم، لا يوجد به عذاب. ثم يميز النور المؤمن من الكافر، الذى يظل مظلمًا، ثم يُضرب بينهم بسور له باب، وهنا يبدأ العذاب للكافرين، والرحمة فى الجانب الآخر للمؤمنين.
                وكذلك ليس معنى أن المؤمن فى النار أنه يُعذَّب بها، فقد علمنا أن إبراهيم  كان فى النار، ولكن أمر الله تعالى أن تكون النار بردًا وسلامًا عليه، على الرغم أنها التهمت الخشب وكل الوقود الذى أشعلوا به النار، وزادوها به سعيرًا. وبالمثل كان موسى  وبنو إسرائيل فى قاع البحر يمرون سعداء بإنفاذ الله لهم من فرعون وعمله، بينما كان العذاب والموت على فرعون وجنوده.
                بل بينما يجتمع المؤمنون والكافرون فى مكان واحد، وعرَّف الله تعالى المؤمن بالنور الذى جاءه يسعى إليه، من الكافر الذى لا نور له، ضرب بينهما بسور له باب، باطنه فيه الرحمة ومن قبله العذاب. إذن لم تحرق النار باب السور، ولم يؤثر العذاب على المؤمنين بالجهة الأخرى من السور. ومقارنة بين نار الدنيا ونار قال رسول الله : (ناركم التي توقدون جزء من سبعين جزءاً من جهنم قالوا يا رسول الله إن كانت لكافية قال: فإنها فضلت بتسعة وستين جزءاً) البخاري ومسلم
                وهذا معنى قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ * لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) الأنبياء 101-103

                تعليق


                • #68
                  الملف 45
                  وروي مرفوعا عن يعلى بن منبه عن رسول الله  قال: (تقول النار للمؤمن يوم القيامة جُز يا مؤمن فقد أطفأ نورك لهبي).
                  وروي عن النبي  أنه سئل عن معنى الآية، فقال: (إن الله تعالى يجعل النار كالسمن الجامد ويجمع عليها الخلق ثم ينادي المنادي أن خذي أصحابك وذري أصحابي ، قال : فو الذي نفسي بيده لهي أعرف بأصحابها من الوالدة بولدها).
                  فحتى لو قلنا بأن المسلم والكافر كانا فى جهنم، فذلك قبل بدء العقاب والثواب، فضرب بينهم بسور، ثم بدأت مراحل العذاب للمعذبين بأنواعهم والنعيم للمؤمنين. وبالتالى لم يُعذَّب مؤمن كتب له الله النجاة أو الجنة بغير حساب.
                  وها هو إنجيل لوقا صور منظرًا قريبًا من هذا المشهد فى قصة إبراهيم ولعازر: فها هم المؤمنون والصابرون فى الجنة ينعمون، ويراهم الكافرون، بينما هم فى العذاب وفى ندم وحسرة، ويتمنون لو يبلّ أحد طرف أصبعه ليخفف عنهم شيئًا من العذاب، ولن يستطع إنسان فعل شىء، ولو لأقرب الناس إليه. وصدق رسول الله  حينما قال لابنته فاطمة: (يا فاطمة اعملي فإني لا أغني عنك من الله شيئا).
                  وهذا يعنى أنهم فى مكان واحد أو قريبين إلى بعضهم البعض، ويمكن أن يرى أهل الجنة أهل النار، والعكس صحيح، ولكن يحول بينهم سور باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبل المعذبين النار: (19«كَانَ إِنْسَانٌ غَنِيٌّ وَكَانَ يَلْبَسُ الأَُرْجُوانَ وَالْبَزَّ وَهُوَ يَتَنَعَّمُ كُلَّ يَوْمٍ مُتَرَفِّهاً. 20وَكَانَ مِسْكِينٌ اسْمُهُ لِعَازَرُ الَّذِي طُرِحَ عِنْدَ بَابِهِ مَضْرُوباً بِالْقُرُوحِ 21وَيَشْتَهِي أَنْ يَشْبَعَ مِنَ الْفُتَاتِ السَّاقِطِ مِنْ مَائِدَةِ الْغَنِيِّ بَلْ كَانَتِ الْكِلاَبُ تَأْتِي وَتَلْحَسُ قُرُوحَهُ. 22فَمَاتَ الْمِسْكِينُ وَحَمَلَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ إِلَى حِضْنِ إِبْرَاهِيمَ. وَمَاتَ الْغَنِيُّ أَيْضاً وَدُفِنَ 23فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ فِي الْهَاوِيَةِ وَهُوَ فِي الْعَذَابِ وَرَأَى إِبْرَاهِيمَ مِنْ بَعِيدٍ وَلِعَازَرَ فِي حِضْنِهِ 24فَنَادَى: يَا أَبِي إِبْرَاهِيمُ ارْحَمْنِي وَأَرْسِلْ لِعَازَرَ لِيَبُلَّ طَرَفَ إِصْبَِعِهِ بِمَاءٍ وَيُبَرِّدَ لِسَانِي لأَنِّي مُعَذَّبٌ فِي هَذَا اللهِيبِ. 25فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: يَا ابْنِي اذْكُرْ أَنَّكَ اسْتَوْفَيْتَ خَيْرَاتِكَ فِي حَيَاتِكَ وَكَذَلِكَ لِعَازَرُ الْبَلاَيَا. وَالآنَ هُوَ يَتَعَزَّى وَأَنْتَ تَتَعَذَّبُ. 26وَفَوْقَ هَذَا كُلِّهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ هُوَّةٌ عَظِيمَةٌ قَدْ أُثْبِتَتْ حَتَّى إِنَّ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْعُبُورَ مِنْ هَهُنَا إِلَيْكُمْ لاَ يَقْدِرُونَ وَلاَ الَّذِينَ مِنْ هُنَاكَ يَجْتَازُونَ إِلَيْنَا.) لوقا 16: 19-26
                  والجمهور يفسر كلمة وارد فى (وارها) على ثلاثة احتمالات، لكن اتفقوا على أن النار لا تمس المؤمن، إلا بقدر أن يخلصه الله تعالى من ذنوب لم يتب عنها:
                  1- الوصول إليها والإشراف عليها أى رؤيتها لا الدخول فيها، وهو قول ابن مسعود والحسن وقتادة، واختاره أبو مسلم، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى (وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ) القصص 23، والحكمة منها أن الله تعالى يمتن على عباده المؤمنين بأنه أنقذهم من النار وسعيرها، وأن هذا كان سيكون مصيرهم لو لم يتبعوه، فيحمدوا الله على أنهم نالوا ما وعدهم الله من نجاة وفوز، نتيجة إيمانهم وأعمالهم الصالحة:
                  (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ * قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ * وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ * وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) الزمر 71-74
                  (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ * وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ * وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ) فاطر 33-37
                  2- أن ورودها بمعنى دخولها بدلالة قوله تعالى: (فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ) هود 98، وقوله: (إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ * لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ) الأنبياء 98-99 وهو قول ابن عباس وجابر وأكثر المفسرين، ويدل عليه قوله: (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا) ولم يقل وندخل الظالمين، وإنما يقال نذر ونترك للشي‏ء الذي قد حصل في مكانه، فهو إذن خطاب لجميع المكلفين فلا يبقى بر ولا فاجر إلا ويدخلها فيكون بردًا وسلامًا على المؤمنين، كما حدث مع نبى الله إبراهيم، وعذابا لازمًا للكافرين.
                  فالله تعالى بيده تغيير خواص النار، بحيث تكون بردًا وسلامًا على المؤمن: (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ) الأنبياء 69
                  كما غير الله تعالى من حالة الماء، التى تتصف بالسيولة، وتماسكت أن تفيض بعدما ضرب موسى البحر بعصاه فانفجر كل فرق كالطود العظيم، دون أن يطغى الماء: (فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ * وَأَنجَيْنَا مُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ) الشعراء 63-66
                  كما تغيرت حالة عصا موسى من الحالة الصلبة، التى لا يوجد بها حياة إلى الحالة الطرية ذات نفس حية، وأصبحت ثعبان كبير: (فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ) الشعراء 32
                  ويشهد لهذا التفسير للآية، ما حدَّث به جابر بن عبد الله ، وقد اختلف في مجلسه حول معنى (الورود)، فمن قائل: لا يدخل النار مؤمن؛ ومن قائل: يدخلها المؤمن وغير المؤمن، فوضع جابر  أصبعيه على أذنيه، وقال: (...صُمَّتا! إن لم أكن سمعت رسول الله  يقول: (الورود): الدخول؛ لا يبقي بر ولا فاجر إلا دخلها؛ فتكون على المؤمن بردًا وسلامًا، كما كانت على إبراهيم، حتى إن للنار ضجيجًا من بردهم ، ثم ينجي الله الذين اتقوا ويذر الظالمين فيها جثيا. رواه أحمد وغيره، قال ابن كثير : حديث غريب؛ وقال الشنقيطي : إسناده لا يقل عن درجة الحسن.
                  3- قالوا إن ورودها هو المرور على الصراط المستقيم.
                  والصراط المستقيم سيضرب فوق النار، وهو الطريق الوحيد للوصول إلى الجنة.
                  أما قولك إن (الضمان الوحيد للمسلم في الذهاب إلى الجنة هو عن طريق الجهاد ثم الاستشهاد في سبيل نشر الإسلام)، فهذا من سوء فهمك للإسلام، وعدم قراءتك لأصول الإسلام من كتب علماء المسلمين، فللأسف مازلت تدندن حول انتشار الإسلام بالسيف، وأن الموت فى القتال هو الوسيلة الوحيدة للمسلم لدخول الجنة.
                  ولن أذكرك أن الشهيد أيضًا من ضمن من أقسم الله تعالى أن كل إنسان واردها، أى سيرد الشهيد والنبى والمؤمن والكافر جهنم (إذا أخذنا بهذا التفسير)، وستكون بردًا وسلامًا على المؤمن، وعذابًا وحسرة وندامة على الكافر. كما أن الجنة غير قاصرة على الشهداء فقط، كما تدعى، بل يدخلها كل مؤمن صالح. وأن الشهيد فى الإسلام ليس شهيد المعارك الحربية فقط، ولا ننتقص من مكانة شهيد القتال، فهو أعظم مكانة عند الله:
                  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : (مَا تَعُدُّونَ الشَّهِيدَ فِيكُمْ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ. قَالَ: إِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذًا لَقَلِيلٌ، قَالُوا: فَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ فِي الطَّاعُونِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ فِي الْبَطْنِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَالْغَرِيقُ شَهِيدٌ) رواه مسلم
                  وفى حديث آخر قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : (من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد). أخرجه أبو داود (2 / 275) والنسائي والترمذي (2 / 316) وصححه، وأحمد (1652) 1653) عن سعيد بن زيد، وسنده صحيح. وفي رواية: (من قتل دون مظلمته فهو شهيد)
                  وفى أحاديث أخرى عدَّ رسول الله  الشهداء أكثر من هذا، فالمطعون أيضًا شهيد، والمبطون (الذى يموت بداء الإستسقاء)، والغريق، والمحروق وصاحب الهدم، والمتردى من الجبال، والمرأة التى تموت وفى بطنها جنين، واللديغ، والمأكول من السباع، والخار عن دابته، والغريق، ومن مات بداء السل. فكل هؤلاء شهداء عند الله تعالى، فلماذا خصصت الشهيد فى ساحة القتال فقط؟ وهل يقاتل المسلم إلا دفاعًا عن دينه أو وطنه أو عرضه؟ فهل تأبى ذلك أيضًا على المسلم؟ أم تريد أن تضربه على خده الأيمن فيعطيك خده الأيسر وكل ما يملك؟
                  لكن عن كيفية دخول الجنة فى الإسلام، فتتوقف على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، والعمل الصالح. فالأصل فى الإسلام أن كل مسلم سيدخل الجنة إلا من أبى: قال رسول الله : (كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى قَالَ مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى) البخاري، باب الاعتصام بالكتاب والسنة، ح6737
                  (وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) النساء 13
                  (وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا) النساء 124
                  (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ) القمر 54
                  (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ) الزمر 73
                  (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) الرحمن 46
                  (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) فصلت 30
                  وها هى جزء من كيفية دخول المسلم للجنة:
                  قال رسول الله :
                  1- (من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة). رواه البخاري
                  2- (من آمن بالله وبرسوله، وأقام الصلاة، وصام رمضان، كان حقًا على الله أن يدخله الجنة). رواه البخاري
                  3- (من بنى مسجداً يبتغي به وجه الله بنى الله له مثله في الجنة) البخاري
                  4- (من صلى البردين دخل الجنة). رواه البخاري
                  5- (من غدا إلى المسجد وراح أعدَّ الله له نزله من الجنة كلما غدا أو راح). رواه البخاري، وقال أيضًا: (من صلى لله أربعين يوما في جماعة يدرك التكبيرة الأولى ، كتب له براءتان : براءة من النار ، وبراءة من النفاق) صححه الألبانى
                  6- (من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بُني له بهن بيت في الجنة). رواه مسلم
                  7- (من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة). رواه البخاري، أى من يعصم نفسه من النميمة والغيبة وبذائة اللسان، والزنى يضمن له رسول الله  الجنة. وقال أيضًا: (اضمنوا لي ستا من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم) حسنه الألبانى
                  8- (من سلك طريقاً يلتمس فيه علمًا سهّل الله له به طريقًا إلى الجنة). مسلم
                  9- (من قال مثل ما يقول المؤذن من قلبه دخل الجنة). رواه أبو داود
                  10- (ما من أحد يتوضأ فيحسن الوضوء ويصلي ركعتين يقبل بقلبه ووجهه عليهما إلا وجبت له الجنة). رواه أبو داود
                  11- (من قال رضيت بالله ربًا ، وبالإسلام دينًا ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياًّ وجبت له الجنة). رواه أبو داود
                  12- (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة). رواه أبو داود، وأيضًا (لن يوافي عبد يوم القيامة، يقول: لا إله إلا الله، يبتغي بها وجه الله، إلا حرم الله عليه النار) البخارى
                  13- (من قال سبحان الله العظيم وبحمده غرست له نخلة في الجنة). رواه الترمذي
                  14- (من مات وهو بريء من ثلاث: الكبر، والغلول، والدّين دخل الجنة). رواه الترمذي
                  15- (من عال جاريتين دخلت أنا وهو الجنة).رواه الترمذي، وفى حديث آخر: (أنا وكافل اليتيم في ‏‏الجنة‏ كهاتين) وأشار بإصبعيه،‏ ‏يعني السبابة والوسطى)
                  ‏قال ‏‏أبو عيسى ‏هذا ‏حديث حسن صحيح
                  16- (يا رسول الله! أي المؤمنين أفضل؟ قال أحسنهم خلقا.). وقال: (أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً) (إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ * وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ) الحج 23
                  (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ) الروم 15
                  (أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلاً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) السجدة 19
                  17- (من عاد مريضاً أو زار أخاً له في الله ناداه مناد:أن طبت وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنة منزلاً). رواه الترمذي
                  18- (إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة). رواه البخاري
                  19- (تكفل الله لمن جاهد في سبيله لا يخرجه إلا الجهاد في سبيله وتصديق كلماته بأن يدخله الجنة). رواه البخاري، وقال أيضًا: (ما خالط قلب امرئ مسلم رهج [غبار] في سبيل الله، إلا حرّم الله عليه النار). صححه الألبانى
                  (إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)التوبة111
                  20- (أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام). رواه الترمذي
                  21- (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة). رواه البخاري، وقال أيضًا: (... والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) البخارى
                  22- (إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحدًا، من أحصاها دخل الجنة). رواه البخاري
                  23- (لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي الناس). رواه مسلم
                  24- (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليَّ وأبوء لك بذنبي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. من قالها من النهار موقناً بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها، فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة). رواه البخاري
                  25- (‏ما لعبدى المؤمن عندى جزاء إن قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة). رواه البخارى وأحمد
                  26- (‏لا يكون لأحدكم ثلاث بنات أو ثلاث أخوات فيحسن إليهن إلا دخل الجنة). رواه الترمذى، وقال أيضًا: (من عال ‏ثلاث بنات ‏ فأدبهن وزوجهن وأحسن إليهن فله الجنة)
                  27- (‏إذا اضطجع أحدكم على جنبه الأيمن ثم قال اللهم أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك وألجأت ظهري إليك وفوضت أمري إليك لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك أومن بكتابك وبرسولك فإن مات من ليلته دخل الجنة). رواه الترمذى
                  28- (مر رجل بغصن شجرة على ظهر الطريق فقال: ولله لأنحين هذا عن المسلمين، لا يؤذيهم، فأدخل الجنة). رواه أحمد ومسلم
                  29- (من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شرا وجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض). صحيح مسلم
                  30- (غُفِرَ لِامْرَأَةٍ مُومِسَةٍ مَرَّتْ بِكَلْبٍ عَلَى رَأْسِ رَكِيٍّ [بئر]، يَلْهَثُ، كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ، فَنَزَعَتْ خُفَّهَا، فَأَوْثَقَتْهُ بِخِمَارِهَا، فَنَزَعَتْ لَهُ مِنْ الْمَاءِ، فسقته، فَغُفِرَ لَهَا بِذَلِكَ)
                  31- (من أصبح منكم اليوم صائما؟ قال أبو بكر أنا، قال: فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر أنا. قال: فمن أطعم منكم اليوم مسكينا؟ قال أبو بكر أنا، قال: فمن عاد منكم اليوم مريضا؟ قال أبو بكر أنا، فقال رسول الله : ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة)
                  32- (ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا)، وعن أبى أمامة: (أتيت النبي فقلت: مرني بعمل يدخلني الجنة، قال: عليك بالصوم فإنه لا عدل له، ثم أتيته الثانية فقال: عليك بالصيام)
                  33- (إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدّها الله لمن ألان الكلام، وأطعم الطعام، وتابع الصيام، وصلى بالليل والناس نيام)
                  34- (من عاد مريضا أو زار أخا له في الله ناداه مناد أن طبت وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنة منزلا)، وأيضًا: (ما من رجل يعود مريضا ممسيا إلا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يصبح، وكان له خريف في الجنة، ومن أتاه مصبحا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يمسي، وكان له خريف في الجنة)
                  35- (يا رسول الله! أي المؤمنين أفضل؟ قال أحسنهم خلقا.)
                  36- (إن في ‏‏ الجنة بابا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون، لا يدخل منه أحد غيرهم فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد)
                  37- (قلت يا نبي الله: ‏أي الأعمال أقرب إلى ‏الجنة؟ قال: الصلاة على مواقيتها. قلت: وماذا يا نبي الله؟ قال: بر الوالدين. قلت وماذا يا نبي الله: قال الجهاد في سبيل الله). رواه مسلم
                  والحديث هذا يُظهر ترتيب ضمان المسلم المطيع للجنة، ويُظهر فضل الصلاة فى ميقاتها على بر الوالدين، وفضل الأخير على الجهاد فى سبيل الله.
                  38- (أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت ‏‏ الجنة) قال ‏ ‏أبو عيسى ‏ ‏هذا ‏ ‏حديث حسن غريب
                  39- (سئل رسول الله ‏ ‏‏ ‏عن أكثر ما يدخل الناس ‏الجنة فقال: "تقوى الله وحسن الخلق وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال‏ ‏الفم والفرج") قال ‏‏أبو عيسى‏ ‏هذا‏ ‏حديث صحيح غريب
                  40- (من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت) صحيح
                  41- (من جاء يعبد الله لا يشرك به شيئا، ويقيم الصلاة،‏ ‏ويؤتي الزكاة ويصوم رمضان، ويجتنب ‏الكبائر،‏ فإن له الجنة. وسألوه: ‏‏ما الكبائر؟‏ قال الإشراك بالله، وقتل النفس المسلمة، وفرار يوم الزحف)
                  42- (من سأل الجنة ثلاث مرات قالت الجنة : اللهم ادخله الجنة و من استجار من النار ثلاث مرات قالت النار : اللهم اجره من النار) صحيح
                  43- قال أبو هريرة: (أقبلت مع رسول ‏الله ‏ ‏فسمع رجلا يقرأ "قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد" ‏‏فقال رسول ‏الله‏ : "‏وجبت" فسألته ماذا يا رسول ‏الله؟ قال: "الجنة")، وأيضًا: (من قرأ قل هو الله أحد عشر مرات بنى الله له بيتا في الجنة) صححه الألبانى
                  44- (ما منكم من احد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء)
                  45- (إن رجلا كان فيمن كان قبلكم أتاه الملك ليقبض روحه فقيل له هل عملت ‏‏ من ‏ خير قال ما أعلم قيل له انظر قال ما أعلم شيئا غير أني كنت أبايع الناس في الدنيا وأجازيهم ‏فأنظر ‏ الموسر وأتجاوز عن ‏المعسر فأدخله الله الجنة)
                  46- (إنَّ سورةً من القرآن ثلاثون آية، شفعت لرجلٍ حتى غُفِر له، وهي "تبارك الذي بيده الملك") رواه الترمذيُّ وأحمد
                  47- (أَيّمَا مُسْلِم أَعْتَقَ رَجُلًا مُسْلِمًا فَإِنَّ اللَّه جَاعِل وَفَاء كُلّ عَظْم مِنْ عِظَامه عَظْمًا مِنْ عِظَامه مُحَرَّرًا مِنْ النَّار وَأَيّمَا اِمْرَأَة أَعْتَقَتْ اِمْرَأَة مُسْلِمَة فَإِنَّ اللَّه جَاعِل وَفَاء كُلّ عَظْم مِنْ عِظَامهَا عَظْمًا مِنْ عِظَامهَا مِنْ النَّار) رواه ابن جرير، وقال ايضًا (... وَمَنْ أَعْتَقَ نَفْسًا مُسْلِمَة كَانَتْ فِدْيَته مِنْ جَهَنَّم ...)، وقال أيضًا: (مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَة مُسْلِمَة فَهُوَ فِدَاؤُهُ مِنْ النَّار)
                  48- (عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله). صححه الألبانى
                  49- (من ذب عن عرض أخيه بالغيبة كان حقا على الله أن يعتقه من النار) صححه الألبانى
                  50- (من كظم غيظا، وهو يستطيع أن ينفذه، دعاه الله يوم القيامة على رءوس الخلائق، حتى يخيره في أي الحور شاء). صححه الألبانى
                  51- (أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه) حسنه الألبانى
                  52- (إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت) الألبانى – حسن لغيره
                  53- (يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب. قالوا: من هم؟ يا رسول الله! قال: هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون) صحيح مسلم
                  54- (من دفن ثلاثة من الولد حرّم الله عليه النار) صححه الألبانى
                  55- (إن المقسطين عند الله على منابر من نور. عن يمين الرحمن عز وجل. وكلتا يديه يمين؛ الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا) صحيح مسلم
                  56- (إن الله قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر،عوضته منهما الجنة. يريد: عينيه) البخارى
                  57- عن عطاء بن أبي رباح قال: (قال لي ابن عباس: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت بلى. قال: هذه المرأة السوداء. أتت النبي  قالت "إني أصرع. وإني أتكشف. فادع الله لي. قال: "إن شئت صبرت ولك الجنة. وإن شئت دعوت الله أن يعافيك". قالت: أصبر. قالت: فإني أتكشف. فادع الله أن لا أتكشف، فدعا لها) مسلم
                  58- ترك كبائر الذنوب: (إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا) النساء 31
                  59- التوبة: (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا) مريم 60
                  60- التواضع وعدم الطغيان في الأرض: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) القصص 83
                  ناهيك عن الحسنات التى يضاعفها الله تعالى لعاملها، والتى تعجل من دخول المؤمن الجنة، ومثال صغير لذلك صيام يوم عرفات كفارة سنة، ومن (من دخل السوق فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير كتب الله له ألف ألف حسنة [مليون] ومحا عنه ألف ألف سيئة [مليون] ورفع له ألف ألف درجة [مليون])
                  و(يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن شعيرة من خير. ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن برة من خير. ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من خير). البخارى
                  (من سبح ثلاثا وثلاثين وكبر ثلاثا وثلاثين وحمد ثلاثا وثلاثين وقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير خلف الصلاة غفر له ذنبه ولو كان أكثر من زبد البحر) رواه أحمد
                  وفى مقابل ذلك لا يدخل الجنة:
                  (لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة.) رواه الشيخان.
                  (لا يدخل الجنة إلا المؤمنون.) رواه مسلم.
                  (لا يدخل الجنة قاطع رحم.) رواه الشيخان.
                  (لا يدخل الجنة نمَّام.) رواه الشيخان.
                  (لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه - أي شروره -) رواه مسلم.
                  (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر.) رواه مسلم.
                  (لا يدخل الجنة خب - أي المخادع - ولا منان ولا بخيل.) رواه الترمذي.
                  (لا يدخل الجنة صاحب مكس - أى الإتاوة أو الرشوة -) رواه أبو داوود.
                  (لا يدخل الجنة منَّان ولا عاق ولا مدمن خمر.) رواه النسائي.
                  (لا يدخل الجنة ديُّوث – وهو الذى لا يغار على محارمه) رواه أحمد
                  وبذلك أكون قد فندت كل ادعاءاتك، والتى ترمى إلى أن الإسلام لا يعرف إلا القتل والقتال، وبدون الاستشهاد فى ساحة القتال لن يدخل امرىء مسلم الجنة. وأثبت لك خطأ ما تدعيه. وفى الحقيقة هناك قائمة طويلة لكيفية دخول الجنة، ملخصها: طاعة الله ورسوله.
                  ويحق لى الآن أن ألفت نظرك إلى إيمانك الراسخ أن يسوع، الذى هو الإله الأكبر عندك، والمتحد مع الآب والروح القدس اتحادًا لا فكاك فيه، قد نزل الجحيم، الأراضى السفبية لمدة ثلاثة أيام، ليحرر الأبرار والكفَّار، المؤمن والمنافق، النبى والشيطان، حيث اجتمعوا كلهم فى مكان واحد يعذبون فيه، لأن الرب لم يكن قادرًا على النزول والتجسُّد، وفداء البشرية إلا فى الوقت الذى حدده هو، وتم فيه.
                  فهل لك أن تشرح لنا لماذا أدخل الرب الكفار مع المؤمنين النار؟
                  وهل عندما نزل إلى الجحيم وخلصهم، تساوى كل البشر ودخلوا الجنة؟
                  ولماذا كان يرسل الرب رسلا وكتبًا ويعاقب بنى إسرائيل، ويبيد غير المؤمنين، إذا كان الكل سوف يتساوون فى جهنم، ويتساوون بعد نزوله وغفران الخطيئة التى لم يرتكبوها؟
                  وهل كان عمله بجهنم يحتاج إلى نزوله لمدة ثلاثة أيام، أى نصف زمن خلقه للأرض والسماوات وكل ما فيهم؟
                  وكيف نزل، هل نزل بالروح والجسد؟ وهل لم يحترق الجسد أو يتعذب من لظاها، كما تعذب وتألم من عبيده؟
                  وهل بعد أن أرسل الرب أنبياء ورسل وكتب، ثم أوضح أنه أرسل تعاليم فاسدة لا تحيون بها، واتضح لكم فيما بعد أن كل ما فعله الرب لم يكن له قيمة، حيث حبس الرب كل عباده فى جهنم قيد نزوله وصلبه على الخشبة، ليموت ميتة الملاعين، ليتمكن من غفران الخطيئة، التى لم ترتكبوها، ولم تشاهدوها، ولم تشتركوا فيها لا بالفعل ولا بالتخطيط ولا بالصمت، فهل بعد كل هذا تثقون أن الرب غفر لكم وأنه سيدخلكم الجنة؟
                  (وَأَعْطَيْتُهُمْ أَيْضاً فَرَائِضَ غَيْرَ صَالِحَةٍ وَأَحْكَـاماً لاَ يَحْيُونَ بِهَا)حزقيال 20: 25
                  وهل القول بتوارث الخطيئة من التعاليم غير الصالحة التى أعطاها كاتب رسائل بولس للآباء وصدقوها، لعدم وجود كتاب معتمد عندهم؟
                  اقرأ كم انتهر الرب القائل بهذه الفرية، وهذه العقيدة الباطلة:
                  (16«لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ.) التثنية 24 : 16
                  (4وَأَمَّا بَنُوهُمْ فَلَمْ يَقْتُلْهُمْ بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الشَّرِيعَةِ فِي سِفْرِ مُوسَى حَيْثُ أَمَرَ الرَّبُّ: [لاَ تَمُوتُ الآبَاءُ لأَجْلِ الْبَنِينَ وَلاَ الْبَنُونَ يَمُوتُونَ لأَجْلِ الآبَاءِ بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ لأَجْلِ خَطِيَّتِهِ].) أخبار الأيام الثانى 25: 4
                  (7لِيَتْرُكِ الشِّرِّيرُ طَرِيقَهُ وَرَجُلُ الإِثْمِ أَفْكَارَهُ وَلْيَتُبْ إِلَى الرَّبِّ فَيَرْحَمَهُ وَإِلَى إِلَهِنَا لأَنَّهُ يُكْثِرُ الْغُفْرَانَ.) إشعياء 55: 7
                  وقال الرب لإرمياء: (29فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لاَ يَقُولُونَ بَعْدُ: [الآبَاءُ أَكَلُوا حِصْرِماً وَأَسْنَانُ الأَبْنَاءِ ضَرِسَتْ]. 30بَلْ: [كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ بِذَنْبِهِ].كُلُّ إِنْسَانٍ يَأْكُلُ الْحِصْرِمَ تَضْرَسُ أَسْنَانُهُ.) إرمياء 31: 29-30
                  أى (أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى) النجم 38-41
                  وقال الرب لهوشع: (15«إِنْ كُنْتَ أَنْتَ زَانِياً يَا إِسْرَائِيلُ فَلاَ يَأْثَمُ يَهُوذَا. ...) هوشع 4: 15
                  وقال الرب لداود: (12وَلَكَ يَا رَبُّ الرَّحْمَةُ لأَنَّكَ أَنْتَ تُجَازِي الإِنْسَانَ كَعَمَلِهِ) مزمور 62: 12
                  وقال له أيضًا: (الرب قضاء أمضى: الشرير يُعلَّق بعمل يديه) مزامير 9: 16
                  وقال الرب لإرمياء: (19عَظِيمٌ فِي الْمَشُورَةِ وَقَادِرٌ فِي الْعَمَلِ الَّذِي عَيْنَاكَ مَفْتُوحَتَانِ عَلَى كُلِّ طُرُقِ بَنِي آدَمَ لِتُعْطِيَ كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ طُرُقِهِ وَحَسَبَ ثَمَرِ أَعْمَالِهِ) إرمياء 32: 19
                  وقال الرب لأيوب: (حَاشَا لِلَّهِ مِنَ الشَّرِّ وَلِلْقَدِيرِ مِنَ الظُّلْمِ. 11لأَنَّهُ يُجَازِي الإِنْسَانَ عَلَى فِعْلِهِ وَيُنِيلُ الرَّجُلَ كَطَرِيقِهِ. 12فَحَقّاً إِنَّ اللهَ لاَ يَفْعَلُ سُوءاً وَالْقَدِيرَ لاَ يُعَوِّجُ الْقَضَاءَ.) أيوب 34: 10-13
                  وقال الرب لحزقيال: (19[وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: لِمَاذَا لاَ يَحْملُ الاِبْنُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ؟ أَمَّا الاِبْنُ فَقَدْ فَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً. حَفِظَ جَمِيعَ فَرَائِضِي وَعَمِلَ بِهَا فَحَيَاةً يَحْيَا. 20اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ. 21فَإِذَا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُ الَّتِي فَعَلَهَا وَحَفِظَ كُلَّ فَرَائِضِي وَفَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً فَحَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ. 22كُلُّ مَعَاصِيهِ الَّتِي فَعَلَهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. فِي بِرِّهِ الَّذِي عَمِلَ يَحْيَا. 23هَلْ مَسَرَّةً أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ؟ أَلاَ بِرُجُوعِهِ عَنْ طُرُقِهِ فَيَحْيَا؟) حزقيال 18: 19-23
                  ونفى سفر الحكمة أن آدم نزل على الأرض بهذه الخطيئة، فقد غفر الله له زلته، قبل أن ينزل على الأرض: (هي التي حفظت أول من جُبِلَ أبًا للعالم لمَّا خُلق وحده، وأنقذته من زلته، وآتته قوة ليتسلط على الجميع) الحكمة 10: 1-2
                  وفال بولس لليهود: (4وَلَكِنْ لِيَمْتَحِنْ كُلُّ وَاحِدٍ عَمَلَهُ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ الْفَخْرُ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ فَقَطْ، لاَ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ. 5لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ سَيَحْمِلُ حِمْلَ نَفْسِهِ.) غلاطية 6: 4-5
                  أما عن نصوص نزول يسوع إلى الجحيم، لتخليص المؤمنين والكافرين، الذين جمعهم الجحيم، بسبب الخطيئة الأولى التى لم يرتكبوها،وذلك بشرح وتعليق القمص أنطونيوس فكري، الذى يقول:- ونزل الرب إلى الجحيم وأطلق سباياه ودخل بهم للفردوس كما وعد اللص اليمين. وهذا ما علم به الرسول بولس أن المسيح نزل إلى أقسام الأرض السفلى أف 9:4.
                  وتقول الرسائل:
                  (19الَّذِي فِيهِ أَيْضاً ذَهَبَ فَكَرَزَ لِلأَرْوَاحِ الَّتِي فِي السِّجْنِ) بطرس الأولى 3: 19
                  (9وَأَمَّا أَنَّهُ صَعِدَ، فَمَا هُوَ إِلاَّ إِنَّهُ نَزَلَ أَيْضاً أَوَّلاً إِلَى أَقْسَامِ الأَرْضِ السُّفْلَى. 10اَلَّذِي نَزَلَ هُوَ الَّذِي صَعِدَ أَيْضاً فَوْقَ جَمِيعِ السَّمَاوَاتِ، لِكَيْ يَمْلَأَ الْكُلَّ.) أفسس 4: 9-10
                  والآن: أصدقنى عزيز الكاتب:
                  هل كنت تعلم أن هذه هى عقيدتك، واستبشعتها فرمتنا بها، خوفًا من أن نكشفها نحن فى المقام الأول، فتحرج ولا تجد ما تجيب به علينا، أو على أتباع كنيستك؟
                  ما الذى اكتسبته من الكذب ورميتنا بالباطل بما تؤمن أنت به؟
                  ماذا يفيدك لو ربحت العالم كله وخسرت نفسك فى الدنيا قبل الآخرة؟
                  (25لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَأَهْلَكَ نَفْسَهُ أَوْ خَسِرَهَا؟) متى 16: 26؛ مرقس 8: 36؛ لوقا 9: 25
                  أسأل الله لكم ولنا الهداية
                  * * * * *
                  هل يقود إله الإسلام كل مسلم إلى الخلاص الأبدي؟
                  يواصل الكاتب المسيحى قوله فى كتابه المسمى (الإسلام بدون غطاء)، فيقول:
                  هل يقود إله الإسلام كل مسلم إلى الخلاص الأبدي؟
                  • طبقا للقرآن: الله يهدي ويضل كما يشاء.
                  "وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم". سورة ابراهيم 4:14
                  "فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجاً كأنما يصعد فى السماء". سورة الأنعام 125:6
                  • إرادة الله أن البعض لا يهتدوا، ومع ذلك فإن الله سيعاقبهم على عدم إهتدائهم.
                  "ولو شئنا لآتينا كل نفس هديها ولكن حق القول مني لأملئن جهنم من الجنة والناس أجمعين". سورة السجدة 13:32
                  • الله يجعل من المستحيل على من رفض الإسلام أن يؤمن فيما بعد.
                  "إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون. ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم". سورة البقرة 6:2و7
                  • الله يأمر الناس بالمعصية حتى يصبح لديه المبرر في تدميرهم.
                  "وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً". سورة الإسراء 16:17
                  ونرد عليه بقولنا:
                  تكلم الكاتب فى أربع نقاط فى هذه الفقرة، وهى:
                  1- طبقا للقرآن: الله يهدي ويضل كما يشاء.
                  فى الحقيقة لا أعرف كيف قرأ الكاتب الآية، ولن أدخل فى نيته، ولا فى علمه الذى خوَّل إليه هذا الفهم البعيد عن السياق. فالله يهدي من يشاء ويضل من يشاء، وليس كما يشاء، كما قال الكاتب. وكلمة (من) هنا ليست لمشيئة الله تعالى ولكن لرغبة العبد، فمن يريد الهداية من الله تعالى يهديه الله، ومن يريد الضلالة، يبعده الله عنه، ويتركه فريسة للشياطين فتضله. وطبعًا فى البداية أنت توافقنى أنه لا يقع شيئًا فى ملكوت الله إلا بإرادته ومشيئته. وسنعود مرة أخرى لهذا الموضوع.
                  2- على الرغم من أن الله يُحجم عن هداية بعض الناس، إلا أنه سيحاسبهم فى الآخرة ويعذبهم على عدم إيمانهم.
                  3- الله يجعل من المستحيل على من رفض الإسلام أن يؤمن فيما بعد.
                  4- الله يأمر الناس بالمعصية حتى يصبح لديه المبرر في تدميرهم.
                  وكأن لسان حال الكاتب يقول: إن كان الله تعالى هو الذي يهدي، وهو الذى يضل فما ذنب من لم يهده الله؟ وطالما أنه يُحجم عن هداية بعض الناس، فكيف يحاسبهم فى الآخرة، ويعذبهم بذنب لم يتسببوا فيه؟ ولطالما أنه يأمر مترفى القرية أن يفسدوا فيها، فلماذا يعذبهم فى الآخرة؟ فهل هذا من العدل؟
                  يؤمن كل من يعرف قدر الله أن من أسماء الله تعالى وصفاته العليا أنه هو الحكم العدل، والعادل لا يظلم أحدًا: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ} فصلت 46
                  وقال الرسول ، فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى، أنه قال: (يا عبادي: إني حرمت الظلم على نفسي، وجعـلته بيـنكم محرماً؛ فلا تظالموا)
                  قسم العلماء الهداية إلى نوعين :
                  القسم لأول : هداية دليل وإرشاد.
                  قال الله تعالى: (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا) الإنسان 3، أي: بينا له ووضحنا له طريق الخير وطريق الشر. ومثله قوله تعالى (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ)
                  وقال تعالى: (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى) فصلت 17، أى استحبوا الكفر على الإيمان، بمعنى أن الله تعالى يبين الطرق ويدل عليه وعلى الإنسان الاختيار بين أن يقبل أو يرفض.
                  وعَنْ أَبِي مَالِك الْأَشْعَرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّه : (كُلّ النَّاس يَغْدُو فَبَائِع نَفْسه فَمُوبِقهَا أَوْ مُعْتِقهَا) رَوَاهُ مُسْلِم
                  وعَنْ أَبِي هُرَيْرَة  عَنْ النَّبِيّ  قَالَ: (مَا مِنْ خَارِج يَخْرُج إِلَّا بِبَابِهِ رَايَتَانِ: رَايَة بِيَدِ مَلَك وَرَايَة بِيَدِ شَيْطَان فَإِنْ خَرَجَ لِمَا يُحِبّ اللَّه اِتَّبَعَهُ الْمَلَك بِرَايَتِهِ فَلَمْ يَزَلْ تَحْت رَايَة الْمَلَك حَتَّى يَرْجِع إِلَى بَيْته وَإِنْ خَرَجَ لِمَا يُسْخِط اللَّه اِتَّبَعَهُ الشَّيْطَان بِرَايَتِهِ فَلَمْ يَزَلْ تَحْت رَايَة الشَّيْطَان حَتَّى يَرْجِع إِلَى بَيْته) الإمام أحمد
                  (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ) محمد 25
                  القسم الثاني من معنى الهداية: هداية زيادة وفضل ومعونة.
                  (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ) محمد 17
                  فالله تعالى يبين الطريق إلى صراطه المستقيم، ومن يأخذ بهداية الدلالة يزده الله بهداية المعونة والزيادة.
                  والاختيار بين أن يسلك الإنسان طريق الخير أو الشر بيد الإنسان كما جاء في الآيات الكريمة: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ) يونس 108
                  وكما يقول الشيخ "محمد الغزالي" في كتابه "عقيدة المسلم". نحن نجد أن إطلاق المشيئة في آية تقيده آية أخرى يذكر فيها الاختيار الإنساني صريحا". أي أن إضلال الله لشخص، معناه: أن هذا الشخص آثر الغي على الرشاد، فأقره الله على مراده، وتمم له ما ينبغي لنفسه: (.. فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) الصف 5
                  (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا) النساء 115
                  وعلى ذلك فإن معنى قوله (يُضِلُّ مَن يَشَاء) لا يعدو قوله: (.... وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ * الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) البقرة 26-27
                  وكذلك الحال في قوله: (يَهْدِي من يشاء): (...... وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} الرعد 27-28، فهو سبحانه يهدي إليه من أناب، ويضل من استحب العمى والضلال، واختار طريق الغى.
                  إذن فالمشيئة للهداية أو الضلال ترجع إلى اختيار الإنسان، بعد أن بيَّن الله تعالى له الخير من الشر، وعاقبة كل منها.
                  أنتم تدعون أن يسوع هو الإله، وهو إله المحبة والخير، فلماذا لم يهد بنى إسرائيل، وتركهم فى غيهم الذى اختاروه لأنفسهم؟ لماذا لم يهد يهوذا الإسخريوطى، وقال له اذهب وافعل ما أنت مقدم عليه؟ أليس لأنه اختار الضلال على الهدى؟ ألا نقرب بذلك الصورة مع الفارق الكبير، ولله المثل الأعلى: (27فَبَعْدَ اللُّقْمَةِ دَخَلَهُ الشَّيْطَانُ. فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «مَا أَنْتَ تَعْمَلُهُ فَاعْمَلْهُ بِأَكْثَرِ سُرْعَةٍ».) يوحنا 13: 27
                  لكن فى الحقيقة استوقفنى حرصك على العدل الإلهى، وأن لا يعاقب الله إنسانًا على جريمة لم يقترفها، أو تسبب فيها الرب دون إرادة مقترفها، فى الوقت الذى تؤمن فيه بالخطيئة الأزلية، وأن الرب عاقب كل البشر مؤمنها وكافرها، برها وفاجرها، على جريمة تسبب فيها الرب، وعملها آدم وحواء، بل إن كتابك المقدس جدًا يبرىء آدم من هذه الجريمة لأنه الرجل: (14وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ لَكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي) تيموثاوس الأولى 2: 9-14
                  فقد منع الرب آدم من الأكل من شجرة معرفة الخير من الشر، أى إن آدم خالف تعاليم الرب عن جهل، لأنه لم يتعلم الخير من الشر: (16وَأَوْصَى الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ قَائِلاً: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً 17وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتاً تَمُوتُ».) تكوين 2: 16-17
                  قتل الرب ابنه وسلمه للهلاك دون ذنب اقترفه: (8وَلَكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا. 9فَبِالأَوْلَى كَثِيراً وَنَحْنُ مُتَبَرِّرُونَ الآنَ بِدَمِهِ نَخْلُصُ بِهِ مِنَ الْغَضَبِ. 10لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا وَنَحْنُ أَعْدَاءٌ قَدْ صُولِحْنَا مَعَ اللهِ بِمَوْتِ ابْنِهِ فَبِالأَوْلَى كَثِيراً وَنَحْنُ مُصَالَحُونَ نَخْلُصُ بِحَيَاتِهِ. 11وَلَيْسَ ذَلِكَ فَقَطْ بَلْ نَفْتَخِرُ أَيْضاً بِاللَّهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ الَّذِي نِلْنَا بِهِ الآنَ الْمُصَالَحَةَ. 12مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ.) رومية 5: 8-12
                  وهكذا أحب المسيحى أن يقتل إلهه فداءًا لوهم لم يأمر به الرب، ولو على حساب سب الرب بعدم الرحمة، ولا الشفقة، أو حتى يُلعن الرب فى سبيل تخلصه من ذنوب لم يرتكبها، أو حتى ارتكبها: فأين محبة المسيحى لإلهه؟: (31فَمَاذَا نَقُولُ لِهَذَا؟ إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا فَمَنْ عَلَيْنَا! 32اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ كَيْفَ لاَ يَهَبُنَا أَيْضاً مَعَهُ كُلَّ شَيْءٍ؟) رومية 8: 31-32
                  (13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ».) غلاطية 3: 13
                  طبعًا كيف يشفق الرب على ابنه أو حتى ابنك أنت عزيزى القارىء، ألم يأمركم بأكل أطفالكم فى وقت المجاعات؟: (53فَتَأْكُلُ ثَمَرَةَ بَطْنِكَ لحْمَ بَنِيكَ وَبَنَاتِكَ الذِينَ أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فِي الحِصَارِ وَالضِّيقَةِ التِي يُضَايِقُكَ بِهَا عَدُوُّكَ.) تثنية 28: 53
                  ويقر الرب أكثر من ذلك المرأة على أكل أولادها ومشيمتها وقت الحصار: (57بِمَشِيمَتِهَا الخَارِجَةِ مِنْ بَيْنِ رِجْليْهَا وَبِأَوْلادِهَا الذِينَ تَلِدُهُمْ لأَنَّهَا تَأْكُلُهُمْ سِرّاً فِي عَوَزِ كُلِّ شَيْءٍ فِي الحِصَارِ وَالضِّيقَةِ التِي يُضَايِقُكَ بِهَا عَدُوُّكَ فِي أَبْوَابِكَ.) تثنية 28: 57
                  وإذا كانت محبته اقتضت أن يُضحى بأعز وأغلى ما عنده وهو ابنه، فماذا سيفعل فيكم وأنتم تتهمونه بعدم الشفقة، وتلعنونه بقولكم أعلاه؟
                  جاءت تعاليم الرب أنه يفتقد ذنوب الآباء فى الأبناء. فأين العدل الإلهى الذى تحرص عليه؟ ولماذا لم ترفضه فى كتابك المقدس جدًا؟
                  (5لاَ تَسْجُدْ لَهُنَّ وَلاَ تَعْبُدْهُنَّ لأَنِّي أَنَا الرَّبَّ إِلَهَكَ إِلَهٌ غَيُورٌ أَفْتَقِدُ ذُنُوبَ الآبَاءِ فِي الأَبْنَاءِ فِي الْجِيلِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ مِنْ مُبْغِضِيَّ.) الخروج 20: 5
                  هذا على الرغم من نهيه فى طول الكتاب وعرضه عن القول بمثل هذه العقيدة الباطلة، وقد ذكرت من قبل عدة نصوص، أكرر منها الآتى: (19[وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: لِمَاذَا لاَ يَحْمِلُ الاِبْنُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ؟ أَمَّا الاِبْنُ فَقَدْ فَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً. حَفِظَ جَمِيعَ فَرَائِضِي وَعَمِلَ بِهَا فَحَيَاةً يَحْيَا. 20اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ. 21فَإِذَا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُ الَّتِي فَعَلَهَا وَحَفِظَ كُلَّ فَرَائِضِي وَفَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً فَحَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ. 22كُلُّ مَعَاصِيهِ الَّتِي فَعَلَهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. فِي بِرِّهِ الَّذِي عَمِلَ يَحْيَا.) حزقيال 18: 19-22
                  (16«لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ.) التثنية 24: 16
                  وإذا كان عدله اقتضى أن يعاقب البشر كله نيابة عن خطأ اثنين من عبيده، فهل تتوقع أن يعدل معك فى حكمه عليك؟
                  وإذا كان عدله خوَّل له أن يضع فى جهنم البار والفاجر، المؤمن والكافر، النبى والزنديق، فماذا تتوقع من إله قبل على نفسه الظلم والإهانة من عبيده، وأن يصفوه بعدم الرحمة وأن يلعنوه، بل انتحر من أجل ذنب مازال العالم يرتكب أفظع منه من قتل وإبادة جماعية وتصفية عرقية، وزنى، وسب للرب نفسه؟
                  من رحمة الرب فى الكتاب المقدس جدًا وعدله أنه قتل أطفال سفهاء غير مكلفين، لأنهم تعدوا باللفظ على نبيه أليشع، بينما ترك اليهود والرومان يذلون ابنه ويقتلونه: (وَفِيمَا هُوَ صَاعِدٌ فِي الطَّرِيقِ إِذَا بِصِبْيَانٍ صِغَارٍ خَرَجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ وَسَخِرُوا مِنْهُ وَقَالُوا لَهُ: [اصْعَدْ يَا أَقْرَعُ! اصْعَدْ يَا أَقْرَعُ!] 24فَالْتَفَتَ إِلَى وَرَائِهِ وَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ. فَخَرَجَتْ دُبَّتَانِ مِنَ الْوَعْرِ وَافْتَرَسَتَا مِنْهُمُ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَلَداً.) ملوك الثانى 2: 23-24
                  فكيف عاقب الرب كل الأرض باللعن، وعاقب كل البشر بالتعب وهم لم يرتكبوا هذه الجريمة، ولم يشاركوا فيها لا بالتحريض ولا بالسكوت ولا بالرضى؟ أين العدل الذى تنشده عزيزى الكاتب فى هذه القصة؟
                  ولماذا مازالت المرأة تلد وتتألم، وتحب زوجها، وتشتاق إليه؟ أى لماذا تستمر هذه العقوبة التى فرضها الرب على كل نساء الدنيا، ورجالها، على الرغم من انتحار الإله أو تضحيته بابنه البرىء، وهو ثمن للمغفرة؟ أين العدل الربانى عزيزى الكاتب الذى تبحث عنه؟
                  ولماذا لم يحظ الشيطان بعقوبة دامت لليوم، فلا توجد أفعى تأكل التراب؟ أى لماذا رفع الرب العذاب من على الحية، ومازالت تأكل اللحوم ولم تأكل قط التراب، وهى أصل الشر، وأساس عصيان آدم وحواء، ولم يرفعه عن بنى البشر؟ أين العدل والمنطق والحكمة عزيزى الكاتب الذى تتمناه؟
                  (14فَقَالَ الرَّبُّ الإِلَهُ لِلْحَيَّةِ: «لأَنَّكِ فَعَلْتِ هَذَا مَلْعُونَةٌ أَنْتِ مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ وَمِنْ جَمِيعِ وُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ. عَلَى بَطْنِكِ تَسْعِينَ وَتُرَاباً تَأْكُلِينَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكِ. 15وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ». 16وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيراً أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ. بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَداً. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ». 17وَقَالَ لِآدَمَ: «لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ امْرَأَتِكَ وَأَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ قَائِلاً: لاَ تَأْكُلْ مِنْهَا مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. 18وَشَوْكاً وَحَسَكاً تُنْبِتُ لَكَ وَتَأْكُلُ عُشْبَ الْحَقْلِ. 19بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزاً حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لأَنَّكَ تُرَابٌ وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ».) تكوين 3: 16
                  إلا أن بولس يكذب الرب ويقول إن الرجل لم يغو، ولم يغو إلا المرأة، فعلى أى أساس عاقب الرب المرأة ومازال؟: (14وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ لَكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي.) تيموثاوس الأولى 2: 14
                  أى لم تخلص بعملية انتحار الآب والابن والروح القدس، الإله الواحد الذى لا تنفصل أقانيمه مطلقًا؟ ولم تكن عملية انتحار الرب من أجل جميع البشر، بل من أجل الرجال فقط: (12مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ. ... 18فَإِذاً كَمَا بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ صَارَ الْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِلدَّيْنُونَةِ هَكَذَا بِبِرٍّ وَاحِدٍ صَارَتِ الْهِبَةُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِتَبْرِيرِ الْحَيَاةِ.) رومية 5: 12 و18
                  والآن: هل تعتقد حقًا أن الرب قتل نفسه أو ابنه من أجل خطيئة إنسان مُحتقر عند الرب نفسه؟ (وَكَجَحْشِ الْفَرَا يُولَدُ الإِنْسَانُ.) أيوب 11: 12
                  (19لأَنَّ مَا يَحْدُثُ لِبَنِي الْبَشَرِ يَحْدُثُ لِلْبَهِيمَةِ وَحَادِثَةٌ وَاحِدَةٌ لَهُمْ. مَوْتُ هَذَا كَمَوْتِ ذَاكَ وَنَسَمَةٌ وَاحِدَةٌ لِلْكُلِّ. فَلَيْسَ لِلإِنْسَانِ مَزِيَّةٌ عَلَى الْبَهِيمَةِ لأَنَّ كِلَيْهِمَا بَاطِلٌ. 20يَذْهَبُ كِلاَهُمَا إِلَى مَكَانٍ وَاحِدٍ. كَانَ كِلاَهُمَا مِنَ التُّرَابِ وَإِلَى التُّرَابِ يَعُودُ كِلاَهُمَا.) الجامعة 3: 19-20
                  أما قولك إن (الله يجعل من المستحيل على من رفض الإسلام أن يؤمن فيما بعد.) فهذا من باب الإفتراء على الله تعالى، وسد باب الرحمة فى وجه كل من يريد التوبة والإسلام.
                  أما إن كنت تقصد قول الله تعالى: (‏إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا‏) النساء‏ 48‏

                  تعليق


                  • #69
                    الملف 46
                    فالله تعالى لا يغفر لمن أشرك به، ومات على الكفر؛ أما من تاب وآمن وعمل صالحًا، فالله يغفر الذنوب جميعًا. (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) المائدة 72
                    وفى ذلك يقول الرسول  أيضًا مخبرًا عن الله تعالى قوله: (ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة لا يشرك بي شيئاً لقيته بمثلها مغفرة) مسلم
                    وعلى ذلك نكون قد بيَّنَّا أن الإنسان مخيَّر بين الطريقين اللذين بينهما الله تعالى لعباده: إما أن يكون فى معية الله تعالى، يطيعه، فيحظى بالجنة، وإما أن يعصاه ويتبع الشيطان، ويكون مصيره إلى النار. وهو الذى يحدد مصيره بنفسه، ولا ينفى هذا علم الله الأزلى بما سيختاره عبده.
                    هذا هو الله الرحيم القائل: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) الزمر 53
                    وهذا هو الله الرؤوف القائل: (وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا) النساء 110
                    وهذا هو الله الغفور القائل: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) آل عمران 135-136
                    أما قوله: (الله يأمر الناس بالمعصية حتى يصبح لديه المبرر في تدميرهم.)
                    واستشهد على فهمه بقول الله تعالى: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) الإسراء 16
                    أولا: إن كنت فهمت أن الفسق من (ففسقوا) تعنى الفحشاء، فقد أخطأت، لأن الله تعالى لا يأمر بالفحشاء، ولا يأمر به إلا الشيطان: (وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) الأعراف 28
                    (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) البقرة 268
                    (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ....) النور 21
                    يقول القاموس المحيط مادة (فسق): الفِسْقُ: مصـ. ـ: العِصْيَان؛
                    وبالطبع لابد أن يسبق العصيان أمر يُعصى .. والأمر فى الآية هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ففسقوا أى فعصوا.
                    يقول القاموس المحيط أيضًا: فَسَقَ يَفْسُقُ فِسْقاً وفُسُوقا: فَجَرَ وتركَ أوامرَ اللَّه، وجاوزَ حدودَ الشَّرع. فسق عن أمرِ ربِّه: خرج عن طاعته(فَسَجدُوا إلاَّ إِبْليسَ كَانَ مِنَ الجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ). فسق كلُّ ذي قشر: خرجَ عن قشرهِ؛ فَسَقَتِ الرُّطبة عن قشرها / فَسَقَتِ الفَأْرَةُ عن جُحْرها.
                    ومشكلة الكاتب المسيحى هى قول الله تعالى (أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا)، والتى تعنى أمرناهم بطاعاتنا وبمنهحنا، فعصونا وخرجوا على طاعتنا، وفعلوا الفواحش فاستحقوا العقوبة. رواه ابن جريج عن ابن عباس، وقاله سعيد بن جبير أيضًا. وهذا القول في الآية جارٍ على الأسلوب العربي المألوف، من قولهم: "أمرتُه فعصاني"، أي: أمرته بالطاعة فعصى.
                    من الخطأ أن نفهم المعنى على أن الله أراد أولاً إهلاكهم ففسقوا؛ لأن الفهم المستقيم للآية: أنهم فسقوا فأراد الله إهلاكهم، والدليل على ذلك قول الله تعالى: (فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا)، أى إن العقوبة جاءت بناءً على العصيان والخروج على أمره. وليس المعنى: أمرته بالعصيان. وإلا لكان العرب أول من هاجم القرآن انطلاقًا من هذه الآية.
                    وقيل معناها (أمَّرْنا) أى جعلناهم أمراء، وقال بها ابن جرير
                    وقيل معناها (أكثرنا) عددهم، وقال بها العوفي عن ابن عبا ، وعكرمة، والحسن، والضحاك، وقتادة، ومالك عن الزهري. وقد استشهد بعضهم على هذا المعنى بالحديث الذي رواه الإمام أحمد حيث قال: حدثنا روح بن عبادة، حدثنا أبو نعامة العدوي، عن مسلم بن بديل، عن‌ إياس بن زهير، عن سويد بن هبيرة، عن النبي  قال: (خير مال امرئ له مهرة مأمورة أو سكة مأبورة). ومهرة مأمورة: أى كثيرة النسل، والسكة: أى النخل المصطفة، والمأبورة: أى الملقحة.
                    وقيل معناها القضاء الكوني في قوله تعالى (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً) الإسراء 4، ومعناها أن الله تعالى تقدم إلى بنى إسرائيل وأخبرهم في الكتاب الذي أنزله عليهم أنهم سيفسدون في الأرض مرتين ويعلون ‌‌علوا كبيرا، أي: يتجبرون ويطغون ويفجرون على الناس. كما قال تعالى: (وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَٰلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَٰؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ) الحجر 66 أي : تقدمنا إليه وأخبرناه بذلك وأعلمناه به. وليس أمرهم بذلك، لأن الله تعالى لا يأمر بالفحشاء ولا بالمنكر.
                    وأعتقد أن الكاتب المسيحى لا يعنيه، ولم يعنيه أن الرب يُهلك القرية كاملة وفيها أحد المؤمنين أو بضعة منهم، لأنه اعتاد من إله المحبة على مثل هذه الممارسات. (قلع الرب أصول الأمم وغرس المتواضعين مكانهم، قلب الرب بلدان الأمم وأبادها إلى أسس الأرض، أقحل بعضها وأباد سكانها، وأزال من الأرض ذكرهم، محا الرب ذكر المتكبرين وأبقى ذكر المتواضعين بالروح) سيراخ 10: 18-21
                    (20وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى وَهَرُونَ: 21«افْتَرِزَا مِنْ بَيْنِ هَذِهِ الْجَمَاعَةِ لأَنِّي سَأُفْنِيهِمْ فِي لَحْظَةٍ». 22فَانْطَرَحَا عَلَى وَجْهَيْهِمَا وَابْتَهَلاَ قَائِلَيْنِ: «اللهُمَّ، يَاإِلَهَ أَرْوَاحِ جَمِيعِ الْبَشَرِ، أَتَسْخَطُ عَلَى الْجَمَاعَةِ كُلِّهَا مِنْ أَجْلِ خَطِيئَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ؟» 23فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: 24«اطْلُبْ مِنَ الشَّعْبِ أَنْ يَبْتَعِدُوا مِنْ حَوَالَيْ خِيَامِ قُورَحَ وَدَاثَانَ وَأَبِيرَامَ». 25فَذَهَبَ مُوسَى إِلَى دَاثَانَ وَأَبِيرَامَ، وَتَبِعَهُ شُيُوخُ إِسْرَائِيلَ، 26وَقَالَ لِلْجَمَاعَةِ كُلِّهَا: «ابْتَعِدُوا عَنْ خِيَامِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ الأَشْرَارِ، وَلاَ تَلْمَسُوا شَيْئاً مِمَّا لَهُمْ لِئَلاَّ تَهْلِكُوا مِنَ جَرَّاءِ خَطَايَاهُمْ». 27فَابْتَعَدُوا مِنْ حَوَالَيْ خِيَامِ قُورَحَ وَدَاثَانَ وَأَبِيرَامَ، وَخَرَجَ دَاثَانُ وَأَبِيرَامُ، وَوَقَفَا أَمَامَ خَيْمَتَيْهِمَا مَعَ زَوْجَاتِهِمَا وَأَوْلاَدِهِمَا صِغَاراً وَكِبَاراً. 28فَقَالَ مُوسَى: «بِهَذَا تَعْرِفُونَ أَنَّ الرَّبَّ قَدْ أَرْسَلَنِي لأُجْرِيَ كُلَّ هَذِهِ الأَعْمَالِ، وَأَنَّهَا لَيْسَتْ صَادِرَةً عَنْ نَفْسِي: 29إِنْ مَاتَ هَؤُلاءِ مَوْتاً طَبِيعِيّاً، أَوِ ابْتُلُوا بِمَا يُبْتَلَى بِهِ النَّاسُ عَادَةً، فَلاَ يَكُونُ الرَّبُّ قَدْ أَرْسَلَنِي . 30وَلَكِنْ إِنْ أَجْرَى الرَّبُّ بِدْعَةً، وَانْشَقَّتِ الأَرْضُ وَابْتَلَعَتْهُمْ مَعَ كُلِّ مَالَهُمْ، وَدُفِنُوا فِي بَاطِنِ الأَرْضِ أَحْيَاءً، عِنْدَئِذٍ تُدْرِكُونَ أَنَّ هَؤُلاءِ الْقَوْمَ قَدِ ازْدَرَوْا بِالرَّبِّ». 31وَحَالَمَا انْتَهَى مِنْ كَلاَمِهِ انْشَقَّتِ الأَرْضُ تَحْتَهُمْ، 32وَفَتَحَتْ فَاهَا وَابْتَلَعَتْهُمْ مَعَ بُيُوتِهِمْ، كَمَا ابْتَلَعَتْ رِجَالَ قُورَحَ مَعَ كُلِّ مَا يَمْلِكُونَ. 33فَاخْتَفَوْا هُمْ وَكُلُّ مَا يَمْلِكُونَ أَحْيَاءً فِي بَاطِنِ الأَرْضِ الَّتِي انْطَبَقَتْ عَلَيْهِمْ، فَبَادُوا مِنْ بَيْنِ الْجَمَاعَةِ. 34وَهَرَبَ الإِسْرَائِيلِيُّونَ الَّذِينَ حَوْلَهُمْ مِنْ صَوْتِ صَرَخَاتِهِمْ قَائِلِينَ: «لِئَلاَّ تَبْتَلِعَنَا الأَرْضُ». 35وَانْدَلَعَتْ نَارٌ مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ فَالْتَهَمَتِ الْمِئَتَيْنِ وَالْخَمْسِينَ رَجُلاً الَّذِينَ قَرَّبُوا الْبَخُورَ.) العدد 16: 20-35
                    (21وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ, مِنْ طِفْلٍ وَشَيْخٍ - حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ. ... 24وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ مَعَ كُلِّ مَا بِهَا. إِنَّمَا الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ وَآنِيَةُ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ جَعَلُوهَا فِي خِزَانَةِ بَيْتِ الرَّبِّ.) يشوع 6: 20-24
                    ومرة أخرى بعد مرات عديدة أدعو الكاتب إلى فهم اللغة العربية أولا، وقراءة التفاسير الإسلامية لعلماء اللغة العربية والتفسير. وأن يطرح ما يستعصى عليه فى صورة سؤال، وليس بصورة تقرير العالم الفاهم.
                    وهل تخبرنا مرة أخرى: ما معنى أن يلجأ الرب للشيطان ويستفيد من إمكاناته التى عزَّت أن يمتلك مثلها الرب أو ملائكته؟ هل يريد الرب أن يخبرنا عن قدرة الشيطان الفائقة، التى فاقت قدرة الرب وملائكته؟ أم يريد الرب أن يخبرنا أن الشيطان عون للرب، وليس كما تظنون أنه يأمر الفحشاء والمنكر؟
                    (19وَقَالَ: [فَاسْمَعْ إِذاً كَلاَمَ الرَّبِّ: قَدْ رَأَيْتُ الرَّبَّ جَالِساً عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَكُلُّ جُنْدِ السَّمَاءِ وُقُوفٌ لَدَيْهِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ. 20فَقَالَ الرَّبُّ: مَنْ يُغْوِي أَخْآبَ فَيَصْعَدَ وَيَسْقُطَ فِي رَامُوتَ جِلْعَادَ؟ فَقَالَ هَذَا هَكَذَا وَقَالَ ذَاكَ هَكَذَا. 21ثُمَّ خَرَجَ الرُّوحُ وَوَقَفَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: أَنَا أُغْوِيهِ. وَسَأَلَهُ الرَّبُّ: بِمَاذَا؟ 22فَقَالَ: أَخْرُجُ وَأَكُونُ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ. فَقَالَ: إِنَّكَ تُغْوِيهِ وَتَقْتَدِرُ. فَاخْرُجْ وَافْعَلْ هَكَذَا.) ملوك الأول 22: 19-22
                    هل أراد الرب بذلك أن يؤكد أن الشيطان هو رب هذا العالم وسيده؟
                    (31اَلآنَ دَيْنُونَةُ هَذَا الْعَالَمِ. اَلآنَ يُطْرَحُ رَئِيسُ هَذَا الْعَالَمِ خَارِجاً.) يوحنا 12: 31؛ 14: 3؛ 16: 11
                    (4الَّذِينَ فِيهِمْ إِلَهُ هَذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ.) كورنثوس الثانية 4: 4
                    لكن كيف انتزعه الشيطان من الرب؟ هل بنفس الطريقة التى اختطف بها إبليس يسوع وحبسه فى الصحراء؟ (لوقا 4: 1-11)
                    وما معنى قول الرب فى كتابه إن جنة فرعون أجمل من جنته؟ هل يقوم الرب بالدعاية لعبدة الشيطان وطواغيت الأرض؟
                    (7فَكَانَ جَمِيلاً فِي عَظَمَتِهِ وَفِي طُولِ قُضْبَانِهِ، لأَنَّ أَصْلَهُ كَـانَ عَلَى مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ. 8اَلأَرْزُ فِي جَنَّةِ اللَّهِ لَمْ يَفُقْهُ، السَّرْوُ لَمْ يُشْبِهْ أَغْصَانَهُ، وَالدُّلْبُ لَمْ يَكُنْ مِثْلَ فُرُوعِهِ. كُلُّ الأَشْجَارِ فِي جَنَّةِ اللَّهِ لَمْ تُشْبِهْهُ فِي حُسْنِهِ. 9جَعَلْتُهُ جَمِيلاً بِكَثْرَةِ قُضْبَانِهِ حَتَّى حَسَدَتْهُ كُلُّ أَشْجَارِ عَدْنٍ الَّتِي فِي جَنَّةِ اللَّهِ].) حزقيال 31: 7-9
                    يأمر الله تعالى فى كتابه العزيز أن نتخذ الشيطان عدوًا، وأخبرنا أنه يأمر بالفحشاء والمنكر: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) فاطر 6
                    (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْـزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا) الإسراء 53
                    وأن الله تعالى لا يأمر إلا بالقسط: (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ...) العراف 29
                    (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) النحل 90
                    * * * * *
                    ما هو مفهوم الإسلام للجنة؟
                    ويواصل الكاتب نقده للقرآن والإسلام فيقول:
                    ما هو مفهوم الإسلام للجنة؟
                    • الجنة في المفهوم الإسلامى هى المكان الذي سوف يجلس فيه المؤمنون على الأرائك. يأكلون ما طاب لهم من اللحوم والفاكهة،ويشربون الخمور، ويمارسون الجنس مع حور العين والغلمان والولدان المخلدون، ويلاحظ أنه ليس هناك ذكر لأي مكافأة للمؤمنات.
                    ومن الجدير بالذكر أن الكثير من المحرمات على المسلم فى هذه الحياة مباحة له بوفرة فى الجنة. من هذه الأمور المباحة شرب الخمور وممارسة الجنس مع الذكور من الغلمان ومع العشرات من الحوريات فى كل يوم اللاتى يعيد الله إليهن عذراويتهن تلقائياً بعد ممارسة الجنس معهن.
                    ثم أورد الآيات التى يظن أنها تؤكد كلامه كالمعتاد. ولا داع لذكرها كما قالها، لتجنب الأخطاء التى عملها أثناء النسخ. فسوف نذكرها مُشكلة فى سياق الرد.
                    ونرد عليه قائلين:
                    أيها الكاتب: لماذا ترمى الإسلام دائمًا بما تعانى منه مسيحيتك وكتابك الذى تقدسه؟ ألا تؤمن بقدسية العهد القديم؟ ألن تقلع عن الكذب؟ أم أن هذا جهل متغلغل فيمن تنقل عنهم ولا يمكن اقتلاعه منكم أجمعين؟ لماذا لا تجهد نفسك فى البحث؟ لماذا لا تجلس مع نفسك وتضع شروطًا ومعاير لصفات الإله الذى ينبغى أن يُعبد، والنبى الذى ينبغى أن يُصدَّق، وتطبق هذه المعايير على القرآن والكتاب الذى تقدسه دون تحايل أو افتراض نتيجة مسبقة؟ يكفيك شرف المحاولة إن حاولت مرة بشرف وموضوعية!
                    اقرأ ما يقوله الكتاب المقدس جدًا عن نبى الله نوح : فكتابك يقول إن نبى الله نوح  وحاشاه شرب حتى الثمالة فسكر وتعرى ودخل عليه ابنه وفعل به الفاحشة، أى لاط به: (21وَشَرِبَ مِنَ الْخَمْرِ فَسَكِرَ وَتَعَرَّى دَاخِلَ خِبَائِهِ. 22فَأَبْصَرَ حَامٌ أَبُو كَنْعَانَ عَوْرَةَ أَبِيهِ وَأَخْبَرَ أَخَوَيْهِ خَارِجاً. 23فَأَخَذَ سَامٌ وَيَافَثُ الرِّدَاءَ وَوَضَعَاهُ عَلَى أَكْتَافِهِمَا وَمَشَيَا إِلَى الْوَرَاءِ وَسَتَرَا عَوْرَةَ أَبِيهِمَا وَوَجْهَاهُمَا إِلَى الْوَرَاءِ. فَلَمْ يُبْصِرَا عَوْرَةَ أَبِيهِمَا. 24فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ نُوحٌ مِنْ خَمْرِهِ عَلِمَ مَا فَعَلَ بِهِ ابْنُهُ الصَّغِيرُ 25فَقَالَ: «مَلْعُونٌ كَنْعَانُ. عَبْدَ الْعَبِيدِ يَكُونُ لإِخْوَتِهِ».) (تكوين 9 :21-25) تُرى ما الذى فعله حام بأبيه؟ هل زنى بأبيه كما صرح أحد قساوسة أمريكا؟
                    Some commentators have suggested that Ham committed homosexual rape on his drunken father, and that this was why Ham's descendants were eternally punished with slavery. (skepticsannotatedbible (المصدر:
                    وفى الحقيقة ترددت كثيرًا قبل أن أذكر هذا الإسفاف فى حق الأنبياء، الذين نبجلهم، ويُعد سبهم أو التطاول عليهم كفرًا، لأنه يطعن فى علم الله وقدرته على انتقاء من يمثله على الأرض من صفوة خلقه. ولكن دفعنى إلى ذكر هذا الإسفاف حسن ظنى فيك أنك لا تعرف ما تكتب عنه. لذلك ترفعت (حتى ولو كان هذا مبنيًا على نصوص تشير إلى أن ذلك من الاحتمالات التى يتحملها تأويل النصوص) عن ذكر ما يقوله بعض الموتورين فى الغرب من تهم فى يسوع الذى كان التلميذ الذى يحبه متكئًا على صدره وهم عرايا (يوحنا 13: 23)، أو أن يسوع خلع ملابسه وائتذر بمنشفة، وبعد ما غسل أرجل التلاميذ أخذ المنشفة من على وسطه ومسح أرجل التلاميذ وهو عريان (يوحنا 13: 4-5)، أو بصدد ما قيل وقت الصلب عن أحد التلاميذ الذى كان يسوع يحبه (يوحنا 19: 26)، ولماذا خص هذا التلميذ بالذات بالحب، ألم يكن يسوع يحب كل الناس حتى أعداءه؟
                    وفى الحقيقة هناك موضوع على النت فى موقع أنصار السنة بعنوان (هل كان يسوع النصارى شاذ جنسيًا)، وهو موضوع جدير بالقراءة، لكنه أصابنى باكتئاب، لأن التطاول على الأنبياء الشرفاء، هو قتل للفضيلة، وطمس للحقائق، ونشر للرذيلة، وتعليل للتهتُّك وسوء الخلق، ناهيك عن أنه سب لله تعالى، الذى اصطفى هؤلاء الأنبياء. وهو على الرابط التالى: http://ansarsunna.com/vb/showthread.php?t=1349
                    إن الجنة هى مكان الراحة والتكريم والتنعيم فى الآخرة لمن آمن بالله تعالى فى الدنيا وأطاعه فى عمل الصالحات، واجتناب الموبقات والسيئات. (وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) التوبة 72
                    ووصفها الله تعالى قائلا: (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ ...) محمد 15
                    وقال الإمام الرازي في تفسير الآية 72 من سورة التوبة ما يلي: (من المواعيد التي ذكرها الله تعالى في هذه الآية قوله (وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ) والمعنى أن رضوان الله أكبر من كل ما سلف ذكره. وأعلم أن هذا هو البرهان القاطع على أن السعادات الروحانية أشرف وأعلى من السعادات الجسمانية).
                    وعن أبي سعيد الخدري  أن رسول الله  قال: (إن الله عز وجل يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة! فيقولون: لبيك يا ربنا وسعديك، والخير في يدك. فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى يا رب، وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدًا من خلقك؟ فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون: يا رب وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أحل عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم بعده أبدًا).
                    والجنة درجات مائة، يختلف المؤمن الداخل فى كل درجة تبعًا لإيمانه وعمله الصالح، وصبره على الطاعات، واجتناب السيئات. قال رسول الله : (في الجنة مائة درجة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، والفردوس أعلاها درجة، ومنها تفجر أنهار الجنة الأربعة، ومن فوقها يكون العرش، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس.) صححه الألباني
                    وأبوابــها ثمانية أبواب، قيل إن أسماءها: باب محمد  وهو باب التوبة، وباب الصلاة، وباب الصوم، وهو باب الريَّان، وباب الزكاة، وباب الصدقة، وباب الحج والعمرة، وباب الجهاد، وباب صلة الرحم.
                    قال الله تعالى: (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ) الزمر 73
                    ومفتاح الجنة شهادة أنه لا إله الا الله وأن محمدًا رسول الله. والأعمال الصالحة هى أسنان المفتاح التى بها يعمل. وأول من يدخلها سيدنا رسول الله بعد أن يشفع للمؤمنين بدخولها.
                    درجات الجنة وغرفها: والجنة درجات أعلاها الفردوس الأعلى وهو تحت عرش الرحمن، ومنه تخرج أنهار الجنة الأربعة الرئيسية: نهر اللبن، ونهر العسل، ونهر الخمر، ونهر الماء.
                    وأعلى مقام فى الفردوس الأعلى هو مـقام الوسيلة وهو مقام نبينا محمد . ثم غرف أهل عليين: وهى قصور متعددة الأدوار من الدر والجوهر تجرى من تحتها الأنهار يتراءون لأهل الجنة كما يرى الناس الكواكب والنجوم فى السماوات العلا. وهى منزلة الأنبياء والشهداء والصابرين من أهل البلاء والأسقام ، والمتحابين فى الله.
                    وفى الجنة غرف من الجواهر الشفافة، يُرى ظاهرها من باطنها، وهى لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وبات قائما والناس نيام، ثم باقى أهل الدرجات وهى مائة درجة وأدناهم منزلة، من كان له ملك مثل عشرة أمثال أغنى ملوك الدنيا.
                    أنهار الجنة: هناك أربعة أنهار رئيسية فى الجنة هى: نهر اللبن، ونهر العسل، ونهر الخمر، ونهر الماء. وهناك أنهار أخرى ذكرت أسماؤها فى القرآن أو السنة، منها نهر الكوثر: وهو نهر أعطى لرسول الله  فى الجنة، يشرب منه المسلمون
                    فى الموقف يوم القيامة شربة لا يظمأون بعدها أبدًا. وقد وصفه رسول الله  بأن حافتاه من قباب اللؤلؤ المجوف، وترابه المسك، وحصباؤه اللؤلؤ، وماؤه أشد بياضًا من الثلج، وأحلى من السكر، وآنيته من الذهب والفضة.
                    نهر البيدخ: وهو نهر يغمس فيه الشهداء، فيخرجون منه كالقمر ليلة البدر
                    وقد ذهب عنهم ما وجدوه من أذى الدنيا.
                    نهر بارق: وهو نهرعلى باب الجنة يجلس عنده الشهداء فيأتيهم رزقهم من الجنة بكرة وعشيا.
                    عين تسنيم: وهى أشرف شراب أهل الجنة، وهو من الرحيق المختوم ويشربه
                    المقربون صرفا ويمزج بالمسك لأهل اليمين.
                    عين سلسبيل: وهى شراب أهل اليمين، ويمزج لهم بالزنجبيل.
                    عين مزاجها الكافور: وهى شراب الأبرار.
                    وجميعها أشربة لا تسكر ولا تصدع ولا تذهب العقل بل تملأ شاربيها سرورًا ونشوة لا يعرفها أهل الدنيا، وذلك بخلاف ما تخيله أهل الكتاب عنها وسجلوه فى كتبهم.
                    قارن هذه الخمر أو اللبن أو جميع أشربة أهل الجنة، كما يعرفها الإسلام، بصورة إله الكتاب المقدس جدًا يهوه/يسوع عندما يستيقظ من النوم، ثقيل الرأس، من أثر الصداع من الخمر التى عاقرها فى الليل: (65فَاسْتَيْقَظَ الرَّبُّ كَنَائِمٍ كَجَبَّارٍ مُعَيِّطٍ مِنَ الْخَمْرِ.) مزامير 78: 65
                    وها هو الرب نفسه يملأ كاسات الخمر لمحبيه، ويترك عكارتها للأشرار: (8لأَنَّ فِي يَدِ الرَّبِّ كَأْساً وَخَمْرُهَا مُخْتَمِرَةٌ. مَلآنَةٌ شَرَاباً مَمْزُوجاً. وَهُوَ يَسْكُبُ مِنْهَا. لَكِنْ عَكَرُهَا يَمَصُّهُ يَشْرَبُهُ كُلُّ أَشْرَارِ الأَرْضِ.) مزمور 75: 8
                    يطوف عليهم بها ولدان مخلدون كأنهم لؤلؤًا منثورًا، بكؤوس من ذهب وقوارير من فضة. وطعام أهل الجنة من اللحم والطير والفواكه وكل ما اشتهت أنفسهم
                    قال الله تعالى: (لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ) الزمر 34
                    ناهيك عن أشجار الجنة وسيقانها وأوراقها، وهى أشجار لكل ثمار الفواكه المعروفة فى الدنيا، ليس منها إلا الأسماء، أما الجوهر فهو ما لا يعلمه إلا الله تعالى: (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) البقرة 25
                    أما أخلاق أهل الجنة وقلوبهم فكما قال تعالى: (وَنَزَعنَا مَا فِى صُدُورِهِم مِّن غِلٍ إِخوَاناً عَلَى سُرُر مُتَقَابِلِينَ) الحجر 47. وفي الحديث: (لا اختلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهم على قلب رجل واحد، يُسبحُون الله بُكرة وعشية) رواه البخاري
                    أما ما ورد في ذكر ريح الجنان وطيبه وانتشاره حتى إنه ليشمُّ من مسيرة سنين عديدة ومسافات بعيدة فشيء لا يخطر ببال، ففي الحديث: (تُراح رائحة الجنة من مسيرة خمسمائة عام، ولا يجد ريحها منان بعمله ولا عاق ولا مدمن خمر) رواه الطبراني
                    صفة أهل الجنة: يبعث الله الرجال من أهل الجنة على صورة أبيهم آدم جردًا مردًا مكحلين، فى الثالثة والثلاثين من العمر، على صورة يوسف، وقلب أيوب، ولسان محمد . وقد أنعم الله عليهم بتمام الكمال والجمال والشباب لا يموتون ولا ينامون.
                    أما النساء فى الجنة فهم صنفان: الحور العين ونساء الدنيا المؤمنات.
                    الحور العين: وهن نساء نضرات جميلات ناعمات، وهن زوجات المؤمن فى الجنة. (كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) الدخان 54
                    وهن أبكار لم يمسسهم بشر ولا جان، وبعد أن يستمتع الرجل من أهل الجنة بزوجته من الحور العين يعيدها الله مرة أخرى بكرًا بكل صفات البكر البيولوجية والخُلُقية من الحياء وغيره. ولا يخفى على من تزوج بكرًا جمال اللقاء الأول. وكلها متع حسية، إلى جانب المتع الروحانية، غرضها ترغيب الإنسان فى اتباع الله وأوامره، وترهيبه من العصيان والفجور فى الأرض. وبذلك يستمتع المؤمن فى الدنيا بالأمن والسلام، ويستمتع فى الآخرة، برضوان الله وجناته.
                    (فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا) الواقعة 36-37
                    (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ) الرحمن 74
                    لو أن واحدة منهن اطلعت على أهل الأرض لأضاءت الدنيا وماعليها. وللمؤمن منهن ما لا يعد ولا يحصى. وقد خلقهن الله تعالى لأهل الجنة، ووصفهن بقوله: (كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ) الرحمن 58، و(كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ) الواقعة 23، و(كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ) الصافات 29
                    عن أَنَس بْن مَالِكٍ  عَنْ النَّبِيِّ  قال: (وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ لَأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا وَلَمَلَأَتْهُ رِيحًا، وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا). البخاري (2796)
                    وقد يكون هذا ما قصده يسوع من قوله: (29وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ بُيُوتاً أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَباً أَوْ أُمّاً أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَداً أَوْ حُقُولاً مِنْ أَجْلِ اسْمِي يَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ وَيَرِثُ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ.) متى 19: 29؛ وأيضًا مرقس 10: 28-30 ولوقا 18: 29-30 فهل سيأخذ من ترك زوجة مئة ضعف فى الدنيا أم فى الآخرة؟
                    نساء الدنيا المؤمنات: وحال المرأة الصالحة من أهل الدنيا في الجنة أفضل من حال الحور العين وأعلى درجة وأكثر جمالا.
                    ومع ذلك فقد سُئِل رسول الله : أنساء الدنيا أفضل أم الحور العين؟ فقال: (بل نساء الدنيا أفضل من الحور العين) قيل: وبما ذلك؟ فقال: (بصلاتهن وصيامهن وعبادتهن) المجمع ج10
                    لكن سؤال الكاتب يتضمن أن المرأة ليس لها حور عين من الرجال، ولم يوصف جمالهم لهن إغراءً، كما هو حال الحور العين للرجال؟
                    ونقول له: إن الجنة ونعيمها ليس خاصًا بالرجال دون النساء، فهم زوجات فى الجنة، أجمل من الحور العين أنفسهن. ويتمتعن فى الجنة بكل أنواع المتع الحسية والمعنوية. وتخلد فى الجنة مثلها مثل الرجل، وسوف تجد فيها ما لعين رأت، ولا لأذن سمعت.
                    كما ساوى الله تعالى بين المرأة والرجل فى أصل الخلقة وفى التكريم فى العمل: فلا فرق بين رجل وامرأة في ثواب الأعمال، بل ربما تعدل عند الله امرأة مستقيمة طائعة لله ملايين الرجال الذين لا يعرفون للدين حرمة، قال الله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) النحل 97
                    إذا قرأت وصف الرجال المؤمنين وشبابهم وجمالهم، لكفاك هذا طرح هذا السؤال. وإذا علمت أن أجمل ما فى المرأة حياؤها، لشكرت الله تعالى أنه يحافظ على حياء المرأة فى الدنيا. ولن يغريها بما يخدش حياءها. ولو درست أحوال المرأة الجنسية، لعلمت أن الرجل أكثر شهوة وطلبًا للمرأة، من المرأة للرجل. لذلك كان التنعيم للرجل بذكر جمال النساء (الحور العين)، وأعلم الله النساء المؤمنات أنهن سوف يكن أجمل من الحور العين. ولا يوجد أعزب فى الجنة، فسوف يكون لكل رجل زوجته أو زوجاته، ولكل امرأة زوجها. وقد ورد في حديث صحيح أن لكل رجل من أهل الدنيا (زوجتان) من نساء الدنيا.
                    ويقول الشيخ سليمان بن صالح الخراشى فى هذه القضية:
                    المرأة لا تخرج عن هذه الحالات في الدنيا فهي:
                    1- إما أن تموت قبل أن تتزوج، وهذه يزوجها الله تعالى، لقوله : (ما في الجنة أعزب) أخرجه مسلم
                    2- إما أن تموت بعد طلاقها قبل أن تتزوج من آخر، وهذه أيضًا يُزوِّجها الله تعالى فى الجنة، لأنه (ما فى الجنة أعزب).
                    3- إما أن تكون متزوجة ولكن لا يدخل زوجها معها الجنة، وهذه أيضًا يُزوِّجها الله تعالى فى الجنة، لأنه (ما فى الجنة أعزب).
                    4- إما أن تموت بعد زواجها، وهى فى الجنة لزوجها الذى ماتت عنه.
                    5- إما أن يموت زوجها وتبقى بعده بلا زوج حتى تموت، وهى فى الجنة لزوجها الذى مات عنها.
                    6- إما أن يموت زوجها فتتزوج بعده غيره، فهى لآخر أزواجها مهما كثروا لقوله : (المرأة لآخر أزواجها) – سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني
                    قال رسول الله : (إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحصنت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت).
                    الغلمان: وهم خلق من خلق الجنة، وهم خدم الجنة الصغار يطوفون على أهل الجنة بالطعام والشراب وقائمين على خدمتهم. وهم من تمام النعيم لأهل الجنة فرؤيتهم وحدها دون خدمتهم من المسرة. وقيل فيهم إنهم الأطفال الذين ماتوا قبل سن التكليف من أبناء المسلمين، وقيل من أبناء أهل الكتاب والمشركين.
                    قال النبيّ : (ما من أحد من أهل الجنة إلا يسعى عليه ألف غلام، كل غلام على عمل ليس عليه صاحبه)
                    وعن الحسن أنهم قالوا: يا رسول الله: إذا كان الخادم كاللؤلؤ، فكيف يكون المخدوم؟ فقال: ما بينهما كما بين القمر ليلة البدر وبين أصغر الكواكب).
                    والغلام هو الخادم وقد يكون الشاب اليافع، كما أشارت الأحاديث، ويُعرف من قواميس اللغة العربية، ولا تعارض لأن أهل الجنة يومئذ كلهم في سن الشباب. بل إن يسوع نفسه خاطب تلاميذه بلفظة غلمان: (5فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «يَا غِلْمَانُ أَلَعَلَّ عِنْدَكُمْ إِدَاماً؟». أَجَابُوهُ: «لاَ!» 6فَقَالَ لَهُمْ: «أَلْقُوا الشَّبَكَةَ إِلَى جَانِبِ السَّفِينَةِ الأَيْمَنِ فَتَجِدُوا». فَأَلْقَوْا وَلَمْ يَعُودُوا يَقْدِرُونَ أَنْ يَجْذِبُوهَا مِنْ كَثْرَةِ السَّمَكِ.) يوحنا 21: 5-6
                    ولو أخذنا بمعنى أنهم الأطفال، فإن النظر إلى الأطفال الصغار ولعبهم وحركاتهم لتبعث فى النفس السرور، ويُشعر بالبراءة والفطرة النقية الطاهرة التى خلق الله المرء عليها، ويحمد الله تعالى على ما أنعم به من وجد أم وأب أو أحدهما قام بالحفاظ عليه وهو صغير ورعاه حتى كبر ونضج، وتمكن فى النهاية من الحفاظ على نفسه. فالأطفال كالفراش الذى ينتقل من زهرة لأخرى، ومن بستان لآخر فى منظر يبعث على السرور، ولهذا تدفع النساء والرجال أموالا باهظة لإنجاب طفل. ومن أجل هذا نجد فى الغرب معامل لإنجاب أطفال الأنابيب، أو لشراء نطفة رجل قادرة على تبويض الأنثى (وهذا حرام لا يقره الإسلام). وما الجنة إلا لإمتاع العين والأذن والأنف والبطن والفرج وكل الجوارح الحسية والمعنوية.
                    قال الله تعالى: (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً) الإنسان 19
                    فمن أين أتيت بقولك إن هؤلاء الأطفال من أجل اللواط (وممارسة الجنس مع الذكور من الغلمان)؟ لا يليق بإنسان محترم يتكلم فى الدين وعقائد الآخرين أن يرميهم بما يتبرأون منه، وبما ليس فى دينهم!!
                    قال تعالى: (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) الأنعام 151
                    وقال تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَـزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) الأعراف 33
                    وقال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم 21
                    وقال تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) المعارج 29-31
                    وقال : (لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلا، أو امرأة في دبرها) (أنظر ترتيب صحيح أحاديث الجامع الصغير وزيادته ص70).
                    وروى الذهبي عن أبي هريرة  قال: قال: رسول الله : (أربعة يصبحون في غضب الله ويمسون في سخط الله تعالى، قيل: من هم يا رسول الله، قال: المتشبهون من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال والذي يأتي البهيمة، والذي يأتي الذكر) يعني اللواط
                    وقد جاءت الأدلة محرمة هذه العادة، في قوله : (لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة، ولا يفضي الرجل إلى الرجل في الثوب الواحد، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد) رواه مسلم وأبو داود وأحمد والترمذي
                    وثبت عن رسول الله  قوله (اقتلوا الفاعل والمفعول به)
                    وعن ابن عباس أن النبي  قال: (من عَمِلَ عَمَلَ قوم لوط يقتل الفاعل والمفعول به) صحيح الجامع
                    وقال : (لعن الله من عَمِلَ عمل قوم لوط، ولعن الله من عَمِلَ عمل قوم لوط، ولعن الله من عَمِلَ عمل قوم لوط) صحيح الجامع
                    واللعن هو الطرد والإبعاد من رحمة الله تعالى ومن لم يرحمه الله فلن يجد له من دون الله وليًا ولا نصيرًا.
                    وقال الفضيل بن عياض: لو أن لوطيًا اغتسل بكل قطرة من الماء لقي الله غير طاهر.
                    وقال مجاهد: لو أن الذي يعمل ذلك العمل ـ يعني عمل قوم لوط ـ اغتسل بكل قطرة من السماء وكل قطرة من الأرض لم يزل نجسًا، وقد ذكر الله سبحانه عقوبة اللوطية وما حل بهم من البلاء في عشر سور من القرآن وهي: سورة الأعراف، وهود، والحجر، والأنبياء، والفرقان، والشعراء، والنمل، والعنكبوت، والصافات، والقمر، وجمع على القوم بين عمي الأبصار، وخسف الديار، والقذف بالأحجار، ودخول النار، وقال محذرًا لمن عمل عملهم ما حل بهم من العذاب الشديد: (... وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ) ( هود 89 ) .
                    وقد أجمع العلماء على أن اللواط حرام، وفاعله ملعون والعياذ بالله، نقل ذلك الإجماع أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي في تفسيره الجامع لأحكام القرآن. وذلك لأن في اللواط شذوذ جنسي وأخلاقي وإنزال للنفس البشرية إلى منزلة البهائم بل أسفل من ذلك ، ولما فيه من انتكاس للفطر السليمة التي فطر الله الناس عليها ، وفيه حدوث علاقات جنسية محرمة بين الرجال بعضهم البعض ولما فيه من إيذان بعذاب الله تعالى إن لم توقع العقوبة على الفاعل والمفعول به، لذا جاء التحريم شرعًا وعرفًا لفعل فاحشة اللواط والعياذ بالله. وقد أجمع الصحابة على قتل الفاعل والمفعول به ولكنهم اختلفوا في كيفية القتل.
                    لقد وصف الله تعالى الجنة بقوله: (لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ) الطور 23
                    وأهل الجنة مطهرون من الأخلاق السيئة، والرغبات الدنيئة، والمقاصد المشينة.
                    وليس كل محرم فى الدنيا محلل فى الآخرة: فالحقد والحسد والغل محرم فى الدنيا ولا يوجد له أثر فى الآخرة. كذلك الخبائث من الطعام كالخنزير، فهو محرم فى الدنيا، ولا يوجد له وجود فى الآخرة. والكذب والموبقات محرمة فى الدنيا والآخرة. كذلك الزنى محرم فى الدنيا، وليس له وجود فى الآخرة. فلماذا يوجد اللواط فى الآخرة، وهو من الكبائر، التى تُعد أشد من الزنى.
                    المولودون فى الجنة : وهذه رحمة لمن حرم الإنجاب فى الدنيا وإذا اشتهى أحد من أهل الجنة الولد أعطاه الله برحمته كما يشاء: قال الله تعالى: (لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ) الزمر 34
                    أنواع الجنان خمس: هي جنة النعيم، وهى قد تكون أعلى جنة فى الفردوس الأعلى، والفردوس، وجنة عدن، وجنة الخلد، وجنة المأوى. ولكل مسلم جنة حسب عمله.
                    والشىء الجميل في الإسلام أن كل إنسان غير مسلم ويسلم ويؤمن ويعمل الصالحات يدخله الله جنة النعيم، قال تعالى (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ) المائدة 65
                    وللحصول على جنة الفردوس وضع الله تعالى ستة شروط، الشهادة فى سبيل الله ليست منهم: قال تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) المؤمنون 1-11
                    ويكفى هذا، ونذكر أيضًا: أن الجنة (فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، لا خطر على قلب بشر) قال الله تعالى: (فَلا تَعلَمُ نَفسٌ مَّا أُخفِىَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعيُنٍ) السجدة 17
                    يظن المسيحيون أن الجنة عند المسلمين تتنافى مع الجنة التى أفهموهم إياها، بقولهم إن الجنة فى المسيحية روحانية، لا أكل فيها ولا شراب، ولا شجر ولا ثمار ولا أنهار ولا متاع مع الزوجة، وأن الأكل والشرب يستلزم التبول والتبرز، وبذلك ستكون الجنة نجسة، وهذا لا يليق بمقام الجنة والنعيم. وفاتهم أن بيوتهم وكنائسهم بها أكل وشرب ودورات مياه، ولا يقول عاقل إنها نجسة. هذا مبدئيًا.
                    مع الأخذ فى الاعتبار أن الرسول  تكلم عن هذه النقطة فقال: (إن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون ولا يتفلون، ولا يبولون ولا يتغوطون ولا يمتخطون. قالوا: فما بال الطعام؟ قال: جشاء ورشح - أي عرق - كرشح المسك، يلهمون التسبيح والتحميد كما تلهمون النَّفَس) رواه مسلم
                    والذى يأكل ويشرب لن يكون له حاجة إلى التبول أو التغوُّط، حيث ستكون: (حاجة أحدهم عرق هو كريح المسك) رواه الدارمى
                    وقد أثبتُّ فى الرد القصير السابق أن الجنة عند المسلمين ليست للمتاع الجسدى فقط، بل للمتاع الجسدى والمعنوى والروحى.
                    والذى لا يعرفه المسيحيون أن الجنة عندهم فيها أكل وشرب، وأشجار وأنهار ونساء. فماذا تفعل الزوجة مع زوجها فى نعيم الجنة؟ وأذكر بقول يسوع الذى ذكرته من قبل: (29وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ بُيُوتاً أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَباً أَوْ أُمّاً أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَداً أَوْ حُقُولاً مِنْ أَجْلِ اسْمِي يَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ وَيَرِثُ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ.) متى 19: 29؛ وأيضًا مرقس 10: 28-30 ولوقا 18: 29-30
                    مع الأخذ فى الاعتبار أن هناك نص يشير إلى عدم دخول المرأة المسيحية الجنة: (1ثُمَّ نَظَرْتُ وَإِذَا خَرُوفٌ وَاقِفٌ عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، وَمَعَهُ مِئَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفاً، لَهُمُ اسْمُ أَبِيهِ مَكْتُوباً عَلَى جِبَاهِهِمْ. 2وَسَمِعْتُ صَوْتاً مِنَ السَّمَاءِ كَصَوْتِ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ وَكَصَوْتِ رَعْدٍ عَظِيمٍ. وَسَمِعْتُ صَوْتاً كَصَوْتِ ضَارِبِينَ بِالْقِيثَارَةِ يَضْرِبُونَ بِقِيثَارَاتِهِمْ، 3وَهُمْ يَتَرَنَّمُونَ كَتَرْنِيمَةٍ جَدِيدَةٍ أَمَامَ الْعَرْشِ وَأَمَامَ الأَرْبَعَةِ الْحَيَوَانَاتِ وَالشُّيُوخِ. وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَتَعَلَّمَ التَّرْنِيمَةَ إِلَّا الْمِئَةُ وَالأَرْبَعَةُ وَالأَرْبَعُونَ أَلْفاً الَّذِينَ اشْتُرُوا مِنَ الأَرْضِ - 4هَؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ لَمْ يَتَنَجَّسُوا مَعَ النِّسَاءِ لأَنَّهُمْ أَطْهَارٌ. هَؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ يَتْبَعُونَ الْخَرُوفَ حَيْثُمَا ذَهَبَ. هَؤُلاَءِ اشْتُرُوا مِنْ بَيْنِ النَّاسِ بَاكُورَةً لِلَّهِ وَلِلْحَمَلِ.) الرؤيا 14: 1-4
                    إذن الذين أُنقذوا هم 144000 فقط من الرجال، الذين لم يتنجسوا مع النساء.
                    وسيأكلون فيها مع الإله الذى سيأكل أيضًا فى الجنة، كما أكل فى الدنيا مع إبراهيم، لحوم الخيل ولحوم البشر العاصين: (17وَرَأَيْتُ مَلاَكاً وَاحِداً وَاقِفاً فِي الشَّمْسِ، فَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً لِجَمِيعِ الطُّيُورِ الطَّائِرَةِ فِي وَسَطِ السَّمَاءِ: «هَلُمَّ اجْتَمِعِي إِلَى عَشَاءِ الْإِلَهِ الْعَظِيمِ، 18لِكَيْ تَأْكُلِي لُحُومَ مُلُوكٍ، وَلُحُومَ قُوَّادٍ، وَلُحُومَ أَقْوِيَاءَ، وَلُحُومَ خَيْلٍ وَالْجَالِسِينَ عَلَيْهَا، وَلُحُومَ الْكُلِّ حُرّاً وَعَبْداً صَغِيراً وَكَبِيراً».) الرؤيا 19: 17-18
                    وأحيانًا يأتى الإله بنفسه إليك، عزيزى الكاتب، حيث تتواجد ليأكل معك: (20هَئَنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إِنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إِلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي.) الرؤيا 3: 20
                    وقال يسوع نفسه: (16لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي لاَ آكُلُ مِنْهُ بَعْدُ حَتَّى يُكْمَلَ فِي مَلَكُوتِ اللهِ». 17ثُمَّ تَنَاوَلَ كَأْساً وَشَكَرَ وَقَالَ: «خُذُوا هَذِهِ وَاقْتَسِمُوهَا بَيْنَكُمْ 18لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي لاَ أَشْرَبُ مِنْ نِتَاجِ الْكَرْمَةِ حَتَّى يَأْتِيَ مَلَكُوتُ اللهِ».) لوقا 22: 16-18
                    وها هو الرب وملائكته تتسخ أرجلهم ويأكلون: (1وَظَهَرَ لَهُ الرَّبُّ عِنْدَ بَلُّوطَاتِ مَمْرَا وَهُوَ جَالِسٌ فِي بَابِ الْخَيْمَةِ وَقْتَ حَرِّ النَّهَارِ 2فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا ثَلاَثَةُ رِجَالٍ وَاقِفُونَ لَدَيْهِ. فَلَمَّا نَظَرَ رَكَضَ لِاسْتِقْبَالِهِمْ مِنْ بَابِ الْخَيْمَةِ وَسَجَدَ إِلَى الأَرْضِ .... 4لِيُؤْخَذْ قَلِيلُ مَاءٍ وَاغْسِلُوا أَرْجُلَكُمْ وَاتَّكِئُوا تَحْتَ الشَّجَرَةِ .... 8ثُمَّ أَخَذَ زُبْداً وَلَبَناً وَالْعِجْلَ الَّذِي عَمِلَهُ وَوَضَعَهَا قُدَّامَهُمْ. وَإِذْ كَانَ هُوَ وَاقِفاً لَدَيْهِمْ تَحْتَ الشَّجَرَةِ أَكَلُوا.) التكوين 2: 1-8
                    وها هو الرب يتكلم عن أنهار الجنة وعن أشجارها، وأوصى آدم أن يأكل فى الجنة من كل أشجارها ما عدا شجرة واحدة: (15وَأَخَذَ الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ وَوَضَعَهُ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَعْمَلَهَا وَيَحْفَظَهَا. 16وَأَوْصَى الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ قَائِلاً: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً 17وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتاً تَمُوتُ».) التكوين 2: 15-17
                    وها هو الرب يعتبر جنة فرعون أجمل من جنته ففيها الأرز والسرو والدلب: (7فَكَانَ جَمِيلاً فِي عَظَمَتِهِ وَفِي طُولِ قُضْبَانِهِ، لأَنَّ أَصْلَهُ كَـانَ عَلَى مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ. 8اَلأَرْزُ فِي جَنَّةِ اللَّهِ لَمْ يَفُقْهُ، السَّرْوُ لَمْ يُشْبِهْ أَغْصَانَهُ، وَالدُّلْبُ لَمْ يَكُنْ مِثْلَ فُرُوعِهِ. كُلُّ الأَشْجَارِ فِي جَنَّةِ اللَّهِ لَمْ تُشْبِهْهُ فِي حُسْنِهِ. 9جَعَلْتُهُ جَمِيلاً بِكَثْرَةِ قُضْبَانِهِ حَتَّى حَسَدَتْهُ كُلُّ أَشْجَارِ عَدْنٍ الَّتِي فِي جَنَّةِ اللَّهِ].) حزقيال 31: 7-9
                    أما عن أنهار الجنة، فيقول الرب: (10وَكَانَ نَهْرٌ يَخْرُجُ مِنْ عَدْنٍ لِيَسْقِيَ الْجَنَّةَ ...) التكوين 2: 10
                    (1وَأَرَانِي نَهْراً صَافِياً مِنْ مَاءِ حَيَاةٍ لاَمِعاً كَبَلُّورٍ خَارِجاً مِنْ عَرْشِ اللهِ وَالْخَرُوف. 2فِي وَسَطِ سُوقِهَا وَعَلَى النَّهْرِ مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَاكَ شَجَرَةُ حَيَاةٍ تَصْنَعُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ ثَمَرَةً، وَتُعْطِي كُلَّ شَهْرٍ ثَمَرَهَا، وَوَرَقُ الشَّجَرَةِ لِشِفَاءِ الأُمَمِ. 3وَلاَ تَكُونُ لَعْنَةٌ مَا فِي مَا بَعْدُ. ....) الرؤيا 22: 1-3
                    وكل ما ذكرناه يُخالف قول يسوع عند متى: (30لأَنَّهُمْ فِي الْقِيَامَةِ لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يَتَزَوَّجُونَ بَلْ يَكُونُونَ كَمَلاَئِكَةِ اللَّهِ فِي السَّمَاءِ.) متى 22: 30، اللهم إلا إذا كان يسوع يقصد أنه لا يوجد زواج بالمفاهيم والطقوس الموجودة فى الدنيا، وإلا لكان موسى والأنبياء من بعده وقبل مجىء يسوع قد فهموا تعاليم الرب بهذا الشأن بصورة خاطئة.
                    يناقض هذا قيام يسوع نفسه بجسده، وأكله بجسده الممجَّد: (39اُنْظُرُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ: إِنِّي أَنَا هُوَ. جُسُّونِي وَانْظُرُوا فَإِنَّ الرُّوحَ لَيْسَ لَهُ لَحْمٌ وَعِظَامٌ كَمَا تَرَوْنَ لِي». 40وَحِينَ قَالَ هَذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ. 41وَبَيْنَمَا هُمْ غَيْرُ مُصَدِّقِين مِنَ الْفَرَحِ وَمُتَعَجِّبُونَ قَالَ لَهُمْ: «أَعِنْدَكُمْ هَهُنَا طَعَامٌ؟» 42فَنَاوَلُوهُ جُزْءاً مِنْ سَمَكٍ مَشْوِيٍّ وَشَيْئاً مِنْ شَهْدِ عَسَلٍ. 43فَأَخَذَ وَأَكَلَ قُدَّامَهُمْ.) لوقا 24:
                    (27ثُمَّ قَالَ لِتُومَا: «هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِناً».) يوحنا 20: 27
                    يناقض ذلك قيامة القديسين بعد موت يسوع، وقبل قيامته، بأجسادهم: (51وَإِذَا حِجَابُ الْهَيْكَلِ قَدِ انْشَقَّ إِلَى اثْنَيْنِ مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلُ. وَالأَرْضُ تَزَلْزَلَتْ وَالصُّخُورُ تَشَقَّقَتْ 52وَالْقُبُورُ تَفَتَّحَتْ وَقَامَ كَثِيرٌ مِنْ أَجْسَادِ الْقِدِّيسِينَ الرَّاقِدِينَ 53وَخَرَجُوا مِنَ الْقُبُورِ بَعْدَ قِيَامَتِهِ وَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ وَظَهَرُوا لِكَثِيرِينَ.) متى 27: 51-52
                    ويناقض هذا النص أيضًا قول يوحنا فى الرؤيا أن الملكوت لن يكون روحيًا فقط، بل فيه قتال وسيوف، وملابس بيضاء وخيول وتيجان من الذهب: (1ثُمَّ جَاءَ وَاحِدٌ مِنَ السَّبْعَةِ الْمَلاَئِكَةِ الَّذِينَ مَعَهُمُ السَّبْعَةُ الْجَامَاتُ، وَتَكَلَّمَ مَعِي قَائِلاً لِي: «هَلُمَّ فَأُرِيَكَ دَيْنُونَةَ الزَّانِيَةِ الْعَظِيمَةِ الْجَالِسَةِ عَلَى الْمِيَاهِ الْكَثِيرَةِ، 2الَّتِي زَنَى مَعَهَا مُلُوكُ الأَرْضِ، وَسَكِرَ سُكَّانُ الأَرْضِ مِنْ خَمْرِ زِنَاهَا». 3فَمَضَى بِي بِالرُّوحِ إِلَى بَرِّيَّةٍ، فَرَأَيْتُ امْرَأَةً جَالِسَةً عَلَى وَحْشٍ قِرْمِزِيٍّ مَمْلُوءٍ أَسْمَاءَ تَجْدِيفٍ، لَهُ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ وَعَشَرَةُ قُرُونٍ. 4وَالْمَرْأَةُ كَانَتْ مُتَسَرْبِلَةً بِأُرْجُوانٍ وَقِرْمِزٍ، وَمُتَحَلِّيَةً بِذَهَبٍ وَحِجَارَةٍ كَرِيمَةٍ وَلُؤْلُؤٍ، وَمَعَهَا كَأْسٌ مِنْ ذَهَبٍ فِي يَدِهَا مَمْلُوَّةٌ رَجَاسَاتٍ وَنَجَاسَاتِ زِنَاهَا،) الرؤيا 17: 1-4
                    (11ثُمَّ رَأَيْتُ السَّمَاءَ مَفْتُوحَةً، وَإِذَا فَرَسٌ أَبْيَضُ وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ يُدْعَى أَمِيناً وَصَادِقاً، وَبِالْعَدْلِ يَحْكُمُ وَيُحَارِبُ. 12وَعَيْنَاهُ كَلَهِيبِ نَارٍ، وَعَلَى رَأْسِهِ تِيجَانٌ كَثِيرَةٌ، ... 19وَرَأَيْتُ الْوَحْشَ وَمُلُوكَ الأَرْضِ وَأَجْنَادَهُمْ مُجْتَمِعِينَ لِيَصْنَعُوا حَرْباً مَعَ الْجَالِسِ عَلَى الْفَرَسِ وَمَعَ جُنْدِهِ. 20فَقُبِضَ عَلَى الْوَحْشِ وَالنَّبِيِّ الْكَذَّابِ مَعَهُ، الصَّانِعُ قُدَّامَهُ الآيَاتِ الَّتِي بِهَا أَضَلَّ الَّذِينَ قَبِلُوا سِمَةَ الْوَحْشِ وَالَّذِينَ سَجَدُوا لِصُورَتِهِ. وَطُرِحَ الاِثْنَانِ حَيَّيْنِ إِلَى بُحَيْرَةِ النَّارِ الْمُتَّقِدَةِ بِالْكِبْرِيتِ. 21وَالْبَاقُونَ قُتِلُوا بِسَيْفِ الْجَالِسِ عَلَى الْفَرَسِ الْخَارِجِ مِنْ فَمِهِ، وَجَمِيعُ الطُّيُورِ شَبِعَتْ مِنْ لُحُومِهِمْ.) الرؤيا 19: 11-21
                    (4وَحَوْلَ الْعَرْشِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ عَرْشاً. وَرَأَيْتُ عَلَى الْعُرُوشِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ شَيْخاً جَالِسِينَ مُتَسَرْبِلِينَ بِثِيَابٍ بِيضٍ، وَعَلَى رُؤُوسِهِمْ أَكَالِيلُ مِنْ ذَهَبٍ. 5وَمِنَ الْعَرْشِ يَخْرُجُ بُرُوقٌ وَرُعُودٌ وَأَصْوَاتٌ. وَأَمَامَ الْعَرْشِ سَبْعَةُ مَصَابِيحِ نَارٍ مُتَّقِدَةٌ، هِيَ سَبْعَةُ أَرْوَاحِ اللهِ.) الرؤيا 4: 4-5
                    ويناقضه أيضًا قول يسوع إن العذاب سيقع على بنى الملكوت (بنى إسرائيل) بالروح والجسد، حيث سيكون هناك بكاء وصرير أسنان: (12وَأَمَّا بَنُو الْمَلَكُوتِ فَيُطْرَحُونَ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ») متى 8: 12
                    يناقض هذا المعجزة التى أجراها الله تعالى على يد حزقيال من إحياء الموتى بأجسادهم: (1كَـانَتْ عَلَيَّ يَدُ الرَّبِّ فَأَخْرَجَني بِرُوحِ الرَّبِّ وَأَنْزَلَنِي فِي وَسَطِ الْبُقْعَةِ، وَهِيَ مَلآنَةٌ عِظَاماً. 2وَأَمَرَّنِي عَلَيْهَا مِنْ حَوْلِهَا وَإِذَا هِيَ كَثِيرَةٌ جِدّاً عَلَى وَجْهِ الْبُقْعَةِ، وَإِذَا هِيَ يَابِسَةٌ جِدّاً. 3فَقَالَ لِي: [يَا ابْنَ آدَمَ، أَتَحْيَا هَذِهِ الْعِظَامُ؟» فَقُلْتُ: [يَا سَيِّدُ الرَّبُّ أَنْتَ تَعْلَمُ». 4فَقَالَ لِي: [تَنَبَّأْ عَلَى هَذِهِ الْعِظَامِ وَقُلْ لَهَا: أَيَّتُهَا الْعِظَامُ الْيَابِسَةُ، اسْمَعِي كَلِمَةَ الرَّبِّ. 5هَكذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ لِهَذِهِ الْعِظَامِ: هَئَنَذَا أُدْخِلُ فِيكُمْ رُوحاً فَتَحْيُونَ. 6وَأَضَعُ عَلَيْكُمْ عَصَباً وأَكْسِيكُمْ لَحْماً وَأَبْسُطُ عَلَيْكُمْ جِلْداً وَأَجْعَلُ فِيكُمْ رُوحاً فَتَحْيُونَ وَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ]. 7فَتَنَبَّأْتُ كمَا أُمِرتُ. وَبَيْنَمَا أَنَا أَتنَبَّأُ كَـانَ صَوْتٌ وَإِذَا رَعْشٌ فَتَقَارَبَتِ الْعِظَامُ كُلُّ عَظْمٍ إِلَى عَظْمِهِ. 8ونَظَرْتُ وَإِذَا بِـالْعَصَبِ وَاللَّحْمِ كَسَاهَا، وبُسِطَ الْجِلْدُ علَيْهَا مِنْ فَوْقُ، وَلَيْسَ فِيهَا رُوحٌ. 9فَقَالَ لِي: [تَنَبَّأْ لِلرُّوحِ، تَنَبَّأْ يَا ابْنَ آدَمَ، وَقُلْ لِلرُّوحِ: هَكذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَلُمَّ يَا رُوحُ مِنَ الرِّيَاحِ الأَرْبَعِ وَهُبَّ عَلَى هَؤُلاَءِ الْقَتْلَى لِيَحْيُوا». 10فَتَنَبَّأْتُ كَمَا أَمَرَني، فَدَخَلَ فِيهِمِ الرُّوحُ، فَحَيُوا وَقَامُوا عَلَى أَقدَامِهِمْ جَيْشٌ عَظيمٌ جِدّاً جِدّاً. 11ثُمَّ قَالَ لِي: [يَا ابْنَ آدَمَ، هَذِهِ العِظَامُ هِيَ كُلُّ بَيتِ إِسْرَائِيلَ. هَا هُمْ يَقُولُونَ: يَبِسَتْ عِظَامُنَا وَهَلَكَ رَجَاؤُنَا. قَدِ انْقَطَعْنَا. 12لِذَلِكَ تَنَبَّأْ وَقُلْ لَهُمْ: هَكذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا أَفتَحُ قُبُورَكُمْ وأُصْعِدُكُمْ مِنْ قُبُورِكُمْ يَا شَعْبِي وَآتِي بِكُمْ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ. 13فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ عِنْدَ فَتْحِي قُبُورَكُمْ وَإِصْعَادِي إِيَّاكُمْ مِنْ قُبُورِكُمْ يَا شَعْبِي. 14وأَجْعَلُ رُوحِي فِيكُمْ فتَحْيُونَ، وَأَجْعَلُكُمْ فِي أَرْضِكُمْ, فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أنَا الرَّبُّ تَكَلَّمْتُ وَأَفْعَلُ، يَقُولُ الرَّبُّ».) حزقيال 37: 1-14
                    ويقول القديس رفنيوس: (وإننا سوف نقوم بنفس الأجساد التى عشنا بها، ولن تكن أجسادً بخاريًا أو شبه أشباح، كما يدعى بعض المشوهين. ... وأن الجسد الممجد سوف يكون أكثر قوة ومجدًا) نقلا عن محمود أبا شيخ. راجع: The Nicene and Post-Nicene Fathers Second Series Vol 3 Page 437-438
                    إذن ما لا يعرفه المسيحيون أن القيامة عندهم بالروح والجسد، وأن دخولهم الجنة بالروح والجسد، وأن نعيم الجنة عندهم بالروح والجسد. أما فكرة أن القيامة بالروح فقط، وأن أهل الجنة أرواح فقط، فهى من عقيدة الغنوصيين.
                    ولو لم يكن فى الجنة متع حسية مثل الأكل والشرب وتزوج النساء، فكيف ستكون هذه الجنة؟ فراغ؟ صحراء جافة لا شجر فيها ولا ماء؟ فهل هذه هى الجنة التى تغرى الناس على الالتزام بأوامر الله ونواهيه لنيل هذه الجنة فى الآخرة؟
                    * * * * *
                    اعتراضات على الأحاديث الخاصة بالمرأة:
                    يواصل الكاتب بعد ذلك فى موضوع جديد وهو ما لم يعجبه فى الأحاديث النبوية التى كما يقول أخذها كلها من البخارى:
                    يقول الكاتب:
                    الفصل الثالث الأحاديث وتطبيق الشريعة الإسلامية
                    "الأحاديث" هي سجل لأقوال وأعمال محمد نبي الإسلام طبقا لما رواه أزواجه وأقرباؤه وأصحابه. يعتبر المسلمون الأحاديث وحياً من الله، وهي في نظرهم أهم مصادر التشريع الإسلامي بعد القرآن، وأحكامها ملزمة للمسلم كالقرآن ذاته.
                    كل اقتباساتنا هنا من "صحيح البخاري" الذي صدر في تسع مجلدات ويشتمل على آلاف الأحاديث. ولكن، نظرا لمحدودية المكان في الصفحات القادمة، فإننا سنقتصر على مجرد إيراد القليل من الأمثلة.
                    غرضنا من هذا هو أن نعطي القارئ مذاقاً لتعاليم نبى الإسلام. وأعتقد أن القارئ سيجد في بعض هذه الأحاديث ما يهزه، وفي بعضها ما يضحكه، على أنه سيجد في البعض الآخر ما يدعوه إلى التعجب!!
                    1- حقوق المرأة
                    • الله يستجيب لرغبة عمر ويأمر النساء بالتحجب.
                    "كان عمر يقول للنبي... إحجب نساءك، فلم يكن يفعل. فخرجت سودة بنت زمعه زوج النبي ليلة من الليالي عشاء. وكانت امرأة طويلة، فناداها عمر: ألا قد عرفناك يا سودة حرصا (رغبة) على أن ينزل الحجاب. فأنزل الله الحجاب". جـ 148:1
                    • النساء ناقصات عقل ودين
                    قال محمد: "أليست شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ قلنا بلى، قال: فذلك من نقصان عقلها". جـ 826:3
                    قال محمد لبعض النساء "ما رأيت من ناقصات عقل ودين... من إحداكن يا معشر النساء". جـ 541:2
                    • معظم أهل الجحيم من النساء
                    قال محمد "أريت النار فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن".
                    جـ 301و28:1وجـ161:2وجـ 124:7

                    تعليق


                    • #70
                      الملف 47
                      • المرأة شؤم
                      قال محمد "الشؤم في المرأة، والدار، والفرس". جـ30:7
                      • المرأة ضارة بالرجل
                      قال محمد "ما تركت بعدى فتنة أضر على الرجال من النساء". جـ 33:7
                      • لبس الباروكة حرام
                      "إمراة من الأنصار زوجت إبنتها فتمعط (سقط) شعر رأسها، فجاءت إلى النبي فذكرت ذلك له، فقالت: إن زوجها أمرني أن أصل في شعرها. فقال: لا، إنه قد لعن الموصلات (تطويل الشعر)". جـ 133:7
                      ونرد عليه بقولنا:
                      تكلمت فى بداية الكتاب على نحو مائة صفحة عن مقارنة وضع المرأة بين الإسلام والكتاب المقدس جدًا، وسأكثف ردى هنا على النقاط الآتية:
                      1- الله يستجيب لرغبة عمر ويأمر النساء بالتحجب
                      2- النساء ناقصات عقل ودين
                      3- معظم أهل الجحيم من النساء
                      4- المرأة شؤم
                      5- المرأة ضارة بالرجل
                      6- لبس الباروكة حرام
                      الرد على النقطة الأولى:
                      يتفق العقلاء كلهم على أن الله تعالى علمه أزلى وأبدى. وهذا يعنى أنه لا يسارع فى هوى امرء ما، ولا يحركه طلباته حتى يجعلها تشريعًا، يخص الأمة كلها. وربما تكون قد علمت أن القرآن الكريم وهو دستور الله تعالى فى الأرض، كُتب أولا فى اللوح المحفوظ، ثم نزل إلى السماء الدنيا، ناسخه ومنسوخه، ثم كان ينزل ملاك الله جبريل على الرسول  بما يناسب الحالة أو السؤال أو الموقف. وفى هذا لأكبر دليل على أن الله تعالى علمه أزلى.
                      أما إن توافقت رغبة عمر مع مراد الله تعالى، ومع شريعته السابقة على بنى إسرائيل ومنهم المسيحيين، فهذا لا يعيب عمر، ولا القرآن ولا الشريعة الإسلامية. وأعتقد أن هذا هو إيمانكم. ولننظر مواقف مشابهة لذلك فى الكتاب المقدس جدًا:
                      كانت المرأة لا ترث بالمرة فى العهد الموسوى. فلما مات أب عن ابنتين، ذهبتا وطلبتا من موسى أن يجعل لهما نصيبًا فى الميراث، فأنزل الرب الموافقة على ذلك، فاعترض بنو إسرائيل خوفًا من ذهاب نصيبهم فى الأرض إلى سبط آخر، لو تزوجت الفتا منهما من رجل خارج سبطها، فأنزل الرب التعديل على ما قرره من قبل، ووضع شرطًا وهو أن لا تتزوج الفتاتان الوارثتان إلا من سبط أبيهما:
                      (1فَتَقَدَّمَتْ بَنَاتُ صَلُفْحَادَ بْنِ حَافَرَ بْنِ جِلعَادَ بْنِ مَاكِيرَ بْنِ مَنَسَّى مِنْ عَشَائِرِ مَنَسَّى بْنِ يُوسُفَ. وَهَذِهِ أَسْمَاءُ بَنَاتِهِ: مَحْلةُ وَنُوعَةُ وَحُجْلةُ وَمِلكَةُ وَتِرْصَةُ. 2وَوَقَفْنَ أَمَامَ مُوسَى وَأَلِعَازَارَ الكَاهِنِ وَأَمَامَ الرُّؤَسَاءِ وَكُلِّ الجَمَاعَةِ لدَى بَابِ خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ قَائِلاتٍ: 3أَبُونَا مَاتَ فِي البَرِّيَّةِ وَلمْ يَكُنْ فِي القَوْمِ الذِينَ اجْتَمَعُوا عَلى الرَّبِّ فِي جَمَاعَةِ قُورَحَ بَل بِخَطِيَّتِهِ مَاتَ وَلمْ يَكُنْ لهُ بَنُونَ. 4لِمَاذَا يُحْذَفُ اسْمُ أَبِينَا مِنْ بَيْنِ عَشِيرَتِهِ لأَنَّهُ ليْسَ لهُ ابْنٌ؟ أَعْطِنَا مُلكًا بَيْنَ أَعْمَامِنَا». 5فَقَدَّمَ مُوسَى دَعْوَاهُنَّ أَمَامَ الرَّبِّ. 6فَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى: 7«بِحَقٍّ تَكَلمَتْ بَنَاتُ صَلُفْحَادَ فَتُعْطِيهِنَّ مُلكَ نَصِيبٍ بَيْنَ أَعْمَامِهِنَّ وَتَنْقُلُ نَصِيبَ أَبِيهِنَّ إِليْهِنَّ. 8وَتَقُول لِبَنِي إِسْرَائِيل: أَيُّمَا رَجُلٍ مَاتَ وَليْسَ لهُ ابْنٌ تَنْقُلُونَ مُلكَهُ إِلى ابْنَتِهِ. 9وَإِنْ لمْ تَكُنْ لهُ ابْنَةٌ تُعْطُوا مُلكَهُ لِإِخْوَتِهِ. 10وَإِنْ لمْ يَكُنْ لهُ إِخْوَةٌ تُعْطُوا مُلكَهُ لأَعْمَامِهِ. 11وَإِنْ لمْ يَكُنْ لأَبِيهِ إِخْوَةٌ تُعْطُوا مُلكَهُ لِنَسِيبِهِ الأَقْرَبِ إِليْهِ مِنْ عَشِيرَتِهِ فَيَرِثُهُ». فَصَارَتْ لِبَنِي إِسْرَائِيل فَرِيضَةَ قَضَاءٍ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى.) العدد 27: 1-11،
                      وعلى ذلك فالبنت تحجب عمها تبعًا لهذا النص أعلاه. إلا أن سفر يشوع يقرر أن البنت لا تحجب عمها، بل يرث معها: (4فَتَقَدَّمْنَ أَمَامَ أَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ وَأَمَامَ يَشُوعَ بْنِ نُونَ وَأَمَامَ الرُّؤَسَاءِ وَقُلْنَ: «الرَّبُّ أَمَرَ مُوسَى أَنْ يُعْطِيَنَا نَصِيبًا بَيْنَ إِخْوَتِنَا». فَأَعْطَاهُنَّ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ نَصِيبًا بَيْنَ إِخْوَةِ أَبِيهِنَّ.) يشوع 17: 4
                      فهل نقول إن يهوه/يسوع سارع فى هوى بنات صَلُفْحَادَ؟ أترك لك الإجابة!
                      وللرد على نقطة النساء ناقصات عقل ودين، فأقول:
                      نقلا بتصرف عن الأستاذ سامى العامرى فى كتابه: (المرأة .. بين إشراقات الإسلام وافتراءات المنصرين) للرد على القمص مرقس عزيز خليل فى كتابه (المرأة فى اليهودية والمسيحية والإسلام):
                      حكم العليم القدير بمساواة المرأة للرجل في الإنسانيّة والكرامة، ووعد من أحسن منهما، بجليل الجزاء وجميل المستقر .. وهو حكم معلن من مبتدأ نزول الوحي، لا ينسخه تطاول الزمان ولا تقلّب صروف الأيام ..
                      قال تعالى:{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} الأحزاب 35
                      وقال سبحانه:{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَاب} آل عمران 195
                      وقال جلّ وعلا:{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون} النحل 97
                      وقال رسول الله : (النساء شقائق الرجال) رواه الترمذي وأبو داود
                      إنّه قول محكم في إعلان مقام جنس المرأة، وردّ دعوى التحقير التي انغرس ذكرها وانتفخ شرّها في الأديان الأخرى .. ولكن تأبى الكنيسة أن تسلّم للإسلام بهذه الحقيقة أو أن تعترف له بهذه الخصّيصة!
                      يقول الحديث الذى يستشهد به الكاتب على أن النساء ناقصات عقل ودين، وهى كما فهمها أنهن أقل فهمًا وذكاءً، وأن الإسلام يحط من قدر المرأة ومكانتها: قال رسول الله : ((يا معشر النساء، تَصدَّقنَ وأكثِرْنَ الاستغفارَ؛ فإني رأيتكنَّ أكثرَ أهل النار)، فقالت امرأةٌ منهنَّ، جَزْلَةٌ: (وما لَنَا يا رسول الله أكثَرَ أهل النار؟) قال: (تُكثِرْنَ اللعنَ وتَكفُرنَ العشيرَ. وما رأيت من ناقصاتِ عقلٍ ودينٍ أغلَبَ لِذي لُبٍّ منكنَّ). قالت: (يا رسول الله، وما نُقصان العقل والدين؟) قال: (أمّا نقصان العقل فشهادة امرأتَين تَعدل شهادةَ رجل، فهذا نُقصان العقل. وتَمكث اللياليَ ما تُصلّي، وتُفطر في رمضان، فهذا نُقصان الدين.) رواه البخارى ومسلم
                      لقد وصف الراوي المرأة بأنها جزلة أى نبيهة وذات ذكاء، فهل يصدق مع ذلك أن نقول إن الإسلام يقرّر أنّ النساء أدنى ذكاءً من الرجال؟! ألم تقرأوا أن الصحابة الكرام ومنهم الخلفاء كانوا يلجأون إلى السيدة عائشة رضى الله عنها لأخذ الفتوى منها، ومشاورتها فى بعض الأحكام؟
                      لم يميز الإسلام بين الرجل والمرأة فى التكاليف أو فى الحساب فى الآخرة أو فى النتيجة المترتبة على هذا الحساب. وطالب المرأة والرجل بالعلم والدعوة وإقامة الدين والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. وكان يعج العالم الإسلامى منذ القرن الأول الهجرى وإلى اليوم بالعالمات والمتعلمات.
                      (وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا) النساء 124
                      وقرر الله تعالى أن المفاضلة بين بنى البشر كلهم تتوقف على التقوى: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) الحجرات 13
                      إن نقصان العقل الذى يقرره الرسول  لا علاقة له بالذكاء، وهذا ما فهمه الراوى، بدليل وصفه لها بالذكاء والنباهة، ولكن له علاقة بالتذكير فى أمر العقود والشهادة، وقد بنى الرسول  قوله (شهادة امرأتَين تَعدل شهادةَ رجل) على الآية القرآنية: (وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى) البقرة 282
                      إذن الأمر مهم فى حفظ حقوق الناس، لذلك كان من اللازم التحوُّط واستشهاد امرأتين مكان الرجل الواحد لعدم خبرتهن فى الأمور التجارية أو لقلتها. ولا علاقة له بالذكاء ولا القدرات العقلية. ولو كانت امرأة اليوم فقيهة فى العقود لأخذت المحكمة برأيها عن رجلين لا يفقهان شيئًا فى العقود؛ وذلك لأن الحديث يتكلم عن واقع معاصر فى وقتها، ويتغير الحكم بتغير الواقع الحياتى. أى يدور الحكم مع علته، وهذا مبدأ أصيل فى الفقه.
                      فإذا كانت علة أهل النار أنهن يكثرن اللعن ويكفرن العشير، فإذا جاءت امرأة مؤمنة أمسكت لسانها عن اللعن، ولم تكفر بالعشير، تغير الحكم وكانت من أهل الجنة.
                      أضف إلى ذلك أن العقل قد يعنى الربط والحزم، ومنها جاءت كلمة العقال، أى الرباط الذى يربط به الجمل. والأمر يعنى أن المرأة أقل حزمًا من الرجل أى أكثر أنوثة ولينًا منه، وهذا يسعد المرأة ولا يكدر صفوها. وهذا أيضًا لا علاقة له بذكاء المرأة.
                      والحديث يشير إلى غلبة العاطفة والرقة على المرأة، وهى عاطفة ورقة صارت "سلاحًا" تغلب به هذه المرأة أشد الرجال حزمًا وشدة وعقلًا.. وإذا كانت غلبة العاطفة إنما تعنى تفوقها على الحسابات العقلية المجردة والجامدة، فإننا نكون أمام عملة ذات وجهين، تمثلها المرأة .. فعند المرأة تغلب العاطفة على العقلانية، وذلك على عكس الرجل، الذى تغلب عقلانيته وحساباته العقلانية عواطفه .. وفى هذا التمايز فقرة إلهية، وحكمة بالغة، ليكون عطاء المرأة فى ميادين العاطفة بلا حدود وبلا حسابات .. وليكون عطاء الرجل فى مجالات العقلانية المجردة والجامدة مكملًا لما نقص عند "الشق اللطيف والرقيق!". فهل هذا يكدر المرأة؟ أم هذا هو غاية ما تتمناه الأنثى أن تتصف به؟
                      فنقص العقل الذى أشارت إليه كلمات الحديث النبوى الشريف هو وصف لواقع تتزين به المرأة السوية وتفخر به، لأنه يعنى غلبة عاطفتها على عقلانيتها المجردة .. ولذلك، كانت "مداعبة" صاحب الخُلق العظيم الذى آتاه ربه جوامع الكلم للنساء، فى يوم الفرحة والزينة، عندما قال لهن: "إنهن يغلبن بسلاح العاطفة وسلطان الاستضعاف أهل الحزم والألباب من عقلاء الرجال، ويخترقن بالعواطف الرقيقة أمنع الحصون!: "ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن".
                      ثم لك أن تتخيل أن هذا الرجل يوصف بأنه من أعقل الناس وأكثرهم حزمًا، ولك أن تتخيل أن هذه المرأة التى امتدحها الرسول  بهذه الصفات، هى التى تتمكن من الأخذ بلب هذا الرجل، والتخفيف من حزمه (فى الأمور التى لا يغضب فيها الله ولا رسوله)! فبما نصف هذه المرأة التى تفوقت على الرجل، وعلى عقله وحزمه، بسلاحها هى؟ أليس هذا مدح للمرأة بإمكانياتها العالية التى تفوقت على كل إمكانيات الرجل، وتحذير للرجل أن تذهب امرأة بعقله وحزمه فيما يغضب الله ورسوله؟!
                      كما أن الرسول  يعلم النساء كيفية الوصول إلى قلب الرجل وكبح جماحه عند غضبه: ليس بالعناد ولا المكابرة ولا التحدى، ولكن بالأنوثة والرقة والاستضعاف.
                      فهو مدح للعاطفة الرقيقة التى تذهب بحزم ذوى العقول والألباب .. ويا بؤس وشقاء المرأة التى حرمت من شرف امتلاك هذا السلاح الذى فطر الله النساء على تقلده والتزين به فى هذه الحياة! بل وأيضًا يا بؤس أهل الحزم والعقلانية من الرجال الذين حرموا فى هذه الحياة من الهزيمة أمام سلاح العاطفة والاستضعاف!
                      وإذا كان هذا هو المعنى المناسب واللائق بالقائل وبالمخاطب وبالمناسبة وأيضًا المحبب لكل النساء والرجال معًا الذى قصدت إليه ألفاظ "نقص العقل" فى الحديث النبوى الشريف .. فإن المراد "بنقص الدين" هو الآخر وصف الواقع غير المذموم، بل إنه الواقع المحمود والممدوح!
                      ففى رواية الحديث شك من الرواة حول مناسبة قوله .. هل كان ذلك فى عيد الأضحى؟ أم فى عيد الفطر؟.. وهو شك لا يمكن إغفاله عند وزن المرويات والمأثورات. وأن مناسبة الحديث ترشح ألفاظه وأوصافه لأن يكون المقصود من ورائها المدح وليس الذم.. فالذين يعرفون خُلق من صنعه الله على عينه، حتى جعله صاحب الخُلق العظيم (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) القلم 4، والذين يعرفون كيف جعل الرسول  من "العيد" الذى قال فيه هذا الحديث "فرحة" أشرك فى الاستمتاع بها مع الرجال كل النساء، حتى الصغيرات، بل وحتى الحُيَّض والنفساء! الذين يعرفون صاحب هذا الخلق العظيم ، ويعرفون رفقه بالقوارير، ووصاياه بهن حتى وهو على فراش المرض يودع هذه الدنيا .. لا يمكن أن يتصوروه  ذلك الذى يختار يوم الزينة والفرحة ليجابه كل النساء ومطلق جنس النساء بالذم والتقريع والحكم المؤبَّد عليهن بنقصان الأهلية، لنقصانهن فى العقل والدين!
                      وإذا كانت المناسبة يوم العيد والزينة والفرحة لا ترشح أن يكون الذم والغم والحزن والتبكيت هو المقصود .. فإن ألفاظ الحديث تشهد على أن المقصود إنما كان المديح، الذى يستخدم وصف "الواقع" الذى تشترك فى التحلى بصفاته غالبية النساء .. إن لم يكن كل النساء.
                      وإذا كان الله سبحانه وتعالى يحب أن تُؤتَى رخصه كما يحب أن تُؤتَى عزائمه، فإن التزام النساء بهذه "الرخص" الشرعية هو الواجب المطلوب والمحمود، وفيه لهن الأجر والثواب .. ولا يمكن أن يكون بالأمر المرذول والمذموم .. ووصف واقعه فى هذا الحديث النبوى مثله كمثل وصف الحديث لغلبة العاطفة الرقيقة الفياضة على العقلانية الجامدة، عند النساء، هو وصف لواقع محمود.. ولا يمكن أن يكون ذمًّا للنساء، ينتقص من أهلية المرأة ومساواتها للرجال، بأى حال من الأحوال.
                      إن العقل ملكة من الملكات التى أنعم الله بها على الإنسان، وليس هناك إنسان رجلًا كان أو امرأة يتساوى مع الآخر مساواة كلية ودقيقة فى ملكة العقل ونعمته.. ففى ذلك يتفاوت الناس ويختلفون.. بل إن عقل الإنسان الواحد وضبطه ذكرًا كان أو أنثى يتفاوت زيادة ونقصًا بمرور الزمن، وبما يكتسب من المعارف والعلوم والخبرات.. وليست هناك جبلة ولا طبيعة تفرق بين الرجال والنساء فى هذا الموضوع.
                      وإذا كان العقل فى الإسلام هو مناط التكليف، فإن المساواة بين النساء والرجال فى التكليف والحساب والجزاء شاهدة على أن التفسيرات المغلوطة لهذا الحديث النبوى الشريف، هى تفسيرات ناقضة لمنطق الإسلام فى المساواة بين النساء والرجال فى التكليف. ولو كان لهذه التفسيرات المغلوطة نصيب من الصحة لنقصت تكاليف الإسلام للنساء عن تكليفاته للرجال، ولكانت تكاليفهن فى الصلاة والصيام والحج والعمرة والزكاة وغيرها على النصف من تكاليف الرجال!
                      والآن هل النقصان الذى يشرعه الله تعالى ويلزم به المرأة يكون فى مقام المذمة؟ لا والله، إنها لتُحمد المرأة التى تأخذ برخص الله تعالى، ولو صلت امرأة أو صامت متعمِّدة وهى حائض، لغضب الله عليها، لأنها لم تتبع شرعه، ولما تقبل منها. إذن نقصان صلاة المرأة وصيامها فى وقت الأعذار الشرعية التى أمرها الله بها بعدم الصلاة أو الصيام، من الأعمال التى تُرضى الله تعالى، ويثيبها عليها، كما يثاب الرجل الذى يلتزم بما أمره الله تعالى به. وعلى ذلك فإن نقصان صلاتها وصيامها شىء تُثاب عليه، ولا ينقص هذا من أجرها شىء. الأمر الذى يؤكد أن الرسول  كان يُمازح النساء، وأن النقصان هو نقصان فى العدد، وليس نقصان فى الأجر.
                      ونقلا عن الأستاذ سامى العامرى من كتابه (المرأة .. بين إشراقات الإسلام وافتراءات المنصرين) يقول عن موقف أهل الكتاب من عقل المرأة:
                      "الوجه الثالث: موقف النصرانيّة من عقل المرأة:
                      أولا: تقول الناقدة ((ماري دالي)): ((تضمّ الخصائص التي كان آباء الكنيسة يرون أنّها مميّزة للأنوثة: التقلّب والسطحيّة (على قول قديس الكنيسة ((يوحنا ذهبي الفم))) والثرثرة والضعف (على قول قديس الكنيسة((يوحنا ذهبي الفم))) والبطء في الفهم (على قول قديس الكنيسة ((كيرلس السكندري)) ) وعدم اتزان العقل (على قول قديس الكنيسة ((غريغوري الكبير)) ).))
                      ولخّص ((لزلي ماسي)) ((Lesly assey)) التصوّر الكنسي السائد عن المرأة، والذي يرجع إلى كتابات الآباء، بقوله: ((المرأة في الأساس ساذجة وأدنى عقلًا، لا تستحق أن تتعلّم، وعرضة بصورة بالغة للهرطقة.))
                      وقال اللاهوتي الإسباني ((دومنيك سوت)) ((Dominic Soto)) الذي تعكس تعاليمه الأقوال الرسميّة للكنيسة الكاثوليكيّة في القرن السادس عشر: إنّ الأنثى تمثّل عائقًا طبيعيًا يمنع من تلقّي الأحكام المقدّسة؛ بسبب ضعف عقلها وسذاجة فهمها.
                      قلت: هكذا هي المرأة عند المعصومين الملهمين من الروح القدس، تجمع بين (البلادة) و(التفاهة)!
                      ثانيا: قال قديس الكنيسة الكاثوليكية ((توما الأكويني)) تعليقًا على نصّ كولوسي 3/18: ((سبب سلطان الرجل على المرأة، هو عمل العقل؛ فلأنّ عقل الرجل أقوى من عقل المرأة؛ فعليه أن يترأّس عليها.)) .. وقال قديس الكنيسة ((يوحنا ذهبي الفم)) في تعليقه على 1كورنثوس 14/34-35 إنّ بولس قد احتج (بالشريعة) لمنع المرأة من الكلام في الكنيسة، و(الشريعة) هي ما جاء في تكوين 3/16: ((إلى زوجك يكون اشتياقك وهو يتسلط عليك))؛ فعلى المرأة أن تجمع بين ((الخوف والصمت، خوف كبير كذاك الذي يجعل الأمة المملوكة محافظة على صمتها.)) وتساءل عن السبب الداعي إلى إلزامهن بالسكوت والخضوع. ثم أجاب على ذلك بقوله إنّ المرأة: ((كائن أضعف، وسهل الاستثارة، وخفيف العقل.)) .. وقال ((إبيفانيوس)) : ((في الحقيقة، النساء هنّ جنس معيب، وغير جدير بالثقة، وضعيف الذكاء.))
                      قلت: ما قرّره ((توما الأكويني))، وصدع به قبل ذلك قديس الكنيسة ((يوحنا ذهبي الفم))، وأكّده ((إبيفانيوس))، هو حكمٌ أجمع عليه أئمة الكنيسة وقدّيسوها، وتواتر نبؤه عنهم، لثبوته في نصوص الكتاب المقدس .. إنّ المرأة ضعيفة من النواحي البدنيّة والعصبيّة والعقليّة.
                      ثالثا: عزا قديس الكنيسة ((أوغسطين)) انخداع آدم بقول الشيطان وارتكاب الخطيئة الأولى المهلكة، إلى (خفّة عقل) المرأة حواء: ((ما كان آدم في نفسه ليثق في الحيّة؛ ولكنّ المرأة هي أقلّ عقلًا؛ ربّما لأنّها لازالت تعيش طبق الجسد.))
                      قلت: خفّة عقل المرأة، إذن، هي سبب بلاء البشريّة بسقوطها من الجنّة إلى الأرض.. إنّ ثقل المحنة البشرية، يعود إلى فساد العقليّة الأنثويّة!؟؟
                      رابعا: ليس للمرأة في المنظومة التشريعيّة النابعة من الأسفار المقدّسة في الكنيسة، أن تمعن في طلب العلم الذي يرتفع بإيمانها؛ وذاك ظاهر من منعها من السؤال في الاجتماعات العامة، وإنّما تكتفي بسؤال زوجها حينما يعود إلى البيت: ((لِتَصْمُتْ النِّسَاءُ فِي الْكَنَائِسِ، فَلَيْسَ مَسْمُوحًا لَهُنَّ أَنْ يَتَكَلَّمْنَ، بَلْ عَلَيْهِنَّ أَنْ يَكُنَّ خَاضِعَاتٍ، عَلَى حَدِّ ما تُوصِي بِهِ الشَّرِيعَةُ أَيْضًا وَلَكِنْ، إِذَا رَغِبْنَ فِي تَعَلُّمِ شَيْءٍ مَا، فَلْيَسْأَلْنَ أَزْوَاجَهُنَّ فِي الْبَيْتِ، لأَنَّهُ عَارٌ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي الْجَمَاعَةِ.)) (1كورنثوس 14/34-35) .. وهو حكم عام لكلّ الكنائس في كلّ زمان ومكان؛ لأنّه لم يخصص الحكم بمكان ما أو زمان ما، ولأنّه قد جعل حجيّة الصمت الذي يترتب عنه قصر السؤال من المرأة في حدود، نابعة من الشريعة (الناموس) (ο νομος)، أي شريعة التوراة التي لا تخصّ كنيسة دون أخرى!
                      قلت: بلادة عقل المرأة تمنعها من التعلّم، كما هو ثابت في (كلمة الربّ) (!!؟) في التوراة والإنجيل! وقد سبق اليهود النصارى في استنباط الحِكم والأحكام من التوراة في أمر طلب المرأة للعلم؛ فممّا جاء في المشنا والتلمود:
                      • ((ليس للمرأة ذكاء/حكمة إلاّ في ما يتعلّق بالمغزل!)) ((אין חכמה לאשה אלא בפלך)) (Yoma 66 b، Jer. Sotah 19 a)!!!
                      • المرأة، خفيفة العقل! (Shabbath 33 b)!!!
                      • ((إذا درّس رجل ابنته الشريعة، فكأنّه علّمها الفسق.)) ((המלמד את בתו תורה، מלמדה תפלות)) (Sotah 3/4)!!!
                      خامسا: علّق أحد آباء الكنيسة –((أريجن)) - على عبارة ((بولس)): ((لأَنَّهُ عَارٌ علَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي الْجَمَاعَةِ)) (1كورنثوس 14/35)، بقوله: ((ليس من اللائق أن تتحدّث المرأة في الكنيسة، مهما كان الكلام الذي من الممكن أن تقوله، ولو تكَلّمت بكلام رائع وعبارات مقدّسة؛ لمجرّد أنه صدر من شفتي أنثى.))
                      قلت: المرأة مأمورة بالصمت؛ ولو كان كلامها في ذروة الحكمة، ومنتهى الطهارة والقداسة!؟؟ بل إنّ نطقها بالحكمة في المجالس العامة، يعدّ (عارًا) بشهادة الأسفار والآباء!!
                      وقد مَنعت الكنيسة المرأة من الكلام داخل جدرانها وخارجها؛ يقول الناقد ((ألفن شمت)) ((Alvin Schmidt)) : ((لم يكن إسكات المرأة عبر قرون في العالم الغربي قاصرًا على العبادة أو المحيط الكنسي. لقد مُنِعَت النساء من الكلام رسميًا في الاجتماعات غير الدينيّة إذا كان هناك رجال حاضرين. لم يصرّح رجال الدين أنّ صمت المرأة خاص بالعبادة الرسميّة، إلاّ منذ بداية العقد الثاني من القرن العشرين، بعد التصديق على التعديل التاسع عشر للدستور. ))
                      سادسا: لا يُسمح للمرأة أن تُدرّس لضعف عقلها ودناءة مقامها مقارنة بالرجال؛ ولذلك جاء في أحد أهم مصادر القوانين الكنسية المسمى ((الدسقوليّة)) : ((نحن نأمر أن لا يعلّم أحد من النساء في الكنيسة، بل يصلين لأنفسهن ويسمعن التعليم؛ لأنّ ربّنا يسوع المسيح أرسلنا نحن الاثنى عشر لنعلم الشعوب والأمم، وأمّا النساء فلم يرسلهن إلى موضع، ولو أراد أن يرسلهن لما كان يمتنع لأنّه كان معنا أمه وأخوته ومريم المجدلية، وأختا لعازر مرثا ومريم، وسالومى ومريم ابنة أكلوبا، وأخريات معهن فلو كان أمرًا واجبًا أن النساء يعلمن لأمر هؤلاء أولًا أن يعظن الشعب، لكن إذا كان رأس المرأة هو الرجل فليس من الواجب أن يترأس الجسد على الرأس.)) . وهذا الحكم الرسولي، نابع من قول ((بولس)): ((عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَتَلَقَّى التَّعْلِيمَ بِسُكُوتٍ وَبِكُلِّ خُضُوعٍ. وَلَسْتُ أَسْمَحُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُعَلِّمَ وَلاَ تَتَسَلَّطَ عَلَى الرَّجُلِ. بَلْ عَلَيْهَا أَنْ تَلْزَمَ السُّكُوتَ.)) (1تيموثاوس 2/11-12).
                      وكان ((ترتليان)) قد استدلّ في كتابه ((حول التعميد)) ((De Baptismo)) بقول ((بولس)): ((لتصمت النساء في الكنائس، فليس مسموحًا لهن أن يتكلمن، بل عليهن أن يكن خاضعات، على حد ما توصي به الشريعة أيضًا. إذا رغبن في تعلم شيء ما، فليسألن أزواجهن في البيت، لأنه عار على المرأة أن تتكلم في الجماعة.)) (1كورنثوس 14/34-35)؛ لمنع المرأة من أن تتولّى منصب التعليم والتعميد؛ قائلًا إنّه: ((من غير المعقول أنّ مَن لم يسمح للمرأة أن تتعلّم بكلّ جرأة، أن يمنح الأنثى سلطان التعليم والتعميد! لقد قال: ((ليكن صامتات، وليسألن في البيت أزواجهم.)) !!
                      وقد صرّح ((كالفن)) أنّ النساء مطالبات في الكتاب المقدس بأن يخضعن للرجال؛ ولذلك فإنّه لا يليق بهن أن يمارسن التعليم والدعوة؛ لأنّ في ذلك تسلّط منهن على الرجال ، في حين كان ((لوثر)) يرى أنّه ليس للمرأة أن تتولّى مهمّة التعليم؛ لأنّها لم تخلق إلاّ للإنجاب!
                      ..... لقد أدّى منع ((بولس)) (المعصوم!!) المرأة من أن تتعلّم في المدارس وتنشر العلم؛ إلى أن تعيش المرأة عصورًا داكنة مظلمة تحت سلطان الكنيسة، وكان دخولها المدارس في أوروبا تحدٍّ سافر للعقليّة المتحجّرة التي صنعها (المعصومون!)، وممّا يخبرنا به التاريخ في هذا الشأن أنّ مجموعة من طلبة الطب في لندن سنة 1870م، قد شكّلوا بأجسادهم حاجزًا لمنع خمس نساء من دخول الجامعة لتعلّم الطب!!! ومنع المدرّسون سنة 1879م في برمنجهام النساء من العمل كمدرّسات للأطفال الصغار؛ لخشيتهم أن يؤدّي ذلك إلى تشجيع الفساد الأخلاقي!!
                      ولمّا فتحت كليّة ((أبرلن)) للتعليم الديني في ولاية ((أوهايو)) الأمريكيّة سنة 1837م باب التعليم للنساء؛ لتكون بذلك أوّل كليّة أمريكيّة تقبل طالبات إناث؛ فعلت ذلك فقط ((لتوفّر للقساوسة زوجات ذكيّات ومثقّفات.)) ، وهو سقف المرأة في التعليم، فرغم ثورة هذه الكليّة على ما أسسّته الكنيسة منذ القرون الأولى من استبعاد النساء من المدارس، إلاّ أنّها لم تستطع في القرن التاسع عشر أن ترى للمرأة قيمة في سوق العلم، باستثناء أن تكون زوجة مثقفة لقسيس يدعو الناس إلى الإيمان بالإله المصلوب!
                      سابعا: قال الإمام البروتستانتي ((كالفن)) في تعليقه على 1تيموثاوس 2/12: ((شُكِّلت المرأة من حيث الطبيعة (بالقانون الطبيعي لله) لتكون خاضعة؛ لأنّ سيادة النساء كانت دائمًا في نظر النبهاء شيئًا شنيعًا، وبالتالي؛ فإنّه ستختلط السماء بالأرض إذا اغتصب النساء الحقّ في التعليم.))
                      .... لقد أدّى إلغاء قيمة العقل في الكيان الأنثوي في الفكر الكنسي النابع من النصوص (المقدّسة) إلى إعدام كلّ قيمة للمرأة خارج دائرة التدبير المنزلي. وممّا يذكر في هذا الشأن أنّه لمّا عُرِضت امرأة أمام الملك جيمس الأوّل، وقيل له: إنّها تتقن اللاتينيّة واليونانيّة والعبريّة؛ كان ردّه: ((ولكن، هل تحسن الغزْلَ؟)) . و(لحقارة) المرأة (علميًا) في التراث الكنسي؛ فقد قام اللاهوتيون المتأخّرون بحذف اسم قديسة الكنيسة ((باولا)) واسم ابنتها قديسة الكنيسة ((أوستوخيوم)) عند ذكر من أعان قديس الكنيسة ((جيروم)) في إعداد ترجمة ((الفولجات))؛ واضعين مكان اسميهما عبارة ((إخوة مبجّلين)) !!!
                      قال قديس الكنيسة ((جيروم)): ((مادامت المرأة للحمل والأولاد؛ فستبقى مختلفة عن الرجل، كتميّز الجسد عن الروح. ولكن عندما ترغب في خدمة المسيح أكثر من العالم؛ فعندئذ سوف تكف عن أن تكون امرأة، وستسمى رجلًا)). وهو ما قرّره أيضًا قديس الكنيسة ((أمبروز)) في قوله: ((تلك التي ليس لها إيمان؛ هي امرأة، ويجب أن تدعى بجنسها (الأنثوي)، في حين أنّ تلك المؤمنة، ترتقي إلى كمال الرجولة، إلى مقاييس سنّ البلوغ في المسيح؛ وتستغني عندها عن اسم جنسها، وإغواء الصغر، وثرثرة الشيخوخة.)) .. أمّا ((كلمنت السكندري)) فقد طلب من المرأة أن تنكر طبيعتها الجسدية؛ حتى تصبح مثل الرجل!!
                      قال ((مارتن لوثر)): ((لمّا رأى الشيطان أنّ آدم أرقى من المرأة؛ لم يتجرّأ على إغوائه؛ لأنّه خشي ألاّ تفلح محاولته ... لذلك، وجّه هجومه إلى حواء باعتبارها الطرف الأضعف.))!
                      قلت: إنّ المرأة لا تستحقّ صفة الآدميّة المكرّمة؛ إلاّ إذا ارتقت إلى مرتبة يصحّ معها أن تسمّى ((رجلًا)) .. فالأنوثة والاستواء الإنساني لا يلتقيان .. فإمّا أن تكون أنثى .. أو تكون إنسانًا سويًّا!" انتهى الاقتباس من سامى العامرى.
                      وعلى ذلك فالمرأة فى عرف أهل الكتاب ليست كائنًا بشريًا، ولا عقل لها، وليس لها أدنى احترام من رجال الدين أو الآباء أو الأزواج. وهذا مصداقًا لما أعلنه البابا (اينوسنسيوس الثامن) فى براءة (1484) من أن الكائن البشرى والمرأة يبدوان نقيضين عنيدين "
                      وسبقه آباء الكنيسة ورجال اللاهوت فى عام 586م حيث اكتشفوا فى اجتماعاتهم أن المرأة إنسان، ولكن ليس لها روح: وأخيرًا: قرروا أنها إنسان، ولكنها خُلِقَت لخدمة الرجل فحسب. وأنها خالية من الروح الناجية، التى تنجيها من جهنم، وليس هناك استثناء بين جميع بنات حواء من هذه الوصمة إلا مريم عليها السلام.
                      لذلك لا عجب أن يسير الفلاسفة والأدباء على نهجهم، وينعتون المرأة بأنها حيوان، قال شوبنهاور: (المرأة حيوان، يجب أن يضربه الرجل ويطعمه ويسجنه).
                      * * *
                      أما النقطة الثالثة التى أثارها الكاتب وهى أن المرأة شؤم، فنقول له:
                      يقول الحديث: (إن كان الشؤم في شيء؛ ففي الدار، والمرأة، والفرس) البخارى ومسلم
                      وهذا الحديث من ناحية المعنى كأنما يقول لو جاز لأحد أن يتطيَّر، ويتشاءم من شىء، ففى هؤلاء الثلاثة. مع الأخذ فى الاعتبار أن الله تعالى حرَّم التشاؤم والتطيُّر. فقد قال الرسول : (لا عدوى ولا طيرة)، وهذا يمنع التشاؤم من أى مخلوق إنسان كان أو حيوان، أو حتى جماد. فالنفى من التشاؤم عام يشمل كل شىء.
                      ولم يثبت عن الرسول  أو أحد من السلف أو الخلف أنه تشاءم من إنسان أو حيوان أو منزل. فقد كان الرسول  والصحابة والتابعين وكل الناس يسكنون البيوت، ولا يرون ضررًا فى ذلك. كما قال الرسول  عن الخيل: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة) البخارى، وهذا يعنى أنه خير وبركة لصاحبها والأمة فى الدنيا والآخرة.
                      كما أن هذا الحديث يُفهم منه نفى الشؤم عن المرأة والدار والخيل وليس إثباته: فقد قال الإمام الطبرى: (وأما قوله: (إن كان الشؤم في شيءٍ ففي الدار والمرأة والفرس، فإنه لم يُثبت بذلك صحة الطيرة، بل إنما أخبر  أن ذلك إن كان في شيءٍ ففي هذه الثلاث، وذلك إلى النفي أقرب منه إلى الإيجاب؛لأن قول القائل: (إن كان في هذه الدار أحدٌ، فزيدٌ) غير إثبات منه أن فيها زيدًا، بل ذلك من النفي أن يكون فيها زيد أقرب منه إلى الإثبات أن فيها زيدًا) الطبري، تهذيب الآثار، 3: 34
                      كما صحّ عن الرسول  أنّه قال: (من سعادة ابن آدم ثلاثة: المرأة الصالحة، والمسكن الصالح، والمركب الصالح. ومن شقاوة ابن آدم ثلاثة: المرأة السوء، والمسكن السوء، والمركب السوء) رواه أحمد بإسناد صحيح ؛ وهذا الحديث جاء مفسّرًا لذاك. فوجه الشؤم أو الشقاء في البيت هو ضيقه، وعدم توفّر أسباب الراحة فيه؛ ووجه الشؤم أو الشقاء فى المرأة السوء، ووجه الشؤم أو السوء فى المركب السوء أو الخيل السىء.
                      وقال : (أربع من أعطيهن فقد أعطي خير الدنيا والآخرة: قلبًا شاكرًا، ولسانًا ذاكرًا، وبدنًا على البلاء صابرًا، زوجة لا تبغيه حوبًا في نفسها وماله) أى زوجة لا تبغيه إثمًا فى نفسها. رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وهذا يعنى أنه اعتبر المرأة الصالحة من خير متاع الدنيا والآخرة، فكيف يُتشاءم منها؟
                      دافع الله تعالى عن المرأة منذ طفولتها، وسفَّه من كان يتشاءم من الأنثى، ولا يُعقل أن يصح عن رسول الله  أن يقول ما يناقض القرآن أو يناقض كلامه هونفسه، وإلا لكانت ثغرة كبيرة نفذ منها العرب لهدم الإسلام ووأده فى مهده. فق قال الله تعالى: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيم يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُون)النحل 58-59، ونهى عن وأد الأنثى: (وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) التكوير 8-9، فهل من قال هذا يستحسن إهانتها والتشاؤم منها؟
                      وكثيرًا ما أثنى الرسول  على زوجته خديجة، التى توفت عنه، حتى غارت السيدة عائشة منها: فتقول السيدة عائشة :( كان رسول الله  لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها، فذكرها يومًا من الأيام فأخذتني الغيرة، فقلت: (هل كانت إلا عجوزًا قد أبدلك الله خيرًا منها) فغضب ثم قال: (لا والله ما أبدلني الله خيرًا منها، آمنتْ بي إذْ كفرَ الناس،وصدَّقتني إذ كذّبَني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء) قالت عائشة: (فقلتْ في نفسي: لا أذكرها بعدها بسبّةٍ أبدًا).
                      فهل من يُدافع عن امرأة واراها التراب، يرى فى المرأة شؤمًا؟ ألم تكن زوجته هذه خيرًا عليه حيث قال: لقد (آمنتْ بي إذْ كفرَ الناس،وصدَّقتني إذ كذّبَني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء)؟
                      كان من أكثر ما يحب الرسول  النساء: (حُبِّبَ إِلَىَّ النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاَةِ) رواه النسائى فى السنن الكبرى، والمعنى أنه حبب إليه نساؤه أى زوجاته، ولا يُعقل أن يكون هناك من يتشاءم من من يحب.
                      وقال رسول الله  عن المرأة: (لا تكرهوا البنات؛ فإنّهن المؤنسات الغاليات) رواه أحمد. فهل من يصف ابنته الأنثى بأنها مؤنسة غالية يقول بالتشاؤم من النساء؟ كما قال عن ابنته فاطمة: (فاطمة بضعة منّي) رواه البخارى الذى تقول إن أحاديثك منقولة منه.
                      بل جعل رسول الله  من أعظم أسباب دخول الجنة، بل وملازمته فيها الإحسان إلى الأنثى وحسن تربيتها، فقد قال : (من عال جاريتين حتى تبلغا؛ جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين وضمَّ أصابعه) رواه مسلم
                      وكما رأينا أن الكاتب للأسف أساء فهم ما قرأه أو ما نقله، وسوف أحسن الظن به، ولن أتهمه بأنه يرمينا بما عانت منه المرأة فى التاريخ المسيحى، ومازالت تعانى من نصوص الكتاب المقدس جدًا تجاه الأنثى.
                      ففى سفر سيراخ يقول الرب: (لا تتفرس في جمال احد، ولا تجلس بين النساء، فإنه من الثياب يتولد السوس، ومن المراة الخبث، رجل يسيء خير من امراة تحسن ثم تجلب الخزي والفضيحة) سيراخ 42: 12-14
                      وهذا يدل على أن المرأة ليست فقط مصدر شؤم، لنهى الرب عن مجالستها، بل هى مصدر هذا الشر، فهى مصدر ولادة السوس والخبث، وأن الرجل السىء أفضل من المرأة المحسنة، لأنه يُخشى أن تجلب الخزى والعار!! فهى فاسدة مظهرًا وجوهرًا. فهل مثل هذه المرأة ينتظر منها الخير أو الفأل بها؟
                      تقول الترجمة الكاثوليكية: (البِنتُ سَبَبُ سُهادٍ مَخفِيٌّ لأَبيها وهَمٌّ يَسلبه النَّوم: مخافة مِنَ الذُّبولِ إِذا كانَت شابَّة ومِنَ النُّفورِ مِنها إِذا كانَت مُتَزَوِّجَة، ومِنَ التَّدَنُّسِ والعُلوقِ في بَيتِ أَبيها إِذا كانت عَذْراء ومِن عَدَم الأَمانَةِ إذا كانَ لَها زوج ومِنَ العُقْمَِ إِذا كانت في بَيتِ زَوجِها.) سيراخ 42: 9-10
                      أليس نص الرب المقدس جدًا يصرخ ويقول: إن الأنثى شؤم كلها، وسبب سُهد أبيها فى بيته شابة قبل الزواج، وعار على كل من يعولها سواء كان أبوها أم أخوها أم زوجها. كلّ سكناتها وحركاتها، وخطرات قلبها، تنزف فسادًا وضلالًا. إنها نقمة على محارمها؛ بنتًا، وأختًا، وزوجة .. إنّها لعنة في بيت الأب والزوج!!
                      ولم تكن المرأة شؤمًا على أهل بيتها ابنة وأختًا وزوجة فقط، بل كانت شؤمًا على العالم أجمع، إذ باغوائها آدم، سقطت البشرية كلها، رجالا ونساءً وأطفالا: (18فَإِذًا كَمَا بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ صَارَ الْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِلدَّيْنُونَةِ ...) رومية 5: 18
                      الأمر الذى حدا بترتليان أن يقول في حديث موجّه إلى النساء: (أتعلمن أنّ كلّ واحدة منكن هي حواء؟ مازال حكم الله على جنسكن باقيًا إلى هذا الزمن، ولا بدّ أن تبقى حتمًا الجريمة كذلك: أنتن المدخل الذي يلجأ إليه الشيطان: فأنتن باكورة من ذاق الشجرة المحرَّمة، وأنتن أوّل من تمرد على القانون الإلهي، وأنتن تلك المرأة التي أقنعته (بالأكل من الشجرة)؛ إذ لم يكن لدى الشيطان القدر الكافي من الجسارة لكي يهاجم (آدم)، لقد دمّرتن بمثل هذه السهولة الرجل الذي هو صورة الله. وبسبب استحقاقكن للعقوبة –التي هي الموت- كان على ابن الله أن يموت أيضًا). نقلا عن اقتباس من سامى العامرى من Tertullian، “On the Apparel of Women”، in The Ante-Nicene Fathers، 4/13
                      وقد ظلت المرأة فى نظر القساوسة ورجال الدين كما كانت عند القديس يوحنا فم الذهب: شرًا لا بد منه، وإغواءً طبيعيًا، وكارثة مرغوبًا فيها، وخطرًا منزليًا، وفتنة مهلكة، وشرًا عليه طِلاء، وهى أداة الشيطان المحببة التى يقود بها الرجال إلى الجحيم.) (الفيلسوف المسيحى والمرأة ص 144)
                      وبهذا يثبت أن عند أهل الكتاب شؤم من المرأة، بخلاف تكريم الإسلام لها، فى كل مناحى الحياة: من وقت الحمل بها إلى نهاية الحياة.
                      ثم نأتى للجزء الخامس من الرد على قوله إن المرأة فتنة، ويُخشى على الرجال والمجتمع من ضررها، واستشهد بقول الرسول : (ما تركت بعدى فتنة أضر على الرجال من النساء)
                      أعتقد من كل ما ذكرته من آيات وأحاديث يكفى من حسن الظن بالمرأة فى رحم أمها، وطفلة، وابنة وزوجة، وحتى بعد الممات.
                      يقول الشيخ الشنقيطى فى أضواء البيان إن معنى كلمة (الفتنة) في اللغة، هو وضع الذهب في النار؛ ليظهر بسبكه فيه؛ أخالص هو أم زائف. 5: 289
                      ويقول: إنّ الفتنة: في القرآن تطلق على معان متعددة، منها:
                      الوضع في النار، ومنه قوله تعالى: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُون} الذاريات 13، أي يحرقون بها. وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} البروج 10، أي أحرقوهم بنار الأخدود على أظهر التفسيرين.
                      ومنها: الاختبار وهو أكثر استعمالاتها في القرآن:
                      كقوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ} التغابن 15، فهل فهمت أن القرآن يحقر المال والأولاد، فى الوقت الذى بنى فيه الإسلام قلعة اقتصادية، وحث على الزواج من أجل التكاثر؟
                      وكقوله تعالى: {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} الأنبياء 35، فهل نفهم بذلك أنك تمتهن الخير وتحتقره؟
                      وقوله تعالى: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} الجن 16-17، أى لنختبرهم فيما سيفعلونه.
                      ومنها: نتيجة الابتلاء إن كانت سيئة كالكفر والضلال:
                      كقوله: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ} البقرة 193، أي شرك؛ بدليل قوله: {وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ} البقرة 193،
                      وقوله في الأنفال: {وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه} البقرة 193؛ ومما يوضح هذا المعنى قوله : (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله) الحديث. فالغاية في الحديث مبيّنة للغاية في الآية، لأن خير ما يفسر به القرآن بعد القرآن السنّة، ومنه بهذا المعنى قوله هنا: {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} الحج 55، أي كفر وشك.)
                      كذلك التعامل مع المرأة هو اختبار، فمن لم يتق الله ويتعامل معها دون مراعاة حدوده، وقع فى المهالك. ولا علاقة للحديث بجنس المرأة، فهى ممدوحة مثل الرجال إن صلحت، وصلح عملها، ومذمومة مثل الرجل إن فسدت وساء عملها.
                      أما كون المرأة فتنة أى تفتن الناس عن دينهم، فهذا لا ينكره عاقل، فلو تعرت المرأة كانت مصدرًا للغواية، والكتاب الذى يقدسه الكاتب ملىء بالأقوال التى تؤكد أن فتنة المرأة فتاكة بالرجل، الأمر الذى حدا بدائرة المعارف البريطانية ج22، ص508، طبعة 1911م، أنّ تلخص هذه الفكرة في مقال (سفر الأمثال) فقالت: (نقطة مهمة؛ وهي أنّ النصائح بالتزام العفّة، موجّهة إلى الرجال فقط؛ فالرجل ينظر إليه كضحيّة، والمرأة كَمُغْوِيَة. لم تُحذّر النساء البتّة من الرجال أو من عموم إغواءات المجتمع)!
                      وهذا يؤكد أن الرب فى كتابه المقدس جدًا يعتبر المرأة مصدر الغواية، ويحذر الرجال منها، ولم يحذر النساء قط من غواية الرجال. لذلك قال الرب فى سيراخ: (اصْرِفْ طَرْفَكَ عَنِ الْمَرْأَةِ الْجَمِيلَةِ، وَلاَ تَتَفَرَّسْ فِي حُسْنِ الْغَرِيبَةِ؛ فَإِنَّ حُسْنَ الْمَرْأَةِ أَغْوَى كَثِيرِينَ، وَبِهِ يَتَلَهَّبُ الْعِشْقُ كَالنَّارِ) سيراخ 9: 8-9
                      وقال أيضًا: (الخمر والنساء تضلل العقلاء) سيراخ 19: 2
                      وقال أيضًا: (أبرمت عهدا مع عيني، فكيف أرنو إلى عذراء) أيوب 31: 1
                      وجاء فى الدسقولية، وهى تعاليم الرسل ص26-27: (إن أردتِ أن تكوني مؤمنة ومرضية لله فلا تتزيني لكي ترضي رجالًا غرباء، ولا تشتهي لبس المقانع والثياب الخفيفة التي لا تليق إلا بالزانيات ليتبعك الذين يصيدون من تكون هكذا. وإن كنت لا تفعلين هذه الأفعال القبيحة للخطية فإنك بتزينك وحده تدانين، لأنك بذلك تضطرين من يراك أن يتبعك ويشتهيك. فلماذا لا تتحفظين لئلا تقعي في الخطية، ولا تدعي أحدًا يقع في شك (أو عثرة) لأجلك. إذا أخطأت باعتمادك هذا الفعل فأنت أيضًا تسقطين، لأنك تكونين سببًا لهلاك نفس ذلك الرجل. ثم إذا أخطأت على واحد بهذا الفعل دفعة واحدة فهو يكون سببًا في أنك تخطئين على كثيرين (...) كل واحدة تفعل هكذا تهلك بالخطية وتصيد أنفس الجهال بلا وقار.)
                      وعلى ذلك فالمرأة بنفس تفكيرك واستنتاجك واعتراف كتابك عزيزى الكاتب هي مصدر الشرّ والبلاء .. والرجل هو ضحيّة من ضحاياها .. وليس بعد الإقرار من حاجة إلى مزيد بيان أو استدلال.. ولكن لننظر أيضًا إلى ما يقوله آباء كنيسةِ الأرثودكسيّة!
                      ويواصل سامى العامرى سرد أقوال جزء من آباء الكنيسة للتدليل على أن المرأة فى نظرهم كانت مصدر الغواية والشر، فيقول:
                      • شهادة (علامة) الكنيسة ((ترتليان)): قال موجهًا خطابه إلى النساء: ((أنتن المدخل الذي يلجأ إليه الشيطان)) ((Janua diaboli)) .
                      • شهادة قديس الكنيسة ((كلمنت السكندري)): إن المرأة : ((تجلب العار للرجل، ولو حتّى بأن تُظهر من أيّة طبيعة هي)).
                      • شهادة قديس الكنيسة ((أوغسطين)) : قرّر قديس الكنيسة ((أوغسطين)) أنه ((لا يوجد شيء أخطر على النفوس الصلبة من إغواءات النساء.))
                      • شهادة قديس الكنيسة ((أمبروز)) : قال قديس الكنيسة ((أمبروز)) عن النساء، إنهن ((لسن إلا كائنات فاسقة)).

                      تعليق


                      • #71
                        الملف 48
                        • شهادة قديس الكنيسة ((جيروم)): قارن قديس الكنيسة ((جيروم)) بين العذارى والأرامل من جهة والحشرة المؤذية من جهة أخرى، قائلًا: ((إن كل شر يأتي من رؤوسهن))، وأن أذى المرأة أشد وأفتك من الذى يمكن أن يصيب الرجل من الأسد ((الأذى الذي أصاب شمشون بسبب المرأة، كان أكبر بكثير من الأذى الذي أصابه من الأسود.)) وقد استنبط من سفر الأمثال أنّ الشهوة الجنسيّة في المرأة لا ترتوي أبدًا!! وقال: ((إنّ الحديث ليس عن العاهرة ولا الزانية، وإنّما حبّ المرأة هو المتهم أنّه لا يشبع؛ إذا وضعته خارجًا؛ يتحوّل إلى لهب، وإذا زدته بكثرة؛ فسيبقى دائمًا محتاجًا إلى المزيد؛ إنّه يهيّج عقل الرجل.)) .. فالمرأة إذن ذات رغبة جنسيّة متأججة لا يطفئها شيء؛ فهي دائمة النهم الشبقيّ الثائر، ولذلك على الرجل أن يحذر من هذا الطبع الفاسد؛ إذ هو ضحيّته الأولى ..!!
                        • شهادة قديس الكنيسة الكاثوليكيّة ((توما الأكويني)): رغم أنّ ((توما الأكويني)) يعتبر من المتأخّرين زمنيًا، وليس من طبقة آباء الكنيسة، إلاّ أنّه يعدّ من أهم ورثة فقههم، ومن أهم المطّلعين على أقوالهم والناقلين لمذاهبهم. وله في هذا الشأن تصريح مباشر؛ فقد قال: ((صوت المرأة هو دعوة إلى الشهوة؛ ولذلك يجب ألاّ يُسمع في الكنيسة.)) .. إنّه صوت فتنة على كلّ حال!!
                        وقد لخّصت الباحثة ((سوزان ج. بيل)) ((Suasan G. Bell)) مذهب آباء الكنيسة في قولها: ((رغم أنّه من الممكن أن يكون الآباء قد استقوا من التراث اليهودي خوفهم من تأثير إغواء المرأة، واعتقادهم أنّ المرأة أضعف من الرجل؛ ولذلك عليها أن تبقى خاضعة له؛ فإنّ السبب الرئيسي لبغضهم للنساء هو دون شكّ، إدانتهم للشهوة الجنسيّة. استنبط الآباء من خرافة السقوط ومن قصص ((شمشون)) و((داود)) و((سليمان))، ومن عددٍ من نصوص كتابيّة أخرى محايدة في ظاهرها، أنّ جاذبيّة المرأة هي أعظم خطر ممكن على نفس الرجل.))
                        وجلّت الناقدة ((ماري دالي)) الأمر بصورة دقيقة في قولها: ((كانت المرأة بالنسبة للآباء هي المغوية التي يجب على الرجل أن يحذر منها. لم ير الآباء أنّه من الممكن أن تكون مشكلة الغواية بالاتجاه المعاكس.)) لم تكن عقول الآباء تتصوّر أن يغوي الرجل المرأة .. لأنّ المرأة هي أمّ الخطيئة .. وقد (أثمر!) هذا الفكر الموبوء قول اللاهوتي الأسقف ((بطرس لمبارد)) إنّ المرأة هي الشهوة نفسها ؛ مختزلًا إيّاها في دفقٍ جنسيّ ثائر!!
                        وتكشف الباحثة ((جويس إ. سلزبري)) ((Joyce E. Salisbury)) عن جوهر الاستكناه الآبائي لنفسيّة المرأة، في قولها: ((من المهمّ أن نلاحظ أنّ النساء لسن مغويات عن رغبة منهن أن يكنّ كذلك، وإنّما يمثّل هذا الطبع جزءًا من طبيعتهن. في الحقيقة، إنّ المرأة إذا لم تعمل على أن تغوي الرجل، فستقوم رغم ذلك بإغوائه، كما أشار إلى ذلك ترتليان فيما يتعلّق بشهوة النظر. المرأة التي رآها رجل، هي متّهمة بالسعي لإغوائه.))
                        [وقال القديس يوحنا فم الذهب إن المرأة: شرٌ لا بد منه، وإغواءٌ طبيعىٌ، وكارثة مرغوبًا فيها، وخطرٌ منزلىٌ، وفتنةٌ مهلكةٌ، وشرٌ عليه طِلاء، وهى أداةُ الشيطان المحببة التى يقود بها الرجال إلى الجحيم) (الفيلسوف المسيحى والمرأة ص 144)]
                        إنّ المرأة -كلّ امرأة- متّهمة عند آباء الكنيسة، أنّها مغوية للرجال، حتّى وإن لم تُرد ذلك، وما الرجل إلاّ ضحيّة لهذا الطبع القاهر الذي تمكّن منها!
                        ونخلص من هذا أن المرأة المبتذلة هى شر بالفعل على نفسها وعلى الرجل والمجتمع، وليس لأنها امرأة. وبالعكس لو كانت صالحة فقد صلح المجتمع كله بصلاحها.
                        * * *
                        أما النقطة السادسة والتى تتعلق بوصل الشعر ولبس الباروكة
                        فقد سؤل الدكتور الشيخ القرضاوى عن حكم لبس "الشعر الصناعي" الذي تلبسه الكثيرات الآن ويُسمى "باروكة". هل يجوز هذا شرعًا فمن الناس من يزعم أنه ليس إلا غطاء للشعر الأصلي وإذا كان شعر المرأة عورة فهذا قد سترها
                        فقال: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
                        جاء الإسلام يحارب نزعة التقشف المتزمتة التي عرفت بها بعض الأديان ودعا إلى التزين والتجمل في توازن واعتدال، منكرا على الذين يحرمون زينة الله التي أخرج لعباده. لهذا جعل أخذ الزينة من مقدمات الصلاة: (خذوا زينتكم عند كل مسجد) سورة الأعراف:21. وإذا كان الإسلام شرع التجمل للرجال والنساء جميعًا فإنه قد راعى فطرة المرأة وأنوثتها فأباح لها من الزينة ما حرم على الرجل من لبس الحرير والتحلي بالذهب. ولكن الإسلام حرم بعض أشكال الزينة التي فيها خروج على الفطرة، وتغيير لخلق الله الذي هو من وسائل الشيطان في إغوائه للناس (ولآمرنهم فليغيرن خلق الله). وفي هذا صح عن النبي  لعن الواشمة والمستوشمة، والواشرة والمستوشرة، والنامصة والمتنمصة، والواصلة والمستوصلة، والأحاديث في ذلك صحيحة مشهورة لا مطعن فيها. والوشم معروف من قديم، وهو النقش -عن طريق الوخز- باللون الأزرق. والوشر هو تحديد الأسنان، وتقصيرها بالمبرد. والنمص هو إزالة شعر الحاجبين لترفيعهما أو تسويتهما أو نحو ذلك. والوصل. المراد به: وصل الشعر بشعر آخر طبيعي أو صناعي كالباروكة التي يسأل عنها السائل. وكل هذه الأمور محرمة ملعون من فعلها أو طلبها على لسان محمد . وبهذا نعلم حكم ما يسمى "الباروكة" وما شابهها، وادعاء أنها مجرد غطاء للرأس كذب وتضليل يخالف الواقع، فأغطية الرأس معلومة بالعقل والعرف، وإنما هذه زينة وحلية أكثر من الشعر الطبيعي نفسه، مع ما فيها من الغش والتزوير من ناحية، والإسراف والتبذير من ناحية ثانية، والتبرج والإغراء من ناحية ثالثة. وكل هذه مؤكدات للتحريم.
                        روى سعيد بن المسيب قال: قدم معاوية المدينة آخر قدمة قدمها، فخطبنا فأخرج كبة من شعر (أي قصة - كما في رواية أخرى) قال: ما كنت أرى أحدًا يفعل هذا غير اليهود ... إن النبي  سماه "الزور" يعني الواصلة في الشعر. وفي رواية أنه قال لأهل المدينة: "أين علماؤكم؟ سمعت رسول الله  ينهي عن مثل هذه" ويقول: "إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم". رواه البخاري.
                        وهذا الحديث نبهنا على أمرين:
                        الأول: أن اليهود هم مصدر هذه الرذيلة وأساسها من قبل، كما كانوا مروجيها من بعد. فتش عن اليهود وراء كل فساد.
                        الثاني: أن النبي  سمى هذا العمل "زورًا" ليشير إلى حكمة تحريمه فهو ضرب من الغش والتزييف والتمويه، والإسلام يكره الغش، ويبرأ من الغاش في كل معاملة مادية أو معنوية. "من غش فليس منا" مع ما ذكرنا من الحكم الأخرى.
                        إن لبس هذه الباروكة حرام، ولو كان في البيت، لأن الواصلة ملعونة أبدًا، فإذا كان في الخارج وليس على رأسها غطاء فهو أشد حرمة لما فيه من المخالفة الصريحة لقوله تعالى: (وليضربن بخمرهن على جيوبهن)، ولا يزعم أحد أن "الباروكة" خمار. وإذا كان هذا حرامًا على المرأة فهو على الرجل أشد حرمة من باب أولى.
                        ويرى فضيلة الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر أن الأمر فيه خلاف ويرى بعض الفقهاء أنه يجوز للمرأة أن تلبس الباروكة إذا كانت من شعر صناعي طاهر لزوجها فقط وهذا بعد علمه وإذنه حتى لا يكون هناك غش أو تدليس على الزوج، أما الخروج بهذه الباروكة دون أن تغطيها المرأة ليراها الأجانب عنها فهذا لاخلاف في حرمته وإليك نص فتواه:
                        الشعر المُستعار "الباروكة" ورد فيه أن امرأة قالت للنبي : إن لي ابنة عُرَيِّسًا ـ تصغير عروس ـ أصابتها حصبة فتمزَّق شعرُها، أفأصِلُه؟ فقال: "لعنَ الله الواصلة والمُستوصِلة" رواه ومسلم. وبعد كلام العلماء في شرح هذا الحديث وما يماثله نرى أن التحريم مبنى على الغِش والتدليس، وهو ما يُفهم من السبب الذي لُعنتْ به الواصلة والمُستوصِلة، ومبنيٌّ أيضا على الفتنة والإغراء لجذب انتباه الرجال الأجانب. وهو ما أشارت إليه بعض الأحاديث بأنه كان سببًا في هلاك بني إسرائيل حين اتّخذه نساؤهم. وكن يَغْشَيْنَ بزينتِهِنَّ المجتمعاتِ العامّة والمعابد كما رواه الطبراني.
                        هذا، وجاء في كتب الفقهاء: أنَّ لبس الشعر المستعار حرام مطلقًا عند مالك، وحرام عند الشافعيّة إن كان من شعر الآدمي، أو شعر حيوان نجِس، أما الطاهر كشعر الغنم وكالخيوط الصناعيّة فهو جائز إذا كان بإذن الزوج، وأجاز بعضهم لبس الشعر الطبيعي بشرطين: عدم التدليس وعدم الإغراء، وذلك إذا كان بعلم الزوج وإذنه، وعدم استعماله لغيره هو. والله أعلم
                        فهل غش المرأة وتدليسها على الرجل حلال فى المسيحية؟
                        هل تزين المرأة وخروجها متبرجة أحله الرب فى المسيحية؟
                        لا. اقرأ قول الرب فى العهد القديم عن النقاب:
                        ففى العهد القديم فرض الرب على النساء النقاب، ويسمونه البرقع، كما كان اسمه فى مصر فى أوائل القرن العشرين وما قبله. فقد كانت رفقة ترتدى النقاب قبل أن تتزوج إسحاق: (63وَخَرَجَ إِسْحَاقُ لِيَتَأَمَّلَ فِي الْحَقْلِ عِنْدَ إِقْبَالِ الْمَسَاءِ فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا جِمَالٌ مُقْبِلَةٌ. 64وَرَفَعَتْ رِفْقَةُ عَيْنَيْهَا فَرَأَتْ إِسْحَاقَ فَنَزَلَتْ عَنِ الْجَمَلِ. 65وَقَالَتْ لِلْعَبْدِ: «مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الْمَاشِي فِي الْحَقْلِ لِلِقَائِنَا؟» فَقَالَ الْعَبْدُ: «هُوَ سَيِّدِي». فَأَخَذَتِ الْبُرْقُعَ وَتَغَطَّتْ.) تكوين 24: 63-65
                        وها هى زوجة ابن نبى الله يهوذا ترتدى زى الحداد،وعندما خلعته لبست النقاب (البرقع) مرة أخرى: (14فَخَلَعَتْ عَنْهَا ثِيَابَ تَرَمُّلِهَا وَتَغَطَّتْ بِبُرْقُعٍ وَتَلَفَّفَتْ .. ..) تكوين 38: 14
                        وها هو الرب ينتقم من بنات صهيون لتبرجهن: (16وَقَالَ الرَّبُّ: «مِنْ أَجْلِ أَنَّ بَنَاتِ صِهْيَوْنَ يَتَشَامَخْنَ وَيَمْشِينَ مَمْدُودَاتِ الأَعْنَاقِ وَغَامِزَاتٍ بِعُيُونِهِنَّ وَخَاطِرَاتٍ فِي مَشْيِهِنَّ وَيُخَشْخِشْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ 17يُصْلِعُ السَّيِّدُ هَامَةَ بَنَاتِ صِهْيَوْنَ وَيُعَرِّي الرَّبُّ عَوْرَتَهُنَّ. 18يَنْزِعُ السَّيِّدُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ زِينَةَ الْخَلاَخِيلِ وَالضَّفَائِرِ وَالأَهِلَّةِ 19وَالْحَلَقِ وَالأَسَاوِرِ وَالْبَرَاقِعِ 20وَالْعَصَائِبِ وَالسَّلاَسِلِ وَالْمَنَاطِقِ وَحَنَاجِرِ الشَّمَّامَاتِ وَالأَحْرَازِ 21وَالْخَوَاتِمِ وَخَزَائِمِ الأَنْفِ 22وَالثِّيَابِ الْمُزَخْرَفَةِ وَالْعُطْفِ وَالأَرْدِيَةِ وَالأَكْيَاسِ 23وَالْمَرَائِي وَالْقُمْصَانِ وَالْعَمَائِمِ وَالأُزُرِ. 24فَيَكُونُ عِوَضَ الطِّيبِ عُفُونَةٌ وَعِوَضَ الْمِنْطَقَةِ حَبْلٌ وَعِوَضَ الْجَدَائِلِ قَرْعَةٌ وَعِوَضَ الدِّيبَاجِ زُنَّارُ مِسْحٍ وَعِوَضَ الْجَمَالِ كَيٌّ! 25رِجَالُكِ يَسْقُطُونَ بِالسَّيْفِ وَأَبْطَالُكِ فِي الْحَرْبِ. 26فَتَئِنُّ وَتَنُوحُ أَبْوَابُهَا وَهِيَ فَارِغَةً تَجْلِسُ عَلَى الأَرْضِ.) أشعياء 3: 16-25
                        وأقر النهى عن التبرج فى كتابك: (1كَذَلِكُنَّ أَيَّتُهَا النِّسَاءُ كُنَّ خَاضِعَاتٍ لِرِجَالِكُنَّ، حَتَّى وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ لاَ يُطِيعُونَ الْكَلِمَةَ، يُرْبَحُونَ بِسِيرَةِ النِّسَاءِ بِدُونِ كَلِمَةٍ، ... ... 3وَلاَ تَكُنْ زِينَتُكُنَّ الزِّينَةَ الْخَارِجِيَّةَ مِنْ ضَفْرِ الشَّعْرِ وَالتَّحَلِّي بِالذَّهَبِ وَلِبْسِ الثِّيَابِ، ... ... 5 فَإِنَّهُ هَكَذَا كَانَتْ قَدِيمًا النِّسَاءُ الْقِدِّيسَاتُ أَيْضًا الْمُتَوَكِّلاَتُ عَلَى اللهِ، يُزَيِّنَّ أَنْفُسَهُنَّ خَاضِعَاتٍ لِرِجَالِهِنَّ، 6 كَمَا كَانَتْ سَارَةُ تُطِيعُ إِبْرَاهِيمَ دَاعِيَةً إِيَّاهُ «سَيِّدَهَا».) بطرس الأولى 3: 1-6
                        وأقر أمر بولس بغطاء الرأس، وعقوبة المرأة المتبرجة هى حلاقة شعرها: (4كُلُّ رَجُلٍ يُصَلِّي أَوْ يَتَنَبَّأُ وَلَهُ عَلَى رَأْسِهِ شَيْءٌ يَشِينُ رَأْسَهُ. 5وَأَمَّا كُلُّ امْرَأَةٍ تُصَلِّي أَوْ تَتَنَبَّأُ وَرَأْسُهَا غَيْرُ مُغَطّىً فَتَشِينُ رَأْسَهَا لأَنَّهَا وَالْمَحْلُوقَةَ شَيْءٌ وَاحِدٌ بِعَيْنِهِ. 6إِذِ الْمَرْأَةُ إِنْ كَانَتْ لاَ تَتَغَطَّى فَلْيُقَصَّ شَعَرُهَا. وَإِنْ كَانَ قَبِيحًا بِالْمَرْأَةِ أَنْ تُقَصَّ أَوْ تُحْلَقَ فَلْتَتَغَطَّ. 7فَإِنَّ الرَّجُلَ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُغَطِّيَ رَأْسَهُ لِكَوْنِهِ صُورَةَ اللهِ وَمَجْدَهُ. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَهِيَ مَجْدُ الرَّجُلِ. 8لأَنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ مِنَ الْمَرْأَةِ بَلِ الْمَرْأَةُ مِنَ الرَّجُلِ. 9وَلأَنَّ الرَّجُلَ لَمْ يُخْلَقْ مِنْ أَجْلِ الْمَرْأَةِ بَلِ الْمَرْأَةُ مِنْ أَجْلِ الرَّجُلِ. ... ... 13احْكُمُوا فِي أَنْفُسِكُمْ: هَلْ يَلِيقُ بِالْمَرْأَةِ أَنْ تُصَلِّيَ إِلَى اللهِ وَهِيَ غَيْرُ مُغَطَّاةٍ؟) كورنثوس الأولى 11: 4-9
                        ويأمرهن بعدم التزين فى الشارع: (9وَكَذَلِكَ أَنَّ النِّسَاءَ يُزَيِّنَّ ذَوَاتِهِنَّ بِلِبَاسِ الْحِشْمَةِ مَعَ وَرَعٍ وَتَعَقُّلٍ، لاَ بِضَفَائِرَ أَوْ ذَهَبٍ أَوْ لَآلِئَ أَوْ مَلاَبِسَ كَثِيرَةِ الثَّمَنِ، 10بَلْ كَمَا يَلِيقُ بِنِسَاءٍ مُتَعَاهِدَاتٍ بِتَقْوَى اللهِ بِأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ.) تيموثاوس الأولى 2: 9-10
                        وتفرض الديسقولية (تعاليم الرسل) وهو المصدر الثانى للتشريع عند المسيحيين بعد الأناجيل ص27 النقاب على المسيحيات قائلة: (لا تتشبهن بهؤلاء النساء أيتها المسيحيات إذا أردتن ان تكن مؤمنات. اهتمي بزوجك لترضيه وحده. وإذا مشيت في الطريق فغطي رأسك بردائك فإنك إذا تغطيت بعفة تُصانين عن نظر الأشرار. لا تزوقى وجهك الذى خلقه الله، فليس فيه شىء ينقصه زينة، لأن كل ما خلقه الله فهو حسن جدًا، ولا يحتاج إلى زينة. وما يزيد على الحسن فإنه بغير نعمة الخالق.)
                        وتقول أيضًا فى ص27: (يكون مشيك ووجهك ينظر إلى أسفل وأنت مطرقة مغطاة من كل ناحية .ابعد من كل حميم غير لائق يكون فى حمام مع ذكور. كثيرة هى أشراك الفسقة. لا تستحم امرأة مؤمنة مع ذكور. وإذا غطت وجهها فتغطيه بفزع من نظر رجال غرباء. وإلا فكيف تدخل إلى حمام وهى مكشوفة مع ذكور.)
                        وتقول أيضًا فى ص26 (إن أردت أن تكونى مؤمنة ومرضية لله فلا تتزينى لكى ترضى الله الآب. ولا تشتهى لبس المقانع والثياب الخفيفة التى لا تليق إلا بالزانيات ليتبعك الذين يصيدون من تكون هكذا. وإن كنت لا تفعلين هذه الأفعال القبيحة للخطية فإنك بتزينك وحده تُدانين، لأنك بذلك تضطرين من يراك أن يتبعك ويشتهيك. فلماذا لا تتحفظين حتى لا تقعى فى الخطية ولا تدعى أحدًا يقع فى عثرة لأجلك. إذا أخطأت باعتمادك هذا الفعل فإنك تسقطين, لأنك تكونين سببًا فى هلاك نفس ذلك الرجل. ثم إذا أخطأت على واحد بنفس هذا الفعل دفعة واحدة فهو يكون سببًا فى أنك تخطئين على كثيرين، وأنت فى قلة الرجاء)
                        فمَن مِن النساء تعارض ذلك؟ مَن من النساء تريد أن تتبذَّل فى لبسها، ولا يُفرِّق المرء بينها وبين العاهرة، التى تعرض نفسها لمن يدفع ثمن ما تُقدمه؟
                        مَن مِن النساء تريد أن تغضب الله، وتُخالف شريعته؟ وما غرضها من ذلك؟ فلتصارح المرأة والفتاة نفسها: لماذا تريد أن تُظهر عوراتها لغير زوجها إن كانت متزوجة؟ هل تريد رجلًا آخر على رجلها وتخشى المجتمع والناس؟ أتخشى الناس أكثر من الله؟
                        هل تدعو المسيحية إلى أن تتبذَّل المرأة لديها؟ لا أعتقد ذلك. فلماذا تضن على المسلمة أن تتمسك بزيها؟ ألا تعلم أن تمسك المرأة المسلمة بزيها وأخلاقها كان نعمة على المرأة المسيحية التى تعيش وسط المسلمين والمسلمات؟ فإن لم تصدق، فانظر إلى حياة المسيحية الأوروبية والأمريكية! وانظر إلى حياة المسيحية العربية التى تعيش فى أوروبا!
                        * * * * *
                        الرسول  والجنس:
                        يواصل الكاتب انتقاده غير الموضوعى للأسلام فيقول:
                        2- الجنس والزواج
                        • قوة محمد الجنسية تضارع قوة ثلاثين رجلا
                        "كان النبي يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار وهن إحدى عشرة. قال: قلت لأنس أو كان يطيقه؟ (يقدر عليه) قال: كنا نتحدث أنه أعطى قوة ثلاثين". جـ 268:1
                        • الله يسارع إلى تلبية شهوات محمد الجنسية
                        عندما نزلت الآية القرآنية التي تسمح لمحمد أن يؤجل دور إحدى زوجاته، وعندما قال محمد إن الله قد سمح له أن يتزوج زوجة ابنه بالتبني، قالت زوجته عائشة: "يا رسول الله، ما أرى ربك إلا يسارع في هواك". جـ 48:7
                        • إذا طلق رجل إمرأته بالثلاث فلا يحل له أن يرجع لها إلا إذا تزوجت المرأة وطلقت من رجل آخر(بما فيه الممارسة الجنسية مع هذا الرجل).
                        "إمرأة رفاعة القرظي جاءت الى رسول الله... فقالت: يا رسول الله إن رفاعة طلقني فبت طلاقي، وإني نكحت بعده عبد الرحمن بن الزبير القرظي، وإنما معه مثل الهدبة (عاجز جنسيأ) قال رسول الله... لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى يذوق عسيلتك وتذوقي عسيلته" (يحدث إتصال جنسي بينها وبين عبد الرحمن بن الزبير العاجز جنسيًا)‍ جـ 186:7
                        ونرد على نقطة قوة الرسول  الجنسية قائلين:
                        روى البخارى عن أنس بن مالك  قال: (كان النبى  يدور على نسائه، فى الساعة الوحدة من الليل والنهار، وهن إحدى عشرة قال قتادة: قلت لأنس: أو كان يطيقه؟ قال: كنا نتحدث أنه أعطى قوة ثلاثين).
                        وفى رواية عن ابن عمر مرفوعًا، قال الرسول : (أعطيت قوة أربعين فى البطش والجماع) أخرجه الطبرانى فى الأوسط 1/178 رقم 567
                        وله شاهد صحيح عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله : (فضلت على الناس بأربع: بالسخاء، والشجاعة، وكثرة الجماع، وشدة البطش). أخرجه الطبرانى فى الأوسط 7/49 رقم 6816
                        يجب الأخذ فى الاعتبار أن النبى  مات عن تسع زوجات، كان يجمع بينهن، وماتت زوجتان فى حياته: السيدة خديجة، قبل الهجرة بثلاثة أعوام، وزينب بنت خزيم، التى ماتت بعد شهرين من زواج النبى بها. فربما أضاف راوى الحديث ماريا المصرية وريحانة، وأطلق عليهن لفظ (نسائه) تغليبًا.
                        لا يشك عاقل أن القوة الجنسية لا تعيب أى رجل، بل تُضاف إلى رجولته، فهى من كمال الرجولة، ودليل على كمال البنية وصحة الذكورية، أضف إلى ذلك عفة النبى  وعفافه على الرغم من هذه القوة الجنسية التى كان يتمتع بها، وأنه كان دائم الصوم والصلاة والعمل ليكسر حدة كثرة الجماع. فإن عُرف عنه ذلك، وأُضيف إليه هذه العفة، وحُسن الخُلُق، مع كل أعبائه فى إدارة الدولة والقضاء والجيوش لقلنا إن أخلاقه لتفوق أمة من الأتقياء الصالحين، وصدق من قال فى حقه: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) القلم 4، ولقلنا إنه نموذج من الرجال يجب أن يوضع فى مصاف العظماء، بل يجب أن يتصدر قائمتهم.
                        كما أنها دليل على أن الفطرة السليمة فى أن يتزوج الرجل ويستمتع بنسائه، ويُمتعهن، ومن يُخالف ذلك فهو شاذ فى عقله، يريد أن يعاند الطبيعة. وقد رأينا فضائح الرهبان والقساوسة والكاردينالات بل والباباوات غير المتزوجين، ويعج النت والتاريخ بفضائحهم. وعلى هذا يجب أن تحمد فيه هذه القوة مع هذا الخُلُق.
                        لا يوجد فى الشرع ما يُذم من يُجامع زوجته ويسعدها، ويسعد معها. أليس هذا دليل على علو همة النبى  النفسية وإيمانه العالى الذى يهيىء له ذلك؟
                        الجماع ومعاشرة النساء مما أباحه الله تعالى وشرعه، وقد حثّ الشرع على الزواج حتى أباح التعدد إلى أربع، وخصّ نبينا  بالزيادة على ذلك، وأخبر الله تعالى أن هذه السنة هي سنة الأنبياء والرسل من قبلنا: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً) الرعد 38. فلو اهتمّ  بما هو مباحٌ له ومشروعٌ له، فلا نكارة فيه.
                        من البديهى أن مراد الله تعالى إلى عباده يأتى البشر عن طريق كتابه المنزل على رسوله ، وهذا مصداقًا لقول الله تعالى: (... وَأَنْـزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُـزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) النحل 44، وقد أمر الله تعالى كل البشر الإحسان إلى الزوجة ومعاشرتها بالمعروف، ولا أدل على هذا الحديث من امتثال الرسول  لقول الله تعالى المنزل عليه: (..وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) النساء 19
                        وقول الله تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) هو قول جامع، يعنى التحلى بمكارم الأخلاق فى معاملة الزوجات من صبر على ما قد يبدر منهن، أو تقصير فى أداء واجباتهن، ومن حلم عن إيذائهن فى القول أو الفعل، وعفو وصفح عن ذلك، ومن كرم فى القول والبذل، ولين فى الجانب، ورحمة فى المعاملة، إلى غير ذلك مما تعنيه المكارم الأخلاقية التعاملية الأسرية.
                        إن هذا الحديث وغيره عن حيات الرسول  الشخصية والعامة ليدل دلالة لا لبث فيها على عصمته، وعظمة شخصيته، ومحاسن أخلاقه الباطنة مع أهل بيته، وهذا ما دل عليه حديثنا، حيث فيه البيان العملى منه ، لما حث عليه قولًا. لقد قال رسول الله : (إن من أكمل المؤمنين إيمانًا، أحسنهم خلقًا، وألطفهم بأهله) أخرجه الترمذى فى السنن الكبرى برقم 2612
                        وقال: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلى) أخرجه الترمذى فى المناقب برقم 3895
                        وشهدت له زوجته السيدة عائشة رضى الله عنها بحسن الخلق فقالت: (كان خلقه القرآن) صحيح مسلم
                        وشهدت له زوجته السيدة صفية بنت حيى بن أخطب رضى الله عنها بحسن الخلق فقالت: (ما رأيت أحسن خلقًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم) رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن
                        وقال خادمه أنس  (كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقًا) رواه الشيخان وأبو داود والترمذي.
                        وكان من كريم أخلاقه  في تعامله مع أهله وزوجه أنه كان يُحسن إليهم ويرأف بهم ويتلطّف إليهم ويتودّد إليهم ، فكان يمازح أهله ويلاطفهم ويداعبهم ، وكان من شأنه  أن يرقّق اسم عائشة ـ رضي الله عنها ـ كأن يقول لها: (يا عائش)، ويقول لها: (يا حميراء)، أى التى يميل لونها إلى الإحمرار، ويُكرمها بأن يناديها باسم أبيها بأن يقول لها: (يا ابنة الصديق) وما ذلك إلا توددًا وتقربًا وتلطفًا إليها واحترامًا وتقديرًا لأهلها.
                        كان يعين أهله ويساعدهم في أمورهم ويكون في حاجتهم، وكانت عائشة تغتسل معه  من إناءٍ واحد، فيقول لها: (دعي لي) ، وتقول له: دع لي. رواه مسلم
                        وكان يُسَرِّبُ إلى عائشة بناتِ الأنصار يلعبن معها‏.‏ وكان إذا هويت شيئًا لا محذورَ فيه تابعها عليه، وكانت إذا شربت من الإِناء أخذه، فوضع فمه في موضع فمها وشرب، وكان إذا تعرقت عَرقًا - وهو العَظْمُ الذي عليه لحم - أخذه فوضع فمه موضع فمها، وكان يتكئ في حَجْرِها، ويقرأ القرآن ورأسه في حَجرِها، وربما كانت حائضًا، وكان يأمرها وهي حائض فَتَتَّزِرُ ثم يُباشرها، وكان يقبلها وهو صائم، وكان من لطفه وحسن خُلُقه مع أهله أنه يمكِّنها من اللعب.
                        (عن الأسود قال: سألت عائشة ما كان النبي  يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة يتوضأ ويخرج إلى الصلاة) مسلم والترمذى
                        وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان يخيط ثوبه ويخصف نعله ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم) رواه أحمد.
                        عن عائشة رضي الله عنها قالت "خرجت مع رسول الله  في بعض أسفاره، وأنا جارية لم أحمل اللحم ولم أبدن، فقال للناس : اقدموا فتقدموا، ثم قال لي : تعالي حتى أسابقك فسبقته، فسكت عني حتى إذا حملت اللحم وبدنت خرجت معه في بعض أسفاره، فقال للناس: تقدموا فتقدموا، ثم قال لي: تعالي أسابقك فسبقني، فجعل يضحك وهو يقول هذا بتلك" رواه أحمد.
                        (وقد روي أنه  وضع ركبته لتضع عليها زوجه صفية رضي الله عنها رجلها حتى تركب على بعيرها) رواه البخاري.
                        ومن دلائل شدة احترامه وحبه لزوجته خديجة رضي الله عنها، إن كان ليذبح الشاة ثم يهديها إلى خلائلها (صديقاتها)، وذلك بعد مماتها وقد أقرت عائشة رضي الله عنها بأنها كانت تغير من هذا المسلك منه - رواه البخاري.
                        إن رسول الله  معصوم فى سلوكه وهديه؛ وما ينقل عنه من حياته الخاصة دين، وللأمة فيه القدوة والأسوة الحسنة، وقد حث الرسول  على نقل هذه السيرة فى حياته وبإذنه، بدليل ما روى أن رجلًا سأل رسول الله ، عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل، هل عليهما الغسل؟ وعائشة جالسة، فقال : (إنى لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل). أخرجه مسلم بشرح النووى برقم 350
                        ولذا قال العلماء إن من حكم كثرة أزواجه  نقل الأحكام الشرعية التى لا يطلع عليها الرجال، لأن أكثر ما يقع مع الزوجة مما شأنه أن يختفى مثله. وكذلك الاطلاع على محاسن أخلاق رسول الله  الباطنة، فقد تزوج  أم حبيبة بنت أبى سفيان، وأبوها إذ ذاك يعاديه، وصفية بنت حى بن أخطب، بعد قتل أبيها وعمها وزوجها. فلو لم يكن  أكمل الخلق فى خلقه لنفرن منه! بل الذى وقع أنه كان أحب إليهن من جميع أهلهن.
                        وكذلك من حكم كثرة أزواجه وغيرها، تأكيد عصمته  ونبوته فى سلوكه وهديه مع أزواجه الأطهار. لأنه إذا كان ما يقع مع الزوجة، مما شأنه أن يختفى مثله عن الناس، لما فيه من نقص فى قول أو عمل، فهذا بخلاف سيدنا رسول الله  لعصمة الله عز وجل له، فقوله وعمله مع أهل بيته كله كمال، ومما تقتضى به الأمة.
                        ولا تعارض بين معاشرة النساء وبين الاهتمام بأمور الدين والآخرة، ولذلك شرع الإسلام الزواج مع حثّه على الاهتمام بالدين، والانشغال بالعمل للآخرة، بل عدّ الشرعُ التبتّل والانقطاع عن الزواج بحجة الاهتمام بالآخرة من مخالفة السنة الشرعية والدينية، وذمّ أصحاب هذه الدعوى كما هو معلوم. فإذا كان الجمع بين الأمرين ممكنًا لمطلق الصالحين؛ فكيف بإمام المتقين وسيد المرسلين ؟!
                        وإنما يتوهّم التعارض وعدم إمكان الجمع بين الأمرين من يقيس إيمان ويقين رسول الله  بإيمانه ويقينه.
                        والساعة هنا فى الحديث (كان النبيُّ يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ في السَّاعَة الوَاحِدَة ِمِنَ اللَّيْلَ والنَّهَارِ) هي المقدار من الزمان على عرفهم، وليس المقصود بها ما تعارف عليه الناس اليوم من مقدارها. غير أن تعبير الصحابي بكون ذلك ساعةً واحدةً من مقدار زمان الليل والنهار، يدلّ على قلّتها عند إضافتها إلى زمن الليل والنهار، الأمر الذى يشير إلى قوة بدنية وجنسية كبيرة، تُضاف إلى رجولته وفحولته .
                        أما قول الصحابى الراوى (ِمِنَ اللَّيْلَ والنَّهَارِ) يعنى حدوث هذا الأمر فى الساعة الواحدة من الليل أو النهار، حيث تشير الواو هنا إلى معنى "أو" كما لا يخفى ورود ذلك في اللغة. الأمر الذى ييسر فهم الحديث وتخيل يوم الرسول  من صلاة بالناس، واجتماعه بهم، والحكم بين الناس، والصلاة فى جوف الليل، وفى النهار يدير الحروب والأزمات إن وجد، لأن ذلك لا يتم كل يوم. ولم يقل الحديث أنه كان كل يوم أو كل ليلة يفعل ذلك، وقد يكون قد حدث مرة أو مرات قليلة.
                        كما أن هذا الانشغال من جملة الحقوق التي تدخل تحت عموم الطاعات التي يتقرّب بها إلى ربه تعالى؛ خصوصًا مع كثرة نسائه، وطول فترة الدور عليهن؛ فلا تعارض.
                        وقد ورد في السنة ما يبيّن أن الطواف اليومي على النساء إنما كان دنوًّا ومعرفةً للحال وتأنيسًا لهن دون مسيس أو جماع، كما قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فيما رواه عنها أبو داوود في سننه: (كان رسول الله لا يفضل بعضنا على بعض في القسم من مكثه عندنا، وكان كل يوم يأتي إلا وهو يطوف علينا جميعًا فيدنو من كل امرأة من غير مسيس حتى يبلغ التي هو يومها فيبيت عندها)، وعائشة زوجته من أخبر الناس بأحواله مع نسائه، وبالتالي فلا يكون حديث أنس في طواف الجماع إلا على جهة الندرة لا الاستمرار. وبهذا يندفع الإشكال من أصله.
                        كما أنك تؤمن أيها الكاتب أن أنبياء العهد القديم كان لهم العديد من الزوجات، حتى وصل سليمان إلى أنه كان لديه ألف من النساء: (... فَالْتَصَقَ سُلَيْمَانُ بِهَؤُلاَءِ بِالْمَحَبَّةِ. 3وَكَانَتْ لَهُ سَبْعُ مِئَةٍ مِنَ النِّسَاءِ السَّيِّدَاتِ، وَثَلاَثُ مِئَةٍ مِنَ السَّرَارِيِّ. فَأَمَالَتْ نِسَاؤُهُ قَلْبَهُ.) ملوك الأول 11: 3-4، فلو أخذنا بنفس تفكيركم، فكيف ومتى كان يُجامع سليمان هذه الزوجات؟ وهل لم تكن عنده هذه القدرة الجنسية وجمع بين هذا العدد الكبير منهن؟ فلو حدث ذلك لظلمهن جميعًا، ولما تمتعن التمتع الجنسى المرتقب من رجل عنده هذا العدد المبالغ فيه من النساء؟
                        ثم هل تريد أن يكون المسلم - كما قال متى وتفرد به - إن من أهل الصفوة والملكوت من يقبل أن يُخصى نفسه: (10قَالَ لَهُ تَلاَمِيذُهُ: «إِنْ كَانَ هَكَذَا أَمْرُ الرَّجُلِ مَعَ الْمَرْأَةِ فَلاَ يُوافِقُ أَنْ يَتَزَوَّجَ!» 11فَقَالَ لَهُمْ: «لَيْسَ الْجَمِيعُ يَقْبَلُونَ هَذَا الْكَلاَمَ بَلِ الَّذِينَ أُعْطِيَ لَهُم 12لأَنَّهُ يُوجَدُ خِصْيَانٌ وُلِدُوا هَكَذَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَاهُمُ النَّاسُ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ».) متى 19: 11-12
                        فأين حق النساء فى الزواج وهدوء النفس والمتعة الحلال، إذا تتبع كل إنسان هذه التعليمات؟ أليس هذا الأمر فيه مهانة للمرأة؟ أليس هذا من شأنه انتشار السحاق (الشذوذ الجنسى بين النساء)؟
                        أين حق البنات فى الزواج من رجال حقيقيين، يمكنه إمتاع زوجته والتمتع بها؟
                        أين الإمتثال لقول الرب بالزواج والتناسل؟ (28وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ ....».) التكوين 1: 28، فهل خالف يسوع قوله إنه لم يأت لينقض أو يلغى نقطة واحدة من الناموس أو الأنبياء، وعلى الرغم من ذلك خالف أقواله؟ (متى 5: 17-19)
                        هل أراد كاتب هذا النص أن يخرج كل المسيحيين من ملكوت الرب ويسلمهم لغضبه؟ هل أراد أن يخرج كل المسيحيين من جماعة الرب؟ حيث («لا يَدْخُل مَخْصِيٌّ بِالرَّضِّ أَوْ مَجْبُوبٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. 2لا يَدْخُلِ ابْنُ زِنىً فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. حَتَّى الجِيلِ العَاشِرِ لا يَدْخُل مِنْهُ أَحَدٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. 3لا يَدْخُل عَمُّونِيٌّ وَلا مُوآبِيٌّ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. حَتَّى الجِيلِ العَاشِرِ لا يَدْخُل مِنْهُمْ أَحَدٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ إِلى الأَبَدِ) التثنية 23: 1-3
                        ألم تلاحظ من قبل أن بولس أخرجهم من جماعة الرب وعهده مع إبراهيم ونسله بعدم الختان؟ فهل هذه مؤامرة للقضاء على تعاليم يسوع الحقة، واستبدالها بتعاليم تغضب الرب؟
                        هل أراد كاتب هذا النص أن تحل اللعنة من اليهود على يسوع، ويشوه تعاليمه بإضافة نص إخصاء النفس إليه؟
                        هل امتثل يسوع نفسه لهذا الكلام المنسوب إليه وقام بإخصاء نفسه، وخرج من جماعة الرب إلى الأبد؟
                        لا يوجد سبب لتحقير اليهود والمسيحيين اللقاء الجنسى بين الرجل وزوجته إلا بسبب احتقارهم للمرأة واعتبارها أم النجاسة وأس الخطيئة وحليفة الشيطان! وهذا مازال نفس المعيار الذى يقيسون به دخول الرسول  على زوجاته، أو مجامعتهن.
                        وها هو بالإضافة إلى كل هذه الأعباء الزوجية والنبوية وقيادة الدولة، لم يترك الصلاة فى جوف الليل مطلقًا، وليس كما يدعى البعض أو يفكر أن زيارته لزوجاته أو جماعهن يشغله عن أداء رسالته: فعن عائشة رضى الله عنها، قالت: (ما صلى رسول الله  العشاء قط فدخل على، إلا صلى أربع ركعات، أو ست ركعات ثم يأوى إلى فراشه) فهذا تأكيد من زوجته عائشة، بأنه ، ما ترك قيام الليل، منذ دخل عليها. أخرجه أبو داود برقم 1303
                        وتحكى عائشة رضى الله عنها، أنها: (افتقدت رسول الله ، ذات ليلة تقول: فظننت أنه ذهب إلى بعض نسائه، فتحسست، ثم رجعت، فإذا هو راكع، أو ساجد، يقول: سبحانك وبحمدك، لا إله إلا أنت، تقول: فقلت: بأبى وأمى، إنك لفى شأن، وإنى لفى آخر) أخرجه النسائى فى سننه الكبرى برقم 8910، تعنى: أنها غارت حيث افتقدته، وظنت أنه ذهب إلى بعض نسائه، ولكن إذ بها تجده قائمًا بين يدى ربه عز وجل يناجيه.
                        وتوضح عائشة رضى الله عنها، كيف كان رسول الله ، يجمع بين حق الله تعالى فى قيام الليل، وبين حق أهل بيته وحقه، فتقول: (كان رسول الله ، ينام أول الليل، ويحيى آخره، ثم إن كانت له حاجة إلى أهله قضى حاجته ثم ينام، فإذا كان عند النداء الأول قالت: وثب (ولا والله: ما قالت قام)، فأفاض عليه الماء، (ولا والله: ما قالت: اغتسل). وأنا أعلم ما تريد، وإن لم يكن جنبًا توضأ وضوء الرجل للصلاة. ثم صلى الركعتين). أخرجه مسلم برقم 739
                        فتأمل: كيف جعل رسول الله ، الجماع تابعًا لقيام ليله، وبعد فراغه منه، ثم ينام، حتى إذا دخل وقت الفجر قام بسرعة، وبكل نشاط استعدادًا لصلاة الفجر، بإفضاء الماء على جسده تطهيرًا من الجنابة – إن كان جنبًا – وتأمل دقة التعبير قالت: "وثب" يقول الأسود بن يزيد راوى الحديث "لا والله: ما قالت قام… إلخ وإن لم يكن جنبًا، توضأ وضوء الرجل للصلاة، ثم صلى الركعتين أى سنة الصبح.
                        وبنفس شهادة عائشة رضى الله عنها، شهد ابن عباس رضى الله عنهما، عندما بات عند خالته أم المؤمنين ميمونة رضى الله عنها.
                        ففى الصحيحين عنه: أنه بات عند ميمونة أم المؤمنين رضى الله عنها – وهى خالته – قال: فاضطجعت على عرض الوسادة، واضطجع رسول الله وأهله فى طولها، فنام رسول الله ، حتى انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل، ثم استيقظ رسول الله ، فجلس، فمسح النوم عن وجهه بيده، ثم قرأ العشر الآيات خواتيم سورة آل عمران، ثم قام إلى شن [قرابة يبرَّد فيها الماء] معلقة، فتوضأ منها فأحسن وضوءه، ثم قام يصلى. قال ابن عباس رضى الله عنهما: (فقمت فصنعت مثل ما صنع، ثم ذهبت فقمت إلى جنبه، فوضع رسول الله ، يده اليمنى على رأسى، وأخذ بأذنى اليمنى يفتلها بيده، فصلى ركعتين ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم أوتر، ثم اضطجع حتى جاءه المؤذن، فقام فصلى ركعتين خفيفتين ثم خرج فصلى الصبح). أخرجه البخارى برقم 1198
                        وحتى عندما زار أم سليم، وأم حرام، وبات عندهما، لم يمنعه ذلك من قيام الليل على ما جاء فى رواية أنس بن مالك رضى الله عنه قال: (صلى رسول الله فى بيت أم سليم، وأم سليم، وأم حرام خلفنا، ولا أعلمه إلا قال: أقامنى عن يمينه)
                        وبعد : فهل قصر رسول الله ، مع طوافه على نسائه جميعًا فى ساعة واحدة من الليل أو النهار فى قيام الليل؟
                        * * *
                        والنقطة الثانية التى أثارها الكاتب المسيحى هى قول السيدة عائشة للرسول  (ما أرى ربك إلا يُسارع في هواك)
                        إن هوى الإنسان تعنى رغبته فى الشىء، وميله إليه. وقد يكون الهوى مذمومًا، لو كان هواه على غير ما شرّعه الله تعالى، وهو الذى يحركه ويتلاعب به. أما إن كان هواه على مراد الله تعالى، فهذا من باب الفطرة، ولا يلوم إنسان عاقل رجلا يريد أن يتزوج من امرأة ما داخل إطار الشرع أو يحب زوجاته.
                        ودليل ذلك قول الرسول : (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به)
                        صدقت يا رسول الله، لقد جاء هذا الحديث مصداقًا لقول الله تعالى: (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) التوبة 24
                        إن عائشة رضى الله عنها لم تقل باطلا حيث أثبتت للنبي هوى، يتحكم به النبى ، فإن رسول الله بشر يهوى أى يرغب الشيء أو يتمناه مثلما يرغب بقية البشر. فلا يعيبه وجود رغبة أو هوى فى النساء. ولكن يعيبه إذا كان متبعًا لهواه دون أمر الله ونهيه، يتمادى به هواه للوقوع في الزنا وسائر المحرمات. والدليل على ذلك أنه لم يتزوج السيدة زينب رضى الله عنها إلا بعد أن عاتبه الله تعالى فى ذلك.
                        ودليل أن كلمة الهوى يُراد بها أيضًا الرغبة فى النساء ما رواه البخاري عن عبد الرحمن بن عوف  قال: (لما قدمنا المدينة آخى رسول الله  بينى وبين سعد بن الربيع فقال: سعد بن الربيع إنى أكثر الأنصار مالا، فأقسم لك نصف مالى، وانظر أي زوجتي هويت نزلت لك عنها) البخاري 2048
                        فقوله (هويت) أي رغبت ومالت إليها نفسك. وعلى هذا يحمل قول عائشة (يسارع في هواك) أي يسارع إلى موافقتك فيما ترغب.
                        وهواية النساء تنقسم إلى هواية حلال، إذا كانت وفق الشرع، وهواية حرام وهي من جنس ما نسبه اليهود والمسيحيون لأنبيائهم زورًا وكفرًا. كقولهم إن داود كان يهوى زوجة جاره حتى زنا بها. وأن يهوذا زنا بكنته، وأن لوطا زنا بابنتيه فأنجبتا منه أولادًا. ولم يسلم منهم نبى إلا وسبوه أو ألصقوا به التهم افتراءً، حتى عيسى  نفسه لم يسلم منهم، فقد وصموه فى تلمودهم أنه ابن زنى، واتهموه فى كتابك المقدس جدًا أنه مات ميتة الملاعين: (13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ».) غلاطية 3: 13
                        قال ابن رجب في الجامع: ((وقد يطلق الهوى بمعنى المحبة والميل مطلقًا)) فيدخل فيه الميل إلى الحق وغيره، وربما استعمل بمعنى محبة الحق خاصة والانقياد له وقال القرطبي في المفهم (4/211): في قول عائشة: ((قول أبرزته الغيرة وإلا فإضافة الهوى إلى النبي مُباعدٌ لتعظيمه وتوقيره الذي أمرنا الله تعالى به فإن النبي منزه عن الهوى بقوله تعالى: ((وما ينطق عن الهوى)) وهو ممن نهى النفس عن الهوى – أهـ - فالهوى هنا استعمل بمعنى المحبة المحمودة ولكن الغالب على الهوى الذم.
                        فى الحقيقة إن قول أمنا عائشة رضى الله عنها لا يوجد به شبهة أو ما يُعترض عليها به. إنه لا يعدو قول زوجة تدللت على زوجها، وغارت عليه، من النساء اللاتى يهبن أنفسهن للنبى ، عندما رأت خولة بنت حكيم من اللائى وهبن أنفسهن للرسول ، وهى تنتقد حياء من تفعل هذا: فقد أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما أن عائشة رضي الله عنها قالت: (كنت أغار على اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله ، وأقول: وتهب المرأة نفسها! فلما أنزل الله عز وجل: (تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ) الأحزاب 51 قالت: قلت: والله ما أرى ربك إلا يسارع في هواك. واللفظ لمسلم. فالغيرة والدلال هما سبب قول عائشة رضي الله عنها بسبب زواجه  من زينب بنت جحش مطلقة زيد خادمه. ومعنى قول عائشة ذلك: أن الله يخفف عنك ويوسع عليك في الأمور، ولهذا خيَّره؛ ويسارع في هواه أي رضاه، كما قال ابن حجر.
                        وهذا الحديث دليل على عفة رسول الله  وعدم شهوانيته، لأن الله أباح له أي امرأة تهب نفسها له، وجاءه كثير من النساء وعرضن أنفسهن عليه وردهن، فقد أخرج الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لم يكن عند رسول الله  امرأة وهبت نفسها له. قال ابن حجر في الفتح: وإسناده حسن، والمراد أنه لم يدخل بواحدة ممن وهبت نفسها له، وإن كان مباحًا له، لأنه راجع إلى إرادته لقوله تعالى (إن أراد النبي أن يستنكحها). انتهى.
                        وإن أثبت هذا رغبة النبى فى النساء، فهو مما يُضاف له، ويثبت أنه رجل سليم الفطرة والنفس والبدن: فمن لا يشتهى النساء هو رجل ناقص الذكورة، وهذا عيب، يحق للقاضى بمقتضاه أن يفرق بين الزوجين بسببه.
                        وهذا يذكرنا بما تقوله الزوجة الغيورة لزوجها: (جات لك على الطبطاب)، جاءت كما رغبت أو كما تمنيت، أو لقد استجاب الله لأمنيتك التى لم تطلبها منه.
                        ومعنى أن الله يسارع فى هواه، أى يُحقق له ما يتمنى، ويسارع فى رضاه. فهل هذا يُضاف إلى ما يُثبت نبوته ويزيدنا ثقة فيه أم لا؟ ألا يُضاف هذا إلى حب الله تعالى له؟ يقول الله تعالى فى حديثه القدسى: (من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، ومازال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه). رواه البخارى
                        وللسيدة عائشة مواقف أخرى مع الرسول  بسبب حبها له وغيرتها عليه، ومن هذه المواقف نتعلم صبر الرجل على زوجته، وحلمه معها بسبب هذه الغيرة. فهو لم ينزل على رغبة زوجته، وأطاع الله تعالى فى شرعه، وكان حليمًا بهن. رواها ابن سعد أيضا في "الطبقات" (8م145) قال: أخبرنا هشام بن محمد بن السائب، عن أبيه، عن أبي صالح، عن بن عباس قال: (تزوج رسول الله  أسماء بنت النعمان، وكانت من أجمل أهل زمانها وأشبهم، قال فلما جعل رسول الله يتزوج الغرائب قالت عائشة: قد وضع يده في الغرائب يوشكن أن يصرفن وجهه عنا. وكان خطبها حين وفدت كندة عليه إلى أبيها، فلما رآها نساء النبي  حسدنها، فقلن لها: إن أردت أن تحظي عنده فتعوذي بالله منه إذا دخل عليك. فلما دخل وألقى الستر مد يده إليها، فقالت: أعوذ بالله منك. فقال: أمن عائذ الله! الحقي بأهلك). وعندما علم أن عائشة كانت وراء هذا الموقف، ضحك وقال إن كيدهن عظيم.
                        * * *
                        المحلِّل والمحلَّل له:
                        أما النقطة الثالثة التى أثارها الكاتب المسيحى فهى قوله: (إذا طلق رجل إمرأته بالثلاث فلا يحل له أن يرجع لها إلا إذا تزوجت المرأة وطلقت من رجل آخر (بما فيه الممارسة الجنسية مع هذا الرجل).).
                        وكأنه يريد أن يقول إن الإسلام يسمح لمطلق زوجته ثلاث مرات أن يعقد عليها رجل آخر، ويجامعها مرة أو مرات، ثم يطلقها فيتزوجها الزوج الأول مرة أخرى! بانيًا فكره هذا على ما يشاهده من بعض أفلام التليفزيون المصرى.
                        قال الله تعالى: (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) البقرة 230
                        أي حتى تتزوج زوجًا غيره زيجة رغبة، نكاحًا (زواجًا) معتادًا، يراد للدوام والاستمرار، لا نكاحًا صوريًا ليس فيه من النكاح إلا صورته، فأما معناه وحقيقته من سكون كل منهما إلى الآخر، ومن التواد والتراحم والتحاب فليس منها في قليل ولا كثير.
                        لقد أباح الإسلام الطلاق، وإذا طلق الرجل زوجته ثلاث طلقات، حرمت عليه، ثم إذا تزوجت رجلا آخر ـ بغير اتفاق مع الأول ـ وطلقها الآخر، وأحبت أن ترجع إلى الأول، جاز لها ذلك. فأين تكمن المشكلة فى أن تُجامع المرأة زوجها، أو يُجامعها زوجها؟
                        ومعلوم أنه باتفاق العلماء أن زواجها من الثاني يكون باطلا إن كان باتفاق مسبق مع الأول، لكي يحلل لها الرجوع إلى الأول، وتكون زانية، وفي الحديث الصحيح (لعن الله المحلِّل والمحلَّل له) رواه أحمد والنسائي وأبوداود والترمذي من حديث علي رضي الله عنه، أي الذي يتزوج المرأة باتفاق معها أو مع زوجها الأول، ثم يطلقها لتحل للأول فقط.
                        وإنما أراد الشارع أن يخيف المطلق، فهو يقول: تأن في الطلاق، فإذا بلغت الطلقة الثالثة لم تحل لك لا في حال عزوبتها ولا في حال زواجها، ولا تحل لك إلا إذا فارقها زوجها، وهذا نادر وقليل الوقوع، فإذا كنت متعلقًا بها فلا تخاطر بطلاقها، وكما يدل النظر العقلي على بطلان عقد نكاح التحليل وفساده جاءت النصوص عن النبي  ببما يدل على تحريمه:
                        1- ورد عن ابن مسعود  أن رسول الله  قال: (لعن رسول الله المحلِّل والمحلَّل له) رواه الإمام أحمد في مسنده، والنسائى في سننه، والترمذي في جامعه.
                        2- وعن عقبة بن عامر أنه قال: قال رسول الله : (ألا أخبركم بالتيس المستعار؟ قالوا بلى يارسول الله، قال هو المحلل، لعن الله المحلِّل والمحلَّل له) رواه ابن ماجه في سننه.
                        3- روي عمرو بن نافع عن أبيه قال: جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن رجل طلق امرأته ثلاثا، فتزوجها أخ له من غير مؤامرة بينهما ليحلها لأخيه، هل تحل للأول؟ قال لا، إلا نكاح رغبة. كنا نعد هذا سفاحا على عهد رسول الله ). رواه الحاكم في صحيحه.
                        4- قال عمر بن الخطاب : لا أوتي بمحلِّل ولا محلَّل له إلا رجمتهما.
                        أرأيت أن الشريعة الإسلامية كانت أشد إنكارًا لما أنكرته، وأشد استهجانا لما استهجنته، فسمت المحلل تيسًا مستعارا، وهذا فيه من التقبيح والاستهجان ما فيه، ولعنته، وهل يلعن الله ورسوله من يفعل مستحبًا أو جائزًا أو مكروهًا أو صغيرًا؟ إن اللعنة مختصة بمن ارتكب كبيرة أو ما هو أعظم منها، كما قال ابن عباس، كل ذنب ختم بلعنة أو غضب أو عذاب أو نار فهو كبيرة.
                        والغريب فى هذا الكاتب المسيحى أنه راعه أن تزنى المرأة والرجل، وهذه كبيرة لا ننكرها حيث ما وجدت، لكن ما يثير الغرابة أنه لم يستهجن هذا من كتابه الذى نسب هذا الزنى والفجور لأنبياء الله.
                        فهذا نبى الله إبراهيم كان يتاجر فى عرض زوجته الجميلة سارة: (11وَحَدَثَ لَمَّا قَرُبَ أَنْ يَدْخُلَ مِصْرَ أَنَّهُ قَالَ لِسَارَايَ امْرَأَتِهِ: «إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ امْرَأَةٌ حَسَنَةُ الْمَنْظَرِ. 12فَيَكُونُ إِذَا رَآكِ الْمِصْرِيُّونَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: هَذِهِ امْرَأَتُهُ. فَيَقْتُلُونَنِي وَيَسْتَبْقُونَكِ. 13قُولِي إِنَّكِ أُخْتِي لِيَكُونَ لِي خَيْرٌ بِسَبَبِكِ وَتَحْيَا نَفْسِي مِنْ أَجْلِكِ». 14فَحَدَثَ لَمَّا دَخَلَ أَبْرَامُ إِلَى مِصْرَ أَنَّ الْمِصْرِيِّينَ رَأَوُا الْمَرْأَةَ أَنَّهَا حَسَنَةٌ جِدًّا. 15وَرَآهَا رُؤَسَاءُ فِرْعَوْنَ وَمَدَحُوهَا لَدَى فِرْعَوْنَ فَأُخِذَتِ الْمَرْأَةُ إِلَى بَيْتِ فِرْعَوْنَ 16فَصَنَعَ إِلَى أَبْرَامَ خَيْرًا بِسَبَبِهَا وَصَارَ لَهُ غَنَمٌ وَبَقَرٌ وَحَمِيرٌ وَعَبِيدٌ وَإِمَاءٌ وَأُتُنٌ وَجِمَالٌ.) تكوين 12: 11-16
                        وها هو الكتاب المقدس جدًا يقول عن نبى الله إبراهيم إنه لا يخشى الله ويقبل التضحية بشرفه وشرف زوجته سارة، ولم يتعلم من الدرس الذى أخذه من حكايته مع فرعون: (1وَانْتَقَلَ إِبْرَاهِيمُ مِنْ هُنَاكَ إِلَى أَرْضِ الْجَنُوبِ وَسَكَنَ بَيْنَ قَادِشَ وَشُورَ وَتَغَرَّبَ فِي جَرَارَ. 2وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ سَارَةَ امْرَأَتِهِ: «هِيَ أُخْتِي». فَأَرْسَلَ أَبِيمَالِكُ مَلِكُ جَرَارَ وَأَخَذَ سَارَةَ. 3فَجَاءَ اللهُ إِلَى أَبِيمَالِكَ فِي حُلْمِ اللَّيْلِ وَقَالَ لَهُ: «هَا أَنْتَ مَيِّتٌ مِنْ أَجْلِ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَخَذْتَهَا فَإِنَّهَا مُتَزَوِّجَةٌ بِبَعْلٍ». 4وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ أَبِيمَالِكُ قَدِ اقْتَرَبَ إِلَيْهَا. فَقَالَ: «يَا سَيِّدُ أَأُمَّةً بَارَّةً تَقْتُلُ؟ 5أَلَمْ يَقُلْ هُوَ لِي إِنَّهَا أُخْتِي وَهِيَ أَيْضًا نَفْسُهَا قَالَتْ هُوَ أَخِي؟ بِسَلاَمَةِ قَلْبِي وَنَقَاوَةِ يَدَيَّ فَعَلْتُ هَذَا». 6فَقَالَ لَهُ اللهُ فِي الْحُلْمِ: «أَنَا أَيْضًا عَلِمْتُ أَنَّكَ بِسَلاَمَةِ قَلْبِكَ فَعَلْتَ هَذَا. وَأَنَا أَيْضًا أَمْسَكْتُكَ عَنْ أَنْ تُخْطِئَ إِلَيَّ لِذَلِكَ لَمْ أَدَعْكَ تَمَسُّهَا. 7فَالْآنَ رُدَّ امْرَأَةَ الرَّجُلِ فَإِنَّهُ نَبِيٌّ فَيُصَلِّيَ لأَجْلِكَ فَتَحْيَا. وَإِنْ كُنْتَ لَسْتَ تَرُدُّهَا فَاعْلَمْ أَنَّكَ مَوْتًا تَمُوتُ أَنْتَ وَكُلُّ مَنْ لَكَ». 8فَبَكَّرَ أَبِيمَالِكُ فِي الْغَدِ وَدَعَا جَمِيعَ عَبِيدِهِ وَتَكَلَّمَ بِكُلِّ هَذَا الْكَلاَمِ فِي مَسَامِعِهِمْ. فَخَافَ الرِّجَالُ جِدًّا. 9ثُمَّ دَعَا أَبِيمَالِكُ إِبْرَاهِيمَ وَقَالَ لَهُ: «مَاذَا فَعَلْتَ بِنَا وَبِمَاذَا أَخْطَأْتُ إِلَيْكَ حَتَّى جَلَبْتَ عَلَيَّ وَعَلَى مَمْلَكَتِي خَطِيَّةً عَظِيمَةً؟ أَعْمَالًا لاَ تُعْمَلُ عَمِلْتَ بِي!». 10وَقَالَ أَبِيمَالِكُ لإِبْرَاهِيمَ: «مَاذَا رَأَيْتَ حَتَّى عَمِلْتَ هَذَا الشَّيْءَ؟» 11فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: «إِنِّي قُلْتُ: لَيْسَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ خَوْفُ اللهِ الْبَتَّةَ فَيَقْتُلُونَنِي لأَجْلِ امْرَأَتِي. 12وَبِالْحَقِيقَةِ أَيْضًا هِيَ أُخْتِي ابْنَةُ أَبِي غَيْرَ أَنَّهَا لَيْسَتِ ابْنَةَ أُمِّي فَصَارَتْ لِي زَوْجَةً.) تكوين 20: 1-12
                        وهذا لوط زنى بابنتيه وأنجب منهما (تكوين 19: 30-38)، وهذا رأوبين يزنى بزوجة أبيه (تكوين 35: 22 ؛ 49: 3-4) ، وهذا يهوذا زنى بزوجة ابنه وأنجب منها (تكوين الإصحاح 38)، وهذا داود زنى بزوجة جاره وقَتَلَه وخان جيشه (صموئيل الثانى صح 11)، ثم قتل أولاده الخمسة من زوجته ميكال إرضاءً للرب (صموئيل الثاني21: 8-9)، وأنه كان ينام فى حضن فتاة عذراء فى هرمه (ملوك الأول 1: 1-4)، وهذا أبشالوم ابن داود زنى بزوجات أبيه (صموئيل الثاني 16: 22)، وهذا أمنون ابن داود زنى بأخته ثامار (صموئيل الثانى صح 13).
                        أليست أفعال الأنبياء تشريع للأمة؟ وهل جهل الرب ما سوف تقترفه الأنبياء الذين يختارهم لحمل رسالته للبشر؟ أم اختارهم فاسدين عن عمد؟ فهل ترفض الدياثة (التعريص) من الأشخاص العاديين، وتقبله على أبى الأنبياء إبراهيم؟ عجبت لك!!
                        * * * * *

                        تعليق


                        • #72
                          الملف 49
                          حقوق الإنسان وفرض الدين بالإكراه:
                          يواصل الكاتب قوله:
                          3- حقوق الإنسان
                          • فرض الإسلام بالقوة
                          قال محمد "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني نفسه وماله"(وإلا فلا يأمن في نفسه أو ماله). جـ 196:4
                          • الارتداد عن الإسلام عقوبته الموت
                          قال محمد "من بدل دينه (الإسلامى) فاقتلوه". جـ57:9
                          • لا يقتل المسلم إذا قتل كافرًا
                          قال محمد "لا يقتل مسلم بكافر". جـ50:9
                          • التطهير العرقي يمارس بواسطة محمد
                          محمد لليهود: "اسلموا تسلموا. واعلموا أن الأرض لله ورسوله. وأني أريد أن أجليكم (أطردكم) من هذه الأرض. فمن يجد منكم بماله شيئًا فليبعه. وإلا فاعلموا أن الأرض لله ورسوله". جـ392:4
                          • وصية محمد قبيل موته
                          "اخرجوا المشركين من جزيرة العرب". جـ716:5
                          ونرد عليه بالآتى:
                          لا يعرف الكاتب من بنود حقوق الإنسان إلا فرض الدين بالقوة، وأن الردة عقوبتها الموت، وهاتان الشبهتان قد تم الرد عليهما أكثر من مرة، وخلاصة ما قلناه أن التاريخ يشهد إن اليهودية والمسيحية انتشرتا بالقتل والإبادة الجماعية، والتطهير العرقى وأن نصوص إله المحبة والوداعة يسوع/يهوه هو الذى أمر بذلك فى كتابه. ولو يريد أن يتأكد أن الإسلام لم يأمر بالتطهير العرقى للمخالف، فليقف فى المرآة ويسأل نفسه: لماذا لم يقتل المسلمون كل المسيحيين فى البلاد التى فتحوها؟ كيف يوجد نسبة من المسيحيين فى كل البلاد الإسلامية؟ لماذا لم يأتينا بنصوص من القرآن أو السنة على التطهير العرقى؟ وهل الذى يريد التطهير العرقى لليهود يأمرهم أن يجلوا المدينة ويبيعوا أرضهم وممتلكاتهم إن أرادوا؟ ولماذا لم يك موضوعيًا ويذكر ما فعله اليهود من مؤامرات وتقليب للناس على الرسول  والمسلمين والدولة الإسلامية، على الرغم من معاهدات السلام والدفاع المشترك بينهم؟
                          ألم يقرأ فى كتابه أن قبول دين موسى والأنبياء كان بالقوة، وكان يُخيَّر الفرد بين قبول يهوه أو القتل؟ (13حَتَّى إِنَّ كُلَّ مَنْ لاَ يَطْلُبُ الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ يُقْتَلُ مِنَ الصَّغِيرِ إِلَى الْكَبِيرِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ.) أخبار الثانى 15: 13، والقتل يشمل التصفية الجسدية للطفل والرجل والمرأة.
                          وإلا أخبرنا من أمر بقتل العمالقة وتصفيتهم العرقية؟ إنه يسوع/يهوه
                          ومن أمر بالقتل الجماعى للأطفال والنساء والحوامل فى الحروب؟إنه يسوع/يهوه
                          (3فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلًا وَامْرَأَةً، طِفْلًا وَرَضِيعًا، بَقَرًا وَغَنَمًا، جَمَلًا وَحِمَارًا».) صموئيل الأول 15: 3
                          (40فَضَرَبَ يَشُوعُ كُلَّ أَرْضِ الْجَبَلِ وَالْجَنُوبِ وَالسَّهْلِ وَالسُّفُوحِ وَكُلَّ مُلُوكِهَا. لَمْ يُبْقِ شَارِدًا، بَلْ حَرَّمَ كُلَّ نَسَمَةٍ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ.) يشوع 10: 40
                          (3وَأَخْرَجَ الشَّعْبَ الَّذِينَ بِهَا وَنَشَرَهُمْ بِمَنَاشِيرَِ وَنَوَارِجِ حَدِيدٍ وَفُؤُوسٍ. وَهَكَذَا صَنَعَ دَاوُدُ لِكُلِّ مُدُنِ بَنِي عَمُّونَ. ثُمَّ رَجَعَ دَاوُدُ وَكُلُّ الشَّعْبِ إِلَى أُورُشَلِيمَ)أخبار الأيام الأول20: 3
                          (8يَا بِنْتَ بَابِلَ الْمُخْرَبَةَ طُوبَى لِمَنْ يُجَازِيكِ جَزَاءَكِ الَّذِي جَازَيْتِنَا! 9طُوبَى لِمَنْ يُمْسِكُ أَطْفَالَكِ وَيَضْرِبُ بِهِمُ الصَّخْرَةَ!) مزامير 137: 8-9
                          (تُجَازَى السَّامِرَةُ لأَنَّهَا قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَى إِلَهِهَا. بِـالسَّيْفِ يَسْقُطُونَ. تُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ وَالْحَوَامِلُ تُشَقُّ) هوشع 13: 16
                          ([اعْبُرُوا فِي الْمَدِينَةِ وَرَاءَهُ وَاضْرِبُوا. لاَ تُشْفِقْ أَعْيُنُكُمْ وَلاَ تَعْفُوا. 6اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ. اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ.وَلاَ تَقْرُبُوا مِنْ إِنْسَانٍ عَلَيْهِ السِّمَةُ، وَابْتَدِئُوا مِنْ مَقْدِسِي». فَـابْتَدَأُوا بِـالرِّجَالِ الشُّيُوخِ الَّذِينَ أَمَامَ الْبَيْتِ. 7وَقَالَ لَهُمْ: [نَجِّسُوا الْبَيْتَ، وَامْلأُوا الدُّورَ قَتْلَى. اخْرُجُوا». فَخَرَجُوا وَقَتَلُوا فِي الْمَدِينَةِ.) حزقيال 9: 5-7
                          (10مَلْعُونٌ مَنْ يَعْمَلُ عَمَلَ الرَّبِّ بِرِخَاءٍ وَمَلْعُونٌ مَنْ يَمْنَعُ سَيْفَهُ عَنِ الدَّمِ.) إرمياء 48: 10
                          وها هو الرب نفسه، إلهك، إله المحبة، يقرر التصفية العرقية للكريتيين والفلسطينيين: (16فَلِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا أَمُدُّ يَدِي عَلَى الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَأَسْتَأْصِلُ الْكَرِيتِيِّينَ وَأُهْلِكُ بَقِيَّةَ سَاحِلِ الْبَحْرِ. 17وَأُجْرِي عَلَيْهِمْ نَقْمَاتٍ عَظِيمَةً بِتَأْدِيبِ سَخَطٍ فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ، إِذْ أَجْعَلُ نَقْمَتِي عَلَيْهِمْ) حزقيال 25: 16-17
                          كما أبادوا سكان عاى: (24وَكَانَ لَمَّا انْتَهَى إِسْرَائِيلُ مِنْ قَتْلِ جَمِيعِ سُكَّانِ عَايٍ فِي الْحَقْلِ فِي الْبَرِّيَّةِ حَيْثُ لَحِقُوهُمْ، وَسَقَطُوا جَمِيعًا بِحَدِّ السَّيْفِ حَتَّى فَنُوا أَنَّ جَمِيعَ إِسْرَائِيلَ رَجَعَ إِلَى عَايٍ وَضَرَبُوهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 25فَكَانَ جَمِيعُ الَّذِينَ سَقَطُوا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا، جَمِيعُ أَهْلِ عَايٍ.) يشوع 8: 18-25
                          وهل تعتقد أنك تحتاج لمن يذكرك بأمر الرب إله المحبة يسوع/يهوه بإبادة بنى إسرائيل لست شعوب دفعة واحدة: (16وَأَمَّا مُدُنُ هَؤُلاءِ الشُّعُوبِ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيبًا فَلا تَسْتَبْقِ مِنْهَا نَسَمَةً مَا 17بَل تُحَرِّمُهَا تَحْرِيمًا: الحِثِّيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالكَنْعَانِيِّينَ وَالفِرِزِّيِّينَ وَالحِوِّيِّينَ وَاليَبُوسِيِّينَ كَمَا أَمَرَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ)تثنية20: 16-17
                          ناهيك عن قتل كل سكان عاى، وسكان يابيش (10فَأَرْسَلَتِ الْجَمَاعَةُ إِلَى هُنَاكَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي الْبَأْسِ، وَأَوْصَوْهُمْ قَائِلِينَ: (اذْهَبُوا وَاضْرِبُو سُكَّانَ يَابِيشِ جِلْعَادَ بِحَدِّ السَّيْفِ مَعَ النِّسَاءِ وَالأَطْفَالِ. 11وَهذَا مَا تَعْمَلُونَهُ: تُحَرِّمُونَ كُلَّ ذَكَرٍ وَكُلَّ امْرَأَةٍ عَرَفَتِ اضْطِجَاعَ ذَكَرٍ.) قضاة 21: 10-11
                          (17وَجَاءَ إِلَى السَّامِرَةِ، وَقَتَلَ جَمِيعَ الَّذِينَ بَقُوا لأَخْآبَ فِي السَّامِرَةِ حَتَّى أَفْنَاهُ، حَسَبَ كَلاَمِ الرَّبِّ الَّذِي كَلَّمَ بِهِ إِيلِيَّا.) ملوك الثانى 10: 17
                          أراك تبكى على تاريخكم الأسود!
                          أراك تبكى على حال هذا الإرهاب والتصفية العرقية، التى أمر به يسوع/يهوه؟
                          أراك تشمئز من هذا الدين وهذا الإرهاب، وهذا الكذب الذى ترموا به الآخرين؟
                          أراك تتذكر قول يسوع لك: (26لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟) متى 16: 26؛ مرقس 8: 36-37؛ لوقا 9: 25
                          (3وَلِمَاذَا تَنْظُرُ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ وَأَمَّا الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا؟ 4أَمْ كَيْفَ تَقُولُ لأَخِيكَ: دَعْنِي أُخْرِجِ الْقَذَى مِنْ عَيْنِكَ وَهَا الْخَشَبَةُ فِي عَيْنِكَ. 5يَا مُرَائِي أَخْرِجْ أَوَّلًا الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّدًا أَنْ تُخْرِجَ الْقَذَى مِنْ عَيْنِ أَخِيكَ!) متى 7: 3-5
                          أسأل الله العظيم، رب العرش العظيم، أن يهدينا جميعًا لدينه الحق، الذى يرضى به علينا، ويدخلنا به جناته، ويرحمنا به من عذابه!
                          قال محمد بن كعب القرظي‏:‏ لما قدم رسول الله  المدينة وادعته يهودها كلها، وكتب بينه وبينها كتابًا، وألحق كل قوم بحلفائهم، وكان فيما شرط عليهم ألا يظاهروا عليه عدوًا، ثم لما قدم المدينة - بعد وقعة بدر - بغت يهود وقطعت ما كان بينها وبين رسول الله  من العهد، فأرسل إليهم فجمعهم وقال‏:‏ يا معشر يهود أسلموا تسلموا، فو الله إنكم لتعلمون أني رسول الله وفي رواية أسلموا قبل أن يوقع الله - تعالى - بينكم مثل وقعة قريش ببدر.
                          ورسول الله  قد أرسل للعالمين، لذلك تجده دعا كل الناس للإسلام، وأرسل بخطاباته إلى كسرى وهرقل يدعوهم وقومهم إلى الإسلام، وكذلك خاطب اليهود والنصارى فى كل بقاع الأرض، فلا عجب أن يذهب لليهود وغيرهم للدعوة إلى دين الله الحق فى السماوات والأرض. فهو القائل: (والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة، يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار) رواه مسلم
                          لذلك ذهب الرسول  فى رهط من أصحابه إلى البيت الذى يقرأون فيه كتبهم، ويُسمَّى المدراس وطالبهم قائلا (اسلموا تسلموا)، أى إن أسلمتم سلمتم من عذاب الله تعالى فى الآخرة. فعن أبى هُريرة  قال بينما نحن في المسجد خرج النبي ‏‏ ‏فقال: (انطلقوا إلى ‏ ‏يهود! ‏ ‏فخرجنا، حتى جئنا ‏ ‏بيت المدراس، ‏ ‏فقال: أسلموا تسلموا، واعلموا أن الأرض لله ورسوله، وإني أريد أن أجليكم من هذه الأرض، فمن يجد منكم بماله شيئا فليبعه، وإلا فاعلموا أن الأرض لله ورسوله).
                          وبإسناده عن أبي هريرة  قال: لما فتحت خيبر أهديت لرسول الله  شاة فيها سم فقال رسول الله : اجمعوا لي من كان ههنا من اليهود فجمعوا له، فقال لهم رسول الله : إني سائلكم عن شيء فهل أنتم صادقي عنه قالوا: نعم يا أبا القاسم فقال لهم رسول الله : من أبوكم؟ قالوا: أبونا فلان. قال رسول الله : كذبتم أبوكم فلان. قالوا: صدقت وبررت. قال لهم: هل أنتم صادقي عن شيء سألتكم عنه؟
                          قالوا: نعم يا أبا القاسم، وإن كذبناك عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا، فقال رسول الله : مَن أهل النار؟ قالوا: نكون فيها يسيرًا ثم تخلفوننا فيها، فقال لهم رسول الله : لا نخلفكم فيها أبدًا، ثم قال لهم: هل أنتم صادقي عن شيء سألتكم عنه؟ فقالوا: نعم يا أبا القاسم فقال: هل جعلتم في هذه الشاة سمًا؟ قالوا: نعم، قال: فما حملكم على ذلك قالوا: أردنا إن كنت كاذبًا نستريح منك، وإن كنت نبيًا لم تضرك.)
                          ومن هنا تعلم أن اليهود لم يكونوا أبدًا أهل للثقة أو احترامًا للمواثيق، ومن هنا وجب إخراجهم من المدينة مركز العالم الإسلامى، ومنشأ حكومة الرسول  والمسلمين، حتى لا يكون هناك من يطعن فى قلب الدولة الإسلامية، وحقنًا لدماء اليهود أنفسهم؛ حيث لا يكفون عن المؤامرات ضد الرسول  والمسلمين، الأمر الذى يؤدى إلى تصفية من يتآمر شيئًا فشىء.
                          ولذلك كان  يحرص على دعوتهم للإسلام، ولا يفوت فرصة يمكن أن يبلغهم فيها دين الله تعالى إلا وفعل، حتى إنه  لم يبدأ حربا معهم – بسبب غدرهم وخيانتهم – إلا ويسبقها بدعوتهم وتذكيرهم، كما قال لعلي بن أبي طالب  يوم فتح خيبر: (انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ) رواه البخاري (2942) ومسلم (2406).
                          والجديد الذى يضيفه هو اعتباره قول الرسول  (اخرجوا المشركين من جزيرة العرب) ليس من حقوق الإنسان. كذلك اعتبر قول الرسول  لليهود (اسلموا تسلموا. واعلموا أن الأرض لله ورسوله).
                          كان  يعترف بحقوق اليهود والنصارى، ويخطئ من يتوهم أن التبرأ من ديانة اليهود المحرفة يلزم منه ظلمهم ومصادرة حقوقهم، فقد قبل النبي  وجود اليهود في المدينة، وكتب في دستور المدينة: "وإن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين"، تكفل لهم بجميع أنواع الحقوق :
                          أ. حق الحياة: فلم يقتل يهوديًا إلا من خان وغدر
                          ب. وحق اختيار الدين: حيث أقرهم على ديانتهم ولم يكره أحدًا على الإسلام، عملا بقوله سبحانه وتعالى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) البقرة: 256، وكتب في ميثاق المدينة: "لليهود دينهم وللمسلمين دينهم مواليهم وأنفسهم".
                          ج. حق التملك: فلم يصادر أملاك أحد منهم، بل أقر النبي  المسلمين على تجارتهم معهم.
                          د. حق الحماية والدفاع: فقد جاء في ميثاق المدينة: "وإن على اليهود نفقتهم، وعلى المسلمين نفقتهم، وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة".
                          هـ. حق العدل في المعاملة ورفع الظلم: وذلك مقرر في صحيفة المدينة حيث جاء فيها: "وأنه من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم"، وقد عدل النبي  في الحكم ولو كان ذلك على حساب المسلمين، فلما قتل أهلُ خيبر عبدَ الله بن سهل  لم يقض النبي  عليهم بالدية، ولم يعاقبهم على جريمتهم، لعدم وجود البينة الظاهرة ضدهم، حتى دفع النبي  ديته من أموال المسلمين، والقصة في البخاري (6769) ومسلم (1669)، ولما اختصم الأشعث بن قيس ورجل من اليهود إلى النبي  في أرض باليمن ولم يكن لعبد الله بيِّنة قضى فيها لليهودي بيمينه، كما في البخاري (2525) ومسلم (138)
                          و. بل منحهم النبي  حق التحاكم فيما بينهم إلى قوانين دينهم، ولم يلزمهم بقوانين المسلمين ما دام طرفا القضية من أتباعهم، إلا إذا ترافعوا إليه ، وطلبوا منه الحكم بينهم، فكان حينئذ يحاكمهم بشريعة الله ودين المسلمين، يقول الله سبحانه وتعالى: (فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) المائدة: 42
                          وقد كان النبي  يحسن معاملة جميع الناس، ومنهم اليهود، فقد أمر الله سبحانه بالقسط والبر وحسن الخلق وأداء الأمانة مع اليهود وغيرهم، حيث قال سبحانه: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) الممتحنة: 8
                          ومن بره  في معاملة اليهود:
                          أ. أنه كان يعود مريضهم: روى البخاري (1356) عن أنس بن مالك : (أَنَّ غُلَامًا مِنَ اليَهُودِ كَانَ يَخدُمُ النَّبِيَّ  فَمَرِضَ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ  يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِندَ رَأسِهِ، فَقَالَ: أََسلِم. فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِندَ رَأسِهِ، فَقَالَ لَه: أَطِع أَبَا القَاسِمِ . فَأَسلَمَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ  وَهُوَ يَقُولُ: الحَمدُ لِلَّهِ الذِي أَنقَذَهُ مِنَ النَّارِ) .
                          ب. وكان  يقبل هداياهم : فقد روى البخاري ( 2617 ) ومسلم ( 2190 ) عن أنس بن مالك : (أَنَّ امرَأَةً يَهُودِيَّةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ  بِشَاةٍ مَسمُومَةٍ فَأَكَلَ مِنهَا).
                          ج. كما كان  يعفو عن مسيئهم: إذ لم ينه عن قتل تلك المرأة التي وضعت السم في الشاة ، ففي تكملة الحديث السابق: (فَجِيءَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ  فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ: أَرَدْتُ لِأَقْتُلَكَ، قَالَ: مَا كَانَ اللَّهُ لِيُسَلِّطَكِ عَلَى ذَاكِ - قَالَ: أَوْ قَالَ: عَلَيَّ - قَالَ: قَالُوا: أَلَا نَقْتُلُهَا؟ قَالَ: لَا)،
                          بل وفي حديث أبي هريرة في صحيح البخاري (3169) أن ذلك كان بعلم من اليهود وأنهم اعترفوا بمحاولة القتل بالسم، ومع ذلك لم يأمر  بالانتقام لنفسه، لكنه قتلها بعد ذلك لموت الصحابي الذي كان معه  وكان أكل من الشاة المسمومة، وهو بشر بن البراء .
                          وكذلك لما سحره اليهودي لبيد بن الأعصم ، وعافاه الله من السحر، لم ينتقم منه ولا أمر بقتله، بل جاء في "سنن النسائي" (4080) وصححه الألباني عن زيد بن أرقم قال: (فَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ لِذَلِكَ اليَهُودِيِّ وَلَا رَآهُ فِي وَجهِهِ قَط) .
                          د. وكان  يعامل اليهود بالمال، ويفي لهم معاملتهم: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ  خَيْبَرَ الْيَهُودَ أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا وَلَهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا) رواه البخاري (2165) ومسلم (1551).
                          وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (اشْتَرَى رَسُولُ اللَّهِ  مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا بِنَسِيئَةٍ وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ) رواه البخاري (1990) ومسلم (1603).
                          هـ. وفي أول قدومه  المدينة كان يحب موافقة اليهود في أعمالهم وعاداتهم ليتألف قلوبهم على الإسلام، ولكنه لما رأى عنادهم وجحودهم ومكابرتهم أمر بمخالفتهم، ونهى عن التشبه بهم.
                          عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  كَانَ يَسْدِلُ شَعَرَهُ وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَفْرُقُونَ رُءُوسَهُمْ فَكَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَسْدِلُونَ رُءُوسَهُمْ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ  يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِيمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَيْءٍ ثُمَّ فَرَقَ رَسُولُ اللَّهِ  رَأْسَهُ) رواه البخاري (3728) ومسلم (2336).
                          و. ولم يكن  يترفع عن محاورتهم، بل كان يتواضع لهم، ويجيب على أسئلتهم وإن كان مرادهم منها العنت والمجادلة بالباطل.
                          عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود  قَالَ: (بَيْنَمَا أَنَا أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ  فِي حَرْثٍ وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى عَسِيبٍ إِذْ مَرَّ بِنَفَرٍ مِنْ الْيَهُودِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ سَلُوهُ عَنْ الرُّوحِ فَقَالُوا مَا رَابَكُمْ إِلَيْهِ لَا يَسْتَقْبِلُكُمْ بِشَيْءٍ تَكْرَهُونَهُ فَقَالُوا سَلُوهُ فَقَامَ إِلَيْهِ بَعْضُهُمْ فَسَأَلَهُ عَنْ الرُّوحِ قَالَ: فَأَسْكَتَ النَّبِيُّ  فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ قَالَ: فَقُمْتُ مَكَانِي، فَلَمَّا نَزَلَ الْوَحْيُ قَالَ: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الرُّوحِ قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) رواه البخاري (4444) ومسلم (2794).
                          ز. وكان يدعو لهم بالهداية وصلاح البال: فعَنْ أَبِي مُوسَى  قَالَ: (كَانَ الْيَهُودُ يَتَعَاطَسُونَ عِنْدَ النَّبِيِّ  يَرْجُونَ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ يَرْحَمُكُمْ اللَّهُ فَيَقُولُ: يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ) رواه الترمذي (2739) وقال: حسن صحيح، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".
                          وفي المقابل: لم يكن  يرضى أن ينتهك اليهود حرمات المسلمين، ويتمادوا في ذلك، فكان يعاقب كل من يعتدي على المسلمين ويظلمهم ويتجاوز حدوده في ذلك، فلما اعتدى بعض يهود بني قينقاع على امرأة مسلمة في السوق، واحتالوا لكشف عورتها، وتوعدوا النبي  بالقتال، وقالوا: (يا محمد، لا يغرنك من نفسك أنك قتلت نفرا من قريش كانوا أغمارا لا يعرفون القتال، إنك لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس) نقله ابن حجر في "فتح الباري" وحسَّنه (7: 332) فقام النبي  إليهم وأجلاهم من المدينة، حقنًا لدمائهم ودماء المسلمين، وكان ذلك في شوال من السنة الثانية للهجرة.
                          ثم لما عَظُمَ أذى كعب بن الأشرف اليهودي للمسلمين، وبدأ يخوض في أعراضهم، ويشبب بنسائهم في شعره، وارتحل إلى مكة يحرض زعماء قريش على المسلمين، أمر النبي  بقتله في قصة طويلة حدثت في ربيع الأول من السنة الثالثة للهجرة، رواها البخاري (2375) ومسلم (1801).
                          وكذلك لما تكررت محاولات بني النضير لقتل النبي  في قصص مشهورة يذكرها أهل المغازي والسير، ودسوا إلى قريش يحضونهم على غزو المدينة، ويدلونهم على العورة، أمر النبي  بإجلائهم من المدينة في السنة الرابعة من الهجرة. انظر "المغازي" للواقدي (1: 363–370) و"سيرة ابن هشام" (3: 682).
                          وأما يهود بني قريظة فقد قتل النبي  مقاتلتهم لما غدروا به يوم الأحزاب، وتحالفوا مع قريش والعرب ضد المسلمين، وخانوا العهود معهم، وكان ذلك في العام الهجري الخامس. انظر "سيرة ابن هشام" (3: 706).
                          وقد وردت أخبار كثيرة في أن النبي  كان يعفو عن كل من أظهر الوفاء بالعهد من اليهود، ولا يعاقب إلا من شارك في الغدر أو أقر ورضي. انظر "السيرة النبوية الصحيحة" أكرم العمري ( 1 / 316 ) ، وقد جاء في ميثاق المدينة: "لليهود دينهم وللمسلمين دينهم، مواليهم وأنفسهم، إلا من ظلم نفسه وأثم، فإنه لا يوتِغ – أي: يُهلِك - إلا نفسه وأهل بيته".
                          وأخيرا لما رأى النبي  غدر اليهود وخيانتهم، أوحى الله إليه أن يُخلِصَ جزيرة العرب لديانة التوحيد، فلا يبقى فيها غير الدين الذي ارتضاه الله لنفسه. فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي  أوصاهم في مرض موته فقال: (أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ) رواه البخاري (2888) ومسلم (1637).
                          وجاء ذلك مصداقًا لما ذكره الكتاب المقدس جدًا من أن أورشليم الجديدة، أى القبلة الجديدة، ومدينة السلام والإسلام الجديدة لن يدخلها نجس:
                          وبنو إسرائيل والنصارى والمشركون من الأنجاس فى عُرف الله تعالى، لأنهم لا يدينون بدين لله ولا يسلمون أمرهم إليه. وهذا قريب من تشبيه العهد القديم للكفار والمشركين بالزناة الأنجاس. فقد قال نبى الله حزقيال لبنى إسرائيل: (25[وَأَنْتَ أَيُّهَا النَّجِسُ الشِّرِّيرُ، رَئِيسُ إِسْرَائِيلَ الَّذِي قَدْ جَاءَ يَوْمُهُ فِي زَمَانِ إِثْمِ النِّهَايَةِ، 26هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: انْزِعِ الْعَمَامَةَ. ارْفَعِ التَّاجَ. هَذِهِ لاَ تِلْكَ. ارْفَعِ الْوَضِيعَ، وَضَعِ الرَّفِيعَ. 27مُنْقَلِبًا مُنْقَلِبًا مُنْقَلِبًا أَجْعَلُهُ. هَذَا أَيْضًا لاَ يَكُونُ حَتَّى يَأْتِيَ الَّذِي لَهُ الْحُكْمُ فَأُعْطِيَهُ إِيَّاهُ.) حزقيال 21: 25-27
                          والذى له الحكم ليس يسوع، لأن يسوع لم يحكم، ولم يقضى حتى بين الناس، بل لم يقض فى قضية المرأة الزانية، ولم يستطع مواجهة قيصر، بل دفع الجزية كتابع وعبد يخضع لقيصر.
                          وهو نفس الأمر الذى قاله عيسى  لليهود من أن بيتهم سيترك لهم خرابًا بدون نبى ولا رسالة، حتى يقولوا ويسلموا للقادم باسم الله، وهو الصادق الأمين، روح الحق وعينه، وسيخبرهم بأمور آتية فى المستقبل، مما يوحى إليه، لأنه لا يعرف الغيب إلا الله تعالى، ويدافع عن عيسى  ويبرئه وأمه مما ألصق بهما، ولم يفعل هذا إلا رسول اللحق الصادق الأمين : (38هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَابًا! 39لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَنِي مِنَ الآنَ حَتَّى تَقُولُوا: مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ!».) متى 23: 37-39.
                          إن الآتى باسم الله هو أعظم خلق الله، وأشرف رسله باعتراف عيسى  نفسه، فقد قال: (11اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ وَلَكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ. 12وَمِنْ أَيَّامِ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ إِلَى الآنَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ يُغْصَبُ وَالْغَاصِبُونَ يَخْتَطِفُونَهُ. 13لأَنَّ جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ وَالنَّامُوسَ إِلَى يُوحَنَّا تَنَبَّأُوا. 14وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا فَهَذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ.) متى 11: 11-14
                          فلم يقل لهم إنه نسخ الشريعة، ولم يقل لهم إنه هو النبى الخاتم الذى لن يأت نبى بعده، ولم يعلمهم كل شىء، بل قال لهم: (12«إِنَّ لِي أُمُورًا كَثِيرَةً أَيْضًا لأَقُولَ لَكُمْ وَلَكِنْ لاَ تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَحْتَمِلُوا الآنَ. 13وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ رُوحُ الْحَقِّ فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ لأَنَّهُ لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ. 14ذَاكَ يُمَجِّدُنِي لأَنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ) يوحنا 16: 12-14
                          (وَلَنْ يَدْخُلَهَا شَيْءٌ دَنِسٌ) رؤيا 21: 27، فهى محرمة على الكافرين ، ومحرم دخول أى شىء دنس إلى داخل المدينة. مصداقًا لقول الله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا) التوبة 28
                          ولإسمها ستجثوا كل ركبة فى الكون (تفسير الرؤيا / ناشد حنا ص 104)، وستكون مركزًا للأرض، وستسير الأمم فى نورها (تفسير حزقيال / رشاد فكرى ص 489)
                          * * *
                          ويتبقى لنا سؤاله عن قول النبى  (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّ الإِسْلامِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ تَعَالَى) رواه البُخاريُّ ومسلِمٌ.
                          إن كلمة الناس من الكلمات العامة، ويُراد بها هنا الخاص، وهم المشركون العرب. لأنه لا يُعقل أن يُقاتل المسلمين حتى يشهدوا، أو يُقاتل المنافقين، لأن المنافقين يقولونها نفاقًا، ولا تعنى أيضًا أهل الكتاب من اليهود والنصارى؛ لأن أحكام القتال معهم معروفة، ويُقبل منهم الجزية إن رفضوا الإسلام. والدليل على ذلك أن النصارى واليهود والمجوس، وغيرهم أخذت منهم الجزية ولم يقاتلهم المسلمون حتى يشهدوا ألا إله إلا الله.
                          وظاهر الحديث يفهم منه التعارض مع قوله تعالى (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)البقرة 256 وهذا المعنى المتبادر من ظاهر الحديث لم يفعله النبي  ولا أحد من صحابته، رضي الله عنهم، ولا من التابعين لهم بإحسان؛ وليس أدل على ذلك من بقاء غير المسلمين في ديار المسلمين مع معابدهم إلى يومنا هذا، هذا فضلا عن إباحة الإسلام زواج المسلم بالكتابية وعدم تفريقه بينها وبين الزوجة المسلمة في وجوب حسن المعاملة، والود المتبادل بين المسلمين وجيرانهم من المسيحيين، وسماح الإسلام للمسلم أن يأكل من طعام أهل الكتاب: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) المائدة 5
                          وفى لفظ للنسائى: (أمرت أن أقاتل المشركين حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فإذا شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وصلوا صلاتنا واستقبلوا قبلتنا وأكلوا ذبائحنا فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها)
                          والأمثلة لهذا الاستخدام كثيرة فقد قال الله في القرآن: (وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ) يونس 21. فليس المقصود هنا جميع الناس، بل الكفار منهم هم الذين يمكرون فى آيات الله.
                          وقال تعالى: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) آل عمران 173 فكلمة الناس في هذه الآية لا تعني أيضًا جميع الناس. يقول الإمام البغوى فى تفسيره (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ): (أراد بالناس الركب من عبد القيس، (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ) يعني أبا سفيان وأصحابه.)
                          لكن نزيدك فى هذا الموضوع: إن القصد الأول للإسلام هو نشر الإسلام، فلو سمحت لى دولة ما أن أنشر الإسلام فيها، فليس لى عليهم سلطان: فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر. فمن كفر دفع الجزية صاغرًا أى طائعًا لحكم الدولة الإسلامية، وله ما للمسلمين، وعليه ما على المسلمين. أما إن رفض أن أنشر الإسلام، ورفض أن يدفع الجزية فلا يتبقى إلا القتال بيننا وبينهم. لأنه لا يحق لأحد أن يحجب الحق والهدى عن الناس.
                          أولا: لا يمكن أن نستدل على موقف الإسلام فى مجال من المجالات، من آية واحدة أو من حديث واحد، لأن الآية والحديث كل منهما يمثل جزءًا من الحقيقة، ومن يفعل ذلك يكون كمن يقول بجزء من الآية (فويل للمصلين) ثم يقول إن الله يتوعد المصلين بجهنم!
                          وفيما يختص بشأن قول الرسول : أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. فهو أمر يتعلق بالقتال، وأساس القتال فى الإسلام قول الله تعالى (وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا) ويقول  (لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية).
                          والاسلام ينظر إلى القتال على أنه عبس، وليس ترفيهًا، أو رمى بالنفس إلى التهلكة لنيل الشهادة، كما تظن عزيزى الكاتب، وأن القيام به لا يكون إلا عند الضرورة، كما يقول الله سبحانه وتعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) البقرة 216،
                          فالقتال بالنسبة للمسلم مكروه شرعًا، وغير مطلوب شرعًا، إلا إذا اقتضت الضرورة: كالاعتداء على النفس والأوطان، واستعباد الناس، ومنع الهدى والنور عنهم. فيقول الله تعالى (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) الحج 39-40 فكان القتال ممنوعًا قبل ذلك ثم أبيح للضرورة.
                          وقول الرسول  (أمرت أن أقاتل).. يعنى للدفاع عن الدين فالسكون فى ذلك ضعف وجبن لا يليق بالإنسان .. وقوله (حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله) ..أى حتى يعترفوا بالتوحيد وما تقتضيه العبودية من العدل.
                          فحديث رسول الله  هو حلقة فى سلسلة طويلة عنوانها التعامل بين المسلم وغير المسلم، وهو مقيد بكل هذه الحلقات فيما يتصل بفهم معناها كلها، ومن هنا فإن الرسول  عاهد المشركين وصالحهم لمدة طويلة، وعاهد اليهود وتعامل المسلمون مع غيرهم سلمًا فى وقت السلم، وحربًا فى الحرب فى إطار قانونى يعترف العالم بنبله وسموه.
                          هذا الحديث مثل ذاك الحديث: من أتى بالتوحيد والإيمان بالرسالة فقد دخل في الإسلام، ثم يطالب بحق الإسلام، فيطالب بالصلاة والزكاة والصيام والحج وغير ذلك، فإن أدى ما أوجب الله عليه فهو مسلم حقًا، وإن امتنع عن شيء أخذ بحق الله فيه وأجبر وألزم بحقوق الله التي أوجبها على عباده. وهذا هو الواجب على جميع من دخل في دين الإسلام أن يلتزم بحق الإسلام ، فإن لم يلتزم أخذ بحق الإسلام.
                          وكثيرًا ما يساء فهم هذا الحديث عن عمد أحيانًا وعن جهل أخرى (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلا) النساء 83
                          أما ما ترمى إليه أنت عزيزى الكاتب من أن الإسلام انتشر بالسيف: فلو كان نشر الإسلام بقوة السيف لما بقيت هذه الملايين من المسيحيين فى كل البلاد الإسلامية وغيرها على مر القرون كما قلت لك من قبل. ويكفيك أن تعلم أن أندونيسيا أكبر دولة إسلامية، حيث يقطن بها 200 مليون مسلم، دخلوا كلهم فى الإسلام عن طريق التجار المسلمين، أى بالدعوة ومكارم الأخلاق الإسلامية ولم ترق قطرة دم واحدة. كما ان الإسلام الآن هو أسرع الأديان انتشارا في العالم رغم ضعف المسلمين الشديد وتسلط الأعداء عليهم وتشويه صورتهم بجميع الوسائل الممكنة .... فلماذا كان أسرعها؟ لأنه الدين الحق!
                          أما أهل الكتاب فقد قال الله تعالى بشأنهم: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) التوبة 29
                          اي يقاتلون لدفع الجزية ولا يجبرون على اعتناق الاسلام، ويشهد لذلك الفتوحات الإسلامية في عهد النبوة والصحابة وطيلة التاريخ الاسلامي في البلاد المسيحية وبلاد فارس المجوسية التي فتحوها لم تجبر تلك البلاد على الإسلام، إنما كانت تدفع الجزية فقط. وللجهاد آداب وضوابط، منها عدم قتل الصغير والمرأة والكبير ... الخ ومنها عدم اجبار الناس على اعتناق الإسلام.
                          وعلى ذلك فإن قوله (حتى يقولوا: لا إله إلا الله ...) فمنطوقه يبين أن قول (لا إله إلا الله) يعصم الدماء والأموال إلا بحقها، وليس هناك ما يمنع من إنهاء القتال بأسباب أخرى وردت في نصوص أخرى صحيحة صريحة كإنهاء القتال بعقد الهدنة أو عقد الصلح مثلا. وهذا كان حال الرسول  والمسلمين فى أحوال كثيرة، منها صلح الحديبية وغيره.
                          * * * * *
                          الضمان الأبدى عند المسلمين:
                          يقول الكاتب أيضًا:
                          4- الضمان الأبدي
                          • لا تأكيد للخلاص
                          قال محمد: "ما أدري والله وأنا رسول الله ما يفعل بي". جـ266:5
                          • الله يعاقب الميت إذا بكى أهله عليه
                          قال محمد: "إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه". جـ 375:2
                          • إذا تكلم مسلم بالشر على ميت فإن الميت يذهب إلى النار
                          قال محمد: "هذا أثنيتم عليه خيرًا فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شرًا فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض". جـ 448:2
                          • البول في الثياب يجلب عقاب الله على الإنسان
                          "مر النبي..على قبرين فقال إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير. ثم قال: بلى، أما أحداهما فكان يسعى بالنميمة وأما الآخر فكان لايستتر من بوله". جـ 460:2
                          • السيف هو مفتاح الجنة
                          قال محمد: "اعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف". جـ 73:4
                          • الحرب في سبيل الله ضمان للجنة
                          قال محمد: "إنتدب الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا إيمان بي وتصديق برسلي أن أرجعه بما نال من أجر أو غنيمة أو ادخله الجنة".جـ 35:1
                          ونرد عليه قائلين:
                          قلنا من قبل إن اقتطاع النص من سياقه، يؤدى إلى سوء الفهم، فهل أنت تتعمَّد ذلك؟ أحسن الظن بك، وأدَّعى أنك لا تتعمَّد ذلك!
                          إن قول الرسول  "ما أدري والله وأنا رسول الله ما يفعل بي"، لهو قمة فى علم التربية، ونهضة الأمم. إذ لا يجب على الإنسان أن يرضى بعمله مهما عظم فى عينيه، لأن حق الله تعالى على العباد أكبر من أن يوفيه إنسان، ومن هنا جاء استغفار الأنبياء لله، واستغفار المسلم بعد كل طاعة، لأن حق الله أعظم مما أدى به هذه الطاعة. وبهذا القول يشحذ النبى  همم المسلمين إلى عدم الإرتكان إلى أن من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله دخل الجنة. فأين حسن الخلق؟ وأين بر الوالدين؟ وأين الجهاد فى سبيل الله وفى سبيل تزكية النفس والمجتمع؟
                          لذلك إن عدم الرضا عن النفس هو شحذ للهمم والطاقات للاستزادة من العبادات والطاعات. لذلك يقول الدكتور لطف الله بن عبد العظيم خوجة الأستاذ بقسم العقيدة، كلية الدعوة وأصول الدين، جامعة أم القرى، مكة المكرمة: (فرضاء العبد واستكثاره لطاعته دليل على حسن ظنه بنفسه، وجهله بحقـوق العبوية لله - تعالى -، وعـدم عمله بما يستحقه الرب ـ جل جلاله ـ ويليق أن يعامل به.
                          فجهل الإنسان بحقيقة نفسه وصفاتها وآفاتها وعيوب عمله، وجهله بربه وحقوقه وما ينبغي أن يعامل به، يتولد منهما رضاه بطاعته، وإحسان ظنه بها، ويتولد من ذلك: من العجب والكبر والآفات ما هو أكبر من الكبائر الظاهرة، من الزنا وشرب الخمر والفرار من الزحف ونحوها.
                          فالرضا بالطاعة من رعونات النفس وحماقتها، وأرباب العزائم والبصائر أشد ما يكونون استغفارًا عقيب الطاعات، لشهودهم تقصيرهم فيها، وترك القيام لله بها كما يليق بجلاله وكبريائه، وأنه لولا الأمر لما أقدم أحدهم على مثل هذه العبودية، ولا رضيها لسيده.
                          وقد أمر الله - تعالى - وفده وحجاج بيته بأن يستغفروه عقيب إفاضتهم من عرفات، وهو أجل المواقف وأفضلها، فقال: {فّإذّا أّفّضًتٍمً مٌَنً عّرّفّاتُ فّاذًكٍرٍوا اللَّهّ عٌندّ الًمّشًعّرٌ الًحّرّامٌ وّاذًكٍرٍوهٍ كّمّا هّدّاكٍمً وّإن كٍنتٍم مٌَن قّبًلٌهٌ لّمٌنّ الضَّالٌَينّ (198) ثٍمَّ أّفٌيضٍوا مٌنً حّيًثٍ أّفّاضّ النَّاسٍ وّاسًتّغًفٌرٍوا اللَّهّ إنَّ اللَّهّ غّفٍورِ رَّحٌيمِ} [البقرة: 198، 199]، وقال - تعالى -: {وّالًمٍسًتّغًفٌرٌينّ بٌالأّسًحّارٌ} [آل عمران: 17]، قال الحسن: «مدوا الصلاة إلى السحر، ثم جلسوا يستغفرون الله - عز وجل -»، وفي الصحيح أن النبي  كان إذا سلم من الصلاة استغفر ثلاثًا، ثم قال: «اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام»( رواه مسلم في المساجد ومواضع الصلاة، باب: استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، رقم 135))
                          (وأمره الله - تعالى - بالاستغفار بعد أداء الرسالة والقيام بما عليه من أعبائها، فقال في آخر سورة أنزلت عليه: {إذّا جّاءّ نّصًرٍ اللَّهٌ وّالًفّتًحٍ (1) وّرّأّيًتّ النَّاسّ يّدًخٍلٍونّ فٌي دٌينٌ اللَّهٌ أّفًوّاجْا (2) فّسّبٌَحً بٌحّمًدٌ رّبٌَكّ وّاسًتّغًفٌرًهٍ إنَّهٍ كّانّ تّوَّابْا} [النصر: 1 - 3]، ومن ههنا فهم عمر وابن عباس - رضي الله عنهم - أن هذا أجل رسول الله  أعلمه به، فأمره أن يستغفره عقيب أداء ما كان عليه، فكأنه إعلام بأنك قد أديت ما عليك، ولم يبق عليك شيء، فاجعل خاتمته الاستغفار، كما كان خاتمة الصلاة والحج وقيام الليل الاستغفار، وخاتمة الوضوء أيضًا أن يقول بعد فراغه: «سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك»( رواه النسائي في اليوم والليلة، وابن السني في عمل اليوم والليلة برقم، صحيح الجامع 6170، وانظر: الصحيحة، رقم 2333))
                          (فهذا شأن من عرف ما ينبغي لله ويليق بجلاله من حقوق العبودية وشرائطها، لا جهل أصحاب الدعاوى وشطحاتهم،قال بعض العارفين: «متى رضيت نفسك وعملك لله، فاعلم أنه غير راض به»، ومن عرف أن نفسه مأوى كل عيب وشر، وعمله عرضة لكل آفة ونقص، كيف يرضى لله نفسه وعمله؟، بل كلما عظم المطلوب في قلبك، صغرت نفسك عندك، وتضاءلت القيمة التي تبذلها في تحصيل المطلوب، وكلما شهدت حقيقة الربوبية وحقيقة العبودية لله - تعالى -، وعرفت الله، وعرفت النفس تبين لك أن ما معك من البضاعة لا يصلح للملك الحق، ولو جئت الثقلين خشيت عاقبته، وإنما يقبله بكرمه وجوده وتفضله، ويثيبك عليه أيضًا بكرمه وجوده وتفضله، كما في حديث أبي بن كعب: «لو أن الله عذب أهل سمواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته لهم خيرًا من أعمالهم» (رواه أحمد وأبو داود صحيح الجامع، رقم 5244)، وقد قال رسول الله : «لن يُدخِل أحدًا عمله الجنة، ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله بمغفرة ورحمة»( متفق عليه، البخاري في الرقاق، باب: القصد والمداومة على العمل،ومسلم في صفات المنافقين، باب: لن يدخل أحد الجنة بعمله).
                          أما الأمر الثاني: وهو الخوف من تقلب القلوب:
                          فإن الأصل في المؤمن الخوف من الرب - سبحانه - من عذابه، ومن مكره [أى من بطشه وعقوبته، فالأمن من مكر الله، أى اطمئنان قلب الإنسان، فلا يخاف عقوبة الله، وهو مدخل إلى المعاصي والسيئات. فمن آمن من عقوبة الله لا يبالي ولا يخاف عقوبة الله، إما لجهله وإما لغروره بأنه موحد وأن المعاصي لا تضره، وإما لأسبابٍ أخرى غرته بالله، فتساهل بالمعاصي وأمن العقوبة، ولم يخف العقوبة، وهذا من كبائر الذنوب، قال تعالى: (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) الأعراف 99، فالذي لا يخاف عقوبة الله، ولا يخاف نقمته لا في الدنيا ولا في الآخرة، هو فى خطرٍ عظيم، وقد سماه الله فاسقًا.]؛ فالقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، فكم من رجل أصبح مؤمنًا وأمسى كافرًا، وكم من إنسان عمل بعمل أهل الجنة حتى لم يبق بينه وبينها إلا ذراع فسبق عليه الكتاب فعمل بعمل أهل النار فدخلها، فلا يضمن إنسان لنفسه النجاة وثبات الحال إلا بالاعتصام الدائم بحبل الله، وقد كان من دعاء النبي  «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» (رواه الترمذي، أبواب: الدعوات، جامع الدعوات عن رسول الله، صحيح الترمذي، رقم 2792)، وكانت يمينه: «لا، ومقلب القلوب» (رواه البخاري في الأيمان والنذور، باب: كيف كانت يمين النبي ، عن ابن عمر)،
                          فالمؤمن يخاف على إيمانه من التبدل، فمن الذي يقدر أن يشهد لنفسه بالجنة، وقد كان الصحابة يخافون على أنفسهم النفاق، كما قال ابن أبي مليكة: «أدركت ثلاثين من أصحاب رسول الله  كلهم يخاف على نفسه النفاق، ما منهم من أحد يقول: أنا على إيمان جبريل وميكائيل»، ويقول الحسن: «ما خافه إلا مؤمن، وما أمنه إلا منافق» (رواه البخاري في الإيمان، باب: خوف المؤمن أن يحبط عمله وهو لا يشعر)، بل تجد المؤمن يقوم بالطاعات، وهو يخاف أن ترد ولا تقبل، قال – تعالى: {إنَّ الَّذٌينّ هٍم مٌَنً خّشًيّةٌ رّبٌَهٌم مٍَشًفٌقٍونّ * وّالَّذٌينّ هٍم بٌآيّاتٌ رّبٌَهٌمً يٍؤًمٌنٍونّ * وّالَّذٌينّ هٍم بٌرّبٌَهٌمً لا يٍشًرٌكٍونّ * وّالَّذٌينّ يٍؤًتٍونّ مّا آتّوًا وَّقٍلٍوبٍهٍمً وّجٌلّةِ أّنَّهٍمً إلّى رّبٌَهٌمً رّاجٌعٍونّ} [المؤمنون: 57-60]، قالت عائشة: «هو الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر، وهو يخاف الله؟»، قال: «لا يا بنت الصديق، ولكنه الذي يصلي ويصوم ويتصدق، وهو يخاف الله (عز وجل)» (رواه أحمد في المسند، 6/159، 6/ 205)، فالمؤمن جمع إحسانًا وخشية، والمنافق جمع إساءة وأمنًا، يقول تعالى: {أّّفّأّّمٌنٍوا مّكًرّ اللَّهٌ فّلا يًّامّنٍ مّكًرّ اللَّهٌ إلاَّ الًقّوًمٍ الًخّاسٌرٍونّ} [الأعراف: 99].
                          فهذا هو المنهج النبوي الذي يجب اتباعه في باب الطاعة: عدم الرضا عن النفس، والخوف من تقلب القلوب، والخوف من رد الطاعات وعدم قبولها، من سار في طاعته وحياته على هذه القاعدة فهو الناجي المتبع لنهج الأنبياء والصحابـة، يقـول رسول الله : «ما أدري والله ـ وأنا رسول الله ـ ما يفعل بي»( رواه البخاري في مناقب الأنصار، باب:مقدم النبي وأصحابه المدينة، الفتح، 7/264)، قال - تعالى -: {قٍلً مّا كٍنتٍ بٌدًعْا مٌَنّ الرٍَسٍلٌ وّمّا أّدًرٌي مّا يٍفًعّلٍ بٌي وّلا بٌكٍمً} [الأحقاف: 9]، فإذا كان هذا حال رسول الله  فكيف لمن دونه أن يغتر بطاعاته ويأمن مكر الله تعالى؟ فإذا وقر هذا في القلب كانت النتيجة النظر بعين الرحمة والرأفة إلى كل من تلبس بمعصية أو زلة، فإن الزلات والمعاصي قريبة من العبد: {وّلّوًلا فّضًلٍ اللَّهٌ عّلّيًكٍمً وّرّحًمّتٍهٍ مّا زّكّى مٌنكٍم مٌَنً أّحّدُ أّبّدْا وّلّكٌنَّ اللَّهّ يٍزّكٌَي مّن يّشّاءٍ وّاللَّهٍ سّمٌيعِ عّلٌيمِ} [النور: 21]، ومن سلم منها فبرحمة الله وفضله، ومن وقع فيها فلأن الله وكله إلى نفسه، فإذا فهم هذا فالواجب على الإنسان أن يخاف الزلة والانتكاسة، وأن يقبل على المذنبين بقلب رؤوف ليستنقذهم من الزلة، ويرفعهم من المحنة، فهم ضحايا أعداء الإنسانية، النفس والهوى والشيطان، هذه الثلاثة هي مثلث الخطايا، ومأوى كل شر، ومصدر كل سوء، فما وقع الإنسان في الخطيئة إلا بسببها، والبشرية في عناء من كيدها، ولن ينجي منها إلا التعاون والاتحاد ضدها، لا الانضمام إليها.) أهـ بتصرف يسير.
                          * * *
                          الميت يُعذَّب ببكاء أهل عليه:
                          أما بالنسبة لقوله : (إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه)، وفي رواية (ببعض بكاء أهله عليه)، وفي رواية (ببكاء الحي)، وفي رواية (يعذب في قبره بما نيح عليه)، وفي رواية (من يبك عليه يعذب)، وهذه الروايات من رواية عمر بن الخطاب وابنه عبد الله رضي الله عنهما، وأنكرت عائشة ونسبتها إلى النسيان والاشتباه عليهما، وأنكرت أن يكون النبي  قال ذلك، واحتجت بقوله تعالى {ولا تزر وازرة وزر أخرى}. قالت: وإنما قال النبي  في يهودية أنها تعذب وهم يبكون عليها، يعني تعذب بكفرها، لا بسبب بكائهم عليها.
                          والبكاء المقصود هنا النواح، وليس دمع العين. واختلف العلماء في هذه الأحاديث فتأولها الجمهور على من وصى بأن يبكى عليه ويناح بعد موته فنفذت وصيته، فهذا يعذب ببكاء أهله عليه ونوحهم؛ لأنه بسببه ومنسوب إليه. قالوا فأما من بكى عليه أهله وناحوا من غير وصية منه فلا يعذب لقول الله تعالى {ولا تزر وازرة وزر أخرى} قالوا: وكان من عادة العرب الوصية بذلك. ومنه قول طرفة بن العبد:
                          إذا مت فانعيني بما أنا أهله وشقي علي الجيب يا ابنة معبد
                          قالوا : فخرج الحديث مطلقًا حملًا على ما كان معتادًا لهم. وقالت طائفة: هو محمول على من أوصى بالبكاء والنوح أو لم يوص بتركهما. فمن أوصى بهما، أو أهمل الوصية بتركهما، يعذب بهما؛ لتفريطه بإهمال الوصية بتركهما، فأما من وصى بتركهما فلا يعذب بهما؛ إذ لا صنع له فيهما ولا تفريط منه. وحاصل هذا القول إيجاب الوصية بتركهما، ومن أهملهما عذب بهما.
                          وقالت طائفة: معنى الأحاديث أنهم كانوا ينوحون على الميت ويندبونه بتعديد شمائله ومحاسنه في زعمهم، وتلك الشمائل قبائح في الشرع يعذب بها، كما كانوا يقولون: يا مؤيد النسوان، ومؤتم الولدان ومخرب العمران ومفرق الأخدان، ونحو ذلك مما يرونه شجاعةً وفخرًا وهو حرام شرعًا.
                          وقالت طائفة: معناه أنه يعذب بسماعه بكاء أهله ويرق لهم وإلى هذا ذهب محمد بن جرير الطبري وغيره. وقال القاضي عياض: وهو أولى الأقوال واحتجوا بحديث فيه أن النبي  زجر امرأة عن البكاء على أبيها وقال: (إن أحدكم إذا بكى استعبر له صويحبه فيا عباد الله لا تعذبوا إخوانكم) وقالت عائشة رضي الله عنها: معنى الحديث أن الكافر أو غيره من أصحاب الذنوب يعذب في حال بكاء أهله عليه بذنبه لا ببكائهم.
                          لكن ما الذى جعلك تتعجب من هذا الحديث على فهم العوام من الناس: أن الذى يبكى وينوح على الميت، يُعذَّب الميت بسببه؟ أليست هذه الفطرة التى خلق الناس عليها، وهى ألا تزر وازرة وزر أخرى؟ فكيف تؤمن إذن أن الناس كلها حملت وزر خطيئة حواء، وأكلها من الشجرة، إلى أن نزل الإله متجسدًا ليُهان، ويُبصق فى وجهه، ثم يموت ميتة الملاعين معلقًا على خشبة؟
                          ألا تريد أن ترجع إلى الله، وتُعمل عقلك فى هذه العقائد الوثنية التى تؤمن بها، والتى تنتقدها فى الأديان الأخرى، ولا تشعر أنها ديانتك أنت؟ أسأل الله لك الهداية!
                          الغريب أنك ترفض التثليث عند الفراعنة قلبًا وقالبًا؛ لأنه وثنية، على الرغم من أن عقيدتك تقول بالتثليث، مع تغيير الأشخاص. وترفض الظلم وأن يُعذَّب إنسان بذنب إنسان آخر، وتؤمن بعقيدة تقر بهذا الظلم!!
                          * * *
                          الكلام بالسوء على الميت يذهب به إلى النار:
                          حرم الإسلام السب والنميمة وذم الناس، واستثنى من ذلك الفاسق المنافق المجاهر بالسوء، ليعلم المستمع قبح ما يقوم به، ويكون هذا زاجرًا للأخرين، واستنكارًا بالقلب واللسان لكل ما يُخالف شرع الله، ويدمر الأخلاق فى المجتمع المسلم. عن أبي سعيد الخدري  قال: سمعت رسول الله  يقول: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) رواه مسلم
                          ترتبط خيرية هذه الأمة ارتباطًا وثيقًا بدعوتها للحق، وحمايتها للدين، ومحاربتها للباطل؛ ذلك أن قيامها بهذا الواجب يحقق لها التمكين في الأرض، ورفع راية التوحيد، وتحكيم شرع الله ودينه، وهذا هو ما يميزها عن غيرها من الأمم، ويجعل لها من المكانة ما ليس لغيرها، ولذلك امتدحها الله تعالى في كتابه العزيز حين قال: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) آل عمران 110
                          وقال  عن عائشة رضى الله عنها: (لا تسبوا الأموات، فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا). البخارى 2/102، وهذا أمر عام فى كل الموتى، إلا من علم منهم الفسق والنفاق، وكان المتحدث عن شرورهم يتحدث بنية الزجر والنهى للسامع عن السير على طريقه. فالنهي هنا عن سب الميت غير المنافق والكافر والمجاهر بالفسق أو بالبدعة ، فإن هؤلاء لا يحرُم ذكرُهم بالشر للحذر من طريقهم ومن الاقتداء بهم.
                          وثبت عن رسول الله  عن أنس بن مالك ، قال: (مَرُّوا بِجَنَازَةٍ، فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا، فَقَالَ النَّبِيُّ : (وَجَبَتْ)، ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى، فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا، فَقَالَ: (وَجَبَتْ) فَقَالَ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : مَا وَجَبَتْ؟ قَالَ: (هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا فَوَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ). رواه البخاري (1301) ومسلم (949)
                          الناس هم شهداء الله فى الأرض، وكما قيل: ألسنة الخلق أقلام الحق. فالناس تحكم بما تعلم، ولا يمكنهم شق الصدور. فمن كان على استقامة وفى خدمة الناس، يظفر بشهادة الناس بحسن سريرته، ويفوز بثناء الناس، والدعاء له، ويُرجى له الجنة. ومن كان على انحراف وضلال وإجرام ونفاق، ويُجاهر بالسوء، حتى علم الناس عنه سوء الخُلُق، فهذا الذي يشهد عليه الناس بسوء سريرته، وسوف يلقى جزاء ما فعل.
                          ولا يحكم إنسان بمكان الآخر سواء فى الجنة أم فى النار، لأنه لا يعلم أحد إن كان فاعل الخير قد فعله ابتغاء مرضاة الله، أم نفاقًا، ولا يعلم إن كان الله تعالى قد تقبل أعماله أم لا. لذلك إن عاقبة كل إنسان لا يعلمها إلا الله تعالى وحده، وله وحده تعالى ملك السموات والأرض، يعذب من يشاء ويرحم من يشاء ويغفر له، وهو على كل شيء قدير، وهو سبحانه وتعالى لا يظلم مثقال ذرة، إن عذب الخلق جميعا فبعدله، وإن رحمهم فبفضله، ولن يدخل أحد الجنة ولا ينجو من النار بعمله، وإنما بفضل الله تعالى ورحمته.
                          فقد روى مسلم في صحيحه ‏عن ‏ ‏أبي هريرة ‏ ‏قال: قال رسول الله : (‏‏قاربوا ‏وسددوا ‏واعلموا أنه لن ينجو أحد منكم بعمله) قالوا: يا رسول الله ولا أنت؟ قال: (ولا أنا إلا أن ‏يتغمدني ‏ ‏الله برحمة منه وفضل)، ولكن الله تعالى يكتب رحمته للمتقين الذين يعملون الصالحات ويخافونه وإليه يتوبون، وفي الخيرات يسارعون.
                          وهناك أمارات يمكن للمسلمين أن يشهدوا من خلالها للمسلم بالخير، فإذا ظهر من أمره الخير، فلهم أن يشهدوا له ويزكوه، ولكن دون الجزم بعاقبته، فربما ظهر من شخص الصلاح وهو في الحقيقة فاسد، أو الإيمان وهو منافق، وربما ظهر أنه فاسد وبينه وبين الله خير، فالله تعالى وحده هو الأعلم بالمؤمنين حقا، كما قال تعالى: (وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ) النساء 25، وهو وحده الأعلم بالمتقين من المؤمنين، كما قال تعالى: (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى) النجم 32.
                          وقد ورد عن النبي  أن من مات وشهد له بعض المسلمين بالصلاح وأنهم لا يعلمون من أمره إلا خيرًا غفر الله له، وكانت عاقبته عند الله تعالى خيرًا. وذلك دفعًا للناس أن يتعايشوا فى مودة وحب وأن يكون كل منهم فى عون الآخر. فالحديث يدفع الناس للخير والمحبة والتعاون من القلب، دون نفاق أو رياء، وهذا الذى يؤدى إلى الشهادة الحسنة عن موته، وفوزه برضوان الله تعالى، بسبب رضى الناس عنه.

                          تعليق


                          • #73
                            الملف 50
                            وقال : (ما من مسلم يموت يشهد له أهل أربعة أبيات من جيرانه الأدنين: إنهم لا يعلمون إلا خيرًا، إلا قال الله: قد قبلت علمكم فيه، وغفرت له ما لا تعلمون).
                            وعن ابن مسعود  قال : قال رجل يا رسول الله  متى أكون محسنًا ومتى أكون مسيئًا فقال  (إذا أثنى عليك جيرانك أنك محسن فأنت محسن، وإذا أثنى عليك جيرانك أنك مسيء فأنت مسيء) (رواه ابن عساكر في تاريخه ‌صحيح الجامع رقم 277)
                            عن أبي هريرة  أن النبي  قال: (والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن)! قيل: من يا رسول الله؟ قال: (الذي لا يأمن جاره بوائقه!) متفق عليه
                            وقال : (من كان يؤمن بالله واليوم فلا يؤذ جاره) متفق عليه
                            عن أبي هريرة. قال: قال رجل: يا رسول الله! إن فلانة تكثر من صلاتها وصيامها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها؟ قال: (هي في النار) رواه أحمد
                            ومحصوله إذا ذكرك صلحاء جيرانك بخير فأنت من أهله، وإذا ذكروك بسوء فأنت من أهله، فإنهم شهداء الله في الأرض، فأحدث في الأول شكرًا، وفي الثاني توبة واستغفارًا، فحسن الثناء وضده علامة على ما عند الله تعالى للعبد، وإطلاق ألسنة الخلق التي هي أقلام الحق بشيء في العاجل عنوان ما يصير إليه في الآجل. والثناء بالخير دليل على محبة الله تعالى لعبده حيث حببه لخلقه فأطلق الألسنة بالثناء عليه وعكسه عكسه ‌(فيض القدير/ المناوي 2/514)
                            وقال  (يوشك أن تعرفوا أهل الجنة من أهل النار، قالوا: بم يا رسول الله؟ قال: بالثناء الحسن والثناء السيئ أنتم شهداء بعضكم على بعض) (إسناده حسن غريب / ابن حجر في الإصابة 4/77)
                            وعَنْ عَائِشَةَ  قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : (إِنَّ مِنْ أَكْمَلِ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنَهُمْ خُلُقًا) أحمد، الترمذي
                            عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : (أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ خُلُقًا).
                            وعَنْ عَائِشَةَ  قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  يَقُولُ: (إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ) أبو داود، أحمد
                            وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : (أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا، وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ) أبو داود
                            وجماع الأمر لزوم العبد للتقوى والعمل الصالح حتى يفوز بمحبة رب العالمين، قال  (إذا أحب الله العبد نادى جبريل: إن الله يحب فلانا فأحببه، فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض) (البخاري 3209) أي يحدث له في القلوب مودة ويزرع له فيها مهابة فتحبه القلوب وترضى عنه النفوس من غير تودد منه ولا تعرض للأسباب التي تكتسب لها مودات القلوب من قرابة أو صداقة أو اصطناع وإنما هو اختراع منه ابتداء اختصاصًا منه لأوليائه بكرامة خاصة، كما يقذف في قلوب أعدائه الرعب والهيبة إعظامًا لهم وإجلالًا لمكانهم، وفائدة ذلك أن يستغفر له أهل السماء والأرض وينشأ عندهم هيبة وإعزازهم له (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) المنافقون 8 (فيض القدير للمناوي 1/562)
                            وعليه فإن الميت الذي اشتهر بالفسق والنفاق ومحاربة الاسلام، هو ممن يتقرب المرء إلى الله بذكر سيئاتهم أحياءً وأمواتًا، ولو زعموا أنهم مسلمون، لأن العبرة بالظاهر، ولا قيمة للباطن، فالظاهر علمه عند الناس.
                            والعبد إما مؤمن صالح مصلح لنفسه وأهله ومجتمعه، ويشعر الناس بهذا الصلاح فيشهدوا له بذلك عند موته، وقد وصفه الرسول  بأنه يسترح من تعب الدنيا بموته، وإما كافر علم الناس بفساده الذى يُجاهر به، فيسترح الناس والبلاد والشجر والدواب منه بموته. قال رسول الله : عَنْ أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  مُرَّ عَلَيْهِ بِجَنَازَةٍ فَقَالَ: (مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ)، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْمُسْتَرِيحُ وَالْمُسْتَرَاحُ مِنْهُ؟ فَقَالَ: (الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا، وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ، وَالْبِلَادُ، وَالشَّجَرُ، وَالدَّوَابُّ). رواه البخاري (6147) ومسلم (950).
                            * * *
                            نجاسة القلب والبدن بين المسيحية والإسلام:
                            أما بشأن قول الكاتب عن مرور النبى  على قبر اثنين يعذبان بسبب سعى أحدهما بالنميمة بن الناس، وكان الآخر لا يستتر أو لا يستبرىء من بوله.
                            عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : مرّ النبي  بقبرين، فقال: إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير؛ أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة، ثم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين، فغرز في كل قبر واحدة. فقالوا: يا رسول الله لم فعلت هذا؟ قال: لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا.
                            وفي هذا الحديث أن النبي  مر على قبرين، فأوحى الله إليه أو أطلعه على أنهما يعذبان، فأخبر الذين معه بأنهما يعذبان، وأن الذي يعذبان فيه ليس كبيرًا، أى إنهما لم يعذبا في أمر كان يكبر عليهما فعله، لو أرادا أن يفعلاه: وهو التنزه من البول، والإقلاع عنه. فهو ليس شيئًا صعبًا، كبيرًا في أعين الناس؛ بل إن الناس يتساهلون به، ويعتقدون أنه من أيسر الأمور ومن أهونها، وأنه من صغائر الذنوب، ولكنه وصل إلى أن يعذب عليه في القبر. ويحذرهم كذلك من ترك النميمة، والحفاظ على حق من حقوق الإنسان بحفظ سيرته وسريرته فى غيبه، بالكف عن النميمة.
                            أولًا: عدم التنزه من البول، ورد في رواية: (لا يستنزه من البول)، وفي رواية: (لا يستتر من البول)، وفي رواية: (لا يستبرئ من البول)، والمعنى واحد، أي أنه لا يبالي إذا وقع البول على ثيابه أو على جسده، فهو يقوم من غير استبراء، وربما يبول وهو يسير، وربما يقوم وهو يبول ونحو ذلك، فينجس بذلك بدنه وثيابه، والنجس لا تقبل له عبادة؛ لأن الله تعالى أمر بالطهارة في قوله: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا) المائدة 6، وأمر بتطهير الثياب: (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) المدثر 4؛ وعن أبى مالك الأشعرى قال الرسول : (الطهور شطر الإيمان) رواه مسلم. كما أن التطهر يجلب حب الله تعالى للعبد: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) البقرة 222
                            ولا شك أن البول من جملة النجاسات، لأنه إذا تنجست ثيابه وصلى لم تقبل صلاته وهو يحمل النجاسة، وإذا لم تقبل صلاته فليس معه صلاة، والذي بطلت صلاته بطلت أعماله -والعياذ بالله-؛ فإن الصلاة عمود الدين.
                            فعلم بذلك أن سبب العذاب في القبر هو عدم التنزه من البول وعدم الاستبراء منه، وقد ورد حديث آخر بلفظ: (استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه)، كأنه يقول: إن أكثر ما يقع العذاب في القبر بسببه؛ لأنه مما يتساهل أو يتهاون كثير من الناس به، مع كونه يفسد العبادة، ويفسد الصلاة، ويفسد أيضًا الطواف الذي يفسد بسببه الحج، وما أشبه ذلك، ولذلك صار من كبائر الذنوب.
                            الخصلة الثانية التي توجب العذاب: النميمة، هي نقل الكلام بين طرفين لغرض الإفساد، قال تعالى: (هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ) القلم 11، والنمام: هو الذي ينقل الكلام من هذا إلى هذا ليوقع الوحشة بين الناس، ويسبب القطيعة والتفرق بين هذا وهذا، ولا شك أنه مفسد، وذنبه كبير، والعادة أن النمام إذا حسد إنسانًا على أمر فإنه ينم به حتى يبغضه إلى أصحابه، ويقول: إنه يقول فيكم كذا ويقول فيكم كذا، فتقع البغضاء، وتقع المقاطعة، وتقع الوحشة بين المسلمين بسبب هذا النمام، وقد ورد فيه وعيد شديد حيث قال : (لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ نَمَّامٌ) رواه البخارى ومسلم.
                            وفي حديث أحمد: (شِرَارُ عباد الله المشَّاءون بالنَّميمة، المُفرِّقون بين الأحبَّة، البَاغون للبرآء العَيْب)، أى الذين يسببون بهذه النميمة التعب والمشقة والمصائب والمحن للأبرياء. وقد حذر النبي  من أمثال هؤلاء فقال: (تجد من شر الناس يوم القيامة، عند الله، ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه).
                            وورد في بعض الآثار أن النمام يفسد في الساعة الواحدة ما لا يفسده الساحر في السنة، وما ذاك إلا أنه قد يسبب القتال ووقوع الفتن والتناحر بين المسلمين، زيادةً على التقاطع والتهاجر وما أشبه ذلك، ولذلك ورد في حديث آخر قال : (ألا أخبركم ما العضة؟ هي النميمة القالة بين الناس)، فشبهه بالعضة الذي هو السحر أو نوع من أنواع السحر، فجعله شبيهًا به لهذا السبب الذي هو النميمة.
                            فالنميمة على هذا من كبائر الذنوب؛ وذلك لأنها سببت عذاب القبر، وتتفاوت النميمة بحسب المفسدة التي تترتب عليها، فالنمام الذي هذا ديدنه دائمًا لا شك أن ذنبه كبير، وقد يكون ذنبه صغيرًا إذا لم يحصل بسببه مفسدة، وعلى كل حال فهذان الأمران من كبائر الذنوب.
                            فالنميمة خلق ذميم؛ لأنه باعث للفتن، وقامع للصلات، وزارع للحقد، ومفرق للجماعات، يجعل الصديقين عدوين، والأخوين أجنبيين، والزوجين متنافرين، فهذه المصيبة، أي مصيبة النميمة، لايرضاها لنفسه إلا من انحطت قيمته، ودنؤت نفسه، وقبل أن يكون حقيرًا، وأن يصير كالذباب ينقل الجراثيم. وأما من كان يخشى ربه فلا يرضى لها هذا الدنو الخلقى بجميع صوره، وإن من أشد صورها خطرًا تخبيب الزوج على زوجته والعكس، أي السعي في إفساد العلاقة بينهما، والأخ على أخيه أو أخته، أو أبيه أو أمه، وكذلك إفساد العلاقة بين الجيران والأصدقاء وبين الرئيس والمرؤسين.
                            فالنمام عدو للمحبة، حبيبٌ للفرقة والخلاف، أى تمامًا مثل الشيطان، ويكفى قول رسول الله : (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت).
                            وبذلك جمع رسول الله  بين نظافة الملبس والجسد من النجاسات، وبين طهارة القلب من النميمة والكذب والنفاق، والحسد والحقد اللذان ولَّدا كل أمراض القلب. واعتبر نجس الملبس ونجس القلب فى ميزان واحد، يعذبان فى قبريهما.
                            فلماذا تعترض عزيزى الكاتب على النظافة: نظافة البدن والقلب، وتقبل النجاسة؟
                            لماذا تعترض على النميمة، وهى ضد المحبة التى أمر بها يسوع؟
                            فهل تقبلها للمسلمين وتحرمها على أتباع دينك؟ وهل هذا من باب أحبوا أعداءكم؟
                            تقول المسيحية إن النجاسة هى النجاسة الروحية فقط: (الشئ النجس الذى يراه الله فقط هو الخطية). وفرق بين الطهارة والنظافة: فالطهارة في المسيحية ليست طهارةَ اليدين والرجلين والجسد، فتلك نظافة في نظر المسيحية ولا ترقى لمستوى الطهارة لأن مصطلح الطهارة مصطلح روحي، أما النجاسة فهي نجاسة القلب الذي تصدر عنه القرارات الخاطئة، مُخالفة بذلك مفهوم الطهارة والنجاسة فى العهد القديم وتشريع الرب، الذى لم يأت يسوع لينقض نقطة واحدة منه.
                            وعلى ذلك إن النميمة فى المسيحية نجاسة؛ لأنها تخرج من القلب: (18فَقَالَ لَهُمْ: «أَفَأَنْتُمْ أَيْضًا هَكَذَا غَيْرُ فَاهِمِينَ؟ أَمَا تَفْهَمُونَ أَنَّ كُلَّ مَا يَدْخُلُ الإِنْسَانَ مِنْ خَارِجٍ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يُنَجِّسَهُ 19لأَنَّهُ لاَ يَدْخُلُ إِلَى قَلْبِهِ بَلْ إِلَى الْجَوْفِ ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الْخَلاَءِ وَذَلِكَ يُطَهِّرُ كُلَّ الأَطْعِمَةِ». 20ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ ذَلِكَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ. 21لأَنَّهُ مِنَ الدَّاخِلِ مِنْ قُلُوبِ النَّاسِ تَخْرُجُ الأَفْكَارُ الشِّرِّيرَةُ: زِنىً فِسْقٌ قَتْلٌ 22سِرْقَةٌ طَمَعٌ خُبْثٌ مَكْرٌ عَهَارَةٌ عَيْنٌ شِرِّيرَةٌ تَجْدِيفٌ كِبْرِيَاءُ جَهْلٌ. 23جَمِيعُ هَذِهِ الشُّرُورِ تَخْرُجُ مِنَ الدَّاخِلِ وَتُنَجِّسُ الإِنْسَانَ».) مرقس 7: 18-23
                            والمسيحية تعتبر نظافة البدن والملبس عمل بديهى؛ لأنه ينبغى على الإنسان المصلى أن يقف أمام ربه بما يليق، ولكن يجب عليه أولًا أن يُطهر قلبه وفكره. ولكنه لو وقف غير نظيف البدن أو الملبس أمام ربه، فهذا شىء ثانوى، لأن الرب يهتم فقط بطهارة القلب والعقل! وبمعنى آخر: لا توجد فروض أو أوامر ملزمة بشأن التطهر والنظافة فيما يسمونه العهد الجديد. ومن هنا جاء انتقاد كاتبنا للإسلام، بدلا من أن يمدح الإسلام لاهتمامه بالجانبين فى آن واحد.
                            إلا أن هذا القول الخاص بنظافة القلب فقط دون نظافة البدن وأوانى الطعام، والذى نسب إلى يسوع ليخرج يسوع وتلاميذه من تبعيتهم للناموس، ويجعلهم محتالين على اليهود ليحتلوا معبدهم ويغيروا دينهم من التوحيد ليهوه فقط إلى التثليث ليسوع والآب والروح القدس. وهذا يكفِّر يسوع وتلاميذه فى نظر النصارى، أتباع يسوع الأول، ويجعل قلوبهم مليئة بالغل والحقد والحسد على اليهود أنفسهم! ألم أقل لكم إن كاتبى هذه الأناجيل هم أعداء يسوع أنفسهم!!
                            بل إنه يصم يسوع بأنه إرهابى متطرف، غير سليم العقل أو الفكر، فقد احتل مكان عبادة اليهود، ليصنع دينًا جديدًا فيه، مخالفًا الناموس وتعاليمه فى كل تعالينمه ومنها النظافة! وهذا يجعل الناس تكذب ما قيل على لسانه من أقوال تدعو للمحبة، والمهادنة!
                            وأحيلك إلى موضوعات الإعجاز العلمى فى النظافة الشخصية فى الإسلام
                            http://www.ebnmaryam.com/vb/t28735.html والموضوعات المتشابهة فى مواقع الإعجاز العلمى فى القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة www.55a.net ، وبعد أن تقرأه عليك أن تفكر: لماذا أغفل يسوع/ يهوه جانب الإعجاز العلمى والطبى والبيئى فى نظافة الإنسان وبيئته؟ وأى جمال وكمال أن يهتم الدين بالجانبين الروحى والمادى، أى يهتم بنظافة البدن والمكان وأوانى الطعام والمكان الذى نعيش فيه والشوارع التى نمر فيها، وكذلك نظافة القلب من الكذب والرياء والنفاق والنميمة والحسد وغيرها من أمراض القلب، وهو شأن الإسلام!
                            يقول زكى شنودة فى (المجتمع اليهودى) ص200: كان لموضوع الطهارة والنجاسة شأن في الشريعة اليهودية والمجتمع اليهودي على أساس أن طبيعة القداسة التي يتصف بها اللَّه ترفض وتنبذ ما هو غير قدوس، أي غير جاهز. لدرجة أن الشريعة تمنع غير المغتسل من المشاركة فى العبادات أو دخول المعبد، وإذا كان نجسًا أو غير مغتسل ودخل المعبد، يُخرج فورًا، ويُحكم عليه بالنجاسة حتى المساء، فيغتسل، ثم يدخل المحلة: (10إِنْ كَانَ فِيكَ رَجُلٌ غَيْرَ طَاهِرٍ مِنْ عَارِضِ الليْلِ يَخْرُجُ إِلى خَارِجِ المَحَلةِ. لا يَدْخُل إِلى دَاخِلِ المَحَلةِ. 11وَنَحْوَ إِقْبَالِ المَسَاءِ يَغْتَسِلُ بِمَاءٍ وَعِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ يَدْخُلُ إِلى دَاخِلِ المَحَلةِ.) التثنية 23: 10-11
                            ومن هنا نعرف حرص العهد القديم على نظافة البدن وأوانى الطعام، كما حرص على طهارة القلب والحواس من الكذب والنميمة والغيبة وشهادة الزور والنفاق والرياء واشتهاء نساء الغير. فلماذا اختلفت قدسية القدوس فى العهد الجديد وأصبحت طهارة القلب فقط هى التى تؤخذ بعين الاعتبار؟ أم أن هذا تحايل من المسيحيين، عندما لم يجدوا فى أسفارهم السبع والعشرين نصوصًا تحض على نظافة البدن والملبس والمكان؟
                            كما ورد في العهد القديم أيضًا أوامر مباشرة من الرب لموسى  وقومه بالإغتسال قبل الوقوف أمام الرب، أى بالوضوء، وكان عقاب من لا يتطهر ويتوضأ قبل الصلاة الموت: (17وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: 18«وَتَصْنَعُ مِرْحَضَةً مِنْ نُحَاسٍ وَقَاعِدَتَهَا مِنْ نُحَاسٍ لِلاِغْتِسَالِ. وَتَجْعَلُهَا بَيْنَ خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ وَالْمَذْبَحِ وَتَجْعَلُ فِيهَا مَاءً. 19فَيَغْسِلُ هَارُونُ وَبَنُوهُ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ مِنْهَا. 20عِنْدَ دُخُولِهِمْ إِلَى خَيْمَةِ الاِجْتِمَاعِ يَغْسِلُونَ بِمَاءٍ لِئَلاَّ يَمُوتُوا. أَوْ عِنْدَ اقْتِرَابِهِمْ إِلَى الْمَذْبَحِ لِلْخِدْمَةِ لِيُوقِدُوا وَقُودًا لِلرَّبِّ. 21يَغْسِلُونَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ لِئَلاَّ يَمُوتُوا. وَيَكُونُ لَهُمْ فَرِيضَةً أَبَدِيَّةً لَهُ وَلِنَسْلِهِ فِي أَجْيَالِهِمْ».) الخروج 30: 17-21
                            ولن نتعرض لنجاسة الدم الذى كانوا يرشونه على المذبح وعلى الشعب للبركة.
                            كذلك يعتبر الزوج وزوجته نجسين بعد الجماع، ولا بد أن يتطهرا بالاستحمام: (16«وَإِذَا حَدَثَ مِنْ رَجُلٍ اضْطِجَاعُ زَرْعٍ يَرْحَضُ كُلَّ جَسَدِهِ بِمَاءٍ وَيَكُونُ نَجِسًا إِلَى الْمَسَاءِ. 17وَكُلُّ ثَوْبٍ وَكُلُّ جِلْدٍ يَكُونُ عَلَيْهِ اضْطِجَاعُ زَرْعٍ يُغْسَلُ بِمَاءٍ وَيَكُونُ نَجِسًا إِلَى الْمَسَاءِ. 18وَالْمَرْأَةُ الَّتِي يَضْطَجِعُ مَعَهَا رَجُلٌ اضْطِجَاعَ زَرْعٍ يَسْتَحِمَّانِ بِمَاءٍ وَيَكُونَانِ نَجِسَيْنِ إِلَى الْمَسَاءِ.) اللاويين 15: 16-18
                            والمرأة الحائض نجسة، ولابد أن تظل غير طاهرة لمدة أربعة عشر يومًا، وكل من يلمسها أو يضطجع على فراش جلست عليه أو لمسته يكون نجسًا للمساء: (19«وَإِذَا كَانَتِ امْرَأَةٌ لَهَا سَيْلٌ وَكَانَ سَيْلُهَا دَمًا فِي لَحْمِهَا فَسَبْعَةَ أَيَّامٍ تَكُونُ فِي طَمْثِهَا. وَكُلُّ مَنْ مَسَّهَا يَكُونُ نَجِسًا إِلَى الْمَسَاءِ. 20وَكُلُّ مَا تَضْطَجِعُ عَلَيْهِ فِي طَمْثِهَا يَكُونُ نَجِسًا وَكُلُّ مَا تَجْلِسُ عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِسًا. 21وَكُلُّ مَنْ مَسَّ فِرَاشَهَا يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ وَيَكُونُ نَجِسًا إِلَى الْمَسَاءِ. 22وَكُلُّ مَنْ مَسَّ مَتَاعًا تَجْلِسُ عَلَيْهِ يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ وَيَكُونُ نَجِسًا إِلَى الْمَسَاءِ. 23وَإِنْ كَانَ عَلَى الْفِرَاشِ أَوْ عَلَى الْمَتَاعِ الَّذِي هِيَ جَالِسَةٌ عَلَيْهِ عِنْدَمَا يَمَسُّهُ يَكُونُ نَجِسًا إِلَى الْمَسَاءِ. 24وَإِنِ اضْطَجَعَ مَعَهَا رَجُلٌ فَكَانَ طَمْثُهَا عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِسًا سَبْعَةَ أَيَّامٍ. وَكُلُّ فِرَاشٍ يَضْطَجِعُ عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِسًا. ..... 27وَكُلُّ مَنْ مَسَّهُنَّ يَكُونُ نَجِسًا فَيَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ وَيَكُونُ نَجِسًا إِلَى الْمَسَاءِ. 28وَإِذَا طَهُرَتْ مِنْ سَيْلِهَا تَحْسِبُ لِنَفْسِهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ تَطْهُرُ. ..... 31فَتَعْزِلاَنِ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْ نَجَاسَتِهِمْ لِئَلَّا يَمُوتُوا فِي نَجَاسَتِهِمْ بِتَنْجِيسِهِمْ مَسْكَنِيَ الَّذِي فِي وَسَطِهِمْ.) اللاويين 15: 19-24
                            وها هو الرب فى يحذر بنى إسرائيل من النجاسة، لأن عقوبتها الموت! فأى شريعة هذه التى كان يتبعها يسوع، إن لم تكن شريعة موسى  التى جاء ليؤكدها بحذافيرها دون أن يحذف منها شيئًا؟
                            بل إن النجاسة تنال من الإنسان الذى يتناول أى طعام حرمه الرب فى كتابه، أى ما يدخل إلى الجوف، إلى الداخل، وهو عكس ما قالت به النصوص المنسوبة ليسوع: (2أَوْ إِذَا مَسَّ أَحَدٌ شَيْئًا نَجِسًا: جُثَّةَ وَحْشٍ نَجِسٍ أَوْ جُثَّةَ بَهِيمَةٍ نَجِسَةٍ أَوْ جُثَّةَ دَبِيبٍ نَجِسٍ وَأُخْفِيَ عَنْهُ فَهُوَ نَجِسٌ وَمُذْنِبٌ. 3أَوْ إِذَا مَسَّ نَجَاسَةَ إِنْسَانٍ مِنْ جَمِيعِ نَجَاسَاتِهِ الَّتِي يَتَنَجَّسُ بِهَا وَأُخْفِيَ عَنْهُ ثُمَّ عُلِمَ فَهُوَ مُذْنِبٌ.) اللاويين 5: 2-3
                            (19وَاللَّحْمُ الَّذِي مَسَّ شَيْئًا مَا نَجِسًا لاَ يُؤْكَلُ. يُحْرَقُ بِالنَّارِ. وَاللَّحْمُ يَأْكُلُ كُلُّ طَاهِرٍ مِنْهُ. 20وَأَمَّا النَّفْسُ الَّتِي تَأْكُلُ لَحْمًا مِنْ ذَبِيحَةِ السَّلاَمَةِ الَّتِي لِلرَّبِّ وَنَجَاسَتُهَا عَلَيْهَا فَتُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ شَعْبِهَا. 21وَالنَّفْسُ الَّتِي تَمَسُّ شَيْئًا مَا نَجِسًا نَجَاسَةَ إِنْسَانٍ أَوْ بَهِيمَةً نَجِسَةً أَوْ مَكْرُوهًا مَا نَجِسًا ثُمَّ تَأْكُلُ مِنْ لَحْمِ ذَبِيحَةِ السَّلاَمَةِ الَّتِي لِلرَّبِّ تُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ شَعْبِهَا».) اللاويين 7: 19-21
                            ومن المحرمات أكل لحم الخنزير أو حتى لمس شعره: (7وَالْخِنْزِيرَ لأَنَّهُ يَشُقُّ ظِلْفًا وَيَقْسِمُهُ ظِلْفَيْنِ لَكِنَّهُ لاَ يَجْتَرُّ فَهُوَ نَجِسٌ لَكُمْ. 8مِنْ لَحْمِهَا لاَ تَأْكُلُوا وَجُثَثَهَا لاَ تَلْمِسُوا. إِنَّهَا نَجِسَةٌ لَكُمْ.) اللاويين 11: 7-8
                            وكذلك سائر الطيور التى لها أربعة أرجل وغيرها من البهائم التى نص عليها الرب فهى نجسة، ومحرم أكلها: (23لَكِنْ سَائِرُ دَبِيبِ الطَّيْرِ الَّذِي لَهُ أَرْبَعُ أَرْجُلٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ لَكُمْ. 24مِنْ هَذِهِ تَتَنَجَّسُونَ. كُلُّ مَنْ مَسَّ جُثَثَهَا يَكُونُ نَجِسًا إِلَى الْمَسَاءِ 25وَكُلُّ مَنْ حَمَلَ مِنْ جُثَثِهَا يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَكُونُ نَجِسًا إِلَى الْمَسَاءِ. 26وَجَمِيعُ الْبَهَائِمِ الَّتِي لَهَا ظِلْفٌ وَلَكِنْ لاَ تَشُقُّهُ شَقًّا أَوْ لاَ تَجْتَرُّ فَهِيَ نَجِسَةٌ لَكُمْ. كُلُّ مَنْ مَسَّهَا يَكُونُ نَجِسًا. 27وَكُلُّ مَا يَمْشِي عَلَى كُفُوفِهِ مِنْ جَمِيعِ الْحَيَوَانَاتِ الْمَاشِيَةِ عَلَى أَرْبَعٍ فَهُوَ نَجِسٌ لَكُمْ. كُلُّ مَنْ مَسَّ جُثَثَهَا يَكُونُ نَجِسًا إِلَى الْمَسَاءِ. 28وَمَنْ حَمَلَ جُثَثَهَا يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَكُونُ نَجِسًا إِلَى الْمَسَاءِ. إِنَّهَا نَجِسَةٌ لَكُمْ.) اللاويين 11: 23-28
                            والنجاسة وعدم النظافة أو الطهارة هى تشين الرب نفسه،وتُخالف أوامر القدوس: (44إِنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلَهُكُمْ فَتَتَقَدَّسُونَ وَتَكُونُونَ قِدِّيسِينَ لأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ. وَلاَ تُنَجِّسُوا أَنْفُسَكُمْ بِدَبِيبٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ.) اللاويين 11: 44
                            لذلك من يقع فيها متعمدًا فجزاؤه الموت: (21وَالنَّفْسُ الَّتِي تَمَسُّ شَيْئًا مَا نَجِسًا نَجَاسَةَ إِنْسَانٍ أَوْ بَهِيمَةً نَجِسَةً أَوْ مَكْرُوهًا مَا نَجِسًا ثُمَّ تَأْكُلُ مِنْ لَحْمِ ذَبِيحَةِ السَّلاَمَةِ الَّتِي لِلرَّبِّ تُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ شَعْبِهَا».) اللاويين 7: 21
                            ولا بد من عزل الأنجاس، وإلا عاقب الرب بنى إسرائيل بالموت: (31فَتَعْزِلاَنِ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْ نَجَاسَتِهِمْ لِئَلَّا يَمُوتُوا فِي نَجَاسَتِهِمْ بِتَنْجِيسِهِمْ مَسْكَنِيَ الَّذِي فِي وَسَطِهِمْ.) اللاويين 15: 19-24
                            ألم يقل الرب: (26مَلعُونٌ مَنْ لا يُقِيمُ كَلِمَاتِ هَذَا النَّامُوسِ لِيَعْمَل بِهَا. وَيَقُولُ جَمِيعُ الشَّعْبِ: آمِينَ».) تثنية 27: 26
                            ألم يقل الرب: (7نَامُوسُ الرَّبِّ كَامِلٌ يَرُدُّ النَّفْسَ. شَهَادَاتُ الرَّبِّ صَادِقَةٌ تُصَيِّرُ الْجَاهِلَ حَكِيمًا. 8وَصَايَا الرَّبِّ مُسْتَقِيمَةٌ تُفَرِّحُ الْقَلْبَ. أَمْرُ الرَّبِّ طَاهِرٌ يُنِيرُ الْعَيْنَيْنِ. 9خَوْفُ الرَّبِّ نَقِيٌّ ثَابِتٌ إِلَى الأَبَدِ. أَحْكَامُ الرَّبِّ حَقٌّ عَادِلَةٌ كُلُّهَا. 10أَشْهَى مِنَ الذَّهَبِ وَالإِبْرِيزِ الْكَثِيرِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَقَطْرِ الشِّهَادِ.) مزمور 19: 7-10
                            ألم يقل الرب: («لِيَضْبِطْ قَلْبُكَ كَلاَمِي. احْفَظْ وَصَايَايَ فَتَحْيَا. 5اِقْتَنِ الْحِكْمَةَ. اقْتَنِ الْفَهْمَ. لاَ تَنْسَ وَلاَ تُعْرِضْ عَنْ كَلِمَاتِ فَمِي.) أمثال 4: 4-5
                            ألم يقل الرب: (2لأَنِّي أُعْطِيكُمْ تَعْلِيمًا صَالِحًا فَلاَ تَتْرُكُوا شَرِيعَتِي.) أمثال 4: 2
                            ألم يقل يسوع عند يعقوب: (10لأَنَّ مَنْ حَفِظَ كُلَّ النَّامُوسِ، وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِمًا فِي الْكُلِّ. 11لأَنَّ الَّذِي قَالَ: «لاَ تَزْنِ» قَالَ أَيْضًا: «لاَ تَقْتُلْ». فَإِنْ لَمْ تَزْنِ وَلَكِنْ قَتَلْتَ، فَقَدْ صِرْتَ مُتَعَدِّيًا النَّامُوسَ.) يعقوب 2: 10-11
                            ألم يقل الرب: (28مَنْ خَالَفَ نَامُوسَ مُوسَى فَعَلَى شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يَمُوتُ بِدُونِ رَأْفَةٍ.) عبرانيين 10: 28، فهل لهذا قتله اليهود؟ أم تراه كان يتصنع السبب الذى بسببه يقتله اليهود؟ أم تراه ضحك على اليهود وقام بإلغاء فقرة النظافة والطهارة من دينهم وتركوه يلهو ويلعب بدينهم؟
                            أم كتب هذا الكتاب أعداؤه ليظهروه أنه لم يكن تابعًا للناموس فيرفضه اليهود، الذين قامت الدعوة بينهم، وينفضُّوا عن دينه، محاولة من أعدائه لوأد دينه فى مهده، والحد من انتشاره، وإخراج من يتبعه من جماعة الرب وعنايته ونصره لهم؟
                            * * *
                            الجنة تحت ظلال السيوف:
                            أما استشهاد الكاتب بقول الرسول  إن الجنة تحت ظلال السيوف، وأن الخروج فى سبيل الله إيمانًا به وتصديقًا لرسله ضمان للجنة، فنقول له:
                            اختار الكاتب عنوانين لفقرته هذه ليوحى إلى القارىء أن الإسلام لا يعرف إلا القتل، وأن ضمان دخول المؤمن الجنة هو الموت فى سبيل الله من خلال الجهاد. بمعنى أنه مازال يُدندن حول انتشار الإسلام بالسيف، وأن الإسلام لا يعرف إلا العنف والإرهاب. وقد رددت عليه بما فيه الكفاية، وأثبت له أنه يرمى الإسلام بما تُدان به المسيحية واليهودية أيضًا من داخل التاريخ والكتاب الذى يقدسه.
                            ويتعمَّد الكاتب هنا أن يقتطع جزءًا من الحديث وسياقه التاريخى ليثبت عكس الحقيقة، الأمر الذى يجعلنا نسىء الظن فيه تمامًا. فأسأل الله له الهداية!
                            {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} البقرة 109
                            ولنقرأ الحديث كاملا فى سياقه: بعد هروب الرسول  وصحابته إلى المدينة، وبعد أن عقدوا اتفاقات المعايشة والدفاع المشترك مع اليهود، خانهم اليهود (بنى قريظة)، وقلبوا المشركين من العرب ضدهم، ذهب إليهم المشركون من مكة إلى المدينة فى جيش قوامه 10000 رجلا، يعاونهم يهود المدينة والمنافقون. فى الوقت الذى كان جيش المسلمين 3000 رجلا. وكان سبب مجيئهم استئصال الإسلام وقتل الرسول  وصحابته. ألا يحق للمسلمين فى هذه الحالة أن يدافعوا عن أنفسهم؟ اسأل أى عاقل فى الدنيا هذا السؤال! واقرأ فى التاريخ طوله وعرضه: أى دولة هوجمت، فأدارت الخد الآخر للعدو؟ وحفر المسلمون خندقًا حول المدينة قبل وصول المشركين، لذلك سميت هذه الغزوة بغزوة الأحزاب أو غزوة الخندق، وعندما وصل المشركون حدثت بعض المناوشات.
                            في هذا الوقت العصيب وأثناء حفر الخندق كان النبي  يبشرهم بأمر عظيم! قال البراء: لما كان يوم الخندق عرضت لنا في بعض الخندق صخرة لا تأخذ منها المعاول، فاشتكينا ذلك لرسول ، فجاء وأخذ المعول فقال: (بسم الله، ثم ضرب ضربة، وقال: الله كبر، أعطيتُ مفاتيح الشام، والله إني لأنظر إلى قصورها الحمر الساعة، ثم ضرب الثانية فقطع آخر، فقال: الله كبر، أعطيت فارس، والله إني لأبصر قصر المدائن الآن، ثم ضرب الثالثة فقال: بسم الله فقطع بقية الحجر، فقال: الله أكبر أعطيت مفاتح اليمن، والله إني لأبصر صنعاء من مكاني.) وقد حدث كل هذا فيما بعد تصديقًا لنبوته . (21وَإِنْ قُلتَ فِي قَلبِكَ: كَيْفَ نَعْرِفُ الكَلامَ الذِي لمْ يَتَكَلمْ بِهِ الرَّبُّ؟ 22فَمَا تَكَلمَ بِهِ النَّبِيُّ بِاسْمِ الرَّبِّ وَلمْ يَحْدُثْ وَلمْ يَصِرْ فَهُوَ الكَلامُ الذِي لمْ يَتَكَلمْ بِهِ الرَّبُّ بَل بِطُغْيَانٍ تَكَلمَ بِهِ النَّبِيُّ فَلا تَخَفْ مِنْهُ»)التثنية 18: 21-22
                            في هذه الأثناء انطلق كبير مجرمي يهود بني النضير حيي بن أخطب إلى ديار بني قريظة، فأتى كعب بن أسد القرظي سيدهم، وكان قد عاقد رسول الله  على أن ينصره إذا أصابته حرب، فضرب حيي عليه الباب، فأغلقه كعب دونه، فما زال يكلمه حتى فتحه فقال حيي: إني قد جئتك يا كعب بعز الدهر وببحر طام، جئتك بقريش على قادتها وسادتها، حتى أنزلتهم بمجمع الأسيال من ردمه، وبغطفان على قادتها وسادتها حتى أنزلتهم إلى جانب أحد، قد عاهدوني وعاقدوني على أن لا يبرحوا حتى نستأصل محمدًا ومن معه.
                            فقال كعب: جئتني والله بذل الدهر وبجهام قد هراق ماؤه، فهو يرعد ويبرق، ليس فيه شيء، ويحك يا حيي فدعني وما أنا عليه، فإني لم أر من محمد إلا صدقًا ووفاءً فلم يزل به حتى أعطاه عهدًا من الله وميثاقًا: لئن رجعت قريش وغطفان، ولم يصيبوا محمدًا أن أدخل معك في حصنك حتى يصيبني ما أصابك، فنقض كعب عهده وبرئ مما كان بينه وبين المسلمين ودخل مع المشركين.
                            وبدأت يهود بني قريظة بعمليات الحرب، مر رجل منهم فجعل يطوف بالحصن الذي فيه النساء والذراري، فرأته صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله  فشدت على وسطها ثم أخذت عمودًا، ونزلت من الحصن، فضربته بالعمود حتى قتلته، ثم رجعت إلى الحصن، وبهذا ظن اليهود أن للمسلمين ظهرًا فلم يقربوهم، وهنا دب الرعب في قلوب بعض المؤمنين حين علموا بنقض بني قريظة العهد فأمامهم جيش عرمرم لا يستطيعون الانصراف عنه، وبنو قريظة خلفهم لا يؤمن من هجومهم على نسائهم وذراريهم حتى قال المنافقون: كان محمدًا يعدنا أن نأخذ كنوز كسرى وقيصر، وأحدنا اليوم لا يأمن على نفسه أن يذهب إلى الغائط وقال بعضهم: إن بيوتنا عورة من العدو، فأْذن لنا أن نخرج فنرجع إلى دارنا، فإنها خارج المدينة، وهمت بنو سلمة بالفشل، وكان حالهم كما حكى الله عن موسى وقومه حين أدركهم فرعون وجنوده بغيًا وعدوًا والبحر من أمامهم (فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) الشعراء 61-62
                            وأما أهل النفاق وضعفاء النفوس ممن أثّر فيهم الإرجاف فقد تزعزعت قلوبهم وانخلعت صدورهم لرؤية الجموع والعدد والعدة (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا) الأحزاب 13. وقال المنافقون في ما بشر النبي من خزائن كسرى وقيصر: كان محمد يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر، وأحدنا اليوم لا يأمن على نفسه أن يذهب إلى الغائط، وقالوا تنصلًا من الجهاد وهربًا منه: (يَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا) الأحزاب 113
                            وأثناء هذه الحرب بين ترقب هجوم من أى جانب من المشركين أو اليهود، صعد رسول الله  المنبر بثبات القائد المغوار وخطب فى الناس، ناهيًا إياهم عن تمنى لقاء العدو، وطالبًا منهم أن يسألوا الله العافية، أن يعافيهم من اضطرارهم للقاء العدو. لكن إذا اضطروا إلى لقاء العدو فعليهم بالصبر وعدم الجزع، فالجنة أقرب إليهم من الموت نفسه، فهى على الأرض تحت ظلال السيوف. ثم دعا الرسول  ربه أن يهزم الأحزاب، وينصر المسلمين عليهم، فاستجاب الله الدعاء وبلغ الأمل وأذن بالنصر، وأرسل جنودًا من الرعب والريح قلبت قلوبهم وقدورهم، وقوضت قوتهم وخيامهم ودفنت رحالهم وآمالهم، فلم تدع قدرًا إلا كفأتها ولا طنبًا إلا قلعته! ولا قلبًا إلا أهلعته وأرعبته، ولا خيمة إلا واقتلعتها، وأرسل الله جندًا من الملائكة يزلزلونهم، ويلقون في قلوبهم الرعب، فرحلوا لم ينالوا خيرًا وكفى الله المؤمنين القتال. ثم توجه إلى قريظة فقتل رجالهم وسبى نساءهم بحكم سعد بن معاذ.
                            لذلك وقف الرسول  فى المسلمين خاطبًا فيهم: عن أبي إبراهيم عبد الله بن أبي أوفى ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله  في بعض أيامه التي لقي فيها العدو، انتظر حتى مالت الشمس، ثم قام فيهم فقال: (أَيُّهَا النَّاسُ لَا تَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ، وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ وَمُجْرِيَ السَّحَابِ وَهَازِمَ الْأَحْزَابِ اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ) البخاري (3/1082، رقم 2804)، ومسلم (3/1362، رقم 1742)، وأبو داود (3/42، رقم 2631). وأحمد (4/353 ، رقم 19137)
                            وفى الحقيقة إلى هنا يجب أن تنتهى الشبهة التى تتمنى أن تكون حقيقة. فها هى تبدأ بعدم تمنى لقاء العدو والإقتتال، ولكن إذا هاجم العدو أو وقع القتال فعليهم بالصبر، فإن الجنة تحت ظلال السيوف، أى إن من يمت شهيدًا فقد انتقل من الدنيا إلى الخلود فى الجنة. فما المشكلة أن يقوى القائد عزيمة جنوده بالوعود الحق؟ ما هو الخطأ فى دفاع أمة أو قرية أو جماعة ظُلمت عن نفسها؟
                            هل علم القارىء الآن لماذا اقتطع الكاتب الأمين جزءًا من الحديث؟ لا يوجد سبب إلا لجهل لا يعظمه جهل، أو لأنه يريد أن يطمس الحق. ويطمس أى دليل يشير إلى نبوة الرسول  ويشهد له بالصدق، وأن الله تعالى كان يؤيده ويدافع عن دعوته. وإلا لماذا صبر الله عليه 23 عامًا يضلل الناس فى عرفكم؟ (34فَالنَّبِيُّ أَوِ الْكَاهِنُ أَوِ الشَّعْبُ الَّذِي يَقُولُ: وَحْيُ الرَّبِّ - أُعَاقِبُ ذَلِكَ الرَّجُلَ وَبَيْتَهُ. ... 38وَإِذَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ: وَحْيُ الرَّبِّ - فَلِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ قَوْلِكُمْ هَذِهِ الْكَلِمَةَ: وَحْيُ الرَّبِّ وَقَدْ أَرْسَلْتُ إِلَيْكُمْ قَائِلاً لاَ تَقُولُوا: وَحْيُ الرَّبِّ 39لِذَلِكَ هَئَنَذَا أَنْسَاكُمْ نِسْيَاناً وَأَرْفُضُكُمْ مِنْ أَمَامِ وَجْهِي أَنْتُمْ وَالْمَدِينَةَ الَّتِي أَعْطَيْتُكُمْ وَآبَاءَكُمْ إِيَّاهَا. 40وَأَجْعَلُ عَلَيْكُمْ عَاراً أَبَدِيّاً وَخِزْياً أَبَدِيّاً لاَ يُنْسَى) إرميا 23: 34
                            (وأيُّ نبيٍّ تكلَّمَ باَسْمي كلامًا زائدًا لم آمُرْهُ بهِ،أو تكلَّمَ باَسْمِ آلهةٍ أُخرى، فجزاؤُهُ القَتْلُ) التثنية 18: 20 (الترجمة العربية المشتركة)
                            (ولكن أَيُّ نَبِيٍّ اعتَدَّ بنَفْسِه فقالَ بِاَسْمي قَولاً لم آمُرْه أَن يَقولَه، أَو تكَلَّمَ بِاَسمِ آِلهَةٍ أُخْرى، فليَقتَلْ ذلك النَّبِيّ.) التثنية 18: 20 (الترجمة الكاثوليكية)
                            إنك أيها الكاتب بين الأمر الثلاثة الآتية:
                            إما كذب الرب فى كتابك، ولم ينتقم من نبيه، وأصبح هذا الكتاب غير مقدس، وإنما جمع من الأساطير!
                            وإما فشل الرب فى قتل الرسول ، ومثل هذا الإله الفاشل لا حاجة لك لعبادته أو حتى التمسك بكتابه!
                            وإما صدق الرب فى كتابك وحمى نبيه ورسوله، وكان هذا من دلائل نبوة الرسول !!
                            فالمسلمون معتدى عليهم، ويأمر الرسول  المسلمين أن لا يتمنوا لقاء العدو، وأن يصرف الله عنهم القتال المفروض عليهم بسبب اعتداء الكفار عليهم. ويقوى ثالثًا من عزمهم، ويدفعهم للقتال إذا اضطروا إلى ذلك بالنفس والنفيس، فسوف يرون مقعدهم فى الجنة قبل استشهادهم، لأن الجنة تحت ظلال السيوف.
                            قال الله سبحانه وتعالى: (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) آل عمران 169
                            ولم يكن هذا موقف الرسول  فى هذه الحرب فقط، فقد أمر صحابته قائلا: (دعوا الحبشة ما ودعوكم، واتركوا الترك ما تركوكم) سنن أبي داود (3748)
                            أى إذا لم يعتدوا عليكم، فلا تعتدوا عليهم، مصداقًا لقوله سبحانه وتعالي (وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّاللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ) البقرة 190
                            إن الجهاد فى سبيل الله من أفضل الأعمال بعد الإيمان بالله ورسوله، ولا يقتصر الجهاد فى سبيل الله فقط على قتال أعداء الدولة الإسلامية. بل هناك أيضًا:
                            جهاد للنفس، ويكون مجاهدتها بكبح أهوائها وغرائزها التي تجنح بالإنسان إلى الانغماس في الشهوات المحرمة، ثم بمجاهدتها للاستقامة على العمل الصالح المبني على العلم الصحيح، وذلك بالتزود من العلم الشرعي الذي ينير البصيرة، ويوضح الطريق. يقول تعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) العنكبوت 69
                            وجهاد بالمال: بذل المال في أوجه الخير بعامة، وفي إعداد الجيش بخاصة،
                            وجهاد الشيطان، ويكون بدفع ما يلقي الشيطان في النفس من الشبهات المضلة، والشهوات المحرمة.
                            وجهاد المنافقين والفساق، ويكون بأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وتوجيههم وإرشادهم ونصحهم بالتي هي أحسن، ودحض شبهاتهم وإرجافاتهم، وبيان زيف ادعاءاتهم. هذا غير جهاد الكفار.
                            قال سبحانه وتعالى: (وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا) النساء 75
                            والغريب أن الكاتب لم يخطر بباله صورة مماثلة لما نُسب ليسوع:
                            1- فيسوع يحث التلاميذ على بيع ملابسهم واقتناء سيوف، وقد ذُكرت كلمة (سيف) فى الكتاب الذى يقدسه الكاتب طبعة الفاندايك 390 مرة، عندما أحس بخطر اليهود وتجمعهم عليهم، فى الوقت الذى يكتفى فيه بسيفين، ولا أعرف ماذا سيعمل سيفان أمام كل هذه الجموع: (35ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «حِينَ أَرْسَلْتُكُمْ بِلاَ كِيسٍ وَلاَ مِزْوَدٍ وَلاَ أَحْذِيَةٍ هَلْ أَعْوَزَكُمْ شَيْءٌ؟» فَقَالُوا: «لاَ». 36فَقَالَ لَهُمْ: «لَكِنِ الآنَ مَنْ لَهُ كِيسٌ فَلْيَأْخُذْهُ وَمِزْوَدٌ كَذَلِكَ. وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ وَيَشْتَرِ سَيْفًا. 37لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَتِمَّ فِيَّ أَيْضًا هَذَا الْمَكْتُوبُ: وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ. لأَنَّ مَا هُوَ مِنْ جِهَتِي لَهُ انْقِضَاءٌ». 38فَقَالُوا: «يَا رَبُّ هُوَذَا هُنَا سَيْفَانِ». فَقَالَ لَهُمْ: «يَكْفِي!».) لوقا 22: 35-38
                            وطبعًا لا يُجادل ذو عقل أو ذو إيمان أن السيف وظيفته القتل والحرب: (16تُجَازَى السَّامِرَةُ لأَنَّهَا قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَى إِلَهِهَا. بِـالسَّيْفِ يَسْقُطُونَ. تُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ وَالْحَوَامِلُ تُشَقُّ) هوشع 13: 16
                            (... إِنِّي أُعَاقِبُ تِلْكَ الأُمَّةَ بِالسَّيْفِ وَالْجُوعِ وَالْوَبَإِ يَقُولُ الرَّبُّ حَتَّى أُفْنِيَهَا بِيَدِهِ.) إرمياء 27: 8
                            (.. .. يَقُولُ الرَّبُّ: السَّيْفَ لِلْقَتْلِ .. ...) إرمياء 15: 3
                            ولن نجادل فى أن من أمر بإبادة الأمم والقتل الجماعى والتصفية العرقية هو يسوع نفسه بصفته يهوه فى العهد القديم.
                            وكذلك حث الرسول  المؤمنين على القتال، عندما تجمع عليه المشركون واليهود لاستئصال المسلمين وقتله .
                            2- تضرع يسوع لله تعالى مصليًا راكعًا ساجدًا لله تعالى أن يحفظه وينقذه من كأس الموت والعذاب، وطالب من أتباعه أن يصلوا ويدعوا الله تعالى أن ينقذهم من هذه الفتنة القادمة، وظهر له ملاك من السماء يقويه، ومع ذلك لم يتقبل الرب دعاء يسوع، ولا تلاميذه، وقبض على يسوع وعذِّب وقتل على الصليب مقهورًا، ومات ميتة الملاعين المعلقين على خشبة: (39وَخَرَجَ وَمَضَى كَالْعَادَةِ إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ وَتَبِعَهُ أَيْضًا تَلاَمِيذُهُ. 40وَلَمَّا صَارَ إِلَى الْمَكَانِ قَالَ لَهُمْ: «صَلُّوا لِكَيْ لاَ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ». 41وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى 42قَائِلًا: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ. وَلَكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ». 43وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ. 44وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ. 45ثُمَّ قَامَ مِنَ الصَّلاَةِ وَجَاءَ إِلَى تَلاَمِيذِهِ فَوَجَدَهُمْ نِيَامًا مِنَ الْحُزْنِ. 46فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا أَنْتُمْ نِيَامٌ؟ قُومُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ».) لوقا 22: 39-46
                            وهو نفس قول الرسول  للمؤمنين أن لا يتمنوا لقاء العدو وأن يسألوا الله العافية، فإذا لقوا الكفار عليهم أن يصبروا.
                            فلو طبقنا قول الرب فى النبى الكاذب لأصابت يسوع الذى تؤمنون بقتله عن طريق اليهود والرومان: (وأيُّ نبيٍّ تكلَّمَ باَسْمي كلامًا زائدًا لم آمُرْهُ بهِ،أو تكلَّمَ باَسْمِ آلهةٍ أُخرى، فجزاؤُهُ القَتْلُ) التثنية 18: 20 (الترجمة العربية المشتركة).
                            ألم أخبركم أن اليهود الذين كتبوا هذه الأسفار يهينون يسوع وأمه وتلاميذه فيها؟
                            وهرب تلاميذ يسوع فى أول لقاء لهم مع الأعداء وتركوا يسوع للذل والمهانة والموت: (50فَتَرَكَهُ الْجَمِيعُ وَهَرَبُوا.) مرقس 14: 50
                            وها هو رسول الله  يدعوا الله تعالى أن يهلك عدوه، قائلا: (اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم). فيتقبل الله تعالى دعوته، ودعوة المؤمنين، وينصرهم عليهم دون قتال، وذلك بأن أرسل ملائكة من السماء قاتلت عنهم، وأرسل ريحًا اقتلعت الخيام والقدور، وهُزموا هزيمة نكراء.
                            (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا) الأحزاب 9
                            فهل تقبل الرب دعوة يسوع؟
                            هل أنقذ ملاك الرب يسوع؟
                            هل تمكن الرب من حماية يسوع؟
                            هل نصر الرب الحق على الباطل؟
                            هل هذا يثبت أن يسوع رسول حق من عند الرب، أم أنه تقوَّل على الرب، فتركه يُقتل بيد أعدائه (التثنية 18: 20)؟ أم كتب أعداؤه هذا الكلام ونسبوه ليسوع؟
                            أى القصتين تثبت أن الداعى إلى الله نبى من عند الله، وتؤكد دعوته فى عيون أتباعه وأعدائه؟ أى القصتين تثبت صدق الداعى إلى الله صدق رسالته؟
                            لكن على المفهوم الإسلامى فقد أنقذ الله تعالى عبده ونبيه عيسى  من الصلب والقتل، وبذلك أثبت صدق رسالته. ألم يقل لكم يسوع إن الصادق الأمين سيبرئه ويُطهِّر أمه، ويُنقى سيرته ورسالته ويأخذ له حقه؟ (13وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ رُوحُ الْحَقِّ فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ لأَنَّهُ لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ. 14ذَاكَ يُمَجِّدُنِي لأَنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ.) يوحنا 16:
                            إلا أن الاثنين اتفقا على دعوة الله تعالى أن يخلصهم من اليهود. راجع أيضًا: (رد السهام عن خير الأنام) للأستاذ (أكرم حسن مرسي)
                            * * * * *
                            الطب النبوى واعتراض الكاتب عليه:
                            يواصل الكاتب انتقاده للإسلام قائلا:
                            5- الطب
                            • شرب أبوال الإبل يجعل بدنك صحيحًا
                            "فأمرهم النبي..أن يلحقوا براعيه، يعني الإبل، فيشربوا من ألبانها وأبوالها حتى صلحت أبدانهم". جـ 590:7
                            • الحمى من سخونة جهنم
                            قال محمد: "الحمى من فيح (سخونة) جهنم فابردوها بالماء".جـ 619:7
                            • غمس الذبابة في الشراب شفاء
                            قال محمد: "إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه فإن في إحدى جناحيه داء والأخرى شفاء". جـ 537:4
                            • أي الأبوين يشابه المولود؟
                            قال محمد: "إذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد (شابه الرجل) وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزعت الولد (شابه المرأة)".جـ 275:5
                            وأرد عليه قائلا:
                            أما بالنسبة للشرب من أبوال وألبان الإبل فأنقل ما كتبه موقع الخيمة عن المتخصصين فى هذا الموضوع:
                            فوائد ألبان وأبوال الإبل:
                            عَنْ أَنَسٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ نَاسًا اجْتَوَوْا فِي الْمَدِينَةِ فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ  أَنْ يَلْحَقُوا بِرَاعِيهِ يَعْنِي الابِلَ فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا فَلَحِقُوا بِرَاعِيهِ فَشَرِبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا حَتَّى صَلَحَتْ أَبْدَانُهُمْ فَقَتَلُوا الرَّاعِيَ وَسَاقُوا الإبلَ فَبَلَغَ النَّبِيَّ  فَبَعَثَ فِي طَلَبِهِمْ فَجِيءَ بِهِمْ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ . رواه البخاري
                            قال القزاز اجتووا أي لم يوافقهم طعامها وقال ابن العربي داء يأخذ من الوباء وفي رواية أخرى استوخموا قال وهو بمعناه وقال غيره داء يصيب الجوف وفي رواية أبي عوانة عن أنس في هذه القصة فعظمت بطونهم .
                            وفي أثر عن الشافعي  أورده السيوطي في المنهج السوي والمنهل الروي يقول: ثلاثة أشياء دواء للداء الذي لا دواء له، الذي أعيا الأطباء أن يداووه: العنب ولبن اللقاح وقصب السكر، ولولا قصب السكر ما أقمتُ بمصر.
                            علاج السرطان بألبان وأبوال الإبل
                            يذكر صاحب كتاب طريق الهداية في درء مخاطر الجن والشياطين أنه أخبر عن نفر من البادية عالجوا أربعة أشخاص مصابين بسرطان الدم وقد أتوا ببعضهم من لندن مباشرة بعد ما يأسوا من علاجهم وفقد الأمل بالشفاء وحكم على بعضهم بنهاية الموت لأنه سرطان الدم، ولكن عناية الله وقدرته فوق تصور البشر وفوق كل شيء، فجاءوا بهؤلاء النفر إلى بعض رعاة الإبل وخصصوا لهم مكان في خيام وأحموهم من الطعام لمدة أربعين يوما ثُم كان طعامهم وعلاجهم حليب الإبل مع شيء من بولها خاصة الناقة البكر لأنها أنفع وأسرع للعلاج وحليبها أقوى خاصة من رعت من الحمض وغيره من النباتات البرية وقد شفوا تماما وأصبح أحدهم كأنه في قمة الشباب وذلك فضل الله أ.هـ.
                            وبول الإبل يسميه أهل البادية "الوَزَر"، وطريقة استخدامه بأن يؤخذ مقدار فنجان قهوة أي ما يعادل حوالي ثلاثة ملاعق طعام من بول الناقة ويفضل أن تكون بكرًا وترعى في البر ثم يخلط مع كأس من حليب الناقة ويشرب على الريق.
                            وفي مقالة في جريدة الاتحاد العدد 9515 بتاريخ 7/24/2001
                            http://www.alittihad.co.ae/
                            تتناول دراسة الدكتور محمد مراد الإبل في مجال الطب والصحة حيث يشير إلى أنه في الماضي البعيد استخدم العرب حليب الإبل في معالجة الكثير من الأمراض ومنها أوجاع البطن وخاصة المعدة والأمعاء ومرض الاستسقاء وأمراض الكبد وخاصة اليرقان وتليف الكبد وأمراض الربو وضيق التنفس ومرض السكري، واستخدمته بعض القبائل لمعالجة الضعف الجنسي حيث كان يتناوله الشخص عدة مرات قبل الزواج إضافة إلى أن حليب الإبل يساعد على تنمية العظام عند الأطفال ويقوي عضلة القلب بالذات، ولذلك تصبح قامة الرجل طويلة ومنكبه عريض وجسمه قوي إذا شرب كميات كبيرة من الحليب في صغره.
                            واستخدمت أبوال الإبل وخاصة بول الناقة البكر كمادة مطهرة لغسل الجروح والقروح ولنمو الشعر وتقويته وتكاثره ومنع تساقطه، وكذا لمعالجة مرض القرع والقشرة. ويقال إن في دماء الإبل القدرة على شفاء الإنسان من بعض الأمراض الخبيثة.
                            وقيل إن حليب الإبل يحمي اللثة ويقوي الأسنان نظرًا لاحتوائه على كمية كبيرة من فيتامين ج ويساعد على ترميم خلايا الجسم لأن نوعية البروتين فيه تساعد على تنشيط خلايا الجسم المختلفة، وبصورة عامة يحافظ حليب الإبل على الصحة العامة للإنسان.
                            وتشير النتائج الأولية للبحوث التي أجراها بعض الخبراء والعلماء أن تركيب الأحماض الأمينية في حليب الإبل تشبه في تركيبها هرمون الأنسولين، وأن نسبة الدهن في لحوم الإبل قليلة وتتراوح بين 1،2 في المئة و2،8 في المئة، وتتميز دهون لحم الابل بأنها فقيرة بالأحماض الأمينية المشبعة، ولهذا فإن من مزايا لحوم الإبل أنها تقلل من الإصابة بأمراض القلب عند الإنسان.
                            وفي مقالة أخرى أظنها من صحيفة الزمان أن باحثا علميا توصل إلى أن بول الإبل يشفي من طائفة من أمراض الجهاز الهضمي وعلى رأسها التهاب الكبد والباحث اسمه محمد أوهاج.
                            يقول أوهاج في البحث إن التحاليل المخبرية تدل على أن بول الجمل يحتوي على تركيز عالي من البوتاسيوم والبولينا والبروتينات الزلالية والأزمولارتي وكميات قليلة من حامض اليوريك والصوديوم والكرياتين. وأوضح أن ما دعاه تقصي خصائص البول البعيري العلاجية هو أنه رأى أفراد قبيلة يشربون ذلك البول حينما يصابون باضطرابات هضمية واستعان ببعض الأطباء لدراسة البول الإبلي فأتوا بمجموعة من المرضى وسقوهم ذلك البول لمدة شهرين وكانت النتيجة أن معظمهم تخلصوا من الأمراض التي كانوا يعانون منها يعني ثبت علميًا أن بول الجمال مفيد إذا شربته على الريق كما توصل أوهاج إلى أن بول الجمال يمنع تساقط الشعر.
                            وهذه مقالة من موقع الخالدي www.alkhaldi.8k.com
                            وجاء مقطعها الثاني من موقع لقط المرجان.
                            تقول المقالة أكدت مجموعة من العلماء بقسم علوم الأغذية بكلية الزراعة بجامعة الفاتح بليبيا، أن ألبان الإبل هي الأفضل من حيث ثرائها بمكونات الغذاء، ومن حيث سلامتها تمامًا. ركز العلماء في البداية في أبحاثهم على لبن الناقة، والمقارنة بين خواصه الحيوية وألبان الأبقار، بعد كارثة أمراض جنون البقر التي تتجدد بين فترة وأخرى، وفي أكثر من بلد أوروبي وغيرها من الأمراض التي يمكن أن تصيب الأغنام كذلك. بينما لم يسمع أحد إصابة إنسان بأية أمراض من جراء تناوله ألبان النوق.
                            وفي هذه الدراسة العلمية والمعملية التي شارك فيها مجموعة من أساتذة كلية زراعة جامعة الفاتح، أثبت العلماء أن حليب الابل يحتوي على كمية فائقة من فيتامين (ج) بما يعادل ثلاثة أمثال مثيله من ألبان الأبقار، في حين تصل نسبة (الكازين) إلى 70% من البروتين في ألبان الإبل، الأمر الذي يجعله سهل الهضم والامتصاص مقارنة بحليب الأبقار الذي تصل النسبة فيه إلى 80%، وكشفت الدراسة أن نسبة الدهون في حليب النوق هي أقل منها في حليب الأبقار، كما أنها حبيبات أقل حجمًا يسهل امتصاصها وهضمها.
                            فضلًا عن ذلك فإن ألبان النوق تحتوي على مواد تقاوم السموم والبكتريا، ونسبة كبيرة من الأجسام المناعية المقاومة للأمراض، خاصة للمولودين حديثًا. ويمكن وصف حليب الإبل لمرضى الربو، والسكري، والدرن، والتهاب الكبد الوبائي، وقرح الجهاز الهضمي، والسرطان. لكن الدراسة العلمية كشفت عن مفاجأة أكبر، وهي احتواء ألبان الإبل على نسبة عالية من المياه تتراوح بين 84% و91% وهي نسبة غير موجودة في أي نوع من الألبان الأخرى، وقد تجلت قدرة الله تعالى في دور هرمون (البرولاكتين) في عملية دفع المياه في ضرع الناقة لتزيد كمية المياه في اللبن، ولوحظ أن هذه العملية تتم في الأبل وقت اشتداد الحر التي يحتاج فيها مولودها الرضيع لهذه الكمية من الماء، وكذلك الإنسان العابر معها الصحراء إلى كميات متزايدة من المياه ليطفىء ظمأه.
                            أثبتت أيضًا التجارب العلمية الليبية أن حليب النوق يحتفظ بجودته وقوامه لمدة 12 يومًا في درجة حرارة (أم) في حين أن حليب الأبقار يحتفظ بخواصه لمدة لاتزيد على يومين في نفس درجة الحرارة، وينصح أصحاب الدراسة بتناول كوب من لبن الإبل قبل النوم مع ملعقة من عسل النحل للتمتع بنوم هادىء وصحة جيدة. وصدق الله العظيم اذ يقول (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت).
                            وفي حياة الحيوان الكبرى يقول المؤلف: وبول الإبل ينفع من ورم الكبد ويزيد فـي الباه.
                            ألبان الإبل.. بديل غذائي للفواكه والخضراوات (2003-03-07 07:06)
                            أبرزت دراسة علمية أهمية ألبان الإبل كبديل غذائي مهم عن الفواكه الطازجة والخضراوات الورقية، نظرًا لغنى ألبان الإبل بالفيتامينات والمعادن اللازمة لسلامة صحة سكان البادية، ويقول الدكتور عبد العاطي كامل رئيس بحوث الأبقار بمركز البحوث الزراعية التابع لوزارة الزراعة إن ألبان الإبل تحتوي على كمية فائقة من فيتامين (سي)، وهو الأمر الذي يجعل لألبان الإبل أهمية عظيمة لسكان المناطق الصحراوية التي لا توجد فيها الخضراوات الورقية الطازجة والفواكه
                            وأشار د. عبد العاطي إلى أن معدلات الفيتامينات والمعادن في ألبان الإبل يزداد تركيزها مع التقدم خلال موسم الحليب الذي يمتد إلى 12 شهرا كاملا متفوقا بذلك على موسم الحليب في الأبقار والجاموس والذي لا يزيد عن 7 أشهر، وفي الأغنام 3 أشهر فقط
                            وأضاف أن نسبة الفيتامينات والأملاح في ألبان الإبل تصل إلى ثلاثة أضعاف ما في ألبان الأبقار ومرة ونصف ما في ألبان الأمهات من النساء، مؤكدًا أن نسبة الكازين تصل بألبان الإبل إلى 70% من البروتين، الأمر الذي يؤدي إلى سهولة هضمه وسرعة امتصاصه في جسم الإنسان، كما أن تركيزات فيتامين بي1، بي2، في ألبان الإبل تتفوق على نظيرتها في ألبان الأغنام والماعز... هذه الفقرة منقوله عن موقع مصراوي
                            الخرطوم – كونا: كشف عميد كلية المختبرات الطبية بجامعة الجزيرة ‏ ‏السودانية البروفسير أحمد عبد الله أحمداني عن تجربة علمية باستخدام (بول الإبل) ‏ ‏لعلاج أمراض الاستسقاء وأورام الكبد أثبتت نجاحها لعلاج المرضى المصابين بتلك ‏ الأمراض. ‏ ‏

                            تعليق


                            • #74
                              الملف 51
                              وأضاف البروفسير أحمداني في ندوة نظمتها جامعة الجزيرة أن التجربة‏ ‏بدأت بإعطاء كل مريض يوميًا جرعة محسوبة من (بول الإبل) مخلوطا بلبنها حتى يكون ‏‏مستساغا وبعد 15 يوما من بداية التجربة كانت النتيجة مدهشة للغاية حيث انخفضت ‏ ‏بطون جميع أفراد العينة وعادت لوضعها الطبيعي وشفوا تمامًا من الاستسقاء. ‏ ‏
                              وذكر أحمداني أن تشخيصًا لأكباد المرضى قبل بداية الدراسة قد جرى بالموجات ‏ ‏الصوتية وتم اكتشاف أن كبد 15 مريضًا من 25 تحتوي (شمعًا) وبعضهم كان مصابًا بتليف ‏الكبد بسبب مرض البلهارسيا. واستطرد البروفسير أحمدانى قائلا إن جميع المرضى استجابوا للعلاج باستخدام ‏(بول الإبل) وبعض أفراد العينة من المرضى استمروا برغبتهم في شرب جرعات بول الإبل ‏ ‏يوميًا لمدة شهرين آخرين وبعد نهاية تلك الفترة أثبت التشخيص شفاءهم جميعا من تليف ‏ ‏الكبد. ‏ ‏
                              وتحدث البروفسير أحمداني في محاضرته عن تجربة علاجية رائدة أخرى لمعرفة أثر ‏لبن الإبل على معدل السكر في الدم استغرقت سنة كاملة وأثمرت الدراسة فيما بعد عن ‏ ‏انخفاض نسبة السكر في المرضى بدرجة ملحوظة. ‏ ‏
                              وأشار إلى أنهم اختاروا في هذه التجربة عددًا من المتبرعين المصابين بمرض السكر لإجراء التجربة العلمية حيث قسم المتبرعين لفئتين قدم فيها للفئة الأولى جرعة من ‏ ‏لبن الإبل بمعدل نصف لتر يوميًا فيما حجبت عن الفئة الثانية. ‏ ‏
                              وشرح البروفسير أحمداني في ختام محاضرته حول الأعشاب الطبية والطب الشعبي ‏‏الخواص العلاجية لبول ولبن الإبل، وقال أن بول الإبل يحتوي على كمية كبيرة من ‏ ‏البوتاسيوم ويحتوي أيضا على زلال ومغنسيوم إذ أن الإبل لا تشرب في فصل الصيف سوى ‏أربعة مرات فقط ومرة واحدة في الشتاء وهذا يجعلها تحتفظ بالماء في جسمها لاحتفاظه ‏بمادة الصوديوم، حيث أن الصوديوم يجعلها لا تدر البول كثيرًا لأنه يرجع الماء إلى ‏الجسم.‏ ‏
                              وأوضح البروفسير أحمدانى أن مرض الاستسقاء ينتج عن نقص في الزلال أو ‏ في البوتاسيوم وبول الإبل غني بالاثنين معا. ‏ ‏
                              وأشار أحمدانى إلى استخدام بعض الشركات العالمية لبول الإبل في صناعة أنواع ‏ ممتازة من شامبو الشعر وأن أفضل أنواع الإبل التي يمكن استخدام بولها في العلاج ‏هي الإبل البكرية.
                              وفي مقالة نقلًا عن موقع طبيبي (مع تصحيح بعض الأخطاء الكتابية):
                              ما هو سر اعتزاز أهل الصحراء بنوقهم وما هي فوائد لبنها؟
                              بشكل عام يكون لبن الناقة أبيض مائلا للحمرة، وهو عادة حلو المذاق لاذع، إلا أنه يكون في بعض الأحيان مالحًا، كما يكون مذاقه في بعض الأوقات مثل مذاق المياه. وفي بعض البلدان لا يقبل الناس على حليب الناقة بل يرفضونه بسبب مذاقه الكريه على حد قولهم، وإذا رج هذا الحليب فإنه تتكون رغوة فيه ولو لفترة بسيطة، وترجع التغييرات في مذاق الحليب هذا إلى نوع الأعلاف التي تأكلها الناقة أو النباتات الرعوية التي ترعاها ومياه الشرب التي تتناولها.
                              وعندما يترك حليب الناقة لبعض الوقت تزداد درجة الحموضة وهي النسبة المئوية لحمض اللاكتيك فيه بسرعة، ويتزايد محتوى الحليب من هذا الحمض المذكور من 03 % بعد تركه بساعتين إلى 0,14% بعد 6 ساعات. وعموما يمتلك الحليب الطازج حموضة منخفضة تزداد ببطء عند الحفظ، كما أن خثرة حليب الناقة أكثر طراوة من حليب البقرة. ويكون لبن الناقة أبيض اللون ويخفف على نحو طفيف بعض الشيء بالمقارنة مع لبن البقرة.
                              وفي الصومال يستخدم البعض اللبن .. كغذاء، إلا أنه لا يستعمل عموما إلا كمسهل، غير أنه في معظم البلاد التي تربى فيها الإبل يعتبر اللبن غير ملائم للشرب، بل أنه يعتبر غير ملائم حتى لصغار الإبل ويسكب على الأرض. ومع ذلك فبالنظر إلى أن اللبن يحتوي على كميات كبيرة من الأضداد وكونه مفيدًا في عملية الهضم عند صغار الإبل فإنه ينصح بإعطائها هذا اللبن إذا لم يكن صالحًا للاستهلاك البشري.
                              لقد اتضحت للدارسين أن الكثافة النوعية لحليب الناقة هي أقل من الكثافة النوعية لألبان الأبقار والأغنام والجاموس. كذلك يصل محتوى الماء في حليب الناقة بين 84 % و90 % وهذا ما له أهمية كبيرة في الحفاظ على حياة صغار الإبل والسكان الذين يقطنون المناطق القاحلة "مناطق الجفاف"،فصغار الإبل وأولئك الناس يحتاجون في تلك المناطق إلى السوائل للمحافظة على الاتزان البدني والتعادل الحراري في أجسامهم. ويختلف محتوى الماء في حليب الناقة، ويتأثر تبعًا لمدى توافر مياه الشرب وتوافر الأعلاف والنباتات الرعوية "الغنية بالماء" طيلة فترة العام، والبيئة التي يعيش فيها الحيوان، ومدى احتواء الأعلاف أو النباتات الرعوية من الماء.
                              وقد تبين أيضا أن الناقة التي تكون في فترة الادرار "الناقة الحلوب" تخسر أو تفقد ماءها في الحليب الذي يحلب في أوقات الجفاف والقحط وقلة الماء وهذا الأمر يمكن أن يكون تكيفًا طبيعيًا، وذلك كي توفر هذه النوق وتمد صغارهم - في الأوقات التي لا تجد فيها المياه- ليس فقط بالمواد الغذائية،ولكن بالسوائل الضرورية لمعيشتهم وبقائهم على قيد الحياة، وهذا لطف وتدبير من الله سبحانه وتعالى. وهناك تفسير آخر لهذه الظاهرة يمكن استبيانه من خلال فحص آلية التعرق في الإنسان عندما يتعرض للحرارة. فعملية التكيف مع الحرارة تسبب إفراز عرق مائي غزير. ويرجع ذلك إلى إفراز الهرمون المضاد للإبالة الداخلي المنشأ "الهرمون المانع أو المضاد لإدرار البول لأن الإنسان ينتج أو يفرز العرق المائي ذاته أو نفس كمية العرق عندما يحقن بالهرمون المضاد للإبالة. وهكذا يخسر أو يفرز الإنسان الماء من غدده العرقية مما يسمح له بالمحافظة على التعادل الحراري لجسمه. ونظرًا لأن ضرع الناقة "الغدد الثديية" لها نفس المنشأ الجنيني الذي لغدد العرق، ونظرا لأن إفراز الهرمون المضاد للإبالة يرتفع ويزيد في الناقة العطشى، فربما يعود نزول الماء في الحليب إلى عمل وتأثير هذا الهرمون.
                              وبمقارنة دهون حليب الناقة مع دهون ألبان الأبقار والجاموس والنعاج، وجد أنها تحتوي على أحماض دهنية قليلة، كما أنها تحتوي على أحماض دهنية قصيرة التسلسل، إلا أنه يمكن العثور على أحماض دهنية طويلة التسلسل. ويرى الباحثون أن قيمة حليب الناقة تكمن في التراكيز العالية للأحماض الطيارة وبخاصة حمض اللينوليك والأحماض المتعددة غير المشبعة، والتي تعتبر ضرورية من أجل تغذية الإنسان، وخصوصا في تغذية الأشخاص المصابين بأمراض القلب وهذا في الواقع نعمة من الله. وعلى الرغم من أن الحليب الناتج من الناقة العطشى تنخفض فيه نسبة الدهون و البروتين، فإن محتوى الصوديوم والكلوريد يزداد فيه وهذا هو السبب في مذاق الحليب المائل للملوحة.
                              وينخفض تركيز الكلسيوم والمغنيسيوم في حليب الناقة العطشى أيضا، غير أن هذا التركيز يبقى كافيًا لاحتياجات تغذية الإنسان، وبخاصة البدو الذين يقطنون الصحاري، وكذلك صغار الإبل، وهذه عناية إلهية عظيمة لمثل هذه المخلوقات. ويعد حليب الناقة أيضًا مصدرًا غنيًا ب "فيتامين ج" أو ما يسمى بحمض الاسكوربيك، وهذا الأمر مهم جدًا من الناحية الغذائية للإنسان في المناطق التي تندر فيها الفواكه والخضر التي تحتوي على هذا الفيتامين، ولهذا ينصح بإعطاء هذا الحليب للنساء الحوامل والمرضعات وللمصابين بالزكام وبعض الأمراض التنفسية الأخرى، وكذلك لمرضى داء الحفر "البشع أو مرض الأسقربوط" الذي تتجلى أعراضه بتورم اللثة ونزف الدم منها. وقد وجد أن فيتامين "ج" في حليب الناقة يتراوح بين 5,7 % و9,8 % ملليجرام. ومع تقدم فقرة الادرار يزداد محتوى فيتامين "ج" وتبلغ معدلات فيتامين "ج" في حليب الناقة ثلاثة أمثالها في حليب الأبقار ومرة ونصف معدلها في حليب النساء. ويوجد في حليب الناقة معدلات لا بأس بها من فيتامينات "ب1، ب2، ب12"وفيتامين "أ" ونسبة من الكاروتين.
                              وفي فرنسا بينت الأبحاث أن ما يتراوح بين 4 إلى 5 كجم من حليب الناقة ومنتجاته يكفي لتلبية جميع احتياجات الإنسان من السعرات الحرارية والدهون والبروتين والكالسيوم، ولو أن المعايير الفرنسية الغذائية تعتبر القيمة الغذائية لحليب الناقة أقل قيمة من حليب النعاج والماعز والأبقار .
                              ومن أهم المزايا التي تخص حليب الناقة دون غيره من ألبان الحيوانات الأخرى، هو امتلاكه لمركبات ذات طبيعة بروتينية كالليزوزيم ومضادات التخثر ومضادات التسمم، ومضادات الجراثيم والأجسام المانعة وغيرها، وهي تمتلك خصائص مقاومة التجرثم. وخلال فترة محددة من الزمن تعرقل هذه الأجسام تكاثر الأحياء الدقيقة في حليب الناقة، ولهذا فهو لا يتجبن أو يصعب تجبُّنه أحيانًا، وهكذا فهو يتميز عن حليب أو ألبان بقية الحيوانات الأخرى بإمكان حفظه لمدة طويلة في حالة طازجة. وبسبب ارتفاع مقدرة حليب الناقة على مقاومة التجرثم فإن الحموضة لا تسرع إليه وتتزايد بشكل بطيء، وعند حفظ الحليب بدرجة حرارة + 10م فإن الحموضة الطبيعية فيه تبقى على حالها مدة 3 أيام.
                              وعلى الرغم من أن الحليب الذي تنتجه الناقة الحلوب يوفر الغذاء الكامل لصغارها وللإنسان أيضًا، فإنه لا يتبقى كميات منه لتحويلها إلى منتجات لبنية. وعلاوة على ذلك فإن تكوين الحليب ذاته لا يتيح الفرصة لصنع بعض المنتجات الغذائية عادة مثل تلك المنتجات التي تصنع من ألبان الأبقار والأغنام والماعز، ومع كل هذا يمكن عمل بعض المنتجات من حليب الناقة. وفي جميع البلاد التي تربى فيها الإبل يستهلك حليب الناقة طازجًا أو ممزوجًا مع ألبان الأبقار أو النعاج أو الماعز وذلك لتحسين مذاقه. وفي روسيا وبخاصة في المناطق الشاسعة الجافة الواقعة بين بحر قزوين وبحيرة بلاكاش تقوم الإبل بدور كبير الأهمية في تغذية الإنسان، ففي كازاخستان تساهم الألبان ومنتجات الألبان بنسبة 90 % من الغذاء الأساسي اليومي للسكان، وتعد الإبل أهم مصدر للحليب في هذه المنطقة ويليه ألبان الحيوانات الأخرى. وليس غريبا أن نلاحظ ازدياد أعداد المسنين والمعمرين في مثل هذه المنطقة من روسيا، ويقال إن بعض هؤلاء الناس كانوا يتناولون حليب الناقة في غذائهم.
                              وفي القرن الإفريقي لا يعتبر حلب الناقة مجرد عمل، بل لقد أصبح جزءًا لا يتجزأ من حضارة وتراث هذه المنطقة ولا يسمح بحلب هذه الأنثى إلا للصبية والفتيات غير المتزوجات والرجال الذين يجري تنظيفهم طبقا لطقوس معينة، ولا يسمح بإجراء معالجات لحليب، فإما أن يشرب طازجًا أو بعد ربه بفترة قصيرة، وفي بعض القبائل يعيش الصبية الرعاة على حليب الإبل فقط ولا يشربون المياه إلا بعد أن ترتوي الإبل، وتترك حلمتان للصغار حتى ترضع منهما، بينما تحلب الحلمتان الأخريان لكي يستهلك حليبها البدو سكان الخيام، ولا يتناول هؤلاء الناس اللبن بل تغذى عليه صغار الإبل لاعتقادهم أن هذا اللبن ضار بصحتهم أو يريقون هذا اللبن على الأرض، وهذه في الواقع عادة سيئة واعتقاد خاطئ لعلمنا أن اللبن يحتوي على كميات كبيرة من الأضداد القابلة للامتصاص والتي تقوم بدور مهم في وقاية صغار الإبل من الأمراض.
                              وفي مناطق شمال كينيا يعيش الرعاة على حليب الناقة كليًا تقريبًا، وتنتج النوق كميات من الحليب تفوق بكثير ما تنتجه الأبقار المحلية. وفي الصومال يتغذى الناس على حليب الناقة بعد رضاعة صغار الإبل منها. أما في الجزائر فيعتمد بدو الأحجار في الصحراء الكبرى على الحليب في الحصول على غذاء متوازن، وعند هذه القبائل مثل يقول: الماء هو الروح والحليب هو الحياة، وتعد ألبان النوق إلى جانب ألبان الحيوانات الأخرى المصدر الرئيسي لغذائهم .
                              وفي المملكة العربية السعودية زاد الاهتمام بتربية الإبل في الآونة الأخيرة زيادة ملحوظة، وتبين من خلال البحوث التي أجريت هناك أن البدو البالغين كان لديهم أعلى معدل من اللاكتيز في أمعائهم، ومن المعتقد أن هذا الأمر يرتبط بمدى سيولة حليب الناقة وقيمته الحرارية، كما يبين الدور المهم لهذا الحليب في المحافظة على حياة سكان الصحراء. .....
                              وفي الهند يستخدم حليب الناقة لعلاج الاستسقاء واليرقان ومتاعب الطحال والسل والربو وفقر الدم والبواسير. كما ثبتت فائدة شراب "الشال" في علاج السل وأمراض الصدر الأخرى، وقد أنشئت عيادات خاصة يستخدم فيها حليب الناقة لمثل هذه المعالجات.
                              كذلك أفادت الأبحاث العلمية أن وظائف الكبد تتحسن كثيرًا في المرضى الذين أصيبوا بالتهابات الكبد،وذلك بعد علاجهم بحليب الناقة الذي ثبتت فعاليته في العلاج. وفي كينيا تبين أن الرعاة الذين يعيشون على حليب الناقة فقط، وكذلك الرعاة الذين يتناولون هذا الحليب في منطقة الأحجار في الصحراء الكبرى، يتمتعون بصحة جيدة وحيوية متدفقة، فحليب الإبل عندهم مشهور بصفاته التي توفر الصحة الجيدة والعافية بما في ذلك نمو العظام القوية، وبعض الرعاة الذين يعيشون على حليب الناقة فقط تحول لون شعرهم إلى الأحمر ولكن شعرهم عاد إلى لونه الطبيعي عندما حصلوا على غذاء أكثر توازنا. كذلك فإن حليب الناقة له مفعول مسهل إذا تناوله إنسان لم يتعود استخدامه. ومن الواضح أن المعدة تضطرب فقط عند تناول حليب الناقة وهو لا يزال دافئا، أما عند ما يبرد فليست له أي تأثيرات ضارة. وقد وضحت بعض البحوث أن لهذا الحليب خصائص تؤدي إلى تخفيف الوزن، كما أنه سهل الهضم في الجسم. كذلك يعطي حليب الناقة للمرضى والشيوخ والأطفال والنساء الحوامل نظرًا لغنى تركيب هذا الحليب بالمواد الغذائية التي سلف ذكرها، وبخاصة الحموض الدهنية والمواد البروتينية والفيتامينات، ولأن الدراسات أثبتت أن هذا الحليب مفيد للصحة وفي تكوين العظام.
                              وفي شبه جزيرة سيناء هناك اعتقاد سائد بين البدو فحواه أنه يمكن علاج أي مرض باطني بتناول حليب الناقة. ويقال إن لهذا الحليب قوة وخصائص مفيدة للصحة لدرجة أنه يطرد جميع أنواع الجراثيم من الجسم. وقد قيل إن هذا ينطبق فقط على الإبل التي تأكل أنواعا معينة من الشجيرات والأعشاب، وتستخدم الشجيرات والأعشاب ذاتها في صنع بعض الأدوية. وعلى كل حال لا نعلم نحن مدى صحة هذا الاعتقاد، ولكن الذي نراه وفقًا لما ذكر في الكثير من المراجع أن حليب الناقة يمتلك مزايا مهمة تؤهله لتغذية الإنسان وعلاج ومقاومة الأمراض التي قد تصيبه.
                              ويعتقد الناس في أثيوبيا أن حليب الناقة يعتبر مفيدًا في تقوية الناحية الجنسية، وفي الصومال تعتقد القبائل الرعوية أن الحليب الذي يشرب في الليلة التي تشرب فيها الإبل الماء لأول مرة بعد فترة عطش طويلة له قوى سحرية، ومن يشرب الحليب في هذه الليلة من ناقة أطفأت عطشها سوف يتخلص من الأشواك التي تغلغلت في قدميه حتى لو كانت تعود إلى فترة الصبا. وفي الصحراء الكبرى هناك اعتقاد سائد بأنه عندما يقدم حليب الإبل لضيف من الضيوف لا يقدم له إلا حليب ناقة واحدة، وذلك لأنه إذا حسد الضيف القطيع، فإن الناقة التي شرب من حليبها هي فقط التي ستتوقف عن إعطاء الحليب.
                              وفي الختام يمكن القول أنه برغم تلك الاعتقادات والظنون الخاطئة التي يعتقدها بعض الناس عن حليب الناقة، فإن البحوث والدراسات الحديثة أكدت أهميته الكبرى في تغذية الإنسان وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على لطف الله بعباده وقدرته الخارقة، وأنه الخالق العظيم الذي أحسن خلق كل شيء في هذا الوجود، وما علينا نحن البشر إلا السجود له والإيمان به والاعتراف بربوبيته وعظمته وقدرته .
                              على هذا الرابط:http://www.tabiby.com/asp/tabeey.asp#1
                              وفي مقالة أخرى : جريدة الوطن، أمجاد محمود رضا
                              "ماء الإبل" أصبح "موضة علمية" استثارت عقول الباحثين في السعودية أخيرًا وكانت الريادة في البحث والتحقيق للدكتورة أحلام العوضي بالتعاون مع الدكتورة ناهد هيكل في كلية التربية للبنات الأقسام العلمية بجدة حيث استخدمتا بول الإبل للقضاء على فطر A.niger الذي يصيب الإنسان والنبات والحيوان .. وكانت تلك هي نقطة البداية للدكتورة أحلام العوضي- صاحبة 3 اكتشافات علمية - بدأتها باختراع مرشح بسيط من قشرة البيضة وواصلت بحوثها لتضيف أبعادًا أخرى تشكل بها إضافات غير مسبوقة تمثلت في اختراعين تقدمت بهما منذ عام 1419هـ لتنال عنهما براءة الاختراع من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وكانت إحدى هذه الإضافات استخدام بول الإبل في علاج الأمراض الجلدية والأخرى مكافحة الأمراض بسلالات بكتيرية معزولة من بول الإبل.
                              كما أشرفت الدكتورة العوضي على بعض الرسائل العلمية امتدادًا لاكتشافاتها - مثلما حدث مع طالبات الكلية- ومنهن عواطف الجديبي ومنال قطان - فبإشرافها على بحث لطالبة الماجستير منال القطان التي نجحت في تأكيد فعالية مستحضر تم إعداده من بول الإبل - وهو أول مضاد حيوي ُيصنع بهذه الطريقة على مستوى العالم- وهو للأمانة على حد قول الباحثة قطان قد جاء تحضيره في رسالة الماجستير بالطريقة التي تضمنتها براءة الاختراع للدكتورة أحلام العوضي والتي تقدمت بها لمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية منذ عام 1419هـ.
                              ولهذا فهي تدين بالفضل للدكتورة أحلام العوضي لإعطائها فرصة الانطلاق بما يحقق الإضافة ومما يجعلهما شريكتين في إثبات فعالية المستحضر الذي تم تصنيعه لأول مرة ومن ثم الحصول على أحقية بعد ترخيص من وزارة الصحة.. المعلومات المتوفرة تؤكد أن المستحضر سيكون زهيد السعر الأمر الذي يجعله في متناول الجميع وبسؤالنا للباحثة منال القطان عن ذلك أفادت:
                              بأن المستحضر يتميز بتعدد فعالياته العلاجية والتي لا توجد في سائر الأدوية المكتشفة حيث تصل تكلفة الحد الأدنى لعبوته 5 ريالات مقارنة بتكلفة المضادات الحيوية في هذه الدراسة التي تراوحت تكلفتها من 11.95 ريالا إلى 72.82 ريالا أما تكلفة العلاج من إصابات الأظافر في المضادات الأخرى فتتراوح ما بين 537.90 إلى 2649.80 دولارا، ومن ثم يتضح لكم من خلال هذه المقارنة مدى ما ستساهم به المستحضر الجديد في العلاج وخاصة الطبقات الفقيرة التي تعاني من انتشار الأمراض الفطرية.
                              وحول أهم ما أثبتته الدراسة أو الأطروحة العلمية تقول القطان: بأن الرسالة تناقش لأول مرة تأثير مستحضر معد الإبل على بعض الفطريات المسببة للأمراض الجلدية بالإضافة إلى تضمين الرسالة - في جزء منها- للعلاج التطبيقي لبعض الحالات المرضية الطبية المتداولة على 39متطوعا ( رجال ونساء وأطفال) وأثبتت الدراسة بأن المستحضر يعد مضادًا حيويًا فعالًا ضد البكتريا والفطريات والخمائر مجتمعة ومن مزايا المستحضر تقول د. العوضي: بأنه غير مكلف وسهل التصنيع ويعالج الأمراض الجلدية كالإكزيما والحساسية والجروح والحروق وحب الشباب وإصابات الأظافر والسرطان والتهاب الكبد الوبائي وحالات الاستسقاء، بلا أضرار جانبية - لأن ماء الإبل في الأساس يُشرب فلا خوف منه ولا ضرر- ولا خوف من تخزينه في حال تعرضه لدرجات حرارة مرتفعة، هذه عوامل تزيد من فعاليته عكس المضادات التي تنتهي صلاحيتها بدرجة أكبر في حال تفاوت درجات الحرارة ومن عظمة الخالق أن جعل نسبة الملوحة عالية مع انخفاض اليوريا في بول الإبل ولو زادت لأفضت إلى التسمم ولهذا جاءت كلية الإبل مختلفة تمامًا عن سائر المخلوقات لكي تؤدي إلى غرض علاجي أراده الله لها.
                              وأضافت: إن بول الإبل يحتوي على عدد من العوامل العلاجية كمضادات حيوية (البكتريا المتواجدة به والملوحة واليوريا)، فالإبل يحتوي على جهاز مناعي مهيَّأ بقدرة عالية على محاربة الفطريات والبكتريا والفيروسات وذلك عن طريق احتوائه على أجسام مضادة (IgG) .
                              وبسؤالنا عن سبب تسمية المستحضر " أ- وزرين " أجابت د. العوضي: بأن حرف "أ" يرمز إلى أحلام العوضي باعتبار المستحضر جزءًا من براءة اختراع تقدمت لنيلها منذ عام 1419 هـ أما وزر فترمز إلى بول الإبل حيث ُيطلق البدو على بول الإبل مسمى وزر أما (ين) فتشير لمشتقات المضاد.
                              وانتقلنا إلى الحالات التي تم شفاؤها بالمستحضر وتحدثت السيدة (أ) - بأن ابنتها كانت تعاني من التهاب خلف الأذن يصاحبه صديد وسوائل تصب من الأذن مع وجود شقوق وجروح مؤلمة استدعت المعالجة بالكورتيزون وغيرها وبعد المعالجة بالمستحضر توقف الصديد والسوائل وشفيت الأذن تمامًا ولم تعاودها الإصابة منذ أكثر من عام، حتى إن ابنتها تمكنت أخيرًا من ارتداء أقراط الأذن من جديد وبنبرة تسودها الفرحة قالت الأم: ابنتي تستعد بعد أيام لعقد قرانها وهي سعيدة.
                              فتاة في السابعة عشرة عامًا روت لـ "الوطن" معاناتها قبل التداوي بالمستحضر الجديد وقالت: لم أكن أستطع سابقًا من فرد أصابع كفي بسبب كثرة التشققات والجروح أما وجهي فكان يميل إلى السواد من شدة البثور الأمر الذي عانيت منه نفسيًا وما إن سمعت أن هناك أملا للتداوي بهذا المستحضر حتى تطوعت وخضت فترة العلاج التي لم تنته بعد إلا أنه يكفي أنني الآن أستطيع أن أفرد كفي وأكتب بالقلم بل وأستطيع أن أخرج إلى الناس فبشرة وجهي تغيرت تمامًا للأفضل، ولهذا سأواصل العلاج حتى تختفي الآثار السابقة تمامًا.
                              وفي مقالة منقولة من منتدى بوابة العرب:
                              لبن الأبل.. يشفي من أوجاع الكبد والوسواس وآلام الصدر
                              ... والعرب قد استفادوا من لبن الإبل في علاج كثير من أمراضهم كالجدري والجروح وأمراض الأسنان وأمراض الجهاز الهضمي ومقاومة السموم.
                              ... ولبن الإبل محمود يولد دمًا جيدًا، ويرطب البدن اليابس، وينفع من الوسواس والغم والأمراض السوداوية، وإذا شرب مع العسل نقى القروح الباطنة من الأخلاط العفنة، ويشرب اللبن مع السكر يحسن اللون جدًا ويصفي البشرة وهو جيد لأمراض الصدر وبالأخص الرئة وجيد للمصابين بمرض السل.
                              وقد ورد لبن اللقاح جلاء وتليينا وإدرارا وتفتيحًا للسدد وجيد للاستسقاء.
                              وقد قال الرازي في لبن الابل (لبن اللقاح يشفي أوجاع الكبد وفساد المزاج) وقال ابن سينا في كتاب القانون (إن لبن النوق دواء نافع لما فيه من الجلاء برفق وما فيه من خاصية، وإن هذا اللبن شديد المنفعة، فلو أن إنسانًا أقام عليه بدل الماء والطعام شفي به، وقد جرب ذلك قوم دفعوا إلى بلاد العرب فقادتهم الضرورة إلى ذلك فعفوا).
                              وينصح المريض الذي يأخذ لبن الإبل للعلاج أن يأخذه بالغداة ولا يدخل عليه شيئا ويجب عليه الراحة التامة بعد شربه.. يعتبر لبن الابل الطازج الحار افضل شيء لتنظيف الجهاز الهضمي ويعتبر افضل المسهلات.
                              المصادر:
                              1- الطب والعطارة المجلد رقم 11من الموسوعة الثقافية التقليدية في المملكة العربية السعودية إعداد دكتور جابر سالم موسى القحطاني ورفاقه، دائرة الاعلام 1420هـ الرياض.
                              2- الابل عند الشرارات، إعداد سليمان الافنس الشراري الطبعة الأولى 1412هـ طبرجل.
                              ومن مزايا حليب الناقة
                              البحث العلمي يثبت مزايا حليب الناقة - الطبية والصحية
                              أوسنات عوفير - يعكف البروفيسور ريئوفين يغيل الذي يعمل في جامعة بن غوريون في بئر السبع وبمشاركة طاقم من الأطباء على بحث الميزات الخاصة التي تتوفر في حليب الناقة
                              ويقول البروفيسور يغيل: هناك اكتشافات مثيرة جدًا فيما يتعلق بالتركيبة الكيماوية لحليب الناقة الذي يشبه حليب الأم أكثر مما يشبه حليب البقرة. فقد اكتشف أن حليب الناقة يحتوي على كمية قليلة من اللاكتوز سكر الحليب والدهن المشبع، إضافة إلى احتوائه على كمية كبيرة من فيتامين سي، الكالسيوم والحديد، مما يجعله ملائمًا للأطفال الذين لا يرضعون. كما تبين من البحث أن حليب الناقة غني ببروتينات جهاز المناعة، لكنه لا يحتوي على البروتينين الاثنين المعروفين بحساسيتهما،ولذلك فهو ملائم لمن لا يتمكن جهازه الهضمي من هضم سكر الحليب.
                              ويتحدث البروفيسور يغيل هو وطاقمه عن المزايا العلاجية لحليب الناقة ويقولون: يحتوي هذا الحليب على مواد قاتلة للجراثيم ويلائم من يعانون من الجروح، من يعانون من أمراض التهاب الأمعاء. كما يوصى به لمن يعانون من مرض الربو ومن مرض الربو الجلدي، ولمن يتلقون علاجًا كيماويًا لتخفيف حدة العوارض الجانبية مثل التقيؤ. كما يوصى لمرضى السكري (سكري البالغين) وللمرضى الذين يعانون من أمراض تتعلق بجهاز المناعة مثل مرض اللوبوس حين يبدأ الجسم بمهاجمة نفسه.
                              ويستمر البروفيسور يغيل في تعداد مزايا حليب الناقة فيقول: أوصي من يعاني من أحد الأمراض التي ذكرت أن يحاول شرب كأسين من هذا الحليب يوميًا، ويزيد الكمية وفق الحاجة. وبالطبع بعد استشارة الطبيب. حليب الناقة ليس دواء وننتظر مصادقة وزارة الصحة من أجل تسويقه كغذاء. لكننا حاليا نجري أبحاثا ونجمع معلومات . منقول
                              http://hawaj.khayma.com/cancer/cancercamel.htm
                              وأشكرك أنك أثرت موضوع ألبان وأبوال النوق، لأن هذا من علامات إثبات نبوة الصادق الأمين . فهل أعلنت إسلامك أم لم تُعلن بعد؟ لا تتردد!
                              * * *
                              الحمى من فيح جهنم:
                              أما عن قول الرسول  عن الحمى: (إن الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء) رواه البخاري
                              وقوله  عندما ذكرت الحمى فسبها رجل: (لا تسبها فإنها تنقى الذنوب كما تنقى النار خبث الحديد) رواه مسلم
                              أولا: إن خطاب النبي  نوعان: عام لأهل الأرض، وخاص ببعضهم.
                              فالأول: كعامة خطابه، والثاني: كقوله: (لا تستقبلوا القبلة بغائط، ولا بول، ولا تستدبروها، ولكن شرقوا، أو غربوا) فهذا ليس بخطاب لأهل المشرق والمغرب ولا العراق، ولكن لأهل المدينة ومن على سمتها، كالشام وغيرها.
                              وإذا عرف هذا، فخطابه في هذا الحديث خاص بأهل الحجاز، وما والاهم، إذ كان أكثر الحميات التي تعرض لهم من نوع الحمى اليومية العرضية الحادثة عن شدة حرارة الشمس، وهذه ينفعها الماء البارد شربًا واغتسالًا، فإن الحمى حرارة
                              غريبة تشتعل في القلب، وتنبث منه بتوسط الروح والدم في الشرايين والعروق إلى
                              جميع البدن، فتشتعل فيه اشتعالًا يضر بالأفعال الطبيعية، وهي تنقسم إلى
                              قسمين: عرضية: وهي الحادثة إما عن الورم، أو الحركة، أو إصابة حرارة
                              الشمس، أو القيظ الشديد ونحو ذلك.
                              وإذا عرف هذا، فيجوز أن يكون مراد الحديث من أقسام الحميات العرضية، فإنها تسكن على المكان بالإنغماس في الماء البارد، وسقي الماء البارد المثلوج.
                              أو مرضية‏:‏ وهي ثلاثة أنواع، وهي لا تكون إلا في مادة أولى، ثم منها يسخن جميع البدن‏.‏ فإن كان مبدأ تعلقها بالروح سميت حمى يوم، لأنها في الغالب تزول في يوم، ونهايتها ثلاثة أيام، وإن كان مبدأ تعلقها بالأخلاط سميت عفنية، وهي أربعة أصناف‏:‏ صفراوية، وسوداوية، وبلغمية، ودموية‏.‏ وإن كان مبدأ تعلقها بالأعضاء الصلبة الأصلية، سميت حمى دق، وتحت هذه الأنواع أصناف كثيرة‏.‏
                              ونعلم أن الحمى هي حالة مرضية تبدأ بارتفاع في درجة الحرارة تخرج عن 37م، مع تسارع في النبض وضعف عام وفقدان في الشهية. وهي عدة أنواع ومصاحبة لعدة أمراض، وتسمى جميعًا بالحميات، وهى من الحميات العرضية.
                              وقد يكون سبب الحمى إما بكتيرى، أو عدوى من شخص مصاب، أو بيئى أو بسبب غذاء ملوث. ولها عدة أنواع مثل: التيفود، التيفوس، والملاريا، والدفتيريا، والحمى الشوكية، والقرمزية، والحمى الصفرا، والسوداء، والجمرة الخبيثة، وحمى النفاس، وحمى الطلع الدريس، حمى القش. وهى من النوع المرضى.
                              وقد ينتفع البدن بالحمى انتفاعًا عظيمًا لا يبلغه الدواء، وكثيرًا ما يكون حمى يوم، وحمى العفن سببًا لإنضاج مواد غليظة لم تكن تنضج بدونها، وسببًا لتفتح سدد لم يكن تصل إليها الأدوية المفتحة‏.‏
                              وأما الرمد الحديث والمتقادم، فإنها تبرئ أكثر أنواعه برءًا عجيبًا سريعًا، وتنفع من الفالج، واللقوة، والتشنج الامتلائي، وكثيرًا من الأمراض الحادثة عن الفضول الغليظة‏.‏
                              وقال بعض فضلاء الأطباء‏:‏ إن كثيرًا من الأمراض نستبشر فيها بالحمى، كما يستبشر المريض بالعافية، فتكون الحمى فيه أنفع من شرب الدواء بكثير، فإنها تنضج من الأخلاط والمواد الفاسدة ما يضر بالبدن، فإذا أنضجتها صادفها الدواء متهيئة للخروج بنضاجها، فأخرجها، فكانت سببًا للشفاء‏.‏
                              وإذا عرف هذا، فيجوز أن يكون مراد الحديث من أقسام الحميات العرضية، فإنها تسكن على المكان بالإنغماس في الماء البارد، وسقي الماء البارد المثلوج، ولا يحتاج صاحبها مع ذلك إلى علاج آخر، فإنها مجرد كيفية حارة متعلقة بالروح، فيكفي في زوالها مجرد وصول كيفية باردة تسكنها، وتخمد لهبها من غير حاجة إلى استفراغ مادة، أو انتظار نضج‏.‏
                              ويجوز أن يراد به جميع أنواع الحميات، وقد اعترف فاضل الأطباء جالينوس‏:‏ بأن الماء البارد ينفع فيها، قال في المقالة العاشرة من كتاب حيلة البرء:‏ ولو أن رجلًا شابًا حسن اللحم، خصب البدن في وقت القيظ، وفي وقت منتهى الحمى، وليس في أحشائه ورم، استحم بماء بارد أو سبح فيه، لانتفع بذلك‏.‏ قال‏:‏ ونحن نأمر بذلك لا توقف‏.‏
                              وقال الرازي في كتابه الكبير‏:‏ إذا كانت القوة قوية، والحمى حادة جدًا، والنضج بيِّن ولا ورم في الجوف، ولا فتق، ينفع الماء البارد شربًا، وإن كان العليل خصب البدن والزمان حار، وكان معتادًا لاستعمال الماء البارد من خارج، فليؤذن فيه‏.‏
                              وللحمى فوائد عديدة، منها:
                              1- تنقية العبد من الذنوب حيث قال رسول الله  عندما ذكرت الحمى فسبها رجل (لا تسبوها فإنها تنقي الذنوب كما تنقي النار خبث الحديد)، وهذه من نعم الله على الانسان المسلم حتى في وقت المرض يؤجر على ذلك ما لم يتململ ويضجر. لذا هذه فرصة طيبة لتكفير الذنوب عن الشخص فعليه دائمًا أن يحمد الله على ذلك حتى يؤتى أجره كاملًا. أليست هذه محبة من الله تعالى للمسلم؟
                              2- تعمل على تنقية الجسم من السموم حيث تساعده على طرحها، وكما هو معروف في حالة ارتفاع درجة الحرارة في خلايا الجسم تتخلص من السموم اللزجة التي تكون في الخلية كما هو الحال عندما تسخن آنية حديد كانت متروكة في الخارج وعليها صدأ.
                              3- تعمل على تذويب التجلطات الدموية (الخثرات) والدهون، حيث تحصل في جسم الإنسان تخثرات دموية يصعب على الجسم التخلص منها وفي أثناء دورانها في الجهاز الدوري تتوقف في احد المنحنيات في الأوعية الدموية محدثة ما يسمى الجلطة أو الانسداد؛ فبالتالي الحمى والحرارة الزائدة تعمل على إذابتها وحماية الجسم من هذه التجلطات.
                              4- تعمل على طرح الأملاح الضارة والزائدة في الجسم، حيث تساعد الجسم التخلص منها عن طريق تسخين أجهزة الطرد ومنها الجلد والمسامات العرقية الموجودة فيه، وكذلك طرح الترسبات الملحية الموجودة في الكلى.
                              5- تعمل على تقوية الجهاز المناعي بتنبيهه وتنشيطه لمحاربة المرض، حيث تعمل كالمنبه لهذا الجهاز وترويضه على محاربة الأعداء من عالم الفيروسات والميكروبات التي تعتبر العدو الأكبر لبني البشر.
                              6- تفتيح السدد بتذويبها لمسبباتها، وخاصة في الكبد والكلى والطحال والتكيسات لدى السيدات التي تؤدي إلى انقطاع الطمث أو تأخره مما يترتب عليه نتائج سلبية من حيث زيادة الأخلاط الضارة في الجسم وتكون ما يسمى الخلايا السرطانية.
                              أما قوله‏:‏ ‏(‏الحمى من فيح جهنم‏)‏، هو شدة لهبها، وانتشارها، ونظيره‏:‏ قوله‏:‏ ‏(‏شدة الحر من فيح جهنم‏)‏ وفيه وجهان‏.‏
                              أحدهما‏:‏ أن ذلك أنموذج ورقيقة اشتقت من جهنم ليستدل بها العباد عليها، ويعتبروا بها، ثم إن الله سبحانه قدر ظهورها بأسباب تقتضيها، كما أن الروح والفرح والسرور واللذة من نعيم الجنة أظهرها الله في هذه الدار عبرة ودلالة، وقدر ظهورها بأسباب توجبها‏.‏
                              والثاني‏:‏ أن يكون المراد التشبيه، فشبه شدة الحمى ولهبها بفيح جهنم، وشبه شدة الحر به أيضًا تنبيهًا للنفوس على شدة عذاب النار، وأن هذه الحرارة العظيمة مشبهة بفيحها، وهو ما يصيب من قرب منها من حرها‏.‏
                              أما قوله بالماء، فقد يكون المقصود ماء زمزم، كما جاء فى صحيح البخارى، أو قد يكون أى ماء بارد.
                              وقال الدكتور محمد كامل عبد الصمد، (أنقل من موقع الإعجاز العلمى فى القرآن والسنة قوله):
                              لقد تبين أنه عند الإصابة بالحمى ذات الحرارة الشديدة التي قد تصل إلى 41 درجة مئوية والتي وصفها  بأنها من فيح جهنم وقد يؤدي ذلك إلى هياج شديد ثم هبوط عام وغيبوبة تكون سببًا في الوفاة ... ولذا كان لزامًا تخفيض هذه الحرارة المشتعلة بالجسم فورًا حتى ينتظم مركز تنظيم الحرارة بالمخ وليس لذلك وسيلة إلا وضع المريض في ماء أو عمل كمادات من الماء البارد والثلج حيث إنه إذا انخفضت شدة هذه الحرارة عاد الجسم كحالته الطبيعية بعد أن ينتظم مركز تنظيم الحرارة بالمخ ويقلل هذه الحرارة بوسائله المختلفة من تبخير وإشعاع وغيرهما ولذا كان الرسول  إذا حم دعا بقربة من ماء فأفرغها على رأس فاغتسل ولما كانت الحمى يستلزمها حمية عن الأغذية الردئية وتناول الأغذية والأدوية النافعة وفي ذلك إعانة على تنقية البدن وتصفيته من مواده الردئية التي تفعل فيه كما تفعل النار في الحديد في نفي خبثه وتصفية جوهره كانت أشبه الأشياء بنار الكير التي تصفى جوهر الحديد.وقد ثبت علميًا أنه عند الإصابة بالحمى تزيد نسبة مادة(الأنترفيرون) لدرجة كبيرة، كما ثبت أن هذه المادة التي تفرزها خلايا الدم البيضاء تستطيع القضاء على الفيروسات التي هاجمت الجسم وتكون أكثر قدرة على تكوين الأجسام المضادة الواقية ... فضلا عن ذلك فقد ثبت أن مادة (الأنترفيرون) التي تفرز بغزارة أثناء الإصابة بالحمى لا تخلص الجسم من الفيروسات والبكتريا فحسب ولكنها تزيد مقاومة الجسم ضد الأمراض وقدرتها على القضاء على الخلايا السرطانية منذ بدء تكوينها وبالتالي حماية الجسم من ظهور أي خلايا سرطانية يمكن أن تؤدى إلى إصابة الجسم بمرض السرطان، ولذا قال بعض الأطباء إن كثيرا من الأمراض نستبشر فيها بالحمى كما يستبشر المريض بالعافية، فتكون الحمى فيها أنفع من شرب الدواء بكثير مثل مرض الرماتيزم المفصلى الذي تتصلب فيه المفاصل وتصبح غير قادرة على التحرك؛ ولذلك من ضمن طرق العلاج الطبي في مثل هذه الحالات الحمى الصناعية أي إيجاد حالة حمى في المريض يحقنه بمواد معينة ومن هنا ندرك حكمة رسول الله  في رفض سب الحمى بل والإشادة بها بوصفها تنقى الذنوب كما تنقى النار خبث الحديد كما أشار الحديث الشريف الذي نحن بصدده.
                              * * *
                              حديث الذبابة:
                              أما عَنْ حديث النبى  الخاص بوقوع ذبابة فى السائل فأقول:
                              أولاً: إن الذباب حشرات قذرة ضارة ناقلة للأمراض،
                              ثانيًا: علينا أن لا نترك القاذورات مكشوفة؛ لكى لا يتخذها الذباب مصدرًا لنقل الأمراض، وإحداث أوبئة.
                              ثالثًا: على الجهات المسؤولة التخلص من الذباب، لأنه من الحشرات ناقلة الأمراض، والاعتناء بالنظافة والطهارة؛ لأنها تسبب الأمراض بوسائل قد لا نراها بالعين المجردة.
                              رابعًا: علينا وقاية أنفسنا منه، وذلك بتغطية الأوانى، والحفاظ على نظافة المكان الذى عيش ونأكل فيه؛ تجنبًا للأمراض التى قد تتسبب فيها الذبابة.
                              خامسًا: علينا بالتداوى وعدم التواكل.
                              سادسًا: علينا تحرى الطيب من الطعام، وتجنب الخبيث منه، إلا إذا تم تطييبه أى تطهيره.
                              سابعًا: فى حالة رؤيتنا لذبابة على سائل أو إناء، فمن الممكن أن نغمسها، حيث يقع الدواء الذى تحمله، فى الإناء، فيميت الميكروب.
                              ثامنًا: يتعذَّر فى بعض الحالات رمى السائل أو الأكل، كأن يكون هذا هو الطعام الوحيد لأناس عزلتهم الصحراء أو الغابات عن الأماكن الآهلة التى بها وفرة الطعام أو الشراب، أو منعهم الفقر المدقع وعزة النفس عن سؤال الغير. أو بائع لبن أو مشروبات وقفت ذبابة على الوعاء الذى به كمية السائل الذى يحضره للبيع، فهل يتهاون التاجر ويبيع اللبن به هذه الميكروبات، أم يخسر كل تجارته، أم يلجأ إلى العلاج الربانى، الذى أوجده الله تعالى للحفاظ على أرواح البشر وصحتهم من الأمراض، وللحفاظ على تجارة المواد الغذائية والمشروبات. فمن رحمة الله تعالى أن وضع العلاج فى الجناح الآخر للذبابة، وهذا من باب محبته للإنسان بصفة عامة، مهما اختلف دينه أو عقيدته فى الله نفسه.
                              تاسعًا: يلفت نظرنا الحديث إلى وجود كائنات متناهية فى الصغر تصيب الإنسان بالمرض، وهى ما سمَّاها العلماء فيما بعد بالميكروب، وهى كائنات حية. وهناك كائنات حية أخرى متناهية الصغر أيضًا، يمكنها أن تفتك بهذه الجراثيم وتميتها.
                              عاشرًا: يبين قدرة الله تعالى فى خلقه لهذه الجراثيم التى لا نراها بالعين المجردة، وتثبت صحة وجود الله تعالى وقدرته اللامتناهية.
                              الحادى عشر: يبيِّن هذا الحديث كيفية علاج ميكروب ينقله الذباب، وذلك عن طريق المصل المضاد الذى تحمله الذبابة أيضًا فى جناحها الآخر، وهذا إعجاز علمى أُوحى إلى النبى ، كما سنرى. والعلم الحديث يعلمنا أن الأحياء الدقيقة من بكتريا وفيروسات وفطريات تشن الواحدة منها على الأخرى حربًا لا هوادة فيها، فالواحدة منها تقتل الأخرى بإفراز مواد سامة، ومن هذه المواد السامة بعض الأنواع التي يمكن استعمالها في العلاج، وهي ما نسميه "المضادات الحيوية" مثل البنسلين والكلوروميستين وغيرهما.
                              الثانى عشر: هذا الحديث ليس فيه إجبار، لمن تعافه نفسه شرب هذا السائل إذا وقفت عليه ذبابة، ثم غُمست فيه. ولا إجبار لشرب هذا السائل حتى لو لم تقف عليه ذبابة. وذلك لقوله تعالى (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) الحج 78؛ ولقوله تعالى: (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا) البقرة 286
                              الثالث عشر: يُحث هذا الحديث المؤمنين على البحث، وإثبات صحة هذا الحديث، لإثبات نبوة الرسول  للعالمين: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) فصلت 53
                              الرابع عشر: يعلمنا الرسول  كيفية التداوى، ويرينا عظمة الله فى خلقه، ورحمته، إذ خلق الداء، وبجانبه الدواء.
                              الخامس عشر: إن إيماننا بالجراثيم مع عدم رؤيتنا لها بالعين المجردة، يزيدنا ثقة فى الإيمان بالغيب، والملائكة التى لا نراها أيضًا
                              السادس عشر: يضع يد العلماء على وجود الميكروب والميكروب المضاد، ليتمكنا من استخلاص العلاج وعمل الأدوية، وكذلك عمل المبيدات الحشرية التى تقضى على هذا الذباب.
                              السابع عشر: ليست كل مخلوقات الله تعالى من الحشرات، الضار منها والنافع فى أعيننا، شرًا، بل خلقها الله تعالى برحمته، لأن منها الداء، الذى يُصاب به الإنسان، فيكفر الله من ذنوبه إذا صبر، ويحمد غير المصاب بها الله تعالى، فتكون خيرًا له. ومنها الدواء، الذى يعد باب رزق للكثير من الناس: العالِم، والمصنِّع، والمستثمر فى صناعة الأدوية، والبائع، والناقل، والمريض.
                              الثامن عشر: لا يعترض عاقل مبدئيًا على هذا الحديث؛ لأنه تُصنَّع بعض الأدوية من العفن مثل المضادات الحيوية كالبنسلين والستربتومايسين، بل وتُصنَّع أدوية من السموم، كما تُصنع أدوية ومراهم من بول الحيوان كالإبل. وكذلك إن النحلة تعطى العسل من أعلاها، وتلقى السم من أسفله، والحية القاتل سمها تدخل لحومها في الترياق الذي يعالج به السم، والذبابة تسحق مع الأثمد لجلاء البصر.
                              التاسع عشر: ليس صحيحًا أن كل الجراثيم التى يحملها الذباب هى جراثيم قاتلة وفتَّاكة، كما كان يُعتقد.
                              العشرون: يُثبت وجود هذا الميكروب والمصل المضاد، والذى لا يراه الإنسان بالعين المجردة وجود الله تعالى، والإيمان بالغيب. حيث لا يجب أن يؤمن الإنسان بكل ما يراه فقط. فيكفيه أن يثق فى الله تعالى ويصدقه فى كل ما أخبر به.
                              الواحد والعشرون: يُثبت هذا الإعجاز العلمى بلا أدنى شك صدق القرآن وصدق الرسول ، وصدقه فيما قاله عن عيسى  من أنه كان عبدًا رسولا لله تعالى، وصدق الدين الخاتم الإسلام، وهيمنته على الدين كله:
                              (وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) المائدة 115-117
                              (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ * لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ *قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا وَاللّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ *قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ) المائدة 72-77
                              ففى سفر أعمال الرسل يعترف التلاميذ أن يسوع كان عبدًا لله تعالى: أعمال الرسل 3: 26 (26فمِن أَجلِكم أَوَّلاً أَقامَ اللهُ عَبدَه وأرسَله لِيُبارِكَكم، فيَتوبَ كُلَّ مِنكُم عن سَيِّئاتِه)).) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
                              أعمال الرسل 3: 13 (13إِنَّ إِلهَ إِبراهيمَ وإِسحقَ ويَعْقوب، إِلهَ آبائِنا، قد مَجَّدَ عَبدَه يسوع الَّذي أَسلَمتُموه أَنتمُ وأَنكَرتُموه أَمامَ بيلاطُس، وكانَ قد عَزَمَ على تَخلِيَةِ سَبيلِه) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
                              وأقر يسوع أن الله أعظم منه، وأنه ليس إلا رسول إلى بنى إسرائيل، وقال إنه لا يمكن أن يكون عبد أعظم من سيده، ولا رسول أعظم من مرسله: يوحنا 17: 3 (3وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ.)
                              («لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ».) متى 15: 24
                              («الَّذِي يُؤْمِنُ بِي لَيْسَ يُؤْمِنُ بِي بَلْ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي.) يوحنا 12: 44
                              (... لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.) يوحنا 5: 30
                              (49لأَنِّي لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنْ نَفْسِي لَكِنَّ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ أَعْطَانِي وَصِيَّةً: مَاذَا أَقُولُ وَبِمَاذَا أَتَكَلَّمُ. 50وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ وَصِيَّتَهُ هِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ. فَمَا أَتَكَلَّمُ أَنَا بِهِ فَكَمَا قَالَ لِي الآبُ هَكَذَا أَتَكَلَّمُ».) يوحنا 12: 49-50
                              (13أَنْتُمْ تَدْعُونَنِي مُعَلِّماً وَسَيِّداً، وَقَدْ صَدَقْتُمْ، فَأَنَا كَذَلِكَ. 16الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ، وَلاَ رَسُولٌ أَعْظَمَ مِنْ مُرْسِلِهِ.) يوحنا 13 و16
                              (... لأَنَّ أَبِي أَعْظَمُ مِنِّي.) يوحنا 14: 28
                              (18وَسَأَلَهُ رَئِيسٌ: «أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» 19فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحاً؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ.) لوقا 18: 18-19
                              ولو ظننتم أنه كان يعظم نفسه ويرفعها لمصاف الآب، فقد أسأتم الفهم، لأن هذا يُخالف قوله: يوحنا 8: 54 (54أَجَابَ يَسُوعُ: «إِنْ كُنْتُ أُمَجِّدُ نَفْسِي فَلَيْسَ مَجْدِي شَيْئاً. أَبِي هُوَ الَّذِي يُمَجِّدُنِي الَّذِي تَقُولُونَ أَنْتُمْ إِنَّهُ إِلَهُكُمْ)
                              (30أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً. كَمَا أَسْمَعُ أَدِينُ وَدَيْنُونَتِي عَادِلَةٌ لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.) يوحنا 5: 30
                              وأقرت الجموع أنه نبى من عند الله:
                              متى 21: 10-11 (10وَلَمَّا دَخَلَ أُورُشَلِيمَ ارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا قَائِلَةً: «مَنْ هَذَا؟» 11فَقَالَتِ الْجُمُوعُ: «هَذَا يَسُوعُ النَّبِيُّ الَّذِي مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ».)
                              يوحنا 7: 40 (40فَكَثِيرُونَ مِنَ الْجَمْعِ لَمَّا سَمِعُوا هَذَا الْكلاَمَ قَالُوا: «هَذَا بِالْحَقِيقَةِ هُوَ النَّبِيُّ».)
                              وأقر رئيس اليهود أنه رسول من عند الله، وأن المعجزات التى يقوم بها دليل على ذلك: يوحنا 3: 1-2 (1كَانَ إِنْسَانٌ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ اسْمُهُ نِيقُودِيمُوسُ رَئِيسٌ لِلْيَهُودِ. 2هَذَا جَاءَ إِلَى يَسُوعَ لَيْلاً وَقَالَ لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ نَعْلَمُ أَنَّكَ قَدْ أَتَيْتَ مِنَ اللَّهِ مُعَلِّماً لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَعْمَلَ هَذِهِ الآيَاتِ الَّتِي أَنْتَ تَعْمَلُ إِنْ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ مَعَهُ».)
                              يوحنا 6: 14 (14فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ الآيَةَ الَّتِي صَنَعَهَا يَسُوعُ قَالُوا: «إِنَّ هَذَا هُوَ بِالْحَقِيقَةِ النَّبِيُّ الآتِي إِلَى الْعَالَمِ!»)
                              وقال بطرس فى أعمال الرسل 2: 22 (22«أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ اسْمَعُوا هَذِهِ الأَقْوَالَ: يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ بِقُوَّاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا اللهُ بِيَدِهِ فِي وَسَطِكُمْ كَمَا أَنْتُمْ أَيْضاً تَعْلَمُونَ.)
                              ثم أسر فى أذنك عزيزى الكاتب: ماذا سيفعل الكاهن الذى يعطى الخبز أو المشروب من كأس الخمر لو وجد ذبابة فى الخبز أو المشروب بعد أن نطق عليه بكلمات التقديس والتحوُّل الذى يؤمنون به؟ هل سيقذف به فى سلة المهملات؟ لا سيأكله أو سيشربه بالذبابة، وذلك لاعتقادهم أن الذبابة فى هذه الحالة نالت الجزء الأوفى من التقديس، فلا مانع من أكلها.
                              ويؤمنون كذلك بتحول القدوس إلى براز بعد الهضم. فماذا يحدث لجسد المسيح ودمه بعد التناول بست ساعات أو أكثر؟ إنه يتحول داخل الأمعاء إلى فضلات يخرجها وتختلط بفضلات الغير. فعلام يعترض الكاتب الفذَّ؟
                              ومازلنا نتكلم عن حديث الذبابة والعلم الحديث وإثبات نبوة الرسول :
                              يقول الدكتور أمين رضا أستاذ جراحة العظام والتقويم بجامعة الإسكندرية، إنه ليس صحيحًا أنه لم يرد في الطب شيء عن علاج الأمراض بالذباب؛ فعندي من المراجع القديمة ما يوصف وصفات طبية لأمراض مختلفة باستعمال الذباب، أما في العصر الحديث فجميع الجراحين الذين عاشوا في السنوات التي سبقت اكتشاف مركبات السلفا - أي في السنوات العشر الثالثة من القرن الحالي [العشرين]- رأوا بأعينهم علاج الكسور المضاعفة والقرحات المزمنة بالذباب، وكان الذباب يربي لذلك خصيصًا، وكان هذا العلاج مبنيًا على اكتشاف فيروس البكتريوفاج القاتل للجراثيم. على أساس أن الذباب يحمل في آن واحد الجراثيم التي تسبب المرض، وكذلك البكتريوفاج الذي يهاجم هذه الجراثيم. وكلمة بكتريوفاج هذه معناها "آكلة الجراثيم"، وجدير بالذكر أن توقف الأبحاث عن علاج القرحات بالذباب لم يكن سببه فشل هذه الطريقة العلاجية، وإنما كان ذلك بسبب اكتشاف مركبات السلفا التي جذبت أنظار العلماء جذبًا شديدًا. وكل هذا مفصل تفصيلاً دقيقًا في الجزء التاريخي من رسالة الدكتوراة التي أعدها الزميل الدكتور أبو الفتوح مصطفى عيد تحت إشرافي عن التهابات العظام والمقدمة لجامعة الإسكندرية من حوالي سبع سنوات.
                              وهذا من معجزاته الطبية  التي يجب أن يسجلها له تاريخ الطب بأحرف ذهبية وهو ذكره لعامل المرض وعامل الشفاء محمولين على جناحى الذبابة قبل اكتشافهما بأربعة عشر قرنا.
                              هذا وقد لاحظ الأقدمون بالتجربة أن تدليك موضع لدغ الزُّنبور أو العقرب بالذباب يجدى بصورة جيدة. ولوحظ على جرحى الحرب العالمية من الجنود أن جراحهم أسرع شفاء والتئامًا من الضباط الذين يُعنى بهم مزيد عناية في المستشفيات، لأن الجنود يتداوون في الميدان فيتعرضون لوقوع الذباب على جراحاتهم.
                              نعم. وقد ثبت علميًا أن الذباب يفرز جسيمات صغيرة من نوع الإنزيم تسمى باكتريوفاج أي مفترسة الجراثيم وهذه المفترسة للجراثيم الباكتريوفاج أو عامل الشفاء صغيرة الحجم يقدر طولها بـ 20: 25 ميلي ميكرون فإذا وقعت الذبابة في الطعام أو الشراب وجب أن تغمس فيه كي تخرج تلك الأجسام الضدية فتبيد الجراثيم التي تنقلها.
                              فمنذ سنة 1922 نشر الدكتور بيريل بعد دراسة مسهبة لأسباب جائحات الهيضة (الكوليرا) في الهند وجود كائنات دقيقة تغزو الجراثيم وتلتهمها، وتدعى: ملتهمات الجراثيم "بكتريوفاج" وأثبت بيريل أن البكتريوفاج هو العامل الأساسي في إطفاء جوائح الهيضة، وأنه يوجد في براز الناقهين من المرض المذكور، وأن الذباب ينقله من البراز إلى آبار ماء الشرب فيشربه الأهلون، وتبدأ جذوة جائحة الهيضة بالانطفاء. كما تأكد عام 1928 حين أطعم الأستاذ بيريل ذباب البيوت فروع جراثيم ممرضة فاختفى أثرها بعد حين، وماتت كلها من جرَّاء وجود ملتهم الجراثيم، شأن الذباب الكبير في مكافحة الأمراض الجرثومية التي قد ينقلها هو بنفسه، وعرف أنه إذا هيئ خلاصة من الذباب في مصل فزيولوجي، فإن هذه الخلاصة تحتوي على ملتهمات أربعة أنواع على الأقل من الجراثيم الممرضة.

                              تعليق


                              • #75
                                الملف 52
                                والجدير بالذكر أن الأستاذ الألماني بريفلد من جامعة هال وجد أن الذبابة المنزلية مصابة بطفيلي من جنس الفطريات سماه "أمبوزاموسكي" وهذا الطفيلي يقضي حياته في الطبقة الدهنية الموجودة داخل بطن الذبابة... وقد أيد العلماء المُحدَثون ما اكتشفه بريفلد وبيَّنوا خصائص هذا الفطر الذي يعيش على بطن الذبابة.
                                ففي سنة 1945 أعلن أستاذ الفطريات لانجيرون أن الخلايا التي يعيش فيها هذا الفطر فيها خميرة قوية تذيب أجزاء الحشرة الحاملة للمرض.
                                وفي سنة 1947 عزل موفيتش مضادات حيوية من مزرعة للفطريات تعيش على جراثيم الذبابة، ووجدها ذات مفعول قوي على جراثيم غرام سلبي كجراثيم الزحار والتفوئيد.
                                وفي نفس السنة تمكَّن العالمان الإنجليزيان آرنشتين وكوك والعالم السويسري رو ليوس من عزل مادة سموها جافاسين من الفطور التي تعيش على الذباب، وتبين لهم أن هذه المادة مضادة حيوية تقتل جراثيم مختلفة من غرام سلبي وغرام إيجابي.
                                وفي سنة 1948 تمكن بريان وكورتيس وهيمنغ وجيفيرس من بريطانيا من عزل مضادة حيوية أخرى سموها كلوتيزين من الفطريات التي تعيش في الذباب، وهي تؤثر في جراثيم غرام سلبي كالتفوئيد والزحار.
                                وفي سنة 1949 تمكن العالمان الإنكليزيان كومسي وفارمر والسويسريون جرمان وروث وإثلنجر وبلانتز من عزل صادَّة (مضادة حيوية) أخرى من فطر ينتمي إلى فصيلة الفطور التي تعيش في الذباب، سموها أنياتين ولها أثر شديد في جراثيم غرام سلبي وغرام إيجابي كالتفوئيد والكوليرا والزحار وغيرها [الحقائق الطبية في الإسلام]. المصدر: "الأربعون العلمية" عبد الحميد محمود طهماز - دار القلم
                                وقد نشر موقع (إيه بي سي) موضوعًا عن تمكن العلماء من استخراج مضاد حيوى من داخل جسم الذبابة، ومن خارجها، ترجمه – محمود أباشيخ (بتصرف منى علاء أبو بكر) وذلك تحت عنوان: The new buzz on antibiotics
                                http://www.abc.net.au/science/news/stories/s689400.htm
                                إن ظهر الذباب هو آخر مكان تتوقع أن تجد فيه مضادات حيوية، ومع ذلك فإن هذا المكان بالتحديد هو الذي يركز عليه فريق من الباحثين الاستراليين، وذلك بناءً علي نظرية حتمية امتلاك الذباب مضادات للجراثيم فعالة للحفاظ علي حياتها في بيئة الروث واللحم أو الفواكه المتعفنة، والفريق من قسم علوم الأحياء بجامعة ماكوري يقوم حاليا بدراسة للتعرف علي خاصية تلك المضادات واختلافها في المراحل المختلفة لنمو الذباب.
                                وقالت السيدة جوان كلارك: إن بحثنا جزء صغير من أبحاث وجهود عالمية للحصول علي مضادات حيوية جديدة، ونعتقد أننا نبحث حيث لم يبحث فيه أحد من قبل .... ويعتبر هذا الموضوع جزء من رسالة الدكتوراة التي تحضرها العلماء قاموا باختبار أربعة أصناف من الذباب: ذبابة المنزلية، ذبابة اللحم، ذبابة الفواكه، والكنترول.. والنوع الأخير من صنف ذبابة الفاكهة في كوينسلاند وتضع بيضها علي الفواكه الطازجة. ....
                                خصائص المضادات وجدت في جميع الأنواع الأربع، وذكرت جوان أن المضادات تظهر أيضًا في أحشاء الذبابة كما تظهر خارج الجسم. وسبب تركيزنا علي خارج الجسم هو فقط لسهولة عملية الاستخراج، ويتم استخلاص المضادات عن طريق وضع الذبابة في الكحول الأثيلي ثم يتم استخلاص مادة المضاد الخام بتمرير مركب المحلول خلال مرشح ( فلتر).
                                وعند وضع المضاد الحيوي المستخرج من الذباب في محلول ملوث بشتى أنواع البكتيريا مثل اي كولاي، جولدين ستاف (يُعروف أيضًا ب ستافلوكوكس) وخميرة الكانديدا ومعديات أخري .... وفي كل الحالات لوحظ فعالية المضاد الحيوي (المستخرج من الذباب).
                                وأضافت السيدة جوان كلارك قائلة "إننا نحاول حاليًا التعرف علي مكونات المضاد الحيوي لإنتاجه كيميائيا. ولأن المركب ليس مستخرجًا من بكتيريا لن يكن سهلا للبكتيريا أن تكون مناعة ضد المضاد الحيوي (المستخرج من الذباب) ونأمل أن يكون لهذه المضادات فعالية علاجية لمدة طويلة
                                ونشرت جريدة تشرين الدمشقية بتاريخ 16-6-1987 مقالا قالت فيه: (اِكتشف علماء صينيون مؤخرًا أنه يوجد في جسم حشرة الذبابة نوع من البروتينات النشطة التي تملك قدرة كبيرة على إبادة الجراثيم المسببة للأمراض فيها).. ونقلت (شينخوا) عن صحيفة (شينمين) الصينة قولها: إن هذه الحشرة المقززة للنفس تملك بروتينات قوية قادرة على إبادة الفيروسات والجراثيم التي فيها، بشكل قاطع إذا بلغت كثافتها حدًا معينًا، وأضافت الصحيفة أن في جسم الذبابة أيضًا مادة الدهن وخاصة في اليرقات التي تحتوي على نسبة كبيرة من المغنيسيوم والكالسيوم والفوسفور. ويفكر العلماء باستخراج هذه المواد من جسم الذباب ليكون مصدرًا جديدًا لمركبات قاتلة للجراثيم.
                                كما نشرت جريدة تشرين ذاتها بتاريخ 20/6/1987 النص التالي: (ذكرت جريدة (الشعب) الصينية الصادرة في شانغهاي أن البروتينات النشطة التي يملكها الذباب تقدر على إبادة جميع الجراثيم والفيروسات التي فيها إبادة تامة، إذا بلغت كثافتها واحدًا في العشرة آلاف. وقال النبأ: إنه سوف يصبح للبشر مضاد جديد للجراثيم، له قدرة جبارة لامثيل له، إذا تم استخراج هذه البروتينات الغريبة من جسم الذباب.
                                وأنقل إليكم دراسات للعلماء عن ميكروبات الذبابة:
                                1- دراسة مبدئية: وقد أجريت هذه الدراسة، ثلاث مرات على ماء مقطر عادي، وآخر مضبوط عند درجة حموضة (Ph4) وهو ما يماثل درجة حموضة المعدة، وأظهرت نتائج تلك الدراسة أن أعداد الميكروبات النامية، في الأوعية الخاصة بالماء الملوث، عن طريق الغمس كانت أقل من ذلك الملوث، عن طريق النزع فقط بعد السقوط، وهذه النتائج قد لوحظت وسجلت من متوسط عدد كبير جدًا من المكررات حتى وصل في بعضها إلى الخمسين مرة، وهذه النتائج جاءت على عكس المتوقع.. لو أن عملية التلوث هنا كما يتقبلها العقل مجردة، حيث يعطي غمس الذبابة، فرصة أكبر لإزالة الميكروبات عن جسم الذبابة، عما إذا تمت إزالتها فقط عند سقوطها على سطح السائل. كما أظهرت نتائج تحضين الماء الملوث، في كل معاملات السقوط والغمس لمدة 60 دقيقة (على مزارع ميكروبية خاصة) أن أعداد الميكروبات تظهر تناقصًا، في معاملات الغمس عن معاملات السقوط، مما قد يوحي بأن غمس الذباب، ربما أدى إلى خروج عامل ذا تأثير مضاد للميكروبات، ومثل هذا الافتراض، يمكن أن يفسر نقص أعداد الميكروبات، في معاملات الغمس عمومًا عن معاملات السقوط، وأيضًا الانخفاض الشديد في الأعداد عند تحضين الماء الملوث، في معاملات الغمس. ولقد كانت ظاهرة انخفاض أعداد الميكروبات في معاملات الغمس، مقارنة مع معاملات النزع (السقوط)، واضحة في حالة كل الأعداد الكلية للميكروبات النامية، على بيئة الآجار المغذي، والأعداد الكلية على بيئة آجار الدم وأعداد الميكروبات المحللة للدم. كما ظهر أيضًا أن الماء غير المعقم، عند درجـة حموضـة (Ph4) أظهر انخفاضًا في أعداد الميكروبات في معاملات الغمس عن مثيلاتها في معاملات السقوط أكثر وضوحًا عن نتائج الماء المعقم المعادي. كما لوحظ أيضًا أن غمس الذباب ثلاث مرات في الماء قد أعطى أعدادًا للميكروبات أقل من معاملات سقوط الذباب من على سطح السائل دون غمسه، كما أظهرت نتائج التجارب بوضوح أن تحضين الحليب الملوث في معاملات الغمس، قد أعطت في أغلب العينات النتائج أعدادًا أقل من معاملات السقوط، مما يوضح أن الغمس لا يقلل فقط من أعداد الميكروبات الملوثة للحليب، ولكن يحد أيضًا من نموها.
                                ثانيًا: التقرير الثاني: (تأثر السقوط والغمس للذبابة المنزلية على مدى تلوث الماء والأغذية بالميكروبات).
                                2- تأثير درجة حموضة ماء الغمس: حيث أجريت تجارب على معاملات السقوط، والغمس في ماء مقطر عند درجة (Ph7) وعند درجة(Ph4) ، وتتبع الباحثون مدى تلوث الماء بالميكروبات، حيث قدرت الأعداد الكلية، وأعداد الميكروبات النامية، على آجار الدم، وتلك المحللة للدم
                                (Hemolytic) تحت هذه المعاملات، التي كررت بأعداد كبيرة لتأكيد الظاهرة. وتبين من النتائج أن الأعداد الكلية للميكروبات، كانت في أغلب العينات أقل في معاملات الغمس، عن معاملات السقوط، ولقد ظهرت هذه النتيجة في أكثر من 50 معاملة متتالية.
                                وعندما أجريت دراسة مماثلة، على المجموعة الميكروبية النامية على آجار الدم، فإن نتائج الدراسة كانت مشابهة أيضًا لتلك التي تم الحصول عليها من الأعداد الكلية، حيث كانت أعداد الميكروبات الناتجة من معاملات الغمس، أقل في أغلب العينات عن معاملات السقوط (النزع).
                                أما بالنسبة لأعداد الميكروبات المحللة لآجار الدم، فإن الاختلافات في أعداد الميكروبات بين معاملات السقوط والغمس، كانت أكثر وضوحًا من أثره على الميكروبات الكلية، والمقصود بها الميكروبات المتعايشة (غير المرضية)، لأن هناك نوع آخر من الميكروبات، ألا وهو المجموعة المسببة للأمراض مثل الكوليرا والتيفوئيد وغيرها...
                                كما ظهر من النتائج التي أمكن الحصول عليها، من عدد كبير من المكررات، فإنه بالرغم من أن معاملات الغمس أعطت في المتوسط العام، أعدادًا لمختلف المجموعات الميكروبية، أقل من معاملات السقوط، فإن الدراسات التي أجريت عند درجة (Ph7) وعند درجة (Ph4) أثبتت بوضوح، أن الانخفاض الراجع لمعاملات الغمس، كان أكثر وضوحًا، مما يؤكد أن العامل المؤثر على الميكروبات يناسبه التأثر الحامضي عن المتعادل.
                                ثالثًا: التقرير الثالث (تأثر السقوط والغمس للذبابة المنزلية على مدى تلوث الماء والأغذية بالميكروبات).
                                3- تأثر السقوط والغمس للذباب على تلوث ونمو الميكروبات في الحليب:
                                أجريت هذه الدراسة على حليب معقم، حيث عرض بمعاملات سقوط وغمس الذباب، وقدر مدى التلوث الميكروبي، في كل حالة. كما حضن الحليب الملوث في كل حالة، لمدة ثلاث ساعات، وقدرت الميكروبات النامية، على فترات خلال مدة التحضين، في كل المعاملات.
                                ولقد ظهر من النتائج أن معاملات السقوط أعطت أيضًا أعدادًا أكبر من معاملات الغمس في الحليب، بالنسبة لكل من الأعداد الكلية، وأعداد الميكروبات النامية على آجار الدم، وأيضًا أعداد الميكروبات المحللة للدم. كما أظهرت النتائج بوضوح أن تحضين الحليب الملوث في معاملات الغمس، أعطى في أغلب العينات أعدادًا أقل من معاملات السقوط، مما يوضح أن الغمس لا يقلل فقط أعداد الميكروبات الملوثة للحليب، ولكن يحد من نموها أيضًا، مما يعطي برهانًا أكثر وضوحًا، عن وجود عامل مثبط لنمو الميكروبات على الذباب، يصل إلى الحليب عند غمس الذبابة.
                                فرضيات واستنتاجات نتائج الأبحاث المخبرية البيولوجية الحديثة
                                لقد انتهت نتائج التقارير المخبرية الثلاثة كما أرى والله أعلم، إلى أن نتائج عملية الغمس للذباب في الماء أو الحليب، أدى إلى انطباعات أو فرضيات منها على سبيل المثال:
                                1. وجود عامل مثبط لنمو الميكروبات والجراثيم الموجودة على الذباب، والتي تسقط في الماء أو الطعام عند سقوط الذباب فيه، ومن ثم الحد من نمو الجراثيم وتقليل عددها أيضًا.
                                2. أن عملية الغمس تقلل من تأثير الجراثيم، التي يحملها الذباب وتسقط في الماء أو الطعام عند سقوط الذباب فيه.
                                3. أن تأثير عملية الغمس، هي على الجراثيم المرضية، أكثر مما هي على الجراثيم الكلية التي لا تحمل الأمراض وهذا ما يؤكده الحديث الشريف (داء، شفاء).
                                4. أن فعالية الغمس، أظهرت فعالية القضاء على الجراثيم عند درجات مشابهة لدم الإنسان وجسمه بخلاف ما لو أجريت في وسط متعادل.
                                5. أن النتائج أثبتت بشكل واضح، أن الذباب إذا سقط ثم طار، فإن الجراثيم التي تسقط منه في الطعام أو الشراب، تزداد أعدادها، بينما في حالة غمس الذبابة ثم رفعها، فإن الجراثيم التي تسقط لا تبقى إعدادها كما هي، بل تبدأ في التناقص، ويحد ذلك من نموها أيضًا.
                                6. أن هذه التجارب، أثبتت صحة الحديث أيضًا من الناحية العلمية التجريبية، وإن كنا ننتظر ما هو أكثر من ذلك.
                                7. إن الأمر المتوقع والمنطقي، أن غمس الذبابة، سيزيد من عدد الميكروبات والجراثيم التي تسقط منه في الماء أو الطعام، وذلك لأنها تعطي فرصة أكبر لانفصال الجراثيم والميكروبات عن سطحه، بخلاف وقوفه على الطعام أو الشراب، ذلك لأن ما يمس منه إنما هي أطرافه وخرطومه وأطراف أجنحته، بينما في الغمس يسقط كله. هذا لو كان الأمر عاديًا ومتوقعًا. بينما نتائج التجارب جاءت عكس ذلك تمامًا.. وهذا هو المذهل في الأمر، نتيجة لتجارب كثيرة ومتعددة، في مدة تزيد على العامين في كل من جدة والقاهرة في معامل الجامعات وعلى يد أساتذة مختصين، هدفهم الناحية العلمية. وإن كانوا قد فرحوا بالنتائج التي توصلوا إليها.
                                8. أن هذه التجارب أثبتت إعجازًا علميًا، في السنة يضاف إلى المعجزات العلمية الأخرى التي تدلل على معجزة النبي  الخالدة، التي أوحى بها الله عز وجل، قبل أن تتقدم العلوم بالصورة التي نراها ونعيشها الآن.
                                9. أننا ننتظر اكتشافات علمية أخرى، سيفصح عنها الزمن تؤكد سبق الإسلام ونبي الإسلام ، في كل الميادين، للحضارة الحديثة. وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
                                ¬¬¬¬¬ وإن كان الباحثون قد اطمأنوا إلى النتائج التي توصلوا إليها، على أساس صحة إسناد الحديث، ومصداقيته النبوية التي جاءت على لسان المصطفى ، وهو النبي الأمي الذي لم يعرف القراءة أو الكتابة، ولم يتتلمذ إلا على يد خالقه الأعظم وليس على مخلوق من البشر، ولم تكن بين يديه ثمة مختبرات، أو أجهزة بصرية مكبرة. .. إنه الإعجاز الإلهي على لسان النبي الذي لا ينطق عن الهوى... إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى.
                                أما المعجزات التى أنبأ بها الرسول  فى هذا الحديث فهى كالتالى:
                                1- الإنباء بوجود كائنات حية مجهرية مرضية..
                                والتي تتصل بالإشارة الضمنية، إلى وجود مسببات للمرض وهي كائنات مجهرية دقيقة كالميكروبات والجراثيم والفيروسات والفطريات وبعض الطفيليات، التي يحملها الذباب وبعض خشاش الأرض كما أسلفنا، ويتناولها الإنسان في أكله وشرابه، أو تصيبه بالمرض بطرق مختلفة من العدوى، وهو لا يراها ولم يعرف عنها من قبل، فيصيبه الداء، وهو لا يدري سببًا لدائه، فكان يتقبل المرض بقوة إيمانه وعقيدته الراسخة، بأن ذلك ابتلاء من الله،يصيب به من يشاء من عباده، فيصبر على المرض ويحتسب الأجر عند الله. وقد جاء الإنباء بوجود تلك الكائنات المسببة للأمراض المعدية بكافة أشكالها، قبل اختراع الأجهزة البصرية المكبرة بمختلف أنواعها والتي أثبتت هذه الحقائق بعد اختراعها في العصور الحديثة أي بعد مرور مئات ومئات السنين..
                                2- الإنباء بوجود ظاهرة التوتر السطحي في السوائل..
                                ولنقدم هنا اجتهادًا بني على أساس علمي، لتفسير هذا الحديث المعجز قديمًا وحديثًا، وإلى قيام الساعة، وتتطابق استنتاجاته بكل دقة وموضوعية، مع نتائج التجـارب البيولوجيـة والحيوية، التي أجريت في المعامل المتخصصة، على يد مجموعة من الأساتذة المتخصصين والباحثين بقسم الأحياء، بكلية العلوم بجامعة الملك عبد العزيز بجدة وجامعة القاهرة منذ عدة أعوام.
                                إننا نشاهد باستمرار، وكل يوم أشكالًا طبيعية مألوفة لدينا ولا نتمعن فيها.. والأمثلة على ذلك متعددة، نذكر منها شكل حبيبات المطر، وقطرات الندى، وقطرات الماء، وفقاقيع رغوة الصابون... إن جميعها لا يأخذ إلا الشكل الهندسي الكروي، كامل الاستدارة في كل مقاطعه، أو مساقطه.. بلا زوايا.! فلماذا هذا الشكل الهندسي بالذات؟ لماذا لا تأخذ الشكل المكعب، أو المخروطي، أو الأسطواني أو المنشوري أو غيرها من أشكال المجسمات الهندسية المعروفة لنا جميعًا؟
                                الإجابة باختصار، هي أن الشكل الكروي، يضع الحجم المعين من أي سائل في حالته الحرة، في أقل مساحة سطح.. وهو ما لا يتأتى إلا في الشكل الكروي دون غيره من الأشكال الهندسية الأخرى جميعها...
                                لقد أثبت العلم الحديث، وجود ظاهرة ربانية طبيعية في علم خواص السوائل تعرف بظاهرة التوتر السطحي. ومفاد هذه الظاهرة، أن جزيئات سطح أي سائل، تتجاذب فيما بينها بقوة ترابطية، متساوية متجانسة في كافة الاتجاهات، حتى يأخذ حجم معين من السائل، أقل مساحة سطح في الفراغ.. بسبب تجاذب جزيئات سطح هذا السائل بعضها لبعض، وفي حالة وجود السائل في وعاء، فإن تجاذب جزيئات سطح السائل، يُكون على سطحه ما يشبه (الغشاء الوهمي المرن)، ويتخذ سطح كل سائل شكلًا خاصًا محددًا، يختلف من سائل لآخر باختلاف نوع السائل وكثافته ودرجة حرارته وقطر الوعاء ومادته وعوامل أخرى..
                                فنشاهد على سبيل المثال أن سطح الزئبق يأخذ شكلًا محدبًا لارتفاع كثافته وقوة التجاذب بين جزيئات سطحه، في الوقت الذي يأخذ سطح سائل الكحول شكلًا مقعرًا، لانخفاض كثافته وضعف قوة التجاذب بين جزيئاته، في حين يأخذ سطح الماء شكلًا مستويًا تقريبًا.
                                كما تفسر لنا نفس الظاهرة، تعلق قطرات بعض السوائل بجدر الأوعية، التي كانت تملؤها عند تفريغها.. حيث تعلق قطرات السائل بجدار الوعاء بتأثير قوة تجاذب جزيئات سطح قطرات السائل بجدار الوعاء..
                                ويتم التحقق من إثبات ظاهرة التوتر السطحي، عند دراسة خواص السوائل في علم الطبيعة (الفيزياء)، وفي علم الكيمياء، وذلك بوضع جسم مُمط، (غير أجوف) برفق مثل إبرة الحياكة، أو قطعة من عملة معدنية خفيفة الوزن ( من معدن الألومنيوم مثلًا ) فوق سطح الماء في أحد الأوعية، فنجد أن الجسم المسمط، لا يغوص إلى قاع الوعاء، ولكنه يستقر على سطح السائل (ليس طفوًا لأنه مسمطًا ولا يخضع لقاعدة أرشميديس وقوانين الطفو).
                                إن ثبات الجسم المسمط واستقراره على سطح السائل يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك، أن قوة تجاذب جزيئات سطح هذا السائل (الماء مثلًا) قد حالت دون غوصه في السائل وهذه القوة التجاذبية بذلك تكون أكبر من محصلة ثلاث قوى تؤثر على الجسم المسمط من أعلى إلى أسفل ألا وهي :
                                وزن الجسم المسمط، والجاذبية الأرضية، والضغط الجوي.
                                وهذا كما أسلفنا يقرب إلى الأذهان، وجود غشاء وهمي مرن، مكون من تجاذب جزيئات سطح السائل فيما بينها، بقوة حالت دون غرق أو غوص الجسم المسمط إلى قاع الوعاء.
                                ما هي العلاقة بين ظاهرة التوتر السطحي والذبابة؟
                                من المعروف أن الحشرات الطائرة والهوام بصفة عامة، تعلق على أجسامها أو تلتصق بها آلاف بل ملايين، من مختلف أنواع الجراثيم والميكروبات والفيروسات والفطريات المجهرية الشكل والحجم والتركيب، ونؤكد هنا على كلمة (تعلق) أو تلتصق بجسمها بسبب وجود بعض الإفرازات اللزجة على أطراف وأجسام بعض الحشرات، فهذه الميكروبات والجراثيم والفيروسات، ليست جزءًا من جسم الحشرة (كالأرجل والشعيرات والخرطوم أو الذنب أو الأجنحة...).
                                فإذا ما سقطت الذبابة وارتطمت بسطح السائل، صارت طبقة الجراثيم والميكروبات والفيروسات والفطريات العالقة عليه، طبقة وسطى، بين جسم الذبابة وسطح السائل..
                                عند نزع الذبابة (دون غمسها)، فإن طبقة الميكروبات والجراثيم والفيروسات والفطريات العالقة، تنجذب في اتجاه سطح السائل بقوة التوتر السطحي بين جزيئاته.. وكأنها بمثابة عملية تقشير لتلك الطبقة العالقة على جسم الذبابة.. فيتلوث السائل بأكبر قدر من تلك الميكروبات والجراثيم والفيروسات.. وهذه طبيًا تعرف بالجرعة المرضية (Clinically infective dose)، أي الجرعة التي تتسبب في نقل عدوى المرض، أو الداء.
                                وبالتالي ظهور أعراضه بعد فترة حضانة داخل الجسم، تتكاثر خلالها الميكروبات وتتحرر الجراثيم والفيروسات من أغلفتها، وتبدأ تلك الكائنات المرضية، المجهرية الدقيقة في غزو أنسجة الجسم، وتبدأ معها أعراض المرض في الظهور. وهنا تختلـف، وتتنوع صـورة المرض ( الداء )، حسب كثافة ونوع وقوة الميكروب وقدرته على اختراق الأنسجة (Virulence of the organism) ويبدأ معها الجهاز المناعي بجسم الإنسان بالتعامل، حسب شفرتها الوراثية التي لا يألفها (الجهاز المناعي للجسم). وبالتالي فإنه يتعامل معها كأجسام غريبة عن شفرته الوراثية المألوفة له، ويتعامل الجهاز المناعي تجاه هذا التفاعل كرد فعل حيوي متخصص (Specific Reaction)إما بتكوين أجسام مناعية مضادة متخصصة (Specific Antibodies) أو مضادات لسموم تلك الميكروبات (Specific Antitoxins)، أو مضادات فيروسية(Specific Antiviral Antibodies) تختلف استجابة الجهاز المناعي حسب طبيعة هذه الكائنات المجهرية المرضية الدقيقة من حيث نوعها وطريقة غزوها لأنسجة الجسم.
                                3- الإنباء بالاستجابة المناعية للعدوى
                                (فكرة التطعيم ضد بعض الأمراض المعدية)
                                ملخص الحيل الدفاعية بالاستجابة المناعية بالجسم
                                Mechanisms Of Immune Response.
                                تنقسم الاستجابة المناعية بالجسم إلى نوعين :
                                النوع الأول : استجابة دفاعية ومناعية غير متخصصة.
                                Non-Specific immune response
                                والتي تنشط ضد جميع الميكروبات أو الجراثيم أو الفطريات (المرضية) دون سابق التعرف عليها أو سابقة التعرض لها :
                                كالجلد السليم ( بدون تشققات أو جروح ).
                                إفراز الدموع والتي تحتوي على مادة الليزوزيم.
                                حامض الهيدروكلوريك بالمعدة، والذي يؤثر بدرجة شديدة على العديد من الميكروبات، والجراثيم، والفيروسات أيضًا ويقتلها.
                                الأغشية المخاطية المبطنة لقنوات، وتجويفات الأجهزة المختلفة بالجسم والتي تقوم بإفراز مادة ( البروبردين ) المضادة للبكتريا.
                                إفراز مادة المكمل (Complement) والتي تحلل بعض البكتيريا وعلى وجه الخصوص البكتيريا السالبة (Gram Negative).
                                الإنترفيرون، وهو مادة مضادة للفيروسات، تفرزها الخلايا المصابة بالفيروس بالأغشية المخاطية، وبعض كرات الدم البيضاء (T-Helper cells)، ويحول الإنترفيرون دون تكاثر الفيروسات داخل الخلايا.
                                الخلايا الأكولة (Phagocytes)، والتي تتعرف على الميكروبات والفيروسات والجراثيم، وتبتلعها.
                                النوع الثاني : استجابة مناعية متخصصة. Specific immune response
                                - وتنشط ضد ميكروبات أو جراثيم أو فيروسات محددة النوع بعد التعرف عليها أو بالتطعيم ضدها. ومنها نوعان :
                                النوع الأول: مناعة سائلة (Humeral Immunity)، تسبح مضاداتها في سائل الدم وسوائل الأنسجة، بعد تكوين أجسام مضادة دفاعية، ضد الميكروبات التي دخلت الجسم(Immunoglobulins) ، ومنها خمسة أنواع مختلفة التأثير والوظيفة: IgA, IgG, IgM, IgE,& IgD. .
                                • IgA: هذا النوع من الأجسام المناعية متخصص لوقاية الأغشية المخاطية من الإصابة، حيث يرتبط بالميكروبات ويحول دون قدرتها على إحداث المرض.
                                • IgG: يمثل هذا النوع 85 % من الأجسام المناعية السابحة في الدم. كما أن له القدرة على التصدي للفيروسات ومعادلة سموم البكتيريا، والتفاعل مع البكتيريا وتنشيط المكمل (Complement) الذي يتم من خلال تحطيم البكتيريا.
                                - بتفاعل هذا النوع، من الأجسام المناعية مع الميكروبات، فإنه يساعد الخلايا الأكولة على ابتلاع هذه الميكروبات.
                                -هذا النوع من الأجسام المناعية، هو الوحيد دون غيره من الأجسام المناعية الأخرى، الذي يمكنه اختراق الأغشية المشيمية (Placental Barriers) في الرحم، وتكسب الوليد مناعة متخصصة، قد تمتد ستة شهور بعد الولادة.
                                -كما أن هذا النوع من الأجسام المناعية، هو المسؤول عن الاستجابة المناعية الثانوية، والتي تمتد لفترات طويلة بالجسم.
                                • IgM: هذا النوع من الأجسام المناعية، يعتبر من أكبرها في التركيب البنائي، حيث يتكون الواحد منها،من خمس وحدات مناعية مرتبطة (Pentamers).
                                أول الأجسام المناعية التي تظهر في الدم، بعد التعرض للإصابة بالميكروب.
                                يختفي هذا النوع من الأجسام المناعية من الدم، خلال شهرين من التعرض للعدوى الميكروبية، لذا يستدل به مخبريًا للتعرف على الإصابة الميكروبية الحديثة.
                                • IgE: تتكون هذه الأجسام المناعية، نتيجة التعرض للإصابة ببعض الميكروبات، ثم تتحد مع أسطح الخلايا الدقلية أو الشبعى (Mast cells)، وتلعب دورًا هامًا في إحداث الحساسية من بعض الميكروبات والأجسام مولدة الضد (Antigens).
                                • IgD: وهي أجسام مناعية قليلة التركيز، مقارنة بغيرها من الأجسام المناعية الأخرى في الدم.
                                وعلى الرغم من غموض دورها المناعي، إلا أنها تتحد مع خلايا بي الليمفاوية
                                (B- lymphocytes) وتلعب دورًا في تنشيطها.
                                أي أن هذه الأجسام المناعية تتفاعل، بطرق متباينة مع الميكروبات المرضية المختلفة أو سمومها أو مع الفيروسات أو الفطريات، وتعادل تأثيرها أو تبطل مفعولها المرضي، كما تقوم هذه الأجسام المناعية، بمساعدة عمل الخلايا الأكولة (Phagocytes) ، في ابتلاع الميكروبات وتحطيمها، كما أنها تنشط عمل المكمل (Complement)، الذي يقوم بدوره أيضا بقتل الميكروبات بصفة عامة من خلال تثقيب وتحطيم جدر هذه الميكروبات.
                                ما هي الخلايا المسؤولة عن تكوين الأجسام المناعية والمضادة المتخصصة؟
                                تقوم بتكوين الأجسام المضادة، خلايا ليمفاوية تعرف بخلايا بي الليمفاوية
                                (B- lymphocytes) وتحتاج هذه الخلايا لنوعين آخرين من الخلايا لإتمام وإنجاز عملها:
                                الخلايا الأكولة(Phagocytes) ، والتي تقوم بتجهيز الميكروب وتقديمه للخلايا الليمفاوية من النوع بي الليمفاوية (B- lymphocytes) في صورة تمكنها من التعامل معها.
                                الخلايا الليمفاوية من نوع (تي الليمفاوية) (T- lymphocytes) المساعدة، والتي تقوم بإفراز مواد منشطة للخلية من نوع بي الليمفاوية (B- lymphocytes) مع دعم من الخلايا الأكولة، لتتحول الخلايا من نوع بي الليمفاوية (B- lymphocytes) من الحالة الكامنة إلى الحالة النشطة التي تعرف آنذاك بخلايا البلازما (Plasma Cells)، والتي تقوم بإفراز أجسام مضادة متخصصة (Specific Antibodies) .
                                - يتحول جزء من الخلايا الليمفاوية، إلى خلايا تعرف بخلايا الذاكرة، (Memory Cells)، والتي يسهل عليها التعرف على الميكروب أو الفيروس أو الفطر، عند التعرض للإصابة به مرة أخرى.. وبصورة استجابية، أسرع وأقوي من المرة الأولى وهو ما نعرفه الآن طبيًا بالاستجابة المناعية الثانوية ( Secondary Immune Response).
                                النوع الثاني من الاستجابة المناعية
                                المناعة الخلوية Cell mediated Immunity
                                ويتفاعل هذا النوع من المناعة، مع الميكروبات التي لها خاصية التعايش داخل الخلايا (Intra-cellular Pathogens) مثل الفيروسات وبعض الميكروبات كعصيات الدرن والبروسيللا وبعض الفطريات.
                                وتتم هذه المناعة الخلوية بالتفاعل بين الخلايا الأكولة (Phagocytic Macrophages) وخلايا تي الليمفاوية (T- lymphocytes) والخلايا القاتلة (Natural Killer cells)، وينتج عن هذا التفاعل تحطيم الميكروبات التي لها القدرة على التعايش داخل الخلايا.
                                كيف يتخلص الجهاز المناعي من الخلايا الغريبة عنه؟
                                بابتلاعها ـ (Phagocytosis).
                                بتنشيط المكمل – (Complement Activation).
                                بتدميرها بالخلايا القاتلة ـ (Natural Killer cells) .
                                بقتلها بمضادات الحياة الخلوية المستقلة ـADCC
                                (Antibody dependent Cell Mediated Cytotoxicity)
                                المعجزة في غمس الذبابة قبل طرحها:
                                في حالة غمس الذبابة بعد سقوطها على سطح السائل، قبل طرحها أو التخلص منها، فإن جسم الذبابة وما يعلق عليها، من ميكروبات وجراثيم وفيروسات وفطريات، والتي تمثل طبقة وسطى بين جسم الذبابة وسطح السائل، فإن الذبابة وما عليها، تتغلف بطبقة شبه كاملة من السائل (وكأنها غلاف)، يحول دون تلوث السائل بقدر كبير من الميكروبات والجراثيم والفيروسات والفطريات، وعلى الرغم من نزول أو تلوث السائل بقدر ضئيل نسبيًا من هذه الكائنات الدقيقة إلا أن هذه الجرعة البسيطة تعرف طبيًا بالجرعة دون المرضية (Sub clinical infective dose).. وهي التي تحث الجهاز المناعي بالجسم، لتكوين أجسام دفاعية أو مناعية أو مضادات لسموم تلك الميكروبات، أو الفيروسات أو الفطريات، ولكن دون ظهور أعراض مرضية، وعادة ما تبقى مثل هذه الأجسام المناعية المضادة، في جسم الإنسان تسبح في دمه لشهور، أو لسنوات أو مدى حياته، لترد عنه نفس الداء، إذا ما تعرض للعدوى به مرة ثانية.!
                                أليست هذه فكرة التطعيم الحديثة ضد الأمراض المعدية، والتي عرفها الطب الحديث، بعد جهد جهيد وأبحاث وتجارب مضنية، قام بها آلاف من العلماء والأطباء المتخصصين، من شتى بقاع الأرض وأعدوا لها الأبحاث، وأقاموا لها المؤتمرات وتبادلوها عبر المحافل الدولية، وسجلها لهم التاريخ بأحرف من نور، في أمهات الكتب والمراجع، وبكل اللغات بعد أن استعانوا بوسائل التكبير، البصرية والمجهرية والإليكترونية، والمزارع الميكروبية وأجهزة التعقيم وغيرها من أدوات، وأجهزة علمية حديثة ومعقدة ؟ وأنبأنا بها النبي الأمي الذي لا ينطق عن الهوى؟
                                وبذلك فقد تطابقت نتائج الأبحاث المخبرية، التي أجراها فريق البحث في كلية العلوم، بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، والتي سبق الإشارة إليها كفرضيات، مع الأخذ بتطبيق ظاهرة التوتر السطحي، لتفسير تناقص أعداد الميكروبات والجراثيم في معاملات الغمس بعد التحضين على المزارع الميكروبية، وتزايد أعدادها في معاملات النزع بعد التحضين.
                                وأزيدك قليلا من الإعجاز العلمى فى أحاديث النبى ، والتى تتناول:
                                رؤية الديك للملائكة، بينما يرى الحمار الشيطان:
                                الإعجاز العلمي في الأحاديث: إذا سمعتم أصوات الديكة
                                روى أبو هريرة  عن النبى  قوله: (إذا سمعتم أصوات الديكه فسلوا الله من فضله فإنها رأت ملكا وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان فإنها رأت شيطانًا) الجامع الصغير للسيوطى حديث رقم 4259 صحيح وما أكتشفه العلماء هو أن عين الديك ترى الآشعة فوق البنفسجية وتتفوق فى تركيبها على عين الإنسان حيث تستطيع رؤية موجات الضوء من 300-700 نانوميتر، بينما يرى الإنسان من 400-700 نانوميتر- (النانوميتر وحده قياس الاطوال الموجية) أى إن عين الإنسان لا تستطيع رؤية الآشعة من 300—400 نانوميتر وهى في مجال الآشعة فوق البنفسجية، بينما تستطيع الطيور بما فيها الديك رؤيتها.
                                هذا وتتميز عين الديك عن عين الإنسان في وجود القمع الرابع بالشبكية والذي يحتوى على صبغات خاصة لرؤية الآشعة فوق البنفسجية وكذلك وجود القمع المزدوج وتسمى قدره رؤية الآشعة فوق البنفسجية بالبعد الرابع. ولم يثبت العلم الحديث بعد أن هناك مستقبلات للآشعة تحت الحمراء في شبكية الحيوانات ومنها الحمار ولكن وجود العصيات بكميات كبيرة بالشبكية أوحت عن أهمية الرؤية الليلية لدى الحيوانات ومنها الحمار.
                                وتركزت دراسات وأبحاث العلماء على عيون القطط والكلاب حيث إن عيون الحيوانات تتشابه فى عملها: فعين الحمار تكون أقرب في تركيبها إلى عين الكلب منها إلى عين الإنسان. فالبنسبة لحساسية العين للضوء فهناك عدة عوامل تؤثر في النظر، ليس استقبال الضوء فحسب، ولكن حقل النظر وعمق الاستقبال. وبالنسبة لحدة الإبصار وتمييز الألوان بوضوح فقد خلق الله سبحانه وتعالى عيون الحيوانات ليكون لديها القدرة للرؤية الواضحة بالضوء الخافت، بينما يعتمد الإنسان أساسا على الرؤية بالضوء الساطع أي في ضوء الشمس. مثلا: تستطيع الحيوانات التأقلم في الضوء الخافت أكثر من الإنسان بعدة مرات، ففي القطط مثلا يكون التكيف بالليل أكثر من قدرة الإنسان بست مرات؛ أما الكلاب فالقدرة لديها أكثر من ذلك بكثير.
                                وهناك عدة طرق استنتجها العلم الحديث في دراسته للرؤية الليلية بالحيوانات ففي الكلاب مثلا شبكية العين تتكون أساسًا من مستقبلات خاصة بأعداد كبيره تعمل بالليل تسمى العصيات وهى موجودة في شبكية عين الإنسان ولكن بكميات قليلة وهذه العصيات هي المسؤولة عن الرؤية بالليل. فالحيوان والإنسان يمتلكان شبكية تحتوى على العصيات والأقماع لكن توزيعها وعددها يختلفان.
                                الطريقة الأخرى والتي يعتمد عليها الكلاب في الرؤية الليلية هى بواسطة الجزء العاكس من الشبكية والموجودة خلف مستقبلات الضوء في الحيوانات وهذه الطبقة لا توجد في الإنسان وتعمل كالمرآة وهى مسؤولة عن حدوث بريق عيون الحيوانات كالقطط والكلاب عند توجيه ضوء بالظلام إليها وتسمى (تابيدم ليوسيدم) Tapidum Lucidum وتعمل هذه الطبقة اللامعة على تطوير الرؤية الليلية وذلك بعكس الضوء الخافت إلى طبقة المستقبلات الضوئية بواسطة تغيير الأطوال الموجية للضوء الخافت إلى أطوال موجية تستقبل بوضوح بواسطة المستقبلات الحساسة (العصيات) وكذلك يوجد طبقه (تابيدم نيجرم) Tapidum nigrum وهى أسفل الشبكية ولونها داكن وتعمل على رؤية الضوء فى السماء أما بالنسبة لحقل النظر وهو المحيط الذي يمكن للعين رؤيته فتتفوق عين الحيوانات عن عين الإنسان في ذلك فالكلب يستطيع رؤية حقل نظر إلى درجة 250 درجة بينما الإنسان يرى 180 درجة ويعتمد الانسان في حده الإبصار على المقولة بالشبكية أما الحيوانات فتعتمد على جزء من الشبكية يسمى شريط الرؤية Visual streak الديكة من الطيور التى تستطيع تمييز الآشعة فوق البنفسجية، بينما لا يستطيع الإنسان تمييزها ولم يثبت العلم بأن عين الحمار تستقبل الآشعة تحت الحمراء بمستقبلات خاصة مثلا، ولكن من خلال حديث الرسول  نتوقع وجود مستقبلات خاصة بالآشعة تحت الحمراء في شبكية عين الحمار، قد يثبت وجوده العلم فى المستقبل، وذكرت الآشعة تحت الحمراء هنا لعدة أسباب:
                                1- لأنها فى الجانب الآخر من الطيف (الضوء) فالديك يرى الآشعة فوق البنفسجية التي لا تراها عين الإنسان فيكون الحمار يرى الآشعة تحت الحمراء. (حسب نمط الحديث)
                                2- لان الشيطان مخلوق من نار والنار تبث آشعة تحت حمراء. وفى الأخير لا زلنا بالقرآن والسنة النبوية الشريفة نتفوق علميًا على الآخرين ومن ذلك أن سبب صياح الديك فى الصباح الباكر وكذا زقزقة العصافير هو وجود الملائكة (المخلوقات النورانية) وبكثرة وأن هناك تأثيرات لا مرأية تؤثر على حياة وسلوك الحيوانات والطيور.
                                التفكك الأسري في بيت العنكبوت:
                                التفكك الأسري في بيت العنكبوت...! قال تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) (العنكبوت:41) لقد شبه الله سبحانه وتعالى الكافرين وأولياءهم الذين اتخذوهم من دون الله تعالى أنصارًا يرجون نصرتهم كمثل حال العنكبوت التي اتخذت بيتًا مكون من زوج وأولاد. فقد كشف العلم الحديث أن العنكبوت الأنثى بعدما تنشأ البيت الذي تساكن فيه الذكر تجبر العنكبوت الذكر على النكاح من أجل الحصول على الحيوانات المنوية وتقوم باستنزاف قواه إلى آخر رمق وعندما تحصل على حاجتها منه وتتيقن أنه أصبح لا يستطيع أن يبذل المزيد وأصبح عبئًا عليها تطيح برأس زوجها الذي ساكنها في هذا البيت وتأكله كما أن العناكب الصغيرة تغادر البيت في سن مبكرة فرارًا من أمهم التي ربما تأكلها إن جاعت فعلاقة العنكبوت الأنثى والعنكبوت الذكر هي علاقة مصلحة تنتهي بانتهائها. فالوهن الذي أشار إليه القرآن الكريم في بيت العنكبوت هو وهن اجتماعي لا مادي وذلك بعد ما كشف العلم الحديث أن خيط العنكبوت أشد متانة من الفولاذ.
                                وإذا كانت هذه الخيوط تبدو ضعيفة واهية تمزقها هبة ريح، إلا أن الدراسات أوضحت أنها على درجة عالية من المتانة والشدة والمرونة، ومن المعروف أن هذا النوع من خيوط العنكبوت يعد أقوى مادة بيولوجية عرفها الإنسان حتى الآن، وتعتبر الخصلات الحريرية التي تكون نسيج العنكبوت أقوى من الفولاذ، ولا يفوقها قوة سوى الكوارتز المصهور، ويتمدد الخيط الرفيع منه إلى خمسة أضعاف طوله قبل أن ينقطع، ولذلك أطلق العلماء عليه اسم "الفولاذ الحيوي" أو "الفولاذ البيولوجي" أو "البيوصلب"، وهو أقوى من الفولاذ المعدني العادي بعشرين مرة، وتبلغ قوة احتماله 300.000 رطلا للبوصة المربعة، فإذا قدر جدلا وجود حبل سميك بحجم إصبع الإبهام من خيوط العنكبوت فسيُمْكِنه حَمل طائرة "جامبو" بكل سهولة.
                                ولقد قام العلماء بإنتاج مادة يشبه تركيبها خيط العنكبوت وهي تسمى بالكافلر حيث يستعملونه في صنع القمصان الواقية من الرصاص. وأنثى العنكبوت هي التي تقوم بنسج الخيط، عن طريق آلية هندسية تعتبر معجزة إلهية في حد ذاتها، فخيط العنكبوت الضئيل الذي يظهر أمام العين المجردة مصنوع بالطريقة نفسها التي يصنع بها الكوابل شديدة الصلابة؛ حيث يتكون الخيط المفرد من عدة خيوط متناهية في الصغر ملتفة حول بعضها، وقد يبلغ سمك الخيط الواحد منها 1 من مليون من البوصة، تنتجه غدد أنثى العنكبوت من خلال ثلاثة مغازل خاصة موجودة أسفل البطن، ويوجد قرب كل مغزل فتحات لغدة صغيرة تخرج منها المادة التي تكون الخيوط الحريرية، وهي مادة معظمها من البروتين وقد يصل عدد هذه الغدد إلى 600 غدة.
                                وأثناء هندسة النسيج، تقوم العنكبوت بجمع الخيوط الناتجة من ثلاثة مغازل معا لتكوين خصلة قوية ومتينة، وتغزل العناكب التي تعيش خارج المنزل نسيجًا معروفًا باسم الفلك نسبة إلى شكله الدائري، وهو قطعة هندسية رائعة من الخطوط المتناسقة التي تتلألأ بشكل بهي تحت أشعة الضوء في مطلع الفجر..
                                ولقد وتوصل العلم الحديث إلى وصف أكثر من 35000 نوع من العناكب المختلفة الأحجام والأشكال والألوان والطبائع والغرائز، ويعتبر عنكبوت المنزل المعروف أقل هذه الأنواع ابتكارًا وتفننًا في صنع نسيجه.
                                ومن دراسة حياة العناكب لاحظ العلماء أن بيت العنكبوت له شكل هندسي خاص دقيق الصنع، ومقام في مكان مختار له في الزوايا، أو بين غصون الأشجار، وأن كل خيط من الخيوط المبني منها البيت مكون من أربعة خيوط أدق منه، ويخرج كل خيط من الخيوط الأربعة من قناة خاصة في جسم العنكبوت وخيوط العنكبوت حريرية رفيعة جدًا، حتى أن سمك شعرة واحدة من رأس الإنسان يزيد عن سمك خيط نسيج العنكبوت بحوالي 400 مرة ولا يقتصر بيت العنكبوت على أنه مأوى يسكن فيه، بل هو في نفس الوقت مصيدة تقع في بعض حبائلها اللزجة الحشرات الطائرة مثل الذباب وغيرها.. لتكون فريسة يتغذى عليها.
                                وتدل الدراسات المستفيضة للحشرات على أن بعضها له حياة اجتماعية ذات نظم ومبادئ وقوانين تلتزم بها في إعداد مساكنها والحصول على أقواتها والدفاع عن نفسها والتعاون فيما بينها بصورة تدهش العقول وذلك بإلهام من خلقها الذي يجعلها تبدو وكأنها أمم لها كيان ونظام وعمران.
                                ومن رحمة الله بعباده أن جعل العناكب، وهي المخلوقات التي يتقزز منها الإنسان، لا تخلو من فوائد عديدة، فهي تلتهم الملايين من الحشرات والنباتات الضارة بالصحة، أي أنها تعمل كمبيدات حشرية حية لدرجة أن أحد علماء الأحياء يؤكد أن نهاية الإنسان تصبح محققة على ظهر الأرض إذا ما تم القضاء على العناكب. من ناحية أخرى، تستخدم العناكب في مجالات البحث العلمي لتجريب تأثير بعض المواد المخدرة عليها، كما أن العناكب من أوائل الكائنات التي وضعت في سفن الفضاء لملاحظة سلوكها وهي تبني شباكها تحت تأثير انعدام الجاذبية في الفضاء الخارجي وتجري حاليًا دراسات علمية مكثفة للإفادة من حرير العنكبوت على النطاق التجاري على غرار ما حدث بالنسبة لاستخدام الحرير المنتج بواسطة دودة القز. ويتجلى الإعجاز العلمي في التعبير القرآني عن الفعل بصيغة المؤنث في كلمة "اتخذت"، وهي إشارة في غاية الدقة للدلالة على أن الأنثى ـ وليس الذكر ـ هي التي تقوم بضع نسيج البيت، وكذلك الإشارة إلى ظاهرة التفكك الأسري في بيت العنكبوت في أن العنكبوت الأم تقوم بقتل زوجها بعد التلقيح مباشرة وكذلك تهجر صغار العناكب أعشاشها في سن مبكرة، وهو ما كشف عنه العلم الحديث بالنسبة لغالبية أنواع العنكبوت، وما كان لأحد قط أن يفطن إلى هذه الحقيقة وقت نزول القرآن الكريم.
                                آية من آيات الله في النحل:
                                سرايا - في كل يوم يكشف العلماء شيئًا جديدًا في سلوك النحل ويعجبون من الذي علم النحل هذا السلوك، ويبقى قول الحق تعالى: (فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا) لا تنقضي عجائبه،
                                ففي كل يوم يزداد إيماننا بكتاب ربنا، ويزداد حبُّنا لهذا الدين الحنيف، والسبب في ذلك هو كثرة الحقائق العلمية التي يزخر بها هذا القرآن، والتي يكتشفها العلماء في كل يوم، وهذا يجعلنا نفتخر بانتمائنا للإسلام – الرسالة الخاتمة. ومن عجائب النحل ظاهرة يسميها العلماء ظاهرة السُّكر عند النحل، فبعض النحل يتناول أثناء رحلاته بعض المواد المخدرة مثل الإيثانول ethanol وهي مادة تنتج بعد تخمّر بعض الثمار الناضجة في الطبيعة، فتأتي النحلة لتلعق بلسانها قسمًا من هذه المواد فتصبح "سكرى" تمامًا مثل البشر، ويمكن أن يستمر تأثير هذه المادة لمدة 48 ساعة.
                                إن الأعراض التي تحدث عند النحل بعد تعاطيه لهذه "المسكرات" تشبه الأعراض التي تحدث للإنسان بعد تعاطيه المسكرات، ويقول العلماء إن هذه النحلات السكرى تصبح عدوانية، ومؤذية لأنها تفسد العسل وتفرغ فيه هذه المواد المخدرة مما يؤدي إلى تسممه، ولكن الله تعالى يصف العسل بأنه (شفاء) في قوله تعالى: (يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ) [النحل: 69]. فماذا هيَّأ الله لهذا العسل ليبقى سليمًا ولا يتعرض لأي مواد سامة؟ وهذا ما دفع العلماء لدراسة هذه الظاهرة ومتابعتها خلال 30 عامًا، وكان لابد من مراقبة سلوك النحل.
                                فبعد المراقبة الطويلة لاحظوا أن في كل خلية نحل هناك نحلات زودها الله بما يشبه "أجهزة الإنذار"، تستطيع تحسس رائحة النحل السكران وتقاتله وتبعده عن الخلية!! وتأملوا معي الحكمة التي يتمتع بها عالم النحل، حتى النحلة التي تسكر مرفوضة وتطرد بل و"تُجلد" من قبل بقية النحلات المدافعات، أليس النحل أعقل من بعض البشر؟! إن النحلات التي تتعاطى هذه المسكرات تصبح سيئة السمعة، ولكن إذا ما أفاقت هذه النحلة من سكرتها سُمح لها بالدخول إلى الخلية مباشرة وذلك بعد أن تتأكد النحلات أن التأثير السام لها قد زال نهائيًا.
                                حتى إن النحلات تضع من أجل مراقبة هذه الظاهرة وتطهر الخلية من أمثال هؤلاء النحلات تضع ما يسمى "bee bouncers" وهي النحلات التي تقف مدافعة وحارسة للخلية، وهي تراقب جيدًا النحلة التي تتعاطى المسكرات وتعمل على طردها، وإذا ما عاودت الكرة فإن "الحراس" سيكسرون أرجلها لكي يمنعوها من إعادة تعاطي المسكرات!!! لقد زود الله تبارك وتعالى النحل "بتجهيزات" يعرف من خلالها تلك النحلة التي تعاطت مادة مسكرة (ثمار متخمرة) فتميزها على الفور وتطردها وتبعدها من الخلية لكي لا تُفسد العسل الذي تصنعه، وتضع هذه النحلات قوانين صارمة تعاقب بموجبها تلك النحلة التي تسكر (تشرب الخمر)، تبدأ هذه العقوبات من الطرد والإبعاد وتنتهي بكسر الأرجل، فسبحان الله، حتى النحل يرفض الخمر!!! المصدر: الموسوعة الحرة.
                                ويخطر ببالنا السؤال التقليدي الذي نطرحه عندما نرى مثل هذه الظاهرة: مَن الذي علَّم النحل هذا السلوك؟ ربما نجد إشارة قرآنية رائعة إلى أن الله تعالى هو من أمر النحل بسلوك طريق محددة بل وذلَّل لها هذه الطرق، يقول تعالى مخاطبًا النحل: (فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا) [النحل: 69]. وهنا يعجب الإنسان من هذا النظام الفائق الدقة! ربما نجد فيه إجابة لهؤلاء المعترضين على القوانين التي جاء بها الإسلام عندما حرَّم تعاطي المسكرات وأمر بجلد شارب الخمر، فإذا كان النحل يطبق هذا النظام بكل دقة، أليس الأجدر بنا نحن البشر أن نقتدي بالنحل؟
                                * * *
                                أى الوالدين يشبه المولود، ودليل من دلائل نبوة المصطفى :
                                ثم آخر ما أثاره الكاتب من اعتراضات على أحاديث النبى  هو قول النبى  فى تحديد نوع الجنين أنقله من موقع حراس العقيدة بتصرف يسير فى المقدمة والتنسيق.
                                تعلمنا لنقد نص حديث أنه علينا أن نجمع كل طرق روايات الحديث، وكل ما قيل فى هذا الموضوع. فهل فعل الكاتب هذا؟ لا. إنه اكتفى بحديث ثوبان فقط، ولم يقف على باقى الروايات التى حدث فيها الرسول  اليهود وأحبارهم عما سألوه عنه، وقالوا له إن هذه الأشياء التى يسألونه عنها لا يعرفها إلا نبى، وإجابته  على هذه الأسئلة التى أوحى الله له الإجابة عنها، تثبت أنه نبى الله حقًا، كما اعترف اليهود بذلك، عقب إجابته عليهم. ولقد تكتم الكاتب كل هذه الروايات، أو طمس ذكرها؛ لأنها لا تخدم غرضه من البحث المغرض الذى يقول به.
                                وإليك جزء من هذه الروايات:
                                233501 - أقبلت اليهود إلى رسول الله  فقالوا يا أبا القاسم إنا نسألك عن خمسة أشياء فإن أنبأتنا بهن عرفنا أنك نبي واتبعناك، فأخذ عليهم ما أخذ إسرائيل على بنيه إذ قالوا {الله على ما نقول وكيل} قال هاتوا قالوا خبرنا كيف تؤنث المرأة وكيف تذكر قال يلتقي الماءان فإذا علا ماء الرجل ماء المرأة أذكرت وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل أنثت. قالوا: أخبرنا ما حرم إسرائيل على نفسه قال كان يشتكي عرق النسا فلم يجد شيئا يلائمه إلا ألبان كذا وكذا قال بعضهم يعني الإبل فحرم لحومها. قالوا: صدقت. قالوا أخبرنا ما هذا الرعد قال ملك من ملائكة الله عز وجل موكل بالسحاب بيده أو في يده مخراق من نار يزجر به السحاب يسوقه حيث أمره الله عز وجل قالوا فما هذا الصوت الذي نسمع قال صوته. قالوا: صدقت. إنما بقيت واحدة إنما نبايعك إن أخبرتنا إنه ليس من نبي إلا له من يأتيه بالخبر فأخبرنا عن صاحبك قال جبريل عليه السلام قالوا جبريل ذلك الذي ينزل بالعذاب والحرب والقتال وهو عدونا لو قلت ميكائيل الذي ينزل بالرحمة والنبات والقطر لكان فأنزل الله عز وجل} قل من كان عدوا لجبريل} الآية وفي رواية كلما أخبرهم بشيء فصدقوه قال اللهم اشهد وقال فيها أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن هذا النبي الأمي تنام عيناه ولا ينام قلبه قالوا اللهم نعم وقال أيضا فإن وليي جبريل ولم يبعث الله نبيا قط إلا وهو وليه.
                                الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الهيثمي - المصدر: مجمع الزوائد - الصفحة أو الرقم: 8/244 خلاصة الدرجة: رجالهما ثقات

                                تعليق

                                مواضيع ذات صلة

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                ابتدأ بواسطة زين الراكعين, منذ أسبوع واحد
                                ردود 0
                                17 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة زين الراكعين  
                                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ أسبوع واحد
                                ردود 0
                                1 مشاهدة
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                                بواسطة *اسلامي عزي*
                                 
                                ابتدأ بواسطة زين الراكعين, منذ أسبوع واحد
                                ردود 0
                                23 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة زين الراكعين  
                                ابتدأ بواسطة زين الراكعين, منذ أسبوع واحد
                                ردود 0
                                6 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة زين الراكعين  
                                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ 3 أسابيع
                                ردود 0
                                11 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                                بواسطة *اسلامي عزي*
                                 
                                يعمل...
                                X