الرد على كتاب الإسلام بدون حجاب

تقليص

عن الكاتب

تقليص

abubakr_3 مسلم اكتشف المزيد حول abubakr_3
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #76
    الملف 53
    152730 - أقبلت يهود إلى النبي  فقالوا يا أبا القاسم نسألك عن أشياء إن أجبتنا فيها اتبعناك وصدقناك وآمنا بك قال فأخذ عليهم ما أخذ إسرائيل على نفسه قالوا الله على ما نقول وكيل قالوا أخبرنا عن علامة النبي قال تنام عيناه ولا ينام قلبه. قالوا: فأخبرنا كيف تؤنث المرأة وكيف تذكر قال يلتقي الماءان فإن علا ماء المرأة ماء الرجل أنثت وإن علا ماء الرجل ماء المرأة أذكرت. قالوا: صدقت. .... الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 4/191 خلاصة الدرجة: صحيح
    قال الإمام البخاري ـ واللفظ له ـ ومسلم في صحيحيهما عَنْ أَنَسٍ  قَالَ: (سَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ بِقُدُومِ رَسُولِ اللَّهِ  وَهْوَ فِي أَرْضٍ يَخْتَرِفُ فَأَتَى النَّبِيَّ ، فَقَال:َ إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِيٌّ، فَمَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ؟ وَمَا أَوَّلُ طَعَامِ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ وَمَا يَنْزِعُ الْوَلَدُ إِلَى أَبِيهِ أَوْ إِلَى أُمِّهِ؟ قَالَ:" أَخْبَرَنِي بِهِنَّ جِبْرِيلُ آنِفًا قَالَ ...أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: فَنَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنْ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ، وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ نَزَعَ الْوَلَدَ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ نَزَعَتْ"، قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ... الحديث)
    وفي رواية عند مسلم عن عائشة رضي الله عنها مرفوعًا: (إِذَا عَلَا مَاؤُهَا مَاءَ الرَّجُلِ أَشْبَهَ الْوَلَدُ أَخْوَالَهُ وَإِذَا عَلَا مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَهَا أَشْبَهَ أَعْمَامَهُ)،
    وفي رواية عنده أيضًا عن أم سلمة رضي الله عنها، قال : (إِنَّ مَاءَ الرَّجُلِ غَلِيظٌ أَبْيَضُ وَمَاءَ الْمَرْأَةِ رَقِيقٌ أَصْفَرُ فَمِنْ أَيِّهِمَا عَلَا أَوْ سَبَقَ يَكُونُ مِنْهُ الشَّبَهُ).
    والمعنى ظاهر في أن الولد يكون شبهه من ذكورة أو أنوثة بمن علا ماؤه من الزوجين، فإن علا منيُّ الرجل كان الولد ذكرًا، وإن علا منيُّ المرأة كان الولد أنثى بإذن الله،
    إذن فالقول بسبق وعلو ماء الرجل ماء المرأة يؤدى إلى كون الجنين ذكرًا ويحمل من صفات الأب وعائلته أكثر منه للمرأة، والعكس صحيح هو من العلوم الربانية التى لا تؤتى إلا لنبى، وأخفاها بنو إسرائيل ليتحققوا من كون هذا الرجل نبيًا مرسلا أم مدعى للنبوة، وقد صدَّق اليهود على صدْق إجابات الرسول ، بل أسلم عبد الله بن سلام زعيم اليهود فى رواية من روايات هذا الحديث.
    وأثبت البروفيسور الدكتور سعد حافظ مؤسس علم العقم عند الرجال .. ورئيس مجلتين علميتين في أمريكا، وله 34 كتابًا، وقد عكف على دراسة العلاقة بين ماء الرجل وماء المرأة عشر سنوات مستخدمًا الميكروسكوب الألكتروني والكمبيوتر .. يقول البروفيسور: وصدفة وصلت إلى النتيجة التي نقولها في هذا الحديث!! (حقيقة صحيحة مئة في المئة). ماء الرجل قلوي، وماء المرأة حمضي .. فإذا التقى الماءان وغلب ماء المرأة ماء الرجل، وكان الوسط حامضيًا تضعف حركة الحيوانات المنوية التي تحمل خصائص الأنوثة في تلقيح البويضة فيكون المولود أنثى والعكس صحيح! سبحان الله!!
    ويقول أ.د. جمال حامد السيد حسانين، أستاذ التشريح والأجنة بكلية الطب البشري، جامعة الزقازيق - جمهورية مصر العربية، فى بحثه المشارك فيه عن (المسئولية المشتركة للرجل والمرأة فى تحديد نوع الجنين: إعجازًا علميًا للحديث النبوي الذي رواه ثوبان)
    المؤتمر الثامن للإعجاز العلمي في القرآن والسنة دولة الكويت
    http://www.youtube.com/watch?v=CIzV4DLNE4Q
    http://www.youtube.com/watch?v=8S9gIiP0ugw
    ففى رواية عند مسلم عن ثوبان  مرفوعًا: (مَاءُ الرَّجُلِ أَبْيَضُ وَمَاءُ الْمَرْأَةِ أَصْفَرُ فَإِذَا اجْتَمَعَا فَعَلَا مَنِيُّ الرَّجُلِ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ أَذْكَرَا بِإِذْنِ اللَّهِ وَإِذَا عَلَا مَنِيُّ الْمَرْأَةِ مَنِيَّ الرَّجُلِ آنَثَا بِإِذْنِ اللَّهِ).
    أولا: البحث اللغوي:
    تشترك الأحاديث التي تناقش سبب الشبه لأحد الأبوين وسبب الإذكار والإيناث في كلمة العلو وكلمة السبق، ولذلك يجب فهم دلالتها اللغوية:
    أولا العلو: قال ابن فارس: "علو: العين واللام والحرف المعتل ياء كان أو واوًا أو ألفًا أصل واحد يدل على السمو والارتفاع لا يشذ عنه شيء "(1)، ومن معاني كلمة علا في اللغة ، يقول الرازي: (علا) غلبه. وعلاه بالسيف ضربه (2)، كما قال الراغب الأ صفهاني أيضا في معني كلمة عَلا: العلوُ ضد السفل، والعلوي والسفلي المنسوب إليهما، والعلو الارتفاع وقد علا يعلو علوا وهوعال، وعَلي يَعَلي علا فهو علي، فعلا بالفتح في الأمكنة والأجسام أكثر (3)
    ثانيا السبق : قال بن فارس: "سبق: السين والباء والقاف أصل واحد صحيح يدل على التقدم" يقال سبق يسبق سبقًا (1)، وقال ابن منظور، السبق، القدمة في الجري وفي كل شيء (4)، وذكر الراغب الأصفهاني أيضا، سبق أصل السبق التقدم في السير والاستباق التسابق (3)، ويقول رشيد رضا، والاستباق تكلف السبق، وهو الغرض من المسابقة والتسابق، بصفة المشاركة التي يقصد بها الغلب، وقد يقصد لذاته أو لغرض آخر في السبق، ومنه {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [المائدة: 48]، فهذا يقصد به السبق لذاته لا للغلب كما قال الراغب الأ صفهاني أيضا في معني كلمة علا: العلوُ ضد السفل (5)
    =*=*=*=*=*=*=
    ١. ابن فارس ، أبو الحسين أحمد بن زكريا ، معجم مقاييس اللغة.
    ٢. الرازي ، محمد بن أبي بكر عبد القادر ، مختار الصحاح .
    ٣. الراغب الأصفهاني ، أبي القاسم الحسين بن محمد بن الفضل ، المفردات في غريب القرآن .
    ٤. ابن منظور ، أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن علي بن أحمد ، لسان العرب.
    ٥. رضا ، محمد رشيد ، تفسير المنار.
    ثانيا أراء الفقهاء حول الحديث:
    ذكر ابن القيم رحمه الله: "وقد أجرى الله العادة بأن التوالد لا يكون إلا بين أصلين يتولد من بينهما ثالث، ومني الرجل وحده لا يتولد منه الولد، ما لم يمازجه مادة أخرى من الأنثى، وقد اعترف أرباب القول الآخر بذلك، وقالوا: لابد من وجود مادة بيضاء لزجة للمرأة تصير مادة لبدن الجنين، ولكن نازعوا هل فيها قوة عاقدة، كما في مني الرجل أم لا، وقد أدخل النبي  هذه المسألة في الحديث الذى رواه مسلم في صحيحه من حديث ثوبان مولاه حيث سأله اليهود عن الولد فقال "ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر، فإذا اجتمعا فعلا مني الرجل مني المرأة أذكر بإذن الله، وإذا علا مني المرأة مني الرجل أنثى بإذن الله" نعم لمني الرجل خاصة الغلظ والبياض والخروج بدفق ودفع فإن أراد من مني المرأة انتفاء ذلك عنها أصاب ومني المرأة خاصته الرقة والصفرة والسيلان بغير دفع فإن نفي ذلك عنها أخطأ وفي كل من الماءين قوة فإذا انضم أحدهما إلى الآخر اكتسبا قوة ثالثة وهي من أسباب تكوين الجنين.
    وقال أيضا رحمه الله: والسبب الموجب مشيئة الله فقد يسبب بضد السبب وقد يرتب عليه ضد مقتضاه ولا يكون في ذلك مخالفة لحكمته كما لا يكون تعجيزا لقدرته وقد أشار في الحديث إلى هذا بقوله "أذكر وأنثى بإذن الله" وقد قال تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} الشورى: 49-50
    فأخبر سبحانه أن ذلك عائد إلى مشيئته وأنه قد يهب الذكور فقط والإناث فقط وقد يجمع للوالدين بين النوعين معًا وقد يخليهما عنهما معًا وأن ذلك كما هو راجع إلى مشيئته فهو متعلق بعلمه وقدرته"(6) وقال ابن حجر رحمه الله: "والذى يظهر ما قلته وهو تأويل العلو فى حديث عائشة وأما حديث ثوبان فيبقى العلو فيه على ظاهره فيكون السبق علامة التذكير والتأنيث والعلو علامة الشبه فيرتفع الإشكال، وكأن المراد بالعلو الذي يكون سبب الشبه بحسب الكثرة بحيث يصير الآخر مغمورًا فيه فبذلك يحصل الشبه، وينقسم ذلك ستة أقسام:
    الأول أن يسبق ماء الرجل ويكون أكثر فيحصل له الذكورة والشبه، والثاني عكسه،
    والثالث أن يسبق ماء الرجل ويكون ماء المرأة أكثر فتحصل الذكورة والشبه للمرأة، والرابع عكسه،
    والخامس أن يسبق ماء الرجل ويستويان فيذكر ولا يختص بشبه، والسادس عكسه" (٧)،
    وقال النووي رحمه الله: عند قول النبي  "إن ماء الرجل غليظ أبيض وماء المرأة رقيق أصفر" :هذا أصل عظيم في بيان صفة المني وهذه صفته في حال السلامة وفي الغالب، قال العلماء: مني الرجل في حال الصحة أبيض ثخين يتدفق في خروجه دفقه بعد دفقه، ويخرج بشهوة ويتلذذ بخروجه، وإذا خرج استعقب خروجه فتور ورائحة كرائحة طْلع النخل ورائحة الطلع قريبة من رائحة العجين، .. (وقد يتغير لون المني بأسباب منها) .. أن يمرض فيصير منيه رقيقًا أصفر أو يسترخي وعاء المني فيسيل من غير التذاذ وشهوة أو يستكثر من الجماع فيحمر ويصير كماء اللحم وربما يخرج دمًا عبيطًا، ثم إن خواص المني التي عليها الاعتماد في كونه منيًا ثلاث: أحدها الخروج بشهوة مع الفتور عقِبه. والثانية: الرائحة التي شبه رائحة الطَّلع كما سبق. الثالث: الخروج بدْفق ودْفعات، وكل واحدة من هذه الثلاث كافية في إثبات كونه منيًا ولا يشترط اجتماعها فيه، وإذا لم يوجد شيء منها لم يحكم بكونه منيًا وغلب على الظن كونه ليس منيًا هذا كله في مني الرجل، وأما مني المرأة فهو أصفر رقيق وقد يبييض لَفضل ُقوتها، وله خاصيتان يعرف بواحدة منهما أحدهما أن رائحته كرائحة مني الرجل والثانية التلذذ بخروجه وفتور قوتها عقب خروجه .
    وقال أيضا رحمه الله: "العلو والسبق بمعني واحد فتكون اللفظتان معناهما واحد، قال العلماء: يجوز أن يكون المراد بالعلو هنا السبق، ويجوز أن يكون المراد الكثرة والقوة أي بحسب كثرة الشهوة فإن كانت للرجل أذكر "بإذن الله" وإن كانت المرأة أكثر شهوة أنث "بإذن الله" ( ٨)، وقال القرطبي رحمه الله: "...والذي يتعين تأويله الذي في حديث ثوبان، فيقال: إن العلو معناه سبق الماء إلى الرحم، ووجهه: أن العلو معناه الغلبة، ويؤيد هذا التأويل قوله في الحديث: "إذا سبق ماء الرجل ماء المرأة أذْكرا، وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل أنَّثا "( ٩)، كما ذكر الزرقاني مثل ذلك: "إن العلو الوارد في الأحاديث معناه سبق الماء إلى الرحم، ووجهه: أن العلو لما كان معناه الغلبة والسابق غالب في ابتدائه في الخروج قيل غلبه وعلاه، ويؤيده أنه ورد في رواية مسلم "إذا سبق ماء الرجل ماء المرأة أذكرا، وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل أنثا" (١٠)
    =*=*=*=*=*=*=
    ٦. ابن القيم، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي، التبيان في أقسام القرآن .
    ٧. ابن حجر، أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني، فتح الباري .
    ٨. النووي، محيي الدين أبو زكريا يحيي بن شرف بن موري بن حسن بن حزم، شرح النووي علي صحيح مسلم .
    ٩. القرطبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري، الجامع لأحكام القرآن.
    ١٠ . الزرقاني، محمد بن عبد الباقى بن يوسف، شرح الزرقاني علي موطأ مالك، دار الكتب العلمية، بيروت .
    ثالثا: ماء المرأة المقابل لماء الرجل في الطب:
    لقد قرر القرآن الكريم في الآيات التي تتحدث عن خلق نسل سيدنا آدم أن الخلق يكون من الماء، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا..} (سورة الفرقان، الآية: ٥٤ )، ولقد وصف "الله سبحانه وتعالي" هذا الماء بأنه دافق، قال تعالي: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (6) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} (سورة الطارق، الآيتان: 5-6)، وأيضا بأنه مهين، قال تعالي: {ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} (سورة السجدة، آية: ٨)، كما قال تعالي أيضا: {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} (سورة المرسلات، آية: ٢٠)، وبالنظر في الآيات السابقة يتبين لنا أن القرآن الكريم لم يوضح ماء الرجل من ماء المرأة، ولكن المعني الضمني يشير إلي احتواء هذا الماء علي عناصر الخلق الأولية التي يتكون منها الإنسان، والسنة المطهرة تؤكد أن الخلق يكون من الرجل والمرأة معًا، فلقد ورد عن عبد الله بن مسعود  أنه قال: "مر يهودي برسول الله  وهو يحدث أصحابه فقالت قريش: يا يهودي إن هذا يزعم أنه نبي فقال لأسألنه عن شيء لا يعلمه إلا نبي، قال فجاء حتى جلس ثم قال: يا محمد مم يخلق الولد؟ فقال رسول الله : "يا يهودي من كلٍ يخلق من نطفة الرجل ومن نطفة المرأة" (١١)، وهذا يدل علي أن الخلق يكون من الرجل والمرأة معًا وأن مصطلح النطفة يعبر عن الجزء من الماء الدافق أو المهين الذي يستخلص منه عناصر خلق الإنسان الأولية والتي يتكون منها الولد، ولقد أثبت العلم الحديث أن خلق الإنسان يكون من اندماج الحيوان المنوي الذكري وبويضة الأنثى، وبذلك يكون الحيوان المنوي هو نطفة الرجل وتكون البويضة هي نطفة المرأة، كما يكون من الضروري أن يكون الماء الدافق أو المهين هو الذي يحمل تلك النطف ومعبرًا عن ماءي الرجل والمرأة معا.
    قال العلماء في مجال الإعجاز العلمي في القرآن والسنة: {يخرج ماء الرجل متدفقًا ويشير إلي هذا التدفق قوله تعالي: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (6) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} (سورة الطارق، الآيتان: 5-6) ومما يلفت النظر أن القرآن الكريم يسند التدفق للماء نفسه مما يشير إلي أن للماء قوة دفق ذاتية، وقد أثبت العلم في العصر الحديث أن المنويات التي يحتويها ماء الرجل لابد أن تكون حيوية متدفقة متحركة وهذا شرط للإخصاب، وقد أثبت العلم أيضًا أن ماء المرأة الذي يحمل البويضة يخرج متدفقًا إلي قناة الرحم (فالوب)، وأن البييضة لابد أن تكون حيوية متدفقة متحركة حتى يتم الإخصاب" (١٢)، وذكر الدكتور البار: "إن الحيوانات المنوية يحملها ماء دافق هو ماء المني، كذلك البويضة في المبيض تكون في حويصلة جراف (Graafian Follicles)، محاطة بالماء، فإذا انفجرت الحويصلة تدفق الماء وتلقفت أهداب البوق البويضة لتدخلها إلى قناة الرحم، حيث تلتقي بالحيوان المنوي لتكون النطفة الأمشاج، هذا الماء يحمل البويضة تمامًا كما يحمل ماء الرجل الحيوانات المنوية، كلاهما يتدفق، وكلاهما يخرج من بين الصلب والترائب: من الغدة التناسلية؛ الخصية أو المبيض.. وتتضح مرة أخرى معاني الآية الكريمة {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7)} [الطارق: 5-7]، في إعجازها العلمي الرائع: ماء دافق من الخصية يحمل الحيوانات المنوية، وماء دافق من حويصلة جراف بالمبيض يحمل البويضة"، كما أوضح أيضًا الدكتور البار وصفًا علميًا دقيقًا لماء المرأة: "إن للمرأة نوعين من الماء، أولهما: ماء لزج يسيل ولا يتدفق، وهو ماء المهبل، وليس له علاقة في تكوين الجنين، وثانيهما: ماء يتدفق وهو يخرج مرة واحدة من حويصلة جراف (Graafian Follicles) بالمبيض عندما تقترب هذه الحويصلة المليئة بالماء الأصفر من حافة المبيض فإنها تنفجر ويتدفق منها الماء الأصفر حاملا البييضة.." (١٣).
    =*=*=*=*=*=*=
    ١١ . أحمد، أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل، مسند أحمد .
    ١٢ . مارشال جونسون، عبد المجيد الزنداني، مصطفى أحمد: وصف التخليق البشري في مرحلة النطفة، في: "علم الأجنة في ضوء القرآن والسنة".
    ١٣ . البار، محمد علي، خلق الإنسان بين الطب والقرآن.الدار السعودية للنشر.
    رابعا:الإخصاب وتحديد جنس الجنين:
    خلال عملية الإخصاب يرحل ماء الرجل من المهبل ليقابل البييضة في ماء المرأة في قناة البييضات (قناة فالوب) ولا يصل من ماء الرجل إلا القليل ويخترق منوي واحد البييضة، ويحدث عقب ذلك مباشرة تغير سريع في غشائها يمنع دخول بقية المنويات، وبدخول المنوي في البييضة تتكون النطفة الأمشاج، ومعني (نطفة أمشاج): أي قطرة مختلطة من مائيين، وهذه النطفة الأمشاج تعرف علميًا عند بدء تكونها (بالزيجوت)، ويشير القرآن الكريم إلي النطفة الأمشاج بقوله تعالي:{إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [الإنسان: 2]
    وهناك نقطة هامة تتصل بهذا النص وهي أن كلمة (نطفة): اسم مفرد، أما كلمة (أمشاج) فهي صفة في صيغة الجمع (١١)، أي أنها عبارة عن كيان مفرد علي شكل قطرة تناسلية "أي نطفة" مكونة من اختلاط أمشاج (خلايا تناسلية) ذكرية وأنثوية، وهذا يعني أن الإخصاب لا يحدث من كل السوائل التناسلية وأنه هناك اختيار خاص لعناصر الإخصاب وتتطابق هذه الحقائق العلمية مع الحديث النبوي الشريف الذي يحدد بوضوح ودقة أن خلق نسل الإنسان لا يكون من كل ماء الرجل والمرأة ولكنه يحدث من جزء ضئيل فقط منهما: "ما من كل الماء يكون الولد ..." (صحيح مسلم كتاب النكاح، باب العزل) .
    وعن تحديد جنس المولود ذكر الدكتور النشواتي: "ومن آيات الإعجاز الأخرى ما جاء في {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19)} [عبس: 17-19]، تفصح الآيات عن أن جنس الجنين يتحدد ويقدر ذكرًا سيكون أم أنثى منذ اللحظات الأولى من حياته الجنينية، أي منذ التقاء نطفة والده بنطفة والدته، وكما هو معروف فإن في الحيوان المنوي ٢٣ كروموسومًا، الأخير منها صبغي جنسي، لقد تبين أن ٥٠ في المئة من الحيوانات المنوية تحمل صفات الأنوثة (أي الكروموسوم x)، بينما تحمل الـ٥٠ بالمئة المتبقية الصبغي المذكر (y)، أما الأنثى فهي تحتوي حصرًا، الكروموسوم الأنثوي الصفات (x)، فإذا لقح حيوان منوي يحمل صفات الذكورة، بويضة الأم فإن الناتج الصبغي الجنسي للجنين سيكون (xy)، أي أنه سيكون ذكرًا، أما إذا تم اللقاء بين البويضة وبين حيوان منوي يحمل الصبغي الأنثوي، فإن الصيغة الصبغية للبويضة الملقحة ستكون (xx)، أي أن الجنين سيكون أنثى، وبما أن جنس الجنين يتم فور التقاء الحيوان المنوي بالبويضة، لذا جاءت الآية الكريمة علي هذا النحو المذهل {مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ} فسبحانك اللهم (14).
    =*=*=*=*=*=*=
    ١١ . أحمد، أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل، مسند أحمد .
    ١٤ . النشواتي، محمد نبيل، الإعجاز الإلهي في خلق الإنسان وتفنيد نظرية داروين. دار القلم، دمشق.
    خامسا:الطرح العلمي:
    ١. الخصائص الكهربائية للذرات:
    كل ذرة لها قلب يسمي النواة (a nucleus) التي تشكل كتلة الذرة تقريبًا، إلا أنها تشغل حيزًا صغيرًا من حجم الذرة نفسها، لأن معظم الذرة فراغ حول النواة، وبالنواة يوجد جسيمات أصغر هي البروتونات (protons) موجبة الشحنات، والنيترونات (neutrons) متعادلة الشحنات، ويدور بالفراغ حول النواة جسيمات خفيفة جدا تسمي الإلكترونات (electrons)، وكل عنصر بذرته عدد ثابت ومتشابه بالبروتونات بالنواة، والنيترونات لا تحمل شحنات كهروبائية، والإلكترونات جسيمات سلبية الكهربائية تدور في الفراغ حول النواة، وكتلة الإلكترون تعادل (1/2000) كتلة البرتون أو النيترون.
    وحديثنا السابق كان حول الذرة المتعادلة الشحنات كهربائيًا، لكن في الحقيقة الذرات يمكنها فقدان أو اكتساب الكترونات سالبة، لكن عدد البروتونات لا يتغير بالنواة، فلو اكتسبت الذرة الكترونات تصبح الذرة سالبة الشحنة لأن عدد الإلكترونات تزيد علي عدد البروتونات بالنواة، ولو فقدت الذرة الكترونات تصبح الذرة موجبة الشحنة لأن عدد البروتونات بالنواة يزيد علي عدد الإلكترونات، وكل ذرة لها شحنة تسمى (an ion) ايون (15)، وهناك شىء لافت للنظر يحدث بين البروتونات والإلكترونات: فدائما ينجذب البروتون نحو الإلكترون، بينما يتنافر البروتون مع البروتونات الأخرى، ويتنافر الإلكترون مع الإلكترونات لأخرى، وهذا السلوك سببه شيئًا يسمى القوة الكهربية (The electric force)، فالبروتونات موجبة الشحنة بينما الإلكترونات سالبة الشحنة، وأي جسمين لهما نفس نوع الشحنة يبتعدان عن بعضهما البعض، بينما جسمين لهما شحنات مختلفة ينجذبان إلي بعضهما البعض) (16)
    =*=*=*=*=*=*=
    15- Atomic theory, in English wikipedia
    http://en.wikipedia.org/wiki/Atomic_theory
    16- Swanson Technologies, Electricity Tutorial,
    http://www.swansontec.com/set.htm
    - الخصائص الكهربائية للأمشاج
    في الجزء المبكر من القرن العشرين، بدأت فكرة حدوث تغيير كهربائي أثناء عملية الإخصاب في الظهور، وذلك بالتماثل لما يحدث عند الاستثارة الكهربية للعصب والعضلة، وساد الاعتقاد بأن مؤثرًا كهربائيًا يؤدي إلي بداية تطور البييضة عند الإخصاب، وأجريت محاولات عديدة لقياس التغير المحتمل الذي قد يحدث أثناء الإخصاب (١٧)، ومن عام ١٩٣٣م،استنتج اثنان من العلماء الروس وهما "شرودر" (SCHROEDER) و"كولتزووف" (KOLTZOFF)، أنه من الممكن فصل الحوينات المنوية التي تحمل الصبغى (x) من التى تحمل الصبغى (Y) عن طريق شحنة من "القطب الموجب" (الانود، anode) أو "القطب السالب" (الكاثود، cathode).
    وفي عام ١٩٩٠، وجد عالم في "جامعة روسكووف" (Roscoff university) أن التقاء الحوين المنوي مع البييضة يسبب حدوث حلقة مضيئة تتأثر بالكهرباء، مما أثبت حدوث تدخل كهربائي أثناء عملية الإخصاب، وفي عام ١٩٩٢، أثبت في الجامعة العلمية بطوكيو النتائج التي توصل إليها العالمان الروسيان "شرودر" (SCHROEDER) و"كولتزووف" ( KOLTZOFF)، وأمكن تميز القدرة علي فصل الحوينات المنوية الحاملة للصبغي (Y) عن تلك الحاملة (x) باستخدام طريقة "التحليل الكهربائي" (Electrolysis)، وفى عام 1994 أنهى (Patrick Schoun) "باتريك شوون" 15 عام دراسة علي ألوف من حالات دراسية من الثدييات وأتبعها في عام ١٩٩٦ بإجراء تجاربه النهائية علي "طريقة أختيار الطفل" الصحيح (Right Baby Method) التي تعتمد على 155 من البشر وأظهرت معدل نجاح98.7 % (18)، وأدت أبحاث "باترك شوون" إلي اكتشاف شحنة كهربائية علي الغشاء الخلوي للبييضة، وهذه الشحنة غير ثابتة، ولكنها تتغير من موجبة إلي متعادلة وإلي سالبة في دورة، سميت "بالدورة القطبية للغشاء الخلوي للبييضة" (The polarity cycle of the ovum membrane) ووجد أن هذه الدورة من الممكن توقعها، إلا أنها منفصلة تماما عن دورة الطمث (الحيض)، هذه الدورة القطبية، والتي لا يعرفها معظمنا، توجد بالإضافة إلي دورة المبيض دورة الطمث، فعندما يكون الغشاء الخلوي للبييضة متعادل الشحنة، تستطيع الحوينات المنوية الحاملة للصبغي (x) أو (Y) الاتحاد مع البييضة وتخصيبها وخلال هذه الفترة تكون فرص الحصول علي طفل ذكر أو طفل أنثى هي 50:50، وعندما يكون الغشاء الخلوي للبييضة موجب الشحنة، فإنه يجذب إليه الحيون المنوي الحامل للصبغي الجنسي (X) (الذي يحمل شحنة سالبة) وينتج طفل أنثى (انظر شكل 4).
    وعندما يكون الغشاء الخلوي للبييضة سالب الشحنة، فإنه يجذب إليه الحوين المنوي الحامل للصبغي (Y) (انظر الشكل 5) (19)
    ولقد تمكن "باتريك شون" من التعرف علي وجود ذلك في فترة زمنية ثابتة يمكن التنبؤ بها وهي بين ٦٥ إلي ٧٠ يوم كل سنة لكل جنس (انظر شكل ٦)،
    وباقي الأيام لا يمكن تخمينها تسمى (Neutral days) "الأيام المتعادلة" (20)، وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن خلايا الأمشاج "مولدة للكهرباء" (Electrogenic) أى قادرة على الإستجابة للمؤثرات الكهربائية وتعديل خصائصها الكهربائية خلال الأوقات الحاسمة من النضوج والإخصاب، حيث وجدت قنيات أيونية (Ion channels) موزعة بشكل كبير علي الغشاء الخلوي للبييضة والحوين المنوي في كل حيوانات التجارب التي تمت دراستها، وأن التعديلات الكهربائية التي تحدث في الأمشاج تكون بسبب تيارات من الأيونات التي تمر خلال هذه القنيات الأيونية (٢١)
    =*=*=*=*=*=*=
    17- Hagiwara S and Jaffe LA (1979): Electrical properties of egg cell membranes . Ann. Rev. Biophys. Bioeng. , 8: 385 – 416
    18- Scientific research for the Right Baby method.
    http://www.genderselection.info/scientific_review.html
    19- Babychoice/Selnas Method , Baby choice Hong Kong
    http://www.babychoice.hk/Method.html
    20- Your choice boy or girl!, The nationalist , Friday, February 19 , 1999, Editorial
    http://www.carlow-nationalist.ie/news/story.asp?j=11443
    21- Tosti E and Boni R ( 2004): Electrical events during gamete maturation and fertilization in animals and humans , Human Reproduction Update, Vol.10, No.1 pp.53-65
    سادسا: تفسير الحديث في ضوء المكتشفات الحديثة:
    قبل تقدم العلم، كان السائد أن مسئولية ولادة طفل ذكر أو أنثي تتحملها المرأة وحدها، ولا يوجد أي دور للرجل في تحديد جنس الطفل، ومع تطور العلوم وتقدم وسائل البحث العلمي واكتشاف نوعين من الحيوانات المنوية؛ هما النوع الحامل للصبغي (Y)، والنوع الحامل للصبغي (X)، ومنذ ذلك الإكتشاف وعلماء الأحياء يعتبرون أن الذكر هو المسئول عن تحديد جنس الطفل ولا يوجد أي دور للمرأة في هذه العملية، وعلي العكس من ذلك كانت الأحاديث الشريفة التي قالها النبي  منذ القرن السابع الميلادي تنص بشكل واضح وصريح علي أن تحديد نوع الجنين مسئولية مشتركة بين الرجل والمرأة وهذا، الحديث الذي رواه ثوبان مولي رسول الله  يعبر بصدق عن اشتراك الرجل والمرأة في ذلك، والنص في الحديث "ماء الرجل أبيض، وماء المرأة أصفر، فإذا اجتمعا، فعلا مني الرجل مني المرأة: أذْكرا بإذن الله، وإذا علا مني المرأة مني الرجل أنَّثا بإذن الله"، أي أن علو ماء أحدهما يكون سببًا في اكتساب جنس من علا ماؤه، وفي ضوء المكتشفات الحديثة لخصائص الأمشاج الكهربائية، يكون العلو المقصود العلو الكهربائي وهو علو حقيقي وليس علوًا معنويًا.
    ولتوضيح ذلك لابد من استرجاع بعض قواعد علم الطبيعة التي تخص الشحنة الكهربائية: يوجد نوعان من "الشحنات الكهربائية" (Electric charge)، وهما "الشحنة الموجبة" (positive) ويرمز لها بالرمز (+): وتعني نقصان عدد كبير من الإلكترونات في الجسم، و"الشحنة السالبة" (negative) ويرمز لها بالرمز (-): وتعني تجمع عدد كبير من الإلكترونات في الجسم، وكما سبق إيضاحه، تتجاذب الشحنات ذات الطبيعة المختلفة، فإذا اقترب جسيمان مشحونان بشحنات ذات طبيعة مختلفة، وكانت للجسيمان حرية الحركة، فإن كلا منهما يجذب الآخر، وإذا كان أحد الجسيمين بروتونًا، والآخر إلكترونًا، فإن البروتون هو الذي يجذب إليه الإلكترون، عند اقترابهما؛ لأن كتلة البروتون أكبر بكثير من كتلة الإلكترون، وأيضا تتنافر الشحنات ذات الطبيعة المتماثلة: أي أن شحنتين موجبتين أو شحنتين سالبتين، إذا اقتربتا لمسافة معينة، تظهر بينهما قوى ميكانيكية، تعمل على دفع الشحنة ذات الكتلة الأقل، بعيدًا عن الشحنة ذات الكتلة الأكبر، بناء علي هذه الحقائق الكهربائية، تكون الشحنة الموجبة هي الأعلى كهربائيًا نظرًا لقدرتها علي جذب الإلكترونات من الشحنة السالبة، وبتطبيق القواعد السابقة علي الخصائص الكهربائية للبييضة وللحوين المنوي عند عملية التخصيب، نجد أنه عندما تكون البييضة "سالبة الشحنة" فإنها تجذب إليها الحوين المنوي (Y) (الذي يحمل شحنة موجبة) وينتج "طفل ذكر"، وبما أن الحامل للصبغي "الشحنة الموجبة" هي الأعلى حسب قواعد الطبيعة يكون مني الرجل هو الأعلى وبذلك يكون علو مني الرجل سببًا في إنجاب "طفل ذكر"، وهذا يطابق ما أوضحه الحديث النبوي بشكل مذهل "فإذا اجتمعا، فعلا مني الرجل مني المرأة: أذكرا بإذن الله"، وأما إذا كانت البييضة موجبة الشحنة فإنها تجذب إليها الحوين المنوي الحامل للصبغي (X) (الذي يحمل شحنة سالبة) وينتج "طفل أنثى"، وهذا ما أوضحه أيضا الحديث النبوي "وإذا علا مني المرأة مني الرجل أنثا بإذن الله"، أي هناك دور مشترك للرجل والمرأة في تحديد جنس الطفل، ومن خلال العرض السابق يتضح لنا صدق حديث النبي  ويقدم إعجازًا علميًا جديدًا يضاف إلي ما سبق من معجزات نبوية والتي لابد أن تكون وحيا من الله العليم الذي يعلم كل شيء، ما نعلم وما لا نعلم، يقول الله تعالي: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14]
    سابعا: أراء السابقين في تفسير النصوص في الميزان:
    ذكر الشيخ عبد الرشيد قاسم في دراسة قيمة آراء علماء السلف عن هذا الحديث، كما ذكر فيها أيضا تفسيرات المعاصرين، ومما ذكره الشيخ: "أما المعاصرون فقد فسروا الحديث بعدة تفسيرات، ومن أبرزها: الأول: إذا علا مني الرجل مني المرأة: أي جاء فوقه، وبالطبع لا يأتي شيء فوق شيء إلا إذا كان هذا الشيء موجودًا قبل، وهذا يعني أن المرأة تصل إلى ذروتها فيأتي سائله المنوي بعد إفرازات المرأة ويأتي فوقه، وفي هذه الحالة يأتي المولود "ذكرًا" "بإذن الله"، وأما إذا علا مني المرأة مني الرجل أي إذا وصلت المرأة ذروتها وقذفت بالسوائل في المهبل بعد أن يقذف الرجل سائله المنوي في مهبلها وتأتي إفرازاتها على سائل الرجل المنوي فإن المولود يكون "أنثى" حيث يصل الرجل أولا ثم المرأة ووصول المرأة لذروتها بعد الرجل يساعد على إنجاب البنات" (٢٢)، وفي الحقيقة الرأي السابق قد جانبه التوفيق، وذلك من جهتين: أولا، لأنه يفترض أن السوائل التي تفرزها المرأة عندما تصل إلي ذروتها هي منيها الذي يقابل مني الرجل، وهذا كما سبق إيضاحه غير صحيح علميا، ثانيًا: يفترض هذا الرأي أن أحد المنيين يكون موجودًا ويأتي الآخر فوقه، وأيضا هذا التأويل يعتبر غير صحيح علميًا، فمن المعروف أن من خواص السوائل أنها تمتزج مع بعضها البعض عن اختلاطها، فلا يقع أحدهما علي الآخر خاصة إذا كانت كثافتهما متقاربة كما هو الحال في السوائل التي يفرزها جسم الإنسان كالمني وغيره.
    ومن الآراء السابقة أيضًا والتي تبحث في العوامل التي تتحكم في جنس الجنين، ما ذكره الدكتور النشواتي: "لقد تبين أن أهم العوامل التي تتحكم بجنس الجنين تفاعل مفرزات عنق الرحم قبيل القذف، والرعشة لدي الزوجة، وكما أسلفت فإن الحيوانات المنوية علي نوعين: أحدهما يحمل صفات الذكورة وفي داخله الصبغي (y)، وهو سريع الحركة وذو رأس صغير مدبب مغزلي الشكل وذيله طويل ودقيق
    ويتأثر وبشدة في الوسط الحامضي، فهو يتثبط ويفنى عدد كبير منه بفعل سوائل ومفرزات عنق الرحم الحامضية التفاعل، ويتحرض وينشط في الوسط القلوي، أما النوع الآخر فهو بطيء الحركة ورأسه كبير نسبيًا ومستدير وذيله قصير وغليظ، ويحتوي في داخله الكروموسوم (x) الذي يمثل الصفات الأنثوية والجنس الأنثوي، وهو يتحرض في الوسط الحامضي ويتثبط في الوسط القاعدي"، ويضيف الدكتور النشواتي في فقرة أخري عند الإثارة الجنسية التامة للزوجة تزداد مفرزات عنق الرحم غزارة وتصبح قلوية التفاعل، خصوصًا إذا بلغت المرأة قمة النشوة فاستجابت وارتعشت، وبما أن السوائل القلوية تنشِّط سباحة وحركة الحوينات المنوية الذكرية الصفات وتثبِّط في الوقت ذاته النطف الأنثوية الصفات، لذا ستنفق الغالبية العظمى من النطف الأخيرة وسيتثبط ما بقي منها، فتتخلف وتنسحب من السباق، بينما تسعى النطف المذكرة بحرية ونشاط فائقين لتحظى بشرف تلقيح البويضة ونجاب مولود مذكر "بإذن الله تعالي"، أما إذا لم تبلغ الزوجة مرحلة الرعشة، كأن تكون مصابة بالبرود الجنسي فإن مفرزاتها ستبقي حامضية وستكون السبب في إنجاب البنات من دون البنين، مالم تراجع الطبيب وتتقيد بالمعالجة (١٤)، وفي الفقرة السابقة ورد أكثر تفسير علمي شائع لقضية تحديد الجنس، وبالرغم من صحة الخصائص الطبيعية والكيميائية لنوعي الحيوانات المنوية، إلا أنه هناك العديد من التأويلات الغيرصائبة في تفسير سلوك هذه الحيوانات المنوية وتفاعلها مع إفرازات المرأة، وهي:
    أولا: من المعروف أن تفاعل المهبل حمضي في الظروف الطبيعية (pH 3.8 – 4.5)، إلا أنها قد تصبح قلوية (4.5 < pH) لأسباب طبيعية غيرمعدية: في أثناء الطمث، زيادة إفراز عنق الرحم( وقت التبويض)، بعد اللقاء الجنسي (بسبب وجود السائل المنوي) (٢٣)، وتنتج هذه الحموضة بسبب وجود العصيات اللبنية (عصيات دودرلين، Doderlin's bacilli) عن طريق إفراز مواد حمضية التفاعل (٢٤) وفي الظروف الطبيعية، تعتبر هذه الدرجة البسيطة من الحموضة في المهبل واحدة من الآليات الوقائية للمهبل ضد الجراثيم الضارة (25).
    =*=*=*=*=*=*=
    ١٤ . النشواتي، محمد نبيل، الإعجاز الإلهي في خلق الإنسان وتفنيد نظرية داروين. دار القلم، دمشق.
    ٢٢ - قاسم، عبد الرشيد محمد أمين، "اختيار جنس الجنين " دراسة فقهية طبية طبع ونشر دار الأسدي بمكة المكرمة .
    24- Mardh, (1991): The vaginal ecosystem. Am. J. Obst. & Gyn., 165: 1163 – 68
    25- Hanna, N. F., D. Taylor-Robinson, M. Kalodiki-Karamanoli, J. R. Harris, and Mc Fadyen I. R. (1985): The relation between vaginal pH and the microbiological status in vaginitis. Br. J. Obstet. Gynaecol., 92:1267-1271
    ثانيًا: بعد القذف مباشرة، تقوم "بلازما السائل المنوي" (Seminal plasma) بتكوين "كتلة متخثرة من المني" (Coagulum)، بتأثير وجود عناصر مسببة للتخثر تنتجها "الحويصلات المنوية" (Seminal vesicles)، يتم إذابة هذا التخثر بواسطة إنزيمات من السائل المنوي أفرزتها غدة البروستاتة، وفي الظروف الطبيعية تستغرق هذه الإذابة من ١٠ إلي ٣٠ دقيقة، وفي الظروف الطبيعية، يكون للسائل المنوي،وهو قلوي التفاعل قليلا (PH:7.2-8)، قدرة عالية علي معادلة تأثير الحموضة داخل المهبل ذات التأثير الضار للحوينات المنوية (٢٦)، ولقد أثبتت الدراسات أهمية هذا التخثر للسائل المنوي وأن "السمنوجلين" (Semenogelin) هو البروتين الرئيسي في السائل المنوي المتخثر، وهو يوجد بتركيزات عالية في إفرازات "الحويصلة المنوية"، وهو لايؤثر علي حركة الحوينات المنوية ولكنه يمنع تماما الحدوث المبكر لعملية التمكين (Capacitation)، وهي سلسلة التحولات التي تحدث للحوينات المنوية لتجعلها قادرة على التلقيح (27).
    ثالثًا: يفرز عنق الرحم مادة هلامية تسمى "بمخاط عنق الرحم" (Cervical mucus) وتتغير خواصه مع دورة الطمث، فخلال النصف الأول من الدورة، يكون المخاط مائي غزير وصافي وذو مرونة وهذا النوع تتمكن الحوينات المنوية من اختراقه بسهولة بعد اللقاء الجنسي لتصل إلي داخل الرحم، أما في النصف الثاني من الدورة، أي بعد التبويض، تتغير نوعية المخاط، فيصير أقل في الكمية وأكثر سمكًا وأقل صفاءًا، ولا تستطيع الحوينات المنوية اختراقه ويكون كسد يمنع دخولها إلي داخل الرحم، وحتى إذا تم اللقاء الجنسي في الوقت الذي تكون فيه نوعية مخاط عنق الرحم أكثر ملائمة (للإخصاب)، فإن حوين واحد فقط من كل ألفين يخترق مخاط عنق الرحم، ويظل بقية الحوينات داخل المهبل حيث تفنى سريعًا بسبب تأثير حموضة المهبل عليها، وتعيش الحوينات المنوية التي اخترقت هذا المخاط مدة أطول، قد تصل إلي عدة أيام بعد اللقاء الجنسي، وبمجرد دخول الحوينات المنوية إلي داخل المخاط فإنها تسبح بثبات فيه إلي الأعلى باتجاه الرحم خلال فترة تتراوح بين ٤٨ إلي ٧٢ ساعة، وبذلك يعمل مخاط عنق الرحم كمستودع للحوينات المنوية، وتخزينها في حالة عدم حدوث لقاء جنسي وقت التبويض، ولهذا فلا داعي للقاء الجنسي يوميًا عند الرغبة في الحمل، ويقوم مخاط عنق الرحم أيضًا بالعمل كمرشح يسمح فقط بالمرور لأفضل الحوينات خلاله إلي الرحم، ومن ثم إلي أعلي نحو البييضة الموجودة في قناة فالوب (28).
    رابعًا: عندما تحدث النشوة للمرأة، فإن "عنق الرحم" (Cervix)، وهو فم الرحم، ينقبض عندما يتحرك الرحم، وهذا يجعل الرحم ينغمس في المهبل، بحيث إذا كان الرجل قد حدثت له النشوة، تكون هذه المنطقة غنية بالمني، وهذه الحركة لعنق الرحم تقوم في الحقيقة بعملية سحب للسائل المنوي إلي داخل عنق الرحم وبالتالي إلي داخل الرحم لتسهيل مروره في اتجاه البييضة الناضجة (29).
    ومن خلال الحقائق العلمية السابقة، يتضح أن السائل المنوي يتخثر بعد القذف مباشرة مكونًا طبقة عازلة ذات تفاعل قلوي تحمي الحوينات المنوية من تأثير حموضة المهبل وتمنع إعدادها مبكرًا لعملية الإخصاب، أي أن الوسط الكيميائي للمهبل سيكون قلويًا بتأثير قلوية السائل المنوي بعد اللقاء الجنسي وهذا يدل علي أنه لا دور للحموضة في عملية انتقاء الحوينات، وبعد حدوث إذابة للمني المتخثر، تكون نسبة من الحوينات المنوية قد اخترقت مخاط عنق الرحم في طريقها إلي داخل الرحم، ومخاط عنق الرحم عند التبويض يكون أيضًا قلوي التفاعل ولا يسمح إلا بمرور الحوينات الأفضل والأنشط، وفي أثناء مرور الحوينات المنوية داخل القناة التناسلية الأنثوية، تبدأ عملية التمكين للحوينات المنوية لكي تتمكن من تخصيب البييضة، أي أن مخاط عنق الرحم يعمل علي فصل للحوينات الأفضل، سواء الحاملة للذكورة أو الحاملة للأنوثة، وأيضًا المساعدة في زيادة قدرتها علي التخصيب، كما أن لا يوجد دور لحدوث النشوة عند المرأة في ترجيح جنس للجنين علي آخر، سواء حدثت قبل أو بعد نشوة الرجل، ولكن حدوثها بعد نشوة الرجل يزيد فقط من فرصة الحمل .
    لقد أغفل العلماء الباحثون الأوائل في مجال التلقيح ونشأة الكائنات وأيضًا المفسرون للحديث إمكانية وجود عناصر أخرى غير مرئية تعمل علي ترجيح كفة جنس على آخر أثناء اندماج الحوين المنوي مع البييضة، وهذا ما يقدمه البحث ويبين أن الخصائص الكهربائية للأمشاج، وهي صفات غير مرئية أثبت وجودها العلم الحديث، تتحكم في تحديد نوع الجنين، وأن العلو المذكور في الحديث علوًا حقيقيًا في نوع الشحنة الكهربية، بحيث يكتسب الجنين نوع المشيج الذي يحمل الشحنة الكهربائية الأعلى (الموجبة)، والدليل علي ذلك أنه بعد عملية التبويض، ينطلق إلي أنبوب الرحم المركب المكون من البييضة وخلايا الركام المبيضي (Cumulus-oocyte complex) بالإضافة إلي السائل الحويصلي أو الجريبي (Follicular fluid) وبذلك قد يوجد هذا السائل في مكان التخصيب (٣٠)، ولقد اكتشف حديثًا أن السائل الحويصلي يحتوي علي نوعين من البروتينات السكرية (Glycoproteins) هما (ZIF-1 and ZIF-2)، ويعملا علي تثبيط التصاق الحوينات المنوية بالمنطقة الشفافة للبييضة ( ٣١ )، وبالرغم من أن وجود السائل الحويصلي في بيئة هذا الجزء من أنبوب الرحم قد يسبب انخفاض عدد الحوينات المنوية التي ترتبط ( تلتصق) بالمنطقة الشفافة للبييضة ( Zona pellucida)، إلا أن هذا الانخفاض لم يصاحبه فقدان الحوينات المنوية لحيويتها، أو حركتها، ولم يسبب لها حدوث مبكر (Acrosomal reaction ) لتفاعل القلنسوة (32 )، وفيما يبدو أن خلايا الركام المبيضي المحيط بالبييضة، تعمل علي مقاومة هذا التأثير المثبط لالتصاق الحوينات المنوية بالبييضة ( ٣٣ )، وبناء علي هذه الحقائق يكون تأثير الشحنات الكهربائية للأمشاج هو الأرجح في حدوث التجاذب والاندماج بينها .
    =*=*=*=*=*=*=
    26- Semen analysis , A-Z Health Guide from WebMD: Medical Tests.
    http://www.webmd.com/hw/infertility_...ion/hw5612.asp
    27- E. de Lamirande, K. Yoshida, T. M. Yoshiike, T. Iwamoto and C. Gagnon (2001): Semenogelin, the main protein of semen coagulum, inhibits human sperm capacitation by interfering with the superoxide anion generated during this process. Journal Article , Journal of Andrology, Vol 22, Issue 4 672-679
    28- Cervical mucus:
    http://www.hashmi.com/cervical_mucus.html
    29- Female Orgasms and Conception
    http://infertility.about.com/od/repr...maleorgasm.htm
    30- Hansen C, Srikadakumar A, Downey BR (1991): Presence of follicular fluid in porcine oviduct and its contribution to the acrosome reaction. Mol Reprod Dev 30: 148–153.
    31- Yao YQ, Chiu CN, Ip SM, Ho PC, Yeung WSB (1998): Glycoproteins present in human follicular fluid that inhibit the zona-binding capacity of spermatozoa. Hum Reprod 13: 2541– 2547.
    32- M. J. Munuce, A. M. Caille, G. Botti and C. L. Berta ( 2004): Modulation of human sperm function by follicular fluid. Andrologia , Volume 36 Issue 6 Page 395
    33- Hong SJ, Tse JY, Ho PC, Yeung WS (2003): Cumulus cells reduce the spermatozoa binding inhibitory activity of human follicular fluid. Fertil Steril 79 (Suppl. 1):802–807
    الاستنتاج والخلاصة
    يعتبر تحديد جنس الجنين من القضايا التي شغلت أذهان البشر منذ قديم الزمان، ليس فقط على مستوي العامة ولكن علي مستوي العلماء والباحثين، ففي البداية كانت المرأة تتهم بأنها هي المسئولة عن تحديد جنس الطفل، وبعد تقدم العلم واكتشاف وجود نوعين من الحوينات المنوية، انتقلت المسئولية إلي الرجل فقط، إلا أن الحديث النبوي الشريف الذي رواه ثوبان، في الجزئية التي سأل فيها اليهودي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الولد، أشار بوضوح تام إلي أن تحديد نوع الجنين، ذكرًا كان أو أنثى، يكون بمشاركة الرجل والمرأة معًا، وليس بأحدهما فقط، يقول الحديث: "ماء الرجل أبيض، وماء المرأة أصفر، فإذا اجتمعا، فعلا مني الرجل مني المرأة: أذكرا بإذن الله، وإذا علا مني المرأة مني الرجل أنثا بإذن الله"، ولقد ثار الجدل كثيرًا حول هذا الحديث علي مر الزمان بين العلماء والفقهاء من جهة وبين الفقهاء أنفسهم سوءًا السابقين أو المعاصرين، فلقد شكك البعض في صحة الحديث وافترض الاشتباه علي الراوي وأن المقصود الشبه وليس الذكورة والأنوثة، والبعض الآخر لإيمانه بصدق الحديث وثبوته عن رسول الله ، حاولوا التوفيق بينه وبين الأحاديث الواردة عن الشبه، ومحاولة إيجاد علاقة بين العلو والسبق، كلٍ علي قدر اجتهاده في ضوء المتاح من العلوم والمعرفة لديهم في ذلك الوقت، ولقد كان هذا الجدل سببًا للطعن في السنة المطهرة من أعداء الدين والمضللين وبالرغم من تيقننا من أن الحديث لا مطعن فيه، وثقتنا بأن سيدنا "محمد " لا ينطق عن الهوى، إلا أن العلم لم يتمكن من تزويدنا بأدلة مادية تجعلنا قادرين علي الرد علي هؤلاء الملحدين والمشككين، وأخيرا وبعد مرور ما يقرب من ألف وخمسمائة سنة، يظهر الحق ويثبت العلم أن الرجل والمرأة يشتركان في تحديد جنس الطفل، وذلك اعتمادًا علي خصائص غير مرئية وهي الشحنة الكهربية للأمشاج، وأن نوع الجنين يتبع نوع الوالد الذي يكون عناصر منيه أعلى،مصدقًا لما أخبر به نبينا العظيم منذ مئات السنين ويكون استخدام لفظة العلو في الحديث تعبيرًا مدهشًا حيث يعبر بكل دقة ووضوح عن الغلبة والقهر، وبذلك يكون هذا العلو علوًا حقيقيًا وليس معنويا كما كان يعتقد من قبل، وأخيرًا، بعد أن ظهر لنا جليًا الأسباب التي تعمل علي ترجيح نوع علي آخر، فإننا نقر بأن ذلك كله معلق بمشيئة الله سبحانه وتعالي وحده، الذي خلق الأسباب وقادر علي الخلق بالأسباب وبدونها، عز في علاه، قال تعالي: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} [الشورى: 49-50]
    http://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=28364
    * * * * *
    سوء فهم لنقاط أخرى:
    ويواصل الكاتب عرض سوء فهمه المتعمَّد للإسلام فيقول:
    6- متنوعات
    • من أكل الثوم لا يأتى إلى المسجد
    قال محمد: "من أكل من هذه الشجرة - يعني الثوم - فلا يقربن مسجدنا". جـ 812:1
    • تأثير العين الشريرة
    قال محمد: "العين (الشريرة) حق". جـ 636:7
    • أي حذاء تبدأ بلبسه؟
    قال محمد: "إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين وإذا إنتزع فليبدأ بالشمال". جـ747:7
    • لا تتنفس في كوب الشراب
    قال محمد: " لا تتنفس في الإناء". جـ156:1
    • الله يخيف عباده بكسوف الشمس وخسوف القمر
    قال محمد: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد. ولكن الله يخوف بهما عباده". جـ158:2
    • الشيطان يبوّل في أذن من لا يستيقظ للصلاة.
    "عن عبد الله رضي الله عنه قال: ذُكر عن النبي (ص) رجل فقيل: مازال نائما حتى أصبح ماقام إلى الصلاة. فقال بال الشيطان في أذنه". جـ245:2
    • التشاؤب من الشيطان
    "عن النبي (ص) قال: التشاؤب من الشيطان". جـ509:4
    • النجوم خلقها الله لرجم الشيطان
    "خلق هذه النجوم لثلاث: جعلها زينة للسماء، ورجوماً للشيطان، وعلامات يُهتدي بها". جـ420:4
    وأقول له:
    ومجموع هذه ثمان نقاط:
    أولاً: قال رسول الله : (من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزل مصلانا وليقعد في بيته فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم) أخرجه مسلم
    عن ابن عمر  أن النبي  قال: (من أكل من هذه الشجرة (يعني الثوم) فلا يقربن مسجدنا) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وفي رواية لمسلم: (مساجدنا).
    إن أكل الثوم أو البصل أو أى طعام له رائحة منفرة، أو شرب الدخان أو حتى وضع عطر ذو رائحة نفَّاذة، أو اتساخ الحذاء بقذارة ذات رائحة كريهة تضايق المصليين فعليه اعتزال الجماعة، حتى تزول هذه الرائحة أو يتخلص منها. أى تمنعه من التواجد فى أماكن تجمع الناس للصلاة أو لغيرها. فما هذا الذوق الرفيع الذى أتى به الإسلام؟ أليس هذا من باب احترام الإنسان وحقوقه أن يصلى دون تضرر؟ فما الذى يضيرك فى هذا؟ أى ما هو العيب فى ذلك؟ أليس هذا إثبات لرفعة الإسلام، وحرصه على ما ينفع الناس ولا ينفرهم؟ أليس هذا دليل محبة المسلم للآخرين؟
    أليست الرائحة الطيبة تسر يهوه/يسوع؟ ألم تنقذ الرائحة الطيبة لشى اللحم البشرية من بطش الرب والإبادة الجماعية التى كان يقوم بها؟ (20وَبَنَى نُوحٌ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ. وَأَخَذَ مِنْ كُلِّ الْبَهَائِمِ الطَّاهِرَةِ وَمِنْ كُلِّ الطُّيُورِ الطَّاهِرَةِ وَأَصْعَدَ مُحْرَقَاتٍ عَلَى الْمَذْبَحِ 21فَتَنَسَّمَ الرَّبُّ رَائِحَةَ الرِّضَا. وَقَالَ الرَّبُّ فِي قَلْبِهِ: «لاَ أَعُودُ أَلْعَنُ الأَرْضَ أَيْضاً مِنْ أَجْلِ الإِنْسَانِ لأَنَّ تَصَوُّرَ قَلْبِ الإِنْسَانِ شِرِّيرٌ مُنْذُ حَدَاثَتِهِ. وَلاَ أَعُودُ أَيْضاً أُمِيتُ كُلَّ حَيٍّ كَمَا فَعَلْتُ.) تكوين 8: 20-21
    فعلام الاعتراض إذن؟ فهل تنافر الناس ومضايقتهم من باب المحبة فى عرفك؟ وهل الأماكن التى تحفها الملائكة وتتنزل عليها رحمات الله تعالى يجب فى عرفك أن يكون بها رائحة كريهة تنفر المجتمعين؟ هل مراعاة الذوق الرفيع فى لقاء الله والناس يُنفِّرك؟ وهل تأكل أنت البصل أو الثوم وتلتقى بالناس أو بزوجتك؟ أرجو أن تراجع نفسك فى هذا الشأن!
    * * *
    ثانيًا: وعن اعتراض الكاتب على أن العين تحسد، يقول موقع الأنبا تكلا (الحسد - كشعور - موجود. فنحن نعرف أن قايين حسد أخاه هابيل. ويوسف الصديق حسده أخوته. والسيد المسيح أسلمه كهنة اليهود للموت حسدًا. ونحن في آخر صلاة الشكر، نقول "كل حسد وكل تجربة وكل فعل الشيطان أنزعه عنا". الحسد إذن موجود، ولكن "ضربة العين" لا نؤمن بوجودها.)
    (لا تستشر من يرصدك، واكتم مشورتك عمن يحسدك) يشوع بن سيراخ 37: 7
    تعريف الحسد وكيف يتم:
    الحسد هو أن يتمنى شخص زوال النعمة من شخص آخر، وأن تكون له. وهو بخلاف الغبطة فإنها تمني مثلها من غير حب زوالها عن المغبوط. والتحقيق أن الحسد هو البغض والكراهة لما يراه من حسن حال المحسود. وهي أول معصية وقعت من الخلق لما حسد إبليس آدم، ثم حسد قابيل هابيل.

    تعليق


    • #77
      الملف 54
      وتُعرف النعمة التى عند الآخر، والتى يتمنى زوالها، إما عن طريق الرؤية، وهو الغالب، لأن من يخاف الحسد لا يتكلم على نعم الله عليه، ويكتمها على من يُخشى منه الحسد، أو تُعرف عن طريق السمع. وبعدها يتم تمنى زوال هذه النعمة من عنده وأن يستأثر بها الحاسد لنفسه دون الآخر.
      وعلى ذلك كيف لا تكون العين هى السبب الأول والرئيسى فى الحسد؟
      وقد ذكرت العين الشريرة على لسان يسوع: ففى مثل صاحب الكرمة والفعلة، قال صاحب الكرمة (1«فَإِنَّ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ يُشْبِهُ رَجُلاً رَبَّ بَيْتٍ خَرَجَ مَعَ الصُّبْحِ لِيَسْتَأْجِرَ فَعَلَةً لِكَرْمِهِ 2فَاتَّفَقَ مَعَ الْفَعَلَةِ عَلَى دِينَارٍ فِي الْيَوْمِ وَأَرْسَلَهُمْ إِلَى كَرْمِهِ. 3ثُمَّ خَرَجَ نَحْوَ السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ وَرَأَى آخَرِينَ قِيَاماً فِي السُّوقِ بَطَّالِينَ 4فَقَالَ لَهُمُ: اذْهَبُوا أَنْتُمْ أَيْضاً إِلَى الْكَرْمِ فَأُعْطِيَكُمْ مَا يَحِقُّ لَكُمْ. فَمَضَوْا. 5وَخَرَجَ أَيْضاً نَحْوَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ وَالتَّاسِعَةِ وَفَعَلَ كَذَلِكَ. 6ثُمَّ نَحْوَ السَّاعَةِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ خَرَجَ وَوَجَدَ آخَرِينَ قِيَاماً بَطَّالِينَ فَقَالَ لَهُمْ: لِمَاذَا وَقَفْتُمْ هَهُنَا كُلَّ النَّهَارِ بَطَّالِينَ؟ 7قَالُوا لَهُ: لأَنَّهُ لَمْ يَسْتَأْجِرْنَا أَحَدٌ. قَالَ لَهُمُ: اذْهَبُوا أَنْتُمْ أَيْضاً إِلَى الْكَرْمِ فَتَأْخُذُوا مَا يَحِقُّ لَكُمْ. 8فَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ قَالَ صَاحِبُ الْكَرْمِ لِوَكِيلِهِ: ادْعُ الْفَعَلَةَ وَأَعْطِهِمُِ الأُجْرَةَ مُبْتَدِئاً مِنَ الآخِرِينَ إِلَى الأَوَّلِينَ. 9فَجَاءَ أَصْحَابُ السَّاعَةِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ وَأَخَذُوا دِينَاراً دِينَاراً. 10فَلَمَّا جَاءَ الأَوَّلُونَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ أَكْثَرَ. فَأَخَذُوا هُمْ أَيْضاً دِينَاراً دِينَاراً. 11وَفِيمَا هُمْ يَأْخُذُونَ تَذَمَّرُوا عَلَى رَبِّ الْبَيْتِ 12قَائِلِينَ: هَؤُلاَءِ الآخِرُونَ عَمِلُوا سَاعَةً وَاحِدَةً وَقَدْ سَاوَيْتَهُمْ بِنَا نَحْنُ الَّذِينَ احْتَمَلْنَا ثِقَلَ النَّهَارِ وَالْحَرَّ! 13فَقَالَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ: يَا صَاحِبُ مَا ظَلَمْتُكَ! أَمَا اتَّفَقْتَ مَعِي عَلَى دِينَارٍ؟ 14فَخُذِ الَّذِي لَكَ وَاذْهَبْ فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُعْطِيَ هَذَا الأَخِيرَ مِثْلَكَ. 15أَوَ مَا يَحِلُّ لِي أَنْ أَفْعَلَ مَا أُرِيدُ بِمَالِي؟ أَمْ عَيْنُكَ شِرِّيرَةٌ لأَنِّي أَنَا صَالِحٌ؟ 16هَكَذَا يَكُونُ الآخِرُونَ أَوَّلِينَ وَالأَوَّلُونَ آخِرِينَ لأَنَّ كَثِيرِينَ يُدْعَوْنَ وَقَلِيلِينَ يُنْتَخَبُونَ».) متى 20: 1-16
      ويقول يسوع عند مرقس: إن العين الشريرة المؤذية تنبع من داخل الإنسان، وهو يتطابق مع تعريفنا للحسد، الذى هو كره للمحسود وتمنى زوال النعمة منه، بمجرد العلم بها، إما عن طريق الرؤية أو السمع: (21لأَنَّهُ مِنَ الدَّاخِلِ مِنْ قُلُوبِ النَّاسِ تَخْرُجُ الأَفْكَارُ الشِّرِّيرَةُ: زِنىً فِسْقٌ قَتْلٌ 22سِرْقَةٌ طَمَعٌ خُبْثٌ مَكْرٌ عَهَارَةٌ عَيْنٌ شِرِّيرَةٌ تَجْدِيفٌ كِبْرِيَاءُ جَهْلٌ. 23جَمِيعُ هَذِهِ الشُّرُورِ تَخْرُجُ مِنَ الدَّاخِلِ وَتُنَجِّسُ الإِنْسَانَ».) مرقس 7: 21-23
      وفى تعريف دائرة المعارف الكتابية مادة (حسد – يحسد) تقول: (الحسد هو النظرة الحقودة إلى ما لدى الآخرين، هو نظرة عدم الرضى، والشعور الخبيث من نحو الآخرين لأنهم يمتلكون ما لا يمتلكه، ويتمنى أن يتحول إليه ما لديهم من نعمة أو أن يُسلبوها.)
      القديس يوحنا ذهبي الفم
      وأقر يوحنا الذهبي الفم في تعليقه على (غلاطية 3: 1) بأن العين تصيب إذا نبعت النظرة الشريرة من داخل الإنسان الشرير: (وعندما تسمعون عن غيرة في هذا المكان وفي الانجيل عن عين شريرة يجب أن لا تفترضوا أن لهذه العين قوة فائقة الطبيعة، المعاينة هي ببساطة وظيفة العين، لكن المعاينة بطريقة شريرة إنما تخص ذهنا فاسدا في الداخل .... )
      وها هى الصلاة الأرثوذكسية كما جاءت فى كتاب الأفخولوجي، تعترف بالعين وشرورها، ويُطلب فيها من الرب الحماية والحفظ من أعين الحسود، وهى تُدعى "صلاة لدفع ضرر العين الحاسدة"، تقول: (أيها الرب إلهنا ملك الدهور الضابط الكل والقادر على كل شيء. يا من بمشيئتك فقط تصنع وتحوِّل كل شيء. يا من حولت لهيب الأتون المضطرم سبعة أضعاف في بابل إلى ندى وحفظت قديسيك الفتية الثلاثة سالمين. أيها الطبيب والشافي نفوسنا. يا أَمن الواثقين بك. إياك نسأل واليك نطلب أن تبعد وتهزم وتطرد عن عبدك .... كل فعل احتيالي وكل تهجم شيطاني وكل مؤامرة ردئية ومحاولة خبيثة، مع كل ضرر وأذية من حسد عيون الناس الأشرار المضرين. وإن كان قد حدث له أمر كهذا إِما عن جمال أو عن شجاعة أو عن سعادة أو عن غيرة وحسد أو من إصابة عين مؤذية، فأنت أيها السيد المحب البشر أُمدد يدك العزيزة وساعدك القوي الرفيع واطلع على جبلتك هذا، وأرسل له ملاكاً سلامياً عزيزاً يحفظ نفسه وجسده، وينتهر ويطرد عنه كل رأي خبيث وسمّ مؤذٍ وكل إصابة من عيون الناس المفسدين الحاسدين. حتى إذا كان عبدك هذا محروساً منك يرتل لك بشكر قائلاً: الرب معيني فلا أخاف. ماذا يصنع بي الإنسان؟ وأيضاً: لا أخشى الشر لأنك معي. لأنك أنت يا الله عزّي حاكم قوي رئيس السلام إلى الدهر الآتي. نعم أيها الرب إلهنا أشفق على جبلتك وأنقذ عبدك من كل ضرر وأذية ناتجة عن العين الحاسدة واحفظه منزهاً عن كل شر. بشفاعات الفائقة البركات سيدتنا والدة الإله الدائمة البتولية مريم. ورؤساء الملائكة المنيرين وجميع قديسيك، آمين.)
      ومن هنا يتبيَّن إيمان الكنيسة الأرثوذكسية والبروتستانتية متمثلة فيما قالته دائرة المعارف الكتابية بالعين وهى مرادف للحسد عندهم أو سبب له كما أوضحت.
      إن كاتبنا ينقصه كثرة الاطلاع، وفهم ما يقرأ، وفهم عقائده الشخصية، وعدم التحامل على عقائد الآخرين!!
      * * *
      ثالثًا: اعتراض الكاتب على قول النبى : (إِذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِالْيَمِينِ، وَإِذَا نَزَعَ فَلْيَبْدَأْ بِالشِّمَالِ، وَلْتَكُنِ الْيُمْنَى أَوَّلَهُمَا تُنْعَلُ، وَآخِرَهُمَا تُنْزَعُ) متفق عليه
      التيمن: مشتق من اليُمن، واليُمن: هو البركة وكثرة الخير، فاليمين مقدمة على اليسار، ولذلك فضل الله أصحاب اليمين وجعلهم أهل السعادة، بينما جعل أصحاب الشمال أهل الشقاوة، وتعنى أيضًا الابتداء في الأفعال باليد اليمنى والرجل اليمنى والجانب الأيمن.
      وعن ابن عمر أن رسول الله  قال: (إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه، وإذا شرب فليشرب بيمينه، فإن الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله) أخرجه مسلم
      وروى مسلم أيضًا: (2019) عَنْ جَابِرٍ  عَنْ رَسُولِ اللَّهِ  قَالَ: (لَا تَأْكُلُوا بِالشِّمَالِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِالشِّمَالِ).
      ولذلك أصبحت قاعدة كما ذكر النووي وابن حجر وغيرهما "ما كان من الأشياء المستحسنة يُبدأ به باليمين، وما كان من الأشياء المستقذرة يُبدأ به بالشمال" مثل دخول دورة المياه والخلاء عموما، ومثل الخروج من المسجد، وأيضا إزالة الأذى والاستطابة تكون بالشمال، والاستنجاء، وخلع النعال، وخلع الملابس، والنزول من على الدابة. وعكس ذلك يكون باليمين، مثل دخول المسجد والخروج من الخلاء، والتطهر، وركوب الدابة، ولبس النعال أو الملابس، وتناول الطعام، والبدء بالتطهر.
      وبما أن هذه هي سُنة المصطفى  التي يستطيبها، ويعجبه فعلها، أصبحت القاعدة التى يسير عليها المسلمون المتمسكون بسنته : (البداية باليمين للأشياء المستحسنة، والبداية بالشمال للأشياء المستقذرة) وذلك مخالفة للشيطان، الذى يُخالف الفطرة والدين.
      فقال ابن العربي: البداءة باليمين مشروعة في جميع الأعمال الصالحة؛ لفضل اليمين حساًً في القوة، وشرعًا في الندب إلى تقديمها.
      وقال الحليمي: إنما يبدأ بالشمال عند الخلع؛ لأن اللباس كرامة، ولأنه وقاية، فلما كانت اليمين أكرم من اليسرى، بدئ بها في اللبس، وأخرت في الخلع؛ لتكون الكرامة لها أدوم، وحصتها منها أكثر.
      وغالب أحوال الناس استعمال اليمين في الأكل والشرب والكتابة وغير ذلك، ومن كان منهم قد اعتاد الأكل بالشمال أو الكتابة بالشمال، فإنه يروّض على استعمال اليمين بدل الشمال؛ طواعية لله ورسوله، ومخالفة للشيطان، الذى أمرنا الله عز وجل أن نتخذه عدوًا، لأنه يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير، وأنه مضل، ولا يأمر إلا بالفحشاء والمنكر، ومن يتخذه قرينًا فقد خسر: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالا طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) البقرة 168
      (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ .....) النور 21
      (... وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا) النساء 38
      (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْـزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا) الإسراء 53
      (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) فاطر 6
      (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ) المجادلة 19
      أما الإنسان الذى لا يمكنه أن يستعمل اليمين في كل ما كان من باب التكريم، كما سبق في القاعدة الشرعية، فإنه يكتفي بالتيامن فيما ورد فيه نص، كالأكل، والشرب، والطهور، وهي أمور يمكن التغلب فيها على الطبع والعادة، لا سيما مع تكرر المحاولات، وترويض النفس، إلى أن يسهل عليه ذلك، وما عدا ذلك، فالأمر فيه واسع إن شاء الله، فمن عجز عن التيامن فيه، لعذر أو مرض، أو نحوه، لا حرج عليه إن شاء الله.
      وعلى ذلك فإن سبب التيمن فى جميع الأعمال الصالحة هو:
      1- اتباعًا لأوامر الله تعالى الذى أمرنا أن نتبع الرسول : (... وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) الحشر 7
      2- اتقاءً لعذاب الله تعالى الذى حذرنا من مُخالفة تعاليم الرسول ، فقال: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) النور 63
      3- اتباعًا لأوامر سيد الأولين والآخرين، الذى أمرنا بالتيمن: (إِذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِالْيَمِينِ، وَإِذَا نَزَعَ فَلْيَبْدَأْ بِالشِّمَالِ، وَلْتَكُنِ الْيُمْنَى أَوَّلَهُمَا تُنْعَلُ، وَآخِرَهُمَا تُنْزَعُ) متفق عليه
      4- مُخالفة للشيطان، لأن من تشبَّه بقوم، فهو منهم.
      5- الشيطان يشارك الإنسان مأكله ومشربه إذا أكل أو شرب باليسار، ولا يصح من باب العقل والمنطق أن أطعم الشيطان وأقويه على نفسى أو على المسلمين. فعن عائشة رضى الله عنها، مرفوعًا عن النبي : (من أكل بشماله أكل معه الشيطان) تحفة الأحوذي
      6- إكرامًا لليد اليمنى، ونيل البركة التى وعدنا الرسول  بها: فقد قال : (تيمنوا، فإن في اليمين بركة)
      7- وفيه استعمال الأدب والذوق واللياقة مع الناس، حيث لا يصافحهم أحد باليد التى يزيل بها النجاسة،
      8- ومن باب الصحة، حيث لا يؤكل باليد التى تستعمل فى إزالة النجاسات: وفي سنن أبي داود (33) عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كَانَتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ  الْيُمْنَى لِطُهُورِهِ وَطَعَامِهِ، وَكَانَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى لِخَلَائِهِ وَمَا كَانَ مِنْ أَذًى) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
      وروى مسلم (262) من حديث سلمان  قال: (نَهَانَا ـ يعني النبي  ـ أَنْ يَسْتَنْجِيَ أَحَدُنَا بِيَمِينِهِ).
      9- وتفاؤلا أن يجعلنا الله من أهل اليمين فى الآخرة.
      10- يقال إن طاقة اليد اليمنى إيجابية؛ ولذلك تستخدم للأكل والشرب، أما طاقة اليد اليسرى سلبية؛ لذلك تستخدم للتمسح. ولم أقف على حقيقة هذا البحث.
      11- من تمام نعمة الله علينا، وكمال هذا الدين العظيم أنه نظم كل شيء في حياتنا، فما من خير إلا دلنا عليه، وما من شر إلا حذرنا منه، ومن ذلك: بعد العقائد والعبادات والمعاملات والأخلاق، تصرفاتنا الخاصة والتي وجهنا فيها إلى مستوى يليق بشرف الإنسان وتكريم الله تعالى له، ومن ذلك: كيفية تناول الإنسان المسلم لطعامه وشرابه، وعلاقة المسلم بالله، وبرسله وكتبه، وعلاقة الإنسان بالشيطان، وبزوجته، وبأمه وأبيه، وكيفية التطهر ووقته، و... و... فلم يترك الإسلام صغيرة أو كبيرة إلا وأخبرنا عنها، وجاء هذا مصداقًا لقول عيسى : (24اَلَّذِي لاَ يُحِبُّنِي لاَ يَحْفَظُ كلاَمِي. وَالْكلاَمُ الَّذِي تَسْمَعُونَهُ لَيْسَ لِي بَلْ لِلآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي. 25بِهَذَا كَلَّمْتُكُمْ وَأَنَا عِنْدَكُمْ. 26وَأَمَّا الْمُعَزِّي الرُّوحُ الْقُدُسُ الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ) يوحنا 14: 24-26
      وقد نوهنا من قبل أن المترجم قال كلمة (الروح) بالألف واللام تدليسًا أو جهلا منه، لأنها ذكرت بدون الألف واللام، فيكون المعنى روح القدس، أى روح القداسة وهى صفة لهذا النبى البيركليت (أحمد)، كما جاءت من قبل صفته أنه روح الصدق والحق، أى عين الصدق والحق، أى الصادق الأمين: (15«إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَاحْفَظُوا وَصَايَايَ 16وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّياً آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ 17رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ الْعَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ لأَنَّهُ لاَ يَرَاهُ وَلاَ يَعْرِفُهُ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَهُ لأَنَّهُ مَاكِثٌ مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ.) يوحنا 14: 15-17
      هذا وتؤمن الكنيسة بأن اللص الشمال، الذى صُلب مع يسوع، هو الذى جدف على يسوع ودخل النار، بينما جاء الخير من اللص الأيمن، وقال ليسوع اذكرنى. فلماذا جاء اليمن والخير والفؤل من اللص الأيمن، بينما جاء الشر من اللص الأيسر؟
      راجع موقع الأنبا تكلا:
      http://st-takla.org/FAQ-Questions-VS...ich-Theif.html
      * * *
      رابعًا: يتضرر الكاتب من قول الرسول  (إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء) رواه البخاري (149) ومسلم (3780)، وفي هذا الحديث نهي للشارب أن يتنفس في الإناء الذي يشرب منه، سواء انفرد بالشرب من هذا الإناء، أو شاركه فيه غيره، وهذا من مكارم الأخلاق التي علمها النبي  لأمته، لتترقى في مدارج الكمال الإنساني.
      أولا أحب أن أشكرك؛ لأنك فتحت موضوع ييسر عليك الإيمان بمحمد  نبيًا ورسولا، وذلك من خلال الإعجاز العلمي في سنته الشريفة فى النهي عن التنفس في الإناء، وأسأل الله لك ولى الهداية:
      أخرج الإمام ابن ماجه في سنته عن أبي هريرة  أنه قال: قال رسول الله : (إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء، فإذا أراد أن يعود فلينح الإناء ثم ليعد إن كان يريد)؛ وأخرج عن ابن عباس  أنه قال: (نهي رسول الله  عن التنفس في الإناء)
      وقال: (لم يكن رسول الله  ينفخ في الشراب)
      لقد صدرت هذه الأحاديث عن خاتم الأنبياء والمرسلين  منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا، ثم يأتي العلم الحديث ليؤكد لنا أن الفم مرتع للعديد من أنواع البكتيريا التي تتجمع أساسًا في جوف الفم، وفي الحلق، وخلف اللسان، حيث تختبيء ملايين البكتيريا، وقد ينتج عنها في بعض الحالات عدد من الروائح الكريهة التي تعرف عادة باسم البخر، والذي ينتج عما تقوم به تجمعات البكتيريا الفمية من عمليات الإستقلاب (الأيض) الميكروبي الذي تقوم به ملايين الأفراد من هذه البكتيريا الاهوائية التي تتفاوت في خياراتها الغذائية بين المواد البروتينية والكربوهيدريتية والدهنية.
      وأغلب البكتيريا الفمية تفضل الأغذية البروتينية والتي عادة ما ينتج عن هضمها بعض المركبات النتنة التي تشبه رائحة اللحوم الفاسدة والبيض الفاسد وغير ذلك من الروائح الكريهة.
      وقد يؤدي هذا النشاط البكتيري إلي إلتهابات اللثة واللسان وإلي تسوس الأسنان وقد تصل هذه الإلتهابات إلي الجيوب الأنفية فتزيد الأمر سوءًا. وإذا خرج النفس أو اللعاب من فم كهذا فأنه يجر معه أعدادًا من هذه البكتيريا ومنتجات أنشطتها الحيوية كريهة الرائحة، وقد يصحب ذلك وجود بعض الفطريات التي تتعايش مع البكتيريا أو تتصارع معها. وكل هذه الأحياء لها من الإفرازات والمنتجات الإستقلابية ما يتسبب في حالات بخر الفم.
      من هنا كانت وصايا رسول الله  بالإهتمام بتطهير الفم وتطييب النفس باستخدام السواك من مثل قوله الشريف: (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب) وقوله (لولا أن أشق علي أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)
      ومن هنا أيضا كانت فريضة الوضوء حيث يقوم كل مسلم ومسلمة بتطهير البدن بالوضوء خمس مرات في اليوم والليلة وبالغسل الكامل في الحالات الخاصة، ويحرص علي طهارة ثوبه ونعله طهارة كاملة من أي دنس. وقد ثبت بالتجربة أن للوضوء تأثيره الفعال علي طهارة الجسد، خاصة من ناحية تطهير كل من الفم والأنف وهما مدخلان ومخرجان أساسيان للعديد من الملوثات والبكتيريا والفطريات والجراثيم وغيرها من مختلف الآفات.
      ويتم تطهير كل من الفم والأنف خمسة عشر مرة علي الأقل في كل يوم وليلة في أثناء الوضوء، حيث يقوم كل من مضمضة الفم والإستنشاق والإشتنثار للأنف بتطهيرهما من جزء كبير مما يمكن أن يلتصق بهما من عوالق من مثل بقايا الطعام بالفم، وما يمكن أن ينمو عليها من البكتيريا والفطريات والجراثيم، ومن بقايا الإفرازات المخاطية في كل من الأنف والجيوب الأنفية، وما يمكن أن يتجمع فيها من هباءات الغبار والجراثيم والفطريات والبكتيريا كذلك.
      ولم يكتف رسول الله  بكل هذه الإحتياطات من أجل طهارة حياة المسلم فنهي عن التنفس في الإناء درءًا لما يمكن خروجه مع هذه الأنفاس من الملوثات ومسببات الأمراض قبل أن يدرك الناس شيئًا من كل هذا، فصلي الله وسلم وبارك عليه وعلي صحبه ومن تبع هداه، ودعا بدعوته إلي يوم الدين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. عن الدكتور زغلول النجار
      وهذا يعنى أن العلم الحديث توصل إلى أن عادة النفخ أو التنفس في الإناء معناه إخراج ثانى أكسيد الكربون الفاسد، والكثير من الميكروبات الضارة، التى تسبب أمراض عديدة وخطيرة، تسببها أنواع معينة من الجراثيم. منها على سبيل المثال لا الحصر الجرثومة الحلزونية وهي نوع من البكتيريا ذات الشكل الحلزوني والتي تسمى ب هليكوباكتر بيلوري Helicobacter Pylori أو بكتيريا المعدة الحلزونية. وعند خروجها تلك البكتيريا من الفم تكون ضاره بدرجة كفيلة أن تقتل ذلك الإنسان في بعض الأحيان وأن تصيبه بمرض خطير في أحيان أخرى.
      وهذا النوع يكون قادرًا على الحياة في المعدة البشرية وفي معد الحيوانات ذوات الدم الحار، لأن هذا الميكروب (هـ. بيلوري) يكون مجهزًا بشكل فريد بوسائل دفاع تحميه من غائلة الحمض المعدي، إذ تنتج هذه الجرثومة كميات كبيرة من إنزيم اليورياز Urease الذي يساعد على إنتاج النشادر لمعادلة حموضة المعدة.
      ويحيط الميكروب نفسه بجدر مكونة من النشادر الذي يحميه من الحمض المعدي الذي يمكن أن يقتله، كما أنه يعمل كالبريمة أو نازعة السدادات الفلِّينية، حيث يلوي نفسه داخل الطبقة المخاطية التي تغطي بطانة المعدة وتحميها من العصائر المعدية الآكالة.
      وهذا النوع الذي يعيش بعضه في الفم يمكن أن يسبب عدة أمراض منها القرحة المعدية. فالنفخ في الطعام والشراب أو إخراج النفس فيه عندما يأكل الإنسان أو يشرب شيئًا ساخنًا بغرض تبريده، عادة خاطئة جدًا وقد تؤدي والعياذ بالله للإصابة بداء السكري أو إلتهاب الأغشية المبطنة للمعدة القرحة.
      عن ابن عباس  أنه  نهى عن النفخ في الطعام والشراب. وفي هذا الحديث نهي للشارب أن يتنفس في الإناء الذي يشرب منه، سواء انفرد بالشرب من هذا الإناء، أو شاركه فيه غيره، وهذا من مكارم الأخلاق التي علمها النبي  لأمته، لتترقى في مدارج الكمال الإنساني، كما أوضحنا من قبل.
      ففي الإنسان تعيش بكتيريا صديقة يكون عددها أكثر من عدد خلاياه ولكنها بفضل الله ورحمته نافعة للجسم وغير ضاره بحيث إنها تقوم بعمليات تنشيط التفاعلات الحيوية وأيضا تنشيط التفاعلات اللازمة للهضم. ولكن بمجرد ملامستها لسطح ساخن تتحول إلى بكتيريا ضارة مؤدية إلى الإصابة بالأمراض.
      وتقوم تلك البكتيريا عندما تخرج من الفم بواسطة النفخ بالتحوصل على الطعام الساخن حيث أن البكتيريا كائنات حساسة للحرارة فتقوم بحماية نفسها بالتحوصل، ثم يتناول الإنسان ذلك الطعام حيث تتواجد البكتيريا فيه بشكل كبير جدًا، وتكون في أتم الاستعداد للدخول إلى داخل الجسم، تخيل كم مرة يقوم الإنسان بالنفخ في ذلك الطعام وكم هي كمية البكتيريا المتواجدة فيه! ثم يقوم الإنسان بتناول ذلك الطعام مع تلك البكتيريا المتحوصلة، التى قد تؤدى إلى الإصابة بالسرطان.
      تبدأ الرحلة من الفم، ثم إلى المرئ، إلى أن تصل إلى المعدة فتقوم تلك البكتيريا بالتنشيط وإفراز انزيم اليوريا Urease enzyme الذي يسبب التهاب الأغشية المبطنة للمعدة مسببًا بذلك خرقا في الجدار حيث تبدأ المعدة بهضم نفسها وحدوث تآكل بجدار المعدة مما يؤدي إلى هضم المعدة لنفسها.
      أيضا تسبب تلك البكتيريا ضعفًا في إفراز الأنسولين بالبنكرياس مما يؤدي إلى ارتفاع نسبة السكر بالدم وحدوث مرض السكري. وكما يقول المثل العربي بأن الوقاية خير من العلاج فإن الوقاية من ذلك كله تتمثل في الحفاظ على نظافة الفم واستعمال السواك أو الفرشاة والمعجون أو حتى المضمضة كما يحدث عند الوضوء، وعدم النفخ فى إناء الأكل أو الشرب.
      كما أن النهي عن التنفس في الإناء يحافظ على السلوك العام والنظافة، لأن تردد النفس في الإناء أثناء الشرب قد يكسبه زهومة ورائحة كريهة، فيعافه الشارب أو غيره لأجلها. وتخيل لو اجتمعت عدة أنواع من البكتريا المختلفة التى ينفثها عدد من الشاربين فى نفس الإناء!
      قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري: (وهذا النهي للتأدب لإرادة المبالغة في النظافة، إذ قد يخرج مع النَّفَس بصاق أو مخاط أو بخار ردئ فيكسبه رائحة كريهة فيتقذر بها هو أو غيره من شربه) انتهى .
      وقال العلامة المناوي رحمه الله في "فيض القدير" (6/346): (والنفخ في الطعام الحار يدل على العجلة الدالة على الشَّرَه وعدم الصبر وقلة المروءة) انتهى .
      وفي ذلك يقول القرطبي: (معنى النهي عن التنفس في الإناء لئلا يتقذر به من ريق أو رائحة كريهة تعلق بالماء..)
      هكذا فهم المتقدمون الحديث، أما المعاصرون فقد أضافوا عليه معنى آخر جراء التقدم العلمي والطبي، أضاف للسابق بأن الحديث هدي كريم شرّفنا به رسول الله  ليتمم مكارم الأخلاق وما توصل إليه العلماء ما يلي بإيجاز:
      - إن التنفس أو النفخ في الطعام أو الشراب خروج عن الآداب العامة، ومظهر لا يليق مع مكانة الإنسان فهو مجلبة للازدراء والتقزز، وأحياناً للصغار وعدم الاحترام، ورسولنا الكريم  سيد المؤدبين وإمام المربين، فقد سبق جميع الخلق بذلك.
      ولذلك نهى  أيضًا من الشرب من فم السقاء، أي من الإناء الكبير مباشرة: فقد روى البخارى عن أبى هريرة  قال: (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ  عَنْ الشُّرْبِ مِنْ فَمِ الْقِرْبَةِ أَوْ السِّقَاءِ ...) وذلك حفاظًا على منع انتشار العدوى، من جراء من بتنفس فى الإناء.
      وفي حديث آخر يؤكد  هذا النهي بصورة أخرى فيما روي عن أنس  وأخرجه مسلم أن النبي  كان يتنفس أثناء الشرب ثلاثاً - أي خارج الإناء - ويقول (هو أروى وأمرأ وأبرأ) أي أكثر ريًا، وأكثر إبراءً من العطش والأذى.
      وقد توصل العلماء إلى أن الشرب دفعة واحدة يضطر به الشارب إلى كتم نفسه حتى ينتهي من شربه، مما يشعر أحيانًا بغصة حادة وكأنها تمزق الحلقوم، وذلك لأن طريق الماء والطعام وطريق الهواء يتقاطعان عند البلعوم فلا يستطيعان المرور معًا، ولابد من وقوف أحدهما ليمر الآخر، وعندما يكتم المرء نفسه مدة طويلة ليشرب الماء دفعة واحدة يحتبس الهواء بالرئتين ويضغط على جدرانها فتتوسع وتفقد مرونتها مع الزمن بالتدريج، ولا يظهر أثر ذلك في فترة قصيرة، فإذا أصبح الشرب مرة واحدة عادة للمرء بأن يعب الماء والشراب عبًا كالبعير، تظهر عليه فيما بعد أعراض انتفاخ الرئة فيضيق نفسه لأقل جهد يبذله وتزرق شفتاه وأظافره، ثم تضغط الرئة على القلب فيصاب بالقصور، وينعكس ذلك على الكبد فيتضخم ثم يحدث الاستسقاء والأزمات في جميع أنحاء الجسم، وانتفاخ الرئة من الأمراض الخطيرة التي يحذر منها الأطباء لمضاعفاتها الشديدة.
      كما أن التأني عند شرب الماء يسمح بفحص الماء وطعمه. وقد وجد العلماء أن شرب الماء بسرعة يؤدي إلى وصول الماء للمعدة بسرعة، مما يسبب تقلصها وقد يتسبب ذلك في حالة من الخمول، بالإضافة إلى أن ذلك يؤثر في الضغط الإسموزي للسوائل داخل الجسم مما يشكل عبئا على أجهزة الجسم.
      فهل يسوع/يهوه إلهك يعرف ذلك؟ ولو كان هو إله عليم بكل شىء فلماذا ضنَّ عليكم بهذه التعاليم؟ لماذا لم يحافظ عليكم إله المحبة، وترككم للتعرض للأمراض والجراثيم، ومن ثم الهلاك، أو عدم التمتع بالحياة؟
      * * *
      خامسًا: ذكر الكاتب أن الله يخيف عباده بكسوف الشمس وخسوف القمر، تعليقًا على حديث الرسول : (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكن الله يرسلهما يخوف بهما عباده، فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم)، وفي رواية أخرى: (فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره).
      نبدأ باعتراض الكاتب وكنيسته، حيث يرون أن الكسوف والخسوف من الظواهر الطبيعية، التى لا يُعقل أن تكون آيات للتخويف.
      وأقول له: أنت لم تقرأ كتابك، ولم تفهم ما قرأته أو تعلمته منه. فتدبر ما يقوله كتابك:
      أليس المطر والفيضان من الظواهر الطبيعية؟ ألم يُعاقب الله بهما قوم نوح؟ ألم تمطر السماء غير ذلك وتفيض الأنهار وجاءت بالخير على أهلها؟ وعلى ذلك فإن الأمطار قد تأتى بالخير، وقد تكون عقابًا لقوم ما. لقد عارض قوم هود نبيهم، وجحدوا به، وعلى الرغم من أنه أنذرهم عذاب الله تعالى، إلا أنهم لم يبالوا، فأرسل الله تعالى سحابة سوداء ظنوا أنه فيها الغيث والمطر، وإذا بعذاب الله نازل عليهم: (فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ) الأحقاف 24
      ألم يوقف الرب الشمس ليشوع (يشوع 10: 11-14) حتى ينتقم من أعدائه؟ ألم يكن النهار فى ذلك اليوم خيرًا على المؤمنين وشرًا على الكافرين ومهلكة لهم؟ ألم يستخدم الرب آياته التى خلقها لإنذار الكافرين وتخويف من خلفهم؟
      (11وَبَيْنَمَا هُمْ هَارِبُونَ مِنْ أَمَامِ إِسْرَائِيلَ وَهُمْ فِي مُنْحَدَرِ بَيْتِ حُورُونَ، رَمَاهُمُ الرَّبُّ بِحِجَارَةٍ عَظِيمَةٍ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى عَزِيقَةَ فَمَاتُوا. وَالَّذِينَ مَاتُوا بِحِجَارَةِ الْبَرَدِ هُمْ أَكْثَرُ مِنَ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِالسَّيْفِ. 12حِينَئِذٍ قَالَ يَشُوعُ لِلرَّبَّ، يَوْمَ أَسْلَمَ الرَّبُّ الأَمُورِيِّينَ أَمَامَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَمَامَ عُيُونِ إِسْرَائِيلَ: «يَا شَمْسُ دُومِي عَلَى جِبْعُونَ، وَيَا قَمَرُ عَلَى وَادِي أَيَّلُونَ». 13فَدَامَتِ الشَّمْسُ وَوَقَفَ الْقَمَرُ حَتَّى انْتَقَمَ الشَّعْبُ مِنْ أَعْدَائِهِ. أَلَيْسَ هَذَا مَكْتُوباً فِي سِفْرِ يَاشَرَ؟ فَوَقَفَتِ الشَّمْسُ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ وَلَمْ تَعْجَلْ لِلْغُرُوبِ نَحْوَ يَوْمٍ كَامِلٍ. 14وَلَمْ يَكُنْ مِثْلُ ذَلِكَ الْيَوْمِ قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ سَمِعَ فِيهِ الرَّبُّ صَوْتَ إِنْسَانٍ. لأَنَّ الرَّبَّ حَارَبَ عَنْ إِسْرَائِيلَ.) يشوع 10: 11-14
      ألم تسمع الشمس لأوامر الرب وظلت ثابتة فى السماء، وتبعتها كل الكواكب والنجوم السيَّارة، حتى لا تنهار العمارة الكونية؟ فما الذى يجعلك لا تؤمن أن يكون الكسوف أو الخسوف جنودًا تُحارب وتنفع وتضر بإذن الله تعالى؟
      ألا تؤمن أن الظواهر الطبيعية من زلازل ورعد تأتى بسبب غضب الرب، وأنها تتلاشى برضى الله عن طريق الإيمان والأعمال الصالحة؟ (8فَارْتَجَّتِ الأَرْضُ وَارْتَعَشَتْ. أُسُسُ السَّمَوَاتِ ارْتَعَدَتْ وَارْتَجَّتْ، لأَنَّهُ غَضِبَ. ... 13أَرْعَدَ الرَّبُّ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْعَلِيُّ أَعْطَى صَوْتَهُ بَرَداً وَجَمْرَ نَارٍ.) صموئيل الثانى 22: 8 و13
      هل تصدق أن الرب ينتقم من المذنبين بالأمراض ليخوفهم ويرجعهم إليه، ولا تصدق أنه يستخدم آياته الطبيعية والمعتادة لنفس هذا الغرض؟ فها هو الرب يعاقب الأشدوديين بالبواسير (6فَثَقُلَتْ يَدُ الرَّبِّ عَلَى الأَشْدُودِيِّينَ، وَأَخْرَبَهُمْ وَضَرَبَهُمْ بِالْبَوَاسِيرِ فِي أَشْدُودَ وَتُخُومِهَا.) صموئيل الأول 5: 6
      وها هو الرب يهدد بعقاب من يترك فرائضه، والعمل بأحكامه بالسل والحمَّى والموت، وغيره، وهى أمراض وظواهر طبيعية: (14«لَكِنْ إِنْ لَمْ تَسْمَعُوا لِي وَلَمْ تَعْمَلُوا كُلَّ هَذِهِ الْوَصَايَا 15وَإِنْ رَفَضْتُمْ فَرَائِضِي وَكَرِهَتْ أَنْفُسُكُمْ أَحْكَامِي فَمَا عَمِلْتُمْ كُلَّ وَصَايَايَ بَلْ نَكَثْتُمْ مِيثَاقِي 16فَإِنِّي أَعْمَلُ هَذِهِ بِكُمْ: أُسَلِّطُ عَلَيْكُمْ رُعْباً وَسِلاًّ وَحُمَّى تُفْنِي الْعَيْنَيْنِ وَتُتْلِفُ النَّفْسَ. وَتَزْرَعُونَ بَاطِلاً زَرْعَكُمْ فَيَأْكُلُهُ أَعْدَاؤُكُمْ. 17وَأَجْعَلُ وَجْهِي ضِدَّكُمْ فَتَنْهَزِمُونَ أَمَامَ أَعْدَائِكُمْ وَيَتَسَلَّطُ عَلَيْكُمْ مُبْغِضُوكُمْ وَتَهْرُبُونَ وَلَيْسَ مَنْ يَطْرُدُكُمْ.) لاويين 26: 14-17
      ويسخر الرب الجوع والأوبئة على أعدائه، وهى أيضًا ظواهر طبيعية: (12حِينَ يَصُومُونَ لاَ أَسْمَعُ صُرَاخَهُمْ وَحِينَ يُصْعِدُونَ مُحْرَقَةً وَتَقْدِمَةً لاَ أَقْبَلُهُمْ بَلْ بِالسَّيْفِ وَالْجُوعِ وَالْوَبَإِ أَنَا أُفْنِيهِمْ) إرمياء 14: 12
      وها هو الرب يصفر للذباب، على الرغم من أن الذباب ليس له جهاز سمعى، وعلى الرغم من ذلك تؤمن بأن الرب الحكيم كان يصفر للذباب لحكمة ما لا يعلمها أحد من البشر ولا الرب نفسه، ولكنه صفَّر للذباب الذى ليس له جهاز سمعى، أى استخدم أحد مخلوقاته لخدمته، وهذا ضد الطبيعة الخلقية، التى خلق الله بها عباده: (18وَيَكُونُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ الرَّبَّ يَصْفِرُ لِلذُّبَابِ الَّذِي فِي أَقْصَى تُرَعِ مِصْرَ وَلِلنَّحْلِ الَّذِي فِي أَرْضِ أَشُّورَ) إشعياء 7: 18
      ألا تصدق أن شمشون أمسك 300 ابن آوى (حيوان مثل الذئب أو الثعلب) وتركوه يضعهم بجوار بعضهم البعض، وأشعل النار فيهم دون أن يروه، ولا تصدق أن الله تعالى يستخدم آياته لتخويف عباده ليرجعهم إليه؟ (4وَذَهَبَ شَمْشُونُ وَأَمْسَكَ ثَلاَثَ مِئَةِ ابْنِ آوَى، وَأَخَذَ مَشَاعِلَ وَجَعَلَ ذَنَباً إِلَى ذَنَبٍ، وَوَضَعَ مَشْعَلاً بَيْنَ كُلِّ ذَنَبَيْنِ فِي الْوَسَطِ، 5ثُمَّ أَضْرَمَ الْمَشَاعِلَ نَاراً وَأَطْلَقَهَا بَيْنَ زُرُوعِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ, فَأَحْرَقَ الأَكْدَاسَ وَالّزَرْعَ وَكُرُومَ الّزَيْتُونِ.) قضاة 15: 4-5 فلماذا تُصدق إذن ما هو ضد الطبيعة التى خلقها الله، بل ضد العقل والمنطق والسلوك المتعارف عليه عند الحيوان؟
      بل تؤمن أن الشيطان الذى خلقه الله، وجعله عبدًا له، استخدمه الرب لتنفيذ ما فشل فيه هو وملائكته، فلماذا لا تعقل أن الرب يستخدم مخلوقاته الأخرى لخدمة الإنسان فى الدنيا والآخرة؟ (19وَقَالَ: [فَاسْمَعْ إِذاً كَلاَمَ الرَّبِّ: قَدْ رَأَيْتُ الرَّبَّ جَالِساً عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَكُلُّ جُنْدِ السَّمَاءِ وُقُوفٌ لَدَيْهِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ. 20فَقَالَ الرَّبُّ: مَنْ يُغْوِي أَخْآبَ فَيَصْعَدَ وَيَسْقُطَ فِي رَامُوتَ جِلْعَادَ؟ فَقَالَ هَذَا هَكَذَا وَقَالَ ذَاكَ هَكَذَا. 21ثُمَّ خَرَجَ الرُّوحُ وَوَقَفَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: أَنَا أُغْوِيهِ. وَسَأَلَهُ الرَّبُّ: بِمَاذَا؟ 22فَقَالَ: أَخْرُجُ وَأَكُونُ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ. فَقَالَ: إِنَّكَ تُغْوِيهِ وَتَقْتَدِرُ. فَاخْرُجْ وَافْعَلْ هَكَذَا.) ملوك الأول 22: 19-22 وهذا ضد الفطرة والعقل وصفات الكمال التى ننسبها لله تعالى!
      وتؤمن أن الرب الرحيم بعباده، إله المحبة، أمر بكسر عنق بقرة ليغفر للقاتل المجهول، والشعب الذى لم يتوصل إلى القاتل. فأنت تؤمن أن الرب يقتل أحد مخلوقاته ليغفر لباقى عبيده ويرجعهم إليه: (1«إِذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي الأَرْضِ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ لِتَمْتَلِكَهَا وَاقِعاً فِي الحَقْلِ لا يُعْلمُ مَنْ قَتَلهُ 2يَخْرُجُ شُيُوخُكَ وَقُضَاتُكَ وَيَقِيسُونَ إِلى المُدُنِ التِي حَوْل القَتِيلِ. 3فَالمَدِينَةُ القُرْبَى مِنَ القَتِيلِ يَأْخُذُ شُيُوخُ تِلكَ المَدِينَةِ عِجْلةً مِنَ البَقَرِ لمْ يُحْرَثْ عَليْهَا لمْ تَجُرَّ بِالنِّيرِ. 4وَيَنْحَدِرُ شُيُوخُ تِلكَ المَدِينَةِ بِالعِجْلةِ إِلى وَادٍ دَائِمِ السَّيَلانِ لمْ يُحْرَثْ فِيهِ وَلمْ يُزْرَعْ وَيَكْسِرُونَ عُنُقَ العِجْلةِ فِي الوَادِي. 5ثُمَّ يَتَقَدَّمُ الكَهَنَةُ بَنُو لاوِي - لأَنَّهُ إِيَّاهُمُ اخْتَارَ الرَّبُّ إِلهُكَ لِيَخْدِمُوهُ وَيُبَارِكُوا بِاسْمِ الرَّبِّ وَحَسَبَ قَوْلِهِمْ تَكُونُ كُلُّ خُصُومَةٍ وَكُلُّ ضَرْبَةٍ - 6وَيَغْسِلُ جَمِيعُ شُيُوخِ تِلكَ المَدِينَةِ القَرِيبِينَ مِنَ القَتِيلِ أَيْدِيَهُمْ عَلى العِجْلةِ المَكْسُورَةِ العُنُقُِ فِي الوَادِي 7وَيَقُولُونَ: أَيْدِينَا لمْ تَسْفِكْ هَذَا الدَّمَ وَأَعْيُنُنَا لمْ تُبْصِرْ. 8اِغْفِرْ لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيل الذِي فَدَيْتَ يَا رَبُّ وَلا تَجْعَل دَمَ بَرِيءٍ فِي وَسَطِ شَعْبِكَ إِسْرَائِيل. فَيُغْفَرُ لهُمُ الدَّمُ. 9فَتَنْزِعُ الدَّمَ البَرِيءَ مِنْ وَسَطِكَ إِذَا عَمِلتَ الصَّالِحَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ.) تثنية 21: 1-9
      ويقبل الرب أن تكسر عنق الحمار البكر إن لم تفده بشاة: (12أَنَّكَ تُقَدِّمُ لِلرَّبِّ كُلَّ فَاتِحِ رَحِمٍ وَكُلَّ بِكْرٍ مِنْ نِتَاجِ الْبَهَائِمِ الَّتِي تَكُونُ لَكَ. الذُّكُورُ لِلرَّبِّ. 13وَلَكِنَّ كُلَّ بِكْرِ حِمَارٍ تَفْدِيهِ بِشَاةٍ. وَإِنْ لَمْ تَفْدِهِ فَتَكْسِرُ عُنُقَهُ. وَكُلُّ بِكْرِ إِنْسَانٍ مِنْ أَوْلاَدِكَ تَفْدِيهِ.) الخروج 13: 12-13
      والأكثر من ذلك أنه أمركم بالقرابين البشرية، وهو أن تدفع ابنك البكر فى النار تقدمة للرب لإله المحبة. فهل تعتبر هذا شىء طبيعى وأن يستخدم الله تعالى مخلوقاته كجنود يخوف بها عباده ليرجعهم إلى دائرة الإيمان فيربحون الدنيا والآخرة غير منطقى؟
      (لاَ تُؤَخِّرْ تَقْدِيمَ بَاكُورَةِ مَحْصُولِ بَيْدَرِكَ وَمَعْصَرَتِكَ، وَأَعْطِنِي أَبْكَارَ بَنِيكَ.) الخروج 22:29
      (25وَأَعْطَيْتُهُمْ أَيْضاً فَرَائِضَ غَيْرَ صَالِحَةٍ وَأَحْكَـاماً لاَ يَحْيُونَ بِهَا 26وَنَجَّسْتُهُمْ بِعَطَايَاهُمْ إِذْ أَجَازُوا فِي النَّارِ كُلَّ فَاتِحِ رَحِمٍ لأُبِيدَهُمْ، حَتَّى يَعْلَمُوا أَنِّي أَنَا الرَّبُّ.) حزقيال 20: 25-26
      فما ذنب الأطفال الرضع أن يحرقوا بالنار بسبب نجاسة أعمال أبائهم، التى تسبب فيها الرب بإعطائهم فرائض غير صالحة؟ وهل من العدل أن يترك الرب المذنبين الحقيقيين، ويعاقب أبناءهم البرءاء؟ فليفكر العاقل: أيهما مجَّد الرب، وأيهما عوقب؟ فهل الفجور والكفر والنجاسة أفضل عند الرب من الطهر والعفاف؟ وهل علم هؤلاء المذنبون الرب بقتل أطفالهم؟ لقد رفضوا الرب بأحكامه العادلة المنطقية الجميلة، فهل تعتقد أنهم سيقبلونه بهذه الأوامر الإرهابية الظالمة؟
      ولم يكتف الرب بأوامره المبيدة للبشر، بل أمر بما هو أفظع من ذلك، فقد أمر بنى إسرائيل بذبح أطفالهم وأكلهم فى الحصار: (53فَتَأْكُلُ ثَمَرَةَ بَطْنِكَ لحْمَ بَنِيكَ وَبَنَاتِكَ الذِينَ أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فِي الحِصَارِ وَالضِّيقَةِ التِي يُضَايِقُكَ بِهَا عَدُوُّكَ. 54الرَّجُلُ المُتَنَعِّمُ فِيكَ وَالمُتَرَفِّهُ جِدّاً تَبْخَلُ عَيْنُهُ عَلى أَخِيهِ وَامْرَأَةِ حِضْنِهِ وَبَقِيَّةِ أَوْلادِهِ الذِينَ يُبْقِيهِمْ 55بِأَنْ يُعْطِيَ أَحَدَهُمْ مِنْ لحْمِ بَنِيهِ الذِي يَأْكُلُهُ لأَنَّهُ لمْ يُبْقَ لهُ شَيْءٌ فِي الحِصَارِ وَالضِّيقَةِ التِي يُضَايِقُكَ بِهَا عَدُوُّكَ فِي جَمِيعِ أَبْوَابِكَ. 56وَالمَرْأَةُ المُتَنَعِّمَةُ فِيكَ وَالمُتَرَفِّهَةُ التِي لمْ تُجَرِّبْ أَنْ تَضَعَ أَسْفَل قَدَمِهَا عَلى الأَرْضِ لِلتَّنَعُّمِ وَالتَّرَفُّهِ تَبْخَلُ عَيْنُهَا عَلى رَجُلِ حِضْنِهَا وَعَلى ابْنِهَا وَابْنَتِهَا 57بِمَشِيمَتِهَا الخَارِجَةِ مِنْ بَيْنِ رِجْليْهَا وَبِأَوْلادِهَا الذِينَ تَلِدُهُمْ لأَنَّهَا تَأْكُلُهُمْ سِرّاً فِي عَوَزِ كُلِّ شَيْءٍ فِي الحِصَارِ وَالضِّيقَةِ التِي يُضَايِقُكَ بِهَا عَدُوُّكَ فِي أَبْوَابِكَ. 58إِنْ لمْ تَحْرِصْ لِتَعْمَل بِجَمِيعِ كَلِمَاتِ هَذَا النَّامُوسِ المَكْتُوبَةِ فِي هَذَا السِّفْرِ لِتَهَابَ هَذَا الاِسْمَ الجَلِيل المَرْهُوبَ الرَّبَّ إِلهَكَ) تثنية 28: 53-58
      (40ومِنَ النِّساءِ ستَّةَ عشَرَ ألفًا، فكانَت جزيَةُ الرّبِّ مِنها اَثْنَينِ وثلاثينَ اَمرأةً. 41فدفَعَ موسى الجزيَةَ المُخصَّصَةَ للرّبِّ إلى ألِعازارَ الكاهنِ، كما أمرَ الرّبُّ موسى) العدد 31: 40-41، فماذا سيفعل الرب بهن؟
      بل قتل ابنه ليغفر خطيئة حواء، وبرأ آدم من الذنب، فأين الموضوعية والمعيار الثابت لإيمانك؟
      (بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ.) رومية 5: 12
      (وآدم لم يُغْوَ لكنَّ المرأة أُغوِيَت فحصلت فى التعدى) تيموثاوس الأولى 2: 14
      بل تؤمن أن الرب أباد شعوبًا وأممًا فقط ليعرفوا أنه هو الرب إله إسرائيل؟
      (7فَلِذَلِكَ هَئَنَذَا أَمُدُّ يَدِي عَلَيْكَ وَأُسَلِّمُكَ غَنِيمَةً لِلأُمَمِ وَأَسْتَأْصِلُكَ مِنَ الشُّعُوبِ وَأُبِيدُكَ مِنَ الأَرَاضِي. أَخْرِبُكَ فَتَعْلَمُ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ].) حزقيال 25: 7
      (... لأَنِّي أَنَا تَكَلَّمْتُ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. وَتَكُونُ غَنِيمَةً لِلأُمَمِ. 6وَبَنَاتُهَا اللَّوَاتِي فِي الْحَقْلِ تُقْتَلُ بِـالسَّيْفِ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ) حزقيال 26: 3-6
      (23وَأُرْسِلُ عَلَيْهَا وَبَأً وَدَماً إِلَى أَزِقَّتِهَا وَيُسْقَطُ الْجَرْحَى فِي وَسَطِهَا بِـالسَّيْفِ الَّذِي عَلَيْهَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ.) حزقيال 28: 23
      بل تؤمن بأن الشمس اختفت أو كسفت، وحل الظلام على الأرض، بسبب موت الرب، على الرغم من أنه مات فى 14/15 من الشهر القمرى، أى كان القمر بدرًا، ولا يحدث الكسوف مطلقًا عندما يكون القمر مكتملاً، بل يحدث فى بداية أو نهاية الشهر القمرى: (45وَمِنَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ كَانَتْ ظُلْمَةٌ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ إِلَى السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ.) متى 27: 45
      وتؤمن بحزن الطبيعة على موت الرب وتزلزل الأرض وتفتح القبور وحدوث قيامة لأجساد القديسين، على الرغم من أن الرب قال إنه سيكون باكورة الراقدين من الأموات، وهذا مُخالف للطبيعة التى خلقها الله: (51وَإِذَا حِجَابُ الْهَيْكَلِ قَدِ انْشَقَّ إِلَى اثْنَيْنِ مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلُ. وَالأَرْضُ تَزَلْزَلَتْ وَالصُّخُورُ تَشَقَّقَتْ 52وَالْقُبُورُ تَفَتَّحَتْ وَقَامَ كَثِيرٌ مِنْ أَجْسَادِ الْقِدِّيسِينَ الرَّاقِدِينَ 53وَخَرَجُوا مِنَ الْقُبُورِ بَعْدَ قِيَامَتِهِ وَدَخَلُوا الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ وَظَهَرُوا لِكَثِيرِينَ.) متى 27: 51-53
      وتؤمن أن غضب الرب يُشعل نار جهنم ويجعلها تأكل الأرض بما عليها، وتحرق أسس الجبال، أى تؤمن بتسخير الرب للطبيعة للإعلان عن غضبه! أليس من المبالغ فيه، والمخالف للعقل السوى أن تتساءل عن أشياء أنت تؤمن بها؟ أليست هذه هى طبيعة إلهك وصفاته التى تؤمن بها؟: (إِنَّهُ قَدِ اشْتَعَلتْ نَارٌ بِغَضَبِي فَتَتَّقِدُ إِلى الهَاوِيَةِ السُّفْلى وَتَأْكُلُ الأَرْضَ وَغَلتَهَا وَتُحْرِقُ أُسُسَ الجِبَالِ.) التثنية 32: 22
      وتؤمن أن الخوف من الرب هو من أنقى العبادات، لأنها تشمل الاعتراف بالجوارح أن الله هو الخالق وهو المالك وهو الملك،وتؤمن بالبعث والحساب، والجنة والنار وغيرها: (9خَوْفُ الرَّبِّ نَقِيٌّ ثَابِتٌ إِلَى الأَبَدِ. أَحْكَامُ الرَّبِّ حَقٌّ عَادِلَةٌ كُلُّهَا. 10أَشْهَى مِنَ الذَّهَبِ وَالإِبْرِيزِ الْكَثِيرِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَقَطْرِ الشِّهَادِ.) مزمور 19: 9-10
      فلماذا لا نخاف من الكسوف، ونحن نعلم أن الشمس والقمر والنجوم والأمطار والفيضان والرعد والبرق والماء والنار والحيوانات والطير والضفادع والقُمَّل والجراد آيات من آيات الله تعالى، مخلوقة لعبادته، تطيع أوامره، وقد تكون آية من آيات الرحمة، أو آية من آيات العذاب؟
      (1هَلِّلُويَا. سَبِّحُوا الرَّبَّ مِنَ السَّمَاوَاتِ. سَبِّحُوهُ فِي الأَعَالِي. 2سَبِّحُوهُ يَا جَمِيعَ مَلاَئِكَتِهِ. سَبِّحُوهُ يَا كُلَّ جُنُودِهِ. 3سَبِّحِيهِ يَا أَيَّتُهَا الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ. سَبِّحِيهِ يَا جَمِيعَ كَوَاكِبِ النُّورِ. 4سَبِّحِيهِ يَا سَمَاءَ السَّمَاوَاتِ وَيَا أَيَّتُهَا الْمِيَاهُ الَّتِي فَوْقَ السَّمَاوَاتِ. 5لِتُسَبِّحِ اسْمَ الرَّبِّ لأَنَّهُ أَمَرَ فَخُلِقَتْ 6وَثَبَّتَهَا إِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ وَضَعَ لَهَا حَدّاً فَلَنْ تَتَعَدَّاهُ. 7سَبِّحِي الرَّبَّ مِنَ الأَرْضِ يَا أَيَّتُهَا التَّنَانِينُ وَكُلَّ اللُّجَجِ. 8النَّارُ وَالْبَرَدُ الثَّلْجُ وَالضَّبَابُ الرِّيحُ الْعَاصِفَةُ الصَّانِعَةُ كَلِمَتَهُ 9الْجِبَالُ وَكُلُّ الآكَامِ الشَّجَرُ الْمُثْمِرُ وَكُلُّ الأَرْزِ 10الْوُحُوشُ وَكُلُّ الْبَهَائِمِ الدَّبَّابَاتُ وَالطُّيُورُ ذَوَاتُ الأَجْنِحَةِ 11مُلُوكُ الأَرْضِ وَكُلُّ الشُّعُوبِ الرُّؤَسَاءُ وَكُلُّ قُضَاةِ الأَرْضِ 12الأَحْدَاثُ وَالْعَذَارَى أَيْضاً الشُّيُوخُ مَعَ الْفِتْيَانِ 13لِيُسَبِّحُوا اسْمَ الرَّبِّ لأَنَّهُ قَدْ تَعَالَى اسْمُهُ وَحْدَهُ. مَجْدُهُ فَوْقَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ) مزمور 148: 1-13
      إن آياتِ الله تعالى الشرعية، وآياته سبحانه الكونية في الآفاق والأنفسِ - أكثرُ من أن تُحصى، وهي دالة على عظمته وقُدرته، ووجوب عبادته وحده لا شَريك له؛ (سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) فُصِّلَت 53
      والآية: هي العلامة الظاهرة، وكلُّ ما في الكون من عجائب المخلوقاتِ، فهو آيات دالة على خالقها سبحانه وتعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ) آل عمران 190
      وتُطلَقُ الآية كذلك على المعجزة التي يُجريها الله تعالى لأنبيائه عليهم الصلاة السلام، حُجَّةً لهم، وتقوية لأتباعهم، ومُراغمةً لأعدائهم، وقد تكون آية رحمة؛ كنبع الماء من أصابع النبي، وتكثير الطعام ومباركته بدعائه  ونحو ذلك، وقد تكون الآية عذابًا لقومٍ، وتخْويفًا لآخرين، ومنه قولُ الله تعالى: (وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آَيَةً) الفرقان 37، وقال سبحانه في فرعون: (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً) يونس 92
      وقد تكون الآية على سبيل التخويف والإنذار دونَ العذاب، فلا يُعذَّبُ الناسُ بها، ولكنهم بها يُنذرون ويُخوَّفون؛ (وَمَا نُرْسِلُ بِالْآَيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا) الإسراء 59
      والشمس والقمر آيتان كونيَّتان ظاهرتان يَراهما البشرُ كلهم، وهما مُسخَّرتان لمنافعهم، وليس نفعهما لأحدٍ دون أحدٍ، ولا قدرة لأحد كائنًا من كان على التصرُّف فيهما؛ إذ ذاك من خصائص الربوبية، قال الله تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) فصلت 37، وأما كونهما وسيلتي تخويف وإنذار، فيدلُّ عليه قول النبيِّ: (إِن الشمسَ والقمر آيتان من آياتِ الله لا يَنكَسِفان لموت أحدٍ، ولكنَّ الله - تعالى - يُخَوِّفُ بهما عباده)؛ رواه الشيخان.
      لكن: كيف يكون الكسوف تخويفًا وهو أمر يُعرف بالحساب؟
      لله تعالى في تقدير الكسوف حكمتان:
      1- حكمة قدرية: يحصل الكسوف بوجودها. وهذه معروفة عند علماء الفلك والحساب، لم يبينها النبي . وشغل الناس الشاغل اليوم هو في الحديث عن هذه الحكمة وقلما يتعرضون للكلام عن الحكمة الثانية .
      2- وحكمة شرعية: وهي تخويف العباد. وهذه الحكمة التي لايمكن لأحد أن يعلمها إلا عن طريق الوحي. وهو ما جاءنا عن النبي  من قوله (يخوف الله به عباده).
      فالذي قدر السبب الحسي حتى حصل الكسوف أو الخسوف هو الله تعالى لأجل أن يخاف الناس ويحذروا. كما ينبغي أن يعلم أن خسوف القمر أو كسوف الشمس ليس من علم الغيب لأن له أسبابًا حسية معلومة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
      أو كما قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (فإن الله تعالى يقدر الكسوف بأسباب حسية، لكن تقديره لهذه الأسباب له حكمة وغاية اقتضته وهي تخويف الله تعالى لعباده، كما أن الصواعق، والعواصف، والزلازل المدمرة لها أسباب حسية معلومة عند أهل الخبرة، والله تعالى يرسلها ليخوف بها العباد). فالتخويف ليس ناشئًا عن الجهل بموعد وقوع الآية، وإنما فرع عن هول الآية ذاتها.
      وتخويف العباد من الكسوف أو الخسوف يقصد به الله تعالى لفت أنظارنا إلى عظم نعمة الله علينا من وجود الشمس فى مدارها، ولم تخرج عنه، ولم ترتطم بكوكب آخر أو تنفجر، محدثة هذا الكم الهائل من الإشعاعات الضارة والحارقة؟
      ولعل هذا هو معنى قوله تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفلا تُبْصِرُونَ * وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) القصص 71-73
      إن معرفة وقت حدوث الحدث لا يلغى هيبته، ففي التجارب البشرية لو علم الإنسان أنه سيقام عليه عقوبة جنائية من قطع أو قصاص أونحوه بعد أسبوع فسيبقى متماسكًا إلى أن تحين لحظات ذلك اليوم، ثم سينهار ساعتها، فهل كونه يعرف موعد الحدث يلغي هول الحدث ذاته!
      وعليك تذكر أو مشاهدة تسونامى، فقد كان العلماء على علم بفيضان وإعصار تسونامى، لكن هول ما حدث، وكيفية حدوثه، وقوته، وتأثيره، لن يجعلك تقف متماسك، بل ستفزع إلى الله تعالى بالدعاء، وتطلب منه الحفظ ورفع غضبه.
      وضد ذلك أن الإنسان يعرف مواعيد الثمرة في بستانه، ومع ذلك إذا رآها نضجت لا يملك إلا مشاعر الفرح.
      ومن تأمل في هذه النظائر وأمثالها علم علمًا قطعيًا أن معرفة زمن الحدث لا يلغي هيبة الحدث ذاته.
      والنتيجة أن صلاة الكسوف فرع عن عظمة وهول وهيبة آية ذهاب نور الشمس أو القمر، وليس فرع عن كوننا نجهل وقوع هذا الشئ، وبالتالي فعلمنا به لا يلغي شرعيته ولايعود على الأصل بالإبطال.
      ونقل المناوي عن الطبري قوله: "وللكسوف فوائد منها: ظهور التصرف في هذين الخلقين العظيمين، وإزعاج القلوب الغافلة وإيقاظها، وليرى الناس أنموذج القيامة وكونهما يفعل بهما ذلك ثم يعادان، فيكون تنبيها على خوف المكر ورجاء العفو، والإعلام بأنه قد يؤخذ من لا ذنب له فكيف بمن له ذنب".
      وقال الزمخشري: "قالوا حكمة الكسوف أنه تعالى ما خلق خلقا إلا قيض له تغييره أو تبديله، ليستدل بذلك على أن له مسيِّرا ومبدلا، ولأن النيرين [الشمس والقمر] يعبدان من دون الله تعالى فقضى عليهما بسلب النور عنهما، لأنهما لو كانا معبودين لدفعا عن نفسهما ما يغيرهما ويدخل عليهما".
      فحصول الكسوف والخسوف فيه تخويف للعباد، وتذكير لهم في حال غفلتهم، والأمم السالفة عُذِّبَتْ بأنواع من العذاب الذي أرسل عليهم من السماء؛ كالغرق والريح والصيحة ونحوها، والعالم يسير بانتظام، فالشمس لها وقت شروق ووقت غروب لا تتخلف عنه، ويصدر منها إشعاع ينفع الأرض ومن عليها، والقمر له منازل مقدرة في بداية الشهر وانتصافه ونهايته، لا يتخلف عن شيء منها، وله نور جميل عند اكتماله في منتصف الشهر؛ فإذا ما ذهب إشعاع الشمس، ونور القمر أو بعضهما؛ كان هذا علامة على اختلال انتظامهما المعتاد، فيخاف العباد أن يكون ذلك بداية عذاب، كما حدث من قبل للأمم السابقة، فمنهم من عُذِّب بالأمطار والفيضان، ومنهم من عُذِّب بالريح، وهذا من تخويف الله تعالى للعباد بهذين النيرين.
      وما في الشمس والقمر من المنافع العظيمة يجعل أهل الأرض محتاجين إليهما، فلما يختل نظامهما؛ فتكسف الشمس أو يخسف القمر يخاف العباد من ذهاب ما ينتفعون به من نورهما.
      ومن التخويف بالكسوف والخسوف أيضًا: أن اختلالَ النَّيِّرَيْنِ بِالكُسُوفِ والخُسُوفِ مُذَكِّر بيوم القيامة، وما يجري فيه من اختلالهما، وذهاب نورهما؛ إيذانًا بانتهاء العالم الدنيوي؛ فيخاف العباد عند حدوث ذلك من نهاية الدنيا، أو يتذكرون يوم القيامة فيُحْدِثُ الكسوفُ والخسوفُ خوفًا منه.
      والتخويف بالآيات يكون بسببِ تَساهُلِ العباد في الطاعات، وانتهاك الحُرمات، فيكون التخويف لمصلحتهم؛ مِن أجل أن يَرجعوا إلى ربهم، ويُراجعوا دينهم، ويَنتهوا عن غيِّهم، وهذه صفة أهل الإيمان؛ فإنهم إذا ذُكِّروا تذكروا، وإذا وعظوا اتعظوا، وإذا خُوِّفوا خافوا، فكيف إذا كان التخويف والتذكير بالآيات الكونية ممن يَقدر على البشر، ولا يقدرون عليه - سبحانه وتعالى؟!
      إنه لا يَستهين بهذا التخويف والتذكير إلا أهلُ الغفلة والإعراض والاستكبار الذين تتنزل العقوبات بسببهم، وقد عُذِّبت الأمم السالفة بأمثالهم، إنهم الملأ من كلِّ قومٍ كذَّبوا فعُذِّبوا، وعُذِّب الناس بسببهم؛ لخضوعهم لقولهم، واتباعهم في غيهم، ونجَّى الله تعالى الرسل ومن آمن معهم.
      ويطالب الكتاب المقدس جدًا المؤمنين بالخوف من الرب، واتباعه، وإلا نزل عليهم غضب الرب: (14إِنِ اتَّقَيْتُمُ الرَّبَّ وَعَبَدْتُمُوهُ وَسَمِعْتُمْ صَوْتَهُ وَلَمْ تَعْصُوا قَوْلَ الرَّبِّ, وَكُنْتُمْ أَنْتُمْ وَالْمَلِكُ أَيْضاً الَّذِي يَمْلِكُ عَلَيْكُمْ وَرَاءَ الرَّبِّ إِلَهِكُمْ. 15وَإِنْ لَمْ تَسْمَعُوا صَوْتَ الرَّبِّ بَلْ عَصَيْتُمْ قَوْلَ الرَّبِّ تَكُنْ يَدُ الرَّبِّ عَلَيْكُمْ كَمَا عَلَى آبَائِكُمْ) صموئيل الأول 12: 14-15
      (36بَلْ إِنَّمَا اتَّقُوا الرَّبَّ الَّذِي أَصْعَدَكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ بِقُوَّةٍ عَظِيمَةٍ وَذِرَاعٍ مَمْدُودَةٍ، وَلَهُ اسْجُدُوا وَلَهُ اذْبَحُوا ..) ملوك الثانى 17: 36
      (39بَلْ إِنَّمَا اتَّقُوا الرَّبَّ إِلَهَكُمْ وَهُوَ يُنْقِذُكُمْ مِنْ أَيْدِي جَمِيعِ أَعْدَائِكُمْ) ملوك الثانى 17: 39
      لذلك قال نبى الله داود : (9خَوْفُ الرَّبِّ نَقِيٌّ ثَابِتٌ إِلَى الأَبَدِ. ...) مزمور 19: 9
      ولا يتق الله إلا القديسون المؤمنون: (اتَّقُوا الرَّبَّ يَا قِدِّيسِيهِ لأَنَّهُ لَيْسَ عَوَزٌ لِمُتَّقِيهِ) مزمور 34: 9
      (فَالآنَ اخْشُوا الرَّبَّ وَاعْبُدُوهُ بِكَمَالٍ وَأَمَانَةٍ ...) يشوع 24: 14
      (اعْبُدُوا الرَّبَّ بِخَوْفٍ وَاهْتِفُوا بِرَعْدَةٍ) مزامير 2: 11
      فالمسلم دائم الخوف من ربه لا يأمن من تدبير الله، ولا يقنط من رحمته، وكما قال غير واحد من السلف: الخوف والرجاء بالنسبة للمؤمن كجناحي طائر إذا اختل أحدهما سقط الطائر وإن اعتدلا طار وارتفع.

      تعليق


      • #78
        الملف 55
        وقد ذكرت السيدة عائشة رضي الله عنها أنه : "كان إذا رأى غيمًا أو ريحًا عرف في وجهه، قالت: يا رسول الله، الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيتَهُ عُرِفَ في وَجْهِكَ الكَرَاهِيَةُ، فقال: يا عائشة، ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب؟ عُذب قوم بالريح، وقد رأى قوم العذاب فقالوا: {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [الأحقاف: 24]؛ رواه البخارى (899)
        فالمسلم يعلم أن عذاب الله شديد، وأن أخذه أخذ أليم لا مفر منه، وأن عذابه واقع، ما له من دافع، ولا يَقع عذابه - سبحانه - إلا بعد تتابع نذره؛ (فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ) الأنعام 43-44
        ويستعيذ المؤمن بالله تعالى أن يكون من الغافلين، الذين يروا آياته، ولا يتعظون: (سَأَصْرِفُ عَنْ آَيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آَيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ) الأعراف 146
        ويخشى من يرغب لقاء الله أن يكون من المعرضين عن آياته: (وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آَيَةٍ مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ) الأنعام 4،
        أو من الساخرين منها: (بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ * وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ * وَإِذَا رَأَوْا آَيَةً يَسْتَسْخِرُونَ) الصافات 12-14
        أو من الخاسرين فى الآخرة: (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) الأعراف 99
        أو من المكذبين بآيات الله، المفترين على الحق: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) الأنعام 21
        كما أن الأضرار الناتجة عن النظر إلى الشمس وقت حدوث الكسوف الشمسى لها أضرار كبيرة على العين والجلد، وهو نوع من العذاب والتخويف، تدفع المؤمن إلى الإلتزام بتعاليم الرسول  والفزع إلى الصلاة، والتضرع له، وطلب الرحمة والغفران والتصدق بغية مرضاة الله تعالى.
        فمن المعروف علميًا أن الإشعاع الشمسى الوارد إلى الأرض يتضمن ثلاثة أنواع من الأشعة الكهرطيسية التي تشكل خطرًا على عين الإنسان وهي:
        تتسبب هذه الأشعة الضوئية عندما تكون كثافة الضوء عالية بأذية ضوئية كيميائية تدعى بالانسمام الضوئى حيث تتعطل قدرة الخلايا البصرية على الاستجابة للضوء.
        وتتسبب الأشعة تحت الحمراء بتسخين الشبكية مسببة أذية حرارية تدعى التخثر الضوئى تتمثل بحرق الانسجة وتدمير الخلايا الحساسة للضوء/العصى والمخاريط/ ولا يشعر الإنسان بهذا الضرر، لأن الشبكية تخلو من مستقبلات الحرارة والألم.
        وتُسبب الأشعة فوق البنفسجية حروقًا في الشبكية، كما تسرع حدوث الانسمام الضوئي لان طاقتها أكبر بكثير من الأشعة الضوئية.
        لا تصدر الشمس أثناء الكسوف أي إشعاعات مضرة بالعين غير تلك التي تطلقها عادة ونحن نعلم أن التحديق إلى الشمس في الأحوال العادية لمدة 15 ثانية على الأكثر كفيل بالتسبب بالعمى لكن خطورة الكسوف تأتى من فارق أن الشمس غير المكسوفة تصدر كميات كبيرة من الأشعة الضوئية مما يؤدى إلى تضيق حدقة العين لأقصى حد ممكن وبالتالى عدم السماح للاشعة المضرة بالعبور إلى الشبكية.
        اما أثناء الكسوف فإن كمية الأشعة الضوئية الصادرة عن الشمس تقل بشكل ملحوظ بسبب استتار جزء من قرص الشمس (هذه المرة ستكون النسبة 20 بالمئة) وهذا ما يجعل حدقة العين تتوسع بشكل كبير، فإذا ما كانت العين مركزة على الشمس مباشرة نفذت كمية كبيرة من الأشعة الضارة نحو الشبكية، وسبب لها أذية مؤقتة أو دائمة وقد لا تظهر الأذية مباشرة بعد المراقبة ليتأخر ظهورها بضع ساعات أو أكثر أحيانًا. وتتمثل الأذية بعمى دائم في العين وباضطراب في الرؤية وضعف في قوة الابصار.
        ويقول الدكتور عبد الرحمن أحمد المسلم إستشاري طب وجراحة العيون: إن الشمس كمصدر حراري تبث أشعتها في الكون وتصل إلى الأرض كواحدة من المجموعة الشمسية، وكمية هذا الإشعاع التي تصل إلى الأرض تختلف بإختلاف المواقع الجغرافية على الأرض من مرتفعات ومنخفضات، وعلى حسب بعدها وقربها من الشمس، وكذلك على حسب كمية العوالق الهوائية من الأتربة وبخار الماء والتي تتسبب في حجب جزء من هذه الإشعاعات. كما أن الأغلفة مثل طبقة الأوزون والتي تحيط بالأرض تقوم بامتصاص كميات كبيرة من الأشعة الضارة قبل وصولها إلى الأرض.
        تبعث الشمس بإشعاعات مختلفة، فالإشعاعات التي تتراوح أطوال موجاتها ما بين 380 و780 نانوميتر والتي تمثل الضوء المرئي، فإنها تخترق الأغلفة الجوية وتصل إلى الأرض بكميات كبيرة لتضيء الأرض. أما الموجات التي تقل عن 380 والمعروفة بالأشعة فوق البنفسجية أو تزيد على 780 والمعروفة بالأشعة تحت الحمراء والتي لاترى بالعين البشرية، فيتم امتصاص جزء كبير منها قبل وصولها إلى الأرض.
        لكن جزءًا ليس باليسير من الأشعة الفوق بنفسجية يستطيع الوصول إلى الأرض، وهذه الأشعة التي تحمل في موجاتها طاقة عالية لها تأثير سيء على الجلد وعلى العين. أما الأشعة التحت حمراء فإنها تحمل في موجاتها طاقة ضعيفة وليس لها تأثير على الجسم سوى عند التعرض لها مباشرة وبكميات كبيرة كتلك التي قد تحدث في مصانع الزجاج والحديد.
        أما عن تأثير الأشعة الفوق البنفسجية على الجسم فيقول:
        يتأثر الجلد بتعرضه مباشرة لتلك التي تحدث عند ارتياد الحمامات الشمسية، فتسسب الحروق ويفقد الجلد بعضًا من مرونته ويبدو مترهلًا كما تحدث تغيرات جلدية من بينها حدوث بعض أنواع سرطان الجلد، أما أجزاء العين المختلفة ، فتتأثر مباشرة بتلك الأشعة. ولعل أهمها الشبكية، وهي الجزء الحساس الذي يستقبل الضوء ويبعث الإشارات المناسبة إلى الدماغ ليحولها إلى صور مرئية. فتلك الأشعة تتلف المستقبلات الضوئية وبالتالي تؤثر مباشرة على الرؤية. أما الملتحمة وهي الغشاء الخارجي الذي يغلف العين، فيصيبه بعض الإحتقان في الأوعية الدموية وكذلك نشوء زوائد لحمية مثل الظفرة والتي قد تمتد إلى سطح القرنية، وقد تعيق الرؤية في بعض الأحيان. وكذلك القرنية يصيبها بعض الضرر نتيجة لامتصاصها تلك الأشعة فتحدث بها تغيرات سطحية قد تكون حادة على شكل تقرحات وقد تكون مزمنة على شكل سحابات تقلل من شفافيتها وبالتالي تقلل من نفاذيتها للضوء وهذا ينعكس على وضوح الرؤية. أما عدسة العين التي تفترض أن تكون شفافة، فإن تلك الأشعة تحدث تغيرات في مكوناتها البروتينية ينتج عنها عتمات (الماء الأبيض) تعيق الرؤية.
        كل هذه التغيرات التي تصيب الجلد والعين معروفة ويكثر انتشارها في المناطق الحارة، وبين أولئك الناس الذين يمارسون أعمالهن خارج المباني وفي البراري مثل الرعاة والبدو وكذلك الذين يرتادون السواحل ومتسلقي الجبال. الشيء الذي يجب ذكره أن تأثير هذه الأشعة هو تأثير تراكمي، وهذا يعني أن التعرض لتلك الأشعة ولو لفترات متقطعة يؤدي إلى تراكم تأثيرها محدثة تلك التغييرات المذكورة سابقًا. ومما يساعد على حدوثها وجود التهابات مزمنة في العين وجفافها والتعرض للأتربة وللرياح الجافة.
        ولقد حبا الله العين بوسائل متعددة لحمايتها في الظروف المعتادة. فالجفون والرموش تؤدي دورها في حماية العين من مضار أشعة الشمس. فعند التعرض لأشعة الشمس أو لأي مصدر ضوئي شديد الإضاءة يقوم الإنسان وبشكل لا إرادي بإغلاق جفونه إلى الحد الذي يسمح بمرور كمية من الضوء تكفي فقط لما يساعده على الرؤية وبذلك يجنب الإنسان عينيه مخاطر التعرض للأشعة الشديدة.
        أما حدقة العين (البؤبؤ) فلها نفس الدور فعند تعرضها للإضاء الشديدة تنقبض عضلات الحدقة وتصغر فتحتها بدرجة كبيرة تقل معها كمية الضوء التي تصل إلى داخل العين أما في الأجواء الخافتة والمظلمة فإن البؤبؤ يتسع بدرجة كبيرة ليسمح بدخول أكبر كمية من الضوء لتمكن العين من الرؤية في تلك الظروف الصعبة.
        كما تقوم أنسجة العين المختلفة مثل القرنية والعدسة بإمتصاص كمية كبيرة من الأشعة فوق البنفسجية الضارة قبل وصولها إلى شبكية العين.
        وكذلك عندما ينفذ الضوء إلى داخل العين ويتجمع في مركز الرؤية في الشبكية فإن حرارة تلك الأنسجة ترتفع، ولتقليل أثر إرتفاع الحرارة الشبكية عن طريق الدم والذي يمر بسرعة كبيرة في تلك المنطقة وبالتالي يؤدي دور جهاز تبريد للشبكية.
        إن حدوث الكسوف يجذب انتباه كثير من عامة الناس لمتابعته كظاهرة فلكية ومما يشجع الناس على معاينة الشمس مباشرة انخفاض شدة الإضاءة أثناء فترة الكسوف حيث يحجب القمر جزءًا من أشعة الشمس وبالتالي يقل الوهج الحراري الصادر من الشمس الذي يمنع الناس عادة من معاينة الشمس في الظروف المعتادة.
        كما أن بؤبؤ العين يتسع بدرجة كبيرة في تلك الأجواء المظلمة المصاحبة لحدوث الكسوف فتدخل كميات كبيرة من الأشعة الضارة وتصل إلى مركز الإبصار في الشبكية فتحدث تغيرات كيميائية وحرارية تتلف المستقبلات الضوئية مما يؤثر على الرؤية بدرجة كبيرة تصل إلى العمى في بعض الأحيان وهذه الظاهرة معروفة منذ القدم بـ "عمى الكسوف".
        وحيث إن شبكية العين تفتقد للنعايات العصبية التي تنقل الإحساس بالألم كتلك الموجودة في الجلد مثلًا فإن تلف الشبكية يكون غير مصحوب بأي نوع من أنواع الألم. http://faculty.ksu.edu.sa/2038/Lists...m.aspx?ID=5‏
        ومن الأحاديث الدالة على حرص الرسول  على صحة المؤمن عند الكسوف:
        (فإذا رأيتم كسوفًا فاذكروا الله حتى ينجليا)؛ رواه مسلم (901)
        قال الخطَّابي - رحمه الله تعالى -: "كانوا في الجاهلية يعتقدون أن الكسوف يوجب حدوث تغيُّرٍ في الأرض من موت أو ضرر، فأَعْلَمَ النَّبيُّ  أنه اعتقادٌ باطل، وأن الشمس والقمر خَلْقان مُسَخَّرانِ لله تعالى، ليس لهما سلطانٌ في غيرهما، ولا قدرةٌ على الدفع عن أنفسهما" إعلام الحديث (1/60)، وهو كلام طويل واختصره الحافظ في "الفتح" (2/613).
        (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا، وصلوا وتصدقوا) البخارى (1044)
        (إِن الشمسَ والقمر آيتان من آياتِ الله لا يَنكَسِفان لموت أحدٍ، ولكنَّ الله - تعالى - يُخَوِّفُ بهما عباده)؛ رواه الشيخان
        (‏إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده، وإنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس فإذا رأيتم منها شيئا فصلوا وادعوا الله حتى يُكشف ما بكم) رواه مسلم فى صحيحه
        (فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة)؛ البخارى (1058)، ومسلم (901)
        وصلاة كسوف الشمس تكون جماعة، ويُطيل الإمام فى الصلاة حتى ينكشف الكسوف، وهذا من دلائل محبة الله لعبده المسلم، وحرصه على صحته. فهل أرشدكم يسوع/يهوه إلى مثل هذه المحبة؟ هل كان حريص على صحتكم وعيونكم وجلودكم؟
        فى الحقيقة لم يكن يهوه/يسوع حريصًا بالمرة على صحة أتباعه، ولم تُعرف المحبة عنه إلا اسمًا فقط، لكن كل الدلائل تشير إلى أنه لا يعرف المحبة ولا يبغيها لعباده.
        فهل اعطائه فرائض غير صالحة، لا يحيون بها، ولا يرضى بها عنهم، ولا يدخلهم بها الجنة، يُعد من باب المحبة؟ (25وَأَعْطَيْتُهُمْ أَيْضًا فَرَائِضَ غَيْرَ صَالِحَةٍ وَأَحْكَـامًا لاَ يَحْيُونَ بِهَا) حزقيال 20: 25
        وهل أمره لهم بذبح أبنائهم فى المجاعات وأكلهم من باب المحبة؟
        (لاَ تُؤَخِّرْ تَقْدِيمَ بَاكُورَةِ مَحْصُولِ بَيْدَرِكَ وَمَعْصَرَتِكَ، وَأَعْطِنِي أَبْكَارَ بَنِيكَ.) الخروج 22:29
        وهل أمره لهم بذبح أبنائهم فى الحصار وأكلهم من باب المحبة؟: (53فَتَأْكُلُ ثَمَرَةَ بَطْنِكَ لحْمَ بَنِيكَ وَبَنَاتِكَ الذِينَ أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فِي الحِصَارِ وَالضِّيقَةِ التِي يُضَايِقُكَ بِهَا عَدُوُّكَ.) تثنية 28: 53
        وهل أمره للمرأة التى يشك زوجها في عفتها أن تشرب الماء مخلوطًا بالتراب لتمرض، يُعد من باب الحفاظ على صحتها أم تدميرًا لصحتها؟
        (11وَأَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى: 12«قُل لِبَنِي إِسْرَائِيل: إِذَا زَاغَتِ امْرَأَةُ رَجُلٍ وَخَانَتْهُ خِيَانَةً 13وَاضْطَجَعَ مَعَهَا رَجُلٌ اضْطِجَاعَ زَرْعٍ وَأُخْفِيَ ذَلِكَ عَنْ عَيْنَيْ رَجُلِهَا وَاسْتَتَرَتْ وَهِيَ نَجِسَةٌ وَليْسَ شَاهِدٌ عَليْهَا وَهِيَ لمْ تُؤْخَذْ 14فَاعْتَرَاهُ رُوحُ الغَيْرَةِ وَغَارَ عَلى امْرَأَتِهِ وَهِيَ نَجِسَةٌ أَوِ اعْتَرَاهُ رُوحُ الغَيْرَةِ وَغَارَ عَلى امْرَأَتِهِ وَهِيَ ليْسَتْ نَجِسَةً 15يَأْتِي الرَّجُلُ بَامْرَأَتِهِ إِلى الكَاهِنِ ... 17وَيَأْخُذُ الكَاهِنُ مَاءً مُقَدَّسًا فِي إِنَاءِ خَزَفٍ وَيَأْخُذُ الكَاهِنُ مِنَ الغُبَارِ الذِي فِي أَرْضِ المَسْكَنِ وَيَجْعَلُ فِي المَاءِ .... 21يَسْتَحْلِفُ الكَاهِنُ المَرْأَةَ بِحَلفِ اللعْنَةِ وَيَقُولُ الكَاهِنُ لِلمَرْأَةِ: يَجْعَلُكِ الرَّبُّ لعْنَةً وَحَلفًا بَيْنَ شَعْبِكِ بِأَنْ يَجْعَل الرَّبُّ فَخْذَكِ سَاقِطَةً وَبَطْنَكِ وَارِمًا. 22وَيَدْخُلُ مَاءُ اللعْنَةِ هَذَا فِي أَحْشَائِكِ لِوَرَمِ البَطْنِ وَلِإِسْقَاطِ الفَخْذِ. فَتَقُولُ المَرْأَةُ: آمِينَ آمِينَ. 23وَيَكْتُبُ الكَاهِنُ هَذِهِ اللعْنَاتِ فِي الكِتَابِ ثُمَّ يَمْحُوهَا فِي المَاءِ المُرِّ 24وَيَسْقِي المَرْأَةَ مَاءَ اللعْنَةِ المُرَّ فَيَدْخُلُ فِيهَا مَاءُ اللعْنَةِ لِلمَرَارَةِ.) العدد 5: 11-28
        وهل أمره لهم بأكل الخراء الآدمى وشرب البول يُحافظ على صحة من أحبهم الرب؟ (12وَتَأْكُلُ كَعْكًا مِنَ الشَّعِيرِ. عَلَى الْخُرْءِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ تَخْبِزُهُ أَمَامَ عُيُونِهِمْ». 13وَقَالَ الرَّبُّ: [هَكَذَا يَأْكُلُ بَنُو إِسْرَائِيلَ خُبْزَهُمُ النَّجِسَ بَيْنَ الأُمَمِ الَّذِينَ أَطْرُدُهُمْ إِلَيْهِمْ». 14فَقُلْتُ: [آهِ يَا سَيِّدُ الرَّبُّ، هَا نَفْسِي لَمْ تَتَنَجَّسْ. وَمِنْ صِبَايَ إِلَى الآنَ لَمْ آكُلْ مِيتَةً أَوْ فَرِيسَةً، وَلاَ دَخَلَ فَمِي لَحْمٌ نَجِسٌ». 15فَقَالَ لِي: [اُنْظُرْ. قَدْ جَعَلْتُ لَكَ خِثْيَ الْبَقَرِ بَدَلَ خُرْءِ الإِنْسَانِ فَتَصْنَعُ خُبْزَكَ عَلَيْهِ».) حزقيال 4: 12-15
        هل قذفه لهم بالبراز من باب النظافة والحفاظ على صحتهم؟ (3هَئَنَذَا أَنْتَهِرُ لَكُمُ الزَّرْعَ وَأَمُدُّ الْفَرْثَ عَلَى وُجُوهِكُمْ فَرْثَ أَعْيَادِكُمْ فَتُنْزَعُونَ مَعَهُ.) ملاخى 2: 3
        أكتفى بهذا. فقد بينت أن الكتاب المقدس جدًا يُعد الظواهر الطبيعية جندًا من جنود الله، يستخدمها الرب فى الخير والقضاء على أعدائه أو تخويفهم. وأن الخوف من الله لا يكون إلا عند المؤمنين، الذين يعرفون قدر الله تعالى. وعلى ذلك أن يخوف الله عباده بالكسوف أو الخسوف، أو ينذرهم بأنه قادر على أن يأمر الماء فتغور، أو أن يأمر الشمس فلا تطلع أو تكون نهارًا أبدًا، أو ليلا أبدًا، حتى يتعظ المؤمن ويرجع إلى الله تعالى، ولا يطغى على عباد الله: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفلا تُبْصِرُونَ * وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) القصص 71-73
        (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ) الملك 30
        إلا أن هناك على الرغم من كل هذا بحث للدكتور يوسف القرضاوى، يرى فيه أن قول الحديث (يخوف الله بهما عباده) زيادة من الراوى نفسه، ولم ترد على لسان الرسول . يقول الدكتور القرضاوى:
        لم يأت في القرآن الكريم ذكر لصلاة الكسوف والخسوف. وإنما وردت بها السنة المطهرة من قول الرسول  وفعله، وذلك في السنة العاشرة للهجرة حين كسفت الشمس فصلى بأصحابه وأطال الصلاة حتى انجلت الشمس.
        ولم يرد فيما اتفقت عليه الروايات الصحيحة أن هذا الكسوف كان نتيجة لغضب من الله على الناس. كيف وقد حدث ذلك بعد أن جاء نصر الله والفتح ودخل الناس في دين الله أفواجًا، وانتشر نور الإسلام في كل ناحية من جزيرة العرب، فلو كان الكسوف يحدث من غضب الله لحدث ذلك في العهد المكي، حين كان الرسول وأصحابه يقاسون أشد ألوان العنت والاضطهاد والإيذاء، وحين أخرجوا من ديارهم وأموالهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله.
        ولقد كان الناس في عصر النبوة يعتقدون أن كسوف الشمس والقمر إنما هو مشاركة من الطبيعة لموت عظيم من عظماء أهل الأرض. وكان من غرائب المصادفات أن كسوف الشمس الذي حدث في عهد النبي  كان يوم وفاة إبراهيم ابنه من مارية القبطية، وقال الناس يؤمئذ: إن الشمس قد انكسفت لموته أي حزنًا عليه، وإكرامًا للرسول ، ولكن النبي  لم يسكت على هذا القول الزائف والاعتقاد الباطل، وإن كان فيه إضافة آية أو معجزة جديدة إلى آياته ومعجزاته الكثيرة، لأن الله أغناه بالحق عن الانتصار بالباطل.
        [فقارن هذا بقول بولس: (7فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟) رومية 3: 7]
        روى الإمام أحمد والطبراني من حديث سمرة بن جندب أن النبي  خطب فيهم يوم الكسوف فقال: ”أما بعد: فإن رجالًا يزعمون أن كسوف هذه الشمس وكسوف هذا القمر، وزوال هذه النجوم من مطالعها لموت رجال عظماء من أهل الأرض، إنهم قد كذبوا. ولكنها آية من آيات الله عز وجل يعتبر بها عباده..". (مجمع الزوائد ج 2 ص 210 رواه الحاكم وقال: صحيح على شرطهما ووافقه الذهبي كما في المستدرك وتلخيصه ج 1 ص 329، 231 ).
        وروى البخاري عن المغيرة بن شعبة قال: انكسفت الشمس يوم مات إبراهيم، فقال الناس: انكسفت لموت إبراهيم، فقال رسول الله : ”إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموها فادعوا الله وصلوا حتى ينجلي.“
        وفي بعض الروايات عند البخاري عن أبي بكرة مرفوعًا بعد قوله: لا ينكسفان لموت أحد قال: "ولكن الله يخوف بهما عباده"، وفي ثبوت هذه الزيادة كلام أشار إليه الإمام البخاري نفسه. (الزيادة المذكورة من رواية حماد بن زيد عن يونس عن الحسن عن أبي بكرة، ولكن عددًا من الرواة الثقات رووا الحديث عن يونس، فلم يذكروها، منهم عبد الوارث وشعبة، وخالد بن عبد الله، وحماد بن سلمة، كما ذكر ذلك البخاري. وكثير من أئمة الحديث يرفض مثل هذه الرواية التي يخالف فيها الراوي من هم أوثق منه أو أكثر عددًا، وتوصف هذه الزيادة حينئذ بالشذوذ، فتخرج عن حد الحديث الصحيح.
        وهنا يلتقط المشككون هذه الكلمة وأمثالها ”يخوف الله بهما عباده“ أو ”ادعوا الله وصلوا حتى ينجلي“ ليقولوا: مم التخويف؟ ولماذا الدعاء؟ لماذا الصلاة، والكسوف أمر طبيعي؟
        نعم هو أمر طبيعي لا يتقدم ولا يتأخر عن موعده ومكانه وزمانه، وفقًا لسنة الله تعالى ولكن الأمور الطبيعية ليست خارجة عن دائرة الإرادة الإلهية. والقدرة الإلهية، فكل ما في الكون يحدث، بمشيئته تعالى وقدرته، ومثل هذا الذي يحدث لهذه الأجرام العظيمة جدير أن ينبه القلوب على عظمة سلطان الله تعالى وشمول إرادته ونفوذ قدرته، وبالغ حكمته، وجميل تدبيره، فتتجه إليه القلوب بالتعظيم، والألسنة بالدعاء، والأكف بالضراعة، والجباه بالسجود.
        ولقد جاء عن النبي  أذكار وأدعية شتى ينبغي للمسلم أن يتلوها بلسانه، ويستحضرها بقلبه، عند رؤية ظواهر طبيعية مختلفة، منها:
        أ ) عندما يصبح الصباح أو يمسي المساء: أخرج الترمذي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم أصحابه يقول: ”إذا أصبح أحدكم فليقل: اللهم بك أصبحنا، وبك أمسينا، وبك نحيا، وبك نموت، وإليك النشور وإذا أمسى فليقل: اللهم بك أمسينا وبك أصبحنا.. الحديث“ وقال الترمذي: حسن صحيح.
        وروى مسلم عن ابن مسعود قال: كان نبي الله  إذا أمسى قال: ”أمسينا وأمسى الملك لله والحمد لله، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، رب أسألك خير ما في هذه الليلة، وخير ما بعدها، وأعوذ بك من شر هذه الليلة وشر ما بعدها، رب أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر، رب أعوذ بك من عذاب في النار، وعذاب في القبر؟“
        وإذا أصبح قال ذلك أيضًا: ”أصبحنا وأصبح الملك لله“ الحديث.
        ) ب) عند هبوب الريح وظهور السحاب:
        روى مسلم عن عائشة قالت: كان النبي  إذا عصفت الريح قال: “اللهم أسألك خيرها وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها، وشر ما فيها وشر ما أرسلت به.“
        وعنها: أن النبي  كان إذا رأى ناشئًا (أي سحابة) في أفق السماء ترك العمل، وإن كان في صلاة، ثم يقول: ”اللهم إني أعوذ بك من شرها“. فإن مطر قال: ”اللهم صيبًا هنيئًا“ رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة وأبو عوانة في صحيحه بإسناد صحيح على شرط مسلم، كما في تخريج الكلم الطيب للألباني.
        ) ج ) عند رؤية الهلال:
        عن ابن عمر قال: كان رسول الله  إذا رأى الهلال قال: ”الله أكبر، اللهم أهلّه علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام والتوفيق لما تحب وترضى، ربنا وربك الله“ أخرجه الدارمي وأخرجه الترمذي أخصر منه من حديث طلحة، وحسنه وصححه ابن حبان، وهو صحيح بشواهده، كما قال الألباني.
        وهناك أدعية وأذكار أخرى كثيرة تقال في مناسبات شتى: عند النوم، وعند اليقظة، وعند الأكل والشرب، وعند الشبع والري، وعند لبس الثوب، وركوب الدابة، وعند السفر والعودة منه، وغير ذلك مما ألفت فيه كتب كاملة. (مثل “عمل اليوم والليلة “للنسائي، وابن السني، و”الأذكار“، “للنووي“ و”الكلم الطيب“ لابن تيمية، و”الوابل الصيب“ لابن القيم، و”تحفة الذاكرين“ للشوكاني وغيرها.)
        والمقصود بهذه الأذكار والأدعية أن يكون الإنسان موصول القلب بالله دائمًا وأن يقابل كل حدث جديد، بقلب متفتح، وإحساس مرهف، وشعور حي يقظ، حتى الأحداث التي تتكرر كل يوم كالإصباح والإمساء، بل تتجدد في اليوم أكثر من مرة كالأكل والشرب.
        فالمؤمن يرى الأشياء والحوادث بعين غير أعين الناس.
        إن الناس يرونها بأعين رءوسهم فحسب، فإذا تكررت أمامهم مرات ومرات ألفوها، أما المؤمن فيراها بعين قلبه وبصيرته، فيرى وراءها يد الله التي تبدع وتتقن، وعين الله التي ترعى وتحفظ، فيسبح ويحمد، ويهلل ويكبر، ويدعو ويتضرع، كما روى البخاري في “الأدب المفرد.“
        عن عبد الله بن الزبير: أنه كان إذا سمع الرعد، ترك الحديث، وقال: ”سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته“.
        وإذا كان هذا شأن المؤمنين في الأمور اليومية العادية المألوفة، فما بالك بحدث كبير لا يتكرر إلا كل عدد من السنين، مثل كسوف الشمس أو خسوف القمر؟
        إن المؤمن لا يمر عليه مثل هذا الأمر، بل هذه الآية من آيات الله وهو لاهٍ غافل، كسائر اللاهين الغافلين من البشر. وإذا كان الدعاء والذكر يكفي فيما يتكرر من الأحداث الطبيعية كل يوم أو كل شهر، فهذا في حاجة إلى شيء أكثر من الدعاء والذكر وهو الصلاة، ثم إن أصحاب القلوب الحية تغلب عليهم الخشية من الله، كلما رأوا مظاهر قدرته في خلقه فهم لا يأمنون أن يكون وراء هذا الحادث العادي شيء آخر يعلمه الله ويجهلونه ولا حجر على إرادته وقدرته. فهو سبحانه إذا أراد شيئًا قال له: كن فيكون.
        يقول الإمام ابن دقيق العيد: ”ربما يعتقد بعضهم أن الذي يذكره أهل الحساب ينافي قوله: (يخوف الله بهما عباده) وليس بشيء (يعني هذا الاعتقاد) لأن لله أفعالًا على حسب العادة، وأفعالًا خارجة عن ذلك، وقدرته حاكمة على كل سبب، فله أن يقطع ما يشاء من الأسباب والمسببات بعضها عن بعض، وإذا ثبت ذلك فالعلماء بالله لقوة اعتقادهم في عموم قدرته على خرق العادة، وأنه يفعل ما يشاء، إذا وقع شيء غريب حدث عندهم الخوف لقوة ذلك الاعتقاد. وذلك لا يمنع أن يكون هناك أسباب تجرى عليها العادة إلا أن يشاء الله خرقها ". ذكره الحافظ في الفتح.
        على أن في ظاهر الكسوف أمرًا يتنبه له المؤمن ويلتفت إليه، إذا كان غيره لا يلتفت إليه، وهو التذكير بقيام الساعة، وانتهاء هذا العالم، فإن مما ثبت بطريق الوحي اليقيني: أن هذا الكون سيأتي عليه يوم ينفرط فيه عقده، وينتثر نظامه، فإذا سماؤه قد انفطرت، وكواكبه قد انتثرت، وشمسه قد كورت، وجباله قد سيرت، وأرضه قد زلزلت زلزالها، وأخرجت أثقالها، وآذن ذلك كله بتبدل الأرض غير الأرض والسماوات، وبروز الخلق لله الواحد القهار.
        إن الشمس والقمر ليسا أبدين ككل شيء في هذا العالم، إنهما يجريان كما قال الله خالقهما، إلى أجل مسمى، نعم مسمى معلوم عند الله، خفي مجهول عند الناس، ولكن المؤمن يوقن به ولا يغفل عنه، فإذا شاهد ظاهرة كالكسوف والخسوف، انتقل قلبه من اليوم إلى الغد، ومن الحاضر إلى المستقبل، وخصوصًا إذا تذكر قول الله تعالى: (وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب) (النحل: 77) ولعل هذا سر ما جاء في رواية بعض الصحابة في حديث الكسوف، أن النبي  قام فزعًا يخشى أن تكون الساعة - مع أن للساعة مقدمات وعلامات وأشراطًا كثيرة أخبر عنها النبي  نفسه ولم تقع بعد، ولهذا استشكل بعض العلماء هذه الرواية، ولكن يمكن حملها على أنه  فعل ذلك تعليمًا لأمته وإرشادًا لها، لتكون على ذكر من أمر الساعة على كل حال، ولا سيما إذا تأخر الزمان، وظهرت معظم الأشراط والأمارات.
        وقد حدث الكسوف في عهد عثمان ، فصلى بالناس ثم انصرف فدخل داره. وجلس عبد الله بن مسعود إلى حجرة عائشة، وجلس إليه بعض الصحابة فقال: إن الرسول  كان يأمر بالصلاة عند كسوف الشمس والقمر. فإذا رأيتموه قد أصابهما، فافزعوا إلى الصلاة فإنها إن كانت التي تحذرون (يعني الساعة) كانت وأنتم على غير غفلة، وإن لم تكن، كنتم قد أصبتم خيرًا واكتسبتموه. (رواه أحمد وأبو يعلي والطبراني ورجاله موثوقون كما في مجمع الزوائد (ج 2: 206 - 207) وقال الشيخ أحمد شاكر في تخريج المسند ج 6 رقم 4387: إسناده صحيح.
        وبهذا يتضح لنا أن ما شرعه الإسلام من صلاة ودعاء وذكر لله عند انكساف الشمس والقمر لا يعني بالضرورة أن الكسوف نتيجة لغضب من الله تعالى، وأن الصلاة لرفع هذا الغضب وإن فهم ذلك من كلام بعض العلماء ممن فسر هذه الظاهرة الكونية، حسبما انتهى إليها علمه في زمنه، ولكن أفهام العلماء - وخصوصًا في مثل هذه الأمور - ليست حجة على الدين، فالدين إنما يؤخذ من كتاب الله، وما بينه من سنة نبيه، وما عدا ذلك فكل واحد يؤخذ من كلامه ويترك.
        * * *
        سادسًا: يعترض الكاتب على قول رسول الله : (عن عبد الله  قال: ذُكر عن النبي (ص) رجل فقيل: مازال نائمًا حتى أصبح ماقام إلى الصلاة. فقال بال الشيطان في أذنه).
        أولا: من كل ما سبق أثبتنا صدق القرآن وصدق الرسول  من النواح العلمية والغيبية والأخلاقية، وعلى ذلك لا يوجد لدينا ما يؤدى إلى الاعتراض على إخباره بالغيب. ومن أسس إيمان المسلم أنه يؤمن بالغيب: فهو أول علامة من علامات المؤمنين، وأول صفة من صفاتهم، وهذا مفرق الطريق بينهم وبين الكافرين والملحدين والمنحرفين عن الإيمان السليم: (ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) البقرة 2-3
        ثانيًا: الإيمان بالغيب من أسس إيمانك، فأنت تؤمن بتجسد الإله فى صورة رجل ولد من رحم امرأة، ولم تر ذلك، ولا يمكنك إثباته إلا من خلال نصوص تؤمن بقداستها، وتؤمن بالعقاب والثواب فى الآخرة وغيره. ولا دليل عندك إلا قول ذُكر فى الكتاب المقدس جدًا، وهناك من يُعارض هذه النصوص، بل ويُشكك فى وجودها فى النسخ الأقدم. فلماذا تتعجب من إيمان المسلم بالغيب، بناءً على نصوص يؤمن بصحتها، وتضن به عليه، فى الوقت الذى تؤمن فيه أنت بالغيب؟
        ثالثًا: تؤمن بأن الشيطان أسر يسوع واعتقله لمدة أربعين يومًا فى الصحراء، ولم يتركه يأكل أو يشرب أو يستحم. وليس عندك دليل أن الشيطان لم يقتل يسوع فى الصحراء وأطعمه للسباع، وتجسَّد هو فى صورته، ثم أمركم بعبادته! على الرغم من أنه يؤله نفسه فى كتابكم المقدس جدًا، فسمى نفسه إله هذا الدهر، وسيد العالم، ورئيس سلطان الهواء، وجعل يهوه/يسوع يأمر هارون أن يساويه معه فى التقدمة، فذبح خروفًا لعزازيل مثل الخروف الذى ثدمه للرب:
        لاويين 16: 5-10 (5وَمِنْ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَأْخُذُ تَيْسَيْنِ مِنَ الْمَعْزِ لِذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ وَكَبْشًا وَاحِدًا لِمُحْرَقَةٍ. 6وَيُقَرِّبُ هَارُونُ ثَوْرَ الْخَطِيَّةِ الَّذِي لَهُ وَيُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ بَيْتِهِ. 7وَيَأْخُذُ التَّيْسَيْنِ وَيُوقِفُهُمَا أَمَامَ الرَّبِّ لَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ. 8وَيُلْقِي هَارُونُ عَلَى التَّيْسَيْنِ قُرْعَتَيْنِ: قُرْعَةً لِلرَّبِّ وَقُرْعَةً لِعَزَازِيلَ. 9وَيُقَرِّبُ هَارُونُ التَّيْسَ الَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ لِلرَّبِّ وَيَعْمَلُهُ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ. 10وَأَمَّا التَّيْسُ الَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ لِعَزَازِيلَ فَيُوقَفُ حَيًّا أَمَامَ الرَّبِّ لِيُكَفِّرَ عَنْهُ لِيُرْسِلَهُ إِلَى عَزَازِيلَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ.) وعزازيل هو إبليس أو شيطان البرية.
        كورنثوس الثانية 4: 4 (4الَّذِينَ فِيهِمْ إِلَهُ هَذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ.)
        يوحنا 12: 31 (31اَلآنَ دَيْنُونَةُ هَذَا الْعَالَمِ. اَلآنَ يُطْرَحُ رَئِيسُ هَذَا الْعَالَمِ خَارِجًا.) وأيضًا يوحنا 14: 3 و16: 11
        أفسس 2: 2 (2الَّتِي سَلَكْتُمْ فِيهَا قَبْلًا حَسَبَ دَهْرِ هَذَا الْعَالَمِ، حَسَبَ رَئِيسِ سُلْطَانِ الْهَوَاءِ، الرُّوحِ الَّذِي يَعْمَلُ الآنَ فِي أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ،)
        رابعًا: تؤمنون فى عقيدتكم أن الشيطان كان من ملائكة الله، وبسبب غروره وكبريائه سقط، وأصبح من زمرة الشياطين.
        خامسًا: تؤمنون أن الملائكة تأكل وتشرب، والأكل والشرب يستتبعه التبول والتبرز، كما كان يفعل يسوع على الأرض. فما الذى يمنع الشيطان أن يأكل ويشرب ويتبوَّل؟
        سادسًا: يطلق كتابك على الرب لفظ (الروح)، ويُطلق كذلك على الشيطان (الروح)، وبما أن الرب كان يأكل ويشرب (كما حدث فى ضيافة إبراهيم  له وللملكين اللذان كانا معه) وأكلت الملائكة وشربت معه، وأكل يسوع/يهوه وشرب، وتبوَّل وتبرز، وهو إله عندكم، فما الذى يمنع الشيطان أن يأكل ويشرب ويتبوَّل؟
        سابعًا: كان يهوه/يسوع يعشق رائحة شىّ اللحم، وبالتالى أكله، فهل الذى يأكل لا يتبرز، وهى شبهتكم علينا فى الأكل والشرب فى الجنة؟ بل بسبب رائحة الشواء أُنقذت البشرية من الإبادة الجماعية، وليس بسبب كفرهم أو عصيانهم، بل بسبب رائحة الشواء التى يستمتع بها الرب: (20وَبَنَى نُوحٌ مَذْبَحًا لِلرَّبِّ. وَأَخَذَ مِنْ كُلِّ الْبَهَائِمِ الطَّاهِرَةِ وَمِنْ كُلِّ الطُّيُورِ الطَّاهِرَةِ وَأَصْعَدَ مُحْرَقَاتٍ عَلَى الْمَذْبَحِ 21فَتَنَسَّمَ الرَّبُّ رَائِحَةَ الرِّضَا. وَقَالَ الرَّبُّ فِي قَلْبِهِ: «لاَ أَعُودُ أَلْعَنُ الأَرْضَ أَيْضًا مِنْ أَجْلِ الإِنْسَانِ لأَنَّ تَصَوُّرَ قَلْبِ الإِنْسَانِ شِرِّيرٌ مُنْذُ حَدَاثَتِهِ. وَلاَ أَعُودُ أَيْضًا أُمِيتُ كُلَّ حَيٍّ كَمَا فَعَلْتُ.) التكوين 8: 20-21
        فماذا كان يفعل يسوع/يهوه بعضوه الذكرى غير التبوَّل؟
        فأنت تؤمن إذن أن الإله والملائكة والشياطين يأكلون ويشربون ويبولون ويتبرزون على وجه الحقيقة، وليس على سبيل المثال. فما المانع من أن يبول الشيطان على وجه الحقيقة؟ هل كتابُك المقدس جدًا يُعارض هذا؟ لا. فالمسألة إذًا هى مسألة غيبية، وبالتالي لا ينبغي أن تكون محل شبهة، خصوصًا إذا علمنا أن الرب والملائكة والشيطان يأكلون، ويشربون، ويتزوج الشياطين ويتناسلون فى كتابك .... فما المانع من أن يبول الشيطان على وجه الحقيقة أو حتى مجازًا؟!
        والآن أنقل إليك ما ذكره بعضُ العلماءِ في شرحِ هذا الحديثِ:
        1- قال ابنُ حجٍر - رحمه اللهُ- في الفتح: قِيلَ: هُوَ مَثَل مَضْرُوب لِلْغَافِلِ عَنْ الْقِيَام بِثِقَلِ النَّوْم كَمَنْ وَقَعَ الْبَوْل فِي أُذُنه فَثَقَّلَ أُذُنه وَأَفْسَدَ حِسّه، وَالْعَرَب تُكَنِّي عَنْ الْفَسَاد بِالْبَوْلِ. أهـ
        2- قال النوويُّ -رحمه اللهُ- في شرحِه: قِيلَ: مَعْنَاهُ اِسْتَخَفَّ بِهِ وَاحْتَقَرَهُ وَاسْتَعْلَى عَلَيْهِ، يُقَال لِمَنْ اِسْتَخَفَّ بِإِنْسَانٍ وَخَدَعَهُ: بَالَ فِي أُذُنه وَأَصْل ذَلِكَ فِي دَابَّة تَفْعَل ذَلِكَ بِالْأَسَدِ إِذْلَالًا لَهُ، وَقَالَ الْحَرْبِيّ: مَعْنَاهُ ظَهَرَ عَلَيْهِ ، وَسَخِرَ مِنْهُ.أهـ
        فمن الواضح مما سبق أن هذا كلامًا يعرفه العربُ، ولا إشكالية فيه أبدًا، فالأمرُ على سبيل المجاز، ولكن ما نسلّم به أن بولَه ليس كبولِ الإنسانِ، والحيوان ... حتى لا يقول جاهلٌ: إن الذي يستيقظ بعد صلاة الفجر في الصباح لا يجد بول في أذنه لماذا...؟! (الشيخ أكرم حسن مرسي، رد السهام عن خير الأنام محمد- عليه السلام)
        * * *
        سابعًا: يعترض الكاتب كالمعتاد على قول الرسول  التثاؤب من الشيطان
        عن أبي هُرَيْرَةَ عن النبي  قال: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ، فإذا عَطَسَ أحدكم وَحَمِدَ اللَّهَ، كان حَقًّا على كل مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يَقُولَ له: يَرْحَمُكَ الله. وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ فَإِنَّمَا هو من الشَّيْطَانِ، فإذا تَثَاءَبَ أحدكم فَلْيَرُدَّهُ ما اسْتَطَاعَ، فإن أَحَدَكُمْ إذا تَثَاءَبَ ضَحِكَ منه الشَّيْطَان) البخاري ج5/ص2298
        وعن أبي هريرة  عن النبي  قال: (التثاؤب من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع، فإن أحدكم إذا قال: "ها" ضحك الشيطان) رواه البخاري (3115) ومسلم (2994)
        وعن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  قال: (التَّثَاؤُبُ من الشَّيْطَانِ، فإذا تَثَاءَبَ أحدكم فَلْيَكْظِمْ ما اسْتَطَاعَ)
        وقال رسول اللَّهِ  (إذا تَثَاوَبَ أحدكم فَلْيُمْسِكْ بيده على فيه، فإن الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ)
        وقال رسول اللَّهِ  (إذا تَثَاوَبَ أحدكم في الصَّلَاةِ فَلْيَكْظِمْ ما اسْتَطَاعَ، فإن الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ) ـ صحيح مسلم (2995)
        ولأنَّ العُطَاسَ، غيرَ النَّاشئ عن مرضٍ، يَنْشَأُ عنه النشاطُ، قال رَسُولُ الله : (العُطاسُ من الله وإنَّ الله يحِبُّ العُطاسَ).
        ولأنَّ التثاؤبَ يُورِثُ الكَسَلَ الذي يُفَرِّحُ الشيطانَ قال رَسُولُ الله : (التثاؤُبُ من الشَّيطان).
        وقال ابن العربي: (قد بينَّا أن كل فعل مكروه نسبه الشرع إلى الشيطان لأنه واسطته، وأن كل فعل حسن نسبه الشرع إلى المَلَك لأنه واسطته، قال: والتثاؤب من الامتلاء، وينشأ عنه التكاسل، وذلك بواسطة الشيطان، والعطاس من تقليل الغذاء، وينشأ عنه النشاط، وذلك بواسطة المَلَك.)
        قال النَّوَوِيُّ: (أُضِيفَ التثاؤبُ إلى الشَّيطان لأنَّ التثاؤُبَ، في الغالب، ينشأُ عن التوسُّع في المأكل. وهذا مَذْمُومٌ لأنه يُفَـتِّـرُ عن الطَّاعة).
        وقال أيضًا: (أضيف التثاؤب إلى الشيطان لأنه يدعو إلى الشهوات إذ يكون عن ثقل البدن واسترخائه وامتلائه، والمراد: التحذير من السبب الذي يتولد منه ذلك، وهو التوسع في المأكل).
        وقال الخَطَّابيُّ: (معنى المحبَّةِ والكراهةِ فيهما مُنْصَرِفٌ إلى سببهِما. وذلكَ أَنَّ العُطَاسَ يَكُونُ من خِفَّةِ البَدَنِ وانفتاحِ المَسَامِّ وعَدَمِ الغايةِ في الشِّبَعِ. وهو بخلافِ التثاؤُب فإنه يكونُ من عِلَّةِ امتلاء البَدَنِ وثِقْلهِ ممَّا يكونُ ناشئًا عن كَثرةِ الأكلِ والتخليطِ فيه. والأَوَّلُ يستدعي النشاطَ والثَّاني على عكسهِ).
        قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: قال ابن بطال: (إضافة التثاؤب إلى الشيطان بمعنى إضافة الرضا والإرادة، أي: أن الشيطان يحب أن يرى الإنسان متثائبًا، لأنها حالة تتغير فيها صورته فيضحك منه، لا أن المراد أن الشيطان فعل التثاؤب.)
        ويحصل التثاؤب غالبا عندما يقل الانتباه في مناسبات مختلفة مثل:
        • الرغبة الشديدة في النوم
        • أثناء عملية التمطي عند الاستيقاظ
        • عند إنجاز مهام تتكرر ولا تتنوع، أى عن الشعور بالملل
        • عند الصوم أو الإسراف في الأكل
        • عند الإحساس بالحرارة أو تواجد أشخاص كثيرين في مكان محدود.
        هذا وتستغرق عملية التثاؤب ما بين 5 إلى 10 ثوان وتتم في ثلاث مراحل، وكل ما يهمنا هو المرحلة الأولى، وهى مرحلة الشهيق العميق، الذى يتم عن طريق الفم. فهل تعلم أضرار التنفس عن طريق الفم؟
        1- يسبب جفاف الأسنان وحساسيتها عند التعرض لأي هواء، ثم موت العصب
        2- يسبب إلتهاب اللثة
        3- يسبب تشوه الأسنان الأمامية وبروزها للأمام، وكذلك تشوه الفك، إذا تم التنفس عن طريق الفم لفترات طويلة.
        4- يسبب جفاف الفم مما يؤدي إلي الرائحة الكريهه للفم
        5- يسبب أيضًا تسوس الأسنان بسبب جفاف اللعاب
        6- يتسبب فى ظهور بلغم كثيف فى الصدر
        7- التنفس عن طريق الفم لفترات طويلة يؤدي إلى تشوه شكل الأسنان والفك
        8- يسبب دخول الهواء البارد للرئتين، مما يؤدى إلى إلتهاب الجهاز التنفسي، لأن التنفس عن طريق الأنف يؤدى إلى تدفئة الهواء الداخل للقصبة والرئة عن طريق الشعيرات الأنفية، التى خلقها الله تعالى لتعمل كفلتر لتنقية الهواء الداخل للأنف، فيحمي الرئتين من الغبار والميكروبات والأتربة، وتقوم بتدفئة الهواء.
        9- يسبب إلتهاب الحلق والحنجرة
        10- يؤدى إلى دخول الهواء إلى المعدة، مما يسبب انتفاخ في المعدة،
        11- يسبب دخول الأتربة أو الميكروبات إلى الجهاز التنفسى، التي قد تصل إلي الرئتين وتسبب الكحة والعطس، أو تصيب الجهاز التنفسى بفيروس كان عالقًا بالهواء الداخل مع الشهيق.
        12- يعتبر التنفس عن طريق الفم من الأعراض المصاحبة لضيق التنفس ويعتبر حالة تستوجب الرعاية والانتباه الشديدين لأنها لا تؤثر فقط في نوعية الهواء الداخل إلى الرئتين، ولكن استمرار هذه العادة فترة طويلة قد يؤدي إلى مشاكل في نمو الوجه والفكين، وكذلك في صحة الأسنان. ويؤدي إلى تغير في نمط نمو الفك وتشوه في شكل الفك عمومًا.
        13- أثبتت التجارب العلمية أن التنفس عبر الفم قد يؤدي إلى إلتهاب اللوز، خاصة في الشتاء، حيث إن الهواء البارد الذي نتنفسه عن طريق الفم يصل إلى اللوز والرئتين دون تعديل كاف على درجة حرارته؛ بعكس الهواء الذي نتنفسه عن طريق الأنف الذى يصل إلى الرئتين ودرجة حرارته نفس درجة حرارة الجسم فلا يؤذي، ولا يؤدي إلى إلتهاب.
        14- التنفس عن طريق الفم يؤدي إلى زيادة الوزن وذلك لأنه من خلال الفم يدخل في الشهيق الواحد كمية أكبر من الأكجسين الذي يعمل على حرق المكونات الغذائية بطريقة أسرع، وبذلك يؤدي إلى سرعة الشعور بالجوع على فترات زمنية متقاربة.
        وعلى ذلك فإننا نؤمن بما قاله الرسول  لأن التثاؤب يبدأ بأخذ شهيق عميق من الفم يؤدى إلى كل ما ذكرناه أو بعض منه، وهذا من الشرور التى أراد الله لنا أن نتجنبها، ونسبها الرسول  للشيطان، حيث نسب كل شر إلى الشيطان. ناهيك عن أن التثاؤب لا يحدث إلا عند النعاس والملل والكسل، وهى لحظات شيطانية تبعد المرء عن العمل والتركيز فيما يعمل.
        فالحمد لله على الإسلام، الذى جعله الله دينًا كاملًا، يجد فيه الإنسان نبراسًا ينير له طريقه في كل أمور العبادات والمعاملات، وهذه الأحاديث التي بين يدينا تبرهن على ذلك حيث يعلمنا من خلالها النبي  أدب التثاؤب وكيفية التعامل معه. وهذا مصداقًا لنبوءة عيسى  فى الكتاب الذى تقدسه، حيث قال: (24اَلَّذِي لاَ يُحِبُّنِي لاَ يَحْفَظُ كلاَمِي. وَالْكلاَمُ الَّذِي تَسْمَعُونَهُ لَيْسَ لِي بَلْ لِلآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي. 25بِهَذَا كَلَّمْتُكُمْ وَأَنَا عِنْدَكُمْ. 26وَأَمَّا الْمُعَزِّي الرُّوحُ الْقُدُسُ الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ) يوحنا 14: 24-26
        فهل كل هذه الأضرار يحدثها التثاؤب والتنفس عن طريق الفم وأكثر، ولم يحذركم منها إله المحبة؟ كيف؟ وكيف تكون محبة الإله إن لم يرشدكم إلى الصلاح والنجاح والفلاح، ويحذركم من الشياطين والوقوع فيما يسعدها من مرضكم وعثرتكم ووقوعكم فى الشرور التى تنتهى بدخولكم جهنم؟
        * * *
        ثامنًا: يعترض الكاتب كالمعتاد على قول الرسول  أن الله خلق النجوم تزيينًا للسماء، ورجمًا للشياطين، ولنهتدى بها فى الطريق.
        قال رسول الله : (خَلَقَ هَذِهِ النُّجُومَ لِثَلَاثٍ: جَعَلَهَا زِينَةً لِلسَّمَاءِ، وَرُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ، وَعَلَامَاتٍ يُهْتَدَى بِهَا)
        والمقصود بجعلها رجوما للشياطين: أنه يخرج منها شهب من نار، فتصيب هذه الشياطين، الذين يحاولون استرقاق السمع، ولا يعني جعلها رجوما أنها بذواتها يُقذف بها. والذى يصيب هذه الشياطين من تلك النجوم هي تلك الشهب التي تخرج منها: قال تعالى: (إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ) الصافات 10
        ولم يقل القرآن إن الله خلق النجوم لأجل هذا، ولم يقل إن النجوم السيارة تتبع الشياطين، فتقذف كل شيطان بنجم أو شهاب، بل أخبر الله تعالى أنه خلق في السماء مصابيح، أي أجسامًا منيرة مضيئة تحرق الشياطين، الذين يحاولون استرقاق السمع. وهذه المضيئات هي الشهب المنفصلة من النجوم، وليست النجوم بذاتها.
        قال الله تعالى: (وأنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَت حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا * وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا) الجن 9
        وقال: (وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ) الحجر 17-18
        المعنى هو أن الله جعل على السماء حراسًا من الملائكة، وخلق لهم أدوات عقاب تناسب أجسام الشياطين. وهى الشهب. فإذا جاء شيطان رماه أحد الملائكة بشهاب وليست الشهب كواكب كالقمر والشمس، وإنما هى أدوات عقاب كالسيف فى يد الجندى المحارب.
        ويدل عليه ما رواه البخاري (4701) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ  قَالَ: (إِذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتْ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَالسِّلْسِلَةِ عَلَى صَفْوَانٍ، يَنْفُذُهُمْ ذَلِكَ، فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا لِلَّذِي قَالَ: الْحَقَّ، وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ. فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُو السَّمْعِ ، وَمُسْتَرِقُو السَّمْعِ هَكَذَا وَاحِدٌ فَوْقَ آخَرَ، فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ الْمُسْتَمِعَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ بِهَا إِلَى صَاحِبِهِ فَيُحْرِقَهُ، وَرُبَّمَا لَمْ يُدْرِكْهُ حَتَّى يَرْمِيَ بِهَا إِلَى الَّذِي يَلِيهِ، إِلَى الَّذِي هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ، حَتَّى يُلْقُوهَا إِلَى الْأَرْضِ، فَتُلْقَى عَلَى فَمْ السَّاحِرِ، فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ، فَيُصَدَّقُ فَيَقُولُونَ: أَلَمْ يُخْبِرْنَا: يَوْمَ كَذَا وَكَذَا يَكُونُ كَذَا وَكَذَا، فَوَجَدْنَاهُ حَقًّا؟ - لِلْكَلِمَةِ الَّتِي سُمِعَتْ مِنْ السَّمَاءِ).
        فقوله في هذا الحديث: (فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ الْمُسْتَمِعَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ بِهَا إِلَى صَاحِبِهِ فَيُحْرِقَهُ) يدل على أن شهاب النار يخرج من تلك النجوم فيصيب تلك الشياطين.
        قال القرطبي رحمه الله: (أي جعلنا شهبها؛ فحذف المضاف، دليله: (إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ) وعلى هذا فالمصابيح لا تزول ولا يرجم بها. وقيل: إن الضمير راجع إلى المصابيح على أن الرجم من أنفس الكواكب، ولا يسقط الكوكب نفسه إنما ينفصل منه شيء يرجم به، من غير أن ينقص ضوءه ولا صورته) انتهى. "الجامع لأحكام القرآن" (18 / 210-211)
        وقال ابن كثير رحمه الله: (عاد الضمير في قوله: (وَجَعَلْنَاهَا) على جنس المصابيح لا على عينها؛ لأنه لا يرمي بالكواكب التي في السماء، بل بشهب من دونها، وقد تكون مستمدة منها، والله أعلم) انتهى. "تفسير ابن كثير" (8 / 177)
        وقال الألوسي رحمه الله فى تفسيره: (جعلها رجومًا: يجوز أن يكون لأنه بواسطة وقوع أشعتها ... تحدث الشهب، فهي رجوم بذلك الاعتبار، ولا يتوقف جعلها رجومًا على أن تكون نفسها كذلك، بأن تنقلع عن مراكزها ويرجم بها، وهذا كما تقول: جعل الله تعالى الشمس يحرق بها بعض الأجسام، فإنه صادق فيما إذا أحرق بها بتوسيط بعض المناظر، وانعكاس شعاعها على قابل الإحراق) (17/70)
        وقال السعدي رحمه الله: (جعل الله هذه النجوم حراسة للسماء عن تلقف الشياطين أخبار الأرض ، فهذه الشهب التي ترمى من النجوم ، أعدها الله في الدنيا للشياطين) انتهى. "تفسير السعدي" (ص875)
        وقال ابن عثيمين رحمه الله: قال العلماء في تفسير قوله تعالى: (ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجومًا للشياطين): أي: جعلنا شهابها الذي ينطلق منها، فهذا من باب عود الضمير إلى الجزء لا إلى الكل.
        فالشهب: نيازك تنطلق من النجوم. وهي كما قال أهل الفلك: تنزل إلى الأرض، وقد تحدث تصدعًا فيها، أما النجم فلو وصل إلى الأرض لأحرقها" انتهى. "القول المفيد على كتاب التوحيد" (1 / 227)
        فالشهب هي الأجسام المضيئة التي تحرق الشياطين، وهذه الشهب منها الكبير، ومنها الصغير، وهي نجوم أو كواكب مفتتة تسبح في الكون الفسيح.
        كما أنه ليس فيها ما يدل على حصر الشهب التي نراها فيما ترجم به الشياطين من شهب النجوم ويرمى به مسترقو السمع منهم، كما أنه ليس فيها تعرض لشهب أخرى نفيًا أو إثباتًا، يعرف ذلك من درس لغة العرب وعرف ما في أساليبها من أدوات القصر التي يضمنونها كلامهم لإفادة الحصر والدلالة عليه‏.‏
        فإذا ثبت في العلوم الكونية أن هناك حجارة وأجرامًا متناثرة في الجو وأنها مجموعات تقع كل مجموعة منها في دائرة جاذبية كوكب أكبر منها، وأنها إذا انحرفت عن دائرة جاذبية هذا الكوكب فبعدت منه وقربت من دائرة جاذبية كوكب آخر سقطت بسرعة، وتولد عن احتكاك سطحها بسطوح أخرى شعلة نارية هي الظاهرة الكونية التي تسمى‏:‏ الشهب‏.‏
        إذا ثبت هذا فإنه لا يتنافى مع ما جاء في نصوص الشريعة الإسلامية من النصوص التي فيها مجرد الإخبار برجم الشياطين بشهب من النجوم، إذ من الممكن أن تحدث ظاهرة الشهب من الأمرين إذ ليس في العلوم الكونية ما يدل على حصر الشهب فيما يتساقط من غير الكواكب، كما أنه ليس في النصوص حصر الشهب فيما يتساقط من الكواكب لرجم الشياطين‏.‏
        والشهب هى شواظ من نار، كما جاء فى قوله تعالى: (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنتَصِرَانِ) الرحمن 33-35
        فقد جعل للجن غير ما جعل للإنس من أدوات العقاب. ولم يجعل للجن كواكب تُرمى بها كالقمر والشمس، وإنما جعل للجن "شواظ" أى "شهب".
        ونجد فى الكتاب المقدس جدًا أن الله لما طرد آدم من الجنة وهى جنة عدن، ليعمل الأرض التى أُخذ منها ، أقام شرقى جنة عدن ملائكة تسمى الكروبيم، ووضع لهيب سيف متقلب فى أياديهم لحراسة طريق شجرة الحياة:
        (23فَأَخْرَجَهُ الرَّبُّ الإِلَهُ مِنْ جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَعْمَلَ الأَرْضَ الَّتِي أُخِذَ مِنْهَا. 24فَطَرَدَ الإِنْسَانَ وَأَقَامَ شَرْقِيَّ جَنَّةِ عَدْنٍ الْكَرُوبِيمَ وَلَهِيبَ سَيْفٍ مُتَقَلِّبٍ لِحِرَاسَةِ طَرِيقِ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ)تكوين 3: 23-24
        والكاروبيم هم الحرس من الملائكة الذين وُكِّلَ إليهم حفظ شجرة الحياة فى الجنة.
        ومن المتفق عليه بين كل أصحاب الأديان أن النجوم وكل ما خلق الله تعالى هى جند من جنود الله تعالى، تأتمر بأمره، نسبحه وتطيعه. فقد قالت دبورة فى سفر القضاة إن قوى الطبيعة التى خلقها الله تعالى تحارب فى صف الله، فها هى الكواكب تُحارب، والأنهار تفيض وتجرف أعداء الرب:
        (20مِنَ السَّمَاوَاتِ حَارَبُوا. الْكَوَاكِبُ مِنْ أَفْلاَكِهَا حَارَبَتْ سِيسَرَا. 21نَهْرُ قِيشُونَ جَرَفَهُمْ. نَهْرُ وَقَائِعَ نَهْرُ قِيشُونَ. دُوسِي يَا نَفْسِي بِعِّزٍ.) القضاة 5: 20-21
        وتُعلق دائرة المعارف الكتابية كلمة (نجم – نجوم) على هذا النص قائلة: (أما قول دبورة، القاضية، أن النجوم حاربت سِيسرا (قض 5: 20). فإن هذا يشير إلى أن لله يسخر قوى الطبيعة في إتمام مقاصده ونصرة المؤمنين به.)
        وأوقف الرب الشمس مخالفًا بذلك النظام الكونى، الذى هو أيضًا من عبيد الله، يأتمر بأمره، ويعمل لإرضاء الله، كما كان يعمل يسوع تمامًا، واعتبر إرضاء الله طعامه وشرابه، وأساس حياته: (......... «طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ.) يوحنا 4: 34
        (29وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ».) يوحنا 8: 29

        تعليق


        • #79
          الملف 56
          وقذف الرب بنفسه الكفار بالحجارة من السماء، ومن أين حصل الرب على الحجارة ليست هى المشكلة، ولكن أريد أن تفهم أن الطوب كان مسخرًا لضرب أعداء الله فقط، وليس لضرب عبيده المؤمنين: (11وَبَيْنَمَا هُمْ هَارِبُونَ مِنْ أَمَامِ إِسْرَائِيلَ وَهُمْ فِي مُنْحَدَرِ بَيْتِ حُورُونَ, رَمَاهُمُ الرَّبُّ بِحِجَارَةٍ عَظِيمَةٍ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى عَزِيقَةَ فَمَاتُوا. وَالَّذِينَ مَاتُوا بِحِجَارَةِ الْبَرَدِ هُمْ أَكْثَرُ مِنَ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِالسَّيْفِ. 12حِينَئِذٍ قَالَ يَشُوعُ لِلرَّبَّ, يَوْمَ أَسْلَمَ الرَّبُّ الأَمُورِيِّينَ أَمَامَ بَنِي إِسْرَائِيلَ, أَمَامَ عُيُونِ إِسْرَائِيلَ: «يَا شَمْسُ دُومِي عَلَى جِبْعُونَ, وَيَا قَمَرُ عَلَى وَادِي أَيَّلُونَ». 13فَدَامَتِ الشَّمْسُ وَوَقَفَ الْقَمَرُ حَتَّى انْتَقَمَ الشَّعْبُ مِنْ أَعْدَائِهِ. أَلَيْسَ هَذَا مَكْتُوبًا فِي سِفْرِ يَاشَرَ؟ فَوَقَفَتِ الشَّمْسُ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ وَلَمْ تَعْجَلْ لِلْغُرُوبِ نَحْوَ يَوْمٍ كَامِلٍ. 14وَلَمْ يَكُنْ مِثْلُ ذَلِكَ الْيَوْمِ قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ سَمِعَ فِيهِ الرَّبُّ صَوْتَ إِنْسَانٍ. لأَنَّ الرَّبَّ حَارَبَ عَنْ إِسْرَائِيلَ.) يشوع 10: 11-14
          وقلنا من قبل إنه حتى الأمراض يسلطها الله تعالى على أعدائه، ويستعملها كجند من جنوده: (14«لَكِنْ إِنْ لَمْ تَسْمَعُوا لِي وَلَمْ تَعْمَلُوا كُلَّ هَذِهِ الْوَصَايَا 15وَإِنْ رَفَضْتُمْ فَرَائِضِي وَكَرِهَتْ أَنْفُسُكُمْ أَحْكَامِي فَمَا عَمِلْتُمْ كُلَّ وَصَايَايَ بَلْ نَكَثْتُمْ مِيثَاقِي 16فَإِنِّي أَعْمَلُ هَذِهِ بِكُمْ: أُسَلِّطُ عَلَيْكُمْ رُعْبًا وَسِلًا وَحُمَّى تُفْنِي الْعَيْنَيْنِ وَتُتْلِفُ النَّفْسَ. وَتَزْرَعُونَ بَاطِلًا زَرْعَكُمْ فَيَأْكُلُهُ أَعْدَاؤُكُمْ. 17وَأَجْعَلُ وَجْهِي ضِدَّكُمْ فَتَنْهَزِمُونَ أَمَامَ أَعْدَائِكُمْ وَيَتَسَلَّطُ عَلَيْكُمْ مُبْغِضُوكُمْ وَتَهْرُبُونَ وَلَيْسَ مَنْ يَطْرُدُكُمْ)لاويين 26: 14-17
          وليست قوى الطبيعة فقط بل الحيوانات أيضًا تأتمر بأمر الله تعالى ، وتنتصر له ولرسله. فها هو حمار يتكلم ويحمى نبيًا من حماقته، ومن عصيانه لله: (... إِذْ مَنَعَ حَمَاقَةَ النَّبِيِّ حِمَارٌ أَعْجَمُ نَاطِقًا بِصَوْتِ إِنْسَانٍ) بطرس الثانية 2: 16
          وها هما دبتان تخرجان تنفيذًا لأمر الرب دفاعًا عن كرامة نبيه إليشع: (وَفِيمَا هُوَ صَاعِدٌ فِي الطَّرِيقِ إِذَا بِصِبْيَانٍ صِغَارٍ خَرَجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ وَسَخِرُوا مِنْهُ وَقَالُوا لَهُ: [اصْعَدْ يَا أَقْرَعُ! اصْعَدْ يَا أَقْرَعُ!] 24فَالْتَفَتَ إِلَى وَرَائِهِ وَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ. فَخَرَجَتْ دُبَّتَانِ مِنَ الْوَعْرِ وَافْتَرَسَتَا مِنْهُمُ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَلَدًا.) ملوك الثانى 2: 23-24
          فماذا تقول الآن عزيزى الكاتب؟
          أعتقد أنك تشعر الآن أنك تسرعت فى حكمك المبنى على غير هدى أو فهم، وأنك تؤمن الآن أنك تحتاج مزيد من القراءة والبحث والتأمل والتدبر فيما تكتب! اللهم انزع من قلوبنا الغل والتعصُّب الأعمى، واهدنا لطريقك المستقيم!
          وإلى هنا أكون قد أنهيت الرد على هذه الشبهة، وقد علمت أن النجوم قُصد بها الشهب المشتعلة المنفصلة من لهب ووهج النجوم، وتٌقذف بها الشياطين الذين يحاولون استرقاق السمع لإضلال العباد، وتوجيه قبلة العبادة لهم، وأن يتشفع الناس بهم، ويرجونهم، فيحولون العالم إلى الوثنية، وعبادة الشياطين.
          وأعلم أن هذا مُخالف أيضًا لما تعتقده، فكتابك يؤكد أن إبليس اجتمع مع الرب لإغواء أخاب، وقدم له الاقتراح الذى فشلت كل جنود السماء والرب نفسه أن يجدوا حلًا له. فكيف تُحارب الشياطين، وقائدهم يُجالس الرب، ويقتحم مجلسه، ولا تقربه الملائكة ولا يمكنها أن تمنعه: (19وَقَالَ: [فَاسْمَعْ إِذًا كَلاَمَ الرَّبِّ: قَدْ رَأَيْتُ الرَّبَّ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَكُلُّ جُنْدِ السَّمَاءِ وُقُوفٌ لَدَيْهِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ. 20فَقَالَ الرَّبُّ: مَنْ يُغْوِي أَخْآبَ فَيَصْعَدَ وَيَسْقُطَ فِي رَامُوتَ جِلْعَادَ؟ فَقَالَ هَذَا هَكَذَا وَقَالَ ذَاكَ هَكَذَا. 21ثُمَّ خَرَجَ الرُّوحُ وَوَقَفَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: أَنَا أُغْوِيهِ. وَسَأَلَهُ الرَّبُّ: بِمَاذَا؟ 22فَقَالَ: أَخْرُجُ وَأَكُونُ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ. فَقَالَ: إِنَّكَ تُغْوِيهِ وَتَقْتَدِرُ. فَاخْرُجْ وَافْعَلْ هَكَذَا.) ملوك الأول 22: 19-22
          وكيف تمنعه الملائكة، وقد سيطر الشيطان على الرب واعتقله 40 يومًا فى الصحراء: (1أَمَّا يَسُوعُ فَرَجَعَ مِنَ الأُرْدُنِّ مُمْتَلِئًا مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَكَانَ يُقْتَادُ بِالرُّوحِ فِي الْبَرِّيَّةِ 2أَرْبَعِينَ يَوْمًا يُجَرَّبُ مِنْ إِبْلِيسَ. وَلَمْ يَأْكُلْ شَيْئًا فِي تِلْكَ الأَيَّامِ. وَلَمَّا تَمَّتْ جَاعَ أَخِيرًا. 3وَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَقُلْ لِهَذَا الْحَجَرِ أَنْ يَصِيرَ خُبْزًا». 4فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «مَكْتُوبٌ أَنْ لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ مِنَ اللهِ». 5ثُمَّ أَصْعَدَهُ إِبْلِيسُ إِلَى جَبَلٍ عَالٍ وَأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ الْمَسْكُونَةِ فِي لَحْظَةٍ مِنَ الزَّمَانِ. 6وَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: «لَكَ أُعْطِي هَذَا السُّلْطَانَ كُلَّهُ وَمَجْدَهُنَّ لأَنَّهُ إِلَيَّ قَدْ دُفِعَ وَأَنَا أُعْطِيهِ لِمَنْ أُرِيدُ. 7فَإِنْ سَجَدْتَ أَمَامِي يَكُونُ لَكَ الْجَمِيعُ». 8فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! إِنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلَهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ». 9ثُمَّ جَاءَ بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَأَقَامَهُ عَلَى جَنَاحِ الْهَيْكَلِ وَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ مِنْ هُنَا إِلَى أَسْفَلَ 10لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ لِكَيْ يَحْفَظُوكَ 11وَأَنَّهُمْ عَلَى أَيَادِيهِمْ يَحْمِلُونَكَ لِكَيْ لاَ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ». 12فَأَجَابَ يَسُوعُ: «إِنَّهُ قِيلَ: لاَ تُجَرِّبِ الرَّبَّ إِلَهَكَ». 13وَلَمَّا أَكْمَلَ إِبْلِيسُ كُلَّ تَجْرِبَةٍ فَارَقَهُ إِلَى حِينٍ)لوقا 4: 1-13
          * * * * *
          علو شأن المرأة فى المسيحية:
          وبذلك نكون قد انتهينا من الفصل الثالث، ويبدأ الكاتب الفصل الرابع، وفيه يقارن بين تعاليم المسيحية وتعاليم الإسلام السابق عرضها فى الصفحات السابقة. فيقول:
          كيف تقارن تعاليم الإسلام في القضايا التي سبق عرضها بتعاليم المسيحية؟
          فيما يلي عينات لبعض تعاليم المسيحية:
          حقوق المرأة
          • النساء مساويات للرجال. غلاطية 28:3
          • الرجال مطالبون بأن يحبوا نساءهم. أفسس 25:5 - 29
          • النساء لهن نفس حقوق الرجال. 1 كورنثوس 11:11
          وأضع هنا النصوص التى يستشهد بها الكاتب من الكتاب المقدس جدًا:
          غلاطية 3: 28 (28لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ. لَيْسَ عَبْدٌ وَلاَ حُرٌّ. لَيْسَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى، لأَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ.)
          أفسس 5: 25-29 (25أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَحِبُّوا نِسَاءَكُمْ كَمَا أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا، 26لِكَيْ يُقَدِّسَهَا، مُطَهِّرًا إِيَّاهَا بِغَسْلِ الْمَاءِ بِالْكَلِمَةِ، 27لِكَيْ يُحْضِرَهَا لِنَفْسِهِ كَنِيسَةً مَجِيدَةً، لاَ دَنَسَ فِيهَا وَلاَ غَضْنَ أَوْ شَيْءٌ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ، بَلْ تَكُونُ مُقَدَّسَةً وَبِلاَ عَيْبٍ. 28كَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الرِّجَالِ أَنْ يُحِبُّوا نِسَاءَهُمْ كَأَجْسَادِهِمْ. مَنْ يُحِبُّ امْرَأَتَهُ يُحِبُّ نَفْسَهُ. 29فَإِنَّهُ لَمْ يُبْغِضْ أَحَدٌ جَسَدَهُ قَطُّ بَلْ يَقُوتُهُ وَيُرَبِّيهِ، كَمَا الرَّبُّ أَيْضًا لِلْكَنِيسَةِ.)
          كورنثوس الأولى 11: 11 (11غَيْرَ أَنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ مِنْ دُونِ الْمَرْأَةِ وَلاَ الْمَرْأَةُ مِنْ دُونِ الرَّجُلِ فِي الرَّبِّ.)
          وتقول الترجمة العربية المشتركة فى نص غلاطية 3: 28: (ولا فَرقَ الآنَ بَينَ يَهودِيٍّ وغيرِ يَهودِيٍّ، بَينَ عَبدٍ وحُرٍّ، بَينَ رَجُلٍ وامرأةٍ، فأنتُم كُلُّكُم واحدٌ في المَسيحِ يَسوعَ.)
          ووافقت الترجمة البولسية وترجمة كتاب الحياة والترجمة الكاثوليكية اليسوعية على ذكر كلمة (يونانى) مثل ترجمة الفاندايك، والتى لم تذكرها الترجمة العربية المشتركة بين الكاثوليك والأرثوذكس والبروتستانت، ولا أعرف لماذا وافقوا على وجودها فى طبعاتهم الخاصة، ولم يوافقوا عليها فى الترجمة التى اجتمعوا عليها!!
          هل يوجد إله أو دين لا يفرق بين المؤمن والكافر، حتى لو تم تعميد الكل على اسم يسوع؟
          وهل من يعتمد على اسم يسوع يُسمَّى يهوديًا أو يونانيًا؟
          وإذا لم يكن هناك فرق بين اليهودى واليونانى الكافر، وكلهم واحد فى المسيح، فلماذا نزل المسيح بدعوة وكتاب؟
          وهل يكفى الإيمان بموت يسوع وقيامته ليكون الفرد مؤمنًا؟ أين تعاليم هذا الإله فى الميراث، والقتل العمدى، والقتل الخطأ، وأحكام الصيام وكيفيته، وأحكام الصلاة وكيفيتها، والبيع والشراء، والحكم، ومجامعة الزوجة، والإنفصال عنها والاعتداء على الأطفال وغيرها من الأحكام؟ لا يوجد.
          والأغرب من ذلك أن كاتب هذه الجملة المقدسة، لم يتكلم عن شىء اسمه المسيحيين، بل تكلم على اليهود، الذين كان منهم يسوع نفسه!! فكيف ولماذا تكوَّن دين جديد لا يقوم على نفس الأسس التى آمن بها يسوع وتلاميذه، وهى الناموس وأحكامه، والتى خالفها بولس، واعترض عليه التلاميذ وكفروه، وأمروه بالتوبة، وحكموا عليه وعلى تعاليمه بالكفر، وأرسلوا من يغيرها لمن أضلهم بولس؟
          لقد تمسَّكَ عيسى  بالناموس وبكتب الأنبياء فى كل مواقفه، وتبعه تلاميذه فى ذلك، ولم يكن لهم مكان مخصّص للعبادة غير الهيكل الذى كان يدرِّس فيه كل الأنبياء قبله. بل أنبأ مستمعيه أن يتمسّكوا به ولا يتركوا منه حرفًا واحدًا، فقال: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. 19فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هَكَذَا يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهَذَا يُدْعَى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.) متى 5: 17-19
          وأخبرهم أن موسى  هو الذى سيتبرأ منهم ويشكوهم لله تعالى، لأنهم شعبه الذى جاءهم بالكتاب، فإن كانوا لا يؤمنون بكتب موسى، فكيف سيصدقونه وهو التابع له ولما جاء به؟ أى لو كانوا يصدقون موسى والتوراة، لكانوا صدقوه أيضًا، الأمر الذى يشير إلى أنه لم يأت بجديد غير الذى فى التوراة! وهذا أكبر دليل على أنه كان يتبع تعاليم التوراة المنزلة على موسى عليهما السلام. (45«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي أَشْكُوكُمْ إِلَى الآبِ. يُوجَدُ الَّذِي يَشْكُوكُمْ وَهُوَ مُوسَى الَّذِي عَلَيْهِ رَجَاؤُكُمْ. 46لأَنَّكُمْ لَوْ كُنْتُمْ تُصَدِّقُونَ مُوسَى لَكُنْتُمْ تُصَدِّقُونَنِي لأَنَّهُ هُوَ كَتَبَ عَنِّي. 47فَإِنْ كُنْتُمْ لَسْتُمْ تُصَدِّقُونَ كُتُبَ ذَاكَ فَكَيْفَ تُصَدِّقُونَ كلاَمِي؟».) يوحنا 5: 45-47
          بل جاء مؤيدًا كتب الأنبياء والناموس وقد طبَّقَ ذلك فى تعاليمه ، فكان يذكر تأييد كلامه من أقوال الناموس والأنبياء، فقال: (13لأَنَّ جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ وَالنَّامُوسَ إِلَى يُوحَنَّا تَنَبَّأُوا.) متى 11: 13
          وقال: (12فَكُلُّ مَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهِمْ لأَنَّ هَذَا هُوَ النَّامُوسُ وَالأَنْبِيَاءُ.) متى 7: 12
          وقد سأله أحد أتباع الناموس الغيورين عليه ليجربه قائلا: (36«يَا مُعَلِّمُ أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ؟» 37فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. 38هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى. 39وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. 40بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ».) متى 22: 36-40
          بل هاجم الكتبة والفريسيين دفاعًا عن الناموس ، فقال: (23وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُعَشِّرُونَ النَّعْنَعَ وَالشِّبِثَّ وَالْكَمُّونَ وَتَرَكْتُمْ أَثْقَلَ النَّامُوسِ: الْحَقَّ وَالرَّحْمَةَ وَالإِيمَانَ.) متى 23: 23
          وتمسَّكَ هو نفسه بتعاليم موسى، فقال لمن شفاه بإذن الله: (3فَمَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَلَمَسَهُ قَائِلًا: «أُرِيدُ فَاطْهُرْ». وَلِلْوَقْتِ طَهُرَ بَرَصُهُ. 4فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ:«انْظُرْ أَنْ لاَ تَقُولَ لأَحَدٍ. بَلِ اذْهَبْ أَرِ نَفْسَكَ لِلْكَاهِنِ وَقَدَّمِ الْقُرْبَانَ الَّذِي أَمَرَ بِهِ مُوسَى شَهَادَةً لَهُمْ») متى 8: 3-4 ، راجع أيضًا مرقس 1: 40-44
          وأيَّد يعقوب تعاليمه فقال: (10لأَنَّ مَنْ حَفِظَ كُلَّ النَّامُوسِ، وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِمًا فِي الْكُلِّ. 11لأَنَّ الَّذِي قَالَ: «لاَ تَزْنِ» قَالَ أَيْضًا: «لاَ تَقْتُلْ». فَإِنْ لَمْ تَزْنِ وَلَكِنْ قَتَلْتَ، فَقَدْ صِرْتَ مُتَعَدِّيًا النَّامُوسَ.) يعقوب 2: 10-11
          وأكَّد كاتب الرسالة إلى العبرانيين الناموس فقال: (28مَنْ خَالَفَ نَامُوسَ مُوسَى فَعَلَى شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يَمُوتُ بِدُونِ رَأْفَةٍ.) عبرانيين 10: 28
          وقال سفر الأمثال: («لِيَضْبِطْ قَلْبُكَ كَلاَمِي. احْفَظْ وَصَايَايَ فَتَحْيَا. 5اِقْتَنِ الْحِكْمَةَ. اقْتَنِ الْفَهْمَ. لاَ تَنْسَ وَلاَ تُعْرِضْ عَنْ كَلِمَاتِ فَمِي.) أمثال 4: 4-5
          وقال: (2لأَنِّي أُعْطِيكُمْ تَعْلِيمًا صَالِحًا فَلاَ تَتْرُكُوا شَرِيعَتِي.) أمثال 4: 2
          وقال: (20يَا ابْنِي أَصْغِ إِلَى كَلاَمِي. أَمِلْ أُذْنَكَ إِلَى أَقْوَالِي. 21لاَ تَبْرَحْ عَنْ عَيْنَيْكَ. احْفَظْهَا فِي وَسَطِ قَلْبِكَ. 22لأَنَّهَا هِيَ حَيَاةٌ لِلَّذِينَ يَجِدُونَهَا وَدَوَاءٌ لِكُلِّ الْجَسَدِ.) الأمثال 4: 20-22
          وقال (30اَللهُ طَرِيقُهُ كَامِلٌ. قَوْلُ الرَّبِّ نَقِيٌّ. تُرْسٌ هُوَ لِجَمِيعِ الْمُحْتَمِينَ بِهِ. 31لأَنَّهُ مَنْ هُوَ إِلَهٌ غَيْرُ الرَّبِّ! وَمَنْ هُوَ صَخْرَةٌ سِوَى إِلَهِنَا!) مزمور 18: 30-31
          وقال: (7نَامُوسُ الرَّبِّ كَامِلٌ يَرُدُّ النَّفْسَ. شَهَادَاتُ الرَّبِّ صَادِقَةٌ تُصَيِّرُ الْجَاهِلَ حَكِيمًا. 8وَصَايَا الرَّبِّ مُسْتَقِيمَةٌ تُفَرِّحُ الْقَلْبَ. أَمْرُ الرَّبِّ طَاهِرٌ يُنِيرُ الْعَيْنَيْنِ. 9خَوْفُ الرَّبِّ نَقِيٌّ ثَابِتٌ إِلَى الأَبَدِ. أَحْكَامُ الرَّبِّ حَقٌّ عَادِلَةٌ كُلُّهَا. 10أَشْهَى مِنَ الذَّهَبِ وَالإِبْرِيزِ الْكَثِيرِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَقَطْرِ الشِّهَادِ.) مزمور 19: 7-10
          وقال الرب إن وصيته تلزم أتباعه إلى ألف جيل: (9فَاعْلَمُوا أَنَّ الرَّبَّ إِلَهَكُمْ هُوَ اللهُ ، الإِلَهُ الأَمِينُ الْوَفِيُّ بِالْعَهْدِ وَالإِحْسَانِ لِمُحِبِّيهِ وَحَافِظِي وَصَايَاهُ إِلَى أَلْفِ جِيلٍ.) تثنية 7: 9، فهل تغيير الناموس فيه وفاء بعهد الله؟
          ولعن الرب من يعرض عن هذا الناموس وكلامه: (... هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: مَلْعُونٌ الإِنْسَانُ الَّذِي لاَ يَسْمَعُ كَلاَمَ هَذَا الْعَهْدِ 4الَّذِي أَمَرْتُ بِهِ آبَاءَكُمْ يَوْمَ أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ ...) إرمياء 11: 3-4
          ولعنه أيضًا فقال: (26مَلعُونٌ مَنْ لا يُقِيمُ كَلِمَاتِ هَذَا النَّامُوسِ لِيَعْمَل بِهَا. وَيَقُولُ جَمِيعُ الشَّعْبِ: آمِينَ».) تثنية 27: 26
          وأعلن الرب غضبه على من يعرض عن شريعته التى أنزلها على موسى، واتبعها كل الأنبياء، فقال: (12بَلْ جَعَلُوا قَلْبَهُمْ مَاسًا لِئَلاَّ يَسْمَعُوا الشَّرِيعَةَ وَالْكَلاَمَ الَّذِي أَرْسَلَهُ رَبُّ الْجُنُودِ بِرُوحِهِ عَنْ يَدِ الأَنْبِيَاءِ الأَوَّلِينَ. فَجَاءَ غَضَبٌ عَظِيمٌ مِنْ عِنْدِ رَبِّ الْجُنُودِ.) زكريا 7: 12
          وجاء بولس فخالف تعاليم الناموس، وعلم الناس أن يرتدوا عنه، وأن لا يختنوا أولادهم، وتبعوا العهد الذى أقامه الله تعالى مع إبراهيم ونسله، وجعل الختان هذه العلامة، فحاربها بولس وقام بإلغائها، لتكونوا واحدًا مع الشيطان، وأدرك التلاميذ هذا فحاكموا بولس، وأدانوه: (وَقَالُوا لَهُ: «أَنْتَ تَرَى أَيُّهَا الأَخُ كَمْ يُوجَدُ رَبْوَةً مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُمْ جَمِيعًا غَيُورُونَ لِلنَّامُوسِ. 21وَقَدْ أُخْبِرُوا عَنْكَ أَنَّكَ تُعَلِّمُ جَمِيعَ الْيَهُودِ الَّذِينَ بَيْنَ الْأُمَمِ الاِرْتِدَادَ عَنْ مُوسَى قَائِلًا أَنْ لاَ يَخْتِنُوا أَوْلاَدَهُمْ وَلاَ يَسْلُكُوا حَسَبَ الْعَوَائِدِ. .. .. .. 23فَافْعَلْ هَذَا الَّذِي نَقُولُ لَكَ: عِنْدَنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ عَلَيْهِمْ نَذْرٌ. 24خُذْ هَؤُلاَءِ وَتَطهَّرْ مَعَهُمْ وَأَنْفِقْ عَلَيْهِمْ لِيَحْلِقُوا رُؤُوسَهُمْ فَيَعْلَمَ الْجَمِيعُ أَنْ لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا أُخْبِرُوا عَنْكَ بَلْ تَسْلُكُ أَنْتَ أَيْضًا حَافِظًا لِلنَّامُوسِ. 25وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْأُمَمِ فَأَرْسَلْنَا نَحْنُ إِلَيْهِمْ وَحَكَمْنَا أَنْ لاَ يَحْفَظُوا شَيْئًا مِثْلَ ذَلِكَ سِوَى أَنْ يُحَافِظُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِمَّا ذُبِحَ لِلأَصْنَامِ وَمِنَ الدَّمِ وَالْمَخْنُوقِ وَالزِّنَا». 26حِينَئِذٍ أَخَذَ بُولُسُ الرِّجَالَ فِي الْغَدِ وَتَطَهَّرَ مَعَهُمْ وَدَخَلَ الْهَيْكَلَ مُخْبِرًا بِكَمَالِ أَيَّامِ التَّطْهِيرِ إِلَى أَنْ يُقَرَّبَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْقُرْبَانُ.) أعمال الرسل 21: 17-26
          وادعى فيما بعد أن هذه التعاليم التى جاء بها هى من إعلان يسوع نفسه، فلماذا لم يوافقه التلاميذ عليها، وحاكموه وأدانوه وكذبوه؟ (11وَأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الإِنْجِيلَ الَّذِي بَشَّرْتُ بِهِ، أَنَّهُ لَيْسَ بِحَسَبِ إِنْسَانٍ. 12لأَنِّي لَمْ أَقْبَلْهُ مِنْ عِنْدِ إِنْسَانٍ وَلاَ عُلِّمْتُهُ. بَلْ بِإِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.) غلاطية 1: 11-12
          وقام بإلغاء الختان الذى هو العهد الأبدى بين الرب ونسل إبراهيم: (9وَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيمَ: «وَأَمَّا أَنْتَ فَتَحْفَظُ عَهْدِي أَنْتَ وَنَسْلُكَ مِنْ بَعْدِكَ فِي أَجْيَالِهِمْ. 10هَذَا هُوَ عَهْدِي الَّذِي تَحْفَظُونَهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَبَيْنَ نَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ: يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ 11فَتُخْتَنُونَ فِي لَحْمِ غُرْلَتِكُمْ فَيَكُونُ عَلاَمَةَ عَهْدٍ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ. 12اِبْنَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ فِي أَجْيَالِكُمْ: وَلِيدُ الْبَيْتِ وَالْمُبْتَاعُ بِفِضَّةٍ مِنْ كُلِّ ابْنِ غَرِيبٍ لَيْسَ مِنْ نَسْلِكَ. 13يُخْتَنُ خِتَانًا وَلِيدُ بَيْتِكَ وَالْمُبْتَاعُ بِفِضَّتِكَ فَيَكُونُ عَهْدِي فِي لَحْمِكُمْ عَهْدًا أَبَدِيًّا. 14وَأَمَّا الذَّكَرُ الأَغْلَفُ الَّذِي لاَ يُخْتَنُ فِي لَحْمِ غُرْلَتِهِ فَتُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ شَعْبِهَا. إِنَّهُ قَدْ نَكَثَ عَهْدِي».) تكوين 17: 9-14
          واتخذ من تعاليمه الضالة نبراسًا ليخرجكم من عهد الله مع أنبيائه، ويحولكم إلى عبيد ليسوع، بدلا من أن تكونوا أنتم ويسوع عبيدًا لله.
          فها هو يسوع يمجِّد الله ربه، ويقول إنه لا يمكن أن يكون رسول أى هو نفسه أعظم من مرسله أى ربه، ولا عبد أى هو نفسه، أعظم من سيده أى الله: يوحنا 13: 13 و16-17 (13أَنْتُمْ تَدْعُونَنِي مُعَلِّمًا وَسَيِّدًا، وَقَدْ صَدَقْتُمْ، فَأَنَا كَذَلِكَ. 16الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ، وَلاَ رَسُولٌ أَعْظَمَ مِنْ مُرْسِلِهِ. 17إِنْ عَلِمْتُمْ هَذَا فَطُوبَاكُمْ إِنْ عَمِلْتُمُوهُ)
          ولو ظننتم أنه كان يعظم نفسه ويرفعها لمصاف الآب، فقد أسأتم الفهم، لأن هذا يُخالف قوله: يوحنا 8: 54 (54أَجَابَ يَسُوعُ: «إِنْ كُنْتُ أُمَجِّدُ نَفْسِي فَلَيْسَ مَجْدِي شَيْئًا. أَبِي هُوَ الَّذِي يُمَجِّدُنِي الَّذِي تَقُولُونَ أَنْتُمْ إِنَّهُ إِلَهُكُمْ)
          وها هو يقولها صراحة: (... لأَنَّ أَبِي أَعْظَمُ مِنِّي.) يوحنا 14: 28
          لوقا 18: 18-19 (18وَسَأَلَهُ رَئِيسٌ:«أَيُّهَا الْمُعَلِّمُ الصَّالِحُ مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟» 19فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ.)
          ونفى أنه إله أو حتى يقدر أن يفعل شيئًا من تلقاء نفسه، فهو عبد يسعى إلى تحقيق مشيئة سيده الذى أرسله: (30أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئًا. كَمَا أَسْمَعُ أَدِينُ وَدَيْنُونَتِي عَادِلَةٌ لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.) يوحنا 5: 30
          (29وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ».) يوحنا 8: 29
          وكان يعمل على مرضاة الرب فى كل حين: (...... لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ».) يوحنا 8: 29
          (49لأَنِّي لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنْ نَفْسِي لَكِنَّ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ أَعْطَانِي وَصِيَّةً: مَاذَا أَقُولُ وَبِمَاذَا أَتَكَلَّمُ. 50وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ وَصِيَّتَهُ هِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ. فَمَا أَتَكَلَّمُ أَنَا بِهِ فَكَمَا قَالَ لِي الآبُ هَكَذَا أَتَكَلَّمُ».) يوحنا 12: 49-50
          واعترفت الجموع فى حياته أنه ليس أكثر من عبد لله أرسله إلى بنى إسرائيل خاصةً، أى إنه أحد أنبياء بنى إسرائيل: متى 21: 10-11 (10وَلَمَّا دَخَلَ أُورُشَلِيمَ ارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا قَائِلَةً: «مَنْ هَذَا؟» 11فَقَالَتِ الْجُمُوعُ: «هَذَا يَسُوعُ النَّبِيُّ الَّذِي مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ».)
          يوحنا 7: 40 (40فَكَثِيرُونَ مِنَ الْجَمْعِ لَمَّا سَمِعُوا هَذَا الْكلاَمَ قَالُوا: «هَذَا بِالْحَقِيقَةِ هُوَ النَّبِيُّ».)، والنبى ما هو إلا عبد لله أرسله ربه لأمة ما!
          لوقا 7: 15-16 (15فَجَلَسَ الْمَيْتُ وَابْتَدَأَ يَتَكَلَّمُ فَدَفَعَهُ إِلَى أُمِّهِ. 16فَأَخَذَ الْجَمِيعَ خَوْفٌ وَمَجَّدُوا اللهَ قَائِلِينَ: «قَدْ قَامَ فِينَا نَبِيٌّ عَظِيمٌ وَافْتَقَدَ اللهُ شَعْبَهُ».)
          بل عرفوه نبيًا مقتدرًا فى القول والعمل: فها هو بطرس يقول فى أعمال الرسل 2: 22 (22«أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ اسْمَعُوا هَذِهِ الأَقْوَالَ: يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ بِقُوَّاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا اللهُ بِيَدِهِ فِي وَسَطِكُمْ كَمَا أَنْتُمْ أَيْضًا تَعْلَمُونَ.)
          وها هما اثنان آخران من تلاميذه يقولان بعد موته المزعوم أنه كان نبيًا مقتدرًا فى القول والفعل والعمل: لوقا 24: 17-20 (... 17فَقَالَ لَهُمَا: «مَا هَذَا الْكَلاَمُ الَّذِي تَتَطَارَحَانِ بِهِ وَأَنْتُمَا مَاشِيَانِ عَابِسَيْنِ؟» 18فَأَجَابَ أَحَدُهُمَا الَّذِي اسْمُهُ كَِلْيُوبَاسُ: «هَلْ أَنْتَ مُتَغَرِّبٌ وَحْدَكَ فِي أُورُشَلِيمَ وَلَمْ تَعْلَمِ الأُمُورَ الَّتِي حَدَثَتْ فِيهَا فِي هَذِهِ الأَيَّامِ؟» 19فَقَالَ لَهُمَا: «وَمَا هِيَ؟» فَقَالاَ: «الْمُخْتَصَّةُ بِيَسُوعَ النَّاصِرِيِّ الَّذِي كَانَ إِنْسَانًا نَبِيًّا مُقْتَدِرًا فِي الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ أَمَامَ اللهِ وَجَمِيعِ الشَّعْبِ. 20كَيْفَ أَسْلَمَهُ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَحُكَّامُنَا لِقَضَاءِ الْمَوْتِ وَصَلَبُوهُ.)
          وهاهم التلاميذ يقرون أن يسوع عبد لله: أعمال الرسل 3: 13 (13إِنَّ إِلهَ إِبراهيمَ وإِسحقَ ويَعْقوب، إِلهَ آبائِنا، قد مَجَّدَ عَبدَه يسوع الَّذي أَسلَمتُموه أَنتمُ وأَنكَرتُموه أَمامَ بيلاطُس،وكانَ قد عَزَمَ على تَخلِيَةِ سَبيلِه)الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
          أعمال الرسل 3: 26 (26فمِن أَجلِكم أَوَّلًا أَقامَ اللهُ عَبدَه وأرسَله لِيُبارِكَكم، فيَتوبَ كُلَّ مِنكُم عن سَيِّئاتِه)).) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
          أعمال الرسل4: 27 (27تحالَفَ حَقًّا في هذهِ المَدينةِ هِيرودُس وبُنْطيوس بيلاطُس والوَثَنِيُّونَ وشُعوبُ إِسرائيلَ على عَبدِكَ القُدُّوسِ يسوعَ الَّذي مَسَحتَه) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
          أعمال الرسل 4: 30 (30باسِطًا يدَكَ لِيَجرِيَ الشِّفاءُ والآياتُ والأَعاجيبُ بِاسمِ عَبدِكَ القُدُّوسِ يَسوع)).) الترجمة الكاثوليكية اليسوعية
          يوحنا 12: 44 (44فَنَادَى يَسُوعُ: «الَّذِي يُؤْمِنُ بِي لَيْسَ يُؤْمِنُ بِي بَلْ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي.)
          وفى النهاية سيخضع يسوع عبد الله ورسوله لله خالقه مثل باقى البشر: (28وَمَتَى أُخْضِعَ لَهُ الْكُلُّ فَحِينَئِذٍ الِابْنُ نَفْسُهُ أَيْضًا سَيَخْضَعُ لِلَّذِي أَخْضَعَ لَهُ الْكُلَّ كَيْ يَكُونَ اللهُ الْكُلَّ فِي الْكُلِّ.) كورنثوس الأولى 15: 28
          وإن كنت مازلت غير مُصدِّق لما فعله بولس فى الناموس، فاقرأ كتاباته: (10لأَنَّ جَمِيعَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَعْمَالِ النَّامُوسِ هُمْ تَحْتَ لَعْنَةٍ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ لاَ يَثْبُتُ فِي جَمِيعِ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ النَّامُوسِ لِيَعْمَلَ بِهِ». 11وَلَكِنْ أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَتَبَرَّرُ بِالنَّامُوسِ عِنْدَ اللهِ فَظَاهِرٌ، لأَنَّ «الْبَارَّ بِالإِيمَانِ يَحْيَا». 12وَلَكِنَّ النَّامُوسَ لَيْسَ مِنَ الإِيمَانِ، بَلِ «الإِنْسَانُ الَّذِي يَفْعَلُهَا سَيَحْيَا بِهَا». 13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ». 14لِتَصِيرَ بَرَكَةُ إِبْرَاهِيمَ لِلأُمَمِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، لِنَنَالَ بِالإِيمَانِ مَوْعِدَ الرُّوحِ، .. .. .. 19فَلِمَاذَا النَّامُوسُ؟ .. .. .. لأَنَّهُ لَوْ أُعْطِيَ نَامُوسٌ قَادِرٌ أَنْ يُحْيِيَ، لَكَانَ بِالْحَقِيقَةِ الْبِرُّ بِالنَّامُوسِ.) غلاطية 3: 10-21
          (18فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِبْطَالُ الْوَصِيَّةِ السَّابِقَةِ مِنْ أَجْلِ ضُعْفِهَا وَعَدَمِ نَفْعِهَا، 19إِذِ النَّامُوسُ لَمْ يُكَمِّلْ شَيْئًا.) عبرانيين 7: 18-19
          (13فَإِذْ قَالَ«جَدِيدًا» عَتَّقَ الأَوَّلَ.وَأَمَّا مَا عَتَقَ وَشَاخَ فَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الاِضْمِحْلاَلِ) عبرانيين 8: 13
          (7فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الأَوَّلُ بِلاَ عَيْبٍ لَمَا طُلِبَ مَوْضِعٌ لِثَانٍ.) عبرانيين 8: 7
          (16إِذْ نَعْلَمُ أَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَتَبَرَّرُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ، بَلْ بِإِيمَانِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، آمَنَّا نَحْنُ أَيْضًا بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، لِنَتَبَرَّرَ بِإِيمَانِ يَسُوعَ لاَ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ. لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ لاَ يَتَبَرَّرُ جَسَدٌ مَا.) غلاطية 2: 16
          (5وَأَمَّا الَّذِي لاَ يَعْمَلُ وَلَكِنْ يُؤْمِنُ بِالَّذِي يُبَرِّرُ الْفَاجِرَ فَإِيمَانُهُ يُحْسَبُ لَهُ بِرًّا.) رومية 4: 5
          (4قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ. 5فَإِنَّنَا بِالرُّوحِ مِنَ الإِيمَانِ نَتَوَقَّعُ رَجَاءَ بِرٍّ. 6لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئًا وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ.) غلاطية 5: 4-6
          (20لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ كُلُّ ذِي جَسَدٍ لاَ يَتَبَرَّرُ أَمَامَهُ. لأَنَّ بِالنَّامُوسِ مَعْرِفَةَ الْخَطِيَّةِ. 21وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ ظَهَرَ بِرُّ اللهِ بِدُونِ النَّامُوسِ مَشْهُودًا لَهُ مِنَ النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءِ.) رومية 3: 20-21
          (27فَأَيْنَ الافْتِخَارُ؟ قَدِ انْتَفَى! بِأَيِّ نَامُوسٍ؟ أَبِنَامُوسِ الأَعْمَالِ؟ كَلاَّ! بَلْ بِنَامُوسِ الإِيمَانِ. 28إِذًا نَحْسِبُ أَنَّ الإِنْسَانَ يَتَبَرَّرُ بِالإِيمَانِ بِدُونِ أَعْمَالِ النَّامُوسِ.) رومية 3: 27-28
          (20وَأَمَّا النَّامُوسُ فَدَخَلَ لِكَيْ تَكْثُرَ الْخَطِيَّةُ.) رومية 5: 20
          (21لَسْتُ أُبْطِلُ نِعْمَةَ اللهِ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِالنَّامُوسِ بِرٌّ، فَالْمَسِيحُ إِذًا مَاتَ بِلاَ سَبَبٍ.) غلاطية 2: 21
          (56أَمَّا شَوْكَةُ الْمَوْتِ فَهِيَ الْخَطِيَّةُ وَقُوَّةُ الْخَطِيَّةِ هِيَ النَّامُوسُ) كورنثوس الأولى 15: 56
          (5لأَنَّهُ لَمَّا كُنَّا فِي الْجَسَدِ كَانَتْ أَهْوَاءُ الْخَطَايَا الَّتِي بِالنَّامُوسِ تَعْمَلُ فِي أَعْضَائِنَا لِكَيْ نُثْمِرَ لِلْمَوْتِ.) رومية 7: 5
          (9لأَنَّكَ إِنِ اعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِالرَّبِّ يَسُوعَ وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ أَنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ خَلَصْتَ.) رومية 10: 9
          ولن أنسى أن أذكرك أن بولس الذى نسبت إليه كل هذه الرسائل لم يكتب إلا بضعة أسطر للكنائس التى أرسل إليها، كما قال أوريجانوس. وعلى ذلك فكل هذه الرسائل مشكوك فى أمرها وفى كاتبها وفى عقيدته وفى بولس نفسه لو صدق وكان هو كاتبها؟!!
          قال يوسابيوس القيصرى عن بولس ورسائله الأربعة عشر ناقلًا عن أوريجانوس: (أما ذاك الذى جعل كفئًا لأن يكون خادم عهد جديد، لا الحرف بل الروح، أى بولس، الذى أكمل التبشير بالإنجيل من أورشليم وما حولها إلى الليريكون، فإنه لم يكتب إلى كل الكنائس التى علمها، ولم يرسل سوى أسطر قليلة لتلك التى كتب إليها.) (يوسابيوس 6: 25)
          وأكد نفس الكلام المؤرخ يوسى بيس فى الباب الخامس والعشرين من الكتاب السادس من تاريخه: (قال أُريجن فى المجلد الخامس من شرح إنجيل يوحنا: إن بولس ما كتب شيئًا إلى جميع الكنائس ، والذى كتبه إلى بعضها فسطران أو أربعة سطور). ومعنى ذلك أنَّ أُريجن يؤكد أن هذه الرسائل المنسوبة لبولس ما كتبها بولس، ولكن كتبها آخر ونسبها إليه. (إظهار الحق ج1 ص164)
          فجملة غلاطية 3: 28 إذًا حجة على المسيحيين إذ تكفرهم، وتقول إنهم آمنوا على غير الأسس التى آمن عليها يسوع وتلاميذه، بل أتوا بدين جديد، لم يعرفه يسوع ولا تلاميذه. فحتى لو كانت تساوى بين كل من ذكرت فى المسيح، فليس هذا بدليل على المساواة، لأن أساطين المسيحية لم يفهموا ذلك عن المرأة بل أهانوها بكل أنواع الإهانات، وحقروها بكل ما يمكن أن يُحقَّر به إنسان. وعلى ذلك لم تكن المرأة والرجل واحدًا فى المسيح. ويمكنك أن تفهم نفس الكلام على المخالفين لهم فى العقيدة، حتى لو سموا أنفسهم مسيحيين وتعمدوا على اسم يسوع، وأصبحوا معه جسدًا واحدًا!
          أما قول الكاتب واستشهاده أيضًا من الرسالتين المنسوبتين إلى بولس، فلا يقم لهما قائمة، حيث لا يعرف من كتبهم على وجه اليقين. فلم يكتب بولس إلا بضعة أسطر للكنائس التى أرسل إليها.
          أما قوله الآخر الذى أشار إليه فى أفسس، فتقول الترجمة العربية المشتركة: (أيُّها الرِّجالُ، أحِبُّوا نِساءَكُم مِثلَما أحَبَّ المَسيحُ الكنيسَةَ وضَحَّى بِنَفسِهِ مِنْ أجلِها، ليُقَدِّسَها ويُطَهِّرَها بِماءِ الاغتِسالِ وبِالكَلِمةِ، حتّى يَزُفَّها إلى نَفسِهِ كنيسَةً مَجيدَةً لا عَيبَ فيها ولا تَجَعُّدَ ولا ما أشبَهَ ذلِكَ، بَلْ مُقَدَّسَةً لا عَيبَ فيها. كذلِكَ يَجبُ على الرِّجالِ أنْ يُحِبُّوا نِساءَهُم مِثلَما يُحبُّونَ أجسادَهُم. مَنْ أحَبَّ امرأتَهُ أحَبَّ نَفسَهُ. فما مِنْ أحدٍ يُبغِضُ جَسَدَهُ، بَلْ يُغذِّيهِ ويَعتَني بِه اعتِناءَ المَسيحِ بالكنيسَة.) أفسس 5: 25-29
          وقوله من كورنثوس، فتقول الترجمة العربية المشتركة: (ففي الرَّبُّ لا تكون المرأةُ مِنْ دونِ الرَّجُلِ، ولا الرَّجُلُ مِنْ دون المرأةِ.) كورنثوس الأولى 11: 11
          فللأسف لا يعرف آباء الكنيسة هذه النصوص، ولم يحب أحدهم امرأته كنفسه، بل نجد منهم من فرض على نفسه عدم التزوج، ليبعد عن الدناسة، أى المرأة والشهوة الجنسية إليها. وها هى بعض أقوال أساطين من قامت عليهم المسيحية، لتتأكد أنهم لم يعرفوا هذه النصوص التى ترفع المرأة فى أعين زوجها، أو لم يصدقوها أو يعملوا بها. فالمرأة عندهم هى حليفة الشيطان، التى ساعدته على إخراج البشر من الجنة إلى الشقاء:
          فقد قال (فيليب ربّابورت) (Philip Rappaport): (ربّما، لم تكن هناك حقبة في تاريخ البشر، كانت فيها مكانة المرأة أكثر سفولًا وانحطاطًا منها في بداية النصرانيّة. وبحسب مقولات آباء الكنيسة؛ كانت المرأة كائنًا نجسًا، وهي المغوية التي جلبت الخطيئة إلى العالم، والتي من الحسن والمقدس الابتعاد عنها)!
          Philip Rappaport, Looking Forward: A Treatise on the Status of Woman and the Origin and Growth of the Family and the State, p.48
          وقال القمص (مرقس عزيز) مصوّرًا احتقار الرومان للمرأة، في الصفحة (6) من كتابه (المرأة فى اليهودية والمسيحية والإسلام): (احتقرت المرأة إلى درجة أن وضع على فمها الأقفال، أقفال حقيقيّة سمّوها (Musellere) وهي أشبه بالكمّامة التي توضع الآن على أفواه الجمال والكلاب المسعورة، وأغلقت دونها الجامعات وحرّم عليها الضحك والكلام!!))
          ولم يفعل الرومان غير الذى فعله الرب معها، إذ أرسل ملاكه إليها وصب عليه الرصاص ليكمَّم فمها: (وَكَانَتِ امْرَأَةٌ جَالِسَةٌ فِي وَسَطِ الإِيفَةِ. 8فَقَالَ: [هَذِهِ هِيَ الشَّرُّ]. فَطَرَحَهَا إِلَى وَسَطِ الإِيفَةِ وَطَرَحَ ثِقْلَ الرَّصَاصِ عَلَى فَمِهَا.) زكريا 5: 8
          ويقول الأستاذ سامى العامرى مُعلقًا على قول القمص مرقس عزيز: (إذا كان الرومان قد كمّموا المرأة من أعلى .. فقد كمّمها النصارى في القرون الوسطى من أسفل(!!) باستعمال ((حزام العفّة)) ((chastity belt)) الذي يقفل فتحتي الفرج والشرج إلا بما يسمح بالتغوّط والتبوّل, وكأنّ المرأة كيان (ليبيديّ) لا يخمد حتى يرتوي بالحرام ..!!)
          وقال يسوع للمرأة التى تطلب شفاء إبنتها: (... «دَعِي الْبَنِينَ أَوَّلًا يَشْبَعُونَ لأَنَّهُ لَيْسَ حَسَنًا أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَبِ».) مرقس 7: 27
          وبناءً على قول يسوع للمرأة إنها من الكلاب، قال الفيلسوف نتشه: (إن المرأة إذا ارتقت أصبحت بقرة ـ وقلب المرأة عنده مكمن الشر، وهى لغز يصعب حله، ويُنصَحُ الرجل بألا ينسى السوط إذا ذهب إلى النساء).
          وبرَّأ يسوع/يهوه الرجل وألصق تهمة الخطيئة الأبدية إلى المرأة: (14وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ لَكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي، 15وَلَكِنَّهَا سَتَخْلُصُ بِوِلاَدَةِ الأَوْلاَدِ، إِنْ ثَبَتْنَ فِي الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْقَدَاسَةِ مَعَ التَّعَقُّلِ.) تيموثاوس الأولى 2: 14-15
          وقال بولس: (بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ.) رومية 5: 12
          وقال توماس الإكوينى: (المرأة أرذل من العبد بدليل أن عبودية العبد ليست فطرية بينما المرأة مأمورة فطريًا من قبل الأب والابن والزوج)
          أعلن البابا (اينوسنسيوس الثامن) فى براءة (1484) أن الكائن البشرى والمرأة يبدوان نقيضين عنيدين"
          وقال القديس أودو الكانى فى القرن الثانى عشر: (إن معانقة امرأة تعنى معانقة كيس من الزبالة).
          وقال القديس ترتوليان: (إن المرأة مدخل الشيطان إلى نفس الإنسان، ناقضة لنواميس الله، مشوهة للرجل).
          وكان أوغسطين قديس الكنيسة وأعظم لاهوتييها يُعلّم أنّ المرأة قد خلقت أضعف من الرجل من ناحيتي العقل والروح؛ وهو أمر ثابت في الدنيا والآخرة (!!)؛ حتى إنّ الرجل في جنّة عدن هو الذي يحكم ويُعلّم!! .. فانظر إلى سلبها العقل الواعي في الحياة الدنيا والآخرة!!
          راجع Barbara J. MacHaffie, Her Story: Women in Christian Tradition, p. 23
          يختلف وضع المرأة فى المسيحية دينًا وتاريخًا بل وعقيدة عما هو وضعها عليه فى الإسلام. فالتاريخ يخبرنا أنهم اعتبروا المرأة حيوانًا، يجب أن يُضرب ويُسجن، وأنها ليس بها الروح المنجية من نار جهنم ، بل ضنوا عليها بقراءة الكتاب الذى تقدسه، ومنعوها من السكن بجوار الكنيسة، لأنها امرأة، أى مخلوق يُجسِّد النجاسة كمًّا وكيفًا.
          الأمر الذى دفع إيريك بروك Erick Brock إلى الاعتراف أن المرأة تشبَّه فى بعض الأمور الدينية بالمخلوقات المشوهة، والصُّم، الحمقى، والعبيد. بل نزعوا عنها أهم ما يميزها وهى الأنوثة ، فوصموها أنها من المخنثين.
          والأمر الذى دفع جيروم إلى القول: «بما أن المرأة خُلِقَت للولادة والأطفال، فهى تختلف عن الرجل، كما يختلف الجسد عن الروح. ولكن عندما ترغب المرأة فى خدمة المسيح أكثر من العالم، فعندئذ سوف تكف عن أن تكون امرأة، وستسمى رجلًا» (تعليق جيروم على رسالة بولس إلى أهل أفسس)
          اقرأ ما قاله القديس Anselm von Canterbury: «لا يوجد ما يُشين أكثر من المرأة، فالشيطان لا يغوى إنسانًا إلا عن طريق المرأة».
          بل قال توماس الإكوينى (1225-1274): «على المرأة أن تتصرف تجاه الرجل مثل العيب والنقص تجاه الكمال».
          بل حرَّم المجمع الكنسى الذى أقيم فى القرن الرابع فى الفيرا Elvira على المرأة أن تكتب خطابات أو تستقبلها باسمها الشخصى.
          بل أمر البابا جريجورى السابع (1073-1080) فى مايلاند بذبح القساوسة المتزوجين أثناء القداس واغتصاب نسائهم على المذابح!!
          ويقول توماس الإكوينى: «إن الجنين المذكر يصبح إنسانًا بعد 40 يومًا أما الجنين المؤنث فبعد 80 يومًا، لأن الأنثى تنشأ من بذور معيبة أو هواء رطب».
          ويقول إنجيل توما إن «النساء غير جديرات بالحياة».
          وقال البابا بيوس الثانى (1458-1464): «إذا رأيت امرأة فلا تظن أنك ترى إنسانًا، فإنك ترى الشيطان بعينه! فطبيعتها شيطانية جهنمية.»
          وقال ترتليان: «إن المرأة هى بوابة الدخول إلى الجحيم»!
          وقال جيروم: (اهربوا من النساء، فهن بوابة الشيطان، وطريق الغواية. إذا اقترب منهن رجل ما احترق).
          وقال يوحنا فمى الذهب، وهو أحد آباء الكنيسة الأقدمين: «إن النساء خلقن فى الأساس لتخليص الرجل من هياجه الجنسى»!!
          وقال ترتليان: إن الزواج يقوم على نفس أسس العهارة. لذلك فمن الأفضل للمرء ألا يلمس الرجل امرأة!!
          وقد أسس ترتليان فكره هذا على قول بولس: (1وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الأُمُورِ الَّتِي كَتَبْتُمْ لِي عَنْهَا فَحَسَنٌ لِلرَّجُلِ أَنْ لاَ يَمَسَّ امْرَأَةً. .. .. .. 27أَنْتَ مُرْتَبِطٌ بِامْرَأَةٍ فَلاَ تَطْلُبْ الِانْفِصَالَ. أَنْتَ مُنْفَصِلٌ عَنِ امْرَأَةٍ فَلاَ تَطْلُبِ امْرَأَةً. 28لَكِنَّكَ وَإِنْ تَزَوَّجْتَ لَمْ تُخْطِئْ. وَإِنْ تَزَوَّجَتِ الْعَذْرَاءُ لَمْ تُخْطِئْ. وَلَكِنَّ مِثْلَ هَؤُلاَءِ يَكُونُ لَهُمْ ضِيقٌ فِي الْجَسَدِ. وَأَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُشْفِقُ عَلَيْكُمْ.) كورنثوس الأولى 7: 1 و27-28
          وقال توماس الإكوينى: «إن المرأة هى خطأ الطبيعة .. .. فهى نموذج لرجل مشوَّه، ضال، فاشل، وإن تحقيق الكمال البشرى يتمثل فى الرجل».
          وقد بنى توماس الإكوينى قوله هذا على قول الكتاب: (7فَإِنَّ الرَّجُلَ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُغَطِّيَ رَأْسَهُ لِكَوْنِهِ صُورَةَ اللهِ وَمَجْدَهُ. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَهِيَ مَجْدُ الرَّجُلِ. 8لأَنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ مِنَ الْمَرْأَةِ بَلِ الْمَرْأَةُ مِنَ الرَّجُلِ. 9وَلأَنَّ الرَّجُلَ لَمْ يُخْلَقْ مِنْ أَجْلِ الْمَرْأَةِ بَلِ الْمَرْأَةُ مِنْ أَجْلِ الرَّجُلِ.) كورنثوس الأولى 11: 7-9
          لذلك ليس لها أن تفتح فاها فى الجماعة (التى تترجم بالكنيسة): (34لِتَصْمُتْ نِسَاؤُكُمْ فِي الْكَنَائِسِ لأَنَّهُ لَيْسَ مَأْذُونًا لَهُنَّ أَنْ يَتَكَلَّمْنَ بَلْ يَخْضَعْنَ كَمَا يَقُولُ النَّامُوسُ أَيْضًا. 35وَلَكِنْ إِنْ كُنَّ يُرِدْنَ أَنْ يَتَعَلَّمْنَ شَيْئًا فَلْيَسْأَلْنَ رِجَالَهُنَّ فِي الْبَيْتِ لأَنَّهُ قَبِيحٌ بِالنِّسَاءِ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي كَنِيسَةٍ) كورنثوس الأولى 14: 34-35
          لذلك قال جيروم: «إذا لم تخضع المرأة لزوجها، الذى هو رأسها، فهى تستحق نفس عقوبة الرجل الذى لا يخضع للمسيح». وهذا يعنى أن الرجل إله المرأة على الأرض، وعدم طاعتها له تتساوى مع الكفر. وجريمتها القتل!
          كما يعنى التعبير الذى يقضى بأن يكون الرجل هو رأس المرأة أن على المرأة أن لا تفكر أو تبتكر أو حتى تعمل عقلها، حيث قرر الآباء أن المرأة منعدمة العقل. وعلى زوجها أن يفكر لها، لذلك منع بولس أن تسأل المرأة فى الكنيسة، وعليها أن تسأل زوجها: (34لِتَصْمُتْ نِسَاؤُكُمْ فِي الْكَنَائِسِ لأَنَّهُ لَيْسَ مَأْذُونًا لَهُنَّ أَنْ يَتَكَلَّمْنَ بَلْ يَخْضَعْنَ كَمَا يَقُولُ النَّامُوسُ أَيْضًا. 35وَلَكِنْ إِنْ كُنَّ يُرِدْنَ أَنْ يَتَعَلَّمْنَ شَيْئًا فَلْيَسْأَلْنَ رِجَالَهُنَّ فِي الْبَيْتِ لأَنَّهُ قَبِيحٌ بِالنِّسَاءِ أَنْ تَتَكَلَّمَ فِي كَنِيسَةٍ) كورنثوس الأولى 14: 34-35
          لذلك قال الأب اليسوعى ساراسا Sarasa: «إن الجنس الأنثوى يحتل مرتبة أقل بكثير من الجنس الذكرى، وإن العقل الأنثوى أخف وأضعف من عقل الرجل.»
          وهذا مبنى على كلام الكتاب الذى يأمر المرأة أن تعتبر زوجها إلهًا على الأرض: (16وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ. بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ».) تكوين 3: 16
          (22أَيُّهَا النِّسَاءُ اخْضَعْنَ لِرِجَالِكُنَّ كَمَا لِلرَّبِّ، 23لأَنَّ الرَّجُلَ هُوَ رَأْسُ الْمَرْأَةِ كَمَا أَنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا رَأْسُ الْكَنِيسَةِ، وَهُوَ مُخَلِّصُ الْجَسَدِ. 24وَلَكِنْ كَمَا تَخْضَعُ الْكَنِيسَةُ لِلْمَسِيحِ، كَذَلِكَ النِّسَاءُ لِرِجَالِهِنَّ فِي كُلِّ شَيْءٍ.) أفسس 5: 22-24
          (18أَيَّتُهَا النِّسَاءُ، اخْضَعْنَ لِرِجَالِكُنَّ كَمَا يَلِيقُ فِي الرَّبِّ.) كولوسى 3: 18
          (3وَلَكِنْ أُرِيدُ أَنْ تَعْلَمُوا أَنَّ رَأْسَ كُلِّ رَجُلٍ هُوَ الْمَسِيحُ. وَأَمَّا رَأْسُ الْمَرْأَةِ فَهُوَ الرَّجُلُ. وَرَأْسُ الْمَسِيحِ هُوَ اللهُ.) كورنثوس الأولى 11: 3
          (7فَإِنَّ الرَّجُلَ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُغَطِّيَ رَأْسَهُ لِكَوْنِهِ صُورَةَ اللهِ وَمَجْدَهُ. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَهِيَ مَجْدُ الرَّجُلِ. 8لأَنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ مِنَ الْمَرْأَةِ بَلِ الْمَرْأَةُ مِنَ الرَّجُلِ. 9وَلأَنَّ الرَّجُلَ لَمْ يُخْلَقْ مِنْ أَجْلِ الْمَرْأَةِ بَلِ الْمَرْأَةُ مِنْ أَجْلِ الرَّجُلِ.) كورنثوس الأولى 11: 7-9
          وقال مارتن لوثر: «إن التفاهة والكفر من طبيعة المرأة التى ورثتها عن أمنا حواء.» فهل تعتقد أن صاحب هذا الرأى سيولى المرأة مكانة فى المجتمع؟ وهل صاحب هذه النظرة للمرأة سينصف المرأة فى عمل ما تقوم به؟ وهل مصدق هذا الكلام سيحترم أمه أو معلمته أو أخته أو زوجته؟ وكيف تتخيل حياة تقوم على احتقار الشريك لشريكة الحياة؟ كيف تتخيل تربية أُمٍّ يحتقرها الأب والأخ والزوج والابن؟ وكيف تتخيل تربية مُدرِّسة وتعليمها لأطفال أو أشبال درجوا على احتقار المرأة وتربوا عليها فى البيت، وعلموا أن هذا من تعاليم الرب، ومن مبادىء الكتاب الذى يقدسونه؟ وكيف سيبر هؤلاء أمهاتهم؟ هل من الممكن أن يبر إنسان شخصًا ما يحتقره ويعتبره السبب الأول فى شقائه، وأنه حليف الشيطان الأكبر ضد الرب وضد البشرية كلها؟ إن كل هذه الآراء لأناس لم يفهموا تعاليم الكتاب، ولم يتبعوا أنبياءهم، وللأسف يجدوا من يتبعهم، لأن عقيدة القوم هى ما حذر منها الله تعالى، فهم وجدوا آباءهم على أمة وهم على آثارهم مقتدون: {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ} (23) سورة الزخرف
          {بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ} (22) سورة الزخرف
          {قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ} (53) سورة الأنبياء
          {قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} (74) سورة الشعراء
          {قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاء فِي الأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ} (78) سورة يونس
          {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ} (170) سورة البقرة
          {وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} (28) سورة الأعراف
          {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} (21) سورة لقمان
          وقال كابوكراتيس الذى يُعد من مؤسسى الدير وأحد المسيحيين الأول: «إن الطبيعة تنادى بأن النساء خلقن لمتعة البشر». وهذا هو دور المرأة فقط فى الحياة كما يراه مؤسسو المسيحية قبل ظهور الإسلام. فهل آمنت عزيزى الكاتب أن ما ترمى به الإسلام، هو ما تؤمن أنت به، ويخجلك أنه موجود فى عقيدتك، وتخشى أن تكتشفه السيدات المسيحيات العاقلات، خريجى الجامعات، دارسى اللغات الأجنبية، التى بها سيتوصلن إلى حقيقة هذه المعلومات؟
          وقال القديس هيرونيموس (جيروم): «اهربوا من النساء، فهن مدخل الشيطان، وطريق الإثم. وإذا ما اقتربن من الرجل احترق.»
          وقرر مجمع توليدو Toledo المنعقد عام 589 «أنه يجب معاقبة القساوسة الذين يأوون النساء اللاتى يثرن شبهة حولهن، أما بالنسبة للنساء أنفسهن فعلى الأسقف أن يدفع بهن إلى سوق النخاسة ليبَعن كما يباع العبيد.»
          وقرر كليمندس السكندرى وذلك قبل عام 215 أنه «على النساء أن يخجلن من طبيعتهن.»
          وقال يوحنا فم الذهب ( John Chrysostom (349-407م)) إن «الجنس الأنثوى هو جنس ضعيف تافه، ولا يجد الخلاص إلا عن طريق الإنجاب».
          لكن كيف تخلص المرأة العاقر؟ وكيف تخلص المرأة المصابة بمرض يمنعها من الإنجاب؟ وكيف تخلص المرأة التى يكون زوجها هو العاقر؟ وكيف تخلص المرأة التى لم تتزوج أو التى مات زوجها قبل أن يُرزقا بذرية؟ وكيف تخلص الراهبات؟ فويل لكن أيتها العاقرات!! وويل لك أيتها السيدة التى لم تتزوج!! وويل لك أيتها السيدة التى مات عنها زوجها أو طلقت ولم تتزوج!! وويل لك أيتها الراهبة!! إنكن لن تخلصن إلا باللإنجاب، لأنه هكذا قال يهوه/يسوع: (16وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ. بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَدًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ».) التكوين : 3: 16
          بل قرر قانون الكنيسة فى القرن العشرين وبالتحديد عام 1917: «أنه لا يُسمح للأنثى أن تكون وزيرة، ويُباح لها ذلك فقط عند عدم وجود رجل يشغل هذا المنصب أو مع وجود سبب يبرر ذلك. ولا يُسمح للمرأة بأى حال من الأحوال أن تقترب من المذبح وعليها أن تُجيب [عمَّا يوجه إليها] فقط عن بُعد.»
          ولكن لماذا اتخذ القانون الكنسى هذه الإجراءات المُحقِّرة للمرأة فى هذا الزمن؟ ألم يتعمل من الإسلام؟ لا. ألم يقرأ القرآن؟ لا. ألم ير كيف عامل الرسول  النساء أو تكلم عنهن أو أمر بشأنهن؟ لا. فإن الإسلام فى نظرهم كفر! وكل ما يؤدى إلى رفعة المرأة كفر! فهى حقيرة نجسة، ولا يُسمح لها بالإقتراب من المذبح!
          وقرر البابا بولس السادس عام 1980 أن «مهام مساعدى القسيس محرمة على الأنثى.»
          فكيف تكون المرأة وزيرة أو تقرب من المذبح المقدس وهى عين النجاسة؟ ألم تقرأ ما قاله القديس Anselm von Canterbury: «لا يوجد ما يُشين أكثر من المرأة، فالشيطان لا يغوى إنسانًا إلا عن طريق المرأة»؟
          ألم تقرأ ما قاله توماس الإكوينى (1225-1274): «على المرأة أن تتصرف تجاه الرجل مثل العيب والنقص تجاه الكمال»؟
          ألم تعلم أن"الأنثى تنشأ من بذور معيبة أو هواء رطب"كما قال توماس الإكوينى؟
          ألم يضن إنجيل توما على المرأة بالحياة فقال:إن «النساء غير جديرات بالحياة»؟
          ألم يظن البابا بيوس الثانى (1458-1464) رأس الكنيسة الكاثوليكية أن المرأة شيطان صفة وتكوينًا، وأن ما يراه الإنسان من الجنس الأنثوى، ما هو إلا الشيطان بعينه؟: «إذا رأيت امرأة فلا تظن أنك ترى إنسانًا، فإنك ترى الشيطان بعينه! فطبيعتها شيطانية جهنمية.»
          وهى نفس وجهة نظر كل آباء الكنيسة تقريبًا، فها هو ترتليان يقول: «إن المرأة هى بوابة الدخول إلى الجحيم»!
          ويقول جيروم: (اهربوا من النساء، فهن بوابة الشيطان، وطريث الغواية. إذا اقترب منهن رجل ما احترق).
          ويقول يوحنا فم الذهب إن للمرأة دور واحد وأساسى فى الحياة، وهو: «إن النساء خلقن فى الأساس لتخليص الرجل من هياجه الجنسى»!!
          وكيف تصبح المرأة وزيرة وهى أقل من الجنس الذكرى، وأخف منه عقلا، وأضعف منه فكرًا وذكاءً؟ يقول الأب اليسوعى ساراسا Sarasa: «إن الجنس الأنثوى يحتل مرتبة أقل بكثير من الجنس الذكرى، وإن العقل الأنثوى أخف وأضعف من عقل الرجل.»
          وكيف تكون وزيرة أو حتى تقرب من المذبح المقدس بينما هى أنموذج لرجل مشوَّه، وهى أكبر خطأ للطبيعة، أى أخطأ الرب فى خلقها؟ لذلك قال توماس الإكوينى: «إن المرأة هى خطأ الطبيعة .. .. فهى نموذج لرجل مشوَّه، ضال، فاشل، وإن تحقيق الكمال البشرى يتمثل فى الرجل».
          كيف تقترب من المذبح وهى عين التفاهة ومصدر الكفر فى الحياة؟ يقول مارتن لوثر: «إن التفاهة والكفر من طبيعة المرأة التى ورثتها عن أمنا حواء.»
          وقال القديس أودو Odo (878-942): «إن النظر إلى النساء يتسبب فى القىء. وبما أن المرء يستنكف أن يمس الخراء أو البلغم بطرف اصبعه، فما الذى يدفعنا إذًا إلى التزاحم على لمس إناء القاذورات نفسه؟»
          ما هذا الذى نقرأه من رجل حمل لقب قديس وكان يعظ بين الناس!! تخيل رد الفعل الذى ينتاب الرجل أو الشاب تجاه أمه أو أخته أو ابنته أو زوجته من تأثير هذا القول الذى يُنسب لرجل ملىء بالروح القدس!!
          لم أقرأ أقذر من هذه التعبيرات فى حق المرأة. هل تعرف عزيزى الكاتب أننا لو سلمنا بكل المغالطات التى ادعيتها للإسلام، وسوء فهمك لبعض الأحاديث، وتحاملك على تأويل البعض الآخر، لكانت المرأة المسلمة أيضًا تاجًا على رؤوس سيدات اليهود والنصارى بجانب هذه الأقوال!! ارجع إلى هذين المواقع للمزيد!
          http://www.humanist.de/zitate/sexu.html
          http://www.politikforum.de/forum/arc...004/07/2/67710
          إن قول القديس أودو قد بُنى على نفس موقف بولس فى الكتاب ، فهو يفضل ألا يمس الرجل المرأة: (1وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الأُمُورِ الَّتِي كَتَبْتُمْ لِي عَنْهَا فَحَسَنٌ لِلرَّجُلِ أَنْ لاَ يَمَسَّ امْرَأَةً. .. .. .. 25وَأَمَّا الْعَذَارَى فَلَيْسَ عِنْدِي أَمْرٌ مِنَ الرَّبِّ فِيهِنَّ وَلَكِنَّنِي أُعْطِي رَأْيًا كَمَنْ رَحِمَهُ الرَّبُّ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا. 26فَأَظُنُّ أَنَّ هَذَا حَسَنٌ لِسَبَبِ الضِّيقِ الْحَاضِرِ. أَنَّهُ حَسَنٌ لِلإِنْسَانِ أَنْ يَكُونَ هَكَذَا: 27أَنْتَ مُرْتَبِطٌ بِامْرَأَةٍ فَلاَ تَطْلُبْ الِانْفِصَالَ. أَنْتَ مُنْفَصِلٌ عَنِ امْرَأَةٍ فَلاَ تَطْلُبِ امْرَأَةً. 28لَكِنَّكَ وَإِنْ تَزَوَّجْتَ لَمْ تُخْطِئْ. وَإِنْ تَزَوَّجَتِ الْعَذْرَاءُ لَمْ تُخْطِئْ. وَلَكِنَّ مِثْلَ هَؤُلاَءِ يَكُونُ لَهُمْ ضِيقٌ فِي الْجَسَدِ. وَأَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُشْفِقُ عَلَيْكُمْ.) كورنثوس الأولى 7: 1 و25-28
          فهل تعتبر أن المسيحية بهذا القول كانت تُمجِّد المرأة؟
          ومع كل أقوال علماء اللاهوت والكتاب نفسه تجد أحد علماء اللاهوت الكاثوليك برنهارد هيرنج Bernhard Hنring يقول: لا توجد ديانة أو مذهب دينى رفع من شأن المرأة وقدرها مثل الديانة المسيحية!!
          إن قوله مثير للسخرية! تُرى ماذا يقول عنه البشر رجال ونساء بعد أن قرأوا آراء القديسين من رجال الكنيسة؟ لا أعرف لماذا أتذكر الآن قول يسوع: (26لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟) متى 16: 26
          (لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَأَهْلَكَ نَفْسَهُ أَوْ خَسِرَهَا؟)لوقا 9: 25 ألم يخسر برنهارد هيرنج نفسه بهذا الكذب؟ ألم يهلك نفسه، ويلعنه من صدقه اليوم واكتشف الحقيقة؟ وماذا عنك أنت اليوم عزيزى القارىء؟
          وهل يُعقَل أن الذى أمر بكره الأم والإبنة والأخت لتكون تلميذًا له قد أكرم المرأة؟ فماذا كان سيقول الشيطان إذن فى هذا الموقف غير ذلك؟ (25وَكَانَ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ سَائِرِينَ مَعَهُ فَالْتَفَتَ وَقَالَ لَهُمْ: 26«إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضًا فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا.) لوقا 14: 25-26
          وهل تريد أن تقول أن الذى يأمر بقتل النساء والأطفال الرضع كان رحيمًا على المرأة التى كانت السبب الأوحد فيما تسمونه الخطيئة الأزلية؟ (3فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلًا وَامْرَأَةً، طِفْلًا وَرَضِيعًا، بَقَرًا وَغَنَمًا، جَمَلًا وَحِمَارًا») صموئيل الأول 15: 3
          وهل تعتقد أن الرب الذى أمر بإخراج الشعب من رجال ونساء وأطفال وقتلهم بالمناشير والنوارج الحديد والفؤوس كان رحيمًا بهذا العمل على المرأة؟ (3وَأَخْرَجَ الشَّعْبَ الَّذِينَ بِهَا وَنَشَرَهُمْ بِمَنَاشِيرَِ وَنَوَارِجِ حَدِيدٍ وَفُؤُوسٍ. وَهَكَذَا صَنَعَ دَاوُدُ لِكُلِّ مُدُنِ بَنِي عَمُّونَ. ثُمَّ رَجَعَ دَاوُدُ وَكُلُّ الشَّعْبِ إِلَى أُورُشَلِيمَ)أخبار الأيام الأول 20: 3
          وهل تؤمن أن الرب الذى أمر بالإمساك بالأطفال وضرب الصخر بهم كان أو سيكون رحيمًا على المرأة؟ (8يَا بِنْتَ بَابِلَ الْمُخْرَبَةَ طُوبَى لِمَنْ يُجَازِيكِ جَزَاءَكِ الَّذِي جَازَيْتِنَا! 9طُوبَى لِمَنْ يُمْسِكُ أَطْفَالَكِ وَيَضْرِبُ بِهِمُ الصَّخْرَةَ!) مزامير 137: 8-9
          وهل يصدق عقل أن الرب الذى أمر بتحطيم الأطفال وشق بطون الحوامل سيكون رحيمًا على المرأة؟ (16تُجَازَى السَّامِرَةُ لأَنَّهَا قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَى إِلَهِهَا. بِـالسَّيْفِ يَسْقُطُونَ. تُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ وَالْحَوَامِلُ تُشَقُّ) هوشع 13: 16

          تعليق


          • #80
            الملف 57
            وهل أمر الرب الصريح بعدم الشفقة والقتل للهلاك والإبادة للشيوخ والشباب والأطفال والنساء كافة سيكون رحيمًا عليهن؟ ([اعْبُرُوا فِي الْمَدِينَةِ وَرَاءَهُ وَاضْرِبُوا. لاَ تُشْفِقْ أَعْيُنُكُمْ وَلاَ تَعْفُوا. 6اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ. اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ. …) حزقيال 9: 5-6
            اقرأ كيف يُكدر الرب فرحة المرأة يوم عرسها: (10«إِذَا خَرَجْتَ لِمُحَارَبَةِ أَعْدَائِكَ وَدَفَعَهُمُ الرَّبُّ إِلهُكَ إِلى يَدِكَ وَسَبَيْتَ مِنْهُمْ سَبْيًا 11وَرَأَيْتَ فِي السَّبْيِ امْرَأَةً جَمِيلةَ الصُّورَةِ وَالتَصَقْتَ بِهَا وَاتَّخَذْتَهَا لكَ زَوْجَةً 12فَحِينَ تُدْخِلُهَا إِلى بَيْتِكَ تَحْلِقُ رَأْسَهَا وَتُقَلِّمُ أَظْفَارَهَا 13وَتَنْزِعُ ثِيَابَ سَبْيِهَا عَنْهَا وَتَقْعُدُ فِي بَيْتِكَ وَتَبْكِي أَبَاهَا وَأُمَّهَا شَهْرًا مِنَ الزَّمَانِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَدْخُلُ عَليْهَا وَتَتَزَوَّجُ بِهَا فَتَكُونُ لكَ زَوْجَةً. 14وَإِنْ لمْ تُسَرَّ بِهَا فَأَطْلِقْهَا لِنَفْسِهَا. لا تَبِعْهَا بَيْعًا بِفِضَّةٍ وَلا تَسْتَرِقَّهَا مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ قَدْ أَذْللتَهَا.) تثنية 21: 10-14
            اقرأ كيف يفرض الرب على المرأة أن تتزوج من أخى زوجها المتوفى: (5«إِذَا سَكَنَ إِخْوَةٌ مَعًا وَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَليْسَ لهُ ابْنٌ فَلا تَصِرِ امْرَأَةُ المَيِّتِ إِلى خَارِجٍ لِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ. أَخُو زَوْجِهَا يَدْخُلُ عَليْهَا وَيَتَّخِذُهَا لِنَفْسِهِ زَوْجَةً وَيَقُومُ لهَا بِوَاجِبِ أَخِي الزَّوْجِ. 6وَالبِكْرُ الذِي تَلِدُهُ يَقُومُ بِاسْمِ أَخِيهِ المَيِّتِ لِئَلا يُمْحَى اسْمُهُ مِنْ إِسْرَائِيل.) تثنية 25: 5-6
            ألا تشعر المرأة فى كتابك عزيزى الكاتب أنها بزواجها أصبحت مِلكًا لأسرة زوجها، فإن مات ورثوها وزوجوها أخاه؟ فأى كرامة أو حرية أو آدمية تمتعت بها المرأة فى الكتاب الذى تقدسه؟
            اقرأ كيف أعطى الربُّ الأبَّ فى الكتاب الذى تقدسه الحق فى بيع ابنته القاصر: (7وَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ ابْنَتَهُ أَمَةً لاَ تَخْرُجُ كَمَا يَخْرُجُ الْعَبِيدُ.) خروج21: 7
            اقرأ أمر الرب بإحراق ابنة الكاهن الزانية ، ولا يوجد مثيل لهذه العقوبة للكاهن أو النبى أو حتى لابن الكاهن الزانى: (9وَإِذَا تَدَنَّسَتِ ابْنَةُ كَاهِنٍ بِالزِّنَى فَقَدْ دَنَّسَتْ أَبَاهَا. بِالنَّارِ تُحْرَقُ.) لاويين 21: 9
            اقرأ أمر الرب بقطع يد المرأة التى تمسك عورة من يصارع زوجها: ولا توجد مثل هذه العقوبة للرجل الذى يمسك بعورة المتصارعة مع زوجته أو أمه!! (11«إِذَا تَخَاصَمَ رَجُلانِ رَجُلٌ وَأَخُوهُ وَتَقَدَّمَتِ امْرَأَةُ أَحَدِهِمَا لِتُخَلِّصَ رَجُلهَا مِنْ يَدِ ضَارِبِهِ وَمَدَّتْ يَدَهَا وَأَمْسَكَتْ بِعَوْرَتِهِ 12فَاقْطَعْ يَدَهَا وَلا تُشْفِقْ عَيْنُكَ.) تثنية 25: 11-12
            واقرأ أمر الرب الذى يرفض أن تكون المرأة مدرسة أو مُحاضرة أو أستاذة فى الجامعة: (لِتَتَعَلَّمِ الْمَرْأَةُ بِسُكُوتٍ فِي كُلِّ خُضُوعٍ. 12وَلَكِنْ لَسْتُ آذَنُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُعَلِّمَ وَلاَ تَتَسَلَّطَ عَلَى الرَّجُلِ، بَلْ تَكُونُ فِي سُكُوتٍ،13لأَنَّ آدَمَ جُبِلَ أَوَّلًا ثُمَّ حَوَّاءُ،14وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ لَكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي) تيموثاوس الأولى 2: 11-14
            فهل كتبت هذا الكتاب دفاعًا عن المرأة أم زيادة فى تحقيرها؟ فهل أعجبت بما قدمه الكتاب الذى تقدسه وارتضيته للمرأة المسيحية واليهودية وتُنكر على الإسلام قوله بالضرب غير المبرح بالسواك بعد محاولات النصح والإصلاح والهجر؟
            وإذا كنت تعرف كل هذه النصوص التى تُحقِّر المرأة ومازلت تعتقد أن "المرأة فى المسيحية ترتقى سلم المجد" فهى مصيبة، فهذا من الخداع الذى لا يليق برجل دين تجاه من وثقوا فيه واستأمنوه على أنفسهم وذريتهم وارتضوه قاضيًا شرعيًا فى شؤونهم، وإن كنت لا تدرى فالمصيبة أكبر، لأنك تتكلم بل وتكتب فيما لا تعلم.
            لكن لك كل الحق أن تقول إن المرأة المسيحية التى عاشت فى كنف الدولة الإسلامية وارتقت سلم المجد داخل إطار المجتمع الإسلامى عاشت حرة، وارتقت سلم المجد الذى رفعها من كونها ابنة يحق لأبيها بيعها كعبدة أو كالبعير إلى إنسانة كاملة الأهلية مثلها مثل الرجل!!
            قال نيكولاوس فون كليمانجيس Nikolaus von Clemanges (-13671437) (أحد علماء اللاهوت وعميد جامعة باريس سابقًا: (أن تترهبن المرأة اليوم فمعنى هذا أنها أسلمت نفسها للعهارة). وهذا بسبب سوء سمعة الراهبات فى ذلك الوقت.
            وقد سبقه فى مثل هذا القول دومبريديجر جايلر فون قيصربرج Domprediger Geiler von Kayserberg (إن المرأة فى الدير ليست إلا عاهرة).
            وقد شاع المثل الشعبى فى العصور الوسطى القائل: (من لفت رأسها، عرت بطنها، وهذه عادة كل الراهبات).
            لقد كتب أودو الكانى فى القرن الثانى عشر: (إن معانقة امرأة تعنى معانقة كيس من الزبالة).
            (ولقد كتب أسقف فرنسى عاش فى القرن الثانى عشر: أن كل النساء بلا استثناء مومسات ، وهن مثل حواء سبب كل الشرور فى العالم)
            وقال الراهب الانجليزى اسكندر نكهام: (إنه نظرًا لأن المرأة لا تشبع جنسيا، فإنها غالبا ما تصطاد بائسًا حقيرًا لينام معها فى فراشها ليشبع نهمها إذا كان زوجها غير موجود فى لحظة شبقها. ونتيجة لذلك كان على الأزواج أن يربوا أطفالًا ليسوا أولادهم)
            وقال القديس ترتليان: (إن المرأة مدخل الشيطان إلى نفس الإنسان، ناقضة لنواميس الله، مشوهة للرجل).
            ولم يدِّعِ مسلم أن "الكائن البشرى والمرأة يبدوان نقيضين عنيدين" كما أعلن البابا (اينوسنسيوس الثامن) فى براءة (1484)
            ولم يقل مسلم: (إنَّ كل النساء بلا استثناء مومسات، وهنَّ مثل حواء سبب كل الشرور فى العالم) كما قال أسقف فرنسى من القرن الثانى عشر
            ولم ينادِ مسلم أن (الذكر هو الأنموذج أو المعيار، وكل امرأة إنَّما هى رجل معيب) كما قال أرسطو.
            ولم يفكر مسلم: (أنَّه لا توجد امرأة طيبة على وجه الأرض) كما قال الراهب البنديكتى برنار دى موريكس دون مواربة فى أشعاره.
            ولم يشعر مسلم أنَّ المرأة خالية من الروح الناجية، التى تنجيها من نيران جهنم، كما شعرت الكنيسة ورجالها، فعقدوا لها مجمع باكون العالمى فى القرن الخامس الميلادى يبحثون فيه: هل المرأة جثمان بحت أم هى جسد ذو روح يُناط به الخلاص والهلاك؟
            ولم يندد مسلم أن المرأة حيوان نجس، يجب الابتعاد عنه، وأنه لاروح لها ولا خلود، ولاتُلقن مبادئ الدين لأنها لاتقبل عبادتها، ولاتدخل الجنة، والملكوت، ولكن يجب عليها الخدمة والعبادة، وأن يكمم فمها كالبعير، أو كالكلب العقور، لمنعها من الضحك ومن الكلام لأنها أحبولة الشيطان، كما قرر مجمع آخر.
            ثم اقرأ قول الملك الذى أرسله الرب للمرأة: (وَكَانَتِ امْرَأَةٌ جَالِسَةٌ فِي وَسَطِ الإِيفَةِ. 8فَقَالَ: [هَذِهِ هِيَ الشَّرُّ]. فَطَرَحَهَا إِلَى وَسَطِ الإِيفَةِ وَطَرَحَ ثِقْلَ الرَّصَاصِ عَلَى فَمِهَا.) زكريا 5: 8
            ثم اقرأ الشرط الوحيد الذى اشترطه يسوع لتكون له تلميذًا: كره أصحاب الفضل والحب عليك، كره أول من ضحَّى بسعادته وبوقته وبماله من أجلك: فهل يُعقل أن إله (؟) المحبة يأمر بالكره والبغض؟ (25وَكَانَ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ سَائِرِينَ مَعَهُ فَالْتَفَتَ وَقَالَ لَهُمْ: 26«إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضًا فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا.) لوقا 14: 25-26
            (14وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ لَكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي، 15وَلَكِنَّهَا سَتَخْلُصُ بِوِلاَدَةِ الأَوْلاَدِ، إِنْ ثَبَتْنَ فِي الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْقَدَاسَةِ مَعَ التَّعَقُّلِ.) تيموثاوس الأولى 2: 14-15
            لا بد أن تتخلص المرأة فى المسيحية من أنوثتها ليتم خلاصها فى الآخرة:
            يقول اللواء أحمد عبد الوهاب: (على الرغم من أن الكنيسة فى الغرب قد لا تسمح لعذاراها بالقيام بأعمال الرجال ، فقد كان اللاهوتيون واضحين فى أن العذراء البتول قد أصبحت رجلًا شرفيًا. لقد كتب جيروم يقول: "بما أن المرأة خُلِقَت للولادة والأطفال، فهى تختلف عن الرجل، كما يختلف الجسد عن الروح. ولكن عندما ترغب المرأة فى خدمة المسيح أكثر من العالم، فعندئذ سوف تكف عن أن تكون امرأة ، وستسمى رجلًا" (تعليق جيروم على رسالة بولس إلى أهل أفسس)
            وقد قرأنا أيضًا ما قاله القديس امبروزو (أسقف ميلانو فى القرن الرابع) فهو يعتبر أن (الروح نقيض للجسد) وأن (الجسد شر).
            ويطالب امبروزو بالتخلص من الجسد لسمو الروح: (فكر فى الروح بعد أن تكون قد تحررت من الجسد).
            الأمر الذى جعلهم يتخلصون من المرأة، لأنها الجسد الشرير، ومصدر متاعب الحياة وغضب الرب: لذلك "تشكل مجلس اجتماعى فى بريطانيا فى عام 1500 لتعذيب النساء، وابتدع وسائل جديدة لتعذيبهن، وقد أحرق الألاف منهن أحياء، وكانوا يصبون الزيت المغلى على أجسامهن لمجرد التسلية"
            ولذلك: (ظلت النساء طبقًا للقانون الإنجليزى العام ـ حتى منتصف القرن الماضى تقريبًا ـ غير معدودات من "الأشخاص" أو "المواطنين" ، الذين اصطلح القانون على تسميتهم بهذا الاسم، لذلك لم يكن لهن حقوق شخصية، ولا حق فى الأموال التى يكتسبنها، ولا حق فى ملكية شىء حتى الملابس التى كنَّ يلبسنها.)
            ولذلك: (نص القانون المدنى الفرنسى (بعد الثورة الفرنسية) على أن القاصرين هم الصبى والمجنون والمرأة ، حتى عُدِّلَ عام 1938 ، ولا تزال فيه بعض القيود على تصرفات المرأة المتزوجة.) (عودة الحجاب الجزء الثانى ص 46)
            ولذلك: كان شائعًا فى بريطانيا حتى نهاية القرن العاشر قانون يعطى الزوج حق بيع زوجته وإعارتها بل وفى قتلها إذا أصيبت بمرض عضال"
            ولذلك: (إن القانون الإنجليزى عام 1801م وحتى عام 1805 حدد ثمن الزوجة بستة بنسات بشرط أن يتم البيع بموافقة الزوجة)
            لذلك: أعلن البابا (اينوسنسيوس الثامن) فى براءة (1484) أن الكائن البشرى والمرأة يبدوان نقيضين عنيدين "
            لذلك: قال شوبنهاور (المرأة حيوان ، يجب أن يضربه الرجل ويطعمه ويسجنه)
            لذلك قال لوثر: (المرأة كمسمار يُدَقّ فى الحائط)
            لذلك قال أرسطو: (الذكر هو الأنموذج أو المعيار، وكل امرأة إنما هى رجل معيب)
            لذلك قال الفيلسوف نتشه: (إنها ليست أهلًا للصداقة، فما هى إلا هرَّة، وقد تكون عصفورًا، وإذا هى ارتقت أصبحت بقرة ـ وقلب المرأة عنده مكمن الشر، وهى لغز يصعب حله، ويُنصَحُ الرجل بألا ينسى السوط إذا ذهب إلى النساء).
            وقال الفيلسوف نتشه فى موضع آخر: (إن المرأة إذا ارتقت أصبحت بقرة ـ وقلب المرأة عنده مكمن الشر، وهى لغز يصعب حله، ويُنصَحُ الرجل بألا ينسى السوط إذا ذهب إلى النساء).
            فمن وصايا سان بول فانتير – لتلاميذه: «إذا رأيتم امرأة، فلا تحسبوا أنكم ترون كائنا بشريًا، بل ولاكائنًا وحشيًا، وإنما الذى ترونه هو الشيطان بذاته، والذى تسمعونه هو صفير الثعبان»
            ومن اعترافات جان جاك روسو: «المرأة خلقت لكى تخضع للرجل، بل لكى تتحمل ظلمه»
            لذلك قال لوثر: (إذا تعبت النساء، أو حتى ماتت، فكل ذلك لا يهم، دعهن يمتن فى عملية الولادة، فلقد خلقن من أجل ذلك) (تعدد نساء الأنبياء ص 235)
            لذلك قال جيروم ممتهنا المرأة وحقوقها: (إذا امتنعنا عن الاتصال الجنسى فإننا نكرم زوجاتنا، أما إذا لم نمتنع: حسنًا فما هو نقيض التكريم سوى الإهانة)
            طائفة من أقوال آباء الكنيسة وأدبائها:
             أفضِّل الإجتماع بالشيطان على الإجتماع بالمرأة
             المرأة باب جهنم ، وطريق الفساد وإبرة العقرب ، وحليفة الشيطان
             ومن أقوال فلاسفة أوربا ومشاهيرها فى عصر ما بعد النهضة
            (إذا رأيتم امرأة ، فلا تحسبوا أنكم ترون كائنا بشريًا، بل ولاكائنًا وحشيًا، وإنما الذى ترونه هو الشيطان بذاته، والذى تسمعونه هو صفير الثعبان) (من وصايا سان بول فانتير - لتلاميذه)
             (المرأة خلقت لكى تخضع للرجل ، بل لكى تتحمل ظلمه) (أعترافات جان جاك روسو)
            (المرأة حيوان ، يجب أن يضربه الرجل ويطعمه ويسجنه) (شوبنهاور)
             (لايوجد رجل فكر فى المرأة ثم احترمها ، فهو إما أن يحتقرها وإما أنه لم يفكر فيها بصورة جدية) (أوتو فيننجر)
             (الرجل يمكن أن يتصور نفسه بدون المرأة - أما المرأة فإنها لاتتصور نفسها بدون رجل) جوليان بندا
             (المرأة آلة للإبتسام. تمثال حى للغباء) (الأديب الفرنسى - لامنيه)
             (المرأة كائن نسبى) (المؤرخ ميشليه)
             (وكانوا يُعدُّون اختطاف الأطفال لتربيتهم على الرهبنة من القربات. وكانوا يفرون من النساء ولو كانوا أقاربهم لاعتقادهم أن مجرد النظر إلى المرأة مُحبِط للأعمال.)- نقلًا عن معاول الهدم والتدمير فى النصرانية وفى التبشير إبراهيم سليمان الجبهان ص 72-75]
             (يجب على المرأة أن تغطى شعرها لأنها ليست صورة الله) أمبروزو القرن الرابع الميلادى (ديشنر صفحة 379)
            ويقول الكتاب المقدس على لسان موسى أنه بسبب خيانتهن للرب حلَّ الوباء على الجماعة: (وَقَال لهُمْ مُوسَى: «هَل أَبْقَيْتُمْ كُل أُنْثَى حَيَّةً؟ إِنَّ هَؤُلاءِ كُنَّ لِبَنِي إِسْرَائِيل حَسَبَ كَلامِ بَلعَامَ سَبَبَ خِيَانَةٍ لِلرَّبِّ فِي أَمْرِ فَغُورَ فَكَانَ الوَبَأُ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ.) سفر العدد 31 :15-18
            وقال سوستام الذي يعد من كبار أولياء الديانة المسيحية في شأن المرأة: (هي شر لا بد منه، ووسوسة جبلية، وآفة مرغوب فيها وخطر على الأسرة والبيت ومحبوبة فتاكة، ومصيبة مطلية مموهة) مستندا إلى قول الرب الذى أرسل ملاكه ليقول عنها إنها الشر بعينه: (7وَإِذَا بِوَزْنَةِ رَصَاصٍ رُفِعَتْ. وَكَانَتِ امْرَأَةٌ جَالِسَةٌ فِي وَسَطِ الإِيفَةِ.8فَقَالَ: [هَذِهِ هِيَ الشَّرُّ]. فَطَرَحَهَا إِلَى وَسَطِ الإِيفَةِ وَطَرَحَ ثِقْلَ الرَّصَاصِ عَلَى فَمِهَا.) زكريا 5: 7-8
            انظروا لقول الله سبحانه وتعالى فى كتابه المكنون، الذى لا يأتيه الباطل، يعلن للعالم أجمع حرية المرأة وإنسانيتها ويرد لها كرامتها، وأنها للرجل سكنًا ومودةً ورحمة: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم:21
            (وحتى فى أيام يسوع كانت المرأة توضع فى نفس مرتبة الطفل والعبد، بل إنه فى القرن العشرين [أى فى عام 1991] يصلى اليهودى فى المعبد قائلًا: (أشكرك ربى أنك لم تخلقنى كافرًا أو عبدًا أو امرأة)
            ويقول الأستاذ Abduh2000 فى مقاله بمنتدى برسوميات بعنوان: (المرأة في الكتاب المقدس والديانة النصرانية):
            لذا هنا نجد العالم المسيحي المشهور توماس الإكوينى يعتبر المرأة أرذل من العبد بدليل أن عبودية العبد ليست فطرية بينما المرأة مأمورة فطريًا من قبل الأب والابن والزوج
            (انظر Thomas Acquinas : "Summa Theologica" , XXXIX,3).
            وأما المفسر المسيحي المعروف يوحنا فم الذهب ( John Chrysostom (349-407م)) فهو يعتبر المرأة ((خطرًا أسريًا وسيئة مصورة))
            Will Durant: The Story of Civilization ... The Age of Faith New York, 1950, p.325
            ومن نتائج هذه الأفكار عن المرأة أن أغلب النصارى الأوائل لم يبالوا، رغم كونهم متزوجين، بأداء الحقوق الزوجية واعتبروا هذا الأمر غير ضروري بل غير مناسب
            Hans Leitzmann: The Beginnings of the Christian Church (London, 1955 ), p.135
            لذا نجد أنه بعد أن يصبح المسيحي أسقفًا يكون من حسناته أن يعتزل المرأة وألا يقترب من امرأته إن كان متزوجا وقبل أن يصبح أسقفا.
            W.E.H. Leeky: A History of European Morals (London, 1911), vol.2 p.329
            ثم نجد هنا القوانين المضحكة نتيجة لهذه الأمور السابقة ، فمثلا إذا أراد الأسقف أن يلتقى بزوجته لمشورة أسرية وجب عليه أن يفعل ذلك في مكان فسيح وبحضور شهود. وأمر البابا هايلدبراند (Hildebrand) المسيحين ألا يستمعوا إلى الأساقفة المتزوجين ولا يطيعوهم.
            W.E.H. Leeky: A History of European Morals (London, 1911), vol.2 p.332
            وكانت هذه القوانين قيدًا ظالمًا للرجال والأساقفة، فلجأوا إلى الحيل الملتوية لإشباع الرغبات، إلا أن هذه القوانين تركت آثارًا سيئة عميقة على النساء (فاحتقرن أزواجهن وأُكرهن على الخروج ، وظهر عدد كبير - بسبب هذا الفصل بين الرجل وزوجته - من الجرائم والمصائب)
            H.C.Lea: An Historical Sketch of Sacredotal Celibacy, 1884, p.277
            وتعدى بابا آخر - وهو أوربان الثاني (Uraban II) حيث أجاز جميع الحدود في سبيل تنفيذ هذه القوانين غير الفطرية حيث (أجاز للحكام أن يسترقوا نساء أولئك الأساقفة الذين رفضوا أن يتركوا زوجاتهن) H.C.Lea: An Historical Sketch of Sacredotal Celibacy, 1884, p.333
            فكان نتيجة هذا أن ساء وضع المرأة في القرون الوسطى وحتى زمن قريب ، فلم يكن لها قيمة ولا احترام في المجتمعات المسيحية. وكان من حق الزوج القانوني، حتى النصف الأول من القرن التاسع عشر، أن يبيع زوجته كما تباع الحيوانات
            Cady Stanton: History of Women's Suffrage, vol.3, p.290 (quoted in Rationalist Encyclopaedia by J.McCabe, London, 1950, p. 625
            قال معلم الكنيسة توماس الإكوينى: (إن المرأة تتعامل مع الرجل مثل النقص والعيب تجاه الكمال).
            وقال مارتن لوثر: (إذا أبت الزوجة، قبلت الخادمة).
            وقال توماس الإكوينى (1225-1275): (إن القيمة الحقيقية للمرأة تكمن فى إمكانية انجابها للأطفال، والتدبير المنزلى)
            وقال القديس أودو (878-942): (إن مجرد رؤية المرأة يثير الشعور بالغثيان والتقيؤ، وحيث أننا لا نلمس البراز ولا المخاط بإصبعنا، فلماذا نتدافع إذن على لمس إناء القاذورات نفسه [يقصد المرأة نفسها]).
            وقال مجمع تيرناو Tyrnau المنعقد عام 1611، والذى كان يحظى بمباركة البابا: (يهون كل خبث بجانب خبث المرأة ، لذلك فإن كفر الرجل يفضل المرأة الصالحة.) هذا الذى تقرأه كلام قديس مؤمن، وعلى الرغم من ذلك يُفضل الكفر على المرأة! فهل بعد الكفر ذنب؟
            فهل اختلفت نظرة أهل الكتاب المقدس جدًا عن نظرة الهندوس الوثنيين لها؟ إن من شرائع الهندوس أنه: (ليس الصبر المقدر، والريح، والموت، والجحيم، والسم، والأفاعى، والنار، أسوأ من المرأة)
            ومن التعاليم التى تلقاها قسيس شاب كان فى انتظار الزيارة السنوية لأمه من رئيسه: (إن كل النساء خطر).
            وقال مارتن لوثر: (إن أعظم تشريف تحظى به المرأة فى حياتها هو أن الرجل يولد عن طريقها).
            وقال القديس فرانتس العزيزى: (إن من يُخالط المرأة أو يجامعها يُعرض روحه للتلوث، وذلك مثل الشخص الذى يخترق النار ماشيًا على أقدامه، فهو يعرض قدميه للحرق).
            يقول الأسقف الأنجليكانى إدوين بارنس Edwin Barnes أسقف ريتشبُروه Richborough عام 1995: (ليس ممكنا أن تصبح النساء قسيسات)
            وقال البابا يوحنا بولس الثانى عام 1988 مستندًا إلى أقوال بولس: (على النساء أن ينصتن، ويخضعن، فأنا لا أسمح لامرأة ما أن تُعلِّم أو ترتفع عن مكانة الرجل، فقد خلق آدم أولا، ثم خلقت حواء).
            وعن المعاناة والهياج الجنسى الذى يتحرق منها الرهبان تقول جريدة يوم الكاثوليك (Pressemitteilung Deutscher Katholikentag) عام 1968: (لا يحتاج الرهبان إلا رؤية امرأة ما، ثم يبتدأون فى النخير مثل الخنازير).
            وقال أحد أهم معلمى الكنيسة الكاثوليكية وهو الأب أوغسطين (354-430): (إن المرأة مخلوق أدنى من الرجل، لم يخلقها الله على صورته، لذلك فمن الطبيعى أن تقوم على خدمة الرجل).
            يقول أبراهام للقديسة كلارا (1644-1709): (أن تكون امرأة على قدر كبير من النظافة معبدًا مقامًا على بئر مرحاض ... فمن هذا الذى يريد أن يعبد الخراء تقربًا للرب)، إذن فأنتم الذين تحقرون المرأة!
            وقال مارتن لوثر: (لا ضير أن تتعب المرأة أو حتى تموت، دعها تموت، فهى قد خُلقت لذلك). إذن فأنتم الذيم تتخذون المرأة أداة للمتعة، ثم ليحدث لها ما يحدث!
            وقال ألكسندر Alexander von Hales معلم توماس الإكوينى: (إن الترتيب الطبيعى يتأتى من الرب ليسوع، ومن يسوع إلى الرجل، ومنه إلى المرأة. وخلاف ذلك فهى تعاليم شيطانية تسير فى الاتجاه المعاكس، فيذهب إلى المرأة أولا، وذلك لأنها لا تملك إمكانية التمييز إلا قليلا.)
            وعلى الرغم من كل هذا التاريخ يقول عالم اللاهوت الكاثوليكى برنارد هيرينج فى القرن العشرين: (لم تجد المرأة المسيحية من التقدير والاحترام، ما تبحث عنه المرأة فى أى دين أو عقيدة أخرى فى العالم.)
            وقال القديس أنسيلم الكانتربرى Anselm von Canterbury: (لا يمكن أن يكون هناك شىء مشين فى الحياة مثل المرأة، ولا يتمكن الشيطان من إغواء الناس مثل تمكنه عن طريقها).
            ويقول معلم الكنيسة ترتليان: (لا يليق بالمرأة إلا أن ترتدى ملابس الحداد، وعند انتهاء سنوات طفولتها، عليها أن تغطى وجهها الجالب للأخطار، وهى أخطار تؤدى إلى فقدان السعادة الأبدية [أى إلى الحرمان من الجنة والخلود فى النار].)
            ويقول كابكراتس Kapokrates أحد المسيحيين الأول ومؤسس الأديرة: (إن النساء خلقن للمتعة الجماعية).
            وقال مجمع باريس المنعقد عام 846م (لا يحق لامرأة أن تدخل مكان ما يقيم فيه قسيس). أى إن دخول المرأة إلى مكان سكنى القسيس سوف تنجسه!
            لذلك جاء مجمع كوياكاCoyaca الذى عُقد بعده بحوالى 200 سنة، وبالتحديد عام 1050م وقال: (لا يسمح لامرأة ما أن تسكن بجوار الكنيسة).
            وفى عام 407 قال يوحنا فم الذهب الذى يُعد أحد أكبر أربع آباء للكنيسة اللاتينية، الذين تمتعوا بالتقديس، وأحد كتاب المسيحيين الأول الذين تأسست العقيدة المسيحية على كتاباتهم: (إن كل الجنس الأنثوى ضعيف وأهوج، ولن يجدن الخلاص إلا بإنجاب الأطفال).
            وجاء فى كتاب القانون الكنسى عام 1917م: (لا يُسمح للمرأة أن تتولى منصب وزير فى حالة وجود رجل يمكنه القيام بهذا العمل، ولا بد من تبرير منطقى لتوليها هذا المنصب. إلا أنه يحرم عليها الدخول إلى مذبح الكنيسة، وعليها أن تجيب عن بعد فقط، [عمَّا يوجَّه إليها]).
            وقال البابا بولس السادس عام 1980: (لا يُسمح للمرأة أن تقوم بمهام القس).
            وقال كليمنت السكندرى قبل عام 215م: (على المرأة أن تظهر دائمًا الخجل من طبيعتها).
            فهل توجد طهارة أو تطهُّر فى العهد الجديد لديكم؟ وهل يلزم الصلاة لديكم تطهُّر أو وضوء؟ ألا تلاحظ أنه يمكنك أن تذهب إلى الكنيسة وتصلى بعد مجامعة الزوجة وبدون استحمام؟ وإن كان المسيحى يستحم، فهذا من باب النظافة التى تعلمها من المسلمين، أو عادة اكتسبها من المجتمع المسلم، لأنه ليس لها أصول فى كتابك!
            بل تلاحظ أن المسيحى لا يبرَأ من بوله، ولا يغسل عضوه بالماء بعد قضاء حاجته، إلا إذا كانت عادة اكتسبها من معيشته وسط المسلمين!
            عزيزى الكاتب إن فهمك لهذه النصوص يُخالف فهم آباء الكنيسة وتراثكم المشين للبشرية بوجه عام. والدليل على ذلك أنكم تخجلون منه، وتتبرأون، بل وتلصقون كل ما يشين المسيحية واليهودية بالمرأة المسلمة، حتى تُشعروا أتباعكم أنكم أرقى دينًا، وأعظم تراثًا، مخالفين وجه الحقيقة، وباطنها.
            ولو كنت تريد الآن أن تتبرأ من هذا التراث، فاتركه بكل ما فيه من تعاليم وتقليد، وابدأ بداية جديدة تُبنى على احترام المرأة، واعتبارها إنسان مثل الرجل تمامًا، ولكن لكل حقوق، وعلى كل واجبات، وهى بالطبع تختلف باختلاف الجنس نفسه.
            ومما تفخر به البشرية اليوم وأمس وغدًا، أنه على الأقل كان هناك فى العالم من يُكرم المرأة، وهو الإسلام، فأنقذ بذلك جزءًا من البشرية. فارجع إلى كل ما كتبته لك عن المرأة فى الإسلام! هداك الله!
            وهو عين ما قاله الباحث المهندس أحمد نسيم سوسه، الذى كان يهوديًا من يهود العراق وهداه الله للإسلام، فيقول: (يجب‎ ‎ألا يغرب عن البال أن المرأة لم تكن قد حازت ‏حقوقا تتمتع بها إلا بعد ظهور الإسلام،‎ ‎لأن الإسلام هو أول ‏من رفع قدر المرأة وأعطاها حقها في الحياة كحق ‏الرجل).
            ويؤكد المستشرق الفرنسى لويس سيديو على رفع الإسلام للمرأة وكيانها فى ظل الإسلام فيقول: (إن القرآن، وهو دستور المسلمين، رفع شأن المرأة بدلا ‏من خفضه. فجعل حصة البنت في الميراث تعدل نصف حصة أخيها، مع ‏أن البنات كن لا يرثن في زمن الجاهلية. "وهو" وإن جعل الرجال ‏قوامين على النساء، بيَّنَ أن للمرأة حق الرعاية والحماية على زوجها. وأراد ‏ألا تكون الأيامى جزءًا من ميراث رب الأسرة، فأوجب أن يأخذن ما ‏يحتجن إليه مدة سنة، وأن يقيض مهورهن، وأن ينلن نصيبا من أموال المتوفى.)
            وأختتم بقول مارسيل بوازار M.Poizer، وهو مفكر وقانوني فرنسي معاصر. أولى اهتمامًا كبيرًا لمسألة العلاقات الدولية وحقوق الإنسان وكتب عددًا من الأبحاث للمؤتمرات والدوريات المعنية بهاتين المسألتين. يعتبر كتابه (إنسانية الإسلام)، علامة مضيئة في مجال الدراسات الغربية للإسلام، بما تميز به من موضوعية، وعمق، وحرص على اعتماد المراجع التي لا يأسرها التحيز والهوى. فضلا عن الكتابات الإسلامية نفسها:
            (.. كانت المرأة تتمتع بالاحترام والحرية في ظل الخلافة الأموية بأسبانيا، فقد كانت يومئذ تشارك مشاركة تامة في الحياة الاجتماعية والثقافية، وكان الرجل يتودد لـ(السيدة) للفوز بالحظوة لديها ..إن الشعراء المسلمين هم الذين علموا مسيحي أوروبا عبر أسبانيا احترام المرأة...) (إنسانية الإسلام، ص 108)
            ويقول: (إن الإسلام يخاطب الرجال والنساء على السواء ويعاملهم بطريقة (شبه متساوية) وتهدف الشريعة الإسلامية بشكل عام إلى غاية متميزة هي الحماية، ويقدم التشريع للمرأة تعريفات دقيقة عما لها من حقوق ويبدي اهتمامًا شديدًا بضمانها. فالقرآن والسنة يحضان على معاملة المرأة بعدل ورفق وعطف، وقد أدخلا مفهوما أشد خلقية عن الزواج، وسعيا أخيرا إلى رفع وضع المؤمنة بمنحها عددًا من الطموحات القانوني. أمام القانون والملكية الخاصة الشخصية، والإرث) (إنسانية الإسلام، ص 109-110)
            ويقول أيضًا عن تكريم القرآن والسنة المطهرة للمرأة: (لقد خلقت المرأة في نظر القرآن من الجوهر الذي خلق منه الرجل. وهي ليست من ضلعه، بل (نصفه الشقيق) كما يقول الحديث النبوي: "النساء شقائق الرجال" [المطابق كل المطابقة للتعاليم القرآنية التي تنص على أن الله قد خلق من كل شي زوجين.]. ولا يذكر التنزيل أن المرأة دفعت الرجل إلى ارتكاب الخطيئة الأصلية، كما يقول سفر التكوين. وهكذا فإن العقيدة الإسلامية لم تستخدم ألفاظًا للتقليل من احترامها، كما فعل آباء الكنيسة الذين طالما اعتبروها (عميلة الشيطان). بل إن القرآن يضفي آيات الكمال على امرأتين: امرأة فرعون ومريم ابنة عمران أم المسيح، عليه السلام [(وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ.)سورة التحريم11،12]) (إنسانية الإسلام، ص113)
            ويقول: (ليس في التعاليم القرآنية ما يسوغ وضع المرأة الراهن في العالم الإسلامي.والجهل وحده، جهل المسلمة بحقوقها بصورة خاصة، هو الذي يسوغه) (إنسانية الإسلام، ص114)
            ويتفاخر بحماية الإسلام لها فيقول: (أثبتت التعاليم القرآنية وتعاليم محمد  أنها حامية حمى حقوق المرأة التي لا تكل) (إنسانية الإسلام، ص140)
            وإلى هنا نكون قد أثبتنا أن المرأة فى المسيحية واليهودية لم يكن لها أدنى حقوق، بل كانت لا تعتبر من النوع البشرى، لذلك كانت تعامل أشبه بالمجنون أو الطفل، وبالتالى لم يكن لها حقوق. ويكفر الإنسانية فخرًا أن الإسلام لم يُصرح أو يلمح ببيع المرأة كما يُباع العبيد: (7وَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ ابْنَتَهُ أَمَةً لاَ تَخْرُجُ كَمَا يَخْرُجُ الْعَبِيدُ.) خروج21: 7
            وهو ما بُنى عليه القانون الإنجليزى الذى كان يبيح للرجل أن يبيع زوجته حتى عام 1805م. بل (إن القانون الإنجليزى [الذى صدر] عام 1801م وحتى عام 1805 حدد ثمن الزوجة بستة بنسات بشرط أن يتم البيع بموافقة الزوجة).
            ولذلك: (ظلت النساء طبقًا للقانون الإنجليزى العام ـ حتى منتصف القرن الماضى تقريبًا ـ غير معدودات من "الأشخاص" أو "المواطنين" ، الذين اصطلح القانون على تسميتهم بهذا الاسم ، لذلك لم يكن لهن حقوق شخصية ، ولا حق فى الأموال التى يكتسبنها ، ولا حق فى ملكية شىء حتى الملابس التى كنَّ يلبسنها.)
            ولذلك: (نص القانون المدنى الفرنسى (بعد الثورة الفرنسية) على أن القاصرين هم الصبى والمجنون والمرأة، حتى عُدِّلَ عام 1938، ولا تزال فيه بعض القيود على تصرفات المرأة المتزوجة.) (عودة الحجاب الجزء الثانى ص 46)
            لذلك قال جيروم ممتهنا المرأة وحقوقها: (إذا امتنعنا عن الاتصال الجنسى فإننا نكرم زوجاتنا ، أما إذا لم نمتنع: حسنًا فما هو نقيض التكريم سوى الإهانة)
            فهل تؤمن حقًا عزيزى الكاتب أن المسيحية ساوت بين الرجل والمرأة، أنها أكرمت المرأة، أم لا تعرف الفرق بين إهانة المرأة وإكرامها؟
            * * * * *
            الزواج والطلاق فى المسيحية:
            ويواصل الكاتب قوله عن الجنس والزواج، وهو عنوان خاطىء، يجب أن يُعدَّل إلى الزواج والطلاق، ويحذف كلمة الجنس:
            الجنس والزواج
            • الكتاب المقدس صريح في إعلانه أن شريعة الزوجة الواحدة هي مخطط الله للزواج. متى 4:19-6
            • الامتناع عن العلاقات الجنسية بين الرجل وزوجته مسموح به لفترة محدودة بالاتفاق المشترك للزوجين ولغرض التفرغ للصلاة. 1كورنثوس 5:7
            • الطلاق غير مصرح به إلا لعلة الزنا. متى 32:5 و3:19- 5و9
            • كل من طلق إمرأته لغير علة الزنا وتزوج من إمرأة أخرى فإنه يزني.
            متى 19:9
            وأقول له:
            ويدور محور النصوص التى استشهد بها حول عدم وجود طلاق فى المسيحية، ولا يوجد طلاق إلا لعلة الزنى. ولم يقل نصًا يحرم فيه الرب تعدد الزوجات. وفى الشاهد الذى أورده الكاتب على تحريم تعدد الزوجات يقول: (6إِذًا لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. فَالَّذِي جَمَعَهُ اللَّهُ لاَ يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ». 7فَسَأَلُوهُ: «فَلِمَاذَا أَوْصَى مُوسَى أَنْ يُعْطَى كِتَابُ طَلاَقٍ فَتُطَلَّقُ؟» 8قَالَ لَهُمْ: «إِنَّ مُوسَى مِنْ أَجْلِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تُطَلِّقُوا نِسَاءَكُمْ. وَلَكِنْ مِنَ الْبَدْءِ لَمْ يَكُنْ هَكَذَا. 9وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إِلاَّ بِسَبَبِ الزِّنَا وَتَزَوَّجَ بِأُخْرَى يَزْنِي وَالَّذِي يَتَزَوَّجُ بِمُطَلَّقَةٍ يَزْنِي».) متى 19: 6-9
            فأين النص الذى ينهى عن تعدد الزوجات؟ لا يوجد. وكل زوج وزوجاته يمكن اعتبارهم جسدًا واحدًا، أى كيان واحد، وهدف مشترك، وقوة واحدة لمواجهة مصاعب الحياة، والوقوف فى وجه الشيطان، مثال لما قاله يسوع عن المؤمنين بالرب: (... أَيُّهَا الآبُ الْقُدُّوسُ احْفَظْهُمْ فِي اسْمِكَ. الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا نَحْنُ. ... 22وَأَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمُ الْمَجْدَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا أَنَّنَا نَحْنُ وَاحِدٌ. 23أَنَا فِيهِمْ وَأَنْتَ فِيَّ لِيَكُونُوا مُكَمَّلِينَ إِلَى وَاحِدٍ وَلِيَعْلَمَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي وَأَحْبَبْتَهُمْ كَمَا أَحْبَبْتَنِي. ... 25أَيُّهَا الآبُ الْبَارُّ إِنَّ الْعَالَمَ لَمْ يَعْرِفْكَ أَمَّا أَنَا فَعَرَفْتُكَ وَهَؤُلاَءِ عَرَفُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي. 26وَعَرَّفْتُهُمُ اسْمَكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ) يوحنا 17: 11-26
            كورنثوس الأولى 6: 16-17 (أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ مَنِ الْتَصَقَ بِزَانِيَةٍ هُوَ جَسَدٌ وَاحِدٌ لأَنَّهُ يَقُولُ: «يَكُونُ الِاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا». وَأَمَّا مَنِ الْتَصَقَ بِالرَّبِّ فَهُوَ رُوحٌ وَاحِدٌ.) وعبارة الترجمة الكاثوليكية الجديدة: (ولكن من اتحد بالرب صار وإياه روحا واحدا.)
            فعلى فهم الكاتب وغيره من المسيحيين يجب ألا يُفرَّق بين الزانى والزانية، لأنهما أصبحا جسدًا واحدًا! وبلا أدنى شك ليس ما فهموه هو المعنى المقصود.
            وعلى فهم الكاتب والمسيحيين يجب على المسيحى ألا يسجد لرب، بل يجب أن يسجد له الآخرون، لأنه بإيمانه واتحاده بالرب صار إلهًا!
            لقد مُلىء الكتاب المقدس بعدد ضخم جدًا من الأحكام التشريعية للحلال والحرام في أمر المأكل، والملبس، والمركب، والعلاقة بين الجنسين، وذكر الكثير من التفاصيل التي لا طائل من ورائها مثل نوع ملابس الكهنة وكيفية زخرفتها، وعدد أسباط بنى إسرائيل، وموازين ومكاييل، وأدان الكثير من الأفعال التي لا يعتقد نصارى اليوم حرمتها، وذكر أنواع من الجرائم الإنسانية دون أن يدينها مثل الزنى، والقتل الجماعى، والتصفية العرقية .. ومع كلّ ذلك لا نجد نصًا واحدًا صريحًا في إدانة التعدد أو تقرير عقوبة لتعدد الزوجات!
            وأنقل بتصرف رد الأستاذ سامى العامرى فى كتابه (المرأة .. بين إشراقات الإسلام وافتراءات المنصرين) للرد على القمص مرقس عزيز بشأن نقطتى تعدد الزوجات فى المسيحية، والتى انتقدها القمص فى كتابه (المرأة فى اليهودية والمسيحية والإسلام)، حيث يرى أن تعدد الزوجات فى العهد القديم على يد الأنبياء أورده الرب فى إطار النهى، والتنفير مما فعلوه، وعلى ذلك فهو يرى أن النصوص تقول بما لم يوح به صراحة بتحريم تعدد الزوجات.
            أولها: سبَّ القمص (مرقس عزيز) الأنبياء بلسان؛ واصمًا إيّاهم بعدم الفهم والانجرار وراء الشهوة وهدم بنيان الأسرة، وذلك بمقارفتهم لجريمة التعدد! وهذا لا يليق برجل دين ولا بمؤمن، حيث إن سب النبى هو رفض لما جاء به من عند الرب، ورفض ما جاء به النبى هو رفض للرب نفسه: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا) النساء 80
            (..الَّذِي يَقْبَلُ مَنْ أُرْسِلُهُ يَقْبَلُنِي وَالَّذِي يَقْبَلُنِي يَقْبَلُ الَّذِي أَرْسَلَنِي)يوحنا 13: 20
            وإن كل من يقبل كلام نبى الله ويعمل به، فقد انتقل من الموت إلى الحياة الأبدية، والنعيم المقيم: (24«اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ.) يوحنا 5: 24
            ويُدعون أبناء الله، أى الأبرار المؤمنون: (14لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ.) رومية 8: 14، و(... أَوْلاَدَ اللَّهِ أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ.) يوحنا 1: 12
            ويُعد من أبناء الله، أى المؤمنين به: (9كُلُّ مَنْ هُوَ مَوْلُودٌ مِنَ اللهِ لاَ يَفْعَلُ خَطِيَّةً، لأَنَّ زَرْعَهُ يَثْبُتُ فِيهِ، وَلاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُخْطِئَ لأَنَّهُ مَوْلُودٌ مِنَ اللهِ. 10بِهَذَا أَوْلاَدُ اللهِ ظَاهِرُونَ وَأَوْلاَدُ إِبْلِيسَ. كُلُّ مَنْ لاَ يَفْعَلُ الْبِرَّ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ) يوحنا الأولى 3: 7-10
            (47اَلَّذِي مِنَ اللَّهِ يَسْمَعُ كلاَمَ اللَّهِ. لِذَلِكَ أَنْتُمْ لَسْتُمْ تَسْمَعُونَ لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنَ اللَّهِ».) يوحنا 8: 47
            وعلى ذلك فلينظر القمص ومن شابهه فى أى جانب سيكون من جراء رفضه لكلام الرب ورسالته!
            ثانيها: زعم القمّص أنّ الربّ قد أورد قصص هؤلاء الأنبياء في العهد القديم؛ للتحذير من المآل الوبيل للتعدد، لكن لم يورد القمّص ولو نصًا واحدًا عن (الربّ) فيه تصريح بذلك! وللعاقل أن يقول منكرًا في هذا المقام:
            أين تحذير (الربّ) ممّا فعله إبراهيم؟!!
            ولماذا قال عنه إنه بار وإنه أرضى الرب قبل موته، دون أن يذكر توبته؟
            (21أَلَمْ يَتَبَرَّرْ إِبْرَاهِيمُ أَبُونَا بِالأَعْمَالِ، .....) يعقوب 2: 21
            ويحكى لوقا عن وجود إبراهيم فى الجنة (لوقا 16: 19-25)، ومعنى ذلك أنه أرضى الله تعالى. فهل غضب الرب على معددى الزوجات، ليفترض القمص أن هذا عمل شيطانى يغضب الرب، لأنه نهى عنه، ولم يفهم نهيه هذا إلا الكنيسة؟
            ولو كان هذا تشريع جديد يُخالف تشريع العهد القديم فلماذا لا تقرون بالنسخ فى تشريعكم، وتهاجمونه فى الإسلام؟
            وأين تحذير (الربّ) ممّا فعله يعقوب؟!!
            بل لقد تجسد الإله عندكم من نسل يعقوب معدد الزوجات، الذى تزوج ليئة وأختها راحيل وخادمة كل منهما.
            وأين تحذير (الربّ) ممّا فعله موسى؟!!
            ولماذا أقر يسوع باتباعه تعاليم موسى  والأنبياء من بعده، وقد كانوا كلهم معددى الزوجات، كما كان معتادًا بين اليهود أنبياء وتابعين؟ (متى 5: 17-19)
            لماذا يُفْرِطُ (إله) الكتاب المقدس في الحديث الضمني المستكنّ بين السطور ..؟!!
            لماذا يدين هذا (الإله) الطلاق -كما يدّعي القمّص- دون أن يصرّح بهذا الإنكار ..؟! ولماذا ألزمنا من قبل -كما تدّعي الكنيسة- بالإيمان بعقيدة التثليث دون أن يجهر بذلك ..؟! ولماذا يدعونا إلى الإيمان أنّ للابن لاهوتًا وناسوتًا -كما هي دعوى لاهوتيي النصارى- دون أن يكشف لنا بصريح اللفظ هذا الأصل العقدي؟!!
            لماذا تصرّ الكنيسة دائما على أن (تعجن) الكلام، بعد تحويله إلى (صلصال) مرن؛ لتستخرج منه ما تراه من عقائد وأحكام؟!
            لماذا تُخرص الكنيسة يهوه الذى هو يسوع وتتكلم هى باسمه، مدعية أنها الوحيدة التى فهمت مراده فى عهديه القديم والجديد؟
            ثالثها: إذا كان (الربّ) لم يرض فعل هؤلاء الأنبياء؛ فلماذا لم يقرّعهم بنفسه على ذلك؟!! لماذا يكتفي بتقبيح فعلهم في أعين القرّاء - كما يزعم القمّص!-، ولا يوجّه توبيخه مباشرة إليهم على ممارستهم التعدد؟!! لماذا يصرّ القمّص على سلب (الربّ) الحكمة؟!!
            رابعها: إذا كان الربّ مبغضًا بحقٍ لتعدد الزوجات، فكيف يرضى أن يكون (ابنه المدلل)- ((بنو إسرائيل))-كلّهم من نسل رجل كان معدّدًا للزوجات؛ إذ إنّ الكتاب المقدس يخبرنا أنّ ((يعقوب)) قد تزوج أكثر من واحدة.. وقد أنجب من نسائه الأربعة، أبناءه الاثني عشر الذين جاء منهم الأنبياء وعامة الإسرائيليين إلى اليوم.. وهو النسل الذي (تجسد منه يسوع): (الإله المنبثق من إله) كما تقول الكنيسة؟!
            كيف يرضى الربّ، أيها القمّص، أن يكون الأنبياء ونخبة البشر، أبناء خطيئة؟!!
            خامسها: لماذا يتناقض (الربّ) (!!) على مذهب القمّص؛ فيستقبح تعدد الزوجات، لكنّه يرى في نفس الآن أنّ ((يُوآش)) من الصالحين الأبرار، رغم أنّه اتخذ أكثر من زوجة: ((وَصَنَعَ يُوآشُ مَا هُوَ صَالِحٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ كُلَّ أَيَّامِ يَهُويَادَاعَ الْكَاهِنِ. وَاتَّخَذَ يَهُويَادَاعُ لِيُوآشَ امْرَأَتَيْنِ أَنْجَبَتَا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ.)) (أخبار الأيام الثاني 24/2-3)، كما رضي الربّ عن رئيس الكهنة الذي زوّج ((يوآش)): ((وَشَاخَ يَهُويَادَاعُ وَطَعَنَ فِي السِّنِّ، ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ أَنْ بَلَغَ مِنَ الْعُمْرِ مِئَةً وَثَلاَثِينَ سَنَةً، فَدَفَنُوهُ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ فِي مَقَابِرِ الْمُلُوكِ، اعْتِرَافًا بِفَضْلِهِ عَلَى إِسْرَائِيلَ وَمَا بَذَلَهُ مِنْ خَيْرٍ فِي خِدْمَةِ اللهِ وَهَيْكَلِهِ.)) (أخبار الأيام الثاني 24/15-16)؟!!
            أيحبّ (الربّ)، عندك أيّها القمّص، فعل الخبائث والرذائل؟!!!
            سادسها: لماذا يقبّح (الربّ) (!) تعدّد الزوجات، ويراه من جرائم الأنبياء وقبائحهم؛ لكنّه يبارك الزواج الثاني ((لإبراهيم)) من ((هاجر)): ((أَمَّا إِسْمَاعِيلُ، فَقَدِ اسْتَجَبْتُ لِطِلْبَتِكَ مِنْ أَجْلِهِ. سَأُبَارِكُهُ حَقًّا، وَأَجْعَلُهُ مُثْمِرًا، وَأُكَثِّرُ ذُرِّيَّتَهُ جِدًّا فَيَكُونُ أَبًا لاثْنَيْ عَشَرَ رَئِيسًا، وَيُصْبِحُ أُمَّةً كَبِيرَةً.)) (تكوين 17/20)؟!!
            سابعها: كيف يكون (الربّ) مبغضًا لتعدد الزوجات، وكيف تكون قصص الأنبياء المعدّدين؛ للعبرة والاتعاظ من شنيع صنعهم .. رغم أننا نقرأ في الكتاب المقدّس أنّ الربّ نفسه هو من جعل ((داود)) النبيّ يعدّد: ((فَقَالَ نَاثَانُ لِدَاوُدَ: ((أَنْتَ هُوَ الرَّجُلُ! وَهَذَا مَا يَقُولُهُ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: لَقَدِ اخْتَرْتُكَ لِتَكُونَ مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ وَأَنْقَذْتُكَ مِنْ قَبْضَةِ شَاوُلَ، وَوَهَبْتُكَ بَيْتَ سَيِّدِكَ وَزَوْجَاتِهِ، وَوَلَّيْتُكَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا. وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ قَلِيلًا لَوَهَبْتُكَ الْمَزِيدَ.)) (صموئيل الثاني 12/7-8) .. فتأمّل كيف أنّ (الربّ) هو من وهب ((داود)) أكثر من زوجة .. وأنّه قد ذكر ذلك من باب المنّ والإكرام ((لداود)) لا من باب التحقير والتشنيع (كما هو مذهب القمّص!) .. وأنّه لو استصغر ((داود)) ذلك-بحقّ- ؛ لزاده الربّ مزيدًا من الزوجات؟!!
            ثامنها: يعتبر ((داود)) النبيّ من أشهر من عدّد الزوجات في (العهد القديم)، ومع ذلك لم ينكر عليه (الربّ) فعله ذاك؛ بل قال صراحة إنّ (داود) كان رجلًا عظيمًا بارًا إلا في ما فعله مع زوجة (أوريّا): ((لأَنَّ دَاوُدَ صَنَعَ مَا هُوَ صَالِحٌ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَلَمْ يَحِدْ عَنْ كُلِّ مَا أَمَرَهُ بِهِ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ، إِلاَّ مَا جَنَاهُ بِحَقِّ أُورِيَّا الْحِثِّيِّ.)) (ملوك الأوّل 15/5).. فهل نقدّم شهادة القمّص .. أم شهادة (ربّ) (العهد القديم)؟!!
            تاسعها: كيف يقال إنّ (الربّ) كان مبغضًا لتعدد الزوجات؛ رغم أنّه هو من عاقب ((مريم)) النبيّة لمّا سخرت من أخيها ((موسى)) النبيّ عندما تزوّج امرأة (كوشيّة) (العدد 12/1-2)؛ بأن جعلها برصاء كالثلج (العدد 12/10)؟؟ وكان قد تزوج من امرأة مديانية من قبل (الخروج 2/21).
            أما كان بإمكان (الربّ) أن يقول ((لموسى)): ((لقد أخطأت عندما عدّدت)) ، أو أن يقول له: ((إنّ ((هارون)) و((مريم)) قد أخطآ عندما أنكرا عليك تزوّجك من (كوشيّة) بسبب جنسها، لكنّهما قد أصابا عندما أنكرا عليك اتخاذك أكثر من زوجة!!))
            لقد جاء فعل (الربّ) فقط موبّخًا (!!) للنبيين ((هارون)) و((مريم)) (العدد 12/6-9)، ولم يرد فيه الإنكار على ((موسى)) النبي!!
            عاشرها: لماذا رتّب (الربّ) في التشريعات التي أنزلها على الأنبياء أمور التعدد، آثارًا واقعية ..؟! ألا يعني ذلك- من باب الإلزام- أنه شريك في إفساد الأنبياء؟!!!
            (15«إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ امْرَأَتَانِ إِحْدَاهُمَا مَحْبُوبَةٌ وَالأُخْرَى مَكْرُوهَةٌ فَوَلدَتَا لهُ بَنِينَ المَحْبُوبَةُ وَالمَكْرُوهَةُ. فَإِنْ كَانَ الاِبْنُ البِكْرُ لِلمَكْرُوهَةِ 16فَيَوْمَ يَقْسِمُ لِبَنِيهِ مَا كَانَ لهُ لا يَحِلُّ لهُ أَنْ يُقَدِّمَ ابْنَ المَحْبُوبَةِ بِكْرًا عَلى ابْنِ المَكْرُوهَةِ البِكْرِ 17بَل يَعْرِفُ ابْنَ المَكْرُوهَةِ بِكْرًا لِيُعْطِيَهُ نَصِيبَ اثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ مَا يُوجَدُ عِنْدَهُ لأَنَّهُ هُوَ أَوَّلُ قُدْرَتِهِ. لهُ حَقُّ البَكُورِيَّةِ.) تثنية 21: 15-17
            أليس إله الكتاب المقدس هو من أمر عبيده في حالة موت الرجل عن زوجة؛ أن يتزوّج الأخ امرأة أخيه دون أن يشترط أن يكون الأخ بلا زوجة، كما هو في سفر التثنية 25/5؟!!
            أليس إله الكتاب المقدس هو من قال في سفر التثنية 22/28-29: ((وَإِذَا وَجَدَ رَجُلٌ فَتَاةً عَذْرَاءَ غَيْرَ مَخْطُوبَةٍ فَأَمْسَكَهَا وَضَاجَعَهَا وَضُبِطَا مَعًا، يَدْفَعُ الرَّجُلُ الَّذِي ضَاجَعَ الْفَتَاةَ خَمْسِينَ قِطْعَةً مِنَ الْفِضَّةِ وَيَتَزَوَّجُهَا، لأَنَّهُ قَدِ اعْتَدَى عَلَيْهَا. وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يُطَلِّقَهَا مَدَى حَيَاتِهِ.)).. مما يبيح للمتزوج بواحدة إذا اغتصب أخرى، أن يتخذ الفتاة المغتصبة زوجة ثانية ((إلى الأبد))!
            أليس هو القائل أيضا: ((إِذَا رَاوَدَ رَجُلٌ عَذْرَاءَ غَيْرَ مَخْطُوبَةٍ، وَعَاشَرَهَا، يَدْفَعُ مَهْرَهَا وَيَتَزَوَّجُهَا)) (خروج 22/16) .. والرجل هنا قد يكون متزوجًا بأخرى!؟
            لماذا يصرّ (الربّ) بزعمك أيّها القمّص على الترويج لرذيل الأفعال والأخلاق، والتشريع لهذه المنكرات؟!!
            الحادي عشر: كيف يقال إنّ (ربّ) العهد القديم كان مبغضًا لتعدد الزوجات؛ رغم أنّه هو من ذكر أنّ تعدد الزوجات سيبقى ساريًا حتى آخر الزمان: ((فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ تَتَشَبَّثُ سَبْعُ نِسَاءٍ بِرَجُلٍ وَاحِدٍ قَائِلاَتٍ: ((تَزَوَّجْ مِنَّا وَدَعْنَا نُدْعَى عَلَى اسْمِكَ، وَأَزِلْ عَارَنَا وَنَحْنُ نَتَكَفَّلُ بِطَعَامِنَا وَثِيَابِنَا)).)) (إشعياء 4/1)؟!!
            الثاني عشر: قال القمّص: (لقد ذكر الكتاب المقدس أخطاء إبراهيم ويعقوب وداود لكي لا يصيبنا ما أصابهم).. أمّا نحن فنقول إنّ الله سبحانه قد ذكر سيرة ((إبراهيم)) و((يعقوب)) و((داود)) لتكون لنا نبراسًا في الحياة، وسبيل هداية ونجاة ..!
            الثالث عشر: لقد أباح العهد القديم للرجل أن يتّخذ أكثر من زوجة، وسار الفقه الحاخامي الملتزم بالأسفار المقدّسة، على هذه الإباحة؛ فقد أباحت المشنا وكذلك التلمود زواج الملوك من 18 امرأة: ((لا يزيد عدد نسائه على 18 امرأة)) ((לא ירבה לו נשים אלא שמנה עשרה)) (Sanhedrin 21a)،.، ويجوز لغيرهم من الرجال الزواج من 4 (Kethuboth 10/5) أو 5 نساء (Kethuboth 3/7).
            وذهبت طائفة ((القرّائين)) وهى فرقة يهوديّة كانت ترفض التراث الشفوي اليهودي، ولا تعترف بغير أسفار العهد القديم. كان لها نشاط علمي واسع في القرون الوسطى إلى عدم شرعية تحديد عدد الزوجات لعدم وجود الدليل على قصر الزواج بأربع نساء فقط .. (عائشة وزوز، واقع المرأة بين اليهودية والنصرانية والإسلام، (بحث مخطوط))
            وقد قال المؤرّخ اليهودي ((يوسيفوس)) : ((إنّه عُرْفُ آبائنا أن يتزوّج الرجل بأكثر من امرأة في نفس الوقت.)) ؛ ممّا يعني رسوخ شريعة تعدّد الزوجات في البيئة اليهوديّة؛ حتّى صارت عرفًا مستقرًّا من جهة الممارسة.
            ولقد مارس اليهود الغربيون تعدد الزوجات حتى القرن العاشر زمن صدور التحريم الذي أصدره الحبر ((جرشوم بن يهوذا)) . ورغم هذا التحريم العام، فقد أبقى الأحبار اليهود له استثناءات يسمح فيها للرجل أن يعدّد الزوجات . أما اليهود الشرقيون فقد استمرت ممارستهم لتعدد الزوجات، إلى أن دخلوا فلسطين المحتلة حيث حظره القانون المدني، ولكن بحسب القانون الديني فإنّ التعدد مباح. ولمّا سافر يهود اليمن إلى فلسطين عند احتلالها سنة 1948م، أقرّهم اليهود المحتلّون على تعدد زوجاتهم ولم يقصروهم على الإبقاء على واحدة فقط . بل ويزوّج الأحبار في أيامنا الرجل من ثانية ويجيز ذلك القانون المدني (الإسرائيلي) إذا كانت الزوجة ناشزًا، أو دخلت مستشفى الأمراض العقلية، أو كانت عاقرًا.

            تعليق


            • #81
              الملف 58
              وقد جاء في قانون العقوبات 1977 المطبق في فلسطين المحتلّة، في المادة (176) أنّ المتزوج (رجلًا أو امرأة) إذا أضاف قرينًا آخر؛ فإنّه يعاقب بالسجن خمس سنوات.
              وجاء الاستثناء من هذا العقاب في المادة (179) وهى تقول: ((إذا كان القانون الساري على الزواج الجديد هو قانون التوراة؛ فلا يدان الشخص على مخالفة البند 176 اذا كان الزواج الجديد قد عقد بعد الحصول على رخصة زواج ممنوحة بحسب قرار حكم من ((البيت دين ربني)) (أي المحكمه الشرعية اليهودية) مصادق عليها من رئيس ((البيت دين ربني الأكبر)).))
              الرابع عشر: اعترف قديس الكنيسة ((أوغسطين)) الذي يحتجّ المنكرون لجواز اتخاذ أكثر من زوجة بكلامه في الفصل الخامس عشر من كتابه ((حول الزواج الجيّد)) ((De Bono Conjugali ))، أّنه كان جائزًا في شريعة الربّ أن يتخذ الواحد أكثر من زوجة قبل زمن المسيح.
              وقد وقف نفس (القديس) مدافعًا عن ((يعقوب)) النبيّ لاتخاذه أربع زوجات، وأنكر بشدّة في كتابه الذي ردّ فيه على ((فوستس)) المانوي، أن يكون فعل هذا النبيّ خطيئة!!
              وقال قديس الكنيسة ((أمبروز)): ((أباح الله في الجنة الأرضية زواج الواحد من واحدة، دون أن يدين الممارسة المخالفة)).
              فلماذا يخالف القمّص الكتاب المقدس وآباء الكنيسة ؟!.. أين ((أرثودكسيّته)) التي لا تردّ لآباء الكنسية قولًا ولا تفسيرًا؟!!
              الخامس عشر: استدلّ القمّص بنص نشيد الأنشاد 6/9 للدلالة على أنّ العهد القديم يحبّذ الزواج بواحدة، وهذا استدلال باطل؛ لأنّ ((مرقس عزيز)) ومعه الكنيسة القبطيّة الأرثودكسية ، يفسّران هذا النصّ تفسيرًا مجازيًا (روحيًا)!
              وقد قال المفسّر الأرثودكسي المصري ((تادرس يعقوب ملطي)) في مقدمته لهذا السفر: ((تسلّمت الكنيسة المسيحية من يدي الكنيسة اليهودية هذا السفر ضمن أسفار العهد القديم، وقد احتل هذا السفر مركزًا خاصًا بين الأسفار لما يحمله من أسلوب رمزي يعلن عن الحب المتبادل بين الله وكنيسته، أو بين الله والنفس البشرية كعضو في الكنيسة.))
              السادس عشر: قال ((مرقس عزيز)) إنّ نص النشيد يحبّذ أن يكون للرجل زوجة واحدة، في حين أنّ آباء الكنسية –كما ينقل ذلك القمّص ((تادرس يعقوب ملطي))- كانوا يسمّون سفر ((نشيد الأنشاد)): ((سفر البتوليّة))؛ لأنّه دعوة إلى ترك الزواج من النساء في الدنيا!!
              قال: ((لما كان هذا السفر هو سفر الزوجية الروحية التي تربط السيد المسيح البتول بكنيسته البتول رباطًا روحيًا، لهذا رأى بعض الآباء الأولين في هذا السفر أنه ((سفر سرّ البتولية))، حيث تشبع النفس البتول بعريسها البتول، فلا تحتاج إلى شيء... حتى ولا إلى الزوجية الزمنية. وهي في هذا لا تحتقر الزواج لكنها تُريد زواجًا على مستوى أعظم وأبدي!
              وقد استخدم كثير من الآباء بعض عبارات السفر في مدح البتولية والبتوليين. وإنني أقتطف هنا عينة بسيطة من كلمات القديس ((جيروم)) ضد ((جوفينانوس)) محتقر البتولية. فقد أعلن القديس كرامة البتولية مستشهدًا بالكتاب المقدس، ولما جاء إلى سفر النشيد رآه ((سفر البتولية))، فقد ربط بين الإنجيل والبتولية كما ربط بين الناموس الموسوي وعفة الزواج، ففي رأيه أن هذا السفر قد أعلن أن وقت الشتاء قد مضى، أي كمل زمان الناموس الذي يحث على العفة خلال الزواج المقدس وجاء وقت الربيع حيث تظهر زهور البتولية كثمر من ثمار الإنجيل... وقد حسب القديس السفر كله يؤكد البتولية ويمدحها، إذ يقول: ((إني أعبر إلى نشيد الأناشيد))، فقد ظن خصمنا أن هذا السفر يتحدث بكليته عن الزواج، لكنني أوضح كيف حوى أسرار البتولية.))
              سفر ((نشيد الأنشاد)) إذن هو في التزهيد في الزواج-كما يقول آباء الكنسية المقدّسين عند القمّص- لا في قصره على امرأة واحدة، ونبذ التعدّد!
              السابع عشر: حتّى لو أخذنا النصّ الذي اقتبسه القمّص، بحرفيّته؛ فإنّه دال على أفضلية الزواج بواحدة، مع الاعتراف بشرعية التعدّد..!
              النصّ في سياقه: ((بَنَاتُ أُورُشَلِيمَ): أَيْنَ ذَهَبَ حَبِيبُكِ أَيَّتُهَا الْجَمِيلَةُ بَيْنَ النِّسَاءِ؟ إِلَى أَيْنَ تَحَوَّلَ حَبِيبُكِ فَنَبْحَثَ عَنْهُ مَعَكِ؟ (الْمَحْبُوبَةُ): قَدِ انْطَلَقَ حَبِيبِي إِلَى جَنَّتِهِ، إِلَى خَمَائِلِ الأَطْيَابِ لِيَرْعَى فِي الرَّوْضَاتِ وَيَقْطِفَ السُّوْسَنَ. أَنَا لِحَبِيبِي، وَحَبِيبِي لِي، وَهُوَ يَرْعَى بَيْنَ السُّوْسَنِ. (المُحِبُّ): أَنْتِ جَمِيلَةٌ يَاحَبِيبَتِي كَتِرْصَةَ، حَسْنَاءُ كَأُورُشَلِيمَ، وَجَلِيلَةٌ كَجَيْشٍ يَرْفَعُ أَعْلاَمَهُ. أَشِيحِي بِعَيْنَيْكِ عَنِّي فَقَدْ قَهَرَتَانِي. شَعْرُكِ كَقَطِيعِ مَاعِزٍ مُنْحَدِرٍ مِنْ جِلْعَادَ. أَسْنَانُكِ فِي بَيَاضِهَا كَقَطِيعِ غَنَمٍ خَارِجٍ مِنَ الاغْتِسَالِ؛ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا ذَاتُ تَوْأَمٍ وَمَا فِيهَا عَقِيمٌ. خَدَّاكِ تَحْتَ نَقَابِكِ كَفَلْقَتَيْ رُمَّانَةٍ. هُنَاكَ سِتُّونَ مَلِكَةً وَثَمَانُونَ سُرِّيَّةً وَعَذَارَى لاَ يُحْصَى لَهُنَّ عَدَدٌ. لَكِنَّكِ يَاحَمَامَتِي يَاكَامِلَتِي فَرِيدَةٌ، الابْنَةُ الْوَحِيدَةُ لأُمِّهَا، الأَعَزُّ عَلَى مَنْ أَنْجَبَتْهَا. رَأَتْهَا الْعَذَارَى فَطَوَّبْنَهَا، وَشَاهَدَتْهَا الْمَلِكَاتُ وَالسَّرَارِي فَأَطْرَيْنَهَا. مَنْ هَذِهِ الطَّالِعَةُ كَالْفَجْرِ، الْجَمِيلَةُ كَالْبَدْرِ، الْمُشْرِقَةُ كَالشَّمْسِ، الْجَلِيلَةُ كَجَيْشٍ يَرْفَعُ أَعْلاَمَهُ؟) (نشيد الأنشاد 6/ 1-10) .
              فهو إذن نصّ يبيح التعدد ولا يبطله، ويظهر جمال واحدة من الزوجات، وأنها أفضلهن، ولا ينفي شرعية التعدّد!
              الثامن عشر: ليت القمّص يتعلّم فهم الكلام وحسن الاستنباط والاستدلال في مسألة زواج الأنبياء في العهد القديم من أكثر من واحدة، من ((جون ميلتون))((John Milton)) ، الذي قال مدافعًا عن شريعة تعدد الزوجات في النصرانيّة: إنّ العهد القديم قد ذكر أنّ الله قد أباح للصفوة من خلقه والآباء الأوّلين أن يعدّدوا النساء ؛ مستنبطًا –أي ((ميلتون))- من فعل الأنبياء، شرعية التعدّد، ولم يجد في فعلهم و(إقرار) الربّ، مُدّخلًا للنيل من أعراضهم!
              ولمّا أراد اللاهوتي الشهير ((شاننغ)) ((Channing)) أن يخطّئ ((ميلتون)) في ما ذهب إليه، قال إنّ سبب زلّته هو تقديسه الأسفار الدينية (إلى درجة العصمة) ، وعدم مراعاته لما كانت عليه النصرانيّة الأولى من بساطة غير ناضجة! .. وهو ما يؤكّد أنّ نصوص الكتاب المقدّس لا تحتمل جدلًا في أمر إباحة تعدّد الزوجات!
              لقد اختار القمّص ((مرقس عزيز)) أن يفهم الأمر بـ((المقلوب))؛ جاعلًا فعل الصفوة؛ دلالة على الخسّة، وسببًا للحرمة!!!
              إنّ العقل يقضي أن يقول المؤمن بقداسة الكتاب المقدس، مع القانوني ((بافندورف)) ((Pufendorf)) الذي عاش في القرن السابع عشر، في كتابه: ((De Jure Naturae et Gentium)): ((الاعتراض المستقى من نموذج الآباء في الكتاب المقدس، يمثّل عقبة كأداء لمن يدينون تعدد الزوجات.))
              لكن .. يأبى القمّص إلا أن يسير عكس المنطق السويّ!
              وقد أنكر الدكتور ((ج. ب. نيومان)) ((J. P. Newman)) شريعة تعدد الزوجات في مناظرته للبروفسور ((أورسون برات)) ((Orson Pratt)) -التي جرت في أغسطس 1870م-بدعوى أنّ ((لامك)) الذي هو أوّل معدّد للزوجات في الكتاب المقدس، قد وقع في جريمة القتل العمد .. فكان ردّ البروفسور ((أورسون)) أنّه لا دليل ولا حجّة من الكتاب المقدس على وجود علاقة بين جريمة القتل وتعدد زوجات ((لامك)) .. وزاد أنّ ((لامك)) قد قتل بشرًا واحدًا، في حين أنّ ((آدم)) الذي لم يتزوّج غير ((حوّاء))، قد قتل كلّ البشريّة بخروجه من جنّة عدن، واستدلّ لتأكيد هذا المعنى بقول بولس في الرسالة الأولى إلى كورنثوس 15/22: ((فَإِنَّهُ، كَمَا يَمُوتُ الْجَمِيعُ فِي آدَمَ، فَكَذَلِكَ سَيَحْيَى الْجَمِيعُ فِي الْمَسِيحِ)) .. وأنّ جريمة ((آدم)) لم تقتصر على قتل البشرية جمعاء، بل هو أيضًا من أدخل الموت إلى العالم. وبالإمكان أن نضيف أنّ ((آدم)) طبق التصوّر الكنسي، هو من تسبّب في قتل ((الإله يسوع)) نفسه!!؟
              فإذا كان شكل أسرة صاحب الجرم مرتبطًا بصورة لازمة بالفعل الإجرامي؛ فإنّه لا شكّ أنّ (الأولى!!) هو أن ندين شريعة الزوجة الواحدة التي (جاء!) بها ((آدم))؛ لأنّه كما يقول النصارى –ومنهم القمّص ((مرقس عزيز))-: ((لا جريمة أشنع ولا أخطر من جريمة ((آدم))))-وحاشا آدم عليه السلام أن يكون مجرمًا-!؟
              لكن ماذا سيقول الكاتب فى مجىء يسوع من نسل أنبياء كلهم عددوا الزوجات؟ أليس هذا رضى من يهوه/يسوع بما فعله أجداده، ولم ينتقده ولو بجملة صغيرة فى طول الكتاب وعرضه؟
              * * *
              أما النص الثانى الذى يتقيد به الكاتب وهو عن منع الطلاق إلا لعلة الزنى، واستشهاده بنص متى متى 32:5 و3:19- 5و9
              متى 5: 32 (31«وَقِيلَ: مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَلْيُعْطِهَا كِتَابَ طَلاَقٍ 32وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إِلاَّ لِعِلَّةِ الزِّنَى يَجْعَلُهَا تَزْنِي وَمَنْ يَتَزَوَّجُ مُطَلَّقَةً فَإِنَّهُ يَزْنِي.)
              وأفضل نقل الفقرة، التى تعبر عن السياق كاملا: متى 19: 3-12 (3وَجَاءَ إِلَيْهِ الْفَرِّيسِيُّونَ لِيُجَرِّبُوهُ قَائِلِينَ لَهُ: «هَلْ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ لِكُلِّ سَبَبٍ؟» 4فَأَجَابَ: «أَمَا قَرَأْتُمْ أَنَّ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْبَدْءِ خَلَقَهُمَا ذَكَرًا وَأُنْثَى؟» 5وَقَالَ: «مِنْ أَجْلِ هَذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونُ الاِثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا. 6إِذًا لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. فَالَّذِي جَمَعَهُ اللَّهُ لاَ يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ». 7فَسَأَلُوهُ: «فَلِمَاذَا أَوْصَى مُوسَى أَنْ يُعْطَى كِتَابُ طَلاَقٍ فَتُطَلَّقُ؟» 8قَالَ لَهُمْ: «إِنَّ مُوسَى مِنْ أَجْلِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تُطَلِّقُوا نِسَاءَكُمْ. وَلَكِنْ مِنَ الْبَدْءِ لَمْ يَكُنْ هَكَذَا. 9وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إِلاَّ بِسَبَبِ الزِّنَا وَتَزَوَّجَ بِأُخْرَى يَزْنِي وَالَّذِي يَتَزَوَّجُ بِمُطَلَّقَةٍ يَزْنِي». 10قَالَ لَهُ تَلاَمِيذُهُ: «إِنْ كَانَ هَكَذَا أَمْرُ الرَّجُلِ مَعَ الْمَرْأَةِ فَلاَ يُوافِقُ أَنْ يَتَزَوَّجَ!» 11فَقَالَ لَهُمْ: «لَيْسَ الْجَمِيعُ يَقْبَلُونَ هَذَا الْكَلاَمَ بَلِ الَّذِينَ أُعْطِيَ لَهُم 12لأَنَّهُ يُوجَدُ خِصْيَانٌ وُلِدُوا هَكَذَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَاهُمُ النَّاسُ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ».)
              لم يُحسن الكاتب إلى دينه أو إلى نفسه أن أثار هذه النقطة مرة أخرى فى كتابه، وذلك لأن السياق يفضح نوايا كاتب الكتاب المنسوب إلى متى، فالسياق يوضح:
              أولا: أن يسوع كذب عندما ادعى أنه جاء مطبقًا لتعاليم موسى والأنبياء، غير ناقض للناموس، ثم يفاجئنا الكاتب هنا بأن أظهر يسوع عدوًا للناموس، وقام بإلغاء تعاليم موسى والأنبياء بشأن الطلاق. فقال إن كان موسى قال لكم هذا من أجل قساوة قلوبكم، أما أنا فأقول لكم: ... ومن ثم غير ما قاله موسى، واتبعه الأنبياء، وجعل الطلاق فقط لعلة الزنى.
              ثانيًا: قال يسوع (8قَالَ لَهُمْ: «إِنَّ مُوسَى مِنْ أَجْلِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تُطَلِّقُوا نِسَاءَكُمْ. وَلَكِنْ مِنَ الْبَدْءِ لَمْ يَكُنْ هَكَذَا.) فعن أى بدء كان يتكلم يسوع؟ وهل ألزم نفسه بهذا بترك تعاليم موسى والإلتزام بتعاليم غير معروفة قال عنها من البدء؟ ولو كان إلهًا وأنزل تشريعًا لقوم ما، ثم قام بإلغائه وأرسل أنبياء أخرى اتبعته وعلمته الناس، فهل ينزل هو ويلغى تعاليم الأنبياء الآخرين، ويلزم نفسه وغيره بتعاليم قام هو نفسه بإلغائها؟ إن هذا يعنى نسخ تحريم الطلاق إلى إباحته عن طريق شريعة موسى، ثم نسخ هذا التشريع مرة أخرى وحرمه هو بنفسه؟ ثم ألم يقر الكتاب المقدس جدًا أن إبراهيم بأمر الرب طلق امرأته هاجر، وتركها فى البرية مع ابنها إسماعيل؟
              (10فَقَالَتْ لإِبْرَاهِيمَ: «اطْرُدْ هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا لأَنَّ ابْنَ هَذِهِ الْجَارِيَةِ لاَ يَرِثُ مَعَ ابْنِي إِسْحَاقَ». 11فَقَبُحَ الْكَلاَمُ جِدًّا فِي عَيْنَيْ إِبْرَاهِيمَ لِسَبَبِ ابْنِهِ. 12فَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيمَ: «لاَ يَقْبُحُ فِي عَيْنَيْكَ مِنْ أَجْلِ الْغُلاَمِ وَمِنْ أَجْلِ جَارِيَتِكَ. فِي كُلِّ مَا تَقُولُ لَكَ سَارَةُ اسْمَعْ لِقَوْلِهَا لأَنَّهُ بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ. 13وَابْنُ الْجَارِيَةِ أَيْضًا سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ». 14فَبَكَّرَ إِبْرَاهِيمُ صَبَاحًا وَأَخَذَ خُبْزًا وَقِرْبَةَ مَاءٍ وَأَعْطَاهُمَا لِهَاجَرَ وَاضِعًا إِيَّاهُمَا عَلَى كَتِفِهَا وَالْوَلَدَ وَصَرَفَهَا. فَمَضَتْ وَتَاهَتْ فِي بَرِّيَّةِ بِئْرِ سَبْعٍ.) التكوين 21: 10-14
              ولا يمكن أن يكون طرد إبراهيم لهاجر إلا بتطليقها! فهذا هو أبو الأنبياء. فعن أى بدء يتكلم النص إذًا؟
              ثالثًا: من المستحيل أن تكون هذه الفقرة أصلية، أو قالها يسوع مناقضًا الناموس والشريعة اليهودية، وإلا لقتله اليهود الغيورون على شريعتهم.
              رابعًا: إن الإدعاء بأن يسوع قد قام بإلغاء الناموس أو فقرة منه وهو يدرس فى معبد اليهود، ليصمه بالتطرف والإرهاب، والاعتداء على أماكن عبادة الغير، حيث سيكون فى هذه الحالة يبشر بدين جديد غير دين اليهود، وكتاب جديد غير كتاب اليهود، فلماذا كان يفعل ذلك فى معبدهم إذن؟
              خامسًا: تتضح النية السيئة لكاتب هذه النصوص من نهاية الفقرة، حيث يحبذ عدم الزواج من الأساس، وأن يخصى الرجل نفسه، إن استطاع لذلك سبيلا. وعلى ذلك فهو كما تفهمون لا يريد تعدد زوجات، وكثرة زيادة عدد أتباع يسوع، ولا يريد أن يهنأ زوج مع زوجة، بل يرغب فى أن تستحيل العشرة بينهما، ليُمْتَنع الاتصال الجنسى بينهما، وبالتالى الحد من أتباع يسوع، وزاد على ذلك أن طالب الرجل أن يخصى نفسه، وأن من يستطيع ألا يتزوج يكن أفضل، وهو مثل ما قاله بولس من قبل: (1وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الأُمُورِ الَّتِي كَتَبْتُمْ لِي عَنْهَا فَحَسَنٌ لِلرَّجُلِ أَنْ لاَ يَمَسَّ امْرَأَةً. ... 25وَأَمَّا الْعَذَارَى فَلَيْسَ عِنْدِي أَمْرٌ مِنَ الرَّبِّ فِيهِنَّ وَلَكِنَّنِي أُعْطِي رَأْيًا كَمَنْ رَحِمَهُ الرَّبُّ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا. 26فَأَظُنُّ أَنَّ هَذَا حَسَنٌ لِسَبَبِ الضِّيقِ الْحَاضِرِ. أَنَّهُ حَسَنٌ لِلإِنْسَانِ أَنْ يَكُونَ هَكَذَا: 27أَنْتَ مُرْتَبِطٌ بِامْرَأَةٍ فَلاَ تَطْلُبْ الِانْفِصَالَ. أَنْتَ مُنْفَصِلٌ عَنِ امْرَأَةٍ فَلاَ تَطْلُبِ امْرَأَةً. 28لَكِنَّكَ وَإِنْ تَزَوَّجْتَ لَمْ تُخْطِئْ. وَإِنْ تَزَوَّجَتِ الْعَذْرَاءُ لَمْ تُخْطِئْ. وَلَكِنَّ مِثْلَ هَؤُلاَءِ يَكُونُ لَهُمْ ضِيقٌ فِي الْجَسَدِ. وَأَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُشْفِقُ عَلَيْكُمْ.) كورنثوس الأولى 7: 1 و25-28
              وكان بولس (هذا لو كان هو بالفعل كاتبه) أمينًا، عندما قال إن هذا رأيه الخاص، وليس وحيًا من عند الرب. لكن هل كان يعنى الطلاق بسبب نشره للزهد في الزواج ابتداءً؟!
              ويثير هذا النص إشكالا لا حل له، إذ كيف يخلق الرب من البدء الإنسان رجلا وامرأة ليكونا واحدًا بالزواج، وهو يستحسن عدم تزوجهما، ويفضل أن يظلا هكذا بدون زواج لخدمة الرب وحياة القداسة، بل يحبذ لو استطاع الرجل أن يخصى نفسه: (32فَأُرِيدُ أَنْ تَكُونُوا بِلاَ هَمٍّ. غَيْرُ الْمُتَزَوِّجِ يَهْتَمُّ فِي مَا لِلرَّبِّ كَيْفَ يُرْضِي الرَّبَّ 33وَأَمَّا الْمُتَزَوِّجُ فَيَهْتَمُّ فِي مَا لِلْعَالَمِ كَيْفَ يُرْضِي امْرَأَتَهُ. 34إِنَّ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَالْعَذْرَاءِ فَرْقًا: غَيْرُ الْمُتَزَوِّجَةِ تَهْتَمُّ فِي مَا لِلرَّبِّ لِتَكُونَ مُقَدَّسَةً جَسَدًا وَرُوحًا. وَأَمَّا الْمُتَزَوِّجَةُ فَتَهْتَمُّ فِي مَا لِلْعَالَمِ كَيْفَ تُرْضِي رَجُلَهَا.) كورنثوس الأولى 7: 32-34
              فكيف يدعو الرب إذن إلى ما تبغضه نفسه؟
              سادسًا: ورد قول متى بشأن الرجل والمرأة فى العهد القديم: (27فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ.) تكوين 1: 27، (لِذَلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونَانِ جَسَدًا وَاحِدًا) تكوين 2: 24 وعلى الرغم من ذلك وافق يسوع/يهوه على وجود الطلاق مئات من السنوات فى شريعته بين اليهود من وقت نزول التوراة. وقال إنه جاء متبعًا لها: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ.) متى 5: 17-18
              وقال بلعن من يلغى حرفًا واحدًا منها: (10لأَنَّ مَنْ حَفِظَ كُلَّ النَّامُوسِ، وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِمًا فِي الْكُلِّ. 11لأَنَّ الَّذِي قَالَ: «لاَ تَزْنِ» قَالَ أَيْضًا: «لاَ تَقْتُلْ». فَإِنْ لَمْ تَزْنِ وَلَكِنْ قَتَلْتَ، فَقَدْ صِرْتَ مُتَعَدِّيًا النَّامُوسَ.) يعقوب 2: 10-11
              وقال بلعن من لا يتبعها: (26مَلعُونٌ مَنْ لا يُقِيمُ كَلِمَاتِ هَذَا النَّامُوسِ لِيَعْمَل بِهَا. وَيَقُولُ جَمِيعُ الشَّعْبِ: آمِينَ».) تثنية 27: 26
              ولعن من يعرض عن هذا الناموس وكلامه: (... هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: مَلْعُونٌ الإِنْسَانُ الَّذِي لاَ يَسْمَعُ كَلاَمَ هَذَا الْعَهْدِ 4الَّذِي أَمَرْتُ بِهِ آبَاءَكُمْ يَوْمَ أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ ...) إرمياء 11: 3-4
              ولعنه أيضًا فقال: (26مَلعُونٌ مَنْ لا يُقِيمُ كَلِمَاتِ هَذَا النَّامُوسِ لِيَعْمَل بِهَا. وَيَقُولُ جَمِيعُ الشَّعْبِ: آمِينَ».) تثنية 27: 26
              وأمر برجم من يُخالفها: (28مَنْ خَالَفَ نَامُوسَ مُوسَى فَعَلَى شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يَمُوتُ بِدُونِ رَأْفَةٍ.) عبرانيين 10: 28
              وذلك لأن ناموس الرب صالح وكامل وغير معيب: فقال: (30اَللهُ طَرِيقُهُ كَامِلٌ. قَوْلُ الرَّبِّ نَقِيٌّ. تُرْسٌ هُوَ لِجَمِيعِ الْمُحْتَمِينَ بِهِ. 31لأَنَّهُ مَنْ هُوَ إِلَهٌ غَيْرُ الرَّبِّ! وَمَنْ هُوَ صَخْرَةٌ سِوَى إِلَهِنَا!) مزمور 18: 30-31
              وأنه كامل وعادل: (7نَامُوسُ الرَّبِّ كَامِلٌ يَرُدُّ النَّفْسَ. شَهَادَاتُ الرَّبِّ صَادِقَةٌ تُصَيِّرُ الْجَاهِلَ حَكِيمًا. 8وَصَايَا الرَّبِّ مُسْتَقِيمَةٌ تُفَرِّحُ الْقَلْبَ. أَمْرُ الرَّبِّ طَاهِرٌ يُنِيرُ الْعَيْنَيْنِ. 9خَوْفُ الرَّبِّ نَقِيٌّ ثَابِتٌ إِلَى الأَبَدِ. أَحْكَامُ الرَّبِّ حَقٌّ عَادِلَةٌ كُلُّهَا. 10أَشْهَى مِنَ الذَّهَبِ وَالإِبْرِيزِ الْكَثِيرِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَقَطْرِ الشِّهَادِ.) مزمور 19: 7-10
              وأنه حياة ودواء لمن يجده: (20يَا ابْنِي أَصْغِ إِلَى كَلاَمِي. أَمِلْ أُذْنَكَ إِلَى أَقْوَالِي. 21لاَ تَبْرَحْ عَنْ عَيْنَيْكَ. احْفَظْهَا فِي وَسَطِ قَلْبِكَ. 22لأَنَّهَا هِيَ حَيَاةٌ لِلَّذِينَ يَجِدُونَهَا وَدَوَاءٌ لِكُلِّ الْجَسَدِ.) الأمثال 4: 20-22
              وقال: (2لأَنِّي أُعْطِيكُمْ تَعْلِيمًا صَالِحًا فَلاَ تَتْرُكُوا شَرِيعَتِي.) أمثال 4: 2
              فمن هذا الذى يريد أن يُظهر يسوع بصورة المخالف لتعاليم الرب والأنبياء السابقين غير أعدائه؟ من الذى يريد أن يظهر يسوع بصورة المتناقض مع نفسه ومع شريعته غير أعدائه؟ من الذى يريد أن يُظهر يسوع فى أعين اليهود أهله وعشيرته أنه مُخالف لناموس الرب، ملعون منه، يستحق الرجم غير أعدائه؟
              ألم أقل لكم إن كتبة هذه الأناجيل والرسائل تسب يسوع وأتباعه؟ ألم أقل لكم إن كتبة هذه الأسفار والرسائل من أعداء يسوع؟
              سابعًا: إن العهد القديم والناموس الذى كان يتبعه يسوع وتلاميذه حرفيًا بفهم النبيين وليس بفهم الأحبار اليهود يجيز الطلاق فى أى وقت، ولأى سبب: (1«إِذَا أَخَذَ رَجُلٌ امْرَأَةً وَتَزَوَّجَ بِهَا فَإِنْ لمْ تَجِدْ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْهِ لأَنَّهُ وَجَدَ فِيهَا عَيْبَ شَيْءٍ وَكَتَبَ لهَا كِتَابَ طَلاقٍ وَدَفَعَهُ إِلى يَدِهَا وَأَطْلقَهَا مِنْ بَيْتِهِ 2وَمَتَى خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهِ ذَهَبَتْ وَصَارَتْ لِرَجُلٍ آخَرَ 3فَإِنْ أَبْغَضَهَا الرَّجُلُ الأَخِيرُ وَكَتَبَ لهَا كِتَابَ طَلاقٍ وَدَفَعَهُ إِلى يَدِهَا وَأَطْلقَهَا مِنْ بَيْتِهِ أَوْ إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ الأَخِيرُ الذِي اتَّخَذَهَا لهُ زَوْجَةً 4لا يَقْدِرُ زَوْجُهَا الأَوَّلُ الذِي طَلقَهَا أَنْ يَعُودَ يَأْخُذُهَا لِتَصِيرَ لهُ زَوْجَةً بَعْدَ أَنْ تَنَجَّسَتْ. لأَنَّ ذَلِكَ رِجْسٌ لدَى الرَّبِّ. فَلا تَجْلِبْ خَطِيَّةً عَلى الأَرْضِ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيبًا.) تثنية 24: 1-4
              وهو يجيز الطلاق لأى سبب، ويجيز للمطلقة أن تتزوج برجل آخر، لكن لا يجيز لطليقها الأول أن يتزوجها مرة أخرى. بل يجيز سفر يشوع بن سيراخ أن يطلق الرجل زوجته إن لم تكن مطيعة: (23المَرأَةُ الشَريرةُ ذِلَّةٌ لِلقَلْب وتَقْطيبٌ لِلوَجهِ وجُرْح لِلفُؤاد يَدانِ هامِدَتانِ وُركْبتانِ مُتَراخِيَتان تِلكَ هي المَرأَةُ الَّتي لا تُسعِدُ زَوجَها 24مِنَ المَرأِةِ نَشأتِ الخَطيئَة وبِسَبَبِها نموتُ نَحنُ أَجمَعون. 25لا تَجعَلْ لِلماءِ مَخرَجًا ولا لِلمَرأَةِ الشَريرةِ حُرَيَّةَ الكَلام. 26إِن لم تَسلُكْ بِحَسَبِ أَمرِكَ فاْفصِلْها عن جَسَدِكَ.) سيراخ 25: 23-26 الترجمة الكاثوليكية، (وفى ترجمة الفاندايك 25: 33-36)
              وقد اعترف القمّص (مرقس عزيز) نفسه في كتابه (الطلاق) أنّ الطلاق كان مباحًا للرجل في التوراة بإطلاق ودون حدّ للمبرّرات؛ فقد قال: (في الديانة اليهودية نري ان حق الرجل في طلاق امرأته مكفول إلا في حالتين فقط يكون الرجل قد اقترف فيهما ذنبًا في حق زوجته فيكون عقابه اسقاط حقه في طلاقها متي اراد... اما الحالتين فهما... اتهام زوجته بانها غير عذراء ثم يتضح بعد ذلك انه ظلمها وافتري عليها... والثانية إذا قام رجل باغتصاب فتاة يلزم بزواجها ولا يملك حق تطليقها... غير ذلك يجوز للرجل طلاق زوجته اذا لم تسره او وجد فيها عيبًا ويكون طلاقه لها بكتاب يسلمه لها ثم يخرجها من بيته. كان ذلك ما جاء في سفر التثنية.) .. فالتوراة التى جاء يسوع ليعمل بها ويؤكدها إذن لا تحرّم الطلاق!
              ثامنًا: إن الرب الذى أباح الطلاق وأجازه يكرهه، ومع ذلك أجازه لصالح الزوجين والأسرة، وتماشيًا مع طبيعة البشر، وهو ما يقره أيضًا العهد القديم: (14فَقُلْتُمْ: [لِمَاذَا؟] مِنْ أَجْلِ أَنَّ الرَّبَّ هُوَ الشَّاهِدُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ امْرَأَةِ شَبَابِكَ الَّتِي أَنْتَ غَدَرْتَ بِهَا وَهِيَ قَرِينَتُكَ وَامْرَأَةُ عَهْدِكَ. 15أَفَلَمْ يَفْعَلْ وَاحِدٌ وَلَهُ بَقِيَّةُ الرُّوحِ؟ وَلِمَاذَا الْوَاحِدُ؟ طَالِبًا زَرْعَ اللَّهِ. فَاحْذَرُوا لِرُوحِكُمْ وَلاَ يَغْدُرْ أَحَدٌ بِامْرَأَةِ شَبَابِهِ. 16[لأَنَّهُ يَكْرَهُ الطَّلاَقَ] قَالَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ [وَأَنْ يُغَطِّيَ أَحَدٌ الظُّلْمَ بِثَوْبِهِ] قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ. فَاحْذَرُوا لِرُوحِكُمْ لِئَلاَّ تَغْدُرُوا.) ملاخى 2: 14-16
              وعلى ذلك فإن كلام المنسوب ليسوع عن الطلاق فى العهد القديم غير صحيح، وهو شريعة باقية ما بقى التشريع.
              تاسعًا: إن الاستدلال بالعهد القديم والناموس على عدم مشروعية الطلاق وقياس يسوع عليه هو عمل باطل، حيث اعتبر الكتاب المقدس جدًا أن الناموس معيب، ويجب الاستغناء عنه:
              (18فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِبْطَالُ الْوَصِيَّةِ السَّابِقَةِ مِنْ أَجْلِ ضُعْفِهَا وَعَدَمِ نَفْعِهَا، 19إِذِ النَّامُوسُ لَمْ يُكَمِّلْ شَيْئًا.) عبرانيين 7: 18-19
              (7فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الأَوَّلُ بِلاَ عَيْبٍ لَمَا طُلِبَ مَوْضِعٌ لِثَانٍ.) عبرانيين 8: 7
              (4قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ.) غلاطية 5: 4
              (20وَأَمَّا النَّامُوسُ فَدَخَلَ لِكَيْ تَكْثُرَ الْخَطِيَّةُ.) رومية 5: 20
              (21لَسْتُ أُبْطِلُ نِعْمَةَ اللهِ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِالنَّامُوسِ بِرٌّ، فَالْمَسِيحُ إِذًا مَاتَ بِلاَ سَبَبٍ.) غلاطية 2: 21
              (56أَمَّا شَوْكَةُ الْمَوْتِ فَهِيَ الْخَطِيَّةُ وَقُوَّةُ الْخَطِيَّةِ هِيَ النَّامُوسُ) كورنثوس الأولى 15: 56
              عاشرًا: أليس المقصود من اتحاد الزوج والزوجة فى جسد واحد هو اتحاد الهدف والمصلحة المشتركة بينهما؛ لسعادتهما ولإسعاد الأسرة وبنائها بناءً يتوافق مع مبادىء الشريعة؟
              أليس هو مثل اتحاد المؤمن مع يسوع أو الرب فى اتخاذ مبادىء الرب وشريعته الطريق الأقوم للحياة؟ أليس هو اتخاذ شريعة الرب كجزء لا يتجزأ من النفس والبدن، كما تقول النصوص المنسوبة إلى يسوع؟
              يوحنا 17: 11، 21 («أَيُّهَا الآبُ الْقُدُّوسُ احْفَظْهُمْ فِي اسْمِكَ. الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا نَحْنُ...... 21لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي».)
              يوحنا 17: 22-23 (22وَأَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمُ الْمَجْدَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا أَنَّنَا نَحْنُ وَاحِدٌ. 23أَنَا فِيهِمْ وَأَنْتَ فِيَّ لِيَكُونُوا مُكَمَّلِينَ إِلَى وَاحِدٍ وَلِيَعْلَمَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي وَأَحْبَبْتَهُمْ كَمَا أَحْبَبْتَنِي.)
              يوحنا 14: 10-11 (10أَلَسْتَ تُؤْمِنُ أَنِّي أَنَا فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ؟ الْكلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ لَسْتُ أَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ نَفْسِي لَكِنَّ الآبَ الْحَالَّ فِيَّ هُوَ يَعْمَلُ الأَعْمَالَ. 11صَدِّقُونِي أَنِّي فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ وَإِلاَّ فَصَدِّقُونِي لِسَبَبِ الأَعْمَالِ نَفْسِهَا.)
              يوحنا 14: 20 (20فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ تَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا فِي أَبِي وَأَنْتُمْ فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ.)
              يوحنا 15: 4 (4اُثْبُتُوا فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ.)
              أفسس 4: 6 (6إِلَهٌ وَآبٌ وَاحِدٌ لِلْكُلِّ، الَّذِي عَلَى الْكُلِّ وَبِالْكُلِّ وَفِي كُلِّكُمْ.)
              كورنثوس الأولى 6: 19 (19أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَسَدَكُمْ هُوَ هَيْكَلٌ لِلرُّوحِ الْقُدُسِ الَّذِي فِيكُمُ الَّذِي لَكُمْ مِنَ اللهِ وَأَنَّكُمْ لَسْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ؟)
              كورنثوس الأولى 12: 12-13 (13لأَنَّنَا جَمِيعَنَا بِرُوحٍ وَاحِدٍ أَيْضًا اعْتَمَدْنَا إِلَى جَسَدٍ وَاحِدٍ يَهُودًا كُنَّا أَمْ يُونَانِيِّينَ عَبِيدًا أَمْ أَحْرَارًا. وَجَمِيعُنَا سُقِينَا رُوحًا وَاحِدًا.)
              وهو عين ما قصده بولس فى أفسس 4: 4 (4جَسَدٌ وَاحِدٌ، وَرُوحٌ وَاحِدٌ، كَمَا دُعِيتُمْ أَيْضًا فِي رَجَاءِ دَعْوَتِكُمُ الْوَاحِدِ.)
              كورنثوس الثانية 6: 16 (16وَأَيَّةُ مُوَافَقَةٍ لِهَيْكَلِ اللهِ مَعَ الأَوْثَانِ؟ فَإِنَّكُمْ أَنْتُمْ هَيْكَلُ اللهِ الْحَيِّ، كَمَا قَالَ اللهُ: «إِنِّي سَأَسْكُنُ فِيهِمْ وَأَسِيرُ بَيْنَهُمْ، وَأَكُونُ لَهُمْ إِلَهًا وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْبًا.)
              ألم يقل الكتاب إن من يعمل أعمال الرب اتحد به وأصبح كإله؟ ومن يعمل أعمال الشيطان اتحد به وأصبح كالشيطان؟
              يوحنا 8: 44 و47 (44أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. … 47اَلَّذِي مِنَ اللَّهِ يَسْمَعُ كلاَمَ اللَّهِ. لِذَلِكَ أَنْتُمْ لَسْتُمْ تَسْمَعُونَ لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنَ اللَّهِ».)
              يوحنا الأولى 5: 18 (18نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَنْ وُلِدَ مِنَ اللهِ لاَ يُخْطِئُ ، بَلِ الْمَوْلُودُ مِنَ اللهِ يَحْفَظُ نَفْسَهُ ، وَالشِّرِّيرُ لاَ يَمَسُّهُ.)
              ألم يقل الكتاب إن من التصق بزانية فهو يكون معها جسدًا واحدًا وروحًا واحدة؟ فهل كان يقصد بذلك عدم انفصال الزانى عن الزانية، وبقائهما هكذا باقى العمر؟ أى هل هى دعوة للزناة للإستمرار فى زناهم؟
              كورنثوس الأولى 6: 16-17 (أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ مَنِ الْتَصَقَ بِزَانِيَةٍ هُوَ جَسَدٌ وَاحِدٌ روحا واحدا.)
              أليس انفصال الإنسان عن الرب يعنى ابتعاده عن تعاليمه ووصاياه؟ أليس انفصال الإنسان عن الشيطان هو بعده عنه وعدم اتباعه؟
              ألا ينفصل المؤمنون عن الرب بما يقترفون من الذنوب؟ ألا ينفصل الأشرار عن الشيطان إذا تابوا ورجعوا إلى الرب؟
              فإذا كان المؤمن ينفصل عن الرب، فلماذا لا ينفصل الزوج إذن عن زوجته والزوجة عن زوجها من أجل مصلحة إيمانية أو دنيوية تفضى إلى هدوء نفسى وروحى داخل كيان الأسرة كلها؟
              وهل نفهم بعدم وجود طلاق بين الزوجين أن رابطة الزواج أشد عروة وأوثق من رابطة الإنسان بربه؟ أم هل رابطة الزواج أقدس من رابطة الإنسان بربه؟
              وعلى ذلك فلم يقم يسوع بإلغاء الطلاق، ولكنه كان متبعًا لكل تعاليم الناموس، ولم يقم بإلغاء أى نقطة منه، مصداقًا لقوله نفسه.
              الحادى عشر: لم يفهم أحد من أنبياء بنى إسرائيل أو أحبارهم لليوم النص على أنه يُحرِّم الطلاق، وهو ما يريد كتبة الأناجيل، والذى يفترض أنهم يهود من أتباع يسوع على هذا. ويعلّق الحبر اليهودي ((صموئيل لاكس)) على هذا النصّ بقوله: ((لا يوجد أدنى معنى (في هذا النصّ) على أنّ الزواج هو سرّ مقدّس، بمعنى أنّه لا يمكن إنهاؤه؛ فقد كان يُنظر إليه دائمًا على أنّه عقد من الممكن حلّه. ))!!
              إنّ هذا التفسير الذي يقدّمه ((يسوع الأناجيل)) فاقد للمستند اللفظيّ والسياقي .. وهو اختلاق محض، ليس له في صحف الوحي أصل!!
              الثانى عشر: إن قول يسوع متى 19: 4-5 (4فَأَجَابَ: «أَمَا قَرَأْتُمْ أَنَّ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْبَدْءِ خَلَقَهُمَا ذَكَرًا وَأُنْثَى؟» 5وَقَالَ: «مِنْ أَجْلِ هَذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونُ الاِثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا.)
              لقد استعمل النص فعل (يترك) الذى يعنى يبتعد عنهما. وإن هذا القول يناقض أمر الرب بالبر بالوالدين، إذ كيف يترك الرجل أباه وأمه فى شيخوختهما لمجرد زواجه من امرأة ما؟ إن رابط الدم الذى بين الابن وأبويه أكبر وأعمق وأهم وأقدس من رابطة الزواج، الذى يحبذ الرب عدم وجوده من الأساس!! فأين (19أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ وَأَحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ) متى 19: 19، كما أنه يُخالف طبيعة اليهود الذين كانوا يعيشون فى جماعات أسرية، دون أن يبتعد الابن عن والديه.
              الثالث عشر: إن قول يسوع (... وَيَكُونُ الاِثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا. 6إِذًا لَيْسَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. فَالَّذِي جَمَعَهُ اللَّهُ لاَ يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ».) متى 19: 7-8، تفهمه الكنيسة بصورة خاطئة، إذ إن المقصود منها هو التزوج والاجتماع على كتاب الله وشريعته، والطلاق أيضًا يتم على كتاب الله وشريعته، وليس بناءً على أهواء الزوج ونزواته. وبذلك فالله هو الذى يُجمع ويفرق.
              الرابع عشر: قصر يسوع فى عرف الكنيسة والنص المكتوب الطلاق على الزنى فقط، وهذا ينفى وحده الألوهية عن يسوع، إذ لا يعرف أن هناك ما هو أشد من الزنى، وهو سوء الخلق. فقد لا يزنى الرجل أو لا تقترف المرأة الزنى، ولكن أحدهما سىء الخلق بصورة لا يمكن معها التعايش مع الطرف الآخر. فهل يحتمل المرء الحياة مع إنسان بذىء اللسان؟ هل من الممكن أن يتعايش إنسان شريف مع لص أو كذاب؟ هل من الممكن أن يتعايش إنسان مع بلطجى أو يكتسب من الحرام؟ هل من الممكن أن يتعايش المرء مع مخرب أو جاسوس؟ هل من الممكن أن تعيش المرأة مع رجل مجنون أو عنين (أى لا يقدر على ممارسة الجنس مع زوجته)؟ فكيف يقصر يسوع الطلاق على الزنى فقط وتُكمل له بعد ذلك الكنيسة حالات أخرى يتعذر معها بقاء الحياة الزوجية؟
              الخامس عشر: إن الكنيسة بهذا النص تدفع أتباعها إلى اقتراف الزنى للتخلص من هذه الحياة المستحيلة مع الشريك المنفر أو التخلص منه بأى صورة كانت! وبالتالى تنتج للحياة أشخاص مجرمين خارجين عن القانون ومبادىء الرب الطيبة. أى تفصلهم بذلك عن حياة القداسة مع الرب، حفاظًا على حياة القرف مع الزوج المنفر. أو على الزوجين أن يكن كل منهما الكره للآخر ويعيش مع ذلك معها، فما هو حال الذرية التى ستنتجها هذه الأسرة المفككة؟
              السادس عشر: أحست الكنيسة بخلل فى نص يسوع، وأنه غير مناسب للحياة البشرية، التى قد يظن من يمنع الطلاق بين الزوجين أن الزوجين من الملائكة أو القديسين الذين لا يخطئون، وبالتالى وضعوا استثناءات للطلاق، لم تقل بها كتب الأناجيل، وغفل الرب عنها فى كتابه. إلا أنهم أسموها بمسميات أخرى غير الطلاق مثل (بطلان الزواج) و(التفريق بين الزوجين) و(الإنفصال دون الطلاق)، وكلها تؤدى إلى تفريق الزوجين الذى جمعهما الله! أى تعددت الأسماء، والمسمَّى واحد.
              لذلك جاء فى جريدة المصريون الالكترونية، في مقال بعنوان ((متحديًا الكنيسة الأرثودكسيّة .. القس أكرم لمعي .. وضعنا قانونًا لتحرير 60 ألف مطلّق يسمح لهم بالزواج الثاني) (15/4/2009م): قول (أكرم (إكرام) لمعي) للقمص (عبد المسيح بسيط): (تسمون الأشياء بمسميات غير مسمياتها، فلا تقولون طلاق وتقولون بطلان أو فسخ زواج، وهو في حقيقته طلاق، وتساءل: لماذا لا يطلق عليه اسم طلاق وهو الاسم الحقيقي؟ لماذا لا تسمون الأمور بأسمائها؟ وما الداعي لهذا التعنت والشدة؟) .. وشهد شاهد من (الكنيسة)!
              ومن الغرائب في هذا الباب أنّ عامة قادة الكنائس الأرثودكسيّة والبروتستانتيّة والكاثوليكيّة المشاركين في البحث الذي أشرفت عليه إحدى النسويات العربيات ، والذي صدر سنة 2006م تحت عنوان: ((قوانين الأحوال الشخصية للمسيحيين: دراسة تحليليّة ونقديّة))، قد مالوا إلى المذهب الذي خلاصته أنّ: ((الخلاف إذا كان صادرًا من أحد الزوجين دون الآخر، ولم يكفّ المخالف عن فعله لا بالنصح ولا بالتوبيخ ولا بالتأديب الروحي مدة محددة من الزمن ولتكن (ثلاث سنوات) على سبيل المثال، وتوسط رجال الدين في ذلك وبذلوا الجهد الكافي لتعديل السلوك دون أن يجد ذلك استجابة لدى هذا الطرف، فإن من حق الكنيسة أن تحسب هذا الطرف كالوثني أو العشار، وتحكم بفسخ الزواج، والسماح للطرف الثاني بالزواج.)) .. وهذا ما يعني فتح باب الطلاق على مصراعيه، وإن غُيّرت (اليافطة) من (طلاق) إلى (فسخ) .. ((تعدّدت الأسماء، والفعل واحد))!
              وفى تعدد أسباب الطلاق لدى القانون الكنسى يقول الأستاذ سامى العامرى: فقد وضع ابن العسَّال سنة 1236م كتابه (المجموع الصفوى)، وعدله بعدها بسنتين، وأصبحت قوانين ابن العسَّال هى التشريع الذى يناسب الكنيسة الأرثوذكسية والحبشية والمارونية. وقد استمرّت الكنيسة الأرثوذكسيّة المصريّة على العمل بما قرّره (ابن عسال) في هذا الكتاب قرونًا طوالًا، واستندت عليه لائحة الأحوال الشخصيّة لنصارى مصر الأرثوذكس الصادرة سنة 1938م؛ فقد حدّد (المجلس الملي للأقباط) سنة 1938م الأسباب التي تجيز الطلاق وهي: (1) الزنى، (2) وتغيير أحد الزوجين دينه، (3) وغيابه أكثر من خمس سنوات، (4) وإصابته بالجنون، (5) واعتدائه على الآخر بقصد الإيذاء، (6) وإساءة معاشرته لزوجه، (7) واختياره الرهبنة بموافقة الآخر،وهي المذكورة بعينها في (المجموع الصفوي).
              ولم تكن الكنيسة الأرثودكسيّة المصريّة –من باب الإنصاف(!)-بِدعًا في هذا الباب؛ إذ قد عملت بنفس الأمر أكبر كنيسة في العالم؛ وهي الكنيسة الكاثوليكيّة، إذ قد جاء في الموسوعة الكاثوليكيّة ((The Harpercollins Encyclopedia of Catholicism )) التي كانت تعرض مواقف الكنيسة وتدافع عنها: ((.. تجد الكنيسة مع ذلك أمر إنهاء الزواج في جلّ الحالات مستحيلًا؛ لأنّه ضدّ حكم يسوع (متّى 19/6 ومرقس 10/9). لا يمنع هذا التعليم، مع ذلك، المؤمن من أن يحصل على طلاق مدني أو أن يعيش بعيدًا عن زوجته؛ خاصة في تلك الحالات التي تغدو فيها الحياة الزوجيّة مصدر أذى لأحد الطرفين أو للأبناء.)) . وأضافت أنّ أكثر طريقة شائعة ليتزوّج المطلّق من امرأة أخرى، هي أن يحصل على وثيقة إبطال الزواج من المحكمة الكنسيّة!!!
              وقد بلغ أمر تلاعب الكنيسة في الغرب بأحكام الطلاق مبلغًا عجيبًا؛ إذ قد كان الملوك والأميرات يلجؤون إلى بابا الكاثوليك والقانون الكنسي لإبطال زيجاتهم تحت دعوى بطلان الزواج لأنّ من أجداد الزوجين من حصل بينهما اقتران في السابق!! حتّى إنّ ((إيرل بوثويل)) قد رغب في طلاق زوجته، ليتزوج الملكة ((ماري))؛ لأنّ من أجداده منذ قرن مضى، من قد تزوّج من عائلة زوجته!
              السابع عشر: لم تتفرّد الكنيسة الأرثودكسيّة المصريّة بالتنكّر للمنظومة التشريعيّة للطلاق كما هي في العهد الجديد، وإنّما وجدت (رفاقًا) في طريق مخالفة صريح النصوص المقدّسة.
              فقد جاء في المواد (38) إلى (52) من قانون الأحوال الشخصية لطائفة الأرمن الأرثودكس بالقاهرة الصادر سنة 1940م أنّ أسباب الطلاق هي: ((الزنى، مرور ثلاثة سنوات على إصابة أحد الزوجين بجنون لا يشفى، إذا صدر حكم نهائي بعقوبة مقيدة للحرية لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات، شروع أحد الزوجين في قتل الآخر، إذا ارتد الزوج الآخر عن دينه، إذا أبى أحد الزوجين الاختلاط الزوجي، إذا رفض أحد الزوجين الاتصال الجنسي أثناء الزواج لغير مانع شرعي، إذا قصّر أحد الزوجين في واجبات المعونة والنجدة والحماية التي يفرضها الزواج عليه نحو الزوج الآخر، إذا رفض أحد الزوجين معاشرة الآخر ما لم يكن لهذا الرفض مبرر، غياب أحد الزوجين مدة لا تقل عن ثلاث سنوات، إصابة أحد الزوجين بمرض سرّي أثناء الزواج، إذا عمل أحد الزوجين على البقاء في حالة عقم وخاصة عند استخدام وسائل للإجهاض، إذا فسدت أخلاق الزوج أو دفع زوجته إلى الرذيلة بقصد المتاجرة بعفافها، إذا تكرر اعتداء أحد الزوجين على شخص الآخر، أو إذا سلك أحدهما سلوكًا معيبًا لا يتفق مع الاحترام الواجب للزوج الآخر ولو لم تكن هناك أدلة على الزنى، أو إذا أضرّ أحد الزوجين بالمصالح المالية للزوج الآخر ضررًا بليغًا بسوء القصد، إذا وجد تنافر شديد بين طباع الزوجين يجعل اشتراكهما في المعيشة مستحيلًا.))
              وورد في المواد من (6) إلى (12) من اللائحة الخاصة بالزواج والطلاق للروم الأرثودكس في مصر والصادرة سنة 1937م أنّ أسباب الطلاق هي: ((الزنا، التعدي على الحياة، ترك الآخر عن قصد سيئ مدة ثلاث سنوات، اختفاء الآخر لمدة ثلاث سنوات، الإصابة العقلية أو الأمراض مثل الجذام، عدم مقدرة الآخر على استيفاء غرض الزواج واستمرار ذلك لمدة ثلاث سنوات، إذا حكم على الآخر بالأشغال الشاقة المؤبدة، الارتداد عن الدين المسيحي، إذا تزعزعت الحياة الزوجية بسبب الآخر تزعزعًا يستحيل معه استمرار الحياة الزوجية، إذا لم يجدها الزوج بكرًا يوم زواجها، إذا كان الزوج يجتهد في الاعتداء على عفافها فيدفعها إلى الزنى، وإذا اتهمها أمام سلطة رسمية أو محكمة بارتكاب الزنا، وجود بعض الأمور التي أحدثت في علاقات الزوجية تعكيرًا عظيمًا لدرجة أصبح معها من المؤكد أن استمرار الحياة الزوجية لا يمكن أن يحتمله الزوجان.))
              وجاء في المعجم اللاهوتي ((Evangelical Dictionary of Theology)): ((طوّرت الكنيسة الشرقيّة منذ القرن السادس تراثًا يسمح بالطلاق مع الحقّ في الزواج مرّة أخرى لأسباب متنوّعة.))
              وهذا دليل على قصور قانون الطلاق لعلة الزنى فقط،والقصور فى حق الله نقص فيه وفى كتابه، ولا يجوز نسبته لله، وإلا عُدَّ سباب للرب. والنتيجة أن هذا النص غير إلهى، فلم يقل به إله، ولا كتاب إلهى، ولا نبى صادق يبلغ عن الله تعالى. وإلا لما أقدمت الكنيسة على تعديله ليتمشى مع جزء من الواقع، الذى نعيش فيه.
              الثامن عشر: شريعة منع الطلاق إلاّ لعلّة الزنى، غير منطقيّة بالنسبة للكثيرين؛ ومنهم أحد آباء الكنيسة وأئمتها، أقصد ((أريجن)) الذي قال بعد أن ذكر أسبابًا كثيرة، أكثر وجاهة من الزنى، لطلب الطلاق –كمحاولة تسميم الطرف الآخر أو قتل الابن في غيبة أحد الوالدين-: إنّ حكم الإنجيل سيظهر بذلك غير معقول (irrational)، ولكن مع ذلك لا بدّ –على قوله- من قبول حكم المسيح!!؟
              وكان قدّيس الكنيسة ((إبيفانيوس)) (( Epiphanius )) أكثر جرأة من ((أريجن)) ؛ إذ جهر برفض حصر الطلاق في الزنى؛ مجيزًا الطلاق للزنى أو لأيّة جريمة أخرى.
              التاسع عشر: ونقلا مرة أخرى عن الأستاذ سامى العامرى، إن أعلام النصارى الأقدمين اختاروا مخالفة هذا النص، عندما رأوا الآثار المدمرة لشريعة الطلاق إلا لعلة الزنى على الأسر، وعلى الزوجين غير المتوافقين وغير الموفقين فى هذه الزيجة المدمرة. ورأوا تغيير هذا القانون وشكك البعض فى نسبته للرب أو فى فهم الكنيسة والآباء الأول:
              • ((دسيدريوس إيرازموس)) ((Desiderius Erasmus)) : رغم أنّه كان ينتمي إلى الكنيسة الكاثوليكيّة، إلا أنّه قد وقف أمام الجمود الكنسي على نصوص الأناجيل، وكان بذلك أهمّ شخصيّة علميّة مهدّت الطريق لأئمة (الإصلاح) البروتستانتي لإعادة صياغة فهم جديد لنصوص الطلاق الواردة في العهد الجديد.
              أثار ((إيرازموس)) نقاشًا كبيرًا في زمانه بين الكاثوليك، من خلال النصّ القياسي اليوناني للعهد الجديد الذي أعدّه وخالف فيه عدّة قراءات موجودة للنصّ في عصره، بعضها كان نابعًا من الترجمة اللاتينيّة (الفولجات). كما نشر مجموعة من الملاحظات القصيرة، صدرت على مدى خمس طبعات في عشرين سنة، وتوسّع فيها أكثر من مرّة. وقد كان تعليقه على نصّ 1 كورنثوس 7/39 هو الأطول؛ إذ شغل أربع عشرة صفحة، حيث كشف عن سبب إطنابه في هذا الشأن بقوله: ((نحن نرى الآلاف من الناس يُجمَعون معًا في زيجات تعيسة تقود إلى التدمير المتبادل (لطرفي العلاقة)؛ وما يمكن أن ينقذهم هو الفصل بينهم.))
              وبيّن ((إيرازموس)) أنّه لا بدّ من إعادة قراءة ما قاله ((موسى)) و((المسيح)) و((بولس)) .. كما أشار إلى أهميّة مراعاة الزمان والبيئة حتّى في التعامل مع الأحكام الإلهيّة الواردة في الأسفار المقدّسة، ودلّل على هذه النقطة بما جاء عن ((بولس)) في رسائله من أنّه يتحدّث في قضايا تشريعيّة برأيه الخاص؛ واستدلّ بنص 1 كورنثوس 7/4: ((وَإِنَّمَا الآنَ أَقُولُ هَذَا عَلَى سَبِيلِ النُّصْحِ لاَ الأَمْرِ))، وبما جاء في العدد 25 من نفس الفصل من أنّه ليس ((لبولس)) ((وصية من الربّ))؛ ولذلك فهو يقدّم ((رأيه)). وقرّر ((إيرازموس)) أنّ النصح بما يراعي الضعف البشري؛ كان طابع اجتهادات ((بولس))، وأنّ بولس كان ((كثيرًا ما يجعل حكم الربّ أكثر مرونة.)) (!!). وأنّه من أجل مراعاة المبادئ الإنسانيّة الكبرى؛ كان ((بولس)) سيتنازل عن رأيه بل وحتى عن حكم المسيح!!!
              لقد شعر ((إيرازموس)) بالخطر الشديد الذي تمثّله نصوص العهد الجديد؛ فحاول إحداث (فلسفة) جديدة للتعامل معها، تسمح بتليين بعضها، والقفز فوق البعض الآخر؛ حتّى لا تكون هذه الأسفار أداة هدم للأسرة وتعذيب الزوجين!!

              تعليق


              • #82
                الملف 59
                • ((مارتن لوثر)): أضاف ((مارتن لوثر)) أسبابًا جديدة لإباحة الطلاق غير الزنى وتغيير القرين دينه، وهي:
                1- إذا لم يوفّ أحد القرينين بالواجبات الزوجيّة؛ لعدم قدرته على ذلك بدنيًا، واستدلّ لذلك بالرسالة الأولى إلى كورنثوس 7/4-5.
                2- الهجر لمدة بين سنتين وعشر سنوات، واستدلّ لذلك بالرسالة الأولى إلى كورنثوس 7/15.
                3- الجهل بوجود زيجة سابقة للقرين.
                • (تسفنجلي) ((Zwingli)) : قال اللاهوتي السويسري (هولدريش تسفنجلي): ((لمّا أباح المسيح الطلاق بسبب الزنى، لم يُقصِ الأسباب الأخرى للطلاق، ولم يعتبر أنّ هذا السبب، هو الوحيد، وإنمّا ذكره كواحد من الأسباب ... لا يعني ذلك أنّ الزنى هو السبب الوحيد للطلاق، بل توجد أعمال أخرى قبيحة، شرٌّ من الزنى؛ مثل الخيانة، والسحر، وقتل واحد من الأهل. ))
                وقال: ((لا بدّ أن تفهم الأحكام بصورة أوسع وأكبر؛ فإنّ الذي يبيح الطلاق بسبب الزنى مع غير المحصن والمحصن، لا شكّ أنّه لن يمنعه لأسباب أوجه من ذلك.))
                • ((بولنجر)) ((Bullinger)) : اعتبر ((بولنجر)) أنّ ((بولس)) عندما كان يصرّح أنّه يتحدّث برأيه الخاص عن الطلاق؛ فإنّه في الحقيقة كان يتحدّث بكلام (الربّ)، وقد دفعه الحذر والتواضع إلى قول ذلك. وقرّر أنّ نسبة ((بولس)) الأحكام إلى نفسه، لا تتعارض مع أنّ ما قاله هو من الربّ ويحمل نفس السلطة الإلزاميّة لكلام (الربّ)؛ لأنّه كان يتحدّث من مبدأي ((الإيمان والخير)) .. ولذلك فإنّ على كلّ نصراني أن يفسّر النصوص في ظلّ قيمة العدل الكبرى التي هي منبع التشريع الإلهي!
                كما قرّر ((بولنجر)) في تعليقه على نصّ 1 كورنثوس 7 أنّ المسيح قد اعتبر ((الزنى)) كأحد مبرّرات الطلاق: ((لأنّه لمّا أباح الربّ الطلاق في الإنجيل؛ كان ذلك لأسباب معيّنة، ولم تكن نجاسة الزنى أدناها.)) أي أنّ هناك أسبابًا أخرى أقلّ وجاهة من الزنى، تبيح طلب الطلاق.
                إنّ خلاصة موقف ((بولنجر)) من الطلاق كما هو في الإنجيل تتمثّل في أنّ ((المسيح لم يحرّم الطلاق، ولكنّه منع تلاميذه من أن يحصّلوا الطلاق بيسر كما هو الأمر عند اليهود.))
                • ((يوهان برنز)) ((Johann Brenz)) : يعتبر ((يوهان برنز)) مع اللاهوتي الشهير ((ملانكثون)) ((Melanchthon)) ، من أشدّ أعلام (الإصلاح الكنسي) تشددًا في منع الطلاق، ومع ذلك فقد أجازا الطلاق إذا كان الزوج عاجزًا جنسيًا، ولم يبرأ من ذلك بعد ثلاث سنوات من العلاج. وبسبب علم ((برنز)) أنّ ما أورده من تفسير لأسباب الطلاق، يعدّ تضييقًا على الراغبين في فكّ علاقاتهم الزوجيّة؛ فقد قرّر أيضًا ما ذهب إليه ((لوثر))؛ وهو أنّ الأسباب الإنجيليّة (أي الواردة في الإنجيل) لإباحة الطلاق، ليست موجّهة لكلّ الناس، وإنمّا هي خاصة فقط بالنصارى المتديّنين، وأنّ على القضاة أن يحكموا بالقانون البشري في القضايا التي تخصّ اليهود، والنصارى، والوثنيين، والأتراك !! وهو اعتراف صريح أنّ نصوص الأناجيل لا تحمل الخلاص الدنيوي للبشر، وهي عاجزة عن حلّ مشاكلهم الحياتيّة!
                • ((بوسر)) ((Bucer)) : أكّد ((بوسر)) على أهميّة روح التشريع، وأنّه يجب ألاّ يطغى الحرف عليه. وأنّه يجب قبول ((الأسباب العادلة)) لطلب الطلاق؛ ومنها القتل والتسميم وإساءة معاملة الزوجات .. وبلغ اجتهاده إلى حدّ القول بجواز الطلاق بالاتفاق!
                ويبدو أنّ الدكتور القس ((صفوت البياضي)) رئيس الطائفة الإنجيلية في مصر يميل إلى اجتهاد أئمة مذهبه؛ إذ إنّه قد صرّح أنّ: ((مفهوم الزنى ليس بالضرورة جسديًا، فليس بالضرورة أن يقترف الإنسان شيئًا ماديًا، فالكراهية هي أيضًا زنى، ونحن إما أن نتقيد بالنص حرفيًا، أو نجتهد في فهمه بعقل مفتوح يراعي متغيرات الزمن الذي نعيشه.)) .. وهذا اجتهاد لا دليل عليه من الأسفار المقدّسة، وإنّما هو يكشف (مرونة!) العقل البروتستانتي ورغبته الدائمة في (معايشة الواقع)، وإحساسه اليقيني أنّ ما شرّعته الأناجيل في أمر الطلاق لا يمكن البتة أن يوافق الطبائع البشريّة!
                وقد بلغ الأمر بالدكتور القس ((صفوت البياضي)) أن صرّح جهارًا أنّ نصوص الكتاب المقدس عاجزة عن أن تفي بمتطلّبات الإنسان المعاصر ومشاكله الزوجيّة المعقّدة؛ فقد قال: ((لا يحل هذه المشكلات إلا الزواج المدني، وقد سبق أن أعلنت هذا الرأى من فوق المنابر الإعلامية.)) –وقد صرّح المطران الكاثوليكي الأب ((يوحنا قلته)) برأي قريب منه - وهذا اعتراف قويّ في لهجته، يشكر صاحبه على جرأته في إعلانه.
                العشرين: من المآسى التى يعانى منها طالبو الطلاق بين المسيحيين المصريين ما لا يُعد، ولا يُحصى، وقد اضطر الكثير إلى الكفر بالأرثوذكسية وتغيير الملة للحصول على الطلاق. فهل راعى الكتاب المقدس جدًا الواقع البشرى الفطرى؟
                الواحد والعشرين: لم يرع الكتاب المقدس جدًا الحالات التى لا يتم فيها التصالح أو التوفيق بين الزوجين. وبالتالى لم يرع الذرية التى ستنشأ فى ظل جو يملأه الكره ومكر كل منهما بالآخر، وتمنى زواله من على وجه الأرض. وبالتالى تفقد الأسرة المودة والرحمة بين الزوجين وداخل إطار الأسرة، وينتفى الغرض من الزواج، الذى من أجله جعل الرب الرجل والمرأة فردًا واحدًا. حيث يستحيل أن يكون الشيطان والرب جسدًا واحدًا، يستحيل أيضًا السالب والموجب أن يكونا قطبًا واحدًا، وبالتالى يستحيل أن يكون الزوج والزوجة المتنافرين فردًا واحدًا، وبالتالى فقد فشل الرب فى قانونه أو كان كلامه فقط عن الزوجين المتآلفين.
                الثانى والعشرين: هل يتهم يسوع النبى المرسل إلى خراف بيت إسرائيل الضالة إله العهد القديم بالظلم، لأنه أقر الطلاق، وجعله شريعة أبدية، وهذا لا يجوز فى عرفه إلا لعلة الطلاق؟ أم إن يسوع نفسه هو إله العهد القديم ونسخ ما أقره من قبل، بعد أن ثبت فشل ما أقره من قبل؟ وهل هذا يُثبت ألوهية ما، أم يثبت أنه لم ولا يمكن أن يكون إلهًا، لأن الرب ليس بناقص علم؟ وهل تركه اليهود يهدم نقطة ما من الناموس دون أن يقتلوه؟ أليس هذا دليل كاف لرجمه، بدلا من استكثار الشهود عليه، دون أن تتحد شهاداتهم، وتفشل القضية، ويفلت من بين أيديهم؟ أليس هذا دليل كاف على قتله رجمًا بدلا من قتله ملعونًا على الصليب؟ أليس هذا بدليل كاف لقتله بدلا من أن يتقول التاريخ عليهم أنهم قتلوه حسدًا من عند أنفسهم؟
                الثالث والعشرين: هناك تضارب فى الأقوال المنسوبة ليسوع بهذا الصدد، ففى الوقت الذى يُنسب إلى يسوع عند متى، أنه لا يجوز الطلاق إلا لعلة الزنى، يُحرم لوقا ومرقس الطلاق نهائيًا دون ذكر علة ما:
                (11فَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَتَزَوَّجَ بِأُخْرَى يَزْنِي عَلَيْهَا. 12وَإِنْ طَلَّقَتِ امْرَأَةٌ زَوْجَهَا وَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ تَزْنِي».) مرقس 10: 11-12
                (18كُلُّ مَنْ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ وَيَتَزَوَّجُ بِأُخْرَى يَزْنِي وَكُلُّ مَنْ يَتَزَوَّجُ بِمُطَلَّقَةٍ مِنْ رَجُلٍ يَزْنِي.) لوقا 16: 18
                الرابع والعشرين: جاء في متّى 5: 32 و19: 9 أنّ الطلاق لا يجوز إلاّ في حالة الزنى فقط. فى حين أن مرقس ولوقا لا يذكران علة الزنى هذه، وتقول الرسالة الأولى إلى كورنثوس 7: 15 أنّ الطلاق يجوز إذا كان أحد الزوجين من غير المؤمنين: (وإنْ أرادَ غَيرُ المُؤمِنِ أو غَيرُ المُؤمِنَةِ أنْ يُفارِقَ فلْيُفارِقْ، ففي مِثلِ هذِهِ الحالِ لا يكونُ المُؤمِنُ أوِ المُؤمِنَةُ خاضِعَينِ لِرِباطِ الزَّواجِ، لأنَّ اللهَ دَعاكُم أنْ تَعيشوا بِسَلامٍ.) الترجمة الكاثوليكية
                الخامس والعشرين: يقول مرقس: (12وَإِنْ طَلَّقَتِ امْرَأَةٌ زَوْجَهَا وَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ تَزْنِي».) مرقس 10: 12، وهذا غريب على شريعة اليهود، إذ لم يرد مطلقًا أن المرأة يمكنها تطليق زوجها! فربما كان كاتب هذا الكتاب رومانى الأصل أو يعيش فى روما ومتأثر بالقانون الرومانى. وذلك على الرغم من أن عامة النصوص الأخرى تعطى الرجل فقط الحق فى تطليق زوجته.
                السادس والعشرين: يفهم من مرقس 10: 11 ولوقا 16: 18 أنّ من تزوّج بعد طلاقه؛ يعدّ مقترفًا للزنى. في حين يفهم من متى أنّ زواج الرجل من امرأة أخرى بعد طلاقه من الأولى لعلّة الزنى، لا يعدّ زنى! (32وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إِلاَّ لِعِلَّةِ الزِّنَى يَجْعَلُهَا تَزْنِي وَمَنْ يَتَزَوَّجُ مُطَلَّقَةً فَإِنَّهُ يَزْنِي.) متّى 5: 32؛ ومتى 19: 9 (9وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إِلاَّ بِسَبَبِ الزِّنَا وَتَزَوَّجَ بِأُخْرَى يَزْنِي وَالَّذِي يَتَزَوَّجُ بِمُطَلَّقَةٍ يَزْنِي».)
                السابع والعشرين: يفهم من متى 5: 32، ومتى 19: 9 والتى تُحدد أن من يتزوج بمطلقة يزنى، أن يسوع إله المحبة لديكم قد حكم على المطلقة حكمًا أبديًا بأن تعيش تتحرق لرجل ولا تجده إلا فى الحرام عن طريق الزنى. فلا توبة تنفعها، ولا رحمة تُرجى لها، تخشاها السيدات على أزواجهن، وينبذها المجتمع، لأن الرب إله المحبة قد حكم عليها بهذا الحكم الذى لا ينم عن رحمة أو تقبل غفران.
                وهذا الحكم يتناقض تمامًا مع تعاليم يسوع التى تنادى بالمحبة والغفران والسماح حتى مع الأعداء. فهل فاقت المرأة فى عداوتها الشيطان حتى تُعامل هكذا؟ وهل من العقل أن يكون عدم الطلاق إلا لعلة الزنى، وعدم التزوج من المطلقة من دواعى سرور وفخر أى إنسان عاقل؟
                (21حِينَئِذٍ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ بُطْرُسُ وَقَالَ: «يَا رَبُّ كَمْ مَرَّةً يُخْطِئُ إِلَيَّ أَخِي وَأَنَا أَغْفِرُ لَهُ؟ هَلْ إِلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ؟» 22قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لاَ أَقُولُ لَكَ إِلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ بَلْ إِلَى سَبْعِينَ مَرَّةً سَبْعَ مَرَّاتٍ.) متى 18: 21-22
                فلماذا لا يغفر الرب للمرأة المطلقة ويتركها تعيش حياة آمنة محترمة، ويعطيها الفرصة لتحيا فى نور الإيمان والصلاح والورع مرة أخرى؟ ولماذا لم يصرح أن من تتزوج بمطلق تزنى؟ فهل هذه العقوبة خاصة بالمرأة فقط مثل حرقها إن زنت أو قطع يدها إن أمسكت عورة من يتعارك مع زوجها؟
                (9وَإِذَا تَدَنَّسَتِ ابْنَةُ كَاهِنٍ بِالزِّنَى فَقَدْ دَنَّسَتْ أَبَاهَا. بِالنَّارِ تُحْرَقُ.) لاويين 21: 9
                (11«إِذَا تَخَاصَمَ رَجُلانِ رَجُلٌ وَأَخُوهُ وَتَقَدَّمَتِ امْرَأَةُ أَحَدِهِمَا لِتُخَلِّصَ رَجُلهَا مِنْ يَدِ ضَارِبِهِ وَمَدَّتْ يَدَهَا وَأَمْسَكَتْ بِعَوْرَتِهِ 12فَاقْطَعْ يَدَهَا وَلا تُشْفِقْ عَيْنُكَ.) التثنية 25: 11-12
                وهذا على الرغم من قول الرب إنه كثير الغفران وإنه يبرىء التائب من ذنبه:
                (14فَإِذَا تَوَاضَعَ شَعْبِي الَّذِينَ دُعِيَ اسْمِي عَلَيْهِمْ وَصَلُّوا وَطَلَبُوا وَجْهِي وَرَجَعُوا عَنْ طُرُقِهِمِ الرَّدِيئَةِ فَإِنِّي أَسْمَعُ مِنَ السَّمَاءِ وَأَغْفِرُ خَطِيَّتَهُمْ وَأُبْرِئُ أَرْضَهُمْ.) أخبار الأيام الثاني 7: 14
                (7لِيَتْرُكِ الشِّرِّيرُ طَرِيقَهُ وَرَجُلُ الإِثْمِ أَفْكَارَهُ وَلْيَتُبْ إِلَى الرَّبِّ فَيَرْحَمَهُ وَإِلَى إِلَهِنَا لأَنَّهُ يُكْثِرُ الْغُفْرَانَ.) إشعياء 55: 7
                (21فَإِذَا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُ الَّتِي فَعَلَهَا وَحَفِظَ كُلَّ فَرَائِضِي وَفَعَلَ حَقًّا وَعَدْلًا فَحَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ. 22كُلُّ مَعَاصِيهِ الَّتِي فَعَلَهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. فِي بِرِّهِ الَّذِي عَمِلَ يَحْيَا. 23هَلْ مَسَرَّةً أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ؟ أَلاَ بِرُجُوعِهِ عَنْ طُرُقِهِ فَيَحْيَا؟) حزقيال 18: 21-23
                وقال الرب لحزقيال: (11قُلْ لَهُمْ: حَيٌّ أَنَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، إِنِّي لاَ أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ، بَلْ بِأَنْ يَرْجِعَ الشِّرِّيرُ عَنْ طَرِيقِهِ وَيَحْيَا. إِرْجِعُوا ارْجِعُوا عَنْ طُرُقِكُمُ الرَّدِيئَةِ. فَلِمَاذَا تَمُوتُونَ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ؟ 12وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ فَقُلْ لِبَنِي شَعْبِكَ: إِنَّ بِرَّ الْبَارِّ لاَ يُنَجِّيهِ فِي يَوْمِ مَعْصِيَتِهِ، وَالشِّرِّيرُ لاَ يَعْثُرُ بِشَرِّهِ فِي يَوْمِ رُجُوعِهِ عَنْ شَرِّهِ. وَلاَ يَسْتَطِيعُ الْبَارُّ أَنْ يَحْيَا بِبِرِّهِ فِي يَوْمِ خَطِيئَتِهِ.13إِذَا قُلْتُ لِلْبَارِّ حَيَاةً تَحْيَا، فَـاتَّكَلَ هُوَ عَلَى بِرِّهِ وَأَثِمَ، فَبِرُّهُ كُلُّهُ لاَ يُذْكَرُ, بَلْ بِإِثْمِهِ الَّذِي فَعَلَهُ يَمُوتُ. 14وَإِذَا قُلْتُ لِلشِّرِّيرِ: مَوْتًا تَمُوتُ! فَإِنْ رَجَعَ عَنْ خَطِيَّتِهِ وَعَمِلَ بِـالْعَدْلِ وَالْحَقِّ، 15إِنْ رَدَّ الشِّرِّيرُ الرَّهْنَ وَعَوَّضَ عَنِ الْمُغْتَصَبِ وَسَلَكَ فِي فَرَائِضِ الْحَيَاةِ بِلاَ عَمَلِ إِثْمٍ, فَإِنَّهُ حَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ. 16كُلُّ خَطِيَّتِهِ الَّتِي أَخْطَأَ بِهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. عَمِلَ بِـالْعَدْلِ وَالْحَقِّ فَيَحْيَا حَيَاةً.) حزقيال 33 :11-16
                (12فَحَقًّا إِنَّ اللهَ لاَ يَفْعَلُ سُوءًا وَالْقَدِيرَ لاَ يُعَوِّجُ الْقَضَاءَ.) أيوب 34: 12
                فهل ما قاله متى يتناسب مع رحمة الرب وكتابه؟ أم أنه أراد أن يشوِّه صورة الرب ورسوله وينفِّر المؤمنين من اليهود فى هذا الشخص يسوع، ويُظهرونه بمظهر النبى الجاهل الذى لا يعرف ناموس الرب، بل ويحاربه، ومن ثم كان يستحق القتل غير مأسوف عليه؟!
                الثامن والعشرين: يفهم من متّى 5: 32 و19: 9 إباحة الطلاق، فقط إذا كانت الزوجة منحرفة .. في حين يفهم من الرسالة الأولى إلى كورنثوس 7: 15 أنّه لو لحق الانحراف أحد الزوجين؛ جاز الطلاق.
                التاسع والعشرين: نقلا عن سامى العامرى: أشارت دراسة ((ندوة يسوع)) في هامش ترجمتها للأناجيل، إلى مناقضة متّى 19/ 9 لما جاء في بقيّة الأناجيل:
                ((كان متّى هو الوحيد الذي غيّر المنع القاطع للطلاق المنسوب إلى عيسى.)) .. بل لقد ذهب ((ويليام فوكسول ألبرايت)) ((William Foxwell Albright)) و((س. س. مان)) ((Christopher Stephen Mann)) بعد أن بيّنا أنّ إباحة الطلاق لعلّة الزنى في متّى 19/ 9 و32 لا نجد لها موافقة في بقيّة العهد الجديد : ((اتّفق المعلّقون عامة على القول إنّ هذه الكلمات ليست جزءًا أصليًا من الحديث كما قيل في الأصل، وإنما هي تعليم للجماعة، أضيف لاحقًا إلى النصّ)). وهو ما قرّره أيضًا ((جون فنتون)) بقوله في تعليقه على متّى 5/32: ((رخصة إباحة الطلاق في بعض الحالات، تبدو كمثال لاستعمال هذه السلطة من طرف الكنيسة المبكّرة.))
                وقد انقسمت الكنائس بسبب هذا التناقض إلى فريقين فيما يتعلّق بأمر استثناء الطلاق لعلّة الزنى من قاعدة المنع المطلق؛ ففي حين اختارت الكنيسة الكاثوليكيّة منع الطلاق البتّة، مؤوّلة عبارة متّى على أنّها تعني هجر الرجل زوجتَه لا طلاقها، ذهبت عامة الكنائس الأخرى إلى اعتبار قاعدة منع الطلاق خاضعة لاستثناء واحد أو أكثر.
                وقد قرّرت موسوعة الكتاب المقدس ((The International Standard Bible Encyclopedia))، بعد عرضها ما يستفاد من أسفار العهد الجديد عن أمر الطلاق: ((تعليم العهد الجديد حول الطلاق، صعب ومعقّد)) ((The NT teaching on divorce is difficult and complex)) ، ووقف المعجم الكتابي (( The Oxford Companion to the Bible )) أمام المحاولات المتخالفة للمفسّرين والنقاد النصارى لفهم حقيقة الصورة؛ ليعلن أنّ ((كلّ وجهات النظر تتضمّن إشكالات في داخلها)) ، وقال الناقد ((هوبهاوس)) ((Hobhouse)) : ((حلول العهد الجديد غير قطعيّة، وآراء آباء الكنيسة الأوائل متذبذبة مثل آراء القانونيين والمصلحين المختلفة إلى درجة التضاد.)) .. فلا النصوص تماثلت، ولا التفاسير تطابقت!!
                الثلاثين: تذبذبَ أعلام الكنيسة الأوائل في تفسير أقوال المسيح حول مآل الزواج عند حدوث الزنى .. يقول ((رودريك فيلبس)) ((Roderick Phillips)) : ((المشكلة الأساسيّة التي على اللاهوتيين المسيحيين مواجهتها، هي كيف من الممكن التوفيق بين النصوص المتعارضة في ظاهرها والتي تقول بعضها بحظر الطلاق والأخرى التي يبدو أنّها تسمح بالطلاق إذا كانت الزوجة متهمة بالزنى. بعض آباء الكنيسة الأوائل (مثل هرماس، وجستين الشهيد، وأثناغوراس، وترتليان، وكلمنت السكندري) اقترحوا أنّ نصوص الطلاق في إنجيل متىّ تسمح للرجل بفكّ زواجه من الزوجة الزانية لكنها لا تسمح لأيّ منهما بالزواج مرّة أخرى. اللاهوتيون المتأخرون مثل أمبروز وجستنيان وأوغسطين مالوا إلى عدم جواز فك الزواج، وهو ما اختارته عدّة مجامع كنسيّة، منها مجمع (Arles) 314م و مجمع (Mileve) 416م ومجمع (Hereford) 673.
                سمحت مجامع أخرى في المقابل بالزواج مرّة أخرى بعد الطلاق الناجم عن زنى. اختار ذلك مجمع (Vannes) 465م ومجمع (Verberie) 752م، وإن كان المجمع الأخير قد قصر حق التطليق على الزوج، وفقط في حالات مخصوصة. تضارب النظريات حول الطلاق انعكس أيضا على الكفّارات .. )) !!!
                الواحد والثلاثين: كيف يستشنع الكاتب أن يطلّق الرجل المرأة، ويرى في مفارقة الرجل لزوجته جريمة؛ رغم أنّه يقرأ مدح (يسوع) لمن يتركون زوجاتهم: (29فَقَالَ لَهُمُ: «الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَيْسَ أَحَدٌ تَرَكَ بَيْتًا أَوْ وَالِدَيْنِ أَوْ إِخْوَةً أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا مِنْ أَجْلِ مَلَكُوتِ اللهِ ، 30إِلاَّ وَيَأْخُذُ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَفِي الدَّهْرِ الآتِي الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ.) (لوقا 18: 29-30 )؟!! إنها دعوة صريحة لتطليق الزوجات وهجرهن من أجل ملكوت السموات، وليس من أجل الزنى فقط!!
                لكن لماذا أثار الكاتب نقطة منع الطلاق فى المسيحية. إنه يريد أن يقول إن المسيحية تتفوق على الإسلام فى هذا الشأن؛ حيث منعت الطلاق للحفاظ على العلاقات الأسرية.
                يقول الأستاذ سامى العامرى: لا يمكن لمن قرأ عن الكنيسة وآبائها أن يزعم أنّ النصرانيّة قد أكرمت الزواج بمنعها فصم العلاقة الزوجيّة إلاّ بزنى أحد الزوجين-كما يريد أن يوهمنا القمّص-؛ لأننا نعلم يقينًا أنّ الكنيسة من خلال آبائها وقدّيسيها كانت تحقّر الزواج ابتداءً؛ وترى في ذلك فخرها الأجلى؛ حتّى إنّه لمّا أراد قديس الكنيسة ((كبريان)) الردّ على اليهود؛ جمع لذلك نصوصًا كتابيّة تظهر تفوّق النصرانيّة على اليهوديّة، منها نصّ 1كورنثوس 7/1: ((يَحْسُنُ بِالرَّجُلِ أَلاَّ يَمَسَّ امْرَأَةً))؛ للدلالة على أنّ امتناع النصارى عن الزواج هو أرقى من تحريض اليهود عليه.
                ولمّا تجرّأ ((جوفنيان)) على القول إنّ الزواج هو في نفس مستوى البتوليّة؛ انتفض قديس الكنيسة ((جيروم))، وحشد له النصوص الكتابيّة على أنّ الزواج ليس إلاّ نتيجة للسقوط!!!
                ووصف قديس الكنيسة ((جيروم)) كتاب ((ثيوفراستوس)) في التحذير من الزواج بأنّه كتاب : ((يساوي وزنه ذهبًا)).
                ولما تجرّأ الأسقف ((جوليان الإكلانومي)) ((Julian of Eclanum)) على كتابة قصيدة قصيرة في مدح الزواج؛ شنّ عليه قديس الكنيسة ((أوغسطين)) نقدًا حادًا حاميًا بسبب ما أظهره من تمجيد للزواج!؟
                وقد بلغ الحال أن شبّه قديس الكنيسة ((يوحنا ذهبي الفم)) المرأة المتزوجة، بالعبد الهارب من سيّده بينما رجلاه مربوطتان بالسلاسل - في سياق مدحه للعذريّة-، بينما شبّه قديس الكنيسة ((كبريان)) الذين تركوا الزواج، رغبة في البتوليّة، بالملائكة!!؟
                (عبد مسلسل) .. (ملك مجنّح) .. هما طرفا الوجود الإنساني .. إنّها ثنائية العبد والملَك .. والقيود والانطلاق .. والسموّ والسفول .. هذه هي المسافة (بالقياس الكنسي) بين الزواج والعزوبة!
                وقد عبّر (مسيح) الأناجيل بطريقته الخاصة، عن دناءة الزواج؛ فأخبر على سبيل الإغراء والثناء والمقابلة التقويميّة، أنّ الناس في الجنّة لا يتزوّجون: ((فَعِنْدَمَا يَقُومُ النَّاسُ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ، لاَ يَتَزَوَّجُونَ وَلاَ يُزَوَّجُونَ، بَلْ يَكُونُونَ كَالْمَلاَئِكَةِ الَّذِينَ فِي السَّمَاوَاتِ.)) (مرقس 12/25) .. هكذا هي الملائكة: طاهرة، زكيّة .. وهكذا هم البشر في الأرض: أراذل لتلبّسهم بالزواج!
                إنّها ثنائية: الملَك: الطاهر، النقي .. والمتزوّج: الساقط، الغَوِيّ!
                وإذا أراد المرء أن يرتفع من دركات البشريّة الدنيا؛ فعليه أن يصغي إلى قول (مسيح) الأناجيل، وهو يعلّق على قول تلاميذه: ((إِنْ كَانَتْ هَذِهِ حَالَةَ الزَّوْجِ مَعَ الزَّوْجَةِ، فَعَدَمُ الزَّوَاجِ أَفْضَلُ))، قال المسيح: ((هَذَا الْكَلاَمُ لاَ يَقْبَلُهُ الْجَمِيعُ، بَلِ الَّذِينَ أُنْعِمَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ. فَإِنَّ بَعْضَ الْخِصْيَانِ يُوْلَدُونَ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ خِصْيَانًا؛ وَبَعْضُهُمْ قَدْ خَصَاهُمُ النَّاسُ؛ وَغَيْرُهُمْ قَدْ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ مِنْ أَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ هَذَا، فَلْيَقْبَلْهُ!)) (متّى 19/10-12) ..إنّها دعوة صريحة إلى النفور من الزواج، وبغضه، واستقذاره!!
                وقد بلغ الأمر في (التراث الأصيل) للكنيسة المصريّة الأرثودكسيّة في تحقيرها للزواج أن قرّرت أنّ الفرق الوحيد بين الزاني والمتزوّج، هو اعتراف المتزوّج لله وأمام الناس أنّه ضعيف وحقير الهمّة، وأنّه لم (يقترف!!) الزواج إلاّ بسبب هذا النقص الذي استولى على كيانه وسيطر على بنيانه؛ فقد قال اللاهوتي ((يوحنا بن أبي زكريا بن سباع)) في كتابه ((الجوهرة النفيسة في علوم الكنيسة)) تحت عنوان ((في ذكر تحريم الزنا)): ((فأمّا العلّة في تحريم الحرام وتحليل الحلال فمن هذا وهو أنا نقول أن الكبريا ردا الله تعالى ومن تردا به هلك، ولمّا كان الشيطان في أعلا المراتب العلويّة؛ لم يسقط إلاّ بتعاطيه الكبرياء، ولم يسبّح لخالقه؛ فلمّا كان الزاني مصر على وجود العظمة وعدم الاقرار بعدم الطبيعة، وقلّة الانضباط من هيجان الشهوة وينكر هذا جميعه، ويقول ما أخطية وما فعلت ذلك حرم عليه الفعل لوجود عظمته وكبرياه.
                ولما كان المتزوج قد أبدى التواضع وعمل وليمة ودعا الناس إليها ومن جملتهم الكهنة ليحضروا عنده ليلة زواجه فكأنّه بلسان حاله أشهد على نفسه الجميع وكهنة الله العلي وأقرّ لهم بالضعف بالمعنى لا بتصريح اللفظ ولأجل هذا التواضع جاز له الفعل وصار غير محرمًا عليه.)) .. فهل يلتقي كلام هذا اللاهوتي، بما ادّعاه ((مرقس عزيز)) من أنّ النصرانيّة تعظّم الزواج وتكرّمه؟!!
                الثانى والثلاثين: ويتساءل الأستاذ سامى العامرى: لماذا يعتبر القمّص الطلاق جريمة، رغم أنّ (الإله): (يسوع وأباه وروح القدس!!) قد مارس التطليق في العهدين القديم والجديد، ولم يتحرّج منه؛ فقد طلّق هذا (الإلهُ) اليهودَ كما في إشعياء 50/1. وكما قال ((أريجن)) فقد طلّق إسرائيلَ ثم ردّها كما في هوشع 1/2 ، 2/2، 2/19 . وطلّق في العهد الجديد هيكل اليهود وتزوّج الكنيسة .. فلِمَ يُستقبح الفعل الذي وصفه ((أريجن)) بأنّه (طلاق) مجازًا؛ إذا كان مصدره الإله (يسوع ووالده وروح القدس)، ويُستشنع إذا مارسه بشر!؟
                وإذا قيل إن فعل الإله الواحد (!) (يسوع وأبيه وروح القدس) لم يكن طلاقًا حقيقيًّا، وإنما كان طلاقًا على المجاز! فإنّنا سنسأل: ((وهل تصحّ نسبة الأفعال المستشنعة إلى الربّ من باب المجاز؟!!))
                أما عن حقّ التطليق في "التقليد" النصراني والقانون الكنسي:
                - جاء في ((البيذاليون)) ((Pedalion)) تعليقًا على القانون 48 من ((قوانين الرسل)) ((The Apostolic Canons)) الذي تقول الكنيسة إنّه تجميع لقوانين رسل المسيح من طرف تلميذهم الأكبر ((كلمنت))، إنّ الكنيسة قد ((جرت على خطة أنّها تسمح للرجل أن يطلّق امرأته لعلّة الزنى، ولكنّها لا تسمح للمرأة أن تطلّق بعلها ولو زَنى.))
                - لقديس الكنيسة ((باسيليوس الكبير)) مجموعة قوانين تعتبر من المصادر الأساسيّة للكنيسة الأرثودكسيّة المصريّة. وقد جاء في القانون التاسع منها: ((يأمر التقليد الرجال الذين وقعوا في الزنى أن يبقوا مع زوجاتهم.)) وأضاف قديس الكنيسة ((باسيليوس)) أنّه لم ير جواز مفارقة الزوجة زوجها لزناه، في تقليد الكنيسة.
                ونصّ في القانون الواحد والعشرين أنّ على المرأة أن تبقى مع زوجها وإن ثبت زناه؛ في حين يُلزم الرجل بطلاق زوجته إن زنت .. وأردف قائلًا: ((الحجّة هنا غير سهلة الإدراك؛ ولكن هكذا تمّ تلقّي التقليد.)) مما يعني أنّ الكنيسة أيام الرسل والقدّيسين والآباء في القرون الأربعة الأولى قد استقرّ أمرها على منع طلاق المرأة من زوجها وإن زنى؛ وفي المقابل إلزام (لا فقط جواز) الرجل تطليق زوجته إن زنت!
                - تبنّى القول بمنع المرأة من طلب الطلاق من زوجها، وإن ارتكب الزنى، قديس الكنيسة وعظيمها في زمانه، ((جيروم))، الذي أباح في نفس الآن للرجل أن يطلّق زوجته لزناها أو حتّى لمجرّد وجود شبهة أو شكّ في زناها .. والغريب أنّه قد قال في مقابل ذلك كلمته الشهيرة: ((مادام الزوج على قيد الحياة، وإن كان زانيًا أو لوطيًا، أو واقعًا في كلّ أنواع الإجرام، وتركته زوجته بسبب ذاك؛ فإنّه يبقى مع ذلك زوجًا لها، ولا يسمح لها أن تتزوّج مرّة أخرى))!!
                - من أهمّ –بل أهمّ- الكتب التي تعرّضت للتشريع داخل الكنيسة الأرثودكسيّة المصريّة في القرون المتأخّرة، كتاب((المجموع)) ((لابن العسّال)) الذي هو جمع وترتيب للقوانين الكنسيّة السابقة.
                وقد جاء في ((المجموع)) ج 2 ب 24 ف 6: ((وأما الزاني فلا يفرّق بينه وبين زوجته .. وهذا وأمثاله يجب عليه مقاصصة أرباب الجنايات لا تفريق الزيجات.))
                - نصت المادة (61) من لائحة ((السريان الأرثوذكس)) على أن زنى المرأة فقط هو الذى يخوّل للزوج حق طلب التطليق. وعلّلت المادة (62) هذه التفرقة بالقول إنّ ((زنى المرأة علة لطلاقها، أما زنى الرجل فليس علة للطلاق بل للتبكيت والمنع من القربان.))
                إنّ منع المرأة من تطليق الزوج وإن زنى؛ هو نفسه أيضًا حكم شريعة اليهود، وكذلك الأمر فيما يتعلّق بتطليق الزوجة لمجرّد الشكّ في أنّها قد زنت؛ فقد جاء في كتاب ((الأحكام العبريّة)):
                المادة 429: ((يحل للرجل أن يطلق زوجته إذا أشيع عنها الزنى، ولو لم يثبت عليها فعلًا...))
                المادة 433: ((ليس للمرأة أن تطلب الطلاق مهما كانت عيوب زوجها، حتّى ولو ثبت عليها الزنى.))
                وأكتفى بهذا فكتاب الأستاذ سامى العامرى جدير بالقراءة عدة مرات فهو يستمر فى تفنيد النص وكلمة زنى ومدلولها عند آباء الكنيسة، والاختلافات الكثيرة التى حدثت بشأن هذا النص، وتذبذبَ أعلام الكنيسة الأوائل في تفسير أقوال المسيح حول مآل الزواج عند حدوث الزنى، وواقع الطلاق فى الإسلام.
                ومن هنا رأينا أن دواعى فخر الكاتب وتفاخره على الإسلام أنه ليس لديه طلاق فى المسيحية، وأن الزواج عبارة عن سجن أبدى وعذاب مستمر، خاصة إذا كان أحد الزوجين سىء الخلق أو الطباع، أو أصبح هكذا، ولم تفلح معه محاولات الإصلاح. وأنه لا طلاق إلا لعلة الزنى، كأنما يريد أن يقول إن هذا هو الطريق الأمثل للحصول على الطلاق، وإلا العذاب الأبدى وجحيم الحياة الزوجية. ولا زواج للمطلقة للأبد، وإن تابت وأحسنت، مخالفًا بذلك نص الكتاب، ومشوهًا صفة من صفات الرب وهى الرحمة والغفران!!
                فالحمد لله على نعمة الإسلام، وكفى بها نعمة!!
                * * * * *
                حقوق الإنسان فى الكتاب المقدس:
                يواصل الكاتب مدحه للمسيحية فى مقابل انتقاصه الإسلام فيقول تحت عنوان حقوق الإنسان:
                • كل إنسان له حرية الاختيار في قبول هبة خلاص المسيح أو رفضها.
                يوحنا 12:1و لوقا 8:10-10
                • الكتاب المقدس لا يفضل جنسًا فوق الآخر.غلاطية 28:3 وكولوسي 11:3
                • في الكتاب المقدس نرى الله يقدم حبه لجميع الناس. ويسوع المسيح قد مات على الصليب من أجل خطية العالم كله. يوحنا 16:3
                • المسيحيون مطالبون أن يحبوا جميع الناس حتى الأعداء. متى 43:5-48
                • المسيحيون مطالبون بعدم إدانة الآخرين. روميه 4:14
                وهكذا لا يعرف الكاتب من حقوق الإنسان إلا أن الإنسان له الحرية فى اختيار هبة المسيح أو رفضها، متناسيًا قول يسوع بنفسه إن الذين لن يقبلوه ملكًا ومخلِّصًا فجزاؤهم الذبح أمامه: (27أَمَّا أَعْدَائِي أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي».) لوقا 19: 27
                وتناسى أن يسوع ترك عدوه يهوذا الإسخريوطى يلقى الهلاك، وتلعنه البشرية، على الرغم من قوله إنه خير له لو لم يولد: (24إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنْهُ وَلَكِنْ وَيْلٌ لِذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي بِهِ يُسَلَّمُ ابْنُ الإِنْسَانِ. كَانَ خَيْرًا لِذَلِكَ الرَّجُلِ لَوْ لَمْ يُولَدْ».) متى 26: 24
                وتناسى أن يسوع/يهوه هو الذى أمر بقتل النساء والشيوخ والأطفال، بل والأجنة فى بطون أمهاتهم!
                وتناسى أن يسوع/يهوه هو الذى أمر بالتصفية العرقية للمخالفين له فى الدين، فهل هذا هو الحب الذى يكنه الرب لكل الناس؟ هل لم يفرق الرب بين الناس تبعًا للعقيدة؟
                ويدعى أن المسيحيين لا يدينون أحد تبعًا لقول يهوه/يسوع! فمن الذى قام بكل هذه الحروب العالمية والحملات الصليبية واحتلال البلاد واسترقاق العباد؟
                ([اعْبُرُوا فِي الْمَدِينَةِ وَرَاءَهُ وَاضْرِبُوا. لاَ تُشْفِقْ أَعْيُنُكُمْ وَلاَ تَعْفُوا. 6اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ. اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ. وَلاَ تَقْرُبُوا مِنْ إِنْسَانٍ عَلَيْهِ السِّمَةُ, وَابْتَدِئُوا مِنْ مَقْدِسِي». فَـابْتَدَأُوا بِـالرِّجَالِ الشُّيُوخِ الَّذِينَ أَمَامَ الْبَيْتِ. 7وَقَالَ لَهُمْ: [نَجِّسُوا الْبَيْتَ, وَامْلأُوا الدُّورَ قَتْلَى. اخْرُجُوا». فَخَرَجُوا وَقَتَلُوا فِي الْمَدِينَةِ.) حزقيال 9: 5-7
                (8يَا بِنْتَ بَابِلَ الْمُخْرَبَةَ طُوبَى لِمَنْ يُجَازِيكِ جَزَاءَكِ الَّذِي جَازَيْتِنَا! 9طُوبَى لِمَنْ يُمْسِكُ أَطْفَالَكِ وَيَضْرِبُ بِهِمُ الصَّخْرَةَ!) مزامير 137: 8-9
                (تُجَازَى السَّامِرَةُ لأَنَّهَا قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَى إِلَهِهَا. بِـالسَّيْفِ يَسْقُطُونَ. تُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ وَالْحَوَامِلُ تُشَقُّ) هوشع 13: 16
                (15كُلُّ مَنْ وُجِدَ يُطْعَنُ وَكُلُّ مَنِ انْحَاشَ يَسْقُطُ بِالسَّيْفِ. 16وَتُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ أَمَامَ عُيُونِهِمْ وَتُنْهَبُ بُيُوتُهُمْ وَتُفْضَحُ نِسَاؤُهُمْ. 17هَئَنَذَا أُهَيِّجُ عَلَيْهِمِ الْمَادِيِّينَ الَّذِينَ لاَ يَعْتَدُّونَ بِالْفِضَّةِ وَلاَ يُسَرُّونَ بِالذَّهَبِ 18فَتُحَطِّمُ الْقِسِيُّ الْفِتْيَانَ ولاَ يَرْحَمُونَ ثَمَرَةَ الْبَطْنِ. لاَ تُشْفِقُ عُيُونُهُمْ عَلَى الأَوْلاَدِ) أشعياء 13: 13-18
                (16فَلِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا أَمُدُّ يَدِي عَلَى الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَأَسْتَأْصِلُ الْكَرِيتِيِّينَ وَأُهْلِكُ بَقِيَّةَ سَاحِلِ الْبَحْرِ. 17وَأُجْرِي عَلَيْهِمْ نَقْمَاتٍ عَظِيمَةً بِتَأْدِيبِ سَخَطٍ فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ، إِذْ أَجْعَلُ نَقْمَتِي عَلَيْهِمْ) حزقيال 25: 16-17
                ويرى بولس أن إهلاك الرب لهذه الأمم على يد بنى إسرائيل كان نعمة ورحمة لهم: (19ثُمَّ أَهْلَكَ سَبْعَ أُمَمٍ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ وَقَسَمَ لَهُمْ أَرْضَهُمْ بِالْقُرْعَةِ.) أعمال الرسل 13: 19
                (34«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَمًا عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَمًا بَلْ سَيْفًا. 35فَإِنِّي جِئْتُ لِأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ وَالاِبْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا.) متى 10: 34-40
                وأكَّد يسوع/يهوه إله المحبة تعاليم كره الوالدين والأهل أجمعين بقوله: (وَقَالَ لَهُمْ: 26«إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضًا فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا.) لوقا 14: 25-26
                ثم اقرأ قول يسوع/يهوه فى السيف الذى جاء ليلقيه على الأرض بدلا من السلام: (.. .. يَقُولُ الرَّبُّ: السَّيْفَ لِلْقَتْلِ .. ...) إرمياء 15: 3
                ويقول: (10مَلْعُونٌ مَنْ يَعْمَلُ عَمَلَ الرَّبِّ بِرِخَاءٍ وَمَلْعُونٌ مَنْ يَمْنَعُ سَيْفَهُ عَنِ الدَّمِ.) إرمياء 48: 10
                ويؤكد محبته للبشرية فيقول: (49«جِئْتُ لأُلْقِيَ نَارًا عَلَى الأَرْضِ … 51أَتَظُنُّونَ أَنِّي جِئْتُ لأُعْطِيَ سَلاَمًا عَلَى الأَرْضِ؟ كَلاَّ أَقُولُ لَكُمْ! بَلِ انْقِسَامًا. 52لأَنَّهُ يَكُونُ مِنَ الآنَ خَمْسَةٌ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مُنْقَسِمِينَ: ثَلاَثَةٌ عَلَى اثْنَيْنِ وَاثْنَانِ عَلَى ثَلاَثَةٍ. 53يَنْقَسِمُ الأَبُ عَلَى الاِبْنِ وَالاِبْنُ عَلَى الأَبِ وَالأُمُّ عَلَى الْبِنْتِ وَالْبِنْتُ عَلَى الأُمِّ وَالْحَمَاةُ عَلَى كَنَّتِهَا وَالْكَنَّةُ عَلَى حَمَاتِهَا».) لوقا 12: 49-53
                (27أَمَّا أَعْدَائِي أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي».) لوقا 19: 27
                فعن أى محبة يتكلم كاتبنا؟ وإذا كان هذا هو تعريف المحبة فما هى إذن الكراهية؟ ولو كانت هذه أوامر إلهية، فكيف ستكون إذن أوامر الشيطان والطغاة؟
                ألم أؤكد لك من قبل أن كتبة هذه الأسفار التى تسمونها العهد الجديد من أعداء يسوع/يهوه نفسه؟ هل تحتاج مرة أخرى أن أبين لك أن الإله ليس اسمه يهوه، وإنما هذا الاسم من اختراع الكهنة بعد أن فُقد اسم الله الحقيقى؟ هل تريد أن أبين لك مرة أخرى أن يسوع جاء باسم الله الحقيقى وأخفاه اليهود كتبة أسفاركم مرة أخرى؟
                تقول دائرة المعارف الكتابية مادة (الله): (ثالثا - أسماء الله : كانت كل أسماء الله أصلا تدل على صفاته، ولكن اشتقاقات الكثير منها – ومن ثم معانيها الأصلية – قد فقدت، فكان لابد من البحث عن معان جديدة لها).
                (6«أَنَا أَظْهَرْتُ اسْمَكَ لِلنَّاسِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي مِنَ الْعَالَمِ. ....) يوحنا 17: 6
                (....لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي ... أَمَّا أَنَا فَعَرَفْتُكَ وَهَؤُلاَءِ عَرَفُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي. 26وَعَرَّفْتُهُمُ اسْمَكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ».) يوحنا 17: 21-26
                والإظهار لا يكون إلا من بعد إخفاء، والتعليم والتعريف لا يكون إلا من بعد جهل أو طمس.
                وتناسى الكاتب الذى يحدثنا عن حقوق الإنسان فى المسيحية أن يهوه/يسوع أمر أن يُفرض الختان على أتباعه والغرباء: (9وَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيمَ: «وَأَمَّا أَنْتَ فَتَحْفَظُ عَهْدِي أَنْتَ وَنَسْلُكَ مِنْ بَعْدِكَ فِي أَجْيَالِهِمْ. 10هَذَا هُوَ عَهْدِي الَّذِي تَحْفَظُونَهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَبَيْنَ نَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ: يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ 11فَتُخْتَنُونَ فِي لَحْمِ غُرْلَتِكُمْ فَيَكُونُ عَلاَمَةَ عَهْدٍ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ. 12اِبْنَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ فِي أَجْيَالِكُمْ: وَلِيدُ الْبَيْتِ وَالْمُبْتَاعُ بِفِضَّةٍ مِنْ كُلِّ ابْنِ غَرِيبٍ لَيْسَ مِنْ نَسْلِكَ. 13يُخْتَنُ خِتَانًا وَلِيدُ بَيْتِكَ وَالْمُبْتَاعُ بِفِضَّتِكَ فَيَكُونُ عَهْدِي فِي لَحْمِكُمْ عَهْدًا أَبَدِيًّا. 14وَأَمَّا الذَّكَرُ الأَغْلَفُ الَّذِي لاَ يُخْتَنُ فِي لَحْمِ غُرْلَتِهِ فَتُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ شَعْبِهَا. إِنَّهُ قَدْ نَكَثَ عَهْدِي».) تكوين 17: 9-14
                وتناسى الذى يدعى أن الكتاب المقدس لا يفرق بين الناس، ويقدم حبه للجميع، أنه يفرق بين الناس تبعًا للإيمان، فمن آمن بيسوع واتخذه إلهًا مُخلِّصًا فهو من المؤمنين، ومن يرفضه فهو من المشركين، الذين أمر يسوع أن يُأتى بهم أمامه ويُذبحون (لوقا 19: 27): (14لاَ تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لأَنَّهُ أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟ 15وَأَيُّ اتِّفَاقٍ لِلْمَسِيحِ مَعَ بَلِيعَالَ؟ وَأَيُّ نَصِيبٍ لِلْمُؤْمِنِ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ؟ 16وَأَيَّةُ مُوَافَقَةٍ لِهَيْكَلِ اللهِ مَعَ الأَوْثَانِ؟) كورنثوس الثانية 6: 14-16
                وتناسى المتكلم عن حقوق الإنسان عند يهوه/يسوع أن العنصرية هى من ابتداع إله المحبة والعدل والتسامح والمدافع الأول عن حقوق الإنسان، فلا يعرف الكتاب المقدس جدًا أنه يوجد شعب أو بشر غير شعب الرب المحبوب، أما باقى البشر فهم يأكلون الجيف، ويُقرضون بالربا، لتستمر لعنة الرب عليهم للأبد، حيث حكم الرب عليهم بأنهم شعب مدنس، فليس لهم فى الدنيا ولا فى الآخرة من نصيب: (21«لا تَأْكُلُوا جُثَّةً مَا. تُعْطِيهَا لِلغَرِيبِ الذِي فِي أَبْوَابِكَ فَيَأْكُلُهَا أَوْ يَبِيعُهَا لأَجْنَبِيٍّ لأَنَّكَ شَعْبٌ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ إِلهِكَ.) تثنية 14: 21
                (19«لا تُقْرِضْ أَخَاكَ بِرِبًا رِبَا فِضَّةٍ أَوْ رِبَا طَعَامٍ أَوْ رِبَا شَيْءٍ مَا مِمَّا يُقْرَضُ بِرِبًا 20لِلأَجْنَبِيِّ تُقْرِضُ بِرِبًا وَلكِنْ لأَخِيكَ لا تُقْرِضْ بِرِبًا لِيُبَارِكَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فِي كُلِّ مَا تَمْتَدُّ إِليْهِ يَدُكَ فِي الأَرْضِ التِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِليْهَا لِتَمْتَلِكَهَا.) تثنية 23: 19-20
                بل رفض يسوع علاج ابنة امرأة كنعانية ووصفها بالكلبة، لولا أن المرأة هزمت يسوع بقوة حجتها وردها المقنع، ولولا ذلك ما تراجع: (21ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ مِنْ هُنَاكَ وَانْصَرَفَ إِلَى نَوَاحِي صُورَ وَصَيْدَاءَ. 22وَإِذَا امْرَأَةٌ كَنْعَانِيَّةٌ خَارِجَةٌ مِنْ تِلْكَ التُّخُومِ صَرَخَتْ إِلَيْهِ: «ارْحَمْنِي يَا سَيِّدُ يَا ابْنَ دَاوُدَ. ابْنَتِي مَجْنُونَةٌ جِدًّا». 23فَلَمْ يُجِبْهَا بِكَلِمَةٍ. فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَطَلَبُوا إِلَيْهِ قَائِلِينَ: «اصْرِفْهَا لأَنَّهَا تَصِيحُ وَرَاءَنَا!» 24فَأَجَابَ: «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ». 25فَأَتَتْ وَسَجَدَتْ لَهُ قَائِلَةً: «يَا سَيِّدُ أَعِنِّي!» 26فَأَجَابَ: «لَيْسَ حَسَنًا أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَبِ». 27فَقَالَتْ: «نَعَمْ يَا سَيِّدُ. وَالْكِلاَبُ أَيْضًا تَأْكُلُ مِنَ الْفُتَاتِ الَّذِي يَسْقُطُ مِنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا». 28حِينَئِذٍ قَالَ يَسُوعُ لَهَا: «يَا امْرَأَةُ عَظِيمٌ إِيمَانُكِ! لِيَكُنْ لَكِ كَمَا تُرِيدِينَ». فَشُفِيَتِ ابْنَتُهَا مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ.) متى 15: 21-28
                وهكذا رأينا أن الكتاب المقدس جدًا يفرق بين الأجناس وبين البشر ويميل إلى التصفية العرقية لصالح شعب الرب المختار، وأن النجاسة التى يجب على شعب الرب المقدس أن يبتعد عنها، عليه أن يوقع فيها باقى الشعوب المدنسة، التى لا تستحق من الأساس الحياة، لأنهم كلاب فى نظر يسوع/يهوه.
                والغريب أن الكاتب يدعى قائلا: (في الكتاب المقدس نرى الله يقدم حبه لجميع الناس. ويسوع المسيح قد مات على الصليب من أجل خطية العالم كله. يوحنا 16:3) ونسى أن يخبرنا كيف يحب الرب العالم وهو قد حملهم بذنب لم يقترفوه، وأصبحت الأرض ملعونة، وتحمل خطيئة هى بريئة منه، بل حملها ذنب هذه الخطيئة، حتى بعد موته كفارة لهذا الذنب، إلى نهاية العمر، فجعل حبها لزوجها، واشتياقها له، وآلامها أثناء الولادة من العقوبات الأبدية، التى لن تنفك عنها، وبدلا من أن يسميها خطيئة المرأة، التى أغوت الرجل، نسبها للعالم كله، بناءً على نصوص قالها بولس، ولا يعرف عنها يسوع شيئًا مطلقًا. فهو لم يتكلم عن خطيئة أزلية، ولم يذكر حواء أو آدم، بل يأمر الرب فى الكتاب المقدس جدًا بنبذ فكرة توارث الخطيئة:
                فها هو موسى الذى جاء يسوع متبعًا له، يقول: (16«لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ.) التثنية 24 : 16
                وقال الرب لكاتب سفر الأخبار الثانى: (4وَأَمَّا بَنُوهُمْ فَلَمْ يَقْتُلْهُمْ بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الشَّرِيعَةِ فِي سِفْرِ مُوسَى حَيْثُ أَمَرَ الرَّبُّ: [لاَ تَمُوتُ الآبَاءُ لأَجْلِ الْبَنِينَ وَلاَ الْبَنُونَ يَمُوتُونَ لأَجْلِ الآبَاءِ بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ لأَجْلِ خَطِيَّتِهِ].) أخبار الأيام الثانى 25: 4
                وقال الرب لإرمياء: (29فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لاَ يَقُولُونَ بَعْدُ:[الآبَاءُ أَكَلُوا حِصْرِمًا وَأَسْنَانُ الأَبْنَاءِ ضَرِسَتْ]. 30بَلْ: [كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ بِذَنْبِهِ].كُلُّ إِنْسَانٍ يَأْكُلُ الْحِصْرِمَ تَضْرَسُ أَسْنَانُهُ.) إرمياء 31: 29-30
                أى (أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * َأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى* ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى) سورة النجم 38-41
                وقال الرب لهوشع: (15«إِنْ كُنْتَ أَنْتَ زَانِيًا يَا إِسْرَائِيلُ فَلاَ يَأْثَمُ يَهُوذَا. ...) هوشع 4: 15
                وقال الرب لحزقيال: (19[وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: لِمَاذَا لاَ يَحْملُ الاِبْنُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ؟ أَمَّا الاِبْنُ فَقَدْ فَعَلَ حَقًّا وَعَدْلًا. حَفِظَ جَمِيعَ فَرَائِضِي وَعَمِلَ بِهَا فَحَيَاةً يَحْيَا. 20اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ. 21فَإِذَا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُ الَّتِي فَعَلَهَا وَحَفِظَ كُلَّ فَرَائِضِي وَفَعَلَ حَقًّا وَعَدْلًا فَحَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ. 22كُلُّ مَعَاصِيهِ الَّتِي فَعَلَهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. فِي بِرِّهِ الَّذِي عَمِلَ يَحْيَا.23هَلْ مَسَرَّةً أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ؟ أَلاَ بِرُجُوعِهِ عَنْ طُرُقِهِ فَيَحْيَا؟) حزقيال 18: 19-23
                وقال الرب إنه قد غفر لآدم خطيئته قبل أن ينزل على الأرض، وبالتالى فقد بدأ حياة نظيفة على الأرض فى ظل غفران الله ورضاه: (هي التي حفظت أول من جُبِلَ أبًا للعالم لمَّا خُلق وحده، وأنقذته من زلته، وآتته قوة ليتسلط على الجميع) الحكمة 10: 1-2
                وقال بولس (4وَلَكِنْ لِيَمْتَحِنْ كُلُّ وَاحِدٍ عَمَلَهُ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ الْفَخْرُ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ فَقَطْ، لاَ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ. 5لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ سَيَحْمِلُ حِمْلَ نَفْسِهِ) غلاطية 6: 4-5
                وعودة مرة أخرى إلى النص الذى أظهره الكاتب والذى يشير إلى أن يسوع (قد مات على الصليب من أجل خطية العالم كله)، فهناك نص يُعارضه، يقول إن يسوع صُلب من أجل كثيرين فقط، وليس من أجل كل العالم: (28هَكَذَا الْمَسِيحُ أَيْضًا، بَعْدَمَا قُدِّمَ مَرَّةً لِكَيْ يَحْمِلَ خَطَايَا كَثِيرِينَ، سَيَظْهَرُ ثَانِيَةً بِلاَ خَطِيَّةٍ لِلْخَلاَصِ لِلَّذِينَ يَنْتَظِرُونَهُ.) عبرانيين 9: 28
                ونص آخر يقرر أن يسوع قدم نفسه لأجل المؤمنين به فقط: (14الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، لِكَيْ يَفْدِيَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، وَيُطَهِّرَ لِنَفْسِهِ شَعْبًا خَاصًّا غَيُورًا فِي أَعْمَالٍ حَسَنَةٍ.) ثيطس 2: 14
                وأنه صُلب من أجل فداء الذين تحت الناموس فقط: (4وَلَكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ، 5لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ)غلاطية 4 :4-5، وبما أنكم خرجتم من تحت الناموس، وتعتقدون أنه لم يكمل شيئًا فأنت خارج الفداء الذى تعتقدون أن يسوع قام به!
                (18فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِبْطَالُ الْوَصِيَّةِ السَّابِقَةِ مِنْ أَجْلِ ضُعْفِهَا وَعَدَمِ نَفْعِهَا، 19إِذِ النَّامُوسُ لَمْ يُكَمِّلْ شَيْئًا.) عبرانيين 7: 18-19
                (7فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الأَوَّلُ بِلاَ عَيْبٍ لَمَا طُلِبَ مَوْضِعٌ لِثَانٍ.) عبرانيين 8: 7

                تعليق


                • #83
                  الملف 60
                  (20وَأَمَّا النَّامُوسُ فَدَخَلَ لِكَيْ تَكْثُرَ الْخَطِيَّةُ.) رومية 5: 20
                  (21لَسْتُ أُبْطِلُ نِعْمَةَ اللهِ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِالنَّامُوسِ بِرٌّ، فَالْمَسِيحُ إِذًا مَاتَ بِلاَ سَبَبٍ.) غلاطية 2: 21
                  (56أَمَّا شَوْكَةُ الْمَوْتِ فَهِيَ الْخَطِيَّةُ وَقُوَّةُ الْخَطِيَّةِ هِيَ النَّامُوسُ) كورنثوس الأولى 15: 56
                  وأنه صُلب من أجل الصفح عن الخطايا السالفة، وليس لهذا علاقة بمن ولدوا بعد صلبه: (25الَّذِي قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ لإِظْهَارِ بِرِّهِ مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ عَنِ الْخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللهِ.) رومية 3 : 25
                  أما قولك أنه صُلب فهو يُخالف أيضًا نصوص الكتاب الذى تقدسه. فمن المعلوم أن يسوع كان يُصلى ويتضرع لله تعالى أن ينقذه من الموت والهوان، الذى سيلقاه على أيدى المجرمين اليهود من أعدائه: (41وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى 42قَائِلًا: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ. وَلَكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ». 43وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ. 44وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ.) لوقا 22: 41-44
                  وأن الله كتب أن الشرير يُعلَّق بعمل يديه: (15تَوَرَّطَتِ الأُمَمُ فِي الْحُفْرَةِ الَّتِي عَمِلُوهَا. فِي الشَّبَكَةِ الَّتِي أَخْفُوهَا انْتَشَبَتْ أَرْجُلُهُمْ. 16مَعْرُوفٌ هُوَ الرَّبُّ. قَضَاءً أَمْضَى. الشِّرِّيرُ يَعْلَقُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ.) مزمور 9: 15-16
                  وأن من يمكر بإنسان ويحفر له حفرة، يقع هو نفسه فيها: (26مَنْ يُغَطِّي بُغْضَةً بِمَكْرٍ يَكْشِفُ خُبْثَهُ بَيْنَ الْجَمَاعَةِ. 27مَنْ يَحْفُرُ حُفْرَةً يَسْقُطُ فِيهَا وَمَنْ يُدَحْرِجُ حَجَرًا يَرْجِعُ عَلَيْهِ) أمثال 26: 26-27
                  وأقر كاتب الرسالة إلى العبرانيين أن الله تقبل دعاء يسوع، وأنقذه من الموت من أجل تقواه: (7الَّذِي، فِي أَيَّامِ جَسَدِهِ، إِذْ قَدَّمَ بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طِلْبَاتٍ وَتَضَرُّعَاتٍ لِلْقَادِرِ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ الْمَوْتِ، وَسُمِعَ لَهُ مِنْ أَجْلِ تَقْوَاهُ) عبرانيين 5: 7
                  وعلى ذلك لم يُصلب يسوع، ولم يهنه أحد من أعدائه، بل أنقذه الله تعالى من أجل تقواه.
                  وأخيرًا نص أحبوا أعداءكم الذى يحلو لكل مسيحى أن يتكلم به، كما لو كان نصًا حقيقيًا، ولنرى الآن كيف تلاعب كتبة الأناجيل ونسَّاخها فيه: (44وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ.) متى 5: 44 ترجمة الفاندايك ووافقتها ترجمة الحياة
                  وقد غيرتها الترجمة العربية المشتركة إلى: (44أمَّا أنا فأقولُ لكُم: أحِبُّوا أَعداءَكُم، وصَلُّوا لأجلِ الّذينَ يضْطَهِدونكُم،)، ووافقتها الترجمة البولسية والترجمة الكاثوليكية اليسوعية، وذلك لأن هذه الزيادة لا توجد فى أقدم المخطوطات. الأمر الذى ينفى القداسة عن هذا النص، ب عن الكتاب بأكمله.
                  والآن: أين باقى حقوق الإنسان؟ أليس من حق الإنسان أن يُترك ليعيش ولا يُقتل لأن يسوع/يهوه يدافع عن شعبه المختار، الذى تركه وعبد البعل والبعليم والأوثان بدلا منه؟ هل من حقوق الأطفال أن تُقتل دون ذنب لها فى حرب بين بنى إسرائيل وغيرهم؟
                  هل من حقوق الإنسان أن يعطيهم الرب فرائض غير صالحة لا يحيون بها؟ (25وَأَعْطَيْتُهُمْ أَيْضًا فَرَائِضَ غَيْرَ صَالِحَةٍ وَأَحْكَـامًا لاَ يَحْيُونَ بِهَا) حزقيال20: 25
                  هل من حقوق الإنسان ألا يدافع عن نفسه، ومن ضربه على خده الأيسر، يعطيه الآخر أيضًا، ومن أراد سرقة شيئًا منه يترك له باقى مامعه، ومن أراد إزلالى ولو لمسافة ميلا واحدة، أضاعف إزلالى له؟ أليست مثل هذه النصوص التى تُخالف الناموس لا يراد منها إلا إزلال أتباع يسوع ودفعهم لعدم مقاومة أعدائهم من اليهود؟ ألا يؤكد هذا أن كاتب هذه النصوص هو عدو ليسوع وأتباعه؟
                  (38«سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. 39وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا. 40وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضًا. 41وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلًا وَاحِدًا فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ.) متى 5: 38-41
                  وقد رأينا أن الكاتب يستعمل المصطلحات العالمية الرنانة من حقوق الإنسان وغيرها دون أن يعيها، ويشير إلى نصوص مبتورة أو تم تحريفها، ويخفى باقى ما انطوى عليه الكتاب الذى يقدسه، ليصل إلى هدفه، متأسيًا فى ذلك بقول القديس جدًا بولس أن كذبه كان من أجل زيادة مجد الرب: (7فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟) رومية 3: 7
                  * * * * *
                  الديمقراطية بين الإسلام والمسيحية:
                  يواصل الكتاب تفاخره بالمسيحية فيقول تحت عنوان: الديموقراطية
                  • المسيحية تفصل بين الدين والدولة، بين قيصر والله. لوقا 25:20
                  • المسيحية دين روحي، وهي لا تفرض قوانينًا على المجتمع. إن يسوع يهتم بتغيير قلوب الناس، وعندما يتغير الفرد فإن المجتمع سيتغير بالتالي. يوحنا 63:6 و10:10
                  • ليس هدف المسيحية الوصول إلى الحكم بل من تعاليم المسيحية أننا يجب أن نخضع للحكام والمسئولين مهما كانت ديانتهم. تيطس 1:3و1 تيموثاوس 1:2-4
                  • المسيحيون مطالبون بأن لا يحاكموا أو يعاقبوا من لا يتفقون معهم في العقيدة. 1 بطرس 9:3و لوقا 37:6
                  وأقول له:
                  هل الديمقراطية فى عرفك هو فصل الدين عن الدولة؟ أليس بإيمانك بضرورة فصل الدين عن الدولة أنك تعترف أن كتابك الذى تقدسه غير صالح لكل زمان ومكان، وأن دينك لا يصلح لإدراة دفة الحياة سياسيًا واقتصاديًا وعلميًا؟ أليس بقول يسوع بترك ما لقيصر لقيصر وما لله لله أن دين يسوع قاصر عن حكم العالم والحياة، وأنه ينتظر خاتم رسل الله، الأصغر فى سلسلة الأنبياء، أى آخرهم وأعظمهم، بدينه وكتابه الذى سيحكم به العالم، وهو أمىّ يتلقى علمه من الله عن طريق السماع فقط؟
                  (وَلَكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ. .. .. .. 14وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا فَهَذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ.) متى 11: 11-14
                  مرسل للعالم كافة (وَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُبَكِّتُ الْعَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرٍّ وَعَلَى دَيْنُونَةٍ.) يوحنا 16: 8
                  13وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ رُوحُ الْحَقِّ فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ لأَنَّهُ لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ.) يوحنا 16: 13
                  إن فصل الدين عن الدولة كان لازمًا، وضرورة حتمية فى أوروبا، حيث ظلت الدول المسيحية التى حكَّمت كتابها الذى تقدسه ترسف فى غياهب الجهل والتخلف فى كل مناحى الحياة السياسية والحربية والإقتصادية والتعليمية والطبية والهندسية وحقوق الإنسان، حتى تخلصت من الكتاب الذى تقدسه وحكمت القانون المدنى، الذى أخذ من قوانين شتى، ومنها الشريعة الإسلامية، للحفاظ على حقوق الإنسان والمرأة وغير ذلك. بينما ظلت الدولة الإسلامية قرابة ألف عام هم أسياد العالم فى النواحى العلمية والإفتصادية والطبية والهندسية وحقوق المرأة والإنسان والطفل، وعندما تخلت عن الحكم بكتاب الله، تخلى عنها الله، وأصبحت فى عداد الأمم المتخلفة.
                  وهذا يعنى أن: التمسك بكتاب الله تعالى يساوى رقى وتقدم، والتخلى عنه يساوى تخلف وخسارة فى كل مناحى الحياة. وأن التمسك بالكتاب الذى تقدسه يساوى خسارة وتخلف، والتخلى عنه يساوى تقدم ورقى. ومن هنا كان على الأذكياء فى العالم الغربى التخلى عن الحكم بهذا الكتاب الذى تقدسه.
                  لكن السؤال البديهى، إذا كان فصل الدين عن الدولة هو لازمة من لوازم كتابك وإيمانك، فلماذا تمسكت الكنيسة المتخلفة لمدة ألف عام بتحكيم هذا الكتاب؟ وهل تعلم أنكم مازلتم تتمسكون بكثير من تعاليم هذه الكنيسة وآراء آبائها وقوانينهم؟
                  وكيف علمت الكنيسة الفرائض الصالحة من الأخرى الفاسدة إذا كان الرب نفسه أعطى فرائض فاسدة وأخرى فاسدة، ولم يفصل بينهما؟ (25وَأَعْطَيْتُهُمْ أَيْضًا فَرَائِضَ غَيْرَ صَالِحَةٍ وَأَحْكَـامًا لاَ يَحْيُونَ بِهَا) حزقيال 20: 25
                  أما قول يسوع "اعط ما لقيصر لقيصر، وما لله لله"، فنقرأه فى قرينته لنفهم ما أراده يسوع نفسه: (15حِينَئِذٍ ذَهَبَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَتَشَاوَرُوا لِكَيْ يَصْطَادُوهُ بِكَلِمَةٍ. 16فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ تَلاَمِيذَهُمْ مَعَ الْهِيرُودُسِيِّينَ قَائِلِينَ: «يَا مُعَلِّمُ نَعْلَمُ أَنَّكَ صَادِقٌ وَتُعَلِّمُ طَرِيقَ اللَّهِ بِالْحَقِّ وَلاَ تُبَالِي بِأَحَدٍ لأَنَّكَ لاَ تَنْظُرُ إِلَى وُجُوهِ النَّاسِ. 17فَقُلْ لَنَا مَاذَا تَظُنُّ؟ أَيَجُوزُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ أَمْ لاَ؟» 18فَعَلِمَ يَسُوعُ خُبْثَهُمْ وَقَالَ: «لِمَاذَا تُجَرِّبُونَنِي يَا مُرَاؤُونَ؟ 19أَرُونِي مُعَامَلَةَ الْجِزْيَةِ». فَقَدَّمُوا لَهُ دِينَارًا. 20فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَنْ هَذِهِ الصُّورَةُ وَالْكِتَابَةُ؟» 21قَالُوا لَهُ: «لِقَيْصَرَ». فَقَالَ لَهُمْ: «أَعْطُوا إِذًا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلَّهِ لِلَّهِ». 22فَلَمَّا سَمِعُوا تَعَجَّبُوا وَتَرَكُوهُ وَمَضَوْا.) متى 22: 15-22
                  نرى أن السؤال هو فخ نصبوه ليسوع ليكون عندهم دليل عليه ليوقعوا بينه وبين الحاكم الرومانى، فالكل كان يعلم أن المسِّيِّا، خاتم رسل الله، المسيح الرئيس، سيقضى على الإمبراطورية الرومانية، وبالتالى لن يكون خاضعًا للإمبراطورية الرومانية، ولن يدفع لقيصر الجزية، بل سيدفعها قيصر له، وهو رؤية النبى دانيال، وعلى ذلك سألوه هذا السؤال متوقعين منه أنه سيؤيد عدم دفع الجزية، فيكون بذلك قد تمرد على قيصر وحكمه، ودعا إلى التمرد والخروج عليه ومحاربته، فيستحق القتل من الرومان، ويبرأون أنفسهم أمام الناس من قتل نبى الله. فكانت بصيرة يسوع النبوية أعلى منهم، وعلم خبثهم، وبدأ إجابته بإجابة فى غاية الذكاء فهو لم يؤيد قيصر وحكمه الظالم، لأنه كيهودى (؟) يعلم ويؤمن أن الحكم لله تعالى وحده، وأنه لا يجوز لكائن من كان أن يحكم أرض الله إلا بشرع الله. وما لله هنا هو الملك والحكم، وما على قيصر إلا الخضوع لله تعالى وحكمه. لكن إجابته تُفهم من وجه آخر أن قيصر يأخذ الجزية والنقود التى تحمل صورته. لذلك تعجبوا وتركوه ومضوا.
                  وعلى ذلك فإن إيمانك اليوم بفصل الدين عن الدولة هو ناتج عن إيمان داخلى عميق داخلكم أنه لا يمكن عودة حكم الكتاب الذى تقدسه رأفة بالنساء والأطفال والشيوخ، ورحمة بالحيوانات، فيستحيل العودة إلى الماضى المؤسف، والتاريخ الأسود مرة أخرى. فعلام التفاخر بفصل الدين عن الدولة؟ ولو أنصفت لطالبت العالم كله بتحكيم كتاب الله القرآن وسنة رسوله والعودة إلى أيام الأندلس وما قبلها!
                  أما عن قولك إن المسيحية دين روحى ولا تفرض قوانينًا على المجتمع، هو قول من منى بالفشل لمدة ألف عام فى حكم مملكة ما أو دولة ما. ناهيك أن المسيحية ليست بدين وليس لها قوانين أو تشريعات بالمرة، فلماذا حكمت؟ ولماذا تحكم من الأساس؟ إن المقارنة بينها وبين الإسلام هى مقارنة ظالمة للإسلام!
                  أكرر مرة أخرى: إنه لا يوجد شىء اسمه المسيحية! فقد كان يسوع يهوديًا (؟)، يُعلم اليهود فى معبدهم ويدرس لهم ما أتى به موسى والأنبياء من قبله، وقد استمر تلاميذه من بعده على هذا المنهاج حتى تم تدمير المعبد، واضطهد أتباعه، فقتل منهم من قتل، وهرب منهم من هرب. وتغلغلت تعاليم بولس الباطلة وأخرجت من تبقى على اليهودية الحقة (؟) من أتباع يسوع إلى دين جديد وفهم جديد، وضاعت الحقيقة وسط الاختلافات الفلسفية والغنوصية، وضياع إنجيل يسوع نفسه (كتابه) الذى سلمه للتلاميذ، تبعًا لما أقره القمص عبد المسيح بسيط فى كتابه (الوحى الإلهى وإستحالة تحريف الكتاب المقدس) ص97-98: إن القديس اكليمندس الرومانى(30-100م) الذى كان أسقفًا لروما وأحد تلاميذ ومساعدى القديس بولس قد (أشار فى رسالته التى أرسلها إلى كورنثوس، والتى كتبها حوالى سنة 96م، إلى تسليم السيد المسيح الإنجيل للرسل ومنحه السلطان الرسولى لهم فقال "تسلم الرسل الإنجيل لنا من الرب يسوع المسيح، ويسوع المسيح أرسل من الله....).
                  وإذا كانت المسيحية ليس بها قوانين للحكم فلماذا تلهث الكنيسة وراء وجود مسيحيين بين الوزراء ونواب الرئيس وأعضاء فى مجلسى الشعب والشورى؟ لماذا يتدخل البابا والمسيحيون فى السياسة وشؤون الدولة باسم الدين والمسيحية، طالما أن دينهم دين روحانى، وأن يسوع جاء لتغيير القلوب فقط؟
                  أما قوله بأن المسيحيين (مطالبون بأن لا يحاكموا أو يعاقبوا من لا يتفق معهم فى العقيدة) فهو قول باطل ظالم، يريد صاحبه أن يتبرأ من كل التاريخ الأسود الذى خلفته الكنيسة وراء ظهرها بهذا الادعاء الجهول، ويريد أن يجمِّل العهد القديم والتاريخ الأسود ليهوه/يسوع من تصفية عرقية،وقتل جماعى، وقتل الأطفال والنساء والشيوخ والحيوانات وحرق المدينة التى تستسلم لهم، وجعلها خرابًا أبديًا، والتمثيل بجثث الأعداء.
                  ويستشهد بقول يسوع (37وَلاَ تَدِينُوا فَلاَ تُدَانُوا. لاَ تَقْضُوا عَلَى أَحَدٍ فَلاَ يُقْضَى عَلَيْكُمْ. اِغْفِرُوا يُغْفَرْ لَكُمْ) لوقا 6: 37، متناسيًا قوله فى نفس السفر: (27أَمَّا أَعْدَائِي أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ أَمْلِكَ عَلَيْهِمْ فَأْتُوا بِهِمْ إِلَى هُنَا وَاذْبَحُوهُمْ قُدَّامِي».) لوقا 19: 27
                  وكيف لا يحاكموا المخالفين لهم فى العقيدة، وقد سماهم الكتاب الذى تقدسه بالكفرة وغير المؤمنين وأنهم الظلمة وأتباع بليعال وعابدى الأوثان؟ (14لاَ تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لأَنَّهُ أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟ 15وَأَيُّ اتِّفَاقٍ لِلْمَسِيحِ مَعَ بَلِيعَالَ؟ وَأَيُّ نَصِيبٍ لِلْمُؤْمِنِ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ؟ 16وَأَيَّةُ مُوَافَقَةٍ لِهَيْكَلِ اللهِ مَعَ الأَوْثَانِ؟) كورنثوس الثانية 6: 14-16
                  وكيف يأمرهم الرب بأن لا يعاقبوا المخالف لهم وقد عاقب التلاميذ بولس لضلاله ومخالفته للشريعة ونهيه عن الختان والارتداد عن تعاليم موسى ويسوع؟
                  (وَقَالُوا لَهُ: «أَنْتَ تَرَى أَيُّهَا الأَخُ كَمْ يُوجَدُ رَبْوَةً مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُمْ جَمِيعًا غَيُورُونَ لِلنَّامُوسِ. 21وَقَدْ أُخْبِرُوا عَنْكَ أَنَّكَ تُعَلِّمُ جَمِيعَ الْيَهُودِ الَّذِينَ بَيْنَ الْأُمَمِ الاِرْتِدَادَ عَنْ مُوسَى قَائِلًا أَنْ لاَ يَخْتِنُوا أَوْلاَدَهُمْ وَلاَ يَسْلُكُوا حَسَبَ الْعَوَائِدِ. .. .. .. 23فَافْعَلْ هَذَا الَّذِي نَقُولُ لَكَ: عِنْدَنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ عَلَيْهِمْ نَذْرٌ. 24خُذْ هَؤُلاَءِ وَتَطهَّرْ مَعَهُمْ وَأَنْفِقْ عَلَيْهِمْ لِيَحْلِقُوا رُؤُوسَهُمْ فَيَعْلَمَ الْجَمِيعُ أَنْ لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا أُخْبِرُوا عَنْكَ بَلْ تَسْلُكُ أَنْتَ أَيْضًا حَافِظًا لِلنَّامُوسِ. 25وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْأُمَمِ فَأَرْسَلْنَا نَحْنُ إِلَيْهِمْ وَحَكَمْنَا أَنْ لاَ يَحْفَظُوا شَيْئًا مِثْلَ ذَلِكَ سِوَى أَنْ يُحَافِظُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِمَّا ذُبِحَ لِلأَصْنَامِ وَمِنَ الدَّمِ وَالْمَخْنُوقِ وَالزِّنَا». 26حِينَئِذٍ أَخَذَ بُولُسُ الرِّجَالَ فِي الْغَدِ وَتَطَهَّرَ مَعَهُمْ وَدَخَلَ الْهَيْكَلَ مُخْبِرًا بِكَمَالِ أَيَّامِ التَّطْهِيرِ إِلَى أَنْ يُقَرَّبَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْقُرْبَانُ.) أعمال الرسل 21: 17-26
                  وكيف يأمرهم أن لا يحاكموا أحدًا وقد حاكم التلاميذ بطرس لعلاقته بأحد الأجانب غير اليهود: (1فَسَمِعَ الرُّسُلُ وَالإِخْوَةُ الَّذِينَ كَانُوا فِي الْيَهُودِيَّةِ أَنَّ الْأُمَمَ أَيْضًا قَبِلُوا كَلِمَةَ اللهِ. 2وَلَمَّا صَعِدَ بُطْرُسُ إِلَى أُورُشَلِيمَ خَاصَمَهُ الَّذِينَ مِنْ أَهْلِ الْخِتَانِ 3قَائِلِينَ: «إِنَّكَ دَخَلْتَ إِلَى رِجَالٍ ذَوِي غُلْفَةٍ وَأَكَلْتَ مَعَهُمْ». 4فَابْتَدَأَ بُطْرُسُ يَشْرَحُ لَهُمْ بِالتَّتَابُعِ قَائِلًا أعمال الرسل 11: 1-4
                  وكيف لا يأمرهم أن يحاكموا أحدًا وهو الذى أمر الأبناء أن ينقسموا على آبائهم، وأن ينقسم الآباء على ذريتهم، أليس الإنقسام هو المرحلة الأخيرة من المحاكمة ولو فى النفس والظن السىء فى الآخرين؟ فيقول: (49«جِئْتُ لأُلْقِيَ نَارًا عَلَى الأَرْضِ … 51أَتَظُنُّونَ أَنِّي جِئْتُ لأُعْطِيَ سَلاَمًا عَلَى الأَرْضِ؟ كَلاَّ أَقُولُ لَكُمْ! بَلِ انْقِسَامًا. 52لأَنَّهُ يَكُونُ مِنَ الآنَ خَمْسَةٌ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ مُنْقَسِمِينَ: ثَلاَثَةٌ عَلَى اثْنَيْنِ وَاثْنَانِ عَلَى ثَلاَثَةٍ. 53يَنْقَسِمُ الأَبُ عَلَى الاِبْنِ وَالاِبْنُ عَلَى الأَبِ وَالأُمُّ عَلَى الْبِنْتِ وَالْبِنْتُ عَلَى الأُمِّ وَالْحَمَاةُ عَلَى كَنَّتِهَا وَالْكَنَّةُ عَلَى حَمَاتِهَا».) لوقا 12: 49-53
                  أليس بغض الأب والأم يتأتى من سوء الظن بهما ومحاكمتهما فى الخاطر، وتأويل الصالح من الأعمال إلى ما هو دون ذلك؟ (وَقَالَ لَهُمْ: 26«إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضًا فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا.) لوقا 14: 25-26
                  لقد جانبت الصواب مرة بعد مرات أيها الكاتب، وأتمنى ألا تكون من رجال الكنيسة المعلمين، وإلا لكانت كارثة على أتباعك غير المثقفين، والذين يثقون بعلمك وفهمك للدين!!
                  * * * * *
                  مصير الإنسان فى الآخرة بين الإسلام والمسيحية:
                  يقول الكاتب تحت عنوان: الضمان الأبدي
                  • يستطيع أي إنسان أن يضمن مصيره الأبدي عن طريق الإيمان بالمسيح يسوع. 2 تيموثاوس 12:1
                  • إرادة الله نحو الانسان هى دائمًا لخيره. رومية 28:8
                  • الله يدعو جميع الناس للإيمان. يوحنا 16:3و رومية 9:10-13
                  • لا دينونة على كل من يقبل المسيح بالإيمان. رومية 1:8
                  • مسرات السماء هي مسرات الروح، مسرات العفة والقداسة.
                  متى 30:22 و رؤيا 22
                  إن الجزأ الأول الذى أثاره، والذى يقول فيه (يستطيع أي إنسان أن يضمن مصيره الأبدي عن طريق الإيمان بالمسيح يسوع) ليس له علاقة بتيموثاوس 1: 12، حيث تقول هذه الفقرة: (12لِهَذَا السَّبَبِ أَحْتَمِلُ هَذِهِ الأُمُورَ أَيْضًا. لَكِنَّنِي لَسْتُ أَخْجَلُ، لأَنَّنِي عَالِمٌ بِمَنْ آمَنْتُ، وَمُوقِنٌ أَنَّهُ قَادِرٌ أَنْ يَحْفَظَ وَدِيعَتِي إِلَى ذَلِكَ الْيَوْمِ.)
                  أما عن قولك (إرادة الله نحو الانسان هى دائمًا لخيره) فهذا يدل على أنك لم تقرأ كتابك الذى تقدسه، ولم تعلم محتواه، أو تعلمه وتريد أن تطمس ما فيه:
                  هل الرب الذى يتعامل مع الشيطان ويضع يده فى يد الشيطان لإضلال عبد من عباده يريد الخير للبشر؟ مثلما فعل مع أيوب (أيوب 2: 6-12)
                  ومثلما فعل مع أخاب: (ملوك الأول 22: 19-22)
                  هل الرب الذى أمر هارون أن يُقدم تيسًا للشيطان عزازيل يريد الخير من خلقه؟ (لاويين 16: 5-10)، إنهم إن اتبعوا هذه التعاليم دخلوا النار، وأصبحوا من الكافرين بتعاليم الرب. فالرب وحده هو الذى له الحق أن يخطب ود الشيطان!
                  هل الذى يقرأ فى كتاب الرب أن يعقوب ضرب الرب، وأجبره على أن يباركه ويعطيه النبوة سيحترم هذا الرب، أم سيتعامل معه كما تعامل يعقوب معه بتحقيره؟ انظر (تكوين 32: 22-30)
                  هل الذى يقرأ أن نبى الرب يعقوب ابتز أخيه الأكبر عيسو وانتزع منه البركة فى مقابل طبق عدس سيحترم الرب فى انتقائه لأنبيائه، أو سيحترم أنبياء هذا الرب؟ انظر (تكوين 25: 29-34)
                  هل تعاليم الرب لموسى وأتباعه بسرقة ذهب وحلى المصريين كانت لخير الإنسان، أم لتعليمه السرقة؟ انظر (خروج 3: 21-22)
                  هل التعاليم التى يتعلمها قارىء الكتاب المقدس جدًا من دفع نبى الله إبراهيم  لزوجته سارة ليعبث فرعون بجسدها من أجل أن ينال إبراهيم أبقار وأغنام وماشية هى من التعاليم المفيدة لخير الإنسان؟ انظر (تكوين 12: 11-16)
                  ما هى التعاليم المحترمة التى تفيد قارىء الكتاب المقدس من قصة زنى داود بامرأة أوريا الحثى وخيانته العظمى للتخلص من زوجها وقتله؟ انظر (صموئيل الثانى صح 11)
                  ما هى التعاليم المحترمة التى تفيد قارىء الكتاب المقدس من قصة زنى يهوذا بزوجة ابنه؟ (تكوين الإصحاح 38)
                  وعلى ذلك فقد اتضح صدق قول الكاتب إن (مسرات السماء هي مسرات الروح، مسرات العفة والقداسة)!!!
                  ما هى التعاليم الصالحة التى يتعلمها الإنسان من ندم الرب على تنصيبه شاول ملكًا نبيًا على بنى إسرائيل، لأنه لم يُطعه وأبقى على خيار الغنم والماشية، بعد أن قتل الشعب كله، وكان أمر الرب إليه أن يقتل كل الماشية والبشر؟ انظر (صموئيل الأول 15: 5-11)
                  هل الرب الذى أعطى فرائضًا غير صالحة لا يحيا بها الإنسان، يريد خيرًا لهذا الإنسان؟ (25وَأَعْطَيْتُهُمْ أَيْضًا فَرَائِضَ غَيْرَ صَالِحَةٍ وَأَحْكَـامًا لاَ يَحْيُونَ بِهَا) حزقيال 20: 25
                  وما رأى كاتبنا أن الرب يخلق الشر ويدمر الخير: (فَإِنَّ الرَّبَّ أَمَرَ بِإِبْطَالِ مَشُورَةِ أَخِيتُوفَلَ الصَّالِحَةِ لِيُنْزِلَ الرَّبُّ الشَّرَّ بِأَبْشَالُومَ.) صموئيل الثانى 17: 14، (7مُصَوِّرُ النُّورِ وَخَالِقُ الظُّلْمَةِ صَانِعُ السَّلاَمِ وَخَالِقُ الشَّرِّ. أَنَا الرَّبُّ صَانِعُ كُلِّ هَذِهِ.) إشعياء 45: 7
                  * * *
                  هل كل من يؤمن بيسوع لن يُحاسب؟
                  أما قول الكاتب إنه (لا دينونة على كل من يقبل المسيح بالإيمان): (1إِذًا لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ السَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ الْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوحِ) رومية 8: 1 فهو يُخالف أقوال العهد القديم وأقوال ما تسمونه بالعهد الجديد:
                  وقال الرب لإشعياء: (حَسَبَ الأَعْمَالِ هَكَذَا يُجَازِي مُبْغِضِيهِ سَخَطًا وَأَعْدَاءَهُ عِقَابًا) إشعياء 59: 18
                  وقال الرب لمؤلف سفر الجامعة: (13فَلْنَسْمَعْ خِتَامَ الأَمْرِ كُلِّهِ: اتَّقِ اللَّهَ وَاحْفَظْ وَصَايَاهُ لأَنَّ هَذَا هُوَ الإِنْسَانُ كُلُّهُ. 14لأَنَّ اللَّهَ يُحْضِرُ كُلَّ عَمَلٍ إِلَى الدَّيْنُونَةِ عَلَى كُلِّ خَفِيٍّ إِنْ كَانَ خَيْرًا أَوْ شَرًّا.) الجامعة 12: 13-14
                  وقال الرب لإرمياء: (19عَظِيمٌ فِي الْمَشُورَةِ وَقَادِرٌ فِي الْعَمَلِ الَّذِي عَيْنَاكَ مَفْتُوحَتَانِ عَلَى كُلِّ طُرُقِ بَنِي آدَمَ لِتُعْطِيَ كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ طُرُقِهِ وَحَسَبَ ثَمَرِ أَعْمَالِهِ.) إرمياء 32: 19
                  وقال الرب لحزقيال: (كَطَرِيقِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ دِنْتُهُمْ.) حزقيال 36: 19
                  وقال الرب لهوشع: (الآنَ قَدْ أَحَاطَتْ بِهِمْ أَفْعَالُهُمْ.) هوشع 7: 3
                  وقال الرب لداود: (12وَلَكَ يَا رَبُّ الرَّحْمَةُ لأَنَّكَ أَنْتَ تُجَازِي الإِنْسَانَ كَعَمَلِهِ) مزمور 62: 12
                  وقال الرب لداود: (5الرَّبُّ يَمْتَحِنُ الصِّدِّيقَ. أَمَّا الشِّرِّيرُ وَمُحِبُّ الظُّلْمِ فَتُبْغِضُهُ نَفْسُهُ. 6يُمْطِرُ عَلَى الأَشْرَارِ فِخَاخًا نَارًا وَكِبْرِيتًا وَرِيحَ السَّمُومِ نَصِيبَ كَأْسِهِمْ. 7لأَنَّ الرَّبَّ عَادِلٌ وَيُحِبُّ الْعَدْلَ. الْمُسْتَقِيمُ يُبْصِرُ وَجْهَهُ.) مزمور 11: 5-7
                  وقال الرب لأيوب: (3أَلَيْسَ الْبَوَارُ لِعَامِلِ الشَّرِّ وَالنُّكْرُ لِفَاعِلِي الإِثْمِ! 4أَلَيْسَ هُوَ يَنْظُرُ طُرُقِي وَيُحْصِي جَمِيعَ خَطَوَاتِي. 5إِنْ كُنْتُ قَدْ سَلَكْتُ مَعَ الْكَذِبِ أَوْ أَسْرَعَتْ رِجْلِي إِلَى الْغِشِّ 6لِيَزِنِّي فِي مِيزَانِ الْحَقِّ فَيَعْرِفَ اللهُ كَمَالِي.) أيوب 31: 3-6
                  وقال الرب لأيوب: (حَاشَا لِلَّهِ مِنَ الشَّرِّ وَلِلْقَدِيرِ مِنَ الظُّلْمِ. 11لأَنَّهُ يُجَازِي الإِنْسَانَ عَلَى فِعْلِهِ وَيُنِيلُ الرَّجُلَ كَطَرِيقِهِ. 12فَحَقًّا إِنَّ اللهَ لاَ يَفْعَلُ سُوءًا وَالْقَدِيرَ لاَ يُعَوِّجُ الْقَضَاءَ.) أيوب 34: 10-12
                  وقال يسوع: (8فَاصْنَعُوا أَثْمَارًا تَلِيقُ بِالتَّوْبَةِ. .. .. فَكُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَرًا جَيِّدًا تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ.) متى 3: 8-10
                  وقال يسوع للتلاميذ: (16فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.) متى 5: 13-16
                  وقال يسوع: (27فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يَأْتِي فِي مَجْدِ أَبِيهِ مَعَ مَلاَئِكَتِهِ وَحِينَئِذٍ يُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ عَمَلِهِ.) متى 16: 27
                  وقال: (29فَيَخْرُجُ الَّذِينَ فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الْحَيَاةِ وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُونَةِ.) يوحنا 5: 29
                  وقال بولس: (4وَلَكِنْ لِيَمْتَحِنْ كُلُّ وَاحِدٍ عَمَلَهُ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ الْفَخْرُ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ فَقَطْ، لاَ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ. 5لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ سَيَحْمِلُ حِمْلَ نَفْسِهِ) غلاطية 6: 4-5
                  وقال بطرس: (... «بِالْحَقِّ أَنَا أَجِدُ أَنَّ اللهَ لاَ يَقْبَلُ الْوُجُوهَ. 35بَلْ فِي كُلِّ أُمَّةٍ الَّذِي يَتَّقِيهِ وَيَصْنَعُ الْبِرَّ مَقْبُولٌ عِنْدَهُ.) أعمال الرسل 10: 34-35
                  (16«لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ.) التثنية 24 : 16
                  (20اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ.) حزقيال 18: 20
                  فكل هذه النصوص السابقة تدعو إلى الإيمان بالله، وعمل البر، واتباع تعاليم الرب، لأن الرب سيجازى الأبرار خيرًا ونعيمًا مقيمًا فى جناته، وسيجازى الأشرار بما كسبت أيديهم، وكل إنسان سوف يُحاسب على أعماله، وليس هناك وراثة لخطيئة ما، وهذا عدل الرب وقضاؤه، لأنه لا يعوِّج القضاء ولا يفعل سوءًا (أيوب 34: 10-12).
                  وعلى ذلك فهذا من تعاليم الكنائس، ومن أحلام كاتب الرسالة إلى رومية والمنسوبة إلى بولس أن الإنسان سيكون من أتباع يسوع فقط عند إيمانه بصلب يسوع من أجله دون عمل. وهذا ما انتقده القديس يعقوب، وبيَّن خطأه وذلك بقوله: وقال يعقوب رئيس التلاميذ: (17هَكَذَا الإِيمَانُ أَيْضًا، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَعْمَالٌ، مَيِّتٌ فِي ذَاتِهِ. 18لَكِنْ يَقُولُ قَائِلٌ: «أَنْتَ لَكَ إِيمَانٌ، وَأَنَا لِي أَعْمَالٌ!» أَرِنِي إِيمَانَكَ بِدُونِ أَعْمَالِكَ، وَأَنَا أُرِيكَ بِأَعْمَالِي إِيمَانِي. 19أَنْتَ تُؤْمِنُ أَنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ. حَسَنًا تَفْعَلُ. وَالشَّيَاطِينُ يُؤْمِنُونَ وَيَقْشَعِرُّونَ! 20وَلَكِنْ هَلْ تُرِيدُ أَنْ تَعْلَمَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ الْبَاطِلُ أَنَّ الإِيمَانَ بِدُونِ أَعْمَالٍ مَيِّتٌ؟) يعقوب 2: 17-20
                  * * * * *
                  أدلة وحى الله تعالى لنبيه محمد :
                  يواصل الكاتب تحت عنوان (مقارنة بين الكتاب المقدس والقرآن) قائلا:
                  كان محمد ينظر إلى القرآن على أنه معجزة تبرهن على نبوته. غير أن هناك جدل كثير حول موضوع "معجزة" القرآن بين فقهاء الإسلام، فقد عدد بعض علماء المسلمين أمثال الزمخشري أخطاء للقرآن في قواعد اللغة تزيد عن مائة خطأ.
                  وأقول: فى الحقيقة لم أتوقع أن تصل سذاجة الكاتب، وقصر نظره، ولن أقول غباؤه، إلى هذه الدرجة! كما لم أتوقع وقاحة النصب والدجل على القراء أن تبلغ هذا المبلغ من التطاول على أحد أساطين اللغة العربية والبلاغة فى القرن الثانى عشر الميلادى، وأن ينسب إليه ما لم يقله وما لم تحدث به نفسه، لذلك تجده لم يذكر اسم المرجع، الذى قال هذا فى زعمه، ولا رقم المجلد ورقم الصفحة. فما أسهل الإدعاءات الكاذبة من إسلام الشيخ فلان، والعالم فلان. إنه التخبط الناتج عن كثرة دخول المسيحيين من العلماء وغيرهم الإسلام، وقد أعلن الأنبا بيشوى والأنبا ماكسيموس أن عدد الداخلين فى الإسلام يوميًا يصل ما بين 80 إلى 200 شخصًا، وهذا ما جعل الكاتب يكذب مثل بولس لإزدياد مجد الرب: (7فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟) رومية 3: 7
                  من الممكن أن نعكس السؤال القائل: ما الدليل على صدق القرآن، وأنه كتاب أنزله الله تعالى على عبده ورسوله محمد ، ونقول: ما هو الدليل على كذب القرآن الكريم، فإذا أوجد الدليل على كذب القرآن، سوف نأتى بالدليل على صدقه، فمن ينكر سطوع الشمس أثناء النهار إلا متعامى عن الحقيقة، مكذب للحق، متنكر للواقع، رافض الإستسلام لدعوى الله للحق، مفضلا التعاون مع الشيطان على الإثم والعدوان. فحتى الأعمى لا ينكرها لأنه يحس بحرارتها ودفئها!
                  وسأرد عليه فى النقاط الآتية:
                  1- إذا عرفنا أن القواعد الإعرابية والقضايا النحوية إنما هي مبنية تبعًا لأساليب الكلام التي تنقل إلينا من عصور الاحتجاج، ولا يختلف اللغويون في أن عصر الرسالة هو من عصور الاحتجاج، فكل كلمة تنقل إلينا نقلا صحيحًا هي حجة لغوية صحيحة، بل وقاعدة من قواعد النحو العربي.
                  2- لا يجوز لباحث أن يأتي اليوم إلى بعض أبيات امرئ القيس التي تناقلها العلماء بالتسليم، فيرى فيها خطأ نحويًا أو لغويًا في نظره، فيحكم على امرئ القيس باللحن والخطأ؛ لأن فى ذلك سيكون مصادرة لقواعد أصول النحو التي بني عليها، وهدم لأسس هذا العلم نفسه؟!!
                  وعلى ذلك لو افترضنا صحة ما قاله الكاتب عن الزمخشرى أو من يفوقه، فالقرآن الكريم هم معيار اللغة،التى يُقاس عليها، وليس القواعد التى استنبطها العلماء منه. مع الأخذ فى الاعتبار أن القرآن نزل بلغة العرب على اختلاف مشاربهم اللغوية، كما سنرى.
                  فكيف إذا حكم أحد الجاهلين بخطأ القرآن الكريم لغويًا أو نحويًا وقد تناقله الصحابة الكرام والتابعون لهم بإحسان في زمن الاحتجاج والكلام العربي الفصيح، بل وتناقله العلماء والنحاة وأهل الفصاحة والبيان من غير نكير بينهم، اللهم إلا في بعض الوجوه والقراءات التي لم تنقل لبعض النحاة على وجه التواتر .
                  ألا يكون هذا الجاهل أولى بالنكير والتخطئة ممن يحكم بخطأ العرب الأقحاح الذين تستنبط قواعد اللغة من كلامهم وبيانهم؟!!
                  3- إن العرب الذين نزل فيهم القرآن كانوا أفصح الناس، وكان فيهم أصحاب المعلقات كلبيد بن ربيعة، الذي ترك نظم الشعر بعد سماعه للقرآن، ولم يستشكل ما استشكله أعاجم العرب اليوم، كما لم يستشكله مشـركو قريش وغيرهم، رغم عداوتهم القرآن وحربهم النبيَّ  وحرصهم على معاداة دينه (وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّا) مريم: 97، لكنهم كانوا عربًا أقحاحًا، فعرفوا ما جهله أهل العُجمة من العرب اليوم.
                  4- إن اللغة في أصلها سماعية، لا قاعدية، فالعربي حين كان ينطق بالفاعل مرفوعًا، لا لأن آباءه علَّموه أن الفاعل مرفوع، بل لسليقته العربية التي نشأ عليها منذ طفولته. لكن في القرن الثاني من بعثة النبي  دخلت الفرس والروم والترك وغيرهم في الإسلام، وتكلموا بالعربية، فظهر اللحن، وضاعت السليقة، مما دعا العلماء المسلمين لوضع قواعد اللغة المعروفة عندنا اليوم، وقد وضعوها اعتمادًا على مصدرين أساسيين: الأول: القرآن الكريم، والثاني: ما ورد عن العرب في أشعارهم وكلامهم، فالقرآن هو المصدر الأول والأساس لقواعد العربية.
                  لكن العرب الفصحاء قبل وضع هذه القواعد لم يكونوا على نسق واحد في الإعراب والأساليب اللغوية، فلكل قبيلة خصوصيتها اللغوية وفصاحتها وشعراؤها وأدباؤها وإثراؤها للغة الضاد، فعمد مقعدو اللغة إلى الشائع عند عموم العرب، وأهملوا غيره مما هو فصيح تنطق به بعض قبائل العرب.
                  ولو شئنا أن نضرب مثلًا لقلنا: الشائع في قواعد اللغة حذف ضمير الفاعل من الجملة إذا جاء الفاعل اسمًا ظاهرًا، فيقول عموم العرب: (جاء المسلمون)، ولا يقولون: (جاؤوا المسلمون)، لكن قبيلة طيء تجيز إثبات ضمير الفاعل، مع وجود الاسم الظاهر، وهي اللغة المشهورة عند النحاة بـ (أكلوني البراغيث)، ومنه قول أبي فراس الحمداني:
                  نُتِــج الربيــعُ محــاسنــًا ألقحنَــها غرُّ السحــائب
                  وكذا قول محمد بن أمية:
                  رأين الغواني الشيبَ لاح بعارضي فأعرضنَ عني بالخدودِ النواضرِ
                  فالشاعران ذكرا ضمير الفاعل (نون النسوة) في قولهما: (ألقحنها)، و(رأين) مع ذكر الفاعل الظاهر بعده، وهو قولهما: (غرُّ)، (الغواني).
                  فلا يصح أن يقال عن قوله: (رأين الغواني) بأنه لحن، وأن صحيحه حذف الضمير: رأت الغواني، فقد نطق به الفصحاء من العرب؛ وإن جاء على خلاف قواعد المتأخرين منهم، أو بالأحرى على خلاف الشائع عند الكثير من قبائل العرب.
                  ومثله شاع اليوم عندنا استخدام كلمة (الذين) في معنى الوصل، وهي لغة فصيحة عند العرب، ومثلها في الفصاحة ما يقوله بنو عقيل وغيرهم من العرب الذين يستعيضون عنها بكلمة (الَّذُونَ)، وكذلك (الَّذُو)، كما في قول الشاعر:
                  قومي الذو بعكاظ طيروا شررًا من روس قومك ضربًا بالمصاقيل
                  وقول الآخر:
                  نَحْنُ الَّذُونَ صَبَّحْـوا الصَّبَاحَا يَومُ النُّخَيلِ غَارَةً مِلحَاحَا
                  ومثله قول الشاعر الهذلي:
                  هم اللاؤون فكوا الغل عني بمرو الشاهجان إلى الجناح
                  فهل سيقال عن قبيلة هذيل أنها تلحن لقولهم (اللاؤون)، في حين أن غيرهم من العرب يقول (اللائي)؟
                  ومثله حذف بعض العرب نون النسوة من الفعل المرفوع، في حين أن القواعد التي وضعها المقعِّدون بعد ذلك تعتبر إثبات النون علامة على رفع الفعل، بينما حذفها يعني جزمه أو نصبه، فهل سيقول أعاجم العرب اليوم أن هؤلاء العرب الأقحاح يلحنون؟
                  وهل سيتهمون الشاعر المبدع بشار بن برد باللحن والجهل لأنه حذف نون النسوة في قوله:
                  فلقد كان ما أكابد منها ومن القلب يتركاني وحيدًا
                  5- إن القرآن نزل بلسان عربي مبين (قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ) الزمر: 28، والعرب لم تعرف قواعد اللغة إلا بعد الإسلام، وقد وضعها المسلمون كالخليل بن أحمد وسيبويه وابن نفطويه وأمثالهم، واستنبطوها من القرآن أولًا ثم من أشعار العرب ومأثوراتها ثانيًا، فكيف يحاكم القرآن إلى قواعد وجدت بعده، بل أخذت منه؟
                  وعلى ذلك فإن قواعد اللغة العربية تخضع للقرآن ومستنبطة منه، لا العكس. وذلك أشبه بمحاولة إنسان إخضاع حركة الشمس والقمر لقواعد الحركة فى الفلك. فهذا غير منطقى لأن القوانين الفلكية استمدت من حساب حركة الشمس والقمر والكواكب ..لا العكس. أى إننا نستنتج القوانين من الحركة الفلكية للكواكب لا أن نخضع الشمس للقوانين لنلزمها بها. بمعنى أن الشمس والكواكب كانت تسر أولا، وبدراسة حركتها استنتجنا القوانين المعمول بها اليوم.
                  6- من المعروف أن القرآن الكريم بقراءاته أول المصادر التي اعتمدها النحويون في وضع قواعد النحو بل أهمها لثوبته عن العرب ولفصاحته الذي لا خلاف فيها .
                  قال الأنباري عن القرآن وأنه من أدلة النحو: (وهذا القسم دليل قطعي من أدلة النحو يفيد العلم) انظر: لمع الأدلة في أصول النحو لأبي البركات الأنباري، تحقيق سعيد الأفغاني، مطبعة الجامعة السورية، 1377هـ، صفحة 83 .
                  وتقول الدكتورة عفاف حسانين عن القرآن الكريم والاعتماد عليه في الاستدلال: (هو عماد الأدلة النقلية جميعها، وقد نزع النحاة جميعًا إلى الاعتماد عليه وعلى قراءاته في الاستدلال على قواعدهم وأصولهم، ويظهر ذلك بوضوح عند كل من نتعرض له بالقراءة والدرس من النحاة على اختلاف مدارسهم واتجاهاتهم) انظر: في أدلة النحو للدكتورة عفاف حسانين، المكتبة الأكاديمية، القاهرة، الطبعة الأولى، 1996م، صفحة 30 .
                  ويقول الدكتور محمود نحلة: (لا خلاف بين العلماء في حجية النص القرآني، فهم مجمعون على أنه أفصح مما نطقت به العرب، وأصح منه نقلًا، وأبعد منه عن التحريف، مع أنه نزل بلسان عربي مبين، وعلى كثرة المعارضين والمنبهرين لم يتعرض أحد من العرب وقت نزول القرآن لعربيته من قريب أو بعيد، بل أثر عنهم ابنهارهم به وإقرارهم بما وصل إليه من درجات في البيان ... وأقر النحاة بأنه كلام الله أُجري على كلام العباد فكُلِّموا بكلامهم وجاء القرآن على لغتهم وعلى ما يعنون.) انظر: أصول النحو العربي، للدكتور محمود أحمد نحلة، دار العلوم، بيروت، الطبعة الأولى، 1407هـ، صفحة 33 .
                  وعلى ذلك فإن قواعد النحو تخضع للقرآن، ولا يخضع القرآن لقواعد النحو، فالقرآن هو أستاذ قواعد النحو. وكل من يتعلم هذه القواعد، إنما يكون معلمه الأول هو القرآن، فيستحيل أن يقول الإمام الزمخشرى (وهو من أساطين اللغة والبلاغة، الذين أنفقوا عمرهم لتبيان جمال الإعجاز اللغوى والبلاغى للقرآن الكريم) إن القرآن يحتوى على مائة خطأ لغوى، كما ادعيت كذبًا.
                  ويتضح كذبك فى هذا أنك لم تذكر المرجع ولا الصفحة ولا الطبعة، ثم هل من يشكك بهذه الدرجة فى القرآن يكون من علمائه وينفق جزءًا من عمره فى تفسيره؟ لا. إنك مازلت تتبع بولس وتكذب ليزداد مجد الشيطان، فمجد الرب لا يزداد بالكذب أبدًا: (7فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟) رومية 3: 7
                  أما مجد الله عند يسوع فيزداد بالأعمال الصالحة والصدق: (16فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.) متى 5: 16
                  7- إن الله تعالى عندما أرسل رسله، وأرسل مع بعضهم بعض المعجزات، فإنه كان يختار لكل رسول معجزة تُعجز قومه بأفضل ما يتقنون، فعندما أرسل عيسى  فإنه أرسل بمعجزة من جنس ما برع به قومه من الطب، فعلموا أن ما أتى به  ليس بطب. وكذلك معجزة محمد  – القرآن – لأنه بعث في قوم هم أهل اللغة والفصاحة والشعر. فعلموا فورًا أن ما يقوله  ليس بشعر ولا رجز ولا غيره من كلام البشر. ومن غيرهم أهلٌ لأن يحكم بأن هذا فصاحة أم معجزة، وهم أهل الفصاحة والبلاغة.
                  وبالرغم من قوة الدافع عند العرب لتكذيب محمد ، وبالرغم من أن القرآن قد قرعهم وأهانهم وتحداهم وسفه أحلامهم وعاب آلهتهم وبين سخفهم، إلا أن أحدًا منهم لم يقل أبدًا إن القرآن من كلام محمد ، بل قالوا إنه سحر، وقالوا وقالوا وافتروا وحاولوا، ولكنهم لم يدَّعوا أبدا أنه كلام محمد ، فهم أهل البلاغة والفصاحة وأهل اللغة، وهم أعلم الناس بأنهم لو قالوا إن هذا الكلام كلام محمد لسخرت منهم العرب. وهذه وحدها تكفي للدلالة على أن هذا القرآن ليس من عند محمد .
                  8- من المعروف أن الرسول  عربى، نشأ فى بيئة عربية تتكلم الفصحى، التى يشق المرء اليوم فى الإلمام بطرف منها. فهو لم يلحن فى كلامه العادى، والذى نطلق عليه الأحاديث النبوية. فما بالك بكلام هو ينقله عن الله تعالى؟ فهل من العقل أن يتقن أحاديثه أمام الناس، ويلحن فيما ينقله عن الله تعالى فى كتابه العزيز؟
                  9- كان قومه  يتلمسون له الخطأ سواء فى التشريع أم التنظيم أم اللغة، ولو أخطأ فى إعراب أو دقة لفظ لأخذوه عليه،لأن أى خطأ يقدح فى علم الله تعالى، وفى اختياره لهذا النبى. وهم لم يفعلوا، بل قال أعلم كفارهم باللغة والشعر والنثر، وهو الوليد بن المغيرة، عم أبي جهل، وقد كان من أكابر قريش في المركز الإجتماعي والمادي واللغوى، كما كان من أكبر مجرمى قريش الذين تآمروا على الرسول ، عندما سمع القرآن الكريم: فقال قولته الشهيرة فى القرآن بعد أن ضغط عليه أبو جهل خوفًا من أن يتبع محمدًا  بعد تأثره بما سمعه منه: (فوالله ما فيكم رجل أعلم بالشعر مني، ولا برجزه ولا بقصيده مني، ولا بشاعر الجن، والله ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا، ووالله إن لقوله الذي يقول لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه، مغدق أسفله، وإنه ليعلوا وما يعلى، وإنه ليحطم ما تحته ...). أخرجه الحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل من طريق عكرمة عن ابن عباس
                  هذه كلمات قد نطق بها أحد أولئك الذين أعلنوا حربًا شعواء على دين الله .. يوم كان غريبًا .. يطارد في أرض الله وحيدًا فريدًا.
                  نطق بها ذلك الذي تغلغل الكفر بين جنبات روحه .. وتمكن الشرك من سويداء فؤاده حتى أحاله إلى ليل بهيم .. لا شمس يستنير بها ولا قمر .. ولا ضوء تشرق به روحه .. بل سواد وقتر .. ولذا فما إن لامست كلمات القرآن مسمعه حتى شعر بهزة في الوجدان .. وخشوع في الجنان .. وإذا بفطرته التى طالما كممت أفواهها وسد عنها الآذان .. إذا بها تخر ساجدة للمولى .. معلنة لسائر الأنام أن ما هذا بكلام البشر .. ما هذا بنسج خيال .. إن هذا إلا تنزيل من العزيز المنان.
                  هذا هو القرآن الذي طالما أسرت به القلوب .. وقطعت لأجله الفيافي والدروب .. فانطلقت جماعات المؤمنين من لدن سيدنا محمد  معلمة ومتعلمة .. لاتبالي بما خلفت وراءها من متاع الدنيا الزائف.
                  وبما أنهم لم يأخذوا على القرآن الكريم مأخذًا فى اللغة أو غيره، فقد صدق محمد ، وسقطت الأقنعة الزائفة التى تتطاول عليه.
                  بل شهد له أعداؤه من أقحاح العرب، وأساطينهم لغويًا، يقول الدكتور "عبد الودود مقبول حنيف" فى كتابه "مصدر القرآن الكريم": "الأسلوب الأدبي للقرآن الكريم أسلوب رفيع عال يفوق أي أسلوبٍ من الأساليب العربية الأخرى، سواءٌ أكانت قصيدةً أم نثرًا مسجوعًا أم غير مسجوع، أو شعرًا، فلغة النبي  تدل على رصانةِ ألفاظه وقوة فصاحتِه وبلاغته، فقد أوتي جوامع الكلم ، وهو ما بدا واضحًا في سنته ، ومع ذلك كله لا يمكن أن يصل لمستوى القرآنِ الكريم فهو معجزٌ، عجزت الإنس والجن عن أن يأتوا بمثله ولن يستطيع أحدٌ الإتيانَ بمثله ولو كان بعضهم لبعضٍ ظهيرًا، بعكس الحديث النبوي فإن أعجز عامة الناس الإتيان بالأسلوب البشري فلا يعجز بعض خاصتهم الإتيان بأسطرٍ منه، وبالمقارنة بين القرآنِ والسنة يتضحُ الفرق بين الأسلوب الإلهي الذي يدل على روعة النظمِ القرآني وبين الأسلوب البشري"، قال الزرقاني في البيان والتوضيح بين الأسلوبين: ((حتى كلام رسول الله  الذي أوتي جوامع الكلم، وأشرقت نفسه بنور النبوة والوحي، وصِيغَ على أكمل ما خلق الله، فإنه مع تحليقه في سماءِ البيان وسُمُوِّه على كل إنسان لا يزالُ هناك بَونٌ بينه وبين القرآن)) "مناهل العرفان 2/ 298"
                  و"إسلام لبيد بن ربيعة وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما المعروفين بالفصاحة والبيان ما هو إلا شاهد ودليلٌ واضحٌ على الأسلوب البلاغي الراقي الذي انفرد به القرآنُ الكريم عن غيره من الأساليب، فقد كانت هناك قصيدةٌ شعرية للبيد تُعَدُّ من أعظم ما قيل من الروائع في عهد محمد ، ولم يجرؤ أحدٌ من الشعراء على منافستها حتى علقت بجانبها بعض آياتٍ من القرآنِ الكريم، فأسلم لبيد في الحال وقال قولته: ((إن كلاماً كهذا ليس من قول البشر، وإنه لا شك وحيٌ إلهي)) (انظر الاستشراق والقرآن العظيم د. محمد خليفة ص 52)
                  و"عمر بن الخطاب  كان فصيحًا لا نظير له، وكان يعادي الإسلام والقرآن حتى وجد عند أخته صحيفةً بها بعض القرآن فطلبها فامتنعت، فلما تمكن من قراءتها ملأت الآيات القليلة قلبه إعجابًا ورهبة، ومنذ تلك اللحظة أصبح عمر بن الخطاب  واحدًا من رموز قادة الإسلام" (انظر الاستشراق والقرآن العظيم د. محمد خليفة ص 53)
                  ومثله خبر الشاعر لبيد بن ربيعة العامري، وهو من فحول شعراء الجاهلية، وصاحب إحدى المعلقات السبعة ، سأله عمر بن الخطاب يومًا: أنشدني من شعرك، فقرأ له سورة البقرة، فقال:‏ إنما سألتك عن شعرك، فقال‏:‏ ما كنت لأقول بيتًا من الشعر بعد إذ علمني الله البقرة وآل عمران. (الاستيعاب في معرفة الأصحاب ، ابن عبد البر (3/1335.))
                  ومن قبل كانت شهادة الوليد بن المغيرة كافية فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن الوليد بن المغيرة (الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم أبو عبد شمس، من قضاة العرب في الجاهلية ومن زعماء قريش ومن زنادقتها توفي سنة 1 هج، الكامل 2/26، الأعلام 8/122.) جاء إلى النبي  فقرأ عليه القرآن فكأنه رق له فبلغ ذلك أبا جهل، فأتاه فقال له: يا عم، إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالاً، قال: لِمَ ؟ قال: ليعطوكه، فإنك أتيت محمدًا لتتعرض لما قبله، قال: قد علمت قريش أني من أكثرها مالاً، قال: فقل فيه قولاً يبلغ من قومك أنك منكر له وكاره، قال: وماذا أقول؟ فوالله ما فيكم رجل ألم بالشعر مني، لا برجزه ولا بقصيده ولا بأشعار الجن، والله ما يشبه الذي يقول شيئاً من هذا، ووالله إن لقوله الذي يقوله لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه، مغدق أسفله، وإنه ليعلو وما يعلى، وإنه ليحطم ما تحته، قال: والله ما يرضى قومك حتى تقول فيه، قال: فدعني حتى أفكر، فلما فكر قال: هذا سحر يؤثر، يأثره عن غيره، فنَزلت: (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُوداً * وَبَنِينَ شُهُوداً * وَمَهَّدْتُّ لَهُ تَمْهِيداً * ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ * كَلاَّ إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيداً * سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً * إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ * سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ * عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ) سورة المدثر 11-30
                  ولما جاء عتبة بن ربيعة إلى النبي سمعه يقرأ أوائل سورة فصلت، فرجع إلى قريش قائلاً: (إني واللهِ قد سمعت قولاً ما سمعتُ بمثلِه قط، والله ما هو بالشعر ولا السحر ولا الكهانة، يا معشر قريش: أطيعوني واجعلوها بي، خلّوا بين هذا الرجل وبينَ ما هو فيه، فوالله ليكونن لقوله الذي سمعتُ نبأ) (أخرجه البيهقي في الدلائل (2/202)، وابن إسحاق في السيرة (1/187).)
                  وأما جبير بن مطعم  فسمع النبي  يقرأ في المغرب بالطور، فلما بلغ هذه الآية: (أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَيء أَمْ هُمُ الْخَـٰلِقُونَ أَمْ خَلَقُواْ السَّمَـاواٰتِ وَالأَرْضَ بَل لاَّ يُوقِنُونَ أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ) قال: (كاد قلبي أن يطير)،وفي رواية: (وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي) (البخاري رقم (4854) و(4023).)
                  وأما الطفيل الدوسي فقدم مكة، فحذرته قريش من سماع القرآن، وقالوا: وإنما قوله كالسحر، يفرق بين الرجل وبين أبيه، وبين الرجل وبين أخيه، وبين الرجل وبين زوجته، وإنا نخشى عليك وعلى قومك ما قد دخل علينا ، فلا تكلمنه ولا تسمعن منه شيئًا.
                  يقول الطفيل: فوالله ما زالوا بي حتى أجمعت أن لا أسمع منه شيئًا، ولا أكلمه حتى حشوت في أذني كرسفًا [قطناً]؛ فَرَقًا [خوفًا] من أن يبلغني شيء من قوله، وأنا لا أريد أن أسمعه.
                  لكن الله أبى إلا أن يسمعه وهو في الطواف بعض القرآن فقال لنفسه: (وا ثكل أمي، والله إني لرجل لبيب شاعر، ما يخفى علي الحسن من القبيح، فما يمنعني أن أسمع من هذا الرجل ما يقول؟ فإن كان الذي يأتي به حسناً قبلتُه، وإن كان قبيحًا تركتُه.) فجلس إلى النبي يستمع القرآن، ثم ما لبث أن أسلم. (سيرة ابن هشام، ص (382.))
                  ولو عدنا ثانية إلى الفرض بأن القرآن من تأليف النبي وإنشائه؛ لتبين لنا استحالة هذا الفرض بمجرد النظر في نظم القرآن وأسلوبه ومقارنته مع أسلوب النبي  في حديثه المدون في كتب السنة والحديث، لتيقنَّا أنه لا يمكن لأديب أن يغير أسلوبه أو طريقته في الكتابة بمثل تلك المغايرة التي نجدها بين القرآن والأحاديث القدسية والأحاديث النبوية.
                  ولو شئنا أن نضرب لذلك مثلاً، فنقارن بين بيان القرآن وأسلوبه وبين كلام النبي ، فكلاهما كلام بليغ، لكن شتان بين كلام الباري وكلام عبده.
                  فقوله: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ...) (البخاري برقم (1)، ومسلم برقم (1907).) وكلامه  عربي فصيح، لكن شتان بينه وبين قول الله عز وجل: (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً * أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا * كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا * وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا * وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ الله آَلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا * كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا * أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا * فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا) (مريم: 77-84)، فبين القولين من تباين الأسلوب وجزالته ما لا يخفى على العوام؛ فضلاً عن أرباب الفصاحة والبيان.
                  10- وإذا كان القرآن من تأليف النبي فكيف نجح في تأليف هذا الذي ذهل لبلاغته أرباب اللغة ورواد الأدب والبيان؟ كيف جرُأ على تحديهم بالإتيان بمثله؟ ولماذا لم ينسبه إلى نفسه فيحوز شرف تأليفه وإبداعه؟ أما كان من الأوفق له أن ينسبه لنفسه ويتحدى به الآخرين، ولن يعارضه أحد في أنه صاحبه؟!
                  لقد جعل الله القرآنَ الكريم أعظم وأدوم معجزات الرسول ، فهو معجزته في كل عصر وحين، وقد تحدى من قال بأنه من تأليف محمد ، فدعاهم إلى الإتيان بمثله، فكلام البشر يقارع ويضارع، وأما كلام الرب فلا يماثل ولا يكافأ.
                  لكن العرب على فصاحتهم وبيانهم عجزوا عن الإتيان بسورة من مثله رغم التحدي القرآني المستفز لهممهم والتي تؤزه شدة الكراهية والعداوة له والحرص على الطعن فيه والتماس أي زلل فيه أو خطأ، وأعيتهم الحيل في ذلك، وهم يسمعونه يصدع بين ظهرانيهم: (أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ * فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ) (الطور:33-34).
                  فلما أعجز المشركين أن يأتوا بمثل جميعه، تحداهم القرآن بأقل منه؛ أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات من عندهم تضارع القرآن وتماثل بيانه (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ الله إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) (هود: 13).

                  تعليق


                  • #84
                    الملف 61
                    فلما عجزوا عن الإتيان بعشر سور من مثله تحداهم القرآن أن يأتوا بسورة واحدة تضارعه في بيانه وإحكامه: (وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ الله إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (البقرة: 23).
                    ويبلغ التحدي القرآني غايته حين يخبر القرآن أن عجز المشركين عن محاكاته والإتيان بمثله سيكون عجز دائم لا انقطاع له، فيقول: (فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ) (البقرة: 24)، وأن نتيجة التحدي النهائية هي خسارة أعداء القرآن والزاعمين بشريته (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) (الإسراء: 88).
                    إن هذا القرآن تحدى الله به الإنس والجن على أن يأتوا بمثله فعجزوا، ثم تحداهم أن يأتوا بعشر سور فقط، فعجزوا ثم تحداهم أن يأتوا بمثل أصغر سورة من القرآن فلم يستطيعوا، مع أن الذين تحداهم كانوا أبلغ الخلق، وأفصحهم، والقرآن نزل بلغتهم، ومع هذا أعلنوا عجزهم التام الكامل، وبقي التحدي على مدار التاريخ، فلم يستطع أحد من الخلق أن يأتي بشيء من ذلك، ولو كان هذا كلام بشر لاستطاع بعض الخلق أن يأتي بمثله أو قريبًا منه.
                    فلو خرج علينا كائن من كان، بعد فشل أساطين اللغة وعلمائها، ليقول إن هذا القرآن يحتوى على أخطاء لغوية، فالعيب فى فهمه، وفى قصر علمه باللغة.
                    11- فإن قال قائل إن محمدًا  كان عبقريًا، واستطاع أن يأتي بما لم يستطعه القوم من بلاغة وقوة فى الأسلوب، قلنا إن هذا ينفى أولا القول بوجود أخطاء فى القرآن، ويثبت إعجازه. ثم إن العبقري مهما سما فإنه لن يستطيع الاتيان بفن جديد في الأدب لا يعرفه أحد من قبله ابتداء ولا يستطيع أحد من بعده أن يقلده انتهاء، فالشعر مثلا لم يتنزل بين يوم وليلة على أحدهم بهذه الصورة التي نعلمها بل تطور على مدار زمن طويل وما زال إلى اليوم يتطور شكلا ومضمونًا.
                    والمهلهل هو أول من هلهل الشعر بعد أن كان على شاكلة أخرى. الحاصل أن فنا كالشعر أو النثر وهما نوعا الأدب المعروفان لم يتنزل على الناس بين يوم وليلة، ثم إنه ولو فرضنا أن شخصًا ما اخترع الفن جملة وتفصيلا فها نحن نرى أن الشعر ليس بحكر على واحد دون الآخر بل الشعراء والناثرون أكثر عددًا من رمل البطحاء.
                    لكن القرآن ليس بالشعر ولا بالنثر بل هو نظم فريد ليس بمقدور أحد أن يقلده ولا بسورة من ثلاث جمل قصيرة كالكوثر.
                    12- إن البشر مهما بلغوا من العلم والفهم فلابد أن يقع منهم الخطأ والسهو، والنقص، فلو كان القرآن ليس كلام الله لحصل فيه أنواع من الاختلاف والنقص كما قال تعالى: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا) النساء 82،
                    وورد فى تفسير البيضاوى ما نصه: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ الله) أي ولو كان من كلام البشر كما تزعم الكفار (لَوَجَدُواْ فِيهِ اختلافا كَثِيرًا) من تناقض المعنى وتفاوت النظم، وكان بعضه فصيحًا وبعضه ركيكًا، وبعضه يصعب معارضته وبعضه يسهل، ومطابقة بعض أخباره المستقبلة للواقع دون بعض، وموافقة العقل لبعض أحكامه دون بعض، على ما دل عليه الاستقراء لنقصان القوة البشرية. ولعل ذكره ها هنا للتنبيه على أن اختلاف ما سبق من الأحكام ليس لتناقض في الحكم بل لاختلاف الأحوال في الحكم والمصالح).
                    ولكنه ثبت بأقوال أهل اللغة وأساطينها أنه سالم من أي نقص أو خطأ أو تعارض، بل كله حكمة ورحمة وعدل، ومن ظن فيه تعارضًا، فإنما أتي هذا من قصور فى علمه وفهمه الخاطئ، إن لم يكن له مأرب فى ذلك، وإن لم يكن متبعًا لقاعدة (رمتنى بدائها وانسلت)، أو مبدأ الكذب من أجل زيادة مجد الرب، أو الكذب من أجل إشغال العدو وإبعاد عيونه عن من يعاديه ومشاكل كتابه الذى يقدسه أو كذب من أجب إيهام أتباعه أن الإسلام دين كاذب، وهدم كل جمالياته وكمالياته فى أعينهم، بحيث لو تركوا المسيحية لا يتجهون بحال من الأحوال إلى الإسلام، فالبوذية أو العلمانية أو الكفر البواح عندهم أفضل من الإسلام. ولو رجع إلى أهل العلم لبينوا له الصواب، وكشفوا عنه الإشكال، وشبكة النت تعجُّ بالردود على الشبهات الموجهة للإسلام والقرآن الكريم والسنة من ناحية اللغة أو التاريخ أو الجغرافية أو من الناحية العلمية وغيره. فهو كما قال ربنا العزيز: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيز. لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) فُصِّلَت 41-42
                    13- إن الله تكفل بحفظ هذا القرآن العظيم، فقال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحجر 9، فمن الذى يمكنه أن ينتزع كتاب الله أو حرفًا منه وإجبار الرب على الإستسلام لتحريفه؟
                    أما من ناحية ما تدين به عزيزى الكاتب، فأنت تؤمن أن يعقوب أجبر الرب على مباركته بعد معركة طويلة انتصر فيها يعقوب على الرب (تكوين 32: 22-30)
                    وتؤمن أن الشيطان أجبر يسوع على المكوث معه فى البرية 40 يومًا (لوقا 4: 1-11)
                    وتؤمن أن اليهود أخافوا الرب، حتى لم يعد يظهر فى وسطهم، وفى النهاية ضربوه وأهانوه، ثم مسمروه على جذع شجرة، وطعنوه برمح، وقتلوه. فهل من يقتل الرب يصعب عليه تحريف كتابه؟ وهل من يقتل الرب يترك كتابه بعد ذلك بدون تحريف؟ لقد قتله من الأساس من أجل تعاليمه، فهل يقتل الرب ويحافظ على تعاليمه، التى كانت سببًا فى تآمرهم عليه؟ (1وَكَانَ يَسُوعُ يَتَرَدَّدُ بَعْدَ هَذَا فِي الْجَلِيلِ لأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَتَرَدَّدَ فِي الْيَهُودِيَّةِ لأَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُ) يوحنا 7: 1
                    (53فَمِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ تَشَاوَرُوا لِيَقْتُلُوهُ. 54فَلَمْ يَكُنْ يَسُوعُ أَيْضًا يَمْشِي بَيْنَ الْيَهُودِ علاَنِيَةً ... ) يوحنا 11: 53-54
                    فإيمانك إذن بقتل الرب وإجباره واعتقاله وحبسه فى الصحراء لدليل على ضعف الرب وعدم قدرته على الحفاظ لا على كتابه ولا على حياته!!
                    ناهيك عن أن الكتاب الذى تقدسه لم يتعهد الرب بحفظه، بل أوكل حفظه لليهود ولم يحفظوه، بل خانوا الأمانة، وهو ما يصرح به الكتاب نفسه: (1إِذًا مَا هُوَ فَضْلُ الْيَهُودِيِّ أَوْ مَا هُوَ نَفْعُ الْخِتَانِ؟ 2كَثِيرٌ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ! أَمَّا أَوَّلًا فَلأَنَّهُمُ اسْتُؤْمِنُوا عَلَى أَقْوَالِ اللهِ. 3فَمَاذَا إِنْ كَانَ قَوْمٌ لَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ؟ أَفَلَعَلَّ عَدَمَ أَمَانَتِهِمْ يُبْطِلُ أَمَانَةَ اللهِ؟ 4حَاشَا! بَلْ لِيَكُنِ اللهُ صَادِقًا وَكُلُّ إِنْسَانٍ كَاذِبًا.) رومية 3: 1-4
                    (53الَّذِينَ أَخَذْتُمُ النَّامُوسَ بِتَرْتِيبِ مَلاَئِكَةٍ وَلَمْ تَحْفَظُوهُ؟».) أعمال الرسل 7: 53
                    وها هو إرمياء يشهد بتحريف اليهود لكلام الرب: (كَيْفَ تَدَّعُونَ أَنَّكُمْ حُكَمَاءُ وَلَدَيْكُمْ شَرِيعَةَ الرَّبِّ بَيْنَمَا حَوَّلَهَا قَلَمُ الْكَتَبَةِ المُخَادِعُ إِلَى أُكْذُوبَةٍ؟) إرمياء 8: 8
                    (16هَكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: لاَ تَسْمَعُوا لِكَلاَمِ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ فَإِنَّهُمْ يَجْعَلُونَكُمْ بَاطِلًا. يَتَكَلَّمُونَ بِرُؤْيَا قَلْبِهِمْ لاَ عَنْ فَمِ الرَّبِّ) إرمياء 23: 16
                    (30لِذَلِكَ هَئَنَذَا عَلَى الأَنْبِيَاءِ يَقُولُ الرَّبُّ الَّذِينَ يَسْرقُونَ كَلِمَتِي بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ) إرمياء 23: 30
                    (32هَئَنَذَا عَلَى الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ بِأَحْلاَمٍ كَاذِبَةٍ يَقُولُ الرَّبُّ الَّذِينَ يَقُصُّونَهَا وَيُضِلُّونَ شَعْبِي بِأَكَاذِيبِهِمْ وَمُفَاخَرَاتِهِمْ وَأَنَا لَمْ أُرْسِلْهُمْ وَلاَ أَمَرْتُهُمْ. فَلَمْ يُفِيدُوا هَذَا الشَّعْبَ فَائِدَةً يَقُولُ الرَّبُّ].) إرمياء 23: 32
                    (33وَإِذَا سَأَلَكَ هَذَا الشَّعْبُ أَوْ نَبِيٌّ أَوْ كَاهِنٌ: [مَا وَحْيُ الرَّبِّ؟] فَقُلْ لَهُمْ: [أَيُّ وَحْيٍ؟ إِنِّي أَرْفُضُكُمْ - هُوَ قَوْلُ الرَّبِّ. 34فَالنَّبِيُّ أَوِ الْكَاهِنُ أَوِ الشَّعْبُ الَّذِي يَقُولُ: وَحْيُ الرَّبِّ - أُعَاقِبُ ذَلِكَ الرَّجُلَ وَبَيْتَهُ.) إرمياء 23: 33-34
                    (36أَمَّا وَحْيُ الرَّبِّ فَلاَ تَذْكُرُوهُ بَعْدُ لأَنَّ كَلِمَةَ كُلِّ إِنْسَانٍ تَكُونُ وَحْيَهُ إِذْ قَدْ حَرَّفْتُمْ كَلاَمَ الإِلَهِ الْحَيِّ رَبِّ الْجُنُودِ إِلَهِنَا.) إرمياء 23: 36
                    (31اَلأَنْبِيَاءُ يَتَنَبَّأُونَ بِالْكَذِبِ وَالْكَهَنَةُ تَحْكُمُ عَلَى أَيْدِيهِمْ وَشَعْبِي هَكَذَا أَحَبَّ.) إرمياء 5: 31
                    (لاَ تَغِشَّكُمْ أَنْبِيَاؤُكُمُ الَّذِينَ فِي وَسَطِكُمْ وَعَرَّافُوكُمْ وَلاَ تَسْمَعُوا لأَحْلاَمِكُمُ الَّتِي تَتَحَلَّمُونَهَا. 9لأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ بِاسْمِي بِالْكَذِبِ. أَنَا لَمْ أُرْسِلْهُمْ يَقُولُ الرَّبُّ.) إرمياء 29: 8-9
                    (32فَأَخَذَ إِرْمِيَا دَرْجًا آخَرَ وَدَفَعَهُ لِبَارُوخَ بْنِ نِيرِيَّا الْكَاتِبِ فَكَتَبَ فِيهِ عَنْ فَمِ إِرْمِيَا كُلَّ كَلاَمِ السِّفْرِ الَّذِي أَحْرَقَهُ يَهُويَاقِيمُ مَلِكُ يَهُوذَا بِالنَّارِ وَزِيدَ عَلَيْهِ أَيْضًا كَلاَمٌ كَثِيرٌ مِثْلُهُ.) إرمياء 36: 32
                    وها هو إشعياء يشهد بتحريف اليهود لكلام الرب: (15وَيْلٌ لِلَّذِينَ يَتَعَمَّقُونَ لِيَكْتُمُوا رَأْيَهُمْ عَنِ الرَّبِّ فَتَصِيرُ أَعْمَالُهُمْ فِي الظُّلْمَةِ وَيَقُولُونَ: «مَنْ يُبْصِرُنَا وَمَنْ يَعْرِفُنَا؟». 16يَا لَتَحْرِيفِكُمْ!) إشعياء 29: 15-16
                    وها هو حزقيال يشهد بتحريف اليهود لكلام الرب: (6رَأُوا بَاطِلًا وَعِرَافَةً كَـاذِبَةً. الْقَائِلُونَ: وَحْيُ الرَّبِّ وَالرَّبُّ لَمْ يُرْسِلْهُمْ، وَانْتَظَرُوا إِثْبَاتَ الْكَلِمَةِ.) حزقيال 13: 6
                    (7أَلَمْ تَرُوا رُؤْيَا بَاطِلَةً، وَتَكَلَّمْتُمْ بِعِرَافَةٍ كَـاذِبَةٍ، قَائِلِينَ: وَحْيُ الرَّبِّ وَأَنَا لَمْ أَتَكَلَّمْ؟) حزقيال 13: 7
                    (26كَهَنَتُهَا خَالَفُوا شَرِيعَتِي وَنَجَّسُوا أَقْدَاسِي. لَمْ يُمَيِّزُوا بَيْنَ الْمُقَدَّسِ وَالْمُحَلَّلِ، وَلَمْ يَعْلَمُوا الْفَرْقَ بَيْنَ النَّجِسِ وَالطَّاهِرِ، وَحَجَبُوا عُيُونَهُمْ عَنْ سُبُوتِي فَتَدَنَّسْتُ فِي وَسَطِهِمْ. 27رُؤَسَاؤُهَا فِي وَسَطِهَا كَذِئَابٍ خَاطِفَةٍ خَطْفًا لِسَفْكِ الدَّمِ، لإِهْلاَكِ النُّفُوسِ لاِكْتِسَابِ كَسْبٍ. 28وَأَنْبِيَاؤُهَا قَدْ طَيَّنُوا لَهُمْ بِـالطُّفَالِ، رَائِينَ بَاطِلًا وَعَارِفِينَ لَهُمْ كَذِبًا، قَائِلِينَ: هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ وَالرَّبُّ لَمْ يَتَكَلَّمْ!) حزقيال 22: 26-28
                    حتى إن كاتب سفر المكابيين قالها صراحة إن هذا الكتاب من تأليفه هو، ومع ذلك تعتبرونه وحيًا من الله: (فإنْ كُنْتُ قد أَحْسَنْتُ التَّأْلِيِف وأَصَبْتُ الغَرَضَ فَذَلكَ مَا كُنْتُ أَتَمَنَّى. وإنْ كَانَ قَد لَحقَنى الوَهَن والتَّقْصيرُ، فإنِّى قد بَذلتُ وسعى.) مكابيين الثانى 15: 39
                    وقد تكلم عاموس أن كلمة الرب ستضيع، ولن تجدوها. وعلى ذلك فمن التطاول على الله تعالى نسبة هذا الكتاب إليه: (11«هُوَذَا أَيَّامٌ تَأْتِي يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ أُرْسِلُ جُوعًا فِي الأَرْضِ لاَ جُوعًا لِلْخُبْزِ وَلاَ عَطَشًا لِلْمَاءِ بَلْ لاِسْتِمَاعِ كَلِمَاتِ الرَّبِّ. 12فَيَجُولُونَ مِنْ بَحْرٍ إِلَى بَحْرٍ وَمِنَ الشِّمَالِ إِلَى الْمَشْرِقِ يَتَطَوَّحُونَ لِيَطْلُبُوا كَلِمَةَ الرَّبِّ فَلاَ يَجِدُونَهَا.) عاموس 8: 11-12
                    وحذر يسوع من تعاليم الكهنة الفاسدة، التى غيروا بها تعاليم الله: (6فَقَدْ أَبْطَلْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ بِسَبَبِ تَقْلِيدِكُمْ! 7يَا مُرَاؤُونَ! حَسَنًا تَنَبَّأَ عَنْكُمْ إِشَعْيَاءُ قَائِلًا: 8يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هَذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ وَيُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا. 9وَبَاطِلًا يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ».) متى 15: 6-9
                    (6فَأَجَابَ: «حَسَنًا تَنَبَّأَ إِشَعْيَاءُ عَنْكُمْ أَنْتُمُ الْمُرَائِينَ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: هَذَا الشَّعْبُ يُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا 7وَبَاطِلًا يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ. 8لأَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ وَتَتَمَسَّكُونَ بِتَقْلِيدِ النَّاسِ: .. .. .. 9ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «حَسَنًا! رَفَضْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ. .. .. .. 13مُبْطِلِينَ كَلاَمَ اللَّهِ بِتَقْلِيدِكُمُ الَّذِي سَلَّمْتُمُوهُ. وَأُمُورًا كَثِيرَةً مِثْلَ هَذِهِ تَفْعَلُونَ».) مرقس 7: 7-13
                    ناهيك عن المحتوى الذى طالما تكلمنا عنه بشىء من التفصيل فى ردنا هذا!
                    14- إن محتوى القرآن الكريم والإعجاز العظيم الذي اشتمل عليه في التشريعات، والأحكام، والقصص، والعقائد، الذي لا يمكن أن يصدر عن أي مخلوق مهما بلغ من العقل والفهم، فمهما حاول الناس أن يسنوا تشريعات وقوانين لتنظيم حياتهم، فلا يمكن أن تفلح ما دامت بعيدة عن توجيهات القرآن، وبقدر هذا البعد بقدر ما يكون الفشل.
                    15- الإخبار بالأمور الغيبية الماضية والمستقبلية مما لا يمكن أن يستقل بشر مهما بلغ من العلم أن يخبر به خاصة في ذلك الزمن الذي يعتبر بدائيًا من جهة التقنية والآلات الحديثة، فهناك أشياء كثيرة لم يتم اكتشافها إلا بعد تجارب طويلة مريرة بأحدث الأجهزة، والآلات، قد أخبرنا الله عنها في القرآن، وذكرها رسوله  قبل ما يقرب من خمسة عشر قرنا، كأحوال الجنين، ومراحل نموه، وأحوال البحار، وغير ذلك . مما جعل بعض الكافرين يقرون بأن هذا لايمكن أن يكون إلا من عند الله ومن أمثلة ذلك أطوار الجنين:
                    فمنذ 60 عاما فقط تأكد الباحثون من أن الإنسان لا يوجد دفعة واحدة إنما يمر بأطوار ومراحل طورا بعد طور ومرحلة بعد مرحلة وشكلا بعد شكل. منذ 60 عاما فقط وصل العلم إلى إحدى الحقائق القرآنية .
                    قول الشيخ الزنداني: "التقينا مرة مع أحد الأساتذة الأمريكان بروفيسور أمريكى من أكبر علماء أمريكا اسمه (بروفيسور مارشال جونسون)
                    فقلنا له: ذكر في القرآن أن الإنسان خلق أطوارًا فلما سمع هذا كان قاعدًا فوقف وقال: أطوارًا؟!
                    قلنا له: وكان ذلك في القرن السابع الميلادى! جاء هذا الكتاب ليقول: الإنسان خلق أطوارًا!
                    فقال : هذا غير ممكن .. غير ممكن..
                    قلنا له : لماذا تحكم عليه بهذا؟ هذا الكتاب يقول: (يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ) الزمر 6، ويقول: (مَّا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا) نوح 31-32
                    فقعد على الكرسي وهو يقول: بعد أن تأمل: أنا عندي الجواب: ليس هناك إلا ثلاث احتمالات:
                    الأول: أن يكون عند محمد ميكروسكوبات ضخمة .. تمكن بها من دراسة هذه الأشياء وعلم بها ما لم يعلمه الناس فذكر هذا الكلام!
                    الثاني: أن تكون وقعت صدفة .. وهذه جاءت صدفة
                    الثالث: أنه رسول من عند الله
                    قلنا: نأخذ الأول: أما القول بأنه كان عنده ميكروسكوب وآلات، أنت تعرف أن الميكروسكوب يحتاج إلى عدسات، وهي تحتاج للزجاج وخبرة فنية، وتحتاج إلى آلات، وهذه معلومات بعضها لا تأتي إلا بالميكروسكوبات الإلكترونية، وتحتاج كهرباء، والكهرباء تحتاج إلى علم، وهذه العلوم لا تأتي إلا من جيل سابق، ولا يستطيع جيل أن يحدث هذا دفعة، فلا بد أن للجيل الذي قبله كان له اشتغال بالعلوم، ثم بعد ذلك انتقل إلى الجيل الذي بعده ثم هكذا ...أما أن يكون واحد فقط .. لا أحد من قبله ولا من بعده ولا في بلده ولا في البلاد المجاورة والرومان كذلك كانوا جهلة ما عندهم هذه الأجهزة والفرس والعرب كذلك! واحد فقط لا غير هو الذي عنده كل هذه الأجهزة وعنده كل هذه الصناعات وبعد ذلك ما أعطاها لأحد من بعده .. هذا كلام ما هو معقول!
                    قال: هذا صحيح صعب. نقول: صدفة ..
                    قلنا: ما رأيك لو قلنا لم يذكر القرآن هذه الحقيقة في آية، بل ذكرها في آيات، ولم يذكرها في آية وآيات إجمالا، بل أخذ يفصل كل طور: قال الطور الأول يحدث فيه وفيه، والطور الثاني كذا وكذا، والطور الثالث .. أيكون هذا صدفة؟! فلما عرضنا التفاصيل والأطوار وما في كل طور قال: الصدفة كلام غلط!! هذا علم مقصود.
                    قلنا: ما في تفسير عندك: قال: لا تفسير إلا وحي من فوق!!" انتهى
                    وأما الأخبار الكثيرة في القرآن عن البحار فبعضها لم يكتشف إلا في العصور المتأخرة، وكثير منها لا يزال مجهولا . فمثلًا هذه حقيقة تم الوصول إليها بعد إقامة مئات من المحطات البحرية .. والتقاط الصور بالأقمار الصناعة .. والذي قال هذا الكلام هو (البروفيسور شرايدر) .. وهو من أكبر علماء البحار بألمانيا الغربية .. كان يقول: إذا تقدم العلم فلا بد أن يتراجع الدين .. لكنه عندما سمع معاني آيات القرآن بهت وقال: إن هذا لا يمكن أن يكون كلام بشر .. ويأتي (البروفيسور دورجاروا) أستاذ علم جيولوجيا البحار ليعطينا ما وصل إليه العلم في قوله تعالى: (أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ) سورة النور: 40 .. فيقول لقد كان الإنسان في الماضي لا يستطيع أن يغوص بدون استخدام الآلات أكثر من عشرين مترًا .. ولكننا نغوص الآن في أعماق البحار بواسطة المعدات الحديثة فنجد ظلامًا شديدًا على عمق مائتي متر .. الآية الكريمة تقول (بَحْرٍ لُّجِّيٍّ) كما .. أعطتنا اكتشافات أعماق البحار صورة لمعنى قوله تعالى: (ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ) فالمعروف أن ألوان الطيف سبعة ... منها الأحمر والأصفر والأزرق والأخضر والبرتقالي إلى آخره .. فإذا غصنا في أعماق البحر تختفي هذه الألوان واحدا بعد الآخر .. واختفاء كل لون يعطي ظلمة .. فالأحمر يختفي أولا ثم البرتقالي ثم الأصفر .. وآخر الألوان اختفاء هو اللون الأزرق على عمق مائتي متر .. كل لون يختفي يعطي جزءًا من الظلمة حتى تصل إلى الظلمة الكاملة .. أما قوله تعالى: (مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ) فقد ثبت علميًا أن هناك فاصلا بين الجزء العميق من البحر والجزء العلوي .. وأن هذا الفاصل ملئ بالأمواج فكأن هناك أمواجا على حافة الجزء العميق المظلم من البحر وهذه لا نراها وهناك أمواج على سطح البحر وهذه نراها .. فكأنها موج من فوقه موج .. وهذه حقيقة علمية مؤكدة ولذلك قال البروفيسور دورجاروا عن هذه الآيات القرآنية: إن هذا لا يمكن أن يكون علمًا بشريًا وينظر الأدلة المادية على وجود الله " محمد متولي الشعراوي. والأمثلة على ذلك كثيرة جدا .
                    16- البشر حين يكتبون فإنهم يمجدون أنفسهم ويعظمون عند الناس ذواتهم، فالبشر يكتبون ليخلدوا ذكرهم ومفاخرهم، وهم بالطبع يتعامون عن ذكر معايبهم وأخطائهم، فما لتخليد هذا يكتبون.
                    ولم يسجل التاريخ البشري عن كاتب ما سجله القرآن من عتاب الله نبيه على بعض ما فعله ، ولو كان القرآن من إنشائه لبرر له فِعاله، وصوّب خطأه، فآي القرآن على خلاف ما نعتاده من البشر ونسقهم وطرائقهم في التأليف.
                    والمواضع التي عاتب الله فيها نبيه عديدة ، منها أنه لما جاءه المنافقون بعد غزوة تبوك يعتذرون عن تخلفهم بأعذار كاذبة؛ قبِل منهم أعذارهم، وعفا عنهم، فعاتبه ربه عز وجل: (عَفَا اللهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ) التوبة: 43 (جامع البيان، الطبري (14/272).)
                    ومنها أنه لما جاء إليه زيد بن حارثة يستشيره في طلاق امرأته زينب؛ أمره النبي بإمساكها، مع أن الله أعلمه أن زيدًا سيطلقها، وأنها ستكون زوجة له  وأُمًّا للمؤمنين، فكشف القرآن سر نفسِه: (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ الله عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ الله وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا الله مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَالله أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ) الأحزاب: 37، تقول عائشة رضي الله عنها: (ولو كان محمد كاتمًا شيئًا مما أُنزل عليه؛ لكتم هذه) (البخاري برقم (7420)، ومسلم برقم (177).)
                    ومنها أنه لما دخل على النبي نفر من سادات قريش، فجعل يعرض عليهم الإسلام وهو يطمع في إسلامهم، وفيما هم كذلك دخل عليه عبد الله بن أم مكتوم وهو أعمى يسأله، فأعرض عنه النبي وأقبل على السادة طمعًا في إسلامهم، فعاتبه ربه: (عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى * وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى * وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى * فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى) عبس: 1-10، (أخرجه الترمذي برقم (3331.)) ولو كان القرآن من كلام محمد، لما سطر فيه مثل هذا ، بل كتمه.
                    وقد لفت هذا الموقف نظر المستشرق الإنجليزي الدكتور (لايتنر)، فقال في كتابه "دين الإسلام": (مرة أوحى الله إلى النبي وحيًا شديد المؤاخذة؛ لأنه أدار وجهَه عن رجل فقير أعمى، ليخاطب رجلًا غنيًا من ذوي النفوذ، وقد نشر ذاك الوحي، فلو كان محمد كاذبًا لما كان لذلك الوحي من وجود) (قالوا عن الإسلام، عماد الدين خليل، ص (134).)
                    وكذلك عاتب الله نبيه  لما حرم على نفسه العسل، حين أكله عند احدى أزواجه، فأخبرته زوجتان أخريان أنهما تجدان منه ريح المغافير، وهو طعام حلو الطعم، سيء الرائحة، فحرَّمه  على نفسه، فقال له الله: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ) التحريم: 1
                    ولو كان محمد مؤلف القرآن لما أخبر بتهديد الله تعالى: (وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا * إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا) الإسراء: 74-75
                    ولو كان من تأليفه  لما قال بتهديد الله تعالى: (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ) الحاقة: 44-47، فما هكذا يكتب البشر عن أنفسهم.
                    أيبقى بعد هذا شك عند ذي عقل أن هذا القرآن هو كلام الله، وأن الرسول  قد بلغ ما أوحي إليه أكمل بلاغ وأتمه؟‍!
                    17- إن آيات القرآن لم تعاتب النبي فحسب، بل جاءت أحيانًا على خلاف ما يحبه ويهواه، ومن ذلك أنه لما توفي عبد الله بن أُبي كبير المنافقين، كفنه النبي في ثوبه، وأراد أن يستغفر له ويصلي عليه، فقال له عمر : أتصلي عليه وقد نهاك ربك؟ فقال : (إنما خيرني ربي. فقال: (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ) التوبة 80، وسأزيده على السبعين).
                    لقد كان حريصًا على أن تدرك رحمته كل أحد، فأنزل الله تعالى عليه: (وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ) التوبة: 84، فترك الصلاة عليهم. (البخاري برقم (4670)، ومسلم برقم (2400).)
                    ولما حضرت الوفاة عمه أبا طالب؛ دخل عليه النبي وعنده أبو جهل فقال: «أي عم، قل: لا إله إلا الله ؛ كلمة أحاج لك بها عند الله» فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب ترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزالا يكلمانه حتى قال آخر شيء كلمهم به: على ملة عبد المطلب.
                    فقال النبي متحسرًا على وفاة عمه على غير الإسلام: «لأستغفرن لك؛ ما لم أُنه عنه» قال ذلك وفاء منه لعمه الذي كثيرًا ما دافع عنه وآزره، فنزل قول الله على غير مراده: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) التوبة: 113، ونزل: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) القصص: 56 (البخاري برقم (1360)، ومسلم برقم (24).)
                    وصلى الفجر يومًا، فرفع رأسه من الركوع، وقال والأسى يعتصر قلبه مما يصنعه كفار قريش بأصحابه: «اللهم ربنا ولك الحمد، اللهم العن فلانًا وفلانًا وفلانًا»، فأنزل الله عز وجل: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ) آل عمران: 128 (البخاري برقم (4070).)
                    كيف يصح فرض أن القرآن من إنشاء النبي ، وفيه قوله تعالى: (وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا * إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا) الإسراء: 86-87
                    وإن مما يدفع هذا الفرض أيضًا ويدحضه هو تأخره  في جواب أسئلة ملحة استلبث الوحي في جوابها، مع مسيس حاجته إلى هذا الجواب؛ لأن ذلك سيثبت نبوته فى مواجهة خصومه من الكفار وأهل الكتاب.
                    ومن ذلك أن قريشًا بعثت النضر بن الحارث، وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار اليهود بالمدينة، وطلبوا منهم العون في اختبار النبي للوقوف على صدق نبوته، فأرشدهم اليهود إلى سؤاله عن أمور ثلاثة: عن فتية كانوا في الدهر الأول، وعن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها، وعن الروح ما هو؟
                    وقالوا: فإن أخبركم بذلك فهو نبي فاتبعوه، وإن لم يخبركم فإنه رجل متقول فاصنعوا في أمره ما بدا لكم. فأتت قريش النبيَّ وسألته، فقال لهم : «أخبركم غدًا عما سألتم عنه»، ولم يستثن [أي لم يقل: إن شاء الله]
                    فانصرفوا عنه، ومكث رسول الله خمس عشرة ليلة، لا يُحْدِثُ الله له في ذلك وحيًا، ولا يأتيه جبرائيل  حتى أرجف أهل مكة، وقالوا: وعدنا محمد غدًا، واليوم خمس عشرة ليلة لا يخبرنا بشيء عما سألناه عنه.
                    وأحزن رسولَ الله مُكْثُ الوحي عنه، وشق عليه ما تكلم به أهل مكة.
                    ثم جاءه جبرائيل  من عند الله عز وجل بسورة أصحاب الكهف، وفيها معاتبته إياه على حزنه عليهم، وفيها أيضًا خبر ما سألوه عنه من أمر الفتية، والرجل الطواف، وفيها قول الله عز وجل: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلًا) الإسراء: 85 (أخرجه الطبري في جامع البيان برقم (17/593))، فلو كان القرآن من عند نفسه لأجابهم من لحظته أو بعد ساعة، ولما أرهق نفسه خمس عشرة ليلة في انتظار جواب هو سيقوله وينشئه من عند نفسه.
                    وحين أرجف المنافقون بحديث الإفك عن زوجه - عائشة رضي الله عنها أبطأ الوحي في بيان براءتها، وطال الأمر عليه وعلى المسلمين، والناس يخوضون في الإفك، حتى بلغت القلوب الحناجر، وهو لا يملك إلا أن يقول بكل تحفظ واحتراس: «إني لا أعلم عنها إلا خيرًا».
                    وبقي شهرًا في غم واستشارة للأصحاب، والكل يقولون: ما علمنا عليها من سوء، لم يزد على أن قال لها آخر الأمر: «يا عائشة، أما إنه بلغني كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله، وإن كنتِ ألممت بذنب فاستغفري الله». (البخاري برقم (2661)، ومسلم برقم (2770).)
                    ثم نزل عليه قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ) إلى قوله: (الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) النور: 26، فأعلم الناس ببراءتها.
                    فماذا كان يمنعه – لو أن أمر القرآن إليه – أن يسارع إلى تقول هذه الكلمات الحاسمة ؛ ليحمي بها عرضه، ويذب بها عن عرينه، وينسبها إلى الوحي السماوي، لتنقطع ألسنة المتخرصين؟ ولكنه  الصادق الأمين الذي ما كان ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ) الحاقة: 44-47 (انظر: الطعن في القرآن الكريم والرد على الطاعنين، عبد المحسن زبن المطيري ، ص (311).)
                    18- اختلاف أسلوب القرآن عن أسلوب الأحاديث التى تكلم بها الرسول  ، وكذلك الأحاديث القدسية. فلم يوجد فى تاريخ البشر أن أوتى إنسان ثلاثة أساليب للكلام، وقال هذا قرآن، وهذا حديث قدسى، وتلك حديث نبوى. ويمكن للإنسان الفاهم للغة أن يميز بين هذه الأساليب، فما إن يسمع القرآن يميزه عن كلام البشر. ولا يمكن لإنسان يكذب على الله ويدعى النبوة أن يميز طوال عمره بين هذه الأساليب الثلاثة دون أن يقع فى خطأ، أو يفضحه الله تعالى بين أتباعه.
                    ولو حكَّمنا الكتاب الذى تقدسه لرأينا أن محمدًا  رسول من عند الله، بينما يسوع مدعٍ للنبوة، وذلك لأن من يدع النبوة فجزاؤه القتل، وقد قُتل يسوع، ومات محمد  ميتة طبيعية مثل موسى : (وأيُّ نبيٍّ تكلَّمَ باَسْمي كلامًا زائدًا لم آمُرْهُ بهِ، أو تكلَّمَ باَسْمِ آلهةٍ أُخرى، فجزاؤُهُ القَتْلُ.) التثنية 18: 20 الترجمة العربية المشتركة بين الكاثوليكية والأرثوذكسية والإنجيلية
                    (ولكن أَيُّ نَبِيٍّ اعتَدَّ بنَفْسِه فقالَ بِاَسْمي قَولًا لم آمُرْه أَن يَقولَه، أَو تكَلَّمَ بِاَسمِ آِلهَةٍ أُخْرى، فليَقتَلْ ذلك النَّبِيّ.) التثنية 18: 20 الترجمة الكاثوليكية
                    لذلك غيرتها نسخة الفاندايك الشهيرة بين المسيحيين العرب إلى يموت، ووافقتها ترجمة الحياة: (أَمَّا النَّبِيُّ الذِي يُطْغِي فَيَتَكَلمُ بِاسْمِي كَلامًا لمْ أُوصِهِ أَنْ يَتَكَلمَ بِهِ أَوِ الذِي يَتَكَلمُ بِاسْمِ آلِهَةٍ أُخْرَى فَيَمُوتُ ذَلِكَ النَّبِيُّ.) التثنية 18-20
                    ولا أريد أن أطيل عليك بسرد التراجم الأجنبية التى وافقت النسخة السامرية لسفر التثنية والتى كتبتها يُقتل.
                    وأن النبى الذى يدعى كذبًا أن الله قد أوحى إليه، قسوف ينتقم الله منه، ومن أهل بيته: (34فَالنَّبِيُّ أَوِ الْكَاهِنُ أَوِ الشَّعْبُ الَّذِي يَقُولُ: وَحْيُ الرَّبِّ - أُعَاقِبُ ذَلِكَ الرَّجُلَ وَبَيْتَهُ. ... 38وَإِذَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ: وَحْيُ الرَّبِّ - فَلِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ قَوْلِكُمْ هَذِهِ الْكَلِمَةَ: وَحْيُ الرَّبِّ وَقَدْ أَرْسَلْتُ إِلَيْكُمْ قَائِلاً لاَ تَقُولُوا: وَحْيُ الرَّبِّ 39لِذَلِكَ هَئَنَذَا أَنْسَاكُمْ نِسْيَاناً وَأَرْفُضُكُمْ مِنْ أَمَامِ وَجْهِي أَنْتُمْ وَالْمَدِينَةَ الَّتِي أَعْطَيْتُكُمْ وَآبَاءَكُمْ إِيَّاهَا. 40وَأَجْعَلُ عَلَيْكُمْ عَاراً أَبَدِيّاً وَخِزْياً أَبَدِيّاً لاَ يُنْسَى) إرميا 23: 34
                    وأذكر هنا أن الشاعر بشار بن برد – وكان شاعرا مفلقا- كان يستمع لقصيدة من شعر الأعشى من أحد الرواة، فلما جاء على بيت من القصيدة قال له ابن برد لعل هذا البيت ليس من شعر الأعشى. وبعد هذه الواقعة بعشرين سنة كان أبو عمرو بن العلاء إن لم تخني الذاكرة في اسمه على فراش الموت وهو من جهابذة علماء اللغة، فأراد أن يبرئ ذمته أمام الله فقال أنه لم يكذب في رأي قط، إلا أنه لم يستطع أن يدلل على قضية نحوية أو بلاغية لا أذكر فاختلق بيتا من الشعر يثبتها وألصقه في قصيدة الأعشى تلك، فكان البيت الذي أشار إليه ابن برد هو عين ذلك البيت.
                    أي أن شخصية الأعشى الشعرية المتميزة تظهر جليا حتى في بيت الشعر الواحد فتعلم إن كان هو القائل أم لا، وتستطيع لو أردت مثلا أن تقرأ بعضًا من قصيدة لنزار قباني مثلا لتعلم أن هذا الشعر له أو مثلا للمتنبي وهكذا.
                    لنرجع إلى أسلوب الكلام: فالرسول  كان يقول القرآن ويقول الحديث في نفس الوقت وعلى مدار ثلاث وعشرين سنة لم يختلط أسلوب آية واحدة بأسلوب الحديث ولا العكس، فأنت يمكنك تمييز القرآن بسمت خاص به لا تجده في الحديث.
                    ولو قلنا إنه كان لديه القدرة الفائقة فاستطاع الاتيان بأسلوبين في الكلام، لقلنا أنه من المستحيل أن يستطيع أن لا يخلط بينهما ولو مرة واحدة في خلال السنين الطوال تلك. ثم لماذا لم يدَّعِ محمد  أن أحاديثه آيات رغم أنها كذلك موحىً بها من عند الله عز وجل؟
                    19- أي كاتب لو كتب كتابًا طويلا فإنك ولا شك سترى ارتفاعًا في الأسلوب أو انحدارًا فيه في مواضع الكتاب المتفرقة. لكنك في القرآن الكريم تجده على وتيرة واحدة من القوة والارتفاع لا يسف في فكرة ولا تستطيع استبدال كلمة واحدة بغيرها دون الاخلال بالمعنى أو بالجزالة.
                    هاتوا لنا إنسانًا له موهبة أن يقول قولًا، وسجلوا له ميزات أسلوبه. ثم اسألوه أن يغير الأسلوب إلى أسلوب آخر، ثم سجلوا له الأسلوب الآخر. ثم قولوا له نريد أسلوبًا ثالثًا.. فإنه لا يستطيع أن يبرأ من أسلوبه الأول أبدًا؛ لأن الأسلوب هو الطريقة اللازمة للشخص في أداء المعنى. وما دامت له طريقة في أداء المعنى، فإن الأداء سيأخذ تشخيصًا لا يمكن أن يبرأ صاحبه نفسه منه.
                    20- إن الزعم بأن القرآن الكريم من اختراع وتخيلات سيدنا محمد ، من أضعف شبهاتكم. فهل عجزت أمهات ملايين العرب أن يلدن مثله؟ وهل كانت كل ظروف حياته تؤهله ليكون مرتاح البال، هانئًا، جالسًا على أريكته.. ممسكًا ورقة وقلمًا يكتب آيات من القرآن الكريم؟! إن ما يستطيعه آحاد البشر، يستطيعه مجموع البشر بالضرورة. فلماذا لم يقوموا بذلك إذًا؟
                    21- من تتبع سيرة النبي  يرى أنه منذ صغره ويدعوه الناس بالصادق الأمين، كما يُرى مقدار خشيته من الله تعالى، وورعه فيستحيل أن يترك الخداع والكذب على الناس، ويكذب فيما ينسبه إلى الله عز وجل.
                    22- هؤلاء العرب الذين كذبوا دعوته ما كذبوه قط قبل النبوة، بل إنهم استأمنوه على ودائعهم وأموالهم حتى بعد أن أتاه الوحى، وجاهر بنبوته، ولمدة 13 سنة، وهم يستأمنونه على أموالهم. ونعلم هذا من نوم سيدنا على بن أبى طالب  مكان الرسول  عند هجرته إلى المدينة، وذلك تمويهًا على الكفار، الذين أرادوا قتله، وليرد ودائع الكفار.
                    23- ثم ماذا يريد الإنسان من إدعاء النبوة إن كان كاذبًا؟ إنه لا يريد أكثر من الجاه والمال. وقريش عرضت على رسول الله  أقصى ما يتمناه خيال أي عربي في ذلك الزمان، من مال وجاه ونساء.. ولكنه ترك ذلك كله، وكان ينام على حصير أثر على جنبه الشريف ، وتعرض لعدة محاولات لاغتياله. وحارب المشركين.. رغم أنه كان يمكنه المكوث في عز وهناء، لو ترك الدعوة إلى دين الإسلام.
                    24- خلو القرآن الكريم من تسجيل حوادث مهمة في حياته، وأسماء أحبائه وأقرب المقربين إليه (والديه، أبنائه، السابقين إلى الإسلام، نسائه..) بل لم يُذكر اسمه في القرآن الكريم إلا خمس مرات فقط، بينما ذُكر موسى  136 مرة، وذُكر عيسى  25 مرة، وذُكر إبراهيم  69 مرة، وذُكرت مريم 34 مرة. أما كان له أن يذكر أمه، وهو من أوصى على الأم ثلاثة أضعاف وصايته على الأب، لو كان قد افترى هذا القرآن من عند نفسه؟
                    25- كانت تمر على رسول الله  الملمات الكثيرة، والقضايا العديدة التي تتطلب جوابًا سريعًا كحقيقة حادثة الإفك، والثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك، وسؤال اليهود عن الرجل الطواف، وغيره مما جاء فى سورة الكهف، .. وتوفيت زوجه خديجة رضي الله عنها، وعمه أبو طالب، وابنه إبراهيم دون أن يذكر القرآن الكريم من ذلك شيئًا يواسيه.
                    وتزوج من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها دون أن يسطر ذلك في القرآن الكريم، بينما تحدث القرآن الكريم عن زواجه من أم المؤمنين زينب رضي الله عنها؛ لكونه ذا صلة بالتشريع.
                    26- لم يجعل لاجتهاداته الشخصية أي تشريع ملزم للصحابة: كحادثة تأبير النخل، واستشاراته المتكررة للصحابة في شتى الأمور تدل على ذلك أيضًا.
                    27- صرّح القرآن الكريم بأن الأمر لو كان لسيدنا محمد  لكان هواه ألا يُلقى إليه أي آية من ذلك القول الثقيل. قال تعالى: (وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ..) القصص 86. نعم إنه قول ثقيل عليه ، قال تعالى: (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا). المزمل 5
                    بل لو كان الأمر بيده لأنزل كلامًا بحسب الطلب، ولكن لا ينبغي له ذلك. قال تعالى: (وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) الأعراف 202.
                    نعم، فإن عدم استجابة محمد  لطلباتهم ليكونوا على بصيرة، وليهتدوا، ورحمة بهم؛ ليتأكد لهم أنه  ليس مصدر الوحي. وسبحان من يجعل في شبهاتهم دليلًا عليهم!
                    28- نزول القرآن الكريم منجمًا في ثلاث وعشرين عامًا، ثم ترتيب ما نزل في نظم بديع محكم لا خلل فيه ولا تناقض ولا تغيير في بلاغته. وذلك كله يستحيل أن يصدر عن بشر طبيعته النقص.
                    29- لا يعقل أن يكون إنسان أغواه الشيطان واستحوذ عليه فكذب على الله، وادعى أنه أوحى إليه، ثم يتركه الشيطان يحرم الخبائث، ويحلل الطيبات، ويحركه هواه على قيام أكثر الليل، وعلى الوصال في الصوم.. وعلى تحريم ما تهواه النفس من شرب الخمر، والربا، ولبس الذهب والحرير، وقبول الصدقة، وتوريث الأبناء.. فهل يتبناه الشيطان فى الكذب على الله، ثم تركه يهدى باقى البشر للتى هى أقوم؟
                    30- هل هناك إنسان عاقل يلقى بنفسه إلى التهلكة بصرف الحراس عنه وهو يعيش في وسطٍ مليء بأعداءٍ، المستترون فيه أكثر من الظاهرين؟ لقد خرج رسول الله  على أصحابه وقت الحرب، وصرفهم قائلا، لقد عصمنى ربى: قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ). المائدة 67
                    إن النفس التواقة للبحث عن الحقيقة لتؤمن بذلك، وتوقنه بأدنى فكر وبحث.. ولكن الهوى وعمى البصيرة وشهادة الزور من الباحثين غير المنصفين.. يحجبها عن ذلك، قال تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا * وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا). الفرقان 4-6
                    بالإضافة إلى الحسد، الذي تحدثت عنه سورة البقرة: (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) البقرة 109
                    31- هل يمكن لإنسان لا يقرأ ولا يكتب أن يخترع كتابًا، أُلف فى 23 سنة، نزل فيها منجمًا، آيات قليلة أو كثيرة، أو سور تتحدث على مناسبات محددة، ثم تًجمع هذه الآيات فى كتاب، ونكتشف فى هذا الكتاب نظام عددى لا يتصوره عقل، مثل:
                    ذكرت الدنيا 115 مرة ........ ذكرت الآخرة 115 مرة
                    ذكرت الملائكة 88 مرة ........ ذكرت الشياطين 88 مرة
                    ذكرت الحياة 145 مرة ........ ذكر الموت 145 مرة
                    ذكر النفع 50 مرة ........ ذكر الفساد 50 مرة
                    ذكرالناس 368 مرة ........ ذكرالرسل 368 مرة
                    ذكر إبليس 11 مرة ........ ذكرت الاستعاذة من إبليس 11 مرة
                    ذكرت المصيبة 75 مرة ........ ذكر الشكر 75 مرة
                    ذكر الانفاق 73 مرة ........ ذكر الرضا 73 مرة
                    ذكر الضالون 17 مرة ........ ذكر الموتى 17 مرة
                    ذكر المسلمين 41 مرة ........ ذكر الجهاد 41 مرة
                    ذكر الذهب 8 مرات ........ ذكر الترف 8 مرات
                    ذكر السحر 60 مرة ........ ذكرت الفتنة 60 مرة
                    ذكرت الزكاة 32 مرة ........ ذكرت البركة 32 مرة
                    ذكر العقل 49 مرة ........ ذكر النور 49 مرة
                    ذكر اللسان 25 مرة ........ ذكرت الموعظة 25 مرة
                    ذكرت الرغبة 8 مرات ........ ذكرت الرهبة 8 مرات
                    ذكر الجهر 16 مرة ........ ذكرت العلانية 16 مرة
                    ذكرت الشدة 114 مرة ........ ذكر الصبر 114 مرة
                    ذكر الرسول محمد  4 مرات ...... ذكرت الشريعة 4 مرات
                    ذكر الرجل 24 مرة ........ ذكرت المرأة 24 مرة
                    ذكرت الصلاة 5 مرات وهذا دليل وجوب الصلاة بفروض خمسة
                    ذكرت كلمة الشهر 12 مرة وهذا عدد الأشهر في السنة
                    ذكر (اليوم) 365 مرة وهذه عدد الأيام في السنة
                    فالحمد لله الذي أنزل كتابه المجيد على أحسن أسلوب، وبهر ببيان أساليبه وبلاغة تراكيبه القلوب. أنزله آيات بيّنات، وفصّله سورًا وآيات، ورتّبه بحكمته البالغة أحسن ترتيب، ونظمه أحسن نظام بأفصح لفظ وأبلغ تركيب. والصلاة والسلام على إمام البلاغاء، وسيد الفصحاء، أفصح من نطق بالضاد، سيدنا محمد، وعلى آله وصحابته ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
                    32- إن القرآن سبق علماء الغرب بأربعة عشر قرنًا في الحديث عن نشوء الكون بأسلوب علمي دقيق، وذلك في قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا) الأنبياء: 30، والسؤال لكل من ينكر صدق القرآن: من كان يعلم زمن نزول القرآن بأن الكون كان كتلة واحدة (رَتْقًا) ثم انفتقت وتشكل الكون الذي نراه؟ أليس هو الله جل وعلا!
                    33- القرآن أشار إلى توسع الكون، الذى اكتشفه علماء القرن العشرين، حيث وجدوا أن المجرات تتحرك مبتعدة عن بعضها بسرعات كبيرة جدًا مما يسبب اتساع الكون بشكل مذهل. وهذه الحقيقة لم يكن لأحد علم بها قبل نزول القرآن.
                    وهذه النتيجة وصل إليها العلماء بعد تجارب مريرة ومراقبة طويلة ونفقات باهظة على مدى قرن من الزمان، والعجيب أن القرآن كشف لنا حقيقة اتساع الكون قبل 14 قرنًا في قوله تعالى: (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) الذاريات: 47، وبذلك يكون القرآن أول كتاب أشار إلى توسع الكون، أليست هذه الآية تستحق التدبر، والاهتداء إلى أن القرآن كتاب الله تعالى المعجز الذى أنزله على عبده ونبيه محمد  ليكون آية للعالمين، وليسترشد به كل باحث عن الحق، ما بقيت السموات والأرض؟
                    34- القرآن أشار إلى نهاية الكون، فقد وُضعت نظريات كثيرة لتصور نهاية الكون، تختلف فيما بينها ولكن العلماء يتفقون على أن للكون نهاية، ولا يمكن أن يستمر التوسع لما لانهاية بسبب قانون انحفاظ الطاقة الذي يقرر أن كمية المادة والطاقة في الكون ثابت، وبالتالي سوف يتوقف الكون عن التوسع ويبدأ بالانكماش على نفسه والعودة من حيث بدأ!
                    فالعلماء يتصورون أن الكون عبارة عن ورقة مسطحة ومنحنية قليلًا، وسوف تنكمش وتُطوى على نفسها في نهاية حياة الكون!
                    العجيب أن القرآن أشار إلى هذه النهاية للكون بل وحدد شكل الكون وهو مثل الورقة المنحنية، وهذا الشكل هو الذي يقرره معظم العلماء اليوم. يقول تعالى: (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) الأنبياء: 104، فسبحان الله!
                    35- أشار الله تعالى فى القرآن الكريم إلى الثقوب السوداء، إنها ظاهرة عظيمة بحثها العلماء لأكثر من نصف قرن وتأكدوا أخيرًا من وجودها. حيث يؤكد العلماء أن النجوم تكبر حتى تنفجر وتنهار وتتحول إلى ثقب أسود بجاذبية فائقة تجذب لها كل شيء حتى الضوء لا تسمح له بالمغادرة فلا نراها أبدًا!
                    ويصف العلماء هذه المخلوقات بثلاث صفات: فهي لا تُرى، وهي تجري وهي تكنُس وتجذب أي شيء يقترب منها، والعجيب أن القرآن كشف لنا هذه النتيجة الدقيقة في قوله تعالى: (فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ) التكوير: 14-15.
                    والخُنَّس: أي التي تخنُس فلا تُرى، والجوار: أي التي تجري بسرعة، والكنَّس: أي التي تجذب وتكنس صفحة السماء... وهذا ما يقرره العلماء، فسبحان الله!
                    فالقرآن تحدث عن الثقوب السوداء في زمن لم يكن أحد على وجه الأرض يعلم شيئًا عنها أو حتى يتخيلها، ولم تُكتشف إلى بعد 14 قرنًا من نزول القرآن. فهل تُعد هذا وحده دليلا كافيًا على أن القرآن الكريم من عند الله؟
                    36- من الاكتشافات التي أحدثت ضجة في القرن العشرين "النجوم النابضة" وهي عبارة عن نجوم في السماء تصدر صوتًا يشبه صوت المطرقة، ولذلك سماها العلماء "المطارق العملاقة" ويقول العلماء إنها تصدر موجات ثاقبة تخترق أي جسم في الكون، فهي طارقة وثاقبة وهذه النتيجة وصل إليها العلماء بعد مراقبة ودراسة طويلة، فى القرن العشرين، أى بعد أن أخبرنا القرآن الكريم عنها بزمن يُقدَّر ب 14 قرنًا.
                    فالقرآن كشف الحقيقة ذاتها بكلمات بليغة ومعبرة حيث أقسم الله بهذه النجوم فقال: (وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ) الطارق: 1-3. إنها آيات تشهد على صدق منزلها سبحانه وتعالى.
                    37- وفي القرن الحادي والعشرين قام العلماء بأضخم عملية حاسوبية على الإطلاق كان هدفها اكتشاف شكل الكون، واستخدموا الكمبيوتر العملاق بمشاركة ثلاث دول هي الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وبريطانيا. وبعد جهود عظيمة قام السوبر كمبيوتر برسم صورة مصغرة للكون.
                    لقد كانت المفاجأة أن الكون ظهر على شكل نسيج!! واستنتج العلماء أن المجرات توضع على خيوط نسيج محكم وقوي وتمتد خيوطه لملايين السنوات الضوئية، ويقولون إن الكون قد حُبك بالمجرات.
                    وهذه المفاجأة التى يعتقدون أنهم اكتشفوها فى هذا القرن، قد أشار إليها المولى عز وجل، وكشف هذه الحقيقة المذهلة فى كتابه العزيز، الذى (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) فُصِّلت 42، وذلك قبل أن يصلوا إليها بأكثر من 1400 سنة!
                    إن القرآن كشف لنا سر هذا النسيج بدقة مذهلة يؤكد فيها أن السماء هي عبارة عن نسيج محبوك في قوله تعالى (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ) الذاريات: 7، فكيف علم النبي  بهذه الحقيقة الكونية الدقيقة لو لم يكن رسولًا من عند الله؟
                    38- أشار القرآن الكريم إلى وجود حياة فى الكواكب الأخرى، وذلك بقوله: (وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ) الشورى 29
                    وهناك شبه إجماع لدى علماء الفلك بوجود حياة لكائنات غيرنا في الكواكب البعيدة، فبعد ما تأكدوا من وجود الماء على سطح المريخ وكواكب أخرى أصبح لديهم حقيقة كونية تقول إن الحياة منتشرة في كل مكان! هذه الحقيقة التي لم يتأكد منها العلماء إلا في القرن الحادي والعشرين، بعد اكتشاف الحياة في الفضاء، وبعد اكتشاف آثار لحياة بدائية على سطح أحد النيازك القادمة من الفضاء الخارجي، ويقول العلماء إن هناك إمكانية كبيرة لاجتماع سكان الأرض بمخلوقات من الفضاء! فمن الذي أخبر النبي الأمي  بذلك؟
                    39- كان العلماء ينظرون إلى الكون على أنه فضاء واسع وفراغ مستمر، ولكن الاكتشافات الجديدة بيَّنت أن الكون عبارة عن بناء محكم أطلقوا عليه البناء الكوني. ولم يعد لكلمة فضاء أي معنى في ظل الاكتشافات الجديدة فالمجرات تشكل كتل بناء وتربط بينها المادة المظلمة والطاقة المظلمة التي لا نعرف عنها شيئًا حتى الآن! فالمجرات تشكل كتل بناء في الكون والمادة المظلمة تملأ الكون! العجيب أن القرآن لم يستخدم أبدًا كلمة فضاء بل وصف السماء بأنها بناء وذلك في قوله تعالى (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً) البقرة 22، وفي آية ثانية نجد الحقيقة ذاتها في قوله عز وجل (وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا) الشمس 5، وهذه الكلمات تؤكد أن القرآن دقيق جدًا من الناحية العلمية بما يشهد على صدق هذا الكتاب العظيم.
                    40- لسنوات طويلة اعتقد العلماء أن الكون يحوي غبارًا كونيًا تبين أخيرًا أن هذا الغبار هو عبارة عن دخان كوني يشبه الدخان الذي نعرفه، وتوجد منه كميات ضخمة في الكون منذ بداية تشكله، وأظهرت التحاليل لجزيئات غبار التقطها علماء وكالة ناسا أنها لا تشبه الغبار بل هي دخان يعود تشكله إلى بدايات خلق الكون قبل مليارات السنين، هذا هو الدخان الكوني، الذي ظنه العلماء غبارًا لسنوات طويلة.
                    والمفاجأة أن القرآن وصف لنا بداية خلق السماء في قوله تعالى: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ) فُصِّلَت 11، والسؤال لمن يشك فى هذا القرآن أو يشكك فيه: من أين جاء النبى محمد  بهذا العلم قبل أربعة عشر قرنًا؟!
                    41- يوجد سباق اليوم بين علماء الفلك على اكتشاف المادة المظلمة وهي مادة تملأ الكون وتشكل نسبة كبيرة منه وقد وجد العلماء أن النجوم والمجرات توضع عبر هذه المادة المظلمة، والمادة المظلمة شديدة وتسيطر على توزع المادة المرئية في الكون. فالمادة المظلمة شديدة جدًا وتشغل (مع الطاقة المظلمة) أكثر من 96 % من الكون! وقد وصف الله تعالى فى كتابه العزيز هذه المادة المظلمة وصفًا دقيقًا، وقد سماها القرآن السماء! يقول تعالى: (وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) فُصِّلَت 12، وهذا يطابق ما يقوله العلماء اليوم، فالمادة المجهولة هي السماء والمجرات والنجوم هي المصابيح.
                    فالنجوم تزين السماء بصورة جميلة نراها فى الصور فى وكالة ناسا أو على النت، وتعتبر مصابيح خافتة جميلة في السماء وتسمى brown dwarfs، وتبلغ شدة إضاءتها جزء من المليون من إضاءة الشمس، لذلك يسميها العلماء light bulbs أى مصابيح، ويقول علماء وكالة ناسا إن هذه المصابيح الكونية هي الأقل إضاءة في الكون.
                    في شهر مايو عام من 1994، اقترب مذنب شوماكر ليفي من كوكب المشتري وانشطر الى 21 قطعة، بلغ حجم أكبرها 2 كم قبل أن تصطدم جميعها بكوكب المشتري في يولية من نفس العام. ولو أن هذا المذنب اصطدم بكوكب الأرض، لأحدث دمارًا شاملًا.
                    وكوكب المشتري هو أكبر كواكب المجموعة الشمسية وتبلغ كتلته 318 ضعف كتلة كوكب الأرض. ولولا وجود كواكب المجموعة الشمسية لزادت احتمالية اصطدام هذا المذنب وغيره بكوكب الأرض ويُشبه العلماء كوكب المشتري بـ ”مكنسة شفط كونية“ إذ أن احتمال اصطدام المذنبات بكوكب المشتري تبلغ 2000 الى 8000 مرّة أعلى من احتمال اصطدامها بكوكب الأرض. أي إن كوكب المشتري يحفظ الكرة الأرضية من الدمار.
                    عندما فصّل لنا سبحانه وتعالى كيفية خلق ”السموات والأرض“ (كوكب الأرض وما حوله من سبع طبقات تحميه من الأشعة الكونية وتوفر له مؤهلات الحياة) أضاف جلّ جلاله بأنه زيّن السماء الدنيا بمصابيح وحفظًا، فقال تعالى: (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) فُصِّلَت 12

                    تعليق


                    • #85
                      الملف 62
                      وقد ورد هذا السياق في 3 أماكن مختلفة في القرآن الكريم:
                      سورة الصافات 6: (إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ، وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ)
                      سورة فصلت 12: (وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا)
                      سورة الملك 5: (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ)
                      بمقارنة سريعة، نستطيع أن نستدل بأن:
                      1- المصابيح هي الكواكب
                      2- أن هذه الكواكب وجدت لتحفظ الكرة الأرضية بالاضافة لكونها زينة
                      3- أن الكواكب توفّر غاية الحفظ من خلال جعلها رجومًا للشياطين
                      4- أن السماء الدنيا تحتوي على الكواكب - النظام الشمسي
                      والشَّيْطانُ في لسان العرب: هو كلُّ عاتٍ مُتَمَرِّدٍ من إنْسٍ أَو جِنٍّ أَو دابَّةٍ. وقد يكون مذنبًا، لاحظ أن مدار المذنب عامودي مع مدارات الكواكب أى (متمرد).
                      لم تكن هذه هي الحادثة الوحيدة للتصادم مع كوكب المشتري، فقد تكررت في عام 2009. فوالله لو أن القرآن لا يحوي سوى هذه الحقائق الكونية التى ذكرناها لكفى بها دليلًا على صدقه وإعجازه! فكيف إذا علمنا أن القرآن يحوي مئات الحقائق العلمية في البحار والجبال والأرض والطب والنفس؟! وصدق الله العظيم القائل: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) – سورة فصّلت 53.
                      الأمر الذى حدا بمن فهم القرآن ودرس لغته من المستشرقين أن أنصف القرآن وشهد بعظمته، وسجلت كلماتُهم بحقه المزيدَ من الإعجاب والدَّهش من نظمه وبيانه ومضمونه، ومنه قول المستشرق فون هامر في مقدَّمة ترجمته للقرآن: (القرآن ليس دستورَ الإسلام فحسب، وإنما هو ذِروة البيانِ العربي، وأسلوبُ القرآن المدهش يشهد على أن القرآنَ هو وحيٌ من الله، وأن محمدًا قد نشـر سلطانَه بإعجاز الخطاب، فالكلمةُ [أي القرآنُ] لم يكن من الممكن أن تكونَ ثمرةَ قريحةٍ بشرية.)
                      وأما فيليب حتّي فيقول في كتابه "الإسلام منهج حياة": (إن الأسلوب القرآني مختلف عن غيره، إنه لا يقبل المقارنة بأسلوب آخر، ولا يمكن أن يقلد، وهذا في أساسه هو إعجاز القرآن .. فمن جميع المعجزات كان القرآن المعجزة الكبرى.)
                      وأما جورج حنا فيقول في كتابه "قصة الإنسان": (إذا كان المسلمون يعتبرون أن صوابية لغة القرآن هي نتيجة محتومة لكون القرآن منزلًا ولا يحتمل التخطئة، فالمسيحيون يعترفون أيضًا بهذه الصوابية، بقطع النظر عن كونه منزلًا أو موضوعًا، ويرجعون إليه للاستشهاد بلغته الصحيحة كلما استعصـى عليهم أمر من أمور اللغة.)
                      ويقول الفيلسوف الفرنسـي هنري سيرويا في كتابه "فلسفة الفكر الإسلامي": (القرآن من الله بأسلوب سام ورفيع لا يدانيه أسلوب البشر.)
                      وأما المستشرق بلاشير الذى يألُ جهدًا في الطعن في القرآن ومعاداته في كتابه "القرآن"، لكن الحقيقة غلبته، فقال: (إن القرآن ليس معجزة بمحتواه وتعليمه فقط، إنه أيضًا يمكنه أن يكون قبل أي شيء آخر تحفة أدبية رائعة؛ تسمو على جميع ما أقرته الإنسانية وبجَّلته من التحف.)
                      وبهرت جزالة القرآن وروعة أساليبه المستشـرق الشهير، الأديب غوته، فسجل في ديوانه "الديوان الشرقي للشاعر الغربي" هذه الشهادة للقرآن: (القرآن ليس كلام البشر، فإذا أنكرنا كونه من الله، فمعناه أننا اعتبرنا محمدًا هو الإله.)
                      وقال: (إن أسلوب القرآن محكم سام مثير للدهشة .. فالقرآن كتاب الكتب.. وأنا كلما قرأت القرآن شعرت أن روحي تهتز داخل جسمي) (انظر هذه الشهادات وغيرها: قالوا عن الإسلام، عماد الدين خليل (52، 58-59، 75، 145).)
                      وتقول الكاتبة أرم استرونج: (لقد جاء محمد بالقرآن الذى فاق وتجاوز كل الألفاظ الأدبية التى عرفها العرب، حتى إن هؤلاء القرشيين الذين رفضوا الخضوع للإسلام قد تأثروا بالقرآن واضطربوا بسببه؛ وذلك لأنه، كما قلنا، مخالفًا لمعهودهم فى اللغة ولأنماطهم الأدبية. إنه لم يكن كإلهامات كهانهم وشعرائهم، ولا هو كرقى وتصورات السحرة، بل إن القرآن قد ملك عليهم عقولهم وقلوبهم، وقد أسلم كثير منهم بسبب تأثرهم بالقرآن الذى لولاه ما كان الإسلام نفسه) ...
                      وهذا هو السبب الذى جعل الكنيسة تمنع أتباعها من سماع القرآن، وبسببه أيضًا يجتمع المسيحيون يوم الجمعة وأثناء صلاة الجمعة فى الكنائس للصلاة، وللحيلولة بين المسيحيين وبين سماعهم القرآن أو الخطبة.
                      ثم تقول: (إنه بفضل القرآن استطاع محمد أن يحول العرب من الوثنية إلى الإسلام فى مدى 23 عام، بينما أخذ الاسرائيليون القدامى حوالى ال700 سنة ليتخلصوا من محض الولاء للوثنية إلى الولاء لديانة التوحيد) (محمد بين الحقيقة والافتراء - الدكتور محمد محمد أبو ليله ص46)
                      بينما يقول المستشرق المنصف بارتلمى شتيلر: (إن القرآن بقى أجمل مثال للغة التى أُنزل بها، ولم أرى ما يشبه ذلك فى جميع أدوار التاريخ الدينى للعالم الإنسانى) (فى جولة مع المستشرقين ص55)
                      أما جستاف لوبون فيقول: (حسب هذا الكتاب جلالة ومجدًا أن الأربعة عشر قرنًا التى مرت عليه لم تستطع أن تجفف من أسلوبه الذى لا يزال غضًا كأن عهده بالوجود أمس، ولم يكن هذا النبى الجليل داعيًا إلى الآخرة وحدها، بل أمر أتباعه بأن يأخذوا نصيبهم من الدنيا) (المرجع السابق)
                      ويقول جميس يتشنر: (لعل القرآن هو أكثر الكتب التى تقرأ فى العالم، وهو بكل تأكيد أيسرها حفظًا، وأشوقها أثرًا فى الحياة اليومية لمن يؤمن به، فهو ليس طويلا كالعهد القديم، وهو مكتوب بأسلوب رفيع، ومن مزاياه أن القلوب تخشع عند سماعه وتزداد إيمانًا وسجودًا).
                      ويقول المستشرق سيل واضع أشهر ترجمة لمعانى القرآن الكريم: (من المعترفِ به أن لغةَ محمدٍ  قد بلغت الغايةَ في الروعةِ والنقاء، وقد استند محمدٌ إلى إعجاز الكتاب لإثبات حقيقة بعثته، وأعلن تحديه لأعظم الرجال وأكثرهم فصاحة).
                      ويقول أيضًا: (ولا شك أن أسلوب القرآنِ مذهل فهو جميل مشرق، وهو مُفعَمٌ بذوقٍ شرقي فضلًا عن أنه ممتلئٌ بالتعبيرات الهادية المنمّقة التي تنطقُ بالحِكمة، كما أن المواضع التي تذكر عظمةَ الله وصفاته هي الذروة فيما قدم الأسلوب القرآني من فنون البيان). (انظر: الاستشراق والقرآن العظيم د. محمد خليفة ص 59، 60).
                      ويقول "هيرتشفلد" وهو مستشرق يهودي، وباحث فى القرآن الكريم وتفسيره: (إن هذا الدين الذي أحدث الثورة الكبرى لم يقم على مجرد الخيال) (انظر: دعوى المستشرقين أن القرآن من صنع البشر 143).
                      ويقول الدكتور موريس بوكاى فى مقدمة ترجمته للقرآن: (إن هذا هو الكتاب الذى ادخرته العناية الالهية لنبى البشر، وإن هذا الكتاب ندوة علمية للعلماء، ومعجم لمن يطلب اللغة، ودار معارف لمن يطلب الشرائع والقوانين، ويمكننا أن نقول: إن جميع الكتب السماوية التى أنزلت قبله لا تساوى أكثر من آية من آياته) (لا نسخ فى القرآن - عبد المتعال الجبرى ص9)
                      42- ثم لماذا يؤلف مدعي النبوة هذا السِفر العظيم وتلك اللوحة البيانية المذهلة ثم ينسبه إلى غيره. ولماذا يُغامر ويتحدى العالمين أن يأتوا بمثله، لو لم يكن من عند الله؟ وكيف له أن يحيط بأخبار الأولين وأن يتوصل إلى علوم الآخرين؟ وكيف تنبأ بالغيوب الكثيرة التي ملأت صفحات كتابه، ومنها ما تحقق في حياته، ومنها ما يشهد وقوعه بصدقه إلى قيام الساعة؟
                      ثم لو كتب مدعٍ ما كتابًا، فماذا ترانا نتوقع أن نجد فيه؟
                      لو أطلق الواحد منا خياله محاولًا تصور كتاب يكتبه مدع كاذب؛ فإنه سيجد الكثير مما ينبه العقلاء إلى بشـريته، وأنه من صناعة إنسان، وهذا ليس بالعسير، فالبشـر يكتبون بمعايير البـشر وقدراتهم، ووفق أحاسيسهم ورغباتهم وعلومهم وموضوعاتهم.
                      إن نظرة فاحصة لآي القرآن ستنبئ عن إلهية منزل القرآن؛ إذ هو في موضوعاته يتسامى بعيدًا عن اهتمامات البشر وما يجول في أذهانهم، فحديثه يدور حول موضوعات لا يطرقها البشر عادة ولا يقدرون على الإنشاء فيها، كالحديث عن صفات الله وأسمائه وأفعاله، وعن اليوم الآخر وأهواله وجنته وناره، والحديث عن التاريخ القديم والمستقبل البعيد.
                      وفي مقابل ذلك لا نجد أي مشاعر إنسانية يحملها القرآن في صفحاته، فلا يظهر فيه حزن الاستضعاف المكي، ولا نشوة النصر المدني، لا نجد فيه أي حديث يتعلق بآلام النبي وأفراحه وآماله وتطلعاته، فكما لا يتحدث القرآن عن موت زوجه خديجة وعمه أبي طالب في عام الحزن؛ فإنه لا يذكر شيئًا عن زواجه أو ميلاد أولاده أو وفاتهم أو غير ذلك من الأمور الشخصية المتعلقة بزوجاته أو أصحابه، فالقرآن غير معني بتسجيل السير والحكايات ، لذلك لم يرد فيه ذكر اسم زوجة من زوجاته أو ابن من أبنائه وبناته، بل ولا اسم عدو من أعدائه، خلا أبا لهب، ولا صاحب من أصحابه، خلا زيدًا .
                      بل إن القرآن لم يذكر اسم النبي في صفحاته إلا 5 مرات، بينما ذكر عيسى  باسمه 25 مرة، وذكر موسى 136 مرة؛ ليبرهن لكل قارئ أنه كتاب الله، وليس كتاب الرسول  .
                      43- وأخيرًا نقبل حكمة يسوع، ومبدأه فى رد تهمة اليهود، والدفاع عن نفسه، بل وتبرئتها، وهو المنطق العقلى الذى طالما قبلتموه، وتعتبروه وحيًا مقدسًا.
                      فها هو يسوع يُتهم من قبل الفريسيين بأنه يقوم بمعجزة إخراج الشياطين باستخدام رئيس الشياطين، وأفحمهم بلباقته وحكمته، وأعلمهم أنه يخرجها بروح الله أى بقوة الله قدرته، لأن الشيطان لن يعمل الخير، وما ينفع الناس، ولوحدث ذلك لانقسمت مملكة الشيطان على نفسها بين فاعل للخير، وضال مُضل: (22حِينَئِذٍ أُحْضِرَ إِلَيْهِ مَجْنُونٌ أَعْمَى وَأَخْرَسُ فَشَفَاهُ حَتَّى إِنَّ الأَعْمَى الأَخْرَسَ تَكَلَّمَ وَأَبْصَرَ. 23فَبُهِتَ كُلُّ الْجُمُوعِ وَقَالُوا: «أَلَعَلَّ هَذَا هُوَ ابْنُ دَاوُدَ؟» 24أَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ فَلَمَّا سَمِعُوا قَالُوا: «هَذَا لاَ يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ إِلاَّ بِبَعْلَزَبُولَ رَئِيسِ الشَّيَاطِينِ». 25فَعَلِمَ يَسُوعُ أَفْكَارَهُمْ وَقَالَ لَهُمْ: «كُلُّ مَمْلَكَةٍ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى ذَاتِهَا تُخْرَبُ وَكُلُّ مَدِينَةٍ أَوْ بَيْتٍ مُنْقَسِمٍ عَلَى ذَاتِهِ لاَ يَثْبُتُ. 26فَإِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ يُخْرِجُ الشَّيْطَانَ فَقَدِ انْقَسَمَ عَلَى ذَاتِهِ. فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَمْلَكَتُهُ؟ 27وَإِنْ كُنْتُ أَنَا بِبَعْلَزَبُولَ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَأَبْنَاؤُكُمْ بِمَنْ يُخْرِجُونَ؟ لِذَلِكَ هُمْ يَكُونُونَ قُضَاتَكُمْ! 28وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ أَنَا بِرُوحِ اللَّهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللَّهِ!) متى 12: 22-28
                      ونحن نقول:
                      إن كل ما قاله النبى محمد  إما من عند الله، وإما من عند نفسه، أوحاه إليه الشيطان. ولو كان الشيطان يساعد محمدًا  فى إخراج الشياطين وحرقهم، فقد انقسم الشيطان على ذاته!! فكيف تثبت مملكته؟!
                      ولو كان الشيطان أمر محمدًا  في القرآن أن يستعيذ بالله من الشيطان فقد انقسم الشيطان على ذاته، لأنه يكون بذلك قد أعطاه السلاح الأمضى لكى يحاربه ويُدَمِّر مملكته به! فكيف تثبت مملكته؟!
                      ولو كان الشيطان أمر محمدًا  فى القرآن أن يأمر الناس أن تتخذه عدوًا، وتحذر منه، وتحاربه، فقد انقسم الشيطان على ذاته!! فكيف تثبت مملكته؟!
                      ولو كان الشيطان أمر محمدًا  في القرآن أن يأمر الناس ألا تسير على خطواته، وألا تتبعه، فقد انقسم الشيطان على ذاته! فكيف تثبت مملكته؟!
                      ولو كان الشيطان أمر محمدًا  فى القرآن أن يُفهم الناس أن الشيطان وأعوانه فى نار جهنم، ويجب الحذر منه ومحاربته ولعنه، فقد انقسم الشيطان على ذاته!! فكيف تثبت مملكته؟!
                      ولو كان الشيطان أمر النبى محمدًا  أن يأمر الناس بالبر وينهاهم عن المنكر، فقد انقسمت مملكة الشيطان على نفسها، بل وأصبح الشيطان نفسه لا وجود له، حيث فى هذه الحالة يتعاون الشيطان على البر والتقوى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى.
                      يقول الله تعالى فى كتابه الذى أنزله على رسوله :
                      (...أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ) الأعراف 22
                      وقال تعالى: (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) آل عمران 175
                      وقال تعالى: (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا) الإسراء 53
                      وقال تعالى: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) فاطر 6
                      وقال تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) البقرة 208
                      وقال سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلًا طَيِّبًا وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) البقرة 168-169
                      وقال سبحانه وتعالى: (يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ) الأعراف 27
                      وقال تعالى: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) النحل 98
                      وقال تعالى: (لَّعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا) النساء 118
                      فهل هذه تعاليم الشيطان؟ أيسفه الشيطان نفسه؟ أيلعن الشيطان نفسه؟ أيحذر الشيطان الناس من نفسه؟ أيُفسد الشيطان عمله من قبل أن يقوم به؟
                      ثم اقرأ قول الله تعالى وأوامره لعباده:
                      قال تعالى: (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) الأنعام 151
                      وقال تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) الأعراف 33
                      وقال تعالى: (وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ * قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) الأعراف 28-29
                      وقال تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) المائدة 2
                      وقال تعالى: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا) النساء 58
                      ويقول جل جلاله: (أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ * وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ * وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) الشعراء 181-183
                      وقال تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) فصلت 33-35
                      وقال تعالى: (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا) الإسراء 53
                      قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) النحل 90 فهل هذه تعاليم شيطان؟
                      وقال تعالى: (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا) النساء 36
                      ويقول تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) العنكبوت 8
                      44- لو أن كاتبنا هذا كان صادقًا مع نفسه، ويبحث عن الحق فى شبهته هذه التى أثارها، لكان أولى به أن يكفر بالكتاب الذى يقدسه، الذى يحمل الكثير من الانطباعات الشخصية جدًا، والتى لا يمكن أن ننسبها لله بأى حال من الأحوال، منها:
                      فمن العهد القديم:
                      1- رغبة إبراهيم أن يغتنى على حساب جمال زوجته سارة، فيأمرها أن تقول لفرعون إنها أخته، حتى لا يرفض العبث بجسدها ويقتل زوجها، بل يكرمه عند الدفع: (11وَحَدَثَ لَمَّا قَرُبَ أَنْ يَدْخُلَ مِصْرَ أَنَّهُ قَالَ لِسَارَايَ امْرَأَتِهِ: «إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ امْرَأَةٌ حَسَنَةُ الْمَنْظَرِ. 12فَيَكُونُ إِذَا رَآكِ الْمِصْرِيُّونَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: هَذِهِ امْرَأَتُهُ. فَيَقْتُلُونَنِي وَيَسْتَبْقُونَكِ. 13قُولِي إِنَّكِ أُخْتِي لِيَكُونَ لِي خَيْرٌ بِسَبَبِكِ وَتَحْيَا نَفْسِي مِنْ أَجْلِكِ». 14فَحَدَثَ لَمَّا دَخَلَ أَبْرَامُ إِلَى مِصْرَ أَنَّ الْمِصْرِيِّينَ رَأَوُا الْمَرْأَةَ أَنَّهَا حَسَنَةٌ جِدًّا. 15وَرَآهَا رُؤَسَاءُ فِرْعَوْنَ وَمَدَحُوهَا لَدَى فِرْعَوْنَ فَأُخِذَتِ الْمَرْأَةُ إِلَى بَيْتِ فِرْعَوْنَ 16فَصَنَعَ إِلَى أَبْرَامَ خَيْرًا بِسَبَبِهَا وَصَارَ لَهُ غَنَمٌ وَبَقَرٌ وَحَمِيرٌ وَعَبِيدٌ وَإِمَاءٌ وَأُتُنٌ وَجِمَالٌ.) تكوين 12: 11-16
                      2- يقول الكاتب متخيلا الرب فى غضبه وسخطه، وهو لم يره: (27هُوَذَا اسْمُ الرَّبِّ يَأْتِي مِنْ بَعِيدٍ. غَضَبُهُ مُشْتَعِلٌ وَالْحَرِيقُ عَظِيمٌ. شَفَتَاهُ مُمْتَلِئَتَانِ سَخَطًا وَلِسَانُهُ كَنَارٍ آكِلَةٍ 28وَنَفْخَتُهُ كَنَهْرٍ غَامِرٍ يَبْلُغُ إِلَى الرَّقَبَةِ. لِغَرْبَلَةِ الأُمَمِ بِغُرْبَالِ السُّوءِ وَعَلَى فُكُوكِ الشُّعُوبِ رَسَنٌ مُضِلٌّ.) أشعياء 30: 27-28
                      3- كذلك يتخيل الكاتب أن الرب يخرج عند الغضب من أنفه دخانًا، ونارًا من فمه، ويتحرك طائرًا فى السماء، راكبًا على كروب (ملائكة أنثى): (7فِي ضِيقِي دَعَوْتُ الرَّبَّ وَإِلَى إِلَهِي صَرَخْتُ، فَسَمِعَ مِنْ هَيْكَلِهِ صَوْتِي وَصُرَاخِي دَخَلَ أُذُنَيْهِ. 8فَارْتَجَّتِ الأَرْضُ وَارْتَعَشَتْ. أُسُسُ السَّمَوَاتِ ارْتَعَدَتْ وَارْتَجَّتْ، لأَنَّهُ غَضِبَ. 9صَعِدَ دُخَانٌ مِنْ أَنْفِهِ، وَنَارٌ مِنْ فَمِهِ أَكَلَتْ. جَمْرٌ اشْتَعَلَتْ مِنْهُ. 10طَأْطَأَ السَّمَاوَاتِ وَنَزَلَ وَضَبَابٌ تَحْتَ رِجْلَيْهِ. 11رَكِبَ عَلَى كَرُوبٍ وَطَارَ، وَرُئِيَ عَلَى أَجْنِحَةِ الرِّيحِ. 12جَعَلَ الظُّلْمَةَ حَوْلَهُ مَظَلاَّتٍ، مِيَاهًا مُتَجَمِّعَةً وَظَلاَمَ الْغَمَامِ.) صموئيل الثانى 22: 7-12
                      4- وكذلك يتخيل الكاتب الرب وهو مستيقظ من النوم تدمع عيناه من أثر خمر أمس: (65فَاسْتَيْقَظَ الرَّبُّ كَنَائِمٍ كَجَبَّارٍ مُعَيِّطٍ مِنَ الْخَمْرِ.) مزامير 78: 65
                      5- حديث شخصى بين النبى إرميا وبين مدعى النبوة حنانيا: (15فَقَالَ إِرْمِيَا النَّبِيُّ لِحَنَنِيَّا النَّبِيِّ: [اسْمَعْ يَا حَنَنِيَّا. إِنَّ الرَّبَّ لَمْ يُرْسِلْكَ وَأَنْتَ قَدْ جَعَلْتَ هَذَا الشَّعْبَ يَتَّكِلُ عَلَى الْكَذِبِ. 16لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هَئَنَذَا طَارِدُكَ عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ. هَذِهِ السَّنَةَ تَمُوتُ لأَنَّكَ تَكَلَّمْتَ بِعِصْيَانٍ عَلَى الرَّبِّ]. 17فَمَاتَ حَنَنِيَّا النَّبِيُّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فِي الشَّهْرِ السَّابِعِ.) إرمياء 28: 15-17
                      6- يتخيل الكاتب أن هناك أشياء لم تخطر ببال الرب: (وَقَالَ لِيَ الرَّبُّ: «.. .. .. .. 4لأَنَّهُمْ تَرَكُونِي، وَتَنَكَّرُوا لِهَذَا الْمَوْضِعِ وَدَنَّسُوهُ بِإِحْرَاقِ بَخُورٍ لِآلِهَةِ أَوْثَانٍ لَمْ يَعْرِفُوهَا لاَ هُمْ وَلاَ آبَاؤُهُمْ وَلاَ مُلُوكُ يَهُوذَا أَيْضًا، وَلأَنَّهُمْ مَلَأُوا هَذَا الْمَوْضِعَ مِنْ دَمِ الأَبْرِيَاءِ. 5وَبَنَوْا مُرْتَفَعَاتٍ لِعِبَادَةِ الْبَعْلِ لِيُحْرِقُوا بَنِيهِمْ بِالنَّارِ كَقَرَابِينِ مُحْرَقَاتٍ لِلْبَعْلِ مِمَّا لَمْ أُوْصِ بِهِ وَلَمْ أَتَحَدَّثْ عَنْهُ وَلَمْ يَخْطُرْ بِبَالِي) إرميا 19: 4-5
                      7- تخيَّل الكاتب أن شمشون أمسك 300 حيوان من ابن آوى، وهم استسلموا له دفعة واحدة، وتركوه يربط أذيالهم بعضها ببعض، ثم أضرم النار فيهم، وتركهم يحرقون الحقول: (4وَذَهَبَ شَمْشُونُ وَأَمْسَكَ ثَلاَثَ مِئَةِ ابْنِ آوَى، وَأَخَذَ مَشَاعِلَ وَجَعَلَ ذَنَبًا إِلَى ذَنَبٍ، وَوَضَعَ مَشْعَلًا بَيْنَ كُلِّ ذَنَبَيْنِ فِي الْوَسَطِ، 5ثُمَّ أَضْرَمَ الْمَشَاعِلَ نَارًا وَأَطْلَقَهَا بَيْنَ زُرُوعِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ، فَأَحْرَقَ الأَكْدَاسَ وَالّزَرْعَ وَكُرُومَ الّزَيْتُونِ.) قضاة 15: 4-5
                      8- امرأتان تتفقان على أكل طفليهما، فسلقتا ابن إحداهن وأكلاه وفى اليوم التالى خدعتها المرأة التى عليها أن تذبح ابنها وأخفته عنها، ومن بجاحة المرأة التى أُكِلَ ابنها أنها ذهبت تشتكيها لدى الملك. إنها قصة قد تعجب بعض ضعاف العقول، وقليلى الثقافة، ولا أعرف ما الغرض من مثل هذه الحكايات: (ثُمَّ قَالَ لَهَا الْمَلِكُ: [مَا لَكِ؟] فَقَالَتْ: [هَذِهِ الْمَرْأَةُ قَالَتْ لِي: هَاتِي ابْنَكِ فَنَأْكُلَهُ الْيَوْمَ ثُمَّ نَأْكُلَ ابْنِي غَدًا. 29فَسَلَقْنَا ابْنِي وَأَكَلْنَاهُ. ثُمَّ قُلْتُ لَهَا فِي الْيَوْمِ الآخَرِ: هَاتِي ابْنَكِ فَنَأْكُلَهُ فَخَبَّأَتِ ابْنَهَا]. 30فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ كَلاَمَ الْمَرْأَةِ مَزَّقَ ثِيَابَهُ وَهُوَ مُجْتَازٌ عَلَى السُّورِ، فَنَظَرَ الشَّعْبُ وَإِذَا مِسْحٌ مِنْ دَاخِلٍ عَلَى جَسَدِهِ.) ملوك الثانى 6: 28-30
                      9- الكاتب يتخيَّل الرب واقفًا ممسكًا روث الحيوانات فى يديه، ويقذفه فى وجوه الكهنة: (هاءَنَذا أَقطعُ أَذرُعَكم وأَذْري الرَّوثَ على وُجوهِكم، رَوثَ أَعْيادِكم، ويُذهَبُ بِكم معَه، فتَعلَمونَ أَنِّي أَرسَلتُ إِلَيكُم بِهذه الوَصِيَّة، لِيَبْقى عَهْدي مع لاوي، قالَ رَبُّ القُوَّات.) ملاخى 2: 3 الترجمة الكاثوليكية
                      10- الكاتب يتخيَّل أن أشجار حدائق فرعون أجمل من أشجار جنة الرب: (7فَكَانَ جَمِيلًا فِي عَظَمَتِهِ وَفِي طُولِ قُضْبَانِهِ، لأَنَّ أَصْلَهُ كَـانَ عَلَى مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ. 8اَلأَرْزُ فِي جَنَّةِ اللَّهِ لَمْ يَفُقْهُ، السَّرْوُ لَمْ يُشْبِهْ أَغْصَانَهُ، وَالدُّلْبُ لَمْ يَكُنْ مِثْلَ فُرُوعِهِ. كُلُّ الأَشْجَارِ فِي جَنَّةِ اللَّهِ لَمْ تُشْبِهْهُ فِي حُسْنِهِ. 9جَعَلْتُهُ جَمِيلًا بِكَثْرَةِ قُضْبَانِهِ حَتَّى حَسَدَتْهُ كُلُّ أَشْجَارِ عَدْنٍ الَّتِي فِي جَنَّةِ اللَّهِ].) حزقيال 31: 7-9
                      11- الكاتب يتخيَّل الرب واقفًا على ترع مصر يصفِّر للذباب، على الرغم من أن العلم الحديث يثبت أن الذباب ليس له جهاز سمعى: (18وَيَكُونُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ الرَّبَّ يَصْفِرُ لِلذُّبَابِ الَّذِي فِي أَقْصَى تُرَعِ مِصْرَ وَلِلنَّحْلِ الَّذِي فِي أَرْضِ أَشُّورَ) إشعياء 7: 18
                      12- الكاتب عفيف اللسان نقل سباب شاول ليوناثان على أنه كلام من وحى الرب: (فَحَمِيَ غَضَبُ شَاوُلَ عَلَى يُونَاثَانَ وَقَالَ لَهُ: "يَا ابْنَ الْمُتَعَوِّجَةِ الْمُتَمَرِّدَةِ، أَمَا عَلِمْتُ أَنَّكَ قَدِ اخْتَرْتَ ابْنَ يَسَّى لِخِزْيِكَ وَخِزْيِ عَوْرَةِ أُمِّكَ؟) صموئيل الأول 20: 30
                      13- الكاتب يتخيَّل شعور النبى أيوب وحديثه اليائس مع الرب: (20إِلَيْكَ أَصْرُخُ فَمَا تَسْتَجِيبُ لِي. أَقُومُ فَمَا تَنْتَبِهُ إِلَيَّ. 21تَحَوَّلْتَ إِلَى جَافٍ مِنْ نَحْوِي. بِقُدْرَةِ يَدِكَ تَضْطَهِدُنِي. 22حَمَلْتَنِي أَرْكَبْتَنِي الرِّيحَ وَذَوَّبْتَنِي تَشَوُّهًا.) أيوب 30: 20-22
                      14- الكاتب يتخيل أن نبى الرب أيوب يتطاول عليه، ولم يصبر على البلاء الذى حلَّ به: (1[قَدْ كَرِهَتْ نَفْسِي حَيَاتِي. أُسَيِّبُ شَكْوَايَ. أَتَكَلَّمُ فِي مَرَارَةِ نَفْسِي 2قَائِلًا لِلَّهِ: لاَ تَسْتَذْنِبْنِي. فَهِّمْنِي لِمَاذَا تُخَاصِمُنِي! 3أَحَسَنٌ عِنْدَكَ أَنْ تَظْلِمَ أَنْ تَرْذُلَ عَمَلَ يَدَيْكَ وَتُشْرِقَ عَلَى مَشُورَةِ الأَشْرَارِ؟ .... 6حَتَّى تَبْحَثَ عَنْ إِثْمِي وَتُفَتِّشَ عَلَى خَطِيَّتِي؟ 7فِي عِلْمِكَ أَنِّي لَسْتُ مُذْنِبًا وَلاَ مُنْقِذَ مِنْ يَدِكَ. .... 14إِنْ أَخْطَأْتُ تُلاَحِظُنِي وَلاَ تُبْرِئُنِي مِنْ إِثْمِي. 15إِنْ أَذْنَبْتُ فَوَيْلٌ لِي. وَإِنْ تَبَرَّرْتُ لاَ أَرْفَعُ رَأْسِي. إِنِّي شَبْعَانُ هَوَانًا وَنَاظِرٌ مَذَلَّتِي. 16وَإِنِ ارْتَفَعَ رَأْسِي تَصْطَادُنِي كَأَسَدٍ ثُمَّ تَعُودُ وَتَتَجَبَّرُ عَلَيَّ! ... 20... اتْرُكْ! كُفَّ عَنِّي فَأَبْتَسِمُ قَلِيلًا.) أيوب 10: 1-20
                      15- يعقوب ينوح ويمزق ثيابه على فقدان يوسف ابنه: (32وَأَرْسَلُوا الْقَمِيصَ الْمُلَوَّنَ وَأَحْضَرُوهُ إِلَى أَبِيهِمْ وَقَالُوا: «وَجَدْنَا هَذَا. حَقِّقْ أَقَمِيصُ ابْنِكَ هُوَ أَمْ لاَ؟» 33فَتَحَقَّقَهُ وَقَالَ: «قَمِيصُ ابْنِي. وَحْشٌ رَدِيءٌ أَكَلَهُ! افْتُرِسَ يُوسُفُ افْتِرَاسًا!» 34فَمَزَّقَ يَعْقُوبُ ثِيَابَهُ وَوَضَعَ مِسْحًا عَلَى حَقَوَيْهِ وَنَاحَ عَلَى ابْنِهِ أَيَّامًا كَثِيرَةً. 35فَقَامَ جَمِيعُ بَنِيهِ وَجَمِيعُ بَنَاتِهِ لِيُعَزُّوهُ. فَأَبَى أَنْ يَتَعَزَّى وَقَالَ: «إِنِّي أَنْزِلُ إِلَى ابْنِي نَائِحًا إِلَى الْهَاوِيَةِ». وَبَكَى عَلَيْهِ أَبُوهُ.) تكوين 37: 32-35
                      16- الرب نفسه يتخيله الكاتب ينوح ويولول كالنساء: (8مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَنُوحُ وَأُوَلْوِلُ. أَمْشِي حَافِيًا وَعُرْيَانًا. أَصْنَعُ نَحِيبًا كَبَنَاتِ آوَى وَنَوْحًا كَرِعَالِ النَّعَامِ) ميخا 1: 8
                      16- تخيَّل الكاتب أن موسى أساء الأدب فى الخطاب مع الرب، فكتب يقول:
                      (22فَرَجَعَ مُوسَى الَى الرَّبِّ وَقَالَ: «يَا سَيِّدُ لِمَاذَا اسَاتَ الَى هَذَا الشَّعْبِ؟ لِمَاذَا ارْسَلْتَنِي؟ 23فَانَّهُ مُنْذُ دَخَلْتُ الَى فِرْعَوْنَ لاتَكَلَّمَ بِاسْمِكَ اسَاءَ الَى هَذَا الشَّعْبِ. وَانْتَ لَمْ تُخَلِّصْ شَعْبَكَ») الخروج 5: 22-23
                      (11فَقَال مُوسَى لِلرَّبِّ: «لِمَاذَا أَسَأْتَ إِلى عَبْدِكَ وَلِمَاذَا لمْ أَجِدْ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ حَتَّى أَنَّكَ وَضَعْتَ ثِقْل جَمِيعِ هَذَا الشَّعْبِ عَليَّ؟ 12أَلعَلِّي حَبِلتُ بِجَمِيعِ هَذَا الشَّعْبِ أَوْ لعَلِّي وَلدْتُهُ حَتَّى تَقُول لِي احْمِلهُ فِي حِضْنِكَ كَمَا يَحْمِلُ المُرَبِّي الرَّضِيعَ إِلى الأَرْضِ التِي حَلفْتَ لِآبَائِهِ؟ 13مِنْ أَيْنَ لِي لحْمٌ حَتَّى أُعْطِيَ جَمِيعَ هَذَا الشَّعْبِ. لأَنَّهُمْ يَبْكُونَ عَليَّ قَائِلِينَ: أَعْطِنَا لحْمًا لِنَأْكُل. 14لا أَقْدِرُ أَنَا وَحْدِي أَنْ أَحْمِل جَمِيعَ هَذَا الشَّعْبِ لأَنَّهُ ثَقِيلٌ عَليَّ. 15فَإِنْ كُنْتَ تَفْعَلُ بِي هَكَذَا فَاقْتُلنِي قَتْلًا إِنْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ فَلا أَرَى بَلِيَّتِي».) العدد 11: 11-15
                      17- الكاتب يتخيَّل أن موسى  نفسه لم يطع الرب، فلم يختن ابنه، وبعد ما كلفه الرب بالرجوع إلى مصر، تذكر أنه لم يختن ابنه، فنزل الرب ليقتله، هكذا تخيل الكاتب كيف يميت الرب عبيده، إلا أن صفورة امرأته عرفت بنزول الرب وهو فى الطريق، ولا تسأل كيف عرفت، ومن الذى أخبرها، فسبقت الرب إلى ابنها وختنته بحجر الصوان، واضطر الرب للعودة إلى مكانه مرة أخرى: (19وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى فِي مِدْيَانَ: «اذْهَبِ ارْجِعْ إِلَى مِصْرَ لأَنَّهُ قَدْ مَاتَ جَمِيعُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَانُوا يَطْلُبُونَ نَفْسَكَ». 20فَأَخَذَ مُوسَى امْرَأَتَهُ وَبَنِيهِ وَأَرْكَبَهُمْ عَلَى الْحَمِيرِ وَرَجَعَ إِلَى أَرْضِ مِصْرَ. وَأَخَذَ مُوسَى عَصَا اللهِ فِي يَدِهِ. 21وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «عِنْدَمَا تَذْهَبُ لِتَرْجِعَ إِلَى مِصْرَ انْظُرْ جَمِيعَ الْعَجَائِبِ الَّتِي جَعَلْتُهَا فِي يَدِكَ وَاصْنَعْهَا قُدَّامَ فِرْعَوْنَ. وَلَكِنِّي أُشَدِّدُ قَلْبَهُ حَتَّى لاَ يُطْلِقَ الشَّعْبَ. 22فَتَقُولُ لِفِرْعَوْنَ: هَكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ: إِسْرَائِيلُ ابْنِي الْبِكْرُ. 23فَقُلْتُ لَكَ: أَطْلِقِ ابْنِي لِيَعْبُدَنِي فَأَبَيْتَ أَنْ تُطْلِقَهُ. هَا أَنَا أَقْتُلُ ابْنَكَ الْبِكْرَ». 24وَحَدَثَ فِي الطَّرِيقِ فِي الْمَنْزِلِ أَنَّ الرَّبَّ الْتَقَاهُ وَطَلَبَ أَنْ يَقْتُلَهُ. 25فَأَخَذَتْ صَفُّورَةُ صَوَّانَةً وَقَطَعَتْ غُرْلَةَ ابْنِهَا وَمَسَّتْ رِجْلَيْهِ. فَقَالَتْ: «إِنَّكَ عَرِيسُ دَمٍ لِي». 26فَانْفَكَّ عَنْهُ. حِينَئِذٍ قَالَتْ: «عَرِيسُ دَمٍ مِنْ أَجْلِ الْخِتَانِ».) الخروج 4: 19-26
                      18- (وَافْرَحْ بِامْرَأَةِ شَبَابِكَ 19الظَّبْيَةِ الْمَحْبُوبَةِ وَالْوَعْلَةِ الزَّهِيَّةِ. لِيُرْوِكَ ثَدْيَاهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ وَبِمَحَبَّتِهَا اسْكَرْ دَائِمًا.) أمثال 5: 18-19
                      19- (1فِي اللَّيْلِ عَلَى فِرَاشِي طَلَبْتُ مَنْ تُحِبُّهُ نَفْسِي طَلَبْتُهُ فَمَا وَجَدْتُهُ. 2إِنِّي أَقُومُ وَأَطُوفُ فِي الْمَدِينَةِ فِي الأَسْوَاقِ وَفِي الشَّوَارِعِ أَطْلُبُ مَنْ تُحِبُّهُ نَفْسِي. طَلَبْتُهُ فَمَا وَجَدْتُهُ. 3وَجَدَنِي الْحَرَسُ الطَّائِفُ فِي الْمَدِينَةِ فَقُلْتُ: «أَرَأَيْتُمْ مَنْ تُحِبُّهُ نَفْسِي؟» 4فَمَا جَاوَزْتُهُمْ إِلاَّ قَلِيلًا حَتَّى وَجَدْتُ مَنْ تُحِبُّهُ نَفْسِي فَأَمْسَكْتُهُ وَلَمْ أَرْخِهِ حَتَّى أَدْخَلْتُهُ بَيْتَ أُمِّي وَحُجْرَةَ مَنْ حَبِلَتْ بِي. 5أُحَلِّفُكُنَّ يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ بِالظِّبَاءِ وَبِأَيَائِلِ الْحَقْلِ أَلاَّ تُيَقِّظْنَ وَلاَ تُنَبِّهْنَ الْحَبِيبَ حَتَّى يَشَاءَ.) نشيد الإنشاد 3: 1-5
                      20- (1لَيْتَكَ كَأَخٍ لِي الرَّاضِعِ ثَدْيَيْ أُمِّي فَأَجِدَكَ فِي الْخَارِجِ وَأُقَبِّلَكَ وَلاَ يُخْزُونَنِي. 2وَأَقُودُكَ وَأَدْخُلُ بِكَ بَيْتَ أُمِّي وَهِيَ تُعَلِّمُنِي فَأَسْقِيكَ مِنَ الْخَمْرِ الْمَمْزُوجَةِ مِنْ سُلاَفِ رُمَّانِي. 3شِمَالُهُ تَحْتَ رَأْسِي وَيَمِينُهُ تُعَانِقُنِي. 4أُحَلِّفُكُنَّ يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ أَلاَّ تُيَقِّظْنَ وَلاَ تُنَبِّهْنَ الْحَبِيبَ حَتَّى يَشَاءَ.) نشيد الإنشاد 8: 1-4
                      21- (8لَنَا أُخْتٌ صَغِيرَةٌ لَيْسَ لَهَا ثَدْيَانِ. فَمَاذَا نَصْنَعُ لِأُخْتِنَا فِي يَوْمٍ تُخْطَبُ؟ 9إِنْ تَكُنْ سُورًا فَنَبْنِي عَلَيْهَا بُرْجَ فِضَّةٍ. وَإِنْ تَكُنْ بَابًا فَنَحْصُرُهَا بِأَلْوَاحِ أَرْزٍ. 10أَنَا سُورٌ وَثَدْيَايَ كَبُرْجَيْنِ. حِينَئِذٍ كُنْتُ فِي عَيْنَيْهِ كَوَاجِدَةٍ سَلاَمَةً) نشيد الإنشاد 8: 8-10
                      وفيما يسمونه بالعهد الجديد:
                      1- - بالإضافة إلى آراء شخصية وخطابات شخصية كتبها بولس لأشخاص ما، فلماذا اعتبرت من وحى الله؟ وما الحكمة منها؟ (38إِذًا مَنْ زَوَّجَ فَحَسَنًا يَفْعَلُ وَمَنْ لاَ يُزَوِّجُ يَفْعَلُ أَحْسَنَ. 39الْمَرْأَةُ مُرْتَبِطَةٌ بِالنَّامُوسِ مَا دَامَ رَجُلُهَا حَيًّا. وَلَكِنْ إِنْ مَاتَ رَجُلُهَا فَهِيَ حُرَّةٌ لِكَيْ تَتَزَوَّجَ بِمَنْ تُرِيدُ فِي الرَّبِّ فَقَطْ. 40وَلَكِنَّهَا أَكْثَرُ غِبْطَةً إِنْ لَبِثَتْ هَكَذَا بِحَسَبِ رَأْيِي. وَأَظُنُّ أَنِّي أَنَا أَيْضًا عِنْدِي رُوحُ اللهِ.) كورنثوس الأولى 7: 38-40
                      2- (25وَأَمَّا الْعَذَارَى فَلَيْسَ عِنْدِي أَمْرٌ مِنَ الرَّبِّ فِيهِنَّ وَلَكِنَّنِي أُعْطِي رَأْيًا كَمَنْ رَحِمَهُ الرَّبُّ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا. 26فَأَظُنُّ أَنَّ هَذَا حَسَنٌ لِسَبَبِ الضِّيقِ الْحَاضِرِ. أَنَّهُ حَسَنٌ لِلإِنْسَانِ أَنْ يَكُونَ هَكَذَا كورنثوس الأولى 7: 25-26
                      3- (12وَأَمَّا الْبَاقُونَ فَأَقُولُ لَهُمْ أَنَا لاَ الرَّبُّ: إِنْ كَانَ أَخٌ لَهُ امْرَأَةٌ غَيْرُ مُؤْمِنَةٍ وَهِيَ تَرْتَضِي أَنْ تَسْكُنَ مَعَهُ فَلاَ يَتْرُكْهَا. 13وَالْمَرْأَةُ الَّتِي لَهَا رَجُلٌ غَيْرُ مُؤْمِنٍ وَهُوَ يَرْتَضِي أَنْ يَسْكُنَ مَعَهَا فَلاَ تَتْرُكْهُ.) كورنثوس الأولى 7: 12-13
                      4- (2هَا أَنَا بُولُسُ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنِ اخْتَتَنْتُمْ لاَ يَنْفَعُكُمُ الْمَسِيحُ شَيْئًا!) غلاطية 5: 2 ، وهو نفس الأمر الذى أدانه فيه التلاميذ ، وكفروه بسببه.
                      5- (8لَسْتُ أَقُولُ عَلَى سَبِيلِ الأَمْرِ، بَلْ بِاجْتِهَادِ آخَرِينَ، مُخْتَبِرًا إِخْلاَصَ مَحَبَّتِكُمْ أَيْضًا.) كورنثوس الثانية 8: 8
                      6- (1فَإِنَّهُ مِنْ جِهَةِ الْخِدْمَةِ لِلْقِدِّيسِينَ هُوَ فُضُولٌ مِنِّي أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكُمْ.) كورنثوس الثانية 9: 1
                      7- بولس ينوى أن يشتِّى فى نيكوبوليس! فهل هذا من وحى الله؟ (12حِينَمَا أُرْسِلُ إِلَيْكَ أَرْتِيمَاسَ أَوْ تِيخِيكُسَ بَادِرْ أَنْ تَأْتِيَ إِلَيَّ إِلَى نِيكُوبُولِيسَ، لأَنِّي عَزَمْتُ أَنْ أُشَتِّيَ هُنَاكَ.) تيطس 3: 12
                      فهل تعتقد أن المكان الذى سيقضى فيه بولس شتاءه كان يشغل الرب لدرجة أنه أوحى به فى كتابه؟
                      8- (1أُوصِي إِلَيْكُمْ بِأُخْتِنَا فِيبِي الَّتِي هِيَ خَادِمَةُ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي كَنْخَرِيَا 2كَيْ تَقْبَلُوهَا فِي الرَّبِّ كَمَا يَحِقُّ لِلْقِدِّيسِينَ وَتَقُومُوا لَهَا فِي أَيِّ شَيْءٍ احْتَاجَتْهُ مِنْكُمْ لأَنَّهَا صَارَتْ مُسَاعِدَةً لِكَثِيرِينَ وَلِي أَنَا أَيْضًا. 3سَلِّمُوا عَلَى بِرِيسْكِلاَّ وَأَكِيلاَ الْعَامِلَيْنِ مَعِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ 4اللَّذَيْنِ وَضَعَا عُنُقَيْهِمَا مِنْ أَجْلِ حَيَاتِي اللَّذَيْنِ لَسْتُ أَنَا وَحْدِي أَشْكُرُهُمَا بَلْ أَيْضًا جَمِيعُ كَنَائِسِ الأُمَمِ 5وَعَلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَيْتِهِمَا. سَلِّمُوا عَلَى أَبَيْنِتُوسَ حَبِيبِي الَّذِي هُوَ بَاكُورَةُ أَخَائِيَةَ لِلْمَسِيحِ. 6سَلِّمُوا عَلَى مَرْيَمَ الَّتِي تَعِبَتْ لأَجْلِنَا كَثِيرًا. 7سَلِّمُوا عَلَى أَنْدَرُونِكُوسَ وَيُونِيَاسَ نَسِيبَيَّ الْمَأْسُورَيْنِ مَعِي اللَّذَيْنِ هُمَا مَشْهُورَانِ بَيْنَ الرُّسُلِ وَقَدْ كَانَا فِي الْمَسِيحِ قَبْلِي. 8سَلِّمُوا عَلَى أَمْبِلِيَاسَ حَبِيبِي فِي الرَّبِّ. 9سَلِّمُوا عَلَى أُورْبَانُوسَ الْعَامِلِ مَعَنَا فِي الْمَسِيحِ وَعَلَى إِسْتَاخِيسَ حَبِيبِي. 10سَلِّمُوا عَلَى أَبَلِّسَ الْمُزَكَّى فِي الْمَسِيحِ. 11سَلِّمُوا عَلَى هِيرُودِيُونَ نَسِيبِي. سَلِّمُوا عَلَى الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَهْلِ نَرْكِسُّوسَ الْكَائِنِينَ فِي الرَّبِّ. 12سَلِّمُوا عَلَى تَرِيفَيْنَا وَتَرِيفُوسَا التَّاعِبَتَيْنِ فِي الرَّبِّ. سَلِّمُوا عَلَى بَرْسِيسَ الْمَحْبُوبَةِ الَّتِي تَعِبَتْ كَثِيرًا فِي الرَّبِّ. 13سَلِّمُوا عَلَى رُوفُسَ الْمُخْتَارِ فِي الرَّبِّ وَعَلَى أُمِّهِ أُمِّي. .. .. .. 21يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ تِيمُوثَاوُسُ الْعَامِلُ مَعِي وَلُوكِيُوسُ وَيَاسُونُ وَسُوسِيبَاتْرُسُ أَنْسِبَائِي. 22أَنَا تَرْتِيُوسُ كَاتِبُ هَذِهِ الرِّسَالَةِ أُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ فِي الرَّبِّ. 23يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ غَايُسُ مُضَيِّفِي وَمُضَيِّفُ الْكَنِيسَةِ كُلِّهَا. يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ أَرَاسْتُسُ خَازِنُ الْمَدِينَةِ وَكَوَارْتُسُ الأَخُ.) رومية 16: 1-23
                      9- (11لُوقَا وَحْدَهُ مَعِي. خُذْ مَرْقُسَ وَأَحْضِرْهُ مَعَكَ لأَنَّهُ نَافِعٌ لِي لِلْخِدْمَةِ. 12أَمَّا تِيخِيكُسُ فَقَدْ أَرْسَلْتُهُ إِلَى أَفَسُسَ. 13اَلرِّدَاءَ الَّذِي تَرَكْتُهُ فِي تَرُواسَ عِنْدَ كَارْبُسَ أَحْضِرْهُ مَتَى جِئْتَ، وَالْكُتُبَ أَيْضًا وَلاَ سِيَّمَا الرُّقُوقَ. 14إِسْكَنْدَرُ النَّحَّاسُ أَظْهَرَ لِي شُرُورًا كَثِيرَةً. لِيُجَازِهِ الرَّبُّ حَسَبَ أَعْمَالِهِ.) ثيموثاوس الثانية 4: 11-14
                      فهل تعتقد أن رداء بولس كان يشغل الرب لدرجة أنه أوحى به فى كتابه؟
                      10- (16أَقُولُ أَيْضًا: لاَ يَظُنَّ أَحَدٌ أَنِّي غَبِيٌّ. وَإِلاَّ فَاقْبَلُونِي وَلَوْ كَغَبِيٍّ، لأَفْتَخِرَ أَنَا أَيْضًا قَلِيلًا. 17الَّذِي أَتَكَلَّمُ بِهِ لَسْتُ أَتَكَلَّمُ بِهِ بِحَسَبِ الرَّبِّ، بَلْ كَأَنَّهُ فِي غَبَاوَةٍ، فِي جَسَارَةِ الاِفْتِخَارِ هَذِهِ.) كورنثوس الثانية 11: 16-17
                      11- ( 13لأَنَّهُ مَا هُوَ الَّذِي نَقَصْتُمْ عَنْ سَائِرِ الْكَنَائِسِ، إِلاَّ أَنِّي أَنَا لَمْ أُثَقِّلْ عَلَيْكُمْ؟ سَامِحُونِي بِهَذَا الظُّلْمِ. 14هُوَذَا الْمَرَّةُ الثَّالِثَةُ أَنَا مُسْتَعِدٌّ أَنْ آتِيَ إِلَيْكُمْ وَلاَ أُثَقِّلَ عَلَيْكُمْ. ...) كورنثوس الثانية 12: 13-14
                      12- استشهاد بولس بأقوال الشعراء: (كما يقول الدكتور القس منيس عبد النور فى كتابه ”شبهات وهمية حول الكتاب المقدس“ ص14): فمن أقوال الشاعر (أراتس) اقتبس: (28لأَنَّنَا بِهِ نَحْيَا وَنَتَحَرَّكُ وَنُوجَدُ. كَمَا قَالَ بَعْضُ شُعَرَائِكُمْ أَيْضًا: لأَنَّنَا أَيْضًا ذُرِّيَّتُهُ.) أعمال الرسل 17: 28
                      13- استشهاد بولس بقول الشاعر (مناندو) وهى: (33لاَ تَضِلُّوا! فَإِنَّ الْمُعَاشَرَاتِ الرَّدِيَّةَ تُفْسِدُ الأَخْلاَقَ الْجَيِّدَةَ.) كورنثوس الأولى 15: 33
                      14- استشهاد بولس بقول الشاعر الكريتى (أبيمانديس) وهو: (12قَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ - وَهُوَ نَبِيٌّ لَهُمْ خَاصٌّ: «الْكِرِيتِيُّونَ دَائِمًا كَذَّابُونَ. وُحُوشٌ رَدِيَّةٌ. بُطُونٌ بَطَّالَةٌ».) تيطس 1: 12 ، فما حاجة الرب لأقوال الشعراء لتأييد أقواله؟ أيستشهد الرب بأقوال الشعراء ليقنع الناس بدينه؟
                      15- موقف يعبر عن حالة شخصية: (22وَلَكِنَّنِي كُنْتُ غَيْرَ مَعْرُوفٍ بِالْوَجْهِ عِنْدَ كَنَائِسِ الْيَهُودِيَّةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ.) غلاطية 1: 22
                      16- (11لَمَّا كُنْتُ طِفْلًا كَطِفْلٍ كُنْتُ أَتَكَلَّمُ وَكَطِفْلٍ كُنْتُ أَفْطَنُ وَكَطِفْلٍ كُنْتُ أَفْتَكِرُ. وَلَكِنْ لَمَّا صِرْتُ رَجُلًا أَبْطَلْتُ مَا لِلطِّفْلِ. 12فَإِنَّنَا نَنْظُرُ الآنَ فِي مِرْآةٍ فِي لُغْزٍ لَكِنْ حِينَئِذٍ وَجْهًا لِوَجْهٍ. الآنَ أَعْرِفُ بَعْضَ الْمَعْرِفَةِ لَكِنْ حِينَئِذٍ سَأَعْرِفُ كَمَا عُرِفْتُ. 13أَمَّا الآنَ فَيَثْبُتُ الإِيمَانُ وَالرَّجَاءُ وَالْمَحَبَّةُ هَذِهِ الثَّلاَثَةُ وَلَكِنَّ أَعْظَمَهُنَّ الْمَحَبَّةُ.) كورنثوس الأولى 13: 11-13
                      17- تضارب فى أقوال شخصية لا علاقة لها بكتاب موحى من الرب: فنرى بولس يقول لأهل رومية إن الناموس مقدس ووصاياه مقدسة وعادلة وصالحة: (12إِذًا النَّامُوسُ مُقَدَّسٌ وَالْوَصِيَّةُ مُقَدَّسَةٌ وَعَادِلَةٌ وَصَالِحَةٌ.) رومية 7: 12
                      فى حين يقول لأهل غلاطية:(وَلَكِنَّ النَّامُوسَ لَيْسَ مِنَ الإِيمَانِ)غلاطية 3: 12
                      يقول لأهل رومية إن الإيمان يَثبُت بالناموس (أي بالعمل بشريعة التوراة): (31أَفَنُبْطِلُ النَّامُوسَ بِالإِيمَانِ؟ حَاشَا! بَلْ نُثَبِّتُ النَّامُوسَ) رومية 3: 31
                      فى الوقت الذى يقول فيه لأهل غلاطية: (10لأَنَّ جَمِيعَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَعْمَالِ النَّامُوسِ هُمْ تَحْتَ لَعْنَةٍ، .. .. ..) غلاطية 3: 10
                      ويقول لهم أيضًا: (19فَلِمَاذَا النَّامُوسُ؟ قَدْ زِيدَ بِسَبَبِ التَّعَدِّيَاتِ، إِلَى أَنْ يَأْتِيَ النَّسْلُ الَّذِي قَدْ وُعِدَ لَهُ، مُرَتَّبًا بِمَلاَئِكَةٍ فِي يَدِ وَسِيطٍ. 20وَأَمَّا الْوَسِيطُ فَلاَ يَكُونُ لِوَاحِدٍ. وَلَكِنَّ اللهَ وَاحِدٌ. 21فَهَلِ النَّامُوسُ ضِدَّ مَوَاعِيدِ اللهِ؟ حَاشَا! لأَنَّهُ لَوْ أُعْطِيَ نَامُوسٌ قَادِرٌ أَنْ يُحْيِيَ، لَكَانَ بِالْحَقِيقَةِ الْبِرُّ بِالنَّامُوسِ.) غلاطية 3: 19-21
                      وفى الوقت الذى يقول لهم إنه يتبع الناموس والأنبياء: (أَعْبُدُ إِلَهَ آبَائِي مُؤْمِنًا بِكُلِّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءِ) أعمال 24: 14
                      ويدعى الأمانة واتباع أقوال موسى والأنبياء وكتبهم فقال: (لاَ أَقُولُ شَيْئًا غَيْرَ مَا تَكَلَّمَ الأَنْبِيَاءُ وَمُوسَى). أعمال الرسل 26: 22
                      يقول من ناحية أخرى: (19فَلِمَاذَا النَّامُوسُ؟ .. .. .. لأَنَّهُ لَوْ أُعْطِيَ نَامُوسٌ قَادِرٌ أَنْ يُحْيِيَ، لَكَانَ بِالْحَقِيقَةِ الْبِرُّ بِالنَّامُوسِ.) غلاطية 3: 19-21
                      (20وَأَمَّا النَّامُوسُ فَدَخَلَ لِكَيْ تَكْثُرَ الْخَطِيَّةُ.) رومية 5: 20
                      (21لَسْتُ أُبْطِلُ نِعْمَةَ اللهِ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِالنَّامُوسِ بِرٌّ، فَالْمَسِيحُ إِذًا مَاتَ بِلاَ سَبَبٍ.) غلاطية 2: 21
                      (18فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِبْطَالُ الْوَصِيَّةِ السَّابِقَةِ مِنْ أَجْلِ ضُعْفِهَا وَعَدَمِ نَفْعِهَا، 19إِذِ النَّامُوسُ لَمْ يُكَمِّلْ شَيْئًا.) عبرانيين 7: 18-19
                      (56أَمَّا شَوْكَةُ الْمَوْتِ فَهِيَ الْخَطِيَّةُ وَقُوَّةُ الْخَطِيَّةِ هِيَ النَّامُوسُ) كورنثوس الأولى 15: 56
                      بل أقر أنه فعل الكثير ضد ما فعله وما قاله يسوع الناصرى: (9فَأَنَا ارْتَأَيْتُ فِي نَفْسِي أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَصْنَعَ أُمُورًا كَثِيرَةً مُضَادَّةً لاِسْمِ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ.) أعمال الرسل 26: 9
                      ثم أقر أن الناموس لعنة، وأن يسوع افتداهم من هذه اللعنة، حتى أصبح هو نفسه ملعون من أجلهم: (13اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ».) غلاطية 3: 13
                      18- يسوع يتكلم عن جوعه وعطشه وأنه ليس له مكان يسند فيه رأسه:
                      (12وَفِي الْغَدِ لَمَّا خَرَجُوا مِنْ بَيْتِ عَنْيَا جَاعَ) مرقس 11: 12
                      (قال [يسوع] أنا عطشان) يوحنا 19: 28
                      (20فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِلثَّعَالِبِ أَوْجِرَةٌ وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ».) متى 8: 20
                      19- يسوع يخاف من اليهود ولا يظهر أمامهم: (53فَمِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ تَشَاوَرُوا لِيَقْتُلُوهُ. 54فَلَمْ يَكُنْ يَسُوعُ أَيْضًا يَمْشِي بَيْنَ الْيَهُودِ علاَنِيَةً ...) يوحنا 11: 53-54
                      (1وَكَانَ يَسُوعُ يَتَرَدَّدُ بَعْدَ هَذَا فِي الْجَلِيلِ لأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَتَرَدَّدَ فِي الْيَهُودِيَّةِ لأَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُ.) يوحنا 7: 1
                      20- ينزل ملاك من السماء يهدىء من روع يسوع، الذى خاف الموت، وأخذ يصلى لكى يرفع الرب عنه كأس الموت: (41وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى 42قَائِلًا: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ. وَلَكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ». 43وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ. 44وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ.) لوقا 22: 41-44
                      ثم فكِّر من هو النبى الذى يمكنك أن تتخذه قدوة لك ولأبنائك وبناتك فى الكتاب الذى تقدسه؟
                      ثم كيف يكون الكتاب الذى تقدسه يتكلم عن عقائد وثنية نهى الرب عنها فى عدة نصوص مثل عقيدة توارث الخطيئة الأزلية، ومازلت تعتبره مقدسًا وتؤمن به؟
                      وإذا كنت تؤمن أن نبى الله إبراهيم كان يتاجر فى عرض زوجته الجميلة سارة (تكوين 12: 11-16)، وأن يعقوب كذب على أبيه وسرق البركة والنبوة من أخيه، وبذلك فرض على الرب أن يوحى إليه (تكوين الإصحاح 27)، بل ضرب الرب وأجبره أن يباركه (تكوين 32: 24-30)، وأن لوط زنى بابنتيه وأنجب منهما (تكوين 19: 30-38)، وأن رأوبين يزنى بزوجة أبيه (تكوين 35: 22؛ 49: 3-4)، وأن يهوذا زنى بزوجة ابنه وأنجب منها (تكوين الإصحاح 38)، وأن موسى وهارون خانا الرب ولم يقدساه أمام بنى إسرائيل (تثنية 32: 48-51)، وأن هارون صنع العجل ودعا بنى إسرائيل لعبادته، وتركه موسى ولم يعاقبه (خروج 32: 1-6)، وأن داود زنى بزوجة جاره وقَتَلَه وخان جيشه (صموئيل الثانى صح 11)، ثم قتل أولاده الخمسة من زوجته ميكال إرضاءً للرب (صموئيل الثاني21: 8-9)، وأنه كان ينام فى حضن فتاة عذراء فى هرمه (ملوك الأول 1: 1-4)، وعلى الرغم من ذلك فإن المسِّيِّا المنتظر، الذى يُعد خاتم رسل الله، وشريعته سوف تكون الشريعة الباقية، سيأتى فى نظرهم من داود، بعد كل ما قالوه عنه، وهذا أبشالوم ابن داود زنى بزوجات أبيه (صموئيل الثاني 16: 22)، وأن أمنون ابن داود زنى بأخته ثامار (صموئيل الثانى صح 13)، ناهيك عن الأنبياء الذين تركوا الرب وعبدوا الأوثان، بل دعوا لعبادتها وبنوا لها المذابح، وقدموا لها القرابين مثل نبى الله سليمان الحكيم (الملوك الأول 11: 4-7).
                      أكرر مرة أخرى: إذا كنت تعتبر أن هؤلاء هم الأنبياء القدوة المصلحون فى الأرض، الذين اصطفاهم الرب بعلمه وخبرته لإصلاح عباده، فأنت فاقد الرشد والحكم الصحيح، ولا تعرف الله ولا صفاته، أى لا تعرف معنى الدين وأسس الإيمان والاعتقاد. والأفضل لك أن تترك موضوع الكلام فى الدين من الأساس!
                      والآن اقرأ ما يقوله الله تعالى على أنبيائه، وحكِّم عقلك أيهما كلام الله:
                      يقول الحق تبارك وتعالى: (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًا) مريم 58
                      ويقول الله تبارك وتعالى عنهم: (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ) الأنبياء 73
                      ثم قارن هذا بما نُسب إلى يسوع من قوله: (8جَمِيعُ الَّذِينَ أَتَوْا قَبْلِي هُمْ سُرَّاقٌ وَلُصُوصٌ وَلَكِنَّ الْخِرَافَ لَمْ تَسْمَعْ لَهُمْ.) يوحنا 10: 8
                      * * * * *
                      تختلف القصص القرآنية عن التوراتية، فأيهما أصدق؟
                      ثم يستمر الكاتب فى بهتانه فيقول:
                      كُتب القرآن باللغة العربية في اسلوب نثري منظوم. وقد قسم إلى 114 سورة (أو فصل). وهو يشتمل على القوانين الدينية والاجتماعية والمدنية والتجارية والحربية للمسلمين. كما أنه يشتمل على الكثير من القصص التي وردت في التوراة والانجيل والأسفار المحذوفة.
                      على أن القرآن يناقض الكتاب المقدس في الكثير من تفاصيل تلك القصص بما في ذلك بعض أسماء الأشخاص المتضمنة في تلك القصص.
                      وعندما يواجه المسلمون بتلك المتناقضات فإنهم يبررونها بإدعائهم أن الكتاب المقدس لابد وأن أصابه التحريف. مثل هذا الأدعاء يمكن دحضه بالأدلة التاريخية، بل وبالقرآن نفسه الذي صادق على الكتاب المقدس في مواضع متعددة.
                      "ياأيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما أنزلنا مصدقًا لما معكم من قبل…" سورة النساء 47:4 (انظر أيضا سورة البقرة 40:2و 41و91 وطه133:20 والشعراء 192:26 – 198 والعنكبوت 47:29 والأحقاف 10:46-12)
                      وأقول له:
                      رأينا توًا، وفى كل ما ذكرت فى هذا الكتاب، كيف يتناقض الكتاب الذى تقدسه، وآخر ما ذكرت هو فى مسألة الناموس بين أقوال بولس المختلفة. أما ما تدعيه من وجود اختلافات بين القصة فى الكتاب الذى تقدسه والقصة القرآنية، وهو ما أسميته تناقضات فى القرآن، فقد قام العديد من المسلمين بالرد عليها، ولكنك لم ولن تقرأها، لأن هذا ليس هو اهتمامك، فأنت لا تهتم إلا بالهجوم والتشنيع، لتملأوا منتدياتكم بما تسمونه رد على المسلمين، يمكنكم من الصمود المؤقت أمام أتباعكم، وبالطبع منعتموهم من زيارة المنتديات الإسلامية، وسماع القرآن ومحاورة المسلمين، لأنكم تعرفون النتيجة مقدمًا. وهى دخولهم فى الإسلام أفواجًا.
                      ولكن يكفينى هنا أن أبين أن الاختلافات حادثة فى نفس القصة فى كتابك، والتى حكيت أكثر من مرة فى أكثر من سفر، وذلك ليتبين لك عدم قداسة هذا الكتاب الذى تقدسه، وأنه لا يمكن أن يكون هو كتاب الكتب، الكتاب الذى تهيمن قصته وتاريخه على مجريات الأحداث، حيث سترى أخطاء غير منطقية أو عددية أو فى الأسماء أو الأماكن التى حدثت بها هذه الروايات:
                      1- يقول متى 2: 23 (23وَأَتَى وَسَكَنَ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا نَاصِرَةُ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالأَنْبِيَاءِ: «إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيًّا».) فأين كتاب الأنبياء الذى ذكر فيه هذا؟ لا يوجد. فهل مازلت تعتقد أن لهذا الكتاب الذى تقدسه الهيمنة على باقى الكتب، وأنه هو المعيار الذى تُقاس عليه صحة باقى الكتب؟
                      الأمر الذى جعل كتاب التفسير الحديث للكتاب المقدس (إنجيل متى) تأليف ر.ت. فرانس، ورأس مجلس التحرير خمس قساوسة، من بينهم الدكتور القس صموئيل حبيب، والدكتور القس كميس عبد النور، صفحة 31 يقول الكتاب: (ولا شك أن ثمة اقتباسات أخرى كثيرة من العهد القديم ، لكن هذه المجموعة تتميز بصيغتها الثابتة. وكلها، عدا واحدة فقط، لم ترد إلا فى إنجيل متى. وإذا ما حذفنا الاقتباسات من كل هذه الحالات، لا تتأثر القصة على أى نحو، وهذا ما يوحى بأنها تعليقات أضيفت إلى القصة الموجودة ........ ولقد أُثير الكثير من الجدل بشأن مصدر صيغة الاقتباسات وأثرها. ومعظم الدارسين حاليًا يعتبرونها إسهامًا خاصًا من متى أكثر من كونها عناصر تقليدية فى قصة السيد المسيح.)
                      ويقول هامش الكتاب المقدس فى الترجمة الكاثوليكية اليسوعية ص40: (ناصريًا: يصعب علينا أن نعرف بدقة ما هو النص الذى يستند إليه متى ...)
                      2- إن التلاميذ أنفسهم لم يثقوا فى بولس، الذى تُنسب له 17 رسالة من مجموع 22 سفرًا فى كتابك، وقال آباؤكم الأقدمون إن بولس لم يكتب إلا بضعة أسطر، حددها البعض بأربعة أسطر أو خمسة، فكيف يكون لكتاب تقولون إن كاتب معظم أسفاره أو رسائله الثقة والهيمنة على الكتب الأخرى؟
                      قال (يوسابيوس6: 25) عن بولس ورسائله الأربعة عشر ناقلًا عن أوريجانوس: «أما ذاك الذى جعل كفئًا لأن يكون خادم عهد جديد، لا الحرف بل الروح، أى بولس، الذى أكمل التبشير بالإنجيل من أورشليم وما حولها إلى الليريكون، فإنه لم يكتب إلى كل الكنائس التى علمها، ولم يرسل سوى أسطر قليلة لتلك التى كتب إليها.»
                      وأكد نفس الكلام المؤرخ يوسى بيس فى الباب الخامس والعشرين من الكتاب السادس من تاريخه: “قال أُريجن فى المجلد الخامس من شرح إنجيل يوحنا: إن بولس ما كتب شيئًا إلى جميع الكنائس ، والذى كتبه إلى بعضها فسطران أو أربعة سطور”. ومعنى ذلك أنَّ أُريجانوس يؤكد أن هذه الرسائل المنسوبة لبولس ما كتبها بولس، ولكن كتبها آخر ونسبها إليه. (إظهار الحق ج1 ص164)
                      (20فَلَمَّا سَمِعُوا كَانُوا يُمَجِّدُونَ الرَّبَّ. وَقَالُوا لَهُ: «أَنْتَ تَرَى أَيُّهَا الأَخُ كَمْ يُوجَدُ رَبْوَةً مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُمْ جَمِيعًا غَيُورُونَ لِلنَّامُوسِ. 21وَقَدْ أُخْبِرُوا عَنْكَ أَنَّكَ تُعَلِّمُ جَمِيعَ الْيَهُودِ الَّذِينَ بَيْنَ الْأُمَمِ الاِرْتِدَادَ عَنْ مُوسَى قَائِلًا أَنْ لاَ يَخْتِنُوا أَوْلاَدَهُمْ وَلاَ يَسْلُكُوا حَسَبَ الْعَوَائِدِ. 22فَإِذًا مَاذَا يَكُونُ؟ لاَ بُدَّ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَنْ يَجْتَمِعَ الْجُمْهُورُ لأَنَّهُمْ سَيَسْمَعُونَ أَنَّكَ قَدْ جِئْتَ. 23فَافْعَلْ هَذَا الَّذِي نَقُولُ لَكَ: عِنْدَنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ عَلَيْهِمْ نَذْرٌ. 24خُذْ هَؤُلاَءِ وَتَطهَّرْ مَعَهُمْ وَأَنْفِقْ عَلَيْهِمْ لِيَحْلِقُوا رُؤُوسَهُمْ فَيَعْلَمَ الْجَمِيعُ أَنْ لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا أُخْبِرُوا عَنْكَ بَلْ تَسْلُكُ أَنْتَ أَيْضًا حَافِظًا لِلنَّامُوسِ. 25وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْأُمَمِ فَأَرْسَلْنَا نَحْنُ إِلَيْهِمْ وَحَكَمْنَا أَنْ لاَ يَحْفَظُوا شَيْئًا مِثْلَ ذَلِكَ سِوَى أَنْ يُحَافِظُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِمَّا ذُبِحَ لِلأَصْنَامِ وَمِنَ الدَّمِ وَالْمَخْنُوقِ وَالزِّنَا». 26حِينَئِذٍ أَخَذَ بُولُسُ الرِّجَالَ فِي الْغَدِ وَتَطَهَّرَ مَعَهُمْ وَدَخَلَ الْهَيْكَلَ مُخْبِرًا بِكَمَالِ أَيَّامِ التَّطْهِيرِ إِلَى أَنْ يُقَرَّبَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْقُرْبَانُ 27وَلَمَّا قَارَبَتِ الأَيَّامُ السَّبْعَةُ أَنْ تَتِمَّ رَآهُ الْيَهُودُ الَّذِينَ مِنْ أَسِيَّا فِي الْهَيْكَلِ فَأَهَاجُوا كُلَّ الْجَمْعِ وَأَلْقَوْا عَلَيْهِ الأَيَادِيَ 28صَارِخِينَ: «يَا أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ أَعِينُوا! هَذَا هُوَ الرَّجُلُ الَّذِي يُعَلِّمُ الْجَمِيعَ فِي كُلِّ مَكَانٍ ضِدًّا لِلشَّعْبِ وَالنَّامُوسِ وَهَذَا الْمَوْضِعِ حَتَّى أَدْخَلَ يُونَانِيِّينَ أَيْضًا إِلَى الْهَيْكَلِ وَدَنَّسَ هَذَا الْمَوْضِعَ الْمُقَدَّسَ». 29لأَنَّهُمْ كَانُوا قَدْ رَأَوْا مَعَهُ فِي الْمَدِينَةِ تُرُوفِيمُسَ الأَفَسُسِيَّ فَكَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّ بُولُسَ أَدْخَلَهُ إِلَى الْهَيْكَلِ. 30فَهَاجَتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا وَتَرَاكَضَ الشَّعْبُ وَأَمْسَكُوا بُولُسَ وَجَرُّوهُ خَارِجَ الْهَيْكَلِ. وَلِلْوَقْتِ أُغْلِقَتِ الأَبْوَابُ. 31وَبَيْنَمَا هُمْ يَطْلُبُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُ نَمَا خَبَرٌ إِلَى أَمِيرِ الْكَتِيبَةِ أَنَّ أُورُشَلِيمَ كُلَّهَا قَدِ اضْطَرَبَتْ 32فَلِلْوَقْتِ أَخَذَ عَسْكَرًا وَقُوَّادَ مِئَاتٍ وَرَكَضَ إِلَيْهِمْ. فَلَمَّا رَأُوا الأَمِيرَ وَالْعَسْكَرَ كَفُّوا عَنْ ضَرْبِ بُولُسَ) أعمال الرسل 21: 20- 32
                      ولم يتركوه يدخل بين الشعب حتى لا يُفسد عقيدته (30وَلَمَّا كَانَ بُولُسُ يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ بَيْنَ الشَّعْبِ لَمْ يَدَعْهُ التَّلاَمِيذُ.) أعمال الرسل 19: 30
                      3- أما عن القصص فى التوراة والتى يدعى الكاتب أن القرآن نقلها عنهم، ولم يُحسن فى بعض تفاصيله، فلنقرأ هذه القصة، ونكتشف مدى فشل الكاتب فى صياغته لهذه القصة: (9فَقَالَ الرَّبُّ لِقَايِينَ: «أَيْنَ هَابِيلُ أَخُوكَ؟» فَقَالَ: «لاَ أَعْلَمُ! أَحَارِسٌ أَنَا لأَخِي؟» 10فَقَالَ: «مَاذَا فَعَلْتَ؟ صَوْتُ دَمِ أَخِيكَ صَارِخٌ إِلَيَّ مِنَ الأَرْضِ. 11فَالْآنَ مَلْعُونٌ أَنْتَ مِنَ الأَرْضِ الَّتِي فَتَحَتْ فَاهَا لِتَقْبَلَ دَمَ أَخِيكَ مِنْ يَدِكَ! 12مَتَى عَمِلْتَ الأَرْضَ لاَ تَعُودُ تُعْطِيكَ قُوَّتَهَا. تَائِهًا وَهَارِبًا تَكُونُ فِي الأَرْضِ». 13فَقَالَ قَايِينُ لِلرَّبِّ: «ذَنْبِي أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُحْتَمَلَ. 14إِنَّكَ قَدْ طَرَدْتَنِي الْيَوْمَ عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ وَمِنْ وَجْهِكَ أَخْتَفِي وَأَكُونُ تَائِهًا وَهَارِبًا فِي الأَرْضِ فَيَكُونُ كُلُّ مَنْ وَجَدَنِي يَقْتُلُنِي». 15فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «لِذَلِكَ كُلُّ مَنْ قَتَلَ قَايِينَ فَسَبْعَةَ أَضْعَافٍ يُنْتَقَمُ مِنْهُ». وَجَعَلَ الرَّبُّ لِقَايِينَ عَلاَمَةً لِكَيْ لاَ يَقْتُلَهُ كُلُّ مَنْ وَجَدَهُ. 16فَخَرَجَ قَايِينُ مِنْ لَدُنِ الرَّبِّ وَسَكَنَ فِي أَرْضِ نُودٍ شَرْقِيَّ عَدْنٍ.) تكوين 4: 9-16
                      فمِن مَن خاف قايين أن يقتله أحد يلاقيه؟ كيف ولم يُخلَق غيره هو وأخته ووالديه؟ ومما يزيدنى دهشة هو أن الرب عاقبه وطرده من رحمته، ثم فرض حماية مشددة عليه لحمايته. فكيف يكون هذا عقابًا؟ يحميه الرب بالرغم من أن منطق الرب: (23وَإِنْ حَصَلَتْ أَذِيَّةٌ تُعْطِي نَفْسًا بِنَفْسٍ 24وَعَيْنًا بِعَيْنٍ وَسِنًّا بِسِنٍّ وَيَدًا بِيَدٍ وَرِجْلًا بِرِجْلٍ 25وَكَيًّا بِكَيٍّ وَجُرْحًا بِجُرْحٍ وَرَضًّا بِرَضٍّ)خروج 21: 23-24

                      تعليق


                      • #86
                        الملف 63
                        والذى يحيرنى هو أن الرب جعل له علامة لكى لا يقتله أحد. أولًا لمن العلامة ولم يُخلق غيرهم؟ والعلامة لابد أن تكون واضحة، وظاهرة، فلو افترضنا وجود مخلوقات أخرى، لسألوا عن سبب هذه العلامة، ولو أخبرهم لحاول واحد فى المائة أن ينبذه أو يقتله، وفى هذه الحالة تكون العلامة ليست لحمايته، بل للقضاء عليه.
                        ثم كيف تكون علامة لكى لا يُقتل؟ وما هى شكلها؟ هل كان مكتوب عليها لا تقتل صاحب هذه العلامة؟ وهل كان أحد وقتها يعرف الكتابة والقراءة؟ هل تتخيل أن الإنسان يضع علامة مميزة لبيت معين دون كل بيوت المنطقة لكى لا يُسرَق؟ ولو افترضنا إمكانية حدوث هذا، لكان لزامًا علينا أن نعتقد أن الرب الذى ميَّزَ منزلًا معينًا دون الباقين، سمح أو قرر بسرقة باقى المنازل! بمعنى أن الرب منع كل الناس (غير الموجودين) من قتل قايين، وسمح بقتل باقى البشر! وهذا يتنافى مع العدل الإلهى والرحمة الربانية.
                        ولو افترضنا أنّ المخلوقات الأخرى هى الأجيال التى سينجبها قايين، ففى هذه الحالة لو قال لهم عن سبب هذه العلامة، لخرجت أجيال تُشبه أباها فى القتل والبطش وسفك الدماء. ولو كذب عليها، لما ندمَ على عمله هذا وقال للرب (ذَنْبِي أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُحْتَمَلَ)
                        النقطة الأخيرة قول الكتاب: (16فَخَرَجَ قَايِينُ مِنْ لَدُنِ الرَّبِّ وَسَكَنَ فِي أَرْضِ نُودٍ شَرْقِيَّ عَدْنٍ.) تكوين 4: 16 ، فكيف خرج من لدن الرب؟ هل الرب غير موجود فى عدن؟ أم هل كان يسكن الرب معهم فغادر كهفه هاربًا منه؟
                        أما رد قايين على الرب: (9فَقَالَ الرَّبُّ لِقَايِينَ: «أَيْنَ هَابِيلُ أَخُوكَ؟» فَقَالَ: «لاَ أَعْلَمُ! أَحَارِسٌ أَنَا لأَخِي؟») ، يعكس منتهى سوء الأدب من عبد لربه، واستهتاره به، فلماذ لم يعلق الكتاب المقدس على سوء الأدب هذا، ليتعلم أتباع هذا الكتاب أن سوء الأدب مع الرب يُعاقب عليه العبد. وإلا فأين القدوة هنا؟ وما الغرض من ذكر هذه القصة دون تبيان عاقبة المذنب؟
                        4- (8وَكَلَّمَ قَايِينُ هَابِيلَ أَخَاهُ. وَحَدَثَ إِذْ كَانَا فِي الْحَقْلِ أَنَّ قَايِينَ قَامَ عَلَى هَابِيلَ أَخِيهِ وَقَتَلَهُ.) تكوين 4: 8 ونفهم من هذه الجملة أن هابيل قُتِلَ فى الحقل. إلا أن التوراة السامرية تذكر أنه قُتِلَ فى الصحراء. فهل قتل قايين أخاه هابيل مرتين؟ ومن أى نسخة من الكتاب الذى تسمونه التوراة نقل النبى الأمى الذى لا يقرأ ولا يكتب؟
                        5- كيف يحل لقاضى (نبى) من قضاة بنى إسرائيل أن يتزوج ابنة أخيه؟ والأَمَرُّ من ذلك أن يعرض أبوها هذا العرض؟ (12فَقَالَ كَالِبُ: «الَّذِي يَضْرِبُ قَرْيَةَ سَفَرٍ وَيَأْخُذُهَا، أُعْطِيهِ عَكْسَةَ ابْنَتِي امْرَأَةً». 13فَأَخَذَهَا عُثْنِيئِيلُ بْنُ قَنَازَ أَخُو كَالِبَ الأَصْغَرِ مِنْهُ. فَأَعْطَاهُ عَكْسَةَ ابْنَتَهُ امْرَأَةً.) قضاة1: 12-13 ، ويشوع 15: 17
                        وعُثنيئيل هذا الذى تزوج ابنة أخيه هو رجل الرب مخلِّص بنى إسرائيل: (9وَصَرَخَ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى الرَّبِّ، فَأَقَامَ الرَّبُّ مُخَلِّصًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ فَخَلَّصَهُمْ. عُثْنِيئِيلَ بْنَ قَنَازَ أَخَا كَالِبَ الأَصْغَرَ.) قضاة 3: 9
                        (12عَوْرَةَ أُخْتِ أَبِيكَ لاَ تَكْشِفْ. إِنَّهَا قَرِيبَةُ أَبِيكَ. 13عَوْرَةَ أُخْتِ أُمِّكَ لاَ تَكْشِفْ. إِنَّهَا قَرِيبَةُ أُمِّكَ. 14عَوْرَةَ أَخِي أَبِيكَ لاَ تَكْشِفْ. إِلَى امْرَأَتِهِ لاَ تَقْتَرِبْ. إِنَّهَا عَمَّتُكَ.) لاويين 18: 12-14
                        وفى الحقيقة إنه ظل الزواج من ابنة الأخ ساريًا حتى بعد نزول الشريعة الموسوية، بدليل زواج ناحور من (ملكة) ابنة أخيه (هاران) وأخت لوط (تكوين 11: 29)، وبدليل زواج نثنئيل من ابنة أخيه كالب.
                        فمن الذى كتب لاويين 18: 14 وكتب فيها تحريم الرب لزواج الابنة من العم؟ بالطبع ليس موسى، لأن هذه الشريعة ظلت سارية من بعده واتبعها أنبياء وملوك العهد القديم. فكيف أتى التحريم فى سفر اللاويين الذى يُنسب لموسى؟
                        وكيف يخالف خليفة موسى ويشوع شريعة الله؟ وإذا كان القاضى النبى يخالف شرع الله ، فمن الذى يحافظ عليه وكيف يكون شأن أتباعه؟ ولماذا لم ينقل هذا محمد  فى القرآن؟ بل ولماذا أغفلتم أنتم عن هذه النقاط فى نقدكم للكتاب الذى يأتيه الباطل من كل مكان؟
                        6- فى النقطة السابقة تقرأ أن عثنيئيل تزوج عكسة ابنة أخيه مكافأة له على استيلائه على قرية سفر. وهذا يعنى أن عثنيئيل قد حارب فى كنعان منذ أيام يشوع. وهذا يتناقض مع ما قيل سابقًا من أن الرب قد ترك الأمم لامتحان بنى إسرائيل الذين لم يعرفوا حروب كنعان ولتعليمهم الحرب (1فَهَؤُلاَءِ هُمُ الأُمَمُ الَّذِينَ تَرَكَهُمُ الرَّبُّ لِيَمْتَحِنَ بِهِمْ إِسْرَائِيلَ، كُلَّ الَّذِينَ لَمْ يَعْرِفُوا جَمِيعَ حُرُوبِ كَنْعَانَ 2إِنَّمَا لِمَعْرِفَةِ أَجْيَالِ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِتَعْلِيمِهِمِ الْحَرْبَ. الَّذِينَ لَمْ يَعْرِفُوهَا قَبْلُ فَقَطْ) قضاة 3: 1-2 ،
                        ويعنى أيضًا أن عثنيئيل قد قضى لسبط يهوذا فى أثناء حكم يشوع وليس بعد وفاته (وَكَانَ بَعْدَ مَوْتِ يَشُوعَ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلُوا الرَّبَّ: «مَنْ مِنَّا يَصْعَدُ إِلَى الْكَنْعَانِيِّينَ أَّوَلًا لِمُحَارَبَتِهِمْ؟») قضاة 1: 3. فكيف يُفهَم هذا اللغط؟
                        7- متى حدث الطوفان تبعًا لإحداثيات نُسخ التوراة المختلفة؟
                        تختلف إجابة هذا السؤال تبعًا لاختلافات التوراة نفسها. وراجع نفسك عزيزو الكاتب: من أى نسخة تعتقد أن القرآن نقل منها؟ مع الأخذ فى الاعتبار أن هذه النسخ لم تكن مطبوعة فى القرن السابع أو قبله! فقد كانت المدة الزمنية من آدم حتى بداية الطوفان:
                        فى التوراة العبرانية : 1656 سنة
                        وفى التوراة السامرية : 1307 سنة
                        وفى التوراة اليونانية : 2262 سنة
                        8- متى استقر فلك نوح بعد الفيضان؟: (4وَاسْتَقَرَّ الْفُلْكُ فِي الشَّهْرِ السَّابِعِ فِي الْيَوْمِ السَّابِعَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ عَلَى جِبَالِ أَرَارَاطَ.) تكوين 8: 4 ،
                        بينما استقر فى تكوين 8: 5 فى أول الشهر العاشر: (5وَكَانَتِ الْمِيَاهُ تَنْقُصُ نَقْصًا مُتَوَالِيًا إِلَى الشَّهْرِ الْعَاشِرِ.) فكيف يستقر الفلك أولًا فى الشهر السابع ثم تظهر رؤوس الجبال فى الشهر العاشر بعد استقرار الفلك؟
                        9- كم من الزمن استمر الطوفان على الأرض؟
                        تقول الوثائق التاريخية السومرية المترجمة من اللوح السومرى أن زوابع الطوفان على الـهبوب في حين كانت رياح الجنوب تكتسح البلاد. وعندما حل اليوم السابع خفت وطأة الزوابع الجنوبية للطوفان ثم هدأ البحر وسكنت العواصف وانتهى الطوفان.
                        بينما نجد أن كتب اليهود والنصارى تخبرنا أن الطوفان قد استمر 40 يومًا على الأرض (17وَكَانَ الطُّوفَانُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا عَلَى الأَرْضِ.) التكوين 7: 17
                        وتُعارض هذا بنص آخر يقول إن الفيضان استمر 150 يومًا: (24وَتَعَاظَمَتِ الْمِيَاهُ عَلَى الأَرْضِ مِئَةً وَخَمْسِينَ يَوْمًا) التكوين 7: 24، التكوين 8: 3
                        10- وما هوعدد الحيوانات التى دخلت سفينة نوح تبعًا للقصة الموحى بها؟
                        ففى سفر التكوين 6: 19-20 ذكر وأنثى من كل جنس: (19وَمِنْ كُلِّ حَيٍّ مِنْ كُلِّ ذِي جَسَدٍ اثْنَيْنِ مِنْ كُلٍّ تُدْخِلُ إِلَى الْفُلْكِ لِاسْتِبْقَائِهَا مَعَكَ. تَكُونُ ذَكَراً وَأُنْثَى.)
                        وفى سفر التكوين 7: 8-9 ذكران وأنثتان من كل جنس: (8وَمِنَ الْبَهَائِمِ الطَّاهِرَةِ وَالْبَهَائِمِ الَّتِي لَيْسَتْ بِطَاهِرَةٍ وَمِنَ الطُّيُورِ وَكُلِّ مَا يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ: 9دَخَلَ اثْنَانِ اثْنَانِ إِلَى نُوحٍ إِلَى الْفُلْكِ ذَكَراً وَأُنْثَى. كَمَا أَمَرَ اللهُ نُوحاً.)
                        وفى سفر التكوين 7: 2-3 سبعة ذكور وسبعة إناث من الحيوانات الطاهرة وذكر واحد وأنثى واحدة من الحيوانات غير الطاهرة؟ (2مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ الطَّاهِرَةِ تَأْخُذُ مَعَكَ سَبْعَةً سَبْعَةً ذَكَراً وَأُنْثَى. وَمِنَ الْبَهَائِمِ الَّتِي لَيْسَتْ بِطَاهِرَةٍ اثْنَيْنِ: ذَكَراً وَأُنْثَى. 3وَمِنْ طُيُورِ السَّمَاءِ أَيْضاً سَبْعَةً سَبْعَةً: ذَكَراً وَأُنْثَى. لِاسْتِبْقَاءِ نَسْلٍ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ.)
                        11- وأين استقرت الفلك؟ هل فى جبل أراراط أم فى جبل سرنديب؟
                        تقول التوراة العبرية فى جبل أراراط (الذى يقع بأرمينيا)
                        وتقول التوراة السامرية أنها استقرت فى جبل سرنديب (الذى يقع فى سريلانكا).
                        12- وهل حدث الطوفان فى الأرض كلها كما يقول الكتاب المقدس جدًا؟
                        هذا ما تقوله الكتاب فى (تكوين 7: 23)
                        (23فَمَحَا اللهُ كُلَّ قَائِمٍ كَانَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ: النَّاسَ وَالْبَهَائِمَ وَالدَّبَّابَاتَ وَطُيُورَ السَّمَاءِ فَانْمَحَتْ مِنَ الأَرْضِ. وَتَبَقَّى نُوحٌ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ فَقَطْ.)
                        فكيف عاشت إذن سلالة (يابال) و(يوبال) و(توبال قايين) بعد الطوفان وأصبحوا من سكان الخيام والرعاة وعازفى الآلات الموسيقية؟ مع العلم أن نوحًا وذريته ليسوا من سلالة قايين!
                        وكيف حدث الطوفان على الأرض كلها لمدة سبعة أشهر حتى استقرت الفلك على الأرض مع العلم بأن الحمامة التى أرسلها نوح عادت بورقة زيتون خضراء؟ فمتى تم زراعة هذا الشجر؟ مع العلم أن هناك حضارات لم ينقطع تاريخها فى فترة ما! مثل الحضارة المصرية القديمة. ثم ما ذنب الأمم الأخرى التى لم يُرسل إليها نبى يعلمها وينذرها عذاب الله؟ وما ذنب الحيوانات والطيور فى كفر الإنسان؟
                        13- (11وَقَالَ اللهُ: «لِتُنْبِتِ الأَرْضُ عُشْبًا وَبَقْلًا يُبْزِرُ بِزْرًا وَشَجَرًا ذَا ثَمَرٍ يَعْمَلُ ثَمَرًا كَجِنْسِهِ بِزْرُهُ فِيهِ عَلَى الأَرْضِ». وَكَانَ كَذَلِكَ. 12فَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ عُشْبًا وَبَقْلًا يُبْزِرُ بِزْرًا كَجِنْسِهِ وَشَجَرًا يَعْمَلُ ثَمَرًا بِزْرُهُ فِيهِ كَجِنْسِهِ. وَرَأَى اللهُ ذَلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ. 13وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا ثَالِثًا.) تكوين 1: 11-13
                        فكيف أنبت الله النبات قبل خلق الشمس؟
                        فالعلم الحديث اليوم ينتقد ظهور النباتات فى نفس الوقت الذى ظهر فيه الإنسان على الأرض. فقد ظهر الإنسان على الأرض بعد وقت طويل جدًا من وجود النباتات عليها. مع العلم بأننا لا نعرف على وجه اليقين كم من مئات الملايين من السنين كانت قد مضت بين ظهور الحدثين.
                        14- متى خلق الله الإنسان؟ هل خلقه فى اليوم الخامس كما فى (تكوين 1: 24-26) أم خلقه بعد اليوم السابع كما فى (تكوين 2: 1-7)؟
                        (23وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا خَامِسًا. 24وَقَالَ اللهُ: «لِتُخْرِجِ الأَرْضُ ذَوَاتِ أَنْفُسٍ حَيَّةٍ كَجِنْسِهَا: بَهَائِمَ وَدَبَّابَاتٍ وَوُحُوشَ أَرْضٍ كَأَجْنَاسِهَا». وَكَانَ كَذَلِكَ. 25فَعَمِلَ اللهُ وُحُوشَ الأَرْضِ كَأَجْنَاسِهَا وَالْبَهَائِمَ كَأَجْنَاسِهَا وَجَمِيعَ دَبَّابَاتِ الأَرْضِ كَأَجْنَاسِهَا. وَرَأَى اللهُ ذَلِكَ أَنَّهُ حَسَنٌ. 26 وَقَالَ اللهُ: «نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا فَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى الْبَهَائِمِ وَعَلَى كُلِّ الأَرْضِ وَعَلَى جَمِيعِ الدَّبَّابَاتِ الَّتِي تَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ». 27فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ.) تكوين 1: 24-26
                        (1فَأُكْمِلَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ وَكُلُّ جُنْدِهَا. 2وَفَرَغَ اللهُ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ مِنْ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ. فَاسْتَرَاحَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ. 3وَبَارَكَ اللهُ الْيَوْمَ السَّابِعَ وَقَدَّسَهُ لأَنَّهُ فِيهِ اسْتَرَاحَ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِهِ الَّذِي عَمِلَ اللهُ خَالِقًا. ... 5كُلُّ شَجَرِ الْبَرِّيَّةِ لَمْ يَكُنْ بَعْدُ فِي الأَرْضِ وَكُلُّ عُشْبِ الْبَرِّيَّةِ لَمْ يَنْبُتْ بَعْدُ لأَنَّ الرَّبَّ الإِلَهَ لَمْ يَكُنْ قَدْ أَمْطَرَ عَلَى الأَرْضِ وَلاَ كَانَ إِنْسَانٌ لِيَعْمَلَ الأَرْضَ. 6ثُمَّ كَانَ ضَبَابٌ يَطْلَعُ مِنَ الأَرْضِ وَيَسْقِي كُلَّ وَجْهِ الأَرْضِ. 7وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ تُرَابًا مِنَ الأَرْضِ وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ. فَصَارَ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً.) تكوين 2: 1- 7
                        15- متى خلق الله الشجر؟ وما احتياج الشجر للمطر طالما الأرض كانت مغمورة بالماء؟
                        فى اليوم الخامس: (وَقَالَ اللهُ: «إِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُكُمْ كُلَّ بَقْلٍ يُبْزِرُ بِزْرًا عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ وَكُلَّ شَجَرٍ فِيهِ ثَمَرُ شَجَرٍ يُبْزِرُ بِزْرًا لَكُمْ يَكُونُ طَعَامًا.) تكوين 1: 29
                        بعد اليوم السابع: (5كُلُّ شَجَرِ الْبَرِّيَّةِ لَمْ يَكُنْ بَعْدُ فِي الأَرْضِ وَكُلُّ عُشْبِ الْبَرِّيَّةِ لَمْ يَنْبُتْ بَعْدُ لأَنَّ الرَّبَّ الإِلَهَ لَمْ يَكُنْ قَدْ أَمْطَرَ عَلَى الأَرْضِ وَلاَ كَانَ إِنْسَانٌ لِيَعْمَلَ الأَرْضَ.) تكوين 2: 5
                        16- من الذى خُلِقَ أولًا: الإنسان أم الحيوانات؟
                        فى سفر التكوين الإصحاح الأول: خلق الله السموات والأرض والظلمات والنور ثم المياه ثم النباتات ثم النجوم ثم الحيوانات ثم الإنسان (تكوين 1: 1–26)
                        فى سفر التكوين الإصحاح الثانى: خلق الله السموات والأرض ثم خلق آدم من تراب قبل أن تنبت الأرض أو تخلق الشمس أو الأنهار أو البحار أو المحيطات (ليحدث بخر للماء ويصطدم بتيار هوائى بارد فيسبب المطر) تكوين 2: 1–7
                        17- من الذى خُلِقَ أولًا؟ هل الإنسان أم النباتات؟
                        يقول الإصحاح الأول من سفر التكوين إنه بعد خلق السموات والأرض والحيوانات خلق الله النباتات ثم خلق آدم (فى الإصحاح الثانى).
                        إلا أنه فى الإصحاح الثانى قال إنه بعد خلق آدم غرس الرب الجنة وأنبت الأرض. وهذا ليس بصحيح علميًا فلم يتزامن خلق الإنسان والنباتات. بل سبقت النباتات الإنسان بفترة زمنية يحددها البعض بمئات الملايين من السنين. (تكوين 1: 29 و2: 7-8)
                        وهذه النقاط القليلة من قصص وروايات العهد القديم الذى تتهمون القرآن بأنه نقل عنها، مع الأخذ فى الاعتبار أن القرآن ليس به إسفاف لغوى أو جنسى، ولا يوجد بها انطباعات أو انفعالات أوثقافة الكاتب وبيئته، كما أن كل الأنبياء فى القرآن يتمتعون بتقوى وورع لم يبلغه إنسان من قبل، فعلى ذلك لا يُمكن أن يُقال إن القرآن أخذ من قصص العهد القديم، لأنه قلما تجد نبيًا محترمًا لم يزنى أو يعبد الأوثان، ويبنى المذابح لعبادتها، أو يتطاول على الرب، أو يكفر بذهابه لساحرة.
                        والذى يقول إن القرآن أخذ من قصص العهد القديم لم يقرأ القرآن قط. وإما يريد أن يغطى على نقولات بولس من كتب الشعراء الوثنيين، ويظهر القرآن بما يعيب كتابه. ألم أقل لك: إنك تتبع مبدأ رمتنى بدائها وانسلت؟!
                        أما إن كان هناك تشابه فى أصول العقيدة من توحيد أو أخلاق، فهذا يجب أن يكون لأن الدين خرج من بوتقة واحدة، من إله واحد، فيجب أن يكون دينه واحد لكل الناس.
                        والغريب أن كتاب ما تسمونه العهد الجديد قد نقلوا من العهد القديم بسوء فهم أحيانًا، وخطأ عن عمد فى أحيانًا أخرى، إما لتغيير فكر دينى محدد، أو إظهار ما تسمونه بالعهد الجديد أنه كتاب يسب يسوع وأمه والتلاميذ، كما أنه كتاب ملىء بالأخطاء التشريعية والنقلية، حتى يخلص القارىء إلى الضياع ورفض هذا الكتاب، والابتعاد عن يسوع وكتابه وعقيدته. وأحيانًا كان النقل عن ذاكرة متهافتة فى مرة ثالثة، وعلى الرغم من كل هذا تعتبرونه كتابًا إلهيًا واحدًا يعبر عن فكر الرب!
                        فمن أخطاء بولس الذى خالف فيها ما جاء فى تشريع العهد القديم:
                        1- أخطأ بولس خطًا فاحشًا سجله على نفسه فى رسالته إلى العبرانيين: (19لأَنَّ مُوسَى بَعْدَمَا كَلَّمَ جَمِيعَ الشَّعْبِ بِكُلِّ وَصِيَّةٍ بِحَسَبِ النَّامُوسِ، أَخَذَ دَمَ الْعُجُولِ وَالتُّيُوسِ، مَعَ مَاءٍ وَصُوفًا قِرْمِزِيًّا وَزُوفَا، وَرَشَّ الْكِتَابَ نَفْسَهُ وَجَمِيعَ الشَّعْبِ، 20قَائِلًا: «هَذَا هُوَ دَمُ الْعَهْدِ الَّذِي أَوْصَاكُمُ اللهُ بِهِ». 21وَالْمَسْكَنَ أَيْضًا وَجَمِيعَ آنِيَةِ الْخِدْمَةِ رَشَّهَا كَذَلِكَ بِالدَّمِ.) عبرانيين 9: 19-21
                        فكيف لم يعلم بولس بأصول الدين الإسرائيلى وفروعه لو كان فريسيًا كما ادعى؟ وكيف يوحى إليه غير ما فعله موسى؟ وكيف يخطىء فى العهد الذى أوصى به الله؟ ففى التوراة: (3فَجَاءَ مُوسَى وَحَدَّثَ الشَّعْبَ بِجَمِيعِ أَقْوَالِ الرَّبِّ وَجَمِيعِ الأَحْكَامِ فَأَجَابَ جَمِيعُ الشَّعْبِ بِصَوْتٍ وَاحِدٍ: «كُلُّ الأَقْوَالِ الَّتِي تَكَلَّمَ بِهَا الرَّبُّ نَفْعَلُ». 4فَكَتَبَ مُوسَى جَمِيعَ أَقْوَالِ الرَّبِّ. وَبَكَّرَ فِي الصَّبَاحِ وَبَنَى مَذْبَحًا فِي أَسْفَلِ الْجَبَلِ وَاثْنَيْ عَشَرَ عَمُودًا لأَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ الاِثْنَيْ عَشَرَ. 5وَأَرْسَلَ فِتْيَانَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَصْعَدُوا مُحْرَقَاتٍ وَذَبَحُوا ذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ لِلرَّبِّ مِنَ الثِّيرَانِ. 6فَأَخَذَ مُوسَى نِصْفَ الدَّمِ وَوَضَعَهُ فِي الطُّسُوسِ. وَنِصْفَ الدَّمِ رَشَّهُ عَلَى الْمَذْبَحِ. 7وَأَخَذَ كِتَابَ الْعَهْدِ وَقَرَأَ فِي مَسَامِعِ الشَّعْبِ. فَقَالُوا: «كُلُّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ نَفْعَلُ وَنَسْمَعُ لَهُ». 8وَأَخَذَ مُوسَى الدَّمَ وَرَشَّ عَلَى الشَّعْبِ وَقَالَ: «هُوَذَا دَمُ الْعَهْدِ الَّذِي قَطَعَهُ الرَّبُّ مَعَكُمْ عَلَى جَمِيعِ هَذِهِ الأَقْوَالِ».) خروج 24: 3-8
                        2- ومثال آخر يدل على أن بولس لم يوحى إليه، وهو أنه كان ذو نفس غير سوية، إذ أوقع الناس فى بعضها البعض ليخرج هو من مأزقه، ولعلم أن الذى يكلمه هو رئيس الكهنة، ولطبق الناموس ولم يشتم رئيس الكهنة: (1فَتَفَرَّسَ بُولُسُ فِي الْمَجْمَعِ وَقَالَ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ إِنِّي بِكُلِّ ضَمِيرٍ صَالِحٍ قَدْ عِشْتُ لِلَّهِ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ». 2فَأَمَرَ حَنَانِيَّا رَئِيسُ الْكَهَنَةِ الْوَاقِفِينَ عِنْدَهُ أَنْ يَضْرِبُوهُ عَلَى فَمِهِ. 3حِينَئِذٍ قَالَ لَهُ بُولُسُ: «سَيَضْرِبُكَ اللهُ أَيُّهَا الْحَائِطُ الْمُبَيَّضُ! أَفَأَنْتَ جَالِسٌ تَحْكُمُ عَلَيَّ حَسَبَ النَّامُوسِ وَأَنْتَ تَأْمُرُ بِضَرْبِي مُخَالِفًا لِلنَّامُوسِ؟» 4فَقَالَ الْوَاقِفُونَ: «أَتَشْتِمُ رَئِيسَ كَهَنَةِ اللهِ؟» 5فَقَالَ بُولُسُ: «لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنَّهُ رَئِيسُ كَهَنَةٍ لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: رَئِيسُ شَعْبِكَ لاَ تَقُلْ فِيهِ سُوءًا». 6وَلَمَّا عَلِمَ بُولُسُ أَنَّ قِسْمًا مِنْهُمْ صَدُّوقِيُّونَ وَالآخَرَ فَرِّيسِيُّونَ صَرَخَ فِي الْمَجْمَعِ: «أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ أَنَا فَرِّيسِيٌّ ابْنُ فَرِّيسِيٍّ. عَلَى رَجَاءِ قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ أَنَا أُحَاكَمُ». 7وَلَمَّا قَالَ هَذَا حَدَثَتْ مُنَازَعَةٌ بَيْنَ الْفَرِّيسِيِّينَ وَالصَّدُّوقِيِّينَ وَانْشَقَّتِ الْجَمَاعَةُ) أعمال 23: 2-5
                        فكيف لم يعرف أنه يُخاطب رئيس الكهنة لو أوحى إليه هذا الكلام؟ وهل أوحى الرب إليه سبه لرئيس الكهنة فيكون هذا السب مقدسًا؟
                        فأين قول يسوع: (أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ)؟ متى 5: 44
                        وأين قوله: (إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلًا يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ.)؟ متى 5: 22
                        وما الذى جعله يحتد على رئيس الكهنة عندما خالف الناموس؟ أليس هو نفسه الذى ألغى الناموس والعمل به؟: (16إِذْ نَعْلَمُ أَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَتَبَرَّرُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ، بَلْ بِإِيمَانِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، آمَنَّا نَحْنُ أَيْضًا بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، لِنَتَبَرَّرَ بِإِيمَانِ يَسُوعَ لاَ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ. لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ لاَ يَتَبَرَّرُ جَسَدٌ مَا.) غلاطية 2: 16
                        أليس هو القائل: (20لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ كُلُّ ذِي جَسَدٍ لاَ يَتَبَرَّرُ أَمَامَهُ. لأَنَّ بِالنَّامُوسِ مَعْرِفَةَ الْخَطِيَّةِ. 21وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ ظَهَرَ بِرُّ اللهِ بِدُونِ النَّامُوسِ مَشْهُودًا لَهُ مِنَ النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءِ.)؟ رومية 3: 20-21
                        3- مثال آخر يدل على أن بولس غير موحى إليه: قال إن يسوع ظهر للتلاميذ الإثنى عشر (5وَأَنَّهُ ظَهَرَ لِصَفَا ثُمَّ لِلِاثْنَيْ عَشَرَ.) كورنثوس الأولى 15: 5، ونسى أن يهوذا قد مات قبل الحكم بصلب يسوع (متى 28: 16).
                        4- ومثال آخر على أخطائه أنه ادعى ظهور يسوع ل (500) أخ من أتباعه، ولم يقل أى من الأناجيل بذلك، فمن أين أتى بهذا العلم الذى لم يعرفه تلاميذ يسوع وكتبة الأناجيل الموحى إليهم؟ (6وَبَعْدَ ذَلِكَ ظَهَرَ دَفْعَةً وَاحِدَةً لأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِمِئَةِ أَخٍ أَكْثَرُهُمْ بَاقٍ إِلَى الآنَ. وَلَكِنَّ بَعْضَهُمْ قَدْ رَقَدُوا.) كورنثوس الأولى 15: 6
                        والذى لا أفهمه أنه يقول إنه ظهر بعد ذلك ليعقوب والرسل كلهم، فما الفرق عنده بين الرسل والتلاميذ؟ وهل يعقوب لم يكن من التلاميذ الذين ظهر لهم أولًا؟ (7وَبَعْدَ ذَلِكَ ظَهَرَ لِيَعْقُوبَ ثُمَّ لِلرُّسُلِ أَجْمَعِينَ.) كورنثوس الأولى 15: 7
                        5- مثال آخر يدل على أنه غير موحى إليه وأنه كان كافرًا، هو اتهامه لله بالجهل والضعف والحماقة، والجور، والظلم:
                        (25لأَنَّ جَهَالَةَ اللهِ أَحْكَمُ مِنَ النَّاسِ! وَضَعْفَ اللهِ أَقْوَى مِنَ النَّاسِ!) كورنثوس الأولى 1: 25
                        (11وَلأَجْلِ هَذَا سَيُرْسِلُ إِلَيْهِمُ اللهُ عَمَلَ الضَّلاَلِ، حَتَّى يُصَدِّقُوا الْكَذِبَ، 12لِكَيْ يُدَانَ جَمِيعُ الَّذِينَ لَمْ يُصَدِّقُوا الْحَقَّ، بَلْ سُرُّوا بِالإِثْمِ) تسالونيكى الثانية 2: 11
                        فكيف يضللهم الرب حتى يصدقوا الكذب، ثم يحاسبهم؟ أليس هذا من الجور والظلم من الرب على العباد؟ أين الرب محبة؟
                        (31فَمَاذَا نَقُولُ لِهَذَا؟ إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا فَمَنْ عَلَيْنَا! 32اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ كَيْفَ لاَ يَهَبُنَا أَيْضًا مَعَهُ كُلَّ شَيْءٍ؟) رومية 8: 31-32
                        6- ذكر أن المسيح سيعود في فترة حياته ولكن بولس تُوُفِّيَ ولم يأت المسيح إلى عصرنا هذا. (15فَإِنَّنَا نَقُولُ لَكُمْ هَذَا بِكَلِمَةِ الرَّبِّ: إِنَّنَا نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ إِلَى مَجِيءِ الرَّبِّ لاَ نَسْبِقُ الرَّاقِدِينَ. 16لأَنَّ الرَّبَّ نَفْسَهُ سَوْفَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ بِهُتَافٍ، بِصَوْتِ رَئِيسِ مَلاَئِكَةٍ وَبُوقِ اللهِ، وَالأَمْوَاتُ فِي الْمَسِيحِ سَيَقُومُونَ أَوَّلًا. 17ثُمَّ نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ سَنُخْطَفُ جَمِيعًا مَعَهُمْ فِي السُّحُبِ لِمُلاَقَاةِ الرَّبِّ فِي الْهَوَاءِ، وَهَكَذَا نَكُونُ كُلَّ حِينٍ مَعَ الرَّبِّ.) تسالونيكى الأولى 4: 15-17
                        7- ذكر أن لإبراهيم ابنين فقط. (22فَإِنَّهُ مَكْتُوبٌ أَنَّهُ كَانَ لِإِبْرَاهِيمَ ابْنَانِ، وَاحِدٌ مِنَ الْجَارِيَةِ وَالآخَرُ مِنَ الْحُرَّةِ.) غلاطية 4: 22، بينما كان لإبراهيم أبناء كثيرون. (32وَأَمَّا بَنُو قَطُورَةَ سُرِّيَّةِ إِبْرَهِيمَ فَإِنَّهَا وَلَدَتْ: زِمْرَانَ وَيَقْشَانَ وَمَدَانَ وَمِدْيَانَ وَيِشْبَاقَ وَشُوحًا. وَابْنَا يَقْشَانَ شَبَا وَدَدَانُ) أخبار الأول 1: 32
                        8- ذكر بولس أنه (لَيْسَ بَارٌّ وَلاَ وَاحِدٌ) رومية 3: 10 ولكنه ذكر أن هابيل كان بارًا. (4بِالإِيمَانِ قَدَّمَ هَابِيلُ لِلَّهِ ذَبِيحَةً أَفْضَلَ مِنْ قَايِينَ، فَبِهِ شُهِدَ لَهُ أَنَّهُ بَارٌّ، إِذْ شَهِدَ اللهُ لِقَرَابِينِهِ) عبرانيين 11: 4، وقال: (الْبَارَّ بِالإِيمَانِ يَحْيَا) غلاطية 3: 11 وشهد لأخنوخ أيضًا بالإيمان: (5بِالإِيمَانِ نُقِلَ أَخْنُوخُ لِكَيْ لاَ يَرَى الْمَوْتَ، وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ نَقَلَهُ - إِذْ قَبْلَ نَقْلِهِ شُهِدَ لَهُ بِأَنَّهُ قَدْ أَرْضَى اللهَ) عبرانيين 11: 5
                        9- شبَّهَ بولس عيسى  بالنساء: (14أَمْ لَيْسَتِ الطَّبِيعَةُ نَفْسُهَا تُعَلِّمُكُمْ أَنَّ الرَّجُلَ إِنْ كَانَ يُرْخِي شَعْرَهُ فَهُوَ عَيْبٌ لَهُ؟ 15وَأَمَّا الْمَرْأَةُ إِنْ كَانَتْ تُرْخِي شَعْرَهَا فَهُوَ مَجْدٌ لَهَا لأَنَّ الشَّعْرَ قَدْ أُعْطِيَ لَهَا عِوَضَ بُرْقُعٍ)كورنثوس الأولى 11: 14-15
                        وقد كان على علم أن يسوع كان يرخى شعره ولا يقصه، لأنه كان منذورًا لله، شأنه فى ذلك شأن كل فاتح رحم (أول مولود من أمه): (23كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ: أَنَّ كُلَّ ذَكَرٍ فَاتِحَ رَحِمٍ يُدْعَى قُدُّوسًا لِلرَّبِّ.) لوقا 2: 23، وخروج 13: 2
                        وبذلك سفَّهَ كلام الرب الآمر أن يُطلق كل منذور لله شعره ولا يقصه، فقد كان عيسى  منذورًا لله، لأنه أول فاتح رحم، أى أول مولود من أمه: (1وَأَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى: 2«قُل لِبَنِي إِسْرَائِيل: إِذَا انْفَرَزَ رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ لِيَنْذُرَ نَذْرَ النَّذِيرِ لِيَنْتَذِرَ لِلرَّبِّ 3فَعَنِ الخَمْرِ وَالمُسْكِرِ يَفْتَرِزُ وَلا يَشْرَبْ خَل الخَمْرِ وَلا خَل المُسْكِرِ وَلا يَشْرَبْ مِنْ نَقِيعِ العِنَبِ وَلا يَأْكُل عِنَبًا رَطْبًا وَلا يَابِسًا. 4كُل أَيَّامِ نَذْرِهِ لا يَأْكُل مِنْ كُلِّ مَا يُعْمَلُ مِنْ جَفْنَةِ الخَمْرِ مِنَ العَجَمِ حَتَّى القِشْرِ. 5كُل أَيَّامِ نَذْرِ افْتِرَازِهِ لا يَمُرُّ مُوسَى عَلى رَأْسِهِ. إِلى كَمَالِ الأَيَّامِ التِي انْتَذَرَ فِيهَا لِلرَّبِّ يَكُونُ مُقَدَّسًا وَيُرَبِّي خُصَل شَعْرِ رَأْسِهِ. 6كُل أَيَّامِ انْتِذَارِهِ لِلرَّبِّ لا يَأْتِي إِلى جَسَدِ مَيِّتٍ. 7أَبُوهُ وَأُمُّهُ وَأَخُوهُ وَأُخْتُهُ لا يَتَنَجَّسْ مِنْ أَجْلِهِمْ عِنْدَ مَوْتِهِمْ لأَنَّ انْتِذَارَ إِلهِهِ عَلى رَأْسِهِ. 8إِنَّهُ كُل أَيَّامِ انْتِذَارِهِ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ.) عدد 6: 1-8
                        10- ذكر أن المسيح جلب العار على نفسه. (12لِذَلِكَ يَسُوعُ أَيْضًا، لِكَيْ يُقَدِّسَ الشَّعْبَ بِدَمِ نَفْسِهِ، تَأَلَّمَ خَارِجَ الْبَابِ.13فَلْنَخْرُجْ إِذًا إِلَيْهِ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ حَامِلِينَ عَارَهُ.) عبرانيين 13: 12-13، ولا يسب الإله نفسه إلا إذا كان إلهًا معتوهًا، ولا حاجة للعاقل أن يعبد إلهًا معتوهًا!!
                        11- وأنه – أى المسيح – قد صار لعنة: (اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ:«مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ»)غلاطية3: 13 وبذلك يكون بولس ثانى رجل يلعن المسيح بعد بطرس عندما أنكره وأخذ يحلف ويلعن أنه لا يعرفه.
                        فهل رضيت عزيزى المسيحى أن تلعن من تعبده أو تتخيله ملعونًا؟ هل تتخيل أن عُبَّاد البقر يقدسون هذا الحيوان، ويُحافظون عليه من اللعن والدنس، بينما أنت تلعن من تعبده؟
                        12- خالف بولسُ المسيحَ عندما قرر أن ملكوت الله (الجنة) ليس مكانًا للطعام والشراب والموائد: (لَيْسَ مَلَكُوتُ اللهِ أَكْلًا وَشُرْبًا». (رومية 14: 17) والمسيح يقول: (وَأَنَا أَجْعَلُ لَكُمْ كَمَا جَعَلَ لِي أَبِي مَلَكُوتًا لِتَأْكُلُوا وَتَشْرَبُوا عَلَى مَائِدَتِي فِي مَلَكُوتِي.) لوقا 22: 29-30
                        وقوله أيضًا: (29وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ بُيُوتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا أَوْ حُقُولًا مِنْ أَجْلِ اسْمِي يَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ وَيَرِثُ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ) متى 19: 29
                        وقوله أيضًا: (25اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي لاَ أَشْرَبُ بَعْدُ مِنْ نِتَاجِ الْكَرْمَةِ إِلَى ذَلِكَ الْيَوْمِ حِينَمَا أَشْرَبُهُ جَدِيدًا فِي مَلَكُوتِ اللَّهِ.) مرقس 14: 25
                        والغريب أيضًا أن بولس لم يصف عيسى  مطلقًا بأحب الأسماء إليه وهو (يا مُعلم)، وكما تكتم كل تعاليم المسيح الخاصة بملكوت الله، وأمثاله التى ضربها لذلك، لم يتكلم أيضًا عن معجزة واحدة من معجزاته، ولا عن أمه العذراء، ولا عن زكريا أو يحيى، ولا عن أحد من أقاربه أو أحبائه المعروفين فى التاريخ. كذلك لم يشر فى كتاباته إلى أن المسيح كان ناصريًا أو جليليًا كما تقول الأناجيل، أو حتى فلسطينيًا، بل تجاهله تمامًا، كما لو كان لا يريد أن يعرفه أحد أو يصل إليه إنسان. وربما لم يرد أيضًا أن يشير إلى ما يمكِّن الناس من مرجع يمكنهم من الرجوع إليه عن طريق أحد تلاميذه فيكشف بذلك كذب بولس فى دعواه!! أو إنه كان يدعو إلى مسيح آخر، غير المسيح عيسى ابن مريم. مسيح لا يوجد إلا فى ذهنه، شيطانًا تلبسه ولا يأمره إلا بالشر وإفساد عقيدة أتباع عيسى  (راجع أيضًا “يسوع النصرانى – مسيح بولس” ع. م. جمال الدين شرقاوى ص77)
                        (14فَإِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ النَّامُوسَ رُوحِيٌّ وَأَمَّا أَنَا فَجَسَدِيٌّ مَبِيعٌ تَحْتَ الْخَطِيَّةِ. 15لأَنِّي لَسْتُ أَعْرِفُ مَا أَنَا أَفْعَلُهُ إِذْ لَسْتُ أَفْعَلُ مَا أُرِيدُهُ بَلْ مَا أُبْغِضُهُ فَإِيَّاهُ أَفْعَلُ. 16فَإِنْ كُنْتُ أَفْعَلُ مَا لَسْتُ أُرِيدُهُ فَإِنِّي أُصَادِقُ النَّامُوسَ أَنَّهُ حَسَنٌ. 17فَالآنَ لَسْتُ بَعْدُ أَفْعَلُ ذَلِكَ أَنَا بَلِ الْخَطِيَّةُ السَّاكِنَةُ فِيَّ. 18فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ سَاكِنٌ فِيَّ أَيْ فِي جَسَدِي شَيْءٌ صَالِحٌ. لأَنَّ الإِرَادَةَ حَاضِرَةٌ عِنْدِي وَأَمَّا أَنْ أَفْعَلَ الْحُسْنَى فَلَسْتُ أَجِدُ. 19لأَنِّي لَسْتُ أَفْعَلُ الصَّالِحَ الَّذِي أُرِيدُهُ بَلِ الشَّرَّ الَّذِي لَسْتُ أُرِيدُهُ فَإِيَّاهُ أَفْعَلُ. 20فَإِنْ كُنْتُ مَا لَسْتُ أُرِيدُهُ إِيَّاهُ أَفْعَلُ فَلَسْتُ بَعْدُ أَفْعَلُهُ أَنَا بَلِ الْخَطِيَّةُ السَّاكِنَةُ فِيَّ. 21إِذًا أَجِدُ النَّامُوسَ لِي حِينَمَا أُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ الْحُسْنَى أَنَّ الشَّرَّ حَاضِرٌ عِنْدِي. 22فَإِنِّي أُسَرُّ بِنَامُوسِ اللهِ بِحَسَبِ الإِنْسَانِ الْبَاطِنِ. 23وَلَكِنِّي أَرَى نَامُوسًا آخَرَ فِي أَعْضَائِي يُحَارِبُ نَامُوسَ ذِهْنِي وَيَسْبِينِي إِلَى نَامُوسِ الْخَطِيَّةِ الْكَائِنِ فِي أَعْضَائِي. 24وَيْحِي أَنَا الإِنْسَانُ الشَّقِيُّ! مَنْ يُنْقِذُنِي مِنْ جَسَدِ هَذَا الْمَوْتِ؟) رومية 7: 14-24
                        13- حدد بولس أن للمرأة التى يموت عنها زوجها أن تتزوج بمن تشاء من المؤمنين: (39الْمَرْأَةُ مُرْتَبِطَةٌ بِالنَّامُوسِ مَا دَامَ رَجُلُهَا حَيًّا. وَلَكِنْ إِنْ مَاتَ رَجُلُهَا فَهِيَ حُرَّةٌ لِكَيْ تَتَزَوَّجَ بِمَنْ تُرِيدُ فِي الرَّبِّ فَقَطْ.) كورنثوس الأولى 7: 39، وأكد هذا القول مرة أخرى فقال: (14لاَ تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لأَنَّهُ أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟ 15وَأَيُّ اتِّفَاقٍ لِلْمَسِيحِ مَعَ بَلِيعَالَ؟ وَأَيُّ نَصِيبٍ لِلْمُؤْمِنِ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ؟ 16وَأَيَّةُ مُوَافَقَةٍ لِهَيْكَلِ اللهِ مَعَ الأَوْثَانِ؟ فَإِنَّكُمْ أَنْتُمْ هَيْكَلُ اللهِ الْحَيِّ،) كورنثوس الثانية 6: 14-16
                        وهذا يتناقض مع قوله (13وَالْمَرْأَةُ الَّتِي لَهَا رَجُلٌ غَيْرُ مُؤْمِنٍ وَهُوَ يَرْتَضِي أَنْ يَسْكُنَ مَعَهَا فَلاَ تَتْرُكْهُ.) كورنثوس الأولى 7: 13
                        وعلى ذلك فإن ناقض القرآن ما تسمونه بالكتاب المقدس فالأصل هو القرآن الذى تعهد الله تعالى بحفظه، والذى أثبتُ لك مرارًا أنه كتاب الله حقًا، وأنه معجز فى لغته وفى تشريعه وفى علمه.
                        أما ادعاؤك أن القرآن شهد للكتاب الذى تقدسه بقولك: (ياأيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما أنزلنا مصدقًا لما معكم من قبل…" سورة النساء 47:4 (انظر أيضا سورة البقرة 40:2و 41و91 وطه133:20 والشعراء 192:26 – 198والعنكبوت 47:29 والأحقاف 10:46-12)) فأرى أن نضع النصوص أولا لنرى كيف تفهم أنت اللغة العربية ونصوصها، وسأضع الآيات فى سياقها ليتضح ما يخفيه الكاتب ليصل إلى غرضه.
                        لكن قبل أن أضع النصوص القرآنية التى تدعى أنها تشهد للتوراة والإنجيل، فيجب أن تعرف أن كتبكم هذه ليست التوارة وليست إنجيل عيسى ، حتى لو أسميتموها هكذا تمحيكًا فى أصول الكتب!! فلا يوجد لموسى على وجه الأرض كتاب، وأنتم لا تعترفون أن عيسى  أوتى إنجيلا من عند الله.
                        ويحكى القرآن عن التورة التى بها هدى ونور، وهى بكل حال من الأحوال ليست التى بين أيديكم، التى يخطب فيها الرب ود الشيطان، ويأمر هارون أن يذبح تيسًا للشيطان مثل التيس الذى سيقدمه له، ويستعين الرب بالشيطان بعد أن فشل الرب وكل جنده فى إيجاد حلٍ لإغواء أخاب. ناهيك عن فقدان اسم الرب نفسه من الكتاب، وضياعه.
                        (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) المائدة 44
                        ثم جاء عيسى  متبعًا للتوراة، وآتاه الله الإنجيل، فيه هدى ونور وأحكام يحكم بها لقومه. وما تسمونه اليوم الإنجيل (العهد الجديد) فقد قام بولس بإلغاء تعاليم الناموس، وليس به أحكام، ويحكى عن ميلاد شخص اسمه يسوع ومعجزاته وموته، وفى الوقت الذى تؤمنون فيه بأن الإله لا يموت، ولا يولد فإن كتابكم يؤكد أن يسوع ولد ومات، وعلى الرغم من ذلك تؤمنون أن يسوع إله ولد ومات.
                        فأنتم إذًا تخلطون الأوراق، تسمون كتبكم بأسماء كتب أخرى، وتدعون أنها من عند الله! (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) البقرة 79
                        وقد خاطب الله تعالى رسوله  قائلا إن القرآن جاء مصدقًا للتوراة والإنجيل المنزلين على أنبياء الله، وليست أناجيل ورسائل لا يُعرف كاتبها على وجه اليقين: (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ)آل عمران 3
                        بل لقد كفَّر الله تعالى فى كتابه المؤمنين بالثالوث والقائلين به، فكيف تتوقع أن يشهد القرآن لكتبكم؟: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) المائدة 17
                        (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) المائدة 72-73
                        (وَقَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ * لْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) المائدة 46-47
                        وقد كان يمكننا أن نكتفى بما ذكرنا أعلاه للتدليل على أن القرآن لا يشهد لكتبكم إلا بالتحريف، ولا يحكم على عقائدكم إلا بالكفر. وما شهد له القرآن بالهدى والنور والحكمة هى كتب الله تعالى التى أنزلها على أنبيائه. ولكننا سنواصل ما وضعته من نصوص قرآنية لم تعرفها فى سياقها، ولم تقرأها فى موضعها:
                        (مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلًا * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولًا) النساء 46-47
                        إثبات بعد إثباتات عزيزى الكاتب أنك لم تقرأ الآية فى سياقها، فقد استشهدت بالآية 47، وها هى الآية 46 تثبت أن اليهود يحرفون الكلم عن مواضعه، ويطعنون فى الدين، وقد لعنهم الله تعالى بكفرهم. فلماذا أخفيت الآية 46 عن القارىء؟ أم كنت أنت نفسك تجهل أن قراءة الآية فى سياقها قد يُغير المعنى؟
                        (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ * وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ * وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ * وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ * وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ * وَأَقِيمُواْ الصَّلوةَ وَآتُواْ الزَّكَوةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ * أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ) البقرة 40-44
                        فى الحقيقة لا أعرف ما تقصده من استشهادك فقط بالآيتين 40 و41 من سورة البقرة. فإن الله تعالى يأمر فيهما بنى إسرائيل بالإيمان بالقرآن، الذى أنزله على عبده ورسوله محمد . فكيف فهمت أن هذه الآيات تشهد لليهود أو لكتبهم؟
                        (أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * ... فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ) البقرة 75 و79
                        والآية 75 سبقها قصة بنى إسرائيل مع البقرة التى أُمروا أن يذبحوها لله تعالى، وأخبر الله تعالى أن قلوبهم قست، فأصبحت كالحجارة أو أشد قسوة، فهل هذه صفات أناس تبغى مرضاة الله، وخاصة أن فريقًا منهم يسمعون كلام الله، ثم يحرفونه من بعد أن يعقلوه، ويتوعدهم الله تعالى فى نهاية هذه الفقرة بالويل جزاءً لتحريفهم الكتاب المنزل عليهم بأيديهم، ثم نسبته لله تعالى عن ذلك علوًا كبيرًا. فأين ما تدعيه بأن القرآن يشهد لكم؟
                        (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاء اللّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) البقرة 91
                        وها هو الله تعالى يخبر عما فى قلوبهم: إنهم لا يريدون الإيمان بكتاب الله تعالى الذى أنزله وتولى حفظه، ويريدون أن يؤمنوا بالكتب التى ادعوا أنها أنزلت عليهم، فى الوقت الذى يقتلون فيه أنبياء الله تعالى من أجل تعاليمهم التى تفضحهم، ولا تتماشى مع أغراضهم. وإلا فهل يقتلون أنبياء الله ويتركون تعاليمهم تعارض أغراضهم وتكون حجة عليهم أمام الشعب؟
                        وأزيدك: (وَلَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ * أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْدًا نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ * وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللّهِ وَرَاء ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ * وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّه خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ * مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) البقرة 99-105
                        وأزيدك: (وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ * بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ * وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا اللّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ * إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ * وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ) البقرة 116-120
                        وأزيدك: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ * وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًَا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * اَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) البقرة 144-147
                        (وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِم بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى * وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُم بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَى * قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى) طه 133-135 لا علاقة لهذه الآيات بما تدعيه!
                        (وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ * وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ * أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ * وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ) الشعراء 192-198
                        مرة أخرى، عندما يتكلم الله تعالى عن التوراة أو الإنجيل أو الزبور فإنه يتكلم عن كتبه المنزلة على أنبيائه، وليست الكتب التى كتبت بأيدى أناس مجهولة، وضمها أناس أكثر غموضًا بالنسبة لنا، وأصبحت مقدسة بقوة القانون.
                        (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَن يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ * وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ) العنكبوت 46-48
                        (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَكَفَرْتُم بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ * وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَانًا عَرَبِيًّا لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ) الأحقاف 10-12
                        القرآن يتكلم عن كتاب موسى ، فهل الكتب التى بين أيديكم، وأقصد الأسفار الخمسة الأولى تُنسب لموسى ؟ لا. وإليك الآن نبذة أنقلها بتصرف من كتابى (المناظرة الكبرى مع القس زكريا بطرس حول صحة الكتاب المقدس)
                         من كتب سفر التكوين؟
                        يقول المدخل الكتاب المقدس طبعة الآباء اليسوعيين ص60-61 عن مصادر التوراة المستخدمة، التى قسَّمها علماء نصوص الكتاب المقدس إلى أربعة أقسام من ناحية الإنشاء اللغوى:
                        1- التقليد اليهوى (ى): ويتميَّز بالإنشاء الواقعى، والتصويرى “وغنى بالإستعارات، ويكاد يكون ساذجًا، إنه إنشاء راوى قصص (بنو نوح: تك 9/18-27، وبرج بابل: تك 11/1-9) لا يتردد فى الكلام عن الله بألفاظ كثيرة الصور، كأنه إنسان”.
                        [وذلك على الرغم من تنبيه الله على أنه ليس بإنسان: (19ليْسَ اللهُ إِنْسَانًا فَيَكْذِبَ وَلا ابْنَ إِنْسَانٍ فَيَنْدَمَ. هَل يَقُولُ وَلا يَفْعَلُ؟ أَوْ يَتَكَلمُ وَلا يَفِي؟) عدد 23: 19
                        (9«لاَ أُجْرِي حُمُوَّّ غَضَبِي. لاَ أَعُودُ أَخْرِبُ أَفْرَايِمَ لأَنِّي اللَّهُ لاَ إِنْسَانٌ الْقُدُّوسُ فِي وَسَطِكَ فَلاَ آتِي بِسَخَطٍ.) هوشع 11: 9، الأمر الذى يشير إلى أن كاتب هذا التقليد إنسان كافر، لا يعرف قدر الله تعالى. ثم ما علاقة كل هذا بموسى  نفسه؟]
                        2- التقليد الايلوهى (أ): نلاحظ أنه “أشدُّ إبرازًا للبعد القائم بين الله والإنسان، ويحب الكلام على ملاك، بل على إنسان (تك 22/11-18 و32/23-33) تجنبًا لإدخال الله نفسه فى نشاط بشرى، ويُظهر الله أحيانًا فى مظهر رهيب”. [فهل الإنسان الذى يتجنب الله، أو يُظهره فى مظهر رهيب مثل الإله الذى تنتفخ شفتاه عند الغضب، ويخرج من فهمه وأنفه نار، هل هذا الإنسان مرمن، ويعرف قدر الله تعالى؟ ثم ما علاقة كل هذا بموسى  نفسه؟]
                        وقد اتخذ النقَّاد هذين الاسمين الإلهيَّيْن لتسمية تقليدين مختلفين من احدى روايتى طرد هاجر التى تتكلم عن الرب (يهوه، تكوين 16: 3-14)، فى حين تستعمل الأخرى الاسم الشائع لله (إيلوهيم تكوين 21: 9-19)
                        3- التقليد الكهنوتى، ويُرمز له ب (ك).
                        4- التقليد الخاص بتثنية الإشتراع ويُرمز له ب (ت)
                        وهذان التقليدان “يحتويان خاصة على روايات قصصية، ونادرًا على نصوص تشريعية. أما التقليد (ك) فجوهره قائم على أمور قانونية، فسفر الأحبار [اللاويين] مثلًا لا يحتوى على غير ذلك. لكن التقليد الكهنوتى يتضمَّن أيضًا روايات (الخلق: تك 1، وشراء مغارة مكفيلة: تك 23). ويمتاز إنشاؤه بالتكرار وببعض التصلُّب وحب الإيضاحات العددية والميل إلى كل ما يتعلق بالعبادة واللترجية. والجمود الإنشائى الذى يتصف به التقليد (ك) ساعد على خلق إطار مستوعب للتقليدين (ى و أ)، وهما أشد مرونة منه”.
                        ”أما التقليد (ت)، وهو يقتصر فى الواقع على تثنية الاشتراع، فإنشاؤه خطابى وتكثر فيه العبادات القوْلية كهذه: "اسمع يا إسرائيل"، و"بكل قلبك وكل نفسك"“.
                        وإلى جانب هذا التقليد الذى تعترف فيه مقدمة الكتاب المقدس أنه هو أساس هذه النصوص، فسوف تُقابلك تعليقات كثيرة كتبها علماء نصوص الكتاب نفسه تشير إلى أنها أُقحمت فى النص. وبالطبع فى مثل هذه الحالات لا يمكن إيعاز الكتاب لمؤلف واحد بالمرة. وهذا اعتراف الكتاب المقدس نفسه طبعة الآباء اليسوعيين:
                        ففى سفر التكوين يقول المدخل إلى سفر التكوين تحت عنوان (مصادره) ص66: ”لم يتردد مؤلِّفو الكتاب المقدس، وهم يروون بداية العالم والبشرية، أن يستقوا معلوماتهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من تقاليد الشرق الأدنى القديم، ولا سيما من تقاليد ما بين النهرين ومصر والمنطقة الفينيقية الكنعانية. فالاكتشافات الأثرية منذ نحو قرن تدل على وجود كثير من الأمور المشتركة بين الصفحات الأولى من سفر التكوين وبين بعض النصوص الغنائية والحِكَميَّة والليترجية الخاصة بسومر وبابل وطيبة وأوغاريت.”
                        أعتقد أن اللِّسان ليعجز عن التعبير عن مدى الأسى الذى يُصاب به الإنسان، لشعوره أنه كان مخدوعًا فى إيمانه بأن هذا كتاب الله، وذلك عندما يقرأ أن (مؤلفو) الكتاب المقدس (لم يترددوا) أن (استقوا) معلوماتهم من التقاليد الوثنية، التى كانت منتشرة فى بلاد ما بين النهرين ومصر والمنطقة الفينيقية والكنعانية. ثم يقرأ على غلاف الكتاب “الكتاب المقدس”، وداخله “كلام الله”!!
                        وفى ص68 يقول فى هامشه عن الرواية الأولى لخلق العالم: “تُنسب هذه الرواية إلى المصدر "الكهنوتى" ... ... والنص يستند إلى علم لا يزال فى عهد الطفولة. فلا حاجة إلى التفنُّن فى إقامة التوافق بين هذه الصور وعلومنا العصرية.”
                        أعتقد أن الكاتب لو قصد أن هذا العلم الذى كان “لا يزال فى عهد الطفولة” علم الله فهو كافر! ولا يصح أن يُؤخذ عنه دين أو عقيدة أو تفسير. أما إذا كان يقصد تأريخ وتقييم هذه الرواية فى ضوء العلم الحديث فهو ينفى انتساب هذا الكتاب لله!!
                        وفى ص71 يقول فى هامشه عن الفقرة 10 إلى 14: “هى توسُّع، ولعل المؤلِّف اليَهْوى هو الذى أدخلها هنا معتمدًا مبادىء قديمة عن شكل الأرض.”
                        فهل تفهم معنى كلمة (توسُّع) وكلمة (أدخلها) عزيزى القارىء؟ أى إن هذا النص غير موحى إليه، لقد لعبت فيه أيدى الكُتَّاب ومعتقداتهم الشخصية التى قتلوا من أجلها الأنبياء. وهل يُمكننا أن نقول بعد ذلك أن هذا السفر أوحاه الرب، إلا إذا كان هناك إله طفل ذو علم طفولى؟
                        ويقول ص77 عن الإصحاح السادس (بنو الله وبنات الناس) “يعود المؤلِّف إلى أسطورة شعبية عن جبابرة (فى العبرية "نفيليم") يُقال إنهم ولدوا من زواج بين كائنات بشرية وكائنات سماوية. وهو لا يبدى رأيه فى قيمة هذا الاعتقاد ويُخفى وجهه الأسطورى، فيقتصر على التذكير بهذا الجنس الوقح من الجبابرة، كمثل للفساد المتزايد الذى سوف يُسبب الطوفان”.
                        معنى أن المؤلف (لجأ) إلى أسطورة شعبية، أن هذا الكتاب من تصنيف إنسان وليس الله، وأنه لم يضطر إلى اللجوء لها، إلا جهل منه بحقيقة الأمور أو بناء على نقص أو تضارب معلومات متوفرة لديه. وأعتقد أنكم تؤمنون معى أنه لا يوجد على الأرض أو فى السماء ما يُجبر الخالق على شىء أو يُلجأه إلى علم عبيده؟!! فهذا دليل على أن المؤلف ليس الله!!
                        ويقول فى هامش ص86: “الفصلان 12 و13 من رواية يهوية، مع بعض الإضافات الكهنوتية أو التحريرية”. فهل هذا يحتاج إلى تعليق أو تذكير بمعنى أضاف أو حرَّرَ؟ فلماذا ينسبونه إذن لله؟
                        ألا يجب عليك أيها الكاتب أنت وزكريا بطرس أن تُسمِّى هذا الكتاب تسمية أخرى غير (الكتاب المقدس)؟ فهل تعرف بالله عليك ما معنى (كتاب الله)؟ ما علاقة إضافات الكهنة وحذفهم، وهى التى تسمونها تحرير، والروايات الأسطورية والقصص الشعبى والوثنى بوحى الله؟ أعتقد أنك على علم بكل هذا، وهو السبب الذى يجعلك تتهرب من المناظرات سواء الكتابية أو المذاعة على الهواء!!
                        والغريب أنك تصُبُّ كل ما يقوله علماء الكتاب المقدس عنه على القرآن، ظنًا منك أنك تحمى كتابك الذى تقدسه بهذه الطريقة! لا! إنك تصد ضعاف العقول، وغير القادرين على البحث والاستنباط عن الدخول فى ملكوت الله (الإسلام)، ويصدق فيك قول يسوع للكهنة اليهود: (13«لَكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ! ..... 15وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تَطُوفُونَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ لِتَكْسَبُوا دَخِيلًا وَاحِدًا وَمَتَى حَصَلَ تَصْنَعُونَهُ ابْنًا لِجَهَنَّمَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ مُضَاعَفًا!) متى 23: 13-15
                        وفى ص101 يقول عن الفصل 24: “رواية يهوية كانت خاتمة سيرة إبراهيم فى هذا التقليد. فالآيات 1-9 تفترض أن يكون إبراهيم على فراش الموت (47/29-31)، وقد حُذفَت الإشارة إلى موته بعد أن ذُكرَت فى الرواية الأصلية، للتمكُّن من إضافة 25/1-6. وهناك تنقيح آخر، وهو أن رفقة هى، بحسب الآية 48، بنت ناحور، أخى إبراهيم، وهذا ما يوافق 29/5. لكنها بحسب تقليد آخر، بنت بتوئيل فى الآيات 15 و24 و47 و50، لكنّ لابان هو الذى يتصرَّف كرئيس العائلة، وهو أخو رفقة (الآية 29) وابن ناحور (29/5)”.
                        فماذا أقول بعد كل ما قيل أيها الكاتب؟ لا تعليق!!
                        وفى قصة المصارعة التى تمت بين الرب ويعقوب يقول الكتاب ص118: “المقصود فى هذه الرواية الغامضة، اليهوية ولا شك، هو الصراع الجسدى، أى صراع مع الله، يبدو فيه يعقوب الغالب أولًا. ولكنه حين عرف طبيعة خصمه السامية، اغتصب بركته، مع العلم بأن النص يتجنَّب اسم الرب، كما أن المعتدى المجهول يرفض أن يُسمِّى نفسه. فى الواقع، يستعمل المؤلِّف قصة قديمة لتفسير اسم فينوئيل "بنى إيل" (وجه الله) ولإيجاد أصل لاسم إسرائيل. وبذلك يُضفى على تلك القصة معنى دينيًا، وهو أن يعقوب يتمسَّك بالله ويغتصب منه بركة تكون واجبًا على الله نحو الذين سيحملون بعده اسم إسرائيل. .. ..”
                        هكذا تخيل بنو إسرائيل إلههم!! صبيًا يلعب مع صبية أشرار، فقامت بينهما معركة انتصر فيه الصبى على الإله، فضرب الإله حُقَّ فخذ يعقوب، الذى لم يتمكن الرب من هزيمته حتى مطلع الفجر، فأمسك المصارع القدير برجل الرب، حتى لا يتركه يهرب، فيستعطفه الرب أن يتركه لأن الوقت قد تأخر!!!
                        استفزتنى جدًا هذه الجملة أيها القمص الكاتب. فهل بإمكانك أن تخبرنى ما خوف الإله من تأخر الوقت؟ هل ستضربه أمه على تأخيره هذا؟ أم إنه يترك العرش لعدد معين من الساعات ويخشى أن يتأخر فيحتله غيره؟ وماذا قال لملائكته بعد هذه البهدلة التى لقيها على يد عبده المصارع القدير؟ وأين كانت ملائكته؟ وأين ذهبت عزته وقدسيته؟ وكيف سيحاسب عبيده المذنبين يوم القيامة؟ وإذا كان هذا حال الرب مع يعقوب، فكيف سيكون حاله مع أبطال مصارعة المحترفين أو الكراتيه أو أى لعبة من ألعاب القتال؟ فهل تعتقد أنهم سيجبرونه على التخلى عن العرش، أو سيدخلونه النار وينقذون كل من فى النار ويدخلونه الجنة، كما فعل الشيطان مع الإله يسوع، عندما اعتقله وحبسه فى الصحراء لمدة أربعين يومًا؟
                        هل تعرف أننى أصابى القرف عندما قرأت بعد هذه المصارعة: (الرَّبُّ الْقَدِيرُ الْجَبَّارُ الرَّبُّ الْجَبَّارُ فِي الْقِتَالِ!) مزامير 24: 8
                        وقرأت: (هُوَذَا بِزَجْرَتِي أُنَشِّفُ الْبَحْرَ. أَجْعَلُ الأَنْهَارَ قَفْرًا. يُنْتِنُ سَمَكُهَا مِنْ عَدَمِ الْمَاءِ وَيَمُوتُ بِالْعَطَشِ. 3أُلْبِسُ السَّمَاوَاتِ ظَلاَمًا وَأَجْعَلُ الْمِسْحَ غِطَاءَهَا».) إشعياء 50: 2-3
                        وقرأت: (10أَمَّا الرَّبُّ الإِلَهُ فَحَقٌّ. هُوَ إِلَهٌ حَيٌّ وَمَلِكٌ أَبَدِيٌّ. مِنْ سُخْطِهِ تَرْتَعِدُ الأَرْضُ وَلاَ تَطِيقُ الأُمَمُ غَضَبَهُ.) إرمياء 10: 10
                        وقلت فى نفسى: كيف يدعى الإله الضعيف المُهان هذا الجبروت، وهذه القوة، وقد هزمه عبيده؟ فإذا كان هو قائل هذا الكلام أعلاه، ويدعى لنفسه هذه القوة والبطش، ورعب الأمم من وجهه، فهو إله ضعيف وكاذب، ولا يستحق أن يُعبد!!

                        تعليق


                        • #87
                          الملف 64
                          وإذا كان هو الذى أوحى قصة مصارعته مع يعقوب، وهزيمته أمامه، وأوحى أن اليهود قبضوا عليه وأعدموه، فلا بد أنه كان إلهًا مخمورًا، إلهًا سكيرًا!
                          وتعجبت أن هذا الخيال وافق ما قاله الرب فى مزموره إنه يشرب ويسكر، ويفيق فى الصباح تدمع عيناه من أثر السُّكر!!: (65فَاسْتَيْقَظَ الرَّبُّ كَنَائِمٍ كَجَبَّارٍ مُعَيِّطٍ مِنَ الْخَمْرِ) مزامير 78: 65
                          ما لكم أيها الكاتب؟ كيف تقرأون هذا وتفهمونه فهمًا يقدِّس الله ويُنزهه؟ فهل عندك إجابة شافية لقرائك تنزه فيها هذا الإله من هذه البهدلة؟
                          أم إنك من الشجاعة بمكان يجعلك تقف على شاشات التلفاز وتعترف أن هذا ليس بكتاب الله ولا يمكن أن يكون؟
                          فالمؤلِّف أضاف هذه القصة إذن ليبرر اغتصاب إسرائيل لملكوت الله (النبوة)، كما يقول هامش الكتاب المقدس. وخاصة أن قصة أخذ يعقوب للبركة والنبوة قد حُكيت ثلاث مرات: مرة انتزع البركة من أبيه بحركة نصب بالإتفاق مع أمه (تكوين الإصحاح 27) ، ومرة اشترى النبوة من أخيه عيسو فى مقابل طبق عدس!! (تكوين 25: 29-34)، والمرة الثالثة عن طريق ضربه للرب نفسه، وانتزاع النبوة منه!! (تكوين 32: 22-30)
                          فما أقدس هذا الكتاب! وما أقوى هذا الكلام وأعمقه لتربية الأطفال، وتعليم الأشبال، وأخذ العظة والحكمة منه للكبار!!
                          وفى هامش ص 140 يقول بشأن (46: 8-27): ”يُدخل المؤلف الكهنوتى هنا جدولًا لبيت يعقوب لا يتعلَّق فى الأصل بالنزول إلى مصر.“ فهل رؤية المترجم الخاصة تُعد وحيًا؟
                          وعن تعداد بنى إسرائيل الذين دخلوا مصر تقول ص141: ”تُضيف الترجمة اليونانية خمسة أسلاف لافرائيم ومنسّى، فيكون المجموع 75 المعتمد فى رسل7/14“. أى إن النص اليونانى المترجم أساسًا من العبرى قد أضاف مترجمه عليه، ثم يقولون هذا من عند الله. ليتفق النص فى العهد القديم بالعهد الجديد!!
                          فهل تعلم بهذه الإضافات أيها الكاتب؟ وماذا تقول لمستمعيك عن هذه الإضافات؟ وهل حكيت مرة لمستمعيك هذا الكلام أم تركتهم على ضلالهم، يظنون أن هذا الكلام من وحى الله؟
                          ويقول عن نص إرسال يعقوب ليهوذا ليدله على أرض جاسان (تكوين 46: 28) ص141 إنه ”نص غير أكيد“.
                          وفى ص147 يقول الهامش عن الفصل 50 من سفر التكوين: ”هذا الفصل خليط من التقليد اليهوى (الآيات 1-11 و14) والايلوهى (الآيات 15-26)، مع لمسات كهنوتية فى الآيتين 12-13.“
                          لاحظ كلمة لمسات هذه. فهم لا يعترفون بالتدخل البشرى فى الكتاب الذى يسمونه مقدسًا، بل يسمونها ”تنقيح“ أو ”ترصيع“ أو ”زخارف“ أو ”لمسات كهنوتية“. وهذا هو المسمَّى الحديث لكلمة تحريف!
                          وهكذا تكوَّنَ سفر التكوين: خليط مع لمسات كهنوتية!! فهذا هو مطبخ الكهنة الذى أعدوا فيه اقتباساتهم وخلطتهم، ثم وضعوا لمساتهم الأخيرة فيه، ثم خرج سفر التكوين. فمن الذى كتبه بالضبط؟ أو بالأحرى من الذين كتبوه؟ لا يعلم أحد، ولكنه بالتأكيد ليس موسى!
                           من كتب سفر الخروج؟
                          وكذلك كان سفر الخروج خليطًا من المصادر الكهنوتية والقصص اليهوية والتقليد الإيلوهى. ص153 و156 و157 و159 و163 و172 و204 و210
                          وفى صفحة 175 يقول الهامش تعليقًا على خروج 13: 18: “هذه العبارة إضافة ظاهرة. كان النص القديم يقتصر على معلومات عامة، وهى أن بنى إسرائيل سلكوا طريق البرية نحو الشرق أو نحو الشرق الجنوبى”.
                          وفى ص178 (خروج 15: 19) تقول “أُضيفت هذه الآية أثناء التحرير”.
                          وفى ص182 (خروج 17: 6): “لا شك أن عبارة "فى حوريب" هى تعليق أحد القراء. لقد افترض بعض الحاخاميين أن الصخرة رافقت بنى إسرائيل فى تنقلاتهم”
                          وفى ص182 يقول عن خروج 17: 8-16 تحت عنوان (محاربة العمالقة): “هذه الرواية القديمة من التأليف اليهوى على الأرجح، وهى عبارة عن تقليد يعود إلى أسباط الجنوب .. ..”
                          وفى ص193 يقول عن (الخروج 23: 20-33) تحت عنوان (مواعد وارشادات للدخول فى كنعان): “فى هذا المقطع الخليط أدلة واضحة على أنه كُتبَ فى زمن تثنية الاشتراع. وهو بمنزلة خاتمة لكتاب العهد المعروض هنا كشريعة أُعطيت فى سيناء تمهيدًا للإقامة فى كنعان”.
                          أى إن هذا السفر لم يكتبه موسى، وأنه خليط بين روايات وأقاصيص أخرى.
                          وفى ص219 يقول عن (38: 21-31): “هذا المقطع إضافة إنشائية، لأنه يفترض إقامة اللاويين (عد 3) واحصاء الشعب (عد 1)”
                          وفى ص220: “تُهمل الترجمة اللاتينية الشائعة فى (39: 17-21) بعض التفاصيل وتنقصها آيتان موجودتان فى النص العبرى. ولا يعود التطابق بين الترقيمين إلا فى ختام الفصل”. وكذلك تفعل فى الفصل ال 40 ص222. وما هذا إلا تحريف بالحذف، حتى وإن لم يكن مقصودًا.
                          فهل موسى هو الذى كتب هذا الكلام؟ لا. فمن الكاتب إذن؟ إنه مجهول.
                           من كتب سفر اللاويين؟
                          وعن سفر اللاويين (الأحبار) وكاتبه يقول الكتاب المقدس للآباء اليسوعيين ص224: “إن النص، فى وضعه الحالى والقانونى، هو من التأليف الذى تبع الجلاء، حتى وإن جَمعَ فى وحدة متماسكة إلى حد ما عناصر مختلفة المصادر قد يرقى بعضها إلى أقدم العصور. وحين أخذت سلطة الكهنة السياسية تتوطَّد على أثر زوال المَلَكية، وأخذ زمن الأنبياء بالأفول، ضمَّ كهنة أورشليم فى مجموعات منسَّقة مختلف الشرائع والطقوس الدينية وأضافوا إليها ما يلائم حاجات "الهيكل الثانى"”.
                          وهذا هو التحريف المقدس!! (تأليف) و(ضم شرائع وطقوس) و(إضافة ما يلائم حاجات "الهيكل الثانى")! فمتى تعترفون بالحقيقة وتُصارححون مصدقيكم بهذا؟
                          ويقول الكتاب ص246 تعليقا على (لاويين 2: 16-20): “لا تُأخذ هذه الحكاية بعين الاعتبار القواعد المنصوص عليها فى 4/13ت و6/17-23. ولا نفهم العذر الذى يقدمه هارون ولا موافقة موسى. فهذا المقطع ومقاطع هذا الفصل الأخرى هى عناصر متفرِّقة ومُجَمَّعة بشكل مصطنع”.
                          ويقول عن الفصل 19 من سفر اللاويين: “يضم هذا الفصل، بدون ترتيب ظاهر، أحكامًا فى الحياة اليومية لا وحدة بينها سوى استنادها المتكرر إلى الرب وقداسته وروابطها بالوصايا العشر واضحة”.
                          فهل أوحى الرب عناصر مُجمَّعة بشكل مُصطنع، ولا وحدة بينها؟ فما هى وجهة نظرك عن الكتاب الذى ينبغى أن يُنسب لله؟ وهل تعتقد أن مثل هذا الكلام، المُحط من قدر أى كتاب، قيل عن كتاب يحكى عن جُحا أو كتاب كليلة ودمنة، أو كتاب ألف ليلة وليلة؟ وهل قيل مثل هذا الكلام عن كاتب حقير يسب الله وأنبياءه أو عن كتابه؟ فكيف يكون كتاب الرب أقل شأنًا من كتاب جحا أو كتاب كاتب حقير يسب الله وأنبياءه؟ كيف يُحقَّر كتاب بهذا الوصف وتنسبونه لله؟ مع الأخذ فى الاعتبار أن هذه الاستشهادات ليست من كلامى، ولكنها تعليق الكتاب المقدس طبعة الآباء اليسوعيين!!
                          وفى ص269 يقول عن الفقرة لاويين 23: 39-44: “أُضيف هذا النص بعد الجلاء للتشديد على طابع العيد الابتهاجى، فلا رؤية ما ورد فى تث 16/13-16، ولربطه بذكريات البرية (الآية 43).”
                          وفى نفس الصفحة يقول عن الفصل 24: “باسثناء الآيات 15-22 المنتمية إلى شريعة القداسة، فالفصل 24 هو من تأليف كهنوتى لاحق يحدّد ما فى هيكل أورشليم من عادات يومية .. ..”
                          فهل هذا من الرب؟ هل فشل الرب فى تأليف كتاب به نصوص غير منطقية وغير مصطنعة؟ هل فشل الرب فى تأليف كتاب بمفرده لا يشاركه فيه الكهنة أو الكتبة أو المترجمون؟ أم كانت هذه إرادة الله، لعلمه أنه سينزل يومًا ما كتابًا سيكون مهيمنًا على كل هذه الكتب، أى يشمل أصول كل هذه الرسالات، وسيتولى هو حفظه بنفسه، ليكون الدستور الخالد لكل الأمم، وكل العصور؟
                          أم كان هذا خيانة من الكهنة الذين استحفظهم الله على كتابه، فخانوا وغدروا، كما اعترف كتابكم المقدس؟
                          (1إِذاً مَا هُوَ فَضْلُ الْيَهُودِيِّ أَوْ مَا هُوَ نَفْعُ الْخِتَانِ؟ 2كَثِيرٌ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ! أَمَّا أَوَّلاً فَلأَنَّهُمُ اسْتُؤْمِنُوا عَلَى أَقْوَالِ اللهِ. 3فَمَاذَا إِنْ كَانَ قَوْمٌ لَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ؟ أَفَلَعَلَّ عَدَمَ أَمَانَتِهِمْ يُبْطِلُ أَمَانَةَ اللهِ؟ 4حَاشَا! بَلْ لِيَكُنِ اللهُ صَادِقاً وَكُلُّ إِنْسَانٍ كَاذِباً.) رومية 3: 1-4
                          (53الَّذِينَ أَخَذْتُمُ النَّامُوسَ بِتَرْتِيبِ مَلاَئِكَةٍ وَلَمْ تَحْفَظُوهُ؟».) أعمال الرسل 7: 53
                          وعلى هذا سيخرج هذا السفر أيضًا، بل كل الكتاب إن تتبعناه سفرًا سفرًا، كما أثبت هذا للقمص زكريا بطرس فى كتابى (المناظرة الكبرى من القس زكريا بطرس حول صحة الكتاب المقدس) من كونه كتاب الله، حيث تدخلت إليه يد البشر بالحذف والإضافة. فلا يُعرف له كاتب. لكن لم يكتبه موسى!! إذن فكاتبه مجهول، وعلى ذلك يجب أن يخرج من القانون مثل الكتب التى سبقته!!
                           من كتب سفر العدد؟
                          يقول المدخل إلى سفر العدد بالكتاب المقدس طبعة الآباء اليسوعيين ص279: “إن معظم النصوص المجموعة فى سفر العدد تختص بالفترة التى أقام فيها إسرائيل فى البرارى المحيطة بفلسطين من الجنوب ومن الجنوب الشرقى. فمن العسير على المؤرخ أن يدرك ما حدث فى هذه الفترة”.
                          إذن الموضوع ليس موضوع وحى، لأنه لو كان يؤمن كاتب هذا المدخل أن هذا الكلام هو وحى الله، لما قال ذلك!! فهل سيصعب على الرب معرفة ما يحدث لبنى إسرائيل فى البرية؟! فالموضوع إذن هو موضوع تأريخ، الأمر الذى يؤكد أن كاتبه ليس موسى، ولا حتى أحد المعاصرين له.
                          لذلك يقول فى الصفحة السابقة لها: “فطابع الكتاب طابع رواية، ولكنّ التفاصيل المعقدة تحجب وحدة سياقه الأدبية. وإلى جانب ذلك يحتوى الكتاب على عناصر تشريعية كثيرة أُدمِجَ بعضها فى الرواية (17/305 و31/21-47) وأُدرجَ بعضها الآخر، وهو أحدث تحريرًا، فى مواضع شتى، دون أن نعرف صلته بسياق الكلام (الفصول 5، 6، 9، 15، 18، 19، 28، 29، 30).”
                          فهل هذا هو الوحى الذى تقصدونه؟ هل هذا الكلام يؤكد أن كتابكم أنزله الله؟ أبعد أن يصف علماء النصارى نصوص كتابهم أنه تجميع من أساطير مختلفة، وأن كتبته حرروا نصوصه بالزيادة والنقصان تسمونه الكتاب المقدس؟ فأسأل الله لكم ولنا الهداية!!
                          فعن الإصحاح الثانى يقول هامش سفر العدد ص292: “هذه الشرائع هى من التقليد الكهنوتى، وهى إضافات وضعت بحسب روح شريعة الطهارة (اح 11-16). وهى تُذكِّر بالشرائع الإضافية المُدرجة فى شريعة القداسة (اح 20/22-25).”
                          وعن الآية 7: 89 يقول الهامش ص298: “لا صلة لهذه الآية بما قبلها وبما بعدها، ومعناها غير أكيد.”، وعلى الرغم من هذا، إذا أغلقت هذا الكتاب الذى أستشهد أنا منه، ستجدهم قد كتبوا على غلافه الكتاب المقدس، ونسبوه لله!!
                          وعن 11: 4-9 يقول ص303: “فى سفر الخروج تقع حادثة المن والسلوى بين الخروج من مصر والوصول إلى سيناء (راجع خر16/1 +). أما هنا فتقع فى الطريق إلى قادش (راجع 13/26). وفى الحالتين هناك عناصر مأخوذة عن تقاليد مختلفة قد جُمعت فى إطار جغرافى جديد”.
                          هل لاحظت الإطار الجغرافى الجديد الذى يتكلم عنه؟ إنه جهل الكتبة الذين تصرفوا فى هذه الكتب بمحض خيالهم، وعلمهم، دون أن يكون للوحى علاقة بهذا الكلام؟ فالحادثة حدثت مرة واحدة، فكيف يختلف المكان الذى تمت فيه؟ وهل لاحظت الخداع فى عرض هذه الحقيقة؟ فبدلًا من أن يقول إن هذا من جهل الكاتب، الذى أضاف هذا، ويعلم القارىء أن هذا ليس من وحى الله، وضع ما يريد أن يقوله فى شكل مُبهم شىء ما، وبصورة مُزخرفة تجعل القارىء يتقبلها! وربما حذفوا المكان القديم وأتوا بمكان آخر ليكون هو مسرح الأحداث الجديد. كما نقلوا (فاران) من الجزيرة العربية وجعلوها فى جنوب سيناء.
                          وفى ص306 يقول عن الفصلين 13 و14: “الفصلان 13 و14 خليط. ومن السهل تحديد التقليد الكهنوتى .. .. أما الباقى فهو منسوب إلى التقليد القديم اليهوى والايلوهى.”
                          وعن قصة (الاستيلاء على حُرمة) فى الفصل 21 ص320 يقول الكتاب: “رواية من تقليد قديم، وهى هنا فى غير محلها”. وعندما تقلب غلاف هذا الكتاب تجدهم يكتبون عليه (الكتاب المقدس)!! ويُطلقون على الكلام بداخله كلام الله، ويُعلقون عليه قائلين (وهى هنا فى غير محلها) أو (نص مشوَّه وآية غامضة) ص322!!!
                          ما رأيك أنت عزيزى القارىء المسيحى؟ أنت صاحب عقل! ويمكنك البحث فى الكثير من المراجع، سواء على النت أو فى الكتب! يُمكنك مقارنة النصوص، والتعليقات، والترجمات! لكن، لا تسكت! ابحث، وابحث، ثم ابحث!
                           من كتب سفر التثنية؟
                          وعن سفر التثنية يقول ص410 عن 32: 48-52: “إن هذه الفقرات التى تواصل فى 34/1، عبر بركات موسى، هى تأليف المحرر الكهنوتى الذى صاغ التوراة (كتب الشريعة الخمسة) فى صيغتها النهائية، بعد أن ضمَّ إليها تثنية الاشتراع. ويكرر هنا المصدر الكهنوتى ما سبق أن قاله فى عد 27/12-14”.
                          أى إن هذا المحرر لم يُدخل هذا النص فقط، بل ضمَّ أيضًا هذا السفر كله إلى الكتاب! وإذا كان المحرر قد أضاف هنا إلى هذا السفر، وأضاف إلى الأسفار الأخرى، فلماذا لا تُنسبون الكتاب له؟ أو يُكتب عليه على الأقل تأليف مشترك بين الرب وهؤلاء المحررين؟ وبالطبع فإن هذا المحرر مجهول. وبذلك ينتفى عنه القداسة، حيث لا يُمكننا تتبع سنده. وذلك لقول جوش ماكدويل والدكتور القس منيس عبد النور: (إذا خامرك الشك فى سفر فألقه جانبًا!!) وهذا ما يجب أن يتم مع هذه الكتب، التى أُضيف إليها، وتم تجميعها من أقوال وكتابات بنى إسرائيل. ولا تظن أن بنى إسرائيل كانوا أمناء على دينهم، فكم حاربوا الله فى أنبيائه، فمنهم من قتلوا، ومنهم من طعنوه فى سمعته وسمعة زوجته أو بناته أو أولاده، ومنهم من حرَّفَ تعاليمه، ومنهم من حرَّف كتابه!
                           اعتراف القديس أغسطينوس بتحريف الكتاب:
                          ويعترف بهذا التحريف القديس أغسطينوس، فقد جاء فى تفسير هنرى واسكات فى المجلد الأول ما نصه: “إن القديس أغسطينوس كان يقول: إن اليهود قد حرفوا النسخة العبرانية فى إبان الأزمنة القديمة الذين قبل زمن الطوفان وبعده إلى زمن موسى ، وفعلوا هذا بعد المسيح لتصبح الترجمة اليونانية غير معتبرة، ولعناد الدين المسيحى. ومعلومًا أن الآباء القدماء المسيحيين كانوا يقولون مثله، وكانوا يقولون إن اليهود حرفوا التوراة فى سنة مائة وثلاثين ميلادية”. نقلًا عن (دلائل تحريف الكتاب المقدس ج1 ص32-33)
                           اعتراف ابن عزرا الحبر اليهودى بتحريف الكتاب:
                          ويقول الدكتور منقذ سقار فى كتابه (هل العهد القديم كلمة الله) تحت عنوان (اعترافات مثيرة): “وبعد هذا كله كان لابد من أن يعترف أهل الكتاب بعدم صحة نسبة الأسفار الخمسة لموسى، وقد كان من أوائل من فعل ذلك منهم ابن عزرا الحبر اليهودي الغرناطي (تـ 1167م) حين ألغز ملاحظته فقال في شرحه لسفر التثنية: "فيما وراء نهر الأردن .. .. لو كنت تعرف سر الإثني عشر.. كتب موسى شريعته أيضًا ... وكان الكنعاني على الأرض ... سيوحي به على جبل الله ... ها هوذا سريره، سرير من حديد، حينئذ تعرف الحقيقة " ولم يجرؤ ابن عزرا على كشف الحقيقة فألغزها.
                          وقد فسر اليهودي الناقد اسبينوزا قول ابن عزرا بأنه أراد بأن موسى لم يكتب التوراة لأن موسى لم يعبر النهر، ثم سفر موسى قد نُقِشَ على اثني عشر حجرًا بخط واضح، فحجمه ليس بحجم التوراة، .. .. .. ثم كيف يذكر أن الكنعانيين كانوا حينئذ على الأرض؟ فهذا لا يكون إلا بعد طردهم منها، وأما جبل الله فسمي بهذا الاسم بعد قرون من موسى، وسرير عوج الحديدي جاء ذكره في التثنية (3/11-12) بما يدل على أنه كتب بعده بزمن طويل.
                           اعتراف القس نورتُن بتحريف الكتاب:
                          ويعترف أيضًا في القرن التاسع عشر القس نورتن بعدم صحة نسبة الأسفار لموسى فيقول: “التوراة جعلية يقينًا، ليست من تصنيف موسى”.
                          أصدرت المطبعة الكاثوليكية عام 1960م طبعة للكتاب المقدس جاء في مدخلها “ما من عالم كاثوليكي في عصرنا يعتقد أن موسى ذاته كتب كل التوراة منذ قصة الخليقة، أو أنه أشرف على وضع النص الذي كتبه عديدون بعده، بل يجب القول بأن هناك ازديادًا تدريجيًا سببته مناسبات العصور التالية الاجتماعية والدينية”، ومثله في المدخل الفرنسي للكتاب المقدس.
                           اعتراف دائرة معارف القرن التاسع عشر بتحريف الكتاب:
                          وتقول دائرة معارف القرن التاسع عشر: إن “العلم العصري، ولاسيما النقد الألماني قد أثبت بعد أبحاث مستفيضة في الآثار القديمة، والتاريخ وعلم اللغات أن التوراة لم يكتبها موسى ، وإنما هي من عمل أحبار لم يذكروا أسماءهم عليها، وألفوها على التعاقب معتمدين في تأليفها على روايات سماعية سمعوها قبل أسر بابل”.
                           اعتراف أستاذ اللغات السامية نولدكه بتحريف الكتاب:
                          ويقول نولدكه في كتابه "اللغات السامية": "جمعت التوراة بعد موسى بتسعمائة سنة، واستغرق تأليفها وجمعها زمنًا متطاولًا تعرضت حياله للزيادة والنقص، وإنه من العسير أن نجد كلمة متكاملة في التوراة مما جاء به موسى.
                           اعتراف روجيه جارودى بتحريف الكتاب:
                          ويقول جارودى في كتابه "إسرائيل والصهيونية السياسية": “ليس هناك عالم من علماء التوراة وتفسيرها لا يقر بأن أقدم نصوص التوراة قد ألف وكتب على الأكثر في عهد سليمان، وهذه النصوص ليست إلا تجميعًا لروايات شفهية، وإذا التزمنا بمعايير الموضوعية التاريخية كان علينا الإقرار بأن هذه الروايات التي تتحدث عن ملاحم مرت عليها قرون ليست أكثر تاريخية - بالمعنى الدقيق للكلمة - من الإلياذة أو الرامايانا. فهل يقال بعد ذلك: هذه الأسفار الخمسة من كلام موسى أو الله؟” http://www.saaid.net/Doat/mongiz/noor/1-8.htm
                           من كتب سفر يشوع؟
                          يقول المدخل إلى يشوع ص418: “على هذا الأساس جُدِّدت قراءة الكتاب عن يد محرِّر ينتمى إلى المدرسة التى أنتجت سفر تثنية الاشتراع وتستند إليه ليتأمَّل فى تاريخ إسرائيل الماضى فى ضوء الاختبارات الحديثة. .. .. بغض النظر عن التنقيحات التى لا تُحصى بالنسبة إلى المؤلَّف السابق. .. .. ممَّا لا شك فيه أن اهتمام المحررين قد تناول الأرض التى وعد الله بها أجداد الشعب. .. .. فنحن أمام وثائق ثمينة جدًا عن تقسيم الأرض التقليدى بين أعضاء الشعب. قد يرتقى بعضها إلى الزمن السابق لمُلكِ لداود، ولكن لا يُمكننا أن ننفى وجود تكملات لاحقة بالنسبة إلى تطوُّر الأوضاع فى كل من يهوذا وإسرائيل فى أيام الملكية”.
                          ونفهم من هذا النص الآتى:
                          1- أن هناك مدرسة للتحرير هى التى قامت بتحرير عدة أسفار من بينها سفر التثنية، وسفر يشوع.
                          2- أن هذا الكتاب ما ألفه يشوع، ولا علاقة له به.
                          3- أن هذا النص من عمل نفس هيئة التحرير التى قامت بعمل كتاب سفر التثنية
                          4- كلمة محرِّر تعنى أن هناك من أضاف وحذف من النص ليتلاءم مع مدرسته التى ينتمى إليها أو مذهبه الذى يؤمن به أو مبدأه الذى يتبنَّاه.
                          5- أن هناك إضافات أُلحقت على هذا الكتاب فيما بعد.
                          6- أن الكتاب كان به أخطاء تم تنقيحها، أو كان سليمًا وتم تحريفه بهذه التنقيحات. وفى كلتا الحالتين يجب ألا يُنسب لله!!
                          7- أن هذا الكتاب لا يرجع لتاريخ محدد، ولا إلى شخص واحد. الأمر الذى يُسفط سنده، وينفى كتابته بوحى من الله.
                           من كتب سفر القضاة؟
                          يقول المدخل إلى سفر القضاة ص465 من الكتاب المقدس للآباء اليسوعيين: “بالرغم من الغموض القائم حول تأليف سفر القضاة .. .. ذلك بأن سفر القضاة لا يحتوى على أى تاريخ كان. لا يُذكر فيه إلا مدة كل قضاء، لكن إن جمعنا الأرقام الواردة لكل قاضٍ، نحصل على مدة 410 سنين، وهذا أمر لا يتفق مع سائر ما عُرفَ من تاريخ إسرائيل. أكثر الأرقام واردة عن المحرِّرين”.
                          وهذا يعنى أن المحررين طمسوا معالم مدة حكم كل قاضى أو لم يكن لهم علم بها، الأمر الذى ينفى عنهم كونهم ملهمين. فإمّا أوحى إليهم، وأسرفوا فى هذا الوحى وحرفوا ما قيل لهم، وإمّا لم يوحى إليهم! والكاتب أيضًا مجهول، وعلى ذلك فيجب أن يُستبعد من الكتاب الذى يُنسب لله!!
                          ويقول موقع النت المسجل أدناه عن زمن كتابة هذا السفر: “أجمع علماء الكتاب المقدس على أن ترنيمة "دبورة" ترجع إلى زمن حدوث هذه الحرب المذكورة فيها، أما عن القول الوارد في (قضاة 17 : 6) وغيرها والذي يقول: "وفي تلك الأيام لم يكن ملك في إسرائيل"، يدل على أن السفر كُتب بعد ارتقاء شاول العرش. ثم في (قضاة 1: 21) يقول: "مسكن اليبوسيين مع بني بنيامين في أورشليم إلى هذا اليوم"، يدل على أن السفر كان موجودًا قبل ملك داود (صموئيل الثاني 5 : 6،7). وفي (قضاة 1 : 29) يقول: وأفرايم لم يطرد الكنعانيين الساكنين في جازر. وهذا يدل على أن السفر كُتب قبل عصر سليمان. فيظهر من هذه الإشارات أن السفر كُتب في عصر شاول الملك.”
                          ويقول عن كاتبه إنه لم يُذكر فى السفر نفسه، ولكن ذكر التلمود أنه صموئيل النبى. http://www.sat7.com/bible_study15.htm
                          وذكر البعض أنه من تصنيف فينحاس، وقال آخرون إنه من تصنيف حزقيا، وقال آخرون إن إرميا هو الذى كتبه، وقال آخرون إنه من تصنيف حزقيال، وقال آخرون إنه من تصنيف عزرا. على الرغم من أنه بين عزرا وفينحاس مدة من الزمن أكبر من 900 سنة. فأى سند هذا؟
                          أما اليهود فلا يعتدون بهذا الكلام وهم ينسبونه إلى صموئيل رجمًا بالغيب. فإلى مَن مِن الستة المذكورين يُنسب هذا الكتاب؟
                           من كتب سفر راعوث؟
                          إن كاتبه مجهول لا يعرفه أحد. كما قال موقع sat7: ولكن يُخمن البعض أنه صموئيل.
                          وعلى هذا فهذه مؤلفات نسبها أشخاص مجهولون إلى الله ليعطوا لمعتقداتهم غطاءًا شرعيًا. لكن كاتب هذا السفر لا يعرفه أحد. وعلى ذلك يجب إسقاطه من قانون الكتاب المقدس.
                           من كتب سفرى صموئيل؟
                          يقول موقع sat7 إن كاتب سفر صموئيل الأول هو على الأرجح النبى صموئيل. ولكن مشكوك فى هذه النسبة أو مازال فيها خلاف، وهناك أيضًا كتابات بقلم النبيين ناثان وجاد. يقول نفس الموقع عن كاتب صموئيل الثانى إنه: “غير معروف، ولكن يرى البعض أن "زابود" بن ناثان هو الكاتب (ملوك الأول 4:5) كما أن السفر يحتوي على كتابات ناثان وجاد.”
                          ويقول المدخل إلى سفرى صموئيل ص520: “هما عمل أدبى يجمع مواد غير متجانسة بعضها قديم جدًا، ويضم تقاليد شفهية لا شك أنها ترقى إلى أيام شاول وداود، ولا يسعنا الآن أن نهتدى إلى حالتها الأولى التى وراء الصيغة المكتوبة، وصفحات يرجح أنها حُرِّرَت على عهد سليمان وإضافات زيدت بعد خراب الدولة فى السنة 587، حين دخل سفرا صموئيل فى العمل الأدبى المنسوب إلى المدرسة التاريخية المسماة (مدرسة تثنية الاشتراع) (يشوع – القضاة – صموئيل – الملوك) والتى يمكن معرفتها بسهولة من تركيب جملها وإنشائها.”
                          هل لاحظتم قول علماء الكتاب المقدس فى مقدمته؟ إنهم يقولون (ولا يسعنا الآن أن نهتدى إلى حالتها الأولى التى وراء الصيغة المكتوبة). ومعنى هذا أنهم يعترفون بالتحريف، وأن الوصول إلى الصيغة قبل أن تحرف، ليمكنهم الوصول إليها.
                           من كتب سفرى الملوك؟
                          يقول موقع sat7 عن كاتب هذين السفرين “يحتمل أن يكون السفر قد كتب بواسطة نبي أو عدد من الأنبياء كانوا يكتبون أثناء السبي.”
                          ويقول المدخل إلى سفرى الملوك بالكتاب المقدس طبعة الآباء اليسوعيين ص622-623: “يذكر الكاتب نفسه أنه استعمل مؤلفات سابقة ويورد فى بعض المصادر التى استقى منها. فالمؤلَّف لم ينشأ فجأة، بل تمَّ على مراحل. فإن آيات 1مل 11/41 و14/19 و29 الخ تشير إلى كل من سفر "أعمال سليمان" وسفر "حوليات ملوك إسرائيل" وسفر "حوليات ملوك يهوذا" التى شكلت نقطة انطلاق لتحرير النص الذى هو الآن فى أيدينا. .. .. فقد استعمل الكاتب فى عمله مصادر أخرى أيضًا. فيبدو مثلًا أنه اطَّلع على محفوظات جاءته من الهيكل .. .. بأية نسبة كانت هذه المعلومات نصوصًا سبق تأليفها أم صدرت عن تقاليد شفهية؟ هذا أمر صعب تحديده. .. .. .. كيف جُمعت هذه العناصر المختلفة فى مجموعة واحدة؟ هذه مشكلة من أعوص مشاكل المؤلَّف.
                          من الواضح أن الذى كتب 2مل 25/27-30 والذى تكلم كلام المعاصر على الأحداث التى يرويها فوصف تابوت العهد فى 1مل 9/13 أو روى وقائع 1مل 9/21 ليس كاتبًا واحدًا، وإلا لكان لا بدّ له من أن يعيش أكثر من أربعمائة سنة! فمن هو واضع سفرى الملوك؟ هناك عدة افتراضات .. .. .. ثم قام محرِّر ثان بعد المحرِّر الأول بجيل وفى فلسطين أيضًا فى حوالى السنة 550 ق.م. وقبل عودة المجليين من بابل، فاستأنف عمل سلفه وأضاف إليه روايات وتقاليد أخرى كانت فى متناوله .. .. .. وأدخل أيضًا فى مؤلَّفه ما كان التقليد يرويه عن ملكة سبأ. ولما كان للأنبياء وشريعة موسى شأن كبير فى مؤلَّف هذا المحرّر الثانى. فقد بدا للمفسرين أنه أتى من بيئة أنبياء، بل لربما كان تلميذًا لإرميا. وآخر الأمر أن بعض الكتبة خرجوا من بيئة لاوية قد أضافوا إضافات طفيفة فى أواخر القرن السادس ق. م.”
                          وهذا يعنى أن هناك كاتب آخر كتب وحرر كتاب الكاتب الأول، ثم أضاف بعض الكتبة إضافات طفيفة على هذا الكتاب!! وفى النهاية فهو غير معروف!
                          وحتى تقسيم السفر إلى سفرين فهو من تدخل مترجمى النسخة السبعينية، أو من الكهنة. وفى ذلك يقول هامش ص678 عن سفر الملوك الثانى: “إن تقسيم الملوك إلى سفرين تقسيم مُصطنع لم يرد فى الكتاب المقدس العبرى كما كان فى الأصل.”
                          وفى ص679 يقول: “يبدو أن الآيات 9-16 إضافة أدخلها تلاميذ اليشاع.”
                          وفى ص681: “فى هذه الآية [2مل 3: 7] وفى الآيات 11 و12 و14، يذكر النص اسم ملك يهوذا يوشافاط، ولكن التسلسل الزمنى يثبت أن الحرب لم تقع إلا على عهد ابنه يورام يهوذا. يبدو أن اسم يوشافاط أُضيف إلى النص الأصلى، نظرا إلى تقواه والعمل المماثل الذى قام به فى 1مل 22.”
                          فلك أن تتخيل هذا الكاتب الذى أضاف معلومة خاطئة ونسبها لله!! فهل هذا الكاتب ذو ضمير صالح؟ وعالم نصوص المخطوطات الخاصة بهذا السفر يعلم أن به خطأ ما، ولا يعترف صراحة دون مواربة، بل يذكر ذلك داخل إطار اسمه “الكتاب المقدس”‍‍!! أليس هذا تدليس، وضحك على أتباعهم ومصدقيهم؟ متى نتحرر من عبوديتنا للشيطان؟ متى نقبل على الله بضمائر صالحة؟ متى نبيع الدنيا بزيفها ونقبل على الآخرة بأعمال تُزين إيماننا؟
                           من كتب سفرى الأخبار؟
                          وينسبه موقع sat7 إلى عزرا تبعًا للتقليد اليهودى كتابة سفرى الأخبار.
                          ويقول المدخل إلى سفرى الأخبار بالكتاب المقدس طبعة الآباء اليسوعيين ص728: “إذا كُنَّا نجهل من هو كاتب سفرَى الأخبار، وفى أى وقت انتهى من عمله، فإننا نعرف على وجه أحسن كثيرًا كيف قام بعمله التحريرى وتأليفه الأدبى.
                          لم يُحرر الكاتب فى الواقع رواية استوحاها من معرفته لتاريخ شعبه القديم، بل نقل عددًا من الوثائق التى بين يديه، وصنَّفها أحيانًا فى ترتيب يوافق ما يهدف إليه مؤلَّفه، ونقحها استنادًا إلى وثائق أخرى اطَّلعَ عليها، أو بحسب نظرته إلى التاريخ ومعناه، وقد اهتم بذكر مراجعه ـ وهذا أمر نادر فى أيامه ـ وأطلعنا على أخبار ثمينة، وإن كانت غير كاملة ويُعسر أحيانًا توضيحها”.
                          وبالإختصار: إن كاتب هذين السفرين مجهول، وهو لم يوحَ إليه، ولكنه نقل عن وثائق قام هو بتحريرها، “ونقحها استنادًا إلى وثائق أخرى اطَّلعَ عليها، أو بحسب نظرته إلى التاريخ ومعناه” أى أخذ ما يتفق مع أهداف كتابه، وترك ما يتعارض معه.
                          أليس أمثال هؤلاء الذين قال فيهم الرب: (15وَيْلٌ لِلَّذِينَ يَتَعَمَّقُونَ لِيَكْتُمُوا رَأْيَهُمْ عَنِ الرَّبِّ فَتَصِيرُ أَعْمَالُهُمْ فِي الظُّلْمَةِ وَيَقُولُونَ: «مَنْ يُبْصِرُنَا وَمَنْ يَعْرِفُنَا؟». 16يَا لَتَحْرِيفِكُمْ!) إشعياء 29: 15-16
                          أليس أمثال هؤلاء الذين قال فيهم الرب: (30لِذَلِكَ هَئَنَذَا عَلَى الأَنْبِيَاءِ يَقُولُ الرَّبُّ الَّذِينَ يَسْرقُونَ كَلِمَتِي بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ.) إرمياء 23: 30
                          ألم يقل الرب فى أمثال هؤلاء: (36أَمَّا وَحْيُ الرَّبِّ فَلاَ تَذْكُرُوهُ بَعْدُ لأَنَّ كَلِمَةَ كُلِّ إِنْسَانٍ تَكُونُ وَحْيَهُ إِذْ قَدْ حَرَّفْتُمْ كَلاَمَ الإِلَهِ الْحَيِّ رَبِّ الْجُنُودِ إِلَهِنَا.) إرمياء 23: 36
                          لذلك قال فيهم: (33وَإِذَا سَأَلَكَ هَذَا الشَّعْبُ أَوْ نَبِيٌّ أَوْ كَاهِنٌ: [مَا وَحْيُ الرَّبِّ؟] فَقُلْ لَهُمْ: [أَيُّ وَحْيٍ؟ إِنِّي أَرْفُضُكُمْ - هُوَ قَوْلُ الرَّبِّ. 34فَالنَّبِيُّ أَوِ الْكَاهِنُ أَوِ الشَّعْبُ الَّذِي يَقُولُ: وَحْيُ الرَّبِّ - أُعَاقِبُ ذَلِكَ الرَّجُلَ وَبَيْتَهُ.) إرمياء 23: 33-34
                           من كتب سفرى عزرا ونحميا؟
                          ويقول الدكتور منقذ سقار فى كتابه (هل العهد القديم كلمة الله .. إبطال نسبة أسفار الأنبياء إليهم): “يفترض أن كاتبيهما هما عزرا ونحميا، لكن يرجح الباحثون أن كاتبهما وكاتب سفر الأيام واحد، وأن الكتابة كانت حوالي سنة 300 ق.م، وممن يرجح تأخر كتابة السفر عن عزرا ونحميا المحققون توري وهوشر وموننكل.
                          فنحميا كان معاصرًا للسبي البابلي، لكن كاتب السفر يتحدث فيه عن يشوع اللاوي الراجع في سبي بابل، فيقول: "وهؤلاء هم الكهنة واللاويُّون الذين صعدوا مع زربابل بن شألتيئيل ويشوع" (نحميا 12/1)، ثم يذكر أن من بين الراجعين من السبي مع زربابل يشوع اللاوي، فيقول: "واللاويون: يشوع وبنوي وقدميئيل.." (نحميا 12/8)، لكن كاتب سفر نحميا يحدثنا عن الجيل الخامس ليشوع اللاوي، فيقول: "يشوع ولد يوياقيم، ويوياقيم ولد ألياشيب، وألياشيب ولد يوياداع، ويوياداع ولد يوناثان، ويوناثان ولد يدوع" (نحميا 12/10–11)، وهذا لا يمكن نسبته لنحميا، الذي عاد من السبي، فيما السفر يتحدث عن الجيل الخامس لأبناء العائدين من السبي.
                          وعليه فكاتب السفر عاش في الجيل الخامس من الرجوع البابلي. فمن هو إذن كاتب هذا السفر؟
                          يجيب المدخل الفرنسي: "جرت العادة بأن تنسب مجموعة الأخبار وعزرا ونحميا إلى كاتب واحد لا يعرف اسمه يقال له: محرر الأخبار". (د. منقذ السقار)
                           من كتب سفر طوبيا؟
                          ابتدأ المدخل بتعريف السفر فقال ص875: “.. .. إنه عبارة عن رواية شعبية قد اقتُبست من التقليد الحِكَمى الشائع فى العالم الوثنى المحيط باليهودية .. ..”
                          وفى ص876 يقول: “من الواضح أن المؤلف لا يعرف الملوك الذين يذكرهم إلا من بعيد (1/2 و15) وأنه لم يتنقل فى المناطق التى يصفها (5/6). فإذا أحاطت روايته بإطار عريق هو إطار القرنين الثامن والسابع ، فما ذلك إلا ليُضفى عليها طابع الحقيقة والحجة. إن المؤلف هو فى الواقع قصاص يحب الطرافة والتفاصيل المأخوذة على طبيعتها.”
                          أى إن المؤلف قصَّاص خيالى ، أراد أن يخدع القراء ، ويُضفى على كتابه “طابع الحقيقة والحُجَّة” ، وأنه استقى معلوماته من حكم الوثنيين!!
                          فهل هذا هو كتابك الذى تُقدسه وتدعوا إليه أيها الكاتب، وتُهاجم من أجله القرآن الكريم؟ فأين حُمرتكَ يا خجل؟!! وما علاقة الوحى بهذا؟؟!! وهل تآمر الوحى مع هذا القصَّاص المُخادع لإخراج هذا الكتاب؟ ألا تُسبُّون الله هكذا بنسبة هذا الكتاب إليه؟
                          وفى هامش الإصحاح الأول يقول ص880: “كثيرًا ما يختلف النص اللاتينى الشائع عن النص اليونانى المعتمد فى هذه الترجمة العربية (راجع المدخل إلى سفر طوبيا) ، ولذلك فهنالك عدم توافق متواتر بينهما فى ترقيم الآيات.”
                          ويقول أيضًا فى نفس الصفحة: “اسم الأب طوبيت واسم الابن طوبيا. أما سائر أسماء العلم فى الكتاب فإنها تختلف اختلافًا كبيرًا باختلاف المخطوطات”.
                           من كتب سفر يهوديت؟
                          هو غير معروف مثل باقى مؤلفى الأسفار الأبوكريفا والأسفار القانونية. لذلك يذكره المدخل إلى سفر يهوديت ص899: “فى الرواية مشاكل تاريخية كثيرة”. الأمر الذى ينفى علاقة الوحى بهذا الكتاب.
                          ففى الكتاب المقدس (الأسفار القانونية الثانية) طبعة مكتبة المحبة يقول عن كاتب سفر يهوديت ص41: “وكاتب هذا السفر مجهول، غير أن البعض ينسب كتابته إلى "يواكيم" الحبر الأعظم. وقد كتب السفر أولًا بالغة العبرية. ولكن الأصل العبرى مفقود الآن”. أى لا يوجد سند له يؤكد على صحته أو صحة ترجمته.
                          وفى ص901 يقولها صراحة: “إن المؤلِّف الأصلى مجهول ، ومن الراجح أنه كتب بلغة سامية. ففى أواخر القرن الثانى ق. م. أو لربما بعد ذلك، استعمل المحرر اليونانى الترجمة السبعينية ونقلها حرفيا .. .. إن النص الأساسى الذى وصلنا هو النص اليونانى”.
                          ومعنى ذلك أن المؤلف غير معروف، وأنه تعرض للتحرير، أى للتحريف عن الأصل الذى كان عليه، ونقل عن الترجمة السبعينية ، وأنه لا أصل له فى العبرانية، لأن اليهود لا يعترفون به، ولا بأى كتاب وصل إليهم بغير لغتهم. لكن يُخمَّن أن لغته سامية. كل هذا الكلام الذى تقرأه ثم تراهم يدَّعون أنه كتاب كُتب بوحى من السماء!! لمن؟ لا يعلمون. ومتى؟ لا يعرفون.
                          وتقول الترجمة الكاثوليكية لدار المشرق ص852: “هذا السفر هو حديث التأليف. أما صفته التاريخية فاثباتها صعب جدًا. والصعوبة هنا هى أكبر منها فى سفر طوبيا. كأن ما ورد من الأخطاء التاريخية والوقائع البعيدة الاحتمال قد ضوعفت قصد الحؤول دون وقوع القارىء بهذا الخطأ. إن اسم البطلة "اليهودية" يوحى بأننا إزاء شخصية رمزية. وأغلب الظن أن الرواية هى نوع من الرؤيا ، وإن لم تكن الحوادث والصور من النوع ذاته”.
                          ثم تجرأ الكتاب المقدس الكاثوليكى الذى يؤمن بقدسية هذا السفر على القول: “إن عمل يهوديت هذا لا ينسجم مع أخلاقنا المسيحية الرقيقة وقد ننفر منه على صواب لو رأينا فيه عملًا واقعيًا”.
                          وهو يعنى أنه إن كان هذا العمل ليس بقصة أو رؤيا وكان عملًا صادقًا فنحن نرفضه ، لأن أخلاقنا لا تسمح بذلك!!
                          يعتبرونه كتابًا مقدسًا ، ثم يعتذرون عن أخلاقه المتدنية ، ويتبرأون من مثل هذه النماذج غير المسيحية وغير المحترمة!!
                           من كتب سفر أستير؟
                          إن كاتبه مجهول. وقد أُلحق على النص العبرى عند الترجمة إلى اليونانية مقاطع وروايات ترجمها هيرونيمس ، ثم ألحقها بالنص العبرى .. ، “علمًا بأن هذه الإضافات هى قانونية ثانية” ، كما يقول المدخل إلى سفر أستير ص927.
                          والغريب أن هذا الكتاب هو الكتاب الوحيد الذى لم يُذكر فيه اسم الله!! وتقول ترجمة الآباء اليسوعيين ص927 إنه “يتجنَّب ذكر اسم الله”. فما معنى أنه يتجنب ذكر الله؟ ففكر معى ماذا لو كتب الشيطان عن طريق أعوانه كتابًا ، فهل سيذكر فيه اسم الله؟ إن الذى كتب هذا الكتاب عدوًا لله ، الأمر الذى اضطر المترجمين إلى إدراج هذه الزيادات التى أضافوها للكتاب ، ليُضفوا عليها الصبغة الدينية!
                          وتنتهى الترجمة العربية المشتركة عند (أستير 10: 3) وكذلك ترجمة فاندايك وكتاب الحياة والتفسير التطبيقى للكتاب المقدس. وتضيف الترجمة العربية للآباء اليسوعيين 9 جُملًا بعد هذه النهاية. إلا أن الترجمة الكاثوليكية لدار المشرق قد أضافت ستة إصحاحات أخرى!!
                          وتعتمد النسخة الكاثوليكية للكتاب المقدس النسخة اليونانية ، وهى بها زيادات غير موجودة في النسخة العبرانية مثل حلم مردوخاى وصلواته وغير ذلك ، وأن المترجمين الأمناء ذوى الضمائر الصالحة قصدوا بهذه الزيادات إضفاء صفة دينية على السفر العبري الذي ليس فيه ما يشير إلى أنه نص ديني، كما صرحت المقدمة الكاثوليكية للسفر.
                          ويقول بطرس عبد الملك وجون طمسن ص66 من قاموس الكتاب المقدس: “لا يوجد تناسق أو انسجام بين السفر في العبرية وبين هذه الزيادات، بل إن هناك تناقضًا بينها، فتذكر هذه الإضافات أن ملك الفرس في ذلك الحين هو ارتزركسيس بدلًا من روكسيس وتذكر أن هامان كان مقدونيا بدلًا من كونه فارسيًا”.
                          وعلى الرغم من أن البروتستانت يُنكرون هذه الزيادات إلا أنهم يقولون عنها ص70 من الأسفار القانونية الثانية مكتبة المحبة: “ان المراد بها إضافات إلى قصة إستير ومردخاى والغرض منها تكملة القصة، وقد أُدمجت بمهارة فى أماكنها فى الترجمة السبعينية. ويُرجَّح أن كاتبى هذه الإضافات هم من يهود مصر”.
                          والله جملة استفزازية جدًا لكل غيور على كتاب يُنسب لله: “والغرض منها تكملة القصة، وقد أُدمجت بمهارة فى أماكنها فى الترجمة السبعينية”. ثم ينسبونها بعد ذلك لله. فأين عقولكم يا نصارى؟
                          وحتى هذه الإضافات التى تشمل فقط ستة إصحاحات اشترك فيها أكثر من كاتب!! فيقول الدكتور منقذ سقار عن مؤلف هذا السفر فى كتابه السابق: يقول كتاب "مرشد الطالبين": "مجهول"، ويقول الدكتور بوست: "ينسب البعض تأليف هذا السفر إلى عزرا ، وآخرون إلى كاهن يدعى يهوياقيم، والبعض ينسبونه إلى أعضاء المجمع العظيم ، على أن الأكثرين ينسبونه إلى مردخاي".
                          كما ذكر قاموس الكتاب المقدس أن البعض قد شكك فى قانونية السفر مثل مليتو السارديسي ، وجورجي النزيانزي.
                          ويقول عنه لوثر: "ليت هذا السفر لم يوجد".
                          إنه يستعر منه!!
                           من كتب سفرى المكابيين الأول والثانى؟
                          وهو أيضًا مؤلِّف مجهول الهوية. “فيظهر أنه عاش فى فلسطين ، مما يؤهله لمعرفة الأخبار التى يرويها”. الكتاب المقدس للكاثوليك، دار المشرق ص769.
                          فهل تعتقد أنه لو كان يوحى إليه لكان فى حاجة لمعرفة شىء عن الأخبار التى يرويها؟ ألا يكفيه إخبار الوحى له؟ ألا ترى هذا دليلًا على نبوة الرسول النبى الأمى الذى حكى عن تاريخ الأمم السابقة ، وبيَّن ما سيحدث فى المستقبل ، بالإضافة إلى معجزاته العلمية وهو نبى أمىّ ، لا يقرأ ولا يكتب؟
                          ويراه مدخل الكتاب المقدس إلى سفرى المكابيين للآباء اليسوعيين ص949 أن الكاتب كان: “يهوديًا من فلسطين، وهو يُقلِّد إنشاء المؤلفات التاريخية القديمة”.
                          ويرى فى المكابيين الثانى أن هذا الكتاب “هو تلخيص لمؤلَّف فى خمسة أجزاء، وضعه ياسون القيرينى فى وقت قريب من الأحداث المروية ، أى بعد السنة 160 ق. م. بقليل. وكان ياسون كاتبًا من شتات القيروان. .. .. .. إن الملخِّص [أى من يُنسب له تلخيص هذا السفر] الذى استند إلى كتابات ياسون هو غير معروف ، كما أن ياسون نفسه غير معروف أيضًا”.
                          يقول كاتب سفر المكابيين الثانى: (تلك الأمور التى شرحها ياسون القيروانى فى خمسة كُتب قد أقبلنا نحن على اختصارها فى درج واحد. ولما رأينا تكاثر الحوادث والصعوبة التى تعترض من أراد الخوض فى أخبار التأريخ لكثرة المواد. كان من همنا أن نجعل فيما كتبناه فُكاهة للمطالع وسهولة للحافظ وفائدة للجميع. فلم يكن تكلُّفنا لهذا الاختصار أمرًا سهلًا وإنما تم بالعرق والسهر.)مكابيين(2) 2: 23-26
                          ما لكم كيف تُفكرون؟ أيلخص شخص ما كتابًا، ويجعل فى مادته ما يُفكِّه القارىء وتعتبرونه كتابًا مقدسًا أُوحى إليه؟ أتكتبون هذا فى مقدمة كتابكم الذى تقدسونه ، وتقولون غيره فى كنائسكم؟ أتدَّعون أنه كتاب الله وكلمته على المنابر وفى كتبكم ، وهو كتاب كبير لشخص آخر لخصه أحد الكتبة؟ ماذا ستقولون لو أن هذا الشخص عند نشوره اتهم الرب بسرقة كتابه واستشهد بكم على هذا؟ ففى صف من ستكونون؟ فلو اخترتم الوقوف فى صف الله والحق ، فخير لكم أن تجاهروا به الآن. أيها الكاتب!!
                          ولكن بعد هذا كله: هل علمتم من الكاتب؟ إن الكاتب واسم مؤلف الكتاب الذى لخصه مجهولان!!
                          يذكر موقع بيت الله المسيحى “يذكر كاتب سفر المكابيين صراحة أن ما يكتبه ليس وحيًا من الله (1مكابيين 9: 27، 14، 41)، ويوضـح أن سفره عبارة عن تأليف بشرى (2مكابيين2: 23-26)، ويختم سفره بالاعتذار عما يحتمل في كتابه من نقائص!!” http://www.baytallah.com/insp/insp8.html
                          وأذكر خطأين من هذا السفر تأكيدًا على أنه ليس من وحى الله: ففى مكابيين الأول 6: 8 يتكلم عن سماع الملك أنطيوخوس ما فعله الأعداء بمدينة صور فاغتم لهذا الخبر ومرض ومات. ويعلق عليها الكتاب المقدس طبعة الآباء اليسوعيين ص971: “لقد مات الملك أنطيوخوس قبل هذه الحادثة ، غير أنه لا بد لكاتب 1مك من أن يُكيِّف روايته وفقًا للتسلسل الزمنى الذى حدده لنفسه”.
                          فهل لم يعرف الرب المُحيى والمميت أنه قبض روح عبده أنطيوخوس ليوحى أنه مات بعد سماعه خبر احتلال المدينة أو هدم سورها؟ لماذا لا تقرُّون بالحق؟ لماذا لا تعترفون أن هذه منقولات عن منقولات شفاهية ما أنزل الله بها من سلطان؟ ماذا ستقولون لله يوم تقفون أمامه للحساب؟ بماذا ستعتذرون لأمتكم عن الضلال الذى يعيشون فيه لمعرفتكم هذه الحقائق وكتمانها عن أتباعكم؟
                          والخطأ الثانى هو ما جاء فى المكابيين الأول 9: 15 حيث جاءت فى الأصول (وتعقبوا إثرهم إلى جبل أشدود) فغير المترجم اسم الجبل وكتبه (حاصور) وعلق عليه هامش الصفحة رقم 979 قائلًا: “نقلًا عن يوسيفس. فى اليونانية واللاتينية: "أشدود" ، ولكن لا جبل بالقرب من أشدود”. والأخطاء التاريخية كثيرة فى هذا السفر ، ولكن ليس هذا مجال سردها.
                          فهل تؤمن عزيزى المسيحى أن الرب أخطأ فى وحيه ، وعدل الكاتب أخطاء الرب؟ أعلم أنك لن تجيبنى ، لأن مثل هذه الأخطاء لا يوجد رد عليها.
                           من كتب سفر المزامير؟
                          الله وحده يعلم ذلك! فقد يشترك فى تأليفه عدة أشخاص.
                          فأورجين وكرازستم وأكستاين وأنبروس وغيرهم من العلماء نسبوا السفر كله إلى داود ، وأنكر قولهم جيروم ويوسى وغيرهما. وقال القدماء من اليهود إنه من تصنيف آدم وإبراهيم وموسى وآساف وهِمان وغيرهم ، أما داود فجمعها فى مجلد واحد ، فعندهم داود  جامع الزبورات فقط لا مصنِّفها.
                          لم تُكتب المزامير فى البدء كما هى الآن بين أيدينا ، فقد كانت المزامير فى مجموعات جزئية “مستقل بعضها عن بعض وغير متساوية فى العدد ، قبل أن تُضم فى مجموعة كُبرى واحدة ، ولعلَّها جُمعت فى أواخر القرن الثالث قبل المسيح ، وفى هذا التكوين التدريجى للمؤلَّف ما يُسوِّغ وجود بعض الأمور غير العادية ، ولا سيَّما بعض القصائد مرتين (14 = 53 و40/14-18 = 70 و57/8-12 + 60/7-14 = 108”. (نقلاً عن مدخل إلى سفر المزامير ص1106)
                          يقول المدخل إلى سفر المزامير ص1107: “فكان المؤمنون يُطبِّقونها مكيّفين إيَّاها بحسب أحوالهم. ثم إن المزامير ، نظراً لارتباطها بالعبادة ، أصبحت جزءٍا حيَّاً من الليترجية ، فكأنها أُلِّفت مرة ثانية وفقاً لما تتطلبه الظروف الجديدة. وكان مفهوم الناس لهوية المؤلِّف وللملكيَّة الأدبية على غير ما هو اليوم من التشدُّد. فهناك عقبات كبرى تعترض طريقنا ، إن أردنا إدراج القصائد فى تاريخ إسرائيل وتحديد تواريخها. فقد تضم وثيقة متأخرة إلى حد ما تقاليد قديمة العهد، وقد يُقدم مؤلِّفون حديثون على إعادة التأليف لما تركه أسلافهم، فيتبنُّون أو يُكيِّفون مواد قديمة، وقد يرصّعون بمجوهرات جديدة أجزاء قديمة جداً وحتى بقايا من أدب الشعوب المجاورة، إن أمكن الأمر”.
                          رحماك ربى! إنها تحريفات وتشويه لكلام السابقين!! إنها سرقات أدبية!! إنها خداع للقرَّاء!! إنها الكذب على الله!! إنها الإفتراء على وحى الله!! إنها النار التى سيصلاها المضلون!! إنها الجنة التى سيُحرَم منها الكذَّابون!!
                          فلك أن تتخيل ما يفعله المؤلفون من إعادة تأليف الكتاب المقدس ، وتكييف مواد قديمة به ، قد تُستعار من أدب الشعوب المجاورة الوثنية ، ويسميها مؤلفو الكتاب الذى تقدسونه (الترصيع بمجوهرات جديدة)!!
                          ومن المثير للعجب أن سفر المزامير “كان يحتوى على مزموراً إضافياً (151)”، لم يخبرنا أحد أين ذهب؟ ولماذا هو الآن خارج الكتاب المقدس ، وقد ظل ردهاً من الزمان فى عداد النصوص التى أوحى بها الرب؟ (ص1116 من الكتاب السابق)
                          يقول المدخل إلى سفر المزامير ص1117: “84 مزموراً تُنسب إلى داود ، وأخرى إلى كتبة مختلفين ، إلى إرميا وحزقيال وزكريا وحجّاى وبنى يوناداب ، تُضاف إليها أحياناً معلومات غير معروفة عن ظروف تأليف المزامير. وأصحاب الترجمة السبعينية يُفسِّرون على طريقتهم ما فى العناوين العبرية من دلالات غامضة. أمّا ترجمتهم فتمكّن، بالرغم من بعض القراءات الخاصة بها، من الوصول إلى نصوص تبدو أصحّ مِمّا ورد فى الأصل العبرى. وهذه الترجمة لا تزال الترجمة المعتمدة فى الكنائس اليونانية وفى الترجمات الرسمية التى تحتفظ بها الكنائس الشرقية”.
                           وهذا يعنى:
                          1- أن هذا السفر اشترك فيه أكثر من مؤلف، ومع ذلك فهو يُنسب لداود. وإن صح هذا الكلام فهذا تدليس وأكل لحق كاتبيه الفعليين.
                          2- تصرَّفَ مترجمو السبعينية فى النصوص الغامضة بمحض إرادتهم ، أى أن الموضوع لم يكن موضوع ترجمة فقط ، بل إن هناك تفسيرات خاصة أضفت على الترجمة مفهوم ما تعمَّده أصحاب الترجمة السبعينية. وهذا ليس بالأمانة العلمية، التى تجعلنا نثق فى هؤلاء المترجمين المجهولين، أو نصفهم بأنهم كانوا ذوى ضمائر صالحة.
                          3- ويُعتمد اليوم على المزامير التى بهذه الترجمة السبعينية. أى تركوا الأصل واتبعوا الترجمة، لأنهم يعدون الترجمة أصح من الأصل!!
                          4- إن هؤلاء القوم لم يعتبروا النص الأصلى العبرى موحاً به مُطلقاً ، فكيف تعتبرون ترجمته السبعينية موحاً بها؟ والدليل على ذلك قولهم: “أمّا ترجمتهم فتمكّن .. .. .. من الوصول إلى نصوص تبدو أصحّ مِمّا ورد فى الأصل العبرى”. فلك أن تتخيل من هو هذا المترجم الذى أصبح علمه أصحُّ من علم الرب!! ولا تخدع نفسك إن العالِم المُعلِّق على هذا السفر يقول (أصحّ مِمّا ورد فى الأصل العبرى) أى إنه يقصد المحتوى وليس سلامة المخطوطة.
                          5- لا يعتمد علماء الكتاب المقدس اليوم على الأصل ، ويعتمدون على الترجمة.
                          6- هناك اختلافات بين المخطوطات المختلفة، التى تحتوى على نفس السفر، سواء بين الترجمات أم المخطوطات العبرية، يُسمِّيها علماء نصوص الكتاب المقدس “قراءات”. وينتقى منها المترجمون ما يتناسب مع هواهم العقائدى عند الترجمة، ويفسرونها تبعاً لهواهم، خاصة عندما تكون الجملة أو الفقرة غير مفهومة! (وأصحاب الترجمة السبعينية يُفسِّرون على طريقتهم ما فى العناوين العبرية من دلالات غامضة. أمّا ترجمتهم فتمكّن، بالرغم من بعض القراءات الخاصة بها ، من الوصول إلى نصوص تبدو أصحّ مِمّا ورد فى الأصل العبرى.)

                          تعليق


                          • #88
                            الملف 65
                            فماذا تبقى لك لتؤمن أن هذا السفر ليس من وحى الله: إن كاتبيه متعددون، منهم المعروف تخمينًا ومنهم غير المعروف، ونصوص أصوله تغيرت إلى نصوص ترجمة أفضل من هذه الأصول.
                            ومن المعروف أن داود حكم بين 1010-970 ق.م. تقريبًا (انظر: جدول تاريخى) بمقدمة الكتاب المقدس طبعة الآباء اليسوعيين ص19.
                            واقرأ معى ما يقوله هامش الكتاب عن المزمور 79: 1-2 ص1224: ”1مزمور لآساف. اللهم قد دخلت الأمم ميراثك، نجَّست هيكل قدسك، جعلت أورشليم أطلالًا، 2أسلمت جثث عبيدك طعامًا لطيور السماء، ولحوم أصفيائك لوحوش الأرض.“ فتقول: ”قد يُشير هذا المزمور إلى الإستيلاء على أورشليم عن يد الكلدانيين فى السنة 587 وإلى نهب المدينة عن يد جيران إسرائيل: أدوم وموآب الخ (راجع 2مل 24/2)“.
                            ويقول هامش سفر المزمور 137 ص1299: ”هذا المزمور يُشير إلى سقوط أورشليم فى 587 وإلى الجلاء إلى بابل“.
                            فمن وصف هذه الحرب وما حدث فيها بعد عام 587 ق.م. إذا كان داود قد مات قبل هذا الحدث ب 383 سنة؟ أعتقد أنك من الذكاء بمكانة تجعلك تفهم هذا بمفردك! فما ردّ الكاتب، الذى بذكائه وعلمه الوفير اكتشف أخطاءً لُغوية فى القرآن الكريم، أى والله، أخطاءً لغوية، لم يتمكَّن مشركو قريش من العرب أنفسهم وصناديدهم من ادعاء هذا الكذب!
                             من كتب سفر الأمثال؟
                            إنَّ كاتب سفر الأمثال أيضًا مجهول، على الرغم من محاولة البعض نسبته إلى سليمان النبى. يقول المدخل إلى سفر الأمثال بالكتاب المقدس طبعة الآباء اليسوعيين ص1315: ”إن سفر الأمثال مجموعة قِطَع من مختلف المصادر والتواريخ، أو هو بالأحرى مجموعات. إنه يعود إلى الفن الأدبى الذى كان مزدهرًا منذ زمن طويل فى الهلال الخصيب وفى مصر، أى إلى الأدب الحِكَمى. هناك أكثر من وجه شبه بين سفر الأمثال وما يماثله فى النصوص السومرية أو الأشورية البابلية أو الكنعانية أو الحثيّة أو المصرية، فإن فيها معالجة لمواضيع واحدة بألفاظ واحدة، وفيها أيضًا اقتباسات مباشرة“.
                            وفى ص1319 يقول: ”من الثابت أن الحقبة التابعة للجلاء شاهدت هى أيضًا عملًا مهمًّا للصياغة والاقتباس من الحِكَم المجاورة. ومع ذلك فإن بعض المقاييس الأدبية، بعد أن عُدَّت مُقنعة لنسب مَثَل 1-9 إلى تلك الحقبة الأحدث، أصبحت اليوم موضع نزاع. لا شك أن إسرائيل نقَّح سفر الأمثال مدة طويلة كما نقَّحَ كتاب مزاميره.“
                            (30لِذَلِكَ هَئَنَذَا عَلَى الأَنْبِيَاءِ يَقُولُ الرَّبُّ الَّذِينَ يَسْرقُونَ كَلِمَتِي بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ.) إرمياء 23: 30، فإذا كان الرب قد ألقى باللوم على الأنبياء اللصوص، الذين يسرقون أقوال بعضهم البعض، وكلهم أنبياء، أى إن أصول كلامهم المفروض أنه يرجع كله لله، فما بالك بمن يسرق من الشعوب الوثنية المجاورة؟
                            أيها الكاتب، اقرأ هذه مرة أخرى وارفع صوتك بها لقرائك ومستمعيك! (من الثابت أن الحقبة التابعة للجلاء شاهدت هى أيضًا عملًا مهمًّا للصياغة والاقتباس من الحِكَم المجاورة. .. .. .. لا شك أن إسرائيل نقَّح سفر الأمثال مدة طويلة كما نقَّحَ كتاب مزاميره).
                            ارفع صوتك واقرأ بصوت مرتفع ما قاله علماؤكم:
                            إن إسرائيل نقَّحَ كتاب الرب!! أى حرَّف كتابه
                            إن إسرائيل أعلم من الرب بما يجب أن يكون عليه كتابه!!
                            إن إسرائيل لا تأخذ كلام الرب مسلمًا به، بل أضافت عليه أو حذفت منه!!
                            إن إسرائيل ليس لهم عهد أو أمان مع الرب أو أنبيائه أو كتابه!!
                            إن إسرائيل خانوا كلام الرب!!
                            (..... أَمَّا أَوَّلاً فَلأَنَّهُمُ اسْتُؤْمِنُوا عَلَى أَقْوَالِ اللهِ. 3فَمَاذَا إِنْ كَانَ قَوْمٌ لَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ؟ ......) رومية 3: 1-4
                            (53الَّذِينَ أَخَذْتُمُ النَّامُوسَ بِتَرْتِيبِ مَلاَئِكَةٍ وَلَمْ تَحْفَظُوهُ؟».) أعمال الرسل 7: 53
                            ويُأكِّد المدخل إلى سفر نشيد الأناشيد بالكتاب المقدس للآباء اليسوعيين، على أن ذلك لا علاقة لسليمان به فى ص1378: ”ولكن من الواضح أن مؤلفها ليس سليمان. لقد نُسب نشيد الأناشيد إلى سُليمان، كما نُسبَ إليه سفر الأمثال وسفر الجامعة وسفر الحكمة.“
                            وتعليقًا على الأمثال 1: 16 يقول هامش الكتاب: ”لم ترد هذه الآية فى أفضل المخطوطات اليونانية، وهى تُعد تعليقًا مأخوذًا من اش 59/7.“
                            وفى ص1347 يقول: ”لعل هذه الفصول الثلاثين تُشير إلى "حكمة أمينيموبى المصرى" التى يُستوحى منها كل هذا المقطع.“
                            فهل استوعبت هذه الفقرة؟ 30 فصلًا من مجموع 31 فى السفر يُشير إلى حكمة أمينيموبى المصرى الوثنى!!
                             من كتب سفر الجامعة؟
                            يقول المدخل إلى سفر الجامعة للكتاب المقدس للآباء اليسوعيين ص1360: “يُنسَب هذا الكتاب الحِكَمى إلى سليمان بن داود (1/1)”. وبهذا القول تقول الكنيسة أيضًا لعامة الناس. فما مقدار صدق هذه المقولة؟
                            إلا أنه يرجع ويقول: “أما الخاتمة والملحق (12/8-14)، وقد تكون من تأليف تلميذ، فإنها تشير، على ما يبدو، إلى مناقشات فى البيئة اليهودية فى مصدر هذا الكتاب المُذهل وأهميته”. ولم يُحدد تلميذ من؟ فلماذا؟
                            ويُأكِّد المدخل إلى سفر نشيد الأناشيد بالكتاب المقدس للآباء اليسوعيين، على أن ذلك لا علاقة لسليمان به فى ص1378: “ولكن من الواضح أن مؤلفها ليس سليمان. لقد نُسب نشيد الأناشيد إلى سُليمان، كما نُسبَ إليه سفر الأمثال وسفر الجامعة وسفر الحكمة”.
                            وتقول فيه مقدمة الترجمة الكاثوليكية لدار المشرق: “إن سفر الجامعة لهو فى الحقيقة أشد أسفار الكتاب المقدس غموضًا وأجدرها فى تضليل القارىء السطحى.“
                            ويقول فى 4: 7: “ثم التفتُ فرأيت جميع المظالم التى تُرتكب تحت الشمس، وإذا بدموع المظلومين، ولا مُعزِّى لهم، وفى أيدى ظالميهم قُدرة ولا مُعزِّى لهم، فهنَّأت الأموات الذين ماتوا، ولا الأحياء الذين لا يزالون أحياء. وخير منهم جميعًا من لم يوجد حتى الآن، لأنه لم ير العمل الشرير الذى يُعمَل تحت الشمس”.
                            وهذا لم يحدث فى عصر سليمان. لقد كان نبى الله سليمان حاكمًا عادلًا، ويُستبعد هذا الظلم أن يكون قد حدث فى عصره، فقد أتى إليه حكماء ورؤساء من كل أنحاء العالم ليتعلموا على يديه الحكمة. الأمر الذى يؤكد أن كاتبه ليس سليمان، ولا يحكى عما حدث فى ملكه. كما أن الكتاب كله ملىء بالحزن والتشاؤم، ومثل هذه النظرة لا نتوقعها من رجل فى عصر سليمان، ولا من أحد معاصريه، حيث ملأ سليمان الأرض التى كان يحكمها عدلًا، فلماذا التباكى؟ وأين هذا الظلم؟
                            إذن فهذا الرجل الذى ينقل السفر كلامه غير معروف. ومستحيل أن ينقل نبى الله سليمان أقوال لشخص مجهول أو حتى معلوم ويُدخلها فى وحى الله. فالله لا يحتاج لمساعد فى تكوين كتابه، أو فى بث حكمه. وهذا ما حدا بالمدخل لسفر الجامعة أن يقول: “إن هذا الكتاب غير متجانس، وهذا ما يجعل مطالعته عسيرة”.(ص1360)
                            وتجرأت مقدمة الترجمة الكاثوليكية لدار المشرق، فقالت: “يبتدىء الغموض بشخص المؤلف نفسه الذى يدّعى فى الفصل الأول نفسه أنه ابن لداود وملك فى أورشليم. فيبدو لنا وكأن له كل حكمة سليمان وغناه المضروب بهما المثل. وكان يجب أن لا تغش هذه التسمية الوهمية أحدًا لأن المؤلف يتكنّى فى ذات الوقت باسم آخر أى "الجامعة". وفى نهاية السفر خلاصة كتبتها يد ثانية تضعه بين "الحكماء"، دون ريب أمثال الذين سيدعون فى زمن الإنجيل معلمى إسرائيل. ثم إن كلمة الجامعة ليست اسم علم حقيقى بل تعنى شخص المؤلف من خلال وظيفته، وهى دون ريب وظيفة معيّنة فى الجماعة”.
                            وهذا يعنى أن الكاتب كذَّاب، غشَّاش، مُخادع. فعجبًا لكم! كيف تعتبرون كلامه من وحى الله؟
                             من كتب سفر نشيد الأناشيد؟
                            تعترف مقدمة هذا السفر للطبعة الكاثوليكية دار المشرق ص226 بأن هذا السفر لا يُعزى إلى سليمان، فيقول: “إن السفر يعود إلى عهد متأخر دون ريب على الرغم من بعض التلميحات إلى سليمان، نستخلص ذلك من لغته ومفرداته التى تتخللها كلمات إيرانية. فقد يكون من الجيل الرابع”.
                            وأنقل لك أيها الكاتب ما قاله المدخل إلى هذا السفر بالكتاب المقدس للآباء اليسوعيين. والذين كتبوا هذا الكلام ليسوا بمسلمين، ولكنهم علماؤك الذين يعرفون اللغة الأصلية التى كتب بها هذا السفر: علماء نصوص الكتاب المقدس، وذلك بصفحات 1378-1379: ”إن هذا الكتاب الصغير يُشكِّل مسألة من أشد المسائل المتنازع عليها فى نصوص الكتاب المقدس. فما معنى هذه القصيدة الغزلية (أو مجموعة القصائد الغزلية) فى العهد القديم؟ فللكتاب طابع غرامى، وهو لا يتوقف على الجمال الطبيعى، ولا يذكر الله ولا إنجاب الأولاد. فيه إشارات إلى جغرافية فلسطين، لا بل فيه ذكريات أسطورية، ومع ذلك فلا نجد فيه أى مفتاح لتفسيره. من الذى ألَّفه وفى أى تاريخ؟ ولماذا أُلِّف؟ وإذا صحّ أن وجوده فى قانون الكتب المقدسة لم يكن مصادفة، فكيف اكتسب مكانه حتى إنه وَجَدَ دوره فى رتبة الفصح اليهودى فى وقت لاحق؟“
                            “يرى بعضهم فيه مجرّد مجموعة قصائد للأعراس، تتجاور فيها أغانى الحب، دون اهتمام بالزواج”.
                            ومعنى ذلك أنه لا يقصد الحب العفيف، بل يقصد النوع الآخر، الذى يُطلق عليه الفجور والزنى!!
                            هذا على الرغم من قوله فيما بعد: “هل أُنشدت هذه القصائد فى الأعراس؟ من الصعب أن نُثبت هذا الأمر، مع أن العادة قد جرت بإنشادها فى قاعات المآدب. أمَّا استعمال الكتاب فى رتبة عيد الفصح اليهودى، فلا شاهد على ذلك قبل القرن الخامس ب. م.”.
                            “جرت محاولات قيل فيها إن التأليف يرقى عهده إلى زمن سليمان أو إلى ما بعده بقليل، لكن الإنشاء واللغة يدلان على أنه جاء متأخرًا، فى أيام الفرس مثلًا (القرن الخامس ق.م.) أو حتى فى العصر الهلِّينى (القرن الثالث ق. م.) .. .. .. ولكن من الواضح أن مؤلفها ليس سليمان. لقد نُسب نشيد الأناشيد إلى سُليمان، كما نُسبَ إليه سفر الأمثال وسفر الجامعة وسفر الحكمة”.
                            وعن التفسير الليترجى يقول: “هو صيغة أخرى للتمثيل. يرى نشيد الأناشيد نقل شعائر دينية وثنية شرق أوسطية إكرامًا لإله يموت، وتفتش عنه فى الجحيم حبيبته إلاهة الحب والحرب”.
                            وإذا أغلقت الكتاب الذى أنقل منه ستجد على الغلاف مكتوبًا “الكتاب المقدس”!!
                            حب غير عفيف .. دعوة للفجور .. تصويرات وإيماءات جنسية .. إقتباسات من الشعائر الوثنية .. ثم يقولون: هذا من عند الله! ثم يرمون القرآن بما عندهم!
                            اقرأ معى قول العلماء الأمناء على كلمة الرب!
                            ففى صفحة 1380 من الطبعة اليسوعية يقول: “ولكن من المحتمل أن يكون حب نشيد الأناشيد بشريًا، جنسيًا ومقدسًا فى آن واحد”!!
                            جديدة هذه! ”بشريًا، جنسيًا ومقدسًا“!! جنسى مقدس أيها الكاتب! وعلى الرغم من ذلك فهو بشرى!! كيف يكون بشريًا ومقدسًا فى نفس الوقت؟ وكيف يكون جنسيًا ومقدسًا فى آن واحد؟ وكيف يكون مقدسًا وهو بشرى وجنسى؟ أرجوك: لا تلعن علماءك الذين كتبوا هذا الكلام، فهم من أكثركم صراحة معكم، غير أنهم لا يجرؤون على مصارحتكم أكثر من ذلك! إنهم لن يصرحوا لكم أن هذا الكتاب غير مقدس، واكتفوا بقولهم إن الرب لا علاقة له بهذا الكتاب، وأن ما تنسبونه للأنبياء، فهو من باب الكذب والتدليس، الذى قامت به الكنائس فى الماضى، ولا تزال يعض منها تدعيه أمام البسطاء والسذج والجهلاء ثقافة!
                            على الرغم من قول مقدمة هذا السفر فى النسخة الكاثوليكية دار المشرق ص226: “لا يقرأ نشيد الإناشيد إلا قليل من المؤمنين لأنه لا يلائمهم كثيرا”.
                            ويقول ول ديورانت فى كتابه “قصة الحضارة” ج3 ص388: “مهما يكن من امر هذه الكتابات الغرامية فإن وجودها فى العهد القديم سر خفى .... ولسنا ندرى كيف غفل او تغافل رجال الدين عما فى هذه الاغانى من عواطف شهوانية واجازوا وضعها فى الكتاب المقدس”.
                            ولا أريد أن أنقل كل المناظرة مع القس زكريا بطرس حول صحة الكتاب المقدس، فهو كتاب كبير به آراء العلماء من كافة التيارات الدينية المسيحية، وحقائق لا يتفوهون بها أمام العامة. وأناشدك عزيزى القرىء أن تقرأ هذا الكتاب (بمكتبة وهبة، بشارع الجمهورية، بجوار مسرح الجمهورية، عابدين، القاهرة).
                            ولكن نخلص من كل هذا أن أسفار الكتاب تنسبونها لله كذبًا وزورًا، ولا يعرف علماؤكم من كتب هذه الكتب، ولا كيف دخلت إلى قانون الكتاب الذى تقدسونه.
                            أما بشأن ما تسمونه العهد الجديد، فيكفى أن تعرف أن عدد الرسائل البالغة 14 رسالة وتُنسب إلى بولس، فهو لم يكتبها، ولم يكتب إلى الكنائس سوى بضعة أسطر، كما قال أوريجانوس، ونقلت لك هذا الاعتراف من تاريخ الكنيسة ليوسابيوس القيصرى، والذى ينتمى إلى القرن الرابع الميلادى.
                            ولا أريد أن أتوسع بشأن كتبة الأناجيل فيكتفى أن أذكر شيًا عن كاتب إنجيل متى، وما سنصل إليه من نتيجة بشأن سفر واحد سيُعمَّم على كل أسفار الكتاب:
                             من هو مؤلف إنجيل متَّى؟
                            يقول المدخل إلى إنجيل متَّى عن هذا الإنجيل طبعة الآباء اليسوعيين ص35: “فلمَّا كنَّا لا نعرف اسم المؤلِّف معرفة دقيقة، يُحسن بنا أن نكتفى ببعض الملامح المرسومة فى الإنجيل نفسه، فالمؤلِّف يُعرَف من عمله.”
                            ولعل أهم الشهادات التاريخية لهذا الإنجيل هى شهادة الأسقف بابياس أسقف هرابوليس 155م حين قال: "قد كتب متى الأقوال بالعبرانية، ثم ترجمها كل واحد إلى اليونانية حسب استطاعته" كما يقول ايريناوس أسقف ليون 200م بأن متى وضع إنجيلًا للعبرانيين كتب بلغتهم.
                            ولما كانت جميع مخطوطات الإنجيل الموجودة يونانية فقد تساءل المحققون عن مترجم الأصل العبراني إلى اليونانية، وفي ذلك أقوال كثيرة لا دليل عليها البتة، فقيل إن مترجمه متى نفسه، وقيل: بل يوحنا الإنجيلى، وقيل غيرهما.
                            والصحيح ما قاله القديس جيروم (420م) "الذي ترجم متى من العبرانية إلى اليونانية غير معروف"، بل لعل مترجمه أكثر من واحد كما قال بابياس.
                            وقد قال نورتن الملقب بـ "حامي الإنجيل" عن عمل هذا المترجم المجهول: "إن مترجم متى كان حاطب ليل، ما كان يميز بين الرطب واليابس. فما في المتن من الصحيح والغلط ترجمه".
                            فمن هو متى؟ وما صلته بالإنجيل المنسوب إليه؟ وهل يحوى هذا الإنجيل كلمة الله ووحيه؟ ألم يعرف الرب أن ضياع سند كتابه معناه فقدان الثقة فيه؟ فلماذا ترك كتابه لا يُعرف مترجمه من كاتبه من زمن كتابته؟ وأين الروح القدس الذى يهبه آباء الكنيسة ليثبتوا لنا أنهم فعلًا يوحى إليهم وليخبرونا بصحة هذه الكتب؟
                            في الإجابة عن هذه الأسئلة تناقل المحققون ماذكره علماء النصارى في ترجمة متى، فهو أحد التلاميذ الاثني عشر، وكان يعمل عشارًا في كفر ناحوم، وقد تبع المسيح بعد ذلك. وتذكر المصادر التاريخية أنه رحل إلى الحبشة، وقتل فيها عام 70م، ولم يرد له ذكر في العهد الجديد سوى مرتين: المرة الأولى عندما نادى عليه المسيح، وهو في مكان عمله في الجباية (انظر متى 10/3). والثانية في سياق تعداد أسماء التلاميذ الاثني عشر. (انظر متى 10/3، ولوقا 6/15).
                            ومن الجدير بالذكر أن مرقس ولوقا يذكران أن العشار الذي لقيه المسيح في محل الجباية هو لاوي بن حلفي ( انظر مرقس 2/15، ولوقا 5/27 ) ولم يذكرا اسم متى. وتزعم الكنيسة ـ بلا دليل ـ أن لاوي بن حلفي هو اسم آخر لمتى العشار.
                            يقول جون فنتون مفسر إنجيل متى وعميد كلية اللاهوت بلينشفيلد بأنه لا يوجد دليل على أن متى هو اسم التنصير للاوي، ويرى أنه من المحتمل "أنه كانت هناك بعض الصلات بين متى التلميذ والكنيسة التي كتب من أجلها هذا الإنجيل، ولهذا فإن مؤلف هذا الإنجيل نسب عمله إلى مؤسس تلك الكنيسة أو معلمها الذي كان اسمه متى، ويحتمل أن المبشر كاتب الإنجيل قد اغتنم الفرصة التي أعطاه إياها مرقس عند الكلام على دعوة أحد التلاميذ، فربطها بذلك التلميذ الخاص أحد الاثني عشر (متى) الذي وقره باعتباره رسول الكنيسة التي يتبعها". ولو علمت أيضًا أن أصل إنجيل متى العبرانى أو الآرامى قد فقد، تصيبك الدهشة أكثر وأكثر.
                            http://www.alhakekah.com/bible-/new-testement/new_8.htm
                            وعن نسخ الأناجيل بعضهم من بعض يقول تفسير إنجيل متى لوليم باركلى ص 17: إن (المادة الموجودة فى بشارة متى وبشارة لوقا مستقاة من بشارة مرقس كأساس لهما. ويمكن تقسيم بشارة مرقس إلى 105 فقرة، ونستطيع أن نجد 93 فقرة منها فى بشارة متى، و81 فقرة منها فى بشارة لوقا. ومن هذه الفقرات ال 105 الواردة فى بشارة مرقس نجد أربع فقرات فقط لا وجود لها فى بشارة متى وبشارة لوقا.) أى 88.6 % من فقرات إنجيل مرقس قد نقله متى مع تغيير يؤيد وجهة نظره العقائدية.
                            وبحساب الجُمَل يقول وليم باركلى فى تفسيره لإنجيل متى ص 17 نجد أن (مرقس يحتوى على 661 عددًا، ومتى 1068 عددًا، وفى بشارة لوقا 1149 عددًا. ويورد متى أكثر من 606 من الأعداد الواردة فى مرقس، ويورد لوقا 320 منها.) وهناك أيضًا 55 عددًا موجودة عند مرقس ولا يذكرها متى، ومن هؤلاء الجمل نجد 31 عددًا يوردها لوقا.
                            بالله عليكم أعزائى النصارى ماذا تنتظرون للإعتراف والتسليم بأن هذه الكتب غير موحى بها من الله، وليست هى كتب الله؟ إن علماءكم المعتبرين لديكم اعترفوا أن أصول كتابكم نالته يد التحريف بالإضافة أو الحذف، وأن يد النسَّاخ قد تدخَّلت فى النصوص سواء عمدًا أم عن غير قصد؟ فما الحكمة أن يوحى الرب بكتاب ثم يوحى كتابين آخرين بكل منهما ما يقرب من 90% من الكتاب الأول؟ أليس هذا تبذيرًا وإسرافًا فى استخدام الورق؟ وتضيعًا لوقت من يكتبهم أو يقرأهم أو يطبعهم؟ ولا أريد أن أدخل الآن فى الإختلافات بين نفس القصص التى يوردها كل إنجيل.
                            وأنت تعلم أن إنجيل مرقس هو أول الأناجيل زمنيًا أى أقدمهم كتابة، وعنه أخذ باقى كتبة الأناجيل. وتعلم أيضًا أن مرقس لم يكن من تلاميذ المسيح ابن مريم ، فلك أن تتخيل أن متى، الذى تفترض الكنيسة أنه هو اللاوى، وأنه من تلاميذ المسيح قد أخذ كتاباته عن مرقس! وهذا وحده دون البحث فى النصوص يثير الشك فى متى هذا. فهل يُعقل أن يأخذ التلميذ الشاهد على الأحداث كتابات من إنسان ليس شاهد عيان، بل تلميذ لبطرس رفيق بولس الذى اتهمه التلاميذ أنفسهم بالضلال؟ (أعمال الرسل 21: 20-25)
                            وفى ص 19 يقول باركلى: (فكلاهما [متى ولوقا] أخذ من مرقس رواية الأحداث فى حياة يسوع، ولكنهما أخذا رواية التعاليم من مصدر آخر. وقرينة ذلك أن 200 عددًا فى متى تتشابه مع نظيرها فى لوقا، وهذه مختصة بتعاليم يسوع. ونحن لا نعرف المصدر الذى استقيا منه هذه التعاليم، ولكن علماء الكتاب المقدس يعتقدون أن هناك كتاب يجمع تعاليم المسيح، ويرمزون إليه ب (Q)) التى تعنى المصدر.
                            إذن لقد كان متى ينتقى كما أقر العلماء، بدليل أنه ترك 55 جملة كانت عند مرقس، وأتى من مصدر آخر بباقى إنجيله، أو ربما أضيفت هذه الجمل إلى مرقس فيما بعد. كذلك يؤمن علماء الكتاب المقدس أنه يوجد كتاب يحتوى على أصول هذه الكتب والعقيدة وتعاليم المسيح، وأن هذا الكتاب قد فُقد. وهذا ينفى وجود تواتر وسند صحيح لهذه الكتب.
                            ويأتى ر.ت. فرانس فى التفسير الحديث لمتى ص 25 بإحصائية مختلفة عن التى أوردها وليم باركلى: “نجد فى إنجيل مرقس ما يقرب من 45% من مادة إنجيل متى، فى صيغة مماثلة (وأحيانًا متطابقة تمامًا)، بل تكاد تكون بنفس الترتيب، وثمة 20% أو أكثر أخرى تشترك بنفس الطريقة مع إنجيل لوقا، هذا فضلًا عن وجود توافق تقريبى فى ترتيب الكثير من الأجزاء المشتركة وإن اختلف مكانها فى الهيكل العام لكل إنجيل، وبهذا لا يتبقى سوى 35% من الإنجيل، وهى محصلة ما ساهم به متى شخصيًا فى الإنجيل المعروف باسمه، على الرغم من أنه بلا شك قدم الكثير من المادة المشتركة بطريقة واضحة مميزة، إلى حد أنه قد يكون من الصعب أحيانًا تحديد ما إذا كان فى الواقع ثمة تقليد مشترك يستند إليه الإنجيل فى سرده لحدث أو قول معين.”
                            والآن إذا كان مصدر هذه الكتب الأربعة واحد وهو الله، فلماذا اختلفوا مع بعضهم البعض؟ لماذا أوحى الله لأحدهم ما لم يوح إلى الآخرين؟ هل بسبب نسيان الرب؟ أم بسبب نسيان الكتبة؟ أم لعدم أهميتها؟ أم هذه كتابات واجتهادات شخصية فى تجميع الأحداث والقصص المتناقلة على ألسُن الناس بعد مرور وقت طويل من حدوثها كما يقول علماء اللاهوت؟ ألا تتفق معى أنه لو اتفقت الأناجيل الأربعة لفظًا ومحتوىً لكان هذا أدعى للقول بألوهية مصدرها؟
                            وأضيف أقوال جمعها الدكتور منقذ سقار فى كتابه: هل العهد الجديد كلمة الله؟: “وقد أنكر كثير من علماء المسيحية في القديم والحديث صحة نسبة الإنجيل لمتى يقول فاستس في القرن الرابع: “إن الإنجيل المنسوب إلى متى ليس من تصنيفه”، وكذا يرى القديس وليمس. والأب ديدون في كتابه "حياة المسيح".
                            ويقول ج ب فيلبس: “نسب التراث القديم هذه البشارة إلى الحواري متى، ولكن معظم علماء اليوم يرفضون هذا الرأي”.
                            ويقول د برونر: “إن هذا الإنجيل كله كاذب” .
                            ويقول البرفسور هارنج: إن إنجيل متى ليس من تأليف متى الحواري، بل هو لمؤلف مجهول أخفى شخصيته لغرض ما.
                            وجاء في مقدمة إنجيل متى للكاثوليك: “أما المؤلف، فالإنجيل لا يذكر عنه شيئًا، ولكن البحث في الإنجيل لا يثبت ذلك الرأي أو يبطله على وجه حاسم”.
                            ويقول القس فهيم عزيز عن كاتب متى المجهول: “لا نستطيع أن نعطيه اسمًا، وقد يكون متى الرسول، وقد يكون غيره”.
                            http://www.saaid.net/Doat/mongiz/noor/2-7.htm
                            ومن هنا يبطل زعم الكاتب أن كتابه مقدس، وأنه صمد أمام محك الزمن. وأن هذا الكتاب الذى يقدسه ليس كتاب الله حتى نتكلم عن تحريفه. فهو ملىء بالأخطاء التاريخية والعلمية والمنطقية والأدبية والأخلاقية والعددية واللغوية والإملائية. ومن العار على المرء، بل من الكفر البيِّن أن ينسب مثل هذا الكتاب لله.
                            أما استشهاد الكاتب بقول الكتاب: (18لأَنِّي أَشْهَدُ لِكُلِّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالَ نُبُوَّةِ هَذَا الْكِتَابِ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَزِيدُ عَلَى هَذَا يَزِيدُ اللهُ عَلَيْهِ الضَّرَبَاتِ الْمَكْتُوبَةَ فِي هَذَا الْكِتَابِ. 19وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَحْذِفُ مِنْ أَقْوَالِ كِتَابِ هَذِهِ النُّبُوَّةِ يَحْذِفُ اللهُ نَصِيبَهُ مِنْ سِفْرِ الْحَيَاةِ، وَمِنَ الْمَدِينَةِ الْمُقَدَّسَةِ، وَمِنَ الْمَكْتُوبِ فِي هَذَا الْكِتَابِ) الرؤيا 22: 18-19 وقد أخطأ الكاتب وظن أنها فى الإصحاح (12) بدلا من (22)
                            واستشهاده بقول التثنية 4: 2 (2لا تَزِيدُوا عَلى الكَلامِ الذِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهِ وَلا تُنَقِّصُوا مِنْهُ لِتَحْفَظُوا وَصَايَا الرَّبِّ إِلهِكُمُ التِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا.)
                            فهذا يدين الكتاب نفسه، لأنه معنى أن ينزل الرب عقوبة لمن يحرف كلامه بالزيادة أو النقصان، أن الرب يعلم أن هذا سيحدث بلا أدنى شك، وإلا لماذا افترض عقوبة على حدث لن يتم، ويعلم أن اليهود وأحبارهم الذين استحفظوا على هذا الكتاب غير أمناء، وأنهم سيحرفون، وهو ما أدانه الله تعالى فى القرآن، ونوَّه عنه الكتاب الذى تؤمن بقدسيته: (53الَّذِينَ أَخَذْتُمُ النَّامُوسَ بِتَرْتِيبِ مَلاَئِكَةٍ وَلَمْ تَحْفَظُوهُ؟».) أعمال الرسل 7: 53
                            (1إِذًا مَا هُوَ فَضْلُ الْيَهُودِيِّ أَوْ مَا هُوَ نَفْعُ الْخِتَانِ؟ 2كَثِيرٌ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ! أَمَّا أَوَّلًا فَلأَنَّهُمُ اسْتُؤْمِنُوا عَلَى أَقْوَالِ اللهِ. 3فَمَاذَا إِنْ كَانَ قَوْمٌ لَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ؟ أَفَلَعَلَّ عَدَمَ أَمَانَتِهِمْ يُبْطِلُ أَمَانَةَ اللهِ؟ 4حَاشَا! بَلْ لِيَكُنِ اللهُ صَادِقًا وَكُلُّ إِنْسَانٍ كَاذِبًا.) رومية 3: 1-4 ترجمة الفاندايك
                            وفى الترجمة العربية المشتركة بين كل طوائف المسيحية الرئيسيين تقول: (2كثيرٌ مِنْ جميعِ الوُجوهِ. وأوَّلُها أنَّ الله اَئتَمَنَ اليَهودَ على أقوالِهِ 3فماذا إنْ خانَ بَعضُهُم؟ أَتُبْطِلُ خيانتُهُم وفاءَ الله؟) لاحظ أنه هنا أضاف كلمة (بعضهم) للنص!
                            وهذا ليس بجديد على اليهود، فقد دأبوا على تحريف كل كتب الأنبياء الذين أرسلوا إليهم، وهذا اعتراف الرب بلسان نبيه إرمياء: (كَيْفَ تَدَّعُونَ أَنَّكُمْ حُكَمَاءُ وَلَدَيْكُمْ شَرِيعَةَ الرَّبِّ بَيْنَمَا حَوَّلَهَا قَلَمُ الْكَتَبَةِ المُخَادِعُ إِلَى أُكْذُوبَةٍ؟) إرمياء 8: 8
                            (36أَمَّا وَحْيُ الرَّبِّ فَلاَ تَذْكُرُوهُ بَعْدُ لأَنَّ كَلِمَةَ كُلِّ إِنْسَانٍ تَكُونُ وَحْيَهُ إِذْ قَدْ حَرَّفْتُمْ كَلاَمَ الإِلَهِ الْحَيِّ رَبِّ الْجُنُودِ إِلَهِنَا.) إرمياء 23: 36
                            (26كَهَنَتُهَا خَالَفُوا شَرِيعَتِي وَنَجَّسُوا أَقْدَاسِي. لَمْ يُمَيِّزُوا بَيْنَ الْمُقَدَّسِ وَالْمُحَلَّلِ، وَلَمْ يَعْلَمُوا الْفَرْقَ بَيْنَ النَّجِسِ وَالطَّاهِرِ، وَحَجَبُوا عُيُونَهُمْ عَنْ سُبُوتِي فَتَدَنَّسْتُ فِي وَسَطِهِمْ. 27رُؤَسَاؤُهَا فِي وَسَطِهَا كَذِئَابٍ خَاطِفَةٍ خَطْفًا لِسَفْكِ الدَّمِ، لإِهْلاَكِ النُّفُوسِ لاِكْتِسَابِ كَسْبٍ. 28وَأَنْبِيَاؤُهَا قَدْ طَيَّنُوا لَهُمْ بِـالطُّفَالِ، رَائِينَ بَاطِلًا وَعَارِفِينَ لَهُمْ كَذِبًا، قَائِلِينَ: هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ وَالرَّبُّ لَمْ يَتَكَلَّمْ!) حزقيال 22: 26-28
                            (4اَللهُ أَفْتَخِرُ بِكَلاَمِهِ. عَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ فَلاَ أَخَافُ. مَاذَا يَصْنَعُهُ بِي الْبَشَرُ! 5الْيَوْمَ كُلَّهُ يُحَرِّفُونَ كَلاَمِي. عَلَيَّ كُلُّ أَفْكَارِهِمْ بِالشَّرِّ.) مزمور 56: 4-5
                            (15وَيْلٌ لِلَّذِينَ يَتَعَمَّقُونَ لِيَكْتُمُوا رَأْيَهُمْ عَنِ الرَّبِّ فَتَصِيرُ أَعْمَالُهُمْ فِي الظُّلْمَةِ وَيَقُولُونَ: «مَنْ يُبْصِرُنَا وَمَنْ يَعْرِفُنَا؟». 16يَا لَتَحْرِيفِكُمْ!) إشعياء 29: 15-16
                            (6فَأَجَابَ: «حَسَنًا تَنَبَّأَ إِشَعْيَاءُ عَنْكُمْ أَنْتُمُ الْمُرَائِينَ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: هَذَا الشَّعْبُ يُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا 7وَبَاطِلًا يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ. 8لأَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ وَتَتَمَسَّكُونَ بِتَقْلِيدِ النَّاسِ: .. .. .. 9ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «حَسَنًا! رَفَضْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ. .. .. .. 13مُبْطِلِينَ كَلاَمَ اللَّهِ بِتَقْلِيدِكُمُ الَّذِي سَلَّمْتُمُوهُ. وَأُمُورًا كَثِيرَةً مِثْلَ هَذِهِ تَفْعَلُونَ».) مرقس 7: 7-13
                            * * *
                            أقدم ثلاث مخطوطات للكتاب المقدس:
                            ثم تكلمت عن المخطوطات السينائية والسكندرية والفاتيكانية، وقمت بالتدليس على القارىء الذى يجهل هذه المخطوطات، فلم تقل لهم إن الكتاب الذى تقدسه اختلفت أسفاره من السينائية إلى الكتاب الذى بين يديك، فالمخطوطة السينائية تحتوى على كتب العهد الجديد مضافًا إليها:رسالة برنايا، وكتاب الراعى لهرماس. ولا يوجد بها قصة المرأة الزانية، التى أوردها إنجيل يوحنا، ولا يوجد نزول الملاك وتحريك الماء (يوحنا 5: 4)، ولا يوجد بها نهاية إنجيل مرقس 16: 9-20،
                            هذا وتُظهر المخطوطة السينائية العديد من أيدى المصححين، يصل عددهم إلى عشر مصححين. منهم المصححون الأساسيون، ومنهم مصححون آخرون يرجع تاريخهم إلى القرن السابع. ويؤكد الدكتور روبرت كيل تسلر فى كتابه (حقيقة الكتاب المقدس تحت مجهر علماء اللاهوت) أن تشيندورف قال: إنها تحتوى على الأقل على 16000 تصحيحًا ترجع على الأقل إلى سبعة مصححين أو معالجين للنص (راجع أيضًا Realenzyklopنdie)، بل قد وجد أن بعض المواقع قد تم كشطها ثلاث مرات وكتب عليها للمرة الرابعة (راجع أيضًا " Synopse لهوك ليتسمان Huck-Lutzmann " صفحة ( 11 ) لعام 1950 ).
                            هذا وتتفق المخطوطة السينائية مع الفاتيكانية فى إسقاط عدة فقرات من العهد الجديد مثل نهاية الصلاة الربانية (متى 6: 13) ونهاية إنجيل مرقس الفقرات (16: 9-20)، وفقرات أخرى عديدة.
                            وكذلك أسقطت النسخة السينائية والنسخة الفاتيكانية نص متى 18: 11 القائل: (لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ.)، فمن أين جاء إنجيل متى الحالى بهذا النص؟
                            وكذلك أسقطت النسخة السينائية والنسخة الفاتيكانية والنسخة السكندرية نص مرقس 15: 28 القائل: (فَتَمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: «وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ».) فمن أين جاء إنجيل مرقس الحالى بهذا النص؟
                            وكذلك أسقطت النسخة السينائية والنسخة الفاتيكانية والنسخة السكندرية نص لوقا 17: 36 القائل: (يَكُونُ اثْنَانِ فِي الْحَقْلِ، فَيُؤْخَذُ الْوَاحِدُ وَيُتْرَكُ الآخَرُ.) فمن أين جاء إنجيل لوقا الحالى بهذا النص؟
                            وكذلك أسقطت النسخة السينائية والنسخة الفاتيكانية والنسخة السكندرية نص لوقا 23: 17 القائل: (17وَكَانَ مُضْطَرًّا أَنْ يُطْلِقَ لَهُمْ كُلَّ عِيدٍ وَاحِدًا.) فمن أين جاء إنجيل لوقا الحالى بهذا النص؟
                            وكذلك أسقطت النسخة السينائية والنسخة الفاتيكانية والنسخة السكندرية نص أعمال الرسل 8: 37 القائل: (37فَقَالَ فِيلُبُّسُ: «إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ يَجُوزُ». فَأَجَابَ: «أَنَا أُومِنُ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ ابْنُ اللهِ».) فمن أين جاء سفر أعمال الرسل الحالى بهذا النص؟
                            يقول (ويل كينى) إن معظم الفروق التى تجاوزت الـ 5000 فرقًا تجدها فى العهد الجديد بين نسخة الملك جيمس للكتاب المقدس من جهة، ومن جهة أخرى بين الطبعات الحديثة للكتاب المقدس مثل NASB (الأمريكية الحديثة القياسية المنقحة) للكتاب المقدس،وNIV (الترجمة العالمية الحديثة)وRSV (الترجمة القياسية المنقحة) و(طبعة كتاب الحياة) وطبعات أخرى أيضًا، أكرر مرة أخرى إن معظم الفروق الناتجة بين التراجم المختلفة ينتج عن الإختلافات الجوهرية بين هاتين المخطوطتين السينائية والفاتيكانية، والتى يُرجح أن تاريخهما يرجع إلى القرن الرابع الميلادى.
                            والقارىء فى علم مخطوطات الكتاب المقدس يعلم أن المجلد السينائى يُرمز له بالحرف Aleph، ويُرمز للمجلد الفاتيكانى بالحرف B .
                            وقد قارن (دين جون وليام بورجون) المخطوطات السينائية والفاتيكانية فى كتابه (النسخة المنقحة) الذى صدر عام 1881، وذكر به قائمة تحتوى على حقائق مؤكدة لم ينكرها أحد من العلماء عن هاتين المخطوطتين.
                            فيذكر السيد بورجون فى صفحة رقم 11 أنه من غرائب القول أن نذكر أن المخطوطتين الفاتيكانية والسينائية فى العشرين سنة الماضية قد احتلتا السيادة فى خيال علماء نقد النصوص، والتى يمكنها أن تكون خرافة، لا أساس لها من الواقع أو الصحة. ولا يهم أنه تم اكتشاف أنهما يختلفان جذريًا ليس فقط بنسبة 99% عن النص الماسورى للعهد القديم، ولكنهما يختلفان أيضًا عن بعضهما البعض.
                            ففى العهد الجديد، ونخص بالذكر الأناجيل بمفردها قد حذفت المخطوطة الفاتيكانية على الأقل 2877 كلمة، وأضافت 536، واستبدلت 935 كلمة بأخرى، وقامت بنقل مواضع 2098 كلمة، وحورت معنى 1132 كلمة، أى تم التحريف فى 7578 كلمة، وهو مجموع ما سبق!!
                            أما بالنسبة للسينائية فقد حذفت 3455 كلمة، وأضافت 839 كلمة، واستبدلت 1114 كلمة، ونقلت 2299 كلمة عن مواضعها، وحورت معنى 1265 كلمة، أى تم التحريف فى 8972 كلمة، وهو مجموع ما سبق!!
                            مع الأخذ فى الاعتبار أن الحذف أو الإضافة أو الاستبدال أو تحوير المعنى أو تغيير موضع الكلمة لم يستهدف نفس الكلمات فى كلتا النسختين. وأنه من الأسهل أن تجد جملتين متناقضتين عن أن تبحث عن جملتين تتفقان تمامًا مع بعضهما البعض.
                            وفى صفحة 319 يقول فى ملاحظاته: ”إن الأناجيل الأربعة فقط للمجلد الفاتيكانى تحتوى على 589 قراءة مختلفة خاصة بها، مؤثرة بذلك فى معنى 858 كلمة. بينما تجد فى السينائية 1460 قراءة مختلفة تؤثر فى معانى 2640 كلمة“.
                            إن الغرض من هذه الدراسة وعرض البعض من الأمثلة العديدة هو إظهار مدى اختلاف أقدم مخطوطتين للكتاب للعهد الجديد وتضاربهما. فهما يختلفان عن النص اليونانى التقليدى، الذى تتبناه نسخة الملك جيمس، التى صدرت عام 1611، فقد حُذفت آلاف الكلمات من نص الملك جيمس، بناء على التنقيح الذى تم استنادًا على هاتين المخطوطتين: السينائية والفاتيكانية. أما النسخ الحديثة فهى لا تتبع نموذجًا عقليًّا أو منطقيًّا، فقد ضمَّنوا قراءات محددة من احدى النسخ واستثنوا غيرها.
                            ويكفى هذا لأتركك تتأكد من صحة هذه المعلومات، ولتتعلم عن مخطوطات كتابك، التى لا تتكلم عنها الكنائس العربية إلا بصورة تبين مدى تحقيرهم للعقلية العربية غير الباحثة عن الحق، والمصدقة لأى كلام يُقال لها من رجل الدين!
                            * * *
                            النسخ الأصلية للقرآن الكريم:
                            يواصل الكاتب فيدعى ما أثبته العلم على كتابه الذى يقدسه، على القرآن الكريم فيقول:
                            هذا بينما هناك العديد من الأدلة التى تثبت أن القرآن قد عبثت به الأيدى. فلا يعرف أحد أين توجد النسخ الأصلية للقرآن. أما القرآن الذى بين أيدينا فيسمى "قرآن عثمان" وقد جُمع بعد موت محمد بزمن طويل. لابد أن يكون قد فُقدت أجزاء من القرآن الأصلى بعد موت الكثير من حفظة القرآن أو قتلهم فى الغزوات والحروب. وقد جمع عثمان الخليفة الثالث لمحمد ما تبقى من القرآن ورتبه طبقًا لحجم السور وليس طبقًا للتسلسل الزمنى لنزولها، ثم أحرق كل النسخ الأخرى الموجودة. فالمرء لايملك إلا أن يتساءل: لماذا أحرق عثمان كل النسخ الموجودة من القرآن إن لم يكن يقصد إخفاء شىء ما ؟
                            وأرد عليه قائلا:
                            والله لا أعرف كيف يستقر النوم فى عينيك وأنت تكذب على نفسك وعلى الآخرين، وتخسر نفسك، كما ستخسر الآخرين! ربما تكون جاهلا ونقلت ما قالوه لك دون توثيق! أتحمل كل هذا الحقد على الإسلام! فماذا تستفيد لو ربحت العالم كله، وخسرت نفسك! لكنها الحرب الشعواء على دين الله! واستمرار منع الناس من الدخول لمكوت الله، الذى بدأ زمن عيسى  نفسه، فقد قال لليهود: (13«لَكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ! ..... 15وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تَطُوفُونَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ لِتَكْسَبُوا دَخِيلًا وَاحِدًا وَمَتَى حَصَلَ تَصْنَعُونَهُ ابْنًا لِجَهَنَّمَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ مُضَاعَفًا!) متى 23: 13-15
                            رأينا فى الصفحات السابقة دلائل صدق القرآن الكريم، وأدلة أنه من عند الله تعالى، ودلائل صدق رسوله  الذى لا ينطق عن الهوى، بل هو وحى يوحى إليه. وقد تعهَّد الله تعالى أن يحفظ هذا الكتاب ليكون دستوره الخالد، والحجة الباقية للعالمين، فقال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحجر 19، وقال تعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) النساء 82
                            وهذا بدليل كاف على أنه لم تعبث به يد إنسان ولا تستطيع، والدليل على ذلك هو بقاؤه لليوم دون تحريف تتطابق النسخ التى بين أيدينا مع الأصول التى ترجع إلى القرن الأول الهجرى زمن الجمع، وما بعده.
                            ومن أهم مظاهر حفظ القرآن الكريم هو حفظه هو نفسه فى صدور الأطفال والكبار، وحفظ لغته لليوم، ومخطوطاته، الموجودة حاليا في المتاحف الغربية والعربية بحالة ممتازة على الرغم من مرور أكثر من 1431 سنة على كتابة هذه المخطوطات، والتي يعود الكثير منها إلى القرن الهجري الأول وبعضها يعود إلى السنوات الأولى من البعثة بخط كتاب الوحي أمثال علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت رضي الله عليهم. وقراءته فى كل إذاعات العالم العربية ليلا ونهارًا، وإقامة مسابقات عالمية بين كل أطفال العالم وشبابه لتسميع القرآن كله أو أجزاء منه. فلو حدث فيه تغيير لتبين ذلك لكل الناس.
                            فهل حفظ الرب لديكم عزيزى الكاتب لغة ما تسمونه الكتاب المقدس؟ لا. هل كتبت الأناجيل بلغة يسوع الآرامية؟ لا. هل جُمعت أقوال يسوع فى حياته وتواترت إلى أن وصلت إليكم؟ لا. وهل جُمعت فى داخل فلسطين، حيث نشأ يسوع نفسه؟ لا. وهل كان القائمون على جمع هذه الكتب متحمسين لنشر أقدم الكتب والمجلدات التى جمعت أسفار كتابكم؟ لا. فقد قام الفاتيكان بتخبئة المجلد الفاتيكانى مئات السنين، وكان يمنع حتى العلماء من الاطلاع عليها، ولم يُطلع عليها إلا أرازموس وآخر. بل قامت صراعات دموية من رجال الكنيسة لمنع ترجمة كتابكم إلى لغات أخرى.
                            والخلاصة: إن ضياع أصل المخطوطات التى ترجع لزمن الكتابة، وضياع لغة الكتاب الأصلية، واستبدال لغة الكتاب الأصلية بلغات أخرى، لهو ضياع للكتاب نفسه. وقد أشرت إلى اعتراف الكتاب وأنبياؤه بتحريف اليهود له.
                            هذا وقد جمع القرآن الكريم تدوينًا وحفظًا أولا فى حياة الرسول  ثم نسخ منه وجمع فى مجلد واحد كما سنرى:
                            مراحل تدوين القرآن الكريم:
                            أولا: في عهد النبي :
                            لقد كان النبي  حريصًا على تسجيل ما ينزل عليه من القرآن، حتى إنه نهي في البداية عن كتابة شيء غير القرآن حيث يقول في حديث أبي سعيد الخدري (لا تكتبوا عني شيئا سوى القرآن، فمن كتب عني غير القرآن فليمحه).
                            وقد بلغ كتاب النبي  ثلاثة وأربعين كاتبًا، وكان بعضهم منقطعًا لكتابة الوحي، ولعل من أشهرهم: عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وحنظلة ابن الربيع. ولقد كان النبي  مهتمًا بتسجيل النص القرآني منذ أن بدأ نزوله عليه في مكة. وقد جاء في قصة إسلام عمر بن الخطاب  أن سورة (طه) كانت مكتوبة في صحيفة في بيت فاطمة بنت الخطاب أخت عمر، كان خباب بن الأرت يقرئهما هى وزوجها القرآن منها. ولم تكن هذه الصحيفة التي سجلت سورة طه إلا واحدة من صحف كثيرة كانت متداولة بين أيدي الذين أسلموا من أهل مكة، سجلت سورًا أخرى من القرآن.
                            وكان  إذا نزل عليه الوحي قال لمن عنده: أدع لي زيدًا، وليجيء باللوح والدواة أو الكتف والدواة، ثم يقول له اكتب .. ويملي عليه الآيات.
                            ومما يجب أن يلاحظ هنا أن النبي  كان يراجع الصحابة في ما يكتبون من القرآن، فيروى عن زيد بن ثابت أنه قال: (كنت أكتب الوحي عند رسول الله  وهو يملي عليَّ، فإذا فرغت قال: أقرأه فإن كان فيه سقط أقامه).
                            وقد نص العلماء على أن (القرآن كله كتب على عهد رسول الله  في الصحف والألواح والعسب، لكن غير مجموع في موضع واحد، ولا مرتب السور).(لطائف الإشارات لفنون القراءات –القسطلاني- شهاب الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر).
                            وإذا كان لكل هذه الأخبار من دلالة فإن أول ما تدل عليه أن رسول الله  كان يهدف إلى تسجيل القرآن كله، فيؤمن بذلك ضياع شيء منه أو فقدانه، وهو بذلك قد سن جمع القرآن وكتابته، وأمر بذلك وأملاه على كتبته، وأنه  لم يمت حتى حفظ جميع القرآن جماعة من الصحابة، وحفظ الباقون منه جميعه متفرقًا أو عرفوه وعلموا مواقعه ومواضعه على وجه ما يعرف ذلك اليوم من ليس من الحفاظ لجميع القرآن). (لطائف الإشارات لفنون القراءات ـ القسطلاني - شهاب الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر).
                            ومن الجدير بالذكر أن نعرف مدة حكم كل من الخلفاء، لنتخيل كذب الكاتب فى قوله إن القرآن جُمع بعد وفاة النبى  بزمن طويل، فقد مات الرسول  فى العام الحادى عشر للهجرة، وكان الجمع الثانى، بعد أن جُمع فى زمن الرسول ، فى مدة خلافة أبى بكر، التى استمرت سنتان، وبعد أن انتهى من حرب المرتدين، ثم كان الجمع الثانى بعد ذلك بحوال 10 سنوات، أى فى زمن خلافة عثمان بن عفان:
                            قائمة الخلفاء
                            اسم الخليفة
                            مدة الخلافة
                            مدة الخلافة
                            أبو بكر الصديق
                            11هـ - 13هـ
                            سنتان
                            عمر بن الخطاب
                            13هـ - 23هـ
                            10 سنوات
                            عثمان بن عفان
                            23هـ - 35هـ
                            12 سنة
                            علي بن أبي طالب
                            35هـ - 40هـ
                            5 سنوات
                            ثانيًا: جمع القرآن في مصحف إمام في ولاية أبو بكر:
                            بعد وفاة النبي  ومقتل الكثير من حفظة القرآن أثناء إخماد الفتن التي نشبت بعد وفاة النبي، خاصة في موقعة اليمامة، خشي عمر بن الخطاب أن يضيع القرآن بمقتل حفظته فأشار على أبى بكر أن يُجمع القرآن في مصحف، خاصة أنه استشهد يوم اليمامة 70 رجلا من حفظة القرآن الكريم، فأمر أبو بكر زيد بن ثابت بجمع القرآن في مصحف إمام وتم هذا تحت إشرافه وبحضور لجنة من الصحابة.
                            ثالثًا: نسخ عثمان للمصاحف:
                            وعن أنس بن مالك: أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان وكان يغازي أهل الشام في فتح إرمينية وأذربيجان مع أهل العراق فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى. فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك. فأرسلت بها حفصة إلى عثمان فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبدالرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاث إذا اختلفتم في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق. قال ابن شهاب وأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت سمع زيد بن ثابت قال فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف قد كنت أسمع رسول الله  يقرأ بها فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) رواه البخاري، الذى تعهدت أن تنقل منه الأحاديث.
                            ويتعجب الكاتب وكنيسته: لماذا أمر عثمان بحرق أى صحيفة لدى أى شخص، وأن يُجمع المسلمون على نسخة المصحف الأم؟
                            نُحكِّم كتابك الذى تقدسه فى هذه المسألة: يقول كتابك إنه لا تقوم شهادة إلا على اثنين أو أكثر (يوحنا 8: 17). فمن هم شهود من نقلوا جزءًا من القرآن فى صحائفهم، وما هو مقدار وعْيهم أثناء النقل، أو درجة حفظهم؟ لا يمكن حصره، ومن هنا كان وعى الخليفة عثمان بن عفان  أن تُحرق كل صحيفة بيد المسلمين، وأن يُجمع الكل على كتاب واحد. وخاصة أن القرآن كان ينزل منجَّمًا، أى متفرقًا، ثم يوجه جبريل الرسول  أن يضع هذه الآيات فى سورة كذا بعد الآية كذا، فكيف سيكون حال المسافر من المسلمين إذا علم جزءًا من السورة وكتبه، ولم يعلم الباقى؟
                            وبالطبع لن يذهب حفظة القرآن لكل منزل ليتأكدوا من صحة ما كتبوه، وكان الأيسر أن يُجمع الكل على كتاب واحد.
                            إنه ليس كل مسلم كانت بيديه صحيفة كتب عليها جزءًا من القرآن كان يجيد نقل ما كتبه، وبالتالى لم يراجع أحد على ما نقله. ونتعلم من رواية زيد بن ثابت الذى كان يكتب أمام الرسول  وبإملائه، أن الرسول  كان يراجع ما كتبه زيد، ويقيمه إن كان مطابقًا لما أملاه الرسول ، ويسقطه إن كان فيه شىء مخالف: (كنت أكتب الوحي عند رسول الله  وهو يملي عليَّ، فإذا فرغت قال: أقرأه فإن كان فيه سقط أقامه).
                            فهل يعاب على المسلمين الدقة فى تحرى صحة المعلومة والتوثيق؟
                            ولا تزال آلاف مخطوطات المصاحف والتي يعود الكثير منها إلى القرون الهجرية الأولى مثل المصحف المكتوب بخط سيدنا علي بن أبي طالب (ضمن مجموعة مخطوطات صنعاء موجود، وهو موجود بمعرض مصاحف صنعاء الدائم بدار المخطوطات) موزعة في المتاحف العالمية في تركيا، القاهرة، صنعاء، باريس، لندن الخ والتي هي بحالة جيدة كمستند موثق يدل على استحالة التحريف في القرآن الكريم فهو الآن كما أنزل على سيدنا محمد  قبل 1431سنة.
                            وتوجد مخطوطة مصحف عثمان بن عفان هذا فى (متحف طوب قابي سراي باستانبول)، وقد ذاعت شهرته أرجاء العالم. وحسب الرصد التوثيقي لهذه النسخة يتبين أن المصحف كان محفوظًا في خزانة الكتب النفيسة في القاهرة، ومن ثم أهداه والي مصر محمد علي باشا إلى السلطان العثماني محمود الثاني سنة 1226هـ - 1811م، وحفظت هذه النسخة النادرة في قصر طوب قابي منذ ذلك التاريخ ضمن مقتنيات الأمانات المقدسة. وما إن حوِّل القصر إلى متحف مفتوح أمام الجمهور أصبح المصحف المخطوط أهم ما يشاهده آلاف الزوار كأحد النفائس النادرة.
                            من المعلوم أن عثمان بن عفان أمر بنسخ ست نسخ من المصحف وأرسل أربعة منها إلى الأمصار المختلفة، وبقي اثنان منها في المدينة. وكان هذا المصحف محفوظًا في خزانة الكتب المدرسة الفاضلية التي بناها القاضي الفاضل عبدالرحيم البيساني العسقلاني - في العصر الأيوبي- ثم نقله السلطان الملك الأشراف أبو النصر قنصوه الغوري - آخر سلاطين الدولة المملوكية - إلى القبة التي أنشأها تجاه مدرسته بقرب الأقباعيين داخل باب زويلة، ونقل إليها أيضًا الآثار النبوية، وعمل له جلدة خاصةً به، نقش عليها أنها عملت بعد كتابة المصحف العثماني بثمانمائة وأربعة وسبعين عامًا - أي أنها عملت سنة 909هـ وظل محفوظًا بها لمدة ثلاثة قرون، وهي هذه:
                            وفي عام 1305هـ استقر المصحف والجلدة والآثار النبوية بعد نقلها إلى مشهد الإمام الحسين رضوان الله عليه. وفي عام 1427هـ قامت المكتبة المركزية للمخطوطات الإسلامية بنقله إلى المكتبة حيث تم توثيقه وتصوير صفحاته لأول مرة على أقراص مدمجة CD.
                            مخطوطات الكتاب المقدس:
                            أما عن مخطوطات الكتاب المقدس جدًا، فتُجمع مصادر وأدبيات كل من كتب عن مخطوطات الكتاب المقدس جدًا على ضياع مخطوطاته الأصلية. يقول الدكتور ماهر إيميل إسحاق: (ليس بين أيدينا الآن المخطوطات الأصلية، أي النسخة التي بخط يد كاتب أي سفر من أسفار العهد الجديد أو العهد القديم. فهذه المخطوطات ربما تكون قد استهلكت من كثرة الاستعمال، أو ربما يكون بعضها قد تعرض للإتلاف أو الإخفاء في أزمنة الاضطهاد، خصوصًا وأن بعضها كان مكتوبًا على ورق البردي، وهو سريع التلف). (المصدر: مخطوطات الكتاب المقدس بلغاته الأصلية تأليف الشماس الدكتور ماهر إيميل إسحاق، أستاذ العهد القديم واللاهوت بالكلية الإكليريكية واللغة القبطية بمعهد اللغة القبطية بالقاهرة).
                            فى الحقيقة هناك الكثير من البرديات وغيرها التى يسمونها مخطوطات الكتاب المقدس، ويتغنون بأعدادها، إلا أنهم لا يصارحون ما تقوله الموسوعة الكاثوليكية عن هذه المخطوطات. إنه لا توجد مخطوطتان متطابقتان!!
                            فالموسوعة الكاثوليكية تقول عن المخطوطات اللاتينية المعاصرة لزمن القديس جيروم، إنه لسوء الحظ لا يوجد منها اثنتان متطابقتان في النص!! كما قام النساخ بإدخال التصحيحات (من وجهة نظرهم) عليها.
                            يقول القديس جيروم عن هذه المخطوطات القديمة، إنه لا توجد :
                            Some 40 manuscripts have preserved to us a text which antedates the translation of St. Jerome; they are designated by small letters. Unfortunately no two of these manuscripts represent to us quite the same text. Corrections introduced by scribes and the inevitable influence of the Vulgate have left it a very difficult matter to group the Old Latin manuscripts.
                            ويشير آسفًا إلى أنه لا توجد مخطوطتان من هذه المخطوطات تقدمان لنا نفس النص. بل اعترف هو نفسه بتحريف الكتاب الذى تقدسه عزيزى الكاتب بأمر من البابا داماسوس:
                            فنقلا عن (اعترافات القديس جيروم؛ أخطر وثيقة في تاريخ المسيحية) للدكتورة زينب عبد العزيز، أستاذة الحضارة الفرنسية:
                            المجلد الأول من أعمال الراهب جيروم، بداية المقدمة، حول مراجعة نصوص الأناجيل الربعة:
                            إلى قداسة البابا داماز، من جيروم،
                            تحثني على أن أقوم بتحويل عمل قديم لأخرج منه بعمل جديد، وتريد منى أن أكون حكمًا على نُسخ كل تلك النصوص الإنجيلية المتناثرة في العالم، وأن أختار منها وأقرر ما هي تلك التي حادت أو تلك التي هي أقرب حقا من النص اليوناني.
                            أنها مهمة ورعة، لكنها مغامرة خطرة إذ سيتعيّن علىّ تغيير أسلوب العالم
                            القديم وأعيده إلى الطفولة. وأن أقوم بالحكم على الآخرين يعنى في نفس الوقت
                            أنهم سيحكمون فيه على عملي. فمن من العلماء أو حتى من الجهلاء، حينما سيمسك بكتابي بين يديه ويلحظ التغيير الذي وقع فيه، بالنسبة للنص الذي اعتاد قراءته، لن يصيح بالشتائم ضدي ويتهمني بأنني مزور ومدنس للمقدسات، لأنني تجرأت وأضفت، وغيّرت، وصححت في هذه الكتب القديمة؟

                            تعليق


                            • #89
                              الملف 65
                              فماذا تبقى لك لتؤمن أن هذا السفر ليس من وحى الله: إن كاتبيه متعددون، منهم المعروف تخمينًا ومنهم غير المعروف، ونصوص أصوله تغيرت إلى نصوص ترجمة أفضل من هذه الأصول.
                              ومن المعروف أن داود حكم بين 1010-970 ق.م. تقريبًا (انظر: جدول تاريخى) بمقدمة الكتاب المقدس طبعة الآباء اليسوعيين ص19.
                              واقرأ معى ما يقوله هامش الكتاب عن المزمور 79: 1-2 ص1224: ”1مزمور لآساف. اللهم قد دخلت الأمم ميراثك، نجَّست هيكل قدسك، جعلت أورشليم أطلالًا، 2أسلمت جثث عبيدك طعامًا لطيور السماء، ولحوم أصفيائك لوحوش الأرض.“ فتقول: ”قد يُشير هذا المزمور إلى الإستيلاء على أورشليم عن يد الكلدانيين فى السنة 587 وإلى نهب المدينة عن يد جيران إسرائيل: أدوم وموآب الخ (راجع 2مل 24/2)“.
                              ويقول هامش سفر المزمور 137 ص1299: ”هذا المزمور يُشير إلى سقوط أورشليم فى 587 وإلى الجلاء إلى بابل“.
                              فمن وصف هذه الحرب وما حدث فيها بعد عام 587 ق.م. إذا كان داود قد مات قبل هذا الحدث ب 383 سنة؟ أعتقد أنك من الذكاء بمكانة تجعلك تفهم هذا بمفردك! فما ردّ الكاتب، الذى بذكائه وعلمه الوفير اكتشف أخطاءً لُغوية فى القرآن الكريم، أى والله، أخطاءً لغوية، لم يتمكَّن مشركو قريش من العرب أنفسهم وصناديدهم من ادعاء هذا الكذب!
                               من كتب سفر الأمثال؟
                              إنَّ كاتب سفر الأمثال أيضًا مجهول، على الرغم من محاولة البعض نسبته إلى سليمان النبى. يقول المدخل إلى سفر الأمثال بالكتاب المقدس طبعة الآباء اليسوعيين ص1315: ”إن سفر الأمثال مجموعة قِطَع من مختلف المصادر والتواريخ، أو هو بالأحرى مجموعات. إنه يعود إلى الفن الأدبى الذى كان مزدهرًا منذ زمن طويل فى الهلال الخصيب وفى مصر، أى إلى الأدب الحِكَمى. هناك أكثر من وجه شبه بين سفر الأمثال وما يماثله فى النصوص السومرية أو الأشورية البابلية أو الكنعانية أو الحثيّة أو المصرية، فإن فيها معالجة لمواضيع واحدة بألفاظ واحدة، وفيها أيضًا اقتباسات مباشرة“.
                              وفى ص1319 يقول: ”من الثابت أن الحقبة التابعة للجلاء شاهدت هى أيضًا عملًا مهمًّا للصياغة والاقتباس من الحِكَم المجاورة. ومع ذلك فإن بعض المقاييس الأدبية، بعد أن عُدَّت مُقنعة لنسب مَثَل 1-9 إلى تلك الحقبة الأحدث، أصبحت اليوم موضع نزاع. لا شك أن إسرائيل نقَّح سفر الأمثال مدة طويلة كما نقَّحَ كتاب مزاميره.“
                              (30لِذَلِكَ هَئَنَذَا عَلَى الأَنْبِيَاءِ يَقُولُ الرَّبُّ الَّذِينَ يَسْرقُونَ كَلِمَتِي بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ.) إرمياء 23: 30، فإذا كان الرب قد ألقى باللوم على الأنبياء اللصوص، الذين يسرقون أقوال بعضهم البعض، وكلهم أنبياء، أى إن أصول كلامهم المفروض أنه يرجع كله لله، فما بالك بمن يسرق من الشعوب الوثنية المجاورة؟
                              أيها الكاتب، اقرأ هذه مرة أخرى وارفع صوتك بها لقرائك ومستمعيك! (من الثابت أن الحقبة التابعة للجلاء شاهدت هى أيضًا عملًا مهمًّا للصياغة والاقتباس من الحِكَم المجاورة. .. .. .. لا شك أن إسرائيل نقَّح سفر الأمثال مدة طويلة كما نقَّحَ كتاب مزاميره).
                              ارفع صوتك واقرأ بصوت مرتفع ما قاله علماؤكم:
                              إن إسرائيل نقَّحَ كتاب الرب!! أى حرَّف كتابه
                              إن إسرائيل أعلم من الرب بما يجب أن يكون عليه كتابه!!
                              إن إسرائيل لا تأخذ كلام الرب مسلمًا به، بل أضافت عليه أو حذفت منه!!
                              إن إسرائيل ليس لهم عهد أو أمان مع الرب أو أنبيائه أو كتابه!!
                              إن إسرائيل خانوا كلام الرب!!
                              (..... أَمَّا أَوَّلاً فَلأَنَّهُمُ اسْتُؤْمِنُوا عَلَى أَقْوَالِ اللهِ. 3فَمَاذَا إِنْ كَانَ قَوْمٌ لَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ؟ ......) رومية 3: 1-4
                              (53الَّذِينَ أَخَذْتُمُ النَّامُوسَ بِتَرْتِيبِ مَلاَئِكَةٍ وَلَمْ تَحْفَظُوهُ؟».) أعمال الرسل 7: 53
                              ويُأكِّد المدخل إلى سفر نشيد الأناشيد بالكتاب المقدس للآباء اليسوعيين، على أن ذلك لا علاقة لسليمان به فى ص1378: ”ولكن من الواضح أن مؤلفها ليس سليمان. لقد نُسب نشيد الأناشيد إلى سُليمان، كما نُسبَ إليه سفر الأمثال وسفر الجامعة وسفر الحكمة.“
                              وتعليقًا على الأمثال 1: 16 يقول هامش الكتاب: ”لم ترد هذه الآية فى أفضل المخطوطات اليونانية، وهى تُعد تعليقًا مأخوذًا من اش 59/7.“
                              وفى ص1347 يقول: ”لعل هذه الفصول الثلاثين تُشير إلى "حكمة أمينيموبى المصرى" التى يُستوحى منها كل هذا المقطع.“
                              فهل استوعبت هذه الفقرة؟ 30 فصلًا من مجموع 31 فى السفر يُشير إلى حكمة أمينيموبى المصرى الوثنى!!
                               من كتب سفر الجامعة؟
                              يقول المدخل إلى سفر الجامعة للكتاب المقدس للآباء اليسوعيين ص1360: “يُنسَب هذا الكتاب الحِكَمى إلى سليمان بن داود (1/1)”. وبهذا القول تقول الكنيسة أيضًا لعامة الناس. فما مقدار صدق هذه المقولة؟
                              إلا أنه يرجع ويقول: “أما الخاتمة والملحق (12/8-14)، وقد تكون من تأليف تلميذ، فإنها تشير، على ما يبدو، إلى مناقشات فى البيئة اليهودية فى مصدر هذا الكتاب المُذهل وأهميته”. ولم يُحدد تلميذ من؟ فلماذا؟
                              ويُأكِّد المدخل إلى سفر نشيد الأناشيد بالكتاب المقدس للآباء اليسوعيين، على أن ذلك لا علاقة لسليمان به فى ص1378: “ولكن من الواضح أن مؤلفها ليس سليمان. لقد نُسب نشيد الأناشيد إلى سُليمان، كما نُسبَ إليه سفر الأمثال وسفر الجامعة وسفر الحكمة”.
                              وتقول فيه مقدمة الترجمة الكاثوليكية لدار المشرق: “إن سفر الجامعة لهو فى الحقيقة أشد أسفار الكتاب المقدس غموضًا وأجدرها فى تضليل القارىء السطحى.“
                              ويقول فى 4: 7: “ثم التفتُ فرأيت جميع المظالم التى تُرتكب تحت الشمس، وإذا بدموع المظلومين، ولا مُعزِّى لهم، وفى أيدى ظالميهم قُدرة ولا مُعزِّى لهم، فهنَّأت الأموات الذين ماتوا، ولا الأحياء الذين لا يزالون أحياء. وخير منهم جميعًا من لم يوجد حتى الآن، لأنه لم ير العمل الشرير الذى يُعمَل تحت الشمس”.
                              وهذا لم يحدث فى عصر سليمان. لقد كان نبى الله سليمان حاكمًا عادلًا، ويُستبعد هذا الظلم أن يكون قد حدث فى عصره، فقد أتى إليه حكماء ورؤساء من كل أنحاء العالم ليتعلموا على يديه الحكمة. الأمر الذى يؤكد أن كاتبه ليس سليمان، ولا يحكى عما حدث فى ملكه. كما أن الكتاب كله ملىء بالحزن والتشاؤم، ومثل هذه النظرة لا نتوقعها من رجل فى عصر سليمان، ولا من أحد معاصريه، حيث ملأ سليمان الأرض التى كان يحكمها عدلًا، فلماذا التباكى؟ وأين هذا الظلم؟
                              إذن فهذا الرجل الذى ينقل السفر كلامه غير معروف. ومستحيل أن ينقل نبى الله سليمان أقوال لشخص مجهول أو حتى معلوم ويُدخلها فى وحى الله. فالله لا يحتاج لمساعد فى تكوين كتابه، أو فى بث حكمه. وهذا ما حدا بالمدخل لسفر الجامعة أن يقول: “إن هذا الكتاب غير متجانس، وهذا ما يجعل مطالعته عسيرة”.(ص1360)
                              وتجرأت مقدمة الترجمة الكاثوليكية لدار المشرق، فقالت: “يبتدىء الغموض بشخص المؤلف نفسه الذى يدّعى فى الفصل الأول نفسه أنه ابن لداود وملك فى أورشليم. فيبدو لنا وكأن له كل حكمة سليمان وغناه المضروب بهما المثل. وكان يجب أن لا تغش هذه التسمية الوهمية أحدًا لأن المؤلف يتكنّى فى ذات الوقت باسم آخر أى "الجامعة". وفى نهاية السفر خلاصة كتبتها يد ثانية تضعه بين "الحكماء"، دون ريب أمثال الذين سيدعون فى زمن الإنجيل معلمى إسرائيل. ثم إن كلمة الجامعة ليست اسم علم حقيقى بل تعنى شخص المؤلف من خلال وظيفته، وهى دون ريب وظيفة معيّنة فى الجماعة”.
                              وهذا يعنى أن الكاتب كذَّاب، غشَّاش، مُخادع. فعجبًا لكم! كيف تعتبرون كلامه من وحى الله؟
                               من كتب سفر نشيد الأناشيد؟
                              تعترف مقدمة هذا السفر للطبعة الكاثوليكية دار المشرق ص226 بأن هذا السفر لا يُعزى إلى سليمان، فيقول: “إن السفر يعود إلى عهد متأخر دون ريب على الرغم من بعض التلميحات إلى سليمان، نستخلص ذلك من لغته ومفرداته التى تتخللها كلمات إيرانية. فقد يكون من الجيل الرابع”.
                              وأنقل لك أيها الكاتب ما قاله المدخل إلى هذا السفر بالكتاب المقدس للآباء اليسوعيين. والذين كتبوا هذا الكلام ليسوا بمسلمين، ولكنهم علماؤك الذين يعرفون اللغة الأصلية التى كتب بها هذا السفر: علماء نصوص الكتاب المقدس، وذلك بصفحات 1378-1379: ”إن هذا الكتاب الصغير يُشكِّل مسألة من أشد المسائل المتنازع عليها فى نصوص الكتاب المقدس. فما معنى هذه القصيدة الغزلية (أو مجموعة القصائد الغزلية) فى العهد القديم؟ فللكتاب طابع غرامى، وهو لا يتوقف على الجمال الطبيعى، ولا يذكر الله ولا إنجاب الأولاد. فيه إشارات إلى جغرافية فلسطين، لا بل فيه ذكريات أسطورية، ومع ذلك فلا نجد فيه أى مفتاح لتفسيره. من الذى ألَّفه وفى أى تاريخ؟ ولماذا أُلِّف؟ وإذا صحّ أن وجوده فى قانون الكتب المقدسة لم يكن مصادفة، فكيف اكتسب مكانه حتى إنه وَجَدَ دوره فى رتبة الفصح اليهودى فى وقت لاحق؟“
                              “يرى بعضهم فيه مجرّد مجموعة قصائد للأعراس، تتجاور فيها أغانى الحب، دون اهتمام بالزواج”.
                              ومعنى ذلك أنه لا يقصد الحب العفيف، بل يقصد النوع الآخر، الذى يُطلق عليه الفجور والزنى!!
                              هذا على الرغم من قوله فيما بعد: “هل أُنشدت هذه القصائد فى الأعراس؟ من الصعب أن نُثبت هذا الأمر، مع أن العادة قد جرت بإنشادها فى قاعات المآدب. أمَّا استعمال الكتاب فى رتبة عيد الفصح اليهودى، فلا شاهد على ذلك قبل القرن الخامس ب. م.”.
                              “جرت محاولات قيل فيها إن التأليف يرقى عهده إلى زمن سليمان أو إلى ما بعده بقليل، لكن الإنشاء واللغة يدلان على أنه جاء متأخرًا، فى أيام الفرس مثلًا (القرن الخامس ق.م.) أو حتى فى العصر الهلِّينى (القرن الثالث ق. م.) .. .. .. ولكن من الواضح أن مؤلفها ليس سليمان. لقد نُسب نشيد الأناشيد إلى سُليمان، كما نُسبَ إليه سفر الأمثال وسفر الجامعة وسفر الحكمة”.
                              وعن التفسير الليترجى يقول: “هو صيغة أخرى للتمثيل. يرى نشيد الأناشيد نقل شعائر دينية وثنية شرق أوسطية إكرامًا لإله يموت، وتفتش عنه فى الجحيم حبيبته إلاهة الحب والحرب”.
                              وإذا أغلقت الكتاب الذى أنقل منه ستجد على الغلاف مكتوبًا “الكتاب المقدس”!!
                              حب غير عفيف .. دعوة للفجور .. تصويرات وإيماءات جنسية .. إقتباسات من الشعائر الوثنية .. ثم يقولون: هذا من عند الله! ثم يرمون القرآن بما عندهم!
                              اقرأ معى قول العلماء الأمناء على كلمة الرب!
                              ففى صفحة 1380 من الطبعة اليسوعية يقول: “ولكن من المحتمل أن يكون حب نشيد الأناشيد بشريًا، جنسيًا ومقدسًا فى آن واحد”!!
                              جديدة هذه! ”بشريًا، جنسيًا ومقدسًا“!! جنسى مقدس أيها الكاتب! وعلى الرغم من ذلك فهو بشرى!! كيف يكون بشريًا ومقدسًا فى نفس الوقت؟ وكيف يكون جنسيًا ومقدسًا فى آن واحد؟ وكيف يكون مقدسًا وهو بشرى وجنسى؟ أرجوك: لا تلعن علماءك الذين كتبوا هذا الكلام، فهم من أكثركم صراحة معكم، غير أنهم لا يجرؤون على مصارحتكم أكثر من ذلك! إنهم لن يصرحوا لكم أن هذا الكتاب غير مقدس، واكتفوا بقولهم إن الرب لا علاقة له بهذا الكتاب، وأن ما تنسبونه للأنبياء، فهو من باب الكذب والتدليس، الذى قامت به الكنائس فى الماضى، ولا تزال يعض منها تدعيه أمام البسطاء والسذج والجهلاء ثقافة!
                              على الرغم من قول مقدمة هذا السفر فى النسخة الكاثوليكية دار المشرق ص226: “لا يقرأ نشيد الإناشيد إلا قليل من المؤمنين لأنه لا يلائمهم كثيرا”.
                              ويقول ول ديورانت فى كتابه “قصة الحضارة” ج3 ص388: “مهما يكن من امر هذه الكتابات الغرامية فإن وجودها فى العهد القديم سر خفى .... ولسنا ندرى كيف غفل او تغافل رجال الدين عما فى هذه الاغانى من عواطف شهوانية واجازوا وضعها فى الكتاب المقدس”.
                              ولا أريد أن أنقل كل المناظرة مع القس زكريا بطرس حول صحة الكتاب المقدس، فهو كتاب كبير به آراء العلماء من كافة التيارات الدينية المسيحية، وحقائق لا يتفوهون بها أمام العامة. وأناشدك عزيزى القرىء أن تقرأ هذا الكتاب (بمكتبة وهبة، بشارع الجمهورية، بجوار مسرح الجمهورية، عابدين، القاهرة).
                              ولكن نخلص من كل هذا أن أسفار الكتاب تنسبونها لله كذبًا وزورًا، ولا يعرف علماؤكم من كتب هذه الكتب، ولا كيف دخلت إلى قانون الكتاب الذى تقدسونه.
                              أما بشأن ما تسمونه العهد الجديد، فيكفى أن تعرف أن عدد الرسائل البالغة 14 رسالة وتُنسب إلى بولس، فهو لم يكتبها، ولم يكتب إلى الكنائس سوى بضعة أسطر، كما قال أوريجانوس، ونقلت لك هذا الاعتراف من تاريخ الكنيسة ليوسابيوس القيصرى، والذى ينتمى إلى القرن الرابع الميلادى.
                              ولا أريد أن أتوسع بشأن كتبة الأناجيل فيكتفى أن أذكر شيًا عن كاتب إنجيل متى، وما سنصل إليه من نتيجة بشأن سفر واحد سيُعمَّم على كل أسفار الكتاب:
                               من هو مؤلف إنجيل متَّى؟
                              يقول المدخل إلى إنجيل متَّى عن هذا الإنجيل طبعة الآباء اليسوعيين ص35: “فلمَّا كنَّا لا نعرف اسم المؤلِّف معرفة دقيقة، يُحسن بنا أن نكتفى ببعض الملامح المرسومة فى الإنجيل نفسه، فالمؤلِّف يُعرَف من عمله.”
                              ولعل أهم الشهادات التاريخية لهذا الإنجيل هى شهادة الأسقف بابياس أسقف هرابوليس 155م حين قال: "قد كتب متى الأقوال بالعبرانية، ثم ترجمها كل واحد إلى اليونانية حسب استطاعته" كما يقول ايريناوس أسقف ليون 200م بأن متى وضع إنجيلًا للعبرانيين كتب بلغتهم.
                              ولما كانت جميع مخطوطات الإنجيل الموجودة يونانية فقد تساءل المحققون عن مترجم الأصل العبراني إلى اليونانية، وفي ذلك أقوال كثيرة لا دليل عليها البتة، فقيل إن مترجمه متى نفسه، وقيل: بل يوحنا الإنجيلى، وقيل غيرهما.
                              والصحيح ما قاله القديس جيروم (420م) "الذي ترجم متى من العبرانية إلى اليونانية غير معروف"، بل لعل مترجمه أكثر من واحد كما قال بابياس.
                              وقد قال نورتن الملقب بـ "حامي الإنجيل" عن عمل هذا المترجم المجهول: "إن مترجم متى كان حاطب ليل، ما كان يميز بين الرطب واليابس. فما في المتن من الصحيح والغلط ترجمه".
                              فمن هو متى؟ وما صلته بالإنجيل المنسوب إليه؟ وهل يحوى هذا الإنجيل كلمة الله ووحيه؟ ألم يعرف الرب أن ضياع سند كتابه معناه فقدان الثقة فيه؟ فلماذا ترك كتابه لا يُعرف مترجمه من كاتبه من زمن كتابته؟ وأين الروح القدس الذى يهبه آباء الكنيسة ليثبتوا لنا أنهم فعلًا يوحى إليهم وليخبرونا بصحة هذه الكتب؟
                              في الإجابة عن هذه الأسئلة تناقل المحققون ماذكره علماء النصارى في ترجمة متى، فهو أحد التلاميذ الاثني عشر، وكان يعمل عشارًا في كفر ناحوم، وقد تبع المسيح بعد ذلك. وتذكر المصادر التاريخية أنه رحل إلى الحبشة، وقتل فيها عام 70م، ولم يرد له ذكر في العهد الجديد سوى مرتين: المرة الأولى عندما نادى عليه المسيح، وهو في مكان عمله في الجباية (انظر متى 10/3). والثانية في سياق تعداد أسماء التلاميذ الاثني عشر. (انظر متى 10/3، ولوقا 6/15).
                              ومن الجدير بالذكر أن مرقس ولوقا يذكران أن العشار الذي لقيه المسيح في محل الجباية هو لاوي بن حلفي ( انظر مرقس 2/15، ولوقا 5/27 ) ولم يذكرا اسم متى. وتزعم الكنيسة ـ بلا دليل ـ أن لاوي بن حلفي هو اسم آخر لمتى العشار.
                              يقول جون فنتون مفسر إنجيل متى وعميد كلية اللاهوت بلينشفيلد بأنه لا يوجد دليل على أن متى هو اسم التنصير للاوي، ويرى أنه من المحتمل "أنه كانت هناك بعض الصلات بين متى التلميذ والكنيسة التي كتب من أجلها هذا الإنجيل، ولهذا فإن مؤلف هذا الإنجيل نسب عمله إلى مؤسس تلك الكنيسة أو معلمها الذي كان اسمه متى، ويحتمل أن المبشر كاتب الإنجيل قد اغتنم الفرصة التي أعطاه إياها مرقس عند الكلام على دعوة أحد التلاميذ، فربطها بذلك التلميذ الخاص أحد الاثني عشر (متى) الذي وقره باعتباره رسول الكنيسة التي يتبعها". ولو علمت أيضًا أن أصل إنجيل متى العبرانى أو الآرامى قد فقد، تصيبك الدهشة أكثر وأكثر.
                              http://www.alhakekah.com/bible-/new-testement/new_8.htm
                              وعن نسخ الأناجيل بعضهم من بعض يقول تفسير إنجيل متى لوليم باركلى ص 17: إن (المادة الموجودة فى بشارة متى وبشارة لوقا مستقاة من بشارة مرقس كأساس لهما. ويمكن تقسيم بشارة مرقس إلى 105 فقرة، ونستطيع أن نجد 93 فقرة منها فى بشارة متى، و81 فقرة منها فى بشارة لوقا. ومن هذه الفقرات ال 105 الواردة فى بشارة مرقس نجد أربع فقرات فقط لا وجود لها فى بشارة متى وبشارة لوقا.) أى 88.6 % من فقرات إنجيل مرقس قد نقله متى مع تغيير يؤيد وجهة نظره العقائدية.
                              وبحساب الجُمَل يقول وليم باركلى فى تفسيره لإنجيل متى ص 17 نجد أن (مرقس يحتوى على 661 عددًا، ومتى 1068 عددًا، وفى بشارة لوقا 1149 عددًا. ويورد متى أكثر من 606 من الأعداد الواردة فى مرقس، ويورد لوقا 320 منها.) وهناك أيضًا 55 عددًا موجودة عند مرقس ولا يذكرها متى، ومن هؤلاء الجمل نجد 31 عددًا يوردها لوقا.
                              بالله عليكم أعزائى النصارى ماذا تنتظرون للإعتراف والتسليم بأن هذه الكتب غير موحى بها من الله، وليست هى كتب الله؟ إن علماءكم المعتبرين لديكم اعترفوا أن أصول كتابكم نالته يد التحريف بالإضافة أو الحذف، وأن يد النسَّاخ قد تدخَّلت فى النصوص سواء عمدًا أم عن غير قصد؟ فما الحكمة أن يوحى الرب بكتاب ثم يوحى كتابين آخرين بكل منهما ما يقرب من 90% من الكتاب الأول؟ أليس هذا تبذيرًا وإسرافًا فى استخدام الورق؟ وتضيعًا لوقت من يكتبهم أو يقرأهم أو يطبعهم؟ ولا أريد أن أدخل الآن فى الإختلافات بين نفس القصص التى يوردها كل إنجيل.
                              وأنت تعلم أن إنجيل مرقس هو أول الأناجيل زمنيًا أى أقدمهم كتابة، وعنه أخذ باقى كتبة الأناجيل. وتعلم أيضًا أن مرقس لم يكن من تلاميذ المسيح ابن مريم ، فلك أن تتخيل أن متى، الذى تفترض الكنيسة أنه هو اللاوى، وأنه من تلاميذ المسيح قد أخذ كتاباته عن مرقس! وهذا وحده دون البحث فى النصوص يثير الشك فى متى هذا. فهل يُعقل أن يأخذ التلميذ الشاهد على الأحداث كتابات من إنسان ليس شاهد عيان، بل تلميذ لبطرس رفيق بولس الذى اتهمه التلاميذ أنفسهم بالضلال؟ (أعمال الرسل 21: 20-25)
                              وفى ص 19 يقول باركلى: (فكلاهما [متى ولوقا] أخذ من مرقس رواية الأحداث فى حياة يسوع، ولكنهما أخذا رواية التعاليم من مصدر آخر. وقرينة ذلك أن 200 عددًا فى متى تتشابه مع نظيرها فى لوقا، وهذه مختصة بتعاليم يسوع. ونحن لا نعرف المصدر الذى استقيا منه هذه التعاليم، ولكن علماء الكتاب المقدس يعتقدون أن هناك كتاب يجمع تعاليم المسيح، ويرمزون إليه ب (Q)) التى تعنى المصدر.
                              إذن لقد كان متى ينتقى كما أقر العلماء، بدليل أنه ترك 55 جملة كانت عند مرقس، وأتى من مصدر آخر بباقى إنجيله، أو ربما أضيفت هذه الجمل إلى مرقس فيما بعد. كذلك يؤمن علماء الكتاب المقدس أنه يوجد كتاب يحتوى على أصول هذه الكتب والعقيدة وتعاليم المسيح، وأن هذا الكتاب قد فُقد. وهذا ينفى وجود تواتر وسند صحيح لهذه الكتب.
                              ويأتى ر.ت. فرانس فى التفسير الحديث لمتى ص 25 بإحصائية مختلفة عن التى أوردها وليم باركلى: “نجد فى إنجيل مرقس ما يقرب من 45% من مادة إنجيل متى، فى صيغة مماثلة (وأحيانًا متطابقة تمامًا)، بل تكاد تكون بنفس الترتيب، وثمة 20% أو أكثر أخرى تشترك بنفس الطريقة مع إنجيل لوقا، هذا فضلًا عن وجود توافق تقريبى فى ترتيب الكثير من الأجزاء المشتركة وإن اختلف مكانها فى الهيكل العام لكل إنجيل، وبهذا لا يتبقى سوى 35% من الإنجيل، وهى محصلة ما ساهم به متى شخصيًا فى الإنجيل المعروف باسمه، على الرغم من أنه بلا شك قدم الكثير من المادة المشتركة بطريقة واضحة مميزة، إلى حد أنه قد يكون من الصعب أحيانًا تحديد ما إذا كان فى الواقع ثمة تقليد مشترك يستند إليه الإنجيل فى سرده لحدث أو قول معين.”
                              والآن إذا كان مصدر هذه الكتب الأربعة واحد وهو الله، فلماذا اختلفوا مع بعضهم البعض؟ لماذا أوحى الله لأحدهم ما لم يوح إلى الآخرين؟ هل بسبب نسيان الرب؟ أم بسبب نسيان الكتبة؟ أم لعدم أهميتها؟ أم هذه كتابات واجتهادات شخصية فى تجميع الأحداث والقصص المتناقلة على ألسُن الناس بعد مرور وقت طويل من حدوثها كما يقول علماء اللاهوت؟ ألا تتفق معى أنه لو اتفقت الأناجيل الأربعة لفظًا ومحتوىً لكان هذا أدعى للقول بألوهية مصدرها؟
                              وأضيف أقوال جمعها الدكتور منقذ سقار فى كتابه: هل العهد الجديد كلمة الله؟: “وقد أنكر كثير من علماء المسيحية في القديم والحديث صحة نسبة الإنجيل لمتى يقول فاستس في القرن الرابع: “إن الإنجيل المنسوب إلى متى ليس من تصنيفه”، وكذا يرى القديس وليمس. والأب ديدون في كتابه "حياة المسيح".
                              ويقول ج ب فيلبس: “نسب التراث القديم هذه البشارة إلى الحواري متى، ولكن معظم علماء اليوم يرفضون هذا الرأي”.
                              ويقول د برونر: “إن هذا الإنجيل كله كاذب” .
                              ويقول البرفسور هارنج: إن إنجيل متى ليس من تأليف متى الحواري، بل هو لمؤلف مجهول أخفى شخصيته لغرض ما.
                              وجاء في مقدمة إنجيل متى للكاثوليك: “أما المؤلف، فالإنجيل لا يذكر عنه شيئًا، ولكن البحث في الإنجيل لا يثبت ذلك الرأي أو يبطله على وجه حاسم”.
                              ويقول القس فهيم عزيز عن كاتب متى المجهول: “لا نستطيع أن نعطيه اسمًا، وقد يكون متى الرسول، وقد يكون غيره”.
                              http://www.saaid.net/Doat/mongiz/noor/2-7.htm
                              ومن هنا يبطل زعم الكاتب أن كتابه مقدس، وأنه صمد أمام محك الزمن. وأن هذا الكتاب الذى يقدسه ليس كتاب الله حتى نتكلم عن تحريفه. فهو ملىء بالأخطاء التاريخية والعلمية والمنطقية والأدبية والأخلاقية والعددية واللغوية والإملائية. ومن العار على المرء، بل من الكفر البيِّن أن ينسب مثل هذا الكتاب لله.
                              أما استشهاد الكاتب بقول الكتاب: (18لأَنِّي أَشْهَدُ لِكُلِّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالَ نُبُوَّةِ هَذَا الْكِتَابِ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَزِيدُ عَلَى هَذَا يَزِيدُ اللهُ عَلَيْهِ الضَّرَبَاتِ الْمَكْتُوبَةَ فِي هَذَا الْكِتَابِ. 19وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَحْذِفُ مِنْ أَقْوَالِ كِتَابِ هَذِهِ النُّبُوَّةِ يَحْذِفُ اللهُ نَصِيبَهُ مِنْ سِفْرِ الْحَيَاةِ، وَمِنَ الْمَدِينَةِ الْمُقَدَّسَةِ، وَمِنَ الْمَكْتُوبِ فِي هَذَا الْكِتَابِ) الرؤيا 22: 18-19 وقد أخطأ الكاتب وظن أنها فى الإصحاح (12) بدلا من (22)
                              واستشهاده بقول التثنية 4: 2 (2لا تَزِيدُوا عَلى الكَلامِ الذِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهِ وَلا تُنَقِّصُوا مِنْهُ لِتَحْفَظُوا وَصَايَا الرَّبِّ إِلهِكُمُ التِي أَنَا أُوصِيكُمْ بِهَا.)
                              فهذا يدين الكتاب نفسه، لأنه معنى أن ينزل الرب عقوبة لمن يحرف كلامه بالزيادة أو النقصان، أن الرب يعلم أن هذا سيحدث بلا أدنى شك، وإلا لماذا افترض عقوبة على حدث لن يتم، ويعلم أن اليهود وأحبارهم الذين استحفظوا على هذا الكتاب غير أمناء، وأنهم سيحرفون، وهو ما أدانه الله تعالى فى القرآن، ونوَّه عنه الكتاب الذى تؤمن بقدسيته: (53الَّذِينَ أَخَذْتُمُ النَّامُوسَ بِتَرْتِيبِ مَلاَئِكَةٍ وَلَمْ تَحْفَظُوهُ؟».) أعمال الرسل 7: 53
                              (1إِذًا مَا هُوَ فَضْلُ الْيَهُودِيِّ أَوْ مَا هُوَ نَفْعُ الْخِتَانِ؟ 2كَثِيرٌ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ! أَمَّا أَوَّلًا فَلأَنَّهُمُ اسْتُؤْمِنُوا عَلَى أَقْوَالِ اللهِ. 3فَمَاذَا إِنْ كَانَ قَوْمٌ لَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ؟ أَفَلَعَلَّ عَدَمَ أَمَانَتِهِمْ يُبْطِلُ أَمَانَةَ اللهِ؟ 4حَاشَا! بَلْ لِيَكُنِ اللهُ صَادِقًا وَكُلُّ إِنْسَانٍ كَاذِبًا.) رومية 3: 1-4 ترجمة الفاندايك
                              وفى الترجمة العربية المشتركة بين كل طوائف المسيحية الرئيسيين تقول: (2كثيرٌ مِنْ جميعِ الوُجوهِ. وأوَّلُها أنَّ الله اَئتَمَنَ اليَهودَ على أقوالِهِ 3فماذا إنْ خانَ بَعضُهُم؟ أَتُبْطِلُ خيانتُهُم وفاءَ الله؟) لاحظ أنه هنا أضاف كلمة (بعضهم) للنص!
                              وهذا ليس بجديد على اليهود، فقد دأبوا على تحريف كل كتب الأنبياء الذين أرسلوا إليهم، وهذا اعتراف الرب بلسان نبيه إرمياء: (كَيْفَ تَدَّعُونَ أَنَّكُمْ حُكَمَاءُ وَلَدَيْكُمْ شَرِيعَةَ الرَّبِّ بَيْنَمَا حَوَّلَهَا قَلَمُ الْكَتَبَةِ المُخَادِعُ إِلَى أُكْذُوبَةٍ؟) إرمياء 8: 8
                              (36أَمَّا وَحْيُ الرَّبِّ فَلاَ تَذْكُرُوهُ بَعْدُ لأَنَّ كَلِمَةَ كُلِّ إِنْسَانٍ تَكُونُ وَحْيَهُ إِذْ قَدْ حَرَّفْتُمْ كَلاَمَ الإِلَهِ الْحَيِّ رَبِّ الْجُنُودِ إِلَهِنَا.) إرمياء 23: 36
                              (26كَهَنَتُهَا خَالَفُوا شَرِيعَتِي وَنَجَّسُوا أَقْدَاسِي. لَمْ يُمَيِّزُوا بَيْنَ الْمُقَدَّسِ وَالْمُحَلَّلِ، وَلَمْ يَعْلَمُوا الْفَرْقَ بَيْنَ النَّجِسِ وَالطَّاهِرِ، وَحَجَبُوا عُيُونَهُمْ عَنْ سُبُوتِي فَتَدَنَّسْتُ فِي وَسَطِهِمْ. 27رُؤَسَاؤُهَا فِي وَسَطِهَا كَذِئَابٍ خَاطِفَةٍ خَطْفًا لِسَفْكِ الدَّمِ، لإِهْلاَكِ النُّفُوسِ لاِكْتِسَابِ كَسْبٍ. 28وَأَنْبِيَاؤُهَا قَدْ طَيَّنُوا لَهُمْ بِـالطُّفَالِ، رَائِينَ بَاطِلًا وَعَارِفِينَ لَهُمْ كَذِبًا، قَائِلِينَ: هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ وَالرَّبُّ لَمْ يَتَكَلَّمْ!) حزقيال 22: 26-28
                              (4اَللهُ أَفْتَخِرُ بِكَلاَمِهِ. عَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ فَلاَ أَخَافُ. مَاذَا يَصْنَعُهُ بِي الْبَشَرُ! 5الْيَوْمَ كُلَّهُ يُحَرِّفُونَ كَلاَمِي. عَلَيَّ كُلُّ أَفْكَارِهِمْ بِالشَّرِّ.) مزمور 56: 4-5
                              (15وَيْلٌ لِلَّذِينَ يَتَعَمَّقُونَ لِيَكْتُمُوا رَأْيَهُمْ عَنِ الرَّبِّ فَتَصِيرُ أَعْمَالُهُمْ فِي الظُّلْمَةِ وَيَقُولُونَ: «مَنْ يُبْصِرُنَا وَمَنْ يَعْرِفُنَا؟». 16يَا لَتَحْرِيفِكُمْ!) إشعياء 29: 15-16
                              (6فَأَجَابَ: «حَسَنًا تَنَبَّأَ إِشَعْيَاءُ عَنْكُمْ أَنْتُمُ الْمُرَائِينَ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: هَذَا الشَّعْبُ يُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا 7وَبَاطِلًا يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ. 8لأَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ وَتَتَمَسَّكُونَ بِتَقْلِيدِ النَّاسِ: .. .. .. 9ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «حَسَنًا! رَفَضْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ. .. .. .. 13مُبْطِلِينَ كَلاَمَ اللَّهِ بِتَقْلِيدِكُمُ الَّذِي سَلَّمْتُمُوهُ. وَأُمُورًا كَثِيرَةً مِثْلَ هَذِهِ تَفْعَلُونَ».) مرقس 7: 7-13
                              * * *
                              أقدم ثلاث مخطوطات للكتاب المقدس:
                              ثم تكلمت عن المخطوطات السينائية والسكندرية والفاتيكانية، وقمت بالتدليس على القارىء الذى يجهل هذه المخطوطات، فلم تقل لهم إن الكتاب الذى تقدسه اختلفت أسفاره من السينائية إلى الكتاب الذى بين يديك، فالمخطوطة السينائية تحتوى على كتب العهد الجديد مضافًا إليها:رسالة برنايا، وكتاب الراعى لهرماس. ولا يوجد بها قصة المرأة الزانية، التى أوردها إنجيل يوحنا، ولا يوجد نزول الملاك وتحريك الماء (يوحنا 5: 4)، ولا يوجد بها نهاية إنجيل مرقس 16: 9-20،
                              هذا وتُظهر المخطوطة السينائية العديد من أيدى المصححين، يصل عددهم إلى عشر مصححين. منهم المصححون الأساسيون، ومنهم مصححون آخرون يرجع تاريخهم إلى القرن السابع. ويؤكد الدكتور روبرت كيل تسلر فى كتابه (حقيقة الكتاب المقدس تحت مجهر علماء اللاهوت) أن تشيندورف قال: إنها تحتوى على الأقل على 16000 تصحيحًا ترجع على الأقل إلى سبعة مصححين أو معالجين للنص (راجع أيضًا Realenzyklop&auml;die)، بل قد وجد أن بعض المواقع قد تم كشطها ثلاث مرات وكتب عليها للمرة الرابعة (راجع أيضًا " Synopse لهوك ليتسمان Huck-Lutzmann " صفحة ( 11 ) لعام 1950 ).
                              هذا وتتفق المخطوطة السينائية مع الفاتيكانية فى إسقاط عدة فقرات من العهد الجديد مثل نهاية الصلاة الربانية (متى 6: 13) ونهاية إنجيل مرقس الفقرات (16: 9-20)، وفقرات أخرى عديدة.
                              وكذلك أسقطت النسخة السينائية والنسخة الفاتيكانية نص متى 18: 11 القائل: (لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ.)، فمن أين جاء إنجيل متى الحالى بهذا النص؟
                              وكذلك أسقطت النسخة السينائية والنسخة الفاتيكانية والنسخة السكندرية نص مرقس 15: 28 القائل: (فَتَمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: «وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ».) فمن أين جاء إنجيل مرقس الحالى بهذا النص؟
                              وكذلك أسقطت النسخة السينائية والنسخة الفاتيكانية والنسخة السكندرية نص لوقا 17: 36 القائل: (يَكُونُ اثْنَانِ فِي الْحَقْلِ، فَيُؤْخَذُ الْوَاحِدُ وَيُتْرَكُ الآخَرُ.) فمن أين جاء إنجيل لوقا الحالى بهذا النص؟
                              وكذلك أسقطت النسخة السينائية والنسخة الفاتيكانية والنسخة السكندرية نص لوقا 23: 17 القائل: (17وَكَانَ مُضْطَرًّا أَنْ يُطْلِقَ لَهُمْ كُلَّ عِيدٍ وَاحِدًا.) فمن أين جاء إنجيل لوقا الحالى بهذا النص؟
                              وكذلك أسقطت النسخة السينائية والنسخة الفاتيكانية والنسخة السكندرية نص أعمال الرسل 8: 37 القائل: (37فَقَالَ فِيلُبُّسُ: «إِنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ يَجُوزُ». فَأَجَابَ: «أَنَا أُومِنُ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ ابْنُ اللهِ».) فمن أين جاء سفر أعمال الرسل الحالى بهذا النص؟
                              يقول (ويل كينى) إن معظم الفروق التى تجاوزت الـ 5000 فرقًا تجدها فى العهد الجديد بين نسخة الملك جيمس للكتاب المقدس من جهة، ومن جهة أخرى بين الطبعات الحديثة للكتاب المقدس مثل NASB (الأمريكية الحديثة القياسية المنقحة) للكتاب المقدس،وNIV (الترجمة العالمية الحديثة)وRSV (الترجمة القياسية المنقحة) و(طبعة كتاب الحياة) وطبعات أخرى أيضًا، أكرر مرة أخرى إن معظم الفروق الناتجة بين التراجم المختلفة ينتج عن الإختلافات الجوهرية بين هاتين المخطوطتين السينائية والفاتيكانية، والتى يُرجح أن تاريخهما يرجع إلى القرن الرابع الميلادى.
                              والقارىء فى علم مخطوطات الكتاب المقدس يعلم أن المجلد السينائى يُرمز له بالحرف Aleph، ويُرمز للمجلد الفاتيكانى بالحرف B .
                              وقد قارن (دين جون وليام بورجون) المخطوطات السينائية والفاتيكانية فى كتابه (النسخة المنقحة) الذى صدر عام 1881، وذكر به قائمة تحتوى على حقائق مؤكدة لم ينكرها أحد من العلماء عن هاتين المخطوطتين.
                              فيذكر السيد بورجون فى صفحة رقم 11 أنه من غرائب القول أن نذكر أن المخطوطتين الفاتيكانية والسينائية فى العشرين سنة الماضية قد احتلتا السيادة فى خيال علماء نقد النصوص، والتى يمكنها أن تكون خرافة، لا أساس لها من الواقع أو الصحة. ولا يهم أنه تم اكتشاف أنهما يختلفان جذريًا ليس فقط بنسبة 99% عن النص الماسورى للعهد القديم، ولكنهما يختلفان أيضًا عن بعضهما البعض.
                              ففى العهد الجديد، ونخص بالذكر الأناجيل بمفردها قد حذفت المخطوطة الفاتيكانية على الأقل 2877 كلمة، وأضافت 536، واستبدلت 935 كلمة بأخرى، وقامت بنقل مواضع 2098 كلمة، وحورت معنى 1132 كلمة، أى تم التحريف فى 7578 كلمة، وهو مجموع ما سبق!!
                              أما بالنسبة للسينائية فقد حذفت 3455 كلمة، وأضافت 839 كلمة، واستبدلت 1114 كلمة، ونقلت 2299 كلمة عن مواضعها، وحورت معنى 1265 كلمة، أى تم التحريف فى 8972 كلمة، وهو مجموع ما سبق!!
                              مع الأخذ فى الاعتبار أن الحذف أو الإضافة أو الاستبدال أو تحوير المعنى أو تغيير موضع الكلمة لم يستهدف نفس الكلمات فى كلتا النسختين. وأنه من الأسهل أن تجد جملتين متناقضتين عن أن تبحث عن جملتين تتفقان تمامًا مع بعضهما البعض.
                              وفى صفحة 319 يقول فى ملاحظاته: ”إن الأناجيل الأربعة فقط للمجلد الفاتيكانى تحتوى على 589 قراءة مختلفة خاصة بها، مؤثرة بذلك فى معنى 858 كلمة. بينما تجد فى السينائية 1460 قراءة مختلفة تؤثر فى معانى 2640 كلمة“.
                              إن الغرض من هذه الدراسة وعرض البعض من الأمثلة العديدة هو إظهار مدى اختلاف أقدم مخطوطتين للكتاب للعهد الجديد وتضاربهما. فهما يختلفان عن النص اليونانى التقليدى، الذى تتبناه نسخة الملك جيمس، التى صدرت عام 1611، فقد حُذفت آلاف الكلمات من نص الملك جيمس، بناء على التنقيح الذى تم استنادًا على هاتين المخطوطتين: السينائية والفاتيكانية. أما النسخ الحديثة فهى لا تتبع نموذجًا عقليًّا أو منطقيًّا، فقد ضمَّنوا قراءات محددة من احدى النسخ واستثنوا غيرها.
                              ويكفى هذا لأتركك تتأكد من صحة هذه المعلومات، ولتتعلم عن مخطوطات كتابك، التى لا تتكلم عنها الكنائس العربية إلا بصورة تبين مدى تحقيرهم للعقلية العربية غير الباحثة عن الحق، والمصدقة لأى كلام يُقال لها من رجل الدين!
                              * * *
                              النسخ الأصلية للقرآن الكريم:
                              يواصل الكاتب فيدعى ما أثبته العلم على كتابه الذى يقدسه، على القرآن الكريم فيقول:
                              هذا بينما هناك العديد من الأدلة التى تثبت أن القرآن قد عبثت به الأيدى. فلا يعرف أحد أين توجد النسخ الأصلية للقرآن. أما القرآن الذى بين أيدينا فيسمى "قرآن عثمان" وقد جُمع بعد موت محمد بزمن طويل. لابد أن يكون قد فُقدت أجزاء من القرآن الأصلى بعد موت الكثير من حفظة القرآن أو قتلهم فى الغزوات والحروب. وقد جمع عثمان الخليفة الثالث لمحمد ما تبقى من القرآن ورتبه طبقًا لحجم السور وليس طبقًا للتسلسل الزمنى لنزولها، ثم أحرق كل النسخ الأخرى الموجودة. فالمرء لايملك إلا أن يتساءل: لماذا أحرق عثمان كل النسخ الموجودة من القرآن إن لم يكن يقصد إخفاء شىء ما ؟
                              وأرد عليه قائلا:
                              والله لا أعرف كيف يستقر النوم فى عينيك وأنت تكذب على نفسك وعلى الآخرين، وتخسر نفسك، كما ستخسر الآخرين! ربما تكون جاهلا ونقلت ما قالوه لك دون توثيق! أتحمل كل هذا الحقد على الإسلام! فماذا تستفيد لو ربحت العالم كله، وخسرت نفسك! لكنها الحرب الشعواء على دين الله! واستمرار منع الناس من الدخول لمكوت الله، الذى بدأ زمن عيسى  نفسه، فقد قال لليهود: (13«لَكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ! ..... 15وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تَطُوفُونَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ لِتَكْسَبُوا دَخِيلًا وَاحِدًا وَمَتَى حَصَلَ تَصْنَعُونَهُ ابْنًا لِجَهَنَّمَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ مُضَاعَفًا!) متى 23: 13-15
                              رأينا فى الصفحات السابقة دلائل صدق القرآن الكريم، وأدلة أنه من عند الله تعالى، ودلائل صدق رسوله  الذى لا ينطق عن الهوى، بل هو وحى يوحى إليه. وقد تعهَّد الله تعالى أن يحفظ هذا الكتاب ليكون دستوره الخالد، والحجة الباقية للعالمين، فقال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحجر 19، وقال تعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) النساء 82
                              وهذا بدليل كاف على أنه لم تعبث به يد إنسان ولا تستطيع، والدليل على ذلك هو بقاؤه لليوم دون تحريف تتطابق النسخ التى بين أيدينا مع الأصول التى ترجع إلى القرن الأول الهجرى زمن الجمع، وما بعده.
                              ومن أهم مظاهر حفظ القرآن الكريم هو حفظه هو نفسه فى صدور الأطفال والكبار، وحفظ لغته لليوم، ومخطوطاته، الموجودة حاليا في المتاحف الغربية والعربية بحالة ممتازة على الرغم من مرور أكثر من 1431 سنة على كتابة هذه المخطوطات، والتي يعود الكثير منها إلى القرن الهجري الأول وبعضها يعود إلى السنوات الأولى من البعثة بخط كتاب الوحي أمثال علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت رضي الله عليهم. وقراءته فى كل إذاعات العالم العربية ليلا ونهارًا، وإقامة مسابقات عالمية بين كل أطفال العالم وشبابه لتسميع القرآن كله أو أجزاء منه. فلو حدث فيه تغيير لتبين ذلك لكل الناس.
                              فهل حفظ الرب لديكم عزيزى الكاتب لغة ما تسمونه الكتاب المقدس؟ لا. هل كتبت الأناجيل بلغة يسوع الآرامية؟ لا. هل جُمعت أقوال يسوع فى حياته وتواترت إلى أن وصلت إليكم؟ لا. وهل جُمعت فى داخل فلسطين، حيث نشأ يسوع نفسه؟ لا. وهل كان القائمون على جمع هذه الكتب متحمسين لنشر أقدم الكتب والمجلدات التى جمعت أسفار كتابكم؟ لا. فقد قام الفاتيكان بتخبئة المجلد الفاتيكانى مئات السنين، وكان يمنع حتى العلماء من الاطلاع عليها، ولم يُطلع عليها إلا أرازموس وآخر. بل قامت صراعات دموية من رجال الكنيسة لمنع ترجمة كتابكم إلى لغات أخرى.
                              والخلاصة: إن ضياع أصل المخطوطات التى ترجع لزمن الكتابة، وضياع لغة الكتاب الأصلية، واستبدال لغة الكتاب الأصلية بلغات أخرى، لهو ضياع للكتاب نفسه. وقد أشرت إلى اعتراف الكتاب وأنبياؤه بتحريف اليهود له.
                              هذا وقد جمع القرآن الكريم تدوينًا وحفظًا أولا فى حياة الرسول  ثم نسخ منه وجمع فى مجلد واحد كما سنرى:
                              مراحل تدوين القرآن الكريم:
                              أولا: في عهد النبي :
                              لقد كان النبي  حريصًا على تسجيل ما ينزل عليه من القرآن، حتى إنه نهي في البداية عن كتابة شيء غير القرآن حيث يقول في حديث أبي سعيد الخدري (لا تكتبوا عني شيئا سوى القرآن، فمن كتب عني غير القرآن فليمحه).
                              وقد بلغ كتاب النبي  ثلاثة وأربعين كاتبًا، وكان بعضهم منقطعًا لكتابة الوحي، ولعل من أشهرهم: عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وحنظلة ابن الربيع. ولقد كان النبي  مهتمًا بتسجيل النص القرآني منذ أن بدأ نزوله عليه في مكة. وقد جاء في قصة إسلام عمر بن الخطاب  أن سورة (طه) كانت مكتوبة في صحيفة في بيت فاطمة بنت الخطاب أخت عمر، كان خباب بن الأرت يقرئهما هى وزوجها القرآن منها. ولم تكن هذه الصحيفة التي سجلت سورة طه إلا واحدة من صحف كثيرة كانت متداولة بين أيدي الذين أسلموا من أهل مكة، سجلت سورًا أخرى من القرآن.
                              وكان  إذا نزل عليه الوحي قال لمن عنده: أدع لي زيدًا، وليجيء باللوح والدواة أو الكتف والدواة، ثم يقول له اكتب .. ويملي عليه الآيات.
                              ومما يجب أن يلاحظ هنا أن النبي  كان يراجع الصحابة في ما يكتبون من القرآن، فيروى عن زيد بن ثابت أنه قال: (كنت أكتب الوحي عند رسول الله  وهو يملي عليَّ، فإذا فرغت قال: أقرأه فإن كان فيه سقط أقامه).
                              وقد نص العلماء على أن (القرآن كله كتب على عهد رسول الله  في الصحف والألواح والعسب، لكن غير مجموع في موضع واحد، ولا مرتب السور).(لطائف الإشارات لفنون القراءات –القسطلاني- شهاب الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر).
                              وإذا كان لكل هذه الأخبار من دلالة فإن أول ما تدل عليه أن رسول الله  كان يهدف إلى تسجيل القرآن كله، فيؤمن بذلك ضياع شيء منه أو فقدانه، وهو بذلك قد سن جمع القرآن وكتابته، وأمر بذلك وأملاه على كتبته، وأنه  لم يمت حتى حفظ جميع القرآن جماعة من الصحابة، وحفظ الباقون منه جميعه متفرقًا أو عرفوه وعلموا مواقعه ومواضعه على وجه ما يعرف ذلك اليوم من ليس من الحفاظ لجميع القرآن). (لطائف الإشارات لفنون القراءات ـ القسطلاني - شهاب الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر).
                              ومن الجدير بالذكر أن نعرف مدة حكم كل من الخلفاء، لنتخيل كذب الكاتب فى قوله إن القرآن جُمع بعد وفاة النبى  بزمن طويل، فقد مات الرسول  فى العام الحادى عشر للهجرة، وكان الجمع الثانى، بعد أن جُمع فى زمن الرسول ، فى مدة خلافة أبى بكر، التى استمرت سنتان، وبعد أن انتهى من حرب المرتدين، ثم كان الجمع الثانى بعد ذلك بحوال 10 سنوات، أى فى زمن خلافة عثمان بن عفان:
                              قائمة الخلفاء
                              اسم الخليفة
                              مدة الخلافة
                              مدة الخلافة
                              أبو بكر الصديق
                              11هـ - 13هـ
                              سنتان
                              عمر بن الخطاب
                              13هـ - 23هـ
                              10 سنوات
                              عثمان بن عفان
                              23هـ - 35هـ
                              12 سنة
                              علي بن أبي طالب
                              35هـ - 40هـ
                              5 سنوات
                              ثانيًا: جمع القرآن في مصحف إمام في ولاية أبو بكر:
                              بعد وفاة النبي  ومقتل الكثير من حفظة القرآن أثناء إخماد الفتن التي نشبت بعد وفاة النبي، خاصة في موقعة اليمامة، خشي عمر بن الخطاب أن يضيع القرآن بمقتل حفظته فأشار على أبى بكر أن يُجمع القرآن في مصحف، خاصة أنه استشهد يوم اليمامة 70 رجلا من حفظة القرآن الكريم، فأمر أبو بكر زيد بن ثابت بجمع القرآن في مصحف إمام وتم هذا تحت إشرافه وبحضور لجنة من الصحابة.
                              ثالثًا: نسخ عثمان للمصاحف:
                              وعن أنس بن مالك: أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان وكان يغازي أهل الشام في فتح إرمينية وأذربيجان مع أهل العراق فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى. فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك. فأرسلت بها حفصة إلى عثمان فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبدالرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاث إذا اختلفتم في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق. قال ابن شهاب وأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت سمع زيد بن ثابت قال فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف قد كنت أسمع رسول الله  يقرأ بها فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) رواه البخاري، الذى تعهدت أن تنقل منه الأحاديث.
                              ويتعجب الكاتب وكنيسته: لماذا أمر عثمان بحرق أى صحيفة لدى أى شخص، وأن يُجمع المسلمون على نسخة المصحف الأم؟
                              نُحكِّم كتابك الذى تقدسه فى هذه المسألة: يقول كتابك إنه لا تقوم شهادة إلا على اثنين أو أكثر (يوحنا 8: 17). فمن هم شهود من نقلوا جزءًا من القرآن فى صحائفهم، وما هو مقدار وعْيهم أثناء النقل، أو درجة حفظهم؟ لا يمكن حصره، ومن هنا كان وعى الخليفة عثمان بن عفان  أن تُحرق كل صحيفة بيد المسلمين، وأن يُجمع الكل على كتاب واحد. وخاصة أن القرآن كان ينزل منجَّمًا، أى متفرقًا، ثم يوجه جبريل الرسول  أن يضع هذه الآيات فى سورة كذا بعد الآية كذا، فكيف سيكون حال المسافر من المسلمين إذا علم جزءًا من السورة وكتبه، ولم يعلم الباقى؟
                              وبالطبع لن يذهب حفظة القرآن لكل منزل ليتأكدوا من صحة ما كتبوه، وكان الأيسر أن يُجمع الكل على كتاب واحد.
                              إنه ليس كل مسلم كانت بيديه صحيفة كتب عليها جزءًا من القرآن كان يجيد نقل ما كتبه، وبالتالى لم يراجع أحد على ما نقله. ونتعلم من رواية زيد بن ثابت الذى كان يكتب أمام الرسول  وبإملائه، أن الرسول  كان يراجع ما كتبه زيد، ويقيمه إن كان مطابقًا لما أملاه الرسول ، ويسقطه إن كان فيه شىء مخالف: (كنت أكتب الوحي عند رسول الله  وهو يملي عليَّ، فإذا فرغت قال: أقرأه فإن كان فيه سقط أقامه).
                              فهل يعاب على المسلمين الدقة فى تحرى صحة المعلومة والتوثيق؟
                              ولا تزال آلاف مخطوطات المصاحف والتي يعود الكثير منها إلى القرون الهجرية الأولى مثل المصحف المكتوب بخط سيدنا علي بن أبي طالب (ضمن مجموعة مخطوطات صنعاء موجود، وهو موجود بمعرض مصاحف صنعاء الدائم بدار المخطوطات) موزعة في المتاحف العالمية في تركيا، القاهرة، صنعاء، باريس، لندن الخ والتي هي بحالة جيدة كمستند موثق يدل على استحالة التحريف في القرآن الكريم فهو الآن كما أنزل على سيدنا محمد  قبل 1431سنة.
                              وتوجد مخطوطة مصحف عثمان بن عفان هذا فى (متحف طوب قابي سراي باستانبول)، وقد ذاعت شهرته أرجاء العالم. وحسب الرصد التوثيقي لهذه النسخة يتبين أن المصحف كان محفوظًا في خزانة الكتب النفيسة في القاهرة، ومن ثم أهداه والي مصر محمد علي باشا إلى السلطان العثماني محمود الثاني سنة 1226هـ - 1811م، وحفظت هذه النسخة النادرة في قصر طوب قابي منذ ذلك التاريخ ضمن مقتنيات الأمانات المقدسة. وما إن حوِّل القصر إلى متحف مفتوح أمام الجمهور أصبح المصحف المخطوط أهم ما يشاهده آلاف الزوار كأحد النفائس النادرة.
                              من المعلوم أن عثمان بن عفان أمر بنسخ ست نسخ من المصحف وأرسل أربعة منها إلى الأمصار المختلفة، وبقي اثنان منها في المدينة. وكان هذا المصحف محفوظًا في خزانة الكتب المدرسة الفاضلية التي بناها القاضي الفاضل عبدالرحيم البيساني العسقلاني - في العصر الأيوبي- ثم نقله السلطان الملك الأشراف أبو النصر قنصوه الغوري - آخر سلاطين الدولة المملوكية - إلى القبة التي أنشأها تجاه مدرسته بقرب الأقباعيين داخل باب زويلة، ونقل إليها أيضًا الآثار النبوية، وعمل له جلدة خاصةً به، نقش عليها أنها عملت بعد كتابة المصحف العثماني بثمانمائة وأربعة وسبعين عامًا - أي أنها عملت سنة 909هـ وظل محفوظًا بها لمدة ثلاثة قرون، وهي هذه:
                              وفي عام 1305هـ استقر المصحف والجلدة والآثار النبوية بعد نقلها إلى مشهد الإمام الحسين رضوان الله عليه. وفي عام 1427هـ قامت المكتبة المركزية للمخطوطات الإسلامية بنقله إلى المكتبة حيث تم توثيقه وتصوير صفحاته لأول مرة على أقراص مدمجة CD.
                              مخطوطات الكتاب المقدس:
                              أما عن مخطوطات الكتاب المقدس جدًا، فتُجمع مصادر وأدبيات كل من كتب عن مخطوطات الكتاب المقدس جدًا على ضياع مخطوطاته الأصلية. يقول الدكتور ماهر إيميل إسحاق: (ليس بين أيدينا الآن المخطوطات الأصلية، أي النسخة التي بخط يد كاتب أي سفر من أسفار العهد الجديد أو العهد القديم. فهذه المخطوطات ربما تكون قد استهلكت من كثرة الاستعمال، أو ربما يكون بعضها قد تعرض للإتلاف أو الإخفاء في أزمنة الاضطهاد، خصوصًا وأن بعضها كان مكتوبًا على ورق البردي، وهو سريع التلف). (المصدر: مخطوطات الكتاب المقدس بلغاته الأصلية تأليف الشماس الدكتور ماهر إيميل إسحاق، أستاذ العهد القديم واللاهوت بالكلية الإكليريكية واللغة القبطية بمعهد اللغة القبطية بالقاهرة).
                              فى الحقيقة هناك الكثير من البرديات وغيرها التى يسمونها مخطوطات الكتاب المقدس، ويتغنون بأعدادها، إلا أنهم لا يصارحون ما تقوله الموسوعة الكاثوليكية عن هذه المخطوطات. إنه لا توجد مخطوطتان متطابقتان!!
                              فالموسوعة الكاثوليكية تقول عن المخطوطات اللاتينية المعاصرة لزمن القديس جيروم، إنه لسوء الحظ لا يوجد منها اثنتان متطابقتان في النص!! كما قام النساخ بإدخال التصحيحات (من وجهة نظرهم) عليها.
                              يقول القديس جيروم عن هذه المخطوطات القديمة، إنه لا توجد :
                              Some 40 manuscripts have preserved to us a text which antedates the translation of St. Jerome; they are designated by small letters. Unfortunately no two of these manuscripts represent to us quite the same text. Corrections introduced by scribes and the inevitable influence of the Vulgate have left it a very difficult matter to group the Old Latin manuscripts.
                              ويشير آسفًا إلى أنه لا توجد مخطوطتان من هذه المخطوطات تقدمان لنا نفس النص. بل اعترف هو نفسه بتحريف الكتاب الذى تقدسه عزيزى الكاتب بأمر من البابا داماسوس:
                              فنقلا عن (اعترافات القديس جيروم؛ أخطر وثيقة في تاريخ المسيحية) للدكتورة زينب عبد العزيز، أستاذة الحضارة الفرنسية:
                              المجلد الأول من أعمال الراهب جيروم، بداية المقدمة، حول مراجعة نصوص الأناجيل الربعة:
                              إلى قداسة البابا داماز، من جيروم،
                              تحثني على أن أقوم بتحويل عمل قديم لأخرج منه بعمل جديد، وتريد منى أن أكون حكمًا على نُسخ كل تلك النصوص الإنجيلية المتناثرة في العالم، وأن أختار منها وأقرر ما هي تلك التي حادت أو تلك التي هي أقرب حقا من النص اليوناني.
                              أنها مهمة ورعة، لكنها مغامرة خطرة إذ سيتعيّن علىّ تغيير أسلوب العالم
                              القديم وأعيده إلى الطفولة. وأن أقوم بالحكم على الآخرين يعنى في نفس الوقت
                              أنهم سيحكمون فيه على عملي. فمن من العلماء أو حتى من الجهلاء، حينما سيمسك بكتابي بين يديه ويلحظ التغيير الذي وقع فيه، بالنسبة للنص الذي اعتاد قراءته، لن يصيح بالشتائم ضدي ويتهمني بأنني مزور ومدنس للمقدسات، لأنني تجرأت وأضفت، وغيّرت، وصححت في هذه الكتب القديمة؟

                              تعليق


                              • #90
                                الملف 66
                                وحيال مثل هذه الفضيحة، هناك شيئان يخففان من روعي،
                                الأمر الأول: أنك أنت الذي أمرتنى بذلك؛
                                والأمر الثانى: إن ما هو ضلال لا يمكن أن يكون حقًا.
                                وهو ما تقره أقذع الألسنة شراسة. وإذا كان علينا أن نضفي بعض المصداقية على مخطوطات الترجمة اللاتينية، ليقل لنا أعداؤنا أيها أصوب، لأن هناك من
                                الأناجيل بعدد الاختلافات بين نصوصها. ولماذا لا يروقهم أن أقوم بالتصويب
                                اعتمادًا على المصادر اليونانية لتصويب الأجزاء التي أساء فهمها المترجمون
                                الجهلاء، أو بدلوها بسوء نية، أو حتى قام بعض الأدعياء بتعديلها.
                                ومعنى قول القديس جيروم "أن الضلال لا يمكن أن يكون حقا" أنه يُعد الكتب والمخطوطات السائدة ضلالا في نظره، وهو ما تقره أيضا أقذع الألسنة شراسة في
                                الهجوم عليه. ومقال الدتورة زينب جدير جدًا بالقراءة.
                                واعترف أيضًا كتاب ”مرشد الطالبين إلى الكتاب المقدس الثمين“ بالتحريف، وهو كتاب تراثى كنسى شهير، جاء فى ص15 منه (نقلًا عن دلائل تحريف الكتاب المقدس ج1 ص14-15): ”ومن المعلوم أنه فى نساخة هذه الكتب خطأ من زمان إلى زمان لعدم معرفة صناعة الطبع يومئذ. ربما وقع حذف أو تغيير أو خلل فى الحروف أو الكلمات فى بعض النسخ، ولكن لا يوجد خلل فى أحد التعاليم الضرورية.“
                                ولك أن تتخيل اعترافه بوجود حذف أو تغيير، وترفعه عن الإعتراف بوجود إضافات كما جاءت دائرة المعارف البريطانية وغيرها الكثيرون بقولها (فإن التغييرات الهامة فيها قد حدثت عن قصد مثل إضافة أو ادخال فقرات بأكملها). ومثل هذا فعله الكتبة ورجال الكنيسة من قبله فجاء هذا الكتاب على نفس الحالة التى هو عليها، ووصلت التعاليم الكنسية إلى هذا المستوى الذى يؤكد الكثير من علماء المسيحية أنه لا فرق بينها وبين الوثنية وديانة مترا وكرشنا وبوذا.
                                ثم اقرأ اعترافه بالحقيقة على استحياء مع شىء من التجميل فى ص16: ”وأما وقوع بعض الإختلافات فى نسخ الكتاب المقدس فليس بمستغرب عند من يتذكر أنه قبل اختراع صناعة الطبع فى القرن الخامس عشر كانت كل الكتب تُنسخ بخط القلم، ولابد أن يكون بعض النسَّاخ جاهلًا وبعضهم غافلًا فلا يمكن أن يَسْلَموا من وقوع الزلل، ولو كانوا ماهرين فى صناعة الكتابة، ومتى وقعت غلطة فى النسخة الواحدة فلابد أن تقع أيضًا فى كل النسخ التى تُنقل عنها، وربما يوجد فى كل واحدة من النسخ غلطات خاصة بها لا توجد فى الأخرى. وعلى هذا تختلف الصور فى بعض الأماكن على قدر اختلاف النسخ.“
                                فهل علمت الآن لماذا تم إحراق باقى النسخ غير المعتمدة؟ حتى لا يؤول مصير المخطوطات إلى نفس المصير الذى آلت إليه كتبكم. فلا يوجد تطابق بين مخطوطتين، ولا يُعرف من الناسخ لها، لا اسمًا، ولا عملا، ولا دينًا، ولا خُلُقًا، ولا بأمر من نُسخت. ويكفينا شهادة الكتاب الذى تقدسه أنه حدث تدخلات من البابا وكبار رجال الدين لتحريف بعض العقائد، أو لتثبيت عقيدة ما. ويكفى الخلاف الكبير الدائر اليوم بين علمائكم على النص الذى يجب أن تعتمده الكنيسة، وأيهما الأصح: هل هو النص المسمَّى بالنص المستلم، أم النص الذى بُنى على المخطوطات الأقدم، منها السينائية والفاتيكانية والسكندرية.
                                فالنص المستلم، هو النص الأول الذى أصدره إرازموس عام 1516، وجاء ملىء بالأخطاء، إلا أنه وقت الطباعة لم يكن تحت يديه فى بازل إلا بضعة مخطوطات (ست / ثمان مخطوطات يدوية فقط) ترجع إلى ما بين القرنين الحادى عشر والخامس عشر!! بينما النص الحديث يرجع إلى مخطوطات القرن الرابع، وهى النسخة السينائية.
                                فعندما انتشرت المسيحية نسخوا ما لديهم من مخطوطات مرات تلوها مرات. وظهرت أخطاء النسَّاخ بمرور الوقت، فهناك أخطاء عفوية: وذلك بأن أخطأ القارىء فى حروف كلمة أو انتقل من سطر إلى سطر، أو أخطاء سماعية. وهناك أيضًا أخطاء متعمدة، وذلك بأن يدخل الناسخ رأيه الذى تؤيده طائفته التى ينتمى إليها، أو ينقل ما بهامشها إلى متن النص نفسه وهكذا. ومع كثرة النسخ ازدادت الأخطاء وتزايدت أكثر وأكثر، حتى إن علماء المخطوطات اليوم ليختلفون فى عدد الأخطاء التى تحتويها هذه المخطوطات. فمنهم من يقول إنها تحتوى على خمسين ألف، ومنهم من يقول مائة ألف، ومنهم من قال مائة وخمسين ألفًا، ومنهم من أوصلها إلى 250000 (ربع مليون) خطأ فى الكتاب المقدس، وهو الدكتور روبرت كيل تسلر فى جريدة Tagesanzeiger اليومية السويسرية الصادرة بتاريخ 18/2/1972.
                                والذى يهوِّن من كم أو نوع هذه الأخطاء التى تحتويها المخطوطات، كأنما يقول: هذه هى إمكانية الرب فى عمله! فقد نجح الرب بدرجة 95% فقط أو أقل فى حفظه لهذه المخطوطات! ويستحيل على إنسان مؤمن أن يقول ذلك!
                                نصوص حُذفت من الطبعات الحديثة للكتاب المقدس:
                                وسأنقل إليك بعض الفروق بين النسخ العربية، لأن منهم من اعتمد على النص المستلم كطبعة الفانديك، التى تتمسك بها الكنيسة المصرية، ومنهم من اتبع النص الحديث كطبعة الترجمة العربية المشتركة، التى أسهمت فيها أيضًا الكنيسة المصرية الأرثوذكسية، والكنيسة الكاثوليكية والبروتستانتية، وطبعة الترجمة الكاثوليكية اليسوعية، وذلك من كتاب (المناظرة الكبرى مع القس زكريا بطرس حول صحة الكتاب المقدس):
                                فمن إنجيل متى:
                                1) متى 1: 25 (25وَلَمْ يَعْرِفْهَا حَتَّى وَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ. وَدَعَا اسْمَهُ يَسُوعَ.)
                                وقد أقرت وجود كلمة (الْبِكْرَ) فاندايك والترجمة الكاثوليكية (أغناطيوس زياده)
                                وحذفتها الترجمة العربية المشتركة وترجمة الآباء اليسوعيين، وكتاب الحياة، الترجمة الكاثوليكية (بولس باسيم). فما هى الكلمة التى قالها الرب بالضبط؟
                                2) متى 5: 44 (44وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ)
                                وقد وافقت فاندايك فقط طبعة كتاب الحياة. فما رأى الكاتب الأمين؟
                                وقد حذفت الترجمة العربية المشتركة ما تحته خط فجاءت الترجمة كالآتى: (44أَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يَضْطَهِدُنَكُم.)، كما حذفتها ترجمة الآباء اليسوعيين، والترجمة الكاثوليكية (أغناطيوس زياده)، والترجمة الكاثوليكية (بولس باسيم). فما رأى الكاتب المحترم؟
                                3) متى 6: 13 (13وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ لَكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ. لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ وَالْقُوَّةَ وَالْمَجْدَ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ.)
                                ولم يذكر هذا الجزء إلا طبعة فاندايك فقط.
                                وحذفته الترجمة العربية المشتركة، وكتاب الحياة، وترجمة الآباء اليسوعيين، والترجمة الكاثوليكية (أغناطيوس زياده) التى أبقت فى الترجمة على كلمة (آمين) فقط، والترجمة الكاثوليكية (بولس باسيم). فما رأيك عزيزى الكاتب؟ هل أنت مازلت مصر على عدم تحريف الكتاب الذى تقدسه؟ هل علمت من الذى يحرفه؟
                                4) متى 6: 27 (27وَمَنْ مِنْكُمْ إِذَا اهْتَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى قَامَتِهِ ذِرَاعًا وَاحِدَةً؟)
                                وأبقت عليها الترجمة الكاثوليكية (أغناطيوس زياده 1986)، والترجمة العربية المشتركة مشاركان فاندايك فى أنها مقدسة.
                                وقد تغيرت كلمة (قامته) إلى (حياته) فى ترجمة الآباء اليسوعيين 2000، والترجمة الكاثوليكية (بولس باسيم 1986)، وكتبها كتاب الحياة (يُطيل عمره ولو ساعة واحدة)، لأنه علم أن العمر لا يُقاس بالذراع، فصحَّحَ المترجم ما أخطأ فيه الرب. فماذا قالت المخطوطات بالضبط؟ هل قالت قامته أم حياته أم عمره؟ وهل قالت ذراعه أم ساعة واحدة؟ وأين كان الروح القدس أثناء النسخ وأثناء الترجمة؟
                                5) متى 17: 21 (21وَأَمَّا هَذَا الْجِنْسُ فَلاَ يَخْرُجُ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ)
                                ذكر هذه الفقرة كل التراجم العربية المذكورة ما عدا الترجمة العربية المشتركة، فقد وضعتها بين قوسين معكوفين، دلالة على عدم انتمائها للنص المقدس، وأضافت فى الهامش السفلى (هذه الآية لا ترد فى معظم المخطوطات القديمة).
                                أما بالنسبة للترجمات الأجنبية، فقد أسقطتها ترجمة Einheitsübersetzung الألمانية، ووضعت قوسين معكوفين فقط بجوار رقم الجملة: Mt 17,21 []
                                http://theol.uibk.ac.at/leseraum/bibel/mt17.html#1
                                وقامت ترجمة لوثر لعام 1912 بكتابة رقم الجملة وبجواره (بيضاء) بين قوسين
                                21 (Blank)
                                http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?MT...nomd&bi=luther
                                وعادت ترجمة لوثر ووضعت النص داخل المتن فى ترجمة 1914 كما كان فى ترجمتها لعام 1545:
                                Aber diese Art fنhrt nicht aus denn durch Beten und Fasten.
                                http://bible.gospelcom.net/bible?sho...&language=germ...
                                http://unbound.biola.edu/results/ind...german%5Fluthe...
                                وحذفتها ترجمة لوثر لعام 1984، لكن هذه المرة دون أن تترك علامة تشير إلى أن هذا المكان كان به جملة حذفوها. فبعد الجملة رقم 20، كتبوا الجملة رقم 22
                                http://www.bibel-online.net/buch/40....s/17.html#17,1
                                ووضعتها الترجمة الأمريكية القياسية بين قوسين معكوفين:
                                [But this kind goeth not out save by prayer and fasting.]
                                http://unbound.biola.edu/results/ind...asv%3AAmerican...
                                أما النسخة القياسية المنقحة RSV فحذفتها، وكتبت رقم الجملة 21 بدون الجملة، وبدون تعليق هامشى على أنها حذفته، وبعده رقم 22 ثم الجملة نفسها:
                                21 22 As they were gathering in Galilee, Jesus said to them, "The Son of man is to be delivered into the hands of men,
                                http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?MT...mo&nomd&bi=rsv
                                6) متى 18: 11 (11لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ.)
                                ذكرتها ترجمة فاندايك، والترجمة الكاثوليكية (أغناطيوس زياده)، وكتاب الحياة.
                                وحذفتها الترجمة المشتركة، حيث وضعتها بين قوسين معكوفين، وأضافت فى هامشها أن هذا النص لا يرد فى معظم المخطوطات القديمة، وكذلك حذفتها ترجمة الآباء اليسوعيين نهائيًا فبعد الجملة رقم عشرة بدأ فقرة جديدة بالجملة رقم 12، وكذلك فعلت أيضًا الترجمة الكاثوليكية (بوليس باسيم)!! فماذا نُسمِّى هذا غير تحريف وتلاعب بنصوص الكتاب؟
                                7) متى 19: 9 (9وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إِلاَّ بِسَبَبِ الزِّنَا وَتَزَوَّجَ بِأُخْرَى يَزْنِي وَالَّذِي يَتَزَوَّجُ بِمُطَلَّقَةٍ يَزْنِي».)
                                أقر وجود هذا النص واعتبره نصًا مقدسًا ترجمة فاندايك، وترجمة كتاب الحياة والترجمة الكاثوليكية (أغناطيوس زياده).
                                كما أقرتها ترجمة الملك جيمس القديمة والحديثة وترجمة DARBY:
                                http://bible.gospelcom.net/bible?sho...&language=engl...
                                وحذفته ترجمة الآباء اليسوعيين، والترجمة العربية المشتركة، والترجمة الكاثوليكية (بوليس باسيم).
                                كذلك حذفتها الطبعة القياسية المراجعة RSV:
                                http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?MT...mo&nomd&bi=rsv
                                وحذفتها أيضًا الترجمة الدولية الحديثة NIV :
                                http://bible.gospelcom.net/bible?sho...&language=engl...
                                أما عن ترجمة لوثر فحدث ولا حرج، ففى الوقت الذى تثبته طبعة 1545 تحذفه طبعة 1912، ثم تقرره طبعة 1914، ثم تحذفه طبعة 1984:
                                http://bible.gospelcom.net/bible?sho...&language=germ... (1545)
                                http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?MT...nomd&bi=luther (1912)
                                http://unbound.biola.edu/results/ind...german%5Fluthe... (1914)
                                http://www.bibel-online.net/buch/40....s/19.html#19,1 (1984)
                                والخلاف هنا فى غاية الأهمية، حيث سيتوقف عليه زواج المطلقة لعلة الزنى، أو تركها دون زواج، حتى لو تابت.
                                8) متى 21: 44 (44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ)
                                وقد ذكرتها كل التراجم العربية التى أستشهد منها، والكثير من التراجم الأجنبية. إلا أن هناك بعض التراجم تحذفها منها:
                                الترجمة القياسية المراجعة RSV :
                                44 45 When the chief priests and the Pharisees heard his parables, they perceived that he was speaking about them.
                                http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?MT...mo&nomd&bi=rsv
                                وذكرتها ترجمة English Standard Version، وترجمة Contemporary English Version إلا أنهما علقا فى هامش الصفحة السفلى أن بعض النسخ تحذفها:
                                http://bible.gospelcom.net/bible?sho...&language=engl...
                                Matthew 21:44 Some manuscripts omit verse 44
                                http://bible.gospelcom.net/bible?sho...&language=engl...
                                Matthew 21:44 pieces: Verse 44 is not in some manuscripts.
                                9) متى 23: 14 (وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تَأْكُلُونَ بُيُوتَ الأَرَامِلِ ولِعِلَّةٍ تُطِيلُونَ صَلَوَاتِكُمْ.لِذَلِكَ تَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ)
                                وقد ذكرتها ترجمة فاندايك، والترجمة الكاثوليكية (أغناطيوس زياده)، وكتاب الحياة على أنها نصوص مقدسة أوحى بها الرب!!
                                ولم تذكرها الترجمة اليسوعية، فحذفتها برقمها من النص، وواصلت الترقيم كما لو كانت موجودة، تماما مثلما فعلت الترجمة الكاثوليكية (بولس باسيم)، لكن الترجمة اليسوعية علقت فى هامشها السفلى قائلة: “فى بعض المخطوطات آية يذكِّر نصها ب مر 12/40 ولو 20/47، لكنها لا توافق سياق الكلام هذا.” فمن الذى حذفها أيها الكاتب المحترم؟ إنها الكنيسة المسئولة عن طباعة هذه الكتب. إن الكنيسة قررت أن هذا النص غير مقدس فحذفته. فأسألك بالله عليك: هل هؤلاء أناس يتعاملون مع هذا الكتاب على أنه كتاب الله؟
                                ووضعتها الترجمة المشتركة بين قوسين معكوفين دلالة على أنها أخرجتها من متن النص المقدس، وعلق فى هامشه السفلى قائلًا “هذه الآية لا ترد فى معظم المخطوطات القديمة”.
                                10) متى 27: 35 (35وَلَمَّا صَلَبُوهُ اقْتَسَمُوا ثِيَابَهُ مُقْتَرِعِينَ عَلَيْهَا لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالنَّبِيِّ: «اقْتَسَمُوا ثِيَابِي بَيْنَهُمْ وَعَلَى لِبَاسِي أَلْقَوْا قُرْعَةً».)
                                أثبتت ترجمة فاندايك أن هذا النص جزء لا يتجزأ من الكتاب المقدس، وبذلك قالت أيضًا الترجمة الكاثوليكية (أغناطيوس زياده).
                                وقد حذفتها الترجمة المشتركة من متن النص، وكذلك فعلت الترجمة الكاثوليكية (بولس باسيم)، وترجمة الآباء اليسوعيين، وكتاب الحياة.
                                ليس عندى ما أقوله لك أيها الكاتب إلا أن أعزِّيك على عمرك الذى أنفقته فى تقديس هذا الكتاب!! لكن يقع اللوم عليك فى المقام الأول: فأنت لم تبحث، وكِلت بمكيالين، ولم ترد أن تُسمع نفسك صوت الحق، وقد تكون علمت الحق، وفضَّلتَ ما أنت عليه. فلك عزائى!
                                أما من إنجيل مرقس:
                                11) مرقس 1: 1 (1بَدْءُ إِنْجِيلِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ اللَّهِ)
                                وقد أكدت ترجمة فاندايك أن هذه الكلمة قد قالها يسوع، وشاركتها ذلك باقى التراجم. إلا أن الترجمة العربية المشتركة كتبت عبارة هامشية تقول فيها: “لا نجد فى بعض المخطوطات عبارة ابن الله”.
                                وكانت ترجمة الآباء اليسوعيين أكثر أمانة من الترجمة المشتركة فعلقت عليها وقالت: “"ابن الله" لا يرد هذا اللقب فى جميع المخطوطات، لكنه يعبر على كل حال عن فكر مرقس. مع أن الله كشفه (1/11 و9/7) والشياطين أذاعوه (3/11 و5/7)، لا بد أن يبقى مكتومًا. لكن يسوع قبله فى أثناء محاكمته (14/61-62)، وقد ورد على لسان رجل وثنى بعد موت يسوع (15/39)”.
                                12) مرقس 6: 11 (11وَكُلُّ مَنْ لاَ يَقْبَلُكُمْ وَلاَ يَسْمَعُ لَكُمْ فَاخْرُجُوا مِنْ هُنَاكَ وَانْفُضُوا التُّرَابَ الَّذِي تَحْتَ أَرْجُلِكُمْ شَهَادَةً عَلَيْهِمْ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: سَتَكُونُ لأَرْضِ سَدُومَ وَعَمُورَةَ يَوْمَ الدِّينِ حَالَةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالًا مِمَّا لِتِلْكَ الْمَدِينَةِ».)
                                لقد أثبتتها ترجمة فاندايك بمفردها على أنها موحى بها من عند الله.
                                وحذفتها الترجمة اليسوعية والترجمة الكاثوليكية (أغناطيوس زياده)، والترجمة الكاثوليكية (بولس باسيم)، وكذلك ترجمة كتاب الحياة، والترجمة العربية المشتركة دون أدنى تعليق أو توضيح للقارىء عن سب الحذف.
                                13) مرقس 7: 8 (8لأَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ وَتَتَمَسَّكُونَ بِتَقْلِيدِ النَّاسِ: غَسْلَ الأَبَارِيقِ وَالْكُؤُوسِ وَأُمُورًا أُخَرَ كَثِيرَةً مِثْلَ هَذِهِ تَفْعَلُونَ».)
                                لقد أثبتتها ترجمة فاندايك والترجمة الكاثوليكية (أغناطيوس زياده) على أنها موحى بها من عند الله.
                                وحذفتها الترجمة اليسوعية، والترجمة الكاثوليكية (بولس باسيم)، وكذلك ترجمة كتاب الحياة، والترجمة العربية المشتركة. دون أدنى تعليق أو توضيح للقارىء عن سبب الحذف. وعلقت الترجمة الأخيرة فقط أن بعض المخطوطات تضيف هذه الزيادة التى حذفتها باقى التراجم. فعلى أى أساس تُضاف هذه الجملة؟ وعلى أى أساس تُحذف؟
                                14) مرقس 10: 21 (21فَنَظَرَ إِلَيْهِ يَسُوعُ وَأَحَبَّهُ وَقَالَ لَهُ: «يُعْوِزُكَ شَيْءٌ وَاحِدٌ. اذْهَبْ بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ وَتَعَالَ اتْبَعْنِي حَامِلًا الصَّلِيبَ».)
                                وقد ذكر هذا النص المشار إليه (تحته خط) ترجمة فاندايك فقط. فمن الذى أضافها، ولماذا؟
                                وقد رفضت هذه العبارة كل من الترجمة الكاثوليكية (أغناطيوس زياده)، والكاثوليكية (بولس باسيم)، وكتاب الحياة، والترجمة اليسوعية، والترجمة المشتركة. وقد أضافت الأخيرة فى هامشها أن بعض المخطوطات تُضيف هذه العبارة.
                                15) مرقس 11: 26 (26وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا أَنْتُمْ لاَ يَغْفِرْ أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ أَيْضًا زَلاَّتِكُمْ».)
                                ذكرتها ترجمة فاندايك، والكاثوليكية (أغناطيوس زياده) وترجمة كتاب الحياة.
                                وحذفتها الترجمة اليسوعية برقمها، ولم تُعدِّل الترقيم مرة أخرى. ولم تُعطِ أية إشارة فى هوامشها إلى ما حدث!! ولا أعرف هل هذا من الخداع، حتى لا يُلاحظ القارىء أن هذا الإصحاح ينقص جملة عما اعتاد عليه؟ وهذا ما فعلته أيضًا الترجمة الكاثوليكية (بولس باسيم)، إلا أنها ذكرت فى هامشها أن هذه الآية زيدت فى بعض الأصول!
                                ووضعتها الترجمة المشتركة بين قوسين معكوفين، أى أخرجتها من كونها نصًا مقدسًا إلى نص عادى تمهيدًا لحذفها فى طبعات أخرى، وعلقت عليها فى هامشها قائلة: “لا ترد هذه الآية فى معظم المخطوطات القديمة. رج مت 6: 15”.
                                16) مرقس 13: 14 (14فَمَتَى نَظَرْتُمْ «رِجْسَةَ الْخَرَابِ» الَّتِي قَالَ عَنْهَا دَانِيآلُ النَّبِيُّ قَائِمَةً حَيْثُ لاَ يَنْبَغِي - لِيَفْهَمِ الْقَارِئُ - فَحِينَئِذٍ لِيَهْرُبِ الَّذِينَ فِي الْيَهُودِيَّةِ إِلَى الْجِبَالِ)
                                فقد ذكرتها ترجمة فاندايك فقط.
                                وحذفت الجزء الأول منها كل من الترجمة اليسوعية، والكاثوليكية (أغناطيوس زياده)، والكاثوليكية (بولس باسيم)، والترجمة المشتركة، وكتاب الحياة.
                                أما بالنسبة لعبارة (ليفهم القارىء) فقد وضعتها الترجمة اليسوعية بين قوسين، وقالت فى هامشها إنها غير مذكورة صراحة. وكذلك وضعتها الترجمة الكاثوليكية (بولس باسيم)، ووضعتها ترجمة كتاب الحياة بين شرطتين.
                                أما الترجمة الكاثوليكية (أغناطيوس زياده) فقد قامت بحذف القوسين أو الشرط واعتبرتها من متن النص.
                                وغيرت الترجمة العربية المشتركة ترجمتها لتبدو كما لو كان المترجم يُخاطب القارىء، ووضعتها بين قوسين، فقالت: “إفهم هذا أيها القارىء”، وشكَّلت الحروف تمامًا مثل متن النص!!
                                17) مرقس 15: 28 (28فَتَمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: «وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ».)
                                وقد ذكر هذه النبوءة على أنها من وحى الله وأوحى بها الرب كل من فاندايك، والترجمة الكاثوليكية (أغناطيوس زياده)، ترجمة كتاب الحياة.
                                وحذفتها الترجمة اليسوعية برقمها ولم تُعدِّل الترقيم واكتفت ببداية الفقرة الجديدة برقم 29، لكنها قالت فى هامشها بوجود هذه الجملة فى بعض المخطوطات، واستنكر طريقة الكتاب فى الاستشهاد، وقال عنها إنها “لا تتَّفق مع عادة مرقس فى استعماله نصوص العهد القديم”.
                                وحذفتها أيضا الترجمة الكاثوليكية (بولس باسيم) برقمها، وأوردت بعدها الجملة رقم 29 دون تعديل للأرقام، وحذفتها الترجمة العربية المشتركة بوضعها بين قوسين معكوفين، وقالت فى هامشها: “لا ترد هذه الآية فى معظم المخطوطات القديمة ..”.
                                18) مرقس 16: 9-20، اعتبرته ترجمة فاندايك مقدسة من كلام الرب، وكذلك الترجمة الكاثوليكية (أغناطيوس زياده)، والترجمة الكاثوليكية (بولس باسيم)، وكتاب الحياة.
                                وضعته الترجمة العربية المشتركة بين قوسين معكوفين، أى أخرجته من دائرة كلام الله، وقالت فى هامشها: “ما جاء فى الآيات 9-20 لا يرد فى أقدم المخطوطات”.
                                وقالت الترجمة اليسوعية: “المخطوطات غير ثابتة فيما يتعلَّق بخاتمة إنجيل مرقس هذه (الآيات 9-20)”.
                                ووضعتها ترجمة NLV على النت أيضًا بين قوسين
                                http://bible.gospelcom.net/bible?sho...&language=engl...
                                وفى نسخة الملك جيمس الحديثة علقوا فى هامش الترجمة قائلين: إن الآيات 9-20 توضع فى نص NU بين قوسين معتبرين إياها ليست من أصل النص، وهى تنقص كذلك من النسخة السينائية والنسخة الفاتيكانية، ولكنها موجودة فى كل المخطوطات الأخرى.
                                Mark 16:20 Verses 9–20 are bracketed in NU-Text as not original. They are lacking in Codex Sinaiticus and Codex Vaticanus, although nearly all other manuscripts of Mark contain them.
                                وكذلك وضعتها الترجمة الأمريكية القياسية الجديدة NASB بين قوسين معكوفين أى أخرجتها من كونها مقدسة إلى كونها تحريف بالزيادة. وأضافت فى الهامش قائلة: إن المخطوطات المتأخرة أضافت فيما بعد الآيات من 9-20. فهل علمت أيها الكاتب من الذى قام بالتحريف؟
                                http://bible.gospelcom.net/bible?sho...&language=engl...
                                Mark 16:9 Later mss add vv 9-20
                                وكذلك وضعتها ترجمة MSG بين قوسين معكوفين، أى أخرجتها من كونها مقدسة إلى كونها تحريف بالزيادة.
                                وكذلك وضعتها ترجمة الإنجليزية القياسية ESV بين قوسين معكوفين، دلالة على إخراجها لهذا النص من الألوهية إلى البشرية. ووضعت هذا التعليق فى هامشها:
                                Mark 16:9 Some manuscripts end the book with 16:8; others include verses 9-20 immediately after verse 8. A few manuscripts insert additional material after verse 14; one Latin manuscript adds after verse 8 the following: But they reported briefly to Peter and those with him all that they had been told. And after this, Jesus himself sent out by means of them, from east to west, the sacred and imperishable proclamation of eternal salvation. Other manuscripts include this same wording after verse 8, then continue with verses 9-20
                                وتقول هذه الملحوظة: إن بعض المخطوطات تُنهى الكتاب ب 16: 8،
                                والبعض يحتوى على الآيات 9-20 مباشرة بعد الآية الثامنة.
                                وبعض المخطوطات القليلة تُضيف بعد الآية 14 مادة أخرى.
                                ومخطوطة لا تينية واحدة تُضيف الآتى بعد الآية الثامنة: “ولكنهم أخبروا بطرس والذين معه بصورة مختصرة كل ما أُمروا به، ثم بعد ذلك أرسل يسوع نفسه بواسطتهم الإعلان المقدس الخالد الخاص بالتخلص من الخطيئة الأبدية من الشرق إلى الغرب.”
                                [والملاحظ للترجمة يجد أن النص لم يقل بالمرة (ظهر يسوع نفسه) كما تدعى الترجمة الحديثة ص229!!]
                                وبعض المخطوطات الأخرى تحتوى على نفس الكلمات بعد الآية الثامنة، ثم أضافت بعدهم الآيات من 9-20.” أ.هـ
                                فهل هذا دليل على أن النسَّاخ كانوا ذوى ضمائر صالحة؟ ألا يدل هذا على تدخل الكنيسة وقت نسخ هذه المخطوطات بآرائها الشخصية لتمرير عقائدها؟ ألا يدل هذا على عدم اعتبار الكتَّاب والنسَّاخ والآباء هذه المخطوطات من وحى الله؟ لأنهم لو كانوا يدعون أنها من وحى الله وقاموا بهذه التحريفات، لكانوا من الكفّار، ويجب رفض كل عقائدهم المخالفة لدين الله الذى أنزله على موسى والنبيين بعده!!
                                ولو كانوا يعدونها من الكتابات العادية التوضيحية لعقائدهم، فهذا غير ملزم لكم، ولكنتم أنتم المدلسين أو المخدوعين باعتباركم هذا الكتاب الذى بين أيديكم كتابًا مقدسًا!! فما المعيار عندكم إذن لتقديس هذا الكتاب؟ متى ستصارحون مستمعيكم وقراءكم بهذه الحقائق؟ ومتى يفيق كل مسيحى ويقرأ بوعى ويبحث عن الحق؟ وأعتقد عزيزى المسيحى أنت عرفت الآن كيف تبحث عن الحق!!
                                ويقول التفسير الحديث للكتاب المقدس: “إن هذا القسم وهو الذى ندعوه “النهاية الأطول” لإنجيل مرقس، محذوف من بعض المخطوطات، ووُصف بأنه زائف من بعض الكتَّاب القدامى من أمثال يوسابيوس وجيروم، وهذا الأمر يجعلنا أمام مشكلة، ومن أجل الفائدة يتحتم أن نعرضها على النحو التالى. إن اختتام إنجيل مرقس عند الآية الثانية [يقصد الثامنة] ليس فحسب نهاية فجائية مبتسرة من الناحية اللغوية. بل إنه أيضًا نهاية فجائية من الناحية اللاهوتية. ومع ذلك فإن هذه الخاتمة الأطول الخاصة لم توجد فى بعض الشواهد الهامة، فى حين تم استبعادها عمدًا بواسطة آخرين.”
                                وهكذا حكم رجال اللاهوت على كلمة الرب، بأنها نهاية فجائية مبتسرة من الناحية اللغوية. واعترفوا بأنه تم استبعادها عمدًا بواسطة آخرين. وأرجو أن تقرأها مرات ومرات أيها الكاتب الأمين، فهذا لا يوجد رد عليه سوى التسليم بتحريف الكتاب الذى تقدسه!!
                                وبذلك نكون قد اطَّلعنا على نصوص تم حذفها فى الطبعات المختلفة، وأنا لا أذكر الكثير الذى يمكننا الاستغناء عنه مؤقتًا، ونصوص أدخلوها إلى متن النص، الأمر الذى ينبغى معه حذف كلمة الكتاب المقدس من على غلاف الكتاب، والإمتناع عن القول بأن هذا كلام الله. لأن هذا تدليس وكذب على الله، لا ينبغى لمؤمن يبغى الخلود فى جنات الله أن يفعله.
                                وعلى القارىء المسيحى والمسلم أن يبحث ويُقيِّم كل ما يقرأه، ثم يُحكِّم فيما قرأ عقله دون عاطفته!
                                (33وَإِذَا سَأَلَكَ هَذَا الشَّعْبُ أَوْ نَبِيٌّ أَوْ كَاهِنٌ: [مَا وَحْيُ الرَّبِّ؟] فَقُلْ لَهُمْ: [أَيُّ وَحْيٍ؟ إِنِّي أَرْفُضُكُمْ - هُوَ قَوْلُ الرَّبِّ. 34فَالنَّبِيُّ أَوِ الْكَاهِنُ أَوِ الشَّعْبُ الَّذِي يَقُولُ: وَحْيُ الرَّبِّ - أُعَاقِبُ ذَلِكَ الرَّجُلَ وَبَيْتَهُ.) إرمياء 23: 33-34
                                (36أَمَّا وَحْيُ الرَّبِّ فَلاَ تَذْكُرُوهُ بَعْدُ لأَنَّ كَلِمَةَ كُلِّ إِنْسَانٍ تَكُونُ وَحْيَهُ إِذْ قَدْ حَرَّفْتُمْ كَلاَمَ الإِلَهِ الْحَيِّ رَبِّ الْجُنُودِ إِلَهِنَا.) إرمياء 23: 36
                                فكيف تدعون أنكم لديكم شريعة الرب (حَوَّلَهَا قَلَمُ الْكَتَبَةِ المُخَادِعُ إِلَى أُكْذُوبَةٍ؟) إرمياء 8: 8
                                لقد (رَفَضْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ. .. ..13مُبْطِلِينَ كَلاَمَ اللَّهِ بِتَقْلِيدِكُمُ الَّذِي سَلَّمْتُمُوهُ. وَأُمُورًا كَثِيرَةً مِثْلَ هَذِهِ تَفْعَلُونَ.) مرقس 7: 9، 13
                                ومن إنجيل لوقا:
                                19) لوقا 3: 33 (23وَلَمَّا ابْتَدَأَ يَسُوعُ كَانَ لَهُ نَحْوُ ثَلاَثِين َسَنَةً وَهُوَ عَلَى مَا كَانَ يُظَنُّ ابْنَ يُوسُفَ بْنِ هَالِي)، وكانت توضع عبارة (وَهُوَ عَلَى مَا كَانَ يُظَنُّ) بين قوسين للدلالة على أنها تدخل المترجم برأيه الشخصى، ثم حذفت فى الطبعات التى تلتها، وتجدها الآن فى الطبعات الأوربية، واستبدلت بوضع فاصلة. لأنهم لو تركوها بدون هذه الجملة التعليقية، لكان هذا يعنى تصديق كاتب إنجيل لوقا أن يسوع كان بالفعل ابن يوسف، الأمر الذى سوف يقلب عقيدتكم رأسًا على عقب:
                                ومع شديد الأسف اتفقت كل التراجم العربية على وضعها ضمن متن النص!!
                                23 And Jesus himself began to be about thirty years of age, being (as was supposed) the son of Joseph, which was the son of Heli, (KJV)
                                http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?LU...mo&nomd&bi=kjv
                                23 Now Jesus Himself began His ministry at about thirty years of age, being (as was supposed) the son of Joseph, the son of Heli, (NKJV)
                                http://bible.gospelcom.net/bible?sho...language=engli...
                                23 And Jesus himself began to be about thirty years of age, being (as was supposed) the son of Joseph, who was the son of Heli, (Webster 1833)
                                http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?LU...omd&bi=webster
                                23 And Jesus at this time was about thirty years old, being the son (as it seemed) of Joseph, the son of Heli, (Basic Eng.)
                                http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?LU...mo&nomd&bi=bbe
                                23Jesus Himself, when He began [His ministry], was about thirty years of age, being the Son, as was supposed, of Joseph, the son of Heli, (AMP)
                                http://bible.gospelcom.net/bible?sho...language=engli...
                                23 Und Jesus war ungefنhr dreiكig Jahre alt, als er anfing zu lehren; und war, wie man meinte, ein Sohn Josephs, (Schlachter)
                                http://www.pfarre-grinzing.at/bibel/.../ebi_Luk_3.htm
                                20) لوقا 9: 56 (56لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُهْلِكَ أَنْفُسَ النَّاسِ بَلْ لِيُخَلِّصَ». فَمَضَوْا إِلَى قَرْيَةٍ أُخْرَى.)
                                ولم يذكر هذه الجملة غير ترجمة فاندايك، وكتاب الحياة، والترجمة الكاثوليكية (أغناطيوس زياده).
                                وحذفتها الترجمة الكاثوليكية (بولس باسيم)، والترجمة المشتركة، وترجمة الآباء اليسوعيين. فهل تعلموا ما معنى أن يحذفوا جملة من الكتاب الذى تنسبوه لله؟
                                وقال الأب متى المسكين في تفسيره "الإنجيل بحسب القديس لوقا" في تعليقه على النص: (اتفق هنا جميع العلماء وبلا استثناء أن هذه الآية أضيفت مبكرًا جدًا بواسطة أحد النساخ، لأن النص الأقدم لم يحتويها، على كل حال هي توافق الموقف والمعنى، والكلام ينتهي في المخطوطات القديمة عند "وانتهرهما").
                                معنى ذلك أن هذه الجُملة أُلحقت زورًا بالكتاب!! أى تم التحريف فى الكتاب بالزيادة. وبالنسبة للذين أثبتوا قدسيتها، يكون التحريف قد ثبت على الذين حذفوها. ويكون أمامك أيها الكاتب وأمام القمص زكريا بطرس والقمص مرقس عزيز خليل والدكتور القس منيس عبد النور والقس عبد المسيح بسيط وغيرهم ممن ادعوا صحة الكتاب الذى يقدسوه من التحريف أن يعترفوا إما بالتحريف بالنقص أو بالزيادة!!
                                والأفضل أن يعترفوا بأن هذا الكتاب ليس كتاب الله، ليس الإنجيل الذى أنزله الله تعالى إلى عبده ورسوله عيسى ، كما فعل القمص عبد المسيح بسيط فى كتابه (الوحى الإلهى وإستحالة تحريف الكتاب المقدس) ص97-98: إن القديس اكليمندس الرومانى(30-100م) الذى كان أسقفًا لروما وأحد تلاميذ ومساعدى القديس بولس قد (أشار فى رسالته التى أرسلها إلى كورنثوس، والتى كتبها حوالى سنة 96م، إلى تسليم السيد المسيح الإنجيل للرسل ومنحه السلطان الرسولى لهم فقال "تسلم الرسل الإنجيل لنا من الرب يسوع المسيح، ويسوع المسيح أرسل من الله....).
                                وكما فعل يوسابيوس القيصرى فى تاريخه الذى يرجع للقرن الرابع، وذلك بقوله عن رسائل بولس الأربعة عشر: فقد قال (يوسابيوس6: 25) عن بولس ورسائله الأربعة عشر ناقلًا عن أوريجانوس: «أما ذاك الذى جعل كفئًا لأن يكون خادم عهد جديد، لا الحرف بل الروح، أى بولس، الذى أكمل التبشير بالإنجيل من أورشليم وما حولها إلى الليريكون، فإنه لم يكتب إلى كل الكنائس التى علمها، ولم يرسل سوى أسطر قليلة لتلك التى كتب إليها.»
                                وأكد نفس الكلام المؤرخ يوسى بيس فى الباب الخامس والعشرين من الكتاب السادس من تاريخه: “قال أُريجن فى المجلد الخامس من شرح إنجيل يوحنا: إن بولس ما كتب شيئًا إلى جميع الكنائس ، والذى كتبه إلى بعضها فسطران أو أربعة سطور”. ومعنى ذلك أنَّ أُريجانوس يؤكد أن هذه الرسائل المنسوبة لبولس ما كتبها بولس، ولكن كتبها آخر ونسبها إليه. (إظهار الحق ج1 ص164)
                                وكما قال الأب متى المسكين عن نهاية تفسيره لإنجيل مرقس ص 631 بقوله: (بهذا يرتاح ضميري إذا أكون قد قدمت للقارىء مفهومًا حقيقًا عن القيامة مما يتناسب مع الجزء الضائع من نهاية إنجيل مرقس).
                                ويقول في تفسيره لإنجيل مرقص صفحة 622: (نجد في إنجيل مرقس الآيات من 1-8 مسجله بقلمه وروحة وقد شرحناها. أما الآيات الإثنتا عشرة الباقية (16/9-20) فقد أثبتت أبحاث العلماء المدققين إنها فقدت من الإنجيل).
                                وفي التفسير الحديث للكتاب المقدس (تفسير تندل) لإنجيل مرقص الذى قام على ترجمته وإخراجه الدكتور القس منيس عبد النور وأندرية ذكى وغيرهم، يقول ص229: (إن خاتمة أخر إنجيل مرقس غير موجودة في بعض المخطوطات وأنهُ مزيف من بعض الكٌتاب القداس).
                                21) لوقا 11: 2 (2فَقَالَ لَهُمْ: «مَتَى صَلَّيْتُمْ فَقُولُوا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ عَلَى الأَرْضِ)
                                لقد قررت ترجمة فاندايك أن هذه الجملة موحاة من عند الله ،
                                وحذفتها الترجمة اليسوعية، والترجمة الكاثوليكية (أغناطيوس زياده) ، والترجمة الكاثوليكية (بولس باسيم)، والترجمة المشتركة، لأنها ليست موحاة من عند الله.
                                أما ترجمة كتاب الحياة فقد أخرجتها من النص المقدس الموحى به بوضعها بين قوسين معكوفين.
                                22) لوقا 17: 36 (36يَكُونُ اثْنَانِ فِي الْحَقْلِ فَيُؤْخَذُ الْوَاحِدُ وَيُتْرَكُ الآخَرُ)
                                وهذا الجزء المشار بخط أسفله كتبته ترجمة فاندايك، والترجمة الكاثوليكية (أغناطيوس زياده) ، وكتاب الحياة.
                                وحذفته الترجمة الكاثوليكية (بولس باسيم) ، وكتبت فى هامشها: “زيدت هذه الآية فى بعض أصول لوقا نقلًا عن متى 24/ 40”، والترجمة اليسوعية ، التى لم تُعلق بالمرة على حذفها ، ولم تغيِّر أو تعدِّل تسلسل الأرقام، والترجمة المشتركة وضعتها بين قوسين معكوفين دلالة على عدم انتمائها للنص المقدس.
                                23) لوقا 22: 43-44 (43وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ. 44وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ.)
                                وهذا الجزء المشار بخط أسفله كتبته كل النسخ العربية: ترجمة فاندايك الترجمة الكاثوليكية (أغناطيوس زياده)، والترجمة الكاثوليكية (بولس باسيم)، وكتاب الحياة، والترجمة اليسوعية، والترجمة المشتركة.
                                لكن الترجمة العربية المشتركة كانت أكثرهم أمانة حيث ذكرت فى هامشها قائلة: “لا ترد هاتان الآيتان فى عدة مخطوطات”. الأمر الذى يؤكد قول مقدمة الكتاب المقدس (المدخل إلى العهد الجديد) تحت عنوان (نص العهد الجديد) ص12: “إن نسخ العهد الجديد التى وصلت إلينا ليست كلها واحدة بل يمكن المرء أن يرى فيها فوارق مختلفة الأهمية ولكن عددها كثير جدًا على كل حال. هناك طائفة من الفوارق لا تتناول سوى بعض قواعد الصرف والنحو أو الألفاظ أو ترتيب الكلام ، ولكن هناك فوارق أخرى بين المخطوطات تتناول معنى فقرات برمتها”.
                                أما بالنسبة للترجمات الأوربية ، فتؤكد ترجمة ESV فى هامشها: أن بعض المخطوطات تحذف الآيتين 43 و44.
                                Luke 22:44 Some manuscripts omit verses 43 and 44
                                http://bible.gospelcom.net/bible?sho...&language=engl...
                                وهذا ما قالته أيضًا الطبعة الدولية الحديثة NIV فى هامشها:
                                Luke 22:44 Some early manuscripts do not have verses 43 and 44.
                                http://bible.gospelcom.net/bible?sho...&language=engl...
                                وكانت طبعة الملك جيمس الجديدة أكثر جرأة ، فقالت فى هامشها: “إن نص ال NU يضع الآيتين 43 و44 بين قوسين دلالة على أنها ليست من النص الأصلى”.
                                Luke 22:44 NU-Text brackets verses 43 and 44 as not in the original text.
                                http://bible.gospelcom.net/bible?sho...&language=engl...
                                وقالت ترجمة New Living Translation فى هامشها:إن الكثير من المخطوطات القديمة لا تحتوى على هاتين الآيتين.
                                Luke 22:44These verses are not included in many ancient manuscripts.
                                http://bible.gospelcom.net/bible?sho...&language=engl...
                                وأسقطتها الطبعة القياسية المراجعة بصورة مخزية لا تحتاج لتعليق:
                                43 44 45 And when he rose from prayer, he came to the disciples and found them sleeping for sorrow,
                                http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?LU...mo&nomd&bi=rsv
                                وأنا أعلم ما يشعرون به عندما يقرأون أن الرب كان يبكى، ونزلت دموعه كقطرات دم ، ونزل ملاك من السماء يقويه!! ألا تفهم من ذلك أن الملاك هو أحق بالعبادة من هذا الإله خائر القوة الذى لم يفارق لاهوته ناسوته طرفة عين؟ ولماذا ألجأ لهذا الإله فى محنتى إذا كان هو نفسه احتاج لهذا الملاك فى محنته ، حيث لم يتحرك الملاك من نفسه ، بل يفعل ما يأمره به إلهه؟ وهل أنقذه هذا الملك عندما نزل يواسيه؟ أم تركه الرب ولم يسمع لدعائه أن يعبر عنه هذا الكأس؟ وكيف تركه يُصلب ولم يستجب لدعائه وسفر العبرانيين يؤكد أن الله أنقذه وسمع لدعائه؟ (7الَّذِي، فِي أَيَّامِ جَسَدِهِ، إِذْ قَدَّمَ بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طِلْبَاتٍ وَتَضَرُّعَاتٍ لِلْقَادِرِ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ الْمَوْتِ، وَسُمِعَ لَهُ مِنْ أَجْلِ تَقْوَاهُ) عبرانيين 5: 7
                                إذن عزيزى الكاتب كلهم كذابون: فمنهم من قال بعض المخطوطات على التقليل من شأن هذا الأمر، ومنهم من قال كثير من المخطوطات، ومنهم من وضعها بين قوسين، أى أخرجها من كونها كلام الله، ومنهم من قام بحذفها، ومنهم من تكتم الأمر ووضع النص دون إشارة إلى ذلك. ما ذنب هؤلاء المساكين من المسيحيين الذين صدقوكم بشأن هذا الكتاب؟ أهكذا تتلاعب الكنيسة والقائمون على الكتاب الذى تدعون أنه مقدس بأتباعها؟ هل وقفت مرة فى حياتك خطيبًا فى كنيستك وأوضحت هذا للحاضرين؟ اذكر لى قسًا واحدًا فى العالم قال هذا؟ هذه الحقائق لا يعرفها للأسف شعب الكنيسة، ولا يعرفها إلا القساوسة والأساقفة ومن فوقهم والمترجمون. فمتى تقلب الأوراق على المنضدة وتصارح مستمعيك بهذه الحقيقة؟
                                عزيزى المسيحى: أعرفُ أننى قد صدمت مشاعرك، لكن هذه هى الحقيقة. وأعلمُ أنك حانق، غاضب، لكننى أعلمُ فى نفس الوقت أنك شاكر لى كل ما ذكرته، لتمشى على نور وهدى وتبحث عن الحق. فلا تتوانى وابحث عن الحق مهما كلفك من مشقة أو هجر للأحباب، أو حتى الموت، فلن تكون إلا شهيدًا وستنتقل من الموت الذى أنت فيه إلى الحياة الأبدية، إلى الجنة. هيا ، كفاك ضياعًا للوقت!
                                ومن إنجيل يوحنا:
                                24) يوحنا 1: 27 (27هُوَ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي الَّذِي صَارَ قُدَّامِي الَّذِي لَسْتُ بِمُسْتَحِقٍّ أَنْ أَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِهِ».)
                                لقد أثبتتها ترجمة فاندايك والترجمة الكاثوليكية (أغناطيوس زياده) على أنها موحى بها من عند الله.
                                وحذفتها الترجمة اليسوعية ، والترجمة الكاثوليكية (بولس باسيم) ، وكذلك ترجمة كتاب الحياة ، والترجمة العربية المشتركة. دون أدنى تعليق أو توضيح للقارىء عن سبب الحذف.
                                25) يوحنا 3: 13 (13وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ.)
                                لقد أثبتتها ترجمة فاندايك والترجمة الكاثوليكية (أغناطيوس زياده) على أنها موحى بها من عند الله ، وكذلك ترجمة كتاب الحياة.
                                وحذفتها الترجمة اليسوعية ، والترجمة الكاثوليكية (بولس باسيم) ، والترجمة المشتركة. دون أدنى تعليق أو توضيح للقارىء عن سبب الحذف.
                                26) بعض نسخ إنجيل يوحنا غير موجود بها من يوحنا 7: 53 إلى 8: 11، وهى قصة المرأة الزانية، التى أثبتتها ترجمة فاندايك والترجمة الكاثوليكية (أغناطيوس زياده) على أنها موحى بها من عند الله، وكذلك ترجمة كتاب الحياة، والترجمة اليسوعية، والترجمة الكاثوليكية (بولس باسيم) وترجمة كتاب الحياة.
                                وحذفتها الترجمة العربية المشتركة ، وذلك بوضعها بين قوسين معكوفين ، أى أخرجتها من دائرة كلام الله إلى كلام الشيطان الذى أضافها هنا للنص. وعلقت فى هامشها قائلة: “لا نجد 7: 53 – 8: 11 فى المخطوطات القديمة وفى الترجمات السريانية واللاتينية. بعض المخطوطات تجعل هذا المقطع فى نهاية الإنجيل”.
                                وفى تقديم الترجمة العربية المشتركة يقول الكتاب: ”فى هذه الترجمة استندت اللجنة إلى أفضل النصوص المطبوعة للكتاب المقدس فى اللغتين العبرية واليونانية.“
                                فإذا كانت أفضل النصوص لا تحتوى على هذه الفقرات، فلماذا تتمسك الكنيسة بها على أنها من وحى الله؟ وإذا كانت بعض المخطوطات تحتوى عليها، والكثير من المخطوطات الجيدة حذفتها، فبأمر من تم هذا؟ أليس بأمر الكنيسة؟ أم كان هذا تصرف فردى من الناسخ؟ وهل اعتبر هؤلاء هذه النصوص مقدسة أثناء حذفهم أو إضافتهم لهذه النصوص؟ أم اعتبروا نفسهم أقدس من الرب وأعلم منه بمصلحة العباد فغيروا وأبدلوا وأضافوا وحذفوا ما ارتأوه مناسبًا لهم؟
                                ومن الرسائل:
                                27) رسالة يوحنا الأولى 4: 3 (3وَكُلُّ رُوحٍ لاَ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ. وَهَذَا هُوَ رُوحُ ضِدِّ الْمَسِيحِ الَّذِي سَمِعْتُمْ أَنَّهُ يَأْتِي، وَالآنَ هُوَ فِي الْعَالَمِ.)
                                وقد أثبتت قداستها ترجمة فاندايك ، وترجمة كتاب الحياة.
                                وأثبتت أنها غير مقدسة ولا موحى بها من الله الترجمة الكاثوليكية (بولس باسيم) والترجمة اليسوعية والترجمة الكاثوليكية (أغناطيوس زياده) والترجمة المشتركة.
                                28) رسالة يوحنا الأولى 5: 7-8 (7فَإِنَّ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الآبُ، وَالْكَلِمَةُ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ. وَهَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ.8وَالَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي الأَرْضِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الرُّوحُ، وَالْمَاءُ، وَالدَّمُ. وَالثَّلاَثَةُ هُمْ فِي الْوَاحِدِ.)
                                وأثبت قدسية هذا النص فاندايك والترجمة الكاثوليكية (أغناطيوس زياده)
                                وحذفته الترجمة العربية المشتركة وكتاب الحياة ذلك بوضعها بين قوسين معكوفين، أى أخرجتها من كونها من المتن المقدس إلى كونها شرح لأحد المترجمين ، والترجمة الكاثوليكية (بولس باسيم)، والترجمة اليسوعية وقالاها: (7فَإِنَّ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ ثَلاَثَةٌ. 8الرُّوحُ، وَالْمَاءُ، وَالدَّمُ وَهَؤُلاَءِ َالثَّلاَثَةُ مُتَّفِقُون). وهناك فرق كبير بين كون الشهود ثلاثة، وبين كون الثلاثة واحد، كما تريد الكنيسة أن تُفهم أتباعها. وهناك فرق أيضاً بين كون الروح والماء والدم متفقون، وبين (هم فى الواحد).
                                مع الأخذ فى الاعتبار أن ترجمة كتاب الحياة وضعت النص السابع فقط بين قوسين معكوفين ، أى أخرجتها من النص المقدس ، ولم تُخرج أيضاً عبارة (وَالَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي الأَرْضِ) ، وقالت الترجمة المشتركة فى هامشها بعد أن ذكرت النص المحذوف: هذه الإضافة وردت فى بعض المخطوطات اللاتينية القديمة.
                                أما مترجموا الترجمة العربية المشتركة فقد حذفوا النص ، لأنهم قرروا أنه ليس من وحى الله، فحذفوا ما تحته خط: (7فَإِنَّ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الآبُ، وَالْكَلِمَةُ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ. وَهَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ. 8وَالَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي الأَرْضِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الرُّوحُ، وَالْمَاءُ، وَالدَّمُ. وَالثَّلاَثَةُ هُمْ فِي الْوَاحِدِ.)
                                وكتبوها كالآتى: (7والّذينَ يَشهَدونَ هُم ثلاثةٌ(1): 8الرُوحُ والماءُ والدَّمُ، وهَؤُلاءِ الثَّلاثَةُ هُم في الواحدِ.) ، تُرى متى تفيق ضمائر باقى المسؤلين عن ترجمة الكتاب المقدس ونقده ، وينقون الكتاب مما علق به.كما أضاف التعليق الآتى فى نهاية الصفحة: (والَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الآبُ، وَالْكَلِمَةُ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ. وَهَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ. وَالَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي الأَرْضِ هُمْ ثَلاَثَةٌ). ثم قالوا فى الهامش: هذه الإضافة وردت فى بعض المخطوطات اللاتينية القديمة.
                                وفى الترجمة الكاثوليكية (العهد الجديد بمفرده) الطبعة الحادية عشر لدار المشرق بيروت لعام 1986 تجدهم قد حذفوا النص وكتبوها كالآتى: (7والذين يشهدون ثلاثة(1): 8الروح والماء والدم وهؤلاء الثلاثة متفقون).

                                تعليق

                                مواضيع ذات صلة

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                ابتدأ بواسطة زين الراكعين, منذ أسبوع واحد
                                ردود 0
                                17 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة زين الراكعين  
                                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ أسبوع واحد
                                ردود 0
                                1 مشاهدة
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                                بواسطة *اسلامي عزي*
                                 
                                ابتدأ بواسطة زين الراكعين, منذ أسبوع واحد
                                ردود 0
                                23 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة زين الراكعين  
                                ابتدأ بواسطة زين الراكعين, منذ أسبوع واحد
                                ردود 0
                                6 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة زين الراكعين  
                                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ 3 أسابيع
                                ردود 0
                                11 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                                بواسطة *اسلامي عزي*
                                 
                                يعمل...
                                X