كتاب "الرد على كتاب الإسلام بدون حجاب"

تقليص

عن الكاتب

تقليص

abubakr_3 مسلم اكتشف المزيد حول abubakr_3
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #31


    هل يبيح الإسلام الأيمان الكاذبة؟


    أما قول الكاتب (لا يؤاخذكم الله باللغو فى أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور رحيم". سورة البقرة 225)

    وعلى ذلك فإن أنواع الأيمان أو القسم ثلاثة أنواع:

    1- اليمين الغموس هو الحلف الكذب على أمر ماض أو حاضر وهو مدرك بكذب نفسه كقوله "والله ما سرقت هذا الشيء"، وهو يدرك تمامًا أنه سرقه، أو "والله ما لك دين عندي"، وهو يعلم أنه مُدان له. وهذا كذب ظاهر، ويُعد من الكبائر، وما أخذه حرام. وهذا له في الإسلام عقوبة صارمة، وتحذير شديد منه، ونهي قاطع عنه!

    فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس واليمين الغموس) رواه البخاري

    وعن جابر بن عتيك رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة، فقال رجل: وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله؟ قال: وإن كان قضيبا من أراك). رواه مسلم

    وعن عبدالله بن مسعود قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من حلف على مالامرئ مسلم بغير حق لقي الله وهو عليه غضبان قال عبد الله ثم قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تصديقه من كتاب الله { إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَـئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } آل عمران 77 إلى آخر الآية أخرجاه في الصحيحين

    وأما الكفارة فيها، فقد ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أنه لا كفارة في اليمين الغموس، ويجب أن يُغمس صاحبه فى النار.
    وأوجب الشافعية والأوزاعي الكفارة فيها. وتجب
    التوبة منها كغيرها من الذنوب مع رد الحقوق إن ضاع بسببها حق أو عفا أصحابها عنها.

    2- اليمين المنعقدة فهو حلف على شيء يريد فعله أو تركه في المستقبل كقوله: "والله لا ألبس هذا الثوب"، ثم يلبسه، وهذا له كفارة: يقول سبحانه في سورة المائدة: { لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ } سورة المائدة 89

    3- اليمين اللغو فهو الحلف الذي لم يعقد عليه القلب أي يقصده كقوله أثناء الكلام "لا والله وبلى والله"، وهو لم يقصد عقد اليمين، أو يقسم، معتقدًا أنه صادق، أن القادم من بعيد هو فلان، ثم يجده شخصًا آخرًا. وهذا ليس عليه مؤاخذة من الله تعالى على العبد، لأنها إما زلة لسان منه، أو حلف بنية صادقة على حق توهمه: يقول الحق تبارك وتعالى: { لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ } سورة البقرة 225


    من هنا يتضح لك أن اليمين الكاذب حرام شرعًا، لكن زلات اللسان لا يؤاخذ الله بها الإنسان برحمته، وعلى المسلم أن يحفظ لسانه من كثرة الأيمان دون داع، وهو أمر الله تعالى للمسلم فى آخر الآية: { وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ } سورة المائدة 89.

    ويا ليتك أيها الكاتب كلفت نفسك قليلا من الوقت، وفتحت تفسير الآية، أو حتى بحثت عن "الكذب في الإسلام" على النت! لقد كان هذا كفيلا بعدم إظهار سوء نيتك أو تحاملك على الإسلام! ولا أريد أن أقول إنه أظهر جهل الكاتب والناقل، فيكفي أنه أظهر عدم موضوعيته ككاتب فى تناول الإسلام.


    أما عن تعظيم الإسلام للصدق، فاقرأ:

    لقد أثنى سبحانه وتعالى على نبيه إسماعيل عليه السلام، فقال { إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا }مريم 54، ووصف الله بالصدق نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فقال جل شأنه { وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ } الزمر 33

    وقد جعل الباري سبحانه الصدق من سمات أصحاب رسول رب العالمين، فقال سبحانه وتعالى: { مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا } الأحزاب 23

    وأمر تبارك وتعالى به المؤمنين، فقال جل ثناؤه: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } التوبة 119

    وبين تبارك وتعالى أن الصدق والكذب مقياس النجاح في دار الابتلاء والامتحان، فقال: { وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ } العنكبوت 3

    بل وبين الله سبحانه وتعالى فضل الصدق، وعظم منزلته، وأن الصادقين يوم القيامة، سينفعهم صدقهم، وسيكون جزاؤهم الفوز العظيم، المتمثل في رضوان الله تعالى عنهم، والفوز بخلود أبدي في جنات الخلد والنعيم، يقول سبحانه وتعالى: { قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } المائدة 119


    ولقد أوضح لنا المصطفى صلى الله عليه وسلم، منزلة الصدق من الدين، وأثره عند رب العالمين، وبين كذلك أن عواقب الكذب ذميمة، ونتائجه وخيمة، فقال في الحديث الذي رواه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق، حتى يكتب عند الله صديقا، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب، حتى يكتب عند الله كذابا) رواه مسلم

    وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا رسول الله ما عمل الجنة، قال: الصدق، وإذا صدق العبد بر، وإذا بر آمن، وإذا آمن دخل الجنة، قال : يا رسول الله ما عمل النار، قال: الكذب، إذا كذب العبد فجر، وإذا فجر كفر، وإذا كفر دخل يعني النار)رواه الإمام أحمد

    وقال صلى الله عليه وسلم: (أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق، حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر) البخارى

    وقَالَ صلى الله عليه وسلم: ‏"‏الْبَيِّعَان ِبِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا ـ اَوْ قَالَ حَتَّى يَتَفَرَّقَا ـ فَاِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَاِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا"‏‏.‏‏ صحيح البخارى

    وقَالَ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَهُوَ بَاطِلٌ بُنِيَ لَهُ قَصْرٌ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ وَمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَهُوَ مُحِقٌّ بُنِيَ لَهُ فِي وَسَطِهَا وَمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ بُنِيَ لَهُ فِي أَعْلاَهَا ‏"‏ ‏.‏ابن ماجه

    وكما أن الإسلام اعتبر الصدق أس الفضائل، فقد اعتبر الكذب رأس الرذائل، فبالكذب يتصدع بناء المجتمع، ويختل نظامه، ويسقط صاحبه من العيون، وتدور حوله الظنون، فلا يصدقونه في قول، ولا يثقون به في عمل، ولا يحبون له مجلسا، أحاديثه منبوذة، وشهادته مردودة. (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَاذِبُونَ) النحل 105

    وعن أبي الحوراء السعدي، قال: قلت للحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما، ما حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة، وإن الكذب ريبة) رواه الترمذى.


    وَوالله ما عقيدَةُ الإسْلامِ بأهونَ مِنْ عقيدَةِ اليهودِ التي يَنتصرونَ بها، وَلا عقيدَةِ النَّصارى التي يَنتصرون بها، وَلا عقيدَةِ الرافِضةِ التي يَنتصرونَ بها، وَالله لو كانوا صادقينَ لانتصروا بالإسْلامِ، قالَ اللهُ {وإنَّ جُندَنا لهُم الغالبون}، فلمَّا انهزموا وَانكسروا وَاندحروا عَلِمنا أنَّ الإسلامَ مِنْهم برئٌ حقُّ برئٍ.

    رحِمَ
    اللهُ مُقاتِلة الإسْلامِ خالدَ وَالزبيرَ وَسعدَ وَعِكرمَة وَالقعقاعَ وَمُصعبَ وخبابَ وَخُبيبَ وَعلي وَعُمرَ وَعمرو وَابنَ عفَّانَ وأبا بكرَ وإخوانَهم وَالتابعينَ مِنْ بعدِهِم، رأينا رِجالا كسرَ اللهُ بهِمْ شوكَةَ كلِّ ذي شوكَةٍ، وَاليومَ نرى جيَفًا أظهرَ اللهُ عليها كلَّ دودَةٍ وَأرَضةٍ.

    تعليق


    • #32


      التقية بين الإسلام والكتاب المقدس:

      أما عن مبدأ التقية فيقول الكاتب: (كلمة "التقية" تأتى من "وقاية" فمبدأ التقية فى الإسلام هو أن يكذب المسلم بلسانه ليقى نفسه أو يقى المسلمين من الضرر. هذا المبدأ يعطى المسلم الحرية أن يكذب فى ظروف يظن فيها أن حياته مهددة. فيمكن للمسلم أن يكفر بالإيمان طالما يقول ذلك بلسانه ولا يعنيه فى قلبه. هذا المبدأ مبنى على ما ورد فى هذه الآية القرآنية: "لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء (أصدقاء) من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله فى شئ إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير". سورة آل عمران 28:3).

      التقية هي الحذر من إظهار ما في النفس من معتقد وغيره للغير، كما يمكن القول بأن التقية عند أهل السنة بأنها إظهار المسلم لبعض الأقوال والأفعال الموافقة لأهل الكفر أو الجارية على سبلهم إذا اضطر المسلم إلى ذلك من أجل اجتناب شرهم مع ثبات القلب على إنكار موافقتهم وبغضها والسعي لدفع الحاجة إليها، كما يمكن القول بأن التقية هي إظهار الكفر وإبطان الإيمان وذلك عند خوف المسلم على نفسه من الكفار والمشركين.

      أى إن التقية هى كتمان الحق، وستر الاعتقاد فيه، وكتمان المخالفين، وترك مظاهرتهم بما يعقب ضررًا في الدين أو الدنيا" [شرح عقائد الصدوق: ص261 (ملحق بكتاب أوائل المقالات.]).


      ألم يأمر يسوع أتباعه أن يكونوا كالحيات وسط الذئاب خوفًا من الذين يُعارضون دعوتهم أن يسلموهم إلى السلطات؟ ومعنى هذا أنهم لا يُصرحون ما يبطنونه، ولكنهم سيتعاملون بالتقية، وهى ما يسميها يسوع الحكمة: (16«هَا أَنَا أُرْسِلُكُمْ كَغَنَمٍ فِي وَسَطِ ذِئَابٍ فَكُونُوا حُكَمَاءَ كَالْحَيَّاتِ وَبُسَطَاءَ كَالْحَمَامِ. 17وَلَكِنِ احْذَرُوا مِنَ النَّاسِ لأَنَّهُمْ سَيُسْلِمُونَكُمْ إِلَى مَجَالِسَ وَفِي مَجَامِعِهِمْ يَجْلِدُونَكُمْ. 18وَتُسَاقُونَ أَمَامَ وُلاَةٍ وَمُلُوكٍ مِنْ أَجْلِي شَهَادَةً لَهُمْ وَلِلأُمَمِ.) متى 10: 16-18.

      والتقية في الإسلام غالبًا إنما هي مع الكفار، قال تعالى: { إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً } [آل عمران، آية:28.]. قال ابن جرير الطبري: "التقية التي ذكرها الله في هذه الآية إنما هي تقية من الكفار لا من غيرهم" [تفسير الطبري: 6/316 (تحقيق شاكر)].

      والتقية عند أهل السنة والجماعة والاثنا عشرية واليهود مجازة بصفة عامة على العكس من المسيحية التي لا تبيح تصرفات مثل التقية مطلقا. ولكن الخلاف في معناها واستخدامها. ولكن لأنها مرتبطة دائمًا في تاريخ الأديان بصفة عامة بمراحل الاضطهاد أو التمييز القائم على العقيدة، فقد مارسها أيضًا المسيحيون الأوائل في عصر دقلديانوس، فقد اضطروا لاستخدامها في مصر وبلاد الشام. واستخدمها اليهود في أوروبا في العصور الوسطى.


      وفي الإسلام أباحها الإسلام بصفة عامة لحماية المسلم من أي ضرر في عقيدته أو دنياه، على أن يكون باللسان فقط، ولا يُبنى عليها عمل ما. فلا أقتل أو أسرق أو أترك الصلاة أو أشرب الخمر تقية. ولكن توسع الشيعة خصوصا بكل طوائفهم في استخدامها واعتبروها من أساسيات الدين ويعزو البعض هذا إلى اضطهاد الشيعة العام عبر التاريخ خصوصا في العصر الأموي والعباسي مما جعل التقية أمرًا ضروريا لحياة الشيعي.

      واشتق مصطلح التقية من القران الكريم من الآية: { لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ } آل عمران 28، أى الاتقاء من الكفار، وليس الأمر بالنفاق والكذب.

      وقوله تعالى (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ)، أى من خاف في بعض البلدان والأوقات من شرهم (أي الكافرين) فله أن يتقيهم بظاهره لا بباطنه ونيته. فقد أباح الله تعالى لمن أكره على كلمة الكفر أن يتكلم بها إذا كان قلبه مطمئنًا بالإيمان،وقال الثوري: قال ابن عباس: ليس التقية بالعمل وإنما التقية باللسان. ونقل القرطبي في تفسيره: إجماع أهل العلم على أن من أُكره على الكفر حتى خشي على نفسه القتل أنه لا إثم عليه إن كفر وقلبه مطمئن بالإيمان. وذكر أن هذا هو قول مالك والشافعي والكوفيين وقال: أجمع أهل العلم على أن من أكره على الكفر فاختار القتل أنه أعظم أجرًا عند الله ممن اختار الرخصة (أي التقية).


      ويجب أيضًا أن نوضح أن التقية في الإسلام أشد حرمة من أكل لحم الخنزير، إذ يجوز للمضطر أكل لحم الخنزير عند الشدة، وكذلك التقية تجوز في مثل تلك الحالة فقط، فلو أن إنسانا تنزه عن أكل لحم الخنزير في حالة الاضطرار ومات، فإنه آثم عند الله. وهذا بخلاف التقية فإنه إذا لم يلجأ إليها في حالة الاضطرار ومات فإن له درجة وثوابًا عند الله، فكأن رخصة أكل لحم الخنزير تنتقل إلى العزيمة، لكن لا تنتقل رخصة التقية إلى العزيمة، بل إن من مات لدين الله، ولم يحتم التقية، فإنه سيؤجر على موته هذا أجرًا عظيمًا، والعزيمة على كل حال أفضل من التقية. والتاريخ الإسلامي شاهد على ذلك، فما عاناه الحبيب صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين وما تحمله الصحابة رضي الله عنهم من أذى في سبيل الله لم يجعلهم يتعذرون بالتقية. وهذا دليل على أن العزيمة هي الأصل والأفضل والأحسن. وهذا بخلاف فهم الشيعة للتقية، التى تراها ركنًا من أركان الدين، من تركها فهو بمنزلة من ترك الصلاة، ولا يجوز رفعها إلى أن يخرج القائم، فمن تركها قبل خروجه فقد خرج عن دين الله وعن دين الإمامية وخالف الله ورسوله والأئمة. (الاعتقادات، 114)

      ويقول الخميني: وترك التقية من الموبقات التي تلقي صاحبها قعر جهنم وهي توازي جحد النبوة والكفر بالله العظيم (المكاسب المحرمة، 2/162).

      ويرى بعض السلف أنه لا تقية بعد أن أعز الله الإسلام، قال معاذ بن جبل، ومجاهد: كانت التقية في جدة الإسلام قبل قوة المسلمين، أما اليوم فقد أعز الله المسلمين أن يتقوا منهم تقاة [انظر: تفسير القرطبي: 4/57، فتح القدير للشوكاني: 1/331].


      لقد كذب يسوع تقية وخوفًا من اليهود عندما سأله اخوته هل سيصعد إلى العيد، فأجاب بالنفى، ثم صعد من بعدهم. أليست هذه هى التقية التى ترفضونها؟ فها هى قد أقر بها يسوع وعملها! لقد كذب على إخوته حفاظًا على حياته!! (2وَكَانَ عِيدُ الْيَهُودِ عِيدُ الْمَظَالِّ قَرِيبًا 3فَقَالَ لَهُ إِخْوَتُهُ: «انْتَقِلْ مِنْ هُنَا وَاذْهَبْ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ لِكَيْ يَرَى تلاَمِيذُكَ أَيْضًا أَعْمَالَكَ الَّتِي تَعْمَلُ 4لأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يَعْمَلُ شَيْئًا فِي الْخَفَاءِ ... 6فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «.... 8اِصْعَدُوا أَنْتُمْ إِلَى هَذَا الْعِيدِ. أَنَا لَسْتُ أَصْعَدُ بَعْدُ إِلَى هَذَا الْعِيدِ لأَنَّ وَقْتِي لَمْ يُكْمَلْ بَعْدُ». 9قَالَ لَهُمْ هَذَا وَمَكَثَ فِي الْجَلِيلِ. 10وَلَمَّا كَانَ إِخْوَتُهُ قَدْ صَعِدُوا حِينَئِذٍ صَعِدَ هُوَ أَيْضًا إِلَى الْعِيدِ لاَ ظَاهِرًا بَلْ كَأَنَّهُ فِي الْخَفَاءِ. 11فَكَانَ الْيَهُودُ يَطْلُبُونَهُ فِي الْعِيدِ وَيَقُولُونَ: «أَيْنَ ذَاكَ؟») يوحنا 7: 2-11

      وأقر يسوع للمرأة السامرية أنه المسيح: (25قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: «أَنَا أَعْلَمُ أَنَّ مَسِيَّا الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْمَسِيحُ يَأْتِي. فَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُخْبِرُنَا بِكُلِّ شَيْءٍ». 26قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «أَنَا الَّذِي أُكَلِّمُكِ هُوَ».) يوحنا 4: 25-26

      وامتدح بطرس لأنه عرف أنه المسيح: (16فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ». 17فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا إِنَّ لَحْمًا وَدَمًا لَمْ يُعْلِنْ لَكَ لَكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 18وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضًا: أَنْتَ بُطْرُسُ وَعَلَى هَذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْنِي كَنِيسَتِي وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا. 19وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاوَاتِ. وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي السَّمَاوَاتِ».) متى 16: 16-19

      إلا أنه أمام بيلاطس أنكر أنه المسيح، وبناءً على اعترافه والتحقيقات التى رفض فيها هذه التهمة، رأى بيلاطس أنه برىء وأراد أن يُطلق سراحه: (فَسَأَلَهُ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ: «أَسْتَحْلِفُكَ بِاللَّهِ الْحَيِّ أَنْ تَقُولَ لَنَا: هَلْ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُاللَّهِ؟» 64قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنْتَ قُلْتَ! ) متى 26: 63-64

      وعند لوقا قال لهم: («أَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا هُوَ») لوقا 22: 70

      وعند يوحنا أنكر أيضًا قائلا: (34أَجَابَهُ يَسُوعُ: «أَمِنْ ذَاتِكَ تَقُولُ هَذَا أَمْ آخَرُونَ قَالُوا لَكَ عَنِّي؟») يوحنا 18: 34

      لذلك أراد بيلاطس إطلاق سراح يسوع واعتبره برىء: (17فَفِيمَا هُمْ مُجْتَمِعُونَ قَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «مَنْ تُرِيدُونَ أَنْ أُطْلِقَ لَكُمْ؟ بَارَابَاسَ أَمْ يَسُوعَ الَّذِي يُدْعَى الْمَسِيحَ؟» 18لأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُمْ أَسْلَمُوهُ حَسَدًا. 19وَإِذْ كَانَ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِ امْرَأَتُهُ قَائِلَةً: «إِيَّاكَ وَذَلِكَ الْبَارَّ لأَنِّي تَأَلَّمْتُ الْيَوْمَ كَثِيرًا فِي حُلْمٍ مِنْ أَجْلِهِ». .... 23فَقَالَ الْوَالِي: «وَأَيَّ شَرٍّ عَمِلَ؟» فَكَانُوا يَزْدَادُونَ صُرَاخًا قَائِلِينَ: «لِيُصْلَبْ!» 24فَلَمَّا رَأَى بِيلاَطُسُ أَنَّهُ لاَ يَنْفَعُ شَيْئًا بَلْ بِالْحَرِيِّ يَحْدُثُ شَغَبٌ أَخَذَ مَاءً وَغَسَلَ يَدَيْهِ قُدَّامَ الْجَمْعِ قَائِلًا: «إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ هَذَا الْبَارِّ. أَبْصِرُوا أَنْتُمْ». 25فَأَجَابَ جَمِيعُ الشَّعْبِ: «دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلاَدِنَا».) متى 27: 17-25

      إذن فى الوقت الذى اعترف فيه يسوع للمرأة السامرية أنه هو المسِّيِّا، المسيح، برَّأ نفسه أمام بيلاطس، وأنكر هذه التهمة، وما هذا إلا التقية، التى ترفضونها عن جهل منكم بكتابكم.


      كلنا يعلم أن القسم الصحيح لا يكون إلا باسم الله. لأن الحلف بالله دليل خضوع الإنسان له. وتؤكد ذلك دائرة المعارف الكتابية مادة (حلف - يحلف): (كان الحلف أو القسم باسم الرب ( تك 14: 22 ، تث 6: 13، قض 21: 7، راعوث 1: 17 ..إلخ) علامة الخضوع له ( تث 10: 20، إش 48: 11 ، إرميا 12: 16))
      .
      وعلى ذلك فإن الحلف باسم آلهة أخرى دليل خضوع لها، أى كفر بالله، أو إشراك به: وتؤكد دائرة المعارف الكتابية مادة (حلف - يحلف) أن القسم باسم آلهة كاذبة خطية شنيعة: (ناحية أخرى منعت الحلف بآلهة كاذبة ، الأمر الذي كان يعتبر خطية شنيعة ( إرميا 12: 16، عاموس 8: 14) .)

      كذلك القسم باسمه باطلا يستوجب الرجم، وهو ذنب لا يبرئه الله تعالى: (16وَمَنْ جَدَّفَ عَلَى اسْمِ الرَّبِّ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. يَرْجُمُهُ كُلُّ الْجَمَاعَةِ رَجْمًا. الْغَرِيبُ كَالْوَطَنِيِّ عِنْدَمَا يُجَدِّفُ عَلَى الاسْمِ يُقْتَلُ.) لاويين 24: 16
      (7لاَ تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلَهِكَ بَاطِلًا لأَنَّ الرَّبَّ لاَ يُبْرِئُ مَنْ نَطَقَ بِاسْمِهِ بَاطِلًا.) خروج 20: 7


      وها هو بطرس الذى أعطاه يسوع مفاتيح ملكوت السموات، والذى يربط فى السماء والأرض ما يشاء، وتكون مشيئة السموات والأرض تبعًا لهواه، واعتبره هو وباقى التلاميذ ملح الأرض ونور العالم (متى 5: 13-16). ها هو بطرس يقسم (طبعًا باسم الرب، لأنه لو لم يقسم باسم الرب لاستحق الرجم) كذبًا، أنه لا يعرف يسوع، لينجى نفسه: (69أَمَّا بُطْرُسُ فَكَانَ جَالِسًا خَارِجًا فِي الدَّارِ فَجَاءَتْ إِلَيْهِ جَارِيَةٌ قَائِلَةً: «وَأَنْتَ كُنْتَ مَعَ يَسُوعَ الْجَلِيلِيِّ». 70فَأَنْكَرَ قُدَّامَ الْجَمِيعِ قَائِلًا: «لَسْتُ أَدْرِي مَا تَقُولِينَ!» 71ثُمَّ إِذْ خَرَجَ إِلَى الدِّهْلِيزِ رَأَتْهُ أُخْرَى فَقَالَتْ لِلَّذِينَ هُنَاكَ: «وَهَذَا كَانَ مَعَ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ!» 72فَأَنْكَرَ أَيْضًا بِقَسَمٍ: «إِنِّي لَسْتُ أَعْرِفُ الرَّجُلَ!» 73وَبَعْدَ قَلِيلٍ جَاءَ الْقِيَامُ وَقَالُوا لِبُطْرُسَ: «حَقًّا أَنْتَ أَيْضًا مِنْهُمْ فَإِنَّ لُغَتَكَ تُظْهِرُكَ!» 74فَابْتَدَأَ حِينَئِذٍ يَلْعَنُ وَيَحْلِفُ: «إِنِّي لاَ أَعْرِفُ الرَّجُلَ!» وَلِلْوَقْتِ صَاحَ الدِّيكُ. 75فَتَذَكَّرَ بُطْرُسُ كَلاَمَ يَسُوعَ الَّذِي قَالَ لَهُ: «إِنَّكَ قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الدِّيكُ تُنْكِرُنِي ثَلاَثَ مَرَّاتٍ». فَخَرَجَ إِلَى خَارِجٍ وَبَكَى بُكَاءً مُرًّا.) متى 16: 69-75

      وها هو يسوع كان يعلم أن بطرس سينكره ثلاث مرات، ولم ينهه عن التقية، بل أقرها بسكوته.

      واستخدم بولس التقية بنية تدمير الدين الذى جاء به يسوع، فعلم الناس التخلى عن الناموس، وعدم اتباعه، وأن لا يختنوا أولادهم، وحاكمه يعقوب والتلاميذ فى المجمع، وأدانوه، وطالبوه بالتكفير عن هذا الذنب، وأن يسلك هو أيضًا حافظًا للناموس. ووافقهم بولس مبدئيًا، أى تقية أن يقتلوه، إلا أنه بعد ذلك أصر على رفض الناموس ومحاربته، ورفض الختان. وربح دينه وخسر يسوع ودينه فى المعركة مع بولس، بسبب التقية الكاذبة لإنسان كاذب:
      أعمال الرسل 21: 17-26 (17وَلَمَّا وَصَلْنَا إِلَى أُورُشَلِيمَ قَبِلَنَا الإِخْوَةُ بِفَرَحٍ. 18وَفِي الْغَدِ دَخَلَ بُولُسُ مَعَنَا إِلَى يَعْقُوبَ وَحَضَرَ جَمِيعُ الْمَشَايِخِ. 19فَبَعْدَ مَا سَلَّمَ عَلَيْهِمْ طَفِقَ يُحَدِّثُهُمْ شَيْئًا فَشَيْئًا بِكُلِّ مَا فَعَلَهُ اللهُ بَيْنَ الْأُمَمِ بِوَاسِطَةِ خِدْمَتِهِ. 20فَلَمَّا سَمِعُوا كَانُوا يُمَجِّدُونَ الرَّبَّ. وَقَالُوا لَهُ: «أَنْتَ تَرَى أَيُّهَا الأَخُ كَمْ يُوجَدُ رَبْوَةً مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُمْ جَمِيعًا غَيُورُونَ لِلنَّامُوسِ. 21وَقَدْ أُخْبِرُوا عَنْكَ أَنَّكَ تُعَلِّمُ جَمِيعَ الْيَهُودِ الَّذِينَ بَيْنَ الْأُمَمِ الاِرْتِدَادَ عَنْ مُوسَى قَائِلًا أَنْ لاَ يَخْتِنُوا أَوْلاَدَهُمْ وَلاَ يَسْلُكُوا حَسَبَ الْعَوَائِدِ. 22فَإِذًا مَاذَا يَكُونُ؟ لاَ بُدَّ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَنْ يَجْتَمِعَ الْجُمْهُورُ لأَنَّهُمْ سَيَسْمَعُونَ أَنَّكَ قَدْ جِئْتَ. 23فَافْعَلْ هَذَا الَّذِي نَقُولُ لَكَ: عِنْدَنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ عَلَيْهِمْ نَذْرٌ. 24خُذْ هَؤُلاَءِ وَتَطهَّرْ مَعَهُمْ وَأَنْفِقْ عَلَيْهِمْ لِيَحْلِقُوا رُؤُوسَهُمْ فَيَعْلَمَ الْجَمِيعُ أَنْ لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا أُخْبِرُوا عَنْكَ بَلْ تَسْلُكُ أَنْتَ أَيْضًا حَافِظًا لِلنَّامُوسِ. 25وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْأُمَمِ فَأَرْسَلْنَا نَحْنُ إِلَيْهِمْ وَحَكَمْنَا أَنْ لاَ يَحْفَظُوا شَيْئًا مِثْلَ ذَلِكَ سِوَى أَنْ يُحَافِظُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِمَّا ذُبِحَ لِلأَصْنَامِ وَمِنَ الدَّمِ وَالْمَخْنُوقِ وَالزِّنَا».26حِينَئِذٍ أَخَذَ بُولُسُ الرِّجَالَ فِي الْغَدِ وَتَطَهَّرَ مَعَهُمْ وَدَخَلَ الْهَيْكَلَ مُخْبِرًا بِكَمَالِ أَيَّامِ التَّطْهِيرِ إِلَى أَنْ يُقَرَّبَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْقُرْبَانُ.)
      (10لأَنَّ جَمِيعَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَعْمَالِ النَّامُوسِ هُمْ تَحْتَ لَعْنَةٍ، ...) غلاطية 3: 10
      (18فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِبْطَالُ الْوَصِيَّةِ السَّابِقَةِ مِنْ أَجْلِ ضُعْفِهَا وَعَدَمِ نَفْعِهَا، 19إِذِ النَّامُوسُ لَمْ يُكَمِّلْ شَيْئًا.) عبرانيين 7: 18-19
      (7فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الأَوَّلُ بِلاَ عَيْبٍ لَمَا طُلِبَ مَوْضِعٌ لِثَانٍ.) عبرانيين 8: 7
      (4قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ.) غلاطية 5: 4
      (19فَلِمَاذَا النَّامُوسُ؟ قَدْ زِيدَ بِسَبَبِ التَّعَدِّيَاتِ، إِلَى أَنْ يَأْتِيَ النَّسْلُ الَّذِي قَدْ وُعِدَ لَهُ، مُرَتَّبًا بِمَلاَئِكَةٍ فِي يَدِ وَسِيطٍ. 20وَأَمَّا الْوَسِيطُ فَلاَ يَكُونُ لِوَاحِدٍ. وَلَكِنَّ اللهَ وَاحِدٌ. 21فَهَلِ النَّامُوسُ ضِدَّ مَوَاعِيدِ اللهِ؟ حَاشَا! لأَنَّهُ لَوْ أُعْطِيَ نَامُوسٌ قَادِرٌ أَنْ يُحْيِيَ، لَكَانَ بِالْحَقِيقَةِ الْبِرُّ بِالنَّامُوسِ.) غلاطية 3: 19-21
      (16إِذْ نَعْلَمُ أَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَتَبَرَّرُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ، بَلْ بِإِيمَانِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، آمَنَّا نَحْنُ أَيْضًا بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، لِنَتَبَرَّرَ بِإِيمَانِ يَسُوعَ لاَ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ. لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ لاَ يَتَبَرَّرُ جَسَدٌ مَا.) غلاطية 2: 16
      (4قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ. 5فَإِنَّنَا بِالرُّوحِ مِنَ الإِيمَانِ نَتَوَقَّعُ رَجَاءَ بِرٍّ. 6لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئًا وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ.) غلاطية 5: 4-6
      (20وَأَمَّا النَّامُوسُ فَدَخَلَ لِكَيْ تَكْثُرَ الْخَطِيَّةُ.) رومية 5: 20
      (21لَسْتُ أُبْطِلُ نِعْمَةَ اللهِ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِالنَّامُوسِ بِرٌّ، فَالْمَسِيحُ إِذًا مَاتَ بِلاَ سَبَبٍ.) غلاطية 2: 21
      (5لأَنَّهُ لَمَّا كُنَّا فِي الْجَسَدِ كَانَتْ أَهْوَاءُ الْخَطَايَا الَّتِي بِالنَّامُوسِ تَعْمَلُ فِي أَعْضَائِنَا لِكَيْ نُثْمِرَ لِلْمَوْتِ.) رومية 7: 5
      (56أَمَّا شَوْكَةُ الْمَوْتِ فَهِيَ الْخَطِيَّةُ وَقُوَّةُ الْخَطِيَّةِ هِيَ النَّامُوسُ) كورنثوس الأولى 15: 56
      ورفض الختان فقال: (2هَا أَنَا بُولُسُ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنِ اخْتَتَنْتُمْ لاَ يَنْفَعُكُمُ الْمَسِيحُ شَيْئًا!) غلاطية 5: 2، {مع أن المسيح تم ختانه}
      (15لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لَيْسَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئًا وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الْخَلِيقَةُ الْجَدِيدَةُ.) غلاطية 6: 15


      هذا هو بولس الذى اتهم الرب بأنه لديه جهالة وضعف فقال: (25لأَنَّ جَهَالَةَ اللهِ أَحْكَمُ مِنَ النَّاسِ! وَضَعْفَ اللهِ أَقْوَى مِنَ النَّاسِ!) كورنثوس الأولى 1: 25

      هذا هو بولس الذى اتهم الرب بأنه ليس لديه شفقة أو رحمة على ابنه فقال: (31فَمَاذَا نَقُولُ لِهَذَا؟ إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا فَمَنْ عَلَيْنَا! 32اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ كَيْفَ لاَ يَهَبُنَا أَيْضًا مَعَهُ كُلَّ شَيْءٍ؟) رومية 8: 31-32

      وهذا هو بولس الذى سبَّ يسوع واعتبره مات ملعونًا طريدًا من رحمة الرب، فقال: (اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ:«مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ») غلاطية 3: 13

      وأعتقد أنه بعد اعترافه بأنه كذب لمجد الرب، فلا لوم يقع إلا على من يتبعه: (7فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟) رومية 3: 7، (16فَلْيَكُنْ. أَنَا لَمْ أُثَقِّلْ عَلَيْكُمْ. لَكِنْ إِذْ كُنْتُ مُحْتَالًا أَخَذْتُكُمْ بِمَكْرٍ!) كورنثوس الثانية 12: 16

      وعلى ذلك فإن التقية استخدمها يسوع وبطرس وبولس، بل استخدمها يهوه نفسه، عندما اتفق مع الشيطان لإغواء أخاب، بعد أن فشل هو وملائكته فى التوصل والتعاون على الإثم والعدوان وإغواء أخاب: (19وَقَالَ: [فَاسْمَعْ إِذًا كَلاَمَ الرَّبِّ: قَدْ رَأَيْتُ الرَّبَّ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَكُلُّ جُنْدِ السَّمَاءِ وُقُوفٌ لَدَيْهِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ. 20فَقَالَ الرَّبُّ: مَنْ يُغْوِي أَخْآبَ فَيَصْعَدَ وَيَسْقُطَ فِي رَامُوتَ جِلْعَادَ؟ فَقَالَ هَذَا هَكَذَا وَقَالَ ذَاكَ هَكَذَا. 21ثُمَّ خَرَجَ الرُّوحُ وَوَقَفَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: أَنَا أُغْوِيهِ. وَسَأَلَهُ الرَّبُّ: بِمَاذَا؟ 22فَقَالَ: أَخْرُجُ وَأَكُونُ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ. فَقَالَ: إِنَّكَ تُغْوِيهِ وَتَقْتَدِرُ. فَاخْرُجْ وَافْعَلْ هَكَذَا.) ملوك الأول 22: 19-22

      ففى الوقت الذى يحرم الرب فيه الكذب، ويُجرِّم الكذاب، لجأ هو نفسه إلى الكذاب وأبى الكذاب (الشيطان)، لينفذ له مهمته ويغوى أخاب. فما قولك بمن يتعاون مع من وصفه هو بالكذَّاب؟ ألا يفقد هذا المؤمنين بمصداقية من أوحى هذا الكتاب؟ ألا يبرىء هذا النص الشيطان مما قاله الرب فيه، ويثبت تخبُّط الرب فى أحكامه على الشيطان وظلمه له؟ فمن الذى له مصلحة فى وجود هذا النص فى الكتاب المقدس جدًا جدًا إلا الشيطان نفسه؟ (44أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالاً لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ.) يوحنا 8: 44


      وَوالله ما عقيدَةُ الإسْلامِ بأهونَ مِنْ عقيدَةِ اليهودِ التي يَنتصرونَ بها، وَلا عقيدَةِ النَّصارى التي يَنتصرون بها، وَلا عقيدَةِ الرافِضةِ التي يَنتصرونَ بها، وَالله لو كانوا صادقينَ لانتصروا بالإسْلامِ، قالَ اللهُ {وإنَّ جُندَنا لهُم الغالبون}، فلمَّا انهزموا وَانكسروا وَاندحروا عَلِمنا أنَّ الإسلامَ مِنْهم برئٌ حقُّ برئٍ.

      رحِمَ
      اللهُ مُقاتِلة الإسْلامِ خالدَ وَالزبيرَ وَسعدَ وَعِكرمَة وَالقعقاعَ وَمُصعبَ وخبابَ وَخُبيبَ وَعلي وَعُمرَ وَعمرو وَابنَ عفَّانَ وأبا بكرَ وإخوانَهم وَالتابعينَ مِنْ بعدِهِم، رأينا رِجالا كسرَ اللهُ بهِمْ شوكَةَ كلِّ ذي شوكَةٍ، وَاليومَ نرى جيَفًا أظهرَ اللهُ عليها كلَّ دودَةٍ وَأرَضةٍ.

      تعليق


      • #33


        أما قول الكاتب :
        (وبناء على هذا المبدأ فإن المسلم من حقه أن يقول أى شئ بل ويرتكب الكثير من المحرمات طالما أنه لا يقتل إنسانًا آخرًا. وهذه أمثلة لما يحل للمسلم تحت مبدأ "التقية". فيمكن للمسلم أن: يشرب الخمر، ويترك الصلاة، ويتوقف عن صوم رمضان - يعلن كفره بالله - يسجد لغير الله - يحلف اليمين كذبًا).

        وقوله: (هذا المبدأ الذى يجيز الكذب فى سبيل الإسلام له عواقبه الخطيرة فيما يتعلق بنشر الإسلام فى الغرب. فقد رأينا كيف أن دعاة الإسلام يقومون بخطط خادعة فى محاولتهم لصقل صورة الإسلام وجعله أكثر جاذبية. إنهم يحرصون على استبعاد كل التعاليم السلبية التى يمكن أن تنفر الإنسان الغربى من الإسلام.
        وكمثال لمحاولات الخداع هو محاولة دعاة الإسلام أن يقتبسوا دائمًا من القرآن المكى الآيات التى تدعو إلى السلام والتسامح مع من لا يؤمنون بالإسلام. هذا بينما هم يعلمون أن معظم هذه الآيات قد تم نسخها (استبدالها) بآيات أخرى نزلت فى المدينة وتدعو إلى القتل والعنف مع غير المسلمين).


        وأقول له:
        أثبتنا كذب الكاتب وجهله وتحايله على الإسلام، بل وتعمده تشويه الحقائق الساطعة عن هذا الدين، فى كل مرة من المرات السابقة. وأثبتنا انتقائه لبعض الآيات أو جزء منها ليثبت نظريته التى وضعها مسبقًا، ويلهث وراءها لإثباتها. فقلنا إن الإسلام حرم الكذب فى كل أشكاله، وأبقى على الكذب لحماية الدولة والعباد، ولا أعلم كيف يستهجن هذا التصرف الذى فيه أمنه هو وكنائسه واخوانه فى الدول الإسلامية؟ وأبقى كذلك على الكذب لمصالحة اثنين متخاصمين، والكذب على الزوجة لتدليلها وليس لخداعها.

        وأثبتنا حرص القرآن والرسول صلى الله عليه وسلم على الصدق ورفعه من شأن الصادقين. ونهيهما عن الكذب، وتحقير الكذابين، وبيان موقف الله تعالى منهم فى الدنيا والآخرة، وأثبتنا أن التقية هى بالقول وليس بالعمل، فلا يجوز شرب الخمر أو ترك الصلاة أو الصيام تقية، وهذا بإجماع علماء المسلمين السنة.


        أما قوله (إنهم يحرصون على استبعاد كل التعاليم السلبية التى يمكن أن تنفر الإنسان الغربى من الإسلام)، فهو لم يثبت حتى اللآن سلبية واحدة فى الإسلام، بل رمى الإسلام بما ينفره فى دينه وكتابه!!

        أما قوله بنسخ الآيات التى تحث على الرحمة والمودة بالآخرين، وأنها آيات مكية نسختها الآيات المدنية فهو وهم عنده، كان يتمنى صدقه، لأنه يقبل العمى والحرق على أن يقول كلمة صدق واحدة فى الإسلام. فلم يقل بنسخ هذه الآيات إلا هو، دون علماء المسلمين بكل طوائفهم. والذى لا يعرفه أنه لا ناسخ ولا منسوخ إلى فى التشريعات لحكمة التدرج، ولا يوجد نسخ لا فى القصص، ولا فى العقيدة، ولا فى صفات الله تعالى. ومن ضمن العقائد الثابتة فى الإسلام أنه لا إكراه فى الدين لقول الله تعالى فى سورة البقرة المدنية، والتى نزلت فى العام الثانى من الهجرة، لأن فيها فرض الصيام، وقد صام النبى r تسع رمضانات، أولها من العام الثانى الهجرى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) البقرة 256

        كما أثبتنا أن يهوه الذى تحول إلى يسوع فى العهد الجديد لم يعرف الرحمة قط مع المخالفين لبنى إسرائيل، بل أمر بخداع أعداء بنى إسرائيل وأمرهم بالكذب تقية: (21وَأُعْطِي نِعْمَةً لِهَذَا الشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ. فَيَكُونُ حِينَمَا تَمْضُونَ أَنَّكُمْ لاَ تَمْضُونَ فَارِغِينَ. 22بَلْ تَطْلُبُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ جَارَتِهَا وَمِنْ نَزِيلَةِ بَيْتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَابًا وَتَضَعُونَهَا عَلَى بَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ. فَتَسْلِبُونَ الْمِصْرِيِّينَ) خروج 3: 21-22
        (35وَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. طَلَبُوا مِنَ الْمِصْرِيِّينَ أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَابًا. 36وَأَعْطَى الرَّبُّ نِعْمَةً لِلشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ حَتَّى أَعَارُوهُمْ. فَسَلَبُوا الْمِصْرِيِّينَ.) خروج 12: 35-36

        ألم يأمر يسوع بهذه التقية ومارسها تحت اسم يهوه؟
        ألم يقل إنه لم يأت ناقضًا للناموس أو الأنبياء، أى وافق على كل ما جاء فيه؟
        ألم يتولى يعقوب جد يسوع النبوة بالكذب على أبيه إسحاق، وبموافقة الرب ومباركته؟



        والغريب أن يعقوب، هذا الذى كذب وافترى على أخيه وابتزه، وتآمر مع أمه على أبيه لينال البركة والنبوة، اعتبره يسوع فى الملكوت: (11وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ مِنَ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ وَيَتَّكِئُونَ مَعَ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.) متى 8: 11

        ألم يتولى سليمان جد يسوع النبوة بالكذب مع أمه والتحايل على داود، وبموافقة الرب؟ واعتبره يسوع/يهوه حكيمًا وعظيمًا: (42مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِ مَعَ هَذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُ لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ هَهُنَا!) متى 12: 42

        ألا تكذب أنت وتفترى على الإسلام ما ليس فيه إما بجهل وإما بتعمُّد لتَصُدَّ عنه الداخلين فيه؟ وهذا كذب وليس تقية.

        وأبو الأنبياء كما أطلق عليه يسوع كذب تقية فرعون وضحى بشرفه وعفة زوجته من أجل الحفاظ على حياته ومن أجل ما سيدفعه فرعون مقابل هذا: (11وَحَدَثَ لَمَّا قَرُبَ أَنْ يَدْخُلَ مِصْرَ أَنَّهُ قَالَ لِسَارَايَ امْرَأَتِهِ: «إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ امْرَأَةٌ حَسَنَةُ الْمَنْظَرِ. 12فَيَكُونُ إِذَا رَآكِ الْمِصْرِيُّونَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: هَذِهِ امْرَأَتُهُ. فَيَقْتُلُونَنِي وَيَسْتَبْقُونَكِ. 13قُولِي إِنَّكِ أُخْتِي لِيَكُونَ لِي خَيْرٌ بِسَبَبِكِ وَتَحْيَا نَفْسِي مِنْ أَجْلِكِ». 14فَحَدَثَ لَمَّا دَخَلَ أَبْرَامُ إِلَى مِصْرَ أَنَّ الْمِصْرِيِّينَ رَأَوُا الْمَرْأَةَ أَنَّهَا حَسَنَةٌ جِدًّا. 15وَرَآهَا رُؤَسَاءُ فِرْعَوْنَ وَمَدَحُوهَا لَدَى فِرْعَوْنَ فَأُخِذَتِ الْمَرْأَةُ إِلَى بَيْتِ فِرْعَوْنَ 16فَصَنَعَ إِلَى أَبْرَامَ خَيْرًا بِسَبَبِهَا وَصَارَ لَهُ غَنَمٌ وَبَقَرٌ وَحَمِيرٌ وَعَبِيدٌ وَإِمَاءٌ وَأُتُنٌ وَجِمَالٌ.) تكوين 12: 11-16

        فعلام تعترض؟ لقد كذب الرب يهوه يسوع فى كتابك، وبارك الكذابين، وسار على هواهم، وأعطاهم النبوة والبركة، ثم فجأة تتبرأ أنت من كل هذه النصوص المقدسة، راميًا الإسلام بها، أو منتقدًا فى الإسلام أشياء لم تع حقيقتها!! عجبت لك!!


        وَوالله ما عقيدَةُ الإسْلامِ بأهونَ مِنْ عقيدَةِ اليهودِ التي يَنتصرونَ بها، وَلا عقيدَةِ النَّصارى التي يَنتصرون بها، وَلا عقيدَةِ الرافِضةِ التي يَنتصرونَ بها، وَالله لو كانوا صادقينَ لانتصروا بالإسْلامِ، قالَ اللهُ {وإنَّ جُندَنا لهُم الغالبون}، فلمَّا انهزموا وَانكسروا وَاندحروا عَلِمنا أنَّ الإسلامَ مِنْهم برئٌ حقُّ برئٍ.

        رحِمَ
        اللهُ مُقاتِلة الإسْلامِ خالدَ وَالزبيرَ وَسعدَ وَعِكرمَة وَالقعقاعَ وَمُصعبَ وخبابَ وَخُبيبَ وَعلي وَعُمرَ وَعمرو وَابنَ عفَّانَ وأبا بكرَ وإخوانَهم وَالتابعينَ مِنْ بعدِهِم، رأينا رِجالا كسرَ اللهُ بهِمْ شوكَةَ كلِّ ذي شوكَةٍ، وَاليومَ نرى جيَفًا أظهرَ اللهُ عليها كلَّ دودَةٍ وَأرَضةٍ.

        تعليق


        • #34



          هل استولى المسلمون على القوافل التجارية لتمويل جيوشهم؟

          يواصل كاتب (الإسلام بدون غطاء) تشويه الإسلام والافتراء عليه تحت عنوان (نبي مكة المسالم يتحول إلى محارب لا يرحم في المدينة) متهمًا الرسول والصحابة أنهم اضطروا فى المدينة لتأسيس دولتهم وتقوية اقتصادهم وتمويل حروبهم إلى الإغارة على القبائل الأخرى والاستيلاء على ممتلكاتهم.

          و(كانت أول هذه الغزوات ما سميت "النخلة". وفيها قام المسلمون بقيادة عبد الله بن جحش بعمل كمين قرب مكان يسمى "النخلة" وانقضوا فجأة على القافلة التجارية للقرشيين فقتلوا قائدها وأسروا رجلين واستولوا على كل ما تحمله القافلة من بضائع).


          وأقول له:
          تسمَّى سرية عبد الله بن جحش، أو سرية نخلة وفيها أمر الرسول عليه السلام عبد الله بن جحش بالتوجه إلى نخلة (وهو مكان بين مكة والطائف) لرصد قافلة لقريش، أكرر: فقط لرصدها. وكان ذلك في شهر رجب من السنة الثانية للهجرة مع ثمانية رهط من المهاجرين، ليس فيهم أحد من الأنصار، وكتب معه كتابًا فدفعه إليه، وأمره أن يسير ليلتين ثم يقرأ الكتاب فيتبع ما فيه، وكان أصحاب عبد الله بن جحش، أبو حذيفة بن عتبة وعمرو بن سراقة، وعامر بن ربيعة، وسعد بن أبي وقاص، وعتبة بن غزوان، وواقد بن عبد الله، وصفوان بن بيضاء. (سيرة ابن هشام ج2 ص448)

          فلما سار ليلتين فتح الكتاب فإذا فيه: أن امض حتى تبلغ نخلة، فلما قرأه قال: سمعًا وطاعة لله ولرسوله، فمن كان منكم يريد الموت في سبيل الله فليمض، فإني ماض على ما أمر رسول الله، فمضى ومضى معه أصحابه ولم يتخلف عنه منهم أحد. القارىء الواعي يدرك أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يرسلهم للحرب ولكنه أرسلهم لرصد القافلة (لاحظ أنهم كانوا ثمانية أشخاص فقط)، وما جاء من عبد الله بن جحش ومن معه، كان اجتهادا خاصا منهم. وسترى غضب الرسول عليه السلام مما فعلوه.


          وكان لما حدث لهم في مكة (فكلهم من المهاجرين) أثر في تفكيرهم هذا:
          فهم لو تركوها حتى تأتي الليلة الأولى من شهر رجب فإن القافلة سَتُفلت، وستدخل حرم مكة، وتقوى قريش عليهم أكثر وأكثر، فقد كانوا في الليلة الأخيرة من جماد الآخرة، قبل رجب. لذلك كانت القافلة بالنسبة لهم فرصة لأكثر من سبب فهي:
          أولًا: ستكون الضربة الأولى لقريش لأن كل الغزوات والسرايا السابقة لم تسفر حقيقة عن أي غنائم أو انتصارات، ترفع من الروح المعنوية للمسلمين المهاجرين، الذين سلبت أموالهم وتجارتهم بل وديارهم.
          ثانيًا: هذه الضربة في عمق الجزيرة العربية بعيدة جدًا من عقر دار المسلمين، وقريبة جدًا من عقر دار الكافرين، وهي تحمل جرأة لا تخفي على أحد، وسيكون لها أثر سلبي ضخم على المشركين وروحهم المعنوية.
          ثالثًا: كانت الحراسة في صحبة القافلة ضعيفة وقليلة وليست إلا أربعة رجال فقط بينما المسلمون ثمانية.
          رابعًا: المسلمون في هذه السرية من المهاجرين الذين أوذوا إيذاءًا كبيرًا من قريش، بل إن قائدهم عبد الله بن جحش رضي الله عنه قد سلبت داره شخصيًا حين استولى عليها أبو سفيان بعد هجرة عبد الله بن جحش وباعها لنفسه.


          فلما رآهم القوم هابوهم وقد نزلوا قريبًا منهم، فأشرف لهم عكاشة بن محصن وكان قد حلق رأسه، فلما رأوه أمنوا وقالوا: عمار لا بأس عليكم منهم، وتشاور القوم فيهم، وذلك في آخر يوم من رجب، فقال القوم: والله لئن تركتم القوم هذه الليلة ليدخلن الحرم، فليمتنعن منكم به، ولئن قتلتموهم لتقتلنهم في الشهر الحرام، فتردد القوم وهابوا الإقدام عليهم، ثم شجعوا أنفسهم عليهم، وأجمعوا على قتل من قدروا عليه منهم، وأخذ ما معهم، فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله، وأسروا عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان، وأفلت القوم نوفل بن عبد الله فأعجزهم، وأقبل عبد الله بن جحش وأصحابه بالعير وبالأسيرين حتى قدموا على رسول الله المدينة، وأعطوه الخمس من الغنائم، ووزعوا سائرها على أنفسهم. (سيرة ابن هشام ج2 ص449)

          فلما قدموا على رسول الله المدينة، قال: ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام، فوقف العير والأسيرين، وأبى أن يأخذ من ذلك شيئا، فلما قال ذلك رسول الله سقط في أيدي القوم، وظنوا أنهم قد هلكوا، وعنفهم إخوانهم من المسلمين فيما صنعوا، وقالت قريش: قد استحل محمد وأصحابه الشهر الحرام وسفكوا فيه الدم، وأخذوا فيه الأموال، وأسروا فيه الرجال، فقال: يرد عليهم من المسلمين ممن كان بمكة إنما أصابوا ما أصابوا في شعبان.


          فلما أكثر الناس في ذكر حرب المسلمين فى الشهر الحرام أنزل الله تعالى على رسوله، يؤيد تحريم القتال فى الأشهر الحرم، ويؤكد أيضًا على أن إخراج أهله منه أكبر من هذا الخطأ الذي وقع فيه عبد الله بن جحش ومن معه: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } البقرة 217.

          فالله تعالى يقول للمشركين في هذه الآيات: "نحن مُسَلِّمون أن القتال في الشهر الحرام أمر كبير، ولكن انظروا يا كفار قريش إلى ما صنعتم مع عبادنا، وقارنوا بين كبر هذا وكبر ذاك، أنتم تقولون:
          إن القتال في الشهر الحرام مسألة كبيرة، ولكن صدكم عن سبيل الله وكفركم به، ومنعكم المسلمين من المسجد الحرام، وإخراج أهل مكة منها أكبر عند الله من القتال في الشهر الحرام، فلا تفعلوا ما هو أكبر من القتال في الشهر الحرام، ثم تأخذكم الغيرة على الحرمات". (تفسير الشعراوي، دار أخبار اليوم، مصر، ط1، 1991م، ج2، ص930)

          "فقد صرح الوحي بأن الضجة التي افتعلها المشركون لإثارة الريبة في سيرة المقاتلين المسلمين لا مساغ لها؛
          فإن الحرمات المقدسة قد انتهكت كلها في محاربة الإسلام، واضطهاد أهله، ألم يكن المسلمون مقيمين بالبلد الحرام حين تقرر سلب أموالهم، وقتل نبيهم؟ فما الذي أعاد لهذه الحرمات قداستها فجأة، فأصبح انتهاكها معرة وشناعة". (الرحيق المختوم، صفي الرحمن المباركفوري، 1998م، ص201)


          إن المسلمين لم يبدءوا بالقتال، ولم يبدأوا بالعدوان،
          ولكن المشركين هم الذين وقع منهم الصد عن سبيل الله؛ فلقد كفروا بالله، وجعلوا الناس يكفرون، وكفروا بالمسجد الحرام، وانتهكوا حرمته؛ فآذوا المسلمين فيه، وفتنوهم عن دينهم طوال ثلاثة عشر عاما قبل الهجرة، وأخرجوا أهله منه، وإخراج أهله منه أكبر عند الله من القتال فيه. (في ظلال القرآن، سيد قطب، دار الشروق، القاهرة، ط13، 1407هـ/1987م، ج1، ص226)

          إلا أن التلويح بحرمة الشهر الحرام كلمة حق أريد بها باطل، فهي مجرد ستار كان يحتمي خلفه المشركون، لتشويه موقف الجماعة المسلمة، وإظهارها بمظهر المعتدي، وهم المعتدون ابتداء، وهم الذين انتهكوا حرمة البيت ابتداء،
          والإسلام يرعى حرمات من يرعون الحرمات، ويشدد في هذا المبدأ ويصونه، ولكنه لا يسمح بأن تتخذ الحرمات متاريس لمن ينتهكون الحرمات، ويؤذون الطيبين، ويقتلون الصالحين، ويفتنون المؤمنين، ويرتكبون كل منكر، وهم في منجاة من القصاص تحت ستار الحرمات التي يجب أن تصان.

          ولذلك وجب على المسلمين أن يقاتلوهم أنى وجدوهم؛ لأنهم عادون باغون أشرار لا يرقبون حرمة ولا يتحرجون أمام قداسة،
          وكان على المسلمين ألا يدعوهم يحتمون بستار زائف من الحرمات التي لا احترام لها في نفوسهم. (في ظلال القرآن، ج1، ص226، 227 بتصرف من موقع بيان الإسلام)



          وبذلك قد برأ الله تعالى الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم من هذه التهمة، إذ قرر أن الكفر بالله، وإخراج المسلمين من مكة والمسجد الحرام أشد إثمًا من القتال فى الشهر الحرام، الذى وقع أساسًا خطأً فى حساب الصحابة الذين قاموا بهذه السرية. ونحن نعلم أن الله تعالى لا يُحاسب على الخطأ غير المتعمَّد. وتفيد بعض الروايات بندم الصحابة على ما فعلوه، الأمر الذى نستشف منه علمهم بحرمة القتال فى الأشهر الحرام، وحرصهم على الإلتزام بهذا الأمر. لذلك قطعت هذه الآيات كل قول، وفصلت في الموقف بالحق، فقبض الرسول صلى الله عليه وسلم الأسيرين والغنيمة. (في ظلال القرآن، ج1، ص225، 226 بتصرف يسير.) من موقع بيان الإسلام.

          ومن هنا نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم برىء مما حدث، فهو لم يأمرهم بقتال ابتداءً، وأخطأ المسلمون فى حساب نهاية شهر جماد الآخرة، ومن ناحية ثالثة فرد الاعتداء على المعتدين ليس باعتداء، ولو كان فى الأشهر الحرم، كما أنه رفض أن يأخذ مما غنموه شيئًا، ووبخهم على فعلتهم هذه. كما أن أحد ألد أعدائه وهو أبو سفيان شهد بعدم غدر الرسول صلى الله عليه وسلم: ففي السنةِ السابعةِ من الهجرة الْتقى أَبو سفيان بملكِ الروم هرقل، فسأَلَه عن الرسولِ صلى الله عليه وسلم: هل يَغْدِر؟
          فقالَ أَبو سفيان : لا.
          فقالَ هِرَقْل : وكذلك الرسلُ لا يَغْدِرون...
          ومن الجدير بالذكر أن حرمةَ القتالِ في الأَشهرِ الحُرُمِ مَشروطةٌ بالتزامِ الأَعداءِ بذلك، فإِنْ لم يَلْتَزموا بهذه الحرمة، وقاتلوا المسلمينَ في شَهْرٍ حرام، رَدَّ المسلمونَ عليهم، وقاتَلوهم، مدافعين عن أنفسهم في ذلك الشهر الحرامِ. فقد قال الله تعالى: { الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ } البقرة 194.


          لكن أليس من الغريب أنك تحرم على المسلمين ما تحلله لنفسك، وما تعتبره مقدسًا فى كتابك؟

          ألا تقولون إن الرب أمر موسى وبنى إسرائيل بسرقة المصريين، بل وساعدهم الرب فى سرقتهم بجعل المصريين يوافقون على إقراضهم أمتعتهم من الفضة والذهب، وذلك تعويضًا لهم عما لاقوه من تعذيب وعبودية وابتزاز فى مصر؟

          (21وَأُعْطِي نِعْمَةً لِهَذَا الشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ. فَيَكُونُ حِينَمَا تَمْضُونَ أَنَّكُمْ لاَ تَمْضُونَ فَارِغِينَ. 22بَلْ تَطْلُبُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ جَارَتِهَا وَمِنْ نَزِيلَةِ بَيْتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَاباً وَتَضَعُونَهَا عَلَى بَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ. فَتَسْلِبُونَ الْمِصْرِيِّينَ) خروج 3: 21-22

          (35وَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. طَلَبُوا مِنَ الْمِصْرِيِّينَ أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَاباً. 36وَأَعْطَى الرَّبُّ نِعْمَةً لِلشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ حَتَّى أَعَارُوهُمْ. فَسَلَبُوا الْمِصْرِيِّينَ.) خروج 12: 35-36


          فلماذا لم تستنكر سرقة الرب للمصريين وتحامله عليهم؟ لماذا ليس لديكم مكيال واحد تقيسون به الأمور؟ ألا يكشف هذا تعصبك أيها الكاتب؟ ألا يدل هذا على عدم موضوعيتك في تناول الأمور الدينية والتاريخية؟ أسأل الله لك الهداية!

          ألم يأخذ بنو إسرائيل غنائم في حروبهم من أعداء الرب، وقاسمهم الرب في هذه الغنائم؟ فلماذا تكيل بمكيالين؟ أم أنك لا تعرف كتابك؟ وبعد أن عرفت أنها كانت أوامر يهوه، الذي تعتبره يسوع في العهد الجديد، هل مازلت تؤمن بيسوع وأوامره؟

          (7فَتَجَنَّدُوا عَلى مِدْيَانَ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ وَقَتَلُوا كُل ذَكَرٍ. 8وَمُلُوكُ مِدْيَانَ قَتَلُوهُمْ فَوْقَ قَتْلاهُمْ... 9وَسَبَى بَنُو إِسْرَائِيل نِسَاءَ مِدْيَانَ وَأَطْفَالهُمْ وَنَهَبُوا جَمِيعَ بَهَائِمِهِمْ وَجَمِيعَ مَوَاشِيهِمْ وَكُل أَمْلاكِهِمْ. 10وَأَحْرَقُوا جَمِيعَ مُدُنِهِمْ بِمَسَاكِنِهِمْ وَجَمِيعَ حُصُونِهِمْ بِالنَّارِ. 11وَأَخَذُوا كُل الغَنِيمَةِ وَكُل النَّهْبِ مِنَ النَّاسِ وَالبَهَائِمِ) عدد 31: 7-11

          ففي سرية النخلة قتل فرد واحد من الأربعة، فكم مليون قتل يهوه/يسوع؟ وكم من الأمم أبادوه باسم الرب إله المحبة؟ وكم من طفل وامرأة وشيخ وعاجز أمر الرب إله المحبة بإبادتهم، حتى يعلموا أنه الرب إلههم؟

          (40ومِنَ النِّساءِ ستَّةَ عشَرَ ألفًا، فكانَت جزيَةُ الرّبِّ مِنها اَثْنَينِ وثلاثينَ اَمرأةً. 41فدفَعَ موسى الجزيَةَ المُخصَّصَةَ للرّبِّ إلى ألِعازارَ الكاهنِ، كما أمرَ الرّبُّ موسى) العدد 31: 40-41 (الترجمة العربية المشتركة)، وكذلك ترجمة الأخبار السارة


          ولماذا لا تنتقد يسوع/يهوه في استيلائه على أراضي الغير، وتوزيعها على شعبه المختار، الذي ظل يتركه طوال التاريخ ويعبد الأوثان؟

          (50وَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى فِي عَرَبَاتِ مُوآبَ عَلى أُرْدُنِّ أَرِيحَا: 51«قُل لِبَنِي إِسْرَائِيل: إِنَّكُمْ عَابِرُونَ الأُرْدُنَّ إِلى أَرْضِ كَنْعَانَ 52فَتَطْرُدُونَ كُل سُكَّانِ الأَرْضِ مِنْ أَمَامِكُمْ وَتَمْحُونَ جَمِيعَ تَصَاوِيرِهِمْ وَتُبِيدُونَ كُل أَصْنَامِهِمِ المَسْبُوكَةِ وَتُخْرِبُونَ جَمِيعَ مُرْتَفَعَاتِهِمْ. 53تَمْلِكُونَ الأَرْضَ وَتَسْكُنُونَ فِيهَا لأَنِّي قَدْ أَعْطَيْتُكُمُ الأَرْضَ لِكَيْ تَمْلِكُوهَا 54وَتَقْتَسِمُونَ الأَرْضَ بِالقُرْعَةِ حَسَبَ عَشَائِرِكُمْ. الكَثِيرُ تُكَثِّرُونَ لهُ نَصِيبَهُ وَالقَلِيلُ تُقَلِّلُونَ لهُ نَصِيبَهُ. حَيْثُ خَرَجَتْ لهُ القُرْعَةُ فَهُنَاكَ يَكُونُ لهُ. حَسَبَ أَسْبَاطِ آبَائِكُمْ تَقْتَسِمُونَ.)عدد 33: 50-56

          (6فَحَرَّمْنَاهَا كَمَا فَعَلنَا بِسِيحُونَ مَلِكِ حَشْبُونَ مُحَرِّمِينَ كُل مَدِينَةٍ: الرِّجَال وَالنِّسَاءَ وَالأَطْفَال. 7لكِنَّ كُل البَهَائِمِ وَغَنِيمَةِ المُدُنِ نَهَبْنَاهَا لأَنْفُسِنَا) تثنية 3: 6- 7

          (14وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالأَطْفَالُ وَالبَهَائِمُ وَكُلُّ مَا فِي المَدِينَةِ كُلُّ غَنِيمَتِهَا فَتَغْتَنِمُهَا لِنَفْسِكَ وَتَأْكُلُ غَنِيمَةَ أَعْدَائِكَ التِي أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ.) تثنية 20: 14

          (24وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ مَعَ كُلِّ مَا بِهَا. إِنَّمَا الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ وَآنِيَةُ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ جَعَلُوهَا فِي خِزَانَةِ بَيْتِ الرَّبِّ.) يشوع 6: 24

          (27لَكِنِ الْبَهَائِمُ وَغَنِيمَةُ تِلْكَ الْمَدِينَةِ نَهَبَهَا إِسْرَائِيلُ لأَنْفُسِهِمْ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ الَّذِي أَمَرَ بِهِ يَشُوعَ. 28وَأَحْرَقَ يَشُوعُ عَايَ وَجَعَلَهَا تَلًا أَبَدِيًّا خَرَابًا إِلَى هَذَا الْيَوْمِ.) يشوع 8: 27-28


          وعلى ذلك أحل الله الغنائم في الحرب المشروعة، ومعاملة الأعداء بالمثل: فنأسر منهم كما يأسرون منا، ونغنم منهم كما يغنمون منا، وندمرهم اقتصاديًا وعسكريًا بأخلاق الحرب في الإسلام، كما يحاولون تدمير الإسلام والدولة الإسلامية.

          (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) التوبة 32-33
          .



          وَوالله ما عقيدَةُ الإسْلامِ بأهونَ مِنْ عقيدَةِ اليهودِ التي يَنتصرونَ بها، وَلا عقيدَةِ النَّصارى التي يَنتصرون بها، وَلا عقيدَةِ الرافِضةِ التي يَنتصرونَ بها، وَالله لو كانوا صادقينَ لانتصروا بالإسْلامِ، قالَ اللهُ {وإنَّ جُندَنا لهُم الغالبون}، فلمَّا انهزموا وَانكسروا وَاندحروا عَلِمنا أنَّ الإسلامَ مِنْهم برئٌ حقُّ برئٍ.

          رحِمَ
          اللهُ مُقاتِلة الإسْلامِ خالدَ وَالزبيرَ وَسعدَ وَعِكرمَة وَالقعقاعَ وَمُصعبَ وخبابَ وَخُبيبَ وَعلي وَعُمرَ وَعمرو وَابنَ عفَّانَ وأبا بكرَ وإخوانَهم وَالتابعينَ مِنْ بعدِهِم، رأينا رِجالا كسرَ اللهُ بهِمْ شوكَةَ كلِّ ذي شوكَةٍ، وَاليومَ نرى جيَفًا أظهرَ اللهُ عليها كلَّ دودَةٍ وَأرَضةٍ.

          تعليق


          • #35


            غزوة بدر ومقتل عقبة بن معيط:

            ومازال الكاتب الجاهل يفترى قائلا: (على أن نقطة التحول في حياة محمد كانت هي غزوة بدر. وفيها انتصر المسلمون وقتلوا العشرات من أهل مكة، وأيضا أخذوا العديد من الأسرى، هذا بالإضافة إلى الكثير من الغنائم. وفى طريقهم إلى المدينة قتل المسلمون بعض هؤلاء الأسرى. وكان واحد من هؤلاء هو عقبه إبن معيط. وقبل قتله توسل عقبه إلى النبي قائلا "وأين تذهب إبنتي بعد موتى؟" وكان جواب محمد "إلى نار جهنم")
            .

            وأقول لمؤلف المسرحية لدرامية هذا:


            من هو عقبة بن معيط هذا؟

            هو عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. أى من أشراف قريش. وكان يحرض أمية بن خلف على تعذيب عبده سيدنا بلال ابن رباح. بل كان يتلذذ بتعذيب النبى صلى الله عليه وسلم:

            عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عند البيت، وأبو جهل وأصحاب له جلوس، وقد نحرت جزور بالأمس. فقال أبو جهل: أيكم يقوم إلى سلا جزور بني فلان فيأخذه، فيضعه في كتفي محمد إذا سجد؟ فانبعث أشقى القوم (عقبة ابن معيط) فأخذه. فلما سجد النبي صلى الله عليه وسلم وضعه بين كتفيه. قال: فاستضحكوا. وجعل بعضهم يميل على بعض. وأنا قائم أنظر. لو كانت لي منعة طرحته عن ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم. والنبي صلى الله عليه وسلم ساجد، ما يرفع رأسه. حتى انطلق إنسان فأخبر فاطمة. فجاءت فطرحته عنه. فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته رفع صوته ثم دعا عليهم. وكان إذا دعا، دعا ثلاثا. وإذا سأل، سأل ثلاثا. ثم قال (اللهم! عليك بقريش) ثلاث مرات. فلما سمعوا صوته ذهب عنهم الضحك. وخافوا دعوته. ثم قال (اللهم! عليك بأبي جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عقبة، وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي معيط) فوالذي بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم بالحق! لقد رأيت الذين سمي صرعى يوم بدر. ثم سحبوا إلى القليب، قليب بدر. رواه مسلم
            .
            لذلك لم يُأسر عقبة ابن أبى معيط كما يدعى المسيحيون، فهذا من تأليفهم، ولكنه قُتل فى ساحة المعركة ضمن من دعا عليهم النبى صلى الله عليه وسلم فى بدر. وهذا من علامات نبوته صلى الله عليه وسلم، أنه كان مستجاب الدعوة. وقتل عقبة ابن أبى معيط هذا على يد عاصم ابن ثابت (نيل الأوتار 8/14)
            .
            وقد قتل أمية بن خلف (معاذ بن عفراء وخارجة بن زيد وبلال بن رباح)؛ وقتل عتبة بن ربيعة (عبيد بن الحارث بن المطلب)؛ وقتل شيبة بن ربيعة (حمزة بن عبد المطلب)؛ وقتل عمرو بن هشام (أبى جهل) (معاذ بن عمرو ومعوذ بن عفراء وعبد الله بن مسعود الذى اجتز رأسه)؛ وقتل الوليد بن عقبة (على بن أبى طالب).
            واختلف المسلمون هل يقتلون الأسرى السبعين أم يقبلون الفدية ويطلقونهم؟ فأشار عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقتلهم، وأشار أبو بكر رضي الله عنه أن يُطلق سراحهم مقابل فدية تُعين المسلمين على قضاء حوائجهم، وأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم برأي أبي بكر. ألا يدل ذلك على ميل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرحمة واللين حتى مع من يحاربونه، ويريدون قتله؟ ولا تنس أيها الكاتب أن ذلك حدث بعد هجرته من مكة إلى المدينة، أى فى الفترة التى تتهمه ظلمًا وزورًا أنه تغير من الرحمة واللين إلى القسوة والعنف.
            ولكن القرآن الكريم نزل مؤيدًا لرأي عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال الله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} الأنفال 67-68
            .
            وكما رأينا فقد قتل هؤلاء فى ساحة المعركة، أما ما يدعيه الكاتب المثقف الأمين من أنه استعطف النبى صلى الله عليه وسلم ألا يقتله من أجل ابنته، فما كان لعربى مقاتل أن يتذلل لعدوه، مهما كلفه ذلك الأمر. فأنت قد أثرت بفيلم عربى رأيته قبل كتابك هذا.

            ثم ألا تعلم أن الفتاة عند العرب لم تكن تساوى شيئًا؟ ألم يكن وأد البنت حية خوفًا من العار هو العرف الجارى عندهم؟ فما الذى جعل هذا الكافر يستبقى هذه الابنة، بل ويتذلل ويريق ماء وجهه من أجلها؟
            ثم سؤاله: أين تذهب ابنتى بعد موتى؟ سؤال غبى يُقصد منه إثارة العاطفة وتقليب النفوس ضد نبى الرحمة صلى الله عليه وسلم، ويستغبى القارىء الواعى. ويُفهم منه أن ابنته كانت صغيرة السن وقتها، ربما لن تتعد الثلاث سنوات. فمن الطبيعى أنه يعلم أنه فى الحرب إما قاتل أومقتول، ومن البديهى أن زوجته أو احدى زوجاته ستقوم على تربية الطفلة، أو سيكفلها جدها أو أحد اخوته أو اخواتها الذكور.

            لكن هل كان لعقبة ابن أبى معيط ابنة صغيرة؟ وهل كان لهذه الفتاة أخوة ذكور؟

            اقرأ هداك الله: نزلت سورة الممتحنة في أم كلثوم بنت عقبة ابن أبى معيط وكانت قد هربت من زوجها عمير بن العاصي فأسلمت فجاء أهلها يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يردوها بموجب الصلح وكان معها اثنان من أخواتها الذكور فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم أخويها ولم يردها وقال الشرط بيننا في الرجال ولم يكن في النساء.

            ومن المعلوم أن صلح الحديبية هذا كان فى شهر شوال فى العام السادس من الهجرة. وكانت غزوة بدر فى العام الثانى من الهجرة. أى كانت ابنته هذه أصغر أربع سنوات فقط من وقت صلح الحديبية، ويؤخذ فى الاعتبار أن عمرها وقتها مكنها من التعرف على الإسلام، والدخول فيه بمحض إرادتها، على الرغم من مقتل أبيها فى غزوة بدر، قبلها بأربع سنوات، كما مكَّنها من الهروب من مكة إلى المدينة بعد إسلامها، وكان معها اثنان من اخوتها الذكور. الأمر الذى لا يستتبع أى قلق على هذه المرأة مهما كان سنها.

            ألم أقل لكم إن هذه الحكاية ملفقة لتنفير المسيحيين من الإسلام وسط هذا التيار الجارف من إقبال الناس على الإسلام فى كل مكان فى العالم، وخوفًا من انقراض المسيحية فى مصر فى غضون السنوات القليلة القادمة، حيث يسلم يوميًا كما قال الأنبا بيشوى فى تسجيل صوتى بين 80 و200 فردًا منهم؟



            نبذات عن رحمة النبى صلى الله عليه وسلم مع الخلق كله:


            وأهديك أيها الكاتب نبذات عن رحمة الرسول صلى الله عليه وسلم بالعالمين؛ لعلك تتذكر أو تخشى. فقد بلغ النبيُّ صلى الله عليه وسلم في حلمه، وعفوه في دعوته إلى الله تعالى الغاية المثالية، والدلائل على ذلك كثيرة جدًّا، فقد كان رحيمًا حليمًا مع أهل بيته، والسيدات بصفة خاصة، والأطفال، والأعداء، والمنافقين، ومن حاولوا قتله، من رفضوا دعوته، ومن آذوه، وأهل الكتاب، والحيوانات والطيور، والنباتات.

            وقد صدق الله العظيم فيما قاله فيه صلى الله عليه وسلم: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين} الأنبياء 107، وقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} القلم 4

            وقال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} التوبة 128

            وعليك أن تدرك أن كل غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم كانت فى فترة وجوده فى المدينة، أى بعد الهجرة من مكة، الأمر الذى يعنى أن أهل مكة هم الذين كانوا يذهبون إليه لمحاربته، بعد أن ترك لهم البلد مكة، وتآمروا مع يهود المدينة، وتآمروا هم معهم لقتل الرسول وإخراجه من المدينة، والقضاء على دعوته.


            رحمته مع من أراد قتله صلى الله عليه وسلم:


            غزوة ذات الرقاع، التى حدثت في السنة السابعة بعد خيبر. لأن أبا هريرة وأبا موسى الأشعري – رضي الله عنهما – كانا في هذه الغزوة، وهما إنما جاءا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أول مرة بعد فتح خيبر. ومن أروع ما وقع في هذه الغزوة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل ذات يوم تحت شجرة ظليلة، فعلق بها سيفه ونام، وتفرق الناس تحت الأشجار وناموا، فجاء رجل من المشركين [يُدعى غورث بن الحارث]، فاخترط سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نائم، فاستيقظ وهو في يده صلتا. فقال: أتخافني؟ قال: لا. قال: فمن يمنعك مني؟ قل: الله. فسقط السيف من يده. فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: من يمنعك مني؟ قال: كن خير آخذ. فدعاه إلى الإسلام فلم يسلم. ولكنه أعطى العهد أنه لا يقاتله، ولا يكون مع قوم يقاتلونه، فخلى سبيله، فذهب إلى قومه، وقال: جئتكم من عند خير الناس.

            الله أكبر! ما أعظم هذا الخلق! وما أكبر أثره في النفس! أعرابي يريد قتل النبي صلى الله عليه وسلم ثم يعصمه الله منه، ويمكِّنه من القدرة على قتله، ثم يعفو عنه، وهو عدوه، ويكتفى فقط بأخذ العهد منه على ألا يحاربه! ماذا تريد أكثر من ذلك أيها الكاتب غير الدقيق فيما تنقل، وفيما تعلمته؟ كل ما كان يريده الرسول صلى الله عليه وسلم هو ألا يحاربه الرجل، ويعرض عليه الدعوة، تطبيقًا لقول الله تعالى: (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ) الكهف 29
            .
            والله لو لم يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم شيئًا فى حياته غير هذا الموقف لكفاه لإثبات أنه نبى الرحمة! إن هذا لخلقٌ عظيم، فصدق من قال فيك: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} القلم 4
            .
            وهذا الخلق الحكيم قد أثر في حياة الرجل، وأسلم بعد ذلك، فاهتدى به خلق كثير. فهل علمت لماذا يسلم الناس؟ بسبب هذا الخلق الرفيع. ويعلم المنصرون ذلك. ولذلك ينشرون كل الأكاذيب التى تُصدق، والتى لا تُصدق عن هذا النبى صلى الله عليه وسلم، فى محاولة منهم لصد الناس عنه. وهم امتداد لكفار قريش، وكفار بنى إسرائيل، الذين سبوا إلههم، ووصفوه بما لا يليق، وشوهوا صورة أنبيائهم فى قصص جمعت فى كتاب أسموه التوراة وآخر أسموه الإنجيل أو الكتاب المقدس.


            مثال آخر: مع الحبر اليهودى زيد بن سعنة:


            كان النبي صلى الله عليه وسلم يعفو عند القدرة، ويحلُم عند الغضب، ويحسن إلى المسيء، وقد كانت هذه الأخلاق العالية من أعظم الأسباب في إجابة دعوته والإيمان به، واجتماع القلوب عليه، ومن ذلك ما فعله مع زيد بن سعنة، أحد أحبار اليهود وعلمائهم الكبار.

            جاء زيد بن سعنة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلبه دينًا علـيه، فأخذ بمجامع قميصه وردائه وجذبه، وأغلظ لـه القول، ونظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم بوجهٍ غليظٍ وقال: يا محمد، ألا تقضيني حقي، إنكم يا بني عبد المطلب قوم مُطْلٌ، وشدّد لـه في القول، فنظر إليه عمر وعيناه تدوران في رأسه كالفلك المستدير، ثم قال: يا عدو الله، أتقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما أسمع، وتفعل ما أرى، فوالذي بعثه بالحق لولا ما أُحاذر لومه لضربت بسيفي رأسك، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلى عمر في سكون وتُؤَدَةٍ وتَبَسُّمٍ، ثم قال: «أنا وهو يا عمر كنا أحوج إلى غير هذا منك: أن تأمرني بحسن الأداء، وتأمره بحسن التقاضي، اذهب به يا عمر فاقضه حقه، وزده عشرين صاعًا من تمرٍ»، فكان هذا سببًا لإسلامه، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

            وكان زيد قبل هذه القصة يقول: (لم يبق شيء من علامات النبوة إلا وقد عرفتها في وجه محمد صلى الله عليه وسلم إلا اثنتين لم أخبرهما منه: يسبق حلمه جهله، ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلمًا).

            فاختبره بهذه الحادثة فوجده كما وُصِفَ، فأسلم وآمن وصدق، وشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم مشاهده، واستشهد في غزوة تبوك مقبلًا غير مدبر.



            مثال آخر: مع ثمامة بن أثال:


            روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلًا قِبَلَ نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة، يقال لـه ثمامة بن أُثال، سيد أهل اليمامة، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «ماذا عندك يا ثمامة؟» فقال: عندي يا محمد خير، إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تُنعم تُنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت، فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان بعد الغد، فقال: «ما عندك يا ثمامة؟» فقال: ما قلت لك، إن تنعم تنعم على شاكر، وإن تقتل تقتل ذا دم، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت، فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان من الغد، فقال: «ماذا عندك يا ثمامة؟» فقال: عندي ما قلت لك، إن تنعم تنعم على شاكر، وإن تقتل تقتل ذا دم، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أطلقوا ثمامة»، فانطلق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل، ثم دخل المسجد فقال: (أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، يا محمد! والله ما كان على الأرض وجهٌ أبغض إليَّ من وجهك، فقد أصبح وجهك أُحبَّ الوجوه كلها إليَّ، والله ما كان من دين أبغض إليَّ من دينك، فأصبح دينك أحب الدين كله إليَّ، والله ما كان من بلد أبغض إليَّ من بلدك، فأصبح بلدك أحب البلاد كلها إليَّ، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة فماذا ترى؟ فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمره أن يعتمر، فلما قدم مكة قال لـه قائل: أصبوت؟ فقال: [لا والله]، ولكني أسلمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ). (البخارى برقم 4372، ومسلم برقم 1764).



            مثال آخر: مع من جبذه بردائه صلى الله عليه وسلم:


            عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال: كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذةً شديدة حتى نظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم قد أثّرت به حاشية الرداء من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد، مُرْ لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك، ثم أمر لـه بعطاء. (البخارى برقم 3149، ومسلم برقم 1057).
            وهذا من روائع حلمه صلى الله عليه وسلم وكماله، وحسن خلقه، وصفحه الجميل، وصبره على الأذى في النفس، والمال، والتجاوز على جفاء من يريد تألُّفه على الإسلام؛ وليتأسى به الدعاة إلى الله، والولاة بعده في حلمه، وخلقه الجميل من الصفح، والإغضاء، والعفو، والدفع بالتي هي أحسن.
            كذلك من عظيم حلمه عفوه عن اليهودى الذى سحره؛ فإنه لم يذكر لذلك اليهودي شيئًا، ولا رآه في وجهه حتى مات. (أحمد برقم 19286).
            كذلك عفوه عن رأس المنافقين عبد الله بن أُبىّ بن سلول وصبره عليه، على كل ما فعله مع الرسول صلى الله عليه وسلم.
            ولمن لا يعرف عبد الله بن أُبىّ بن سلول، فهو من يهود الخزرج، كاد أن يصبح سيد المدينة قبل قدوم الرسول صلى الله عليه وسلم إليها. وهو من أكبر المنافقين الذين يتحدث عنهم التاريخ. كانت البداية قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، يوم انتهى الصراع بين الأوس والخزرج على اتفاقٍ بين الفريقين يقضي بنبذ الخلاف وتنصيب ابن سلول حاكمًا على المدينة.
            ووئدت هذه الفكرة بدخول الإسلام إلى أرض المدينة، واجتماعهم حول راية النبي صلى الله عليه وسلم، فصارت نظرة ابن سلول لهذا الدين تقوم على أساس أنه قد حرمه من الملك والسلطان، وبذلك يرى البعض أن مصالحه الذاتية وأهواؤه الشخصيّة وراء امتناعه عن الإخلاص في إسلامه.
            خاض ابن سلول صراعًا مريرًا علنيًا في قليل من الأحيان وسري في أحيانًا كثيرة مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأتباعه للسيطرة على مقاليد الأمور في المدينة. وينسب له المؤرخون المسلمين الكثير من المواقف المعادية للإسلام منها:
            انسحابه بثلث الجيش فى غزوة أحد، وهُزم المسلمون بسبب عصيانهم أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصيب الرسول بجراح ثاخنة، فقد كُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ وَجُرِحَتْ وَجْنَتُهُ وَشَفَتُهُ السُّفْلَى مِنْ بَاطِنهَا وَوَهَى مَنْكِبه مِنْ ضَرْبَةِ اِبْنِ قَمِيئَةَ وَجُحِشَتْ رُكْبَتُهُ. ومع ذلك لم يحكم عليه الرسول، ولم يترك عمر يقتله.
            كما أنه قلَّب المهاجرين على الأنصار فى المدينة، وعندما رجع الرسول صلى الله عليه وسلم من غزوة بنى المصطلق، قال هذا المنافق، (ولله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل)، يقصد الرسول صلى الله عليه وسلم. الأمر الذى فاق الاحتمال، حتى ذهب ابنه عبد الله إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وطلب السماح له بقتل أبيه، لأنه لن يصبر على قاتله، ولا يريد ضغينة بينه وبين مسلم. وأشهر سيفه فى وجه أبيه ومنعه من دخول المدينة، حتى يأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم.
            كما قال لأتباعه بمنع أموال الزكاة عن الرسول، فيضطر الناس للانفضاض عنه، ولا يأتيه الأعراب، الذين يأتون للمال: {لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا}، حتى قال له عمر بن الخطاب: دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (دعه.. لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه).
            وأتركك تقرأ موقفه معه عندما مات رأس المنافقين، وما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم معه، وما قاله بشأنه فى (رحمته وحلمه بالمنافقين).


            حلمه مع من خالف تعاليم الله:

            (عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ قَالَ مَا لَكَ قَالَ وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا قَالَ لا قَالَ فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ لَا فَقَالَ فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَالَ لا قَالَ فَمَكَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ، بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ وَالْعَرَقُ الْمِكْتَلُ قَالَ أَيْنَ السَّائِلُ فَقَالَ أَنَا قَالَ خُذْهَا فَتَصَدَّقْ بِهِ فَقَالَ الرَّجُلُ أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَ اللَّهِ مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا يُرِيدُ الْحَرَّتَيْنِ أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي فَضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ثُمَّ قَالَ أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ) رواه البخاري.
            (عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل، فأشْفَقْتُ إنْ أغْتَسِلَت أن أهْلِكَ فَتَيَمَّمْتُ ثُمَّ صَلَّيْتُ بِأصْحَابِي الصُّبْحَ فَذَكَروا ذَلِكَ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا عمرو صَلَّيْتَ بأصْحَابِكَ وَأنْتَ جُنُبٌ؟ فأخْبَرْتُهُ بالَّذِي مَنَعَنِي مِنَ الاغْتِسَالِ وَقُلْتُ: إنِّي سَمِعْتُ الله يقولُ {وَلاَ تَقْتُلُوا أنْفُسَكُمْ إنَّ الله كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} فَضَحِكَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا») رواه أبو داود وصححه الألباني.
            لذلك لا تتعجب أن تقرأ أوامره لأصحابه بالتيسير على الناس: (عَنْ أَبِي بُرْدَةَ رضي الله عنه قَالَ: (بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا مُوسَى وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى الْيَمَنِ قَالَ: يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا وَتَطَاوَعَا وَلَا تَخْتَلِفَا) متفق عليه
            .
            عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ رضي الله عنه قَالَ: (فَصَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ فَعَطَسَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ فَقُلْتُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ فَقُلْتُ وَا ثُكْلَ أُمِّيَاهْ مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ قَالَ فَضَرَبُوا بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصْمِتُونِي سَكَتُّ حَتَّى صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَدَعَانِي قَالَ فَبِأَبِي وَأُمِّي مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ فَمَا ضَرَبَنِي وَلَا كَهَرَنِي وَلَا سَبَّنِي وَقَالَ إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ هَذَا إِنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ) رواه مسلم والإمام أحمد وأبو داود والترمذي وصححه الألباني.
            عَنْ عَبَّادِ بْنِ شُرَحْبِيلَ رضي الله عنه قَالَ (قَدِمْتُ مَعَ عُمُومَتِي الْمَدِينَةَ فَدَخَلْتُ حَائِطًا مِنْ حِيطَانِهَا فَفَرَكْتُ مِنْ سُنْبُلِهِ فَجَاءَ صَاحِبُ الْحَائِطِ فَأَخَذَ كِسَائِي وَضَرَبَنِي فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَسْتَعْدِي عَلَيْهِ فَأَرْسَلَ إِلَى الرَّجُلِ فَجَاءُوا بِهِ فَقَالَ مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ دَخَلَ حَائِطِي فَأَخَذَ مِنْ سُنْبُلِهِ فَفَرَكَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا عَلَّمْتَهُ إِذْ كَانَ جَاهِلا وَلا أَطْعَمْتَهُ إِذْ كَانَ جَائِعًا ارْدُدْ عَلَيْهِ كِسَاءهُ وَأَمَرَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِوَسْقٍ أَوْ نِصْفِ) رواه النسائي وصححه الألباني صحيح سنن النسائي رقم 4999.


            قارن هذا بما نسبته الأناجيل ليسوع:

            فقد انتهر أمه أمام لناس بصورة لا تليق بنبى، ولا حتى بيهودى مؤمن: (4قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «مَا لِي وَلَكِ يَا امْرَأَةُ! لَمْ تَأْتِ سَاعَتِي بَعْدُ».) يوحنا 2: 4
            وتنكَّر لأمه، كما لو كانت عارًا عليه: (46وَفِيمَا هُوَ يُكَلِّمُ الْجُمُوعَ إِذَا أُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ قَدْ وَقَفُوا خَارِجاً طَالِبِينَ أَنْ يُكَلِّمُوهُ. 47فَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ: «هُوَذَا أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ وَاقِفُونَ خَارِجاً طَالِبِينَ أَنْ يُكَلِّمُوكَ». 48فَأَجَابَهُ: «مَنْ هِيَ أُمِّي وَمَنْ هُمْ إِخْوَتِي؟» 49ثُمَّ مَدَّ يَدَهُ نَحْوَ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ: «هَا أُمِّي وَإِخْوَتِي. 50لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي».) متى 12: 46-49

            وجعل ضريبة التلمذة له هو بغض الأم والأب والزوجة والذرية والاخوة، بل وكره الشخص لنفسه: (25وَكَانَ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ سَائِرِينَ مَعَهُ فَالْتَفَتَ وَقَالَ لَهُمْ: 26«إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضاً فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذاً.) لوقا 14: 25-26
            .
            فاصدقني القول أيها الكاتب: هل تؤمن حقًا أن يسوع قال ذلك؟ هل تستطيع أن تواجه أبناءك وتقول لهم هذا النص، دون لىّ عنق المعنى، لتحوله إلى ما تتمنى أن يسوع قد قاله؟
            هل تستحق أمك منك أن تبغضها لتكون تلميذًا ليسوع؟ وما الذى عليك أن تفعله لتكون تلميذًا للشيطان غير ذلك؟ هل يليق هذا الكلام بنبى الله؟ والله إنى لمشفق عليكم، ولا أتمنى لكم إلا الهداية!!
            ويصدمنا أكثر ما نقرأه منسوبًا ليسوع، الذى عرف فى الناموس وأسفار الأنبياء مدى تقديس الرب للحياة الزوجية. فقد دمر يسوع حق المرأة فى الارتياح الجنسى عن طريق الزواج، وتركها تتخبط فى شهوتها، لا تعرف كيفية تصريف هذه الشهوة، ولم يعترف بتكوين أسرة هانئة بها ذرية تسعد الوالدين، ويسعد بها الأطفال بحنان الأمومة ورعاية الأبوة. فأمر كل من يستطيع أن يخصى نفسه فليفعل: (10قَالَ لَهُ تَلاَمِيذُهُ: «إِنْ كَانَ هَكَذَا أَمْرُ الرَّجُلِ مَعَ الْمَرْأَةِ فَلاَ يُوافِقُ أَنْ يَتَزَوَّجَ!» 11فَقَالَ لَهُمْ: «لَيْسَ الْجَمِيعُ يَقْبَلُونَ هَذَا الْكَلاَمَ بَلِ الَّذِينَ أُعْطِيَ لَهُم 12لأَنَّهُ يُوجَدُ خِصْيَانٌ وُلِدُوا هَكَذَا مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَاهُمُ النَّاسُ وَيُوجَدُ خِصْيَانٌ خَصَوْا أَنْفُسَهُمْ لأَجْلِ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَقْبَلَ فَلْيَقْبَلْ») متى 19: 10-12
            .
            على الرغم من تحريم دخول الملكوت لكل من يخصى نفسه بالرضى: (لا يَدْخُل مَخْصِيٌّ بِالرَّضِّ أَوْ مَجْبُوبٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ.) تثنية 23: 1.
            وعلى الرغم من تعهده بعدم نقض أو إلغاء حرف واحد من الناموس أو الأنبياء: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ.) متى 5: 16-17.
            ونفس فكرة إبادة أتباع عيسى u الحقيقيين من إخصاء للرجل، تناولها بولس من قبل الأناجيل، حيث كتبت رسائله قبل كتابة الأناجيل، فقال: (38إِذاً مَنْ زَوَّجَ فَحَسَناً يَفْعَلُ وَمَنْ لاَ يُزَوِّجُ يَفْعَلُ أَحْسَنَ. 39الْمَرْأَةُ مُرْتَبِطَةٌ بِالنَّامُوسِ مَا دَامَ رَجُلُهَا حَيّاً. وَلَكِنْ إِنْ مَاتَ رَجُلُهَا فَهِيَ حُرَّةٌ لِكَيْ تَتَزَوَّجَ بِمَنْ تُرِيدُ فِي الرَّبِّ فَقَطْ. 40وَلَكِنَّهَا أَكْثَرُ غِبْطَةً إِنْ لَبِثَتْ هَكَذَا بِحَسَبِ رَأْيِي. وَأَظُنُّ أَنِّي أَنَا أَيْضاً عِنْدِي رُوحُ اللهِ.) كورنثوس الأولى 7: 38-40.
            فهل تظن أنت أيضًا، كما يظن بولس، أنه عنده الروح القدس؟ فهل أوحيت إليه هذه الكلمات من الروح القدس ومازال يظن؟ أليس من الكفر التشكيك والظن فى صحة كلام الرب؟ ولو كان هذا هو رأيه الشخصى، فما حاجة الرب أن يُكتب فى كتابه رأى بولس الشخصى وظنه؟ لا تعليق، وأتركك لعقلك الذى يستسيغ هذا الكلام المقدس جدًا، ويعتبره وحى الله تعالى الذى لم تتدخل فيه أيدى بشرية أو رأى إنسان!
            وبلغت رحمة الكتاب الذى تقدسه أن سمح لك أن تبيع ابنتك، وتحولها إلى أمة، فقط لأنك أنجبتها: (7وَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ ابْنَتَهُ أَمَةً لاَ تَخْرُجُ كَمَا يَخْرُجُ الْعَبِيدُ.) خروج 21: 7
            .
            (10«إِذَا خَرَجْتَ لِمُحَارَبَةِ أَعْدَائِكَ وَدَفَعَهُمُ الرَّبُّ إِلهُكَ إِلى يَدِكَ وَسَبَيْتَ مِنْهُمْ سَبْياً 11وَرَأَيْتَ فِي السَّبْيِ امْرَأَةً جَمِيلةَ الصُّورَةِ وَالتَصَقْتَ بِهَا وَاتَّخَذْتَهَا لكَ زَوْجَةً 12فَحِينَ تُدْخِلُهَا إِلى بَيْتِكَ تَحْلِقُ رَأْسَهَا وَتُقَلِّمُ أَظْفَارَهَا13وَتَنْزِعُ ثِيَابَ سَبْيِهَا عَنْهَا وَتَقْعُدُ فِي بَيْتِكَ وَتَبْكِي أَبَاهَا وَأُمَّهَا شَهْراً مِنَ الزَّمَانِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَدْخُلُ عَليْهَا وَتَتَزَوَّجُ بِهَا فَتَكُونُ لكَ زَوْجَةً. 14وَإِنْ لمْ تُسَرَّ بِهَا فَأَطْلِقْهَا لِنَفْسِهَا. لا تَبِعْهَا بَيْعاً بِفِضَّةٍ وَلا تَسْتَرِقَّهَا مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ قَدْ أَذْللتَهَا.) تثنية 21: 10-14.
            وحمدًا لله أن ترك الرب المرأة تبكى أباها وأمها واخوتها الذين أبيدوا فى حروب الرب الرحيمة، وأوجد لها مكان تبيت فيه كزوجة بالإكراه. لكن تكمن المشكلة فى أن هذه الزوجة قد لا تبكى، فماذا سيفعل الرجل المؤمن إن لم تبك زوجته؟ هل سيضربها لتبكى، تنفيذًا لأوامر يهوه؟ وما علة الرب من هذه العكننة وهذا الغم؟
            لذلك قال (لوثر الذى جعل النساء منبوذات قسراً فى وحشية، ومنفيات من عالم الرجال، والذى يرى فى الزواج عقاباً للمرأة: (إن هذا العقاب ينبع أيضًا من الخطيئة الأصلية، وتتحمله المرأة مُكرَهة تمامًا، كما تتحمل الآلام والمتاعب التى وضعت على جسدها. إن السلطة تبقى قى يد الرجل، وتُجبَر المرأة على طاعته حسب وصية الله. فالرجل هو الذى يحكم البيت والدولة، ويشن الحرب، ويدافع عن ممتلكاته، ويفلح الأرض، ويبنى، ويزرع .. الخ. أما المرأة فعلى العكس من ذلك، فهى مثل مسمار دق فى الحائط ... يجب أن تبقى المرأة فى المنزل ...، ترعى الحاجات المنزلية، مثل انسان حُرِمَ القدرة على إدارة تلك الشئون، التى تختص بالدولة ... بهذه الطريقة تعاقب حواء).
            وليس فقط بيع الابنة وبغض الأب والأم والزوجة وأقرب أقربائك، بل أمرك بتقديم ابنك العاصى للشيخ ليرجمه: (18«إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ ابْنٌ مُعَانِدٌ وَمَارِدٌ لا يَسْمَعُ لِقَوْلِ أَبِيهِ وَلا لِقَوْلِ أُمِّهِ وَيُؤَدِّبَانِهِ فَلا يَسْمَعُ لهُمَا. 19يُمْسِكُهُ أَبُوهُ وَأُمُّهُ وَيَأْتِيَانِ بِهِ إِلى شُيُوخِ مَدِينَتِهِ وَإِلى بَابِ مَكَانِهِ 20وَيَقُولانِ لِشُيُوخِ مَدِينَتِهِ: ابْنُنَا هَذَا مُعَانِدٌ وَمَارِدٌ لا يَسْمَعُ لِقَوْلِنَا وَهُوَ مُسْرِفٌ وَسِكِّيرٌ. 21فَيَرْجُمُهُ جَمِيعُ رِجَالِ مَدِينَتِهِ بِحِجَارَةٍ حَتَّى يَمُوتَ. فَتَنْزِعُ الشَّرَّ مِنْ بَيْنِكُمْ وَيَسْمَعُ كُلُّ إِسْرَائِيل وَيَخَافُونَ.) تثنية 21: 18-21
            .


            رحمته بالأم والأطفال:

            عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه: عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنِّي لَأَقُومُ فِي الصَّلَاةِ أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلَاتِي كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ) رواه البخاري. هل سمعت أو رأيت رحمة مثل هذه فى الكتاب المقدس جدًا؟ نبى يقطع صلاته ولقاءه بالله حبيبه، رحمة بالأم التى يُفطر قلبها ببكاء ابنها!! فقارن هذا بالقول الذى نسبه أعداء يسوع إليه بشأن الأم وابنها: (25وَكَانَ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ سَائِرِينَ مَعَهُ فَالْتَفَتَ وَقَالَ لَهُمْ: 26«إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضاً فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذاً.) لوقا 14: 25-26
            .
            أو بقول الإله الرحيم العطوف إله المحبة الذى أمر أن يبيع الرجل ابنته القاصر: (7وَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ ابْنَتَهُ أَمَةً لاَ تَخْرُجُ كَمَا يَخْرُجُ الْعَبِيدُ.) خروج 21: 7.
            وعَنْ أَسْمَاءَ رضى الله عنها قَالَت: (قَدِمَتْ أُمِّي وَهِيَمُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ وَمُدَّتِهِمْ إِذْ عَاهَدُوا النَّبِيَّ، مَعَ ابْنِهَا فَاسْتَفْتَيْتُ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام فَقُلْتُ إِنَّ أُمِّي قَدِمَتْ وَهِيَ رَاغِبَةٌ أَفَأَصِلُهَا قَالَ نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ) متفق عليه.
            وعن عائشةَ رضى الله عنها قالت: (جَاءَتْنِي مِسْكِينَةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا. فَأَطْعَمْتُهَا ثَلاَثَ تَمَرَاتٍ. فَأَعْطَتْ كُل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً. وَرَفَعَتْ إِلَى فِيهَا تَمْرَةً لِتَأْكُلُهَا. فَاسْتَطْعَمَتْهَا ابْنَتَاهَا. فَشَقَّتِ التَّمْرَةَ، الَّتِي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا، بَيْنَهُمَا. فَأَعْجَبَنِي شَأْنُهَا. فَذَكَرْتُ الَّذِي صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللّهِ. فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللّه قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الْجَنَّةَ. أَوْ أَعْتَقَهَا بِهَا مِنَ النَّارِ») رواه مسلم.
            عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: (أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ بَيْتًا بِالْمَدِينَةِ غَيْرَ بَيْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِ فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ إِنِّي أَرْحَمُهَا قُتِلَ أَخُوهَا مَعِي) متفق عليه.
            عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه :عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِي جَارَهُ وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا) رواه البخاري.

            عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ: (مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ، شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ وَلَا امْرَأَةً وَلَا خَادِمًا إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ إِلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) رواه مسلم.
            عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضى الله عنهما عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ (مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ حَقَّ كَبِيرِنَا فَلَيْسَ مِنَّا) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه الألباني.
            عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ: (جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ تُقَبِّلُونَ الصِّبْيَانَ فَمَا نُقَبِّلُهُمْ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَوَأَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ) رواه البخاري.
            أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: (قَبَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِسًا فَقَالَ الْأَقْرَعُ إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنْ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ) متفق عليه.
            عَنْ أَبِى أُمَامَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «وَمَنْ أَحْسَنَ إِلَى يَتِيمَةٍ أَوْ يَتِيمٍ عِنْدَهُ كُنْتُ أَنَا وَهُوَ فِى الْجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ». وَقَرَنَ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ.) رواه أحمد.
            حقًا وصدقًا: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} (التوبة 128 - 129).


            اقرأ ما نسبتموه إلى رحمة الرب وكتابه:

            لقد أمر الرب يسوع/يهوه إله المحبة والرحمة والحنان والعطف والسكينة أن يُتخلص فى الحرب من أجله من المحاربين والمسالمين، وهو ما نسميه بمفهوم اليوم إبادة جماعية، وتصفية عرقية، كان يأمر يهوه بجرائم الحرب، وبالتالى لم يعفو برحمته وطيبته عن الشيوخ ولا النساء ولا الأطفال ولا حتى الرضع، ولا حتى الحيوانات: (3فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً، طِفْلاً وَرَضِيعاً، بَقَراً وَغَنَماً،جَمَلاً وَحِمَاراً)صموئيل الأول 15: 3
            .
            ولا أعلم كيف لا تُطالب جمعيات الرفق بالحيوانات حذف هذه النصوص من هذا الكتاب، والمطالبة بعدم اعتبارها مقدسة! ولا أعلم أين ذهبت الجمعيات التى تدافع عن الطفل وحقوقه، وكيف لا تطالب بتجريم الإيمان بهذه النصوص!!
            حتى لو استعطفيه امرأة قائلة: وماذا فعل طفلى ليُقتل؟ وما ذنب الجنين فى أحشائى ليُقتل؟ ستكون إجابته: (... لاَ تُشْفِقْ أَعْيُنُكُمْ وَلاَ تَعْفُوا. 6اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ. اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ.) حزقيال 9: 5-6
            .
            وسيُلح فى طلبه، آمرًا أن يبدأوا بقتل الأطفال أمام عيون والديهم، قائلا: (15كُلُّ مَنْ وُجِدَ يُطْعَنُ، وَكُلُّ مَنِ انْحَاشَ يَسْقُطُ بِالسَّيْفِ. 16وَتُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ أَمَامَ عُيُونِهِمْ، وَتُنْهَبُ بُيُوتُهُمْ وَتُفْضَحُ نِسَاؤُهُمْ) إشعياء 13: 15-16.
            ألم يأمر بضرب رؤوس الأطفال فى الصخر، واعتبرها من القربات إليه؟ (9طُوبَى لِمَنْ يُمْسِكُ أَطْفَالَكِ وَيَضْرِبُ بِهِمُ الصَّخْرَةَ!) مزامير 137: 9.
            ألم يأمر بتحطيم الأطفال وبشق بطون الحوامل؟ ألم يأمر بقتل الأجنة فى بطون أمهاتهم؟ (16تُجَازَى السَّامِرَةُ لأَنَّهَا قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَى إِلَهِهَا. بِـالسَّيْفِ يَسْقُطُونَ. تُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ وَالْحَوَامِلُ تُشَقُّ) هوشع 13: 16.
            بل كانت أوامر الرب أن يُقدم أول ابن للأم قربانًا للرب: (لاَ تُؤَخِّرْ تَقْدِيمَ بَاكُورَةِ مَحْصُولِ بَيْدَرِكَ وَمَعْصَرَتِكَ، وَأَعْطِنِي أَبْكَارَ بَنِيكَ.) الخروج 22:29.
            وكان تهديد الرب لبنى إسرائيل إن عصوه أن يجعلهم يأكلوا بنيهم وبناتهم: (27«وَإِنْ كُنْتُمْ بِذَلِكَ لاَ تَسْمَعُونَ لِي بَلْ سَلَكْتُمْ مَعِي بِالْخِلاَفِ 28فَأَنَا أَسْلُكُ مَعَكُمْ بِالْخِلاَفِ سَاخِطاً وَأُؤَدِّبُكُمْ سَبْعَةَ أَضْعَافٍ حَسَبَ خَطَايَاكُمْ 29فَتَأْكُلُونَ لَحْمَ بَنِيكُمْ وَلَحْمَ بَنَاتِكُمْ تَأْكُلُونَ.) لاويين 26: 27-29.
            بل أمر بأكل أطفالها فى المجاعة: (53فَتَأْكُلُ ثَمَرَةَ بَطْنِكَ لحْمَ بَنِيكَ وَبَنَاتِكَ الذِينَ أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فِي الحِصَارِ وَالضِّيقَةِ التِي يُضَايِقُكَ بِهَا عَدُوُّكَ.) تثنية 28: 53.
            ولم يرحم الطفال الذين أساؤوا الأدب تجاه أليشع النبى، فكانت عقوبة من قال للنبى يا أقرع، أن افترستهم دبتان: (وَفِيمَا هُوَ صَاعِدٌ فِي الطَّرِيقِ إِذَا بِصِبْيَانٍ صِغَارٍ خَرَجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ وَسَخِرُوا مِنْهُ وَقَالُوا لَهُ: [اصْعَدْ يَا أَقْرَعُ! اصْعَدْ يَا أَقْرَعُ!] 24فَالْتَفَتَ إِلَى وَرَائِهِ وَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ. فَخَرَجَتْ دُبَّتَانِ مِنَ الْوَعْرِ وَافْتَرَسَتَا مِنْهُمُ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَلَدًا.) ملوك الثانى 2: 23-24.
            ومما يزيد الطين بللا، أنك تقرأ عن اتفاق سيدتين على ذبح أطفالهما، وسلقهما، وأكلهما دون أن تقرأ عقوبة الرب لهما، كما لو كان هذا شيئًا طبيعيًا، شيئًا معتاد الحدوث. وأرجع وأتساءل: ما الغرض من مثل هذه الحكايات؟ أليس الكتاب المقدس لمعرفة الرب وصفاته وتعاليمه، وللتربية والتعليم؟
            امرأتان تتفقان على أكل طفليهما، فسلقتا ابن إحدهما وأكلتاه وفى اليوم التالى خدعتها المرأة التى عليها أن تذبح ابنها وأخفته عنها، ومن بجاحة المرأة التى أُكِلَ ابنها أنها ذهبت تشتكيها لدى الملك (ثُمَّ قَالَ لَهَا الْمَلِكُ: [مَا لَكِ؟] فَقَالَتْ: [هَذِهِ الْمَرْأَةُ قَالَتْ لِي: هَاتِي ابْنَكِ فَنَأْكُلَهُ الْيَوْمَ ثُمَّ نَأْكُلَ ابْنِي غَداً. 29فَسَلَقْنَا ابْنِي وَأَكَلْنَاهُ. ثُمَّ قُلْتُ لَهَا فِي الْيَوْمِ الآخَرِ: هَاتِي ابْنَكِ فَنَأْكُلَهُ فَخَبَّأَتِ ابْنَهَا]. 30فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ كَلاَمَ الْمَرْأَةِ مَزَّقَ ثِيَابَهُ وَهُوَ مُجْتَازٌ عَلَى السُّورِ، فَنَظَرَ الشَّعْبُ وَإِذَا مِسْحٌ مِنْ دَاخِلٍ عَلَى جَسَدِهِ.) ملوك الثانى 6: 28-30
            .
            أعتقد أن مثل هذه الأقاصيص كان الغرض منها التسلية أو الزجر بشكل ما، ومن ثم رأى كاتب هذا السفر أن يضيفها إلى السفر الذى اعتبر فيما بعد مقدسًا.


            رحمته باليتيم والعبيد:

            عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: (أَنَّ رَجُلًا شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَسْوَةَ قَلْبِهِ فَقَالَ لَهُ «إِنْ أَرَدْتَ أَنْ يَلِينَ قَلْبُكَ فَأَطْعِمِ الْمِسْكِينَ وَامْسَحْ رَأْسَ الْيَتِيمِ»). رواه أحمد والطبراني وحسنه الألباني
            .
            عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه (قَالَ خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ سِنِينَ وَاللَّهِ مَا قَالَ لِى أُفًّا قَطُّ، وَلاَ قَالَ لِى لِشَىْءٍ لِمَ فَعَلْتَ كَذَا وَهَلاَّ فَعَلْتَ كَذَا). رواه مسلم.
            عن أَبَى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قال: (إِذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِه، فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ، فَلْيُنَاوِلْهُ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ أَوْ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ، فَإِنَّهُ وَلِىَ عِلاَجَهُ). متفق عليه.
            وقال صلى الله عليه وسلم: (إخْوانُكمْ خَوَلُكمْ، جَعَلَهمُ اللّهُ تحتَ أيدِيكُمْ. فَمَنْ كانَ أخوهُ تحتَ يدِه فلْيُطْعِمْهُ ممّا يأكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ ممَّا يَلْبَسُ، ولا تُكلِّفوهمُ ما يَغْلِبُهم، فإنْ كلَّفتموهُم فأعِينوهُم). رواه البخاري
            عن أَبِي عُمَرَ قَالَ: أَتَيْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنه وَقَدْ أَعْتَقَ مَمْلُوكًا قَالَ فَأَخَذَ مِنْ الْأَرْضِ عُودًا أَوْ شَيْئًا فَقَالَ مَا فِيهِ مِنْ الْأَجْرِ مَا يَسْوَى هَذَا إِلَّا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَنْ لَطَمَ مَمْلُوكَهُ أَوْ ضَرَبَهُ فَكَفَّارَتُهُ أَنْ يُعْتِقَهُ) صحيح مسلم
            .
            عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رضي الله عنه جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمْ نَعْفُو عَنِ الْخَادِمِ فَصَمَتَ ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ الْكَلاَمَ فَصَمَتَ فَلَمَّا كَانَ فِى الثَّالِثَةِ قَالَ «اعْفُوا عَنْهُ فِى كُلِّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً»). سنن أبي داود وصححه الشيخ الألباني.


            رحمته بالأعراب، وما أدراك ما الأعراب:

            وما أدراك ما الأعراب؟ وما أدراك ما قاله الله فيهم؟
            هم الذين وصفهم الله عز وجل بقوله {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِر عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} التوبة 97-98
            .
            - بل وأكد على سوء طويتهم بقوله {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ * وَآَخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} التوبة101-102.
            - وعلى مداهنتهم بألسنتهم بقوله {سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا * بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا} الفتح 11-12.
            - وقلة علمهم بالإسلام ومسائل الإيمان بقوله {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} الحجرات 14.
            ومع ذلك كان رحيمًا مع الأعرابى الذى بال فى المسجد. وصدق الله العظيم القائل فيك يا علم الهدى، والرحمة المهداة: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) آل عمران 159.
            وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه (أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَالَ فِي الْمَسْجِدِ فَثَارَ إِلَيْهِ النَّاسُ ليَقَعُوا بِهِ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَعُوهُ وَأَهْرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ أَوْ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ) رواه البخاري مفرقًا.
            وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: (كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَهُ جَبْذَةً حَتَّى رَأَيْتُ صَفْحَ أَوْ صَفْحَةَ عُنُقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الْبُرْدِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَعْطِنِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ) رواه البخاري ومسلم وأحمد.
            وعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ رضي الله عنه قَالَ: (جَاءَ أَعْرَابِىٌّ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم يَتَقَاضَاهُ دَيْنًا كَانَ عَلَيْهِ فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ حَتَّى قَالَ لَهُ أُحَرِّجُ عَلَيْكَ إِلاَّ قَضَيْتَنِى. فَانْتَهَرَهُ أَصْحَابُهُ وَقَالُوا وَيْحَكَ تَدْرِى مَنْ تُكَلِّمُ قَالَ إِنِّى أَطْلُبُ حَقِّى. فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «هَلاَّ مَعَ صَاحِبِ الْحَقِّ كُنْتُمْ». ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى خَوْلَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فَقَالَ لَهَا «إِنْ كَانَ عِنْدَكِ تَمْرٌ فَأَقْرِضِينَا حَتَّى يَأْتِيَنَا تَمْرٌ فَنَقْضِيَكِ». فَقَالَتْ نَعَمْ بِأَبِى أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ فَأَقْرَضَتْهُ فَقَضَى الأَعْرَابِىَّ وَأَطْعَمَهُ فَقَالَ أَوْفَيْتَ أَوْفَى اللَّهُ لَكَ. فَقَالَ «أُولَئِكَ خِيَارُ النَّاسِ إِنَّهُ لاَ قُدِّسَتْ أُمَّةٌ لاَ يَأْخُذُ الضَّعِيفُ فِيهَا حَقَّهُ غَيْرَ مُتَعْتَعٍ»). رواه ابن ماجة وصححه الألباني.


            قارن هذا بمواقف يسوع مع تلاميذه:

            فقد قال لبطرس: (23فَالْتَفَتَ وَقَالَ لِبُطْرُسَ: «اذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ. أَنْتَ مَعْثَرَةٌ لِي لأَنَّكَ لاَ تَهْتَمُّ بِمَا لِلَّهِ لَكِنْ بِمَا لِلنَّاسِ».) متى 16: 23
            .
            ووصفهم بالإلتواء وعدم الإيمان: (16وَأَحْضَرْتُهُ إِلَى تَلاَمِيذِكَ فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَشْفُوهُ». 17فَأَجَابَ يَسُوعُ: «أَيُّهَا الْجِيلُ غَيْرُ الْمُؤْمِنِ الْمُلْتَوِي إِلَى مَتَى أَكُونُ مَعَكُمْ؟ إِلَى مَتَى أَحْتَمِلُكُمْ؟ قَدِّمُوهُ إِلَيَّ هَهُنَا!» 18فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ فَخَرَجَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ. فَشُفِيَ الْغُلاَمُ مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ. 19ثُمَّ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ عَلَى انْفِرَادٍ وَقَالُوا: «لِمَاذَا لَمْ نَقْدِرْ نَحْنُ أَنْ نُخْرِجَهُ؟» 20فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لِعَدَمِ إِيمَانِكُمْ. فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهَذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ مِنْ هُنَا إِلَى هُنَاكَ فَيَنْتَقِلُ وَلاَ يَكُونُ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَيْكُمْ. 21وَأَمَّا هَذَا الْجِنْسُ فَلاَ يَخْرُجُ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ».) متى 17: 16-21.
            ووصفتهم أيضاً بأنهم غليظى القلوب: (52لأَنَّهُمْ لَمْ يَفْهَمُوا بِالأَرْغِفَةِ إِذْ كَانَتْ قُلُوبُهُمْ غَلِيظَةً.) مرقس 6: 52.
            وطرد الصيارفة من المعبد انتقامًا لعصيانهم أمر الرب: (14وَوَجَدَ فِي الْهَيْكَلِ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ بَقَراً وَغَنَماً وَحَمَاماً وَالصَّيَارِفَ جُلُوساً. 15فَصَنَعَ سَوْطاً مِنْ حِبَالٍ وَطَرَدَ الْجَمِيعَ مِنَ الْهَيْكَلِ اَلْغَنَمَ وَالْبَقَرَ وَكَبَّ دَرَاهِمَ الصَّيَارِفِ وَقَلَّبَ مَوَائِدَهُمْ. 16وَقَالَ لِبَاعَةِ الْحَمَامِ: «ارْفَعُوا هَذِهِ مِنْ هَهُنَا. لاَ تَجْعَلُوا بَيْتَ أَبِي بَيْتَ تِجَارَةٍ». 17فَتَذَكَّرَ تلاَمِيذُهُ أَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «غَيْرَةُ بَيْتِكَ أَكَلَتْنِي».) يوحنا 2: 14-17.
            وسبَّ اليهود، وسفههم، وحقرهم قائلا: (13«لَكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ! ... لأَنَّكُمْ تَأْكُلُونَ بُيُوتَ الأَرَامِلِ ولِعِلَّةٍ تُطِيلُونَ صَلَوَاتِكُمْ. لِذَلِكَ تَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ ... لأَنَّكُمْ تَطُوفُونَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ لِتَكْسَبُوا دَخِيلاً وَاحِداً وَمَتَى حَصَلَ تَصْنَعُونَهُ ابْناً لِجَهَنَّمَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ مُضَاعَفاً! 16وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ ... 17أَيُّهَا الْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ ... 24أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ ... لأَنَّكُمْ تُنَقُّونَ خَارِجَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ وَهُمَا مِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوآنِ اخْتِطَافاً وَدَعَارَةً! 26أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّ الأَعْمَى ... لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُوراً مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً وَهِيَ مِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ. 28هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً: مِنْ خَارِجٍ تَظْهَرُونَ لِلنَّاسِ أَبْرَاراً وَلَكِنَّكُمْ مِنْ دَاخِلٍ مَشْحُونُونَ رِيَاءً وَإِثْماً! ... 31فَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنَّكُمْ أَبْنَاءُ قَتَلَةِ الأَنْبِيَاءِ. 32فَامْلَأُوا أَنْتُمْ مِكْيَالَ آبَائِكُمْ. 33أَيُّهَا الْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ؟) متى 23: 13-33.
            ولا أعترض أنهم يستحقون أكثر من ذلك، فهم قتلة الأنبياء، ويعيثون فى الأرض فسادًا. لكن اعتراضى أين مظاهر التسامح، التى يقتدى بها المؤمن بهذا الكتاب غير أحبوا أعداءكم، والتى لم يطبقها يسوع نفسه، ولم تطبقها طائفة مسيحية ولا مذهب مع مخالفيهم فى العقيدة طوال التاريخ؟


            رحمته بالحيوان:

            وعن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: (لَا تَسُبُّوا الدِّيكَ فَإِنَّهُ يُوقِظُ لِلصَّلَاةِ) وفى رواية (لَا تَسُبُّوا الدِّيكَ فَإِنَّهُ يَدْعُو إِلَى الصَّلَاةِ) رواه الإمام أحمد
            .
            عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ رضي الله عنه قَالَ: (أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَلْفَهُ ذَاتَ يَوْمٍ فَأَسَرَّ إِلَيَّ حَدِيثًا لَا أُحَدِّثُ بِهِ أَحَدًا مِنْ النَّاسِ وَكَانَ أَحَبُّ مَا اسْتَتَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِحَاجَتِهِ هَدَفًا أَوْ حَائِشَ نَخْلٍ قَالَ فَدَخَلَ حَائِطًا لِرَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَإِذَا جَمَلٌ فَلَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَنَّ وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَمَسَحَ ذِفْرَاهُ فَسَكَتَ فَقَالَ مَنْ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ لِمَنْ هَذَا الْجَمَلُ فَجَاءَ فَتًى مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ أَفَلَا تَتَّقِي اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللَّهُ إِيَّاهَا فَإِنَّهُ شَكَا إِلَيَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ). رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني.
            وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَجُلٍ وَاضِعٍ رِجْلَهُ عَلَى صَفْحَةِ شَاةٍ وَهُوَ يَحُدُّ شَفْرَتَهُ وَهِىَ تَلْحَظُ إِلَيْهِ بِبَصَرِهَا فَقَالَ: «أَفَلاَ قَبْلَ هَذَا أَتُرِيدُ أَنْ تُمِيتَهَا مَوْتًا» وفي زيادة «أَتُرِيدُ أَنْ تُمِيتَهَا مَوْتَاتٍ» وفى رواية للحاكم (أتريد أن تميتها موتات؟ هلا أحددت شفرتك قبل أن تضجعها). رواه البيهقي والطبراني
            .
            عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى سَفَرٍ فَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ فَرَأَيْنَا حُمَّرَةً [طائر صغير] مَعَهَا فَرْخَانِ فَأَخَذْنَا فَرْخَيْهَا فَجَاءَتِ الْحُمَّرَةُ فَجَعَلَتْ تَفْرُشُ [ترفرف بجناحيها] فَجَاءَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ «مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِوَلَدِهَا رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا»). رواه أبو داود وصححه الألباني.
            عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى لأَذْبَحُ الشَّاةَ وَأَنَا أَرْحَمُهَا أَوْ قَالَ إِنِّى لأَرْحَمُ الشَّاةَ أَنْ أَذْبَحَهَا. فَقَالَ «وَالشَّاةُ إِنْ رَحِمْتَهَا رَحِمَكَ اللَّهُ»). رواه أحمد فى مسنده.
            عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنْ الْعَطَشِ فَقَالَ الرَّجُلُ لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنْ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَ بِي فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلَأَ خُفَّهُ ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ فَسَقَى الْكَلْبَ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا فَقَالَ نَعَمْ فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ). متفق عليه.
            عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (دخلت امرأة النار في هرة ربطتها، فلا هي أطعمتها، ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت هزلا). رواه البخاري (3295) ومسلم (2242).
            عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه:عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِيَّاكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا ظُهُورَ دَوَابِّكُمْ مَنَابِرَ فَإِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُبَلِّغَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ وَجَعَلَ لَكُمْ الْأَرْضَ فَعَلَيْهَا فَاقْضُوا حَاجَتَكُمْ). رواه أبو داود وصححه الألباني.



            وَوالله ما عقيدَةُ الإسْلامِ بأهونَ مِنْ عقيدَةِ اليهودِ التي يَنتصرونَ بها، وَلا عقيدَةِ النَّصارى التي يَنتصرون بها، وَلا عقيدَةِ الرافِضةِ التي يَنتصرونَ بها، وَالله لو كانوا صادقينَ لانتصروا بالإسْلامِ، قالَ اللهُ {وإنَّ جُندَنا لهُم الغالبون}، فلمَّا انهزموا وَانكسروا وَاندحروا عَلِمنا أنَّ الإسلامَ مِنْهم برئٌ حقُّ برئٍ.

            رحِمَ
            اللهُ مُقاتِلة الإسْلامِ خالدَ وَالزبيرَ وَسعدَ وَعِكرمَة وَالقعقاعَ وَمُصعبَ وخبابَ وَخُبيبَ وَعلي وَعُمرَ وَعمرو وَابنَ عفَّانَ وأبا بكرَ وإخوانَهم وَالتابعينَ مِنْ بعدِهِم، رأينا رِجالا كسرَ اللهُ بهِمْ شوكَةَ كلِّ ذي شوكَةٍ، وَاليومَ نرى جيَفًا أظهرَ اللهُ عليها كلَّ دودَةٍ وَأرَضةٍ.

            تعليق


            • #36



              وقال صلى الله عليه وسلم: (ارْكَبُوا هَذِهِ الدَّوَابَّ سَالِمَةً، وَابْتَدِعُوهَا سَالِمَةً، وَلَا تَتَّخِذُوهَا كَرَاسِيَّ) رواه أحمد (3/439) والدارمي (2668) وانظر السلسلة الصحيحة (21).
              وقال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ). رواه مسلم.
              وقال صلى الله عليه وسلم: (من رحم ذبيحة رحمه الله يوم القيامة)، وفي رواية (من رحم ولو ذبيحة عصفور رحمه الله يوم القيامة) مجمع الزوائد.
              عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من إنسان يقتل عصفورًا فما فوقها بغير حقها، إلا يسأله الله عنها يوم القيامة. قيل: يا رسول الله، وما حقها؟ قال: حقها أن تذبحها فتأكلها، ولا تقطع رأسها فترمي به). رواه النسائي (4445) وانظر صحيح الترغيب والترهيب(2266).
              وقال صلى الله عليه وسلم: (من قتل وزغا [البرص] في أول ضربة كتبت له مائة حسنة. وفي الثانية دون ذلك.) رواه مسلم.
              وقال صلى الله عليه وسلم (لا تتخذوا شيئًا فيه روحٌ غرضًا). أى لسهامهم. مسلم 5032.
              كما دافع برحمته صلى الله عليه وسلم عن حق الحيوان فى التمتع الجنسى بأنثاه، وأن ينجب منها ذرية: عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ إِخْصَاءِ الْخَيْلِ وَالْبَهَائِمِ). رواه أحمد.
              وحرم صلى الله عليه وسلم كى الحيوان أو ضربه: فقد مرَّ على النبي صلى الله عليه وسلم حمارٌ قد وُسِم في وجهه، فقال صلى الله عليه وسلم (لعن الله الذي وسمه). مسلم 5518.
              كما نهى عن لعن الحيوان؛ لأنه قد يتأذى من الدعاء عليه. ونفهم ذلك من قوله لرجل لعن دابته: (لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم) مسلم 7437.
              كما نهى عن التحريش بين الحيوانات، وهو دفع حيوانين للتصارع بينهما: عن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التَّحرِيش بين البهائم) سنن أبي داود 2199 وضعفه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود (4/208).
              وكانت رحمته بالنبات أيضًا: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُبْشِىٍّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (مَنْ قَطَعَ سِدْرَةً [أَيْ شَجَرَة نَبْقٍ فِى فَلاَةٍ يَسْتَظِلُّ بِهَا ابْنُ السَّبِيلِ وَالْبَهَائِمُ عَبَثًا وَظُلْمًا بِغَيْرِ حَقٍّ] صَوَّبَ اللَّهُ رَأْسَهُ فِى النَّارِ). رواه أبو داود.
              عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَا مِن مُسلم يَغرِسُ غَرْسًا أو يَزرَعُ زَرْعًا فيأكُلُ مِنه طَيرٌ أو إنسَانٌ أو بهيْمَةٌ إلا كان لهُ بهِ صَدقَةٌٌ). رواه البخاري ومسلم.
              ناهيك عن إنه نهى عن قتل الحيوانات أو قطع الأشجار فى القتال، إلا إذا اتخذت حصونًا: (لا تخونوا ولا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلاً ولا شيخاً كبيرًا ولا امرأة، ولا تعزقوا نخلاً ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرًا إلا للأكل. وإذا مررتم بقوم فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له).
              قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَيْهِ مَا لا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ). ابن ماجه.


              فماذا كان رد فعل الكتاب المقدس جدًا جدًا مع الحيوانات؟

              (21فَقَامَ بَلعَامُ صَبَاحاً وَشَدَّ عَلى أَتَانِهِ وَانْطَلقَ مَعَ رُؤَسَاءِ مُوآبَ. 22فَحَمِيَ غَضَبُ اللهِ لأَنَّهُ مُنْطَلِقٌ وَوَقَفَ مَلاكُ الرَّبِّ فِي الطَّرِيقِ لِيُقَاوِمَهُ وَهُوَ رَاكِبٌ عَلى أَتَانِهِ وَغُلامَاهُ مَعَهُ. 23فَأَبْصَرَتِ الأَتَانُ مَلاكَ الرَّبِّ وَاقِفاً فِي الطَّرِيقِ وَسَيْفُهُ مَسْلُولٌ فِي يَدِهِ فَمَالتِ الأَتَانُ عَنِ الطَّرِيقِ وَمَشَتْ فِي الحَقْلِ. فَضَرَبَ بَلعَامُ الأَتَانَ لِيَرُدَّهَا إِلى الطَّرِيقِ. 24ثُمَّ وَقَفَ مَلاكُ الرَّبِّ فِي خَنْدَقٍ لِلكُرُومِ لهُ حَائِطٌ مِنْ هُنَا وَحَائِطٌ مِنْ هُنَاكَ. 25فَلمَّا أَبْصَرَتِ الأَتَانُ مَلاكَ الرَّبِّ زَحَمَتِ الحَائِطَ وَضَغَطَتْ رِجْل بَلعَامَ بِالحَائِطِ فَضَرَبَهَا أَيْضاً. 26ثُمَّ اجْتَازَ مَلاكُ الرَّبِّ أَيْضاً وَوَقَفَ فِي مَكَانٍ ضَيِّقٍ حَيْثُ ليْسَ سَبِيلٌ لِلنُّكُوبِ يَمِيناً أَوْ شِمَالاً. 27فَلمَّا أَبْصَرَتِ الأَتَانُ مَلاكَ الرَّبِّ رَبَضَتْ تَحْتَ بَلعَامَ. فَحَمِيَ غَضَبُ بَلعَامَ وَضَرَبَ الأَتَانَ بِالقَضِيبِ. 28فَفَتَحَ الرَّبُّ فَمَ الأَتَانِ فَقَالتْ لِبَلعَامَ: «مَاذَا صَنَعْتُ بِكَ حَتَّى ضَرَبْتَنِي الآنَ ثَلاثَ دَفَعَاتٍ؟» 29فَقَال بَلعَامُ لِلأَتَانِ: «لأَنَّكِ ازْدَرَيْتِ بِي. لوْ كَانَ فِي يَدِي سَيْفٌ لكُنْتُ الآنَ قَدْ قَتَلتُكِ»)العدد 22: 21-29.
              فأين عقوبة الرب لبلعام على اعتدائه على الحيوان؟ وأين نهيه عن فعل ذلك؟ ومن الغريب أن يتسبب يسوع/يهوه فى قتل ألفين من الخنازير؛ بسبب سماحه لجمع من الشياطين بالدخول فيهم: (11وَكَانَ هُنَاكَ عِنْدَ الْجِبَالِ قَطِيعٌ كَبِيرٌ مِنَ الْخَنَازِيرِ يَرْعَى 12فَطَلَبَ إِلَيْهِ كُلُّ الشَّيَاطِينِ قَائِلِينَ: «أَرْسِلْنَا إِلَى الْخَنَازِيرِ لِنَدْخُلَ فِيهَا». 13فَأَذِنَ لَهُمْ يَسُوعُ لِلْوَقْتِ. فَخَرَجَتِ الأَرْوَاحُ النَّجِسَةُ وَدَخَلَتْ فِي الْخَنَازِيرِ فَانْدَفَعَ الْقَطِيعُ مِنْ عَلَى الْجُرْفِ إِلَى الْبَحْرِ - وَكَانَ نَحْوَ أَلْفَيْنِ فَاخْتَنَقَ فِي الْبَحْرِ.) مرقس 5: 11-13.
              والأغرب أنه يعرف موعد إثمار شجرة التين، فيذهب إليها فى وقت لا ثمار فيه، ويلعنها لتيبس فى الحال: (32فَمِنْ شَجَرَةِ التِّينِ تَعَلَّمُوا الْمَثَلَ: مَتَى صَارَ غُصْنُهَا رَخْصاً وَأَخْرَجَتْ أَوْرَاقَهَا تَعْلَمُونَ أَنَّ الصَّيْفَ قَرِيبٌ.) متى 24: 32.
              (18وَفِي الصُّبْحِ إِذْ كَانَ رَاجِعاً إِلَى الْمَدِينَةِ جَاعَ 19فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ عَلَى الطَّرِيقِ وَجَاءَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَجِدْ فِيهَا شَيْئاً إِلاَّ وَرَقاً فَقَطْ. فَقَالَ لَهَا: «لاَ يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ». فَيَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ.) متى 21: 18-19.
              بل أمر الرب بكسر عنق دابة تكفيرًا عن قاتل مجهول: (1«إِذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي الأَرْضِ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ لِتَمْتَلِكَهَا وَاقِعاً فِي الحَقْلِ لا يُعْلمُ مَنْ قَتَلهُ 2يَخْرُجُ شُيُوخُكَ وَقُضَاتُكَ وَيَقِيسُونَ إِلى المُدُنِ التِي حَوْل القَتِيلِ. 3فَالمَدِينَةُ القُرْبَى مِنَ القَتِيلِ يَأْخُذُ شُيُوخُ تِلكَ المَدِينَةِ عِجْلةً مِنَ البَقَرِ لمْ يُحْرَثْ عَليْهَا لمْ تَجُرَّ بِالنِّيرِ. 4وَيَنْحَدِرُ شُيُوخُ تِلكَ المَدِينَةِ بِالعِجْلةِ إِلى وَادٍ دَائِمِ السَّيَلانِ لمْ يُحْرَثْ فِيهِ وَلمْ يُزْرَعْ وَيَكْسِرُونَ عُنُقَ العِجْلةِ فِي الوَادِي. ... 7وَيَقُولُونَ: أَيْدِينَا لمْ تَسْفِكْ هَذَا الدَّمَ وَأَعْيُنُنَا لمْ تُبْصِرْ. 8اِغْفِرْ لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيل الذِي فَدَيْتَ يَا رَبُّ وَلا تَجْعَل دَمَ بَرِيءٍ فِي وَسَطِ شَعْبِكَ إِسْرَائِيل. فَيُغْفَرُ لهُمُ الدَّمُ. 9فَتَنْزِعُ الدَّمَ البَرِيءَ مِنْ وَسَطِكَ إِذَا عَمِلتَ الصَّالِحَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ.) تثنية 21: 1-9.
              فلك أن تتخيل أن يأمر الرب بكسر عنق دابة على قيد الحياة ليغفر للذين لم يقتلوه؟ ألم يكن من الأسهل أن يخبرهم عن طريق أحد أنبيائه حرصًا على رحمة الناس بالحيوان، ورحمة منه على مخلوقاته؟ أم لم يكن يعرف الرب بعد شيئًا عن حقوق الحيوانات، والرفق بهم؟
              وهل نسى الرب أقواله التى تقضى بأنه لا يحمل أحد وزر آخر؟ («لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ.) التثنية 24 : 16.
              (19[وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: لِمَاذَا لاَ يَحْملُ الاِبْنُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ؟ أَمَّا الاِبْنُ فَقَدْ فَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً. حَفِظَ جَمِيعَ فَرَائِضِي وَعَمِلَ بِهَا فَحَيَاةً يَحْيَا. 20اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ.) حزقيال 18: 19-20.
              (4وَأَمَّا بَنُوهُمْ فَلَمْ يَقْتُلْهُمْ بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الشَّرِيعَةِ فِي سِفْرِ مُوسَى حَيْثُ أَمَرَ الرَّبُّ: [لاَ تَمُوتُ الآبَاءُ لأَجْلِ الْبَنِينَ وَلاَ الْبَنُونَ يَمُوتُونَ لأَجْلِ الآبَاءِ بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ لأَجْلِ خَطِيَّتِهِ].) أخبار الأيام الثانى 25: 4.
              (29فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لاَ يَقُولُونَ بَعْدُ:[الآبَاءُ أَكَلُوا حِصْرِماً وَأَسْنَانُ الأَبْنَاءِ ضَرِسَتْ]. 30بَلْ: [كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ بِذَنْبِهِ]. كُلُّ إِنْسَانٍ يَأْكُلُ الْحِصْرِمَ تَضْرَسُ أَسْنَانُهُ.) إرمياء 31: 29-30.
              (15«إِنْ كُنْتَ أَنْتَ زَانِياً يَا إِسْرَائِيلُ فَلاَ يَأْثَمُ يَهُوذَا. ...) هوشع 4: 15.
              (19عَظِيمٌ فِي الْمَشُورَةِ وَقَادِرٌ فِي الْعَمَلِ الَّذِي عَيْنَاكَ مَفْتُوحَتَانِ عَلَى كُلِّ طُرُقِ بَنِي آدَمَ لِتُعْطِيَ كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ طُرُقِهِ وَحَسَبَ ثَمَرِ أَعْمَالِهِ.) إرمياء 32: 19.
              (12وَلَكَ يَا رَبُّ الرَّحْمَةُ لأَنَّكَ أَنْتَ تُجَازِي الإِنْسَانَ كَعَمَلِهِ) مزمور 62: 12.
              (27فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يَأْتِي فِي مَجْدِ أَبِيهِ مَعَ مَلاَئِكَتِهِ وَحِينَئِذٍ يُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ عَمَلِهِ.) متى 16: 27.
              (4وَلَكِنْ لِيَمْتَحِنْ كُلُّ وَاحِدٍ عَمَلَهُ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ الْفَخْرُ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ فَقَطْ، لاَ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ. 5لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ سَيَحْمِلُ حِمْلَ نَفْسِهِ.) غلاطية 6: 4-5.
              لكن لماذا يرحم الحيوانات أو يرفق بهم، وقد كان قتل الحيوانات، وإبادتها ضمن أهداف الرب الاستراتيجية فى حروب شعبه المختار؟ وله الويل والثبور من يعفُ عن حيوان منهم، حتى لو كان جيدًا، صالحًا للأكل والعمل، وهذا سبب غضب الرب على نبيه شاول: (3فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً، طِفْلاً وَرَضِيعاً، بَقَراً وَغَنَماً، جَمَلاً وَحِمَاراً» ... 8وَأَمْسَكَ أَجَاجَ مَلِكَ عَمَالِيقَ حَيّاً، وَحَرَّمَ جَمِيعَ الشَّعْبِ بِحَدِّ السَّيْفِ. 9وَعَفَا شَاوُلُ وَالشَّعْبُ عَنْ أَجَاجَ وَعَنْ خِيَارِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالْحُمْلاَنِ وَالْخِرَافِ وَعَنْ كُلِّ الْجَيِّدِ، وَلَمْ يَرْضُوا أَنْ يُحَرِّمُوهَا. وَكُلُّ الأَمْلاَكِ الْمُحْتَقَرَةِ وَالْمَهْزُولَةِ حَرَّمُوهَا. 10وَكَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى صَمُوئِيلَ: 11«نَدِمْتُ عَلَى أَنِّي قَدْ جَعَلْتُ شَاوُلَ مَلِكاً، لأَنَّهُ رَجَعَ مِنْ وَرَائِي وَلَمْ يُقِمْ كَلاَمِي») صموئيل الأول 15: 3-11.
              فهل تتخيل أن يندم الرب على تعيين شاول نبيًا، ويقوم بعزله، لأنه رحم بعض الحيوانات، ولم يبيدها كما أراد إله المحبة يسوع/يهوه؟
              (4وَذَهَبَ شَمْشُونُ وَأَمْسَكَ ثَلاَثَ مِئَةِ ابْنِ آوَى، وَأَخَذَ مَشَاعِلَ وَجَعَلَ ذَنَباً إِلَى ذَنَبٍ، وَوَضَعَ مَشْعَلاً بَيْنَ كُلِّ ذَنَبَيْنِ فِي الْوَسَطِ، 5ثُمَّ أَضْرَمَ الْمَشَاعِلَ نَاراً وَأَطْلَقَهَا بَيْنَ زُرُوعِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ، فَأَحْرَقَ الأَكْدَاسَ وَالّزَرْعَ وَكُرُومَ الّزَيْتُونِ)قضاة 15: 4-5.
              هذا هو شمشون الذى حلت عليه روح الرب: (24فَوَلَدَتِ الْمَرْأَةُ ابْناً وَدَعَتِ اسْمَهُ شَمْشُونَ. فَكَبِرَ الصَّبِيُّ وَبَارَكَهُ الرَّبُّ. 25وَابْتَدَأَ رُوحُ الرَّبِّ يُحَرِّكُهُ فِي مَحَلَّةِ دَانٍَ بَيْنَ صُرْعَةَ وَأَشْتَأُولَ.) قضاة 13: 24-25.
              فهل أمرته روح الرب بتعذيب الـ 300 ابن آوى، وإشعال النار فيهم أحياءً؟ بصراحة: يؤسفنى ما سببته لك من ألم نفسى، ومن تضارب فى داخلك من كل ما قرأته، وكنت تعتبره نصوصًا مقدسة! لكننى لا أستطيع أن أسكت عن الحق، وإلا لكنت شيطانًا أخرسًا. وأبيع الدنيا كلها من أجل أن لا أخسر نفسى: (26لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟) متى 16: 26.
              أما كيف وافقته الحيوانات المفترسة هذه على أن يربط ذيولها؟ فهذا ليس من شأنكم. بل هو ما قاله الكتاب المقدس جدًا، وعليكم أن تصدقوه. وكيف تمكن حيوان منهم سحب باقى الثلاثمائة فى اتجاه محدد وجرها؟ فهذا أيضًا ليس من شأنكم!! وكيف اتفقت الثلاثمائة حيوان وهم تحت تأثير النار والحرق والألم على أن يتجهوا فى اتجاه محدد حتى يحرقوا كل مزارع الفلسطينيين؟ فهذا لم يدخل فى حسبان الكاتب الملهم. وكيف ذهب كل حيوان فى اتجاه مختلف عن الآخرين وفك ذيله من الآخرين؟ فهذا خيال غريب، يُخالف خيال الرب، فلا داعى من الخوض فيه. المهم هو إبادة الفلسطينيين ومزارعهم وحيواناتهم، حتى لو كانوا من ملائكة الرب. والمهم أن تستمر العداوة استمرارًا أبديًا، حتى يتمكن بنو إسرائيل من فلسطين وشعبها، ثم الدولة والشعب الذى يليها، ثم الذى يليها.
              وطبعًا كانت أكبر مذبحة قام بها الرب للحيوانات والطيور والحشرات فى التاريخ هى الفيضان، الذى قام به الرب فى زمن نوح انتقامًا من قوم نوح الذين لم يؤمنوا به، دون أن يفكر الرب: ما ذنب باقى البشر، الذين لم يأتهم نبى، ولم يعرفوا شيئًا عن دعوة نوح؟ وما ذنب الحيوانات والطيور والحشرات، التى ماتت؟ وما الخير الذى فعلته الحيوانات التى أنقذها نوح، حتى تعيش هى دون غيرها؟ وكم من الفراخ والعائلات بين الحيوانات والطيور قد فرق الرب بينهم فى هذا الفيضان؟ لكن نحمد لهذا الإله الدموى أنه ندم على هذا الفيضان، خاصة بعد أن شمَّ رائحة الشواء، الذى يقوم به الإنسان مقربة للرب!! (20وَبَنَى نُوحٌ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ. وَأَخَذَ مِنْ كُلِّ الْبَهَائِمِ الطَّاهِرَةِ وَمِنْ كُلِّ الطُّيُورِ الطَّاهِرَةِ وَأَصْعَدَ مُحْرَقَاتٍ عَلَى الْمَذْبَحِ 21فَتَنَسَّمَ الرَّبُّ رَائِحَةَ الرِّضَا. وَقَالَ الرَّبُّ فِي قَلْبِهِ: «لاَ أَعُودُ أَلْعَنُ الأَرْضَ أَيْضاً مِنْ أَجْلِ الإِنْسَانِ لأَنَّ تَصَوُّرَ قَلْبِ الإِنْسَانِ شِرِّيرٌ مُنْذُ حَدَاثَتِهِ. وَلاَ أَعُودُ أَيْضاً أُمِيتُ كُلَّ حَيٍّ كَمَا فَعَلْتُ.) تكوين 8: 20-21.


              حلمه مع الكفار:

              عَنْ عُرْوَةَ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: (أَخْبِرْنِي بِأَشَدِّ شَيْءٍ صَنَعَهُ الْمُشْرِكُونَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ بَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي حِجْرِ الْكَعْبَةِ إِذْ أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ فَوَضَعَ ثَوْبَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ خَنْقًا شَدِيدًا فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى أَخَذَ بِمَنْكِبِهِ وَدَفَعَهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ}. رواه البخاري.
              عَنْ عُرْوَةَ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ رضى الله عنها زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَتْهُ: (أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟ قَالَ: لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِي فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمْ الْأَخْشَبَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا). متفق عليه.
              عَنْ سَهْل بْن سَعْد رضي الله عنه: (أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ).
              قَالَ اِبْن حِبَّانَ فى مَعْنَى هَذَا الدُّعَاء الَّذِي قَالَه يَوْم أُحُد لَمَّا شُجَّ وَجْهه [وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ وَجُرِحَتْ وَجْنَتُهُ وَشَفَتُهُ السُّفْلَى مِنْ بَاطِنهَا وَوَهَى مَنْكِبه مِنْ ضَرْبَةِ اِبْنِ قَمِيئَةَ وَجُحِشَتْ رُكْبَتُهُ]، أَيْ اِغْفِرْ لَهُمْ ذَنْبهمْ فِي شَجّ وَجْهِي، و... لَا أَنَّهُ أَرَادَ الدُّعَاء لَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ مُطْلَقًا، إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَأُجِيبَ وَلَوْ أُجِيبَ لَأَسْلَمُوا كُلّهمْ فِي ذَلِك الوقتِ لا محالة. (صحيح ابن حبان 3/254).
              أما بشأن أهل مكة الذين عذبوه واضطروه للهجرة وترك مكة، وحاربوه، وقتلوا من قتلوا، وعذبوا من عذبوا، وسرقوا أموال وديار من سرقوا، وتآمروا عليه وعلى المسلمين مع اليهود، واستعدوهم عليه، فقد يسَّر الله للرسول والمسلمين فتح مكة، وحينما كانوا تحت يديه، سألهم: («مَا تَرَوْنَ أَنِّى صَانِعٌ بِكُمْ؟». قَالُوا: خَيْرًا أَخٌ كَرِيمٌ وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ. قَالَ: «اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ»). ضعف سنده الألباني.
              ولا يجب أن تنسى أيها الكاتب أن فتح مكة كان فى السنة الثامنة من الهجرة. أى بعد ثمان سنين قضاها فى المدينة، وهى الفترة التى تتهمه صلى الله عليه وسلم فيها ظلمًا أنه تحوَّل من الرحمة إلى النقيض.


              فكيف كانت دعوة رب الكتاب الذى تقدسه للكفار؟ كيف كان الرب يعرف بنفسه؟ وما هى أوامره الرحيمة جدًا جدًا للمخالف لدينه؟
              ذكرنا نصوص الإبادة الجماعية وعدم الرحمة بغير المحاربين، وقتلهم عن بكرة أبيهم مع أطفالهم ونسائهم وحيواناتهم، ثم إضرام النار فيما تبقى من البلد، حتى تصبح خرابًا أبديًا، ليعلموا أنه الرب الإله الرحيم الذى يجب أن يُعبد فى الأرض من دون الآلهة الأخرى:
              (... لاَ تُشْفِقْ أَعْيُنُكُمْ وَلاَ تَعْفُوا.6اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ. اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ.) حزقيال 9: 5-6.
              و(15كُلُّ مَنْ وُجِدَ يُطْعَنُ، وَكُلُّ مَنِ انْحَاشَ يَسْقُطُ بِالسَّيْفِ. 16وَتُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ أَمَامَ عُيُونِهِمْ، وَتُنْهَبُ بُيُوتُهُمْ وَتُفْضَحُ نِسَاؤُهُمْ) إشعياء 13: 15-16.
              بل إن ضرب رؤوس الأطفال فى الصخر من القربات التى يتقرب بها العبد المؤمن السليم نفسيًا إلى يهوه/يسوع: (9طُوبَى لِمَنْ يُمْسِكُ أَطْفَالَكِ وَيَضْرِبُ بِهِمُ الصَّخْرَةَ!) مزامير 137: 9.
              أما بتحطيم الأطفال وبشق بطون الحوامل، أى قتل الحوامل والأجنة فى بطون أمهاتهم، فهى من أوامر يهوه، الإله الرحيم، إله المحبة والسلام: (16تُجَازَى السَّامِرَةُ لأَنَّهَا قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَى إِلَهِهَا. بِـالسَّيْفِ يَسْقُطُونَ. تُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ وَالْحَوَامِلُ تُشَقُّ) هوشع 13: 16.
              (15فَضَرْباً تَضْرِبُ سُكَّانَ تِلكَ المَدِينَةِ بِحَدِّ السَّيْفِ وَتُحَرِّمُهَا بِكُلِّ مَا فِيهَا مَعَ بَهَائِمِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 16تَجْمَعُ كُل أَمْتِعَتِهَا إِلى وَسَطِ سَاحَتِهَا وَتُحْرِقُ بِالنَّارِ المَدِينَةَ وَكُل أَمْتِعَتِهَا كَامِلةً لِلرَّبِّ إِلهِكَ فَتَكُونُ تَلاًّ إِلى الأَبَدِ لا تُبْنَى بَعْدُ)تثنية 13: 15- 16.
              أما عن الاستعباد للمحاربين وإبادة شعوب بأكملها من على وجه الأرض، فهو من الرحمات اليهوية، التى أوحيت إلى كاتب غير مريض نفسيًا، غير حاقد عليها، وكل ما يتمناه هو أن يبيد هذه الشعوب، ويمتلك نساءهم وأطفالهم، وماشيتهم وأرضهم، باسم الرب طبعًا: (10«حِينَ تَقْرُبُ مِنْ مَدِينَةٍ لِتُحَارِبَهَا اسْتَدْعِهَا لِلصُّلحِ 11فَإِنْ أَجَابَتْكَ إِلى الصُّلحِ وَفَتَحَتْ لكَ فَكُلُّ الشَّعْبِ المَوْجُودِ فِيهَا يَكُونُ لكَ لِلتَّسْخِيرِ وَيُسْتَعْبَدُ لكَ. 12وَإِنْ لمْ تُسَالِمْكَ بَل عَمِلتْ مَعَكَ حَرْباً فَحَاصِرْهَا. 13وَإِذَا دَفَعَهَا الرَّبُّ إِلهُكَ إِلى يَدِكَ فَاضْرِبْ جَمِيعَ ذُكُورِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 14وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالأَطْفَالُ وَالبَهَائِمُ وَكُلُّ مَا فِي المَدِينَةِ كُلُّ غَنِيمَتِهَا فَتَغْتَنِمُهَا لِنَفْسِكَ وَتَأْكُلُ غَنِيمَةَ أَعْدَائِكَ التِي أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ. 15هَكَذَا تَفْعَلُ بِجَمِيعِ المُدُنِ البَعِيدَةِ مِنْكَ جِدّاً التِي ليْسَتْ مِنْ مُدُنِ هَؤُلاءِ الأُمَمِ هُنَا. 16وَأَمَّا مُدُنُ هَؤُلاءِ الشُّعُوبِ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيباً فَلا تَسْتَبْقِ مِنْهَا نَسَمَةً مَا17بَل تُحَرِّمُهَا تَحْرِيماً: الحِثِّيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالكَنْعَانِيِّينَ وَالفِرِزِّيِّينَ وَالحِوِّيِّينَ وَاليَبُوسِيِّينَ كَمَا أَمَرَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ 18لِكَيْ لا يُعَلِّمُوكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا حَسَبَ جَمِيعِ أَرْجَاسِهِمِ التِي عَمِلُوا لآِلِهَتِهِمْ فَتُخْطِئُوا إِلى الرَّبِّ إِلهِكُمْ)تثنية20: 10- 18.
              وسلب أموال غير اليهود بالربا، هو من القربات التى نصح يهوه أتباعه باتباعها: (19«لا تُقْرِضْ أَخَاكَ بِرِبًا رِبَا فِضَّةٍ أَوْ رِبَا طَعَامٍ أَوْ رِبَا شَيْءٍ مَا مِمَّا يُقْرَضُ بِرِبًا 20لِلأَجْنَبِيِّ تُقْرِضُ بِرِبًا وَلكِنْ لأَخِيكَ لا تُقْرِضْ بِرِبًا لِيُبَارِكَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فِي كُلِّ مَا تَمْتَدُّ إِليْهِ يَدُكَ فِي الأَرْضِ التِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِليْهَا لِتَمْتَلِكَهَا.) تثنية 23: 19-20.
              وأمل الجيفة وبيعها أعداء يهوه هو من وسائل تقديس الرب عند بنى إسرائيل: (21«لا تَأْكُلُوا جُثَّةً مَا. تُعْطِيهَا لِلغَرِيبِ الذِي فِي أَبْوَابِكَ فَيَأْكُلُهَا أَوْ يَبِيعُهَا لأَجْنَبِيٍّ لأَنَّكَ شَعْبٌ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ إِلهِكَ.) تثنية 14: 21.
              اقرأ كيف يعلن الرب عن نفسه؟ (25وَأَعْطَيْتُهُمْ أَيْضاً فَرَائِضَ غَيْرَ صَالِحَةٍ وَأَحْكَـاماً لاَ يَحْيُونَ بِهَا26وَنَجَّسْتُهُمْ بِعَطَايَاهُمْ إِذْ أَجَازُوا فِي النَّارِ كُلَّ فَاتِحِ رَحِمٍ لأُبِيدَهُمْ، حَتَّى يَعْلَمُوا أَنِّي أَنَا الرَّبُّ.) حزقيال 20: 25-26.
              (7فَلِذَلِكَ هَئَنَذَا أَمُدُّ يَدِي عَلَيْكَ وَأُسَلِّمُكَ غَنِيمَةً لِلأُمَمِ وَأَسْتَأْصِلُكَ مِنَ الشُّعُوبِ وَأُبِيدُكَ مِنَ الأَرَاضِي. أَخْرِبُكَ فَتَعْلَمُ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ].) حزقيال 25: 7.
              (16فَلِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا أَمُدُّ يَدِي عَلَى الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَأَسْتَأْصِلُ الْكَرِيتِيِّينَ وَأُهْلِكُ بَقِيَّةَ سَاحِلِ الْبَحْرِ. 17وَأُجْرِي عَلَيْهِمْ نَقْمَاتٍ عَظِيمَةً بِتَأْدِيبِ سَخَطٍ فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ، إِذْ أَجْعَلُ نَقْمَتِي عَلَيْهِمْ) حزقيال 25: 16-17.
              (... لأَنِّي أَنَا تَكَلَّمْتُ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. وَتَكُونُ غَنِيمَةً لِلأُمَمِ. 6وَبَنَاتُهَا اللَّوَاتِي فِي الْحَقْلِ تُقْتَلُ بِـالسَّيْفِ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ) حزقيال 26: 3-6.
              (23وَأُرْسِلُ عَلَيْهَا وَبَأً وَدَماً إِلَى أَزِقَّتِهَا وَيُسْقَطُ الْجَرْحَى فِي وَسَطِهَا بِـالسَّيْفِ الَّذِي عَلَيْهَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ.) حزقيال 28: 23.
              (8لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: [هَئَنَذَا أَجْلِبُ عَلَيْكَ سَيْفاً، وَأَسْتَأْصِلُ مِنْكَ الإِنْسَانَ وَالْحَيَوَانَ. 9وَتَكُونُ أَرْضُ مِصْرَ مُقْفِرَةً وَخَرِبَةً، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ لأَنَّهُ قَالَ: النَّهْرُ لِي وَأَنَا عَمِلْتُهُ. 10لِذَلِكَ هَئَنَذَا عَلَيْكَ وَعَلَى أَنْهَارِكَ، وَأَجْعَلُ أَرْضَ مِصْرَ خِرَباً خَرِبَةً مُقْفِرَةً مِنْ مَجْدَلَ إِلَى أَسْوَانَ إِلَى تُخُمِ كُوشَ. 11لاَ تَمُرُّ فِيهَا رِجْلُ إِنْسَانٍ، وَلاَ تَمُرُّ فِيهَا رِجْلُ بَهِيمَةٍ، وَلاَ تُسْكَنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً. 12وَأَجْعَلُ أَرْضَ مِصْرَ مُقْفِرَةً فِي وَسَطِ الأَرَاضِي الْمُقْفِرَةِ، وَمُدُنَهَا فِي وَسَطِ الْمُدُنِ الْخَرِبَةِ تَكُونُ مُقْفِرَةً أَرْبَعِينَ سَنَةً. وَأُشَتِّتُ الْمِصْرِيِّينَ بَيْنَ الأُمَمِ وَأُبَدِّدُهُمْ فِي الأَرَاضِي. 13لأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: عِنْدَ نَهَايَةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً أَجْمَعُ الْمِصْرِيِّينَ مِنَ الشُّعُوبِ الَّذِينَ تَشَتَّتُوا بَيْنَهُمْ 14وَأَرُدُّ سَبْيَ مِصْرَ, وَأُرْجِعُهُمْ إِلَى أَرْضِ فَتْرُوسَ إِلَى أَرْضِ مِيلاَدِهِمْ، وَيَكُونُونَ هُنَاكَ مَمْلَكَةً حَقِيرَةً. 15تَكُونُ أَحْقَرَ الْمَمَالِكِ فَلاَ تَرْتَفِعُ بَعْدُ عَلَى الأُمَمِ، وَأُقَلِّلُهُمْ لِكَيْلاَ يَتَسَلَّطُوا عَلَى الأُمَمِ. 16فَلاَ تَكُونُ بَعْدُ مُعْتَمَداً لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ، مُذَكِّرَةَ الإِثْمِ بِـانْصِرَافِهِمْ وَرَاءَهُمْ، وَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا السَّيِّدُ الرَّبُّ].) حزقيال 29: 8-16.
              (... وَكَثِيرُونَ مِنْ شُعُوبِ الأَرْضِ تَهَوَّدُوا لأَنَّ رُعْبَ الْيَهُودِ وَقَعَ عَلَيْهِمْ.) أستير 8: 17.
              وهكذا ينشر الرب دينه بين الكفار بالسيف والإبادة الجماعية، ونشر الأمراض والأوبئة، وإقفار الأرض، وقتلهم بالسيف، وجعلهم عبيد لبنى إسرائيل. فهل توجد بعد ذلك رحمة أو محبة لم يستعملها إله المحبة لنشر دينه والتعريف بنفسه؟
              هذا هو إله المحبة الذى يُدعى إليه الناس، والذى لا يرتد حمو غضبه إلا بالتمثيل بجثث القتلى! (4فَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى: «خُذْ جَمِيعَ رُؤُوسِ الشَّعْبِ وَعَلِّقْهُمْ لِلرَّبِّ مُقَابِل الشَّمْسِ فَيَرْتَدَّ حُمُوُّ غَضَبِ الرَّبِّ عَنْ إِسْرَائِيل».) العدد 25: 4.


              رحمته مع أهل الكتاب:

              عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: (كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَمَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعُودُهُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ أَسْلِمْ فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم فَأَسْلَمَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ) متفق عليه.
              عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى قَالَ: كَانَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ رضى الله عنهم قَاعِدَيْنِ بِالْقَادِسِيَّةِ فَمَرُّوا عَلَيْهِمَا بِجَنَازَةٍ فَقَامَا فَقِيلَ لَهُمَا إِنَّهَا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ أَيْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَقَالَا: (إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ فَقَامَ فَقِيلَ لَهُ إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ فَقَالَ أَلَيْسَتْ نَفْسًا) البخاري.
              عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: (أَنَّ يَهُودَ أَتَوْا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكُمْ فَقَالَتْ عَائِشَةُ عَلَيْكُمْ وَلَعَنَكُمْ اللَّهُ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ قَالَ مَهْلًا يَا عَائِشَةُ عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ وَإِيَّاكِ وَالْعُنْفَ وَالْفُحْشَ قَالَتْ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قَالَ أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْتُ رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ فَيُسْتَجَابُ لِي فِيهِمْ وَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيَّ) رواه البخاري ومسلم.
              وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه (أَنَّ اِمْرَأَةً مِنْ الْيَهُودِ أَهْدَتْ لِرَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم شَاةً مَسْمُومَةً فَأَكَلَ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: أَمْسِكُوا فَإِنَّهَا مَسْمُومَة، وَقَالَ لَهَا: مَا حَمَلَك عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَتْ. أَرَدْت إِنْ كُنْت نَبِيًّا فَيُطْلِعُك اللَّهُ، وَإِنْ كُنْت كَاذِبًا فَأُرِيحَ النَّاسَ مِنْك، قَالَ فَمَا عَرَضَ لَهَا).
              قَالَ الْبَيْهَقِيُّ. يُحْتَمَل أَنْ يَكُون تَرَكَهَا أَوَّلًا ثُمَّ لَمَّا مَاتَ بِشْر بْن الْبَرَاءِ مِنْ الْأَكْلَةِ قَتَلَهَا، وَبِذَلِكَ أَجَابَ السُّهَيْلِيُّ وَزَادَ: أَنَّهُ كَانَ تَرَكَهَا لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَنْتَقِم لِنَفْسِهِ، ثُمَّ قَتَلَهَا بِبَشَرٍ قِصَاصًا. فتح الباري لابن حجر (12/62).
              وعَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ: (سَحَرَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ مِنْ بَنِى زُرَيْقٍ يُقَالُ لَهُ لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ ، حَتَّى كَانَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّىْءَ وَمَا فَعَلَهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَهْوَ عِنْدِى لَكِنَّهُ دَعَا وَدَعَا ثُمَّ قَالَ «يَا عَائِشَةُ، أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِى فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ، أَتَانِى رَجُلاَنِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِى، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَىَّ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ مَا وَجَعُ الرَّجُلِ فَقَالَ مَطْبُوبٌ. قَالَ مَنْ طَبَّهُ قَالَ لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ. قَالَ فِى أَىِّ شَىْءٍ قَالَ فِى مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ، وَجُفِّ طَلْعِ نَخْلَةٍ ذَكَرٍ. قَالَ وَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِى بِئْرِ ذَرْوَانَ» . فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَجَاءَ فَقَالَ «يَا عَائِشَةُ كَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ، أَوْ كَأَنَّ رُءُوسَ نَخْلِهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ» . قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ أَسْتَخْرِجُهُ قَالَ «قَدْ عَافَانِى اللَّهُ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ فِيهِ شَرًّا». فَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ). متفق عليه.
              يقول فضيلة الشيخ سليمان بن ناصر العلوان: (ومن ثمَّ اتفق الصحابة – رضي الله عنهم – على قتل الساحرِ والساحرة لعظم شرّهم وكثرة خطرهم وبعدهم عن الإيمان وقُربهم من الشيطان، فعند أبي داود بسند صحيح من طريق سفيان عن عمرو بن دينار عن بجالة بن عبدة قال: جاءَنا كتاب عمر رضي الله عنه قبل موته بسنةٍ: "اقتلوا كل ساحر".
              يقول الدكتور عبد السلام السكري: (يرى المالكية والحنفية في المشهور عنهم وبعض قليل من الشافعية ورواية عن الحنابلة ومعهم بعض العلماء أن الساحر يقتل ولا يستتاب ولا تقبل توبته لأنه اعتقد ما علم تحريمه ضرورة وكفر بالله العظيم وعظم غير الله كالشياطين والكواكب ونحوها وجمع إلى ذلك السعي بالفساد في الأرض ، ولأن السحر معنى في قلبه لا يزول بالتوبة فهو كالزنديق وهو من يبطن الكفر ويظهر الإسلام).
              قال أبو بكر الجصاص: (قال الإمام أبو حنيفة: الساحر يقتل إذا علم أنه ساحر ولا يستتاب ولا يقبل قوله إني أترك السحر وأتوب منه، فإذا أقر أنه ساحر فقد حل دمه، وكذلك العبد المسلم، والحر الذمي من أقر منهم أنه ساحر فقد حل دمه) (تفسير آيات الأحكام – 1 / 85).
              وعلى الرغم من ذلك عفا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه، ولم يحاكمه أو يثأر لنفسه.
              عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه: عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا). رواه البخاري والنسائي.
              أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ سُلَيْمٍ أَخْبَرَهُ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَبْنَاءِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ آبَائِهِمْ دِنْيَةً: وعَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا أَوْ انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ). رواه أبو داود وصححه الألباني.
              عَنْ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ السُّلَمِيِّ _ قَالَ: (نَزَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ وَمَعَهُ مَنْ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ وَكَانَ صَاحِبُ خَيْبَرَ رَجُلًا مَارِدًا مُنْكَرًا فَأَقْبَلَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَلَكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا حُمُرَنَا وَتَأْكُلُوا ثَمَرَنَا وَتَضْرِبُوا نِسَاءَنَا فَغَضِبَ يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ يَا ابْنَ عَوْفٍ ارْكَبْ فَرَسَكَ ثُمَّ نَادِ أَلَا إِنَّ الْجَنَّةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِمُؤْمِنٍ وَأَنْ اجْتَمِعُوا لِلصَّلَاةِ قَالَ فَاجْتَمَعُوا ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَامَ فَقَالَ أَيَحْسَبُ أَحَدُكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ قَدْ يَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُحَرِّمْ شَيْئًا إِلَّا مَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ أَلَا وَإِنِّي وَاللَّهِ قَدْ وَعَظْتُ وَأَمَرْتُ وَنَهَيْتُ عَنْ أَشْيَاءَ إِنَّهَا لَمِثْلُ الْقُرْآنِ أَوْ أَكْثَرُ وَإِنَّ اللَّهَ عز وجل لَمْ يُحِلَّ لَكُمْ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتَ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا بِإِذْنٍ وَلَا ضَرْبَ نِسَائِهِمْ وَلَا أَكْلَ ثِمَارِهِمْ إِذَا أَعْطَوْكُمْ الَّذِي عَلَيْهِمْ) . رواه أبي داود وحسنه الألباني.
              عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ثُمَّ قَالَ اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تَمْثُلُوا وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ أَوْ خِلَالٍ فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ .....الحديث) رواه مسلم عن بُرَيْدَةَ والنُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ.
              قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه :(قَدِمَ طُفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو الدَّوْسِيُّ وَأَصْحَابُهُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ دَوْسًا عَصَتْ وَأَبَتْ فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهَا فَقِيلَ هَلَكَتْ دَوْسٌ قَالَ اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بِهِمْ). متفق عليه.


              رحمته وحلمه بالمنافقين:

              عَنْ جَابِر رضي الله عنه قَالَ: (غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ ثَابَ مَعَهُ نَاسٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ حَتَّى كَثُرُوا وَكَانَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلٌ لَعَّابٌ فَكَسَعَ أَنْصَارِيًّا فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ غَضَبًا شَدِيدًا حَتَّى تَدَاعَوْا وَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ يَا لَلْأَنْصَارِ وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ يَا لَلْمُهَاجِرِينَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مَا بَالُ دَعْوَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ قَالَ مَا شَأْنُهُمْ فَأُخْبِرَ بِكَسْعَةِ الْمُهَاجِرِيِّ الْأَنْصَارِيَّ قَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم دَعُوهَا فَإِنَّهَا خَبِيثَةٌ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ أَقَدْ تَدَاعَوْا عَلَيْنَا لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ فَقَالَ عُمَرُ أَلَا نَقْتُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْخَبِيثَ لِعَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّهُ كَانَ يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ) وفى رواية (قَالَ عُمَرُ دَعْنِي أَضْرِبُ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ فَقَالَ دَعْهُ لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ). متفق عليه.
              عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: (أَنَّهُ قَالَ لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ دُعِيَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَثَبْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُصَلِّي عَلَى ابْنِ أُبَيٍّ وَقَدْ قَالَ يَوْمَ كَذَا كَذَا وَكَذَا قَالَ أُعَدِّدُ عَلَيْهِ قَوْلَهُ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ أَخِّرْ عَنِّي يَا عُمَرُ فَلَمَّا أَكْثَرْتُ عَلَيْهِ قَالَ إِنِّي خُيِّرْتُ فَاخْتَرْتُ لَوْ أَعْلَمُ أَنِّي إِنْ زِدْتُ عَلَى السَّبْعِينَ يُغْفَرْ لَهُ لَزِدْتُ عَلَيْهَا قَالَ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ انْصَرَفَ فَلَمْ يَمْكُثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى نَزَلَتْ الْآيَتَانِ مِنْ بَرَاءَةَ: [إشارة إلى قوله تعالى {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ * وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ}) [التوبة 84-85].
              قَالَ فَعَجِبْتُ بَعْدُ مِنْ جُرْأَتِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ) متفق عليه.


              من أقوال المستشرقين المنصفين فى دراسة التاريخ عن محمد صلى الله عليه وسلم:

              وهو دراسة للدكتور نبيل لوقا بباوى تحت عنوان: "انتشار الإسلام بحد السيف بين الحقيقة والافتراء"، يرد فيه على الذين يتهمون الإسلام بأنه انتشر بحد السيف وأجبر الناس على الدخول فيه واعتناقه بالقوة.
              وناقشت الدراسة هذه التهمة الكاذبة بموضوعية علمية وتاريخية أوضحت خلالها أن الإسلام، بوصفه دينا سماويا، لم ينفرد وحده بوجود فئة من أتباعه لا تلتزم بأحكامه وشرائعه ومبادئه التي ترفض الإكراه على الدين، وتحرم الاعتداء على النفس البشرية. إن سلوك وأفعال وفتاوى هذه الفئة من الولاة والحكام والمسلمين غير الملتزمين لا تمت إلى تعاليم الإسلام بصلة.
              وقالت الدراسة: حدث في المسيحية أيضًا التناقض بين تعاليمها ومبادئها التي تدعو إلى المحبة والتسامح والسلام بين البشر وعدم الاعتداء على الغير وبين ما فعله بعض أتباعها في البعض الآخر من قتل وسفك دماء واضطهاد وتعذيب، مما ترفضه المسيحية ولا تقره مبادئها، مشيرة إلى الاضطهاد والتعذيب والتنكيل والمذابح التي وقعت على المسيحيين الأرثوذكس في مصر من الدولة الرومانية ومن المسيحيين الكاثوليك، لاسيما في عهد الإمبراطور دقلديانوس الذي تولى الحكم في عام 284م، فكان في عهده يتم تعذيب المسيحيين الأرثوذكس في مصر بإلقائهم في النار أحياء، أو كشط جلدهم بآلات خاصة، أو إغراقهم في زيت مغلي، أو إغراقهم في البحر أحياء، أو صلبهم ورؤوسهم منكسة إلى أسفل، ويتركون أحياء على الصليب حتى يهلكوا جوعا، ثم تترك جثثهم لتأكلها الغربان، أو كانوا يوثقون في فروع الأشجار، ويتم تقريب فروع الأشجار بآلات خاصة ثم تترك لتعود لوضعها الطبيعي فتتمزق الأعضاء الجسدية للمسيحيين إربا إربا.
              وقال بباوي إن أعداد المسيحيين الذين قتلوا بالتعذيب في عهد الإمبراطور دقلديانوس يقدر بأكثر من مليون مسيحي، إضافة إلى المغالاة في الضرائب التي كانت تفرض على كل شيء حتى على دفن الموتى، لذلك قررت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر اعتبار ذلك العهد عصر الشهداء في مصر، وأرخوا به التقويم القبطي تذكيرًا بالتطرف المسيحي.
              وأشار الباحث إلى الحروب الدموية التي حدثت بين الكاثوليك والبروتستانت في أوروبا، وما لاقاه البروتستانت من العذاب والقتل والتشريد والحبس في غياهب السجون إثر ظهور المذهب البروتستانتي على يد الراهب مارتن لوثر الذي ضاق ذرعا بمتاجرة الكهنة بصكوك الغفران.
              وهدفت الدراسة من وراء عرض هذا الصراع المسيحي إلى:
              أولاً:
              عقد مقارنة بين هذا الاضطهاد الديني الذي وقع على المسيحيين الأرثوذكس من قبل الدولة الرومانية ومن المسيحيين الكاثوليك وبين التسامح الديني الذي حققته الدولة الإسلامية في مصر، وحرية العقيدة الدينية التي أقرها الإسلام لغير المسلمين، وتركهم أحرارًا في ممارسة شعائرهم الدينية داخل كنائسهم، وتطبيق شرائع ملتهم في الأحوال الشخصية، مصداقًا لقوله تعالى في سورة البقرة: "لا إكراه في الدين"، وتحقيق العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات بين المسلمين وغير المسلمين في الدولة الإسلامية إعمالا للقاعدة الإسلامية "لهم ما لنا وعليهم ما علينا"، وهذا يثبت أن الإسلام لم ينتشر بالسيف والقوة لأنه تم تخيير غير المسلمين بين قبول الإسلام أو البقاء على دينهم مع دفع الجزية (ضريبة الدفاع عنهم وحمايتهم وتمتعهم بالخدمات)، فمن اختار البقاء على دينه فهو حر.. وقد كان في قدرة الدولة الإسلامية أن تجبر المسيحيين على الدخول في الإسلام بقوتها، أو أن تقضي عليهم بالقتل إذا لم يدخلوا في الإسلام قهرًا، ولكن الدولة الإسلامية لم تفعل ذلك تنفيذًا لتعاليم الإسلام ومبادئه، فأين دعوى انتشار الإسلام بالسيف؟
              ثانيًا:
              إثبات أن الجزية التي فرضت على غير المسلمين في الدولة الإسلامية بموجب عقود الأمان التي وقعت معهم، إنما هي ضريبة دفاع عنهم في مقابل حمايتهم والدفاع عنهم من أي اعتداء خارجي، لإعفائهم من الاشتراك في الجيش الإسلامي حتى لا يدخلوا حربًا يدافعون فيها عن دين لا يؤمنون به.. ومع ذلك فإذا اختار غير المسلم أن ينضم إلى الجيش الإسلامي برضاه فإنه يعفى من دفع الجزية
              وتقول الدراسة إن الجزية كانت تأتي أيضًا نظير التمتع بالخدمات العامة التي تقدمها الدولة للمواطنين مسلمين وغير مسلمين، والتي ينفق عليها من أموال الزكاة التي يدفعها المسلمون بصفتها ركنًا من أركان الإسلام، وهذه الجزية لا تمثل إلا قدرًا ضئيلا متواضعًا لو قورنت بالضرائب الباهظة التي كانت تفرضها الدولة الرومانية على المسيحيين في مصر، ولا يعفى منها أحد، في حين أن أكثر من 70% من الأقباط الأرثوذكس كانوا يعفون من دفع هذه الجزية؛ فقد كان يعفى من دفعها: القصر والنساء والشيوخ والعجزة وأصحاب الأمراض والرهبان.
              ثالثًا:
              إثبات أن تجاوز بعض الولاة المسلمين أو بعض الأفراد أو بعض الجماعات من المسلمين في معاملاتهم لغير المسلمين إنما هي تصرفات فردية شخصية لا تمت لتعاليم الإسلامبصلة، ولا علاقة لها بمبادئ الدين الإسلامي وأحكامه، فإنصافًا للحقيقة ينبغي ألا ينسب هذا التجاوز للدين الإسلامي، وإنما ينسب إلى من تجاوز، وهذا بالضبط يتساوى مع رفض المسيحية للتجاوزات التي حدثت من الدولة الرومانية ومن المسيحيين الكاثوليك ضد المسيحيين الأرثوذكس.. ويتساءل قائلا:
              لماذا إذن يغمض بعض المستشرقين عيونهم عن التجاوز الذي حدث في جانب المسيحية ولا يتحدثون عنه، بينما يجسمون التجاوز الذي حدث في جانب الإسلام، ويتحدثون عنه؟! ولماذا الكيل بمكيالين؟! والوزن بميزانين؟!
              وأكد الباحث أنه اعتمد في دراسته على القرآن والسنة وما ورد عن السلف الصالح من الخلفاء الراشدين، لأن في هذه المصادر وفي سير هؤلاء المسلمين الأوائل الإطار الصحيح الذي يظهر كيفية انتشار الإسلام وكيفية معاملته لغير المسلمين.
              ويواصل قائلا: أما ما يفعله المستشرقون من الهجوم على الإسلام والحضارة الإسلامية من خلال إيراد أمثلة معينة في ظروف معينة لموقف بعض أولي الأمر من المسلمين أو لآراء بعض المجتهدين والفقهاء، أو لموقف أهل الرأي من المسلمين في ظروف خاصة في بعض العهود التي سيطر فيها ضيق الأفق والجهل والتعصب، فإن هذه الاجتهادات بشرية تحتمل الصواب والخطأ، في حين أن ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية لا يحتمل الخطأ.
              ويضيف: إذا كانت هناك أفعال لبعض الولاة المسلمين أو بعض الجماعات تخالف أحكام الكتاب أو السنة فهي تنسب إلى أصحابها، ولا يمكن أن تنسب إلى الإسلام، وطالبت الدراسة المسلمين أن يعيدوا النظر في أسلوبهم ومنهجهم عند مخاطبة غير المسلمين، وأن يسيروا في الطريق السليم الصحيح الذي رسمه لهم دينهم الإسلامي، وسار فيه الرسول والخلفاء الراشدون من بعده، لاسيما بعد الهجوم الشرس الذي يتعرض له الإسلام حاليا بعد أحداث 11 سبتمبر عام 2001م.
              وأكدت الدراسة على ضرورة مخاطبة الغرب وأمريكا والعالم الخارجي بأسلوب الإقناع بعيداً عن العصبية، لتغيير المفاهيم التي روج لها المستشرقون في الغرب، واستغلها الساسة والمثقفون والكتاب الذين لهم موقف معاد للإسلام، ويتحلون بروح التعصب، لأن الإقناع بحقائق الأمور في حقيقة الإسلام هو خير وسيلة لتغيير المفاهيم في الغرب عن الإسلام عبر التاريخ وعبر التسلسل التاريخي لرسالة الإسلام.
              ومضت الدراسة تدحض ما يقوله البعض من أن الإسلام انتشر بحد السيف، وأنه قتل أصحاب الديانات المخالفة، وأجبرهم على الدخول في الدين الإسلامي قهرًا وبالعنف، موضحة أن الرسول بدأ بدعوة أصحابه في مكة ممن كان يثق فيهم، فأسلم أبو بكر الصديق وخديجة وعثمان بن عفان والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف وتبعهم غيرهم، وكان الرسول يعرض الإسلام في موسم الحج على القبائل في مكة، وقد اقتنع جماعة من الأوس والخزرج بدعوته، وحينما عادوا إلى يثرب أو المدينة دعوا أهلها للدخول في الإسلام، تم ذلك دون أن يستل الرسول سيفًا أو يقاتل أحدًا، بل العكس هو الصحيح، لقد تعرض المسلمون للاضطهاد من مشركي قريش، وكان سلاح المشركين الإهانة والضرب المفرط والتنكيل بالمسلمين بأبشع ألوان التعذيب، ولم يفكر المسلمون بإخراج السيوف من أغمدتها.
              وقالت الدراسة إن الرسول أمضى في مكة ثلاث عشرة سنة يدعوهم للدخول في الإسلام بالحجة والموعظة الحسنة، وبعد أن استنب الأمر للإسلام داخل المدينة بدأ الرسول نشره خارجها بالحجة والإقناع للكفار الذين لا يؤمنون بالله وإلا فالقتال.. أما أصحاب الديانات الأخرى السماوية كاليهودية والمسيحية فكان يخيرهم بين دخول الإسلام عن اقتناع أو دفع الجزية، فإن لم يستجيبوا يقاتلهم، وهذا التخيير يعني أن الإسلام لم ينتشر بحد السيف كما يردد بعض المستشرقين.


              وعن غزوات الرسول
              صلى الله عليه وسلم وأسبابها:

              ثم جاءت موقعة بدر التي لم تكن من أجل نشر الإسلام بحد السيف، بل كان وراءها رغبة المسلمين في استرداد جزء من حقوقهم المغتصبة وأموالهم ومنازلهم التي تركوها في مكة رغما عنهم قبل الهجرة، فخرجوا لأخذ قافلة تجارية لقريش، وعندما علمت قريش بذلك خرجوا بأسلحتهم لقتال المسلمين.
              ثم كانت موقعة أحد دفاعًا عن النفس والدعوة الإسلامية، لأن كفار قريش بقيادة أبي سفيان توجهوا من مكة إلى جبل أحد بالقرب من المدينة للقضاء على الدعوة الإسلامية في مهدها قبل أن تنتشر في شبه الجزيرة العربية.
              ثم كانت موقعة الخندق أيضا دفاعًا عن النفس، بعد أن قام اليهود بتجميع الأحزاب من القبائل، وعلى رأسهم قريش لمهاجمة المسلمين في المدينة وقتل الرسول ، وقد ثبت في موقعة الخندق أن اليهود هم المحرضون الأساسيون لها، فقد حرضوا قريشاً، ثم توجهوا إلى قبيلة غطفان وقبيلة بني مرة، ثم توجهوا إلى قبائل سليم وأشجع وفزارة وسعد وأسد وحرضوهم على قتال المسلمين، لذلك فقد كان الرسول معه كل الحق حينما طردهم من المدينة، لأنهم نقضوا العهد الذي أبرمه معهم، وانضموا في موقعة أحد إلى أعداء الإسلام، وكانوا كالشوكة في ظهر المسلمين أثناء وجودهم في المدينة بإعطاء أسرارهم لكفار قريش وإحداث المشاكل داخل المدينة ومحاولة الوقيعة بين الأنصار والمهاجرين.
              وبعد صلح الحديبية نجد الإسلام ينتشر بين قادة قريش عن اقتناع، حيث أسلم خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وتوجها بإرادتهما الحرة من مكة إلى المدينة لمقابلة الرسول وأسلما أمامه وبايعاه
              .


              وعن موقف المسلمين من اليهود:

              وفي الوقت الذي يدعي فيه البعض أن الإسلام يقتل أصحاب الديانات الأخرى ويجبرهم على الدخول في الإسلام، فإن الرسول بمجرد قدومه إلى المدينة المنورة عقد تحالفا مع اليهود المقيمين هناك، وذكرت الوثيقة أن اليهود الموجودين في المدينة لهم عهد وذمة الله، وأنهم آمنون على حياتهم وعلى دينهم وأموالهم ويمارسون شعائرهم الدينية، ورغم ذلك فقد خانوا المسلمين ونقضوا العهود.
              ويقول بعض المستشرقين وعلى رأسهم مرجليوث: إن الغرض الأساسي من إغارة المسلمين على اليهود إنما هو الحصول على الغنائم، وهذا غير صحيح، لأن السبب الرئيسي في طرد اليهود من المدينة أنهم نقضوا العهد، ولم يتعاونوا مع المسلمين في الدفاع عن المدينة، وتحالفوا مع أعداء المسلمين، ولذا كان جلاء اليهود ضرورة لتأمين الجبهة الداخلية حماية للدولة الإسلامية الوليدة، وهو حق مشروع، وكان رأي الصحابة هو قتل جميع اليهود، ولكن الرسول رضي بوساطة عبد الله بن أبي بن سلول في يهود بني قينقاع وأمر بإجلائهم أحياء من المدينة، ولم يقتل منهم أحداً رغم أن المسلمين قد انتصروا عليهم.
              كما أجلى يهود بنى النضير دون قتل بعد محاولاتهم الفاشلة لاغتيال رئيس الدولة المتمثل في شخص النبي محمد دون أن يقتل منهم أحدا، ثم كان حكم الصحابي الجليل سعد بن معاذ بقتل الرجال من يهود بني قريظة بعد أن خانوا عهدهم، وألبوا القبائل على المسلمين في غزوة الخندق.
              وبعد أن علم المسلمون بخطة يهود خيبر في الهجوم على المدينة بدأوا بالهجوم، ولم يقتلوهم ولم يجبروهم على الدخول في الإسلام بعد أن قبلوا بدفع الجزية، وقد أرسل الرسول رسائله إلى جميع الملوك والأمراء في السنة السابعة من الهجرة يدعوهم إلى دخول الإسلام.
              ولم يرسل الرسول أي قوات لإجبار أحد على الدخول في الإسلام، ولكنه أرسل حملة لتأديب أمير مؤتة الذي قتل رسوله الحارث بن عمير الأزدي عندما كان في طريقه إلى أمير بصري ليدعوه إلى دخول الإسلام. فلم يكن هدف الحملة نشر الإسلام بحد السيف، ولكنها كانت لمعاقبة أمير مؤتة شرحبيل بن عمرو الغساني لفعلته اللاإنسانية في جمادى الأولى للسنة الثامنة للهجرة عام 629م.
              ولو كان الرسول يريد نشر الإسلام بحد السيف أو يريد الغنائم كما يدعي بعض المستشرقين لكان ترك تبوك وتوجه إلى قوات قيصر الروم المتحصنة داخل الحصون في بلاد الشام وحاصرها من الخارج وقطع عنهم الطعام والمؤن
              ، ومن المؤكد أنها كانت سوف تستجيب لمطالبه إذا طال الحصار عليهم، ولكنه لم يفعل ذلك لا مع أهل تبوك ولا مع ثقيف قبلهم في غزوة حنين، لأن غرضه الأساسي الدفاع عن النفس والدفاع عن الدعوة الإسلامية، وإن كان هذا لا يمنع البدء بالهجوم إذا علم أنه سيهاجَم، باعتبار أن خير وسيلة للدفاع هي الهجوم.
              والسؤال الذي يطرح نفسه على بعض المستشرقين، أين هو انتشار الإسلام بحد السيف في عام الوفود؟ وها هي الوفود من القبائل على رأسها زعماء القبائل وسادتها يأتون طواعية إلى المدينة المنورة، ويتحملون عبء السفر رغم وعورة الطرق في ذلك الوقت، وإثر دخولهم المدينة يتوجهون لمقابلة الرسول بحر إرادتهم يعلنون إسلامهم باسم قبائلهم.
              كما أن الدراسة تؤكد أن حروب الردة التي قادها الخليفة الأول أبو بكر الصديق لم تكن لنشر الإسلام، ولكنها كانت للحفاظ على وحدة الدولة الإسلامية، بعد أن دخلت جميع قبائل العرب في حيز الدولة الإسلامية بكامل إرادتها، ومنها من يدفع الجزية، ومنها من يدفع الزكاة.
              وتشير الدراسة إلى أن الذي قتل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب وهو يصلي في المسجد كان رجلا مسيحيًا من أهل الذمة، ورغم ذلك أوصى عمر من بعده بأهل الذمة خيرًا، وأن يوفى بعهدهم وأن يقاتل عنهم وألا يكلفوا فوق طاقتهم. انتهى
              وانتهى إلى النتيجة الآتية:
              إن الإسلام لم ينتشر بالسيف مطلقا، ولكن بالدعوة التي يحميها السيف، وكما أن للباطل قوة تطغيه، فلابد للحق من قوة تحميه.
              يقول المستشرق الأسباني جان ليك ( 1822-1897) في كتابه: "العرب" ص43 مؤكدًا هذه الحقيقة: )وحياة محمد التاريخية لا يمكن أن توصف بأحسن مما وصفها الله نفسه بألفاظ قليلة، بيَّنَ بها سبب بعث النبي (محمد) (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء 107). وقد برهن بنفسه على أن لديه أعظم الرحمات لكل ضعيف، ولكل محتاج إلى المساعدة، كان محمد رحمة حقيقة لليتامى والفقراء وابن السبيل والمنكوبين والضعفاء والعمال وأصحاب الكد والعناء، وإني بلهفة وشوق لأن أصلى عليه وأن أتبعه).
              ويقول أيضًا ص43: (ما أجمل ما قال المعلم العظيم (محمد صلى الله عليه وسلم) (الخلق كلهم عيال الله وأحب الخلق إلى الله أنفعهم لعياله).
              يقول المستشرق البريطاني لين بول ( 1652-17 19) في مؤلفه: "رسالة في تاريخ العرب" متحدثًا عن سجايا الخلق المحمدي، (نقلا عن كتاب روح الدين الاسلامي ص438): (إن محمدًا كان يتصف بكثير من الصفات كاللطف والشجاعة، وكرم الأخلاق، حتى إن الإنسان لا يستطيع أن يحكم عليه دون أن يتأثر بما تطبعه هذه الصفات في نفسه، ودون أن يكون هذا الحكم صادرًا عن غير ميل أو هوى، كيف لا وقد احتمل محمد عداء أهله وعشرته سنوات بصبر وجلد عظيمين، ومع ذلك فقد بلغ من نبله أنه لم يكن يسحب يده من يد مصافحه حتى لو كان يصافح طفلًا، وأنه لم يمر بجماعة يومًا من الأيام رجالًا كانوا أم أطفالا دون أن يسلم عليهم، وعلى شفتيه ابتسامة حلوة، وبنغمة جميلة كانت تكفي وحدها لتسحر سامعيها، وتجذب القلوب إلى صاحبها جذبًا، وقد كان محمد غيورًا ومتحمسًا، وما كانت حماسته إلا لغرض نبيل، ومعنى سام، فهو لم يتحمس إلا عندما كان ذلك واجبًا مفروضًا لا مفر منه، فقد كان رسول من الله، وكان يريد أن يؤدي رسالته على أكمل وجه، كما أنه لم ينس يومًا من الأيام كيانه أو الغرض الذي بعث من أجله، دائمًا كان يعمل له ويتحمل في سبيله جميع أنواع البلايا، حتى انتهى إلى إتمام ما يريد).
              وأما الكاتب الإنكليزي السير وليم موير فيتناول في مؤلفه: ("حياة محمد"، عبد الرحمن عزام، ص 44-45) سجايا الرسول وشمائله ولين عريكته وتعامله مع الأطفال، فيقول: (ومن صفات محمد الجليلة الجديرة بالذكر، والحريّة بالتنويه، الرقة والاحترام، اللذان كان يعامل بهما أصحابه، حتى أقلهم شأنًا، فالسماحة والتواضع والرأفة والرقة تغلغلت في نفسه، ورسخت محبته عند كل من حوله، وكان يكره أن يقول لا، فإن لم يمكنه أن يجيب الطالب على سؤاله، فضل السكوت على الجواب، ولقد كان أشد حياء من العذراء في خدرها، وقالت عائشة رض الله عنها، وكان إذا ساءه شيء تبينا ذلك في أسارير وجهه، ولم يمس أحدًا بسوء الا في سبيل الله، ويؤثر عنه أنه كان لا يمتنع عن إجابة الدعوة من أحد مهما كان حقيرًا، ولا يرفض هدية مهداة إليه مهما كانت صغيرة، وإذا جلس مع أحد أيًا كان لم يرفع نحوه ركبته تشامخًا وكبرًا، وكان سهلًا لين العريكة مع الأطفال، لا يأنف إذا مر بطائفة منهم يلعبون أن يقرئهم السلام، وكان يشرك غيره في طعامه).
              ويتناول المفكر الإنكليزي توماس كارليل في كتابه: "الأبطال" جوانب من حياة الرسول تظهر رقة قلبه ومحبته لأصدقائه ورحمته، وأنه كان أخًا للإنسانية جمعاء، يقول: (وكانت آ خر كلماته تسبيحًا وصلاة، صوت فؤاد يهم بين الرجاء والخوف أن يصعد إلى ربه. ولا تحسب أن شدة تدينه أزرت بفضله، كلا بل زادته فضلًا، وقد يروى عنه مكرمات عالية، منها قوله حين رزىء بغلامه: «العين تدمع، والقلب يوجع، ولا نقول ما يسخط الرب». ولما استشهد مولاه زيد (بن حارثة) في غزوة "مؤتة" قال محمد: "لقد جاهد زيد في الله حق جهاده، ولقد لقي الله اليوم فلا بأس عليه" ولكن ابنة زيد وجدته بعد ذلك يبكي على جثة أبيها، وجدت الرجل الكهل الذي دب في رأسه المشيب يذوب قلبه دمعًا! فقالت: "ماذا أرى؟" ، قال: "صديق يبكي صديقه". مثل هذه الأقوال وهذه الأفعال ترينا في محمد أخا الإنسانية الرحيم، أخانا جميعًا الرؤوف الشفيق، وابن أمنا الأولى وأبينا الأول). (توماس كارليل: الأبطال، ص 84-85).
              وقال (مولانا محمد علي: حياة محمد وسيرته، ص 269-270): (وسماحة الرسول نحو أعدائه يعز نظيرها في تاريخ العالم. فقد كان عبد الله بن أُبيِّ عدوًا للإسلام، وكان ينفق أيامه ولياليه في وضع الخطط لإيقاع الأذى بالدين الجديد، محرضًا المكيين واليهود تحريضًا موصولًا على سحق المسلمين. ومع ذلك فيوم توفي عبد الله دعا الرسول ربه أن يغفر له، بل لقد قدم رداءه إلى أهله كي يكفنوه به. والمكيون الذين أخضعوه وأصحابه، دائمًا وأبدًا، لأشد التعذيب بربرية منحهم عفوًا عامًا. وفي إمكان المرء أن يخيل المعاملة التي كان يجدر بفاتح دنيوي النزعة أن يعاملهم بها. ولكن صفح الرسول كان لا يعرف حدودًا. فقد غفر لهم ثلاثة عشر عامًا من الاضطهاد والتآمر. وكثيرًا ما أطلق سراح الأسرى في سماحة بالغة، رغم أن عددهم بلغ في بعض الأحيان ستة آلاف أسير. وفي رواية عن عائشة أنه لم ينتقم في أيما يوم من الأيام من امرىء أساء إليه. صحيح أنه أنزل العقوبة ببعض أعدائه في أحوال نادرة جدًا، وفي فترات جد متباعدة. ولكن تلك الحالات كانت تطوى كلها على خيانات بشعة قام بها أناس لم يعد الصفح يجدي في تقويمهم وإصلاحهم. والحق أن ترك أمثال هؤلاء المجرمين سالمين غانمين كان خليقًا به ألا يظن البعض أنه استحسن الأذى أو شجع عليه. والرسول لم يلجأ إلى العقوبة قط حيثما كان ثمة مجال لنجاح سياسة الصفح كرادع إن لم نقل كإجراء إصلاحي. ولقد أسبغ عفوه على أتباع الأديان جميعًا - يهود، ونصارى، ووثنيين، وغيرهم- إنه لم يقصر إحسانه على أتباع دينه فحسب).
              وأنصف المؤرخ المستشرق الفرنسي سيديو الحضارة الإسلامية، وأعطاها حقها: (نقلا عن كتاب الإسلام بين الإنصاف والجحود، ص 134)، فقال: (من التجني على حقائق التاريخ ما كان من عزو بعض الكتاب إلى محمد القسوة والجبن. فقد نسي هؤلاء أن محمدًا لم يأل جهدًا في إلغاء عادة الثأر الموروثة الكريهة التي كانت ذات حظوة لدى العرب، كحظوة المبارزات بأوروبة فيها مضى. وكأن أولئك الكتاب لم يقرأوا آيات القرآن التي قضى محمد فيها على عادة الوأد الفظيعة. وكأنهم لم يفكروا في العفو الكريم الذي أنعم به على ألد أعدائه بعد فتح مكة، ولا في الرحمة التي حبا بها، كثيرًا من القبائل عند ممارسة قواعد الحرب الشاقة، ولا إلى ما أبداه من أسف على بعض الأمم الشديدة، وكأنهم لم يبصروا أن الأمة أم القبائل العربية كانت تعد الانتقام أمرًا واجبًا وأنها ترى من حق كل مخلص أن يقتل من غير عقاب من يكون خطرًا عليها ذات يوم... وكأنهم لم يعلموا أن محمدًا لم يسئ استعمال ما اتفق له من السلطان العظيم، قضاء لشهوة القسوة الدنيئة، وأنه لم يأل جهدًا - في الغالب - في تقويم من يجور من أصحابه، والكل يعلم أنه رفض - بعد غزوة بدر- رأي عمر بن الخطاب في قتل الأسرى، وأنه عندما حل وقت مجازاة بني قريظة ترك الحكم في مصيرهم لحليفهم القديم سعد بن معاذ، وأنه صفح عن قاتل عمه حمزة، وأنه لم يرفض قط ما طلب إليه من اللطف والسماح).
              ويقول برنارد شو: (إن العالم أحوج ما يكون إلى رجلٍ في تفكير محمد، هذا النبي الذي وضعدينه دائمًا موضع الاحترام والإجلال فإنه أقوى دين على هضم جميع المدنيات، خالدًاخلود الأبد، وإني أرى كثيرًا من بني قومي قد دخلوا هذا الدين على بينة، وسيجد هذاالدين مجاله الفسيح في هذه القارة (يعني أوروبا).
              إنّ رجال الدين في القرون الوسطى، ونتيجةً للجهل أو التعصّب، قد رسموا لدين محمدٍ صورةً قاتمةً، لقد كانوا يعتبرونه عدوًّا للمسيحية،
              لكنّني اطّلعت على أمر هذا الرجل، فوجدته أعجوبةً خارقةً، وتوصلت إلى أنّه لم يكن عدوًّا للمسيحية، بل يجب أنْ يسمّى منقذ البشرية، وفي رأيي أنّه لو تولّى أمر العالم اليوم، لوفّق في حلّ مشكلاتنا بما يؤمن السلام والسعادة التي يرنو البشر إليها).
              قال المستشرق الألماني أولرش هيرمان: الذي لفت نظري أثناء دراستي لهذه الفترة – فترة العصور الوسطى- هو درجة التسامح التي تمتع بها المسلمون، وأخص هنا صلاح الدين الأيوبي، فقد كان متسامحاً جداً تجاه المسيحيين. إن المسيحية لم تمارس الموقف نفسه تجاه الإسلام. ملخصا من جريدة (العالم)، العدد 290، السبت 2 سبتمبر 1989م .
              وقال هنري دي كاستري (مفكر فرنسي): (قرأت التاريخ وكان رأيي بعد ذلك أن معاملة المسلمين للمسيحيين تدل على ترفع في المعاشرة عن الغلظة وعلى حسن مسايرة ولطف مجاملة وهو إحساس لم يشاهد في غير المسلمين آن ذاك).
              وقال ول ديورانت (فيلسوف ومؤرخ أمريكي): (كان أهل الذمة المسيحيون، والزرادشتيون، واليهود، والصابئون يستمتعون في عهد الخلافة الأموية بدرجة من التسامح لا نجد نظيرًا لها في المسيحية في هذه الأيام. فلقد كانوا أحرارًا في ممارسة شعائر دينهم، واحتفظوا بكنائسهم ومعابدهم.. وكانوا يتمتعون بحكم ذاتي يخضعون فيه لزعمائهم وقضاتهم وقوانينهم).


              وَوالله ما عقيدَةُ الإسْلامِ بأهونَ مِنْ عقيدَةِ اليهودِ التي يَنتصرونَ بها، وَلا عقيدَةِ النَّصارى التي يَنتصرون بها، وَلا عقيدَةِ الرافِضةِ التي يَنتصرونَ بها، وَالله لو كانوا صادقينَ لانتصروا بالإسْلامِ، قالَ اللهُ {وإنَّ جُندَنا لهُم الغالبون}، فلمَّا انهزموا وَانكسروا وَاندحروا عَلِمنا أنَّ الإسلامَ مِنْهم برئٌ حقُّ برئٍ.

              رحِمَ
              اللهُ مُقاتِلة الإسْلامِ خالدَ وَالزبيرَ وَسعدَ وَعِكرمَة وَالقعقاعَ وَمُصعبَ وخبابَ وَخُبيبَ وَعلي وَعُمرَ وَعمرو وَابنَ عفَّانَ وأبا بكرَ وإخوانَهم وَالتابعينَ مِنْ بعدِهِم، رأينا رِجالا كسرَ اللهُ بهِمْ شوكَةَ كلِّ ذي شوكَةٍ، وَاليومَ نرى جيَفًا أظهرَ اللهُ عليها كلَّ دودَةٍ وَأرَضةٍ.

              تعليق


              • #37



                وقال صلى الله عليه وسلم: (ارْكَبُوا هَذِهِ الدَّوَابَّ سَالِمَةً، وَابْتَدِعُوهَا سَالِمَةً، وَلَا تَتَّخِذُوهَا كَرَاسِيَّ) رواه أحمد (3/439) والدارمي (2668) وانظر السلسلة الصحيحة (21).
                وقال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ). رواه مسلم.
                وقال صلى الله عليه وسلم: (من رحم ذبيحة رحمه الله يوم القيامة)، وفي رواية (من رحم ولو ذبيحة عصفور رحمه الله يوم القيامة) مجمع الزوائد.
                عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من إنسان يقتل عصفورًا فما فوقها بغير حقها، إلا يسأله الله عنها يوم القيامة. قيل: يا رسول الله، وما حقها؟ قال: حقها أن تذبحها فتأكلها، ولا تقطع رأسها فترمي به). رواه النسائي (4445) وانظر صحيح الترغيب والترهيب(2266).
                وقال صلى الله عليه وسلم: (من قتل وزغا [البرص] في أول ضربة كتبت له مائة حسنة. وفي الثانية دون ذلك.) رواه مسلم.
                وقال صلى الله عليه وسلم (لا تتخذوا شيئًا فيه روحٌ غرضًا). أى لسهامهم. مسلم 5032.
                كما دافع برحمته صلى الله عليه وسلم عن حق الحيوان فى التمتع الجنسى بأنثاه، وأن ينجب منها ذرية: عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ إِخْصَاءِ الْخَيْلِ وَالْبَهَائِمِ). رواه أحمد.
                وحرم صلى الله عليه وسلم كى الحيوان أو ضربه: فقد مرَّ على النبي صلى الله عليه وسلم حمارٌ قد وُسِم في وجهه، فقال صلى الله عليه وسلم (لعن الله الذي وسمه). مسلم 5518.
                كما نهى عن لعن الحيوان؛ لأنه قد يتأذى من الدعاء عليه. ونفهم ذلك من قوله لرجل لعن دابته: (لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم) مسلم 7437.
                كما نهى عن التحريش بين الحيوانات، وهو دفع حيوانين للتصارع بينهما: عن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التَّحرِيش بين البهائم) سنن أبي داود 2199 وضعفه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود (4/208).
                وكانت رحمته بالنبات أيضًا: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُبْشِىٍّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (مَنْ قَطَعَ سِدْرَةً [أَيْ شَجَرَة نَبْقٍ فِى فَلاَةٍ يَسْتَظِلُّ بِهَا ابْنُ السَّبِيلِ وَالْبَهَائِمُ عَبَثًا وَظُلْمًا بِغَيْرِ حَقٍّ] صَوَّبَ اللَّهُ رَأْسَهُ فِى النَّارِ). رواه أبو داود.
                عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَا مِن مُسلم يَغرِسُ غَرْسًا أو يَزرَعُ زَرْعًا فيأكُلُ مِنه طَيرٌ أو إنسَانٌ أو بهيْمَةٌ إلا كان لهُ بهِ صَدقَةٌٌ). رواه البخاري ومسلم.
                ناهيك عن إنه نهى عن قتل الحيوانات أو قطع الأشجار فى القتال، إلا إذا اتخذت حصونًا: (لا تخونوا ولا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلاً ولا شيخاً كبيرًا ولا امرأة، ولا تعزقوا نخلاً ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرًا إلا للأكل. وإذا مررتم بقوم فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له).
                قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِي عَلَيْهِ مَا لا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ). ابن ماجه.


                فماذا كان رد فعل الكتاب المقدس جدًا جدًا مع الحيوانات؟

                (21فَقَامَ بَلعَامُ صَبَاحاً وَشَدَّ عَلى أَتَانِهِ وَانْطَلقَ مَعَ رُؤَسَاءِ مُوآبَ. 22فَحَمِيَ غَضَبُ اللهِ لأَنَّهُ مُنْطَلِقٌ وَوَقَفَ مَلاكُ الرَّبِّ فِي الطَّرِيقِ لِيُقَاوِمَهُ وَهُوَ رَاكِبٌ عَلى أَتَانِهِ وَغُلامَاهُ مَعَهُ. 23فَأَبْصَرَتِ الأَتَانُ مَلاكَ الرَّبِّ وَاقِفاً فِي الطَّرِيقِ وَسَيْفُهُ مَسْلُولٌ فِي يَدِهِ فَمَالتِ الأَتَانُ عَنِ الطَّرِيقِ وَمَشَتْ فِي الحَقْلِ. فَضَرَبَ بَلعَامُ الأَتَانَ لِيَرُدَّهَا إِلى الطَّرِيقِ. 24ثُمَّ وَقَفَ مَلاكُ الرَّبِّ فِي خَنْدَقٍ لِلكُرُومِ لهُ حَائِطٌ مِنْ هُنَا وَحَائِطٌ مِنْ هُنَاكَ. 25فَلمَّا أَبْصَرَتِ الأَتَانُ مَلاكَ الرَّبِّ زَحَمَتِ الحَائِطَ وَضَغَطَتْ رِجْل بَلعَامَ بِالحَائِطِ فَضَرَبَهَا أَيْضاً. 26ثُمَّ اجْتَازَ مَلاكُ الرَّبِّ أَيْضاً وَوَقَفَ فِي مَكَانٍ ضَيِّقٍ حَيْثُ ليْسَ سَبِيلٌ لِلنُّكُوبِ يَمِيناً أَوْ شِمَالاً. 27فَلمَّا أَبْصَرَتِ الأَتَانُ مَلاكَ الرَّبِّ رَبَضَتْ تَحْتَ بَلعَامَ. فَحَمِيَ غَضَبُ بَلعَامَ وَضَرَبَ الأَتَانَ بِالقَضِيبِ. 28فَفَتَحَ الرَّبُّ فَمَ الأَتَانِ فَقَالتْ لِبَلعَامَ: «مَاذَا صَنَعْتُ بِكَ حَتَّى ضَرَبْتَنِي الآنَ ثَلاثَ دَفَعَاتٍ؟» 29فَقَال بَلعَامُ لِلأَتَانِ: «لأَنَّكِ ازْدَرَيْتِ بِي. لوْ كَانَ فِي يَدِي سَيْفٌ لكُنْتُ الآنَ قَدْ قَتَلتُكِ»)العدد 22: 21-29.
                فأين عقوبة الرب لبلعام على اعتدائه على الحيوان؟ وأين نهيه عن فعل ذلك؟ ومن الغريب أن يتسبب يسوع/يهوه فى قتل ألفين من الخنازير؛ بسبب سماحه لجمع من الشياطين بالدخول فيهم: (11وَكَانَ هُنَاكَ عِنْدَ الْجِبَالِ قَطِيعٌ كَبِيرٌ مِنَ الْخَنَازِيرِ يَرْعَى 12فَطَلَبَ إِلَيْهِ كُلُّ الشَّيَاطِينِ قَائِلِينَ: «أَرْسِلْنَا إِلَى الْخَنَازِيرِ لِنَدْخُلَ فِيهَا». 13فَأَذِنَ لَهُمْ يَسُوعُ لِلْوَقْتِ. فَخَرَجَتِ الأَرْوَاحُ النَّجِسَةُ وَدَخَلَتْ فِي الْخَنَازِيرِ فَانْدَفَعَ الْقَطِيعُ مِنْ عَلَى الْجُرْفِ إِلَى الْبَحْرِ - وَكَانَ نَحْوَ أَلْفَيْنِ فَاخْتَنَقَ فِي الْبَحْرِ.) مرقس 5: 11-13.
                والأغرب أنه يعرف موعد إثمار شجرة التين، فيذهب إليها فى وقت لا ثمار فيه، ويلعنها لتيبس فى الحال: (32فَمِنْ شَجَرَةِ التِّينِ تَعَلَّمُوا الْمَثَلَ: مَتَى صَارَ غُصْنُهَا رَخْصاً وَأَخْرَجَتْ أَوْرَاقَهَا تَعْلَمُونَ أَنَّ الصَّيْفَ قَرِيبٌ.) متى 24: 32.
                (18وَفِي الصُّبْحِ إِذْ كَانَ رَاجِعاً إِلَى الْمَدِينَةِ جَاعَ 19فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ عَلَى الطَّرِيقِ وَجَاءَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَجِدْ فِيهَا شَيْئاً إِلاَّ وَرَقاً فَقَطْ. فَقَالَ لَهَا: «لاَ يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ». فَيَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ.) متى 21: 18-19.
                بل أمر الرب بكسر عنق دابة تكفيرًا عن قاتل مجهول: (1«إِذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي الأَرْضِ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ لِتَمْتَلِكَهَا وَاقِعاً فِي الحَقْلِ لا يُعْلمُ مَنْ قَتَلهُ 2يَخْرُجُ شُيُوخُكَ وَقُضَاتُكَ وَيَقِيسُونَ إِلى المُدُنِ التِي حَوْل القَتِيلِ. 3فَالمَدِينَةُ القُرْبَى مِنَ القَتِيلِ يَأْخُذُ شُيُوخُ تِلكَ المَدِينَةِ عِجْلةً مِنَ البَقَرِ لمْ يُحْرَثْ عَليْهَا لمْ تَجُرَّ بِالنِّيرِ. 4وَيَنْحَدِرُ شُيُوخُ تِلكَ المَدِينَةِ بِالعِجْلةِ إِلى وَادٍ دَائِمِ السَّيَلانِ لمْ يُحْرَثْ فِيهِ وَلمْ يُزْرَعْ وَيَكْسِرُونَ عُنُقَ العِجْلةِ فِي الوَادِي. ... 7وَيَقُولُونَ: أَيْدِينَا لمْ تَسْفِكْ هَذَا الدَّمَ وَأَعْيُنُنَا لمْ تُبْصِرْ. 8اِغْفِرْ لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيل الذِي فَدَيْتَ يَا رَبُّ وَلا تَجْعَل دَمَ بَرِيءٍ فِي وَسَطِ شَعْبِكَ إِسْرَائِيل. فَيُغْفَرُ لهُمُ الدَّمُ. 9فَتَنْزِعُ الدَّمَ البَرِيءَ مِنْ وَسَطِكَ إِذَا عَمِلتَ الصَّالِحَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ.) تثنية 21: 1-9.
                فلك أن تتخيل أن يأمر الرب بكسر عنق دابة على قيد الحياة ليغفر للذين لم يقتلوه؟ ألم يكن من الأسهل أن يخبرهم عن طريق أحد أنبيائه حرصًا على رحمة الناس بالحيوان، ورحمة منه على مخلوقاته؟ أم لم يكن يعرف الرب بعد شيئًا عن حقوق الحيوانات، والرفق بهم؟
                وهل نسى الرب أقواله التى تقضى بأنه لا يحمل أحد وزر آخر؟ («لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ.) التثنية 24 : 16.
                (19[وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: لِمَاذَا لاَ يَحْملُ الاِبْنُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ؟ أَمَّا الاِبْنُ فَقَدْ فَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً. حَفِظَ جَمِيعَ فَرَائِضِي وَعَمِلَ بِهَا فَحَيَاةً يَحْيَا. 20اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ.) حزقيال 18: 19-20.
                (4وَأَمَّا بَنُوهُمْ فَلَمْ يَقْتُلْهُمْ بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الشَّرِيعَةِ فِي سِفْرِ مُوسَى حَيْثُ أَمَرَ الرَّبُّ: [لاَ تَمُوتُ الآبَاءُ لأَجْلِ الْبَنِينَ وَلاَ الْبَنُونَ يَمُوتُونَ لأَجْلِ الآبَاءِ بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ لأَجْلِ خَطِيَّتِهِ].) أخبار الأيام الثانى 25: 4.
                (29فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لاَ يَقُولُونَ بَعْدُ:[الآبَاءُ أَكَلُوا حِصْرِماً وَأَسْنَانُ الأَبْنَاءِ ضَرِسَتْ]. 30بَلْ: [كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ بِذَنْبِهِ]. كُلُّ إِنْسَانٍ يَأْكُلُ الْحِصْرِمَ تَضْرَسُ أَسْنَانُهُ.) إرمياء 31: 29-30.
                (15«إِنْ كُنْتَ أَنْتَ زَانِياً يَا إِسْرَائِيلُ فَلاَ يَأْثَمُ يَهُوذَا. ...) هوشع 4: 15.
                (19عَظِيمٌ فِي الْمَشُورَةِ وَقَادِرٌ فِي الْعَمَلِ الَّذِي عَيْنَاكَ مَفْتُوحَتَانِ عَلَى كُلِّ طُرُقِ بَنِي آدَمَ لِتُعْطِيَ كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ طُرُقِهِ وَحَسَبَ ثَمَرِ أَعْمَالِهِ.) إرمياء 32: 19.
                (12وَلَكَ يَا رَبُّ الرَّحْمَةُ لأَنَّكَ أَنْتَ تُجَازِي الإِنْسَانَ كَعَمَلِهِ) مزمور 62: 12.
                (27فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يَأْتِي فِي مَجْدِ أَبِيهِ مَعَ مَلاَئِكَتِهِ وَحِينَئِذٍ يُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ عَمَلِهِ.) متى 16: 27.
                (4وَلَكِنْ لِيَمْتَحِنْ كُلُّ وَاحِدٍ عَمَلَهُ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ الْفَخْرُ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ فَقَطْ، لاَ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ. 5لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ سَيَحْمِلُ حِمْلَ نَفْسِهِ.) غلاطية 6: 4-5.
                لكن لماذا يرحم الحيوانات أو يرفق بهم، وقد كان قتل الحيوانات، وإبادتها ضمن أهداف الرب الاستراتيجية فى حروب شعبه المختار؟ وله الويل والثبور من يعفُ عن حيوان منهم، حتى لو كان جيدًا، صالحًا للأكل والعمل، وهذا سبب غضب الرب على نبيه شاول: (3فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً، طِفْلاً وَرَضِيعاً، بَقَراً وَغَنَماً، جَمَلاً وَحِمَاراً» ... 8وَأَمْسَكَ أَجَاجَ مَلِكَ عَمَالِيقَ حَيّاً، وَحَرَّمَ جَمِيعَ الشَّعْبِ بِحَدِّ السَّيْفِ. 9وَعَفَا شَاوُلُ وَالشَّعْبُ عَنْ أَجَاجَ وَعَنْ خِيَارِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالْحُمْلاَنِ وَالْخِرَافِ وَعَنْ كُلِّ الْجَيِّدِ، وَلَمْ يَرْضُوا أَنْ يُحَرِّمُوهَا. وَكُلُّ الأَمْلاَكِ الْمُحْتَقَرَةِ وَالْمَهْزُولَةِ حَرَّمُوهَا. 10وَكَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى صَمُوئِيلَ: 11«نَدِمْتُ عَلَى أَنِّي قَدْ جَعَلْتُ شَاوُلَ مَلِكاً، لأَنَّهُ رَجَعَ مِنْ وَرَائِي وَلَمْ يُقِمْ كَلاَمِي») صموئيل الأول 15: 3-11.
                فهل تتخيل أن يندم الرب على تعيين شاول نبيًا، ويقوم بعزله، لأنه رحم بعض الحيوانات، ولم يبيدها كما أراد إله المحبة يسوع/يهوه؟
                (4وَذَهَبَ شَمْشُونُ وَأَمْسَكَ ثَلاَثَ مِئَةِ ابْنِ آوَى، وَأَخَذَ مَشَاعِلَ وَجَعَلَ ذَنَباً إِلَى ذَنَبٍ، وَوَضَعَ مَشْعَلاً بَيْنَ كُلِّ ذَنَبَيْنِ فِي الْوَسَطِ، 5ثُمَّ أَضْرَمَ الْمَشَاعِلَ نَاراً وَأَطْلَقَهَا بَيْنَ زُرُوعِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ، فَأَحْرَقَ الأَكْدَاسَ وَالّزَرْعَ وَكُرُومَ الّزَيْتُونِ)قضاة 15: 4-5.
                هذا هو شمشون الذى حلت عليه روح الرب: (24فَوَلَدَتِ الْمَرْأَةُ ابْناً وَدَعَتِ اسْمَهُ شَمْشُونَ. فَكَبِرَ الصَّبِيُّ وَبَارَكَهُ الرَّبُّ. 25وَابْتَدَأَ رُوحُ الرَّبِّ يُحَرِّكُهُ فِي مَحَلَّةِ دَانٍَ بَيْنَ صُرْعَةَ وَأَشْتَأُولَ.) قضاة 13: 24-25.
                فهل أمرته روح الرب بتعذيب الـ 300 ابن آوى، وإشعال النار فيهم أحياءً؟ بصراحة: يؤسفنى ما سببته لك من ألم نفسى، ومن تضارب فى داخلك من كل ما قرأته، وكنت تعتبره نصوصًا مقدسة! لكننى لا أستطيع أن أسكت عن الحق، وإلا لكنت شيطانًا أخرسًا. وأبيع الدنيا كلها من أجل أن لا أخسر نفسى: (26لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟) متى 16: 26.
                أما كيف وافقته الحيوانات المفترسة هذه على أن يربط ذيولها؟ فهذا ليس من شأنكم. بل هو ما قاله الكتاب المقدس جدًا، وعليكم أن تصدقوه. وكيف تمكن حيوان منهم سحب باقى الثلاثمائة فى اتجاه محدد وجرها؟ فهذا أيضًا ليس من شأنكم!! وكيف اتفقت الثلاثمائة حيوان وهم تحت تأثير النار والحرق والألم على أن يتجهوا فى اتجاه محدد حتى يحرقوا كل مزارع الفلسطينيين؟ فهذا لم يدخل فى حسبان الكاتب الملهم. وكيف ذهب كل حيوان فى اتجاه مختلف عن الآخرين وفك ذيله من الآخرين؟ فهذا خيال غريب، يُخالف خيال الرب، فلا داعى من الخوض فيه. المهم هو إبادة الفلسطينيين ومزارعهم وحيواناتهم، حتى لو كانوا من ملائكة الرب. والمهم أن تستمر العداوة استمرارًا أبديًا، حتى يتمكن بنو إسرائيل من فلسطين وشعبها، ثم الدولة والشعب الذى يليها، ثم الذى يليها.
                وطبعًا كانت أكبر مذبحة قام بها الرب للحيوانات والطيور والحشرات فى التاريخ هى الفيضان، الذى قام به الرب فى زمن نوح انتقامًا من قوم نوح الذين لم يؤمنوا به، دون أن يفكر الرب: ما ذنب باقى البشر، الذين لم يأتهم نبى، ولم يعرفوا شيئًا عن دعوة نوح؟ وما ذنب الحيوانات والطيور والحشرات، التى ماتت؟ وما الخير الذى فعلته الحيوانات التى أنقذها نوح، حتى تعيش هى دون غيرها؟ وكم من الفراخ والعائلات بين الحيوانات والطيور قد فرق الرب بينهم فى هذا الفيضان؟ لكن نحمد لهذا الإله الدموى أنه ندم على هذا الفيضان، خاصة بعد أن شمَّ رائحة الشواء، الذى يقوم به الإنسان مقربة للرب!! (20وَبَنَى نُوحٌ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ. وَأَخَذَ مِنْ كُلِّ الْبَهَائِمِ الطَّاهِرَةِ وَمِنْ كُلِّ الطُّيُورِ الطَّاهِرَةِ وَأَصْعَدَ مُحْرَقَاتٍ عَلَى الْمَذْبَحِ 21فَتَنَسَّمَ الرَّبُّ رَائِحَةَ الرِّضَا. وَقَالَ الرَّبُّ فِي قَلْبِهِ: «لاَ أَعُودُ أَلْعَنُ الأَرْضَ أَيْضاً مِنْ أَجْلِ الإِنْسَانِ لأَنَّ تَصَوُّرَ قَلْبِ الإِنْسَانِ شِرِّيرٌ مُنْذُ حَدَاثَتِهِ. وَلاَ أَعُودُ أَيْضاً أُمِيتُ كُلَّ حَيٍّ كَمَا فَعَلْتُ.) تكوين 8: 20-21.


                حلمه مع الكفار:

                عَنْ عُرْوَةَ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ سَأَلْتُ ابْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: (أَخْبِرْنِي بِأَشَدِّ شَيْءٍ صَنَعَهُ الْمُشْرِكُونَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ بَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِي حِجْرِ الْكَعْبَةِ إِذْ أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ فَوَضَعَ ثَوْبَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ خَنْقًا شَدِيدًا فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى أَخَذَ بِمَنْكِبِهِ وَدَفَعَهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ}. رواه البخاري.
                عَنْ عُرْوَةَ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ رضى الله عنها زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَتْهُ: (أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟ قَالَ: لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلَالٍ فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلَّا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِي فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمْ الْأَخْشَبَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا). متفق عليه.
                عَنْ سَهْل بْن سَعْد رضي الله عنه: (أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ).
                قَالَ اِبْن حِبَّانَ فى مَعْنَى هَذَا الدُّعَاء الَّذِي قَالَه يَوْم أُحُد لَمَّا شُجَّ وَجْهه [وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ وَجُرِحَتْ وَجْنَتُهُ وَشَفَتُهُ السُّفْلَى مِنْ بَاطِنهَا وَوَهَى مَنْكِبه مِنْ ضَرْبَةِ اِبْنِ قَمِيئَةَ وَجُحِشَتْ رُكْبَتُهُ]، أَيْ اِغْفِرْ لَهُمْ ذَنْبهمْ فِي شَجّ وَجْهِي، و... لَا أَنَّهُ أَرَادَ الدُّعَاء لَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ مُطْلَقًا، إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَأُجِيبَ وَلَوْ أُجِيبَ لَأَسْلَمُوا كُلّهمْ فِي ذَلِك الوقتِ لا محالة. (صحيح ابن حبان 3/254).
                أما بشأن أهل مكة الذين عذبوه واضطروه للهجرة وترك مكة، وحاربوه، وقتلوا من قتلوا، وعذبوا من عذبوا، وسرقوا أموال وديار من سرقوا، وتآمروا عليه وعلى المسلمين مع اليهود، واستعدوهم عليه، فقد يسَّر الله للرسول والمسلمين فتح مكة، وحينما كانوا تحت يديه، سألهم: («مَا تَرَوْنَ أَنِّى صَانِعٌ بِكُمْ؟». قَالُوا: خَيْرًا أَخٌ كَرِيمٌ وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ. قَالَ: «اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ»). ضعف سنده الألباني.
                ولا يجب أن تنسى أيها الكاتب أن فتح مكة كان فى السنة الثامنة من الهجرة. أى بعد ثمان سنين قضاها فى المدينة، وهى الفترة التى تتهمه صلى الله عليه وسلم فيها ظلمًا أنه تحوَّل من الرحمة إلى النقيض.


                فكيف كانت دعوة رب الكتاب الذى تقدسه للكفار؟ كيف كان الرب يعرف بنفسه؟ وما هى أوامره الرحيمة جدًا جدًا للمخالف لدينه؟
                ذكرنا نصوص الإبادة الجماعية وعدم الرحمة بغير المحاربين، وقتلهم عن بكرة أبيهم مع أطفالهم ونسائهم وحيواناتهم، ثم إضرام النار فيما تبقى من البلد، حتى تصبح خرابًا أبديًا، ليعلموا أنه الرب الإله الرحيم الذى يجب أن يُعبد فى الأرض من دون الآلهة الأخرى:
                (... لاَ تُشْفِقْ أَعْيُنُكُمْ وَلاَ تَعْفُوا.6اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ. اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ.) حزقيال 9: 5-6.
                و(15كُلُّ مَنْ وُجِدَ يُطْعَنُ، وَكُلُّ مَنِ انْحَاشَ يَسْقُطُ بِالسَّيْفِ. 16وَتُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ أَمَامَ عُيُونِهِمْ، وَتُنْهَبُ بُيُوتُهُمْ وَتُفْضَحُ نِسَاؤُهُمْ) إشعياء 13: 15-16.
                بل إن ضرب رؤوس الأطفال فى الصخر من القربات التى يتقرب بها العبد المؤمن السليم نفسيًا إلى يهوه/يسوع: (9طُوبَى لِمَنْ يُمْسِكُ أَطْفَالَكِ وَيَضْرِبُ بِهِمُ الصَّخْرَةَ!) مزامير 137: 9.
                أما بتحطيم الأطفال وبشق بطون الحوامل، أى قتل الحوامل والأجنة فى بطون أمهاتهم، فهى من أوامر يهوه، الإله الرحيم، إله المحبة والسلام: (16تُجَازَى السَّامِرَةُ لأَنَّهَا قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَى إِلَهِهَا. بِـالسَّيْفِ يَسْقُطُونَ. تُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ وَالْحَوَامِلُ تُشَقُّ) هوشع 13: 16.
                (15فَضَرْباً تَضْرِبُ سُكَّانَ تِلكَ المَدِينَةِ بِحَدِّ السَّيْفِ وَتُحَرِّمُهَا بِكُلِّ مَا فِيهَا مَعَ بَهَائِمِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 16تَجْمَعُ كُل أَمْتِعَتِهَا إِلى وَسَطِ سَاحَتِهَا وَتُحْرِقُ بِالنَّارِ المَدِينَةَ وَكُل أَمْتِعَتِهَا كَامِلةً لِلرَّبِّ إِلهِكَ فَتَكُونُ تَلاًّ إِلى الأَبَدِ لا تُبْنَى بَعْدُ)تثنية 13: 15- 16.
                أما عن الاستعباد للمحاربين وإبادة شعوب بأكملها من على وجه الأرض، فهو من الرحمات اليهوية، التى أوحيت إلى كاتب غير مريض نفسيًا، غير حاقد عليها، وكل ما يتمناه هو أن يبيد هذه الشعوب، ويمتلك نساءهم وأطفالهم، وماشيتهم وأرضهم، باسم الرب طبعًا: (10«حِينَ تَقْرُبُ مِنْ مَدِينَةٍ لِتُحَارِبَهَا اسْتَدْعِهَا لِلصُّلحِ 11فَإِنْ أَجَابَتْكَ إِلى الصُّلحِ وَفَتَحَتْ لكَ فَكُلُّ الشَّعْبِ المَوْجُودِ فِيهَا يَكُونُ لكَ لِلتَّسْخِيرِ وَيُسْتَعْبَدُ لكَ. 12وَإِنْ لمْ تُسَالِمْكَ بَل عَمِلتْ مَعَكَ حَرْباً فَحَاصِرْهَا. 13وَإِذَا دَفَعَهَا الرَّبُّ إِلهُكَ إِلى يَدِكَ فَاضْرِبْ جَمِيعَ ذُكُورِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. 14وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالأَطْفَالُ وَالبَهَائِمُ وَكُلُّ مَا فِي المَدِينَةِ كُلُّ غَنِيمَتِهَا فَتَغْتَنِمُهَا لِنَفْسِكَ وَتَأْكُلُ غَنِيمَةَ أَعْدَائِكَ التِي أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ. 15هَكَذَا تَفْعَلُ بِجَمِيعِ المُدُنِ البَعِيدَةِ مِنْكَ جِدّاً التِي ليْسَتْ مِنْ مُدُنِ هَؤُلاءِ الأُمَمِ هُنَا. 16وَأَمَّا مُدُنُ هَؤُلاءِ الشُّعُوبِ التِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيباً فَلا تَسْتَبْقِ مِنْهَا نَسَمَةً مَا17بَل تُحَرِّمُهَا تَحْرِيماً: الحِثِّيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالكَنْعَانِيِّينَ وَالفِرِزِّيِّينَ وَالحِوِّيِّينَ وَاليَبُوسِيِّينَ كَمَا أَمَرَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ 18لِكَيْ لا يُعَلِّمُوكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا حَسَبَ جَمِيعِ أَرْجَاسِهِمِ التِي عَمِلُوا لآِلِهَتِهِمْ فَتُخْطِئُوا إِلى الرَّبِّ إِلهِكُمْ)تثنية20: 10- 18.
                وسلب أموال غير اليهود بالربا، هو من القربات التى نصح يهوه أتباعه باتباعها: (19«لا تُقْرِضْ أَخَاكَ بِرِبًا رِبَا فِضَّةٍ أَوْ رِبَا طَعَامٍ أَوْ رِبَا شَيْءٍ مَا مِمَّا يُقْرَضُ بِرِبًا 20لِلأَجْنَبِيِّ تُقْرِضُ بِرِبًا وَلكِنْ لأَخِيكَ لا تُقْرِضْ بِرِبًا لِيُبَارِكَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فِي كُلِّ مَا تَمْتَدُّ إِليْهِ يَدُكَ فِي الأَرْضِ التِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِليْهَا لِتَمْتَلِكَهَا.) تثنية 23: 19-20.
                وأمل الجيفة وبيعها أعداء يهوه هو من وسائل تقديس الرب عند بنى إسرائيل: (21«لا تَأْكُلُوا جُثَّةً مَا. تُعْطِيهَا لِلغَرِيبِ الذِي فِي أَبْوَابِكَ فَيَأْكُلُهَا أَوْ يَبِيعُهَا لأَجْنَبِيٍّ لأَنَّكَ شَعْبٌ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ إِلهِكَ.) تثنية 14: 21.
                اقرأ كيف يعلن الرب عن نفسه؟ (25وَأَعْطَيْتُهُمْ أَيْضاً فَرَائِضَ غَيْرَ صَالِحَةٍ وَأَحْكَـاماً لاَ يَحْيُونَ بِهَا26وَنَجَّسْتُهُمْ بِعَطَايَاهُمْ إِذْ أَجَازُوا فِي النَّارِ كُلَّ فَاتِحِ رَحِمٍ لأُبِيدَهُمْ، حَتَّى يَعْلَمُوا أَنِّي أَنَا الرَّبُّ.) حزقيال 20: 25-26.
                (7فَلِذَلِكَ هَئَنَذَا أَمُدُّ يَدِي عَلَيْكَ وَأُسَلِّمُكَ غَنِيمَةً لِلأُمَمِ وَأَسْتَأْصِلُكَ مِنَ الشُّعُوبِ وَأُبِيدُكَ مِنَ الأَرَاضِي. أَخْرِبُكَ فَتَعْلَمُ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ].) حزقيال 25: 7.
                (16فَلِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَئَنَذَا أَمُدُّ يَدِي عَلَى الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَأَسْتَأْصِلُ الْكَرِيتِيِّينَ وَأُهْلِكُ بَقِيَّةَ سَاحِلِ الْبَحْرِ. 17وَأُجْرِي عَلَيْهِمْ نَقْمَاتٍ عَظِيمَةً بِتَأْدِيبِ سَخَطٍ فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ، إِذْ أَجْعَلُ نَقْمَتِي عَلَيْهِمْ) حزقيال 25: 16-17.
                (... لأَنِّي أَنَا تَكَلَّمْتُ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. وَتَكُونُ غَنِيمَةً لِلأُمَمِ. 6وَبَنَاتُهَا اللَّوَاتِي فِي الْحَقْلِ تُقْتَلُ بِـالسَّيْفِ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ) حزقيال 26: 3-6.
                (23وَأُرْسِلُ عَلَيْهَا وَبَأً وَدَماً إِلَى أَزِقَّتِهَا وَيُسْقَطُ الْجَرْحَى فِي وَسَطِهَا بِـالسَّيْفِ الَّذِي عَلَيْهَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ.) حزقيال 28: 23.
                (8لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: [هَئَنَذَا أَجْلِبُ عَلَيْكَ سَيْفاً، وَأَسْتَأْصِلُ مِنْكَ الإِنْسَانَ وَالْحَيَوَانَ. 9وَتَكُونُ أَرْضُ مِصْرَ مُقْفِرَةً وَخَرِبَةً، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ لأَنَّهُ قَالَ: النَّهْرُ لِي وَأَنَا عَمِلْتُهُ. 10لِذَلِكَ هَئَنَذَا عَلَيْكَ وَعَلَى أَنْهَارِكَ، وَأَجْعَلُ أَرْضَ مِصْرَ خِرَباً خَرِبَةً مُقْفِرَةً مِنْ مَجْدَلَ إِلَى أَسْوَانَ إِلَى تُخُمِ كُوشَ. 11لاَ تَمُرُّ فِيهَا رِجْلُ إِنْسَانٍ، وَلاَ تَمُرُّ فِيهَا رِجْلُ بَهِيمَةٍ، وَلاَ تُسْكَنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً. 12وَأَجْعَلُ أَرْضَ مِصْرَ مُقْفِرَةً فِي وَسَطِ الأَرَاضِي الْمُقْفِرَةِ، وَمُدُنَهَا فِي وَسَطِ الْمُدُنِ الْخَرِبَةِ تَكُونُ مُقْفِرَةً أَرْبَعِينَ سَنَةً. وَأُشَتِّتُ الْمِصْرِيِّينَ بَيْنَ الأُمَمِ وَأُبَدِّدُهُمْ فِي الأَرَاضِي. 13لأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: عِنْدَ نَهَايَةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً أَجْمَعُ الْمِصْرِيِّينَ مِنَ الشُّعُوبِ الَّذِينَ تَشَتَّتُوا بَيْنَهُمْ 14وَأَرُدُّ سَبْيَ مِصْرَ, وَأُرْجِعُهُمْ إِلَى أَرْضِ فَتْرُوسَ إِلَى أَرْضِ مِيلاَدِهِمْ، وَيَكُونُونَ هُنَاكَ مَمْلَكَةً حَقِيرَةً. 15تَكُونُ أَحْقَرَ الْمَمَالِكِ فَلاَ تَرْتَفِعُ بَعْدُ عَلَى الأُمَمِ، وَأُقَلِّلُهُمْ لِكَيْلاَ يَتَسَلَّطُوا عَلَى الأُمَمِ. 16فَلاَ تَكُونُ بَعْدُ مُعْتَمَداً لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ، مُذَكِّرَةَ الإِثْمِ بِـانْصِرَافِهِمْ وَرَاءَهُمْ، وَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا السَّيِّدُ الرَّبُّ].) حزقيال 29: 8-16.
                (... وَكَثِيرُونَ مِنْ شُعُوبِ الأَرْضِ تَهَوَّدُوا لأَنَّ رُعْبَ الْيَهُودِ وَقَعَ عَلَيْهِمْ.) أستير 8: 17.
                وهكذا ينشر الرب دينه بين الكفار بالسيف والإبادة الجماعية، ونشر الأمراض والأوبئة، وإقفار الأرض، وقتلهم بالسيف، وجعلهم عبيد لبنى إسرائيل. فهل توجد بعد ذلك رحمة أو محبة لم يستعملها إله المحبة لنشر دينه والتعريف بنفسه؟
                هذا هو إله المحبة الذى يُدعى إليه الناس، والذى لا يرتد حمو غضبه إلا بالتمثيل بجثث القتلى! (4فَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى: «خُذْ جَمِيعَ رُؤُوسِ الشَّعْبِ وَعَلِّقْهُمْ لِلرَّبِّ مُقَابِل الشَّمْسِ فَيَرْتَدَّ حُمُوُّ غَضَبِ الرَّبِّ عَنْ إِسْرَائِيل».) العدد 25: 4.


                رحمته مع أهل الكتاب:

                عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: (كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَمَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعُودُهُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ أَسْلِمْ فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم فَأَسْلَمَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ) متفق عليه.
                عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى قَالَ: كَانَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ رضى الله عنهم قَاعِدَيْنِ بِالْقَادِسِيَّةِ فَمَرُّوا عَلَيْهِمَا بِجَنَازَةٍ فَقَامَا فَقِيلَ لَهُمَا إِنَّهَا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ أَيْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَقَالَا: (إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ فَقَامَ فَقِيلَ لَهُ إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ فَقَالَ أَلَيْسَتْ نَفْسًا) البخاري.
                عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: (أَنَّ يَهُودَ أَتَوْا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكُمْ فَقَالَتْ عَائِشَةُ عَلَيْكُمْ وَلَعَنَكُمْ اللَّهُ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ قَالَ مَهْلًا يَا عَائِشَةُ عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ وَإِيَّاكِ وَالْعُنْفَ وَالْفُحْشَ قَالَتْ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا قَالَ أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قُلْتُ رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ فَيُسْتَجَابُ لِي فِيهِمْ وَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيَّ) رواه البخاري ومسلم.
                وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه (أَنَّ اِمْرَأَةً مِنْ الْيَهُودِ أَهْدَتْ لِرَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم شَاةً مَسْمُومَةً فَأَكَلَ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: أَمْسِكُوا فَإِنَّهَا مَسْمُومَة، وَقَالَ لَهَا: مَا حَمَلَك عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَتْ. أَرَدْت إِنْ كُنْت نَبِيًّا فَيُطْلِعُك اللَّهُ، وَإِنْ كُنْت كَاذِبًا فَأُرِيحَ النَّاسَ مِنْك، قَالَ فَمَا عَرَضَ لَهَا).
                قَالَ الْبَيْهَقِيُّ. يُحْتَمَل أَنْ يَكُون تَرَكَهَا أَوَّلًا ثُمَّ لَمَّا مَاتَ بِشْر بْن الْبَرَاءِ مِنْ الْأَكْلَةِ قَتَلَهَا، وَبِذَلِكَ أَجَابَ السُّهَيْلِيُّ وَزَادَ: أَنَّهُ كَانَ تَرَكَهَا لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَنْتَقِم لِنَفْسِهِ، ثُمَّ قَتَلَهَا بِبَشَرٍ قِصَاصًا. فتح الباري لابن حجر (12/62).
                وعَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ: (سَحَرَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ مِنْ بَنِى زُرَيْقٍ يُقَالُ لَهُ لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ ، حَتَّى كَانَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّىْءَ وَمَا فَعَلَهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَهْوَ عِنْدِى لَكِنَّهُ دَعَا وَدَعَا ثُمَّ قَالَ «يَا عَائِشَةُ، أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِى فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ، أَتَانِى رَجُلاَنِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِى، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَىَّ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ مَا وَجَعُ الرَّجُلِ فَقَالَ مَطْبُوبٌ. قَالَ مَنْ طَبَّهُ قَالَ لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ. قَالَ فِى أَىِّ شَىْءٍ قَالَ فِى مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ، وَجُفِّ طَلْعِ نَخْلَةٍ ذَكَرٍ. قَالَ وَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِى بِئْرِ ذَرْوَانَ» . فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَجَاءَ فَقَالَ «يَا عَائِشَةُ كَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ، أَوْ كَأَنَّ رُءُوسَ نَخْلِهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ» . قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ أَسْتَخْرِجُهُ قَالَ «قَدْ عَافَانِى اللَّهُ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ فِيهِ شَرًّا». فَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ). متفق عليه.
                يقول فضيلة الشيخ سليمان بن ناصر العلوان: (ومن ثمَّ اتفق الصحابة – رضي الله عنهم – على قتل الساحرِ والساحرة لعظم شرّهم وكثرة خطرهم وبعدهم عن الإيمان وقُربهم من الشيطان، فعند أبي داود بسند صحيح من طريق سفيان عن عمرو بن دينار عن بجالة بن عبدة قال: جاءَنا كتاب عمر رضي الله عنه قبل موته بسنةٍ: "اقتلوا كل ساحر".
                يقول الدكتور عبد السلام السكري: (يرى المالكية والحنفية في المشهور عنهم وبعض قليل من الشافعية ورواية عن الحنابلة ومعهم بعض العلماء أن الساحر يقتل ولا يستتاب ولا تقبل توبته لأنه اعتقد ما علم تحريمه ضرورة وكفر بالله العظيم وعظم غير الله كالشياطين والكواكب ونحوها وجمع إلى ذلك السعي بالفساد في الأرض ، ولأن السحر معنى في قلبه لا يزول بالتوبة فهو كالزنديق وهو من يبطن الكفر ويظهر الإسلام).
                قال أبو بكر الجصاص: (قال الإمام أبو حنيفة: الساحر يقتل إذا علم أنه ساحر ولا يستتاب ولا يقبل قوله إني أترك السحر وأتوب منه، فإذا أقر أنه ساحر فقد حل دمه، وكذلك العبد المسلم، والحر الذمي من أقر منهم أنه ساحر فقد حل دمه) (تفسير آيات الأحكام – 1 / 85).
                وعلى الرغم من ذلك عفا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه، ولم يحاكمه أو يثأر لنفسه.
                عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه: عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا). رواه البخاري والنسائي.
                أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ سُلَيْمٍ أَخْبَرَهُ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَبْنَاءِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ آبَائِهِمْ دِنْيَةً: وعَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا أَوْ انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ). رواه أبو داود وصححه الألباني.
                عَنْ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ السُّلَمِيِّ _ قَالَ: (نَزَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ وَمَعَهُ مَنْ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ وَكَانَ صَاحِبُ خَيْبَرَ رَجُلًا مَارِدًا مُنْكَرًا فَأَقْبَلَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَلَكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا حُمُرَنَا وَتَأْكُلُوا ثَمَرَنَا وَتَضْرِبُوا نِسَاءَنَا فَغَضِبَ يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ يَا ابْنَ عَوْفٍ ارْكَبْ فَرَسَكَ ثُمَّ نَادِ أَلَا إِنَّ الْجَنَّةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِمُؤْمِنٍ وَأَنْ اجْتَمِعُوا لِلصَّلَاةِ قَالَ فَاجْتَمَعُوا ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَامَ فَقَالَ أَيَحْسَبُ أَحَدُكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ قَدْ يَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُحَرِّمْ شَيْئًا إِلَّا مَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ أَلَا وَإِنِّي وَاللَّهِ قَدْ وَعَظْتُ وَأَمَرْتُ وَنَهَيْتُ عَنْ أَشْيَاءَ إِنَّهَا لَمِثْلُ الْقُرْآنِ أَوْ أَكْثَرُ وَإِنَّ اللَّهَ عز وجل لَمْ يُحِلَّ لَكُمْ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتَ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا بِإِذْنٍ وَلَا ضَرْبَ نِسَائِهِمْ وَلَا أَكْلَ ثِمَارِهِمْ إِذَا أَعْطَوْكُمْ الَّذِي عَلَيْهِمْ) . رواه أبي داود وحسنه الألباني.
                عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ثُمَّ قَالَ اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تَمْثُلُوا وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ أَوْ خِلَالٍ فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ .....الحديث) رواه مسلم عن بُرَيْدَةَ والنُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ.
                قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه :(قَدِمَ طُفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو الدَّوْسِيُّ وَأَصْحَابُهُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ دَوْسًا عَصَتْ وَأَبَتْ فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهَا فَقِيلَ هَلَكَتْ دَوْسٌ قَالَ اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بِهِمْ). متفق عليه.


                رحمته وحلمه بالمنافقين:

                عَنْ جَابِر رضي الله عنه قَالَ: (غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ ثَابَ مَعَهُ نَاسٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ حَتَّى كَثُرُوا وَكَانَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلٌ لَعَّابٌ فَكَسَعَ أَنْصَارِيًّا فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ غَضَبًا شَدِيدًا حَتَّى تَدَاعَوْا وَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ يَا لَلْأَنْصَارِ وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ يَا لَلْمُهَاجِرِينَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مَا بَالُ دَعْوَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ ثُمَّ قَالَ مَا شَأْنُهُمْ فَأُخْبِرَ بِكَسْعَةِ الْمُهَاجِرِيِّ الْأَنْصَارِيَّ قَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم دَعُوهَا فَإِنَّهَا خَبِيثَةٌ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ أَقَدْ تَدَاعَوْا عَلَيْنَا لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ فَقَالَ عُمَرُ أَلَا نَقْتُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الْخَبِيثَ لِعَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّهُ كَانَ يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ) وفى رواية (قَالَ عُمَرُ دَعْنِي أَضْرِبُ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ فَقَالَ دَعْهُ لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ). متفق عليه.
                عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: (أَنَّهُ قَالَ لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ دُعِيَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَثَبْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُصَلِّي عَلَى ابْنِ أُبَيٍّ وَقَدْ قَالَ يَوْمَ كَذَا كَذَا وَكَذَا قَالَ أُعَدِّدُ عَلَيْهِ قَوْلَهُ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ أَخِّرْ عَنِّي يَا عُمَرُ فَلَمَّا أَكْثَرْتُ عَلَيْهِ قَالَ إِنِّي خُيِّرْتُ فَاخْتَرْتُ لَوْ أَعْلَمُ أَنِّي إِنْ زِدْتُ عَلَى السَّبْعِينَ يُغْفَرْ لَهُ لَزِدْتُ عَلَيْهَا قَالَ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ انْصَرَفَ فَلَمْ يَمْكُثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى نَزَلَتْ الْآيَتَانِ مِنْ بَرَاءَةَ: [إشارة إلى قوله تعالى {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ * وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ}) [التوبة 84-85].
                قَالَ فَعَجِبْتُ بَعْدُ مِنْ جُرْأَتِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ) متفق عليه.


                من أقوال المستشرقين المنصفين فى دراسة التاريخ عن محمد صلى الله عليه وسلم:

                وهو دراسة للدكتور نبيل لوقا بباوى تحت عنوان: "انتشار الإسلام بحد السيف بين الحقيقة والافتراء"، يرد فيه على الذين يتهمون الإسلام بأنه انتشر بحد السيف وأجبر الناس على الدخول فيه واعتناقه بالقوة.
                وناقشت الدراسة هذه التهمة الكاذبة بموضوعية علمية وتاريخية أوضحت خلالها أن الإسلام، بوصفه دينا سماويا، لم ينفرد وحده بوجود فئة من أتباعه لا تلتزم بأحكامه وشرائعه ومبادئه التي ترفض الإكراه على الدين، وتحرم الاعتداء على النفس البشرية. إن سلوك وأفعال وفتاوى هذه الفئة من الولاة والحكام والمسلمين غير الملتزمين لا تمت إلى تعاليم الإسلام بصلة.
                وقالت الدراسة: حدث في المسيحية أيضًا التناقض بين تعاليمها ومبادئها التي تدعو إلى المحبة والتسامح والسلام بين البشر وعدم الاعتداء على الغير وبين ما فعله بعض أتباعها في البعض الآخر من قتل وسفك دماء واضطهاد وتعذيب، مما ترفضه المسيحية ولا تقره مبادئها، مشيرة إلى الاضطهاد والتعذيب والتنكيل والمذابح التي وقعت على المسيحيين الأرثوذكس في مصر من الدولة الرومانية ومن المسيحيين الكاثوليك، لاسيما في عهد الإمبراطور دقلديانوس الذي تولى الحكم في عام 284م، فكان في عهده يتم تعذيب المسيحيين الأرثوذكس في مصر بإلقائهم في النار أحياء، أو كشط جلدهم بآلات خاصة، أو إغراقهم في زيت مغلي، أو إغراقهم في البحر أحياء، أو صلبهم ورؤوسهم منكسة إلى أسفل، ويتركون أحياء على الصليب حتى يهلكوا جوعا، ثم تترك جثثهم لتأكلها الغربان، أو كانوا يوثقون في فروع الأشجار، ويتم تقريب فروع الأشجار بآلات خاصة ثم تترك لتعود لوضعها الطبيعي فتتمزق الأعضاء الجسدية للمسيحيين إربا إربا.
                وقال بباوي إن أعداد المسيحيين الذين قتلوا بالتعذيب في عهد الإمبراطور دقلديانوس يقدر بأكثر من مليون مسيحي، إضافة إلى المغالاة في الضرائب التي كانت تفرض على كل شيء حتى على دفن الموتى، لذلك قررت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر اعتبار ذلك العهد عصر الشهداء في مصر، وأرخوا به التقويم القبطي تذكيرًا بالتطرف المسيحي.
                وأشار الباحث إلى الحروب الدموية التي حدثت بين الكاثوليك والبروتستانت في أوروبا، وما لاقاه البروتستانت من العذاب والقتل والتشريد والحبس في غياهب السجون إثر ظهور المذهب البروتستانتي على يد الراهب مارتن لوثر الذي ضاق ذرعا بمتاجرة الكهنة بصكوك الغفران.
                وهدفت الدراسة من وراء عرض هذا الصراع المسيحي إلى:
                أولاً:
                عقد مقارنة بين هذا الاضطهاد الديني الذي وقع على المسيحيين الأرثوذكس من قبل الدولة الرومانية ومن المسيحيين الكاثوليك وبين التسامح الديني الذي حققته الدولة الإسلامية في مصر، وحرية العقيدة الدينية التي أقرها الإسلام لغير المسلمين، وتركهم أحرارًا في ممارسة شعائرهم الدينية داخل كنائسهم، وتطبيق شرائع ملتهم في الأحوال الشخصية، مصداقًا لقوله تعالى في سورة البقرة: "لا إكراه في الدين"، وتحقيق العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات بين المسلمين وغير المسلمين في الدولة الإسلامية إعمالا للقاعدة الإسلامية "لهم ما لنا وعليهم ما علينا"، وهذا يثبت أن الإسلام لم ينتشر بالسيف والقوة لأنه تم تخيير غير المسلمين بين قبول الإسلام أو البقاء على دينهم مع دفع الجزية (ضريبة الدفاع عنهم وحمايتهم وتمتعهم بالخدمات)، فمن اختار البقاء على دينه فهو حر.. وقد كان في قدرة الدولة الإسلامية أن تجبر المسيحيين على الدخول في الإسلام بقوتها، أو أن تقضي عليهم بالقتل إذا لم يدخلوا في الإسلام قهرًا، ولكن الدولة الإسلامية لم تفعل ذلك تنفيذًا لتعاليم الإسلام ومبادئه، فأين دعوى انتشار الإسلام بالسيف؟
                ثانيًا:
                إثبات أن الجزية التي فرضت على غير المسلمين في الدولة الإسلامية بموجب عقود الأمان التي وقعت معهم، إنما هي ضريبة دفاع عنهم في مقابل حمايتهم والدفاع عنهم من أي اعتداء خارجي، لإعفائهم من الاشتراك في الجيش الإسلامي حتى لا يدخلوا حربًا يدافعون فيها عن دين لا يؤمنون به.. ومع ذلك فإذا اختار غير المسلم أن ينضم إلى الجيش الإسلامي برضاه فإنه يعفى من دفع الجزية
                وتقول الدراسة إن الجزية كانت تأتي أيضًا نظير التمتع بالخدمات العامة التي تقدمها الدولة للمواطنين مسلمين وغير مسلمين، والتي ينفق عليها من أموال الزكاة التي يدفعها المسلمون بصفتها ركنًا من أركان الإسلام، وهذه الجزية لا تمثل إلا قدرًا ضئيلا متواضعًا لو قورنت بالضرائب الباهظة التي كانت تفرضها الدولة الرومانية على المسيحيين في مصر، ولا يعفى منها أحد، في حين أن أكثر من 70% من الأقباط الأرثوذكس كانوا يعفون من دفع هذه الجزية؛ فقد كان يعفى من دفعها: القصر والنساء والشيوخ والعجزة وأصحاب الأمراض والرهبان.
                ثالثًا:
                إثبات أن تجاوز بعض الولاة المسلمين أو بعض الأفراد أو بعض الجماعات من المسلمين في معاملاتهم لغير المسلمين إنما هي تصرفات فردية شخصية لا تمت لتعاليم الإسلامبصلة، ولا علاقة لها بمبادئ الدين الإسلامي وأحكامه، فإنصافًا للحقيقة ينبغي ألا ينسب هذا التجاوز للدين الإسلامي، وإنما ينسب إلى من تجاوز، وهذا بالضبط يتساوى مع رفض المسيحية للتجاوزات التي حدثت من الدولة الرومانية ومن المسيحيين الكاثوليك ضد المسيحيين الأرثوذكس.. ويتساءل قائلا:
                لماذا إذن يغمض بعض المستشرقين عيونهم عن التجاوز الذي حدث في جانب المسيحية ولا يتحدثون عنه، بينما يجسمون التجاوز الذي حدث في جانب الإسلام، ويتحدثون عنه؟! ولماذا الكيل بمكيالين؟! والوزن بميزانين؟!
                وأكد الباحث أنه اعتمد في دراسته على القرآن والسنة وما ورد عن السلف الصالح من الخلفاء الراشدين، لأن في هذه المصادر وفي سير هؤلاء المسلمين الأوائل الإطار الصحيح الذي يظهر كيفية انتشار الإسلام وكيفية معاملته لغير المسلمين.
                ويواصل قائلا: أما ما يفعله المستشرقون من الهجوم على الإسلام والحضارة الإسلامية من خلال إيراد أمثلة معينة في ظروف معينة لموقف بعض أولي الأمر من المسلمين أو لآراء بعض المجتهدين والفقهاء، أو لموقف أهل الرأي من المسلمين في ظروف خاصة في بعض العهود التي سيطر فيها ضيق الأفق والجهل والتعصب، فإن هذه الاجتهادات بشرية تحتمل الصواب والخطأ، في حين أن ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية لا يحتمل الخطأ.
                ويضيف: إذا كانت هناك أفعال لبعض الولاة المسلمين أو بعض الجماعات تخالف أحكام الكتاب أو السنة فهي تنسب إلى أصحابها، ولا يمكن أن تنسب إلى الإسلام، وطالبت الدراسة المسلمين أن يعيدوا النظر في أسلوبهم ومنهجهم عند مخاطبة غير المسلمين، وأن يسيروا في الطريق السليم الصحيح الذي رسمه لهم دينهم الإسلامي، وسار فيه الرسول والخلفاء الراشدون من بعده، لاسيما بعد الهجوم الشرس الذي يتعرض له الإسلام حاليا بعد أحداث 11 سبتمبر عام 2001م.
                وأكدت الدراسة على ضرورة مخاطبة الغرب وأمريكا والعالم الخارجي بأسلوب الإقناع بعيداً عن العصبية، لتغيير المفاهيم التي روج لها المستشرقون في الغرب، واستغلها الساسة والمثقفون والكتاب الذين لهم موقف معاد للإسلام، ويتحلون بروح التعصب، لأن الإقناع بحقائق الأمور في حقيقة الإسلام هو خير وسيلة لتغيير المفاهيم في الغرب عن الإسلام عبر التاريخ وعبر التسلسل التاريخي لرسالة الإسلام.
                ومضت الدراسة تدحض ما يقوله البعض من أن الإسلام انتشر بحد السيف، وأنه قتل أصحاب الديانات المخالفة، وأجبرهم على الدخول في الدين الإسلامي قهرًا وبالعنف، موضحة أن الرسول بدأ بدعوة أصحابه في مكة ممن كان يثق فيهم، فأسلم أبو بكر الصديق وخديجة وعثمان بن عفان والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف وتبعهم غيرهم، وكان الرسول يعرض الإسلام في موسم الحج على القبائل في مكة، وقد اقتنع جماعة من الأوس والخزرج بدعوته، وحينما عادوا إلى يثرب أو المدينة دعوا أهلها للدخول في الإسلام، تم ذلك دون أن يستل الرسول سيفًا أو يقاتل أحدًا، بل العكس هو الصحيح، لقد تعرض المسلمون للاضطهاد من مشركي قريش، وكان سلاح المشركين الإهانة والضرب المفرط والتنكيل بالمسلمين بأبشع ألوان التعذيب، ولم يفكر المسلمون بإخراج السيوف من أغمدتها.
                وقالت الدراسة إن الرسول أمضى في مكة ثلاث عشرة سنة يدعوهم للدخول في الإسلام بالحجة والموعظة الحسنة، وبعد أن استنب الأمر للإسلام داخل المدينة بدأ الرسول نشره خارجها بالحجة والإقناع للكفار الذين لا يؤمنون بالله وإلا فالقتال.. أما أصحاب الديانات الأخرى السماوية كاليهودية والمسيحية فكان يخيرهم بين دخول الإسلام عن اقتناع أو دفع الجزية، فإن لم يستجيبوا يقاتلهم، وهذا التخيير يعني أن الإسلام لم ينتشر بحد السيف كما يردد بعض المستشرقين.


                وعن غزوات الرسول
                صلى الله عليه وسلم وأسبابها:

                ثم جاءت موقعة بدر التي لم تكن من أجل نشر الإسلام بحد السيف، بل كان وراءها رغبة المسلمين في استرداد جزء من حقوقهم المغتصبة وأموالهم ومنازلهم التي تركوها في مكة رغما عنهم قبل الهجرة، فخرجوا لأخذ قافلة تجارية لقريش، وعندما علمت قريش بذلك خرجوا بأسلحتهم لقتال المسلمين.
                ثم كانت موقعة أحد دفاعًا عن النفس والدعوة الإسلامية، لأن كفار قريش بقيادة أبي سفيان توجهوا من مكة إلى جبل أحد بالقرب من المدينة للقضاء على الدعوة الإسلامية في مهدها قبل أن تنتشر في شبه الجزيرة العربية.
                ثم كانت موقعة الخندق أيضا دفاعًا عن النفس، بعد أن قام اليهود بتجميع الأحزاب من القبائل، وعلى رأسهم قريش لمهاجمة المسلمين في المدينة وقتل الرسول ، وقد ثبت في موقعة الخندق أن اليهود هم المحرضون الأساسيون لها، فقد حرضوا قريشاً، ثم توجهوا إلى قبيلة غطفان وقبيلة بني مرة، ثم توجهوا إلى قبائل سليم وأشجع وفزارة وسعد وأسد وحرضوهم على قتال المسلمين، لذلك فقد كان الرسول معه كل الحق حينما طردهم من المدينة، لأنهم نقضوا العهد الذي أبرمه معهم، وانضموا في موقعة أحد إلى أعداء الإسلام، وكانوا كالشوكة في ظهر المسلمين أثناء وجودهم في المدينة بإعطاء أسرارهم لكفار قريش وإحداث المشاكل داخل المدينة ومحاولة الوقيعة بين الأنصار والمهاجرين.
                وبعد صلح الحديبية نجد الإسلام ينتشر بين قادة قريش عن اقتناع، حيث أسلم خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وتوجها بإرادتهما الحرة من مكة إلى المدينة لمقابلة الرسول وأسلما أمامه وبايعاه
                .


                وعن موقف المسلمين من اليهود:

                وفي الوقت الذي يدعي فيه البعض أن الإسلام يقتل أصحاب الديانات الأخرى ويجبرهم على الدخول في الإسلام، فإن الرسول بمجرد قدومه إلى المدينة المنورة عقد تحالفا مع اليهود المقيمين هناك، وذكرت الوثيقة أن اليهود الموجودين في المدينة لهم عهد وذمة الله، وأنهم آمنون على حياتهم وعلى دينهم وأموالهم ويمارسون شعائرهم الدينية، ورغم ذلك فقد خانوا المسلمين ونقضوا العهود.
                ويقول بعض المستشرقين وعلى رأسهم مرجليوث: إن الغرض الأساسي من إغارة المسلمين على اليهود إنما هو الحصول على الغنائم، وهذا غير صحيح، لأن السبب الرئيسي في طرد اليهود من المدينة أنهم نقضوا العهد، ولم يتعاونوا مع المسلمين في الدفاع عن المدينة، وتحالفوا مع أعداء المسلمين، ولذا كان جلاء اليهود ضرورة لتأمين الجبهة الداخلية حماية للدولة الإسلامية الوليدة، وهو حق مشروع، وكان رأي الصحابة هو قتل جميع اليهود، ولكن الرسول رضي بوساطة عبد الله بن أبي بن سلول في يهود بني قينقاع وأمر بإجلائهم أحياء من المدينة، ولم يقتل منهم أحداً رغم أن المسلمين قد انتصروا عليهم.
                كما أجلى يهود بنى النضير دون قتل بعد محاولاتهم الفاشلة لاغتيال رئيس الدولة المتمثل في شخص النبي محمد دون أن يقتل منهم أحدا، ثم كان حكم الصحابي الجليل سعد بن معاذ بقتل الرجال من يهود بني قريظة بعد أن خانوا عهدهم، وألبوا القبائل على المسلمين في غزوة الخندق.
                وبعد أن علم المسلمون بخطة يهود خيبر في الهجوم على المدينة بدأوا بالهجوم، ولم يقتلوهم ولم يجبروهم على الدخول في الإسلام بعد أن قبلوا بدفع الجزية، وقد أرسل الرسول رسائله إلى جميع الملوك والأمراء في السنة السابعة من الهجرة يدعوهم إلى دخول الإسلام.
                ولم يرسل الرسول أي قوات لإجبار أحد على الدخول في الإسلام، ولكنه أرسل حملة لتأديب أمير مؤتة الذي قتل رسوله الحارث بن عمير الأزدي عندما كان في طريقه إلى أمير بصري ليدعوه إلى دخول الإسلام. فلم يكن هدف الحملة نشر الإسلام بحد السيف، ولكنها كانت لمعاقبة أمير مؤتة شرحبيل بن عمرو الغساني لفعلته اللاإنسانية في جمادى الأولى للسنة الثامنة للهجرة عام 629م.
                ولو كان الرسول يريد نشر الإسلام بحد السيف أو يريد الغنائم كما يدعي بعض المستشرقين لكان ترك تبوك وتوجه إلى قوات قيصر الروم المتحصنة داخل الحصون في بلاد الشام وحاصرها من الخارج وقطع عنهم الطعام والمؤن
                ، ومن المؤكد أنها كانت سوف تستجيب لمطالبه إذا طال الحصار عليهم، ولكنه لم يفعل ذلك لا مع أهل تبوك ولا مع ثقيف قبلهم في غزوة حنين، لأن غرضه الأساسي الدفاع عن النفس والدفاع عن الدعوة الإسلامية، وإن كان هذا لا يمنع البدء بالهجوم إذا علم أنه سيهاجَم، باعتبار أن خير وسيلة للدفاع هي الهجوم.
                والسؤال الذي يطرح نفسه على بعض المستشرقين، أين هو انتشار الإسلام بحد السيف في عام الوفود؟ وها هي الوفود من القبائل على رأسها زعماء القبائل وسادتها يأتون طواعية إلى المدينة المنورة، ويتحملون عبء السفر رغم وعورة الطرق في ذلك الوقت، وإثر دخولهم المدينة يتوجهون لمقابلة الرسول بحر إرادتهم يعلنون إسلامهم باسم قبائلهم.
                كما أن الدراسة تؤكد أن حروب الردة التي قادها الخليفة الأول أبو بكر الصديق لم تكن لنشر الإسلام، ولكنها كانت للحفاظ على وحدة الدولة الإسلامية، بعد أن دخلت جميع قبائل العرب في حيز الدولة الإسلامية بكامل إرادتها، ومنها من يدفع الجزية، ومنها من يدفع الزكاة.
                وتشير الدراسة إلى أن الذي قتل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب وهو يصلي في المسجد كان رجلا مسيحيًا من أهل الذمة، ورغم ذلك أوصى عمر من بعده بأهل الذمة خيرًا، وأن يوفى بعهدهم وأن يقاتل عنهم وألا يكلفوا فوق طاقتهم. انتهى
                وانتهى إلى النتيجة الآتية:
                إن الإسلام لم ينتشر بالسيف مطلقا، ولكن بالدعوة التي يحميها السيف، وكما أن للباطل قوة تطغيه، فلابد للحق من قوة تحميه.
                يقول المستشرق الأسباني جان ليك ( 1822-1897) في كتابه: "العرب" ص43 مؤكدًا هذه الحقيقة: )وحياة محمد التاريخية لا يمكن أن توصف بأحسن مما وصفها الله نفسه بألفاظ قليلة، بيَّنَ بها سبب بعث النبي (محمد) (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء 107). وقد برهن بنفسه على أن لديه أعظم الرحمات لكل ضعيف، ولكل محتاج إلى المساعدة، كان محمد رحمة حقيقة لليتامى والفقراء وابن السبيل والمنكوبين والضعفاء والعمال وأصحاب الكد والعناء، وإني بلهفة وشوق لأن أصلى عليه وأن أتبعه).
                ويقول أيضًا ص43: (ما أجمل ما قال المعلم العظيم (محمد صلى الله عليه وسلم) (الخلق كلهم عيال الله وأحب الخلق إلى الله أنفعهم لعياله).
                يقول المستشرق البريطاني لين بول ( 1652-17 19) في مؤلفه: "رسالة في تاريخ العرب" متحدثًا عن سجايا الخلق المحمدي، (نقلا عن كتاب روح الدين الاسلامي ص438): (إن محمدًا كان يتصف بكثير من الصفات كاللطف والشجاعة، وكرم الأخلاق، حتى إن الإنسان لا يستطيع أن يحكم عليه دون أن يتأثر بما تطبعه هذه الصفات في نفسه، ودون أن يكون هذا الحكم صادرًا عن غير ميل أو هوى، كيف لا وقد احتمل محمد عداء أهله وعشرته سنوات بصبر وجلد عظيمين، ومع ذلك فقد بلغ من نبله أنه لم يكن يسحب يده من يد مصافحه حتى لو كان يصافح طفلًا، وأنه لم يمر بجماعة يومًا من الأيام رجالًا كانوا أم أطفالا دون أن يسلم عليهم، وعلى شفتيه ابتسامة حلوة، وبنغمة جميلة كانت تكفي وحدها لتسحر سامعيها، وتجذب القلوب إلى صاحبها جذبًا، وقد كان محمد غيورًا ومتحمسًا، وما كانت حماسته إلا لغرض نبيل، ومعنى سام، فهو لم يتحمس إلا عندما كان ذلك واجبًا مفروضًا لا مفر منه، فقد كان رسول من الله، وكان يريد أن يؤدي رسالته على أكمل وجه، كما أنه لم ينس يومًا من الأيام كيانه أو الغرض الذي بعث من أجله، دائمًا كان يعمل له ويتحمل في سبيله جميع أنواع البلايا، حتى انتهى إلى إتمام ما يريد).
                وأما الكاتب الإنكليزي السير وليم موير فيتناول في مؤلفه: ("حياة محمد"، عبد الرحمن عزام، ص 44-45) سجايا الرسول وشمائله ولين عريكته وتعامله مع الأطفال، فيقول: (ومن صفات محمد الجليلة الجديرة بالذكر، والحريّة بالتنويه، الرقة والاحترام، اللذان كان يعامل بهما أصحابه، حتى أقلهم شأنًا، فالسماحة والتواضع والرأفة والرقة تغلغلت في نفسه، ورسخت محبته عند كل من حوله، وكان يكره أن يقول لا، فإن لم يمكنه أن يجيب الطالب على سؤاله، فضل السكوت على الجواب، ولقد كان أشد حياء من العذراء في خدرها، وقالت عائشة رض الله عنها، وكان إذا ساءه شيء تبينا ذلك في أسارير وجهه، ولم يمس أحدًا بسوء الا في سبيل الله، ويؤثر عنه أنه كان لا يمتنع عن إجابة الدعوة من أحد مهما كان حقيرًا، ولا يرفض هدية مهداة إليه مهما كانت صغيرة، وإذا جلس مع أحد أيًا كان لم يرفع نحوه ركبته تشامخًا وكبرًا، وكان سهلًا لين العريكة مع الأطفال، لا يأنف إذا مر بطائفة منهم يلعبون أن يقرئهم السلام، وكان يشرك غيره في طعامه).
                ويتناول المفكر الإنكليزي توماس كارليل في كتابه: "الأبطال" جوانب من حياة الرسول تظهر رقة قلبه ومحبته لأصدقائه ورحمته، وأنه كان أخًا للإنسانية جمعاء، يقول: (وكانت آ خر كلماته تسبيحًا وصلاة، صوت فؤاد يهم بين الرجاء والخوف أن يصعد إلى ربه. ولا تحسب أن شدة تدينه أزرت بفضله، كلا بل زادته فضلًا، وقد يروى عنه مكرمات عالية، منها قوله حين رزىء بغلامه: «العين تدمع، والقلب يوجع، ولا نقول ما يسخط الرب». ولما استشهد مولاه زيد (بن حارثة) في غزوة "مؤتة" قال محمد: "لقد جاهد زيد في الله حق جهاده، ولقد لقي الله اليوم فلا بأس عليه" ولكن ابنة زيد وجدته بعد ذلك يبكي على جثة أبيها، وجدت الرجل الكهل الذي دب في رأسه المشيب يذوب قلبه دمعًا! فقالت: "ماذا أرى؟" ، قال: "صديق يبكي صديقه". مثل هذه الأقوال وهذه الأفعال ترينا في محمد أخا الإنسانية الرحيم، أخانا جميعًا الرؤوف الشفيق، وابن أمنا الأولى وأبينا الأول). (توماس كارليل: الأبطال، ص 84-85).
                وقال (مولانا محمد علي: حياة محمد وسيرته، ص 269-270): (وسماحة الرسول نحو أعدائه يعز نظيرها في تاريخ العالم. فقد كان عبد الله بن أُبيِّ عدوًا للإسلام، وكان ينفق أيامه ولياليه في وضع الخطط لإيقاع الأذى بالدين الجديد، محرضًا المكيين واليهود تحريضًا موصولًا على سحق المسلمين. ومع ذلك فيوم توفي عبد الله دعا الرسول ربه أن يغفر له، بل لقد قدم رداءه إلى أهله كي يكفنوه به. والمكيون الذين أخضعوه وأصحابه، دائمًا وأبدًا، لأشد التعذيب بربرية منحهم عفوًا عامًا. وفي إمكان المرء أن يخيل المعاملة التي كان يجدر بفاتح دنيوي النزعة أن يعاملهم بها. ولكن صفح الرسول كان لا يعرف حدودًا. فقد غفر لهم ثلاثة عشر عامًا من الاضطهاد والتآمر. وكثيرًا ما أطلق سراح الأسرى في سماحة بالغة، رغم أن عددهم بلغ في بعض الأحيان ستة آلاف أسير. وفي رواية عن عائشة أنه لم ينتقم في أيما يوم من الأيام من امرىء أساء إليه. صحيح أنه أنزل العقوبة ببعض أعدائه في أحوال نادرة جدًا، وفي فترات جد متباعدة. ولكن تلك الحالات كانت تطوى كلها على خيانات بشعة قام بها أناس لم يعد الصفح يجدي في تقويمهم وإصلاحهم. والحق أن ترك أمثال هؤلاء المجرمين سالمين غانمين كان خليقًا به ألا يظن البعض أنه استحسن الأذى أو شجع عليه. والرسول لم يلجأ إلى العقوبة قط حيثما كان ثمة مجال لنجاح سياسة الصفح كرادع إن لم نقل كإجراء إصلاحي. ولقد أسبغ عفوه على أتباع الأديان جميعًا - يهود، ونصارى، ووثنيين، وغيرهم- إنه لم يقصر إحسانه على أتباع دينه فحسب).
                وأنصف المؤرخ المستشرق الفرنسي سيديو الحضارة الإسلامية، وأعطاها حقها: (نقلا عن كتاب الإسلام بين الإنصاف والجحود، ص 134)، فقال: (من التجني على حقائق التاريخ ما كان من عزو بعض الكتاب إلى محمد القسوة والجبن. فقد نسي هؤلاء أن محمدًا لم يأل جهدًا في إلغاء عادة الثأر الموروثة الكريهة التي كانت ذات حظوة لدى العرب، كحظوة المبارزات بأوروبة فيها مضى. وكأن أولئك الكتاب لم يقرأوا آيات القرآن التي قضى محمد فيها على عادة الوأد الفظيعة. وكأنهم لم يفكروا في العفو الكريم الذي أنعم به على ألد أعدائه بعد فتح مكة، ولا في الرحمة التي حبا بها، كثيرًا من القبائل عند ممارسة قواعد الحرب الشاقة، ولا إلى ما أبداه من أسف على بعض الأمم الشديدة، وكأنهم لم يبصروا أن الأمة أم القبائل العربية كانت تعد الانتقام أمرًا واجبًا وأنها ترى من حق كل مخلص أن يقتل من غير عقاب من يكون خطرًا عليها ذات يوم... وكأنهم لم يعلموا أن محمدًا لم يسئ استعمال ما اتفق له من السلطان العظيم، قضاء لشهوة القسوة الدنيئة، وأنه لم يأل جهدًا - في الغالب - في تقويم من يجور من أصحابه، والكل يعلم أنه رفض - بعد غزوة بدر- رأي عمر بن الخطاب في قتل الأسرى، وأنه عندما حل وقت مجازاة بني قريظة ترك الحكم في مصيرهم لحليفهم القديم سعد بن معاذ، وأنه صفح عن قاتل عمه حمزة، وأنه لم يرفض قط ما طلب إليه من اللطف والسماح).
                ويقول برنارد شو: (إن العالم أحوج ما يكون إلى رجلٍ في تفكير محمد، هذا النبي الذي وضعدينه دائمًا موضع الاحترام والإجلال فإنه أقوى دين على هضم جميع المدنيات، خالدًاخلود الأبد، وإني أرى كثيرًا من بني قومي قد دخلوا هذا الدين على بينة، وسيجد هذاالدين مجاله الفسيح في هذه القارة (يعني أوروبا).
                إنّ رجال الدين في القرون الوسطى، ونتيجةً للجهل أو التعصّب، قد رسموا لدين محمدٍ صورةً قاتمةً، لقد كانوا يعتبرونه عدوًّا للمسيحية،
                لكنّني اطّلعت على أمر هذا الرجل، فوجدته أعجوبةً خارقةً، وتوصلت إلى أنّه لم يكن عدوًّا للمسيحية، بل يجب أنْ يسمّى منقذ البشرية، وفي رأيي أنّه لو تولّى أمر العالم اليوم، لوفّق في حلّ مشكلاتنا بما يؤمن السلام والسعادة التي يرنو البشر إليها).
                قال المستشرق الألماني أولرش هيرمان: الذي لفت نظري أثناء دراستي لهذه الفترة – فترة العصور الوسطى- هو درجة التسامح التي تمتع بها المسلمون، وأخص هنا صلاح الدين الأيوبي، فقد كان متسامحاً جداً تجاه المسيحيين. إن المسيحية لم تمارس الموقف نفسه تجاه الإسلام. ملخصا من جريدة (العالم)، العدد 290، السبت 2 سبتمبر 1989م .
                وقال هنري دي كاستري (مفكر فرنسي): (قرأت التاريخ وكان رأيي بعد ذلك أن معاملة المسلمين للمسيحيين تدل على ترفع في المعاشرة عن الغلظة وعلى حسن مسايرة ولطف مجاملة وهو إحساس لم يشاهد في غير المسلمين آن ذاك).
                وقال ول ديورانت (فيلسوف ومؤرخ أمريكي): (كان أهل الذمة المسيحيون، والزرادشتيون، واليهود، والصابئون يستمتعون في عهد الخلافة الأموية بدرجة من التسامح لا نجد نظيرًا لها في المسيحية في هذه الأيام. فلقد كانوا أحرارًا في ممارسة شعائر دينهم، واحتفظوا بكنائسهم ومعابدهم.. وكانوا يتمتعون بحكم ذاتي يخضعون فيه لزعمائهم وقضاتهم وقوانينهم).


                وَوالله ما عقيدَةُ الإسْلامِ بأهونَ مِنْ عقيدَةِ اليهودِ التي يَنتصرونَ بها، وَلا عقيدَةِ النَّصارى التي يَنتصرون بها، وَلا عقيدَةِ الرافِضةِ التي يَنتصرونَ بها، وَالله لو كانوا صادقينَ لانتصروا بالإسْلامِ، قالَ اللهُ {وإنَّ جُندَنا لهُم الغالبون}، فلمَّا انهزموا وَانكسروا وَاندحروا عَلِمنا أنَّ الإسلامَ مِنْهم برئٌ حقُّ برئٍ.

                رحِمَ
                اللهُ مُقاتِلة الإسْلامِ خالدَ وَالزبيرَ وَسعدَ وَعِكرمَة وَالقعقاعَ وَمُصعبَ وخبابَ وَخُبيبَ وَعلي وَعُمرَ وَعمرو وَابنَ عفَّانَ وأبا بكرَ وإخوانَهم وَالتابعينَ مِنْ بعدِهِم، رأينا رِجالا كسرَ اللهُ بهِمْ شوكَةَ كلِّ ذي شوكَةٍ، وَاليومَ نرى جيَفًا أظهرَ اللهُ عليها كلَّ دودَةٍ وَأرَضةٍ.

                تعليق

                مواضيع ذات صلة

                تقليص

                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                ابتدأ بواسطة ابن الوليد, منذ 5 يوم
                ردود 3
                73 مشاهدات
                0 معجبون
                آخر مشاركة ابن الوليد
                بواسطة ابن الوليد
                 
                ابتدأ بواسطة زين الراكعين, منذ 4 أسابيع
                ردود 0
                31 مشاهدات
                0 معجبون
                آخر مشاركة زين الراكعين  
                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ 4 أسابيع
                ردود 0
                5 مشاهدات
                0 معجبون
                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                بواسطة *اسلامي عزي*
                 
                ابتدأ بواسطة زين الراكعين, منذ 4 أسابيع
                رد 1
                43 مشاهدات
                0 معجبون
                آخر مشاركة زين الراكعين  
                ابتدأ بواسطة زين الراكعين, منذ 4 أسابيع
                ردود 0
                12 مشاهدات
                0 معجبون
                آخر مشاركة زين الراكعين  
                يعمل...
                X