تدرُّج الشيطان فى الكتاب المقدس من القداسة إلى الألوهية

تقليص

عن الكاتب

تقليص

abubakr_3 مسلم اكتشف المزيد حول abubakr_3
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تدرُّج الشيطان فى الكتاب المقدس من القداسة إلى الألوهية

    تدرُّج الشيطان فى الكتاب المقدس من القداسة إلى الألوهية:
    التحوُّل الكبير فى طبع الرب فى صفحات الكتاب المقدس:

    الشيطان هو كائن قبيح، يصوَّر دائمًا بشكل كائن أسود، دلالة على الظلام المادى والمعنوى، ذو رائحة نتنة، ويزوَّد بقرون أو حافر.

    ويؤمن المسيحيون أن الشيطان كان فى الأصل كبير الملائكة، وكان اسمه لوسيفر، وبسبب كبريائه طرد من الجنة ليتحول من ملاك إلى شيطان. إلا أن هذا مُخالف لما نقرأه فى كتابهم المقدس من تبجيل للشيطان، جعله يتمتع فيه الشيطان بمرتبة قرب من الرب، وتأليه تقرب من مرتبة الرب نفسه بل تفوقها.

    و (لوسيفر) كلمة لاتينية تعنى "حامل الضوء" أو "جالب الضوء" وهو مصطلح فلكي روماني يشير إلى "كوكب النهار"، كوكب الزهرة المضيء. وهى أيضًا ترجمة مباشرة للأصل الإغريقي الذي يعني "حامل الفجر، أو الضوء، أو النور"، والعبري هيليل الذي يعني "المضيء" ويحمل نفس المعنى الأسطورى لسارق النار من أجل البشر، بروميثيوس. (ويكيبيديا بتصرف)

    ومعنى هذا أن الشيطان هنا يتمتع بصفة المدافع عن الإنسان، الذى يُذهب الظلمة عنه، بما تعنيه الظلمة من الشر والخوف، وهى صفة إيجابية مائة فى المائة. هذا فى الوقت الذى يصف الرب فيه نفسه بأنه خالق الظلمة والنور، أى الشر والخير، أى جزء منه فقط هو الإيجابى، فإن الشيطان يتمتع فقط بالجانب الخيرى، على الرغم من طرد الرب له من الجنة: (7مُصَوِّرُ النُّورِ وَخَالِقُ الظُّلْمَةِ صَانِعُ السَّلاَمِ وَخَالِقُ الشَّرِّ. أَنَا الرَّبُّ صَانِعُ كُلِّ هَذِهِ.) إشعياء 45: 7

    كان لوسيفر كبير الملائكة ولكنه أخذته الغرور والكبرياء فطرد من الجنة, ليتحول ويكون هو الشيطان. ولقب بلوسيفر لأنه كان أجمل وأذكى وأحكم الملائكة كما يصفه الرب فى سفر حزقيال. ثم تغير اسمه إلى إبليس، بمعنى (خداع, كذاب) وظل اسمه إبليس.

    يخاطب الرب إبليس فى سفر حزقيال كرئيس صور قائلا: (1وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ: 2[يَا ابْنَ آدَمَ، قُلْ لِرَئِيسِ صُورَ. هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَدِ ارْتَفَعَ قَلْبُكَ وَقُلْتَ: أَنَا إِلَهٌ. فِي مَجْلِسِ الآلِهَةِ أَجْلِسُ فِي قَلْبِ الْبِحَارِ. وَأَنْتَ إِنْسَانٌ لاَ إِلَهٌ، وَإِنْ جَعَلْتَ قَلْبَكَ كَقَلْبِ الآلِهَةِ. ....... 12..... هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: أَنْتَ خَاتِمُ الْكَمَالِ، مَلآنٌ حِكْمَةً وَكَـامِلُ الْجَمَالِ. 13كُنْتَ فِي عَدْنٍ جَنَّةِ اللَّهِ. كُلُّ حَجَرٍ كَرِيمٍ سِتَارَتُكَ، عَقِيقٌ أَحْمَرُ وَيَاقُوتٌ أَصْفَرُ وَعَقِيقٌ أَبْيَضُ وَزَبَرْجَدٌ وَجَزْعٌ وَيَشْبٌ وَيَاقُوتٌ أَزْرَقُ وَبَهْرَمَانُ وَزُمُرُّدٌ وَذَهَبٌ. أَنْشَأُوا فِيكَ صَنْعَةَ صِيغَةِ الفُصُوصِ وَتَرْصِيعِهَا يَوْمَ خُلِقْتَ. 14أَنْتَ الْكَرُوبُ الْمُنْبَسِطُ الْمُظَلِّلُ. وَأَقَمْتُكَ. عَلَى جَبَلِ اللَّهِ الْمُقَدَّسِ كُنْتَ. بَيْنَ حِجَارَةِ النَّارِ تَمَشَّيْتَ. 15أَنْتَ كَـامِلٌ فِي طُرُقِكَ مِنْ يَوْمَ خُلِقْتَ حَتَّى وُجِدَ فِيكَ إِثْمٌ.) حزقيال 28: 1-15

    وفى تفسير القمص تادرس يعقوب يقول عن هذه النبوءة إنها تعنى الشيطان نفسه: (يرى القديس جيروم أن كلمة "صور" تعني "محنة [255]"، لهذا فإن ما ورد بخصوص رئيس صور أو ملكها إنما قصد به الشيطان بكونه يدفع الناس إلى المحن والتجارب. وقد رأى الكثير من الآباء أن ما ورد في هذا الأصحاح يصف سقطة الشيطان من درجته الملائكية. وجاء ذلك الوصف مطابقًا لما ورد في (إش 14: 12) عن لوسيفر.)

    وكما يوضح النص أعلاه فقد كان لوسفير أقوى الأرواح التي خلقها الله. ويعني اسمه نجمة الصباح. وكان ينتمي إلى ملائكة "الكاروبيم"، واختاره الله لكي يقوم بمسؤوليات خاصة أخذته إلى حضرة الله.

    ويتكلم عنه إشعياء قائلا: (12كَيْفَ سَقَطْتِ مِنَ السَّمَاءِ يَا زُهَرَةُ بِنْتَ الصُّبْحِ؟ كَيْفَ قُطِعْتَ إِلَى الأَرْضِ يَا قَاهِرَ الأُمَمِ؟ 13وَأَنْتَ قُلْتَ فِي قَلْبِكَ: أَصْعَدُ إِلَى السَّمَاوَاتِ. أَرْفَعُ كُرْسِيِّي فَوْقَ كَوَاكِبِ اللَّهِ وَأَجْلِسُ عَلَى جَبَلِ الاِجْتِمَاعِ فِي أَقَاصِي الشِّمَالِ. 14أَصْعَدُ فَوْقَ مُرْتَفَعَاتِ السَّحَابِ. أَصِيرُ مِثْلَ الْعَلِيِّ.) إشعياء 14: 12-14

    لقد كانت خطة إبليس إذن أن يكون مثل الله العلى، بل أعلى منه، يسيطر علي الدنيا والملكوت العلوى ويحكمهم. فهل نجح إبليس من وجهة نظر الكتاب المقدس؟

    لقد أمر الرب نبيه هارون أن يلقى قرعة بين تيسين، يذبح أحدهما للرب، ويُقدم الآخر لعزازيل. فلك أن تتخيل أن الرب بكل قوته وهيبته لم يتمكن من الاختيار بين التيسين، وفضل أن تلقى قرعة حتى لا يغضب الشيطان على تمييز الرب لنفسه!!

    ولك أن تتخيل هيبة الرب من عزازيل هذا حتى يقدم له تيسًا!

    ولك أن تتخيل قوة إبليس وهيمنته حتى يسجل الرب فى كتابه تودده للشيطان، أو دفعه لجزية ما، أو إعلان لخضوعه له، أو استسلام لمكانة إبليس هذا فى ملكوت الرب وحياته!

    اقرأ: هارون يقدِّم تيسًا لإرضاء الشيطان بأمر الرب: (5وَمِنْ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَأْخُذُ تَيْسَيْنِ مِنَ الْمَعْزِ لِذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ وَكَبْشاً وَاحِداً لِمُحْرَقَةٍ. 6وَيُقَرِّبُ هَارُونُ ثَوْرَ الْخَطِيَّةِ الَّذِي لَهُ وَيُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ بَيْتِهِ. 7وَيَأْخُذُ التَّيْسَيْنِ وَيُوقِفُهُمَا أَمَامَ الرَّبِّ لَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ. 8وَيُلْقِي هَارُونُ عَلَى التَّيْسَيْنِ قُرْعَتَيْنِ: قُرْعَةً لِلرَّبِّ وَقُرْعَةً لِعَزَازِيلَ. 9وَيُقَرِّبُ هَارُونُ التَّيْسَ الَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ لِلرَّبِّ وَيَعْمَلُهُ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ. 10وَأَمَّا التَّيْسُ الَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ لِعَزَازِيلَ فَيُوقَفُ حَيّاً أَمَامَ الرَّبِّ لِيُكَفِّرَ عَنْهُ لِيُرْسِلَهُ إِلَى عَزَازِيلَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ.) لاويين 16: 5-10

    ومن هو عزازيل هذا؟ (8: عزازيل هو شيطان يقيم فى الأماكن المقفرة) كما يقول هامش هذه الفقرة فى الترجمة العربية المشتركة بين كل طوائف المسيحية الكبار: الأرثوذكسية والكاثوليكية والبروتستانتية. وبعد أن كتب الهامش هذا المعنى أراد أن يتوَّه القارىء، فقال: (هناك رأى آخر يقول إن كلمة عزازيل مشتقة من الفعل عزل ومعناه أبعد كذلك فى العربية). لكن نترجم ما قاله آخرًا ونضعه فى النص لنرى هل سيكون لهذا الكلام معنى!!

    وبالطبع لو كان عزازيل هذا ليس إبليس الشيطان الأكبر، لكانت هناك كارثة أن يخضع الرب لشيطان محلى، فكيف سيكون تصرفه إذن وخضوعه أمام إبليس نفسه؟
    ولنرجع إلى الترجمة الكاثوليكية لنرى ماذا قالت: يقول هامش هذه الفقرة: (يبدو أن عزازيل، بحسب الترجمة السريانية، هو اسم شيطان كان العبرانيون القدامى يعتقدون أنه يسكن البريَّة. والبريَّة أرض عقيمة لا يمارس فيها الله عمله المُخصب (راجع الآية 22 و17ظ7+).)

    كيف يوجد فى هذا الكون مكان لا يمارس الرب فيه عمله، ولا سيطرة له عليه؟ أليس هذا اعتراف بأن رب هذا الكتاب إله ناقص، وأن الشيطان ينافسه على الحكم وانتزع منه الأرض والصحراء؟

    وها هى المواضع الذى يقر فيها الكتاب المقدس أن الشيطان هو سيد هذا العالم وإله هذا الدهر ورئيس سلطان الهواء، فارجع إليها! "إله هذا الدهر" (2 كو 4: 4) ، و"رئيس سلطان الهواء" (أف 2: 2)، و"رئيس هذا العالم" (يو 12: 31؛ 16: 11)،

    (4الَّذِينَ فِيهِمْ إِلَهُ هَذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ.) كورنثوس الثانية 4: 4

    (31اَلآنَ دَيْنُونَةُ هَذَا الْعَالَمِ. اَلآنَ يُطْرَحُ رَئِيسُ هَذَا الْعَالَمِ خَارِجاً.) يوحنا 12: 31؛ 14: 3؛ 16: 11

    (11وَأَمَّا عَلَى دَيْنُونَةٍ فَلأَنَّ رَئِيسَ هَذَا الْعَالَمِ قَدْ دِينَ.) يوحنا 16: 11
    (2الَّتِي سَلَكْتُمْ فِيهَا قَبْلاً حَسَبَ دَهْرِ هَذَا الْعَالَمِ، حَسَبَ رَئِيسِ سُلْطَانِ الْهَوَاءِ، الرُّوحِ الَّذِي يَعْمَلُ الآنَ فِي أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ،) أفسس 2: 2

    ولا تتعجب من أن الرب نفسه يدافع عن الأوثان، ويدعو للذبح لها، أسوة بما فعله هو مع عزازيل، فقد اختار العديد من أنبيائه بعلمه الأزلى، وهو يعلم أنهم سيتركونه وسيعبدون الأوثان، ويُضلون عباده. فماذا فعل الرب مع بعضهم؟ لقد حكم على سليمان أنه حكيم، وحكم على أمصيا أنه عمل المستقيم أمامه. فهل الاستقامة فى عبادة الأوثان؟

    وفى النهاية تمكن الشيطان من الرب، وأسره واعتقله فى الصحراء لمدة أربعين يومًا: (1أَمَّا يَسُوعُ فَرَجَعَ مِنَ الأُرْدُنِّ مُمْتَلِئاً مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَكَانَ يُقْتَادُ بِالرُّوحِ فِي الْبَرِّيَّةِ 2أَرْبَعِينَ يَوْماً يُجَرَّبُ مِنْ إِبْلِيسَ. وَلَمْ يَأْكُلْ شَيْئاً فِي تِلْكَ الأَيَّامِ. وَلَمَّا تَمَّتْ جَاعَ أَخِيراً. 3وَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَقُلْ لِهَذَا الْحَجَرِ أَنْ يَصِيرَ خُبْزاً». 4فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «مَكْتُوبٌ أَنْ لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ مِنَ اللهِ». 5ثُمَّ أَصْعَدَهُ إِبْلِيسُ إِلَى جَبَلٍ عَالٍ وَأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ الْمَسْكُونَةِ فِي لَحْظَةٍ مِنَ الزَّمَانِ. 6وَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: «لَكَ أُعْطِي هَذَا السُّلْطَانَ كُلَّهُ وَمَجْدَهُنَّ لأَنَّهُ إِلَيَّ قَدْ دُفِعَ وَأَنَا أُعْطِيهِ لِمَنْ أُرِيدُ. 7فَإِنْ سَجَدْتَ أَمَامِي يَكُونُ لَكَ الْجَمِيعُ». 8فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! إِنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلَهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ». 9ثُمَّ جَاءَ بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَأَقَامَهُ عَلَى جَنَاحِ الْهَيْكَلِ وَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ مِنْ هُنَا إِلَى أَسْفَلَ 10لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ لِكَيْ يَحْفَظُوكَ 11وَأَنَّهُمْ عَلَى أَيَادِيهِمْ يَحْمِلُونَكَ لِكَيْ لاَ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ». 12فَأَجَابَ يَسُوعُ: «إِنَّهُ قِيلَ: لاَ تُجَرِّبِ الرَّبَّ إِلَهَكَ». 13وَلَمَّا أَكْمَلَ إِبْلِيسُ كُلَّ تَجْرِبَةٍ فَارَقَهُ إِلَى حِينٍ.) لوقا 4: 1-13
    فها هو الكتاب يقول عن سليمان إنه عبد الأوثان، وبنى لها المذابح، ودعا الناس لعبادتها: (4وَكَانَ فِي زَمَانِ شَيْخُوخَةِ سُلَيْمَانَ أَنَّ نِسَاءَهُ أَمَلْنَ قَلْبَهُ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى، وَلَمْ يَكُنْ قَلْبُهُ كَامِلاً مَعَ الرَّبِّ إِلَهِهِ كَقَلْبِ دَاوُدَ أَبِيهِ. 5فَذَهَبَ سُلَيْمَانُ وَرَاءَ عَشْتُورَثَ إِلَهَةِ الصَّيْدُونِيِّينَ وَمَلْكُومَ رِجْسِ الْعَمُّونِيِّينَ. 6وَعَمِلَ سُلَيْمَانُ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَلَمْ يَتْبعِ الرَّبَّ تَمَاماً كَدَاوُدَ أَبِيهِ. 7حِينَئِذٍ بَنَى سُلَيْمَانُ مُرْتَفَعَةً لِكَمُوشَ رِجْسِ الْمُوآبِيِّينَ عَلَى الْجَبَلِ الَّذِي تُجَاهَ أُورُشَلِيمَ، وَلِمُولَكَ رِجْسِ بَنِي عَمُّونَ.) الملوك الأول 11: 4-7

    وها هو يحكم عليه يسوع (الرب عندكم) بأنه حكيم، وأنه عظيم، على الرغم من أنه مات على كفره، وحرم الرب أن يجلس شخص من نسله على عرش داود: (42مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِ مَعَ هَذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُ لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ هَهُنَا!) متى 12: 42

    وها هو أمصيا يعبد أوثان بنى ساعير: (14ثُمَّ بَعْدَ مَجِيءِ أَمَصْيَا مِنْ ضَرْبِ الأَدُومِيِّينَ أَتَى بِآلِهَةِ بَنِي سَاعِيرَ وَأَقَامَهُمْ لَهُ آلِهَةً وَسَجَدَ أَمَامَهُمْ وَأَوْقَدَ لَهُمْ.) أخبار الأيام الثانى 25: 14

    وها هو الرب يمتدحه، ويعده من أصحاب العمل الصالح والاستقامة التى ترضى الرب: (3كَانَ عُزِّيَّا ابْنَ سِتَّ عَشَرَةَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ وَمَلَكَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ. وَاسْمُ أُمِّهِ يَكُلْيَا مِنْ أُورُشَلِيمَ. 4وَعَمِلَ الْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ حَسَبَ كُلِّ مَا عَمِلَ أَمَصْيَا أَبُوهُ.) أخبار الأيام الثانى 25: 3-4

    فهل عبادة الأوثان ترضى الرب؟

    أم كان هذا تحكم الشيطان فى الرب وكتابه وكتبته؟

    فإن كان نعم، فقد عرفنا إلى أى دين تدعون؟

    وإن كان لا، فلماذا اختار أنبياء يعلم بعلمه الأزلى أنهم سيضلون، ويعبدون الأوثان؟

    ولماذا امتدح بعضًا من هذه الأنبياء؟

    بل لماذا طالب هارون أن يذبح تيسين، واحدًا له، والآخر لعزازيل؟

    بل لماذا طالب الرب بنى هارون أن يقتلوا كل من عبد الأوثان؟ ألم يقل الكتاب إن هارون هو الذى صنع العجل لهم، وأضلهم عن عبادة الله إلى عبادة الأوثان؟
    (21وَقَالَ مُوسَى لِهَارُونَ: «مَاذَا صَنَعَ بِكَ هَذَا الشَّعْبُ حَتَّى جَلَبْتَ عَلَيْهِ خَطِيَّةً عَظِيمَةً؟» 22فَقَالَ هَارُونُ: «لاَ يَحْمَ غَضَبُ سَيِّدِي! أَنْتَ تَعْرِفُ الشَّعْبَ أَنَّهُ شِرِّيرٌ. 23فَقَالُوا لِيَ: اصْنَعْ لَنَا آلِهَةً تَسِيرُ أَمَامَنَا. لأَنَّ هَذَا مُوسَى الرَّجُلَ الَّذِي أَصْعَدَنَا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لاَ نَعْلَمُ مَاذَا أَصَابَهُ. 24فَقُلْتُ لَهُمْ: مَنْ لَهُ ذَهَبٌ فَلْيَنْزِعْهُ وَيُعْطِنِي. فَطَرَحْتُهُ فِي النَّارِ فَخَرَجَ هَذَا الْعِجْلُ». 25وَلَمَّا رَأَى مُوسَى الشَّعْبَ أَنَّهُ مُعَرًّى (لأَنَّ هَارُونَ كَانَ قَدْ عَرَّاهُ لِلْهُزْءِ بَيْنَ مُقَاوِمِيهِ) 26وَقَفَ مُوسَى فِي بَابِ الْمَحَلَّةِ وَقَالَ: «مَنْ لِلرَّبِّ فَإِلَيَّ!» فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمِيعُ بَنِي لاَوِي. 27فَقَالَ لَهُمْ: «هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: ضَعُوا كُلُّ وَاحِدٍ سَيْفَهُ عَلَى فَخِْذِهِ وَمُرُّوا وَارْجِعُوا مِنْ بَابٍ إِلَى بَابٍ فِي الْمَحَلَّةِ وَاقْتُلُوا كُلُّ وَاحِدٍ أَخَاهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ قَرِيبَهُ». 28فَفَعَلَ بَنُو لاَوِي بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. وَوَقَعَ مِنَ الشَّعْبِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ نَحْوُ ثَلاَثَةِ آلاَفِ رَجُلٍ.) خروج 32: 21-28

    فلو كان هارون هو صانع العجل، الذى تسبب فى مقتل 3000 رجلا من بنى إسرائيل على يديه وبنيه، فكيف يكافئهم الرب بأن جعل الكهانة فى أيديهم للأبد؟ (11«فِينَحَاسُ بْنُ أَلِعَازَارَ بْنِ هَارُونَ الكَاهِنُِ قَدْ رَدَّ سَخَطِي عَنْ بَنِي إِسْرَائِيل بِكَوْنِهِ غَارَ غَيْرَتِي فِي وَسَطِهِمْ حَتَّى لمْ أُفْنِ بَنِي إِسْرَائِيل بِغَيْرَتِي. 12لِذَلِكَ قُل هَئَنَذَا أُعْطِيهِ مِيثَاقِي مِيثَاقَ السَّلامِ 13فَيَكُونُ لهُ وَلِنَسْلِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِيثَاقَ كَهَنُوتٍ أَبَدِيٍّ لأَجْلِ أَنَّهُ غَارَ لِلهِ وَكَفَّرَ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيل».) العدد 25: 11-13

    ولو حدث هذا لكان الرب لا يأخذ الإنسان إلا بجريرته، أى لا تزر وازرة وزر أخرى، فقد حاسب الرب من أخطأ، واستمرت النبوة مع موسى أخى هارون اللاوى!!
    * * *

    يُتبع إن شاء الله

  • #2
    رد: تدرُّج الشيطان فى الكتاب المقدس من القداسة إلى الألوهية

    تبعًا لكتبة العهد القديم لم يكن الرب كائنًا يعيش بمفرده، ولا يتحرك إلا فى ركبه، كسيد البلاط أو عمدة القرية، إن جاز هذا التعبير: (1اَللهُ قَائِمٌ فِي مَجْمَعِ اللهِ. فِي وَسَطِ الآلِهَةِ يَقْضِي.) مزامير 82: 1

    وكان هذا الشيطان فى ركب هذا الإله، إن جاز التعبير، ولم يكن هو المسيطر والمتحكم، أو على الأقل المتساوى مع هذا الإله. وقد رأينا هذا فى أمر الرب لهارون أن يساوى الشيطان عزازيل فى الأضحيات التى تقدم للرب، وأن يقدم له أضحية دون أن يميز الرب، بل يقوم بعمل قرعة حتى لا يُظلم إبليس أو على الأقل دون أن يشعر بذلك، ويجرح الرب مشاعره.

    فقد عقد الرب مجلس استشارى للإنتقام من عبده أخاب؛ وذلك لأن الرب بمفرده فشل أن يجد حلا لإغواء أخاب هذا. إلا أنك تفاجأ بل تصعق أن تجد الشيطان ضمن الجالسين المتحاورين فى صحبة الرب دون أن يزعج هذا الرب أو أحدًا من جنده:

    اقرأ
    : رب الأرباب يتفق مع الشيطان للإنتقام من نبيه: (19وَقَالَ: [فَاسْمَعْ إِذاً كَلاَمَ الرَّبِّ: قَدْ رَأَيْتُ الرَّبَّ جَالِساً عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَكُلُّ جُنْدِ السَّمَاءِ وُقُوفٌ لَدَيْهِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ. 20فَقَالَ الرَّبُّ: مَنْ يُغْوِي أَخْآبَ فَيَصْعَدَ وَيَسْقُطَ فِي رَامُوتَ جِلْعَادَ؟ فَقَالَ هَذَا هَكَذَا وَقَالَ ذَاكَ هَكَذَا. 21ثُمَّ خَرَجَ الرُّوحُ وَوَقَفَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: أَنَا أُغْوِيهِ. وَسَأَلَهُ الرَّبُّ: بِمَاذَا؟ 22فَقَالَ: أَخْرُجُ وَأَكُونُ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ. فَقَالَ: إِنَّكَ تُغْوِيهِ وَتَقْتَدِرُ. فَاخْرُجْ وَافْعَلْ هَكَذَا.) ملوك الأول 22: 19-22!

    واجتمع الرب والشيطان عند زكريا، ولم يخش الشيطان الله تعالى ولا بطشه، وكان يدين الكاهن يهوشع: (1وَأَرَانِي يَهُوشَعَ الْكَاهِنَ الْعَظِيمَ قَائِماً قُدَّامَ مَلاَكِ الرَّبِّ وَالشَّيْطَانُ قَائِمٌ عَنْ يَمِينِهِ لِيُقَاوِمَهُ. 2فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: [لِيَنْتَهِرْكَ الرَّبُّ يَا شَيْطَانُ. لِيَنْتَهِرْكَ الرَّبُّ الَّذِي اخْتَارَ أُورُشَلِيمَ. أَفَلَيْسَ هَذَا شُعْلَةً مُنْتَشَلَةً مِنَ النَّارِ؟].) زكريا 3: 1-2

    وهو عين ما قاله القمص يعقوب تادرس فى تفسيره: (لقد وقف الشيطان عن يمين يهوشع ليقاومه ولكن يهوشع يدرك أن الحرب إنما هي ضد الله نفسه، لذا قال: "لينتهرك الرب".)

    بل تجده أكثر من هذا يتحدى الرب، أو يصحح له مفهومه أو يثبت له معرفته بسرائر النفس أكثر من هذا الإله، الذى لا يستحق منصبه هذا فى رأى الشيطان، وإن شئت قل يراهنه على أن أيوب يعبده ويخلص له من أجل إكرام الله له وعطاياه. فهل كسب الرب الرهان وأخلص له أيوب؟ أم كسب الشيطان وكفر أيوب، وبذلك اكتسب الرب من علم الشيطان وصحح ظنه بعبده أيوب؟

    اقرأ
    : رب الأرباب يتفق مع الشيطان لإغواء عبده البار أيوب: (6وَكَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَنَّهُ جَاءَ بَنُو اللهِ لِيَمْثُلُوا أَمَامَ الرَّبِّ وَجَاءَ الشَّيْطَانُ أَيْضَاً فِي وَسَطِهِمْ. 7فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: [مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟] فَأَجَابَ الشَّيْطَانُ: [مِنْ الْجَوَلاَنِ فِي الأَرْضِ وَمِنَ التَّمَشِّي فِيهَا]. 8فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: [هَلْ جَعَلْتَ قَلْبَكَ عَلَى عَبْدِي أَيُّوبَ؟ لأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِي الأَرْضِ. رَجُلٌ كَامِلٌ وَمُسْتَقِيمٌ يَتَّقِي اللهَ وَيَحِيدُ عَنِ الشَّرِّ]. 9فَأَجَابَ الشَّيْطَانُ: [هَلْ مَجَّاناً يَتَّقِي أَيُّوبُ اللهَ؟ 10أَلَيْسَ أَنَّكَ سَيَّجْتَ حَوْلَهُ وَحَوْلَ بَيْتِهِ وَحَوْلَ كُلِّ مَا لَهُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ؟ بَارَكْتَ أَعْمَالَ يَدَيْهِ فَانْتَشَرَتْ مَوَاشِيهِ فِي الأَرْضِ! 11وَلَكِنِ ابْسِطْ يَدَكَ الآنَ وَمَسَّ كُلَّ مَا لَهُ فَإِنَّهُ فِي وَجْهِكَ يُجَدِّفُ عَلَيْكَ]. 12فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: [هُوَذَا كُلُّ مَا لَهُ فِي يَدِكَ وَإِنَّمَا إِلَيهِ لاَ تَمُدَّ يَدَكَ]. ثمَّ خَرَجَ الشَّيْطَانُ مِنْ أَمَامِ وَجْهِ الرَّبِّ.) أيوب 1: 6-12
    وهذا التحدى ينقص من قدرة الرب، ويرفع الشيطان على الرب، إذ إن عملية الإمراض والشفاء ليست بيد الشيطان، بل بيد الله. فكيف تسبب إبليس فى إمراض أيوب؟ أم تنازل الرب عن هذه الصفة ولو مؤقتًا ومنحها الشيطان؟ أم انتزعها الشيطان بحكم قوته التى فاقت قوة الرب عقليا وماديًا، حيث اعتقله أربعين يومًا فى الصحراء (متى 4: 1-11)؟ أم كان يملك الشيطان نفس هذه الصفات الإلهية؟

    وهل هذا من قبيل تعاون الرب والشيطان على الخير أم على الإثم والعدوان؟

    وهل أقنع الرب الشيطان أن يكون فى صفه ويتخذ مبادئه البنَّاءة، أم أقنع الشيطان الرب بمادئه الهدَّامة، وبالتالى اجتمعا على إضلال العبد البار، والإنسان الكامل؟

    (يا بني، إذا مرضت فلا تتهاون، بل صَلِّ إلى الرب فهو يشفيك) يشوع بن سيراخ 38: 9

    فهل كان أيوب يصلى ولم يشفه الرب؟ أم كذب كاتب يشوع بن سيراخ فيما ذكره عن الرب؟ أم كذب الرب فيما ذكره الكاتب؟ أم تراجع الرب فى وعده؟

    (وَتَعْبُدُونَ الرَّبَّ إِلهَكُمْ، فَيُبَارِكُ خُبْزَكَ وَمَاءَكَ، وَأُزِيلُ الْمَرَضَ مِنْ بَيْنِكُمْ) الخروج 23: 25

    وهل كفر أيوب فتركه الرب فى يد الشيطان يحاول أن يصل به إلى الكفر ليريا من سيكسب الرهان؟ أم كان من المؤمنين وكذب الرب فى وعده بإزالة المرض عنه إلا بعد أن ينتصر الشيطان ويصل إلى مأربه؟

    أم كان يمهِّد الرب الطريق لتعريف الناس بإلههم الحقيقى الأعلم والأقوى أى الشيطان ليمهده لحكم العالم؟

    ألم يقل الكتاب المقدس فيما بعد أن الشيطان أسر يسوع فى الصحراء أربعين يومًا يجربه (متى 4: 1-11)؟

    ألم يعترف الرب نفسه أن الشيطان "إله الدهر" (2 كو 4: 4) و"سيد هذا العالم" (يو 12: 31؛ 16: 11)، و"رئيس سلطان الهواء" (أف 2: 2)؟

    (11فَاحْفَظِ الوَصَايَا وَالفَرَائِضَ وَالأَحْكَامَ التِي أَنَا أُوصِيكَ اليَوْمَ لِتَعْمَلهَا. 12«وَمِنْ أَجْلِ أَنَّكُمْ تَسْمَعُونَ هَذِهِ الأَحْكَامَ وَتَحْفَظُونَ وَتَعْمَلُونَهَا يَحْفَظُ لكَ الرَّبُّ إِلهُكَ العَهْدَ وَالإِحْسَانَ اللذَيْنِ أَقْسَمَ لآِبَائِكَ 13وَيُحِبُّكَ وَيُبَارِكُكَ وَيُكَثِّرُكَ وَيُبَارِكُ ثَمَرَةَ بَطْنِكَ وَثَمَرَةَ أَرْضِكَ: قَمْحَكَ وَخَمْرَكَ وَزَيْتَكَ وَنِتَاجَ بَقَرِكَ وَإِنَاثَ غَنَمِكَ عَلى الأَرْضِ التِي أَقْسَمَ لآِبَائِكَ أَنَّهُ يُعْطِيكَ إِيَّاهَا. 14مُبَارَكاً تَكُونُ فَوْقَ جَمِيعِ الشُّعُوبِ. لا يَكُونُ عَقِيمٌ وَلا عَاقِرٌ فِيكَ وَلا فِي بَهَائِمِكَ. 15وَيَرُدُّ الرَّبُّ عَنْكَ كُل مَرَضٍ وَكُل أَدْوَاءِ مِصْرَ الرَّدِيئَةِ التِي عَرَفْتَهَا لا يَضَعُهَا عَليْكَ بَل يَجْعَلُهَا عَلى كُلِّ مُبْغِضِيكَ.) التثنية 7: 11-15

    وكيف وافقه الرب على هذا التحدى؟ ألا ينقص هذا من عزة الرب وثقته بنفسه أمام عبيده؟

    ألا يُخالف ما وصف به الرب نفسه من أنه مطلع على أعمال وقلوب عبيده؟

    (أَيُّهَا
    الرَّبُّ الْقَدِيرُ مُخْتَبِرُ الصِّدِّيقِ وَالْمُطَّلِعُ عَلَى سَرَائِرِ النُّفُوسِ) إرميا 20: 12

    (لأَنَّكَ تَعْرِفُ قَلْبَهُ،فَأَنْتَ وَحْدَكَ الْمُطَّلِعُ عَلَى
    دَخَائِلِ النَّاسِ)أَخْبَارِالأَيَّامِ الثَّانِي6: 30

    (لِذَلِكَ هُوَ مُطَّلِعٌ عَلَى أَعْمَالِهِمْ
    ) أَيُّوبَ 34/25

    (وَلَكِنَّ
    الرَّبَّ مُطَّلِعٌ عَلَى حَوَافِزِ الأَرْوَاحِ) الأَمْثَالِ 16: 2

    (وَلَكِنَّ الرَّبَّ مُطَّلِعٌ عَلَى حَوَافِزِ الْقُلُوب.)
    الأمثال 21: 2

    (ولَكِنِّي مُطَّلِعٌ عَلَى حَرَكَاتِكَ
    وَسَكَنَاتِكَ وَهَيَجَانِكَ عَلَيَّ) إشعياء 37: 27

    فما الذى جعله يثق هذه الثقة فى كلام الشيطان، ويكذب علمه وصفة من صفاته أو على الأقل يعطى احتمالا لصدق الشيطان فى مقابل إظهار خطأ وقع هو نفسه فيه، وينفى عنه الألوهية ويثبتها للشيطان؟

    ما الذى جعله يدخل مع الشيطان فى حوار يتعلق بعمل الرب وألوهيته وتقديره للأشخاص وإيمانهم؟

    ما الذى جعل الإله يدخل فى حوار مع الشيطان ليعدِّل عليه علمه وفهمه للبشر، وتقديره لهم؟

    ألم يضع الرب احتمالا لكذب الشيطان وأنه لا يريد إلا إضلال عبد الرب المؤمن؟ فكيف يطاوعه الرب ويقع فى المصيدة التى نصبها له إبليس؟

    ألم يقل الرب إنه يدافع عن عباده المؤمنين، ولا يتركهم فريسة لأحد من أعدائهم؟

    فأين دفاعه عن أيوب؟ أم حكم الرب على عبده ونبيه أيوب أنه لم يك من المؤمنين؟

    أم هل اتفق الرب مع الشيطان ضد أيوب ليجعله يصل إلى مرتبة اليأس والقنوط من رحمته، مخالفا تعاليمه ومبادئه فى حكم العالم؟

    ألم يقل الرب نفسه إن الأمراض والشفاء بيديه؟

    (وَتَعْبُدُونَ الرَّبَّ إِلهَكُمْ، فَيُبَارِكُ خُبْزَكَ وَمَاءَكَ، وَأُزِيلُ الْمَرَضَ مِنْ بَيْنِكُمْ.)الخروج 23: 25

    (وَيَرُدُّ الرَّبُّ عَنْكَ كُلَّ مَرَضٍ، وَكُلَّ أَدْوَاءِ مِصْرَ الرَّدِيئَةِ الَّتِي عَرَفْتَهَا لاَ يَضَعُهَا عَلَيْكَ، بَلْ يَجْعَلُهَا عَلَى كُلِّ مُبْغِضِيكَ.) التثنية 7: 15

    (أَيْضًا كُلُّ مَرَضٍ وَكُلُّ ضَرْبَةٍ لَمْ تُكْتَبْ فِي سِفْرِ النَّامُوسِ هذَا، يُسَلِّطُهُ الرَّبُّ عَلَيْكَ حَتَّى تَهْلِكَ.) التثنية 28: 61

    (فَيَقُولُ الْجِيلُ الأَخِيرُ، بَنُوكُمُ الَّذِينَ يَقُومُونَ بَعْدَكُمْ، وَالأَجْنَبِيُّ الَّذِي يَأْتِي مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ، حِينَ يَرَوْنَ ضَرَبَاتِ تِلْكَ الأَرْضِ وَأَمْرَاضَهَا الَّتِي يُمْرِضُهَا بِهَا الرَّبُّ.) التثنية 29: 22

    فهل أصاب الرب عبده أيوب بالأمراض وضل الكاتب وظنه الشيطان نفسه؟

    هل هذا الكاتب الذى يخلط بين الرب والشيطان كاتب مؤمن نعتمد على نقله لوحى الرب إليه؟

    أم كان هذا الكتاب كتاب الشيطان الذى أنزل نفسه مرتبة الرب، كما توعَّد هو نفسه الرب من قبل: (13وَأَنْتَ قُلْتَ فِي قَلْبِكَ: أَصْعَدُ إِلَى السَّمَاوَاتِ. أَرْفَعُ كُرْسِيِّي فَوْقَ كَوَاكِبِ اللَّهِ وَأَجْلِسُ عَلَى جَبَلِ الاِجْتِمَاعِ فِي أَقَاصِي الشِّمَالِ. 14أَصْعَدُ فَوْقَ مُرْتَفَعَاتِ السَّحَابِ. أَصِيرُ مِثْلَ الْعَلِيِّ.) إشعياء 14: 13-14

    أليس الشيطان نفسه هو القائل إن الرب يجلس فى مجمع الآلهة معتبرًا نفسه أحد هذه الآلهة التى تحكم العالم؟ (1اَللهُ قَائِمٌ فِي مَجْمَعِ اللهِ. فِي وَسَطِ الآلِهَةِ يَقْضِي.) مزامير 82: 1

    أليس هو نفسه القائل عن نفسه إنه هو إله الدهر (2 كو 4: 4) وسيد هذا العالم (يو 12: 31؛ 16: 11)، و"رئيس سلطان الهواء" (أف 2: 2)؟

    كيف يصدق الرب فى أقواله إنه ينجى عباده المؤمنين؟

    (ضِيْقٌ وَشِدَّةٌ أَصَابَانِي، أَمَّا وَصَايَاكَ فَهِيَ لَذَّاتِي) المزامير 119: 143

    (فإِنَّ الرَّبَّ رؤَوفٌ رَحيمٌ يَغفِرُ الخَطايا ويُخَلِّصُ في يَومِ الضَيق) يشوع بن سيراخ 2: 13 [الترجمة الكاثوليكية]

    (كَثِيرَةٌ هِيَ بَلاَيَا الصِّدِّيقِ، وَمِنْ جَمِيعِهَا يُنَجِّيهِ الرَّبُّ) مزامير 34: 19

    (لأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِي أُنَجِّيهِ. أُرَفِّعُهُ لأَنَّهُ عَرَفَ اسْمِي. يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبُ لَهُ، مَعَهُ أَنَا فِي الضِّيقْ، أُنْقِذُهُ وَأُمَجِّدُهُ. مِنْ طُولِ الأَيَّامِ أُشْبِعُهُ، وَأُرِيهِ خَلاَصِي) المزامير 91: 14-16

    (طُوبَى لِلَّذِي يَنْظُرُ إِلَى الْمِسْكِينِ. فِي يَوْمِ الشَّرِّ يُنَجِّيهِ الرَّبُّ. الرَّبُّ يَحْفَظُهُ وَيُحْيِيهِ. يَغْتَبِطُ فِي الأَرْضِ، وَلاَ يُسَلِّمُهُ إِلَى مَرَامِ أَعْدَائِهِ. الرَّبُّ يَعْضُدُهُ وَهُوَ عَلَى فِرَاشِ الضُّعْفِ. مَهَّدْتَ مَضْجَعَهُ كُلَّهُ فِي مَرَضِهِ) مزامير 41: 1-3

    فلماذا لم يحفظ الرب أيوب عبده المؤمن الكامل من الشيطان وأفعاله؟ لماذا أسلمه إلى مرام أعدائه؟ لماذا لم يعضده؟

    فهل نسى الرب أن أيوب من عباده المؤمنين؟

    ولا تتعجب أنه ينسى، فهذه أقوال عباده المؤمنين عنه التى سجلها الكاتب المؤمن:

    (1إِلَى مَتَى يَا رَبُّ تَنْسَانِي كُلَّ النِّسْيَانِ!) مزامير 13: 1

    (9أَقُولُ لِلَّهِ صَخْرَتِي: لِمَاذَا نَسِيتَنِي؟ لِمَاذَا أَذْهَبُ حَزِيناً مِنْ مُضَايَقَةِ الْعَدُوِّ؟) مزامير 42: 9

    (24لِمَاذَا تَحْجُبُ وَجْهَكَ وَتَنْسَى مَذَلَّتَنَا وَضِيقَنَا؟) مزامير 44: 24

    (24فَسَمِعَ اللهُ أَنِينَهُمْ فَتَذَكَّرَ اللهُ مِيثَاقَهُ مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ.) خروج 2: 24

    وربما لم يتذكر الرب ونسى عبده أثناء نومه أو سُكره الليلى، وهذا طبعًا كما يتخيله الكاتب الوثنى الذى كتب هذا الكلام بوحى من الشيطان، الذى لم يذكره الكتاب مرة نائمًا أو سكرانًا كما قيل عن رب الأرباب:

    (65فَاسْتَيْقَظَ الرَّبُّ كَنَائِمٍ كَجَبَّارٍ مُعَيِّطٍ مِنَ الْخَمْرِ) مزامير 78: 65

    وهذا هو نص اتفاق الرب والشيطان على الإثم والعدوان على عبد الله المؤمن أيوب، وإن شئت قل: إن هذا ما تخيله الكاتب الوثنى الذى كتب هذه الحكاية:

    (1وَكَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَنَّهُ جَاءَ بَنُو اللهِ لِيَمْثُلُوا أَمَامَ الرَّبِّ وَجَاءَ الشَّيْطَانُ أَيْضاً فِي وَسَطِهِمْ لِيَمْثُلَ أَمَامَ الرَّبِّ. 2فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: [مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟] فَأَجَابَ الشَّيْطَانُ: [مِنَ الْجَوَلاَنِ فِي الأَرْضِ وَمِنَ التَّمَشِّي فِيهَا]. 3فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: [هَلْ جَعَلْتَ قَلْبَكَ عَلَى عَبْدِي أَيُّوبَ لأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِي الأَرْضِ! رَجُلٌ كَامِلٌ وَمُسْتَقِيمٌ يَتَّقِي اللهَ وَيَحِيدُ عَنِ الشَّرِّ. وَإِلَى الآنَ هُوَ مُتَمَسِّكٌ بِكَمَالِهِ وَقَدْ هَيَّجْتَنِي عَلَيْهِ لأَبْتَلِعَهُ بِلاَ سَبَبٍ]. 4فَأَجَابَ الشَّيْطَانُ: [جِلْدٌ بِجِلْدٍ وَكُلُّ مَا لِلإِنْسَانِ يُعْطِيهِ لأَجْلِ نَفْسِهِ. 5وَلَكِنِ ابْسِطِ الآنَ يَدَكَ وَمَسَّ عَظْمَهُ وَلَحْمَهُ فَإِنَّهُ فِي وَجْهِكَ يُجَدِّفُ عَلَيْكَ]. 6فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: [هَا هُوَ فِي يَدِكَ وَلَكِنِ احْفَظْ نَفْسَهُ]. 7فَخَرَجَ الشَّيْطَانُ مِنْ حَضْرَةِ الرَّبِّ وَضَرَبَ أَيُّوبَ بِقُرْحٍ رَدِيءٍ مِنْ بَاطِنِ قَدَمِهِ إِلَى هَامَتِهِ. 8فَأَخَذَ لِنَفْسِهِ شَقْفَةً لِيَحْتَكَّ بِهَا وَهُوَ جَالِسٌ فِي وَسَطِ الرَّمَادِ. 9فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: [أَنْتَ مُتَمَسِّكٌ بَعْدُ بِكَمَالِكَ! جَدِّفْ عَلَى اللهِ وَمُتْ!] 10فَقَالَ لَهَا: [تَتَكَلَّمِينَ كَلاَماً كَإِحْدَى الْجَاهِلاَتِ! أَالْخَيْرَ نَقْبَلُ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَالشَّرَّ لاَ نَقْبَلُ؟] فِي كُلِّ هَذَا لَمْ يُخْطِئْ أَيُّوبُ بِشَفَتَيْهِ.) أيوب 2: 1-10

    ونعم النساء! زوجة نبى تأمره بالتجديف على الرب، والموت على الكفر! أليست هذه أمنية الشيطان الكبرى أن يُحشر كل الناس معه فى جهنم؟ فهل ترى أن كاتب هذه القصة يختلف عن الشيطان نفسه؟ فبالله عليكم! ماذا كان سيكتب الشيطان غير ذلك ليقنع السذج أن نتيجة المرض أو الابتلاءات هو اليأس والقنوط والتجديف على الرب أى الكفر به؟

    اقرأ حجم اليأس الذى أصاب أيوب من رحمة الله! وفكر هل ييأس مؤمن من رحمة الله؟ وهل هذا دليل انتصار إبليس على الرب كالمعتاد؟

    (1بَعْدَ هَذَا سَبَّ أَيُّوبُ يَوْمَهُ 2وَأَخَذَ يَتَكَلَّمُ فَقَالَ: 3[لَيْتَهُ هَلَكَ الْيَوْمُ الَّذِي وُلِدْتُ فِيهِ وَاللَّيْلُ الَّذِي قَالَ قَدْ حُبِلَ بِرَجُلٍ! 4لِيَكُنْ ذَلِكَ الْيَوْمُ ظَلاَماً. لاَ يَعْتَنِ بِهِ اللهُ مِنْ فَوْقُ وَلاَ يُشْرِقْ عَلَيْهِ نَهَارٌ. 5لِيَمْلِكْهُ الظَّلاَمُ وَظِلُّ الْمَوْتِ. لِيَحُلَّ عَلَيْهِ سَحَابٌ. لِتُرْعِبْهُ كَاسِفَاتُ النَّهَارِ. 6أَمَّا ذَلِكَ اللَّيْلُ فَلْيُمْسِكْهُ الدُّجَى وَلاَ يَفْرَحْ بَيْنَ أَيَّامِ السَّنَةِ وَلاَ يَدْخُلَنَّ فِي عَدَدِ الشُّهُورِ. 7هُوَذَا ذَلِكَ اللَّيْلُ لِيَكُنْ عَاقِراً! لاَ يُسْمَعْ فِيهِ هُتَافٌ. 8لِيَلْعَنْهُ لاَعِنُو الْيَوْمِ الْمُسْتَعِدُّونَ لإِيقَاظِ التِّنِّينِ. 9لِتُظْلِمْ نُجُومُ عِشَائِهِ. لِيَنْتَظِرِ النُّورَ وَلاَ يَكُنْ وَلاَ يَرَ هُدْبَ الصُّبْحِ 10لأَنَّهُ لَمْ يُغْلِقْ أَبْوَابَ بَطْنِ أُمِّي وَلَمْ يَسْتُرِ الشَّقَاوَةَ عَنْ عَيْنَيَّ. 11لِمَ لَمْ أَمُتْ مِنَ الرَّحِمِ؟ عِنْدَمَا خَرَجْتُ مِنَ الْبَطْنِ لِمَ لَمْ أُسْلِمِ الرُّوحَ؟ 12لِمَاذَا أَعَانَتْنِي الرُّكَبُ وَلِمَ الثُّدِيُّ حَتَّى أَرْضَعَ؟ 13لأَنِّي قَدْ كُنْتُ الآنَ مُضْطَجِعاً سَاكِناً. حِينَئِذٍ كُنْتُ نِمْتُ مُسْتَرِيحاً 14مَعَ مُلُوكٍ وَمُشِيرِي الأَرْضِ الَّذِينَ بَنُوا أَهْرَاماً لأَنْفُسِهِمْ 15أَوْ مَعَ رُؤَسَاءَ لَهُمْ ذَهَبٌ الْمَالِئِينَ بُيُوتَهُمْ فِضَّةً 16أَوْ كَسِقْطٍ مَطْمُورٍ فَلَمْ أَكُنْ كَأَجِنَّةٍ لَمْ يَرُوا نُوراً. 17هُنَاكَ يَكُفُّ الْمُنَافِقُونَ عَنِ الشَّغَبِ وَهُنَاكَ يَسْتَرِيحُ الْمُتْعَبُون. 18الأَسْرَى يَطْمَئِنُّونَ جَمِيعاً. لاَ يَسْمَعُونَ صَوْتَ الْمُسَخِّرِ. 19الصَّغِيرُ كَمَا الْكَبِيرُ هُنَاكَ وَالْعَبْدُ حُرٌّ مِنْ سَيِّدِهِ. 20[لِمَ يُعْطَى لِشَقِيٍّ نُورٌ وَحَيَاةٌ لِمُرِّي النَّفْسِ؟ 21الَّذِينَ يَنْتَظِرُونَ الْمَوْتَ وَلَيْسَ هُوَ وَيَحْفُرُونَ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنَ الْكُنُوزِ 22الْمَسْرُورِينَ إِلَى أَنْ يَبْتَهِجُوا الْفَرِحِينَ عِنْدَمَا يَجِدُونَ قَبْراً. 23لِرَجُلٍ قَدْ خَفِيَ عَلَيْهِ طَرِيقُهُ وَقَدْ سَيَّجَ اللهُ حَوْلَهُ. 24لأَنَّهُ مِثْلَ خُبْزِي يَأْتِي أَنِينِي وَمِثْلَ الْمِيَاهِ تَنْسَكِبُ زَفْرَتِي 25لأَنِّي ارْتِعَاباً ارْتَعَبْتُ فَأَتَانِي وَالَّذِي فَزِعْتُ مِنْهُ جَاءَ عَلَيَّ. 26لَمْ أَطْمَئِنَّ وَلَمْ أَسْكُنْ وَلَمْ أَسْتَرِحْ وَقَدْ جَاءَ الْغَضَبُ].) أيوب 3: 1-26

    وها هو يجدف على الرب، ويعلن فوز الشيطان على إلهه: (18هُوَذَا عَبِيدُهُ لاَ يَأْتَمِنُهُمْ وَإِلَى مَلاَئِكَتِهِ يَنْسِبُ حَمَاقَةً.) أيّوب 4: 18

    (1[قَدْ كَرِهَتْ نَفْسِي حَيَاتِي. أُسَيِّبُ شَكْوَايَ. أَتَكَلَّمُ فِي مَرَارَةِ نَفْسِي 2قَائِلاً لِلَّهِ: لاَ تَسْتَذْنِبْنِي. فَهِّمْنِي لِمَاذَا تُخَاصِمُنِي! 3أَحَسَنٌ عِنْدَكَ أَنْ تَظْلِمَ أَنْ تَرْذُلَ عَمَلَ يَدَيْكَ وَتُشْرِقَ عَلَى مَشُورَةِ الأَشْرَارِ؟ .... 6حَتَّى تَبْحَثَ عَنْ إِثْمِي وَتُفَتِّشَ عَلَى خَطِيَّتِي؟ 7فِي عِلْمِكَ أَنِّي لَسْتُ مُذْنِباً وَلاَ مُنْقِذَ مِنْ يَدِكَ. .... 14إِنْ أَخْطَأْتُ تُلاَحِظُنِي وَلاَ تُبْرِئُنِي مِنْ إِثْمِي. 15إِنْ أَذْنَبْتُ فَوَيْلٌ لِي. وَإِنْ تَبَرَّرْتُ لاَ أَرْفَعُ رَأْسِي. إِنِّي شَبْعَانُ هَوَاناً وَنَاظِرٌ مَذَلَّتِي. 16وَإِنِ ارْتَفَعَ رَأْسِي تَصْطَادُنِي كَأَسَدٍ ثُمَّ تَعُودُ وَتَتَجَبَّرُ عَلَيَّ! ... 20... اتْرُكْ! كُفَّ عَنِّي فَأَبْتَسِمُ قَلِيلاً.) أيوب 10: 1-20

    (19يَذْهَبُ بِالْكَهَنَةِ أَسْرَى وَيَقْلِبُ الأَقْوِيَاءَ. 20يَقْطَعُ كَلاَمَ الأُمَنَاءِ وَيَنْزِعُ ذَوْقَ الشُّيُوخِ. 21يُلْقِي هَوَاناً عَلَى الشُّرَفَاءِ وَيُرْخِي مِنْطَقَةَ الأَشِدَّاءِ. 22يَكْشِفُ الْعَمَائِقَ مِنَ الظَّلاَمِ وَيُخْرِجُ ظِلَّ الْمَوْتِ إِلَى النُّورِ. 23يُكَثِّرُ الأُمَمَ ثُمَّ يُبِيدُهَا. يُوَسِّعُ لِلأُمَمِ ثُمَّ يُشَتِّتُها. 24يَنْزِعُ عُقُولَ رُؤَسَاءِ شَعْبِ الأَرْضِ وَيُضِلُّهُمْ فِي تِيهٍ بِلاَ طَرِيقٍ. 25يَتَلَمَّسُونَ فِي الظَّلاَمِ وَلَيْسَ نُورٌ وَيُرَنِّحُهُمْ مِثْلَ السَّكْرَانِ) أيّوب 12: 19-24

    (11دَفَعَنِيَ اللهُ إِلَى الظَّالِمِ وَفِي أَيْدِي الأَشْرَارِ طَرَحَنِي. 12كُنْتُ مُسْتَرِيحاً فَزَعْزَعَنِي وَأَمْسَكَ بِقَفَايَ فَحَطَّمَنِي وَنَصَبَنِي لَهُ هَدَفاً.) أيّوب 16: 11-12

    (6فَاعْلَمُوا إِذاً أَنَّ اللهَ قَدْ عَوَّجَنِي وَلَفَّ عَلَيَّ أُحْبُولَتَهُ. 7هَا إِنِّي أَصْرُخُ ظُلْماً فَلاَ أُسْتَجَابُ. أَدْعُو وَلَيْسَ حُكْمٌ. 8قَدْ حَوَّطَ طَرِيقِي فَلاَ أَعْبُرُ وَعَلَى سُبُلِي جَعَلَ ظَلاَماً. 9أَزَالَ عَنِّي كَرَامَتِي وَنَزَعَ تَاجَ رَأْسِي. 10هَدَمَنِي مِنْ كُلِّ جِهَةٍ فَذَهَبْتُ وَقَلَعَ مِثْلَ شَجَرَةٍ رَجَائِي 11وَأَضْرَمَ عَلَيَّ غَضَبَهُ وَحَسِبَنِي كَأَعْدَائِهِ.) أيّوب 19: 6-11

    (12مِنَ الْوَجَعِ أُنَاسٌ يَئِنُّونَ وَنَفْسُ الْجَرْحَى تَسْتَغِيثُ وَاللهُ لاَ يَنْتَبِهُ إِلَى الظُّلْمِ.) أيوب 24: 12

    (20إِلَيْكَ أَصْرُخُ فَمَا تَسْتَجِيبُ لِي. أَقُومُ فَمَا تَنْتَبِهُ إِلَيَّ. 21تَحَوَّلْتَ إِلَى جَافٍ مِنْ نَحْوِي. بِقُدْرَةِ يَدِكَ تَضْطَهِدُنِي. 22حَمَلْتَنِي أَرْكَبْتَنِي الرِّيحَ وَذَوَّبْتَنِي تَشَوُّهاً.) أيوب 30: 20-22

    (لأَنَّ أَيُّوبَ قَالَ: تَبَرَّرْتُ وَاللهُ نَزَعَ حَقِّي) أيوب 34: 5

    والأعجب من ذلك أن يسجل الرب بكل فخر واعتزاز إنهزامه أمام الشيطان وسعادته بكفر عبده المؤمن الكامل، ونبيه البار، وإعادته إلى ما كان عليه بعد عدة سنوات من اللآلام النفسية، والكفر والتطاول على الله، وإفقاد الناس الثقة فى الرب، واقتداء الناس بهذا النبى الكافر! ناهيك عن تضيع وقت أيوب ووقت الرب ووقت الشيطان، حيث غير الرب كل ما ترك الشيطان يفعله، وتضييع وقت القارىء فى قصة تصيبه بالإشمئزاز!

    فهل بعد وصف أيوب للرب بأنه هو المضلِّل لعباده المؤمنين، الظالم الذى ينصف كل ظلم، ويضطهد عباده المؤمنين، الغبى الذى يعتبر أعداءه هم المؤمنين، وعباده المؤمنين من أعدائه، ويحفظهم ويقويهم ويبسط لهم ويمد؛ أكرر: هل بعد وصف أيوب للرب بكل هذه الصفات المخزية يُعد من عباد الله المؤمنين، ناهيك عن أن يكون من أنبيائه المقربين؟

    (7وَكَانَ بَعْدَمَا تَكَلَّمَ الرَّبُّ مَعَ أَيُّوبَ بِهَذَا الْكَلاَمِ أَنَّ الرَّبَّ قَالَ لأَلِيفَازَ التَّيْمَانِيِّ: [قَدِ احْتَمَى غَضَبِي عَلَيْكَ وَعَلَى كِلاَ صَاحِبَيْكَ لأَنَّكُمْ لَمْ تَقُولُوا فِيَّ الصَّوَابَ كَعَبْدِي أَيُّوبَ. 8وَالآنَ فَخُذُوا لأَنْفُسِكُمْ سَبْعَةَ ثِيرَانٍ وَسَبْعَةَ كِبَاشٍ وَاذْهَبُوا إِلَى عَبْدِي أَيُّوبَ وَأَصْعِدُوا مُحْرَقَةً لأَجْلِ أَنْفُسِكُمْ وَعَبْدِي أَيُّوبُ يُصَلِّي مِنْ أَجْلِكُمْ لأَنِّي أَرْفَعُ وَجْهَهُ لِئَلاَّ أَصْنَعَ مَعَكُمْ حَسَبَ حَمَاقَتِكُمْ لأَنَّكُمْ لَمْ تَقُولُوا فِيَّ الصَّوَابَ كَعَبْدِي أَيُّوبَ].) أيوب 42: 7-8

    وفى الحقيقة استوقفتنى الجملة الآتية: (3فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: [هَلْ جَعَلْتَ قَلْبَكَ عَلَى عَبْدِي أَيُّوبَ لأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِي الأَرْضِ! رَجُلٌ كَامِلٌ وَمُسْتَقِيمٌ يَتَّقِي اللهَ وَيَحِيدُ عَنِ الشَّرِّ. وَإِلَى الآنَ هُوَ مُتَمَسِّكٌ بِكَمَالِهِ وَقَدْ هَيَّجْتَنِي عَلَيْهِ لأَبْتَلِعَهُ بِلاَ سَبَبٍ].) أيوب 2: 3

    فالرب أمر الشيطان وكلفه بإضلال أشد عباده المؤمنين إيمانًا، وأكثرهم كمالا وتقوة، ويعترف الرب أن الشيطان هيجه عليه بلا سبب!! فما هذا الإله الهوائى ضعيف الشخصية الذى يتلاعب به الشيطان؟ ألست معى فى أن هذا هو هوى وضلال كاتب هذه الرواية؟

    يقول الرب فى سفر طوبيا: (وَإِنَّمَا أَذِنَ الرَّبُّ أَنْ تَعْرِضَ لَهُ هذِهِ التَّجْرِبَةُ لِتَكُونَ لِمَنْ بَعْدَهُ قُدْوَةَ صَبْرِهِ كَأَيُّوبَ الصِّدِّيقِ) طوبيا 2: 12

    وأيضًا: (وَبَارَكَ الرَّبُّ آخِرَةَ أَيُّوبَ أَكْثَرَ مِنْ أُولاَهُ) أيوب 42: 12

    و(وَكَانَ فِيهَا هؤُلاَءِ الرِّجَالُ الثَّلاَثَةُ: نُوحٌ وَدَانِيآلُ وَأَيُّوبُ، فَإِنَّهُمْ إِنَّمَا يُخَلِّصُونَ أَنْفُسَهُمْ بِبِرِّهِمْ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ) حزقيال 14: 14 وأيضًا حزقيال 14: 20

    لكن كيف فهم الرب الزكى كل هذا الكلام الذى نطق به سفر أيوب كما كتبه الكاتب المؤمن جدًا؟ (أيوب 42: 7-8)

    يُتبع إن شاء الله

    تعليق


    • #3
      رد: تدرُّج الشيطان فى الكتاب المقدس من القداسة إلى الألوهية

      فهل نجح أيوب فى تعليمنا الصبر؟ بل هل صبر أيوب نفسه كما فهم الرب وقال؟ لا. لقد كفر، وسب الرب واتهمه بالظلم: (وَاللهُ لاَ يَنْتَبِهُ إِلَى الظُّلْمِ.) أيوب 24: 12

      بل قالها صراحة إن الرب هو الدافع الأساسى له إلى الظلم: (11دَفَعَنِيَ اللهُ إِلَى الظَّالِمِ وَفِي أَيْدِي الأَشْرَارِ طَرَحَنِي. 12كُنْتُ مُسْتَرِيحاً فَزَعْزَعَنِي وَأَمْسَكَ بِقَفَايَ فَحَطَّمَنِي وَنَصَبَنِي لَهُ هَدَفاً.) أيّوب 16: 11-12

      ألا يتهمه بذلك أنه لا يلاحظ ما يفعله عباده؟ ألا يعنى هذا أنه إله لا يستحق التأليه وأنه إله نائم أو ***** أو غير عليم بأحوال عباده؟ ألا ينتزع منه صفات واجبة من صفات الإله، ويعتبره غير جديد بالألوهية؟

      واتهمه بالتعدى على حقه: (لأَنَّ أَيُّوبَ قَالَ: تَبَرَّرْتُ وَاللهُ نَزَعَ حَقِّي) أيوب 34: 5

      واتهم الرب بأنه لا يأتمن عبيده، وبالطبع قد ائتمن الشيطان على رأيه وهاج على عبده بلا سبب، بل وينسب الحماقة إلى ملائكته: (18هُوَذَا عَبِيدُهُ لاَ يَأْتَمِنُهُمْ وَإِلَى مَلاَئِكَتِهِ يَنْسِبُ حَمَاقَةً.) أيّوب 4: 18

      واتهمه باضطهاده وتشويهه: (20إِلَيْكَ أَصْرُخُ فَمَا تَسْتَجِيبُ لِي. أَقُومُ فَمَا تَنْتَبِهُ إِلَيَّ. 21تَحَوَّلْتَ إِلَى جَافٍ مِنْ نَحْوِي. بِقُدْرَةِ يَدِكَ تَضْطَهِدُنِي. 22حَمَلْتَنِي أَرْكَبْتَنِي الرِّيحَ وَذَوَّبْتَنِي تَشَوُّهاً.) أيوب 30: 20-22
      ألم يخاطب الرب معاتبًا له، كافرًا به، أنه يظلم وتشرق أعماله على الأشرار؟ (3أَحَسَنٌ عِنْدَكَ أَنْ تَظْلِمَ أَنْ تَرْذُلَ عَمَلَ يَدَيْكَ وَتُشْرِقَ عَلَى مَشُورَةِ الأَشْرَارِ؟ )؟ أيوب 10: 3

      ومن أظلم من من جحد فضل الله تعالى على الناس! ومن أكفر من من نسب للرب ما هو برىء منه! ومن أكذب من من اتهم الرب بأنه ظالم مفترى على عباده المؤمنين! (19يَذْهَبُ بِالْكَهَنَةِ أَسْرَى وَيَقْلِبُ الأَقْوِيَاءَ. 20يَقْطَعُ كَلاَمَ الأُمَنَاءِ وَيَنْزِعُ ذَوْقَ الشُّيُوخِ. 21يُلْقِي هَوَاناً عَلَى الشُّرَفَاءِ وَيُرْخِي مِنْطَقَةَ الأَشِدَّاءِ. 22يَكْشِفُ الْعَمَائِقَ مِنَ الظَّلاَمِ وَيُخْرِجُ ظِلَّ الْمَوْتِ إِلَى النُّورِ. 23يُكَثِّرُ الأُمَمَ ثُمَّ يُبِيدُهَا. يُوَسِّعُ لِلأُمَمِ ثُمَّ يُشَتِّتُها. 24يَنْزِعُ عُقُولَ رُؤَسَاءِ شَعْبِ الأَرْضِ وَيُضِلُّهُمْ فِي تِيهٍ بِلاَ طَرِيقٍ. 25يَتَلَمَّسُونَ فِي الظَّلاَمِ وَلَيْسَ نُورٌ وَيُرَنِّحُهُمْ مِثْلَ السَّكْرَانِ) أيّوب 12: 19-24

      كما اتهم الرب بأنه هو من عوَّجه، وأنه ظلمه بذلك، ولا يستجيب له لرفع هذا الظلم، بل هدمه ودمره، وحسبه جهلا من أعدائه: (6فَاعْلَمُوا إِذاً أَنَّ اللهَ قَدْ عَوَّجَنِي وَلَفَّ عَلَيَّ أُحْبُولَتَهُ. 7هَا إِنِّي أَصْرُخُ ظُلْماً فَلاَ أُسْتَجَابُ. أَدْعُو وَلَيْسَ حُكْمٌ. 8قَدْ حَوَّطَ طَرِيقِي فَلاَ أَعْبُرُ وَعَلَى سُبُلِي جَعَلَ ظَلاَماً. 9أَزَالَ عَنِّي كَرَامَتِي وَنَزَعَ تَاجَ رَأْسِي. 10هَدَمَنِي مِنْ كُلِّ جِهَةٍ فَذَهَبْتُ وَقَلَعَ مِثْلَ شَجَرَةٍ رَجَائِي 11وَأَضْرَمَ عَلَيَّ غَضَبَهُ وَحَسِبَنِي كَأَعْدَائِهِ.) أيّوب 19: 6-11

      وهذا اعتراف الرب بأنه أذل أيوب المستقيم ورجل الله الكامل، الذى كان يتقى الله ويحيد عن الشر، وظلمه وأمرضه وانتزع حقه بلا سبب، إلا تهييج الشيطان له عليه: (3فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: [هَلْ جَعَلْتَ قَلْبَكَ عَلَى عَبْدِي أَيُّوبَ لأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِي الأَرْضِ! رَجُلٌ كَامِلٌ وَمُسْتَقِيمٌ يَتَّقِي اللهَ وَيَحِيدُ عَنِ الشَّرِّ. وَإِلَى الآنَ هُوَ مُتَمَسِّكٌ بِكَمَالِهِ وَقَدْ هَيَّجْتَنِي عَلَيْهِ لأَبْتَلِعَهُ بِلاَ سَبَبٍ].) أيوب 2: 3

      ألم ينتصر الشيطان على إلهه؟ ألم يجدف أيوب على إلهه ويأس من رحمته؟ ألم يتهم أيوب الرب أنه ظالم ويضطهده ويتجبَّر عليه ظلمًا وعدوانًا؟

      ألا تظهر هذه الرواية أن الشيطان أعمق علمًا وأشمل فهمًا وأكمل رؤية من الرب؟

      ألا تدل هذه الرواية على أن الشيطان أحق بالتأليه من إلهه؟

      ألا تدل هذه الرواية على أن كاتبها لم يتخلص من الوثنية التى كانت تملأ بنى إسرائيل، وجعلتهم هم وأنبياءهم يحيدون عن عبادة الله واستبدلوا إلههم بالأوثان؟

      ألا تدل هذه الرواية على أن أيوب من إبليس لأنه فعل أفعاله؟ (مَنْ يَفْعَلُ الْخَطِيَّةَ فَهُوَ مِنْ إِبْلِيسَ، لأَنَّ إِبْلِيسَ مِنَ الْبَدْءِ يُخْطِئُ. لأَجْلِ هذَا أُظْهِرَ ابْنُ اللهِ لِكَيْ يَنْقُضَ أَعْمَالَ إِبْلِيسَ.) يوحنا الأولى 3: 25

      وإذا كان قول يسوع إن من يغضب على أخيه يكون مستوجب الحكم، ومن يقول له يا أحمق، يكون مستوجبًا نار جهنم: (كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلًا يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ، وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ، وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ.) متى 5: 22

      فما بالك بمن يغضب على الرب نفسه ويتطاول عليه؟

      (الحقد والغضب كِلاهما رجسٌ، والرجل الخاطئ متمسك بهما) يشوع بن سيراخ 27: 33

      (لأَنَّ غَضَبَ الإِنْسَانِ لاَ يَصْنَعُ بِرَّ اللهِ)
      يعقوب 1: 20

      فكيف صنع غضب أيوب بر الرب به؟ هل لأن الرب يعلم أن هذا خطأه من الأساس، فكفر عنه بغفرانه لأيوب واعتباره من الأبرار؟

      ألا تدل هذه الرواية على تفاهة الرب الذى سخَّنه إبليس على عبده المؤمن فتركه يضلله حتى أوصله لدرجة الكفر؟

      ألا تدل هذه الرواية على أن الرب ليس عنده روح رياضية وكذَّاب لم يعترف بهزيمته أمام الشيطان، بل غير وجه الحقيقة وادعى أن أيوب مؤمن؟

      هل من الممكن الاقتداء بفعل الرب هذا بأيوب وتسخين الشيطان له فى الحياة اليومية؟ فما بالك لو اقتدى رئيس ما فى العمل وألان أذنه لشخص ما يسخنه على أحد الزملاء؟ ألن تحكم عليه بالفشل؟

      وفى الحقيقة قد يتضح موقف الكاتب غير المؤمن أكثر من كتابته لحدث واحد مرتين، يخلط فيهما بين الرب والشيطان. وأقصد به تعداد بنى إسرائيل. فقد نسب مرة الأمر لداود بإحصاء بنى إسرائيل للرب نفسه، ومرة نسبه للشيطان:

      (1وَوَقَفَ الشَّيْطَانُ ضِدَّ إِسْرَائِيلَ وَأَغْوَى دَاوُدَ لِيُحْصِيَ إِسْرَائِيلَ.) أخبار الأيام الأول 21: 1

      (1وَعَادَ فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى إِسْرَائِيلَ فَأَهَاجَ عَلَيْهِمْ دَاوُدَ قَائِلاً: «امْضِ وَأَحْصِ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا».) صموئيل الثانى 24: 1

      فهل لم يفرق مع الكاتب الاسم الذى يطلقه على الرب طالما أن الجوهر واحد؟ أى هل اعتبر الكاتب المؤمن جدًا أن الرب هو الشيطان فاستبدل فقط الأسماء، طالما أنها تشير إلى نفس المُسمَّى؟

      وهل بهذه البساطة استجاب داود لأمر الشيطان وسار فى تنفيذ هذا الأمر؟ هل يوحى الشيطان إلى النبى أو يأمره فيستجيب؟

      وإذا كان إحصاء بنى إسرائيل شرًا، فلماذا لم يحفظ الرب نبيه من الوقوع فيه؟ فهل هذه عادة الرب أنه لا يتمكن من إنقاذ عباده المؤمنين من براثن الشيطان؟ وإن كان خيرًا فكيف يأمر الشيطان بالخير؟ فهل غير طبيعته وأصبح آمرًا بالمعروف وناهيًا عن المنكر؟

      فهل اتفق الرب والشيطان على البر والتقوى؟ أم اتفق الرب والشيطان على الإثم والعدوان مرة أخرى؟ هل أنزلوا الرب منزلة الشيطان، أم رفعوا الشيطان لمنزلة الرب؟ أم إن الاثنين وجهان لعملة واحدة؟ ولو كانا كذلك، فما دور الشيطان إذن فى الثالوث؟ أم كان هو مخترع الثالوث، ليضمن العبادة له من دون الله؟ فمن لا يعبد الله الواحد الأحد، فهو يعبد الشيطان!

      أم أمر الرب الشيطان أن يبلغ داود بهذا العمل، ولم يعترض داود بالقيام بهذا العمل؛ لعلمه أن هذا الأمر خرج من مشكاة واحدة، ولا فرق بين قولك الرب أو الشيطان، فالاثنان مسمى لشخص واحد؟

      أم اتبع داود الواجب اتباعه، وقدس الشيطان وأوامره، لأن الشيطان هو من المقدسين الذين يتبوأوا مكانتهم من الصحبة الدائمة للرب فى كل مكان؟ فهو دائمًا فى ركب الرب وصحبته، وهو الذى أمر الرب نبيه هارون أن يقدم له تيسًا، ملقيًا القرعة حتى لا يفوز الرب بتيس قد يحلو فى عين إبليس، أو تحاشيًا من الرب لتذمر الشيطان، أو أمنية من الرب أن يفوز الشيطان بالأفضل، الذى هو أهل له؟ وعلى ذلك أطاع داود الشيطان.

      أو ربما يعلم داود بقوة الشيطان التى تفوق قوة الرب، أو علم أن مكانة الشيطان فى الحكم والأمر أعلى من مكانة الرب، فآثر السلامة وظل مع الجانب الأقوى؟

      وبمرور الوقت ازدادت صورة الشيطان إيجابية، واختفت صورته السلبية بالتدريج، وهذا لا يحدث إلا فى مجتمع وثنى كافر.

      إلا أنه فى النهاية خرج من ركب الرب وصحبته، وهذا لا يعنى أن مكانته قد سقطت أو قلت، بل بالعكس، فإن مكانته فيما يسمونه العهد الجديد قد ازدادت، ووصلت إلى مرتبة إله هذا الدهر، وسيد العالم، ورئيس سلطان الهواء، وما تجسد الرب ونزل إلا ليخلص العالم من قبضة الشيطان والذنب المتوارث. فهل أراد العهد الجديد أن يخفى صورة إبليس التابع للرب المصاحب له، ليتمتع إبليس بكونه الإله الحاكم المنفرد بالألوهية، وإخراج الرب نفسه من صحبة الشيطان؟

      ربما كان هذا صحيح! وإلا لماذا اختفت صحبة الرب وجماعته التى كان يندرج تحتها الشيطان فى العهد القديم، وأصبح إبليس هو الإله إله هذا العالم وسيده؟

      (1اَللهُ قَائِمٌ فِي مَجْمَعِ اللهِ. فِي وَسَطِ الآلِهَةِ يَقْضِي.) مزامير 82: 1

      ولكى ينسى الناس الصورة غير الكاملة للشيطان كأحد أصحاب الرب فى مجمعه السماوى، ويتذكرون فقط كونه إله هذا الدهر وسيد هذا العالم، طرح الشيطان أنه تم القبض عليه من ملاك من ملائكة الرب، وليس من الرب نفسه، فهو لا يزال يصر على إظهار ضعف الرب وعدم قدرته عليه، وأوهم الناس أنه لم يعد هناك شيطان أو إبليس، فهو مكبل لمدة ألف عام، أما إله هذا الدهر الحالى فهو الإله الخير، إبليس فى ثوبه الجديد.

      (9فَطُرِحَ التِّنِّينُ الْعَظِيمُ، الْحَيَّةُ الْقَدِيمَةُ الْمَدْعُوُّ إِبْلِيسَ وَالشَّيْطَانَ، الَّذِي يُضِلُّ الْعَالَمَ كُلَّهُ - طُرِحَ إِلَى الأَرْضِ، وَطُرِحَتْ مَعَهُ مَلاَئِكَتُهُ.) رؤيا يوحنا 12: 9

      (2فَقَبَضَ عَلَى التِّنِّينِ، الْحَيَّةِ الْقَدِيمَةِ، الَّذِي هُوَ إِبْلِيسُ وَالشَّيْطَانُ، وَقَيَّدَهُ أَلْفَ سَنَةٍ) رؤيا يوحنا 20: 2
      لذلك يصر العهد الجديد على تسمية الشيطان بإله الدهر (2 كو 4: 4) وسيد هذا العالم (يو 12: 31؛ 16: 11)، و"رئيس سلطان الهواء" (أف 2: 2). وتصر الأناجيل على أن إبليس أقوى من الرب وأكثر منه فاعلية.

      ألم يأسر الشيطان إلهه واعتقله فى الصحراء أربعين يومًا على الرغم من امتلائه بالروح القدس؟

      (1أَمَّا يَسُوعُ فَرَجَعَ مِنَ الأُرْدُنِّ مُمْتَلِئاً مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ وَكَانَ يُقْتَادُ بِالرُّوحِ فِي الْبَرِّيَّةِ 2أَرْبَعِينَ يَوْماً يُجَرَّبُ مِنْ إِبْلِيسَ. وَلَمْ يَأْكُلْ شَيْئاً فِي تِلْكَ الأَيَّامِ. وَلَمَّا تَمَّتْ جَاعَ أَخِيراً. 3وَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَقُلْ لِهَذَا الْحَجَرِ أَنْ يَصِيرَ خُبْزاً». 4فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «مَكْتُوبٌ أَنْ لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ مِنَ اللهِ». 5ثُمَّ أَصْعَدَهُ إِبْلِيسُ إِلَى جَبَلٍ عَالٍ وَأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ الْمَسْكُونَةِ فِي لَحْظَةٍ مِنَ الزَّمَانِ. 6وَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: «لَكَ أُعْطِي هَذَا السُّلْطَانَ كُلَّهُ وَمَجْدَهُنَّ لأَنَّهُ إِلَيَّ قَدْ دُفِعَ وَأَنَا أُعْطِيهِ لِمَنْ أُرِيدُ. 7فَإِنْ سَجَدْتَ أَمَامِي يَكُونُ لَكَ الْجَمِيعُ». 8فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! إِنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلَهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ». 9ثُمَّ جَاءَ بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَأَقَامَهُ عَلَى جَنَاحِ الْهَيْكَلِ وَقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَاطْرَحْ نَفْسَكَ مِنْ هُنَا إِلَى أَسْفَلَ 10لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ لِكَيْ يَحْفَظُوكَ 11وَأَنَّهُمْ عَلَى أَيَادِيهِمْ يَحْمِلُونَكَ لِكَيْ لاَ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ». 12فَأَجَابَ يَسُوعُ: «إِنَّهُ قِيلَ: لاَ تُجَرِّبِ الرَّبَّ إِلَهَكَ». 13وَلَمَّا أَكْمَلَ إِبْلِيسُ كُلَّ تَجْرِبَةٍ فَارَقَهُ إِلَى حِينٍ.) لوقا 4: 1-13

      أعد قراءة الجملة الأخيرة: إن إبليس لم يتركه نهائيًا، بل تركه إلى حين.
      وعند متى جاءت الملائكة تخدم الرب بعد أن تركه إبليس، ومعنى هذا أن الرب وملائكته لم يقدروا على الشيطان، واضطروا أن يظلوا دون أدنى رد فعل، حتى أذن لهم الشيطان بفراقه للرب!!

      (ثُمَّ تَرَكَهُ إِبْلِيسُ، وَإِذَا مَلاَئِكَةٌ قَدْ جَاءَتْ فَصَارَتْ تَخْدِمُهُ) متى 4: 5

      كل هذا حدث ليسوع على الرغم من أقواله التى تحارب الشيطان، وتدفع الناس لمقاومته! فهل هذا منطقى؟ هل من المنطق أن البشر العادى يهزم الشيطان فى الوقت الذى هزم فيه الشيطان إلهه؟

      (أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ، وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالاً لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌ. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ، لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ.) يوحنا 8: 14

      (فَاخْضَعُوا للهِ. قَاوِمُوا إِبْلِيسَ فَيَهْرُبَ مِنْكُمْ.) يعقوب 4: 23

      (اُصْحُوا وَاسْهَرُوا. لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ) بطرس الأولى 5: 24

      (مَنْ يَفْعَلُ الْخَطِيَّةَ فَهُوَ مِنْ إِبْلِيسَ، لأَنَّ إِبْلِيسَ مِنَ الْبَدْءِ يُخْطِئُ. لأَجْلِ هذَا أُظْهِرَ ابْنُ اللهِ لِكَيْ يَنْقُضَ أَعْمَالَ إِبْلِيسَ.) يوحنا الأولى 3: 25

      (بِهذَا أَوْلاَدُ اللهِ ظَاهِرُونَ وَأَوْلاَدُ إِبْلِيسَ: كُلُّ مَنْ لاَ يَفْعَلُ الْبِرَّ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ، وَكَذَا مَنْ لاَ يُحِبُّ أَخَاهُ.) يوحنا الأولى 3: 26

      أليس من الغريب أن نقرأ فى طوبيا أن ملاك الرب رافائيل قبض على الشيطان وأوثقه فى برية مصر العليا؟ (حِينَئِذٍ قَبَضَ الْمَلاَكُ رَافَائِيلُ عَلَى الشَّيْطَانِ وَأَوْثَقَهُ فِي بَرِّيَّةِ مِصْرَ الْعُلْيَا.) طوبيا 8: 3

      فأين كان هذا الملاك وقت القبض على الرب وتعذيبه فى البرية الحارة الموحشة؟ ولماذا حبسه فى صعيد مصر؟ هل كاتب هذا الكلام من أهل الدلتا ويكره الصعيد وأهله؟ هل أراد كاتب هذا الكلام أن يسب فى أهل صعيد مصر؟ أم أراد أن يهين الشيطان ويجعله محبوسًا وسط رجال صعيد مصر المحاربين الأشداء؟ أم أراد أن يثبت أن ملاك الرب أقوى من الرب نفسه، وأن الرب بدون ملائكته لا شىء، وأنه تمكن من الشيطان الذى أسر الرب، ولم يستطع الفكاك منه؟

      لماذا يصر العهد الجديد على إثبات أن الشيطان هو القوة المسيطرة الفعالة فى الحياة، حتى إنه أسر يسوع الإله لديهم لمدة أربعين يومًا نفَّذ فيهم إرادته الكاملة وسلطته المطلقة، وسلطانه النافذ فى الرب وفى اختباره على الرغم من كذب ادعاء الرب أنه لا يُجرَّب؟ (لأن الله غير مُجرَّب بالشرور وهو لا يُجَرِّب أحداً) رسالة يعقوب 1: 13

      فهل نفى إبيس بهذه التجربة الألوهية عن يسوع بتجربته إياه؟ أم تكوَّن تأليه يسوع وثالوثه تدريجيًا فيما بعد، ولم يكن أحد التلاميذ أو أتباع يسوع المؤمنين يؤلهه؟

      ولا يوجد دليل على أن الذى عاد من الأسر هو يسوع نفسه، فقد يكون إبليس قد تخلص من يسوع وذبحه وهو واقع تحت سلطانه، وأطعمه للسباع وتجسَّد هو فى شكله، وعاد يأمركم أن تعبدوه، وتسجدوا له؛ على الرغم أن هذا لم يرد فى الكتاب، ولكنها أوامر آبائكم.

      فمن مقدرة الشيطان التجسد فى صورة ملاك نورانى ليضلل من يراه: (وَلاَ عَجَبَ. لأَنَّ الشَّيْطَانَ نَفْسَهُ يُغَيِّرُ شَكْلَهُ إِلَى شِبْهِ مَلاَكِ نُورٍ!)كورنثوس الثانية11: 14

      ثم جاءت رؤيا المنسوبة إلى يوحنا، ورأى فيها أنه تم التخلص من الشيطان، ليس بالقتل، بل بالحبس لمدة ألف سنة! فهذا كان أمله أن تظل الأرض بدون شرور أو حروب أو شياطين لمدة ألف سنة، ولم يتحقق هذا الحلم! ولم يحك لنا ماذا سيكون أمر الشيطان فى الألف الثانية وما بعدها! انتهى الحلم المقدس ليوحنا!

      (9فَطُرِحَ التِّنِّينُ الْعَظِيمُ، الْحَيَّةُ الْقَدِيمَةُ الْمَدْعُوُّ إِبْلِيسَ وَالشَّيْطَانَ، الَّذِي يُضِلُّ الْعَالَمَ كُلَّهُ - طُرِحَ إِلَى الأَرْضِ، وَطُرِحَتْ مَعَهُ مَلاَئِكَتُهُ.) رؤيا يوحنا 12: 9

      (2فَقَبَضَ عَلَى التِّنِّينِ، الْحَيَّةِ الْقَدِيمَةِ، الَّذِي هُوَ إِبْلِيسُ وَالشَّيْطَانُ، وَقَيَّدَهُ أَلْفَ سَنَةٍ) رؤيا يوحنا 20: 2

      (7ثُمَّ مَتَى تَمَّتِ الأَلْفُ السَّنَةِ يُحَلُّ الشَّيْطَانُ مِنْ سِجْنِهِ،) رؤيا يوحنا 20: 7

      ومعنى هذه الرؤية أو الأمنية الدفينة داخل يوحنا المنسوب إليه هذه الرؤيا أن لا يسوع ولا الرب ولا جند من جنوده هزم الشيطان، الأمر الذى تفاعل داخل يوحنا وخرج فى صورة حلم أى أمنية!
      والغريب أن الهزيمة كانت مؤقتة، فلم يفعل أحد منهم للشيطان إلا أنه تم تقييده فقط لمدة ألف سنة، لماذا لم يخلصنا الرب منه نهائيًا، ويعلن انتصاره الأزلى عليه، وينتقم لما فعله به، طوال صحبته له؟ وماذا حدث بعد أن انتهت الألفية الأولى؟ هل عاد الشيطان يتبوأ مقعده فى الحكم ورئاسة العالم مرة أخرى؟

      أم فشل الرب فى حكم العالم فى الألفية الأولى، لأنه لم يكن عادلا، بل كان ظالمًا لعباده المؤمنين، فتخلى عن الحكم لإبليس وأمر بفك قيده؟

      وهل تمكن الرب من حكم العالم دون أن يلجأ لإبليس، كما حدث عند إغواء أخاب؟ أم تعلم الرب الحكمة من إبليس وصار على نهجه؟

      وكيف نثق فى حكم الرب وحده الذى لم يطق تعاون الناس على البر والتقوى، فنزل من عليائه وبلبل ألسنتهم وفرقهم، وهى عقيدة "فرق تسد"، التى يتخذها الأشرار للقضاء على كل بر وتقوى: (1وَكَانَتِ الأَرْضُ كُلُّهَا لِسَاناً وَاحِداً وَلُغَةً وَاحِدَةً. 2وَحَدَثَ فِي ارْتِحَالِهِمْ شَرْقاً أَنَّهُمْ وَجَدُوا بُقْعَةً فِي أَرْضِ شِنْعَارَ وَسَكَنُوا هُنَاكَ. 3وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «هَلُمَّ نَصْنَعُ لِبْناً وَنَشْوِيهِ شَيّاً». فَكَانَ لَهُمُ اللِّبْنُ مَكَانَ الْحَجَرِ وَكَانَ لَهُمُ الْحُمَرُ مَكَانَ الطِّينِ. 4وَقَالُوا: «هَلُمَّ نَبْنِ لأَنْفُسِنَا مَدِينَةً وَبُرْجاً رَأْسُهُ بِالسَّمَاءِ. وَنَصْنَعُ لأَنْفُسِنَا اسْماً لِئَلَّا نَتَبَدَّدَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ». 5فَنَزَلَ الرَّبُّ لِيَنْظُرَ الْمَدِينَةَ وَالْبُرْجَ اللَّذَيْنِ كَانَ بَنُو آدَمَ يَبْنُونَهُمَا. 6وَقَالَ الرَّبُّ: «هُوَذَا شَعْبٌ وَاحِدٌ وَلِسَانٌ وَاحِدٌ لِجَمِيعِهِمْ وَهَذَا ابْتِدَاؤُهُمْ بِالْعَمَلِ. وَالْآنَ لاَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِمْ كُلُّ مَا يَنْوُونَ أَنْ يَعْمَلُوهُ. 7هَلُمَّ نَنْزِلْ وَنُبَلْبِلْ هُنَاكَ لِسَانَهُمْ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ بَعْضُهُمْ لِسَانَ بَعْضٍ». 8فَبَدَّدَهُمُ الرَّبُّ مِنْ هُنَاكَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ فَكَفُّوا عَنْ بُنْيَانِ الْمَدِينَةِ 9لِذَلِكَ دُعِيَ اسْمُهَا «بَابِلَ» لأَنَّ الرَّبَّ هُنَاكَ بَلْبَلَ لِسَانَ كُلِّ الأَرْضِ. وَمِنْ هُنَاكَ بَدَّدَهُمُ الرَّبُّ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ.) تكوين 11: 1-9

      وتذكر قول الرب بصيغة الجمع أنهم سينزلون ويبلبلون ألسنة الناس!
      والأغرب من ذلك أن الشيطان الذى من المفروض أن تنسب إليه أعمال الشر، نجدها تُنسب إلى الرب، مثل المثال السابق والآتى:

      اقرأ: الرب يأمر موسى أن يأمر بنى إسرائيل بسرقة ذهب المصريين عند خروجهم من مصر
      : (21وَأُعْطِي نِعْمَةً لِهَذَا الشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ. فَيَكُونُ حِينَمَا تَمْضُونَ أَنَّكُمْ لاَ تَمْضُونَ فَارِغِينَ. 22بَلْ تَطْلُبُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ جَارَتِهَا وَمِنْ نَزِيلَةِ بَيْتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَاباً وَتَضَعُونَهَا عَلَى بَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ. فَتَسْلِبُونَ الْمِصْرِيِّينَ) خروج 3: 21-22

      (35وَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. طَلَبُوا مِنَ الْمِصْرِيِّينَ أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَاباً. 36وَأَعْطَى الرَّبُّ نِعْمَةً لِلشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ حَتَّى أَعَارُوهُمْ. فَسَلَبُوا الْمِصْرِيِّينَ.) خروج 12: 35-36

      اقرأ: الرب يعطى متعمداً فرائض غير صالحة:
      (25وَأَعْطَيْتُهُمْ أَيْضاً فَرَائِضَ غَيْرَ صَالِحَةٍ وَأَحْكَـاماً لاَ يَحْيُونَ بِهَا) حزقيال 20: 25

      (فَإِنَّ الرَّبَّ أَمَرَ بِإِبْطَالِ مَشُورَةِ أَخِيتُوفَلَ الصَّالِحَةِ لِيُنْزِلَ الرَّبُّ الشَّرَّ بِأَبْشَالُومَ.) صموئيل الثانى 17: 14

      اقرأ صورة الرب عندما يغضب، وكيف ينتقم من الناس بالشر والسوء: (27هُوَذَا اسْمُ الرَّبِّ يَأْتِي مِنْ بَعِيدٍ. غَضَبُهُ مُشْتَعِلٌ وَالْحَرِيقُ عَظِيمٌ. شَفَتَاهُ مُمْتَلِئَتَانِ سَخَطاً وَلِسَانُهُ كَنَارٍ آكِلَةٍ 28وَنَفْخَتُهُ كَنَهْرٍ غَامِرٍ يَبْلُغُ إِلَى الرَّقَبَةِ. لِغَرْبَلَةِ الأُمَمِ بِغُرْبَالِ السُّوءِ وَعَلَى فُكُوكِ الشُّعُوبِ رَسَنٌ مُضِلٌّ.) أشعياء 30: 27-28

      اقرأ كيف يرسل الرب الروح الشريرة (الشيطان) يتلبس نبيه شاول: ((14وَذَهَبَ رُوحُ الرَّبِّ مِنْ عِنْدِ شَاوُلَ، وَبَغَتَهُ رُوحٌ رَدِيءٌ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ. 15فَقَالَ عَبِيدُ شَاوُلَ لَهُ: «هُوَذَا رُوحٌ رَدِيءٌ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ يَبْغَتُكَ.) صموئيل الأول 16: 14-15

      اقرأ
      : الكتاب المقدس يُحِثُّ على الإستعمار وأكل الربا والعنصرية: (19«لا تُقْرِضْ أَخَاكَ بِرِباً رِبَا فِضَّةٍ أَوْ رِبَا طَعَامٍ أَوْ رِبَا شَيْءٍ مَا مِمَّا يُقْرَضُ بِرِباً 20لِلأَجْنَبِيِّ تُقْرِضُ بِرِباً وَلكِنْ لأَخِيكَ لا تُقْرِضْ بِرِباً لِيُبَارِكَكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فِي كُلِّ مَا تَمْتَدُّ إِليْهِ يَدُكَ فِي الأَرْضِ التِي أَنْتَ دَاخِلٌ إِليْهَا لِتَمْتَلِكَهَا.) تثنية 23: 19-20

      اقرأ
      : رب الكتاب المقدس يُحِثُّ على العنصرية وبيع لحم الموتى للغريب: (21«لا تَأْكُلُوا جُثَّةً مَا. تُعْطِيهَا لِلغَرِيبِ الذِي فِي أَبْوَابِكَ فَيَأْكُلُهَا أَوْ يَبِيعُهَا لأَجْنَبِيٍّ لأَنَّكَ شَعْبٌ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ إِلهِكَ.) تثنية 14: 21

      أليس من مصلحة الشيطان أن يسوِّء صورة الرب لكل من يقرأ الكتاب الذى ينتمى إليه؟ فهل تعتقد أيها العاقل أن بنى إسرائيل كانوا يقتلون أنبياء الله بسبب تعاليمهم إليهم، فقتلوهم وتركوا تعاليم الرب بدون تحريف؟

      وهذ تعتقد أيها العاقل أن الرب الذى فشل فى الدفاع عن نفسه وحياته سيستطيع الدفاع عن كتابه؟

      أليس من مصلحة الشيطان أن يعين نبيًا للرب يكون أداة إذلال للرب طيلة حياة هذا النبى؟

      اقرأ: نبى الله يعقوب يصارع الرب ويهزمه
      : (22ثُمَّ قَامَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَأَخَذَ امْرَأَتَيْهِ وَجَارِيَتَيْهِ وَأَوْلاَدَهُ الأَحَدَ عَشَرَ وَعَبَرَ مَخَاضَةَ يَبُّوقَ. 23أَخَذَهُمْ وَأَجَازَهُمُ الْوَادِيَ وَأَجَازَ مَا كَانَ لَهُ. 24فَبَقِيَ يَعْقُوبُ وَحْدَهُ. وَصَارَعَهُ إِنْسَانٌ حَتَّى طُلُوعِ الْفَجْرِ. 25وَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ ضَرَبَ حُقَّ فَخْذِهِ فَانْخَلَعَ حُقُّ فَخْذِ يَعْقُوبَ فِي مُصَارَعَتِهِ مَعَهُ. 26وَقَالَ: «أَطْلِقْنِي لأَنَّهُ قَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ». فَقَالَ: «لاَ أُطْلِقُكَ إِنْ لَمْ تُبَارِكْنِي». 27فَسَأَلَهُ: «مَا اسْمُكَ؟» فَقَالَ: «يَعْقُوبُ». 28فَقَالَ: «لاَ يُدْعَى اسْمُكَ فِي مَا بَعْدُ يَعْقُوبَ بَلْ إِسْرَائِيلَ لأَنَّكَ جَاهَدْتَ مَعَ اللهِ وَالنَّاسِ وَقَدِرْتَ». 29وَسَأَلَهُ يَعْقُوبُ: «أَخْبِرْنِي بِاسْمِكَ». فَقَالَ: «لِمَاذَا تَسْأَلُ عَنِ اسْمِي؟» وَبَارَكَهُ هُنَاكَ. 30فَدَعَا يَعْقُوبُ اسْمَ الْمَكَانِ «فَنِيئِيلَ» قَائِلاً: «لأَنِّي نَظَرْتُ اللهَ وَجْهاً لِوَجْهٍ وَنُجِّيَتْ نَفْسِي».) تكوين 32: 22-30

      فهل الإله المضروب من شخص ما أجبره على أن يباركه ويوحى إليه ويعتبره نبيًا هو إله عزيز قوى قدير، أم إله مهان ذليل؟ فلمصلحة من توجد هذه القصة فى كتاب يُنسب للرب؟ أليست لمصلحة الشيطان وعبادته؟

      ناهيك عن أن كاتب هذا الكتاب استطاع أن يُظهر الرب فى كل صور الفشل والغباء أو التعاون الوثيق مع الشيطان: فاقرأ كيف انتقى الرب أنبياءه وصفوة خلقه من شرار الناس! فلمصلحة من هذه الحكايات إلا للشيطان وإظهار تفوقه على الرب وأنبيائه فى كل لحظة من لحظات الدعوة ووجود أنبياء على الأرض؟

      فهذا نبى الله إبراهيم كان يتاجر فى عرض زوجته الجميلة سارة (تكوين 12: 11-16)، وهذا يعقوب كذب على أبيه وسرق البركة والنبوة من أخيه، وبذلك فرض على الرب أن يوحى إليه (تكوين الإصحاح 27)، بل ضرب الرب وأجبره أن يباركه (تكوين 32: 24-30)، وهذا لوط زنى بابنتيه وأنجب منهما (تكوين 19: 30-38)، وهذا رأوبين يزنى بزوجة أبيه (تكوين 35: 22 ؛ 49: 3-4) ، وهذا يهوذا زنى بزوجة ابنه وأنجب منها (تكوين الإصحاح 38)، وهذا موسى وهارون خانا الرب ولم يقدساه أمام بنى إسرائيل (تثنية 32: 48-51)، وهذا هارون صنع العجل ودعا بنى إسرائيل لعبادته، وتركه موسى ولم يعاقبه (خروج 32: 1-6)، وهذا داود زنى بزوجة جاره وقَتَلَه وخان جيشه (صموئيل الثانى صح 11)، ثم قتل أولاده الخمسة من زوجته ميكال إرضاءً للرب (صموئيل الثاني21: 8-9)، وأنه كان ينام فى حضن فتاة عذراء فى هرمه (ملوك الأول 1: 1-4)، وعلى الرغم من ذلك فإن المسِّيِّا المنتظر، الذى يُعد خاتم رسل الله، وشريعته سوف تكون الشريعة الباقية، سيأتى فى نظرهم من داود، بعد كل ما قالوه عنه، وهذا أبشالوم ابن داود زنى بزوجات أبيه (صموئيل الثاني 16: 22)، وهذا أمنون ابن داود زنى بأخته ثامار (صموئيل الثانى صح 13)، ناهيك عن الأنبياء الذين تركوا الرب وعبدوا الأوثان ، بل دعوا لعبادتها وبنوا لها المذابح ، وقدموا لها القرابين مثل نبى الله سليمان الحكيم (الملوك الأول 11: 4-7).

      والغريب أن يحلم يوحنا بهذا فى الوقت الذى أثبت الشيطان براعته فى الخلاص من يسوع! فقد سيطر على أحد تلاميذه وأسلمه للهلاك:

      (3فَدَخَلَ الشَّيْطَانُ فِي يَهُوذَا الَّذِي يُدْعَى الإِسْخَرْيُوطِيَّ وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الاِثْنَيْ عَشَرَ.) لوقا 22: 3

      (27فَبَعْدَ اللُّقْمَةِ دَخَلَهُ الشَّيْطَانُ. فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «مَا أَنْتَ تَعْمَلُهُ فَاعْمَلْهُ بِأَكْثَرِ سُرْعَةٍ».) يوحنا 13: 27

      وتبعًا لأقوال الكتاب المقدس كانوا فى غنى عن تكبيل الشيطان أو حتى اعطائه وزنًا فى الحياة، فمن الممكن أن تتخلص من الشيطان تبعًا للكتاب المقدس، دون أن تكون فى معية الرب أو حفظه أو عنايته، يكفيك أن تحرق كبد حوت:

      (وَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، إِذَا أَحْرَقْتَ كَبِدَ الْحُوتِ، يَنْهَزِمُ الشَّيْطَانُ.) طوبيا 6: 19

      أما سقوطه من السماء فقد تم بعد عدة قرون، وخاصة عندما قام هيرونيموس (345-420م) بترجمة الكتاب المقدس إلى اللاتينية. وبالطبع هو لا يعلم أنه تم تكبيل الشيطان فى مصر العليا وما قاله يوحنا فى رؤياه، أو أنه اعتبر هذه الرؤية مثل أحلام باقى البشر، فهى ليست مقدسة. وإلا كيف سقط وهو مكبل فى محبسه؟ وهل انتهت الشرور من العالم بتكبيل الشيطان وعصابته حتى فى الألفية الأولى بعد يسوع؟

      فنراه قد قرن قول إشعياء عن سقوط ملك بابل من السماء: (12كَيْفَ سَقَطْتِ مِنَ السَّمَاءِ يَا زُهَرَةُ بِنْتَ الصُّبْحِ؟ كَيْفَ قُطِعْتَ إِلَى الأَرْضِ يَا قَاهِرَ الأُمَمِ؟) إشعياء 14: 12، بقول يسوع: (18فَقَالَ لَهُمْ: «رَأَيْتُ الشَّيْطَانَ سَاقِطاً مِثْلَ الْبَرْقِ مِنَ السَّمَاءِ.) لوقا 10: 18

      والجملتان ليس لهما أدنى علاقة ببعضهما البعض، ونقطة التماس بينهما هى قول إشعياء عن ملك بابل (نجم الصباح)، وهو ما يُعرف فى الأساطير الرومانية بالشيطان (لوسيفر)، الذى تعنى (جالب الضوء). وهذا تمجيد للشيطان أن يكون نجم الصباح الذى يشع بضوئه ونوره على الخليقة، ويكون سببًا فى إنبات الزرع، وإنارة الطريق، وذهاب الخوف من قلوب من يهابون الظلام، بل وكل الخير الذى يجنيه البشر من عمله فى ضوء النهار. وهو نفس عمل الإلهة الوثنية فينوس التى تظهر قبل ظهور الشمس فى الظلام، جالبة الضوء معها.

      وقول يسوع يعنى أن يسوع رأى الشيطان هابطًا من السماء كبرق. فماذا كان يفعل فى السماء؟ هل هذا تأكيد صحبته لجماعة الرب طوال هذا العمر حتى طرده الرب من صحبته فى زمن يسوع؟ ولكن لماذا يُطرد الشيطان بعد طول هذه الخدمة التى خدم فيها الرب وساعده فى حكم العالم؟ ولماذا لم يطرده قبل ذلك؟

      يقول يسوع إنه رأى الشيطان هابطًا من السماء كبرق، ويقول نص إشعياء أن نجم الصباح هو الذى سقط، فأبدل هيرونيموس (نجم الصباح) بـ (الشيطان)، وهكذا أصبح الشيطان جالب النور، ومبدد الظلمة، وتحول من كائن سلبى مخيف، غير مرغوب فيه، يلعنه اللاعنون، إلى كائن إيجابى مرغوب فيه، يتمنى قربه ووجوده كل البشر.

      إلا أن الشيطان فى العهد الجديد وبنزوله على الأرض كان وبالا على الرب، عندما نزل متجسدًا، فقد اعتقله (لوقا 4: 1-11) فى الصحراء أربعين يومًا، منع عنه أى مساعدة من جنوده أو ملائكته، ولم يمكنه من الأكل أو الشرب، واقتاده حيث أراد، وأوقفه موقف التلميذ يختبره،بل أوقفه موقف العبد من ربه فأمره أن يسجد له!

      وفى هذه المدة الزمنية أقام فقط ثلاثة اختبارات، لو أردنا أن نحسب زمنهم لقلنا إنهم استغرقوا فقط خمس أو عشر دقائق. فلماذا كتب الكاتب أن اعتقاله استمر 40 يومًا؟ ألم يكن يكفى أن يوسوس له الشيطان أو يختبره فى غرفته مثلا؟ هل أراد كاتب هذه الرواية أن يجسد مدى الذل والهوان الذى لقيه الرب على يد الشيطان؟ هل أراد أن يصور قوة وعظمة الشيطان، فى مقابل ضعف وهوان الرب؟

      وماذا حدث بينهما فى الصحراء أربعين يومًا؟ كيف كان يسوع يتبول أو يتبرز أو يستحم؟ فهل كان يفعل هذا أمام أعين الشيطان دون حياء منه، أو مضطرًا لذلك؟ أم لم يتركه الشيطان يقضى حاجته، فأحدثها فى ملابسه؟ وهل كان يستحم أم ظل فى هذا الجو الحار الذى تشتهر به البرية دون استحمام حتى أسنت رائحته؟

      أم علم الشيطان أن الرب سينزل إلى الأرض متجسدًا فى صورة رجل، فانتظره، واصطاده بعدما امتلأ من الروح القدس، وخطفه إلى الصحراء، وقام هناك بذبحه وأطعمه للسباع، ثم رجع متجسدًا فى صورته، وأمركم بعبادته والسجود له؟

      أم انتظره على الأرض بعد أن طرده من صحبته فى السماء، وقتله فى الصحراء بعد أن اختطفه، وأطعمه للسباع، ثم صعد إلى السماء واحتل عرش الرب؟ ولا تنس أن الآب والابن والروح القدس إله واحد لا ينفصلون طرفة عين، فبموت يسوع مات الآب والروح القدس.

      أم ترى أن هذه الفكرة لم ترد على خلد الشيطان، وفضل أن يسلط عليه يهوذا الإسخريوطى ليشى به ويسلمه لليهود ويقتله الرومان بإصرار اليهود؟

      وبالتالى أصبح الشيطان عدوًا للرب بل وعدوًا للبشرية! ولكنه مكبلا هو وجنوده، وعلى الرغم من ذلك فهو إله هذا الدهر وسيد هذا العالم!! أى احتل عرش الرب فى حكم العالم باسم جديد، وشكل جديد، أما اسمه كشيطان أو إبليس فهو فى طى الحفظ ألف عام من زمن يسوع!

      وهذا الشيطان القوى تمكن من إغواء المرأة التى هى الأساس الأول فى تكوين المجتمع، فكانت المرأة حليفة للشيطان، ووصفت بكل صفات الشر، وعوملت بكل احتقار.

      (كما خدعت الحيَّةُ حواءَ بمكرها) كورنثوس الثانية 11: 3

      (وآدم لم يُغْوَ لكنَّ المرأة أُغوِيَت فحصلت فى التعدى) تيموثاوس الأولى 2: 14

      (بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ.) رومية 5: 12

      (18فَإِذاً كَمَا بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ صَارَ الْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِلدَّيْنُونَةِ) رومية 5: 18

      حتى بحثوا فى القرن الخامس فى مجمع باكون إن كان لها روح أم خلقت بدون روح وكانوا يتباحثون: (هل المرأة جثمان بحت أم هى جسد ذو روح يُناط به الخلاص والهلاك؟) وقرر أن المرأة خالية من الروح الناجية، التى تنجيها من جهنم، وليس هناك استثناء بين جميع بنات حواء من هذه الوصمة إلا مريم عليها السلام.

      كما قرر مجمع آخر، أن المرأة حيوان نجس، يجب الأبتعاد عنه، وأنه لاروح لها ولا خلود، ولاتُلقن مبادئ الدين لأنها لاتقبل عبادتها، ولاتدخل الجنة، والملكوت ولكن يجب عليها الخدمة والعبادة، وأن يكمم فمها كالبعير، أو كالكلب العقور، لمنعها من الضحك ومن الكلام لأنها أحبولة الشيطان ".

      وفى القرن الخامس عشر "تشكل مجلس اجتماعى فى بريطانيا فى عام 1500 لتعذيب النساء، وابتدع وسائل جديدة لتعذيبهن، وقد أحرق الألاف منهن أحياء، وكانوا يصبون الزيت المغلى على أجسامهن لمجرد التسلية".

      (ظلت النساء طبقاً للقانون الإنجليزى العام ـ حتى منتصف القرن الماضى تقريباً ـ غير معدودات من "الأشخاص" أو "المواطنين" ، الذين اصطلح القانون على تسميتهم بهذا الاسم ، لذلك لم يكن لهن حقوق شخصية ، ولا حق فى الأموال التى يكتسبنها ، ولا حق فى ملكية شىء حتى الملابس التى كنَّ يلبسنها.)

      ولذلك: (نص القانون المدنى الفرنسى (بعد الثورة الفرنسية) على أن القاصرين هم الصبى والمجنون والمرأة ، حتى عُدِّلَ عام 1938 ، ولا تزال فيه بعض القيود على تصرفات المرأة المتزوجة.) (عودة الحجاب الجزء الثانى ص 46)

      ولذلك: كان شائعًا فى بريطانيا حتى نهاية القرن العاشر قانون يعطى الزوج حق بيع زوجته وإعارتها بل وفى قتلها إذا أصيبت بمرض عضال"

      ولذلك: (إن القانون الإنجليزى عام 1801 م وحتى عام 1805 حدد ثمن الزوجة بستة بنسات بشرط أن يتم البيع بموافقة الزوجة)

      لذلك: أعلن البابا (اينوسنسيوس الثامن) فى براءة (1484) أن الكائن البشرى والمرأة يبدوان نقيضين عنيدين "

      لذلك: قال شوبنهاور (المرأة حيوان ، يجب أن يضربه الرجل ويطعمه ويسجنه)

      لذلك قال لوثر: (المرأة كمسمار يُدَّق فى الحائط)

      لذلك قال أرسطو: (الذكر هو الأنموذج أو المعيار، وكل امرأة إنما هى رجل معيب)

      لذلك قال الفيلسوف نتشه: (إنها ليست أهلاً للصداقة ، فما هى إلا هرَّة ، وقد تكون عصفوراً ، وإذا هى ارتقت أصبحت بقرة ـ وقلب المرأة عنده مكمن الشر ، وهى لغز يصعب حله ، ويُنصَحُ الرجل بألا ينسى السوط إذا ذهب إلى النساء).

      لذلك قال لوثر: (إذا تعبت النساء، أو حتى ماتت، فكل ذلك لا يهم، دعهن يمتن فى عملية الولادة، فلقد خلقن من أجل ذلك) (تعدد نساء الأنبياء ص 235)

      لذلك قال جيروم ممتهنا المرأة وحقوقها: (إذا امتنعنا عن الاتصال الجنسى فإننا نكرم زوجاتنا، أما إذا لم نمتنع: حسناً فما هو نقيض التكريم سوى الإهانة)

      وقال جيروم أيضًا: "بما أن المرأة خُلِقَت للولادة والأطفال، فهى تختلف عن الرجل، كما يختلف الجسد عن الروح. ولكن عندما ترغب المرأة فى خدمة المسيح أكثر من العالم، فعندئذ سوف تكف عن أن تكون امرأة، وستسمى رجلاً" (تعليق جيروم على رسالة بولس إلى أهل أفسس)

      ويكفينا لكى لا نطيل أن نستشهد بقول فيليب ربّابورت (Philip Rappaport):

      قال ((فيليب ربّابورت)): ((ربّما، لم تكن هناك حقبة في تاريخ البشر، كانت فيها مكانة المرأة أكثر سفولاً وانحطاطًا منها في بداية النصرانيّة. وبحسب مقولات آباء الكنيسة؛ كانت المرأة كائنًا نجسًا، وهي المغوية التي جلبت الخطيئة إلى العالم، والتي من الحسن والمقدس الابتعاد عنها.))!!

      Philip Rappaport، Looking Forward: A Treatise on the Status of Woman and the Origin and Growth of the Family and the State، p.48

      لقد نجح الشيطان فى تعذيب نصف البشرية أى النساء، وتحميل النصف الآخر وزر إضطهاد المرأة وتعذيبها!

      وبالتالى تغيرت صورة الشيطان فى رحلته من العهد القديم كمرافق للرب ومصاحب له فى حكمه واجتماعاته، إلى أن أصبح الرب نفسه فى العهد الجديد: "إله الدهر" (2 كو 4: 4) و"سيد هذا العالم" (يو 12: 31؛ 16: 11)، و"رئيس سلطان الهواء" (أف 2: 2)؟

      ويستحيل على الرب أن يعترف أن الشيطان هو إله الدهر وسيد العالم، فمن الذى كتب ذلك؟ وأين كان الرب وقتها؟

      ألم أقل لك إن الشيطان تخلص من الرب فى البرية؟

      ونخلص من هذا أن هذه الكتب التى تدعونها مقدسة هى كتب بشرية، كتبها أناس هذه ثقافتهم، وهذا خيالهم عن الرب والشيطان، وهذا دينهم وفهمهم، بل فكر المجتمع الذى كانوا يحيون فيه آنذاك: فكر ضحل، تملؤه الأوهام، وتسيطر عليه الحكايات الشعبية والأساطير الوهمية. لا يعرف لله حقًا، ولا يقيم له قدرًا. وإن شئت قل: إن الذى كتبه كفار أرادوا أن يحاربوا دين الله الحق فى كتبه التى أنزلها على عباده المؤمنين، إلى أنبيائه الطاهرين، حتى وصف أحدهم جنة فرعون بأنها أحلى وأجمل وأعظم من جنة الرب، أى خليكم مع الشيطان وفرعون تكسبوا جنة أعظم من جنة الرب! فالكفر أنفع لكم! والشيطان أبقى لكم!

      (7فَكَانَ جَمِيلاً فِي عَظَمَتِهِ وَفِي طُولِ قُضْبَانِهِ، لأَنَّ أَصْلَهُ كَـانَ عَلَى مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ. 8اَلأَرْزُ فِي جَنَّةِ اللَّهِ لَمْ يَفُقْهُ، السَّرْوُ لَمْ يُشْبِهْ أَغْصَانَهُ، وَالدُّلْبُ لَمْ يَكُنْ مِثْلَ فُرُوعِهِ. كُلُّ الأَشْجَارِ فِي جَنَّةِ اللَّهِ لَمْ تُشْبِهْهُ فِي حُسْنِهِ. 9جَعَلْتُهُ جَمِيلاً بِكَثْرَةِ قُضْبَانِهِ حَتَّى حَسَدَتْهُ كُلُّ أَشْجَارِ عَدْنٍ الَّتِي فِي جَنَّةِ اللَّهِ].) حزقيال 31: 7-9

      أقول قولى هذا وأستغفر الله لى وللمؤمنين

      تم بحمد الله

      تعليق


      • #4
        رد: تدرُّج الشيطان فى الكتاب المقدس من القداسة إلى الألوهية

        جزاك الله خيرا

        تعليق


        • #5
          رد: تدرُّج الشيطان فى الكتاب المقدس من القداسة إلى الألوهية

          جزاكم الله خيرا
          أيهما نصدق المسيح أم بولس و الكهنة ؟
          أشفق على النصارى الحيارى !
          كفاية نفاق يا مسيحيين !!
          الطرق البوليسية لتثبيت الرعية !
          تعصب و عنصرية الأقباط الأورثوذوكس
          موقع أليتيا الكاثوليكي يبرر فضيحة زواج "المنذورين للرب " !
          فضيحة "نشتاء السبوبة "الأقباط
          أورثوذوكسي يعترف !
          د.وسيم السيسى :لا توجد لغة تسمى بالقبطية
          كل يوم اية و تفسيرها
          حقيقة المنتديات المسيحية !
          بولس الدجال
          لماذا يرفض النصارى الحجاب ؟!
          التاتو لا يجوز و الكنائس تضللكم يا نصارى
          فضيحة زرائبية حول عمر مريم حين تزوجت يوسف النجار (حسب المصادر النصرانية )
          حول عمر مريم حين تزوجت يوسف النجار (بحث من مصادر نصرانية -يهودية )
          سؤال للطلبة النصارى
          كشف عوار شبهات الكفار
          محنة الثالوث مع مزمور 2
          النصارى في لحظة صدق نادرة !



          تعليق

          مواضيع ذات صلة

          تقليص

          المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
          ابتدأ بواسطة ابن الوليد, منذ 5 يوم
          ردود 3
          74 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة ابن الوليد
          بواسطة ابن الوليد
           
          ابتدأ بواسطة زين الراكعين, منذ 4 أسابيع
          ردود 0
          31 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة زين الراكعين  
          ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ 4 أسابيع
          ردود 0
          5 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة *اسلامي عزي*
          بواسطة *اسلامي عزي*
           
          ابتدأ بواسطة زين الراكعين, منذ 4 أسابيع
          رد 1
          43 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة زين الراكعين  
          ابتدأ بواسطة زين الراكعين, منذ 4 أسابيع
          ردود 0
          12 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة زين الراكعين  
          يعمل...
          X