تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن

تقليص

عن الكاتب

تقليص

بن الإسلام مسلم اكتشف المزيد حول بن الإسلام
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #61
    رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن

    وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ(48)

    ( وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً )

    يوجد في الدنيا تكتُّلات،

    فهناك جماعات،

    وهناك إنسان له أتباع، وله مكانة، وسيطرة، وغني كبير،

    وقوي يحتل منصباً رفيعاً بإمكانه أن يفعل كل شيء،

    هذا في الدنيا ؛

    ولكن في الآخرة:

    ﴿ لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً )
    ----------------------

    أدلة من القرآن الكريم والسُّنة الشريفة أنه لا تجزى نفس عن نفس شيئاً:

    يقول الله عزَّ وجل :

    ﴿ أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ (19) ﴾
    ( سورة الزمر )


    يا محمد يا سيد الخلق:

    ﴿ أَفَأَنْتَ تُنقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (19) ﴾
    ( سورة الزمر )


    (( يا عباس عم رسول الله، يا فاطمة بنت محمد، أنقذا نفسيكما من النار، أنا لا أغني عنكما من الله شيئاً ))
    [ مسلم عن أبي هريرة ]


    (( لا يأتيني الناس بأعمالهم وتأتوني بأنسابكم ))
    [ أحمد عن أبي هريرة]


    (( من يبطئ به عمله لم يسرع به نسبه ))
    [ أحمد عن أبي هريرة]


    لو أنك استطعت أن تستخلص، أو أن تأخذ من فم رسول الله وهو سيِّد الخلق وحبيب الحق فتوى لصالحك أو حكماً ولم تكن محقاً فإنك لا تنجو من عذاب الله:

    (( لعلَّ أحدكم ألحن بحجَّته من الآخر فإذا قضيت له بشيء فإنما أقضي له بقطعةٍ من النار ))
    [الجامع لأحكام القرآن عن أم سلمة ]
    --------------------------------------------


    قد تقف البنت أمام ربها يوم القيامة تقول:

    يا رب لا أدخل النار حتى أُدخل أبي قبلي .

    فالإنسان قبل أن يفعل شيئاً، وقبل أن يتجاوز، وقبل أن يطغى، وقبل أن يبغي على أخيه المؤمن، وأن يكذب، وأن يغتاب، قبل أن يطعن، وأن يتهم، قبل أن يقلِّل من قيمة إنسان، وأن يضخِّم إنساناً آخر

    يجب أن يسأل نفسه:

    ماذا سأجيب الله يوم القيامة لو سُئلت لمَ فعلت هذا ؟

    ----------------


    ﴿ وَاتَّقُوا يَوْماً لَا تَجْزِي نَفْسٌ )


    نكرة، أي أية نفسٍ

    كائنةً من كانت:

    ﴿ لَا تَجْزِي نَفْسٌ )


    أي نفسٍ كائنةً من كانت
    ولو كانت نفس رسول الله:

    ﴿ أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنقِذُ مَنْ فِي النَّارِ(19) ﴾.
    ( سورة الزمر )
    -----------------------------

    وقال:

    ﴿ لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ )


    هذه النفس التي استحقَّت العذاب مهما كانت مكانتها في الدنيا كبيرة:

    ﴿ إِذَا وَقَعَتْ الْوَاقِعَةُ(1)لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ(2)خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ(3) ﴾
    ( سورة الواقعة )


    كل المقاييس تُبدَّل،

    وسائل التقييم كلها تتبدَّل،

    الناس في الدنيا يعظمون الغني،

    ويعظِّمون القوي،

    أما في الآخرة

    فالذي استقام على أمر الله،

    والذي أحسن إلى خلق الله

    هو الذي يحتل مكانةً رفيعةً عند الله يوم القيامة .
    -------------------------

    الآية التالية من أدق آيات العدل :

    هذه الآية أيها الأخوة من أدق آيات العَدل:

    ﴿ وَاتَّقُوا يَوْماً لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً )


    مهما كنت، ومهما توسَّطت،

    لا تستطيع نفسٌ أن تفعل نفعاً مع نفسٍ أُخرى،

    أي كما قال الله عزَّ وجل :

    ﴿ قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً(21)﴾
    ( سورة الجن)


    الأبلغ من ذلك:

    ﴿ قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلَا ضَرّاً ﴾
    ( سورة الأعراف الآية: 188 )


    لذلك يقول النبي عليه الصلاة والسلام يوم القيامة:

    ((إنهم مني فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول سحقا سحقاً ))
    [الجامع لأحكام القرآن عن سهل بن سعد رضي الله عنه ]


    موسوعة النابلسى
    -----------------

    تعليق


    • #62
      رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن

      وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ(48)
      سورة البقرة


      قوله تعالى: "واتقوا يوما" يذكرهم بهذا اليوم. وهو يوم القيامة الذي لا ينفع الإنسان فيه إلا عمله. ويطلب الحق سبحانه وتعالى منهم أن يجعلوا بينهم وبين صفات الجلال لله تعالى في ذلك اليوم وقاية.

      أن هناك آية أخرى تقول:
      وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ(123)
      (سورة البقرة)

      وهذه الآية وردت مرتين. وصدر الآيتين متفق. ولكن الآية الأولى تقول: "ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولاهم ينصرون" والآية الثانية: "ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولاهم ينصرون" هل هذا تكرار؟ نقول لا.

      والمسألة تحتاج إلي فهم.

      فالآيتان متفقتان في مطلعهما: في قوله تعالى: "واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا".

      ففي الآية الأولى قدم الشفاعة وقال: لا تقبل.

      والثانية أخر الشفاعة وقال لا تنفع.

      الشفاعة في الآية الأولى لا يقبل منها شفاعة. وفي الآية الثانية .. لا تنفعها شفاعة.

      والمقصود بقوله تعالى: "اتقوا يوما" هو يوم القيامة الذي قال عنه سبحانه وتعالى:
      يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ(19)
      (سورة الانفطار)

      وقوله تعالى: "ولا تجزي نفس عن نفس شيئا" كم نفسا هنا؟
      أنهما اثنتان.
      نفس عن نفس.
      هناك نفس أولى ونفس ثانية.
      فما هي النفس الأولى؟ النفس الأولى هي الجازية.
      والنفس الثانية .. هي المجزي عنها ..
      ومادام هناك نفسان فقوله تعالى: "لا تقبل منها شفاعة" هل من النفس الأولى أو الثانية؟
      إذا نظرت إلي المعنى فالمعنى أنه سيأتي إنسان صالح في يوم القيامة ويقول يا رب أنا سأجزي عن فلان أو أغني عن فلان أو أقضي حق فلان. النفس الأولى أي النفس الجازية تحاول أن تتحمل عن النفس المجزي عنها.

      تفسير الشعراوى
      ----------

      تعليق


      • #63
        رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن

        وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ(48)
        سورة البقرة

        ولكي نقرب المعنى ولله المثل الأعلى

        نفترض أن حاكما غضب على أحد من الناس وقرر أن ينتقم منه أبشع انتقام.
        يأتي صديق لهذا الحاكم ويحاول أن يجزي عن المغضوب عليه.

        فبما لهذا الرجل من منزلة عند الحاكم يحاول أن يشفع للطرف الثالث.
        وفي هذه الحالة أما أن يقبل شفاعته أو لا يقبلها.

        فإذا لم يقبل شفاعته فأنه سيقول للحاكم أنا سأسدد ما عليه .. أي سيدفع عنه فدية، ولا يتم ذلك إلا إذا فسدت الشفاعة.

        فإذا كانت المساومة في يوم القيامة ومع الله سبحانه وتعالى ..

        يأتي إنسان صالح ليشفع عند الله تبارك وتعالى لإنسان أسرف على نفسه.
        فلابد أن يكون هذا الإنسان المشفع من الصالحين حتى تقبل شفاعته عند الحق جل جلاله.
        واقرأ قوله سبحانه:
        مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ

        (من الآية 255 سورة البقرة)

        وقوله تعالى:
        يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ(28)
        (سورة الأنبياء)

        والإنسان الصالح يحاول أن يشفع لمن أسرف على نفسه فلا تقبل شفاعته ولا يؤخذ منه عدل ولا يسمح لها بأي مساومة أخرى.

        إذن لا يتكلم عن العدل في الجزاء إلا إذا فشلت الشفاعة.

        هنا الضمير يعود إلي النفس الجازية. أي التي تتقدم للشفاعة عند الله.

        فيقول الحق سبحانه وتعالى: "لا يقبل منها شفاعة" فلا يقبل منها أي مساومة أخرى.

        ويقول سبحانه: "ولا يؤخذ منها عدل". وهذا ترتيب طبيعي للأحداث.


        في الآية الثانية يتحدث الله تبارك وتعالى عن النفس المجزي عنها قبل أن تستشفع بغيرها وتطلب منه أن يشفع لها.

        لابد أن تكون قد ضاقت حيلها وعزت عليها الأسباب.

        فيضطر أن يذهب لغيره.

        وفي هذا اعتراف بعجزه.

        فيقول يا رب ماذا أفعل حتى أكفر عن ذنوبي فلا يقبل منه.


        فيذهب إلي من تقبل منهم الشفاعة فلا تقبل شفاعتهم.


        وإذا أردنا أن نضرب لذلك مثلا من القرآن الكريم فاقرأ قول الحق تبارك وتعالى:
        وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ(12)
        (سورة السجدة)

        هؤلاء هم الذين يطلبون العدل من الله. بأن يعيدهم إلي الدنيا ليكفروا عن سيئاتهم. ويعملوا عملا صالحا ينجيهم من العذاب.

        ذلك أن الحسنات يذهبن السيئات ..


        فماذا كان رد الحق سبحانه وتعالى عليهم. قال جل جلاله:
        فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(14)
        (سورة السجدة)

        فهم عرضوا أن يكفروا عن سيئاتهم. بأن طلبوا العودة إلي الدنيا ليعملوا صالحا.

        فلم يقبل الله سبحانه وتعالى منهم هذا العرض.

        اقرأ قوله تبارك وتعالى:
        هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ(53)
        (سورة الأعراف)

        لقد طلب هؤلاء الشفاعة أولا ولم تقبل. فدخلوا في حد آخر وهو العدل فلم يؤخذ مصداقا لقوله تعالى: "لا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل" ..

        وهكذا نرى الاختلاف في الآيتين.

        فليس هناك تكرار في القرآن الكريم ..

        ولكن الآية التي نحن بصددها تتعلق بالنفس الجازية. أو التي تريد آن تشفع لمن أسرف على نفسه: "فلا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل".

        والآية الثانية: "لا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة". أي أن الضمير هنا عائد على النفس المجزي عنها. فهي تقدم العدل أولا: "أرجعنا نعمل صالحا" فلا يقبل منها، فتبحث عن شفعاء فلا تجد ولا تنفعها شفاعة.

        فعندما تقرأ قول الله سبحانه وتعالى: "اتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا" مكررة في الآيتين لا تظن أن هذا تكرار.

        لأن إحداهما ختامها: "لا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل". والثانية: "لا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة".

        فالضمير مختلف في الحالتين. مرة يرجع إلي النفس الجازية فقدم الشفاعة وأخر العدل. ولكن في النفس المجزي عنها يتقدم العدل وبعد ذلك الشفاعة.


        الحق سبحانه وتعالى يقول:
        يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً
        (من الآية 33 سورة لقمان)

        أي أن الإنسان لا يمكن أن يجزى عن إنسان مهما بلغت قرابته .. لا يجزي الولد عن أمه أو أبيه. أو يجزى الوالد عن أولاده.


        واقرأ قوله تبارك وتعالى:
        فَإِذَا جَاءتِ الصَّاخَّةُ(33) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ(34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ(35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ(36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ(37)
        (سورة عبس)

        وقول الحق سبحانه وتعالى: "لا يقبل منها عدل": "لا يؤخذ منها عدل". العدل هو المقابل.

        كأن يقول المسرف على نفسه يا رب فعلت كذا وأسرفت على نفسي فأعدني إلي الدنيا اعمل صالحا.

        وكلمة العدل مرة تأتي بكسر العين وهي مقابل الشيء من جنسه. أي أن يعدل القماش قماش مثله ويعدل الذهب ذهب مثله.

        وعدل بفتح العين مقابل الشيء ولكن من غير جنسه.


        والعدل معناه الحق والعدل لا يكون إلا بين خصمين.

        ومعناه الإنصاف ومعناه الحق.

        والحق هو الشيء الثابت الذي لا يتغير.

        وأنك لا تتحيز لجهة على حساب جهة أخرى.

        ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما كان يجلس مع أصحابه يوزع نظره إلي كل الجالسين .. حتى لا يقال أنه مهتم بواحد منهم عن الآخر.

        ولابد أن نعرف ما هي النفس. كلمة النفس إذا وردت في القرآن الكريم فافهم أن لها علاقة بالروح. حينما تتصل الروح بالمادة وتعطيها الحياة توجد النفس.

        المادة وحدها قبل أن تتصل بها الروح تكون مقهورة ومنقادة مسبحة لله.

        فلا تقل الحياة الروحية والحياة المادية. لأن الروح مسبحة والمادة مسبحة.

        ولكن عندما تلتقي الروح بالمادة وتبدأ الحياة تتحرك الشهوات يبدأ الخلل.

        والموت يترتب عليه خروج الروح من الجسد.

        الروح تذهب إلي عالمها التسخيري.

        والمادة تذهب إلي عالمها التسخيري.


        وذلك يجعلنا نفهم قول الحق سبحانه وتعالى:
        يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(24)
        (سورة النور)


        تفسير الشعراوى
        ---------

        تعليق


        • #64
          رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن

          قال تعالى:
          ﴿ وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (49) وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (50) وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (51) ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (52) ﴾البقرة


          فَكَأَنَّهُ قَالَ : اُذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْت عَلَيْكُمْ , وَاذْكُرُوا إنْعَامنَا عَلَيْكُمْ إذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آل فِرْعَوْن بِإِنْجَائِنَا لَكُمْ مِنْهُمْ . وَأَمَّا آل فِرْعَوْن فَإِنَّهُمْ أَهْل دِينه وَقَوْمه وَأَشْيَاعه .

          تفسير الطبرى
          ------------

          وهذا وما بعده تذكير ببعض النعم التي كانت له عليهم أي اذكروا نعمتي بإنجائكم من عدوكم وجعل الأنبياء فيكم. والخطاب للموجودين والمراد من سلف من الآباء كما قال { إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية} [الحاقة: 11 ] أي حملنا آباءكم وقيل إنما قال { نجيناكم} لأن نجاة الآباء كانت سببا لنجاة هؤلاء الموجودين.

          تفسير القرطبى
          -----------------

          كلمة نجَّى وكلمة أنجى بينهما فرق كبير.كلمة نَجَّى تكون وقت نزول العذاب. وكلمة أنجى يمنع عنهم العذاب. الأولى للتخليص من العذاب والثانية يبعد عنهم عذاب فرعون نهائيا. ففضل الله عليهم كان على مرحلتين. مرحلة أنه خلصهم من عذاب واقع عليهم. والمرحلة الثانية أنه أبعدهم عن آل فرعون فمنع عنهم العذاب.

          تفسير الشعراوى
          ----------------



          ماذا نستفيد من الآيات التالية ؟


          قال تعالى:
          ﴿ وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (49) وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (50) وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (51) ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (52) ﴾



          ماذا نستفيد من هذه الآيات ؟

          ليفتح الواحد منا دفتراً ويسجِّل،

          قال:
          ﴿ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ ﴾
          ( سورة إبراهيم: من آية " 5 " )


          يوم نجَّاك الله عزَّ وجل من مرض عويص، يوم نجاك من حادث، يوم أنجحك في الجامعة، يوم سمح لك أن تسكن في بيت لوحدك، يوم زوَّجك، يوم أعطاك حرفة جيدة، هذه كلها من نعم الله العُظمى، علَّمنا الله من خلال هذه الآيات:
          واذكروا:


          ﴿ وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ (49) ﴾


          وقال:
          ﴿ وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ (50) ﴾



          وقال:
          ﴿ وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى (51) ﴾


          وقال:
          ﴿ ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ (52) ﴾


          الإنسان من حينٍ لآخر يجب أن يذكر نعم الله المتتالية عليه، هذه النعم تجعله يحبُّ الله عزَّ وجل:


          ((أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه وأحبوني لحب الله وأحبوا أهل بيتي لحبي.))
          [الترمذي والحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما]




          أيها الأخوة، بشكلٍ مختصرٍ مُرَكَّز



          خلق الله الإنسان ليسعده في الدنيا والآخرة،



          فإذا انحرف عن منهج الله تقتضي رحمة الله أن يسوق له بعض الشدائد كي يعيده إليه،



          هذا كل ما في الأمر

          لذلك العِلاجات التي يسوقها الله عزَّ وجل لعباده مُنَوَّعةٌ وكثيرةٌ ، وعلى درجات ، وعلى مستويات ،

          لعلَّ من أشدِّها أن يبتليهم الله عزَّ وجل بظالمٍ يُذَبِّح أبناءهم ويستحي نساءهم

          يؤكِّد هذا المعنى

          قوله تعالى : ﴿ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ (65) ﴾ ( سورة الأنعام : من آية " 65 " ) الصواعق ، والصواريخ : ﴿ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ﴾ ( سورة الأنعام : من آية " 65 " ) الزلازل ، والألغام : ﴿ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ﴾ ( سورة الأنعام : من آية " 65 " )


          وقال تعالى :

          ﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21) ﴾
          ( سورة السجدة )
          وقال:
          ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30) ﴾
          (سورة الشورى )


          تفسير النابلسى
          ----------------


          والى لقاء آحر إن شاء الله

          تعليق


          • #65
            رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن

            ﴿ وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (49) وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (50) ﴾



            من أشدِ أنواع البلاء أن يُؤَمَّر المترفون ويُمَكَّن الطغاة والظالمون:

            قال تعالى:
            ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4) وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6) ﴾
            (سورة القصص )


            إذا عصاني من يعرفني سَلَّطت عليه من لا يعرفني:


            ﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا (16) ﴾
            ( سورة الإسراء: من آية " 16 " )

            لعلَّ من أشدِ أنواع البلاء أن يُؤَمَّر المترفون، أن يُمَكَّن الطغاة والظالمون، هذا علاجٌ إلهي وهو من أقسى أنواع العلاج



            استحق اليهود غضب الله وعقابه لأنهم كانوا لا يتناهون عن منكرٍ فعلوه :



            أيُّها الأخوة الكرام،



            يقول الله عزَّ وجل وهو يخاطب بنو إسرائيل وقلت لكم كثيراً في مطلع هذه السورة:

            نحن مُرَشَّحون أن نقع بالأمراض التي وقع بها بنو إسرائيل،



            وقد يقال: وقعنا بها،

            استحق اليهود غضب الله وعقابه لأنهم كانوا لا يتناهون عن منكرٍ فعلوه،


            ما قولكم ؟



            لا يتناهون عن منكرٍ فعلوه،


            هذا مَرَضٌ خطير يوجب الهلاك، وقد يقع به بعض المسلمين، يأمر بالمنكر وينهى عن المعروف .

            من أمراض اليهود الذين استحقّوا عليها الهلاك أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد.

            امرأةٌ سرقت فجاء حِبُّ رسول الله يشفع لها عند رسول الله، فغضب النبي أشدَّ الغضب وقال: " يا أسامة أتشفع في حدٍّ من حدود الله ؟ " قال: " اغفر لي ذلك يا رسول الله"، فقال عليه الصلاة والسلام:
            ((إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وأيم اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا )).
            [مسلم عن عائشة ]




            إذاً هذه الأمراض التي ذكرها الله في سورة البقرة والتي تلبَّس بها بنو إسرائيل،

            هذه الأمراض من المحتمل جداً أن نقع بها،

            وقد وقعنا بها،

            لذلك يبيِّن الله لنا أمراض من سبقونا في أسلوبٌ تربويٌ رائع، وأنتم أيها المؤمنون يمكن أن تقعوا في هذه الأمراض


            تفسير النابلسى

            ------------

            والى لقاء آخر إن شاء الله مع رحلة تدبر آيات الله

            تعليق


            • #66
              رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن

              ﴿ وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ (49) ﴾


              الناس رجلان قويٌّ ونبي فالقوي يملك الرقاب بقوَّته والنبي يملك القلوب بكماله:



              قال تعالى:

              ﴿ وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ (49) ﴾


              آل فرعون أي من كان على منهج فرعون،

              من كان على شاكلة فرعون،

              ليس معنى آل فرعون أقرباءه،

              فآل النبي من سار على منهجه، فهل يُعَدُّ أبو لهب من آل النبي ؟ لا، هل يعدُّ أبو جهل من آل النبي ؟ لا،

              ولكن يُعَدُّ سلمان الفارسي من آل بيت النبي، ويعدُّ صُهَيْبُ الرومي من آل بيت النبي، ويعد بلال الحبشي من آل بيت النبي،

              كل من آمن بالنبي وسار على نهجه واتبع سنَّته القوليَّة والعمليَّة فهو من آله،

              وكل من شاكل إنساناً وسار على نهجه فهو من آله .

              كما قلت لكم من قبل: الناس رجلان قويٌّ ونبي، فالقوي يملك الرقاب بقوَّته، والنبي يملك القلوب بكماله،

              وكل الناس تبعٌ إما لقوي أو لنبي،

              فالموظَّف مثلاً مهما تكن وظيفته متواضعةً بإمكانه أن يفعل شيئاً يُزْعِجُكَ، إذاً هو استخدم قوَّته،

              فحينما تملك الرقاب بقوَّتك فأنت من أتباع القوي،

              وحينما تملك القلوب بكمالك فأنت من أتباع النبي.


              ﴿ وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ (49) ﴾


              لذلك:


              ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ (8) ﴾
              ( سورة القصص )


              أنت لن تنجو من عذاب الله إذا فعلت أمراً لا يُرضي الله وقلت: أنا عبد مأمور،

              من قال لك ذلك ؟ من قال لك إنك عبدٌ مأمور ؟

              العبد هو عبد الله فقط،

              ولا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق،

              أن تقول: أنا عبد مأمور وتفعل في الناس ما تفعل هذا كلامٌ مردودٌ عليك،

              إن لم تكن قانعاً بهذا الذي تفعله اترك هذا العمل.


              البطل هو الذي يهيِّئ جواباً لله عزَّ وجل لا لعبد الله:

              ﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9)﴾
              ( سورة التكوير )


              إيَّاك أن تصل مع الله إلى طريق مسدود فيأتي العقاب الأليم :



              قال تعالى:

              ﴿ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ (49) ﴾


              ما قال الله تعالى: ويستحيون فتياتكم، بل إنه قال: نساءَكم، من أجل المُتْعَة:


              ﴿ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (49) ﴾


              لذلك الدعاء القرآني :


              ﴿ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ (286) ﴾
              (سورة البقرة: من آية " 286 ")


              إيَّاك أن تصل مع الله إلى طريق مسدود

              بأن ترتكب جرماً، أن تنتهك عرضاً، أن تأخذ مالاً حراماً فيأتي العقاب الأليم:


              العقاب أنواع ؛ هناك أمراض مستعصية،



              أنا أقسم لكم لو أن إنساناً وصل إلى أعلى درجة في الدنيا وأصابه مرضٌ عضال، وعُرِضَ عليه أن يكون في أقل درجة وأن يعافى من هذا المرض، هل يتردَّد لحظة في قبول ذلك ؟


              قد يصل الإنسان إلى أعلى مرتبة في الحياة ومعه مرض عضال، ماذا يفعل ؟

              أطبَّاء العالم كلِّهم تحت تصرُّفه وماذا يفعل ؟



              هذا قهر الله عزَّ وجل.


              إذا كنت لا تحتمل فاستقم على أمر الله،



              المستقيم له معاملة خاصَّة، والمستقيم له حفظ من الله، والمستقيم له توفيق من الله، والمستقيم له هداية من الله عزَّ وجل،


              والله جلَّ جلاله يَسْلُكُ به سبل السلام، سبل الأمان، سبل السعادة، سبل الرِفْعَة، سبل التوفيق.


              تفسير النابلسى


              -------------------


              والى رحلة جديدة مع تدبر القرآن إن شاء الله

              تعليق


              • #67
                رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن

                وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (50)


                إذا وجد الإيمان فإن المعركة بين الحق والباطل لا تطول لأن الله مع الحق:


                شاهد بنو إسرائيل بأعينهم كيف أن البحر انشقَّ طريقاً يبساً:


                ﴿ وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (50) ﴾


                مُعجزات مُدهشة، صار البحر طريقاً:


                ﴿ وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (50) ﴾

                الله يتدخل أحياناً، وإذا تدخَّل الله تنتهي كل مشاكلنا،

                ولكن أنت اطلب منه موجبات رحمته،

                إذا فعلت موجبات رحمته أوجب ذلك أن يتدخَّل الله لصالحك،

                وتوجد بعض الشواهد في حياتنا،

                شيء لا يُحتمل صرفه الله عزَّ وجل من عنده

                اللهمَّ انصرنا على أنفسنا حتى ننتصر لك فنستحقَّ أن تنصرنا على عدوِّنا

                لأن المعركة بين حقَّين لا تكون،
                الحق لا يتعدَّد،

                وبين حقٍ وباطل لا تكون لأن الله مع الحق،

                وبين باطلين لا تنتهي لأن الله تخلَّى عن الطرفين،

                الأقوى هو الذي ينتصر، الأذكى ينتصر، ينتصر الذي عنده سلاح أكثر فاعليَّة، ينتصر الذي عنده معلومات أكثر، ينتصر الذي عنده أقمار، ينتصر الذي عنده رصد، ينتصر الذي عنده ليزر،

                اختلف الوضع،
                إذا ابتعد الفريقان عن الله عزَّ وجل يكون هناك ترتيب آخر، يكون الفوز نصيب الأقوى والأذكى والذي عنده سلاح أكثر جدوى،

                أما إذا وجد الإيمان
                فإن المعركة بين حقٍ وباطل لا تطول لأن الله مع الحق.

                --------

                وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً (51) ﴾

                وعد الله عزَّ وجل موسى مع النقباءِ وعلية القوم ليعطيهم المَنْهَج،

                ماذا فعل قومه في غيبته ؟

                اتخذوا من الذهب الذي أخذوه من بيوت فرعون عِجْلاً جسداً، وعبدوه من دون الله،

                ماذا نستنتج ؟

                هذا الذي رأى أن البحر أصبح طريقاً يبساً كيف يعبُدُ عجلاً من دون الله ؟

                نستنبط من هذا أن المُعجزات الحِسَّية وحدها لا تكفي ما لم يبحث الإنسان عن الحقيقة،

                الكون بما هو عليه من دون خَرْقٍ للعادات يُعَدُّ معجزةً وأيَّةَ معجزة،
                أما هذا الذي يطلب خرقاً العادات، هذا الذي يطلب كرامة !!!
                هناك طُلاب عِلْم كثيرون يبحثون عـن كرامة، عن منام، عن شيء فيه خرق للعادات !!

                هذا النظام المستقر، الشمس والقمر، والليل والنهار، المجرَّات، الجبال، السهول، البحار، النباتات، الأطيار، الأسماك، أنواع الخضراوات، المحاصيل، نظام النبات،

                هذا كلُّه لم يلفت نظرك،

                خَلق الإنسان !

                تبحث عن معجزة !
                تبحث عن خرقٍ للعادات !!

                --------

                أشد أنواع الظلم أن تشرك بالله:

                ﴿ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (51) ﴾

                إن أشدُّ أنواع الظُلْمِ أن تعبد غير الله، أشد أنواع الظلم أن تشرك بالله،

                حينما يؤمن الإنسان بالله يكون قد احترم نفسه

                يكون قد عرف قيمته كإنسان

                أما حينما يتخذ صنماً ليعبده طبعاً هذا هو الشرك الجَلِيّ،

                لكنَّ المسلمين والمؤمنين قد يقعون في شركٍ خفي،
                حينما يتوهَّمون أن المال يحلَّ كل مشكلة،
                لا،
                المال لا يحل المشكلات

                وأن تكون في أعلى درجة في الحياة لا تحل مشكلة

                الله عزَّ وجل
                هو الفعَّال، هو القهَّار، هو واهب الحياة، هو المُحيي، هو المُميت، هو الحافظ، هو الناصر، هو الموفِّق، هو الرافع، هو الخافض، هو المعطي، هو المانع، هو الرازق، هو المعز، هو المذل.

                إن الشرك لظلمٌ عظيم،
                وحينما تتجه لغير الله أو تعتمد على غير الله فقد وقعت في ظلمٍ شديد.

                فإذا كان الله يأمر سيد الخلق أن يقول لقومه:

                ﴿ قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلَا رَشَداً (21) ﴾
                (سورة الجن )


                سيد الخلق،

                وفي آية أخرى :

                ﴿ قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلَا ضَرّاً (188) ﴾
                (سورة الأعراف: من آية " 188 " )


                قَالَ صلى الله عليه وسلم :

                ( يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ ، لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لاَ أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ، وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ، وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ) رواه البخاري (2753) ومسلم (206)




                ( ومن بطّأ به عملُه ، لم يسرعْ به نسبُه ) .
                من حديث أبى هريرة رواه مسلم




                إذاً أشدِّ أنواع الظلم أن تعبد إلهاً آخر غير الله عزَّ وجل، أو أن تعتمد على شيءٍ آخر غير الله عزَّ وجل،

                -------------

                تفسير النابلسى
                --------


                هذه الآيات ليست قصص للتسلية وانما هى لنا حتى لا نقع فى مثل ما وقع فيه بنو اسرائيل

                فتدبروا اخوة الايمان
                واذكروا نعمة الله علينا وستره وحلمه
                مع ظلم الانسان وبغيه

                (( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إنّ الانسان لظلوم كفار ))
                ( 34 ) ابراهيم

                ومع ظلم الانسان تجد رحمة الله عز وجل :

                وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (18) النحل

                ------------------------------

                والى رحلة جديدة مع القرآن الكريم وتدبر آياته

                تعليق


                • #68
                  رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن

                  ﴿ ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (52) ﴾


                  أهمية التوبة :

                  أيها الأخوة الكرام،



                  صعبٌ جداً أن تتصوَّروا ديناً من دون توبة،



                  لأن أقل ذنب من دون توبة يقودك إلى أكبر ذنب ثم إلى النار،



                  أما مع التوبة فأكبر ذنب يعفو الله عنك:


                  عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: قَالَ اللهُ تَعَالَى: "يَا ابْنَ آَدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوتَنِيْ وَرَجَوتَنِيْ غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ وَلا أُبَالِيْ، يَا ابْنَ آَدَمَ لَو بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ استَغْفَرْتَنِيْ غَفَرْتُ لَكَ، يَا ابْنَ آَدَمَ إِنَّكَ لَو أَتَيْتَنِيْ بِقِرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لقِيْتَنِيْ لاَتُشْرِك بِيْ شَيْئَاً لأَتَيْتُكَ بِقِرَابِهَا مَغفِرَةً"
                  رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيْثٌ حَسَنٌ صَحَيْحٌ.


                  ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) ﴾.
                  (سورة الزمر )




                  وقال:
                  ﴿ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) ﴾.
                  (سورة الحجر )




                  هكذا:


                  ﴿ ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ (52) ﴾.


                  ماذا فعل هؤلاء ؟

                  فعلوا أشدَّ أنواع الذنوب،

                  أشركوا بالله،

                  عبدوا عجلاً من دون الله،

                  صنعوه بأيديهم وعبدوه من دون الله

                  ومع ذلك

                  باب التوبة مفتوحٌ على مِصراعيه،

                  تصوَّر لو لم يكن هناك توبة ليئس الإنسان من أقل ذنب،

                  لو ارتكب الإنسان ذنباً بسيطاً ولا توجد توبة لسمح لنفسه أن يرتكب ذنباً أكبر،

                  وهكذا إلى أن يفعل كل الذنوب والآثام، وينتهي إلى النار،

                  لكنَّ رحمة الله



                  الله تعالى رَحِمَ أمَّة محمِّد فجعل توبة المؤمنين لا تقتضي أن يقتل بعضهم بعضاً إذا أذنبوا:


                  قال تعالى:


                  ﴿ وَإِذْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (53) ﴾.


                  ثمة توبة، وعفو، وكتاب، وسُنَّة، وعلماء، ودعاة، ومعالجة نفسيَّة، ومعالجة سلوكيَّة،

                  وكل شيء من أجل أن تعرف الله،

                  ومن أجل أن تتصل به،

                  ومن أجل أن تطيعه:


                  ﴿ وَإِذْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (53) وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54) ﴾.




                  أيها الأخوة،

                  هذا مما حُمله بنو إسرائيل لأنهم عبدوا العجل من دون الله،

                  وهذا معنى قول الله عزَّ وجل :


                  ﴿رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا)
                  (سورة البقرة: من آية " 286 " )




                  أي أن الله أمر الذين لم يعبدوا العجل أن يقتلوا من عبد العجل جزاء ارتكابهم أكبر ذنب في الدين،

                  وهو أن تُشرك،

                  لكن الله عزَّ وجل رَحِمَ أمَّة محمِّد صلى الله عليه وسلَّم فجعل توبة المؤمنين لا تقتضي هذا القتل،

                  يكفي أن تقول: يا رب لقد تبت إليك،

                  يقول لك: عبدي وأنا قد قبلت،

                  هذه رحمةٌ كبيرة،

                  ولكن بني إسرائيل كُلِّفوا أن يقتلوا أنفسهم، أن يقتل بعضهم بعضاً، أن يقتل الذين لم يعبدوا العجل الذين عبدوا العجل.


                  كل إنسان خاف الله فيما بينه وبين الله أمَّنه الله فيما بينه وبين الناس :

                  قال تعالى:

                  ﴿ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54) ﴾


                  يقودنا هذا المعنى إلى معنى آخر

                  وهو أن الله جلَّ جلاله يسوق لك أحياناً شدَّةً شديدةً من أجل أن ترمِّم خللاً خطيراً.


                  أيُّها الأخوة،

                  من نِعَمِ الله الُكبرى أن شرعنا الإسلامي لا يقتضي من أجل أن تتوب إلى الله أن تقتُل نفسك ولا أن تُقتَل،

                  وهذه رحمةٌ بأمة محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم،

                  ولكن المؤمن العاقل يبتعد عن ذنبٍ خطير،

                  ففي الحياة الآن أمراض غير القتل،

                  فيها أمراض عُضالة، وفيها عاهات، وحوادث سير، فيها فقر مدقع، وفيها تشتيت أسرة،

                  هناك أحياناً ذُل، وأحياناً قَهر، أو فقد حُرِّية،

                  فعند الله معالجات منوَّعة كثيرة جداً،

                  فالمؤمن العاقل هو الذي يحتاط للأمور قبل وقوعها،

                  ويخاف من الله فيما بينه وبين الله،

                  وكل إنسان خاف الله فيما بينه وبين الله أمَّنه الله فيما بينه وبين الناس،

                  هذه قاعدة ؛

                  مستحيل ثم مستحيل ثم مستحيل أن تخاف الله فيما بينك وبينه ثم يخيفك من أحد،

                  ولكنه يطمئِنُك.


                  " أمنان وخوفان، لا يجتمع أمن الدنيا وأمن الآخرة،



                  إن خِفت الله في الدنيا أَمَّنك يوم القيامة،



                  وإن أمِنتَ عذاب الله في الدنيا أخافك يوم القيامة ".




                  هذا كلام دقيق وخطير،

                  كلام مصيري،

                  وليس الأمر على مستوى أن تقول:

                  والله الدرس ممتع، لا، لا، لا فالأمر أخطر من ذلك،

                  الدرس خطير يتعلَّق بالمصير، المصير الأبدي، وساعة الموت هي ساعة الفصل،

                  وهذه تنتظرنا جميعاً

                  ولا أحد ينجو من هذه الساعة،

                  فبقدر معرفته بالله، وبقدر طاعته، وبقدر إخلاصه، وبقدر عمله الصالح ينجيه الله عزَّ وجل من هذه الساعة العصيبة.



                  موسوعة النابلسى للعلوم الاسلامية

                  --------------------------------

                  والى رحلة جديدة إن شاء الله

                  --------------

                  تعليق


                  • #69
                    رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن

                    وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ(55)

                    سورة البقرة



                    بعد أن تاب الله على قوم موسى بعد عبادتهم للعجل ..

                    عادوا مرة أخرى إلي عنادهم وماديتهم.

                    فهم كانوا يريدون إلها ماديا ..

                    إلها يرونه

                    ولكن الإله من عظمته أنه غيب لا تدركه الأبصار ..



                    واقرأ قوله تعالى:

                    لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ(103)


                    (سورة الأنعام)




                    فكون الله سبحانه وتعالى فوق إدراك البشر هذا من عظمته


                    والله تبارك وتعالى قد لفتنا إلي قضية رؤيته جهرا في الدنيا .. بقوله تعالى:

                    وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ(21)

                    (سورة الذاريات)




                    أي أن الله جل جلاله وضع دليل القمة على وجود الله الذي لا تدركه الأبصار.



                    وضع هذا الدليل في نفس كل واحد منا.



                    وهي الروح الموجودة في الجسد ..



                    والإنسان مخلوق من مادة نفخت فيها الروح فدبت فيها الحياة والحركة والحس ..



                    إذن كل ما في جسدك من حياة .. ليس راجعا إلي المادة التي تراها أمامك .. وإنما يرجع إلي الروح التي لا تستطيع أن تدركها إلا بآثارها ..



                    فإذا خرجت الروح ذهب الحياة وأصبح الجسد رمة.

                    إذا كانت هذه الروح التي في جسدك .. والتي تعطيك الحياة



                    لا تستطيع أن تدركها مع أنها موجودة داخلك ..



                    فكيف تريد أن تدرك الله سبحانه وتعالى



                    وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً(85)

                    (سورة الإسراء)



                    ولابد أن نعرف أنه لا سبيل إلي رؤية الله في الدنيا محسوسة
                    والإنسان في جسده البشري ..



                    لأن هذا الجسد له قوانين في ادراكاته ..



                    ولكن يوم القيامة نكون خلقا بقوانين تختلف ..



                    ففي الدنيا لابد أن تخرج مخلفات الطعام من أجسادنا. وفي الآخرة لا مخلفات.



                    وفي الدنيا يحكمنا الزمن .. وفي الآخرة لا زمن.



                    إذ يظل الإنسان شبابا دائما ..



                    إذن فهناك تغيير ..



                    المقاييس هنا غير المقاييس يوم القيامة



                    في الدنيا بإعدادك وجسدك لا يمكن أن ترى الله.



                    أنت الآن تعيش في أثار قدرة الله .. وفي الآخرة تعيش عيشة الناظر إلي الله تبارك وتعالى ..



                    وفي ذلك يقول الحق جل جلاله:

                    وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ(22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ(23)

                    (سورة القيامة)



                    تفسير الشعراوى
                    --------------



                    قوله تعالى:



                    ﴿ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ ﴾



                    أي لن ننقاد، ولن نصدق، ولن نعترف لك بما جئت به..


                    تفسير بن عثيمين


                    ------------------


                    ﴿ وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (55) ﴾


                    والشيء الثابت هو



                    أن الله سبحانه وتعالى هذه سُنَنَه



                    لا تدركه الأبصار في الدنيا،



                    في الدنيا لا يستطيع الإنسان أن يرى الله جهرةً،



                    ما رآه لا رسولٌ، ولا نبي، ولا صدِّيقٌ، ولا ولي،



                    لأن طاقة الإنسان لا تحتمل رؤية الله عزَّ وجل،



                    عندما قال سيدنا موسى:
                    ﴿رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً (143)﴾
                    ( سورة الأعراف: " 143 " )


                    إذا كان تجلِّي الله عزَّ وجل للجبل جعله دكَّاً

                    فهل يحتمل الإنسان ؟

                    لا تحتمل طبيعة الإنسان أن ترى الله،

                    لكن في الآخرة:


                    ﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23) ﴾
                    ( سورة القيامة )


                    وفى الحديث :
                    (( كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ نَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ فَقَالَ أَمَا إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا ))
                    [البخاري مسلم عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه ]


                    زيادة على الجنَّة يسمح الله تعالى للمؤمنين يوم القيامة أن يروا وجهه الكريم:


                    رؤية وجه الله الكريم هي المعنيَّة بقوله تعالى :


                    ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ﴾
                    (سورة يونس: " 26 " )


                    زيادة على الجنَّة يسمح الله لهم أن يروا وجهه الكريم،

                    فعند أهل السُنَّة والجماعة لا يُرى الله جل جلاله في الدنيا ؛

                    ولكن النصوص الثابتة،
                    وعلى رأسها القرآن،
                    ومن بعدها السُّنة
                    تؤكِّد أن المؤمن يرى ربَّه جهاراً وعياناً يوم القيامة كما يرى الإنسان البدر في الدنيا،


                    والجزاء الذي ينتظر المؤمن يفوق حدَّ الخيال:


                    ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17) ﴾
                    ( سورة السجدة )


                    وفى الحديث :
                    (( أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ))
                    [ متفق عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ]


                    تفسير النابلسى


                    ------------------


                    والى لقاء آخر إن شاء الله

                    تعليق


                    • #70
                      رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن

                      ﴿ وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (55) ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (56)﴾

                      الإنسان يرى في الدنيا آثار اسم الجَميل في مخلوقاته :

                      لو أردنا أن نتوسَّع قليلاً،

                      الاتصال بالله عزَّ وجل هو قمَّة السعادة في الدنيا،

                      ولكنه اتصال على نحوٍ أراده الله،

                      اتصال إقبال،

                      اتصال توجُّه،

                      اتصال مناجاة،

                      اتصال استغفار،

                      اتصال استعانة،

                      اتصال إنابة،

                      اتصال دعاء،

                      هذا الاتصال المسموح في الدنيا،

                      ولكن يوم القيامة هناك اتصال مباشر،

                      هناك رؤية،

                      فإذا كنت تستمتع أيها الأخ الكريم في الدنيا برؤية جبلٍ أخضر فيه مَسْحَةٌ من جمال الله،

                      أو رؤية جنَّةٍ خضراء،

                      أو رؤية بحرٍ ساكن بزرقةٍ تُحَيِّر الألباب،

                      أو رؤية وجه طفلٍ صبوح فيه من الجاذبيَّة والتألُّق ما لا يوصَف،

                      هذه كلُّها مخلوقاتٌ أخذت من جمال الله مسحات،

                      فكيف لو أتيح للإنسان المؤمن يوم القيامة أن يرى أصل الجمال ؟

                      أنت ترى في الدنيا آثار اسم الجَميل في مخلوقاته،

                      ألم تر في باقة وردٍ تناسب الألوان،

                      الروائح الشذيَّة،

                      الأزهار تمثِّل جانباً من جمال الله،

                      المناظر الطبيعيَّة الخلاَّبة تمثِّل منظراً من جمال الله عزَّ وجل،

                      الوجوه الصَبوحة تمثِّل مظهراً من جمال الله عزَّ وجل،

                      هذا الجمال الذي أودعه الله في الدنيا لحكمةٍ تربويَّة،

                      لأنه إذا حدَّثنا

                      عن جمال الآخرة

                      وعن الجنَّات التي تجري من تحتها الأنهار،

                      وعن الحور العين،

                      والأولاد المُخَلَّدين،

                      وعن الطعام الطيِّب،

                      وعن الفواكه التي بين أيديهم،

                      وعن هذا اللقاء الطيِّب بين المؤمنين على سررٍ متقابلين،

                      وعن رؤية وجه الله الكريم،

                      إذا حدَّثنا ربنا عن هذا الجمال،

                      وعن هذا الكمال،

                      وعن هذا النعيم المُقيم في الجنَّة،

                      فلولا هذه المرتكزات الجماليَّة في الدنيا لما فهم الإنسان معنى الجمال،

                      ما فهم الإنسان معنى جنَّاتٍ تجري من تحتها الأنهار ،

                      فالجمال في الدنيا جمال ابتلاء،

                      يعطي الله إنساناً جمالاً، وقد يعطيه جمالاً أقل، وقد يعطيه دمامة أحياناً،

                      فالدنيا دار ابتلاء،

                      قد تجد إنساناً في قمِّة الصلة بالله وليس له وجهٌ صَبوح،

                      هذا شيء موجود،

                      قد تجد إنساناً في أعلى درجة من الكمال وليس له شكلٌ يلفت النظر.

                      فالجمال في الدنيا جمال ابتلاء،

                      تفسير النابلسى

                      ----------

                      والى رحلة جديدة إن شاء الله

                      تعليق


                      • #71
                        رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن

                        الجمال في الدنيا موزَّع توزيع ابتلاء :

                        تروي كتب التاريخ عن أحد التابعين الكبار

                        وهو الأحنف بن قيس أنه كان قصير القامة، أسمر اللون، غائر العَيْنَين، ناتئ الوجنتين، أحنف الرِجل، مائل الذقن،

                        ليس شيءٌ من قبح المَنْظَر إلا هو آخذٌ منه بنصيب،



                        وكان مع ذلك سيد قومه،



                        إذا غضبَ غضب لغضبته مئة ألف سيف لا يسألونه فيمَ غضب.


                        الجمال في الدنيا موزَّع توزيع ابتلاء،



                        قد تجد امرأةً صالحةً مؤمنةً تقيَّةً طاهرةً عفيفةً بوضع جمالي دون الوَسَط،



                        وقد يكون هذه المرأة في الجنَّة في أعلى عليين،



                        هذه نقطة مهمَّة جداً أن الله سبحانه وتعالى وزَّع الحظوظ في الدنيا توزيع ابتلاء ـ والدنيا مؤقَّتة ـ



                        وسوف توزَّع هذه الحظوظ في الآخرة توزيع جزاء،



                        دقِّق في قوله تعالى:

                        ﴿ انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ (21) ﴾
                        ( سورة الإسراء: "21" )


                        إنسان يعمل أستاذ في الجامعة وإنسان يعمل أستاذاً في التعليم الابتدائي في قرية، مسافةٌ كبيرةٌ جداً بين الوظيفتين،

                        إنسان يعمل رئيس أركان الجيش وجندي في خدمةٍ إلزاميَّةٍ في مكانٍ صعبٍ باردٍ موحش،

                        طبيب جراَّح وممرِّض ناشئ مثلاً، مدير مؤسَّسة وحاجب،

                        ورئيس غرفة تجارة وبائع متجوِّل:


                        ﴿ انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ (21) ﴾
                        ( سورة الإسراء: "21" )


                        لكن:


                        ﴿ وَلَلْآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً (21) ﴾
                        ( سورة الإسراء: "21" )

                        الحظوظ موزَّعة توزيع ابتلاء



                        والعبرة أن تنجح في مادَّة امتحانك مع الله:


                        قال تعالى:


                        ﴿ وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (55)﴾


                        مرتبة الدنيا لا تعني شيئاً وقد تعني العكس،

                        لأن المترفين في ثماني آيات كُفَّار:


                        ﴿ وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآَخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا (33)﴾
                        (سورة المؤمنون: " 33 " )


                        الدنيا لها وضع خاص،

                        قد تجد:


                        ((كَمْ مِنْ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِي طِمْرَيْنِ لا يُؤْبَهُ لَهُ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ ))
                        [مسلم والترمذي عن أبي هريرة]


                        وقال تعالى :


                        ﴿ فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ (55) ﴾
                        (سورة التوبة: " 55 " )


                        الدنيا دار ابتلاء وليست دار استقرار،

                        ليست دار جزاء،

                        الحظوظ موزَّعة توزيع ابتلاء،

                        هناك غني وفقير،

                        هناك جميل ودميم،

                        وهناك ذكي وأقل ذكاء،

                        هناك صحيح ومريض،

                        هذه الحظوظ موزَّعة توزيع ابتلاء،

                        العبرة أن تنجح في مادَّة امتحانك مع الله،

                        هذه هي العبرة.

                        مادَّة امتحانك مع الله ما أنت فيه من إيجابيَّات ومن حظوظ مُنِحْتَ إيَّاها أو حُرِمْتَ منها:


                        الفتاة التي وهبها الله مسحةً من الجمال، نجاحها في أن تكون لزوجها فقط، وأن تكون متواضعةً لزوجها، وأن تكون ذات تَبَعُلٍ جيدٍ لزوجها وأولادها،

                        أما إذا مْنَحْت المرأة بعض الجمال وتطلعت إلى عملٍ في الحقل الفني كي يستمتع بجمالها كل الناس، هذه رسبت وتلك نجحت،

                        وقد تكون امرأةٌ ذات جمالٍ متوسِّط، أو أقلَّ من وسط ؛ لكنَّها صائمةٌ مصليَّةٌ، تائبةٌ عابدةٌ، راكعةٌ ساجدةٌ، تحسن تبعُّل زوجها وأولادها، هذه نجحت في امتحان الجمال المتوسِّط،
                        هذا من حيث الجمال .

                        من حيث المال،
                        الغني له امتحان مع الله والفقير له امتحان،

                        القوي له امتحان والضعيف له امتحان،

                        الصحيح له امتحان والمريض له امتحان،

                        مادَّة امتحانك مع الله ما أنت فيه من إيجابيَّات، من حظوظ مُنِحْتَ إيَّاها، وما حُرِمْتَ منه مادَّة امتحانك مع الله:


                        ﴿ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5) ﴾
                        (سورة الدخان )


                        حقيقة الحياة الدنيا

                        أن الدنيا دار ابتلاء لا دار استواء

                        ومنزل ترحٍ لا منزل فرح،

                        فمن عرفها لم يفرح لرخاء ولم يحزن لشقاء،

                        الرخاء مؤقَّت والشقاء مؤقَّت،

                        كان عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى كلما دخل دار الخلافة يتلو دائماً آية من كتاب الله وكأنها [آية الشِعَار إن صحّ التعبير]،

                        وهي قوله تعالى:


                        ﴿ أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (205) ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ (206) مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ (207) ﴾
                        (سورة الشعراء )


                        تفسير النابلسى


                        -----------


                        والى رحلة جديدة إن شاء الله

                        تعليق


                        • #72
                          رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن

                          ﴿ وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (55) ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (56) ﴾

                          يعد الله عزَّ وجل لبني إسرائيل النِعَمَ التي أنعم بها عليهم ويذكرهم بها، من هذه النِعَم ؛
                          أنه بعثهم من بعد موتهم،

                          الله تعالى لا يدمِّر من أول خطأ ولا يُهلك من أول خطأ إنه يعفو.


                          ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ (53)﴾
                          (سورة الزمر: " 53" )


                          الإنسان قد لا يغفر، قد يُخطئ الإنسان مع ملك فيقطع رأسه،

                          هذا شأن ملوك الأرض، ولكن شأن ملك الملوك ليس كذلك:


                          ﴿ ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ (52) ﴾
                          (سورة البقرة: " 52 " )


                          وقال:
                          ﴿ ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ (56) ﴾



                          يُروى أن رجلاً سيق إلى سيدنا عمر متلبّساً بسرقة

                          فقال: " والله يا أمير المؤمنين إنها أول مرَّةٍ أفعلها في حياتي " ،

                          قال له: " كذبت إن الله لا يفضح من أول مرَّة "،

                          فكانت المرَّة الثامنة،

                          فالله عزَّ وجل يعطي مهلة، هناك خطأ، هناك معصية، هناك تقصير يعطي مهلة إلى أن يُصِر على ذنبه .

                          ربنا عزَّ وجل عفوٌ كريم يعفو ويسامح ولكن حينما يصرُّ العبد على خطئه يأتي الردُّ الإلهي:


                          ﴿ أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ (79)﴾
                          (سورة الزخرف )


                          ما دام الإنسان بين الخوف والرجاء، والاستغفار والتردُّد، فهناك بحبوحة،
                          أما إذا اتخذ قراراً قطعياً يأتي الرد الإلهي .

                          هذا معنى قوله تعالى:


                          ﴿ ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (56) ﴾



                          تفسير النابلسى


                          -------------


                          والى رحلة جديدة إن شاء الله

                          تعليق


                          • #73
                            رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن

                            وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ(57)


                            ذكر لنا الحق جل جلاله نعما أخرى من نعمه على بني إسرائيل ..

                            وقال اذكروا إذ كنتم في الصحراء وليس فيها ظل تحتمون به من حرارة الشمس القاسية ..

                            وليس فيها مكان تستظلون فيه،

                            لأنه لا ماء ولا نبات في الصحراء ..

                            فظل الله سبحانه وتعالى عليكم بالغمام ..

                            أي جاء الغمام رحمة من الله سبحانه وتعالى ..

                            ثم بعد ذلك جاء المن والسلوى.


                            إن الدنيا كما قلنا عالم أغيار.

                            والنعمة التي أنت فيها زائلة عنك.

                            إما أن تتركها بالموت أو تتركك هي وتزول عنك ..

                            وتخرج من الدنيا تحمل أعمالك فقط ..

                            كل شيء زال وبقيت ذنوبك تحملها إلي الآخرة ..

                            ولذلك فإن كل من عصى الله وتمرد على دينه قد ظلم نفسه

                            لأنه قادها إلي العذاب الأبدي طمعا في نفوذ أو مال زال بعد فترة قصيرة ولم يدم ..

                            فكأنه ظلمها بأن حرمها من نعيم أبدي وأعطاها شهوة قصيرة عاجلة".

                            تفسير الشعراوى

                            --------


                            ﴿ وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ (57) ﴾

                            شمس الصحراء لا تُحتمل،
                            كانت تسير معهم غيمة أينما ساروا


                            فالله إذا أعطى أدهش، وهو على كل شيء قدير.


                            ﴿ وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (57)﴾

                            من نعم الله أن تجد الهواء تستنشقه،
                            أن تجد الهواء غير الملوَّث تستنشقه،

                            وأن تجد الماء العَذْبَ الفُرات تشربه،
                            فأنت حينما تفتح الصنبور في البيت، وتشرب كأس ماء صافٍ، هذه نعمةٌ لا تُقدَّر بثمن،

                            لكن الإنسان لا يعبأ بالشيء المتوافر،

                            نعمة الهدى والصحَّة والكفاية هذه نعمٌ إذا توافرت فقد حيزت لك الدنيا بحذافيرها :

                            كلمةٌ من القلب:

                            حينما يمتنُّ الله على الإنسان بالهدى،

                            حينما يعبد الإنسان الله ويعرف أن هناك جنَّةً، وأن هناك ناراً، وأن هناك حساباً، وأنه هو المخلوق الأول،

                            حينما يعرف ربَّه، ويعرف نفسه، ويعرف سرَّ وجوده، وغاية وجوده، ويمتِّعه الله بالصحَّة،

                            هو في نعمة لا تقدر بثمن ،

                            فلو أن إنساناً يملك البلاد كلها، وأصابه مرض عُضال تراه يتمنَّى أن يعود مواطناً عادياًِ بأجر زهيد على أن يعافى من المرض،

                            أليس كذلك ؟

                            فكل إنسان معافى هذه نعمةٌ لا تقدَّر بثمن،

                            فنعمة الهدى، ونعمة الصحَّة، ونعمة الكفاية،

                            هذه نعمٌ إذا توافرت فقد حيزت لك الدنيا بحذافيرها.


                            فكل إنسان عنده قوت يومه، وله مأوى، وله بيت، وله زوجة، وهو راضٍ عن الله

                            هو ملكٌ من ملوك الدنيا، وأسعد أهل الأرض،

                            والله عزَّ وجل إذا أعطى أدهش،

                            قد يعطيك سكينةً يتمنَّاها الملوك .

                            أي إنسان مؤمن يعرف الله

                            يعرف منهجه،

                            يعرف أن الله قد وعده الجنَّة،

                            يعرف ما يجب وما لا يجب،

                            ما ينبغي وما لا ينبغي،

                            ما يجوز وما لا يجوز،

                            مُنضبط، وَقَّافٌ عند حدود الله،

                            له عملٌ طيِّب، أجرى الله عزَّ وجل على يده عملاً طيباً،

                            هذا الإنسان أسعد أهل الدنيا ؛

                            ولو كان في التعتيم، ولو كان في الظلال، ولو لم يعرفه أحد،


                            ((إن الله يحب الأبرار الأتقياء الأخفياء الذين إذا غابوا لم يفتقدوا وإذا حضروا لم يدعوا ولم يعرفوا .))
                            [ابن ماجه عن معاذ]


                            أتقياء أخفياء هم عند الله في أعلى مرتبة.

                            امتن الله عزَّ وجل على بني إسرائيل بأن ظلل عليهم الغمام:

                            ﴿ وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (57)﴾


                            المعنى:

                            هذه النِعَم التي أنعم الله بها عليهم،

                            المَن والسلوى طعام نفيس جداً، لا مجال للحديث عنه لأنه لا يوجد منه الآن،

                            طعام نفيس امتنَّ الله به على بني إسرائيل،
                            وظلل عليهم الغمام، وأنزل عليهم المن والسلوى:

                            ﴿ كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ (57) ﴾


                            إذا استمتع الإنسان بهذه النعم دون أن يشكر الله عليها لا يُعدُّ ظالماً لله ولكنه يظلم نفسه،

                            قس على ذلك،

                            أي إنسان الله أعطاه، تمتَّع بهذا العطاء، تمتَّع بصحَّة، تمتَّع بمال، تمتَّع بزوجة، تمتَّع بأولاد، تمتَّع بكل شيء،

                            وعدَّ نفسه شاطراً وذكياً أنه وصل إلى شيء نفيس في الحياة ونسي الله فهو أكبر ظالم لنفسه لأنه لم يشكر،

                            النبي عليه الصلاة والسلام كانت تَعْظُم عنده النعمة مهما دقَّت،

                            إذا شرب كأس ماء،
                            إذا أفرغ هذا الكأس،
                            الطرق كلها سالكة،
                            والأجهزة تعمل بانتظام،

                            هذه نعمةٌ لا تقدَّر بثمن،

                            إذا أكل هذه نعمةٌ لا تقدر بثمن،

                            إذا خرج هذا الطعام نعمةٌ لا تقدَّر بثمن،

                            إذا كانت الأجهزة تعمل بانتظام نعمة لا تقدر بثمن:

                            ﴿ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (57) ﴾



                            تفسير النابلسى


                            -----------------


                            والى رحلة جديدة إن شاء الله

                            تعليق


                            • #74
                              رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن


                              لا زالت النِعَم تترا على بني إسرائيل:


                              ﴿ وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً (58) ﴾


                              متواضعين، باب بيت المَقْدِس:


                              ﴿ وَقُولُوا حِطَّةٌ (58) ﴾


                              أي يا رب اغفر لنا ذنوبنا، حُطَّ عنَّا خطايانا:


                              ﴿ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ (58) ﴾



                              للمذنبين:


                              ﴿ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (58) ﴾


                              إحساناً،



                              فكل واشرب، وتزوَّج، وأسِّس عملاً، ونَل شهادة عُليا، وأنجب أولاداً وربِهِم،



                              افعل ما تشاء من المباحات



                              على شرط



                              أن تعبد الله،



                              أن تقف عند حدوده،



                              أن تأتمر بأمره، أن تنتهي عما عنه نهى،



                              أن تحبَّ الله ورسوله،



                              لا يوجد في الدنيا حرمان ولكن يوجد تنظيم،



                              كل الشهوات التي أودعها الله بالإنسان لها قنوات نظيفة،



                              أية شهوةٍ أودِعَت في الإنسان لها قناةٌ نظيفةٌ تسري خلالها،



                              فأنت حينما تعرف الله تفعل كل شيء لكن وَفْقَ منهجه.


                              -----


                              قال تعالى:
                              ﴿ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (58) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (59) ﴾


                              عندما يصير الدين شكلاً،

                              فُلكلوراً، تقليداً، ورقصاً،



                              أو يصير الدين دوراناً

                              ومع ارتداء ثوب كبير، أو غناء، أو طرباً، أو احتفالات،

                              أو إلقاء كلمات، أو مؤتمرات

                              دون أن يُطَبَّق المنهج الإلهي،



                              إذا أصبح الدين كذلك فهذه أمَّةٌ تودِّعَ منها:


                              ﴿ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ (59)﴾


                              أهكذا ذَكَرَ أصحاب رسول الله ربَّهم وهم يرقصون ؟

                              أهكذا كانت ثيابهم ؟

                              قد يبلغ قطر ثوبه ثلاثة أمتار، أفَعَلوا هذا تطبيقاً لمنهج الله عزَّ وجل ؟


                              ﴿ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ (59)﴾


                              تكاد تجد أكثر المعاصي مُغَطَّاة بفتاوى،



                              لم يبق شيء من الدين، بقي فقط فلكلوراً، تُراثاً،



                              يقول لك: التراث الإسلامي،



                              الدين أقواس، تيجان، زخرفة إسلاميَّة، لوحات إسلاميَّة، قرآن مُزَخرف، مسجد مزخرف،



                              شكل بدون مضمون،



                              لا يوجد منهج مُطبَّق،



                              المنهج غربي، التقاليد والعادات كلها غربيَّة ؛

                              في الطعام والشراب، والاختلاط، والفنون، والغناء، والأفلام،

                              كله غربي،

                              ولا يوجد شيء إسلامي إلا المسجد والزخارف وبعض الثياب،



                              هذا لا يجوز:


                              ﴿ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ (59)﴾


                              ما أكثر من يُبَدِّل في القرآن قولاً غير الذي قاله الله عزَّ وجل، علماً أن الدين توقيفي والشرائع منتهية.


                              الدين لا يقبل الزيادة لأن أية زيادةٍ فيه تُعدّ اتهاماً له بالنقص:

                              قال تعالى:
                              ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً (3)﴾


                              (سورة المائدة: " 3 ")


                              موسوعة النابلسى للعلوم الاسلامية


                              ---------------------


                              وهكذا اخوة الايمان


                              كم من أمر أمرك الله به فناقشت وحللت وبررت عدم اتباعك له


                              تقول العرف التقاليد النظام


                              فأين أمر الله


                              يقول الله عز وجل :


                              (( ألا له الخلق والأمر )) 54 الأعراف


                              كل الناس متفقون أن له الخلق


                              وانما المشكلة فى خضوعهم وتصديقهم أن له الأمر


                              لأن الخلق عطاء من الله


                              خلق ورزق وأعطى


                              أما الأمر فيستوجب خضوع المخلوق له


                              والانسان بطبعه لا يحب الأمر انما يريد أن يسير وراء شهواته وهواه


                              لذلك بدل وغير


                              وسمى الأشياء بغير مسمياتها


                              الربا يسميه فائدة بنكية


                              الخمر يسميه مشروبات روحية


                              العرى يسميه حرية


                              وهكذا يحاول الهروب من الأمر بتغيير مسماه



                              ولكن يا مسكين تضحك على من ؟


                              وتكذب على من ؟


                              قال الله عز وجل :


                              ((انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون))
                              (24)) الأنعام


                              -------------------------


                              والى لقاء آخر إن شاء الله

                              تعليق


                              • #75
                                رد: تدبروا القرآن يا أمة القرآن - رحلة مع القرآن

                                وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ(60)
                                سورة البقرة



                                ومعناها: اذكر إذا استسقى موسى لقومه



                                والحق يريد أن يذكر بني إسرائيل حينما تاهوا في الصحراء أنه أظلهم بالغمام .. وسقاهم حين طلبوا السقيا .. ولقد وصلت ندرة الماء عند بني إسرائيل لدرجة أنهم لم يجدوا ما يشربونه



                                (( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ))

                                (من الآية 21 سورة الزمر)


                                هذه الينابيع تذهب إلي أماكن لا يصلها المطر. ليشرب منها الناس مما نسميه الآبار أو المياه الجوفية .. وتشرب منها أنعامهم .. فإذا حدث جفاف يخرج الناس رجالا ونساء وصبيانا وشيوخا. يتضرعون إلي الله ليمطرهم بالماء



                                وتأتي الآية الكريمة: "فقلنا اضرب بعصاك الحجر".




                                "اضرب بعصاك الحجر"



                                لنا معها وقفة ..


                                الإنسان حين يستسقي الله ..

                                يطلب منه أن ينزل عليه مطرا من السماء،


                                والحق تبارك وتعالى كان قادرا على أن ينزل على بني إسرائيل مطرا من السماء.


                                ولكن الله جل جلاله أراد المعجزة ..


                                فقال سأمدكم بماء ولكن من جنس ما منعكم الماء وهو الحجر الموجود تحت أرجلكم .. لن أعطيكم ماء من السماء ..


                                ولكن الله سبحانه وتعالى أراد أن يرى بني إسرائيل مدى الإعجاز .. فأعطاهم الماء من الحجر الذي تحت أرجلهم.


                                ولكن من الذي يتأثر بالضرب:


                                الحجر أم العصا؟ ..


                                العصا هي التي تتأثر وتتحطم والحجر لا يحدث فيه شيء ..


                                ولكن الله سبحانه وتعالى أراد بضربة واحدة من العصا أن ينفلق الحجر



                                إن انفجار الماء من ضربة العصا

                                دليل على أن العصا أشارت فقط إلي الصخرة

                                فتفجر منها الماء ..


                                وحتى لو كانت العصا من حديد ..

                                هل تكون قادرة على أن تجعل الماء ينبع من الحجر؟


                                فالحق سبحانه وتعالى يريد أن يلفتنا إلي أنه كان من الممكن أن ينزل الماء من السماء ..


                                ولكن الله أرادها نعمة مركبة ..


                                ليعلموا أنه يستطيع أن يأتي الماء من الحجر الصلب ..


                                وأن نبع الماء من متعلقات "كن".



                                يقول الحق سبحانه وتعالى:


                                "فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا"

                                لماذا اثنتا عشرة عينا.


                                لأن اليهود كانوا يعيشون حياة انعزال.


                                كل مجموعة منهم كانت تسمى "سبطا لها شيخ مثل شيخ القبيلة ..

                                والحق تبارك وتعالى يقول:


                                "قد علم كل أناس مشربهم"


                                أي كل سبط أو مجموعة ذهبت لمشرب ..


                                نبعت العيون من الحجر امتدت متشعبة إلي الأسباط جميعا

                                كل في مكانه



                                ولكن الإنسان حينما يكون مضطرا


                                يلتزم بما يطلبه الله منه


                                ويكون ملتزما بالأداء،


                                فإذا فرج الله كربه وعادت إليه النعمة يعود إلي طغيانه ..


                                ولذلك يقول الحق جل جلاله فيها:


                                "كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين"


                                أي لا يكون شكركم على النعمة بالإفساد في الأرض



                                فأفسدوا في الأرض ونسوا نعمة الله فنزل بهم العذاب.


                                تفسير الشعراوى


                                -------------


                                تدبرأخى الكريم



                                (( وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى ))


                                أى طلب السقيا من الله


                                وأنت كم مرة طلبت من الله


                                نقف على باب المخلوق كثيرا ونتوسل ونرجو ونبحث عن الواسطة والسبل


                                وننسى أن نقدم الطلب الى الله الذى بيده خزائن كل شىء



                                عن حذيفة -رضي الله عنه- قال كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا حزبه أمر صلى.
                                (حسن) أبو داود - 4703صحيح الجامع . ‌


                                --------


                                ثم تدبر الاعجاز فى قوله



                                (( فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً ))


                                أولا ما قوة العصا ليضرب بها الحجر


                                ثانيا وهل الحجر الصلب الصخر الجامد يخرج منه الماء


                                ذلك لنعلم



                                أن الله على كل شىء قدير


                                وأنه لا يعجزه شىء


                                وأنه يخرج الحى من الميت ويخرج الميت من الحى


                                وأنه يرزق بالأسباب وبدون الأسباب وبضد الأسباب




                                كان من الممكن أن ينزل الماء من السماء


                                ولكن حياة المادة طغت على بنى اسرائيل فلا يؤمنوا إلا بالمشاهد


                                فإياك أن تتعامل مع الله بنفس مبدأهم


                                ولكن



                                ثق بالله



                                وتوكل عليه


                                وكن على يقين أن الله بيده كل شىء


                                وإذا أراد شيئا فإنما يقول له كن فيكون


                                والى اللقاء مع رحلة جديدة مع القرآن


                                ---------------

                                تعليق

                                مواضيع ذات صلة

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 1 أغس, 2023, 06:55 م
                                ردود 0
                                19 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة د.أمير عبدالله  
                                ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 11 يول, 2023, 05:19 م
                                ردود 0
                                18 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة عطيه الدماطى  
                                ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 10 يول, 2023, 07:05 م
                                رد 1
                                20 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة د.أمير عبدالله  
                                ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 4 يول, 2023, 10:07 م
                                ردود 0
                                12 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة عطيه الدماطى  
                                ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 30 يون, 2023, 04:06 م
                                ردود 0
                                15 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة عطيه الدماطى  
                                يعمل...
                                X