العبودية ... شيخ الإسلام ابن تيمية

تقليص

عن الكاتب

تقليص

عبد الغفور_83 مسلم اكتشف المزيد حول عبد الغفور_83
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • العبودية ... شيخ الإسلام ابن تيمية

    سئل الشيخ الإمام العلامة محي السنة ومميت البدعة أبو العباس أحمد بن تيمية رضي الله عنه وأرضاه ، عن : قوله عز وجل : { يا أيها الناس اعبدوا ربكم } ، فما العبادة وفروعها ؟ وهل مجموع الدين داخل في العبادة أم لا ؟ وما حقيقة العبودية ؟ وهل هي أعلى المقامات ، أم فوقها من المقامات ؟ .

    فكان مما قاله رحمه الله :
    العبادة هى اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والاعمال الباطنة والظاهرة فالصلاة والزكاة والصيام والحج وصدق الحديث وأداء الامانة وبر الوالدين وصلة الأرحام والوفاء بالعهود والامر بالمعروف والنهى عن المنكر والجهاد للكفار والمنافقين والاحسان الى الجار واليتيم والمسكين وابن السبيل والمملوك من الآدميين والبهائم والدعاء والذكر والقراءة وامثال ذلك من العبادة وكذلك حب الله ورسوله وخشية الله والانابة إليه واخلاص الدين له والصبر لحكمه والشكر لنعمه والرضا بقضائه والتوكل عليه والرجاء لرحمته والخوف لعذابه وامثال ذلك هى من العبادة لله.

  • #2
    رد: العبودية ... شيخ الإسلام ابن تيمية

    -إن العبادة لله هى الغاية المحبوبة له والمرضية له التى خلق الخلق لها كما قال تعالى {وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون} وبها ارسل جميع الرسل كما قال نوح لقومه {اعبدوا الله مالكم من إله غيره} وكذلك قال هود وصالح وشعيب وغيرهم لقومهم.
    وقال تعالى عن المسيح الذي ادعيت فيه الالهية والنبوة "
    ان هو إلاعبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبنى إسرائيل "
    ولهذا قال النبى صلى الله عليه وسلم فى الحديث الصحيح [
    لا تطرونى كما اطرت النصارى عيسى بن مريم فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله].
    التعديل الأخير تم بواسطة عاشق طيبة; 12 ينا, 2021, 09:29 م.

    تعليق


    • #3
      رد: العبودية ... شيخ الإسلام ابن تيمية

      - والعبادة اصل معناها الذل ايضا يقال طريق معبد اذا كان مذللا قد وطئته الاقدام.
      لكن العبادة المأمور تتضمن معنى الذل ومعنى الحب فهى تتضمن غاية الذل لله بغاية المحبة له فإن آخر مراتب الحب هوالتتيم واوله العلاقة لتعلق القلب بالمحبوب ثم الصبابة لا نصباب القلب اليه ثم الغرام وهو الحب اللازم للقلب ثم العشق وآخرها التتيم يقال تيم الله أى عبد الله فالمتيم المعبد لمحبوبه.
      _ ومن خضع لانسان مع بغضه له لايكون عابداً له ولو أحب شيئا ولم يخضع له لم يكن عابدا له كما قد يحب ولده وصديقه ولهذا لا يكفى أحدهما فى عبادة الله تعالى بل يجب أن يكون الله أحب إلى العبد من كل شئ وأن يكون الله أعظم عنده من كل شئ بل لا يستحق المحبة والذل التام إلا الله.

      تعليق


      • #4
        رد: العبودية ... شيخ الإسلام ابن تيمية

        - وأما العبادة وما يناسبها من التوكل والخوف ونحو ذلك فلا يكون إلا لله وحده كما قال تعالى {قل يا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا الى قوله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بانا مسلمون}
        - فإن اعترف العبد أن الله ربه وخالقه وأنه مفتقر اليه محتاج اليه عرف العبودية المتعلقة بربوبية الله وهذا العبد يسأل ربه فيتضرع اليه ويتوكل عليه لكن قد يطيع امره وقد يعصيه وقد يعبده مع ذلك وقد يعبد الشيطان والاصنام.
        ومثل هذه العبودية لاتفرق بين اهل الجنة والنار ولا يصير بها الرجل مؤمنا كما قال تعالى ( وما يؤمن اكثرهم بالله الا وهم مشركون ) فإن المشركين كانوا يقرون ان الله خالقهم ورازقهم وهم يعبدون غيره قال تعالى {ولئن سألتهم من خلق السموات والارض ليقولن الله}

        تعليق


        • #5
          رد: العبودية ... شيخ الإسلام ابن تيمية

          وأما العبد بمعنى المعبد سواء اقر بذلك او أنكره فتلك يشترك فيها المؤمن والكافر وبالفرق بين هذين النوعين يعرف الفرق بين المقائق الدينية الداخلة فى عبادة الله ودينه وامره الشرعىالتى يحبها ويرضاها ويوالى اهلها ويكرمهم بجنته وبين الحقائق الكونية التى يشترك فيها المؤمن والكافر والبر والفاجر التى من اكتفى بها ولم يتبع الحقائق الدينية كان من أتباع ابليس اللعين والكافرين برب العالمين ومن اكتفى بها فى بعض الأمور دون بعض أو فى مقام او حال نقص من إيمانه وولايته لله بحسب ما نقص من الحقائق الدينية.
          - وهذا مقام عظيم فيه غلط الغالطون وكره فيه الاشتباه على السالكين حتى زلق فيه من اكابر الشيوخ المدعين التحقيق والتوحيد والعرفان مالا يحصيهم الا الله الذى يعلم السر والاعلان.
          فمن شهد الحقيقة الكونية دون الدينية سوى بين هذه الأجناس المختلفة التى فرق الله بينها غاية التفريق حتى يؤل به الأمر الى ان يسوى الله بالاصنام كما قال تعالى عنهم الله { ان كنا لفي ضلال مبين اذ نسويكم برب العالمين } بل قد آل الامر بهؤلاء الى ان سووا الله بكل موجود وجعلوا ما يستحقه من العبادة والطاعة حقا لكل موجود اذ جعلوه هو وجود المخلوقات وهذا من اعظم الكفر والالحاد برب العباد.
          - وهؤلاء يصل بهم الكفر الى انهم لا يشهدون انهم عباد لا بمعنى انهم معبدون ولا بمعنى انهم عابدون اذ يشهدون انفسهم هي الحق كما صرح بذلك طواغيتهم كابن عربي صاحب الفصوص وامثاله من الملحدين المفترين كابن سبعين وامثاله.
          وهذه المقالات هي محادة لله ورسوله ومعاداة له وصد عن سبيله ومشاقة له وتكذيب لرسله ومضادة له في حكمه وان كان من يقول هذه المقالات قد يجهل ذلك ويعتقد ان هذا الذي هو عليه هو طريق الرسول وطريق اولياء الله المحققين فهو فى ذلك بمنزلة من يعتقد ان الصلاة لا تجب عليه لاستغنائه عنها بما حصل له من الأحوال القلبية او ان الخمر حلال له لكونه من الخواص الذين لا يضرهم شرب الخمر او ان الفاحشة حلال له لأنه صار كالبحر لا تكدره الذنوب ونحو ذلك.
          - ولا ريب ان المشركين الذين كذبوا الرسل يترددون بين البدعة المخالفة لشرع الله وبين الاحتجاج بالقدر على مخالفة امر الله فهؤلاء الأصناف فيهم شبه من المشركين اما ان يبتدعوا واما ان يحتجوا بالقدر واما ان يجمعوا بين الأمرين كما قال تعالى عن المشركين واذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله امرنا بها قل ان الله لا يأمر بالفحشاء اتقولون على الله ما لا تعلمون وكما قال تعالى عنهم {وقال الذين اشركوا لو شاء الله ما اشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء}.

          تعليق


          • #6
            رد: العبودية ... شيخ الإسلام ابن تيمية

            يتبع إن شاء الله تعالى

            تعليق


            • #7
              رد: العبودية ... شيخ الإسلام ابن تيمية

              متابع....................


              قولوا:
              لا اله الا الله....تفلحوا



              ملاحظة : مشاركاتي تعبر فقط عن رأيي .فان اصبت فبتوفيق من الله , وان اخطات فمني و من الشيطان

              تعليق


              • #8
                رد: العبودية ... شيخ الإسلام ابن تيمية

                متابعون
                سيظل منتدى حراس العقيدة بعون الله وفضله نبراساً للعلم والإيمان والصحبة الصالحة ..
                بارك الله فيكم وأحسن إليكم جميعاً ..

                تعليق


                • #9
                  رد: العبودية ... شيخ الإسلام ابن تيمية

                  الأكارم د - نبو , هشام : شكراً للمرور و المتابعة ..
                  قال شيخ الإسلام رحمه الله :

                  - وأصل ضلال من ضل هو بتقديم قياسه على النص المنزل من عند الله واختياره الهوى على اتباع امر الله فإن الذوق والوجد ونحو ذلك هو بحسب ما يحبه العبد فكل محب له ذوق ووجد بحسب محبته فأهل الايمان لهم من الذوق والوجد مثل ما بينه النبى صلى الله عليه وسلم بقوله فى الحديث الصحيح ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الايمان من كان الله ورسوله احب اليه مما سواهما ومن كان يحب المرء لا يحبه الا الله ومن كان يكره ان يرجع فى الكفر بعد اذا انقذه الله منه كما يكره ان يلقى فى النار وقال صلى الله عليه وسلم فى الحديث الصحيح ذاق طعم الايمان من رضى بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد نبيا.
                  - وأما أهل الكفر والبدع والشهوات فكل بحسبه قيل لسفيان بن عيينة ما بال أهل الأهواء لهم محبة شديدة لأهوائهم فقال أنسيت قوله تعالى واشربوا فى قلوبهم العجل بكفرهم أو نحو هذا من الكلام فعباد الاصنام يحبون آلهتهم كما قال تعالى ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله وقال فان لم يستجيبوا لك فاعلم انما يتبعون أهواءهم ومن اضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله وقال أن يتبعون الا الظن وما تهوى الانفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى ولهذا يميل هؤلاء الى سماع الشعر والأصوات التى تهيج المحبة المطلقة التى لا تختص بأهل الايمان بل يشترك فيها محب الرحمن ومحب الاوثان ومحب الصلبان ومحب الاوطان ومحب الاخوان ومحب المردان ومحب النسوان وهؤلاء الذين يتبعون أذواقهم ومواجيدهم من غير اعتبار لذلك بالكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة.

                  تعليق


                  • #10
                    رد: العبودية ... شيخ الإسلام ابن تيمية

                    جزاك الله خيرا
                    إستوقفتنى آية ( ليشارك الجميع ) -- أستوقفنى حديث رسول الله ... متجدد

                    من كلمات الإمام الشافعى رحمة الله عليه
                    إن كنت تغدو في الذنوب جليـدا ... وتخاف في يوم المعاد وعيــدا
                    فلقـد أتاك من المهيمن عـفـوه
                    ... وأفاض من نعم عليك مزيــدا
                    لا تيأسن من لطف ربك في الحشا
                    ... في بطن أمك مضغة ووليــدا
                    لو شـاء أن تصلى جهنم خالـدا
                    ... ما كان أَلْهمَ قلبك التوحيـدا
                    ●▬▬ஜ۩۞۩ஜ▬▬●
                    أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ
                    ●▬▬ஜ۩۞۩ஜ▬▬●

                    تعليق


                    • #11
                      رد: العبودية ... شيخ الإسلام ابن تيمية

                      المشرف الكريم مسلم للأبد : أشكر مروركم ..

                      قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى :

                      قال الزهري كان من مضى من سلفنا يقولون الاعتصام بالسنة نجاة وذلك ان السنة كما قال مالك رحمه الله مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق .
                      والعبادة والطاعة والاستقامة ولزوم الصراط المستقيم ونحو ذلك الاسماء مقصودها واحد ولها اصلان:

                      احدهما : الا يعبد الا الله.
                      والثاني : ان يعبد بما امر وشرع لا بغير ذلك من البدع قال تعالى {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا} وقال تعالى {بلى من اسلم وجهه لله وهو محسن فله اجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} وقال تعالى {ومن احسن دينا ممن اسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة ابراهيم حنيفا واتخذ الله ابراهيم خليلا} فالعمل الصالح هو الاحسان وهو فعل الحسنات والحسنات هي ما احبه الله ورسوله وهو ما امر به امر ايجاب او استحباب فما كان من البدع في الدين التى ليست مشروعة فان الله لا يحبها ولا رسوله فلا تكون من الحسنات ولا من العمل الصالح كما ان يعمل مالا يجوز كالفواحش والظلم ليس من الحسنات ولا من العمل الصالح.
                      واما قوله {ولا يشرك بعبادة ربه احدا} وقوله {اسلم وجهه لله فهو اخلاص الدين لله} وحده وكان عمر بن الخطاب يقول اللهم اجعل عملي كله صالحا واجعله لوجهك خالصا ولا تجعل لاحد فيه شيئا .
                      - وقال الفضيل بن عياض فى قوله { ليبلوكم أيكم احسن عملا } قال اخلصه واصوبه قالوا يا ابا علي ما اخلصه واصوبه قال ان العمل اذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل واذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا والخالص ان يكون لله والصواب ان يكون على السنة.

                      تعليق


                      • #12
                        رد: العبودية ... شيخ الإسلام ابن تيمية

                        قال شيخ الإسلام رحمه الله و نفعنا بعلمه :
                        وقد قيل: ان الهجر الجميل هو هجر بلا اذى والصفح الجميل صفح بلا معاتبة والصبر الجميل صبر بغير شكوى الى المخلوق ولهذا قرىء على احمد بن حنبل فى مرضه ان طاوسا كان يكره انين المريض ويقول انه شكوى فما ان احمد حتى مات.
                        واما الشكوى الى الخالق فلا تنافى الصبر الجميل فان يعقوب قال فصبر جميل وقال {انما اشكو بثي وحزنى الى الله} وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقرأ فى الفجر بسورة يونس و يوسف و النحل فمر بهذه الآية فى قراءته فبكى حتى سمع نشيجه من آخر الصفوف ومن دعاء موسى اللهم لك الحمد واليك المشتكى وانت المستعان وبك المستغاث وعليك التكلان ولا حول ولا قوة الا بك وفى الدعاء الذي دعا به النبى صلى الله عليه وسلم لما فعل به اهل الطائف ما فعلوا اللهم اليك اشكو ضعف قوتى وقلة حيلتى وهوانى على الناس انت رب المستضعفين وانت ربي اللهم الى من تكلنى الى بعيد يتجهمنى ام الى عدو ملكته امري ان لم يكن بك غضب علي فلا ابالي غير ان عاقبتك اوسع لي اعوذ بنور وجهك الذي اشرقت به الظلمات وصلح عليه امر الدنيا والآخرة ان ينزل بي سخطك او يحل على غضبك لك العتبى حتى ترضى فلا حول ولا قوة الا بك وفى بعض الروايات ولا حول ولا قوة الا بك.
                        وكلما طمع العبد فى فضل الله ورحمته ورجائه لقضاء حاجته ودفع ضرورته قويت عبوديته له وحريته مما سواه فكما ان طمعه فى المخلوق يوجب عبوديته له فيأسه منه يوجب غنى قلبه عنه كما قيل استغن عمن شئت تكن نظيره وافضل على من شئت تكن اميره واحتج الى من شئت تكن اسيره فكذلك طمع العبد فى ربه ورجاؤه له يوجب عبوديته له واعراض قلبه عن الطلب من غير الله والرجاء له يوجب انصراف قلبه عن العبودية لله لا سيما من كان يرجو المخلوق ولا يرجو الخالق بحيث يكون قلبه معتمدا اما على رئاسته وجنوده واتباعه ومماليكه واما على اهله واصدقائه واما على امواله وذخائره واما على ساداته وكبرائه كمالكه وملكه وشيخه ومخدومه وغيرهم ممن هو قد مات او يموت قال تعالى وتوكل على الحى الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرا.

                        تعليق


                        • #13
                          رد: العبودية ... شيخ الإسلام ابن تيمية

                          قال شيخ الإسلام رحمه الله :

                          وكل من علق قلبه بالمخلوقات ان ينصروه او يرزقوه او ان يهدوه خضع قلبه لهم وصار فيه من العبودية لهم بقدر ذلك وان كان فى الظاهر اميرا لهم مدبرا لهم متصرفا بهم فالعاقل ينظر الى الحقائق لا الى الظواهر فالرجل اذا تعلق قلبه بامرأة ولو كانت مباحة له يبقى قلبه اسيرا لها تحكم فيه وتتصرف بما تريد وهو فى الظاهر سيدها لانه زوجها وفي الحقيقة هو اسيرها ومملوكها لا سيما اذا درت بفقره اليها وعشقه لها وانه لا يعتاض عنها بغيرها انها حينئذ تحكم فيه بحكم السيد القاهر الظالم في عبده المقهور الذى لا يستطيع الخلاص منه بل اعظم فإن اسر القلب اعظم من اسر البدن واستعباد القلب اعظم من استعباد البدن فان من استعبد بدنه واسترق لا يبالى اذا كان قلبه متريحا من ذلك مطمئنا بل يمكنه الاحتيال فى الخلاص واما اذا كان القلب الذي هو الملك رقيقا مستعبدا متيما لغير الله هذا هو الذل والاسر المحض والعبودية لما استعبد القلب.
                          وعبودية القلب واسره هي التى يترتب عليها الثواب والعقاب . ان المسلم لو اسره كافر او استرقه فاجر بغير حق لم يضره ذلك اذا كان قائما بما يقدر عليه من الواجبات ومن استعبد بحق اذا ادى حق الله وحق مواليه له اجران ولو اكره على التكلم بالكفر فتكلم به وقلبه مطمئن بالايمان لم يضره ذلك واما من استعبد قلبه صار عبدا لغير الله فهذا يضره ذلك ولو كان فى الظاهر ملك الناس.
                          فالحرية حرية القلب والعبودية عبودية القلب

                          تعليق


                          • #14
                            رد: العبودية ... شيخ الإسلام ابن تيمية

                            والقلب فقير بالذات الى الله من وجهين من جهة العبادة وهى العلة الغائبة ومن جهة الاستعانة والتوكل وهى العلة الفاعلية فالقلب لا يصلح ولا يفلح ولا يلتذ ولا يسر لا يطيب ولا يسكن ولا يطمئن الا بعبادة ربه وحبه والانابة اليه ولو حصل له كل ما يلتذ به من المخلوقات لم يطمئن ولم يسكن اذ فيه فقر ذاتى الى ربه ومن حيث هو معبوده ومحبوبه ومطلوبه وبذلك يحصل له الفرح والسرور واللذة والنعمة والسكون والطمأنينة.
                            وهذا لا يحصل له إلا باعانة الله له لا يقدر على تحصيل ذلك له الا الله فهو دائما مفتقر الى حقيقة اياك نعبد واياك نستعين فانه لو أعين على حصول ما يحبه ويطلبه ويشتهيه ويريده ولم يحصل له عبادته لله بحيث يكون هو غاية مراده ونهاية مقصودة وهو المحبوب له بالقصد الأول وكل ما سواه انما يحبه لأجله لا يحب شيئا لذاته الا الله متى لم يحصل له هذا لم يكن قد حقق حقيقة لا اله الا الله ولا حقق التوحيد والعبودية والمحبة وكان فيه من النقص والعيب بل من الألم والحسرة والعذاب بحسب ذلك.
                            ولو سعى فى هذا المطلوب ولم يكن مستعينا بالله متوكلا عليه مفتقرا اليه فىى حصوله لم يحصل له فانه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن فهو مفتقر الى الله من حيث هو المطلوب المحبوب المراد المعبود ومن حيث هو المسؤول المستعان به المتوكل عليه فهو الهه لا اله له غيره وهو ربه لا رب سواه.
                            ولا تتم عبوديته لله الا بهذين .

                            تعليق


                            • #15
                              رد: العبودية ... شيخ الإسلام ابن تيمية

                              قال شيخ الإسلام رحمه الله :

                              وكل من استكبر عن عبادة الله لا بد ان يعبد غيره فإن الانسان حساس يتحرك بالارادة وقد ثبت فى الصحيح عن النبى صلى الله عليه وسلم انه قال اصدق الاسماء حارث وهمام فالحارث الكاسب الفاعل والهمام فعال من الهم والهم اول الارادة فالانسان له ارادة دائما وكل ارادة فلا بد لها من مراد تنتهي اليه فلا بد لكل عبد من مراد محبوب هو منتهى حبه وارادته فمن لم يكن الله معبوده ومنتهى حبه وارادته بل استكبر عن ذلك فلا بد ان يكون له مراد محبوب يستعبده غير الله فيكون عبدا لذلك المراد المحبوب اما المال واما الجاه واما الصور واما ما يتخذه الها من دون الله كالشمس والقمر والكواكب والاوثان وقبور الانبياء والصالحين او من الملائكة والانبياء الذين يتخذهم اربابا او غير ذلك مما عبد من دون الله.

                              تعليق

                              مواضيع ذات صلة

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 9 أغس, 2023, 11:28 م
                              ردود 0
                              24 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة د.أمير عبدالله  
                              ابتدأ بواسطة عادل خراط, 17 أكت, 2022, 01:16 م
                              ردود 112
                              158 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة عادل خراط
                              بواسطة عادل خراط
                               
                              ابتدأ بواسطة اسلام الكبابى, 30 يون, 2022, 04:29 م
                              ردود 3
                              32 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة عاشق طيبة
                              بواسطة عاشق طيبة
                               
                              ابتدأ بواسطة عادل خراط, 28 أكت, 2021, 02:21 م
                              ردود 0
                              114 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة عادل خراط
                              بواسطة عادل خراط
                               
                              ابتدأ بواسطة عادل خراط, 6 أكت, 2021, 01:31 م
                              ردود 3
                              58 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة عادل خراط
                              بواسطة عادل خراط
                               
                              يعمل...
                              X