أمور في العبادة هي أولى بالسؤال

تقليص

عن الكاتب

تقليص

مسلم للأبد مسلم اكتشف المزيد حول مسلم للأبد
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أمور في العبادة هي أولى بالسؤال

    أمور في العبادة هي أولى بالسؤال


    كثيرة هي الأمور التي يحاول المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها أن يستفسروا عنها أهل الذكر والعلم فيما يختص بأمور دينهم الحنيف , ولا عجب أن تكون النسبة الأكبر من أسئلة الناس في قسم العبادات من الشريعة الغراء , نظرا لكونها الجانب الذي ينظم علاقة الإنسان بربه سبحانه وتعالى , ولحرص المسلمين على أن تكون عبادتهم لله تعالى صحيحة خالية من النواقض والنواقص والمثالب .
    ولكن المدقق في ذلك الكم الكبير من أسئلة المسلمين عن العبادة , يلاحظ أن معظمها – إن لم يكن كلها – تدور حول الجانب الفقهي فحسب , وتركز على شروط وأركان وواجبات هذه العبادة أو تلك , مما هو مبين ومفصل في كتب فقهاء الأمة وعلمائها المستنبط من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
    لا شك أن تلك الأسئلة من الأهمية بمكان , فهي الحد الفاصل بين العبادة الصحيحة شكلا من غير الصحيحة , كما أن تكرار المسلمين لهذا النوع من الأسئلة إنما يعبر عن مدى اهتمامهم بأن تكون العبادة التي يؤدونها مكتملة الشروط والأركان والواجبات التي بيّنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في سيرته وسنته الشريفة , والتي شرحها ورتبها الفقهاء في أسفارهم .....إلا أن ذلك لا ينفي أن هناك أمورأ في العبادة هي أولى بالسؤال من الأسئلة التي يكررها المسلمون على مسامع العلماء ليل نهار , ألا وهي الأسئلة التي تتحدث عن جوهر العبادة ومضمونها , وتتجاوز الشروط الشكلية إلى الحالة القلبية و النفسية والروحية .
    نعم ......كثيرا ما يسمع أحدنا أسئلة المسلمين الكثيرة عن حكم صلاة المسبوق مثلا , أو عن شروط جواز جمع الصلاتين وقصرها بالنسبة للمسافر , أو عن حكم فاقد الماء أو الطهورين , أو..... إلا أنه من القليل - أو حتى النادر - أن يسمع الواحد منا سؤالا من أحد المسلمين عن الخشوع في الصلاة وكيفية تحصيله , أو عن شروط قبول الله تعالى للصلاة , أو عن الصورة الكاملة لأداء رسول الله صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح للصلاة , أو عن الحالة القلبية والنفسية التي ينبغي أن يكون عليها المسلم قبل الصلاة وأثناءها .......
    ومع التأكيد ثانية على أهمية معرفة الأحكام الفقهية للصلاة , وضرورة استفسار المسلمين عن كل ما يجعلها صحيحة من هذه الناحية , إلا أن الاهتمام بهذا الجانب على حساب الشطر الآخر من الصلاة , والذي يتمثل بالخشوع وحضور القلب والإخلاص في أدائها طاعة لله تعالى وخضوعا .... والذي يعتبر الغاية والثمرة المرجوة من هذه الفريضة العظيمة , هو في الحقيقة خلل كبير ينبغي التنبيه والتنويه إليه , عسى أن يكون خطوة لاستكمال شطر الصلاة الأهم المفقود في الأعم الغالب .



    والحقيقة أن الناظر في كتاب الله تعالى يجد أنه وإن أولى أحكام الصلاة الفقهية الشكلية اهتماما من خلال بعض الآيات من أمثال قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا ....} النساء/43 , وقوله تعالى : { وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا....} النساء/101 , وقوله تعالى : { وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ....} النساء/102 , وقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ...} المائدة/6 .....



    فإن القرآن الكريم بالمقابل لم يغفل الجانب الآخر الروحي والقلبي والنفسي في أداء الصلاة أبدا , بل هناك الكثير من الآيات التي تشير إلى أهمية هذا الجانب كقوله تعالى : { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ } المؤمنون/1-2 , وقوله تعالى : { وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ } البقرة/45 , وقوله تعالى : { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا } النساء/142 , في إشارة إلى وجوب الإخلاص في الصلاة خلافا للمنافقين الذين يصلون أمام الناس نفاقا .



    وفي جميع آيات القرآن الكريم جاء وصف المؤمنين بأنهم { يقيمون الصلاة } و { أقاموا الصلاة } ومعنى إقامة الصلاة يشمل بلا شك الجوانب الشكلية الفقهية من طهارة وغيرها , كما يشمل الخشوع وحضور القلب أثناء أداء أركانها , قال الضحاك عن ابن عباس : إقامة الصلاة و إتمام الركوع والسجود والتلاوة والخشوع والإقبال عليها فيها .



    وقال قتادة : إقامة الصلاة المحافظة على مواقيتها ووضوئها، وركوعها وسجودها.



    وقال مقاتل بن حيان : إقامتها : المحافظة على مواقيتها ، وإسباغ الطهور فيها وتمام ركوعها وسجودها وتلاوة القرآن فيها، والتشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا إقامتها . تفسير ابن كثير 1/168



    وإذا تحدثنا عن عبادة أخرى غير الصلاة فإن نوعية الأسئلة التي تتكرر على مسامع العلماء في المساجد ودروس العلم وعلى وسائل الإعلام من كثير من المسلمين لا تكاد تختلف , فالتركيز غالبا يكون على الجانب الفقهي الشكلي فحسب , بينما تكاد الأسئلة التي تستفسر عن الحالة القلبية التي ينبغي أن يكون عليها المسلم أثناء أداء هذه العبادة أو تلك قليلة أو نادرة أو حتى معدومة , على الرغم من أنها في الحقيقة أولى بالسؤال في هذا العصر الذي يغلب عليه الطابع المادي , ويفتقر إلى النواحي الروحية والقلبية .



    فإذا تحدثنا عن فريضة الحج مثلا , فإن نوعية الأسئلة التي تنهال على العلماء قبل وأثناء أداء هذه الفريضة هي في الحقيقة أسئلة فقهية بامتياز , لا تكاد تخرج عن نطاق ما ينبغي أن يقوم به الحاج ليكون حجه صحيحا من حيث الشكل .



    ومع الاعتراف للمرة الثالثة بضرورة وأهمية هذه الأسئلة , إلا أن الأولى منها تلك الأسئلة المتعلقة بنية الحاج وحضور قلبه أثناء أدائه لمناسك الحج , والحالة الروحية والنفسية التي ينبغي أن يكون عليها الحاج مع كل منسك من مناسك الحج , والتي بها ومن خلالها يكون أداؤه لهذه الفريضة كاملا .



    إن تكرار المسلمين للأسئلة المتعلقة بالجوانب القلبية والروحية لأي عبادة أو فريضة في الإسلام , بنفس الكم الكبير الذي يستفسرون به عن المسائل الفقهية , يمكن أن يساهم بشكل كبير في إعادة شيء من المفقود من عبادة الكثير من المسلمين , والمتمثل بلا شك بالجانب القلبي والروحي .

    د. عامر الهوشان
    إستوقفتنى آية ( ليشارك الجميع ) -- أستوقفنى حديث رسول الله ... متجدد

    من كلمات الإمام الشافعى رحمة الله عليه
    إن كنت تغدو في الذنوب جليـدا ... وتخاف في يوم المعاد وعيــدا
    فلقـد أتاك من المهيمن عـفـوه
    ... وأفاض من نعم عليك مزيــدا
    لا تيأسن من لطف ربك في الحشا
    ... في بطن أمك مضغة ووليــدا
    لو شـاء أن تصلى جهنم خالـدا
    ... ما كان أَلْهمَ قلبك التوحيـدا
    ●▬▬ஜ۩۞۩ஜ▬▬●
    أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ
    ●▬▬ஜ۩۞۩ஜ▬▬●

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة عاشق طيبة, 26 ينا, 2023, 02:58 م
ردود 0
34 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة عاشق طيبة
بواسطة عاشق طيبة
 
ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 23 ينا, 2023, 12:27 ص
ردود 0
49 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة عطيه الدماطى  
ابتدأ بواسطة د. نيو, 24 أبر, 2022, 07:35 ص
رد 1
62 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة د. نيو
بواسطة د. نيو
 
ابتدأ بواسطة محمد بن يوسف, 1 نوف, 2021, 04:00 م
ردود 0
21 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة محمد بن يوسف
بواسطة محمد بن يوسف
 
ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 18 يون, 2021, 02:47 ص
ردود 0
67 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة *اسلامي عزي*
بواسطة *اسلامي عزي*
 
يعمل...
X