دروس في كتابة القرآن الكريم

تقليص

عن الكاتب

تقليص

المهندس زهدي جمال الدين مسلم اكتشف المزيد حول المهندس زهدي جمال الدين
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    ـ وفي هذه الكلمات : ، ،.
    ففي الدخان 43:
    والرسم الإملائي الحديث يكتبها هكذا: [إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ].

    وفي القصص9:
    ﮆ ﮇ ﮈ ﮊ ﮋ ﮌ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ
    والرسم الإملائي الحديث يكتبها هكذا: [وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ].

    وفي هود 86 :
    ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ
    والرسم الإملائي الحديث يكتبها هكذا: [بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ].

    زـ وفي كلمة امرأة إذا أضيفت إلى زوجها نحو ما هو وارد في:
    1ـ آل عمران35:

    [إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ].
    والرسم الإملائي الحديث يكتبها هكذا: [ إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ].
    وفي القصص9:
    ﮊ ﮋ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ
    3 ـ وفي سورة التحريم 10ـ 12:
    ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ

    والرسم الإملائي الحديث يكتبها هكذا:
    [ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) وَمَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12)].
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 23 أكت, 2020, 11:01 ص.

    تعليق


    • #17
      جزاك الله خيرا أخونا وأستاذنا الكريم

      تم إزالة الضغط السابق في ملف مرفق

      ونقل للمشاركة رقم 36
      التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 23 أكت, 2020, 11:01 ص.
      الـ SHARKـاوي
      إستراتيجيتي في تجاهل السفهاء:
      ذبحهم بالتهميش، وإلغاء وجودهم المزعج على هذا الكوكب، بعدوى الأفكار،
      فالأفكار قبل الأشخاص، لأن الأفكار لها أجنحة، فأصيبهم بعدواها الجميلة. وهذا الواقع المظلم الذي نعيش سيتغير بالأفكار،
      فنحن في عصر التنوير والإعصار المعرفي، ولا بد للمريض أن يصح، ولا بد للجاهل أن يتعلم، ولا بد لمن لا يتغير، أن يجبره الواقع على التغير،
      ولا بد لمن تحكمه الأموات، الغائب عن الوعي، أن يستيقظ من نومة أهل الكهف أو يبقى نائما دون أثر، لا يحكم الأحياء!

      تعليق


      • #18
        شكر الله لك أخي الشرقاوي على ما فعلت وما قدمت، ولو أنك انتظرت حتى انتهى من كتابة الدروس ثم ضغطها بعد ذلك لكان النفع أجدى..
        بارك الله فيك على ما قدمت وتقدم للإسلام .
        أخوكم
        زهدي
        التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 23 أكت, 2020, 11:01 ص.

        تعليق


        • #19
          5ـ ويكون في الألف بتصويرها واوًا أو ياءً:

          فتصوَّر واوًا في ألفاظ، منها من موضع الآية 3 من سورة البقرة:
          ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭢ ﭣ
          حيث تكتب هكذا: []، ولسوف نتناول الحديث عن []، بشيء من التفصيل في مبحث منفصل إن شاء الله تعالى.
          وفي الزَّكَاةَ في الآية 43 من سورة البقرة :
          ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ
          حيث تكتب الزَّكَاةَ هكذا:[ ].

          ومِشْكَاةٍ من الآية 35 من سورة النور: ﮩ ﮪ ﮫ ﮮ ﮯ ﮱ ﯓ حيث تكتب كَمِشْكَاةٍ هكذا:[ ].

          وتُصوَّر ياءً في الألف الْمنقلبة عن ياء، مثـل قوله تعالى من الآية 84 من سورة يوسف عليه السلام :
          ﯞ ﯟ ﯠ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ

          وقوله تعالى في الآية 11 من سورة السجدة:
          ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ
          حيث تكتب يَتَوَفَّاكُمْ هكذا: [].
          ح ـ وتُصوَّر الألف ياءً في بعض ألفات الثلاثيِّ المنقلبة عن واو، مثـل:
          1ـ قوله تعالى الآية 1 من سورة الضحى:
          ﭴ ﭵ ﭶﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼحيث تكتب [ وَالضُّحَا ] هكذا: [].

          2ـ وقوله تعالى من الآية 21 في سورة النور:
          ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭱ ﭲ ﭴ ﭵ ﭶوالرسم الإملائي الحديث يكتبها كالآتي:[وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ].. حيث تكتب مَا زَكَا هكذا:[ ﭨ ﭩ].
          من الآية 90 من سورة النحل:
          ﭻ ﭼ ﭽ ﭿ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇﮉ ﮊ ﮋ
          والرسم الإملائي الحديث يكتب الآية هكذا:
          [إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ]. والقياس ترك الهمزة بلا صورة، فتوضع رأس العين على السطر هكذا (وإيتاء).

          ط ـ وتُصوَّر الألف ياءً في كلماتٍ جُهِل أصلها، وهي: (إلى) و(على) و(أنَّى)، و(متى)، و(بلى)، و(حتَّى)، واختُلف في (لدى) فرسمت في غافر بالياء ترجيحًا، ورسمت في سورة غافر، الآية 18، وفي سورة يوسف عليه السلام، الآية 25. بالألف اتفاقًا، كما شرحناه بعاليه.

          انظر دليل الحيران شرح مورد الظمآن ص 276-278، وانظر البرهان في علوم القرآن (1/409-410)، والإتقان في علوم القرآن (4/154).
          التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 23 أكت, 2020, 11:00 ص.

          تعليق


          • #20
            خامساً: قاعدة الوصل و الفصل




            خلاصتها أن كلمة
            1ـ (أن) بفتح الهمزة توصل بكلمة (لا) إذا وقعـت بعدها ، ويستثنى من ذلك تسعة مواضع ، منها ما هو في قوله تعالى:

            أ ـ ﭑ ﭒ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ (الأعراف : 105 ).
            ب ـ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯷ ﯸ ﯹ الأعراف: ١٦٩
            ج ـﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ (التوبة : 118 ).
            د ـ ﮩ ﮪ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ هود: ٢٦
            ﻫ ـ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ الأنبياء: ٨٧
            و ـ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ الحج: ٢٦
            ز ـ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭻ ﭼ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ يس: ٦٠
            ح ـ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ الممتحنة: ١٢
            ي ـ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ القلم: ٢٤
            التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 23 أكت, 2020, 11:00 ص.

            تعليق


            • #21
              2 ـوكلمة (من) توصل بكلمة (ما) إذا وقعت بعدها ، ويستثنى ما هو في الروم 28 والمنافقون 10:
              أـ ففي الروم 28 : ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮈ ﮉ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ
              ب ـ وفي المنافقون10: ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ

              3 ـ وكلمة (من) توصل بكلمة (ما) مطلقا وكلمة (أن) بالفتح توصل بكلمة (ما) مطلقا من غير استثناء ، وكلمة (عن) توصل بكلمة (ما) التي بعدها :
              إلا قوله سبحانه وتعالى في الأعراف 166: ﭺ ﭻ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ

              4 ـ وكلمة (إن) بالكسر توصل بكلمة (ما) التي بعدها،إلا قوله سبحانه وتعالىفي الرعد 40: ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ

              5 ـ وكلمة (كل) توصل بكلمة (ما) التي بعدها، إلا قوله سبحانه وتعالىفي:
              أـ النساء 91:
              ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ النساء: ٩١
              ب ـ وفي إبراهيم 34: ﭑ ﭒ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ
              التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 23 أكت, 2020, 10:45 ص.

              تعليق


              • #22
                6 ـ وتوصـل كلمات:
                أـ في النساء 58: ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯩ ﯪ ﯬ ﯭ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ

                ب ـ و في الحجر2:
                ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ

                ج ـ وفي الأنفال 6:
                ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ

                د ـ و في القصص 82:
                ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ


                ﻫ ـ أي أنه قد رُسمت بعض الكلمات متصلة ببعضها، والقياس أن تكون منفصلة، لكونِها كلماتٍ مستقلة.
                ومن أمثلة ذلك:
                1ـ (عن) مع (ما)، فقد رسمتا متصلتين في مواضع، منها قول الله عز وجل في سورة القصص، آية 68:

                ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯩ ﯪ ﯫ ﯭ ﯮ

                2ـ (بئس) مع (ما)، فقد رسمتا متصلتين في مواضع، منها:
                ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ

                3ـ (كي) مع (لا)، فقد رسمتا متصلتين في مواضع، منها في سورة آل عمران، آية 153:

                ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ
                التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 23 أكت, 2020, 10:45 ص.

                تعليق


                • #23
                  سادساً: قاعدة ما فيه قراءتان



                  خلاصتها أن الكلمة إذا قرئت على وجهين، تكتب برسم أحدهما كما رسمت الكلمات الآتية بلا ألف في المصحف وهي: ، ، ، ، علي النحو التالي:

                  ﭠ ﭡ في فاتحة الكتاب.
                  2ـ البقرة 9: ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ

                  3ـ والبقرة 51: ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ

                  4 ـ البقرة 85:
                  ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭳ ﭴ ﭵ .

                  وكلها في البقرة ، ونحوها وكلهـا مقروءة بإثبات الألف وحذفها .
                  التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 23 أكت, 2020, 10:45 ص.

                  تعليق


                  • #24
                    وكذلك رسمت الكلمات الآتية بالتاء المفتوحة :



                    وهي:
                    أ ـ في يوسف 10: ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ


                    ب ـ وفي العنكبوت50 :
                    ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ

                    ج ـ و في فصلـت 47:
                    ﭒ ﭓ ﭔ ﭗ ﭘ ﭙ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ

                    د ـ وفي سبأ 37 :

                    ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯤ ﯥ

                    وذلك لأنها جمعاء مقروءة بالجمع والإفراد وغير هذا كثير، وحسبنا ما ذكرناه للتمثيل والتنوير.
                    التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 23 أكت, 2020, 10:44 ص.

                    تعليق


                    • #25
                      الدرس الخامس


                      الرسم العثماني


                      أُصوله وخصائصه



                      تعني كلمة ( الرسم العثماني ) طريقة كتابة كلمات القرآن في المصاحف التي كتبها الصحابة في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه وأُرسلت إلى الأمصار الإسلامية واتخذها المسلمون أساساً لكتابة المصاحف وقراءة القرآن ، وجاءت تسميته بالرسم العثماني نسبة إلى سيدنا عثمان بن عفان الذي أمر بنسخ المصاحف في خلافته وقام بتوزيعها على الأمصار الإسلامية .
                      وترجع أصول المصاحف العثمانية إلى الصحف التي جُمِعَ فيها القرآن في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه من الرقاع التي كُتِبَ فيها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فالمصاحف العثمانية هي عَيْنُ ما كُتِبَ في زمنه صلى الله عليه وسلم مُفرّقاً في الرقاع ، وجُمِعَ في الصحف في خلافة الصديق.
                      وإنما نُسِبَتِ المصاحف إلى سيدنا عثمان بن عفان لأن ذلك تم في خلافته وبأمر منه، على نحو ما هو مشهور ومعروف من كتب الحديث والتاريخ.
                      وقد حافظ المسلمون على رسم الكلمات في المصاحف على نحو ما رُسِمَت في المصاحف العثمانية ، وشَكّلَ ذلك الرسم ظاهرة اعتنى بها علماء القرآن ، وكُتّاب المصاحف ، وعلماء اللغة ، واختص بدراستها ( علم رسم المصحف ) الذي كُتِبَت فيه عشرات المؤلفات منذ بدء تدوين العلوم الإسلامية إلى عصرنا الحاضر وأخرها بفضل الله تعالى دراستي المعنونة بـ ( فتح الرحمن في رسم القرآن) .
                      ولم يحظ الرسم العثماني بتلك العناية والاهتمام لأنه أثر تاريخي يرجع إلى عصر النبوة والخلافة الراشدة فحسب ، ولكنْ لأنه صار أحد أركان القراءة الصحيحة ، بل " هو الركن الأعظم في إثبات القرآنية للقرآن " [أنظرالشوكاني ( محمد بن علي ) : إرشاد الفحول إلى تحقيق علم الأصول ، تحقيق محمد سعيد البدري ، دار الفكر ، بيروت 1412 ﻫ = 1992 م .ص 1/64].
                      حتى قال الأصوليون في تعريف القرآن بأنه " كلام الله تعالى المُعْجِزُ، المُنَزَّلُ على النبي صلى الله عليه وسلم المكتوب في المصاحف، المنقول بالتواتر ، المتعبد بتلاوته".
                      [أنظر :الزرقاني ( محمد عبد العظيم ) : مناهل العرفان في علوم القرآن ، ط3، دار إحياء الكتب العربية ، القاهرة 1943م. 1/64].
                      وكان رسم المصحف موضع عناية العلماء منذ أن كُتِبَت المصاحف وأُرسلت إلى الأمصار ، وأخذت تلك العناية الشكل العلمي المنظم منذ بدء عصر تدوين العلوم الإسلامية ، فظهرت عشرات المؤلفات في وصف رسم المصاحف ، وبيان علله ، وأُلّفَت كُتُب أخُرى في موضوع النَّقْطِ والشَّكْلِ الذي استأثر باسم علم الضبط.

                      وينبغي التنبيه على خطأ منهجي وقع فيه كثير من الدارسين للرسم المصحفي ، وهو النظر إلى ظواهره من خلال ما استقر من قواعد الإملاء العربي في عصور لاحقة لزمن كتابة المصاحف.
                      ومن ثم جعلوا نُظُم الكتابة العربية ثلاثة هي:

                      1ـ رسم المصحف الذي قالوا فيه: لا يُقاس هجاؤه ولا يخالف خطه.
                      2ـ خط العروض الذي جرى على ما أثبته اللفظ، وإسقاط ما حذفه.
                      3ـ وخطٌّ جرى على العادة المعروفة، وهو ما اصطلح عليه الكُتَّاب في غير رسم المصحف والعروض. [ينظر : ابن درستويه ( عبد الله بن جعفر ) : كتاب الكتَّاب ، تحقيق د. إبراهيم السامرائي ، ود. عبد الحسين الفتلي ، الكويت 1397 ﻫ = 1977م. ص 16 ، و الزركشي ( محمد بن عبد الله ) : البرهان في علوم القرآن ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ، دار إحياء الكتب العربية ، القاهرة 1957 . 1/376 ، و السيوطي ( عبد الرحمن بن أبي بكر ) : همع الهوامع ، صححه محمد بدر الدين النعساني ، مكتبة الخانجي بمصر 1327 ﻫ . 2/243].

                      إن دراسة تاريخ الكتابة العربية يُبَيِّنُ بوضوح أن الرسم العثماني يمثل مرحلة في تاريخ تلك الكتابة ، وأن الصحابة – رضوان الله تعالى عليهم – كانوا قد كتبوا المصاحف بالإملاء الذي كان مستخدماً في زمانهم ، ومع ذلك كان هناك فرق بين ما كتبوه في المصاحف ، وما كانوا يكتبونه في غيرها. [ينظر : رسم المصحف ص 734- 735 ، وموازنة بين رسم المصحف والنقوش العربية القديمة ( بحث) ص 42 ، وعلم الكتابة العربية ص 106- 107].

                      وتثبيت هذه الحقيقة، يجعل من مناقشة موضوع كون الرسم توقيفياً أمراً حتمياً. [ينظر : الزرقاني ( محمد عبد العظيم ) : مناهل العرفان في علوم القرآن ، ط3، دار إحياء الكتب العربية ، القاهرة 1943م. 1/370].
                      والرأي الذي تطمئن إليه النفس هو رأي الجمهور الذين ذهبوا إلى أن خط المصاحف توقيف، ولا تجوز مخالفته.
                      ويترجح هذا الرأي بإجماع الصحابة ومن بعدهم على كتابة المصاحف على هذه الهيئة المعلومة، وعلى رفض ما سواها، فلا يُعتبَر بعد إجماع أهل القرون الأولى خلاف من خالف بعد ذلك، ولا يجوز خرق إجماعهم؛ لأن الإجماع لا يُنْسَخُ.
                      ويؤيد ذلك أن الرسم الإملائي اصطلاح، والاصطلاح قد يتغير مع تغير الزمان، كما أن قواعد الإملاء تختلف فيها وجهات النظر، فيؤدي ذلك إلى التحريف والتبديل في كلام الله عز وجل.
                      فلو أن أهل كل زمانٍ اصطلحوا في كتابة المصاحف على اصطلاح يناسب ما يألفونه من قواعد الإملاء، ثم أتى جيلٌ بعدهم فاصطلح على اصطلاح آخر يناسب ما استجدَّ من القواعد، وانقطعت صلة الأجيال المتتابعة بالمصاحف التي كتبها الصحابة، لو حدث ذلك لوصلنا خلال عقود قليلة إلى نصٍّ مشوَّهٍ من القرآن، وحينئذ لن يستطيع الناس تَمييز القراءة الصحيحة من غيرها، ويؤدي ذلك إلى تحريف كتاب الله، ويحصل الشكُّ في جميعه.
                      فهذا الرسم العثماني هو أقوى ضمان لصيانة القرآن من التغيير والتبديل. ـ انظر مباحث في علوم القرآن لمناع القطان ص 149ـ.

                      ومِمَّا يؤيد كون خط المصاحف توقيف:
                      أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم كتبوا الكلمة الواحدة في بعض المواضع بِهيئة، وفي مواضع أخرى بهيئة أخرى، ولا يظن بعاقلٍ ـ فضلاً عن الصحابة العلماء النبلاء ـ أن يسمع الكلمة الواحدة فيكتبها مرة بهيئة ومرة بأخرى إلا أن يكون لذلك علة، ولا علةَ هنا إلا التوقيف.
                      1ـ فقد رسم الصحابة (سعوا) في سورة الحج بزيادة الألف، ولم يزيدوا الألف من نفس اللفظ في سورة سبأ، فرسموها هكذا: (سعو).
                      2ـ وكذلك فعلوا في (عتَوْا) حيث كان فقد رسموه بزيادة الألف، ما عدا موضع الفرقان، فرسموه (عتو) هكذا دون ألف.
                      3ـ وزادوا الألف بعد الواو في قوله عز وجل: (يعفوا الذي) في سورة البقرة، ولم يزيدوها في قوله تعالى: (يعفو عنهم) في سورة النساء.
                      4ـ وكذلك حذفوا بعض أحرف من كلمات متشابِهة دون بعضٍ، كحذف الألف من (قرء نا) بيوسف والزخرف، وإثباتِها في سائر المواضع.
                      5ـ وحذفوا الألف من (سموت) و(السموت) حيث وقع في القرآن، وأثبتوا الألف التي بعد واو (سموات) في فصلت فقط.
                      6ـ وأثبتوا الألف من (الميعاد) مطلقًا، وحذفوها من الموضع الذي في الأنفال.
                      7ـ وأثبتوا الألف في (سراجًا) حيثما وقع، وحذفوه من موضع الفرقان.
                      8ـ وزادوا الألف بعد واو الجماعة في الأفعال حيث وقع في القرآن كقوله: (آمنوا)، واستثنوا من ذلك: (باءو)، (جاءو)، (تبوءو)، (فاءو).
                      9ـ وزادوا الألف في (مائة) دون (فئة).
                      10ـ وزادوا الواو في (سأوريكم) في سورتي الأعراف والأنبياء.
                      11ـ وزادوا الياء في (بأييدٍ)، و(بأييكم)، ولا فرق بين هذه الكلمات وغيرها مِمَّا لم يزيدوا فيه الألف أو الواو أو الياء.
                      فادعاء أن الصحابة اصطلحوا على هذا الرسم اتِّهامٌ لَهم بِمخالفة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، ووصمٌ بالجهل والتفريق بين المتماثلات، وهذا مِمَّا لا يظن بآحاد العقلاء تفضلاً عن صحابة خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم.
                      التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 23 أكت, 2020, 10:44 ص.

                      تعليق


                      • #26
                        قال الدباغ:
                        وأما قول من قال: إن الصحابة اصطلحوا على أمر الرسم المذكور، فلا يخفى ما فيه من البطلان؛ لأن القرآن كُتِب في زمان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وبين يديه، وحينئذ فلا يخلو ما اصطلح عليه الصحابة، إما أن يكون هو عين الهيئة التي كُتِبَت بين يدي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، أو غيرها، فإن كانت عينها بطل الاصطلاح؛ لأن أسبقية النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم،تنافي ذلك، وتوجب الإتباع.

                        وإن كان غير ذلك، فكيف يكون النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم،كتب على هيئة، كهيئة الرسم القياسي مثلاً، والصحابة خالفوا وكتبوا على هيئة أخرى؟.

                        فلا يصحُّ ذلك لوجهين:

                        أحدهما: نسبة الصحابة إلى المخالفة، وذلك مُحالٌ.

                        ثانيهما: أن سائر الأمة من الصحابة وغيرهم أجمعوا على أنه لا يجوز زيادة حرف في القرآن، ولا نقصان حرفٍ منه، وما بين الدفتين كلام الله عز وجل ، فإذا كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم،أثبت ألف (الرحمن) و(العالمين) مثلاً، ولم يزد الألف في (مائة)، ولا في (لأاوضعوا)، ولا الياء في (بأييدٍ) ونحو ذلك، والصحابة عاكسوه في ذلك وخالفوه، لزم أنهم ـ وحاشاهم من ذلك ـ تصرفوا في القرآن بالزيادة والنقصان، ووقعوا فيما أجمعوا هم وغيرهم على ما لا يحلُّ لأحدٍ فعلهُ، ولزم تطرُّق الشكِّ إلى جميع ما بين الدفتين؛ لأنا مهما جوزنا أن تكون فيه حروف ناقصة أو زائدة على ما في علم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وعلى ما عنده، وأنها ليست بوحيٍ، ولا من عند الله، ولا نعلمها بعينها شككنا في الجميع.

                        ولئن جوزنا لصحابيٍ أن يزيد في كتابته حرفًا ليس بوحيٍ، لزمنا أن نجوز لصحابي آخر نقصان حرف من الوحي؛ إذ لا فرق بينهما، وحينئذٍ تنحل عروة الإسلام بالكلية. الإبريز لأحمد بن المبارك السلجماسي ص 101-103.

                        وعليه فالقول بوجوب الالتزام بالرسم العثماني في كتابة المصحف مما اجتمع عليه العلماء في القديم وفي الحديث. [ينظر : الداني ( أبو عمرو عثمان بن سعيد الأندلسي ) المقنع في معرفة مرسوم مصاحف أهل الأمصار ، تحقيق محمد أحمد دهمان ، دمشق 1940 م . ص 9-10 ، و الزركشي ( محمد بن عبد الله ) : البرهان في علوم القرآن ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ، دار إحياء الكتب العربية ، القاهرة 1957 . 1/379 ، و السيوطي ( عبد الرحمن بن أبي بكر ) : الإتقان في علوم القرآن 4/146 ، ورسم المصحف ص 199].

                        وللعلماء مذاهب في تعليل اختلاف الرسوم.
                        1ـ فبعض تلك المذاهب لا يستند إلى أسس متينة ، ويحسن بالدارس تجاوزه ، ومنها حمل الظواهر على خطأ الكاتب، أو تعليل اختلاف الرسوم بحسب اختلاف أحوال معاني كلماتها ، تلك النظرية التي اشتهر بوضعها أبو العباس أحمد بن محمد الشهير بابن البناء المراكشي ( ت 721ﻫ) وضمَّنها في كتابه ( عنوان الدليل من مرسوم خط التنزيل ) [صدرت طبعته الأولى سنة 1990 بتحقيق هند شلبي ، دار الغرب الإسلامي.

                        2 ـ ومن تلك المذاهب القول بأن الرسم بُنَيَ على حكمة ذهبت بذهاب كتبته [ينظرغانم قدوري الحمد: رسم المصحف دراسة لغوية تاريخية، مؤسسة المطبوعات العربية، بيروت 1402 ﻫ = 1982م . ص 203- 233].

                        3ـ ويظل الاستناد إلى العلل اللغوية أكثر ملائمة لتعليل اختلاف الرسوم من المذاهب الأخرى ، وهو ما قامت عليه دراستي السابقة للرسم.

                        وقد انعكس عدم الالتزام بقاعدة موحدة في هذه القضية على رسم الكلمات في المصاحف ، فتعددت صور رسم الكلمات بسبب ذلك ، وكان علماء الرسم قد أدركوا ذلك وعللوا به بعض الظواهر، فقال أبو عمرو الداني مُعَلِّلاً رسم قوله تعالى في الشعراء 61:
                        ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ بألف واحدة في كلمة (تراءى) بعدة وجوه.
                        منها : سقوطها من اللفظ في حال الوصل لسكونها وسكون أول ما توصل به ، وهو اللام من ( الجمعان) ، فكما لزمها السقوط من اللفظ في حال الوصل ، كذلك أسقطت من الرسم ، وذلك من حيث عاملوا في كثير من الكتابة اللفظ والوصل دون الأصل والقطع ، ألا ترى أنهم حذفوا الألف والياء والواو في نحو قوله ﯿ في النور 31 : ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ وقوله في النساء146: ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ وقوله في الإسراء 11: ﭻ ﭼ ﭽ ﭾﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ
                        وشبهه ، لمّا سَقَطْنَ من اللفظ لسكونهن وسكون ما بعدهن، و بنوا الخط على ذلك فأسقطوهن. فكما عُومِلَ اللفظ في هذه الحروف وبُنيَ الخط عليه فيهن ، كذلك عُومِلَ أيضاً فيما تقّدم وبُنِيَ عليه ". [الداني ( أبو عمرو عثمان بن سعيد الأندلسي ) : المحكم في نقط المصاحف، تحقيق د. عزة حسن، دمشق 1960م.ص 158].

                        وكذلك علّل الداني رسم النون الخفيفة ألفاً ورسم التنوين نوناً ، وذلك في قوله : " واجتمع أيضاً كُتّاب المصاحف على رسم النون الخفيفة ألفاً ، وجملة ذلك موضعان :
                        في يوسف32 :
                        ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮆ ﮇ ﮈ
                        وفي العلق 15 : ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯥ ﯦ وذلك على مراد الوقف.
                        وكذلك رسموا التنوين نوناً في قوله : ( وكَأيّنْ) حيث وقع ، وذلك على مراد الوصل ، والمذهبان قد يستعملان في الرسم دلالة على جوازهما فيه" [الداني ( أبو عمرو عثمان بن سعيد الأندلسي ) المقنع في معرفة مرسوم مصاحف أهل الأمصار ، تحقيق محمد أحمد دهمان ، دمشق 1940 م . ص 43- 44 ].
                        ويمكن من خلال هذا الأصل تفسير كثير من ظواهر الرسم ، خاصة باب رسم تاء التأنيث تاء حيناً ، وهاء حيناً آخر ، في مثل : " نعمت الله ، ورحمت الله ، وسُنّت الله " .
                        وباب الهمز في مثل : " العلمؤا ، والبلؤا ، أو من وَرَائِ حجاب ، ونَبَؤُا الخصم ، ومِن نَبَأي المرسلين " .
                        وباب الوصل والقطع في مثل : " أنْ لا و ألا " و " عن ما و عَمّا " و " فإن لم و فإلّم " ، ونحو ذلك .
                        ومن الأمثلة الواضحة على ذلك رسم ( يا ابن أُمَّ ) في المصحف ، ففي سورة الأعراف 150 جاءت مفصولة :
                        ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ
                        بناء على قاعدة رسم الكلمة مبدوءاً بها وموقوفاً عليها.
                        وفي سورة طه 94 جاءت موصولة:
                        ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ بناء على اللفظ والوصل ، فحُذِفَت ألف (يا) وهمزة الوصل ، ورسمت الهمزة واواً، على اللفظ بها موصولة . [المقنع ص 76]
                        إن تدوين علل رسم الكلمات في المصحف موضوع واسع وضارب في أعماق التاريخ، ولا يتأتى تدوينه كاملاً لشخص واحد، أو عصر واحد، فكل صورة كتابية متميزة لها قصة في التاريخ، وقد يتمكن الدارس من معرفة تلك القصة وقد لا يتمكن، ومن ثم فإن من الخطأ النظر إلى رسم المصحف نظرة مستعجلة تقيس الماضي على الحاضر أو من خلاله.
                        إن رسم المصحف ظاهرة حضارية وثروة لغوية يجب التعامل معها بكثير من الجدية والصبر والأناة، فهي متحف لغوي رائع للغة العربية.
                        التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 23 أكت, 2020, 10:44 ص.

                        تعليق


                        • #27
                          الدرس السادس
                          علامات الضبط: اختراعها وتطورها

                          كُتِبَت المصاحف مجرَّدة من علامات الحركات ، ونِقاط الإعجام ، فلم يكن في الكتابة العربية في عصر تدوين القرآن الكريم علامات من أي نوع ، وليس هناك دليل على أن المصاحف جُرِّدت من الحركات ونِقاط الإعجام ليحتمل رسمها أكثر من قراءة ، فلم تكن تلك العلامات قد اخترعت أو استخدمت في الكتابة العربية في ذلك الوقت .

                          ولم تكن الحياة العلمية عند العرب قبل الإسلام تستدعي استخداماً واسعاً للكتابة ، لكن الإسلام أحدث حركة علمية هائلة في الحياة العربية ، وانقلاباً حضارياً شاملاً ، فدخلت الكتابة العربية مرحلة الاستخدام الواسع للتعبير عن حاجات الأفراد والمجتمع والدولة ، وكان بدء تلك الحركة تدوين المصحف ، الكتاب الأول الذي عرفته المكتبة العربية ، ثم تنوعت صور الاستخدام بعد ذلك لتشمل العلوم العربية والإسلامية كافة.

                          ولم تكن الكتابة العربية ـ وهي خالية من العلامات ـ قادرة على الاستجابة لتلك الحاجات التي استجدت في الحياة العلمية والثقافية للمجتمع الإسلامي ، ومن ثم سارع علماء القرآن واللغة العربية إلى اختراع نظم جديدة للعلامات التي تمثل الحركات ، أو تُمَيِّزُ بين الحروف المتشابهة في الشكل ، حتى أخذت الكتابة العربية شكلها المكتمل في القرنين الأول والثاني .
                          وتكاد آراء الباحثين تتفق على أن أول مَن ابتكر طريقة لتمثيل الحركات في الكتابة العربية هو أبو الأسود الدؤلي ( ظالم بن عمرو ت 69ﻫ) ، الذي اخترع نظام النِّقاط الحُمْر للدلالة على الحركات ، فالفتحة نقطة فوق الحرف ، والكسرة نقطة تحت الحرف ، والضمة نقطة أمام الحرف ، وإذا كان مع الحركة تنوين جعل النقطة نقطتين ، وأول ما استخدم ذلك في ضبط كلمات المصحف ، إذ تربط الروايات القديمة ذلك العمل بظهور اللحن ووقوع الخطأ في تلاوة القرآن ، فابتكر أبو الأسود الدؤلي هذه الطريقة لضبط الكتابة ، وتيسير القراءة [ينظر : ابن الأنباري : إيضاح الوقف 1/39- 41 ، والداني : المحكم ص 6- 7].

                          وأخذ تلامذة أبي الأسود الدؤلي في البصرة طريقته في نقط المصحف ، واستخدموها على نطاق واسع ، لكنهم واجهوا مشكلة تشابه صور عدد من الحروف في الكتابة العربية ، وتصدى نصر بن عاصم الليثي ( ت 90 ﻫ) تلميذ أبي الأسود في زمن الحجاج بن يوسف الثقفي لحل هذه المشكلة ، وذلك باستخدام النِّقاط لتمييز الحروف المتشابهة في الرسم ، بنفس لون الكتابة [ينظر : العسكري :شرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف ص 13].

                          وتحقق للكتابة العربية قبل انتهاء القرن الهجري الأول نظام كامل من العلامات الدالة على الحركات ، والنِّقاط المميزة للحروف المتشابهة ، لكن الكُتّاب وجدوا صعوبة في استخدام نظامين من النِّقاط بلونين من الحبر ، فتصدى الخليل بن أحمد الفراهيدي ( ت 170 ﻫ) لحل هذه الصعوبة ، وذلك بابتكار طريقة جديدة للحركات باستخدام الحروف الصغيرة المأخوذة من حروف المد ، وهي الضمة والفتحة والكسرة التي لا تزال مستخدمة إلى زماننا ، وأبقى نظام النِّقاط المميزة للحروف المتشابهة على ما كان عليه ، واخترع إلى جانب ذلك علامات للهمزة والتشديد والروم والإشمام. [ ينظر : الداني : المحكم ص 6-7 ، والتنسي : الطراز ص 14].

                          وتجدر الإشارة إلى عدة أمور تتعلق بهذا الإنجاز اللغوي الهام ، منها :
                          كان أمامَ علماء العربية والقراءة ثلاث طرق لوضع علامات للحركات أو تمييز الحروف المتشابهة.
                          الأولى: وضع رموز جديدة.


                          والثانية تغيير شكل الحرف تبعاً للحركة التي تتبعه بإضافة زائدة تتصل به.

                          والثالثة: استخدام العلامات الخارجية لتمثيل الحركات أو تمييز الحروف المتشابهة.

                          واختاروا الطريقة الثالثة لأنها تحقق الغرض وتحافظ على رسم الكلمات في المصحف.

                          حاول بعض الباحثين المحدثين نسبة وضع علامات الحركات ونقاط الإعجام إلى التأثر بالثقافات الأجنبية ، فجعلوا أبا الأسود الدؤلي يعرف السريانية ، والخليل بن أحمد يعرف اليونانية ، وما ذلك إلا أوهام لا تقوم على بينة ولا تستند إلى حجة ، ولكنها محاولة لسلب أي فضيلة لهذه الأمة ونسبتها إلى غيرهم ، وبدأت هذه القضية على شكل ظنون أطلقها بعض المستشرقين وتلامذتهم ، ثم تلقفها بعض الدارسين وبنى عليها وكأنها حقيقة ثابتة ، وليس هناك أدنى شك في أصالة ذلك العمل الذي تحقق على يدي عالمين عربيين عُرِفَا بالذكاء والفطنة والابتكار [ينظر : رسم المصحف ص 509- 515].

                          لقيت طريقة أبي الأسود في النَّقْط معارضة من علماء التابعين في بدء استعمالها ، ودعوا إلى تجريد المصحف وعدم خلط شيء به مما لم يكن فيه وقت نسخ المصاحف ، لكن الحاجة إلى ضبط القراءة وتيسير تعلمها جعلت علماء التابعين وتابعيهم يقولون : لا بأس بنقط المصاحف. [ينظر : أبو عبيد : فضائل القرآن ص 392 ، وابن أبي داود : كتاب المصاحف ص 141- 142].
                          إلا أنه لم تستخدم طريقة الخليل ابن أحمد في المصاحف إلا بعد عدة قرون، حيث نجد الداني ( ت 444 ﻫ) يقول :
                          " وتَرْكُ استعمال شكل الشعر، وهو الشكل الذي في الكتب الذي اخترعه الخليل، في المصاحف الجامعة من الأمهات وغيرها، أولى وأحق اقتداء بمن ابتدأ النقط من التابعين ، وإتباعاً للأئمة السالفين [المحكم ص 22].
                          لكن تلك النزعة لم تدم طويلاً، فنجد ابن وثيق ( ت 654 ﻫ) لا يتحدث إلا عن علامات الخليل. [الجامع ص 157].

                          وانقرضت طريقة أبي الأسود من الاستخدام، ولم يبق لها أثر إلا في المصاحف التي ضُبِطت بها، والكتب التي تتحدث عنها وتبيّن كيفية استخدامها.

                          استمر اهتمام العلماء بموضوع العلامات الكتابية بعد الخليل بن أحمد ، وتنوعت مذاهبهم فيه ، وجمعوا مباحثه في كتب مستقلة ، وغلب استخدام مصطلح ( علم النَّقْط والشكل ) على المؤلفات الأولى، لكن المتأخرين أطلقوا عليه مصطلح ( علم الضبط )، وكان أشهر كتاب في هذا العلم هو كتاب الداني عنوانه : ( المحكم في علم نقط المصاحف )، لكن تلميذه أبا داود سليمان بن نجاح ( ت 496 ﻫ) سَمّى مؤلَّفه ( كتاب أُصول الضبط ). [ينظر : أسماء تلك الكتب : رسم المصحف ص 478- 483 ، وعلم الكتابة العربية ص 650-70].

                          وقال التنسي ( ت 899 ﻫ) في كتابه ( الطراز في شرح ضبط الخرّاز ) :

                          اعلم أنَّ خطوط المصاحف يُتكلَّمٌ عليها بوجهين:

                          أحدهما: ما يرجع إلى بيان الزائد والناقص، والمبدل وغيره، والموصول وغيره، وهو المسمى بـ ( علم الرسم ).

                          والوجه الثاني: ما يرجع إلى علامة الحركة والسكون، والشد والمد، والساقط والزائد، وهو المسمى بـ (علم الضبط). وكاد التأليف في موضوع ( الضبط ) يتوقف في العصور المتأخرة وفي زماننا .
                          ولما كانت العلامات الكتابية من الأمور الحادثة بعد الإسلام ، وعارضها بعض علماء التابعين وتابعيهم ، إلا أن الحاجة العملية لتلك العلامات في قراءة القرآن وضبط اللغة قد جعلت من جاء بعدهم يوجبون ضبط المصاحف ضبطاً كاملاً ، وكذلك كتب اللغة والأدب.[ينظر : ابن درستويه : كتاب الكتاب ص 101 ، والداني : المحكم ص56].

                          وتعددت مذاهب العلماء في اختيار العلامات أو اختراع علامات جديدة ، فكان الدؤلي قد اخترع أربع علامات، للحركات الثلاث والتنوين واستخدم الخليل الحروف الصغيرة بدلاً من النقاط لتلك العلامات، وأضاف إليها أربع علامات أخرى هي : علامة الهمزة والتشديد والروم والإشمام ، على نحو ما أشرنا من قبل .

                          ولم يقف علماء الضبط عند ما اخترعه الدؤلي والخليل من العلامات ، فاستحدثوا علامة للسكون، وعلامة للمد، وهمزة الوصل، وكان لبعض تلك العلامات أكثر من صورة، مثل الشدة والسكون، ولا يزال بعض المصاحف يستخدم للسكون علامة الصفر، وهي الدائرة الصغيرة المفرغة، وبعضها يستخدم رأس حرف الخاء دلالة على كلمة (خفيف) . [ينظر : ابن وثيق : الجامع ص 151- 165]

                          ولا يتسع المقام لعرض مذاهب علماء الضبط في استخدام تلك العلامات لكن يمكن ملاحظة وجود قدر من الحرية في اختراع علامات جديدة وتغيير علامات قديمة ، وهو ما لا يمكن حدوثه في رسم المصحف، فالرسوم ثابتة، والعلامات فيها متسع للإضافة والتغيير، ومن ثم يمكن القول إن اختراع علامة جديدة لتمثيل صورة نطقية في قراءة القرآن أمر ممكن ، ولكن ذلك يجب أن يكون في أضيق الحدود، حتى لا يتعرض ضبط المصحف لتغيير كبير ، وألاّ يأخذ ذلك الطابع الشخصي أو الفردي، وإنما يجب أن يكون ذلك في إطار المؤسسات العلمية والمجامع واللجان المتخصصة . [ينظر : رسم المصحف ص 573- 599].

                          وينبغي التفريق في هذا الصدد بين القول بإمكانية إضافة علامة جديدة تدعو الحاجة إليها ، والدعوة إلى تغيير نظام العلامات الكتابية ، أو تغيير النظام الكتابي العربي كله ، فهذه الدعوة نشطت في النصف الأول من القرن الميلادي الماضي على يد بعض المستشرقين ، وأخذها عنهم بعض تلامذتهم المخلصين ، وهي جاءت في إطار حملة منظمة لاقتلاع العربية من جذورها ، لكن العربية لغة وكتابة خرجت من تلك الحملة أكثر تمكيناً بعد أن زالت الشبهات التي أطلقها أصحاب تلك الدعوة ، وظهر زيف الحجج التي استندوا إليها.[ينظر : علم الكتابة العربية ص 209- 239].
                          التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 23 أكت, 2020, 10:44 ص.

                          تعليق


                          • #28
                            الدرس السابع


                            المصاحف القديمة وأهمية دراستها



                            إنّ جميع المصاحف المخطوطة والمطبوعة في العالم ، القديمة والحديثة ، متفقة في الرسم والترتيب ، ولا يقِّدم أيٌّ منها أي إضافة إلى نص القرآن الكريم ، لكن لكل نسخة من المصحف قيمة معنوية ، وأهمية تاريخية وعلمية ، لاسيما المخطوطة منها ، ومن ثم تستحق أيُّ نسخة مخطوطة منها دراسة خاصة بها .

                            وتنبع أهمية تلك الدراسة من عدة نواح منها :

                            الرسم والضبط : فدراسة رسم المصاحف القديمة المخطوطة يضع بين يدي الدارس أمثلة للظواهر التي يذكرها المؤلفون في رسم المصحف ، من المختلف فيه والمتفق عليه ، وقد يعثر على ظواهر لم تهتم بها كتب رسم المصحف.
                            وإذا كان الخطاطون يحرصون على الالتزام برسم الكلمات كما رسمت في المصاحف القديمة فإنهم في علامات الضبط يتبعون مذاهب متعددة ، وقد يجتهدون في استعمال علامات جديدة ، ومن ثم فإن تتبع الضبط في المصاحف المخطوطة عبر العصور المتعاقبة يساعد في كتابة تاريخ العلامات في الكتابة العربية على نحو دقيق وشامل.

                            كانت المصاحف الأولى لا تتضمن سوى ألفاظ الوحي، لكن الخطاطين والعلماء، أضافوا إليها في العصور اللاحقة إضافات تتعلق بفواتح السور التي تتضمن اسم السورة وعدد آياتها ، وقد تتضمن إشارة إلى مكان نزولها، وكذلك أرقام رؤوس الآي، ومواضع الخموس والعشور وأرقام الأجزاء والأحزاب، ومثل ذلك علامات الوقف.
                            وتقدِّمُ المصاحف المخطوطة مادة قيّمة تكمِّلُ ما هو موجود في المصادر المتخصصة بهذه الموضوعات .

                            انتشار القراءات : كانت المصاحف الأولى مكتوبة بلغة قريش وعلى قراءة واحدة ، وخطها مجرد من العلامات ، فاحتملت لذلك أكثر من قراءة من القراءات التي كان الصحابة يقرؤونها ، وبعد اختراع علامات الحركات ونقاط الإعجام صار الناس يضبطون مصاحفهم على قراءة القارئ الذي يأخذون عنه القرآن ، واشتهرت القراءات السبع بعد عصر الاختيار ، والثلاثة المكملة لها ، وصارت المصاحف تضبط بإحدى تلك القراءات ، إذ لا يمكن الجمع بين أكثر من قراءة في المصحف الواحد بسهولة .
                            وهناك جدل بين بعض المهتمين بتاريخ القراءات حول مدى انتشار بعض القراءات في العصور السابقة.
                            وتقدِّم المصاحف المخطوطة وثائق لا تحتمل الشك حول انتشار كل قراءة ، ويمكن من خلال رصد القراءات التي ضبطت بها آلاف النسخ المخطوطة أن نرسم خارطة لانتشار القراءات القرآنية زماناً ومكاناً ، فكثيراً ما يكتب نُسَّاخ المصاحف زمان إكمالهم نسخ المصحف ، ومكانه .
                            4ـ وللمصاحف المخطوطة قيمة جمالية تتعلق بالخطوط المتقنة التي تكتب بها ، وبأنواع الزخارف التي تتصدر السور أو تُزَيِّنُ حواشي الصفحات ، وكذلك تظهر جمالية المصاحف في الأغلفة وما عليها من زخارف ، وكل هذه الجوانب تنتظر من يتابع دراستها من المتخصصين ، لإبراز عناصر الجمال فيها .

                            5ـ وعلى الرغم من تلك الأهمية التي ذكرتها لدراسة المصاحف المخطوطة فإن الباحث يجب عليه عدم إغفال المصاحف الإليكترونية والتي يتم التعامل بها من خلال المواقع الإليكترونية
                            ولا شك في أن هذه الأعمال محدودة جداً بالنسبة إلى ما يمكن القيام به في مجال دراسة المصاحف إذ أن هذه الأعمال كلها ما هي إلا نتيجة لجهود فردية، وكنت أأمل أن تولي المؤسسات العلمية كالأزهر الشريف، هذا الجانب من تاريخ القرآن عناية واهتماماً يتناسب ومكانة القرآن الكريم في حياتنا وتاريخنا .
                            وفي وسائل الاتصال والاستنساخ والطباعة الحديثة ما يمكن أن يسهل على الدارسين سبل القيام بذلك.
                            وأحسب أن من التقصير في حق القرآن الكريم والتفريط بجانبه أن يتولى عبء مثل هذه الأعمال باحثون من أمم أخرى ، ويظل باحثونا والدارسون منا عالة على مثل تلك
                            الدراسات .
                            والآن فإن حاجة الدارس للمصاحف الإليكترونية تحتاج إلى خبرات متنوعة ، لغوية تتعلق بالعلامات الكتابية ، وفنية تتعلق بالخطوط وأنواعها ، وعلمية تتعلق بتحليل الكلمة والتفسير
                            ولا شك في أن تلك الصعوبات تُبَيِّنُ استحالة قيام باحث واحد ، أو عدد محدود من الباحثين ، بجهودهم الفردية ، بمهمة دراسة المصاحف الإليكترونية ، فالأمر يحتاج إلى عمل مؤسسي يتولى القيام بأعباء تلك العملية ، من تخطيط وتنفيذ ، ومن مال ومن متخصصين، والحمد لله لقد قام مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بنشر المصحف النبوي الشريف لشريف للنشر الحاسوبي.
                            وإن جاء هذا العمل متأخراً جداً أفضل بكثير من ألا يجيء .
                            وهاكم الموقع كما دل عليه أخونا الدكتور الشرقاوي والدال على الخير كفاعله.http://www.qurancomplex.com/Material...rb&matLang=arb]ولتحميل برنامج المصحف النبوي الشريف كملف كامل من موقع مجمع الملك فهدلطباعة المصحف الشريف اضغط هنا.http://www.qurancomplex.com/Downloads/Fonts/AllApp.zip]الحجم : 67ميجابايت
                            والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .
                            التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 23 أكت, 2020, 10:43 ص.

                            تعليق


                            • #29
                              الدرس الثامن


                              حكم اتباع رسم القرآن الكريم


                              لقد كتب الصحابة رضوان الله عليهم المصاحف بما كان متعارفاً عليه في زمنهم من قواعد الهجاء وأصول الرسم وكان أكثر الصحابة ومن وافقهم من التابعين وتابعيهم يوافقون الرسم العثماني في كل ما يكتبون ، ولو لم يكن قرآناً ولا حديثا.ً
                              واستمر الأمر على ذلك عهداً طويلاً فكانوا يرسمون الألف واواً في الصلوة والزكوة والحيوة
                              كما يقول ابن قتيبة.أدب الكاتب ص253
                              إذ من الواضح أن محاولات جرت منذ وقت مبكر لإدخال بعض صور الكلمات المستعملة عند
                              الكتابة في المصحف وقال البيهقي أبو بكرأحمد بن الحسين (ت 458ﻫ) في شعب الإيمان: "من كتب مصحفاً فينبغي أن يحافظ على الهجاء الذي كتبوا به هذه المصاحف ، ولا يخالفهم فيه ، ولايغير مما كتبوا شيئاً ، فإنهم كانوا أكثر علماً ، وأصدق قلباً ولساناً وأعظم أمانة منا فلا ينبغي أن نظن بأنفسنا استدراكاً عليهم. السيوطي : الإتقان ج4 ص146 وانظر القسطلاني ج1 ص279 والمهدوي ص75.
                              وقال اللبيب في الدرة الصقيلة ص30 : " فما فعله صحابي واحد فلنا الأخذ به والاقتداء بفعله والإتباع لأمره فكيف وقد أجتمع على كتاب المصاحف حين كتبوه نحو اثني عشر ألفاً من الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين ؟.
                              وقال السيوطي: أجمعوا على لزوم اتباع رسم المصاحف العثمانية في الوقف إبدالاً وإثباتًا وحذفًا ، ووصلاً وقطعًا ، إلا أنه ورد عنهم اختلافٌ في أشياء بأعيانِها ، كالوقف بالهاء على ما كتب بالتاء ، وبإلحاق الهاء فيما تقدم وغيره ، وبإثبات الياء في مواضع لم تُرسَم بِها … ثم قال : ومن القراء من يتبع الرسم في الجميع. الإتقان في علوم القرآن 1/250-251.
                              وقال الزركشي: ومن الدليل على عرفان القدماء من الصحابة وغيرهم ذلك،كتابتهم المصحف على الذي يعلله النحويون في ذوات الواو والياء ، والهمز والمد والقصر ، فكتبوا ذوات الياء بالياء ، وذوات الواو بالواو ، ولم يصوروا الهمزة إذا كان ما قبلها ساكنًا ، نحو: الْخَبْءَ و دِفْءٌ فصار ذلك كله حجةً . البرهان في علوم القرآن 1/378.
                              إن رسم القرآن الكريم توقيفي ، فلا تجوزمخالفته ، ولا تجوز كتابة المصحف إلا على الكتبة الأولى وهو مذهب الجمهور، واستدلوا على ذلك بأدلة ، منها
                              1ـ إقرار النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم هذه الكتبة،فقد كان للنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كُتَّاب يكتبون الوحي ، وقد كتبوا القرآن على هذا الرسم بين يديه صلى الله عليه وسلم وأقرهم على تلك الكتابة ومضى عهده صلى الله عليه وسلم والقرآن على هذه الكتبة ، لم يحدث فيه تغيير ولاتبديل.
                              2ـ ما ورد من أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان يوقف كُتَّابه على قواعد رسم القرآن ويوجههم في رسم القرآن وكتابته:

                              أـ فعن معاوية أنه كان يكتب بين يدي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فقال له: أَلِق الدواةَ،[ ألاق الدواة فلاقت: لزق المداد بصوفها. لسانالعرب (ليق) (5/4115)] ، وحرِّف القلمَ ، وأقِم الباء ، وفرِّق السينَ ، ولا تعوِّرالميم وحسِّن (الله) ، ومدّ (الرحمن) ، وجوِّد (الرحيم).
                              [ ذكره القاضي عياضٌ فيالشفا بتعريف حقوق المصطفى (1/357-358) ، والحافظ في فتح الباري (7/575)].
                              ب ـ وعن أنس رضي الله تعالى عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: إذا كتب أحدكم:[بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ]. فليمدَّ الرحمن. [ رواه الديلمي في مسنده، انظر فردوسالأخبار (1/364) ح 1174].

                              3ـ إجماع الصحابة على ما رسمه عثمان رضي الله تعالى عنه في المصاحف، وعلى منع ماسواه.

                              4ـ إجماع الأمة المعصوم من الخطأ بعد ذلك في عهد التابعين والأئمة المجتهدين على تلقِّي ما نُقِل في المصاحف العثمانية التي أرسلها إلى الأمصار بالقبول، وعلى ترك ما سوى ذلك ,الكواكب الدرية ص34.
                              وحيث أن القول بعدم جواز كتابة المصحف على غير الرسم العثماني هو قول أهل المذاهب الفقهية الأربعة، فإليك بعض من أقوالهم في هذه المسألة:
                              ـ الأحناف: جاء في المحيط ألبرهاني: إنه ينبغي ألا يكتب المصحف بغير الرسم العثماني.. مناهل العرفان (1/379).
                              ـ المالكية: حيث يروي الداني أن إمام المدينة مالكاً (ت179ﻫ) رحمه الله، سئل فقيل له:أرأيت متى استكتب مصحفاً اليوم أترى أن يكتب على ما أحدث الناس من الهجاء اليوم, فقال: لا أرى ذلك ولكن يكتب على الكتبة الأولى ". المقنع للداني ص (9-10).

                              ويروى أيضاً أنه سئل عن الحروف التي تكون في القرآن مثل الواو والألف أترى أن تََُغَيَّرَ من المصحف إذا وجدت فيه كذلك ؟ فقال : لا
                              (المقنع ص28، وانظر القسطلاني ج1 ص279).
                              ويعقب الداني على ذلك بقولـه: يعني الواو والألف الزائدتين في الرسم لمعنى المعدومتين في اللفظ. [ المقنع في معرفة رسممصاحف الأمصار ص19، وإتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربع عشرص9.].
                              وقد أجمع العلماء على مثل ما ذهب إليه الإمام مالك، وقد قال الجعبري في شرح العقيلة إن ذلك هو مذهب الأئمة الأربعة، فقد قال أبو عمرو الداني بعد أن روى رأي مالك السابق، ولا مخالف له في ذلك من علماءالأمة " ( الداني : المُقنع في معرفة رسم مصاحف الأمصار ص 19 ص10 وانظر السيوطي[الإتقان ج4 ص146].

                              قال السخاوي: والذي ذهب إليه مالكٌ هو الحقُّ ، إذ فيه بقاء الحالة الأولى ، إلى أن تعلمها الطبقة الأخرى ، ولا شك أن هذا هو الأَحرى بعد الأُخرى، إذ في خلاف ذلك تجهيل الناس بأولية ما في الطبقةالأولى(مناهل العرفان (1/379).

                              وقال أبو عمرو الداني أيضًا:سئل مالك عن الحروف تكون في القرآن مثل الواو والألف أترى أن تُغَيَّر من المصحف إذا وُجدت فيه كذلك؟ قال: لا. المقنع في معرفة رسم مصاحف الأمصار ص 36، والبرهان في علوم القرآن (1/379)، ومناهل العرفان (1/379.
                              قال أبو عمرو: يعني الواو والألف الزائدتين في الرسم،المعدومتين في اللفظ، نحو الـواوفي: [أُولَئِكَ] و[وَأُولَتُ] و[الرِّبَوا]، ونحو الألف في [نَدْعُوْا] و[وَلأَاْوْضَعُوا].
                              [المقنع في معرفة رسم مصاحف الأمصار ص36، والبرهان فيعلوم القرآن (1/379)، ومناهل العرفان (1/379)، وانظر دليل الحيران شرح مورد الظمآنص 245.

                              ـ الشافعية:قال الشيخ سليمان الجمل : (الربا) تكتب بِهما، أي : الواو والألف معًا ، فتكتب الواو أولاً في الباء ، والألف بعدها ،وهذه طريقة المصحف العثماني وقوله: "وبالياء" أي: في غير القرآن؛ لأن رسمه سنةٌ متبعة.[حاشية الجمل على شرح المنهج، للشيخ سليمان الجمل(3/44)].
                              ـ الحنابلة: حتى إن الإمام أحمد بن حنبل(241ﻫ) قال : يحرم مخالفة مصحف الإمام في واوٍ أو ألفٍ أو ياء أو غيرذلك..[البرهان في علوم القرآن (1/379)، والسيوطي الإتقان].
                              وقد مرت القرون على المسلمين، وهم يكتبون المصاحف على ما رسم الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، ولم يؤدِّ ذلك إلى خطأ في تلاوة القرآن أووقوع تحريف.
                              فهذا إجماعٌ من الأمة على ما تضمنته هذه المصاحف وعلى ترك ما خالفها من زيادة ونقص،
                              وإبدال كلمةٍ بأخرى، أو حرف بآخر، ولذلك جعل الأئمة موافقة الرسم العثماني ولو احتمالاً شرطًا لقبول القراءة، فقالوا: كلقراءة ساعدها خط المصحف، مع صحة النقل ومجيئها على الفصيح من لغة العرب فهي المعتبرة.
                              ومِمَّن حكى إجماع الأمة على ما كتب عثمان رضي الله تعالى عنه:

                              الإمام أبو عمرو الداني، وروى بإسناده عن مصعب بن سعد قال أدركت الناس حين شقَّق عثمان رضي الله تعالى عنه المصاحف، فأعجبهم ذلك، أو قال: لميعِبْ ذلك أحدٌ. [الشفا بتعريق حقوق المصطفى (2/647)].
                              وقال القاضي عياض:أجمع المسلمون على أن من نقص حرفًا قاصدًا لذلك أو بدلـه بحرفٍ مكانه ، أو زاد فيه حرفًا مِمَّا لم يشتمل عليه المصحف الذي وقع عليه الإجماع ، وأُجمع على أنه ليس من القرآن ،عامدًا لكل هذا ،فهو كافر.[رواه الداني في المقنع في معرفة مرسوم مصاحف الأمصار ص 18، ورواه ابن أبي داود في كتاب المصاحف باب اتفاق الناس].
                              قال البيهقي : مَن كَتَب مصحفاً ، فينبغي أن يحافظ على الهجاء التي كتبوا بِها تلك المصاحف ولايخالفهم فيها ، ولا يغير مِمَّا كتبوه شيئاً ؛ فإنَّهم كانوا أكثرَ علماً وأصدقَ قلباً ولساناً وأعظمَ أمانةً منَّا ، فلا ينبغي لنا أن نظن بأنفسنا استدراكًا عليهم، ولا تسَـقُّطًا لَهم.[الجامع لشعب الإيمان (5/600).
                              وعن زيد بن ثابت قال : القراءة سنةٌ ، قال سليمان بن داود الهاشمي: يعني ألا تخالف الناس برأيك في الإتباع .
                              قال البيهقي: إنما أراد ـ والله أعلم ـ أن إتباع مَن قبلنا في الحروف وفي القراءات سنةٌ متبعةٌ ، ولا يجوز مخالفة المصحف الذي هو إمامٌ، ولا مخالفة القراءة التي هي مشهورةٌ ، وإن كان غيرُ ذلك سائغًا في اللغة ، أوأظهرَ منها.[السنن الكبرى للبيهقي (2/385) .وذكره البيهقي في الجامع لشعب الإيمان، وفي السنن الكبرى (2/385)، والحاكم في المستدرك (2/224) وصححه ووافقه الذهبي.
                              وقال أيضًا:وبِمعناه بلغني عن أبي عبيد في تفسير ذلك، قال: وترى القرَّاء لم يلتفتوا إلى مذاهب العربية في القراءة، إذا خالف ذلك خطَّ المصحف، وزاد:
                              'واتِّباعُ حروف المصاحف عندهم كالسنن القائمة التي لا يجوز لأحدٍ أن يتعدَّاها. الجامع لشعب الإيمان (5/601)، وانظر البرهان في علوم القرآن.
                              قال ابن درستويه: خطان لا يُقاس عليهما : خط المصحف، وخط تقطيع العروض … ووجدنا كتاب الله ـ جلَّ ذكره ـ لا يُقاس هجاؤه ، ولا يُخالَف خطُّه ولكنه يُتَلقَّى بالقبول على ما أُودع المصحفَ.[البرهان في علوم القرآن (1/376)، نقلاً عن الكتاب لابندرستويه ص 7.
                              قال العلامة محمد بن العاقب الشنقيطي:
                              رسمُ الكِتابِ سنَّـةٌ متبعة **** كما نحَا أهلُ المناحي الأربعة



                              وقد نقل الإمام الجعبري، وغيره إجماع الأئمة الأربعة على وجوب إتباع رسم المصحف العثماني..[بحث في المصاحف العثمانية للدكتور محمود سيبويه البدوي، مجلة كلية القرآن الكريم بالمدينة المنورة، العدد الأول ص 345، نقلاً عن خميلة أرباب المقاصد شرح عقيلة أتراب القصائد للإمام الجعبري .
                              وحيث أن الكتابة على النت تتم بالرسم الإملائي الحديث وهو ما يتنافى مع ما أجمعت عليه الأمة من تحريم كتابة القرآن الكريم بغير رسم القرآن.
                              لذلك قيد الله للأمة الإسلامية من يحافظ على كتابه الكريم من عبث العابثين فوجدنا من كتب القرآن الكريم بالرسم العثماني إليكترونياً ووضع له برنامجا خاصاً بحيث يتبع في الرسم مصحف المدينة المنورة فجزاه الله خيراً وجعل عمله في خدمة القرآن الكريم في ميزان حسناته, وها هو مصحف المدينة المنورة يظهر إلى حيز الوجود وصدق الله العظيم إذ يقول:
                              ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ الحجر: ٩
                              التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 23 أكت, 2020, 10:43 ص.

                              تعليق


                              • #30
                                الدرس التاسع
                                الرأي الراجح
                                حكم إتباع الرسم العثماني

                                والرأي الذي تطمئن إليه النفس هو رأي الجمهور الذين ذهبوا إلى أن خط المصاحف توقيف، ولا تجوز مخالفته.
                                ويترجح هذا الرأي بإجماع الصحابة ومن بعدهم على كتابة المصاحف على هذه الهيئة المعلومة، وعلى رفض ما سواها، فلا يُعتبَر بعد إجماع أهل القرون الأولى خلاف من خالف بعد ذلك، ولا يجوز خرق إجماعهم؛ لأن الإجماع لا يُنْسَخُ.

                                ويؤيد ذلك أن الرسم الإملائي اصطلاح، والاصطلاح قد يتغير مع تغير الزمان، كما أن قواعد الإملاء تختلف فيها وجهات النظر، فيؤدي ذلك إلى التحريف والتبديل في كلام الله عز وجل.

                                فلو أن أهل كل زمانٍ اصطلحوا في كتابة المصاحف على اصطلاح يناسب ما يألفونه من قواعد الإملاء، ثم أتى جيلٌ بعدهم فاصطلح على اصطلاح آخر يناسب ما استجدَّ من القواعد، وانقطعت صلة الأجيال المتتابعة بالمصاحف التي كتبها الصحابة، لو حدث ذلك لوصلنا خلال عقود قليلة إلى نصٍّ مشوَّهٍ من القرآن، وحينئذ لن يستطيع الناس تَمييز القراءة الصحيحة من غيرها، ويؤدي ذلك إلى تحريف كتاب الله، ويحصل الشكُّ في جميعه.
                                فهذا الرسم العثماني هو أقوى ضمان لصيانة القرآن من التغيير والتبديل. ـ انظر مباحث في علوم القرآن لمناع القطان ص 149ـ.

                                ومِمَّا يؤيد كون خط المصاحف توقيف:
                                أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم كتبوا الكلمة الواحدة في بعض المواضع بِهيئة، وفي مواضع أخرى بهيئة أخرى، ولا يظن بعاقلٍ ـ فضلاً عن الصحابة العلماء النبلاء ـ أن يسمع الكلمة الواحدة فيكتبها مرة بهيئة ومرة بأخرى إلا أن يكون لذلك علة، ولا علةَ هنا إلا التوقيف.
                                فقد رسم الصحابة (سعوا) في سورة الحج بزيادة الألف، ولم يزيدوا الألف من نفس اللفظ في سورة سبأ، فرسموها هكذا: (سعو).
                                وكذلك فعلوا في (عتَوْا) حيث كان فقد رسموه بزيادة الألف، ما عدا موضع الفرقان، فرسموه (عتو) هكذا دون ألف.
                                وزادوا الألف بعد الواو في قوله عز وجل: (يعفوا الذي) في سورة البقرة، ولم يزيدوها في قوله تعالى: (يعفو عنهم) في سورة النساء.
                                وكذلك حذفوا بعض أحرف من كلمات متشابِهة دون بعضٍ، كحذف الألف من (قرء نا) بيوسف والزخرف، وإثباتِها في سائر المواضع.
                                وحذفوا الألف من (سموت) و(السموت) حيث وقع في القرآن، وأثبتوا الألف التي بعد واو (سموات) في فصلت فقط.
                                وأثبتوا الألف من (الميعاد) مطلقًا، وحذفوها من الموضع الذي في الأنفال.
                                وأثبتوا الألف في (سراجًا) حيثما وقع، وحذفوه من موضع الفرقان.
                                وزادوا الألف بعد واو الجماعة في الأفعال حيث وقع في القرآن كقوله: (آمنوا)، واستثنوا من ذلك: (باءو)، (جاءو)، (تبوءو)، (فاءو).
                                وزادوا الألف في (مائة) دون (فئة)، وزادوا الواو في (سأوريكم) في سورتي الأعراف والأنبياء، وزادوا الياء في (بأييدٍ)، و(بأييكم)، ولا فرق بين هذه الكلمات وغيرها مِمَّا لم يزيدوا فيه الألف أو الواو أو الياء.
                                فادعاء أن الصحابة اصطلحوا على هذا الرسم اتِّهامٌ لَهم بِمخالفة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، ووصمٌ بالجهل والتفريق بين المتماثلات، وهذا مِمَّا لا يظن بآحاد العقلاء تفضلاً عن صحابة خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم.
                                قال الدباغ: وأما قول من قال: إن الصحابة اصطلحوا على أمر الرسم المذكور، فلا يخفى ما فيه من البطلان؛ لأن القرآن كُتِب في زمان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وبين يديه، وحينئذ فلا يخلو ما اصطلح عليه الصحابة، إما أن يكون هو عين الهيئة التي كُتِبَت بين يدي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، أو غيرها، فإن كانت عينها بطل الاصطلاح؛ لأن أسبقية النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم،تنافي ذلك، وتوجب الإتباع.
                                وإن كان غير ذلك، فكيف يكون النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم،كتب على هيئة، كهيئة الرسم القياسي مثلاً، والصحابة خالفوا وكتبوا على هيئة أخرى؟.
                                فلا يصحُّ ذلك لوجهين:
                                أحدهما: نسبة الصحابة إلى المخالفة، وذلك مُحالٌ.
                                ثانيهما: أن سائر الأمة من الصحابة وغيرهم أجمعوا على أنه لا يجوز زيادة حرف في القرآن، ولا نقصان حرفٍ منه، وما بين الدفتين كلام الله عز وجل ، فإذا كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم،أثبت ألف (الرحمن) و(العالمين) مثلاً، ولم يزد الألف في (مائة)، ولا في (لأاوضعوا)، ولا الياء في (بأييدٍ) ونحو ذلك، والصحابة عاكسوه في ذلك وخالفوه، لزم أنهم -وحاشاهم من ذلك- تصرفوا في القرآن بالزيادة والنقصان، ووقعوا فيما أجمعوا هم وغيرهم على ما لا يحلُّ لأحدٍ فعلهُ، ولزم تطرُّق الشكِّ إلى جميع ما بين الدفتين؛ لأنا مهما جوزنا أن تكون فيه حروف ناقصة أو زائدة على ما في علم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وعلى ما عنده، وأنها ليست بوحيٍ، ولا من عند الله، ولا نعلمها بعينها -شككنا في الجميع.
                                ولئن جوزنا لصحابيٍ أن يزيد في كتابته حرفًا ليس بوحيٍ، لزمنا أن نجوز لصحابي آخر نقصان حرف من الوحي؛ إذ لا فرق بينهما، وحينئذٍ تنحل عروة الإسلام بالكلية. الإبريز لأحمد بن المبارك السلجماسي ص 101-103.

                                قال ابن فارس: الذي نقوله فيه: إن الخطَّ توقيفٌ، وذلك لظاهر قوله عز وجل: [ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ ! الَّذِي علَّم بالقَلَمِ ! علَّم الإنسانَ ما لَم يعلم ]، سورة العلق، الآيات 3-5.
                                وقال جلَّ ثناؤه: [ ن والقلم وما يسطرون ]، سورة القلم آية 1.
                                وإذا كان كذا، فليس ببعيدٍ أن يوقف آدم عليه السلام ، أو غيره من الأنبياء عليهم السلام على الكتاب. الصاحبي في فقه اللغة، لابن فارس ص 39.

                                وذهب بعضٌ آخر إلى أن الكتاب العربي وضع زمن إسماعيل عليه السلام ، فقد أخرج ابن أشتة في كتاب المصاحف من طريق عكرمة عن ابن عباس، قال: أول من وضع الكتاب العربي إسماعيل. انظر الإتقان في علوم القرآن (1/145).

                                ومِمَّا يؤيد الرأي القائل بالتوقيف العلاقة الواضحة بين هذا الرسم العثماني، وبين القراءات القرآنية المتواترة، يدرك هذا من كان له أدنى معرفة بعلم القراءات، إذ يلاحظ بوضوح أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم عندما خالفوا القياس في الخط، إنَّما كان ذلك لِمقاصد تتعلق بِما ثبتت روايته عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، من أوجه القراءة في العرضة الأخيرة، فكتبوا في الفاتحة: [ ملك يوم الدين ]،ـ سورة الفاتحة الآية 4.ـ دون ألف في (ملك) لتحتمل الوجهين من القراءة بالألف (مالِكِ)، وبدونِها (مَلِكِ).
                                ومن أمثلة ذلك أيضًا كتابتهم قوله تعالى: [إِنْ هَذَانِ لَسَحِرَانِ ]،ـ سورة طه من الآية 63.
                                ـ دون الألفات، ودون النقط والشكل هكذا (ان هـدن لسحرن) فاحتملت جميع أوجه القراءة فيها:
                                فقد قرأ أبو عمرو:[ إِنَّ هَـذَينِ لَسَحِرَانِ ] بتشديد نون (إن)، وبالياء في (هذين)، وتخفيف النون فيها.
                                وقرأ ابن كثير: [ إِنْ هـذَانِّ لَسَحِرَانِ ] بتخفيف نون (إنْ)، وبالألف في (هذان)، وتشديد النون منها.
                                وقرأ حفصٌ: [ إِنْ هَـذَانِ لَسَحِرَانِ ] بتخفيف نون (إنْ)، وبالألف في (هذان)، وتخفيف النون منها.
                                وقرأ بقية القراء العشرة [ إِنَّ هَـذَانِ لَسَحِرَانِ ] بتشديد نون (إنَّ)، وبالألف في (هذان)، وتخفيف النون منها. انظر النشر في القراءات العشر (2/320-321).

                                فهل يُعَدُّ مثل هذا الرسم مُخالفًا لقياس أهل صناعة الخط؟!
                                وكذلك كتابتهم تاء التأنيث بالتاء المفتوحة في بعض المواضع نحو (امرأت)، و(رحمت)، و(نعمت)، فيقف عليها جمهور القراء بالتاء، ولو كتبت بالهاء المربوطة، لَتَغَيَّرَ حكمُ الوقف عليها.ـ انظر التقرير العلمي عن مصحف المدينة النبوية ص 27-29.

                                قال السيوطي: أجمعوا على لزوم اتباع رسم المصاحف العثمانية في الوقف إبدالاً وإثباتًا وحذفًا، ووصلاً وقطعًا، إلا أنه ورد عنهم اختلافٌ في أشياء بأعيانِها، كالوقف بالهاء على ما كتب بالتاء، وبإلحاق الهاء فيما تقدم وغيره، وبإثبات الياء في مواضع لم تُرسَم بِها … ثم قال: ومن القراء من يتبع الرسم في الجميع. ـ الإتقان في علوم القرآن (1/250-251).

                                قال الزركشي: ومن الدليل على عرفان القدماء من الصحابة وغيرهم ذلك ، كتابتهم المصحف على الذي يعلله النحويون في ذوات الواو والياء، والهمز والمد والقصر، فكتبوا ذوات الياء بالياء، وذوات الواو بالواو، ولم يصوروا الهمزة إذا كان ما قبلها ساكنًا، نحو:[ الْخَبْءَ ] و[دِفْءٌ ]، فصار ذلك كله حجةً. البرهان في علوم القرآن (1/378).

                                كما أنه قد يُعترَض على القول بالتوقيف باعتراضين:
                                1ـ أحدهما: كيف كان للنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم،أن يوقف الصحابة على ما يكتب في المصاحف مع كونه أميًّا؟.
                                ويجاب عن ذلك بأن الأمية لم تكن عيبًا فيه صلى الله عليه وسلم، وقد كان من الذكاء والفطنة بحيث يستطيع أن يوجههم إلى مثل ذلك، ويفعل كل هذا بوحي وتوجيه من الله تعالى.

                                فقد كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم،مع أميته يعرف أسماء الحروف، وهذا مِمَّا يَجهله الأمي.
                                فعن عَبْد اللهِ بْن مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم،: مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لاَ أَقُولُ (الم) حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلاَمٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ. ـ رواه الترمذي في جامعه، كتاب فضائل القرآن بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنَ الْقُرْآنِ مَالَهُ مِنَ الأَجْرِ (5/175) ح 2910.
                                وَعَنِ الْبَرَاءِ عفان رضي الله تعالى عنه، في خبر صلح الحديبية قَالَ: فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم،الْكِتَابَ، وَلَيْسَ يُحْسِنُ يَكْتُبُ، فَكَتَبَ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ… الحديث.ـ رواه البخاري في صحيحه، كتاب المغازي بَاب عُمْرَةِ الْقَضَاءِ، صحيح البخاري مع فتح الباري (7/570-571) ح 4251.
                                ورواه الترمذي في جامعه، كتاب فضائل القرآن بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنَ الْقُرْآنِ مَالَهُ مِنَ الأَجْرِ (5/175) ح 2910 .


                                قال القاضي عياض: وقوله في الرواية التي ذكرناها: "ولا يحسن أن يكتب، فكتب" كالنصِّ أنه كتب بنفسه، قال: والعدول إلى غيره مجازٌ، ولا ضرورةَ إليه.ـ انظر شرح النووي على صحيح مسلم (12/138).

                                فلا يَبْعُدُ مع هذا أن يكون من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، التوقيف على ما يُكتب من الحروف وما لا يكتب عند كتابة القرآن بين يديه صلى الله عليه وسلم..

                                وأما الاعتراض الثاني، فهو: أن يقال: إن كان الرسم توقيفيًّا بوحيٍ إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فَلِمَ لم يُنقل تواترًا كما نقلت ألفاظ القرآن، حتى ترتفع عنه الريبة، وتطمئن به القلوب؟.

                                والجواب عن هذا أن رسم المصاحف قد نقل ألفاظًا ورسمًا على الوجه الذي تقوم به الحجة، يدرك ذلك أهل العلم، الذين حفظوا ألفاظه ورسمه، ولم يضيعوا منها شيئًا.
                                ولا يقدح في ذلك اختلاف علماء الرسم بعض الحروف، إذ إن عثمان عفان رضي الله تعالى عنه، قد كتب عددًا من المصاحف، وقد كان بينها بعض الاختلاف لتحتمل ما ثبت من أوجه القراءة، ولا يَضُرُّ جهل مَن جهل دقة هذا النقل، كما لا يَضُرُّ جهل العوامِّ بالقرآن وعدم حفظهم لألفاظه.
                                وفي ختام هذه المسألة أنوِّه على أنه ليس هناك صعوبة تذكر على قارئ القرآن الكريم، بعد ما أضيف إلى صورة الرسم من رموز النقط والشكل، التي أوضحت مشكله، وأعانت على سلامة النطق به.

                                وقد مرت القرون على المسلمين، وهم يكتبون المصاحف على ما رسم الصحابة رضي الله تعالى عنهم، ولم يؤدِّ ذلك إلى خطأ في تلاوة القرآن، أو وقوع تحريف، فلله الحمد والمنَّة. وأكبر دليل على ذلك تلاوتهم لإبراهيم البقرة وهي على امتداد السورة كلها مكتوبة بدون ألف الوسط والياء بخلاف باقي السور الكريمة ، وإذا علمنا أن سورة البقرة نزلت منجمة على مدى تسع سنين أدركنا أن الكتابة بهذه الصورة وفي تلك السورة مقصودة لذاتها ولقد تناولنا علة الكتابة على هذه الصورة مما يدل على الإعجاز الرباني في الرسم العثماني فلله الحمد والمنَّة .


                                التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 23 أكت, 2020, 10:43 ص.

                                تعليق

                                مواضيع ذات صلة

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 1 أغس, 2023, 06:55 م
                                ردود 0
                                23 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة د.أمير عبدالله  
                                ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 11 يول, 2023, 05:19 م
                                ردود 0
                                19 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة عطيه الدماطى  
                                ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 10 يول, 2023, 07:05 م
                                رد 1
                                21 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة د.أمير عبدالله  
                                ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 4 يول, 2023, 10:07 م
                                ردود 0
                                15 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة عطيه الدماطى  
                                ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 30 يون, 2023, 04:06 م
                                ردود 0
                                17 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة عطيه الدماطى  
                                يعمل...
                                X