القيـــــــامة المجيــــــــدة

تقليص

عن الكاتب

تقليص

Dexter مسلم اكتشف المزيد حول Dexter
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • القيـــــــامة المجيــــــــدة

    لماذا لم يعرفوا؟ لماذا؟




    وفقاً لشهادة يوحنا حول القيامة ، فإن بطرس و التلميذ الآخر الذي كان يسوع يحبه كانا يجريان إلى القبر الفارغ بعد أن سمعوا من مريم المجدلية أنّ جسد يسوع قد اختفى :

    فَسَبَقَ التِّلْمِيذُ الآخَرُ بُطْرُسَ وَجَاءَ أَوَّلاً إِلَى الْقَبْرِ، وَانْحَنَى فَنَظَرَ الأَكْفَانَ مَوْضُوعَةً، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ.ثُمَّ جَاءَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ يَتْبَعُهُ، وَدَخَلَ الْقَبْرَ وَنَظَرَ الأَكْفَانَ مَوْضُوعَةً،وَالْمِنْدِيلَ الَّذِي كَانَ عَلَى رَأْسِهِ لَيْسَ مَوْضُوعاً مَعَ الأَكْفَانِ، بَلْ مَلْفُوفاً فِي مَوْضِعٍ وَحْدَهُ. فَحِينَئِذٍ دَخَلَ أَيْضاً التِّلْمِيذُ الآخَرُ الَّذِي جَاءَ أَوَّلاً إِلَى الْقَبْرِ، وَرَأَى فَآمَنَ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا بَعْدُ يَعْرِفُونَ الْكِتَابَ: أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ مِنَ الأَمْوَاتِ. فَمَضَى التِّلْمِيذَانِ أَيْضاً إِلَى مَوْضِعِهِمَا
    يوحنا 20: 4-10

    بيّن لوقا أيضًا أن الحواريين لم يكونوا منتظرين قيامته فقال:
    فَقَامَ بُطْرُسُ وَرَكَضَ إِلَى الْقَبْرِ ، فَانْحَنَى وَنَظَرَ الأَكْفَانَ مَوْضُوعَةً وَحْدَهَا ، فَمَضَى مُتَعَجِّباً فِي نَفْسِهِ مِمَّا كَانَ.
    لوقا 24: 12


    إشارات عديدة في العهد الجديد تبين أن الحواريين كانوا متشككين في قيامته و لم يكونوا يتوقعوها أمثال هذه الأعداد [لوقا 24: 11-38]،[يوحنا 24: 20-25]،[متى 28: 17]

    بالنظر إلى الموضوع من زاوية واحدة فأنّ كون التّلاميذ لم يفهموا بعد أنّ يسوع يجب أن يقوم من الموت وفقاً للكتاب، كما قال يوحنا ، ليس بالامر المستغرب على الإطلاق.. السبب البسيط في ذلك أنه لم يكن هناك كتاب يقول فيه أنه سيقوم من الأموات.

    يقول لوقا أن يسوع أخبر تلاميذه ليلة القيامة أنه مكتوب أن المسيح ينبغي أن يتألم و يعود إلى الحياة ثانية في اليوم الثّالث:
    وَقَالَ لَهُمْ: ((هَكَذَا هُوَ مَكْتُوبٌ ، وَهَكَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ وَيَقُومُ مِنَ الأَمْوَاتِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ))
    لوقا 24: 46

    ذكر بولس أيضًا أن الكتاب قال إن المسيح سيقوم في اليوم الثّالث:
    فَإِنَّنِي سَلَّمْتُ إِلَيْكُمْ فِي آلأَوَّلِ مَا قَبِلْتُهُ أَنَا أَيْضاً: أَنَّ الْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ الْكُتُبِ وَأَنَّهُ دُفِنَ وَأَنَّهُ قَامَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَسَبَ الْكُتُبِ وَأَنَّهُ ظَهَرَ لِصَفَا ثُمَّ لِلآثْنَيْ عَشَرَ.
    كورنثوس الأولى 15: 3-5

    هذا ما يزعمونه ، لكنّ الزعم و الواقع شيئان مختلفان . لكم أن تبحثوا في أسفار العهد القديم حتّى يوم القيامة ، و لن تجدوا شيئاً مكتوباً عن المسيح أنه سيقوم من الموت في اليوم الثّالث .
    إن أحدنا لن يجد شيئاً في العهد القديم عن فكرة المسيح القائم من الأموات! عادة ما يشير مفسروا الكتاب المقدس إلى التّرنيمة 16 من كتاب المزامير، و التي ادعى لوقا من خلالها أن كلاً من بطرس و بولس قد استشهدا بها كدليل قيامة يسوع [أعمال الرسل 2: 25-31 / 13: 35-37] لكنّ سياق التّرنيمة بالكامل لا يساند الزعم الّذي أضفاه الحواريّون للمقاطع الّتي استشهدوا بها:

    لأَنَّ دَاوُدَ يَقُولُ فِيهِ: كُنْتُ أَرَى الرَّبَّ أَمَامِي فِي كُلِّ حِينٍ أَنَّهُ عَنْ يَمِينِي لِكَيْ لاَ أَتَزَعْزَعَ. لِذَلِكَ سُرَّ قَلْبِي وَتَهَلَّلَ لِسَانِي. حَتَّى جَسَدِي أَيْضاً سَيَسْكُنُ عَلَى رَجَاءٍ. لأَنَّكَ لَنْ تَتْرُكَ نَفْسِي فِي الْهَاوِيَةِ وَلاَ تَدَعَ قُدُّوسَكَ يَرَى فَسَاداً. عَرَّفْتَنِي سُبُلَ الْحَيَاةِ وَسَتَمْلأُنِي سُرُوراً مَعَ وَجْهِكَ. أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ يَسُوغُ أَنْ يُقَالَ لَكُمْ جِهَاراً عَنْ رَئِيسِ الآبَاءِ دَاوُدَ إِنَّهُ مَاتَ وَدُفِنَ وَقَبْرُهُ عِنْدَنَا حَتَّى هَذَا الْيَوْمِ. فَإِذْ كَانَ نَبِيّاً وَعَلِمَ أَنَّ اللهَ حَلَفَ لَهُ بِقَسَمٍ أَنَّهُ مِنْ ثَمَرَةِ صُلْبِهِ يُقِيمُ الْمَسِيحَ حَسَبَ الْجَسَدِ لِيَجْلِسَ عَلَى كُرْسِيِّهِ سَبَقَ فَرَأَى وَتَكَلَّمَ عَنْ قِيَامَةِ الْمَسِيحِ أَنَّهُ لَمْ تُتْرَكْ نَفْسُهُ فِي الْهَاوِيَةِ وَلاَ رَأَى جَسَدُهُ فَسَاداً.
    أعمال الرسل 2: 25-31

    وَلِذَلِكَ قَالَ أَيْضاً فِي مَزْمُورٍ آخَرَ:لَنْ تَدَعَ قُدُّوسَكَ يَرَى فَسَاداً. لأَنَّ دَاوُدَ بَعْدَ مَا خَدَمَ جِيلَهُ بِمَشُورَةِ اللهِ رَقَدَ وَانْضَمَّ إِلَى آبَائِهِ وَرَأَى فَسَاداً. وَأَمَّا الَّذِي أَقَامَهُ اللهُ فَلَمْ يَرَ فَسَاداً.
    أعمال الرسل 13: 35-37


    إن أي شخص يقرأ اقتباس الحواريين في السّياق سيرى في أفضل الأحوال علاقةً مريبةً بين الاقتباس و القيامة المزعومة ليسوع الناصري . بالرّغم من الزعم المتكرر للعهد الجديد في كثير من الأماكن، فإنه لا توجد نبوءات للمسيح القائم من الأموات في أسفار العهد القديم.

    لكن من منظور آخر، إذا قد كانت القيامة قد فاجأت الحواريّين فعلاً، فإن على الواحد منا أن يتساءل عن السبب! من المؤكد أنهم قد قيل لهم بوضوح كافٍ أنه سيحدث . في سياق الفقرة المشهورة حيث وعد يسوع بطرس أن يعطيه مفاتيح الملكوت، قِيلَ أن يسوع أخبر حوارييه أنه سيُقتل ثمّ يقوم من الموت:
    مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يُظْهِرُ لِتَلاَمِيذِهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَيَتَأَلَّمَ كَثِيراً مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ ، وَيُقْتَلَ ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومَ.
    متى 16: 21

    إن النصوص المماثلة لهذه الفقرة في الأناجيل المتماثلة نجدها في الأعداد [مرقس 8: 31]،[لوقا 9: 22]

    لقد كرر يسوع قوله هذا للحواريين مرتين على الأقل:
    وَفِيمَا هُمْ يَتَرَدَّدُونَ فِي الْجَلِيلِ قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: ((ابْنُ الإِنْسَانِ سَوْفَ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي النَّاسِ فَيَقْتُلُونَهُ وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ)). فَحَزِنُوا جِدّاً.
    متى 17: 22-23

    وَفِيمَا كَانَ يَسُوعُ صَاعِداً إِلَى أُورُشَلِيمَ أَخَذَ الاِثْنَيْ عَشَرَ تِلْمِيذاً عَلَى انْفِرَادٍ فِي الطَّرِيقِ وَقَالَ لَهُمْ: ((هَا نَحْنُ صَاعِدُونَ إِلَى أُورُشَلِيمَ ، وَابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ ، فَيَحْكُمُونَ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ،وَيُسَلِّمُونَهُ إِلَى الأُمَمِ لِكَيْ يَهْزَأُوا بِهِ وَيَجْلِدُوهُ وَيَصْلِبُوهُ ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ)).
    متى 20: 17-19

    النصوص المماثلة لهذه الفقرات في الأناجيل الأخرى نجدها في [مرقس 9:31]،[لوقا 18: 32-34] حيث تقول أن الحواريين لم يفهموا ما كان يسوع يقوله، و هي حالة واحدة فقط للتناقضات النصية في الكتاب المقدس ، ذلك أن متى ذكر بوضوح أنهم قد فهموه :

    فعندما أخبرهم أول مرة ، على سبيل المثال، قام بطرس و أخذ يسوع جانبًا، و انتهره و قال له ((حَاشَاكَ يَا رَبُّ! لاَ يَكُونُ لَكَ هَذَا!)) [متى 16: 22] . و عندما أخبرهم يسوع في المرّة الثّانية ، قال متى أنهم حزنوا جدًّا، لكن كيف لهم أن يحزنوا بشدة على شيئ ما فهموه بعد؟ فإن أخذنا بالاعتبار القبول العامّ لظاهرة القيامة من الموت في تلك الأوقات [مرقس 6: 14-16] فإنا نسأل : ماذا بقي بعد ليساء فهمه في قول رجل يقول أنه سيقوم من الأموات بعد أن يُقتل ؟

    عند إعادة النظر لما قاله يسوع في الفقرة الأخيرة المذكورة أعلاه ، فإن سلوك الحواريّين بعد الصلب يستحيل أن يُفهم! في الطّريق إلى القدس، أخذهم جانبًا، و أخبرهم أنه سوف ( 1 ) يُسَلَّم إلى رؤساء الكهنة و الكتبة ( 2 ) يحكم عليه بالموت ، ( 3 ) و يسلم إلى الأمم ليهزؤوا به، ( 4 ) و يجلدوه، ( 5 ) و يصلبوه ( 6 ) و في اليوم الثالث يقوم.

    بعد وصولهم إلى القدس، رأى الحواريون أنّ يسوع ( 1 ) سُلّم إلى رؤساء الكهنة و الكتبة، ( 2 ) حُكم عليه بالموت، ( 3 ) و سُلّم إلى الأمم و هزئوا به، ( 4 ) و جُلد ( 5 ) و صُلب، لكن بطريقة ما، و بعد أن شهدوا بأنفسهم تحقيق هذه الأقوال الخمسة بالتحديد في تصريح يسوع ، لم يتوقّعوا أن يقوم من الأموات. لماذا ؟!

    إن أحدنا سيعتقد أنه إن كان يسوع قد أخبرهم أن ينتظروا كلّ هذه الأشياء فعلاً، و بعد أن شهدوا التحقق الدقيق لأول خمسة نبوءات من قوله ، فإنهم يمكن أن يتوقّعوا على الأقلّ احتمال تحقق النبوءة السّادسة بالتّأكيد . فبدلاً من أن تجري النسوة لإخبار الحواريّين عن القبر الفارغ الّذي قد وجدوه، فإن من المنطقي و المتوقع لأحدنا أن نجد الحواريّين أنفسهم حاضرين في هذا المشهد صباح اليوم الثّالث ينظرون على الأقل إن كان يسوع سيأتي أم لا.

    لكنهم لم يكونوا هناك ( طبقًا لما هو مروي في الأناجيل) . كان يجب على الناس أن يبحثوا عنهم و يخبروهم، و بالرّغم من ذلك فقد اعتبر الحواريون الأخبار التي أتت بها النسوة مجرد هذيان لا دليل عليه (لوقا 24: 11). لقد كن النسوة يخبرنهم بالضّبط ما قد قاله يسوع أنه سيحدث، و مع ذلك فقد اعتقدوا أنّ كلماتهن كانت مجرد هذيان!

    عند القبر، قال الملاكان للنسوة [ اُذْكُرْنَ كَيْفَ كَلَّمَكُنَّ وَهُوَ بَعْدُ فِي الْجَلِيلِ قَائِلاً: إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُسَلَّمَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي أَيْدِي أُنَاسٍ خُطَاةٍ ، وَيُصْلَبَ ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ – لوقا 24: 7]. و يقول العدد الذي يليه مباشرة أنهن تذكّرن كلماته .لذا كانت النسوة قادرات أن يتذكّرن أن يسوع قد قال هذا، لكنّ الحواريّين الّذين قد أخذهم يسوع جانبًا في الطّريق إلى القدس بغرض إخبارهم بوضوح أن يتوقّعوا موته و قيامته لم يكن بمقدورهم فيما يبدو أن يتذكّروا أنه قد أخبرهم بذلك. لقد نظروا إلى القبر فقط ثم ذهبوا إلى البيت لماذا؟ ((لأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا بَعْدُ يَعْرِفُونَ الْكِتَابَ: أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ مِنَ الأَمْوَاتِ – يوحنا 20: 9)). هل هذا ما يفترض بنا أن بؤمن به؟

    إن كان الحواريون لم يفهموا بعد أن يسوع مقدر له القيامة من الأموات، فإنهم بذلك جماعة مختلفة عن البشر بالفهم، ذلك أن الآخرين كلهم تقريباً قد عرفوا ماذا سيحدث. و كما لاحظنا لتونا، أن النّساء تذكّرن فورًا قول يسوع أنه سيقوم من الموت، و لم يكنّ تلاميذ يسوع الوحيدين ( تلاميذ، و ليس حواريّين ) الّذين فهموا هذا .

    في الحوار الذي دار بين يسوع و بين التّلميذين على الطّريق إلى عمواس في يوم القيامة، قال كليوباس و بيّن بوضوح ، بعد تلخيص الأحداث المتعلقة بالمحاكمة و صلب يسوع، أنه فهم أنّ قيامًا كان من المفترض أن يحدث في اليوم الثّالث :
    وَنَحْنُ كُنَّا نَرْجُو أَنَّهُ هُوَ الْمُزْمِعُ أَنْ يَفْدِيَ إِسْرَائِيلَ. وَلَكِنْ ، مَعَ هَذَا كُلِّهِ ، الْيَوْمَ لَهُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ مُنْذُ حَدَثَ ذَلِكَ.
    لوقا 24: 21

    بعد كل هذا ، فإن جميع المرتبطين بيسوع تقريباً قد عرفوا أنه من المفترض أن يقوم من الموت في اليوم الثالث باستثناء الحواريّين! من الواضح أن يسوع قد عهد مواصلة التبشير بما فعله إلى مجموعة من الأغبياء الّذين لم يكن من الممكن أن يفهموا اللّغة الواضحة الصريحة على ما يبدو.
    حتّى أعداء يسوع فهموا أنه قد تنبّأ بقيامته . فبعد أن وُضِعَ يسوع في القبر، جاءوا إلى بيلاطس ليطلبوا منه أخذ الاحتياطات لمنع تحقيق نبوؤة منتظمة:
    وَفِي الْغَدِ الَّذِي بَعْدَ الاِسْتِعْدَادِ اجْتَمَعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ إِلَى بِيلاَطُسَ قَائِلِينَ: ((يَا سَيِّدُ ،قَدْ تَذَكَّرْنَا أَنَّ ذَلِكَ الْمُضِلَّ قَالَ وَهُوَ حَيٌّ: إِنِّي بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَقُومُ. فَمُرْ بِضَبْطِ الْقَبْرِ إِلَى الْيَوْمِ الثَّالِثِ ،لِئَلا يَأْتِيَ تَلاَمِيذُهُ لَيْلاً وَيَسْرِقُوهُ، وَيَقُولُوا لِلشَّعْبِ : إِنَّهُ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ ،فَتَكُونَ الضَّلاَلَةُ الأَخِيرَةُ أَشَرَّ مِنَ الأُولَى!))
    متى 27: 62-64

    إذاً فإن النسوة قد تذكّرن أن يسوع قد تنبّأ بقيامته، و التّلاميذ في عمواس تذكّروا ذلك ، و أعداء يسوع تذكّروا قوله أيضاً. الجميع فيما يبدو قد تذكّر قوله باستثناء حواريّي يسوع الذين اختارهم بنفسه بعناية. إنه من الصعب تصديق مثل هذا الأمر!!

    إن المؤمنين بالكتاب المقدس يقولون أنه – أي الكتاب المقدس – نتاج عمل معصوم من الوحدة و التناسق التام لدرجة أنه يُشْرَح فقط من خلال العقيدة المنقولة بالشفاه. إن هذا أمر عظيم يوعظ و تُعلف به الجماهير من خلال المنابر الساذجة، لكنّ هذا التناقض في أن الحواريّين لم يعرفوا عن القيامة الوشيكة لزعيمهم – في الوقت الذي كان ينبغي أن يعرفوا – إنما هو خلل في الإنجيل يجب أن يُشرح قبل أن يمكن للنّاس العاقلة قبول نظريّة العصمة.

    فإن صحت النصوص المتعلقة بعدم علم الحواريين بقيامة يسوع في اليوم الثالث و أنهم لم يكونوا يتوقعون أمراً مثل هذا، فإن ذلك يدفعنا للقول أن يسوع حقيقة ما تنبأ في موت ولا قيامة، و أن ما يقال عن نبوءته مجرد إشاعات انتشرت بين الناس و لم يدرِ عنها الحواريون شيئاً و هم أقرب الناس إلى يسوع و أعلمهم بأقواله و أفعاله و سره و علنه.


    ----
    المقال مقتبس عن مجلة The Skeptical Review العدد الرابع من سنة 1991 بتصرف
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 27 أكت, 2020, 07:05 ص.
    دائماً أنت بقلبي دائماً موردي العذب إذا اشـــــتد الظما
    دائماً أنت ضيائي في الدجى كيف لا تكشف عني الظلما
    أنت يا من ذكره ملء فمي فاستحالت كل أعضـــائي فما
    يا رســـول الله يا من حبه دائمــــاً في القلب يبقى دائماً
    أرشيفي

  • #2
    مقال رائع أخي وائل
    يبين مدى التخبط الذي أصابهم .

    فإن لم يكن الحواريون على خبرة بما سيحدث حسبما أخبرهم المسيح , كما يدعي النصارى , فمعنى هذا أنه لم يقل أنا إله أو أموت وأقوم أو جئت من أجل افداء أو أي مما يتم ترديده من تعاليم جاءت بعد المسيح عليه السلام بمئات السنين .

    واستكمالا" لمشوار التخبط هذا

    أمامنا أن مريم قابلته وسألته ولم تعرفه !!!
    فأي شهادة نقبلها إن كانت قابلته وجها" لوجه ولم تعرفه !!!

    يوحنا 20 :
    14 ولما قالت هذا التفتت الى الوراء فنظرت يسوع واقفا ولم تعلم انه يسوع.
    15 قال لها يسوع يا امرأة لماذا تبكين.من تطلبين.فظنت تلك انه البستاني فقالت له يا سيد ان كنت انت قد حملته فقل لي اين وضعته وانا آخذه.
    16 قال لها يسوع يا مريم.فالتفتت تلك وقالت له ربوني الذي تفسيره يا معلّم.
    17 قال لها يسوع لا تلمسيني لاني لم اصعد بعد الى ابي.ولكن اذهبي الى اخوتي وقولي لهم اني اصعد الى ابي وابيكم والهي والهكم.
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 27 أكت, 2020, 07:04 ص.
    كتاب : البيان الصحيح لدين المسيح نسخة Pdf من المطبوع.
    الكتاب الجامع لكل نقاط الخلاف بين الإسلام والنصرانية .
    كتاب : هل ظهرت العذراء ؟ . للرد على كتاب ظهورات العذراء للقس عبد المسيح بسيط.
    مجموعتي الجديدة 2010 : الحوارات البسيطة القاتلة : (7 كتيبات تحتوي حوارات مبسطة).
    يمكنكم تحميل الكتب من : موقع ابن مريم

    تعليق


    • #3
      مقال رائع ... شكرا جزيلا على الترجمة.... من نصدق اكثر يا ترى ... اعداء عيسى .. ام حواريي عيسى ............. يا صديقي المسيحي الا تلاحظ ان الكثير من الاسئلة لابد لها من اجابة وان كل الاجابابات المعقولة تدل على شيء واحد فقط ... انك تخاطر بآخرتك ... تخاطر بحياتك الابديييييييييييييييه..... ارجو ان تعلم انه ليس لاخ من الاخوان المسلمين اي خاطر في ان يحزنك .. بل على العكس ..كل الغاية ان ندلك على الحق الذي هدانا الله اليه .. لاننا نملك ان ندلك اليوم ... ولن نملك لك نفعا ولا ضرا فيما بعد ..... (يوم يفر المرء من اخيه , وامه وابيه ,وصاحبته وبنيه ..ز لكل امرء منهم يومئذ شان يغنيه ).......
      فكر فقط فكر .........
      التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 27 أكت, 2020, 07:04 ص.
      اللهم اهدنا واهد بنا ..... اللهم اجر الخير على لساني واعني على الحق, و اهدنا سبيل الحق الذي ترضى يا رب !! لا اناقش للنقاش ولكن ليظهر الحق.

      تعليق


      • #4
        متاهة القيامة
        متـاهــــــة القيـــــــــــــامــــــة



        عندما يتعارض تصريحان أو أكثر مع بعضهم البعض، فلا يمكننا القول أن كل التصريحات صحيحية في نفس الوقت. إن استخدمنا قاعدة الدليل (البرهان) هذه في شهادة ((شهود العيان)) في قضية القيامة، يجب علينا أن نستنتج أن على الأقل بعض من هذه الشهادات خاطئة. إذا كان بعض منه خاطئًا، فيجب أن تكون عقيدة عصمة الكتاب المقدس نفسها خاطئة.

        التّناقضات في شهادات الاناجيل الأربعة حول القيامة كثيرة جداً لمناقشتها في مقال واحد، لذا سأقتصر في مناقشتي هذه إلى البعض منها فقط. بدأ متى روايته لأحداث ذلك اليوم بإخبارنا أن مريم المجدلية و مريم الآخرى ذهبتا إلى القبر [عِنْدَ فَجْرِ أَوَّلِ الأُسْبُوعِ – متى 28: 1].

        إن عامل الوقت الّذي حدده متى يتعارض بحدة مع شهادة مرقس و لوقا و يوحنا الّذين ذكروا على التّوالي [وَبَاكِراً جِدّاً فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ ... إِذْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ – مرقس 16:2] [فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ ، أَوَّلَ الْفَجْرِ – لوقا 24: 1] [وَفِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ ... بَاكِراً، وَالظّلاَمُ بَاقٍ – يوحنا 20: 1].
        باستخدام الخيال الواسع ، ربّما يمكن أن نوفّق بين شهادة متى و لوقا . فلو كان الوقت [عِنْدَ فَجْرِ أَوَّلِ الأُسْبُوعِ] يمكننا أن نسلّم إمكانية أن يُسمى هذا [أَوَّلَ الْفَجْرِ] ، لكنّ كيف يمكن للشمس أن تكون قد طلعت بالفعل (إِذْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ) إذا كان الوقت فعلاً [أَوَّلَ الْفَجْرِ]؟ و إذا كانت الشمس قد طلعت بالفعل كما زعم مرقس، فكيف يكون الوقت [بَاكِراً وَالظّلاَمُ بَاقٍ] كما قال يوحنا؟
        بمعنى أصحّ، كيف يمكن أن يكون الوقت [وَالظّلاَمُ بَاقٍ] إن كان الصّباح قد وصل إلى المرحلة الّتي يمكن أن يوصَف فيها بطريقة صحيحة بـالفجر؟ فعندما يكون الوقت في أول الفجر أو عند الفجر، فإنه لا يكون [الظّلاَمُ بَاقٍ] بالتأكيد. فلو نظرت خارجاً في مثل هذا التوقيت، يمكنك أن ترى بوضوح كافٍ للتّعرّف على الأشياء من حولك. و بالتّأكيد في الوقت الذي تكون فيه الشمس قد طلعت، من المستحيل القول وقتها [الظّلاَمُ بَاقٍ] في الخارج! لذا فكيف من الممكن أصلاً لو كان يوحنا محقاً في عامل الوقت الذي حدده أن يكون كلٌ من الثلاثة الآخرين محقين أيضاً في عامل الوقت الذي حددوه؟ هذا اختلاف تزامنيّ لم يستطع أبداً المدافعين عن الإنجيل شرحه بشكل مرضي.

        كما هو ملاحظ، فإن متى قال أن مريم المجدلية و مريم الأخرى ذهبتا إلى القبر. عرّف مرقس النسوة أنهن مريم المجدلية، و مريم أمّ يعقوب، و سالومة [مرقس 16: 1]. قال لوقا أن النسوة اللاتي ذهبن إلى القبر كنّ مريم المجدلية، و يونّا، و مريم أمّ يعقوب، و النّساء الأخريات معهن [لوقا 24: 10]، و يوحنا ذكر مريم المجدلية فقط [يوحنا 20: 1].
        بعضنا قد قرأ عن تفسير لـ"الاختلافات" في هذه الأسماء: ((اختار متى أن يعرّف اتثتين فقط من النسوة، و يوحنا اختار تعريف واحدة فقط، لكنّ عدم ذكرهم وجود سالومة أو يونّا أو النّساء الأخريات لا يعني أنهن لم يكن هناك)). نفس طريقة التّفكير تستعمل عادة في تفسير الاختلاف في عدد الملائكة الوارد ذكرهم في المشهد: ((قال متى أن ملاكًا واحداً نزل من السماء [28: 2]. تحدث مرقس عن شَابّ ... لاَبِساً حُلَّةً بَيْضَاء [16: 5] وهو ملاك على الأرجح، لكنّ لوقا [24: 4] و يوحنا [20: 12] كتبا عن ملاكين اثنين. إذا كان هناك اثنان، إذًا كان يجب أن يكون هناك واحد أيضأ)) كما يقول أصحاب نظرية العصمة .. لكنّ في مسألة تتعلق بأمر شديد الأهمية كشهادة القيامة، ملهمة من اللّه القدير العليم، فإن تفسيراً مثل هذا يثير الريبة في أفضل أحواله. لكنّه على كل حال التفسير البالي للمدافعين عن عصمة الكتاب المقدس في مسائل مثل هذه. لذا سأذكره ببساطة، و أترك للقارئ الحكم على مصداقيته، و من ثم أستمر في ذكر الاختلافات الأخرى الّتي لا يمكن للخيال الواسع أن يحل معضلتها بشكل مرضي.

        بعد أن وصلت النسوة إلى القبر، قال متى أن [زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حَدَثَتْ، لأَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ وَجَاءَ وَدَحْرَجَ الْحَجَرَ عَنِ الْبَابِ ،وَجَلَسَ عَلَيْهِ - متى 28: 2]. لكنّ مرقس و لوقا و يوحنا قد خالفوه بذلك. قال مرقس أن النسوة [وجدن الحجر قد دُحرج بالفعل] عندما وصلوا إلى القبر [مرقس 16: 2-4]. اتّفق لوقا مع مرقس و قال أن النسوة [َوَجَدْنَ الْحَجَرَ مُدَحْرَجاً عَنِ الْقَبْر] عندما صلن إليه [لوقا 24: 2]، و قال يوحنا أن الحجر كان [مَرْفُوعاً عَنِ الْقَبْرِ] عندما وصلت مريم المجدلية [يوحنا 20: 1].
        من منهم المحق إذاً؟ متى أم الثّلاثة الآخرين؟ ببساطة، من غير الممكن أن يكون الحجر في مكانه و مدحرج عن القبر في نفس الوقت عندما جاءت النسوة إلى القبر! إن قاعدة الدليل التي نطبقها تتطلب إحدى النّتيجتين:
        - لقد كان متى محقاً و كان الثّلاثة الآخرون مخطئين،
        - أو كان الثّلاثة الآخرون محقين و كان متى مخطئاً.
        لا يمكن أن تكون كلتا الروايتان صحيحتين .


        كتب متى أن الملاك الّذي نزل من السماء و جلس على الحجر قال إلى النسوة: [لَيْسَ هُوَ (يسوع) هَهُنَا ،لأَنَّهُ قَامَ كَمَا قَالَ! هَلُمَّا انْظُرَا الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَ الرَّبُّ مُضْطَجِعاً فِيهِ – متى 28: 6]. أما ملاكا لوقا (اثنين) فقد قالا أيضاً للنسوة أن يسوع قد قال أنه سيقوم :
        لِمَاذَا تَطْلُبْنَ الْحَيَّ بَيْنَ الأَمْوَاتِ؟ لَيْسَ هُوَ هَهُنَا ، لَكِنَّهُ قَامَ! اُذْكُرْنَ كَيْفَ كَلَّمَكُنَّ وَهُوَ بَعْدُ فِي الْجَلِيلِ قَائِلاً: إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُسَلَّمَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي أَيْدِي أُنَاسٍ خُطَاةٍ ، وَيُصْلَبَ ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ. [لوقا 24: 5-7]

        كما لاحظنا في موضوعنا السابق (لماذا لم يعرفوا؟ لماذا؟)، فإن لوقا قال أن النسوة عند سماعهن هذا ، تذكّرن كلامه [لوقا 24: 8]. بالرّغم من أنّ متى لم يقل بصريح العبارة أن النسوة قد تذكّرن كلام يسوع الذي ذكّرهن بها الملاك، إلا أنه أشار بكل تأكيد أنهن قد تذكرن بالفعل، لأنه قال مباشرة بعد ذلك أنهن [خَرَجَتَا سَرِيعاً مِنَ الْقَبْرِ بِخَوْفٍ وَفَرَحٍ عَظِيمٍ ،رَاكِضَتَيْنِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ – متى 28: 8]. و هذا ما قاله لوقا أيضاً و بالتحديد. فبعد أن قال أنهن [تَذَكَّرْنَ كَلاَمَهُ] أي كلام يسوع، قال أن النسوة [رَجَعْنَ مِنَ الْقَبْرِ ، وَأَخْبَرْنَ الأَحَدَ عَشَرَ وَجَمِيعَ الْبَاقِينَ بِهَذَا كُلِّهِ – لوقا 24: 9].

        الآن، إن كانت النسوة [رَاكِضَتَيْنِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ] كما قال متى، و إذا [أَخْبَرْنَ الأَحَدَ عَشَرَ وَجَمِيعَ الْبَاقِينَ بِهَذَا كُلِّهِ] كما ادّعى لوقا، إذًا فقد أخبرن بالتّأكيد الأحد عشر عن الملاك ( الملاكين؟) و ماذا قال ( قالا؟) لهن. بعبارة أخرى، فإن رواية لوقا و متى لحادثة القيامة تظهر النسوة عند القبر أنهن على علم بأمر القيامة و أنهن على قناعة بحدوثها قبل أن يجرين للتّلاميذ لإخبراهم بما قد رأينه .

        إن أحدنا لا يمكن أن يخطر على باله هذا أبداً إن قام فقط بقراءة رواية يوحنا عن القيامة. يوحنا الّذي اختار ذكر وجود مريم المجدلية فقط عند القبر، و قال أنها عند رؤيتها الحجر مرفوعاً عن القبر [رَكَضَتْ وَجَاءَتْ إِلَى سِمْعَانَ بُطْرُسَ وَإِلَى التِّلْمِيذِ الآخَرِ الَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ – يوحنا 20: 2]. لقد قامت بهذا قبل رؤيتها للملاكين، ذلك أنها رأتهما بعد أن عادت إلى القبر [يوحنا 20: 11-13]. فعندما ركضت مريم في رواية يوحنا إلى بطرس و التلاميذ الآخرين، هل ركضت [بَفَرَحٍ عَظِيمٍ] كما ذكر متى؟ و هل أخبرت التّلاميذ [بِهَذَا كُلِّهِ] و بما أخبرهما الملاكان في لوقا؟ وفقاً لرواية يوحنا فإن ذلك لم يحدث! عندما وجدت مريم المجدلية التلميذين وفقاً ليوحنا [قَالَتْ لَهُمَا: ((أَخَذُوا السَّيِّدَ مِنَ الْقَبْرِ، وَلَسْنَا نَعْلَمُ أَيْنَ وَضَعُوهُ!)) – يوحنا 20: 2]. من الواضح أنه لا يوجد فرح عظيم فيما قالته هاهنا. لقد كانت مهمومةً بشكل واضح.

        و ما يحير أكثر من ذلك، حقيقة أن مريم المجدلية وفقاً ليوحنا اعتقدت أن جسد يسوع قد سُرِقَ من القبر. لماذا ستعتقد مثل ذلك إن كانت قد رأت ملاكين (كما زعم متى و مرقس و لوقا) الّذين قد ذكّراها بوعد يسوع أن يقوم ثانية في اليوم الثّالث و بخاصّة إن كانت قد تذكّرت كلامه بعد أن أنعش الملاكان ذاكرتها كما في لوقا؟ من الواضح أن يوحنا لم يكن مدركاً لأيّ اتّصال سابق بين مريم المجدلية و الملاكين أو أيّ تأكيدات تلقّتها من الملاكين أنّ يسوع قد قام من الموت. كانت مريم وفقاً لروايته امرأةً شاردة الذّهن و ما كان لديها أي فكرة عندما أخبرت بطرس و التلميذ الآخر أنّ يسوع قد قام من الموت. حتّى بعد أن عادت إلى القبر مع بطرس و التّلميذ الآخر كانت لازالت تعتقد أن جسد يسوع قد سُرِقَ، لأنّ الملاكين الّذين رأتهما هذه المرة داخل القبر [قَالاَ لَهَا: ((يَا امْرَأَةُ، لِمَاذَا تَبْكِينَ؟)) قَالَتْ لَهُمَا: ((إِنَّهُمْ أَخَذُوا سَيِّدِي، وَلَسْتُ أَعْلَمُ أَيْنَ وَضَعُوهُ!)) – يوحنا 20: 13]. و لكن لماذا اعتقدت ذلك حينها إن كان ملاك أو اثنين قد قالا لها قبيل الذهاب إلى بطرس [أَنَّهُ قَامَ – متى 28: 6، مرقس 16: 6، لوقا 24: 6] ؟

        بعض المدافعين في تفسيرهم الذي يذهب بنا بعيداً عرضوا هذه الإجابة على السّؤال :
        ((على ما يبدو فإنها لم تأخذ بعد على محمل الجد ما عناه الملاك في قوله أن الرب قد قام من الموت و أنه كان حياً. ففي حيرتها و ذهولها، كل ما أمكنها التفكير فيه هو أنّ الجسد لم يكن هناك، و ما جرى له. أين يمكن أن يكون ذلك الجسد الآن؟ لهذا السّبب أرادت من بطرس و يوحنا أن يرجعا هناك و يريا ما يمكن اكتشافه))
        Encyclopedia of Bible Difficulties, pp. 348-349


        يبدو لي ذلك حجة واهية إلى حد ما ، لكنّ أصحاب نظرية العصمة مشهورون بكهذا إطناب عندما يُوَاجَهُونَ بالاختلافات الواضحة في نصّ الكتاب المقدّس . صرّح لوقا بوضوح أن النسوة عند القبر، اللواتي منهن مريم المجدلية، [تَذَكَّرْنَ كَلاَمَهُ] - أي كلام يسوع - عندما ذكّرهم الملاكان أن يسوع قد تنبّأ بقيامته [وَهُوَ بَعْدُ فِي الْجَلِيلِ - لوقا 24: 6-8]. بالرّغم من وضوح هذا التّصريح، فإن المدافعين يريدوننا أن نعتقد أن الاختلاف الواضح بينه و بين وصف مريم وفقاً ليوحنا في روايته للقيامة كان اختلافاً "ظاهرياً" فقط، لأنها ((لم تأخذ بعد على محمل الجد ما عناه الملاك في قوله أن الرب قد قام من الموت)). و كتفسير للمشكلة، فإنّه ساذج جدًّا و لا يستحق حتى التعليق الجدي عليه. ما الذي يمكن ألا تأخذه على محمل الجد؟ قال الملاكان أنه ((قام من الموت)) كما وعد [وَهُوَ بَعْدُ فِي الْجَلِيلِ] ، و النسوة [تَذَكَّرْنَ كَلاَمَهُ]!

        و بينما لا تزال في حالتها من الحيرة مما حدث، قابلت مريم وفقاً ليوحنا يسوع عند االقبر - و لم تتعرّف عليه حتى! اعتقدت أنه كان البستانيّ [يوحنا 20: 14-15]. لذا يفترض بنا أن نعتقد أن الملاكان قد أخبراها في وقت سابق أن يسوع [لَيْسَ هُوَ هَهُنَا ، لَكِنَّهُ قَامَ] كما أخبر أنه سيحدث [وَهُوَ بَعْدُ فِي الْجَلِيلِ] و أنها كانت من بين من [َتَذَكَّرْنَ كَلاَمَهُ] ، ولكنّها أخيراً عندما تقابلت وجهاً لوجه مع يسوع القائم من الموت عند القبر الفارغ، لم تتعرف عليه حتى! إن كان على منصّر أن يبشّر بدين لم نتربى عليه و جاء إلى بلدنا بقصّة بمثل هذا التناقض ، فمن سيصدّقه؟

        لكن الأمر سيزداد سوءً كذلك. إن لقاء مريم مع يسوع عند القبر في رواية يوحنا قد حدثت بوضوح بعد أن قد وجدت مريم الحجر مرفوعاً عن القبر و بعد أن ركضت لإخبار بطرس و عادت بعد ذلك إلى القبر، لكنّ هذا تناقض تماماً مع رواية متى عن اللقاء مع يسوع قرب موقع الدّفن. قال متى أن النسوة، و لدى تلقيهن توجيهات من الملاك (فقط واحد) أن يذهبن و يخبرن التلاميذ أن يسوع سيذهب قبلهم إلى الجليل [َخَرَجَتَا سَرِيعاً مِنَ الْقَبْرِ بِخَوْفٍ وَفَرَحٍ عَظِيمٍ ،رَاكِضَتَيْنِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ – متى 28: 7-8]. لكنّ انظروا ما قاله متى بعد ذلك:
        وَفِيمَا هُمَا مُنْطَلِقَتَانِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ إِذَا يَسُوعُ لاَقَاهُمَا وَقَالَ: ((سَلاَمٌ لَكُمَا)). فَتَقَدَّمَتَا وَأَمْسَكَتَا بِقَدَمَيْهِ وَسَجَدَتَا لَهُ. فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: ((لاَ تَخَافَا. اِذْهَبَا قُولاَ لِإِخْوَتِي أَنْ يَذْهَبُوا إِلَى الْجَلِيلِ وَهُنَاكَ يَرَوْنَنِي)). [متى 28: 9-10]


        ربّما اعتقد يسوع أن رسالة الملاك لم تكن واضحةً بالقدر الكافي، لذا ظهر بنفسه لإخبار النسوة نفس الشّيء الذي أخبرهم به الملاك لتوه. ربّما كان على علم بما كان يصنع هو الآخر. إن شخصاً مضطرباً كمريم المجدلية وفقاً لتفسير المدافعين عن العصمة ربما يجب تُبلغ رسالة مثل هذه على الأقلّ مرّتين قبل أن تستوعبها! على كلّ حال، قال متى أن النسوة قابلن يسوع القائم من الموت بينما كن يركضن لإخبار التّلاميذ أن ملاكاً قد أخبرهم أن يقابلوا يسوع في الجليل، و هذا يتناقض بوضوح تام مع رواية يوحنا. قال يوحنا أن مريم المجدلية رأت يسوع بعد أن أحضرت التّلاميذ و عادت إلى القبر. قبل أن يحاول أيّ مدافع الالتفاف حول هذه المشكلة بزعم أن (عدم ذكر يوحنا اللقاء مع يسوع عندما كانت مريم تجري لإحضار بطرس لا يعني أن مثل هذا اللّقاء لم يحدث)، فليشرح لنا لماذا لم تتعرف مريم عليه في الحديقة إن كانت قد رأته بالفعل قبل هذا و أنها حتّى كانت من بين من [أَمْسَكَتَا بِقَدَمَيْهِ وَسَجَدَتَا لَهُ – متى 28: 9]. قد فعلت كلّ هذا في الطّريق إلى المدينة، لكنّها و لدى عودتها ثانية إلى القبر لم تكن قادرةً حتّى أن تتعرّف على يسوع! اسمحوا لي أن ألجأ إلى لغتنا العامية للحظات و أقول: إيه ده ياعم!

        إن الإمساك بقدمي يسوع المذكور في متى يطرح الآن مشكلة أخرى، ذلك أن مريم وفقاً ليوحنا عندما تعرفت أخيراً على يسوع عند القبر، منعها بوضوح ألا تلمسه [لاَ تَلْمِسِينِي لأَنِّي لَمْ أَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى أَبِي – يوحنا 20: 17]. ما العلاقة بين الصعود إلى الآب و عدم لمس يسوع في نظر أي منا؟ (لاحظ أني أقرأ الكتاب المقدس و لم أقم بتأليفه)، لكنّ يسوع صرّح بوضوح بهذا كسبب يمنع مريم أن تلمسه. إلا أنه في رواية متى، عندما قابلت النسوة اللاتي من بينهن مريم المجدلية يسوع في الطريق [فِيمَا هُمَا مُنْطَلِقَتَانِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ... َأَمْسَكَتَا بِقَدَمَيْهِ وَسَجَدَتَا لَهُ – متى 28: 8-9]. و الآن: إن كن قد أمسكن أقدامه، فقد لمسوه بالتأكيد. و إلا فكيف لهن أن يمسكن أقدامه؟ لكنّ يسوع في هذا اللّقاء لم يتفوه بشيء عن عدم لمسه، على الرّغم أنه في حينها بالتأكيد [لَمْ يَصْعَدْ بَعْدُ إِلَى الآبِ]. كيف يمكن له أن يفعل هذا، في حين أن هذا اللّقاء قد حدث بينما كانت النسوة يركضن للمدينة لإحضار التّلاميذ، و أن اللّقاء مع مريم، عندما أخبرها يسوع أنه لم يصعد بعد، حدث بعد أن وجدت التّلاميذ و عادت إلى القبر؟

        إن اللّقاء مع يسوع عندما كانت النسوة يركضن إلى المدينة يثير أيضاً مشكلة أخرى. قال متى بوضوح أنه بعد أن [خَرَجَتَا سَرِيعاً مِنَ الْقَبْرِ بِخَوْفٍ وَفَرَحٍ عَظِيمٍ - متى 28: 8]، التقتا بيسوع [وَأَمْسَكَتَا بِقَدَمَيْهِ وَسَجَدَتَا لَهُ – متى 28: 9]. و الآن، إن قابلت النسوة يسوع و سجدن له فإنهن بالتأكيد قد تعرفن عليه و أدركن أنه قد بُعث من الموت. فلماذا إذاً قالت مريم ما قالته للتلاميذ عندما وجدت بطرس و التّلميذ الآخر؟ [أَخَذُوا السَّيِّدَ مِنَ الْقَبْرِ، وَلَسْنَا نَعْلَمُ أَيْنَ وَضَعُوهُ! – يوحنا 20: 2]. لقد قدمت ملاحظة في وقت سابق من المقال أن هذا التّصريح غير منطقي على الإطلاق في ضوء ما قاله متى و مرقس و لوقا بأن الملاك (أو الملاكين) أخبر النسوة عند القبر و في ضوء ما قاله لوقا تحديداً بأنّ النسوة [تَذَكَّرْنَ كَلاَمَهُ]، و الآن و بعد أن عرفنا أن النسوة التقين بيسوع في الطّريق إلى المدينة لإحضار التلاميذ و لمسنه و سجدن له، فإن تصريح مريم إلى بطرس يتعدى حدود المنطق البشري. لقد أصبح إهانةً إلى ذكاء كلّ النّاس العاقلة الّتي يطلب منها أن تؤمن بالقيامة على الرّغم من وجود تناقضات صارخة كالتي ذكرناها!

        إن مقابلة و تجميع الروايات الأربعة عن القيامة في رواية واحدة يشكل متاهة من التناقضات الحقيقيّة. مرّة أخرى يجب أن أذكّر القرّاء بقاعدة البرهان الّتي تقول (من أخطأ في أمر واحد ، فقد أخطأ في كل شيء) . عندما يقدم شهود مزعومون لحادثة ما شهادات متناقضة على نحو سافر كالتي قدمها كتّاب الإناجيل الأربعة في رواياتهم عن القيامة، فإن كل ما قالوه يجب أن يفحص بعين الشك. ادّعى هؤلاء الكتّاب أن رجلاً كان ميّتاً بالجسد قد عاد إلى الحياة. إن زعماً كهذا غير عاديّ يتطلّب دليلاً غير عاديّ، إلا أنه بالتّأكيد ليس هنالك شيئ غير عاديّ في شهادة القيامة لمتى و مرقس و لوقا و يوحنا. إنها مليئة بالتّناقضات الكثيرة لدرجة أنه لا يمكن أن يصدقها أحد إلا من كان يعيش على الأمل الساذج.

        قد يقول قائل: ((لنفترض مثلاً أن حادث تصادم لسيارتين قد وقع و طلبت الشّرطة منّا أن نكتب تقارير عن الحادث، فسيكون لديهم تناقضات فيما بينهم، لكنّ ذلك لن يعني أن الحادث لم يقع)). و أنا أوافقهم في ذلك، و لكننا لو كنا جميعاً ملهمون من اللّه القدير العليم و نحن نكتب تقاريرنا، فلن يكون عندها أيّ تناقضات!

        كذلك الأمر بنسبة لروايات القيامة في الأناجيل الأربعة. إذا كان متى و مرقس و لوقا و يوحنا – كل واحد منهم - قد أُرْشِدَ و وُجِّهَ فعلاً من قبل اللّه القدير العليم بينما كانوا يكتبون أناجيلهم (كما يزعم أصحاب مذهب العصمة)، فلن يكون هناك متاهة من التّناقضات عند مقابلة رواياتهم. بل سيكون هناك وحدة و تناسق تامين كالذي يتحدث عنه المنصرون الأصوليون دائماً، و الذي لا وجود له في الحقيقة.


        يؤسفني فعلاً أن أقول أن إيمان المسيحيّين الّذين وضعوا كثيراً من الرجاء في القيامة، قد ثبت أنه هباءً منثوراً، و أنهم لن يعرفوا أبدًا أنّهم ((من بين أكثر الناس تعاسة))، للأسف.


        -----------------
        عن مجلة The Skeptical Review العدد الثاني لسنة 1992 بتصرف
        التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 27 أكت, 2020, 07:04 ص.
        دائماً أنت بقلبي دائماً موردي العذب إذا اشـــــتد الظما
        دائماً أنت ضيائي في الدجى كيف لا تكشف عني الظلما
        أنت يا من ذكره ملء فمي فاستحالت كل أعضـــائي فما
        يا رســـول الله يا من حبه دائمــــاً في القلب يبقى دائماً
        أرشيفي

        تعليق


        • #5
          السلام على من اتبع الهدى..... الشكر الجزيل للسيد ديكستر ,,,,,,
          قد يقول قائل: ((لنفترض مثلاً أن حادث تصادم لسيارتين قد وقع و طلبت الشّرطة منّا أن نكتب تقارير عن الحادث، فسيكون لديهم تناقضات فيما بينهم، لكنّ ذلك لن يعني أن الحادث لم يقع)).
          والله لطف منك يا سيد ديكستر ان توافقهم ... لو كنت ضابط الشرطة لسجنت جميع الشهود حتى تظهر حقيقة واحده وخاصة اذا كانت التناقضات كبيرة والموضوع خطير .....
          يعني في مثال الحادث : شخص يقول السيد (ا) جاء اولا والطريق كان له .. الاخر يقول السيد (ب)جاء اولا والطريق له .... هذا لا يلغي الحادث ولكن يظهر ان الامر فيه لعبة كبيرة ....
          ومن الممكن ان يكون الحادث مفتعلا لينالوا تعويضا من شركة التامين مثلا ( والغباء انهم لم يحضروا لافتعال الحادث ويتفقوا على رواية) ....
          فهذا الحادث الذي حدث فعلا من الممكن ان يكون كذبة وتمثيلية .... يعني في القيامة ان يكون رفع الجثة اصلا .......... تخيلوا الحلول التي طرحتها الاناجيل التي لم تقبل بها الكنيسة فهي عقلانية جدا ....
          التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 27 أكت, 2020, 07:04 ص.
          اللهم اهدنا واهد بنا ..... اللهم اجر الخير على لساني واعني على الحق, و اهدنا سبيل الحق الذي ترضى يا رب !! لا اناقش للنقاش ولكن ليظهر الحق.

          تعليق


          • #6
            أين نبوءة اليوم الثالث؟


            يزعم مؤلفو العهد الجديد أن قيامة يسوع من الأموت قد تُنُبئ بها في العهد القديم. إن هشاشة هذا الزعم تظهر من خلال أن أحداً من هؤلاء المؤلفين لم يذكر ولا في أي وقت نبوءة عن العهد القديم واضحة و جلية لا يقدر من خلالها الشخص العاقل إنكار أن الأنبياء قد تنبؤوا حقيقة أن المسيح سيقوم من الموت. أكثر ما يقدرون عليه هو تحريف تصريح ورد في المزمور [16: 8-11] لجعله يبدو يعني أمراً لم يقصده كاتب المزمور:

            جَعَلْتُ الرَّبَّ أَمَامِي فِي كُلِّ حِينٍ. لأَنَّهُ عَنْ يَمِينِي فَلاَ أَتَزَعْزَعُ. لِذَلِكَ فَرِحَ قَلْبِي وَابْتَهَجَتْ رُوحِي. جَسَدِي أَيْضاً يَسْكُنُ مُطْمَئِنّاً. لأَنَّكَ لَنْ تَتْرُكَ نَفْسِي فِي الْهَاوِيَةِ. لَنْ تَدَعَ تَقِيَّكَ يَرَى فَسَاداً. تُعَرِّفُنِي سَبِيلَ الْحَيَاةِ. أَمَامَكَ شِبَعُ سُرُورٍ. فِي يَمِينِكَ نِعَمٌ إِلَى الأَبَدِ. [المزامير 16: 8-11]

            اعذروا جهلي، لكن إن كان هناك نبوءة واضحة و حاسمة عن القيامة من الموت في هذا النص، فإني ببساطة لا أراها. إلا أن الحواري بطرس، في الموعظة الّتي وضعها لوقا على لسانه، اقتبس هذا النص من العهد القديم في يوم الخمسين و قال أنّه نبوءة عن قيامة المسيح:

            أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ يَسُوغُ أَنْ يُقَالَ لَكُمْ جِهَاراً عَنْ رَئِيسِ الآبَاءِ دَاوُدَ إِنَّهُ مَاتَ وَدُفِنَ وَقَبْرُهُ عِنْدَنَا حَتَّى هَذَا الْيَوْمِ. فَإِذْ كَانَ نَبِيّاً وَعَلِمَ أَنَّ اللهَ حَلَفَ لَهُ بِقَسَمٍ أَنَّهُ مِنْ ثَمَرَةِ صُلْبِهِ يُقِيمُ الْمَسِيحَ حَسَبَ الْجَسَدِ لِيَجْلِسَ عَلَى كُرْسِيِّهِ سَبَقَ فَرَأَى وَتَكَلَّمَ عَنْ قِيَامَةِ الْمَسِيحِ أَنَّهُ لَمْ تُتْرَكْ نَفْسُهُ فِي الْهَاوِيَةِ وَلاَ رَأَى جَسَدُهُ فَسَاداً. [أعمال الرسل 2: 29-31]


            سيظن الواحد منا أنه إن كانت خطة يهوه الأبدية أن يموت ابنه ثم يقوم من الموت، فإنه سيجد أن الأنبياء يتنبؤون بهذا بشكل أوضح بكثير مما يذكر النص الذي اقتبسه بطرس زعماً. لو أن شخصاً ما من بيئة غريبة عن الكتاب المقدس قام فقرأ المزمور /16/، فما احتمال أن يعتقد أن النص الذي ذكره بطرس يتحدث عن القيامة من الموت؟ الاحتمال الأكبر بشكل حاسم أن يعتقد أن صيغة المتكلم في هذا المزمور إنما تشير إلى حالة و وضع الكاتب الخاصين به. لقد تطلب الأمر خيال و يأس رجل يحاول وضع اللبنة الأولى لديانة جديدة حتى تمكن من رؤية نبوءة في النص تتحدث عن القيامة من الموت.


            و لكن دعونا جدلاً أن نفترض أن القصد من هذا المزمور التحدث عن قيامة من الموت. حتى لو كان هذا صحيحاً، فلماذا لا يعتقد القارئ أن الكاتب كان يتكلّم عن قيامته هو؟ برغم كلّ شيء، فإن الكاتب كان يتحدث باستمرار باسلوب صيغة المتلكم (قَلْبِي .. رُوحِي.. جَسَدِي ..نَفْسِي.. تُعَرِّفُنِي) على طول النص الذي اقتبسه بطرس، و ضمائر صّيغة المتكلّم تشير بوضوح للشّخص الذي يتكلم أو، في هذه الحالة، الذي يكتب. إن استخدام هذا النص في الإشارة إلى طرف آخر في مقام الغائب و أنه سيعيش بعد المئات من السّنوات اللاحقة إنما هو تعدي غير مبرر على النص. إنّه نوع من الحرّيّة في التعامل مع النصوص يمكن من خلاله إثبات أي شيء تقريباً من من أيّ نصّ مكتوب. بهذه الأساليب التفسيرية، يمكن للبوذيين إثبات عقيدتهم، و لشهود يهوه إثبات صحة مذهبهم.


            إن كان بطرس قد ألقى هذا الخطاب الّذي نسبه لوقا إليه، فهو بلا شكّ أدرك هذه المشكلة، لأنه قام بمحاولة ملؤها التوتر لإثبات أن داوود (الذي قد يكون هو كاتب المزمور أو قد لا يكون) لم يكن يتكلّم عن نفسه. كانت حجته أن داوود [مَاتَ وَدُفِنَ وَقَبْرُهُ عِنْدَنَا حَتَّى هَذَا الْيَوْمِ – أعمال الرسل 2: 29]. حسنًا، إن كان الأمر كذلك، و إن كان يمكن الإقرار قطعاً أن داوود كان يتكلّم عن قيامة من الموت في هذا النص، فلم لا يمكن الجدل عقلاً أن داوود تنبّأ عن قيامته و أنّ هذه النّبوءة قد فشلت لأنّ [قَبْرُهُ عِنْدَنَا حَتَّى هَذَا الْيَوْمِ] ؟ بعبارة أخرى، لماذا يجب علينا أن نفترض أن بطرس كان محقاً في المعنى الّذي أعطاه للمزمور السادس عشر؟ لم لا يكون بطرس قد أخطأ في تفسيره لما قد كتبه داوود؟ لإثبات أنه لم يكن مخطئاً، فإنه يجب على المدافعين عن عصمة الكتاب المقدس أن يشرحوا كيف يكون من المنطق أن نؤمن أن ضمائر صيغة المتكلّم لمؤلف مزمور في القرن العاشر قبل الميلاد إنما هي في الحقيقة إشارات لشخص ما لن يُولَدَ إلا بعد ألف من السنين اللاحقة!


            لا يمكن للمؤمنين بعصمة الكتاب أن يلجؤوا لحجة أنهم عرفوا أن تفسير بطرس للنص كان صحيحاً لأنه كان يتكلّم بوحي من الرّوح القدس، لأن ذلك سيكون محاولة مفضوحة لإثبات عصمة الكتاب من خلال افتراض العصمة. يجب أولاً أن يثبت مفسّرو الكتاب المقدس أن بطرس تكلّم بوحي من الرّوح القدس القدير العليم (كما يؤمنون أنه كذلك)، بعدها يمكن لهم أن يقولوا أن هذه البصيرة المرشَدة من السّماء دليل على كونه محقاً فيما قاله عن المعنى الذي أراده "داوود" في المزمور السادس عشر. لذا فإن مهمة المؤمنين بعصمة الكتاب و الذين يؤيدون رأي بطرس أن يقوموا بتحليل نصّ المزمور /16/ و أن يأتوا بالحجج الدامغة في أن لغة النص تعطينا أسباباً كافية لنفهم أنّه كان يتكلّم عن قيامة من الموت.

            لا أعتقد أن المؤمنين بعصمة الكتاب يمكن لهم أن يقدموا أية حجج دامغة مؤيدة لرأي بطرس، و لكننيّ يمكن أن أقدم بعض الحجج الدامغة لرفض رأيه.

            بدايةً ، فإن بعض الحقائق قد ذكرناها لتونا وهي: (1) كُتب المزمور في صيغة المتكلّم، لذا فالحالات التي تحدث عنها المزمور تُفهم في أحسن الأحوال كإشارات شخصيّة لحالة الكاتب الخاصّة. (2) لا يوجد في المزمور من اللغة ما يمكن ببساطة أن يفسر حصرياً كإشارات للقيامة من الموت. بالإضافة لكلّ هذا، كان هناك خطأً استراتيجيّاً ارتكبه بطرس في حماسته لإثبات أن المزمور /16/ إنما تحدث عن قيامة يسوع. فبعد قوله عن داوود [إِنَّهُ مَاتَ وَدُفِنَ وَقَبْرُهُ عِنْدَنَا حَتَّى هَذَا الْيَوْمِ]، تابع بطرس قوله [فَإِذْ كَانَ نَبِيّاً وَعَلِمَ أَنَّ اللهَ حَلَفَ لَهُ بِقَسَمٍ أَنَّهُ مِنْ ثَمَرَةِ صُلْبِهِ يُقِيمُ الْمَسِيحَ حَسَبَ الْجَسَدِ لِيَجْلِسَ عَلَى كُرْسِيِّهِ سَبَقَ فَرَأَى وَتَكَلَّمَ عَنْ قِيَامَةِ الْمَسِيحِ... – أعمال الرسل 2: 30-31].

            لإثبات وجهة نظر بطرس، يجب على المؤمنين بعصمة الكتاب أن يظهروا لنا أين يقول العهد القديم أن اللّه حلف لداوود بقسم أنه سوف [يُقِيمُ الْمَسِيحَ حَسَبَ الْجَسَدِ لِيَجْلِسَ عَلَى كُرْسِيِّهِ]. إن الإشارة الواضحة في تصريح بطرس هي أن اللّه قد حلف بقسم إلى داوود أنه سيقيم المسيح ليجلس على كرسي داوود، وإلا فإن بطرس لم يُبدِ أي منطق في قوله أن داوود [سَبَقَ فَرَأَى] أن المسيح سيقوم من الموت ليجلس على كرسيه [وَتَكَلَّمَ عَنْ قِيَامَةِ الْمَسِيحِ]. لذا و ببساطة، أين حلف يهوه في العهد القديم لداوود أم مسيّا [مِنْ ثَمَرَةِ صُلْبِهِ] سيقوم من الموت [لِيَجْلِسَ عَلَى كُرْسِيِّه] ؟

            إن ما تشير إليه نسخ الكتاب المقدس ذات المرجعية في أحسن الأحوال دعماً لزعم بطرس هي الأعداد [المزامير 89: 3، 132: 11]،[صموئيل الثاني 7: 12]. فإن قمنا بفحصها كل واحدة على حدة، فإننا سنرى أنها لا تشير إلى قيامة أيّ من أحفاد داوود بغرض جعلهم يجلسون على كرسي داوود. يقول المزمور 89: 3 [قَطَعْتُ عَهْداً مَعَ مُخْتَارِي. حَلَفْتُ لِدَاوُدَ عَبْدِي. إِلَى الدَّهْرِ أُثَبِّتُ نَسْلَكَ وَأَبْنِي إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ كُرْسِيَّكَ]. إن تثبيت نسل داوود إلى الأبد إنما هو في أفضل أحواله وعدٌ لبناء كرسيه من خلال تمليكه لحفيد طبيعي لداوود في كل جيل تالي، لذا أين الحلف في هذا التّصريح بأن اللّه سيقيم من الموت حفيدًا لداوود ليجلس على كرسيه؟ إنه غير موجود إلا في عقول هؤلاء اليائسين في محاولةٍ لإثبات وضع حرج.

            باعتراف الجميع، فإن الأنبياء قد وعدوا أن كرسي داوود سيثبت إلى الأبد، و لكنهم يعنون بوضوح كرسي داوود بالمعنى الحرفي الذي سيقوم من خلال خط مستمر من أحفاد داوود. من خلال تعصبهم العرقي، فإن الأنبياء العبرانيين اعتقدوا أن أمتهم الصّغيرة هي شعب يهوه المختار، الذي بدوره سيحميهم على الدوام و يحرص على استمرار مملكتهم للأبد، لكنه من غير المنطق القول أن اليهود كانوا ينتظرون تأسيس ((مملكة روحيّة)) ما. كانت هذه فكرة اعتنقها مؤلفوا العهد الجديد كطريقة لتقديم يسوع القائم من الموت زعماً على أنه المسيّا الذي طال انتظاره. يمكن رؤية ذلك بوضوح من خلال تحليل المزمور [132: 11] ثاني النصوص في النسخ ذات المرجعية في إثبات زعم بطرس: [أَقْسَمَ الرَّبُّ لِدَاوُدَ بِالْحَقِّ لاَ يَرْجِعُ عَنْهُ: ((مِنْ ثَمَرَةِ بَطْنِكَ أَجْعَلُ عَلَى كُرْسِيِّكَ)) ]. مرة ثانية، لا يوجد شيء في هذا التّصريح و لا حتى إشارة إلى أن كاتب المزمور قد عنى أن حفيدًا لداوود سيقوم من الموت ليجلس على كرسي داوود. إنه ببساطة وعدٌ بأنّ كرسي داوود سيبنى من خلال أحفاده. إن هذا هو الهدف الواضح من هذا التصريح كما يظهر في العدد الذي يليه مباشرة: [إِنْ حَفِظَ بَنُوكَ عَهْدِي وَشَهَادَاتِي الَّتِي أُعَلِّمُهُمْ إِيَّاهَا فَبَنُوهُمْ أَيْضاً إِلَى الأَبَدِ يَجْلِسُونَ عَلَى كُرْسِيِّكَ – المزامير 132: 12].

            أي شيء يمكن أن يكون أوضح من هذا؟ لقد وعد يهوه ببناء كرسي داوود [مِنْ ثَمَرَةِ بَطْنِكَ] أي نسل داوود، و إن حفظ أبناء داوود هؤلاء (بالجمع) عهد يهوه و شهادته فإن أبناءهم أيضًا سيجلسون على كرسي داوود للأبد. من الواضح أن هذا لم يكن وعدًا لشخص واحد (يسوع) فقط أن يقوم من الموت ليجلس على كرسي داوود. لم يكن وعداً بالقيامة (كمصطلح)، لقد كان ببساطة وعداً بأن يبني يهوه كرسي داوود للأبد من خلال أبنائه و أبنائهم بدورهم إن حفظوا عهد يهوه. لذا أين الحجة الدامغة لنؤمن أن بطرس كان محقاً حين قال أن الله قد حلف بقسم لداوود أنه سيقيم أحد أحفاد داوود من الموت ليجلس على كرسيه؟

            يبدو أن كلا الاقتباسين من المزامير يشيران إلى العدد [صموئيل الثاني 7: 12-14]. يتحدث يهوه إلى داوود من خلال النبي ناثان و يقول كما في الترجمة الكاثوليكية: [واذا تَمَّت أيَّامُكَ وآضطَجَعتَ مع آبائِكَ، اقيمُ مَن يَخلُفُكَ مِن نَسلِكَ الَّذي يَخرُجُ مِن صُلبكَ، واثبِّتُ ملكَه. فهو يَبْني بَيتًا لآِسْمي، وأَنَّا اثبِّتُ عَرشَ مُلكِه لِلأَبَد. أَنَّا أَكونُ لَه أبًا وهو يَكون لِيَ ابنًا . وإِذا أِثِمَ أًؤَدِّبُه بِقضيبِ النَّاسِ وبِضَرَباتِ بَني البَشَر – صموئيل الثاني 7: 12-14]. لا يمكن الزعم أن هذا الابن الذي سيأتي من نسل داوود هو يسوع، لأنّ يهوه قال [إِذا أِثِمَ أًؤَدِّبُه بِقضيبِ النَّاسِ]، لكنّ يسوع كما زُعم بدون إثم (خطيئة). أيّاً كان هذا الابن، فإنه كان على وشك أن [يَبْني بَيتًا لآِسْمي]، و هذا يبدو كإشارة إلى سليمان بشكل واضح. إن الجزء الأوّل لهذا الإصحاح (بالإضافة إلى الجزء الذي يلي الاقتباس أعلاه) يتحدث عن بناء بيتً ليهوه فلا يضطر أن يقيم في خيمة (خيمة الاجتماع). إن الموضوع ببساطة يتعلق بما سجله العهد القديم أنّ سليمان هو الّذي بنى هذا البيت أو المعبد [الملوك الأول 6-8]، و بوضوح تام فقد كان هذا الوعد عن ابن سيجلس على كرسي داوود هو إشارةٌ لسليمان و ليس حفيد ما سيُولَد بعد ألف سنة .

            لا يوجد ببساطة في العهد القديم ما يدعم زعم بطرس أن يهوه قد حلف بقسم لإقامة أحد أحفاد داوود من الموت للجلوس على كرسيه، لكنّ هناك تصريح في العهد الجديد منسوب إلى بولس الرسول يجعل من المستحيل منطقيًّا احتواء العهد القديم على أيّ نبوءة عن قيامة يسوع. في خطاب مزعوم في المجمع اليهوديّ في أنطاكية بيسيدية، قال بولس عن قيامة يسوع [وَلَمَّا تَمَّمُوا كُلَّ مَا كُتِبَ عَنْهُ أَنْزَلُوهُ عَنِ الْخَشَبَةِ وَوَضَعُوهُ فِي قَبْرٍ. – أعمال الرسل 13: 29]. من فضلك لاحظ ما نسبه لوقا إلى بولس في هذه الموعظة. قال أن كل ما كُتِبَ عن يسوع قد تحقق عندما أنزلوه عن الخشبة و وضعوه في قبر. الآن، إن كان كل ما كُتِبَ عن يسوع قد تحقق عندما أنزلوه عن الصّليب (الخشبة)، فإن القيامة لا يمكن أن تكون قد كُتب عنها في العهد القديم، ذلك أن القيامة قد حدثت حسب زعمهم بعد أن أُنزل يسوع و وُضع في القبر.

            البعض قد يشير إلى الأعداد [33-37] و يقول: ((لا يمكن أن يكون ذلك صحيحاً، لأنّ بولس استمر في حديثه و اقتبس نفس النص الذي اقتبسه بطرس عن المزمور /16/ كنبوءة عن القيامة)). ذلك صحيح، لكنّ لا يمكن لبولس الجمع بين النقيضين. إن كان كل ما كُتب عن يسوع قد تحقق عندما أنزلوه عن الصليب، فإنه من غير الممكن أن توجد نبوؤات عن قيامة يسوع. و إن كان هنالك نبوؤات عن قيامة يسوع، فلا يكون كل ما كتب عنه قد تحقق عندما أنزلوه عن الصليب. في كلتا الحالتين فإن المدافعين عن عصمة الكتاب في ورطة، و يسعدني أن أراهم يبررون كلا الأمرين بشكل مرضٍ.

            لذا فإن كل الأدلة تشير إلى تحوير أو تحريف نصوص العهد القديم من قبل كتّاب العهد الجديد الّذين ادّعوا أن الأنبياء قد تنبّئوا عن قيامة يسوع. ليس هناك ببساطة أي أساس معقول لزعمهم بوجود نبوآت في العهد القديم عن قيامة المسيح، و ليس هناك بالتّأكيد أساس للنبوءة المزعومة في لوقا بالتحديد [24: 46]. يزعم لوقا هنا أن يسوع قال في ليلة قيامته [هَكَذَا هُوَ مَكْتُوبٌ ، وَهَكَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ وَيَقُومُ مِنَ الأَمْوَاتِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ – لوقا 24: 46]. إذاً لدينا هنا قول ليسوع يزعم فيه أن القيامة لم يُكْتَب عنها فقط بل كُتِبَ أنها ستكون في اليوم الثالث. لقد زعم بولس الرسول الشيء نفسه في العدد [فَإِنَّنِي سَلَّمْتُ إِلَيْكُمْ فِي آلأَوَّلِ مَا قَبِلْتُهُ أَنَا أَيْضاً: أَنَّ الْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا حَسَبَ الْكُتُبِ وَأَنَّهُ دُفِنَ وَأَنَّهُ قَامَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ حَسَبَ الْكُتُبِ - كورنثوس الأولى 15: 3-4].

            لدينا هنا نصين يدّعيان أنّ الكتب قد تحدثت عن قيامة يسوع في اليوم الثالث. و هذا يمثل تحدياً للمؤمنين بعصمة الكتاب الذين يزعمون أن الكتاب المقدس لا يحتوي على أية أخطاء. قدموا لنا نصاً من العهد القديم يتنبأ عن قيامة المسيّا و بلغة واضحة تماماً لا يمكن إساءة فهمها، و سأنشره في عنوان المجلة (The Skeptical Review – المراجعة المشككة) من الآن فصاعدًا طالما بقيت المجلة تنشر. قدموا لنا نبوءة في العهد القديم عن قيامة المسيّا في اليوم الثّالث، و سأتوقّف فوراً عن نشر مجلة (The Skeptical Review – المراجعة المشككة). أعتقد أن أن هذا عرضاً من الصعب على المخلصين من المؤمنين بعصمة الكتاب أن يرفضوه.



            ===============
            عن مجلة The Skeptical Review سنة 1996 عدد مارس/ابريل بتصرف
            التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 27 أكت, 2020, 07:04 ص.
            دائماً أنت بقلبي دائماً موردي العذب إذا اشـــــتد الظما
            دائماً أنت ضيائي في الدجى كيف لا تكشف عني الظلما
            أنت يا من ذكره ملء فمي فاستحالت كل أعضـــائي فما
            يا رســـول الله يا من حبه دائمــــاً في القلب يبقى دائماً
            أرشيفي

            تعليق


            • #7
              جزاك الله خيرا يامولانا

              موضوع مميز
              التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 27 أكت, 2020, 07:03 ص.
              الـ SHARKـاوي
              إستراتيجيتي في تجاهل السفهاء:
              ذبحهم بالتهميش، وإلغاء وجودهم المزعج على هذا الكوكب، بعدوى الأفكار،
              فالأفكار قبل الأشخاص، لأن الأفكار لها أجنحة، فأصيبهم بعدواها الجميلة. وهذا الواقع المظلم الذي نعيش سيتغير بالأفكار،
              فنحن في عصر التنوير والإعصار المعرفي، ولا بد للمريض أن يصح، ولا بد للجاهل أن يتعلم، ولا بد لمن لا يتغير، أن يجبره الواقع على التغير،
              ولا بد لمن تحكمه الأموات، الغائب عن الوعي، أن يستيقظ من نومة أهل الكهف أو يبقى نائما دون أثر، لا يحكم الأحياء!

              تعليق


              • #8
                بارك الله فيك خى فى الله


                الله يعزك


                الموضوع اكثر من رائع
                التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 27 أكت, 2020, 07:03 ص.
                والله لو صاحب المرء جبريل .. لم يسلم المرء من قال و قيلا


                قد قيل فى الله أقوالاً مصنفهً .. تتلى إذا رتل القرآن ترتيلا


                قد قيل أن له ولداً وصاحبهً .. زوراً عليه و بهتاناً وتضليلا



                هذا قولهم فى الله خالقهم .. فكيف لو قيل فينا بعض ما قيلا

                تعليق


                • #9
                  هل مكثوا في المدينة ؟



                  كثيرة هي الأمور التي تعتمد على قيامة يسوع. بدونها فإن البناء المسيحي سينهار بالكامل. حتى بولس الرسول يتفق معنا على هذا، و الذي يعتبره بعض علماء العهد الجديد المهندس الحقيقي وراء البناء المسيحي:

                  وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ فَبَاطِلٌ إِيمَانُكُمْ. أَنْتُمْ بَعْدُ فِي خَطَايَاكُمْ! إِذاً الَّذِينَ رَقَدُوا فِي الْمَسِيحِ أَيْضاً هَلَكُوا! إِنْ كَانَ لَنَا فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ فَقَطْ رَجَاءٌ فِي الْمَسِيحِ فَإِنَّنَا أَشْقَى جَمِيعِ النَّاسِ. [كورنثوس الأولى 15: 17-19]

                  بالنسبة لأمر حيوي في المسيحية كموضوع القيامة، فإنه يستنند على أوهن الأدلة: أربعة روايات "إنجيلية" متناقضة و بعض المراجع المتناثرة في رسائل العهد الجديد عن المسيح القائم من الأموات، و هذا كلّ شيء. وفقاً لمدى قدرة العلماء على التحديد بشكل مؤكد، فإن أي من روايات الأناجيل عن القيامة لم يكتبها من يمكن أن يكون شاهد عيان لهذا الحدث. و معظم ما ورد في الرسائل الإنجيلية عن موضوع القيامة إنما هي من قبل بولس الرسول الّذي باعترافه لم يكن شاهداً أيضاً. بل ادّعى أنه قد رأى يسوع القائم من الموت في رؤية على الطّريق إلى دمشق.

                  الطّبيعة المتناقضة لروايات القيامة المنقولة مشافهة تشكل الدليل الأكثر إضراراً بها. إن زعم بعض الناس بأنهم شهود عيان لحدث غير عاديّ كعودة الحياة لرجل ميت فتعارضت شهادتهم في محكمة ما كما فعل بوضوح كتاب متى، مرقس، لوقا، و يوحنا في روايتهم لقصة القيامة، فلن تجد فطن في أعضاء هيئة المحلّفين يعطي حتى قليلاً من المصداقية لشهادتهم، و مع ذلك فإن الملايين من المسيحيّين قد قبلوا قصّة القيامة المليئة بالتناقضات.

                  في هذا المقال سأركز على نقطة واحدة: الظهور المزعوم ليسوع بعد القيامة في جبل الجليل. لو سئل مسيحيّ متمكّن من الكتاب المقدس إن كان تلاميذ يسوع قد قابلوه في الجليل بعد قيامته، فإن الإجابة بالتّأكيد ستكون (نعم لقد قابلوه!). و في نهاية المطف فإن متى الّذي كان يكتب عن أحداث ما بعد القيامة قال بوضوح: [وَأَمَّا الأَحَدَ عَشَرَ تِلْمِيذاً فَانْطَلَقُوا إِلَى الْجَلِيلِ إِلَى الْجَبَلِ ،حَيْثُ أَمَرَهُمْ يَسُوعُ. وَلَمَّا رَأَوْهُ سَجَدُوا لَهُ ،وَلَكِنَّ بَعْضَهُمْ شَكُّوا – متى 28: 16-17]

                  ذلك يبدو واضحًا بدرجة كافية، و لو كان متى الوحيد الذي كتب عن أحداث ما بعد الصلب، فإن هذا اللقاء في الجليل سيكون بالتّأكيد قابلاً للتّصديق بالنسبة لشخص يقبل افتراض أن رجلاً ميتاً قد قام من الأموات. و بالنظر إلى السياق في كافة روايات الأناجيل عن القيامة، فإن هذا اللقاء في الجليل يُحدث مشاكل جمة من حيث المصداقية، ذلك أن لوقا قال في إنجيله أن يسوع أخبر تلاميذه في ليلة قيامته أنهم يجب عليهم البقاء في أورشليم [إِلَى أَنْ تُلْبَسُوا قُوَّةً مِنَ الأَعَالِي - لوقا 24: 49]. طبقًا لنفس الكاتب (لوقا)، هذه القوة جاءت إليهم بعد حوالي خمسين يوم عندما عُمِّدُوا بالرّوح القدس في يوم الخمسين [أعمال الرسل 1: 3-5، 2: 1-4] ، لكنّ في ذلك الوقت نجد أن يسوع قد عاد بالفعل إلى السماء، لأنه قد بقي على الأرض فقط أربعين يوم بعد قيامته [أعمال الرسل 1: 3]. لذا إن كان لوقا محقاً و يسوع قد أمر تلاميذه في ليلة قيامته عدم مغادرة أورشليم حتّى يتلقّوا الـ [قُوَّة مِنَ الأَعَالِي] و إذا لم تأت هذه القوة إليهم إلا بعد خمسين يوم و إذا بقي يسوع على الأرض لمدّة أربعين يوم فقط بعد قيامه و إذا أطاع التّلاميذ أمر يسوع بعدم مغادرة القدس حتّى يتلقّوا القوة من الأعالي، فكيف يمكن لهم أن يقابلوه على جبل الجليل كما ادّعى متى؟

                  سيقول المدافعون عن الكتاب المقدس أن الأمر بالبقاء في المدينة [إِلَى أَنْ ألْبسُوا قُوَّةً مِنَ الأَعَالِي] لم يُعْطَى إلى التّلاميذ ليلة قيامة يسوع، لكنّ التّحليل الدّقيق للنّصّ لن يدعم قولهم هذا. الإعداد [لوقا 24: 1-12] تصف الأحداث الّتي حدثت في القبر الفارغ في صباح يوم القيامة: ذهبت النّساء هناك [أَوَّلَ الْفَجْرِ – 24: 1] ، وجدن الحجر قد دحرج و القبر الفارغ [24: 2-3]، و قابلن رجلين بملابس براقة اللذين قالا لهن أن يسوع قد قام من الموت [24: 4-8]. ركضت النّساء لإخبار الأحد عشر بما جرى [24: 9]، فاعتبروا كلماتهن مجرد هذيان [24: 11]، لكنّ بطرس جرى إلى القبر، و نظر ما بداخله و رجع إلى البيت [مُتَعَجِّباً فِي نَفْسِهِ مِمَّا كَانَ. – 24: 12].

                  بعد كل هذه الأحداث المترابطة يقول لوقا [وَإِذَا اثْنَانِ مِنْهُمْ كَانَا مُنْطَلِقَيْنِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إِلَى قَرْيَةٍ .. اسْمُهَا ((عِمْوَاسُ)) – 24: 13]. إن التعبير الوارد في العدد [فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ] يقصد به بالتأكيد في يوم القيامة يسوع بالتحديد، في اليوم الذي ذكرت لتوه فيه كلّ الأحداث عاليه. لذا فإن اللّقاء بين يسوع و التّلميذين على الطّريق إلى عمواس [24: 15-27] يجب أن يكون في نفس اليوم الّذي فيه قام يسوع من الموت كما زُعم. و إلا فماذا تعني عبارة [فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ] ؟

                  الدّليل على أنه كان بالتحديد يوم القيامة نجده في العدد [24: 21]. في الحوار الذي دار بين يسوع و التلميذين صرح المدعو كليوباس، و قلبه قد امتلأ ريبة، بأن يسوع كان هو المسيح/المسيا :

                  وَنَحْنُ كُنَّا نَرْجُو أَنَّهُ هُوَ الْمُزْمِعُ أَنْ يَفْدِيَ إِسْرَائِيلَ. وَلَكِنْ ، مَعَ هَذَا كُلِّهِ ، الْيَوْمَ لَهُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ مُنْذُ حَدَثَ ذَلِكَ [لوقا 24: 21]

                  بيّن كليوباس بوضوح في هذا التّصريح أن الأحداث المروية إنما كانت في اليوم الثّالث. أي يوم يمكن أن يكون إلا اليوم الثّالث بعد المحاكمة و صلب يسوع الّذي لخّصه كليوباس لتوه؟ كما يعرف أيّ طالب في مدرسة الأحد، فإن القيامة يفترض أنها كانت في اليوم الثّالث. لذا، و إلى هذا الحد في [لوقا 24] فإن كل ما حدث كان يصادف يوم القيامة.

                  عندما وصل الثّلاثة إلى عمواس، نجد يسوع قد [تَظَاهَرَ كَأَنَّهُ مُنْطَلِقٌ إِلَى مَكَانٍ أَبْعَدَ – 24: 28] ، إلا ان التلميذين [ألزَمَاهُ قَائِلَيْنِ: امْكُثْ مَعَنَا، لأَنَّهُ نَحْوُ الْمَسَاءِ وَقَدْ مَالَ النَّهَارُ – 24: 29] اليوم الذي مال فيه النهار سيكون اليوم الذي بدأت فيه الرحلة، لذا فإن رواية لوقا تبين بوضوح تام أن كل ما رواه من الأحداث كانت في اليوم الثالث، يوم القيامة.

                  لقد كان لإصرار التّلميذين نتيجة، فقد دخل يسوع عمواس معهم. عندما جلسوا لتناول الطّعام، أخذ يسوع الخبز و بارك و كسر و ناوله لهم. حتّى ذلك الحين، التّلميذان لم يتعرّفا على يسوع، و لكنّ عند كسره الخبز [انْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَرَفَاهُ ثُمَّ اخْتَفَى عَنْهُمَا – 24: 31]. أما هما (التلميذان) [فَقَامَا فِي تِلْكَ السَّاعَةِ وَرَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ ، وَوَجَدَا الأَحَدَ عَشَرَ مُجْتَمِعِينَ – 24: 33]. فقال الأحد عشر لهما [إِنَّ الرَّبَّ قَامَ بِالْحَقِيقَةِ وَظَهَرَ لِسِمْعَانَ] ثم أخبر التلميذين الأحد عشر ما قد رأوه [24: 33]. إن عمواس تبعد سبعة أميال فقط عن أورشليم، لذا، إن كان التّلميذان قد غادرا [فِي تِلْكَ السَّاعَةِ] بعد التّعرّف على يسوع الذي اختفى و عادا إلى القدس، فإنهما سيصلان بالتّأكيد في نفس الليلة.

                  بينما كان التلميذان من عمواس يخبران الأحد عشر ما قد رأوه، ظهر يسوع فجأة من حيث لا يعلم أحد:

                  وَفِيمَا هُمْ يَتَكَلَّمُونَ بِهَذَا وَقَفَ يَسُوعُ نَفْسُهُ فِي وَسَطِهِمْ ، وَقَالَ لَهُمْ: ((سَلاَمٌ لَكُمْ!)) فَجَزِعُوا وَخَافُوا ، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ نَظَرُوا رُوحاً. فَقَالَ لَهُمْ: ((مَا بَالُكُمْ مُضْطَرِبِينَ، وَلِمَاذَا تَخْطُرُ أَفْكَارٌ فِي قُلُوبِكُمْ؟ اُنْظُرُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ: إِنِّي أَنَا هُوَ! جُسُّونِي وَانْظُرُوا، فَإِنَّ الرُّوحَ لَيْسَ لَهُ لَحْمٌ وَعِظَامٌ كَمَا تَرَوْنَ لِي)) وَحِينَ قَالَ هَذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ [24: 36-40]

                  إن رواية لوقا حتى هذه اللحظة تتماثل مع رواية يوحنا عن ظهور يسوع في ليلة يوم القيامة:

                  وَلَمَّا كَانَتْ عَشِيَّةُ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَهُوَ أَوَّلُ الأُسْبُوعِ، وَكَانَتِ الأَبْوَابُ مُغَلَّقَةً حَيْثُ كَانَ التّلاَمِيذُ مُجْتَمِعِينَ لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ، جَاءَ يَسُوعُ وَوَقَفَ فِي الْوَسْطِ ، وَقَالَ لَهُمْ: ((سلاَمٌ لَكُمْ!)). وَلَمَّا قَالَ هَذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَجَنْبَهُ، فَفَرِحَ التّلاَمِيذُ إِذْ رَأَوُا الرَّبَّ. [يوحنا 20: 19-20]

                  إن التوافق بين هاتين الشهادتين ينبغي أن يؤكّد أن ظهور يسوع للأحد عشر الّذي كتب لوقا عنه كان ليلة القيامة كما زُعم، ذلك أن يوحنا قال بوضوح أنّه حدث في [أَوَّلُ الأُسْبُوعِ].

                  في تتمة رواية لوقا، يطلب يسوع طعاماً ليأكله، فأعطوه قطعة سمك مشويّ [24: 41]. بعد أن أكل، تحدث يسوع مع التّلاميذ عن نصوص مقدسة غير موجودة فعلياً (كما رأينا أعلاه) و بأن نبوءة قيامته قد تحققت [24: 44-46]. و عندما أعطاهم نسخة لوقا من "المهمة العظيمة"، أدلى بتصريح يثير شكاً رهيباً حول زعم متى بظهور يسوع في الجليل بعد القيامة:

                  وَأَنْتُمْ شُهُودٌ لِذَلِكَ. وَهَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ مَوْعِدَ أَبِي. فَأَقِيمُوا فِي مَدِينَةِ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَنْ تُلْبَسُوا قُوَّةً مِنَ الأَعَالِي [لوقا 24: 48-49]

                  كما قلنا قبل قليل، هذه الـ [قُوَّة مِنَ الأَعَالِي] التي تلقاها الرسل افتراضاً جاءت إليهم عندما عُمِّدُوا بالرّوح القدس:

                  وَفِيمَا هُوَ مُجْتَمِعٌ مَعَهُمْ أَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يَبْرَحُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ بَلْ يَنْتَظِرُوا ((مَوْعِدَ الآبِ الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ مِنِّي لأَنَّ يُوحَنَّا عَمَّدَ بِالْمَاءِ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَسَتَتَعَمَّدُونَ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ لَيْسَ بَعْدَ هَذِهِ الأَيَّامِ بِكَثِيرٍ)). [أعمال الرسل 1: 4-5]

                  لقد عُمّد الرسل بالرّوح القدس في يوم الخمسين [أعمال الرسل 2: 1-4]، إذاً، هذا هو الوقت الذي تلقوا فيه وعد بالـ [قُوَّة مِنَ الأَعَالِي]. يوم عيد الخمسين إنما هو اليوم الخمسين ابتداءً من أضحية حمل عيد الفصح (انظر الرابط في آخر المقال لكتاب آثار اليهود ، المؤلف Flavius Josephus، المجلد الثالث الفصل 10، 5-6)، و يسوع صُلِبَ بينما كان عيد الفصح على الأبواب [متى 26: 1-5 + 17-19، مرقس 14: 1-2 + 12-16، لوقا 22: 1-2 + 7-13، يوحنا 18: 28 + 39]. قال يوحنا أنّ الوقت [كَانَ اسْتِعْدَادُ الْفِصْحِ] عندما أُحضر يسوع في حضرة بيلاطس [19: 14]. فإن صُلِبَ يسوع في عيد الفصح، فإنه يكون قد صعد إلى السماء بالفعل عندما أُلبس الرسل فعلياً بالـ [قُوَّة مِنَ الأَعَالِي] في يوم عيد الخمسين (50 يومًا بعد صلبه)، لأنّ لوقا زعم أن يسوع بقي على الأرض فقط أربعين يومًا بعد قيامته [أعمال الرسل 1: 3].

                  تبدو الآن المشكلة واضحة في التوفيق بين رواية متى عن القيامة مع رواية لوقا عن نفس القيامة. بين لوقا بوضوح تام أن يسوع في ليلة قيامته أمر الرسل بالبقاء في أورشليم [إِلَى أَنْ ألْبسُوا قُوَّةً مِنَ الأَعَالِي] – أو عمّدوا بالرّوح القدس كما في [أعمال الرسل 1: 4-5] ، و ذلك لا يترك فرصة لظهور يسوع بعد القيامة للرسل على جبل الجليل. و كما قلت سابقاً، إذا كان يسوع قد أمر تلاميذه في ليلة قيامته عدم مغادرة أورشليم حتّى يتلقّوا الـ [قُوَّة مِنَ الأَعَالِي] و إذا لم تأتي هذه القوة من الأعالي إليهم إلا بعد انقضاء خمسين يوم و إذا بقي يسوع على الأرض لمدّة أربعين يوم فقط بعد قيامته و إذا أطاع التّلاميذ أمر يسوع بعدم مغادرة أورشليم إلى أن يتلقوا القوة من الأعالي، فليس من الممكن أن يقابلوه على جبل الجليل كما ادعى متى.

                  لا يمكن لأحد أن يقول أن اللقاء على جبل الجليل حدث قبل اللقاء في أورشليم في ليلة القيامة، لأنّ ذلك سيحدث مشاكل أخرى في التوفيق بين النصوص. أوّلاً، الجليل كانت تبعد عن أورشليم أكثر بكثير من أن يكون مثل هذا اللقاء ممكناً من الناحية المنطقية. كان التّلاميذ على الأرجح في أورشليم صباح يوم القيامة، لأنّ النّساء جرين لإخبارهم عن القبر الفارغ [لوقا 24: 9]. كما أن بطرس و تلميذ آخر جريا إلى القبر، و نظرا إلى داخله، و عادا إلى البيت متعجبين مما حدث [لوقا 24: 1، يوحنا 20: 3-9]. هل يجب أن نعتقد أنه بعد عودة بطرس من القبر إلى البيت، سافر هو الرسل الباقين إلى الجليل (مسافة قرابة 60-70 ميل جواً، حتّى لو كان الجبل في أقصى جنوب الجليل)، و رأوا يسوع ثمّ عادوا إلى القدس في يوم واحد فقط؟! إن مجرد اقتراح مثل هذا الأمر يعد أمراً غريباً (لكنه ليس بغرابة تصديق قصة قيامة مليئة بالتناقضات كتلك التي رواها كل من متى، مرقس، لوقا، و يوحنا). بالإضافة إلى ذلك، قال لوقا أنه عندما وجد تلميذا عمواس الرسل في أورشليم في ليلة القيامة، قيل لهم فوراً [إِنَّ الرَّبَّ قَامَ بِالْحَقِيقَةِ وَظَهَرَ لِسِمْعَانَ – 24: 34]. لكنّ إذا قابل الأحد عشر جميعاً يسوع في وقت سابق ذلك اليوم على جبل الجليل، فسوف يخبرون تلميذي عمواس بالتأكيد أن يسوع قد ظهر لهم جميعًا.

                  ليس هناك أي طريقة لتوفيق قصّة متى مع لوقا. إن كان متى محقاً في ظهور يسوع بعد القيامة على جبل الجليل، فإن لوقا كان على خطأ على الأقلّ في بعض تفاصيل وصفه لظهور يسوع في أورشليم ليلة القيامة. و إذا كان لوقا محقاً في كلّ التّفاصيل الّتي أوردها، فإن متى كان على خطأ. يجب على أحدهم أن يكون مخطئاً. إمّا ذلك أو سيجب على المؤمنين بالقيامة أن يقولوا أن الرسل قد عصوا أمر يسوع بالبقاء في أورشليم حتّى عُمِّدُوا بالرّوح القدس. أيّ بديل يختارونه لن يكون يؤثر بالإيجاب على عقيدة عصمة الكتاب المقدس.

                  إن المبدأ الذي يقول (خطأ في واحدة، خطأ في الكل) يطبّق بالتّأكيد على روايات القيامة الأربعة. هذه القاعدة في فحص الأدلة تقول أنه إن وجدت شهادة ما خاطئة في أمر معين فيجب أن تعتبر غير جديرة بالثّقة في الأمور الأخرى. لذا إن أخطأ لوقا أو متى في رواية قصّة القيامة، فكيف يكون ممكناً أن كلاهما قد عُصم من الخطأ من قبل الرّوح القدس عندما كتبوا أناجيلهم؟ إن كان أحدهما قد أخطأ في مكان و زمان ظهورات ما بعد القيامة، فربّما أخطؤوا أيضاً في موضوع القيامة نفسه. ربّما لم يحدث حتّى. بالتّأكيد هذا أمر على المؤمنين بالقيامة أن يتفكروا فيه. أو ربّما فضّلوا إبقاء رؤوسهم في الرّمل و تابعوا حياتهم كأن شيئاً لم يكن.

                  Antiquities of the Jews by Flavius Josephus
                  http://www.interhack.net/projects/li...ews/b3c10.html


                  --------
                  عن مجلة The Skeptical Review ، سنة 1992، الإصدار الأول، بتصرف.
                  التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 27 أكت, 2020, 07:03 ص.
                  دائماً أنت بقلبي دائماً موردي العذب إذا اشـــــتد الظما
                  دائماً أنت ضيائي في الدجى كيف لا تكشف عني الظلما
                  أنت يا من ذكره ملء فمي فاستحالت كل أعضـــائي فما
                  يا رســـول الله يا من حبه دائمــــاً في القلب يبقى دائماً
                  أرشيفي

                  تعليق


                  • #10
                    شكرا لك اخي الكريم والعزيز ديكستر ... لقد فوجئت جدا بهذا النص .. بما انني لا ازال جديدا على قراءة الكتاب الذي يقدسونه ..( إِنْ كَانَ لَنَا فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ فَقَطْ رَجَاءٌ فِي الْمَسِيحِ فَإِنَّنَا أَشْقَى جَمِيعِ النَّاسِ.) [كورنثوس الأولى 15: 17-19] لماذا قد يفترض القائل (لوكان كلامه وحيا من اله )انه قد لا يكون للمسيح قيامة !!!!!
                    ثم يقول ان كان لديكم رجاء به فقط فانكم اشقى جميع الناس ؟!!!!!! حقا لقد فوجئت بهذ النص ..

                    التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 27 أكت, 2020, 07:03 ص.
                    اللهم اهدنا واهد بنا ..... اللهم اجر الخير على لساني واعني على الحق, و اهدنا سبيل الحق الذي ترضى يا رب !! لا اناقش للنقاش ولكن ليظهر الحق.

                    تعليق


                    • #11
                      أشكرك أخي على المتابعة ، و لازال هنالك مقال حول موضوع القيامة لابد من ترجمته.. انتظرونا
                      التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 27 أكت, 2020, 07:02 ص.
                      دائماً أنت بقلبي دائماً موردي العذب إذا اشـــــتد الظما
                      دائماً أنت ضيائي في الدجى كيف لا تكشف عني الظلما
                      أنت يا من ذكره ملء فمي فاستحالت كل أعضـــائي فما
                      يا رســـول الله يا من حبه دائمــــاً في القلب يبقى دائماً
                      أرشيفي

                      تعليق


                      • #12
                        ماشاء الله بارك الله فيك اخي
                        التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 27 أكت, 2020, 07:02 ص.

                        تعليق


                        • #13
                          يوم القيامه النصراني هو عباره عن يوم رهباني فيه يعبر طائفه من النصارى على اسفها ولقتل المسيح عيسى
                          اوصلبه يعتبر هذا اليوم يحطون النصارى عن خطاياهم وذنوبهم واسى والحزن على عيسى


                          مثلهم مثل الشيعه طائفه قتلت الحسين وطائفة اخرى تبكي وتلطم
                          التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 27 أكت, 2020, 07:02 ص.

                          تعليق


                          • #14
                            بارك الله فيك وجزاك خيراً ..

                            للرفع .......
                            التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 27 أكت, 2020, 07:02 ص.
                            اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ سورة النور (35)

                            تعليق


                            • #15
                              مثلهم مثل الشيعه طائفه قتلت الحسين وطائفة اخرى تبكي وتلطم
                              حسب تعليمات الرب، الله يهدي الإثنين!
                              (والله جراءم ترتكب في حق الله!)
                              التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 27 أكت, 2020, 07:01 ص.
                              " وأنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله. "
                              (يوحنا 40:8)

                              " ليس الله إنساناً فيكذب. ولا ابن انسان فيندم. هل يقول ولا يفعل أو يتكلم ولا يفي. "
                              (الأعداد 23:19)

                              تعليق

                              مواضيع ذات صلة

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              ابتدأ بواسطة ابن النعمان, 7 ينا, 2024, 10:13 م
                              ردود 0
                              32 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة ابن النعمان
                              بواسطة ابن النعمان
                               
                              ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 21 سبت, 2023, 02:27 ص
                              ردود 0
                              33 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                              بواسطة *اسلامي عزي*
                               
                              ابتدأ بواسطة Mohamed Karm, 21 يون, 2023, 01:43 م
                              ردود 0
                              64 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة Mohamed Karm
                              بواسطة Mohamed Karm
                               
                              ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 6 يون, 2023, 01:44 ص
                              ردود 4
                              52 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                              بواسطة *اسلامي عزي*
                               
                              ابتدأ بواسطة mohamed faid, 23 ماي, 2023, 12:04 م
                              ردود 0
                              19 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة mohamed faid
                              بواسطة mohamed faid
                               
                              يعمل...
                              X