الكتاب الخامس للرد على الحلقة السادِسة من برنامج أسئلة عن الإيمان

تقليص

عن الكاتب

تقليص

abubakr_3 مسلم اكتشف المزيد حول abubakr_3
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الكتاب الخامس للرد على الحلقة السادِسة من برنامج أسئلة عن الإيمان

    فهرس الكتاب

    مقدمة
    فى البدء كان الكلمة ولاهوت المسيح
    وثنية يوحنا اقتبسها من فيلو
    حذف الآية التى تُعضد نظرية الكلمة
    من هو عسى  فى عيون معاصريه؟
    وماذا قال عيسى  عن نفسه؟
    تحليل افتتاحية يوحنا
    النقطة الأولى: ليس هذا كلام عيسى 
    النقطة الثانية: تذكير الكلمة وتأنيثها تبعًا لنوع الكلمة
    النقطة الثالثة: أين خبر كان؟
    النقطة الرابعة: من الذى أحدثها؟
    النقطة الخامسة: هل سبقت الفم والشفاة الكلمة؟
    النقطة السادسة: هل كانت الكلمة الله ، أم أصبح الله الكلمة؟
    النقطة السابعة: تحول الكلمة ضد أصول التوحيد
    النقطة الثامنة: إذا كانت الكلمة صفة
    النقطة التاسعة: الصفة لا تسبق الموصوف فى الوجود
    النقطة العاشرة: الصادر من الرب لا يكون الرب نفسه
    النقطة الحادية عشر: ما نوع هذه الكلمة
    النقطة الثانية عشر: عند الله فى علمه
    النقطة الثالثة عشر: العندية للتشريف والحفظ والصون
    النقطة الرابعة عشر: فى البدء لا تعنى الأزلية
    النقطة الخامسة عشر: الذى عند الرب لا يؤلَّه
    النقطة السادسة عشر: هل صارت الكلمة الله أم إله؟
    النقطة السابعة عشر: هل الكلمة كافية لوصف الإله؟
    النقطة الثامنة عشر: وأى بدء يقصده النص؟ هل هو بداية الإله؟
    النقطة التاسعة عشر: أين دور الروح القدس فى هذا النص؟
    النقطة العشرين: كيف يكون هو عند نفسه؟
    النقطة الواحدة والعشرين: لماذا كانت الكلمة عند الله؟
    النقطة الثانية والعشرين: العندية تنفى الاتحاد
    النقطة الثالثة والعشرين: من الذى أودعها عن الله؟
    النقطة الرابعة والعشرين: من الذى حوَّل الكلمة إلى إله؟
    النقطة الخامسة والعشرين: كيف يكون المضاف هو نفسه المضاف إليه؟
    النقطة السادسة والعشرين: الكلمة مولودة غير أزلية
    النقطة السابعة والعشرين: فى البدء كان الله وكان الله عند الله
    النقطة الثامنة والعشرين: من نادى بألوهية الكلمة غير يوحنا؟
    النقطة التاسعة والعشرين: وَكَانَتُ الْكَلِمَةُ كائنًا إلهيًا
    النقطة الثلاثين: مخلوق بالكن ، وليس هو نفس الكن
    النقطة الواحدة والثلاثين: كلمة الله تُشير إلى النبى 
    النقطة الثانية والثلاثين: وكانت الكلمة كائنًا نورانيًا ربانيًا
    النقطة الثالثة والثلاثين: الكلمة هى وعد الله وبشارته إلى بنى إسرائيل
    النقطة الرابعة والثلاثين: تسمية المخلوق إلهًا تجعله عبدًا ربانيًا
    إطلاق لفظ الله على ملاك الرب
    إطلاق لفظ "الله" على القاضي الشرعي
    إطلاق لفظ "الله" على الشريف أوالقوى
    إطلاق لفظ "الله" على النبي
    وأُطلِقَ لفظ "إله هذا الدهر" على الشيطان
    النقطة الخامسة والثلاثين: لم يعرف أن يسوع هو الكلمة إلا يوحنا
    معنى الكلمة فى الكتاب المقدس
    1- الكلمة العادية منها الطيب ومنها الخبيث
    2- كتاب الله
    3- رضا الله
    4- قوة الإيمان
    5- أوامر الله ونواهيه
    6- التقوى والإستقامة
    7- العمل بكتاب الله
    8- التجديف
    9- سؤال
    10- خطأ أو إثم
    11- تدريس كلام الله وتعاليمه
    النقطة السادسة والثلاثين: يوحنا نفسه يوضح معنى الكلمة
    النقطة السابعة والثلاثين: كاتب هذا الإنجيل ليس من التلاميذ
    النقطة الثامنة والثلاثين: شياطين وأغبياء يوحَى إليهم؟
    النقطة التاسعة والثلاثين: يوحنا ليس بشاهد عيان
    تجسُّد الكلمة
    الكلمة عقل الله والعقل هو الله
    من الذى أُظهر فى الجسد؟
    المسيح ابن مريم كلمة الله
    الكتاب المقدس يستشهد بالشعراء الوثنيين
    بولس يعترف أنه لم يوح إليه
    أهمية مشتى بولس وردائه فى الكتاب المقدس
    سلامات وقبلات للحبايب والبلديات فى الكتاب المقدس
    مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ
    طهارة عيسى  وأمه سببًا يدعو للإيمان بنبوته
    الشيطان فى التفاصيل
    نصوص تسب الرب وتصفه بالإرهاب فى كتابه؟
    سيدتان تتفقان على ذبح طفليهما وسلقه
    نبى يذبح ابنته نذرًا للرب
    إله المحبة يأمرك بأكل أطفالك فى المجاعات
    الرب يأمرك ببيع ابنتك
    الابن الأصغر يكبر أبيه بسنتين
    الرب يأمر بذبح تيس للشيطان
    متى كان الرب رحيمًا بالأطفال؟
    الرب يحرم السرقة ويقترفها
    الرب يُحرم الخمر ثم يصنعها ويشربها حتى الثمالة
    الرب يأمر نبيه بأكل الخراء الآدمى
    ملخص أخلاق الأنبياء اختيار إله المحبة
    آراء آباء الكنيسة ورجالها فى المسيحية والعقل
    الصلب بين النقل والعقل
    الكتاب المقدس ينفى الخطيئة الأزلية ويُبرِّىء آدم
    وأين العقل فى تصديقكم أقوال بولس؟
    يُضاف إلى أدلة نفاق بولس
    استخدام العقل فريضة إسلامية
    بأمر الرب: تسفيه الحكماء ومنع استخدام العقل
    الكنيسة بين الجهل والجهلاء
    فى علم الجغرافيا
    نشأة الضفادع والهوام والبعوض
    فى مجال الطب
    فى علم الكيمياء
    فى مجال العلوم الرياضية والفلك
    علماء أحرقتهم الكنيسة أو اضطهدتهم
    من نتائج الجهل الذى ضربته الكنيسة على أتباعها
    هل سجود المعمدان ليسوع تعنى ألوهية يسوع؟
    بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ
    تجسُّد العلم بين جهل يسوع وعلم الله المطلق
    تدليس القمص فى ذكر أسماء العلماء المسلمين
    أشجار وحمار تكلموا وما ألهتهم عزيزى القمص
    هل سمعتم عن فرقة الحائطيين الإسلامية؟
    هل الرب موجود فى كل مكان بذاته؟
    نزول الإله فى الثلث الأخير من الليل
    المذيعة وغسيل المخ للمستمع
    فهرس الكتاب


    بسم الله الرحمن الرحيم

    تمهيد

    بسم الله الرحمن الرحيم ، والصلاة والسلام على معلم البشرية الأدب والأمانة وحسن الخلق: محمد بن عبد الله النبى الأمى الأمين، قائد الأنبياء وإمام المرسلين، وعلى آله وصحابته ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ..
    أمَّا بعد ..
    فى هذا الكتاب نتناول الرد على القمص زكريا بطرس فى النقاط التى أثارها، والتى تتعلق بالآتى:
    لماذا ذكَّر الرب الكلمة فى القرآن والإنجيل المنسوب ليوحنا؟
    وهل كاتبه هو فعلاً يوحنا أحد تلاميذ يسوع؟
    هل تجسَّد الرب فى الجبل أو فى العليقة (الشجرة)؟
    ألا ينزل الله فى الإسلام فى الثلث الأخير من الليل إلى السماء الدنيا؟ ألا يدل هذا على تجسُّده لتسعه السماء الدنيا؟
    هل الله موجود فى كل مكان على وجه الأرض وجودًا بذاته؟
    ولو تجسَّدت الكلمة، فما علاقة تجسُّدها بيسوع؟
    هل توجد فرقة إسلامية تُدعى الحائطية؟
    ونتعرف على محاولة أخرى يائسة من محاولاته لتأليه يسوع، بعد أن ضربوه وبصقوا فى وجهه وأعدموه على جزع الشجرة. مع قول الكتاب إن الله حىٌ قيومُ إلى الأبد، إلا أن القمص يصر على تأليهه ، حتى لو مات ولم يبعثه إلهه.
    تُرى هل سينجح القمص هذه المرة، أم سيبوء بالفشل كما سبق فشله فى المرات السابقة؟ وتُرى هل سيرد على هذه الكتب هذه المرة ، أم سيفضل الفرار كعادته؟
    علاء أبو بكر
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 5 نوف, 2020, 05:54 م.

  • #2
    رجاء من إدارة المنتدى تعديل العنوان إلى
    الكتاب الخامس للرد على الحلقة السادسة من برنامج أسئلة عن الإيمان

    وتعديل الكتاب السابق إلى

    الكتاب الرابع للرد على الحلقة الخامسة من برنامج أسئلة عن الإيمان
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 5 نوف, 2020, 05:53 م.

    تعليق


    • #3
      هل الرب هو الكلمة المتجسدة؟

      بدأ القمص زكريا بطرس هذه المرة بافتتاحية إنجيل يوحنا ، هذه البداية الغنوصية، والتى تعبر عن الفلسفة الوثنية السكندرية، وتفيد بأن عقل الله كان بمفرده فى البداية ، وهو ما عبر عنه بلفظة الكلمة، وكانت هذه الكلمة مودعة عند الله، ثم تحولت الكلمة إلى الله ، بالرغم من أنها هى الله:
      فيا (1لَيْتَكُمْ تَحْتَمِلُونَ غَبَاوَتِي قَلِيلاً!) كورنثوس الثانية 11: 1،
      و(5تَوَكَّلْ عَلَى الرَّبِّ بِكُلِّ قَلْبِكَ وَعَلَى فَهْمِكَ لاَ تَعْتَمِدْ.) أمثال 3: 5
      المذيع: حضرتك شرحت أن المسيح هو الله ظهر فى صورة إنسان وقد ناقشنا ذلك ولكنك قلت أيضاً أن المسيح هو كلمة الله المتجسد فماذا تقصد بكلمة الله المتجسد ؟
      الإجابة: هذا سؤال مكمل للأسئلة السابقة والإجابة أنه هناك حقيقة يعلنها الكتاب المقدس فى بشارة معلمنا يوحنا والإصحاح الأول والعدد الأول فى البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله وحتى عدد 14 والكلمة صار جسداً وحل بيننا ورأينا مجده مداً كما لوحيد من الآب مملوءاً نعمة وحقاً .
      ========================================
      يقول النص الذى يستشهد به القمص من إنجيل يوحنا: (1فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ. 2هَذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللَّهِ. 3كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ. 14وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ مَجْداً كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ مَمْلُوءاً نِعْمَةً وَحَقّاً) يوحنا 1: 1-3 و14
      أى إن الكلمة كانت هى البداية ، ثم استودعت عند الله، ثم أصبحت الله، متخذةً جسدًا وعاشت بين الناس، وهو من النصوص الشهيرة التى يتخذها المسيحيون للتدليل على ألوهية عيسى  ، حتى قال الأنبا شنودة فى كتابه لاهوت المسيح ص8 عن العدد 1: 1 فى إنجيل يوحنا: (1فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ.) "وهنا الحديث عن لاهوته واضح تماما." وهو ما يؤمن به المسيحيون بصفة عامة أيضًا على أنه إشارة إلى تجسد الإله.
      ومن الجدير بالذكر أن يعرف القارىء شيئًا عن فلسفة الكلمة ، ونشأتها عند اليونانيين: فهى تُعد عندهم القوة الإلهية أو الطبيعية المنبثقة من الإله الخالق، وتلعب أدوارًا عديدة في نظام الكون.
      يقول المرجع المسيحي العالمي Vincent's Word Studies إن الفيلسوف فيللو الذي عاصر المسيح استخدم تعبير "اللوجوس" الذي يكشف به الله عن نفسه ويحكم به العالم. ويشرح المرجع أن هذه الفلسفة انتشرت بدءًا من الإسكندرية في مصر. ثم يقول المرجع: إن مفاهيم القديس يوحنا وتعبيراته قد تلونت بهذه المؤثرات التي سبقته. فخلال إقامته في أفسس لا بد أنه كان على معرفة بآراء ومصطلحات العقيدة السكندرية.
      فعقيدة "الكلمة" أو نظرية "اللوجوس" هى فكر غنوصى أخذه فيلون السكندرى (30 ق.م. – 50م) من الفكر اليونانى الوثنى، من الرواقيين عن هيراقليطس (560 ق.م.). وتنادى بأن الكلمة "اللوجوس" هى واسطة الله فى علاقته بهذا العالم. وكان الإنسان ينقسم عند فيلون إلى ثلاثة أقسام: وليد الأرض، ووليد السماء، ووليد الله.
      ولو سُئل اليونانى المثقف فى ذلك العصر: من الذى يتحكم فى نظام هذا الكون ، ويمسك بزمامه؟ ما كان ليتردد فى أن يجيب: الكلمة، لا سواه. كلمة الله الحى، فكرة الله الكامل، ذلك لأن معنى كلمة "اللوجوس" فى اليونانية تعنى "العقل". (راجع: إنجيل يوحنا فى الميزان، د. محمد على زهران ص113-114)
      لكن عزيزى القمص: أليس من الأجدى أن تبحث عن الكلمة التى نطق بها يسوع بالأرامية، بدلاً من استعمال كلمات وعقائد الوثنيين والتدليل على عقيدتك باليونانية، التى ما نطق بها يسوع ولا عرفها؟ هل قال يسوع مرة إنه هو الكلمة؟ هل فهَّم يسوع أتباعه معنى اللوجوس فى ضوء ديانته ذات المنبع اليهودى (هذا إذا جاز لنا ذلك التعبير)؟
      وهل العقل ينطق؟ فماذا يفعل لسان الإنسان وفمه إذن؟ وهل بقى الرب بلا عقل بعد أن زرع عقله فى جسد يسوع؟ أليس هذا هو نفس السؤال الذى استنكرته من قبل، ونفيت أن تكون عقيدتكم هكذا كما يفهمها المسلمون؟ لقد أثبت أنت الآن بقولك هذا أن الرب الذى كان فى السماء يخلق ويحيى ويميت ويدير ملكوت السماوات والأرض قد تخلى عن عقله ليسوع. وبما أن الرب فعل كل هذا بدون عقل، فأنت تدعو بهذا إلى الإلحاد. ثم ما الذى يدفع أى عاقل إلى اتباع إله لا يقيم للعقل أية وزن فى الحياة؟ وبما أن يسوع قد مات، فقد ضَمُرَ عقله فى هذه الأيام الثلاثة التى قضاها فى القبر، وبذلك فقد الرب عقله وحياته، بتجسده فى يسوع ، وزرع عقله فيه.
      يقول وليم باركلى فى مقدمة تفسيره لهذا الإنجيل ص17-18 عن هذا الفكر الروائى الذى استغله كاتب هذا الإنجيل، والذى تعتبرونه أحد تلاميذ عيسى  ، لينشر هذا الفكر الوثنى على أنه فكر عيسى ، إمعانًا فى القضاء على هذا الدين بعد فشلهم فى استخدام العنف: ”وهكذا اغتنم يوحنا هذه العقيدة، وقال لليونانيين: «إنكم طوال حياتكم قد تملكتكم هذه العقيدة عن اللوجوس، وأصبحتم منساقين لتأثير هذه القوة الجبارة المسيطرة .. قوة الكلمة الإلهى، قوة العقل الإلهى المسيطر. ها كم الكلمة الأزلى، قد تجسد بشرًا سويًا فى شخص ربنا يسوع المسيح. تطلعوا إليه لتروا كلمة الله غير المنظور.. تأملوا فيه لتشاهدوا فكر الله الذى لا يُدرك. لقد وجد يوحنا الطريق ليتحدث عن ألوهية ابن الإنسان المتجسد .. الكلمة الأزلى المساوى لله فى الجوهر، الذى جاء فى ملء الزمان، وتمثل بين أحضاننا بشرًا كريمًا»“.
      نخلص من هذا إلى أنه من الخطأ اعتماد قول القمص زكريا فى أن المسيح ابن مريم كلمة الله التى ألقاها إلى مريم هو اللوجوس، حيث إن اللوجوس هى عقيدة وثنية غنوصية ، ذاع صيتها بين فلاسفة اليونان ، وأخذها اليهود واستعملوها للتدليل على النبى المنتظر (المسِّيِّا) ، ومن ثم استعملها يوحنا أيضًا لتشير إلى ابن الله ، أى الوسيط بين الله والبشر، الذى يتلقى كلمة الله إلى البشر، ونفس هذا المعنى استخدمه اليهود من قبله.
      ويجدر بك عزيزى القارىء أن تعرف أن هذا الفكر لا وجود له فى كل كتب العهد القديم ، لا العهد الجديد، باستثناء إنجيل يوحنا. إلا أن هناك من يحاول أن يستدل بالفقرة الثانية من الإصحاح الأول لرسالة يوحنا الأولى ، على أنه تدعيم لعقيدة اللوجوس ، التى أوردها يوحنا فى إنجيله.
      وفى الحقيقة إن الجملة الثانية من رسالة يوحنا الأولى فى إصحاحه الأول والتي يحتجون بها ويدعمون بها الجملة الأولى من إنجيل يوحنا السابقة قد حذفوها من بعض الترجمات الإنجليزية، وأبقت عليها كل التراجم العربية، لأنهم اكتشفوا أن الناسخ المزور أضافها إلى الأصل. لذلك وضعتها الكثير من التراجم بين قوسين، أى تعتبرها غير مقدسة ، ولا علاقة لها برسالة يوحنا. وهى تقول (2فَإِنَّ الْحَيَاةَ أُظْهِرَتْ، وَقَدْ رَأَيْنَا وَنَشْهَدُ وَنُخْبِرُكُمْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ الآبِ وَأُظْهِرَتْ لَنَا.) رسالة يوحنا الأولى 1: 2
      ومنها ترجمة الملك جيمس:
      2 (For the life was manifested, and we have seen it, and bear witness, and shew unto you that eternal life, which was with the Father, and was manifested unto us
      http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?1J...mo&nomd&bi=kjv
      ووافقتها التراجم الآتية:
      ASV, DARBY, BBE, KJ21, webster, World Eng., Bishops, Geneva, KJV-1611, KJVR, MKJV,
      http://www.unboundbible.org/index.cf...2N&from_chap=1...
      http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?1J...mo&nomd&bi=bbe
      http://www.biblegateway.com/passage/...int&version=16
      http://www.biblegateway.com/passage/...int&version=48
      http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?1J...omd&bi=webster
      http://www.unboundbible.org/index.cf...2N&from_chap=1...
      ووضعتها التراجم الألمانية الآتية بين قوسين ، أى أخرجتها من دائرة النص المقدس إلى دائرة شرح أُقحم فى النص: ومنها ترجمة Elberfelder لعام 1871 وعام 1905
      9. (und das Leben ist geoffenbart worden, und wir haben gesehen und bezeugen und verkündigen euch das ewige Leben, welches bei dem Vater war und uns geoffenbart worden ist
      http://www.unboundbible.org/index.cf...erfelder_1871_...
      http://www.unboundbible.org/index.cf...erfelder_1905_...
      إلا أنها عادت وحذفت الأقواس، وأصرت على أن النص مقدس فى ترجمتها المنقحة الآتية:
      http://www.biblegateway.com/passage/...int&version=54
      http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?1J...bi=elberfelder
      ومعنى ذلك أن جملة يوحنا الأولى فى إنجيله مازال لا يوجد نص يعضدها من قريب أو بعيد، الأمر الذى يُضعف من سند هذا الفكر الغنوصى وعقيدة اللوجوس. (نقلا عن هذا الموقع بتصرف)
      http://www.ebnmaryam.com/vb/showthre...7753#post17753
      والغريب أنهم يعتبرون (الكلمة) هى العقل والحكمة ، وإذا بحثت فى المعانى المتعددة لكلمة (الكلمة) لوجدت أنها لا تشتمل على معنى العقل أو الحكمة ، ولكنها قد تعنى الفكر. وإذا ما تعلقت (الكلمة) بيسوع ترجموها فقط الحكمة أو العقل.
      وقبل أن نبدأ فى تحليل هذا النص ، الذى يستدلون به على ألوهية عيسى  نتعرف على من هو عيسى  فى عيون أتباعه ، وماذا قال هو عن نفسه:
      من هو عسى  فى عيون معاصريه؟
      1- لوقا 7: 16 (16فَأَخَذَ الْجَمِيعَ خَوْفٌ وَمَجَّدُوا اللهَ قَائِلِينَ: «قَدْ قَامَ فِينَا نَبِيٌّ عَظِيمٌ وَافْتَقَدَ اللهُ شَعْبَهُ».)
      2- متى 21: 10-11 (10وَلَمَّا دَخَلَ أُورُشَلِيمَ ارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا قَائِلَةً: «مَنْ هَذَا؟» 11فَقَالَتِ الْجُمُوعُ: «هَذَا يَسُوعُ النَّبِيُّ الَّذِي مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ».)
      3- متى 21: 45-46 (45وَلَمَّا سَمِعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ أَمْثَالَهُ عَرَفُوا أَنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَيْهِمْ. 46وَإِذْ كَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يُمْسِكُوهُ خَافُوا مِنَ الْجُمُوعِ لأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ مِثْلَ نَبِيٍّ.)
      4- يوحنا 6: 14 (14فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ الآيَةَ الَّتِي صَنَعَهَا يَسُوعُ قَالُوا: «إِنَّ هَذَا هُوَ بِالْحَقِيقَةِ النَّبِيُّ الآتِي إِلَى الْعَالَمِ!»)
      5- يوحنا 7: 40 (40فَكَثِيرُونَ مِنَ الْجَمْعِ لَمَّا سَمِعُوا هَذَا الْكلاَمَ قَالُوا: «هَذَا بِالْحَقِيقَةِ هُوَ النَّبِيُّ».)
      6- لوقا 9: 7-8 (7فَسَمِعَ هِيرُودُسُ رَئِيسُ الرُّبْعِ بِجَمِيعِ مَا كَانَ مِنْهُ وَارْتَابَ لأَنَّ قَوْماً كَانُوا يَقُولُونَ: «إِنَّ يُوحَنَّا قَدْ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ». 8وَقَوْماً: «إِنَّ إِيلِيَّا ظَهَرَ». وَآخَرِينَ: «إِنَّ نَبِيّاً مِنَ الْقُدَمَاءِ قَامَ».)
      7- لوقا 13: 33 (لاَ يُمْكِنُ أَنْ يَهْلِكَ نَبِيٌّ خَارِجاً عَنْ أُورُشَلِيمَ.)
      8- يوحنا 3: 1-2 (1كَانَ إِنْسَانٌ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ اسْمُهُ نِيقُودِيمُوسُ رَئِيسٌ لِلْيَهُودِ. 2هَذَا جَاءَ إِلَى يَسُوعَ لَيْلاً وَقَالَ لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ نَعْلَمُ أَنَّكَ قَدْ أَتَيْتَ مِنَ اللَّهِ مُعَلِّماً لأَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَعْمَلَ هَذِهِ الآيَاتِ الَّتِي أَنْتَ تَعْمَلُ إِنْ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ مَعَهُ».)
      9- أعمال الرسل 2: 22 (22«أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ اسْمَعُوا هَذِهِ الأَقْوَالَ: يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ رَجُلٌ قَدْ تَبَرْهَنَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ بِقُوَّاتٍ وَعَجَائِبَ وَآيَاتٍ صَنَعَهَا اللهُ بِيَدِهِ فِي وَسَطِكُمْ كَمَا أَنْتُمْ أَيْضاً تَعْلَمُونَ.)
      10- لوقا 24: 13-20 (13وَإِذَا اثْنَانِ مِنْهُمْ كَانَا مُنْطَلِقَيْنِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إِلَى قَرْيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ أُورُشَلِيمَ سِتِّينَ غَلْوَةً اسْمُهَا «عِمْوَاسُ». 14وَكَانَا يَتَكَلَّمَانِ بَعْضُهُمَا مَعَ بَعْضٍ عَنْ جَمِيعِ هَذِهِ الْحَوَادِثِ. 15وَفِيمَا هُمَا يَتَكَلَّمَانِ وَيَتَحَاوَرَانِ اقْتَرَبَ إِلَيْهِمَا يَسُوعُ نَفْسُهُ وَكَانَ يَمْشِي مَعَهُمَا. 16وَلَكِنْ أُمْسِكَتْ أَعْيُنُهُمَا عَنْ مَعْرِفَتِهِ. 17فَقَالَ لَهُمَا: «مَا هَذَا الْكَلاَمُ الَّذِي تَتَطَارَحَانِ بِهِ وَأَنْتُمَا مَاشِيَانِ عَابِسَيْنِ؟» 18فَأَجَابَ أَحَدُهُمَا الَّذِي اسْمُهُ كَِلْيُوبَاسُ: «هَلْ أَنْتَ مُتَغَرِّبٌ وَحْدَكَ فِي أُورُشَلِيمَ وَلَمْ تَعْلَمِ الأُمُورَ الَّتِي حَدَثَتْ فِيهَا فِي هَذِهِ الأَيَّامِ؟» 19فَقَالَ لَهُمَا: «وَمَا هِيَ؟» فَقَالاَ: «الْمُخْتَصَّةُ بِيَسُوعَ النَّاصِرِيِّ الَّذِي كَانَ إِنْسَاناً نَبِيّاً مُقْتَدِراً فِي الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ أَمَامَ اللهِ وَجَمِيعِ الشَّعْبِ. 20كَيْفَ أَسْلَمَهُ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَحُكَّامُنَا لِقَضَاءِ الْمَوْتِ وَصَلَبُوهُ.)
      وماذا قال عيسى  عن نفسه؟
      قال: إن أنا إلا رسول قد خلت من قبله الرسل: متى 10: 40-41 (40مَنْ يَقْبَلُكُمْ يَقْبَلُنِي وَمَنْ يَقْبَلُنِي يَقْبَلُ الَّذِي أَرْسَلَنِي. 41مَنْ يَقْبَلُ نَبِيّاً بِاسْمِ نَبِيٍّ فَأَجْرَ نَبِيٍّ يَأْخُذُ وَمَنْ يَقْبَلُ بَارّاً بِاسْمِ بَارٍّ فَأَجْرَ بَارٍّ يَأْخُذُ)
      متى 15: 24 (24فَأَجَابَ: «لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ». )
      مرقس 9: 37 (37«مَنْ قَبِلَ وَاحِداً مِنْ أَوْلاَدٍ مِثْلَ هَذَا بِاسْمِي يَقْبَلُنِي وَمَنْ قَبِلَنِي فَلَيْسَ يَقْبَلُنِي أَنَا بَلِ الَّذِي أَرْسَلَنِي».)
      لوقا 4: 43 (43فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّهُ يَنْبَغِي لِي أَنْ أُبَشِّرَ الْمُدُنَ الأُخَرَ أَيْضاً بِمَلَكُوتِ اللهِ لأَنِّي لِهَذَا قَدْ أُرْسِلْتُ». )
      لوقا 9: 48 (48وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ قَبِلَ هَذَا الْوَلَدَ بِاسْمِي يَقْبَلُنِي وَمَنْ قَبِلَنِي يَقْبَلُ الَّذِي أَرْسَلَنِي لأَنَّ الأَصْغَرَ فِيكُمْ جَمِيعاً هُوَ يَكُونُ عَظِيماً» )
      لوقا 10: 16 (16اَلَّذِي يَسْمَعُ مِنْكُمْ يَسْمَعُ مِنِّي وَالَّذِي يُرْذِلُكُمْ يُرْذِلُنِي وَالَّذِي يُرْذِلُنِي يُرْذِلُ الَّذِي أَرْسَلَنِي».)
      يوحنا 8: 29 (29وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ».)
      يوحنا 7: 28-29 (28فَنَادَى يَسُوعُ وَهُوَ يُعَلِّمُ فِي الْهَيْكَلِ: «تَعْرِفُونَنِي وَتَعْرِفُونَ مِنْ أَيْنَ أَنَا وَمِنْ نَفْسِي لَمْ آتِ بَلِ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ حَقٌّ الَّذِي أَنْتُمْ لَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ. 29أَنَا أَعْرِفُهُ لأَنِّي مِنْهُ وَهُوَ أَرْسَلَنِي».)
      يوحنا 6: 38 (لأَنِّي قَدْ نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ لَيْسَ لأَعْمَلَ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي)
      يوحنا 8: 16 (16وَإِنْ كُنْتُ أَنَا أَدِينُ فَدَيْنُونَتِي حَقٌّ لأَنِّي لَسْتُ وَحْدِي بَلْ أَنَا وَالآبُ الَّذِي أَرْسَلَنِي.)
      يوحنا 8: 18 (18أَنَا هُوَ الشَّاهِدُ لِنَفْسِي وَيَشْهَدُ لِي الآبُ الَّذِي أَرْسَلَنِي».)
      يوحنا 12: 44-45 (44فَنَادَى يَسُوعُ: «الَّذِي يُؤْمِنُ بِي لَيْسَ يُؤْمِنُ بِي بَلْ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي. 45وَالَّذِي يَرَانِي يَرَى الَّذِي أَرْسَلَنِي.)
      يوحنا 5: 24 (24«اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ.)
      يوحنا 11: 41-42 (41فَرَفَعُوا الْحَجَرَ حَيْثُ كَانَ الْمَيْتُ مَوْضُوعاً وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى فَوْقُ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِي 42وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي. وَلَكِنْ لأَجْلِ هَذَا الْجَمْعِ الْوَاقِفِ قُلْتُ لِيُؤْمِنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي».)
      يوحنا 17: 3-4 (3وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ. 4أَنَا مَجَّدْتُكَ عَلَى الأَرْضِ. الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ.)
      * * *
      ولنرى الآن مقدار الوضوح فى هذا العدد! ونُحلله من جميع الجوانب: اللغوية ، والإعرابية ، ومن ناحية المعنى ، والإتجاه العام للإنجيل الذى ذكر هذا ، ومن ناحية مفهوم المسيحيين وما يؤدى إليه فهمهم.
      النقطة الأولى:
      ليس هذا كلام عيسى ، ولا كلام أحد معاصريه. فقد رأينا أن معاصريه من الأتباع والأعداء شهدوا له بالنبوة. وأقر هو أنه رسول الله ، أرسله الله ليفعل ما يُمليه عليه ، وما يرضيه. بل إنه كان يُصلى لله تعالى ويتعبد طوال الليل طالبًا مرضاته وغفرانه. وهكذا علم أتباعه. ونسب العظمة المطلقة والقدرة غير المحدودة والعلم الأزلى لله تعالى. وقال عن الله إنه هو ربه وربنا. ويكفى هذا دليلاً على إذعانه لله ، واقرارًا بعبوديته وانصياعه لأوامره ورغبته.
      النقطة الثانية:
      إن هذه الجملة تحتوى على عدة أخطاء لغوية، وكلها تنصبُّ على تذكير "الكلمة"، وهى كلمة مؤنثة، وعلى ذلك كان عليه أن يقول (فى البدء كانت الكلمة، والكلمة كانت عند الله، وكانت الكلمة الله). لكن جاء تذكيرها من قبل المترجمين ، لتعبر عن مفهومهم العقدى، ولأنهم يريدون أن تُشير هذه الكلمة إلى المذكر، لأن المرأة مخلوق نجس وصاحبة الخطيئة الأزلية، وعميلة الشيطان الأولى ضد الله والبشرية. ولا علاقة لهذا بتذكير الضمير العائد على اسم مؤنث ، أو تأنيثه إذا عاد إلى اسم مذكر، كما ورد فى بعض الآيات كما سنرى.
      إلا أن الكيل بمكيالين هو الأساس فى فكرهم وفى عقيدتهم. وقد أثبتوا ذلك فى النصوص الأخرى ، التى لا تعنى فيها الكلمة الإله المتجسِّد: (7وَكَانَتْ كَلِمَةُ اللهِ تَنْمُو وَعَدَدُ التَّلاَمِيذِ يَتَكَاثَرُ جِدّاً فِي أُورُشَلِيمَ وَجُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ الْكَهَنَةِ يُطِيعُونَ الإِيمَانَ.) أعمال الرسل 6: 7 ،
      وأيضًا: (24وَأَمَّا كَلِمَةُ اللهِ فَكَانَتْ تَنْمُو وَتَزِيدُ.) أعمال الرسل 12: 24 ،
      و(6وَلَكِنْ لَيْسَ هَكَذَا حَتَّى إِنَّ كَلِمَةَ اللهِ قَدْ سَقَطَتْ. لأَنْ لَيْسَ جَمِيعُ الَّذِينَ مِنْ إِسْرَائِيلَ هُمْ إِسْرَائِيلِيُّونَ) رومية 9: 6
      النقطة الثالثة:
      بدأ يوحنا قوله بجملة ناقصة ليس لها معنى مفيد كامل. فهى تقول (فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ) ، فماذا كانت هذه الكلمة؟ هل كانت جيدة أم تالفة ، ميتة أم مخلوقة؟ أى أين خبر كان فى الجملة؟
      النقطة الرابعة:
      من البديهى أن الكلمة هى حدث ، لا بد من مُحدِث له ، أى لا بد من متكلم نطق بهذه الكلمة. فمن هو فاعل هذه الكلمة ، الذى أوجدها؟ فلو هى أوجدت نفسها وتمتعت بصفة الأزلية دون الله ، لكان الله مُحدَث. والمُحدَث مخلوق. الأمر الذى سينفى ألوهية الله. ولو أوجد اللهُ الكلمةَ ، لأنها كانت عنده ، لكانت الكلمة مُحدثة، والمُحدث مخلوق، والمخلوق عبد من عباد الله، والعبد لا يكون إلهًا ، ولكن يكفيه أن يتشبه بخُلُق سيده: (يَكْفِي التِّلْمِيذَ أَنْ يَكُونَ كَمُعَلِّمِهِ وَالْعَبْدَ كَسَيِّدِهِ.) متى 10: 25
      لكن بفرض أنها أزلية، فهل كل أزلى يستحق التأليه فى مفهوم الكتاب الذى يقدسه القمص زكريا؟ لا. بل إن الكتاب يصف بالأزلية نبيًا كافرًا، ترك الله وعبد الأصنام، ودعا لعبادتها ، وما ألَّهه أحد: (22«اَلرَّبُّ قَنَانِي أَوَّلَ طَرِيقِهِ مِنْ قَبْلِ أَعْمَالِهِ مُنْذُ الْقِدَمِ. 23مُنْذُ الأَزَلِ مُسِحْتُ مُنْذُ الْبَدْءِ مُنْذُ أَوَائِلِ الأَرْضِ. 24إِذْ لَمْ يَكُنْ غَمْرٌ أُبْدِئْتُ. إِذْ لَمْ تَكُنْ يَنَابِيعُ كَثِيرَةُ الْمِيَاهِ. 25مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقَرَّرَتِ الْجِبَالُ قَبْلَ التِّلاَلِ أُبْدِئْتُ. 26إِذْ لَمْ يَكُنْ قَدْ صَنَعَ الأَرْضَ بَعْدُ وَلاَ الْبَرَارِيَّ وَلاَ أَوَّلَ أَعْفَارِ الْمَسْكُونَةِ. 27لَمَّا ثَبَّتَ السَّمَاوَاتِ كُنْتُ هُنَاكَ أَنَا. لَمَّا رَسَمَ دَائِرَةً عَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ. 28لَمَّا أَثْبَتَ السُّحُبَ مِنْ فَوْقُ. لَمَّا تَشَدَّدَتْ يَنَابِيعُ الْغَمْرِ. 29لَمَّا وَضَعَ لِلْبَحْرِ حَدَّهُ فَلاَ تَتَعَدَّى الْمِيَاهُ تُخْمَهُ لَمَّا رَسَمَ أُسُسَ الأَرْضِ 30كُنْتُ عِنْدَهُ صَانِعاً وَكُنْتُ كُلَّ يَوْمٍ لَذَّتَهُ فَرِحَةً دَائِماً قُدَّامَهُ.) الأمثال 8: 22-30
      وإذا كان يسوع قال إنه كان موجودًا قبل إبراهيم، فتأليهكم لسليمان أولى: (58قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ») يوحنا 8: 58
      النقطة الخامسة:
      ألا تتذكر عزيزى القمص قولك (بنت شفة)؟ وهى تعنى أن الشفة سبقت الكلمة التى ستخرج منها وتكون تابعة لها ونابعة منها. وعلى هذا فإن الكلمة تحتاج لجسم وفم وشفاة ولسان لكى تخرج، الأمر الذى يدل على سبق كل هؤلاء للكلمة التى كانت فى البدء. الأمر الذى ينفى الأزلية عن الكلمة ، وبالتالى ينفى ألوهيتها.
      النقطة السادسة:
      هل كانت الكلمة الله ، أم أصبح الله الكلمة؟ النص يقول (وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ)، فالكلمة اسم كان، وهى التى تحولت إلى الله. ولو يقصد أن الله تجسَّدَ ، لكان عليه أن يقول (وَكَانَ اللَّهُ الْكَلِمَةَ).
      لكن معنى الجملة التى بالنص أن الكلمة سبقت الله فى الوجود ، ثم تحولت إلى الله نفسه. الأمر الذى ينفى عن الرب نفسه الأزلية وبالتالى الألوهية. ويُناقض قوله السابق لها (وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ) ، لأن معنى وجود الكلمة عند الله ، أن الله كان موجودًا ، واستودعت عنده هذه الكلمة. ثم يتناقض هذا الذى وصلت إليه مرة أخرى مع قوله (فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ)، ومعنى هذا أن الكلمة سبقت الله فى الأزلية، ويُصبح الله حادث. وكل حادث مخلوق. وبالتالى أصبح الخالق مخلوق. الأمر الذى حدا ببعض الترجمات إلى أن تترجم (وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ) إلى (وتشابهت الكلمة مع الله فى كل شىء) ، مثل ترجمة:
      1 Am Anfang war das Wort. Das Wort war bei Gott, und in allem war es Gott gleich. (Gute Nachricht)
      http://www.dbg.de/channel.php?channe...UTREF=43001000
      وترجمتها ترجمة لوثر 1545 ، 1912، 1912، و1984 المنقحة، إلى (وكان الله الكلمة)، وذلك ليكون الله هو الأزلى وليس الكلمة:
      1Im Anfang war das Wort, und das Wort war bei Gott, und Gott war das Wort. (Luther 1545)
      http://www.biblegateway.com/passage/...int&version=10
      http://www.mf.no/bibelprog/mb.cgi?JO...nomd&bi=luther
      http://www.unboundbible.org/index.cf...her_1912_ucs2&...
      http://www.bibel-online.net/buch/43.johannes/1.html#1,1
      وإذا كان العقل والمنطق يقولان: إن الكلام صنعه المتكلم ، وإن الشعر ألفه الشاعر، وإن العلم أوجده العالم. فإن الكلمة التى كانت فى البدء هى الكلمة التى خلقها الله تعالى ، ولا يمكن أن يكون المخلوق خالقًا.
      وإلا لأصبح الكلام هو عين الشخص الذى تكلمه، ولأصبحت القصيدة هى عين الشاعر الذى ألقاها ، ولأصبح العلم هو عين العالم! ولأصبح الدرس هو نفس المدرِّس! وليس هذا إلا ضربًا من الجنون والخبل!!
      التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 5 نوف, 2020, 05:53 م.

      تعليق


      • #4
        النقطة السابعة:
        ومعنى قوله (وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ) أو (14وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا)، أن هذا يتناقض مع قواعد التوحيد الأولى ، وهو أن الله ليس كمثله شىء، ولا يتبدَّل لا فى صورة إنسان ولا حيوان ولا جماد، ونصوص الكتاب تُؤكد ذلك، فهو ليس له شبيه، وليس بإنسان ، ولم يره أحد ، لأنه لا يقدر أن يراه الإنسان ويعيش:
        (20يَا رَبُّ لَيْسَ مِثْلُكَ وَلاَ إِلَهَ غَيْرُكَ) أخبار الأيام الأولى 17: 20
        (6لاَ مِثْلَ لَكَ يَا رَبُّ! عَظِيمٌ أَنْتَ وَعَظِيمٌ اسْمُكَ فِي الْجَبَرُوتِ.) إرمياء 10: 6
        (18فَبِمَنْ تُشَبِّهُونَ اللَّهَ وَأَيَّ شَبَهٍ تُعَادِلُونَ بِهِ) إشعياء 40: 18
        (25فَبِمَنْ تُشَبِّهُونَنِي فَأُسَاوِيهِ؟ يَقُولُ الْقُدُّوسُ.) إشعياء 40: 25
        (5بِمَنْ تُشَبِّهُونَنِي وَتُسَوُّونَنِي وَتُمَثِّلُونَنِي لِنَتَشَابَهَ؟) إشعياء 46: 5
        وكلها نصوص يؤمن القمص زكريا بطرس بأنها نصوص إلهية.
        وإضافة إلى أن الرب نفى أن يتغيَّر ، فقد نفى بالذات أن يكون إنسانًا:
        (19ليْسَ اللهُ إِنْسَاناً فَيَكْذِبَ وَلا ابْنَ إِنْسَانٍ فَيَنْدَمَ. هَل يَقُولُ وَلا يَفْعَلُ؟ أَوْ يَتَكَلمُ وَلا يَفِي؟) عدد 23: 19
        (9«لاَ أُجْرِي حُمُوَّّ غَضَبِي. لاَ أَعُودُ أَخْرِبُ أَفْرَايِمَ لأَنِّي اللَّهُ لاَ إِنْسَانٌ الْقُدُّوسُ فِي وَسَطِكَ فَلاَ آتِي بِسَخَطٍ.) هوشع 11: 9
        (9هَلْ تَقُولُ قَوْلاً أَمَامَ قَاتِلِكَ: أَنَا إِلَهٌ. وَأَنْتَ إِنْسَانٌ لاَ إِلَهٌ فِي يَدِ طَاعِنِكَ؟) حزقيال 28: 9
        إضافة إلى أن تحوله إلى إنسان منقص من قدره ، وممحق لقداسته، لأنه بذلك تشبَّه بجحش الفرا ، وبالبهيمة ، وبالرمة والدود:
        (وَكَجَحْشِ الْفَرَا يُولَدُ الإِنْسَانُ.) أيوب 11: 12
        (19لأَنَّ مَا يَحْدُثُ لِبَنِي الْبَشَرِ يَحْدُثُ لِلْبَهِيمَةِ وَحَادِثَةٌ وَاحِدَةٌ لَهُمْ. مَوْتُ هَذَا كَمَوْتِ ذَاكَ وَنَسَمَةٌ وَاحِدَةٌ لِلْكُلِّ. فَلَيْسَ لِلإِنْسَانِ مَزِيَّةٌ عَلَى الْبَهِيمَةِ لأَنَّ كِلَيْهِمَا بَاطِلٌ. 20يَذْهَبُ كِلاَهُمَا إِلَى مَكَانٍ وَاحِدٍ. كَانَ كِلاَهُمَا مِنَ التُّرَابِ وَإِلَى التُّرَابِ يَعُودُ كِلاَهُمَا.) الجامعة 3: 19-20
        بل وصف الإنسان مباشرة أنه رمة ودود. فهل هذا الوصف تعبيرًا مناسبًا عن قداسة الرب؟ (6فَكَمْ بِالْحَرِيِّ الإِنْسَانُ الرِّمَّةُ وَابْنُ آدَمَ الدُّودُ) أيوب 25: 6
        ويتناقض مع قول الرب: (6لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ لاَ أَتَغَيَّرُ) ملاخى 3: 6
        النقطة الثامنة:
        وإذا جاز للرب أن يتغيَّر ويتحوَّل، فهل التغيُّر يكون بذاته أم بصفاته وما يدل عليه؟ فقد أكَّد النص السابق أن الرب (ذاته وجوهره) لا يتغيَّر. إذن الذى تغيَّر هو صفة الكلام. وإذا صح هذا، فسوف تكونوا قد وقعتم فى شرك وتعدُّد للآلهة ليس له حد يتوقف عنده: لأنه بذلك تحولت الكلمة إلى إله، وسوف تتحول المحبة إلى إله، وستكون القداسة إلهًا، والعزة إلهًا، وبكاء الإله إله مثله، وأكل الإله إله مثله، وعرق الإله إله مثله، وبول الإله إله مثله ، وبراز الإله إله مثله إلى ما لا نهاية. ولا يُصدق إنسان عاقل بهذا. لأنه تصور شيطانى لا يقبله إلا وثنى أو منكر للألوهية.
        النقطة التاسعة:
        وإذا جاز أن تكون الكلمة صفة للرب أو عارض له، فلا يصح أن تسبق الصفة الموصوف فى الوجود، أو يسبق العارض الجوهر، أى لا يمكن أن تسبق هذه الكلمة الله فى الوجود. الأمر الذى ينفى أزلية الكلمة ، وبالتالى فإن القول (1فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ) هو قول غير سليم من ناحية المعنى أو اللغة.
        النقطة العاشرة:
        وإذا كانت الكلمة صفة أو خاصية صادرة من الرب ، أو مولودة من الأب أو منبثقة منه، لكان معنى (وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ) مُبهم ، لأننا لا نقول كان صوت المغنى عنده ، ولا كفاءة المُعلم عنده ، ولا رائحة الورد عنده. وعلى ذلك لا يمكن أن يكون صوت المغنى هو المغنى نفسه ، ولا كفاءة المعلم هو المعلم نفسه ، ولا رائحة الورد هى عين الورد نفسه. الأمر الذى ينفى كون الكلمة هى الله نفسه (وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ).
        النقطة الحادية عشر:
        هناك نوعين من الكلمة: الكلمة الطيبة الصالحة، والكلمة الرديئة. فالكلمة الصالحة تُنسب إلى الله تعالى ، والكلمة الشريرة تُنسب إلى الشيطان. ومن هنا كان نسبة عيسى  ككلمة الله وأمره إلى الله تبرئة له ولأمه مما قاله اليهود عنهما. (5كُلُّ كَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ نَقِيَّةٌ.) الأمثال 30: 5 ، (11طُوبَى لَكُمْ إِذَا عَيَّرُوكُمْ وَطَرَدُوكُمْ وَقَالُوا عَلَيْكُمْ كُلَّ كَلِمَةٍ شِرِّيرَةٍ مِنْ أَجْلِي كَاذِبِينَ.) متى 5: 11
        النقطة الثانية عشر:
        ومعنى قوله (وكان الكلمة عند الله) تعنى أن الله أمر فى لوحه المحفوظ من قديم الأزل بما حدث ليسوع ، وحدد له هذا الموعد فى هذا المكان. فهو كان عند الله أى فى علمه. وهو يشترك فى هذه العندية مثل كل البشر برَّهم وفاجرهم.
        النقطة الثالثة عشر:
        وقد تكون العندية بمثابة التشريف والحفظ والصون والمنزلة الحسنة عند الله، وذلك مثل الشهداء أو كنبى من الأنبياء الصالحين. ومثال ذلك فى القرآن قول الله تعالى عن عبده ونبيه إسماعيل : {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا} (55) سورة مريم ، وقوله عن الشهداء: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} (169) سورة آل عمران
        النقطة الرابعة عشر:
        الله سبحانه وتعالى أزلى. وإن معنى قول يوحنا (فى البدء) لا تعنى بالضرورة فى الأزل ، ولكنها قد تعنى فى بداية حقبة زمنية محددة أو بداية حدث محدد: فقد جاء فى سفر التكوين 1: 1 (1فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ.) أى وقت بداية الخلق ، وليس فى الأزل.
        وكذلك جاءت عند لوقا 1: 1-2 (1إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا 2كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّاماً لِلْكَلِمَةِ.)، وتعنى منذ بدء رسالة عيسى  وهم يُتابعون ويكتبون.
        وجاءت أيضًا عند يوحنا 6: 63-64 (63اَلرُّوحُ هُوَ الَّذِي يُحْيِي. أَمَّا الْجَسَدُ فلاَ يُفِيدُ شَيْئاً. اَلْكلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ 64وَلَكِنْ مِنْكُمْ قَوْمٌ لاَ يُؤْمِنُونَ». لأَنَّ يَسُوعَ مِنَ الْبَدْءِ عَلِمَ مَنْ هُمُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ وَمَنْ هُوَ الَّذِي يُسَلِّمُهُ.)، وهى تعنى هنا من بداية خدمته وكرازته.
        وقال لليهود (أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالاً لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ.) يوحنا 8: 44، وهى تعنى أن الشيطان ليس فيه حق منذ خلق الإنسان الأول ، لأنه كان قبل ذلك ملاك.
        النقطة الخامسة عشر:
        وبتتبع العندية فى الكتاب الذى تقدسه عزيزى القمص ، لا تجد تأليه من كان عند الرب ، ومثال ذلك قول أمنا حواء عن زوجها آدم: (1وَعَرَفَ آدَمُ حَوَّاءَ امْرَأَتَهُ فَحَبِلَتْ وَوَلَدَتْ قَايِينَ. وَقَالَتِ: «اقْتَنَيْتُ رَجُلاً مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ».) تكوين 4: 1، أى رجلاً تقيًا.
        وقول الرب: (24فَأَمْطَرَ الرَّبُّ عَلَى سَدُومَ وَعَمُورَةَ كِبْرِيتاً وَنَاراً مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ مِنَ السَّمَاءِ.) تكوين 19: 24 ، فهل تؤلهون الكبريت والنار؟ هل أصبح الكبريت والنار من الآلهة الأزلية المتحدة بالرب؟
        النقطة السادسة عشر:
        إن الكلمة اليونانية التى تُشير إلى المعبود بحق هى هوثيوسHotheos ، أى الله. والكلمة التى يستخدمونها للتعبير عن أى إله أو معبود من دون الله هى كلمة تونثيوس Tontheos، والفرق بين هاتين الكلمتين ممكن تداركه فى اللغة العربية ، وذلك بترجمة الكلمة الأولى «الله» ، وترجمة الثانية «إله». لكن الفرق هذا لا يكون واضحًا فى اللغات الأوروبية. ففى الإنجليزية على سبيل المثال تجد أن كلمة God هى الكلمة المستخدمة بمعى إله والله. وللتفرقة بينهما قام المترجمون إلى الإنجليزية بكتابة الله God بحرف كبير، وكلمة إله god بحرف صغير. والغريب أن مترجمو الكتاب الذى يقدسه القمص زكريا بطرس كتبوا ترجمة: (وكان الكلمة تونثيوس Tontheos) إلى (وكان الكلمة الله) بدلاً من (وكان الكلمة إله أو مخلوق إلهى أو سماوى) ، وكتبوها بحرف كبير تدليلاً على أن هذا هو الإله المعبود بحق. وهذا تدليس ما بعده تدليس.
        وليتأكد لك أن هذا تدليس، راجع نصوص الكتاب التى تكلمت عن إله غير الله ، ستجدهم كتبوها بحرف صغير. مثال ذلك: (1فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «انْظُرْ! أَنَا جَعَلْتُكَ إِلَهاً لِفِرْعَوْنَ. وَهَارُونُ أَخُوكَ يَكُونُ نَبِيَّكَ.) خروج 7: 1
        والآن اقرأ ترجمتها فى التراجم المختلفة ليتأكد لك أن القائمين على هذه التراجم يتلاعبون بالترجمة ليؤكدوا عقيدتهم فى تأليه يسوع: فقد ذكرتها المجموعة الأولى بخط صغير ، والمجموعة الثانية وضعت حرف الـ (ك) ، الذى لا يُشير فى المعنى إلى الله ولكن مثله ، وباقى التراجم وضعت كلمة as التى تعنى أيضًا مثل:
        1- See I have made you a god to Pharaoh (bbe, KJ21, KJV, MSG, Webster 1833,
        2- "See, I have made you like(A) God to Pharaoh (ESV, NIRV, NIV, NIV UK, NLT, NRSV, TNIV, )
        http://www.biblegateway.com/passage/...int&version=47
        وهذا يدل على أنهم يعرفون الفرق بين الكلمتين ، فلماذا لم يفرقوا بين الاثنين فى ترجمة نص يوحنا؟
        النقطة السابعة عشر:
        ألا ترون أننى لو وصفت إنسانًا قائلا إنه كلمة أو الكلمة، لكانت كلمتى غير مفيدة وناقصة وغامضة، ولا يصح هذا فى حق الإله الذى تعبدونه؟ وكيف يكون هو الكلمة والجملة أكبر منه وأعمُّ فى الفهم والمعنى؟فهل أرادوا وصف الإله بالغموض؟
        النقطة الثامنة عشر:
        ثم أى بدء يقصده النص؟ هل هو بداية الإله؟ لكن هل الإله له بداية؟ وهل الإله له حدود زمنية أو مكانية؟ فكيف يكون البدء متعلق بالله؟ فالله لا يحصره شىء سواء زمان أو مكان، ولا يوجد ما يسمى بدء متعلقًا بالله سبحانه وتعالى. فلو كانت له بداية لكان مخلوقًا ، ولانتفت عنه صفة الإله الخالق. على الرغم من إيمانكم عزيزى القمص بأن إلهكم مولود ومخلوق.
        فيدلل الكتاب على أنه مولود بقوله: (1كِتَابُ مِيلاَدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ) متى 1: 1
        وقوله: (18أَمَّا وِلاَدَةُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَكَانَتْ هَكَذَا متى 1: 18
        وقوله: (21فَسَتَلِدُ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ».) متى 1: 21
        وقوله: (25وَلَمْ يَعْرِفْهَا حَتَّى وَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ. وَدَعَا اسْمَهُ يَسُوعَ.) متى 1: 25
        وقوله: (1وَلَمَّا وُلِدَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ الْمَلِكِ) متى 2: 1
        ويدلل الكتاب على أنه مخلوق بقوله: (15اَلَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ غَيْرِ الْمَنْظُورِ، بِكْرُ كُلِّ خَلِيقَةٍ.) كولوسى 1: 15
        وبقوله إنه: (بَدَاءَةُ خَلِيقَةِ اللهِ.) رؤيا يوحنا 3: 15
        إذًا فالذى تعبدونه على أنه إله هو مولود من امرأة بشر ومخلوق من الله. فما دليل ألوهيته هنا؟ وما الذى يميزه عن باقى البشر؟
        هل ما يميزه أنه مولود من امرأة فقط دون زوج؟ فقد كان آدم إذًا يستحق الألوهية عنه، لأنه مخلوق دون أب أو أم. وكانت حواء أحق منه بالألوهية لأنها مخلوقة بدون أم ، ولم نرى فى حياتنا خلق أو ولادة تأتى دون الأنثى!! بل إن "ملك ساليم" المُلقَّب بملك السلام يقولون عنه إنه بلا أب أو أم ، بلا بداية أو نهاية ولم تؤلهونه: (3بِلاَ أَبٍ بِلاَ أُمٍّ بِلاَ نَسَبٍ. لاَ بَدَاءَةَ أَيَّامٍ لَهُ وَلاَ نِهَايَةَ حَيَاةٍ. بَلْ هُوَ مُشَبَّهٌ بِابْنِ اللهِ. هَذَا يَبْقَى كَاهِناً إِلَى الأَبَدِ.) عبرانيين 7: 3
        وإذا كان ليسوع بداية، وكانت له نهاية، حيث أعدموه على الصليب ومات، وأسلم الروح إلى بارئها،حيث قال على الصليب: («قَدْ أُكْمِلَ».وَنَكَّسَ رَأْسَهُ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ.) يوحنا 19: 30، فإن "ملك ساليم" يستحق التأليه عنه!
        وإذا كان هو كما يقول الكتاب (كان فى البدء ككلمة عند الله) فمن الذى كان قبله وحدَّد له بدايته؟ وهل الإله له نهاية؟ إن هذا الكلام يرفضه الكتاب نفسه.
        اقرأ عزيزى القمص ما يقوله الكتاب ، فإن الكتاب يُقر أن الله حى أبدى أزلى لا بداية له ولا نهاية له سبحانه وتعالى عن ذلك علوًا كبيرًا: (2مِنْ قَبْلِ أَنْ تُولَدَ الْجِبَالُ أَوْ أَبْدَأْتَ الأَرْضَ وَالْمَسْكُونَةَ مُنْذُ الأَزَلِ إِلَى الأَبَدِ أَنْتَ اللهُ.) مزامير 90: 2
        وبقول الله: (إنى أرفع إلى السماء يدى، وأقول حى أنا إلى الأبد) تثنية32: 40
        وقوله: (أَمَّا الرَّبُّ الإِلَهُ فَحَقٌّ. هُوَ إِلَهٌ حَيٌّ وَمَلِكٌ أَبَدِيٌّ.) إرمياء 10: 10
        (انظروا الآن: أنا. أنا هو. وليس إله معى. أنا أميت وأحيى)تثنية 32: 39
        (إنى أرفع إلى السماء يدى ، وأقول حى أنا إلى الأبد) تثنية 32: 40
        (أَمَّا الرَّبُّ الإِلَهُ فَحَقٌّ. هُوَ إِلَهٌ حَيٌّ وَمَلِكٌ أَبَدِيٌّ.) إرمياء 10: 10
        (26مِنْ قِبَلِي صَدَرَ أَمْرٌ بِأَنَّهُ فِي كُلِّ سُلْطَانِ مَمْلَكَتِي يَرْتَعِدُونَ وَيَخَافُونَ قُدَّامَ إِلَهِ دَانِيآلَ لأَنَّهُ هُوَ الإِلَهُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ إِلَى الأَبَدِ وَمَلَكُوتُهُ لَنْ يَزُولَ وَسُلْطَانُهُ إِلَى الْمُنْتَهَى.) دانيال 6: 26
        ويتفاخر بنو إسرائيل قائلين: (26لأَنَّهُ مَنْ هُوَ مِنْ جَمِيعِ البَشَرِ الذِي سَمِعَ صَوْتَ اللهِ الحَيِّ يَتَكَلمُ مِنْ وَسَطِ النَّارِ مِثْلنَا وَعَاشَ؟) تثنية 5: 26
        (36أَمَّا وَحْيُ الرَّبِّ فَلاَ تَذْكُرُوهُ بَعْدُ لأَنَّ كَلِمَةَ كُلِّ إِنْسَانٍ تَكُونُ وَحْيَهُ إِذْ قَدْ حَرَّفْتُمْ كَلاَمَ الإِلَهِ الْحَيِّ رَبِّ الْجُنُودِ إِلَهِنَا.) إرمياء 23: 36
        ([أَنَا نَبُوخَذْنَصَّرُ رَفَعْتُ عَيْنَيَّ إِلَى السَّمَاءِ فَرَجَعَ إِلَيَّ عَقْلِي وَبَارَكْتُ الْعَلِيَّ وَسَبَّحْتُ وَحَمَدْتُ الْحَيَّ إِلَى الأَبَدِ الَّذِي سُلْطَانُهُ سُلْطَانٌ أَبَدِيٌّ وَمَلَكُوتُهُ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ.) دانيال 4: 34
        (10لَكِنْ يَكُونُ عَدَدُ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَرَمْلِ الْبَحْرِ الَّذِي لاَ يُكَالُ وَلاَ يُعَدُّ وَيَكُونُ عِوَضاً عَنْ أَنْ يُقَالَ لَهُمْ: لَسْتُمْ شَعْبِي يُقَالُ لَهُمْ: أَبْنَاءُ اللَّهِ الْحَيِّ) هوشع 1: 10
        (2عَطِشَتْ نَفْسِي إِلَى اللهِ إِلَى الإِلَهِ الْحَيِّ.)مزامير 42: 2
        (12أَلَسْتَ أَنْتَ مُنْذُ الأَزَلِ يَا رَبُّ إِلَهِي قُدُّوسِي؟ لاَ تَمُوتُ.) حبقوق 1: 12 وكلمة (لاَ تَمُوتُ) ذُكرت فى الترجمة العربية المشتركة وترجمة الآباء ******يين 2000، إلا أن ترجمة فاندايك والكاثوليكية أغناطيوس زياده 1986 (وهو ترجمة يسوعية أيضًا) قد أوردتا الكلمة (لا نموت) ، وقالتها ترجمة كتاب الحياة (لهذا لن نفنى). وأعتقد أن التحريف واضح لجعل الإله يموت، تأكيدًا لإعتقادهم أن الإله يموت! وهكذا تقدسون كتابكم عزيزى القمص! ثم تنسبونه لله!!
        (16فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ») متى 16: 16
        (كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ الْحَيُّ .. ) يوحنا 6: 57
        (15«أَيُّهَا الرِّجَالُ لِمَاذَا تَفْعَلُونَ هَذَا؟ نَحْنُ أَيْضاً بَشَرٌ تَحْتَ آلاَمٍ مِثْلُكُمْ نُبَشِّرُكُمْ أَنْ تَرْجِعُوا مِنْ هَذِهِ الأَبَاطِيلِ إِلَى الإِلَهِ الْحَيِّ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا) أعمال الرسل 14: 15
        (وهناك يدعون أَبْنَاءُ اللَّهِ الْحَيِّ) رومية 9: 26
        (9لأَنَّهُمْ هُمْ يُخْبِرُونَ عَنَّا أَيُّ دُخُولٍ كَانَ لَنَا إِلَيْكُمْ، وَكَيْفَ رَجَعْتُمْ إِلَى اللهِ مِنَ الأَوْثَانِ لِتَعْبُدُوا اللهَ الْحَيَّ الْحَقِيقِيَّ،) تسالونيك الأولى 1: 9
        أمَّا يسوع (قَالَ: «قَدْ أُكْمِلَ». وَنَكَّسَ رَأْسَهُ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ.) يوحنا 19: 30
        و(50فَصَرَخَ يَسُوعُ أَيْضاً بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ.) متى: 27: 50
        (46وَنَادَى يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «يَا أَبَتَاهُ فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي». وَلَمَّا قَالَ هَذَا أَسْلَمَ الرُّوحَ.) لوقا 23: 46
        (فَصَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ.) مرقس: 15: 37
        كان هذا عن كلمة (فى البدء) التى يعتقد المسيحيون أنها إشارة إلى تأليه يسوع، على الرغم من خلو الكتاب من قول يُنسب ليسوع يقول فيه (إننى أنا الله فاعبدونى وأقيموا الصلاة لذكرى، أو صوموا من أجل مرضاتى، أو اسجدوا لى).
        النقطة التاسعة عشر:
        إن هذا النص بهذه الكيفية يتحدث عن الله والكلمة التى كانت عنده ، والتى أصبحت إلهًا ، ولا يوجد أدنى ذكر للعنصر الثالث فى الثالوث وهو الروح القدس. وعلى ذلك فهو لا يصلح لإثبات إله ثلاثى الأقانيم ، لا ينفصل أحدهم عن الآخر طرفة عين بأى حال من الأحوال. فلماذا همَّشتم الروح القدس؟
        النقطة العشرين:
        إن القول بأن الكلمة كانت عند الله ، وهى نفسها الله ، ليدل على تدليس وكذب لتثبيت فكرهم عن تثليث الإله. فكيف يكون هو عند نفسه؟ أم تقصدون أن هذه كانت المراحل الأولى لتكوين الإله؟ فلو هذا ما تعنونه ، لكان الإله مُحدث ، والمُحدث مخلوق ، والمخلوق لا يتحوَّل إلى إله!
        النقطة الواحدة والعشرين:
        وهل كانت الكلمة متحدة بالله ، أم كانت عنده؟ ولماذا كانت الكلمة عند الله ، ولم يكن هو عندها؟ إن الأعلى يحتفظ بالأدنى، لأنه قادر على عنايته وحفظه. وبالتالى فإن استيداع الكلمة عند الله يدل على أنها أقل منه ، وهذا يتطابق مع قول الكتاب إن الله أعظم من الكل: (29أَبِي الَّذِي أَعْطَانِي إِيَّاهَا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْكُلِّ) يوحنا 10: 29
        وقد يدل على تساوى الاثنين فى الحفظ والرعاية ، ولكن الظروف دفعت إلى استيداع أحدهما عند الآخر. ولو صدق هذا لفقد الاثنان الألوهية ، لأن الإله لا تؤثر فيه ظروف، ولا يُجبره شىء أو شخص على شىء، ولا يخضع للظروف، بل تخضع هى لإرادته! ولو كانت الكلمة عند الله لحفظها، لانتفت عنها الألوهية، لأنها لا تستطيع أن تقوم بذاتها، واحتاجت من يرعاها ، وتودع عنده.

        النقطة الثانية والعشرين:
        ثم ماذا كانت تفعل الكلمة عند الله؟ إن معنى العندية يتطلب المغايرة أى وجود اثنين ، وأنتم تُنادون بأن الأب هو الكلمة وهو أيضًا الروح القدس. فكيف يكون الأب الكلمة وهى عنده؟ فإن وجودها عنده لينفى وجود الإتحاد بينهما، وأن أحدهما يحتفظ بالآخر. وكيف ستجلس الكلمة على يمين الرب؟
        ولو كانت الكلمة عند الله الحفيظ ، لكانت الكلمة أقل فى مرتبة الألوهية والأهمية من الله الذى استُودع هذه الكلمة. الأمر الذى ينفى كون كل منهم مساويًاٍ للآخر فى الألوهية والقداسة والمقدرة. كما أنهم لا يؤمنون إلا بألوهية الآب والابن والروح القدس بنفس الدرجة ونفس الكيفية ، الأمر الذى ينفى إما قداسة هذا النص ، أو خطأ قانون الإيمان لديهم.
        وعلى الرغم من إيمانهم أن الآب هو نفسه الابن وهو نفسه الروح القدس ، فهم لا يقولون مطلقاً (باسم الابن والآب والروح القدس) أو (باسم الروح القدس والابن والآب) ، ويُعدِّون من يفعل ذلك كافرًا أو غير فاهم لطبيعة الإيمان المسيحى.
        النقطة الثالثة والعشرين:
        وإذا كان النص يقول إن الكلمة ”كان عند الله“. فمن الذى أودعها عن الله؟ فهى إذًا مخلوق من مخلوقات الله، التى أودعها الله عنده، فكيف يكون المخلوق خالقًا؟ وهل تتحوَّل الوديعة إلى الشخص المودع أو الشخص المودع عنده؟
        أى هل لو عندك خروف ستصبح أنت الخروف؟ وهل لو عندك سيارة ستصبح أنت السيارة؟ وهل لو أنجبت طفلاً ستصبح أنت هذا الطفل؟ وحتى لو صدقنا أن الكلمة تحولت إلى الإله ، فما دخل يسوع فى هذا الأمر؟ وما دلائل ألوهيته فى هذه الجملة؟
        هل قال يسوع مرة من المرات إنه هو الكلمة المتجسِّدة؟ صحيح أن القرآن قال عنه إنه كلمة الله ألقاها إلى مريم: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً} (171) سورة النساء
        أى هو أمر الله لمريم، وعلى ذلك لم تنته الآية، فقد أنَّبت أهل الكتاب المغالين فى دينهم ، ويقولون بالتثليث، ويُصحح لهم مفاهيمهم، ويُقرر أن المسيح عيسى ابن مريم (رَسُولُ اللّهِ)، جاء بأمر الله لمريم بتلقى الحمل، وروح منه، أى طاهر، مُطهَّر من الله هو وأمه. ويأمركم بالإيمان بالله وحده ، ورسله، وينزه نفسه عن الشريك والولد.
        لكن لم يخبرنا أحد: أين قال يسوع إنه هو الله بالمفهوم الأفلاطونى الوثنى؟
        النقطة الرابعة والعشرين:
        أما بالنسبة لقوله: ”وكان الكلمة الله“ ، ”أنه كان موجودًا قبل أن يوجد“ أو ”أنه قبل أن يوجد أراد أن يوجد“ وهذا تناقض ما بعده تناقض! وعبارات لا معنى لها.
        وبهذا يكون النص فقد طابق الكلمة مع الله وجعلهما حقيقة واحدة. فهل تحولت الكلمة من تلقاء نفسها أم أن هناك إله آخر أعلى منها قام بهذا التحويل؟ وألا يدل تحول الكلمة إلى إله على وجود إثنين امتزج أحدهما فى الآخر؟ وإذا كانت الكلمة هى الله فكيف يكون لله إرادة أو قصد فى إيجاد ذاته؟
        إن هذه الفلسفة اليونانية الغنوصية التى كانت منتشرة أنذاك أكبر من عقول البشر أن يفهموها ، وبذلك نتهمتم الذى كتب بهذه العبارات أنه يبغى التعقيد، ويقصد دينًا لا يفهمه إلا الفلاسفة، الذين يبنون فكرهم على نظريات، تختلف من أحدهم للآخر. وباختلافهم تختلف الأهواء والطوائف ولا يكون هناك وحدة مفهوم للدين.
        النقطة الخامسة والعشرين:
        يتقوَّل البعض مفهوم الكلمة بقوله: إن كلمة الله هى الله نفسه. وهذه مغالطة ما بعدها مغالطة ، حيث لا يتساوى فى أى عقل وبأى لغة المضاف والمضاف إليه. فلا يفهم أحد أن سيارة الرجل هى الرجل نفسه. ولا أن حذاء اللاعب هو اللاعب نفسه حذاء. ولا أن خوار البقرة هو البقرة نفسها. وعلى ذلك فإن كلمة الله ، ورحمة الله ، وعناية الله لا تكون الله نفسه. وبذلك يُصبح معنى كلمة الله: الكلمة التى خلقها الله أو أمر بها الله.
        النقطة السادسة والعشرين:
        إن القول بوجود الكلمة (الابن) فى البدء، يتنافى مع قانون الإيمان، الذى يقول بأن (الابن مولود غير مخلوق)، لأن معنى مولود أى مستحدث ، والمُستحدث لا يكون هو الأزلى ، بل يسبقه الله الذى خلقه وأحدثه.
        النقطة السابعة والعشرين:
        ولو حذفنا من النص كلمة ”الكلمة“ ووضعنا بدلاً منها كلمة الله ، لكان المعنى هكذا: (فى البدء كان الله وكان الله عند الله وكان الله الله) فأى معنى لهذا؟ ولاحظ أيضًا أن الكلمة هنا لا تشير صراحة إلى عيسى ، ولو سلمنا أن الكلمة تساوى الله فسوف نحتاج أيضًا إلى دليل ليثبت أن الكلمة تعنى عيسى .
        ولن ينتهى الإشكال. ويجب علينا أيضًا أن نجد صيغة نقحم بها الروح القدس فى هذا الموضوع لأنها أيضًا لا بد أن تكون فى البدء ولا بد أن تكون عند الله ولا بد أن تكون هى الله!!! وسنحتاج إلى دليل ثالث يُثبت اتحاد الثلاثة. وسنحتاج إلى دليل رابع يُثبت عدم اتحاد رابع أو خامس معهم. كما أننا سنحتاج فى النهاية إلى دليل خامس يُثبت أن يوحنا كتب فعلا هذا الكلام، أو سمعه من يسوع أو حتى أُحى إليه! ولكن هذا موضوع آخر.
        التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 5 نوف, 2020, 05:53 م.

        تعليق


        • #5
          النقطة الثامنة والعشرين:
          هل قال أحد غير يوحنا أن الكلمة أصبحت إلهًا؟ هل نادى أحد يسوع أو عرَّفه بأنه الكلمة المتجسِّدة؟ بل هل لو علم أتباع يسوع أنه من الممكن أن يتجسَّد الله ويُصبح ظاهرًا للإنسان، لكانوا صرخوا متعجبين مما فعله بولس قائلين (إِنَّ الآلِهَةَ تَشَبَّهُوا بِالنَّاسِ وَنَزَلُوا إِلَيْنَا)؟ أعمال الرسل 14: 11 الأمر الطبيعى ألا يتعجبوا، لأنهم عرفوا بالفعل أنه من الممكن أن يتجسَّد الإله فى شكل إنسان!
          النقطة التاسعة والعشرين:
          إن يوحنا الذى قال هذا فى افتتاحية إنجيله لم يقصد بتحول الإله إلى كلمة أو الكلمة إلى إله. وذلك لأن كلمة الله فى عبارة (وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ.) هى ترجمة خاطئة، والصحيح هو (وَكَانَتُ الْكَلِمَةُ كائنًا إلهيًا)، أى كائنًا نورانيًا ، أى إنسانًا بارًا أو نبيًّا.
          يؤكد ذلك قول الكتاب نفسه الذى يقدسه القمص: فعندما طلب موسى من الله أن يراه: (20وَقَالَ:«لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَرَى وَجْهِي لأَنَّ الْإِنْسَانَ لاَ يَرَانِي وَيَعِيشُ») خروج 33: 20
          (12فَكَلمَكُمُ الرَّبُّ مِنْ وَسَطِ النَّارِ وَأَنْتُمْ سَامِعُونَ صَوْتَ كَلامٍ وَلكِنْ لمْ تَرُوا صُورَةً بَل صَوْتاً. .. .. .. 15فَاحْتَفِظُوا جِدّاً لأَنْفُسِكُمْ. فَإِنَّكُمْ لمْ تَرُوا صُورَةً مَا يَوْمَ كَلمَكُمُ الرَّبُّ فِي حُورِيبَ مِنْ وَسَطِ النَّارِ.) تثنية 4: 12 ، 15
          ويؤكد إشعياء هذا قائلاً: (حقاً أنت إله محتجب يا إله إسرائيل)إشعياء45: 15
          ويؤكد ذلك المعنى يوحنا نفسه قائلاً: (اَللَّهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ) يوحنا 1: 18
          فهل تعتقد أن يوحنا قال إن الله تجسَّدَ ، وأخذ جسد إنسان أى أصبح مرئيًا، ثم يقول بعدها بثلاثة جمل إن الله لم يره أحد قط؟
          ثم يرجع ويؤكد أن الله روح أى لا يُرى؟ (24اَللَّهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا».) يوحنا 3: 24 فإذا كان الله روح ، فلا يمكن أن يرى الإنسان هذا الروح لأن (اَللَّهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ.) يوحنا 1: 18
          ثم رجع يؤكد بأسلوب آخر أن الذى يولد من جسد هو جسد أى بشر، والذى يولد من روح هو روح، والروح لا يراه الإنسان. وبما أنكم تروننى وتعرفون أننى مولود من امرأة فأنا عيسى الإنسان وابن الإنسان: (6اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ) يوحنا 3: 6 ،
          وعندما ظهر لهم بعد عملية الصلب ظنوه روحًا، فقرأ أفكارهم، ولكى لا يؤلهه أحد قال لهم: (39اُنْظُرُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ: إِنِّي أَنَا هُوَ. جُسُّونِي وَانْظُرُوا فَإِنَّ الرُّوحَ لَيْسَ لَهُ لَحْمٌ وَعِظَامٌ كَمَا تَرَوْنَ لِي». 40وَحِينَ قَالَ هَذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ. 41وَبَيْنَمَا هُمْ غَيْرُ مُصَدِّقِين مِنَ الْفَرَحِ وَمُتَعَجِّبُونَ قَالَ لَهُمْ: «أَعِنْدَكُمْ هَهُنَا طَعَامٌ؟» 42فَنَاوَلُوهُ جُزْءاً مِنْ سَمَكٍ مَشْوِيٍّ وَشَيْئاً مِنْ شَهْدِ عَسَلٍ. 43فَأَخَذَ وَأَكَلَ قُدَّامَهُمْ.) لوقا 24: 39-43 ،
          وبذلك نفى عن نفسه الألوهية (فَإِنَّ الرُّوحَ لَيْسَ لَهُ لَحْمٌ وَعِظَامٌ) لوقا 24: 39 ، ونفى عن نفسه الصلب ، لأن الذين يقومون من الأموات هم أرواح كالملائكة ليس لهم عظام أو لحم أو يأكلون أو يشربون: (34فَأَجَابَ يَسُوعُ: «أَبْنَاءُ هَذَا الدَّهْرِ يُزَوِّجُونَ وَيُزَوَّجُونَ 35وَلَكِنَّ الَّذِينَ حُسِبُوا أَهْلاً لِلْحُصُولِ عَلَى ذَلِكَ الدَّهْرِ وَالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يُزَوَّجُونَ 36إِذْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَمُوتُوا أَيْضاً لأَنَّهُمْ مِثْلُ الْمَلاَئِكَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ اللهِ إِذْ هُمْ أَبْنَاءُ الْقِيَامَةِ.) لوقا 20: 34-36
          وقال لهم إن أبسط قواعد الإيمان المطلوبة منهم هى أن يؤمنوا أنه بشر يُرى ، جاء فى الجسد، أى ليس بإله يستحيل على الإنسان رؤيته: (كُلُّ رُوحٍ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ فَهُوَ مِنَ اللهِ، 3وَكُلُّ رُوحٍ لاَ يَعْترِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ.) رسالة يوحنا الأولى4: 2-3
          وأقر أن الله الذى هو إلهكم هو نفسه إلهه ، أى أشرك نفسه معنا فى عبوديته لله: (27[هَئَنَذَا الرَّبُّ إِلَهُ كُلِّ ذِي جَسَدٍ. هَلْ يَعْسُرُ عَلَيَّ أَمْرٌ مَا؟) إرمياء 32: 17،
          وقال لمريم المجدلية: (اذْهَبِي إِلَى إِخْوَتِي وَقُولِي لَهُمْ: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلَهِي وَإِلَهِكُمْ».) يوحنا 20: 17 ، أى يقول لهم: فإذا كان الآب هو أبى وأبيكم وإلهى وإلهكم، فنحن إذن نشترك فى الأخوَّة والعبودية لله، وطالما أننا أخوة فأنا بشر مثلكم. أو أنتم آلهة مندمجة مثلى! ولطالما نحن أخوة وأنا ابن الإنسان فأنا بشر مثلكم!
          ولطالما أنك عزيزى زكريا تعتقد أنه مات، فاقرأ رأى الكتاب الذى تُقدسه فيمن يموت: (كُفُّوا عَنِ الاتِّكَالِ عَلَى الإِنْسَانِ الْمُعَرَّضِ لِلْمَوْتِ؛ فَأَيُّ قِيمَةٍ لَهُ؟) إِشَعْيَاءَ 2: 22 ، فأى منزلة تنزولونها إلهكم؟
          فهل يعتقد إنسان عاقل أن يوحنا يُناقض نفسه ويلغى افتتاحيته فى باقى إنجيله؟
          يا زكريا: أين قال يسوع إننى أنا الله؟ أين أمر الناس بعبادته؟ أين قال أنا الكلمة المتجسِّدة؟ بل أين ناداه الناس بأنه الكلمة التى كانت مودعة عند الله؟ فهل نسى يسوع أن يخبرهم بلب عقيدته وأساس دين عبيده وحياتهم؟
          أما الذين اتخذوا إنسانًا إلهًا وعبدوه بعد أن أنعم الله عليهم بنعمة العقل وعرفوا الإله الحقيقى الذى يُدينُ ولا يُدان، الحى الذى لا يُصلَبُ ولا يموت ، القدوس الذى لا يُهان ، فهم من الأنجاس الخالدين فى أتون النار. من الذى يقول هذا الكلام؟ إنه كتابك الذى تقدسه عزيزى القمص.
          فاقرأ يا زكريا هداك الله: (21لأَنَّهُمْ لَمَّا عَرَفُوا اللهَ لَمْ يُمَجِّدُوهُ أَوْ يَشْكُرُوهُ كَإِلَهٍ بَلْ حَمِقُوا فِي أَفْكَارِهِمْ وَأَظْلَمَ قَلْبُهُمُ الْغَبِيُّ. 22وَبَيْنَمَا هُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ حُكَمَاءُ صَارُوا جُهَلاَءَ 23وَأَبْدَلُوا مَجْدَ اللهِ الَّذِي لاَ يَفْنَى بِشِبْهِ صُورَةِ الإِنْسَانِ الَّذِي يَفْنَى وَالطُّيُورِ وَالدَّوَابِّ وَالزَّحَّافَاتِ. 24لِذَلِكَ أَسْلَمَهُمُ اللهُ أَيْضاً فِي شَهَوَاتِ قُلُوبِهِمْ إِلَى النَّجَاسَةِ لإِهَانَةِ أَجْسَادِهِمْ بَيْنَ ذَوَاتِهِمِ. 25الَّذِينَ اسْتَبْدَلُوا حَقَّ اللهِ بِالْكَذِبِ وَاتَّقَوْا وَعَبَدُوا الْمَخْلُوقَ دُونَ الْخَالِقِ الَّذِي هُوَ مُبَارَكٌ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ. 26لِذَلِكَ أَسْلَمَهُمُ اللهُ إِلَى أَهْوَاءِ الْهَوَانِ) رومية 1: 21-26
          النقطة الثلاثين:
          لما سألت مريم ملاك الله أنى يكون لها ولد ولم يمسسها بشر، وكانت الكيفية فوق عقلها أن تستوعبها، اكتفى الملاك بتذكيرها أن هذا هو أمر الله، وإنما أمره إذا أراد شيئًا أن يتم بكلمة كن فيكون: {قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ}(47) آل عمران، {قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا} (20) مريم
          وعلى الرغم من خلو الأناجيل من نص يُبرىء السيدة مريم من الحمل السفاح، أو قل عدم وجود شهود على ذلك غير ما نسبوه إلى نزول ملاك الرب ليوسف فى المنام. وهذا ليس بدليل، بل لا بد أن تقوم الشهادة على فم اثنين أو أكثر. لذلك أنطق الله تعالى عيسى  فى مهده ليعلمهم أنه عبد الله ورسوله ، ويبرىء أمه الطاهرة بهذه المعجزة: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16) فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا (21) فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22) فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا (23) فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا (26) فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلوةِ وَالزَّكَوةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34) مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ (35) وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (36)) سورة مريم 16-36
          وعلى الرغم من ذلك إلا أنك تجد أن تكوين يسوع فى افتتاحية إنجيل يوحنا تُشير إلى أنه جاء بكلمة الله أى بأمره، حتى أُطلق عليه من باب المجاز أنه كلمة الله ، ويعنون بها أنه جاء بأمر الله لأمه العذراء الطاهرة. وهى ما نسميها كلمة تكوين يسوع. ولإزالة هذا الغموض فى ولادة عيسى  بدون ماء رجل، أشار الله فى تكوينه إلى كلمته وأمره ، تمامًا مثل تكوين آدم: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} (59) سورة آل عمران
          لذلك قال الإمام أحمد: إن عيسى  مخلوق بالكن ، وليس هو نفس الكن.
          وهى تشبه كلام سفر المزامير عن أمر الله تعالى الذى يعلو على فكر البشر وخياله: (9لأَنَّهُ قَالَ فَكَانَ. هُوَ أَمَرَ فَصَارَ. 10الرَّبُّ أَبْطَلَ مُؤَامَرَةَ الأُمَمِ. لاَشَى أَفْكَارَ الشُّعُوبِ. 11أَمَّا مُؤَامَرَةُ الرَّبِّ فَإِلَى الأَبَدِ تَثْبُتُ. أَفْكَارُ قَلْبِهِ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ.) مزامير 33: 9 ، فكيف أبطل الرب مؤامرة الأمم لتثبت مؤامرته هو إلى الأبد؟ فهذا فوق عقول البشر ، ولا دخل للبشر فيه ، ولكنهم عليهم أن يتعظوا ، فلا يمكرون لله ولا لرسله، لأن مكر الله (أى تدبيره وانتقامه من الماكرين) هو المنتصر وهو النافذ. وهو مثل قول الله تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} (30) سورة الأنفال
          مثال ذلك ما استخدمه نفس السفر للتعبير عن خلق السموات والأرض وتكوينهم: (6بِكَلِمَةِ الرَّبِّ صُنِعَتِ السَّمَاوَاتُ وَبِنَسَمَةِ فَمِهِ كُلُّ جُنُودِهَا.) مزامير 33: 6، وهو نفس ما عبر عنه سفر التكوين: (3وَقَالَ اللهُ: «لِيَكُنْ نُورٌ» فَكَانَ نُورٌ.) تكوين 1: 3 فكلمة (لِيَكُنْ) هى كلمة التكوين التى يخلق بها الله تعالى ما يشاء.
          النقطة الواحدة والثلاثين:
          أطلق اليهود على المسِّيِّا (كلمة الله) و(ابن الإنسان) و(ابن الله) أى النبى الذى يتلقى كلمة الله أو توحى إليه وينقلها لنا ، حيث إنه الوسيط ، الذى من خلاله ينقل لنا الرب أوامره وتعاليمه. ويكون أفضل أنموذج يُطبقها. وهى أشبه بقول السيدة عائشة عن خُلُق الرسول : (كان قرآنًا يمشى على الأرض)
          وأدلتهم على ذلك أن لفظ الله ولفظ إله ولفظ ابن الله أيضًا استعملت للدلالة على كائن عظيم تقى يعمل بكتاب الله ، أو حتى أوتى الكتاب.
          فالكتاب يعترف أن أولاد الله هم المؤمنون بالله: (12وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللَّهِ أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ. 13اَلَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُلٍ بَلْ مِنَ اللَّهِ. ) يوحنا 1: 12-13
          وهو نفس ما عبَّر به يسوع عن إيمان تلاميذه وبرَّهم، بأن جمع أبوة الله له ولهم: (اذْهَبِي إِلَى إِخْوَتِي وَقُولِي لَهُمْ: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلَهِي وَإِلَهِكُمْ».) يوحنا 20: 17
          بل أطلق الله لقب آلهة أى ربانيين على الذين تلقوا كلمته ووحيه: (34أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَلَيْسَ مَكْتُوباً فِي نَامُوسِكُمْ: أَنَا قُلْتُ إِنَّكُمْ آلِهَةٌ؟ 35إِنْ قَالَ آلِهَةٌ لِأُولَئِكَ الَّذِينَ صَارَتْ إِلَيْهِمْ كَلِمَةُ اللَّهِ وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يُنْقَضَ الْمَكْتُوبُ ) يوحنا 10: 34-35
          النقطة الثانية والثلاثين:
          النص الأصلى اليونانى "كاى ثيؤس ان هولوجوس" وهو موجود فى هذا الموقع
          http://www.olivetree.com/cgi-bin/EnglishBible.htm
          والملاحظ عليه ببساطة أن كلمة الله الأولى معرفة بأداة التعريف التى تعادل الألف واللام ، والثانية غير معرفة. وهنا المشكلة التى تحتم أن تكون الترجمة الحقيقية "وكانت الكلمة إله" وليس الله بل إله أقل درجة من الإله الأعلى المعرف فى الشطر الأول، كما تناولناها بأسلوب آخر.
          وبعض الترجمات تقرر ذلك مثل ترجمة العالم الجديد التى تقول:
          In the beginning was the Word, and the Word was with God, and the Word was divine. (New World Translation(
          وكذلك هذه الترجمة وتسمى العهد الجديد ترجمة أمريكية
          "In the beginning the Word existed. The Word was with God, and the Word was divine." The New Testament, An American Translation, Edgar Goodspeed and J. M. Powis Smith, The University of Chicago Press, p. 173
          وفى قاموس الكتاب المقدس لجون ماكنزى طبعة كوليير صفحة 317
          "Jn 1:1 should rigorously be translated 'the word was with the God [=the Father], and the word was a divine being.'" The Dictionary of the Bible by John McKenzie, Collier Books, p. 317
          النقطة الثالثة والثلاثين:
          وقد يُشار بالكلمة إلى وعد الله وبشارته إلى بنى إسرائيل بإرسال نبيًا يحكم بينهم، مثل موسى،وهو المسِّيِّا تنفيذًا لنبوءة سفر التثنية: (18أُقِيمُ لهُمْ نَبِيّاً مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلكَ وَأَجْعَلُ كَلامِي فِي فَمِهِ فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ. 19وَيَكُونُ أَنَّ الإِنْسَانَ الذِي لا يَسْمَعُ لِكَلامِي الذِي يَتَكَلمُ بِهِ بِاسْمِي أَنَا أُطَالِبُهُ. 20وَأَمَّا النَّبِيُّ الذِي يُطْغِي فَيَتَكَلمُ بِاسْمِي كَلاماً لمْ أُوصِهِ أَنْ يَتَكَلمَ بِهِ أَوِ الذِي يَتَكَلمُ بِاسْمِ آلِهَةٍ أُخْرَى فَيَمُوتُ ذَلِكَ النَّبِيُّ. ["فليُقتل ذلك النبى" فى ترجمة الآباء ******يين والترجمة العربية المشتركة، والتوراة السامرية] 21وَإِنْ قُلتَ فِي قَلبِكَ: كَيْفَ نَعْرِفُ الكَلامَ الذِي لمْ يَتَكَلمْ بِهِ الرَّبُّ؟ 22فَمَا تَكَلمَ بِهِ النَّبِيُّ بِاسْمِ الرَّبِّ وَلمْ يَحْدُثْ وَلمْ يَصِرْ فَهُوَ الكَلامُ الذِي لمْ يَتَكَلمْ بِهِ الرَّبُّ بَل بِطُغْيَانٍ تَكَلمَ بِهِ النَّبِيُّ فَلا تَخَفْ مِنْهُ».) تثنية 18: 18-22
          وهى نفس الكلمة التى قطعها الله مع عبده إبراهيم : (16وَقَالَ: «بِذَاتِي أَقْسَمْتُ يَقُولُ الرَّبُّ أَنِّي مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ فَعَلْتَ هَذَا الأَمْرَ وَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ 17أُبَارِكُكَ مُبَارَكَةً وَأُكَثِّرُ نَسْلَكَ تَكْثِيراً كَنُجُومِ السَّمَاءِ وَكَالرَّمْلِ الَّذِي عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ وَيَرِثُ نَسْلُكَ بَابَ أَعْدَائِهِ 18وَيَتَبَارَكُ فِي نَسْلِكَ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِي».) تكوين 22: 16-18
          وهذا الابن الوحيد الذى لم يمسكه إبراهيم عن الرب هو إسماعيل وليس إسحاق كما ذكروا فى كتابهم، لأنه يستحيل على إسحاق أن يكون الابن الوحيد لإبراهيم، لأنه أصغر 14 سنة من إسماعيل. ولهذا الموضوع بقية فى موضع آخر.
          أى إنها إشارة إلى المسِّيِّا النبى الخاتم ، الذى وعد الله به فى كل كتبه. لذلك يُفسِّر اليهود النور الذى أمر الله به أولاً فى سفر التكوين قبل خلق الشمس والقمر إلى نور المسِّيِّا، وهو نفس قول المتصوفة من المسلمين فى خلق الله للنور المحمدى قبل خلق العالم.
          النقطة الرابعة والثلاثين:
          هل لو سمى الكتاب الذى يقدسه القمص زكريا بطرس يسوع إلهًا ، لكان بالفعل الله ، الإله الأوحد المعبود بحق؟
          فى الحقيقة إن كلمة إله أو رب أو أب أطلقت فى العهد القديم والجديد على أشخاص وملوك ، بل والشيطان نفسه:
          إن تسمية المخلوق إلهًا أو أبًا أو ربًا فى الكتاب المقدس لا تجعله إلهًا على الحقيقة ، بل تجعله عبدًا ربانيًا لله تعالى. وقد أطلق لفظ الله على ملاك الرب، ونبى الرب، والشرفاء، والأقوياء، وعلى القاضى الشرعى، وما جعله أحد أبدًا من الآلهة:
          1- إطلاق لفظ الله على ملاك الرب:
          ورد في سفر هوشع 12: 3-4 (3«فِي الْبَطْنِ قَبَضَ بِعَقِبِ أَخِيهِ وَبِقُوَّتِهِ جَاهَدَ مَعَ اللَّهِ. 4جَاهَدَ مَعَ الْمَلاَكِ وَغَلَبَ. بَكَى وَاسْتَرْحَمَهُ. وَجَدَهُ فِي بَيْتِ إِيلَ وَهُنَاكَ تَكَلَّمَ مَعَنَا.)
          كما ورد في سفر القضاة 13: 21-22 (21وَلَمْ يَعُدْ مَلاَكُ الرَّبِّ يَتَرَاءَى لِمَنُوحَ وَامْرَأَتِهِ. حِينَئِذٍ عَرَفَ مَنُوحُ أَنَّهُ مَلاَكُ الرَّبِّ. 22فَقَالَ مَنُوحُ لاِمْرَأَتِهِ: «نَمُوتُ مَوْتاً لأَنَّنَا قَدْ رَأَيْنَا اللَّهَ!»)
          وكل الألفاظ "الله" التي مر ذكرها تعني المَلَك كما فسرها بذالك المفسرون اليهود والنصارى أنفسهم.
          2- إطلاق لفظ "الله" على القاضي الشرعي:
          فورد في سفر الخروج 22: 9 (9فِي كُلِّ دَعْوَى جِنَايَةٍ مِنْ جِهَةِ ثَوْرٍ أَوْ حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ مَفْقُودٍ مَا يُقَالُ: «إِنَّ هَذَا هُوَ» تُقَدَّمُ إِلَى اللهِ دَعْوَاهُمَا. فَالَّذِي يَحْكُمُ اللهُ بِذَنْبِهِ يُعَوِّضُ صَاحِبَهُ بِاثْنَيْنِ.)
          كما ورد في سفر صموئيل الأولى 2: 25 (25إِذَا أَخْطَأَ إِنْسَانٌ إِلَى إِنْسَانٍ يَدِينُهُ اللَّهُ. فَإِنْ أَخْطَأَ إِنْسَانٌ إِلَى الرَّبِّ فَمَنْ يُصَلِّي مِنْ أَجْلِهِ؟» وَلَمْ يَسْمَعُوا لِصَوْتِ أَبِيهِمْ لأَنَّ الرَّبَّ شَاءَ أَنْ يُمِيتَهُمْ.)
          وكل ألفاظ " الله " هنا تعني القاضي لأنه يقضي بشريعة الله وسلطانه
          3- إطلاق لفظ "الله" على الشريف أوالقوى:
          كما ورد في سفر التكوين 6: 1-2 (1وَحَدَثَ لَمَّا ابْتَدَأَ النَّاسُ يَكْثُرُونَ عَلَى الأَرْضِ وَوُلِدَ لَهُمْ بَنَاتٌ 2أَنَّ أَبْنَاءَ اللهِ رَأُوا بَنَاتِ النَّاسِ أَنَّهُنَّ حَسَنَاتٌ.)
          وورد في نفس سفر التكوين أيضاً أن أبناء شيت الأقوياء (أبناء الله) تزوجن ببنات قايين (بنات الناس) 6: 4 (وَبَعْدَ ذَلِكَ أَيْضاً إِذْ دَخَلَ بَنُو اللهِ عَلَى بَنَاتِ النَّاسِ وَوَلَدْنَ لَهُمْ أَوْلاَداً)
          كما ورد في المزامير 29: 1 (1قَدِّمُوا لِلرَّبِّ يَا أَبْنَاءَ اللهِ قَدِّمُوا لِلرَّبِّ مَجْداً وَعِزّاً.) وفسروه بالشرفاء وبعضهم فسرها بالأقوياء
          4- إطلاق لفظ "الله" على النبي:
          فقد ورد في سفر صموئيل الأول 9: 9 (9سَابِقاً فِي إِسْرَائِيلَ هَكَذَا كَانَ يَقُولُ الرَّجُلُ عِنْدَ ذِهَابِهِ لِيَسْأَلَ اللَّهَ:«هَلُمَّ نَذْهَبْ إِلَى الرَّائِي». لأَنَّ النَّبِيَّ الْيَوْمَ كَانَ يُدْعَى سَابِقاً الرَّائِيَ.) فذهابه ليسأل الله = ليسأل النبي
          5- وأُطلِقَ لفظ "إله هذا الدهر" على الشيطان:
          (4الَّذِينَ فِيهِمْ إِلَهُ هَذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ.) كورنثوس الثانية 4: 4
          وهل تعلم من هو إله هذا الدهر؟ إنه الشيطان! فبولس يسميه إله الدهر وبالرجوع إلى الأصل اليونانى لهذا العدد تجد أنها هى نفس الكلمة التى ترجمت الله فى الشطر الأخير من نص يوحنا لأنها بدون أداة تعريف، فلا تعنى الإله الأعلى (الله).
          وإذا كانت الروح القدس هى التى توحى بمثل هذا الكلام فهل توحى لبولس بنفس الكلمة وتعنى بها مرة الشيطان ومرة الله (تعالى عما يصفون). أكرر هنا للأهمية نفس اللفظ الذى ترجموه فى نص يوحنا إلى الله ، تُرجِمَ إلى إله الدهر فى رسالة بولس.
          وهل تعرف ما الذى يفعلونه فى ترجمة هذا العدد إلى الانجليزية ليهربوا من هذه المشكلة؟
          whose minds the god of this age has blinded, who do not believe, lest the light of the gospel of the glory of Christ, who is the image of God, should shine on them.
          يضع كلمة الله الأولى بالحروف الصغيرة لتدل على إله آخر غير الله (هو هنا الشيطان!) وفى الثانية يضعها بالحروف الكبيرة لتدل على الله لفظ الجلالة. ولأن كلمة ثيؤس اليونانية لها معنيان الإله الكامل الأعلى، وتترجم بالحروف الكبيرة، ولها معنى إله أقل درجة ، ويترجم بالحروف الصغيرة. فأين القاعدة الثابتة فى ترجمة الأمور التى تخص العقيدة؟
          والترجمة اللتينية لهذا النص (الفولجاتا) هى:
          1 in principio erat Verbum et Verbum erat apud Deum et Deus erat Verbum
          والنص العربى فى الكتاب المقدس طبعة الشرق الأوسط: (1فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ. 2هَذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللَّهِ) يوحنا 1: 1-2
          انظر إلى التلاعب بالترجمة خاصة فى الفقرة الأولى بين النسخة اللاتينية والنسخ الأخرى ، ثم انظر إلى اختلاف الترجمة بين النسخة العربية وبعض النسخ الأجنبية، وفى نهاية كل ترجمة وضعت مصدرها بين قوسين معكوفين ، ويمكن للقارىء أن يحصل عليها من موقع: http://www.diebibel.de/
          (1 Am Anfang war das ewige Wort Gottes: Christus. 2 Immer war er bei Gott und ihm in allem gleich.[1].) [Hoffnung für alle]
          وترجمة هذه الفقرة: (فى البدء كانت كلمة الله الأزلية: المسيح. وقد كانت دائمًا عند الله ، وكانت تُساويه فى كل شىء.)
          بغض النظر عن اختلاف الأسلوب فى الترجمة، فأنا أعنى بعض الكلمات غير الموجودة فى كل التراجم الأخرى ، مثل: (الأزلية) و(المسيح) بعدها وكذلك (وكانت تُساويه فى كل شىء).
          (1IN THE beginning [before all time] was the Word ([1]Christ), and the Word was with God, and the Word was God [2] Himself.(1) ) [AMP]
          انظر لهذه الترجمة وما وضعوه بين الأقواس ، أى التى لا تنتمى إلى النص الأصلى، وهى من وضع المترجم: (فى البدء [قبل كل وقت] كانت الكلمة (المسيح) وكانت الكلمة عند الله ، وكانت الكلمة الله نفسه)
          (1In the beginning was the one who is called the Word. The Word was with God and was truly God. ) [CEV]
          وترجمتها: (فى البدء كان واحد يسمى الكلمة ، وكانت الكلمة عند [أو مع] الله ، وكانت الكلمة فعلاً الله.)
          (1The Word already was, way back before anything began to be. The Word and God were together. The Word was God.) [Worldwide]
          (قبل البدء كانت الكلمة ، وكانت الكلمة والله سويا ، وكانت الكلمة الله)
          وهل لاحظتم هنا مشكلة أخرى بالنسبة للغة الانجليزية؟ هذه الأعداد ومثلها كثير لا تصلح للتلاوة بالسمع، ولابد أن تُقرأ، أى لا يمكن أن تسمعها لأنه بالسمع فقط لن تعرف من هو الإله الحقيقى من الإله الأقل درجة أو الشيطان فتأمل، بسبب تحديد المراد عن طريقة كتابة الحرف الأول كبير أو صغير. الأمر الذى يعنى أن مثل هذا النصوص لا يجوز الصلاة بها ، أو تعليمها شفاهةً.
          ونفس المشكلة موجودة فى المزامير 82: 6 وخروج 7: 1 :
          (6أَنَا قُلْتُ إِنَّكُمْ آلِهَةٌ وَبَنُو الْعَلِيِّ كُلُّكُمْ.) مزامير 82: 6
          (1فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «انْظُرْ! أَنَا جَعَلْتُكَ إِلَهاً لِفِرْعَوْنَ. وَهَارُونُ أَخُوكَ يَكُونُ نَبِيَّكَ.) خروج 7: 1
          (4الَّذِينَ فِيهِمْ إِلَهُ هَذَا الدَّهْرِ قَدْ أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ إِنْجِيلِ مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ.) كورنثوس الثانية 4: 4 ، ونفس الكلمة التى استعملها يوحنا لللالة على أن الكلمة أصبحت الله، والصح (إله) هى ثيؤس وهى الكلمة التى استعملها بولس للدلالة على الشيطان.
          (34أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَلَيْسَ مَكْتُوباً فِي نَامُوسِكُمْ: أَنَا قُلْتُ إِنَّكُمْ آلِهَةٌ؟ 35إِنْ قَالَ آلِهَةٌ لِأُولَئِكَ الَّذِينَ صَارَتْ إِلَيْهِمْ كَلِمَةُ اللَّهِ وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يُنْقَضَ الْمَكْتُوبُ) يوحنا 10: 34-35
          (40قَائِلِينَ لِهَارُونَ: اعْمَلْ لَنَا آلِهَةً تَتَقَدَّمُ أَمَامَنَا لأَنَّ هَذَا مُوسَى الَّذِي أَخْرَجَنَا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لاَ نَعْلَمُ مَاذَا أَصَابَهُ.) أعمال الرسل 7: 40
          (43بَلْ حَمَلْتُمْ خَيْمَةَ مُولُوكَ وَنَجْمَ إِلَهِكُمْ رَمْفَانَ التَّمَاثِيلَ الَّتِي صَنَعْتُمُوهَا لِتَسْجُدُوا لَهَا. فَأَنْقُلُكُمْ إِلَى مَا وَرَاءَ بَابِلَ.) أعمال الرسل 7: 43
          (إِنَّ الَّتِي تُصْنَعُ بِالأَيَادِي لَيْسَتْ آلِهَةً.) أعمال الرسل 19: 26
          ومن هذا ينتج أن استخدام كتبة الأناجيل فى الأمثلة السابقة لكلمة ثيؤس ، يقصدون بها ، كما اتفق مفسروا العهد القديم: الرؤساء والقضاة والملائكة الذين هم أعضاء البلاط الإلـهي ـ إذا صح التعبير ، وأن لقب آلهة وأبناء الله، لهم، ليس إلا لقبًا تشريفيًا لا أكثر، ولا يعني أبدًا أنهم شركاء لله تعالى في ذاته ولاهوته، كيف ومن تعاليم التوراة الأساسية وحدانية الله تعالى!
          بناء عليه، فعبارة «وإلـه هو الكلمة» معناها: وكائنٌ روحيٌّ عظيم ومقرَّب من الله هو الكلمة.
          هذا ومما يرجح هذه القراءة ويوجب المصير إلى هذا التفسير، هو أننا لو قلنا إن الكلمة هي الله لصار منطوق النص هو: [في البدء كان الله، وكان الله عند الله! وكان الله هو الله، الله كان في البدء عند الله]
          ولاشك ان هذا المنطوق يجعل افتتاحية يوحنا نصًا مختل المبنى غير مستقيم المعنى، بل لا معنى له بالمرة عند العقلاء ولا يصح.
          ومن البديهي أن الشيء لا يكون عند نفسه، فلا يصح أن نقول كان زيد عند زيد! ثم أصبح زيد زيدًا.
          أما على التفسير الذي ذكرناه، فإذا صار الإله المُنَـكَّر بمعنى الكائن الروحي العظيم الذى هو غير الله، صح أن نعتبره كان عند الله فى علمه أو حفظه وعنايته.
          بالله عليكم أيها العقلاء!
          هل من العقل أن يرسل الرب إليكم مندوباً (رسولاً) من عنده (ناهيكم عن قولكم إن الرب نفسه هو الذى تجسد ونزل) يبلغكم رسالة ما، لا تفهمونها، وتتخبطون فى تأويلها، وتتفرقون شيَعًا وأحزابًا فى فهم مراد الرب هذا ، ثم تقبلون كتبًا ورسائل وجدت بعد قتل هذا الإله الكبير، العلى، القوى، القدوس، العزيز، وتدعون أنها أوحيت من عنده ، ومع ذلك لا توجد عبارة على لسانه خالصة من عنده تقول إننى تجسدت فى صورة إنسان وأن الأب الذى أُصلِّى إليه وأتعبد إليه بالصيام والدعاء هو أنا نفسى الذى اتحد معنا أقنوم ثالث هو الروح القدس!
          فبالله عليكم ، هل هذا إله كامل يستحق العبودية؟ إله يجعل أشياعه وأتباعه فى صراع دون فهم أو اتحاد؟ إله يقرر (؟) رسائل بولس أنها موحى بها من عنده ، ولا يوحى بكتبه التى استشهد هو بها داخل عهده القديم وضاعت؟ أين تبقى هيبته عندما نقرأ فى كتابه قوله مستشهدًا بكتاب مثل سفر حروب الرب، ولا نجد له أثرًا؟
          التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 5 نوف, 2020, 05:53 م.

          تعليق


          • #6
            النقطة الخامسة والثلاثين:
            خلت الأناجيل الأربعة وما ألحقوه بها من رسائل من بينة واحدة على أن عيسى  أشار إلى نفسه أنه الكلمة. كما أن الثلاثة أناجيل الأولى المتوازية لم تشر بها إليه قط على ألسنة كاتبيها أو حكاية عن غيرهم. وأشير إلى قول لوقا الشهير فى بداية إنجيله، الذى يُثبت وجود محرفين للأناجيل وأقوال يسوع قبل تسجيل هذه الأناجيل أو اعتماد صحتها من الكنيسة:
            (1إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا 2كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّاماً لِلْكَلِمَةِ 3رَأَيْتُ أَنَا أَيْضاً إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيقٍ أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ 4لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ.) لوقا 1: 1-4
            فماذا تعنى الكلمة هنا غير ما سوف نذكره؟ وما الذى يمنع أن يكون هذا المعنى هو الذى قصده يوحنا فى بداية إنجيله هو أيضًا؟
            وعندما ورد هذا اللفظ فى إنجيل لوقا ، إنما كان بنفس المعنى الوارد فى أسفار التوراة أى بمدلول الوحى أو الأمر الإلهى أو الرسالة النبوية عند أنبياء العهد القديم ولم يتجاوز هذا الحد ولم يشر بها إلى مسيح الناصرة أو حتى أى مسيح آخر. وهو نفس المدلول فى إرمياء 10: 1-2 ونصه : (اِسْمَعُوا الْكَلِمَةَ الَّتِي تَكَلَّمَ بِهَا الرَّبُّ عَلَيْكُمْ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ. 2هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: [لاَ تَتَعَلَّمُوا طَرِيقَ الأُمَمِ وَمِنْ آيَاتِ السَّمَاوَاتِ لاَ تَرْتَعِبُوا لأَنَّ الأُمَمَ تَرْتَعِبُ مِنْهَا.)
            ومعنى الكلمة هنا واضح لا يحتاج إلى شرح وبمثله قال لوقا عن يوحنا المعمدان: (2فِي أَيَّامِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ حَنَّانَ وَقَيَافَا كَانَتْ كَلِمَةُ اللهِ عَلَى يُوحَنَّا بْنِ زَكَرِيَّا فِي الْبَرِّيَّةِ) لوقا 3: 2
            وإليك بعض النصوص التى توضح مدلول (الكلمة):
            1- جاءت بمعنى الكلمة ، ومنها الكلمة الطيبة ومنها الكلمة الخبيثة:
            الكلام العادى: (37بَلْ لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ: نَعَمْ نَعَمْ لاَ لاَ. وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ مِنَ الشِّرِّيرِ.) متى 5: 37
            كلام الله وأوامره وهو الكلام الطيب: (24اَلَّذِي لاَ يُحِبُّنِي لاَ يَحْفَظُ كلاَمِي. وَالْكلاَمُ الَّذِي تَسْمَعُونَهُ لَيْسَ لِي بَلْ لِلآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.) يوحنا 14: 24
            الكلمة الشريرة: (11طُوبَى لَكُمْ إِذَا عَيَّرُوكُمْ وَطَرَدُوكُمْ وَقَالُوا عَلَيْكُمْ كُلَّ كَلِمَةٍ شِرِّيرَةٍ مِنْ أَجْلِي كَاذِبِينَ.) متى 5: 11
            التجديف: (32وَمَنْ قَالَ كَلِمَةً عَلَى ابْنِ الإِنْسَانِ يُغْفَرُ لَهُ وَأَمَّا مَنْ قَالَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلَنْ يُغْفَرَ لَهُ لاَ فِي هَذَا الْعَالَمِ وَلاَ فِي الآتِي.) متى 12: 32
            (36وَلَكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ كَلِمَةٍ بَطَّالَةٍ يَتَكَلَّمُ بِهَا النَّاسُ سَوْفَ يُعْطُونَ عَنْهَا حِسَاباً يَوْمَ الدِّينِ.) متى 12: 36
            (10لأَنَّهُ يَقُولُ: «الرَّسَائِلُ ثَقِيلَةٌ وَقَوِيَّةٌ، وَأَمَّا حُضُورُ الْجَسَدِ فَضَعِيفٌ وَالْكَلاَمُ حَقِيرٌ».) كورنثوس الثانية 10: 10
            2- جاءت بمعنى كتاب الله:
            (35إِنْ قَالَ آلِهَةٌ لِأُولَئِكَ الَّذِينَ صَارَتْ إِلَيْهِمْ كَلِمَةُ اللَّهِ وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يُنْقَضَ الْمَكْتُوبُ) يوحنا 10: 35
            (1إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا 2كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّاماً لِلْكَلِمَةِ) لوقا 1: 1-2
            (17لأَنَّنَا لَسْنَا كَالْكَثِيرِينَ غَاشِّينَ كَلِمَةَ اللهِ، لَكِنْ كَمَا مِنْ إِخْلاَصٍ، بَلْ كَمَا مِنَ اللهِ نَتَكَلَّمُ أَمَامَ اللهِ فِي الْمَسِيحِ.) كورنثوس الثانية 2: 17
            (2بَلْ قَدْ رَفَضْنَا خَفَايَا الْخِزْيِ، غَيْرَ سَالِكِينَ فِي مَكْرٍ، وَلاَ غَاشِّينَ كَلِمَةَ اللهِ، بَلْ بِإِظْهَارِ الْحَقِّ،) كورنثوس الثانية 4: 17
            3- وبمعنى رضا الله:
            (3وَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: «إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللهِ فَقُلْ لِهَذَا الْحَجَرِ أَنْ يَصِيرَ خُبْزاً». 4فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «مَكْتُوبٌ أَنْ لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ مِنَ اللهِ».) لوقا 4: 3-4
            4- وبمعنى قوة الإيمان:
            (36فَوَقَعَتْ دَهْشَةٌ عَلَى الْجَمِيعِ وَكَانُوا يُخَاطِبُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً قَائِلِينَ: «مَا هَذِهِ الْكَلِمَةُ! لأَنَّهُ بِسُلْطَانٍ وَقُوَّةٍ يَأْمُرُ الأَرْوَاحَ النَّجِسَةَ فَتَخْرُجُ».) لوقا 4: 36
            5- أوامر الله ونواهيه:
            (1وَإِذْ كَانَ الْجَمْعُ يَزْدَحِمُ عَلَيْهِ لِيَسْمَعَ كَلِمَةَ اللهِ كَانَ وَاقِفاً عِنْدَ بُحَيْرَةِ جَنِّيسَارَتَ.) لوقا 5: 1
            (4وَكَثِيرُونَ مِنَ الَّذِينَ سَمِعُوا الْكَلِمَةَ آمَنُوا وَصَارَ عَدَدُ الرِّجَالِ نَحْوَ خَمْسَةِ آلاَفٍ.) أعمال الرسل 4: 4
            (لِتَسْكُنْ فِيكُمْ كَلِمَةُ الْمَسِيحِ بِغِنىً، وَأَنْتُمْ بِكُلِّ حِكْمَةٍ مُعَلِّمُونَ وَمُنْذِرُونَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً.) كولوسى 3: 16
            6- بمعنى التقوى والإستقامة:
            (11وَهَذَا هُوَ الْمَثَلُ: الزَّرْعُ هُوَ كَلاَمُ اللهِ 12وَالَّذِينَ عَلَى الطَّرِيقِ هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ ثُمَّ يَأْتِي إِبْلِيسُ وَيَنْزِعُ الْكَلِمَةَ مِنْ قُلُوبِهِمْ لِئَلاَّ يُؤْمِنُوا فَيَخْلُصُوا.) لوقا 8: 11-12
            7- وبمعنى العمل بكتاب الله:
            (15وَالَّذِي فِي الأَرْضِ الْجَيِّدَةِ هُوَ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ فَيَحْفَظُونَهَا فِي قَلْبٍ جَيِّدٍ صَالِحٍ وَيُثْمِرُونَ بِالصَّبْرِ.) لوقا 8: 15
            (19وَجَاءَ إِلَيْهِ أُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ وَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَصِلُوا إِلَيْهِ لِسَبَبِ الْجَمْعِ. 20فَأَخْبَرُوهُ: «أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ وَاقِفُونَ خَارِجاً يُرِيدُونَ أَنْ يَرَوْكَ». 21فَأَجَابَ: «أُمِّي وَإِخْوَتِي هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَعْمَلُونَ بِهَا».) لوقا 8: 19-21
            8- وجاءت بمعنى التجديف:
            (10وَكُلُّ مَنْ قَالَ كَلِمَةً عَلَى ابْنِ الإِنْسَانِ يُغْفَرُ لَهُ وَأَمَّا مَنْ جَدَّفَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلاَ يُغْفَرُ لَهُ.) لوقا 12: 10
            9- وجاءت بمعنى سؤال:
            (3فَأَجَابَ: «وَأَنَا أَيْضاً أَسْأَلُكُمْ كَلِمَةً وَاحِدَةً فَقُولُوا لِي: 4مَعْمُودِيَّةُ يُوحَنَّا مِنَ السَّمَاءِ كَانَتْ أَمْ مِنَ النَّاسِ؟») لوقا 20: 3
            10- وجاءت بمعنى خطأ أو إثم:
            (20فَرَاقَبُوهُ وَأَرْسَلُوا جَوَاسِيسَ يَتَرَاءَوْنَ أَنَّهُمْ أَبْرَارٌ لِكَيْ يُمْسِكُوهُ بِكَلِمَةٍ حَتَّى يُسَلِّمُوهُ إِلَى حُكْمِ الْوَالِي وَسُلْطَانِهِ. .. .. .. 26فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُمْسِكُوهُ بِكَلِمَةٍ قُدَّامَ الشَّعْبِ وَتَعَجَّبُوا مِنْ جَوَابِهِ وَسَكَتُوا.) لوقا 20: 20 و26
            11- وجاءت بمعنى تدريس كلام الله وتعاليمه:
            (2فَدَعَا الاِثْنَا عَشَرَ جُمْهُورَ التَّلاَمِيذِ وَقَالُوا: «لاَ يُرْضِي أَنْ نَتْرُكَ نَحْنُ كَلِمَةَ اللهِ وَنَخْدِمَ مَوَائِدَ.) أعمال الرسل 6: 2
            ومن هذا نستنج بوضوح أن الكلمة فى أسفار الكتاب هى التعليم والوحى والأمر الإلهى الصادر عن الله سبحانه وتعالى والمُبَلَّغ عن طريق نبى من عباده.
            فهل شذ من كتب إنجيل يوحنا واستخدم الكلمة لوجوس فى وصف عيسى  مخالفًا سياق الأناجيل الأخرى والرسائل مستسقيًا مصادر أجنبية وهى الفلسفة اليونانية فى جانبها الوثنى ليدسه فى النصرانية لأن المضمون عند فلاسفة اليونان مثل هيراقليطس: أن اللوجوس أو الكلمة هو العقل الإلهى الضابط لحركة الموجودات والمهيمن على الكون وهذا ما التقطه كاتب إنجيل يوحنا كفكرة فلسفية ليس لها أى أصل دينى صحيح بل هو تصور وثنى أضافه كاتب هذا الإنجيل ليزيد الأمور تعقيدًا عند النصارى؟
            النقطة السادسة والثلاثين:
            ولكن لنسأل يوحنا نفسه أو من كتب إنجيل يوحنا ماذا يقصد؟ وما هى العلاقة عنده هو بين عيسى  والله سبحانه وتعالى؟
            (16اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ وَلاَ رَسُولٌ أَعْظَمَ مِنْ مُرْسِلِهِ.) من يوحنا 13: 16
            فالكاتب هنا واضح جدًا: فالله أعظم مِن مَن يرسله. وهل من يريد أن يقنعنا أن عيسى  والله واحد يكتب مثل هذا؟؟
            وقال أيضًا: (28سَمِعْتُمْ أَنِّي قُلْتُ لَكُمْ أَنَا أَذْهَبُ ثُمَّ آتِي إِلَيْكُمْ. لَوْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي لَكُنْتُمْ تَفْرَحُونَ لأَنِّي قُلْتُ أَمْضِي إِلَى الآبِ لأَنَّ أَبِي أَعْظَمُ مِنِّي.) يوحنا 14: 28
            فهل يستطيع أى شخص أن يذهب إلى نفسه؟ هل يمكن لشخص أن تكون نفسه أعظم منه؟ لاحظ أننا نذكر فقط كلام يوحنا الذى كتبه فى إنجيله.
            (1تَكَلَّمَ يَسُوعُ بِهَذَا وَرَفَعَ عَيْنَيْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ وَقَالَ: «أَيُّهَا الآبُ قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ. مَجِّدِ ابْنَكَ لِيُمَجِّدَكَ ابْنُكَ أَيْضاً) ويوحنا 17: 1
            وهذه معناها على مذهبهم أنه يخاطب نفسه قائلا مجدت نفسى حتى أمجد نفسى!!
            (24أَيُّهَا الآبُ أُرِيدُ أَنَّ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي يَكُونُونَ مَعِي حَيْثُ أَكُونُ أَنَا لِيَنْظُرُوا مَجْدِي الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَنَّكَ أَحْبَبْتَنِي قَبْلَ إِنْشَاءِ الْعَالَمِ.)ويوحنا 17: 24
            هل الله أحب نفسه قبل خلق العالم وأعطى نفسه مجدًا؟
            والخلاصة هنا أن هذا العدد فى بداية إنجيل يوحنا لا ينسجم حتى مع بقية إنجيل يوحنا نفسه.
            النقطة السابعة والثلاثين:
            أما بالنسبة لكاتب إنجيل يوحنا نفسه وكتابه ، فتقول دائرة المعارف الكتابية (تحت كلمة إنجيل يوحنا): (فلا يكرر نقل المعلومات التى يمكن جمعها من الثلاثة الأخرى، بل يسير على نهج خاص به وينتقى من الأحداث ما يريد، ويقدمها من وجهة النظر الخاصة للإنجيل، كما أن له مبدأه الخاص فى هذا الانتقاء أو الاختيار، وهو المبدأ الذى ذكره فى الفقرة التى سبق أن اقتبسناها. [30وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هَذَا الْكِتَابِ. 31وَأَمَّا هَذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ. (يوحنا 20: 30-31)] فالمشاهد التى يصورها والأعمال التى يحكى عنها، والأقوال التى يرويها والتعليقات التى يقدمها الكاتب، كل هذه موجهة نحو هدف مساعدة القراء على الإيمان بأن يسوع المسيح هو ابن الله ، كما أن الكاتب يقرر أن نتيجة هذا الإيمان هى أن تكون لهم حياة باسمه. .. .. وهو يقدم لنا – على أكثر تقدير – معلومات عن عشرين يومًا من بين أكثر من ألف يوم هى مدة خدمة الرب.)
            فهل يمكننا اعتبار هذا الكتاب كتاب من عند الله؟ خاصة وقد اعترف علماؤهم بالنقل والتكرار المنسوخ من كتاب الأناجيل الأخرى من بعضهم البعض ، وأنهم اعترفوا أن كاتب هذا الإنجيل (يسير على نهج خاص به وينتقى من الأحداث ما يريد، ويقدمها من وجهة النظر الخاصة للإنجيل)؟
            فنحن إذن أمام إنسان ما أو هيئة ما كما يقول جمهور من النقاد، انتقت من أحداث عديدة، ومعجزات متعددة، وأقوال وتعاليم ليسوع، تناسب أهدافها، وجمعتها فى كتاب واحد نسبته ليوحنا. ولسنا أمام وحى الله ، وهذا باعتراف يوحنا نفسه: (30وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هَذَا الْكِتَابِ. 31وَأَمَّا هَذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا .. .. .. ) يوحنا 20: 30-31
            وقد أقر لوقا نفس الشىء فى إنجيله: (1إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا 2كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّاماً لِلْكَلِمَةِ 3رَأَيْتُ أَنَا أَيْضاً إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الأَوَّلِ بِتَدْقِيقٍ أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ 4لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ.) لوقا 1: 1-4
            وأؤكد مرة أخرى أن هذا الكتاب بدأ من بدايته بالتدليس: فلم يكن عيسى  دارسًا للفلسفة الغنوصية اليونانية التى تعتبر أن الكلمة (وهى تعنى هنا العقل) إله هذا العمل، والأصل فى وجوده، فجاءت المسيحية لتؤكد للأميين أن هذه الكلمة التى يعبدونها قد تجسدت وصارت الإله الجديد الذى يعبدونه هم.
            هذا على الرغم من منع يسوع لهم أن يكرزوا خارج أورشليم: (5هَؤُلاَءِ الاِثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً: «إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا. 6بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ.) متى 10: 5-7
            وعلى الرغم من ذلك نجد أن يوحنا جعل منطقة تبشير يسوع نفسه الجليل واليهودية والسامرة ، على الرغم من اتفاق الأناجيل الثلاثة الأخرى أن منطقة كرازة يسوع كانت الجليل واليهودية فقط.
            أضف إلى ذلك أن إنجيل يوحنا قد بلغ فى مستواه اللغوى اليونانى قمة البلاغة ، والسلامة اللفظية ، ولا يوجد به أى خطأ لغوى. وأنه كُتِبَ فى أسلوب سهل الفهم ، مما يُستدل به على بلاغة مؤلفه ودرايته بأساليب اليونانية وقواعدها.
            وفى هذا يقول الدكتور إبراهيم سعيد: (بشارة يوحنا فريدة الفرائد ، فليس فى آداب اللغات ما يعدل البشائر الأربع ، وليس بين البشائر الأربع ما يعدل البشارة الرابعة. أهذه البشارة مقالة تاريخية؟ أم هى بحث فلسفى أفرغ فى قالب تاريخى؟ أم هى حجة لاهوتية جمعت بين ثناياها دقائق التاريخ وجمال الفلسفة؟)
            وهذا الأسلوب لا يتأتى إلا من عقلية ناضجة تزيد عن عقلية عامة المشتغلين بالفلسفة ، فى حدة الذكاء والبلاغة ، بخلاف الأناجيل الثلاثة. الأمر الذى يزيد من شكوك الباحثين والعقلاء ، لأن الاثنى عشر كان أغلبهم من الأميين ، وبعضهم كان له إلمام بمبادىء القراءة والكتابة ، ويندر بينهم وجود رجل فى مستوى متى كاتب الحسابات ، الذى كان يعمل جابيًا للضرائب للسلطة الرومانية ، على أن هذا لم يكن المستوى الثقافى العام للتلاميذ.
            وقد وصف لوقا فى كتابه يوحنا وبطرس بأنهما عديما العلم وعاميان: (13فَلَمَّا رَأَوْا مُجَاهَرَةَ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا وَوَجَدُوا أَنَّهُمَا إِنْسَانَانِ عَدِيمَا الْعِلْمِ وَعَامِّيَّانِ تَعَجَّبُوا. فَعَرَفُوهُمَا أَنَّهُمَا كَانَا مَعَ يَسُوعَ) أعمال الرسل 4: 13، مع العلم أنه عاش بعد وصف لوقا له مدة لا تقل عن 12 عشر عامًا، كما يُفهم من ترجمة حبيب سعيد لكتاب أديان العالم الكبرى، وقد تصل إلى 27 عامًا كما يفهم من تقدير لجنة قاموس الكتاب المقدس.
            النقطة الثامنة والثلاثين:
            أضف إلى ذلك وصف عيسى  لتلاميذه بالغباء والجهل، وعدم الفهم، وهذا وحده يدمِّر كل ثقة بداخلنا فى كلام يوحنا هذا بل وباقى التلاميذ. ويُسقط مصداقية نظرية اللوجوس اليونانية الوثنية.
            كما أنه لا يخرج هذا الأسلوب الفلسفى ولا الإبداع اللغوى ، من إنسان جاهل لا يفهم الجمل البسيطة التى يتكلم بها نبيه. الأمر الذى يُشير إلى أن كاتبه هو أحد اليهود الدارسين للفلسفة اليونانية:
            فقال لبطرس: (23فَالْتَفَتَ وَقَالَ لِبُطْرُسَ: «اذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ. أَنْتَ مَعْثَرَةٌ لِي لأَنَّكَ لاَ تَهْتَمُّ بِمَا لِلَّهِ لَكِنْ بِمَا لِلنَّاسِ».) متى 16: 23
            ولم يفهموا مثل الزوان: (36حِينَئِذٍ صَرَفَ يَسُوعُ الْجُمُوعَ وَجَاءَ إِلَى الْبَيْتِ. فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: «فَسِّرْ لَنَا مَثَلَ زَوَانِ الْحَقْلِ».) متى 13: 36
            ووصفهم بقلة الإيمان: («مَا بَالُكُمْ خَائِفِينَ يَا قَلِيلِي الإِيمَانِ؟») متى 8: 26
            ووصفتهم الأناجيل بأنهم مثل أفراد عصابة تتنازع على الزعامة، ويحقد بعضهم على بعض: (41وَلَمَّا سَمِعَ الْعَشَرَةُ ابْتَدَأُوا يَغْتَاظُونَ مِنْ أَجْلِ يَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا.) مرقس 10: 41-44
            ولم يهتموا لسماعهم عن موته وفراقهم له ، بل تنازعوا على الزعامة: (21وَلَكِنْ هُوَذَا يَدُ الَّذِي يُسَلِّمُنِي هِيَ مَعِي عَلَى الْمَائِدَةِ. 22وَابْنُ الإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ مَحْتُومٌ وَلَكِنْ وَيْلٌ لِذَلِكَ الإِنْسَانِ الَّذِي يُسَلِّمُهُ». 23فَابْتَدَأُوا يَتَسَاءَلُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ: «مَنْ تَرَى مِنْهُمْ هُوَ الْمُزْمِعُ أَنْ يَفْعَلَ هَذَا؟». 24وَكَانَتْ بَيْنَهُمْ أَيْضاً مُشَاجَرَةٌ مَنْ مِنْهُمْ يُظَنُّ أَنَّهُ يَكُونُ أَكْبَرَ. 25فَقَالَ لَهُمْ: «مُلُوكُ الأُمَمِ يَسُودُونَهُمْ وَالْمُتَسَلِّطُونَ عَلَيْهِمْ يُدْعَوْنَ مُحْسِنِينَ. 26وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَيْسَ هَكَذَا بَلِ الْكَبِيرُ فِيكُمْ لِيَكُنْ كَالأَصْغَرِ وَالْمُتَقَدِّمُ كَالْخَادِمِ.) لوقا 22: 21-26
            كما وصف بطرس أيضاً بقلة الإيمان: (31فَفِي الْحَالِ مَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَأَمْسَكَ بِهِ وَقَالَ لَهُ: «يَا قَلِيلَ الإِيمَانِ لِمَاذَا شَكَكْتَ؟») متى 14: 25-31
            وأقر بطرس أنه والتلاميذ لا يفهمونه: (15فَقَالَ بُطْرُسُ لَهُ: «فَسِّرْ لَنَا هَذَا الْمَثَلَ». 16فَقَالَ يَسُوعُ: «هَلْ أَنْتُمْ أَيْضاً حَتَّى الآنَ غَيْرُ فَاهِمِينَ؟) متى 15: 15-16
            وتضجَّر منهم ووصفهم بالإلتواء وعدم الإيمان: (16وَأَحْضَرْتُهُ إِلَى تَلاَمِيذِكَ فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَشْفُوهُ». 17فَأَجَابَ يَسُوعُ: «أَيُّهَا الْجِيلُ غَيْرُ الْمُؤْمِنِ الْمُلْتَوِي إِلَى مَتَى أَكُونُ مَعَكُمْ؟ إِلَى مَتَى أَحْتَمِلُكُمْ؟ قَدِّمُوهُ إِلَيَّ هَهُنَا!» 18فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ فَخَرَجَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ. فَشُفِيَ الْغُلاَمُ مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ. 19ثُمَّ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ عَلَى انْفِرَادٍ وَقَالُوا: «لِمَاذَا لَمْ نَقْدِرْ نَحْنُ أَنْ نُخْرِجَهُ؟» 20فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لِعَدَمِ إِيمَانِكُمْ. فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهَذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ مِنْ هُنَا إِلَى هُنَاكَ فَيَنْتَقِلُ وَلاَ يَكُونُ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَيْكُمْ. 21وَأَمَّا هَذَا الْجِنْسُ فَلاَ يَخْرُجُ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ».) متى 17: 16-21
            وإذا كان هذا الجنس لا يخرج إلا بالصلاة والصوم ، ولم يتمكنوا من إخراجه ، فهم إذن لم يكونوا من المصليين الصائمين!!
            وانتهروا الأطفال ، ومنعوهم من الوصول إلى معلمهم: (13وَقَدَّمُوا إِلَيْهِ أَوْلاَداً لِكَيْ يَلْمِسَهُمْ. وَأَمَّا التَّلاَمِيذُ فَانْتَهَرُوا الَّذِينَ قَدَّمُوهُمْ. 14فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ ذَلِكَ اغْتَاظَ وَقَالَ لَهُمْ: «دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هَؤُلاَءِ مَلَكُوتَ اللَّهِ. 15اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ لاَ يَقْبَلُ مَلَكُوتَ اللَّهِ مِثْلَ وَلَدٍ فَلَنْ يَدْخُلَهُ». 16فَاحْتَضَنَهُمْ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ وَبَارَكَهُمْ.) مرقس 10: 13-16 .
            على الرغم من أنه قال لهم عن الأولاد الصغار من قبل: (1فِي تِلْكَ السَّاعَةِ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ قَائِلِينَ: «فَمَنْ هُوَ أَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ؟» 2فَدَعَا يَسُوعُ إِلَيْهِ وَلَداً وَأَقَامَهُ فِي وَسَطِهِمْ 3وَقَالَ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. 4فَمَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ مِثْلَ هَذَا الْوَلَدِ فَهُوَ الأَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. 5وَمَنْ قَبِلَ وَلَداً وَاحِداً مِثْلَ هَذَا بِاسْمِي فَقَدْ قَبِلَنِي. 6وَمَنْ أَعْثَرَ أَحَدَ هَؤُلاَءِ الصِّغَارِ الْمُؤْمِنِينَ بِي فَخَيْرٌ لَهُ أَنْ يُعَلَّقَ فِي عُنُقِهِ حَجَرُ الرَّحَى وَيُغْرَقَ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ.) متى 18: 1-6
            ووعدوه بنصرته ، وتخلوا كلهم عنه: (35قَالَ لَهُ بُطْرُسُ: «وَلَوِ اضْطُرِرْتُ أَنْ أَمُوتَ مَعَكَ لاَ أُنْكِرُكَ!» هَكَذَا قَالَ أَيْضاً جَمِيعُ التَّلاَمِيذِ.) متى 26: 35 ، (حِينَئِذٍ تَرَكَهُ التَّلاَمِيذُ كُلُّهُمْ وَهَرَبُوا.) متى 26: 56
            بل لقد أقسم بطرس كذبًا أنه لا يعرف معلمه (إلهه؟) ، وتركه (69أَمَّا بُطْرُسُ فَكَانَ جَالِساً خَارِجاً فِي الدَّارِ فَجَاءَتْ إِلَيْهِ جَارِيَةٌ قَائِلَةً: «وَأَنْتَ كُنْتَ مَعَ يَسُوعَ الْجَلِيلِيِّ». 70فَأَنْكَرَ قُدَّامَ الْجَمِيعِ قَائِلاً: «لَسْتُ أَدْرِي مَا تَقُولِينَ!» 71ثُمَّ إِذْ خَرَجَ إِلَى الدِّهْلِيزِ رَأَتْهُ أُخْرَى فَقَالَتْ لِلَّذِينَ هُنَاكَ: «وَهَذَا كَانَ مَعَ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ!» 72فَأَنْكَرَ أَيْضاً بِقَسَمٍ: «إِنِّي لَسْتُ أَعْرِفُ الرَّجُلَ!» 73وَبَعْدَ قَلِيلٍ جَاءَ الْقِيَامُ وَقَالُوا لِبُطْرُسَ: «حَقّاً أَنْتَ أَيْضاً مِنْهُمْ فَإِنَّ لُغَتَكَ تُظْهِرُكَ!» 74فَابْتَدَأَ حِينَئِذٍ يَلْعَنُ وَيَحْلِفُ: «إِنِّي لاَ أَعْرِفُ الرَّجُلَ!» .. …) متى 26: 69-74
            وعن هذا القسم تقول دائرة المعارف الكتابية مادة (حلف): ((1) شريعة الحلف أو القسم : الحلف أو القسم هو استمطار اللعنة على النفس إذا أنكرت الحق ( متى 26: 74)، وهذا يعنى أنه بكذب بطرس استمطر لعنة الله عليه!!
            لقد تخلى عنه بطرس وأنكره وأقسم كاذبًا أنه لا يعرفه ، على الرغم من قول يسوع عنه: (أَنْتَ بُطْرُسُ وَعَلَى هَذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْنِي كَنِيسَتِي وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا. 19وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطاً فِي السَّمَاوَاتِ. وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولاً فِي السَّمَاوَاتِ.) متى 16: 18-19، الأمر الذى ينفى الألوهية ، بل والنبوة عن يسوع، لأنه لم يهرف أن الشخص الذى أعطاه مفاتيح ملكوت السماوات والأرض سيرفضه وينكره ، بل وسيقسم كذبًا. والمعروف أن القسم لا يكون إلا بالله ، وأن من يُقسم بالله كاذبًا فهو على الأقل ملعون: (7لاَ تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلَهِكَ بَاطِلاً لأَنَّ الرَّبَّ لاَ يُبْرِئُ مَنْ نَطَقَ بِاسْمِهِ بَاطِلاً.) خروج 20: 7 ، (12وَلاَ تَحْلِفُوا بِاسْمِي لِلْكَذِبِ فَتُدَنِّسَ اسْمَ إِلَهِكَ. أَنَا الرَّبُّ.) لاويين 19: 12
            كما تركه التلميذ الذى كان يحبه وقت القبض عليه (؟) وهرب (صحيح أن الإنجيل يقول بعد ذلك إن بطرس أدخل يوحنا وظل مع المصلوب أثناء عملية الصلب ، لكنى أرى الإستخفاف بالعقول فى هذه الحكاية: فهل يُعقل أن من ترك إزاره وهرب من قوم أن يرجع إليهم مرة أخرى، وهم يعرفونه حق المعرفة، حيث كان التلاميذ يرافقونه فى كل وقت وحين، وكان يسهُل التعرف عليه جيدًا؟: (50فَتَرَكَهُ الْجَمِيعُ وَهَرَبُوا. 51وَتَبِعَهُ شَابٌّ لاَبِساً إِزَاراً عَلَى عُرْيِهِ فَأَمْسَكَهُ الشُّبَّانُ 52فَتَرَكَ الإِزَارَ وَهَرَبَ مِنْهُمْ عُرْيَاناً.) مرقس 14: 50-52
            حتى مع علمهم باقتراب القبض على إلههم (؟) وأنه سوف يُصلَب ، ولن يروه مرة أخرى على الأرض ، إلا أن الأناجيل تصفهم بالتخاذل وعدم الإكتراث ، فقد ناموا وتركوا إلههم (؟) يبكى، ويصلى، ويتضرع إلى إلهه أن ينقذه، طالبًا منهم أن يقفوا بجواره ليشجعوه وليهونوا عليه الأحداث العصيبة القادمة ، راجيًا إياهم أن يصلوا هم أيضًا ، لكى ينقذهم الله من الفتنة القادمة ، لكن هيهات هيهات:
            (32وَجَاءُوا إِلَى ضَيْعَةٍ اسْمُهَا جَثْسَيْمَانِي فَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «اجْلِسُوا هَهُنَا حَتَّى أُصَلِّيَ». 33ثُمَّ أَخَذَ مَعَهُ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا وَابْتَدَأَ يَدْهَشُ وَيَكْتَئِبُ. 34فَقَالَ لَهُمْ: «نَفْسِي حَزِينَةٌ جِدّاً حَتَّى الْمَوْتِ! امْكُثُوا هُنَا وَاسْهَرُوا». 35ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى الأَرْضِ وَكَانَ يُصَلِّي لِكَيْ تَعْبُرَ عَنْهُ السَّاعَةُ إِنْ أَمْكَنَ. 36وَقَالَ: «يَا أَبَا الآبُ كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ لَكَ فَأَجِزْ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ. وَلَكِنْ لِيَكُنْ لاَ مَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ مَا تُرِيدُ أَنْتَ». 37ثُمَّ جَاءَ وَوَجَدَهُمْ نِيَاماً فَقَالَ لِبُطْرُسَ: «يَا سِمْعَانُ أَنْتَ نَائِمٌ! أَمَا قَدَرْتَ أَنْ تَسْهَرَ سَاعَةً وَاحِدَةً؟ 38اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ. أَمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ وَأَمَّا الْجَسَدُ فَضَعِيفٌ». 39وَمَضَى أَيْضاً وَصَلَّى قَائِلاً ذَلِكَ الْكَلاَمَ بِعَيْنِهِ. 40ثُمَّ رَجَعَ وَوَجَدَهُمْ أَيْضاً نِيَاماً إِذْ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ ثَقِيلَةً فَلَمْ يَعْلَمُوا بِمَاذَا يُجِيبُونَهُ.41ثُمَّ جَاءَ ثَالِثَةً وَقَالَ لَهُمْ: «نَامُوا الآنَ وَاسْتَرِيحُوا! يَكْفِي! قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ!) مرقس 14: 32-41
            بل نام بطرس نفسه الذى انتقاه يسوع مع يعقوب ويوحنا عندما ذهب للصلاة: (37ثُمَّ جَاءَ وَوَجَدَهُمْ نِيَاماً فَقَالَ لِبُطْرُسَ: «يَا سِمْعَانُ أَنْتَ نَائِمٌ! أَمَا قَدَرْتَ أَنْ تَسْهَرَ سَاعَةً وَاحِدَةً؟) مرقس 14: 37
            وإنى لأتعجب وأتساءل: ما هو الدور الذى قام به تلاميذه ومحبوه وأتباعه وقت القبض عليه والصلب؟ إننا كشرقيين عندما نرى إنسانًا يُضرَب ويُنكَّل به ، نقول فى سذاجة (هذا حرام) ونحاول أن نكف عنه، وهذا يحدث دون أن نعلم سببًا لضربه، وحتى لو علم الناس أن هذا الشخص يُضرَب لأنه تم القبض عليه أثناء السرقة، تجد من يقول (صحيح هو لص ، لكن ما تفعلونه به حرام ، سلِّموه للشرطة) وننتقد كذلك تصرفات الشرطة فى التنكيل بأحد اللصوص. فما بالك بتصرفات هؤلاء الناس الطيبين تجاه من أشفى أبناءهم وأحيا موتاهم وأبرأ أسقامهم المستعصية (كل هذا بإذن الله) ، تجاه نبى أرسله الله إليهم لهدايتهم ، ألم يوجد فيهم من كانت عنده النخوة لنصرة الله ودينه ورسوله؟
            ووصفتهم أيضاً بأنهم غليظى القلوب: (52لأَنَّهُمْ لَمْ يَفْهَمُوا بِالأَرْغِفَةِ إِذْ كَانَتْ قُلُوبُهُمْ غَلِيظَةً.) مرقس 6: 52
            وعلى الرغم من كل ما قرأناه عن شخصية التلاميذ كما يصورها كاتبوا الأناجيل، نجد عيسى  يرفعهم إلى مصاف التلاميذ الذين تعلموا وفهموا ، وعلى مقدرة من العلم كبيرة تمكنهم من مواصلة مسيرة نبيهم ، فنقرأ أنه قال لهم: (10فَتَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ وَقَالُوا لَهُ: «لِمَاذَا تُكَلِّمُهُمْ بِأَمْثَالٍ؟» 11فَأَجَابَ: «لأَنَّهُ قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرَارَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَأَمَّا لِأُولَئِكَ فَلَمْ يُعْطَ.) متى 13: 10-11
            (16وَلَكِنْ طُوبَى لِعُيُونِكُمْ لأَنَّهَا تُبْصِرُ وَلِآذَانِكُمْ لأَنَّهَا تَسْمَعُ.) متى 13: 16
            وكذلك: (13«أَنْتُمْ مِلْحُ الأَرْضِ وَلَكِنْ إِنْ فَسَدَ الْمِلْحُ فَبِمَاذَا يُمَلَّحُ؟ لاَ يَصْلُحُ بَعْدُ لِشَيْءٍ إِلاَّ لأَنْ يُطْرَحَ خَارِجاً وَيُدَاسَ مِنَ النَّاسِ. 14أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَلٍ 15وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجاً وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ. 16فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.) متى 5: 13-16
            وعلى الرغم من التقدم العلمى لنقد نصوص الكتاب المقدس تقول دائرة المعارف الكتابية (مادة إنجيل مرقس) تقول إن عيسى  كان: (ينتهر حزيناً – الفكر الخاطئ لبطرس كما ينتهر فى غيظ غيرة تلاميذه الخاطئة ومطامعهم الأنانية (8: 33، 10: 14) والتحذير (ليهوذا بصفة خاصة 10: 23)
            وما هذا إلا تحريف المغرضين للإنجيل للقضاء على الرموز الرئيسية لأشخاصها، وهدم القدوة والتعاليم السامية، وتركهم يتخبطون فى فهم هذه المتناقضات.
            النقطة التاسعة والثلاثين:
            ومن الأدلة البينة التى تدل على أن كاتب هذا الإنجيل ليس يسوع هو أن كُتَّاب الأناجيل الثلاثة المتوافقة تحكى لنا عن أشياء هامة فى حياة يسوع كان يوحنا (التلميذ الذى يحبه) شاهدًا لها وعليها ، ولم يعرف يوحنا عنها شيئًا بالمرة:
            1- لم يحكى يوحنا عن مثل واحد من الأمثال الكثيرة التى ضربها يسوع عن ملكوت الله أو ملكوت السموات ، وكان هذا أولى بالذكر من تفاصيل كثيرة أخرى ، لأن هذا هو أصل رسالة يسوع :
            (43فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّهُ يَنْبَغِي لِي أَنْ أُبَشِّرَ الْمُدُنَ الأُخَرَ أَيْضاً بِمَلَكُوتِ اللهِ لأَنِّي لِهَذَا قَدْ أُرْسِلْتُ». 44فَكَانَ يَكْرِزُ فِي مَجَامِعِ الْجَلِيلِ.) لوقا 4: 43-44
            (23وَكَانَ يَسُوعُ يَطُوفُ كُلَّ الْجَلِيلِ يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِهِمْ وَيَكْرِزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ وَيَشْفِي كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضَعْفٍ فِي الشَّعْبِ.) متى 4: 23
            2- كذلك لم يعرف أى شىء عن تجلى موسى وإيليا ، فقد حكتها الأناجيل الثلاثة المتوافقة (متى 17: 1-13) و (مرقس 9: 2-13) و (لوقا 9: 28-36)
            (1وَبَعْدَ سِتَّةِ أَيَّامٍ أَخَذَ يَسُوعُ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا أَخَاهُ وَصَعِدَ بِهِمْ إِلَى جَبَلٍ عَالٍ مُنْفَرِدِينَ.) متى 17: 1
            (28وَبَعْدَ هَذَا الْكَلاَمِ بِنَحْوِ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ أَخَذَ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا وَيَعْقُوبَ وَصَعِدَ إِلَى جَبَلٍ لِيُصَلِّيَ.) لوقا 9: 28
            (2وَبَعْدَ سِتَّةِ أَيَّامٍ أَخَذَ يَسُوعُ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا وَصَعِدَ بِهِمْ إِلَى جَبَلٍ عَالٍ مُنْفَرِدِينَ وَحْدَهُمْ.) مرقس 9: 2
            3- وتركه التلميذ الذى كان يحبه وقت القبض عليه (؟) وهرب [صحيح أن الإنجيل يقول بعد ذلك إن بطرس أدخل يوحنا وظل مع المصلوب أثناء عملية الصلب ، لكنى أرى الإستخفاف بالعقول فى هذه الحكاية: فهل يُعقل أن من ترك إزاره وهرب من قوم ما أن يرجع إليهم مرة أخرى ، وهم يعرفونه حق المعرفة ، حيث كان التلاميذ يرافقونه فى كل وقت وحين ، وكان يسهُل التعرف عليه جيداً؟]: (50فَتَرَكَهُ الْجَمِيعُ وَهَرَبُوا. 51وَتَبِعَهُ شَابٌّ لاَبِساً إِزَاراً عَلَى عُرْيِهِ فَأَمْسَكَهُ الشُّبَّانُ 52فَتَرَكَ الإِزَارَ وَهَرَبَ مِنْهُمْ عُرْيَاناً.) مرقس 14: 50-52
            إلا أنك ترى أن يوحنا يكذب مرقس فى هذا الإدعاء ، ويدعى أنه كان موجودًا خلف يسوع ويحكى تفاصيل المحاكمة الأولى كشاهد عيان: (12ثُمَّ إِنَّ الْجُنْدَ وَالْقَائِدَ وَخُدَّامَ الْيَهُودِ قَبَضُوا عَلَى يَسُوعَ وَأَوْثَقُوهُ 13وَمَضَوْا بِهِ إِلَى حَنَّانَ أَوَّلاً لأَنَّهُ كَانَ حَمَا قَيَافَا الَّذِي كَانَ رَئِيساً لِلْكَهَنَةِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ. 14وَكَانَ قَيَافَا هُوَ الَّذِي أَشَارَ عَلَى الْيَهُودِ أَنَّهُ خَيْرٌ أَنْ يَمُوتَ إِنْسَانٌ وَاحِدٌ عَنِ الشَّعْبِ. 15وَكَانَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَالتِّلْمِيذُ الآخَرُ يَتْبَعَانِ يَسُوعَ وَكَانَ ذَلِكَ التِّلْمِيذُ مَعْرُوفاً عِنْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ فَدَخَلَ مَعَ يَسُوعَ إِلَى دَارِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ. 16وَأَمَّا بُطْرُسُ فَكَانَ وَاقِفاً عِنْدَ الْبَابِ خَارِجاً. فَخَرَجَ التِّلْمِيذُ الآخَرُ الَّذِي كَانَ مَعْرُوفاً عِنْدَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ وَكَلَّمَ الْبَوَّابَةَ فَأَدْخَلَ بُطْرُسَ.) يوحنا 18: 12-16
            هذا على الرغم من اختبائهم الدائم من اليهود ، حتى ظهر لهم يسوع مرة أخرى: (19وَلَمَّا كَانَتْ عَشِيَّةُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَهُوَ أَوَّلُ الأُسْبُوعِ وَكَانَتِ الأَبْوَابُ مُغَلَّقَةً حَيْثُ كَانَ التّلاَمِيذُ مُجْتَمِعِينَ لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ جَاءَ يَسُوعُ وَوَقَفَ فِي الْوَسَطِ وَقَالَ لَهُمْ: «سلاَمٌ لَكُمْ».) يوحنا 20: 19
            فكيف تجاسر يوحنا على الهرب منهم ، ثم الذهاب إليهم برجله ، ثم الاختباء منهم مرة أخرى؟ وكيف تعرفوا على بطرس أنه كان معهم، ولم يلفت نظرهم وجود يوحنا ، أو هربه عريانًا ، بالإضافة إلى أنه كان مشهورًا عند اليهود ومجمعهم؟
            والأغرب من ذلك أن بطرس هو الذى أدخل يوحنا إلى مجمع رئيس الكهنة. فكيف جلس وسطهم وهو الذى قطع أذن عبد رئيس الكهنة؟ وكيف يدخله إلا إذا كان أحد أهل المجمع ومعروفًا عندهم جيدًا؟ وإذا كان هذا حاله فلماذا عاد واختبأ من اليهود حتى ظهر يسوع لهم؟
            4- وعلى الرغم من وجوده مع يسوع أثناء صلاته فى ضيعة جشيمانى ، إلا أنه يغفل عن تفاصيل كثيرة ذكرها لوقا الذى لم يكن معهم: فلم يظهر له ملاك من السماء يقويه ، ولم يتصبب عرقًا ودمًا أثناء الصلاة ، ولم يأمرهم بشراء سيف ، بل إن أحداث الليلة الأخيرة حدثت عند يوحنا فى وادى قدرون ، بينما حدثت عند مرقس ومتى فى ضيعة جشيمانى ، وحدثت عند لوقا فى جبل الزيتون: (39وَخَرَجَ وَمَضَى كَالْعَادَةِ إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ وَتَبِعَهُ أَيْضاً تَلاَمِيذُهُ. 40وَلَمَّا صَارَ إِلَى الْمَكَانِ قَالَ لَهُمْ: «صَلُّوا لِكَيْ لاَ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ». 41وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى 42قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ. وَلَكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ». 43وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ. 44وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ. 45ثُمَّ قَامَ مِنَ الصَّلاَةِ وَجَاءَ إِلَى تَلاَمِيذِهِ فَوَجَدَهُمْ نِيَاماً مِنَ الْحُزْنِ. 46فَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا أَنْتُمْ نِيَامٌ؟ قُومُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ».) لوقا 22: 39-46
            5- بعد القبض على يسوع ذهبوا به مباشرة إلى بيت قيافا رئيس الكهنة، بينما تجدهم عند يوحنا يذهبون به أولاً إلى حنَّان حما قيافا (يوحنا 18: 13)
            6- فى حين أجمعت الأناجيل المتوافقة على أن الذى تبعه بعد الصلب هو بطرس فقط، يقول يوحنا فى الإنجيل المنسوب إليه إنه تبعه مع بطرس (يوحنا 18: 15)
            7- كذلك حَمَلَ الصليب إلى جلجثة (مكان الصلب) عند الأناجيل المتوافقة سمعان القيروانى، بينما جعل يوحنا يسوعَ يحمل صليبه حتى مكان الصلب(يوحنا 19: 17)
            8- كذلك كان يوحنا الوحيد الذى ادعى أن علة المصلوب كانت مكتوبة باللاتينية (يوحنا 19: 19-20).
            9- كان يوحنا الوحيد الذى ادعى أن المصلوب طلب ليشرب (19: 28-29)
            10- وفى الوقت الذى حدد فيه مرقس وقت الصلب الساعة الثالثة ، وسكت عنها متى ولوقا ، حددها يوحنا بالساعة التاسعة (يوحنا 19: 14)
            11- وفى الوقت الذى يؤكد فيه كتبة الأناجيل أن المصلوب لم يُطعن بحربة ، يؤكد يوحنا فى إنجيله أنه طُعِنَ بحربة ، وخرج دم وماء (يوحنا 19: 33-34)
            12- وفى الوقت الذى يؤكد فيه كتبة الأناجيل المتوافقة أن حجاب الهيكل قد انشق بعد موته (عند مرقس ومتى) أو قبل موته (عند لوقا) ، لا يعلم وحى يوحنا شيئًا عن ذلك.
            13- وفى الوقت الذى كان يقف فيه يوحنا وقت صلب يسوع سمع فيه يسوع يقول: (قد أكمل ونكس رأسه) يوحنا 19: 30
            بينما قال عند مرقس: (إلوى إلوى لما شبقتنى ، الذى تفسيره إلهى إلهى لماذا تركتنى) مرقس 15: 34
            بينما قال عند متى: (إيلى إيلى لما شبقتنى ، أى إلهى إلهى لماذا تركتنى) متى 27: 46
            وقال عند لوقا: (يا أبتاه فى يديك أستودع روحى) لوقا 23: 46
            14- الذى دفن يسوع كان يوسف الذى من الرامة عند الأناجيل المتوافقة ، بينما دفنه عند يوحنا شاهد العيان نيقوديموس ويوسف (يوحنا 19: 39)
            15- لم يذكر يوحنا شاهد العيان وجود شهود لعملية الدفن ، بينما يذكرهم باقى الأناجيل المتوافقة ، فقد ذكر مرقس ومتى وجود شاهدين (مرقس 15: 47 ، ومتى 27: 61) ، بينما يذكر لوقا نساء كثيرات كن قد أتين معه من الجليل ونظرن القبر وكيف وضع جسده (لوقا 23: 55).
            16- اتفقت الأناجيل المتوافقة أنه لم يدهن الجثمان قبل الدفن بالأطياب ، لذلك أتت النساء بعد الدفن بما يقرب من 36 ساعة لدهن جثمان المتوفى ، بينما أكد يوحنا أن جثمان المتوفى دهن بالأطياب (يوحنا 19: 40) قبل الدفن.
            17- كذلك اختلف يوحنا فى يوم دفن يسوع فجعله السبت (31ثُمَّ إِذْ كَانَ اسْتِعْدَادٌ فَلِكَيْ لاَ تَبْقَى الأَجْسَادُ عَلَى الصَّلِيبِ فِي السَّبْتِ لأَنَّ يَوْمَ ذَلِكَ السَّبْتِ كَانَ عَظِيماً سَأَلَ الْيَهُودُ بِيلاَطُسَ أَنْ تُكْسَرَ سِيقَانُهُمْ وَيُرْفَعُوا. 32فَأَتَى الْعَسْكَرُ وَكَسَرُوا سَاقَيِ الأَوَّلِ وَالآخَرِ الْمَصْلُوبَيْنِ مَعَهُ. 33وَأَمَّا يَسُوعُ فَلَمَّا جَاءُوا إِلَيْهِ لَمْ يَكْسِرُوا سَاقَيْهِ لأَنَّهُمْ رَأَوْهُ قَدْ مَاتَ. [يوحنا 19: 31-33]) بدلاً من الجمعة عند كل الأناجيل المتوافقة (مرقس 15: 42)
            على الرغم من أن يوحنا ذكر فى موضع آخر أن موعد دفن المصلوب كان مساء الخميس: (28ثُمَّ جَاءُوا بِيَسُوعَ مِنْ عِنْدِ قَيَافَا إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ وَكَانَ صُبْحٌ. وَلَمْ يَدْخُلُوا هُمْ إِلَى دَارِ الْوِلاَيَةِ لِكَيْ لاَ يَتَنَجَّسُوا فَيَأْكُلُونَ الْفِصْحَ. [يوحنا 18: 28])، وعند باقى الإنجيليين مساء الجمعة (42وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ إِذْ كَانَ الاِسْتِعْدَادُ - أَيْ مَا قَبْلَ السَّبْتِ -) مرقس 15: 42
            18- كذلك خالف يوحنا الإنجيليين فى عدد مرات ظهور يسوع بعد الصلب، فقد جعلها يوحنا ثلاث مرات (20: 19 و20: 26 و21: 1)، بينما حدثت مرة واحدة عند باقى الإنجيليين.
            19- كذلك فقد خالف يوحنا ولوقا كلاً من متى ومرقس بأن جعلا ظهور يسوع للتلاميذ فى أورشليم ، بينما كان ظهوره عند مرقس ومتى فى الجليل.
            20- عند يوحنا أعطى عيسى  الأمر لمريم المجدلية أن تخبر التلاميذ بقيامته (20: 17)، بينما أخبرها الملك الشاب عند مرقس 16: 7،وأخبرها الرجلان (الملكان) عند لوقا 24: 5-9 ، لأن يسوع لم يلتقِ بمريم بعد قيامته مطلقاً.
            21- كان وقت صعوده للسماء فى اليوم التاسع عند يوحنا (20: 26 و 21: 1)، بينما اتفقت الأناجيل المتوافقة على صعوده يوم نشوره ، وخالفهم سفر أعمال الرسل بأن جعلها بعد 40 يومًا.
            22- لم يذكر يوحنا المكان الذى انطلق منه يسوع ، على الرغم من أن مرقس الذى لم يكن من تلاميذ يسوع ، ولم يكن شاهدَ عيان على الأحداث قد ذكرها. فقد ذكر مرقس أن مكان انطلاق يسوع كان الجبل، بينما انطلق عند لوقا من بيت عنيا (لوقا 24: 20)، وكان عند متى فى أورشليم ، حيث العلية التى كانوا يجتمعون فيها.
            وأنهى كلامى أن كلام يوحنا وإنجيله كاملاً لا يقيم حجة على تجسد الكلمة ، أو ألوهية يسوع ، أو معجزة من المعجزات ، بل يجب أن يرفض بالكامل ، لأنه ثبت كذبه وأن مؤلفه لم يكن شاهد عيان ، ولم يكن هو التلميذ الذى كان يسوع يحبه ، بل كتبه آخرون ونسبوه ليوحنا بناءًا على كل الأدلة التى ذكرتها.
            وعلى ذلك لا يصح الإستدلال بافتتاحية إنجيل يوحنا على ألوهية يسوع بأى حال من الأحوال للأسباب التى ذكرتها.
            * * *
            التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 5 نوف, 2020, 05:52 م.

            تعليق


            • #7
              أعتقد أننا بذلك قد غطينا موضوع كون الله الكلمة ، والكلمة يسوع، ويسوع الله. وننتقل الآن إلى باقى إجابته على سؤال: ماذا تقصد بكون المسيح كلمة الله المتجسِّد؟
              إذاً الكلمة كما تكلمنا سابقاً هو عقل الله الناطق وكما قلنا عن صفات الذاتية سابقاً إن الله له وجود وبنسميه الله الآب وعقل أى كلمة والكلمة بنت العقل وإذن الكلمة الذى هو عقل الله الناطق ليس شئ آخر سوى الله … اله فى وجوده … الله فى علمه .. الله فى روحه ومن يقول الكتاب وكان الكلمة الله والكلمة صار جسداً أى حل فى الجسد وبالطبع عقل الله لا ينفصل عن وجود الله ولا ينفصل عن روحه وهذا غير ممكن وفى رسالة معلمنا بولس الرسول إلى تلميذه تيموثاوس الرسالة الأولى الإصحاح الثالث وعدد 16 عظيم وبالإجماع عظيم هو سر التقوى الله ظهر فى الجسد فكيف ذلك ؟
              كلمة الله تجسد فى إنسان وهذا الوضع ممكن يكون مستغرب كيف كلام الله يتجسد ولكن فى الحقيقة هناك أرضية مشتركة بيننا وبين أخوتنا فى الإسلام فقد يقول الأخ المسلم فى نفسه ما هذا الكلام الفارغ ؟؟ كيف أن الله وكلامه يتجسد ؟؟ ولكن عندما نرجع للقرآن وللتفسير للعلماء والفقهاء فى الإسلام سيكتشف أنها حقيقة كائنة وليس اختراعاً من عندنا .. فى سورة النساء آية 171 – إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه
              وهنا المسيح كلمة الله وكما وضحنا فى كلام سابق أن الهاء ضمير مفرد غائب ومذكر متصل يعود على الله وروح منه . الهاء تعود على الله فإذن المسيح كلمة الله وفى سورة آل عمران آية 39 " إن الله يبشرك يا زكريا بيحيى ( أى يوحنا المعمدان ) مصدقاً لكلمة الله ، وكما شرحنا سابقاً أن تفسير الإمام أبو السعود لكلمة مصدقاً بكلمة الله أى بعيسى عليه السلام إذ قيل أنه أول من آمن به وصدق بأنه كلمة الله وروح منه .. إذن هذا الفكر ليس غريباً على أخوتنا فى الإسلام ولكن المشكلة أنهم لا يقرؤون بفهم والغالبية العظمى لا تقرأ والذى يقرأ يعوِّم القراءة وإذا حاول التفكير يتهم بالزندقة !!!
              ========================================
              نبدأ بقوله: (وكما قلنا عن صفات الذاتية سابقًا إن الله له وجود وبنسميه الله الآب)، ومعنى ذلك أن الذى يتجسَّد هو صفة الرب ، فمرة كانت الكلمة هو الآب ، وكان عقله وعلمه هو الابن ، ومرة كانت روحه هى الروح القدس. أى إن الإله المعبود بحق لدى القمص زكريا بطرس لا يتكوَّن إلى من ثلاثة صفات هى الوجود والعلم والحياة. فأين الإله الرابع صفة المحبة؟ ولماذا لم يتجسَّد هو الآخر؟ وأين الإله الخامس صفة القدرة؟ وأين الإله السادس صفة القداسة؟ وأين الإله السابع صفة العزَّة؟ وأين الإله الثامن صفة العظمة؟ وأين الإله التاسع صفة الله الخالق؟ وأين الإله العاشر صفة الله المحيى والمميت؟ وأعتقد أنك فهمت الآن ما أريد أن أقوله ، فأنت قسَّمت إلهك أو اكتفيت بثلاثة صفات فقط دون باقى صفاته ، واعتبرت كلا منها إله. فأين العقل والمنطق الذى تدعوا إليه؟
              ناهيك عن أنه يسمى الوجود أب. ويُسمُّون العقل ابن! ويُسمُّون الروح القدس الحياة. ولا قيمة للأب بدون الحياة التى هى الروح القدس ، والابن ، ولا قيمة للابن بدون الأب والروح القدس ، ولا قيمة للروح القدس بدون الأب الخالق والابن العقل. ولكن لا تكن غبيًا وتظن أن هؤلاء الثلاثة ليسوا بإله واحد ، أو أن كل منهم إله ناقص يفتقر فى وجوده إلى الآخرين!!
              ولكن ما الحكمة من تسمية الوجود بالأب؟ وعلام تستند من نصوص كتابية فى هذه التسمية؟ وما هو السند الكتابى لتسميتكم العقل بالابن؟
              * * *
              ثم تقول: (الكلمة الذى هو عقل الله الناطق ليس شئ آخر سوى الله). فلا يقول أحد إن الكلمة هى العقل إلا الفلسفة الغنوصية اليونانية الوثنية. وأعتقد كما يعتقد كل مسيحى أن عيسى  بعيدًا كل البعد عن هذه الوثنية ، التى اقتبسها الإنجيل الذى تنسبونه ليوحنا.
              وخلاصة القول: أنت جعلت الكلمة هى العقل ، والعقل هو الله. وليس لك أدنى سند لهذا غير قول يوحنا المقتبس من الفلسفة الوثنية ، والذى فندناه. ولم تذكر لنا أين قال يسوع أنا الكلمة؟ أو أنا العقل؟ أو أنا الله؟ لا يوجد.
              كما ذكرنا المعانى المتعددة لاستخدامات معنى الكلمة فى الأناجيال ، ولا يوجد بينها معنى العقل ، أو تحل محل الله فى العمل أو الفكر. وليس معنى أن الكلمة تصدر من العقل، أن تكون هى العقل نفسه، وإلا لقلنا إن المخلوق هو الخالق، وأن العبد هو سيده. ألا تتذكروا قول يسوع أنه لن يفضل العبد سيده ، ولا التلميذ معلمه، ويكفى أن يكون التلميذ مثل معلمه؟ فهو يقول: (24«لَيْسَ التِّلْمِيذُ أَفْضَلَ مِنَ الْمُعَلِّمِ وَلاَ الْعَبْدُ أَفْضَلَ مِنْ سَيِّدِهِ. 25يَكْفِي التِّلْمِيذَ أَنْ يَكُونَ كَمُعَلِّمِهِ وَالْعَبْدَ كَسَيِّدِهِ.) متى 10: 24-25
              * * *
              وبيَّنَّا أن النص: (عظيم وبالإجماع عظيم هو سر التقوى الله ظهر فى الجسد) تيموثاوس الأولى 3: 16 هى ترجمة خاطئة مُغرضة من كتبة الرسائل ، لتمرير عقيدتهم فى تأليه يسوع ، وأن الترجمة السليمة هى ما قدمته الترجمة ******ية، وهو أن الذى أُظهر بصيغة المبنى للمجهول هو السر وليس الله: (16ولا خِلافَ أَنَّ سِرَّ التَّقْوى عَظيم: قد أُظهِرَ في الجَسَد وأُعلِنَ بارّاً في لرُّوح وتَراءَى لِلمَلائِكَة وبُشِّرَ به عِندَ الوَثَنِيِّين وأُومِنَ بِه في العالَم ورُفِعَ في المَجْد)
              وأكدته الترجمة العربية المشتركة بين الأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت بقولها: (16ولا خِلافَ أَنَّ سِرَّ التَّقْوى عَظيم: الذى ظَهَِرَ في الجَسَد ، وتَبَرَّرَ فى الرُّوح، شَاهَدَتهُ المَلائِكَة، كانَ بِشَارَة للأُمَمِ، آمَنَ بِه العالَمُ، ورَفَعَه اللهُ في المَجْد)
              والمتتبع للنص بدقة يجد أنه يستحيل أن يتكلم عن الله، لأن الله مرفوع فى مجده، ولا يحتاج لإله آخر يرفعه. كما أن الله لم يره أحد قط (يوحنا 1: 18)، والنص يتكلم عن شخص رأته الملائكة، وأصبحت روحه بارة، أى لم تكن بارة وتغيرت. فكيف يتبرَّر الرب فى الروح؟ فهل لم يكن بارًا إلا بعد تجسُّده؟ وكيف يتغير الرب وهو القائل إنه لا يتغيَّر؟ (6لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ لاَ أَتَغَيَّرُ) ملاخى 3: 6
              * * *
              أما عن قول القرآن عن عيسى  إنه (رسول الله وكلمته) فتقول الآية دون بتر: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً} (171) سورة النساء
              وباقى سياق الآيات: {لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِّلّهِ وَلاَ الْمَلآئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعًا} (172) النساء
              وعلى ذلك فإن عيسى ابن مريم  هو كلمة الله أى أمره لمريم ، لذلك قال (وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ) ، وهو فى نفس الوقت رسول الله ، ولن يستنكف أن يكون عبدًا لله. شأنه فى ذلك شأن الملائكة المقربين. واسمع تحذير الله تعالى لك يا زكريا: (وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ)، وتحذيره الآخر: (وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعًا). إذن لا مبرر لديك أن تُطبق المفهوم الوثنى الذى اقتبسه يوحنا فى كتابه على القرآن، كمحاولة فاشلة لإثبات صحة عقيدتك.
              وقد يتعجَّب البعض كيف يقتبس يوحنا من الفلسفة الوثنية؟ ألم يوح إليه هذا الكلام؟ وفى الحقيقة إن هذا التعجب لكارثة أكبر ، حيث تنسبون لله هذا الإقتباس!! وقد بيَّنت فى الرد على الحلقات السابقة تأثير عبادة القمر الوثنية على الكتاب وفكره، وسوف أثبت لك عزيزى القمص اقتباس بولس من الشعراء الوثنيين ، ونسبتموه أنتم لله ، وعليك أن تبيِّن لمستمعيك السبب والكيف:
              1- استشهاد بولس بأقوال الشعراء: (كما يقول الدكتور القس منيس عبد النور فى كتابه “شبهات وهمية حول الكتاب المقدس” ص 14): فمن أقوال الشاعر (أراتس) اقتبس: (28لأَنَّنَا بِهِ نَحْيَا وَنَتَحَرَّكُ وَنُوجَدُ. كَمَا قَالَ بَعْضُ شُعَرَائِكُمْ أَيْضاً: لأَنَّنَا أَيْضاً ذُرِّيَّتُهُ.) أعمال الرسل 17: 28
              2- استشهاد بولس بقول الشاعر (مناندو) وهى: (33لاَ تَضِلُّوا! فَإِنَّ الْمُعَاشَرَاتِ الرَّدِيَّةَ تُفْسِدُ الأَخْلاَقَ الْجَيِّدَةَ.) كورنثوس الأولى 15: 33
              3- استشهاد بولس بقول الشاعر الكريتى (أبيمانديس) وهو: (12قَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ - وَهُوَ نَبِيٌّ لَهُمْ خَاصٌّ: «الْكِرِيتِيُّونَ دَائِماً كَذَّابُونَ. وُحُوشٌ رَدِيَّةٌ. بُطُونٌ بَطَّالَةٌ».) تيطس 1: 12 ، فما حاجة الرب لأقوال الشعراء لتأييد أقواله؟ أيستشهد الرب بأقوال الشعراء ليقنع الناس بدينه؟
              هذا بالإضافة إلى آراء وخطابات شخصية كتبها بولس لأشخاص ما ، فلماذا اعتبرت من وحى الله؟ وما الحكمة منها؟ فهل أخبرت مستمعيك بمنطقكم فى هذا؟
              4- (38إِذاً مَنْ زَوَّجَ فَحَسَناً يَفْعَلُ وَمَنْ لاَ يُزَوِّجُ يَفْعَلُ أَحْسَنَ. 39الْمَرْأَةُ مُرْتَبِطَةٌ بِالنَّامُوسِ مَا دَامَ رَجُلُهَا حَيّاً. وَلَكِنْ إِنْ مَاتَ رَجُلُهَا فَهِيَ حُرَّةٌ لِكَيْ تَتَزَوَّجَ بِمَنْ تُرِيدُ فِي الرَّبِّ فَقَطْ. 40وَلَكِنَّهَا أَكْثَرُ غِبْطَةً إِنْ لَبِثَتْ هَكَذَا بِحَسَبِ رَأْيِي. وَأَظُنُّ أَنِّي أَنَا أَيْضاً عِنْدِي رُوحُ اللهِ.) كورنثوس الأولى 7: 38-40
              5- (25وَأَمَّا الْعَذَارَى فَلَيْسَ عِنْدِي أَمْرٌ مِنَ الرَّبِّ فِيهِنَّ وَلَكِنَّنِي أُعْطِي رَأْياً كَمَنْ رَحِمَهُ الرَّبُّ أَنْ يَكُونَ أَمِيناً. 26فَأَظُنُّ أَنَّ هَذَا حَسَنٌ لِسَبَبِ الضِّيقِ الْحَاضِرِ. أَنَّهُ حَسَنٌ لِلإِنْسَانِ أَنْ يَكُونَ هَكَذَا كورنثوس الأولى 7: 25-26
              6- (12وَأَمَّا الْبَاقُونَ فَأَقُولُ لَهُمْ أَنَا لاَ الرَّبُّ: إِنْ كَانَ أَخٌ لَهُ امْرَأَةٌ غَيْرُ مُؤْمِنَةٍ وَهِيَ تَرْتَضِي أَنْ تَسْكُنَ مَعَهُ فَلاَ يَتْرُكْهَا. 13وَالْمَرْأَةُ الَّتِي لَهَا رَجُلٌ غَيْرُ مُؤْمِنٍ وَهُوَ يَرْتَضِي أَنْ يَسْكُنَ مَعَهَا فَلاَ تَتْرُكْهُ.) كورنثوس الأولى 7: 12-13
              7- (2هَا أَنَا بُولُسُ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنِ اخْتَتَنْتُمْ لاَ يَنْفَعُكُمُ الْمَسِيحُ شَيْئاً!) غلاطية 5: 2 ، وهو نفس الأمر الذى أدانه فيه التلاميذ ، وكفروه بسببه.
              8- بولس ينوى أن يشتِّى فى نيكوبوليس! فهل هذا من وحى الله؟ (12حِينَمَا أُرْسِلُ إِلَيْكَ أَرْتِيمَاسَ أَوْ تِيخِيكُسَ بَادِرْ أَنْ تَأْتِيَ إِلَيَّ إِلَى نِيكُوبُولِيسَ، لأَنِّي عَزَمْتُ أَنْ أُشَتِّيَ هُنَاكَ.) تيطس 3: 12
              9- (11لُوقَا وَحْدَهُ مَعِي. خُذْ مَرْقُسَ وَأَحْضِرْهُ مَعَكَ لأَنَّهُ نَافِعٌ لِي لِلْخِدْمَةِ. 12أَمَّا تِيخِيكُسُ فَقَدْ أَرْسَلْتُهُ إِلَى أَفَسُسَ. 13اَلرِّدَاءَ الَّذِي تَرَكْتُهُ فِي تَرُواسَ عِنْدَ كَارْبُسَ أَحْضِرْهُ مَتَى جِئْتَ، وَالْكُتُبَ أَيْضاً وَلاَ سِيَّمَا الرُّقُوقَ. 14إِسْكَنْدَرُ النَّحَّاسُ أَظْهَرَ لِي شُرُوراً كَثِيرَةً. لِيُجَازِهِ الرَّبُّ حَسَبَ أَعْمَالِهِ.) ثيموثاوس الثانية 4: 11-14
              10- ناهيك عن السلامات والتحيات والقبلات الخاصة: (1أُوصِي إِلَيْكُمْ بِأُخْتِنَا فِيبِي الَّتِي هِيَ خَادِمَةُ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي كَنْخَرِيَا 2كَيْ تَقْبَلُوهَا فِي الرَّبِّ كَمَا يَحِقُّ لِلْقِدِّيسِينَ وَتَقُومُوا لَهَا فِي أَيِّ شَيْءٍ احْتَاجَتْهُ مِنْكُمْ لأَنَّهَا صَارَتْ مُسَاعِدَةً لِكَثِيرِينَ وَلِي أَنَا أَيْضاً. 3سَلِّمُوا عَلَى بِرِيسْكِلاَّ وَأَكِيلاَ الْعَامِلَيْنِ مَعِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ 4اللَّذَيْنِ وَضَعَا عُنُقَيْهِمَا مِنْ أَجْلِ حَيَاتِي اللَّذَيْنِ لَسْتُ أَنَا وَحْدِي أَشْكُرُهُمَا بَلْ أَيْضاً جَمِيعُ كَنَائِسِ الأُمَمِ 5وَعَلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَيْتِهِمَا. سَلِّمُوا عَلَى أَبَيْنِتُوسَ حَبِيبِي الَّذِي هُوَ بَاكُورَةُ أَخَائِيَةَ لِلْمَسِيحِ. 6سَلِّمُوا عَلَى مَرْيَمَ الَّتِي تَعِبَتْ لأَجْلِنَا كَثِيراً. 7سَلِّمُوا عَلَى أَنْدَرُونِكُوسَ وَيُونِيَاسَ نَسِيبَيَّ الْمَأْسُورَيْنِ مَعِي اللَّذَيْنِ هُمَا مَشْهُورَانِ بَيْنَ الرُّسُلِ وَقَدْ كَانَا فِي الْمَسِيحِ قَبْلِي. 8سَلِّمُوا عَلَى أَمْبِلِيَاسَ حَبِيبِي فِي الرَّبِّ. 9سَلِّمُوا عَلَى أُورْبَانُوسَ الْعَامِلِ مَعَنَا فِي الْمَسِيحِ وَعَلَى إِسْتَاخِيسَ حَبِيبِي. 10سَلِّمُوا عَلَى أَبَلِّسَ الْمُزَكَّى فِي الْمَسِيحِ. 11سَلِّمُوا عَلَى هِيرُودِيُونَ نَسِيبِي. سَلِّمُوا عَلَى الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَهْلِ نَرْكِسُّوسَ الْكَائِنِينَ فِي الرَّبِّ. 12سَلِّمُوا عَلَى تَرِيفَيْنَا وَتَرِيفُوسَا التَّاعِبَتَيْنِ فِي الرَّبِّ. سَلِّمُوا عَلَى بَرْسِيسَ الْمَحْبُوبَةِ الَّتِي تَعِبَتْ كَثِيراً فِي الرَّبِّ. 13سَلِّمُوا عَلَى رُوفُسَ الْمُخْتَارِ فِي الرَّبِّ وَعَلَى أُمِّهِ أُمِّي. .. .. .. 21يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ تِيمُوثَاوُسُ الْعَامِلُ مَعِي وَلُوكِيُوسُ وَيَاسُونُ وَسُوسِيبَاتْرُسُ أَنْسِبَائِي. 22أَنَا تَرْتِيُوسُ كَاتِبُ هَذِهِ الرِّسَالَةِ أُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ فِي الرَّبِّ. 23يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ غَايُسُ مُضَيِّفِي وَمُضَيِّفُ الْكَنِيسَةِ كُلِّهَا. يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ أَرَاسْتُسُ خَازِنُ الْمَدِينَةِ وَكَوَارْتُسُ الأَخُ.) رومية 16: 1-23
              عزيزى القمص: هل تعلم لو وجد مسلم مثل هذا فى كتابه لكفر بالإسلام دون تردد! أين دستور الرب لديكم فى الميراث وفى باقى المعاملات؟ أين شريعة الرب فى التجارة والمعملات؟ أين تعاليم الرب بشأن النظافة؟ أين تعاليم الرب بشأن الصيام؟
              إنكم ليس لديكم دستور، وتعتمدون كما اعتمد يسوع الذى تؤلهه من قبل على شريعة موسى: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ.) متى 5: 17، مع الأخذ فى الاعتبار أن كلمة (لأكمل) ليست ترجمة دقيقة للكلمة اليونانية Ploresia، والتى تعنى لأحقق، لأنفذ، لأطيع، لأطبِّق. كما يُفهم من التفسير الحديث لمتى فى شرحه لهذه الفقرة. وبغض النظر عن ترجمة هذه الكلمة ، فهو لم يأت لينقض. إذن جاء متبعًا ، وليس مبتدعًا.
              ألم يكن من الأليق والأفيد أن يوضح لكم عقيدة الثالوث ، التى لا يفهمها مسيحى ولا لاهوتى لليوم؟
              ألم يكن من الأصوب أن يتفوَّه ولو لمرة بأنه الكلمة المتجسّدة أو الله المتجسِّد بدلا من اقتباس فلسفة وثنية؟
              وهل عجز الرب فى توضيح مراده دون اقتباس وثنيات القوم؟ فما الذى يدفع الوثنى للدخول فى دينكم ، طالما أن الرب يقتبس من عقيدته؟
              أصدقنى عزيزى القمص: هل تؤمن فعلاً بأن هذه النصوص وحى من الله؟ فإذا كنت تؤمن بهذا، فما أهمية مشتى بولس أو ردائه بالنسبة للرب، وبالنسبة لكم؟
              * * *
              أما بالنسبة لقول القمص: (مصدقًا لكلمة الله) ، فهو مبديئًا اقتباس مشوَّه للآية، فاقرأ الآية الصحيحة ، ثم ارجع لاقتباس القمص وقارن، ثم فكر لماذا قالها القمص هكذا: {فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ} (39) سورة آل عمران
              ويقول القمص فى استشهاده بتفسير هذه الآية من تفسير أبى السعود: (وكما شرحنا سابقاً أن تفسير الإمام أبو السعود لكلمة مصدقاً بكلمة الله أى بعيسى عليه السلام إذ قيل أنه أول من آمن به وصدق بأنه كلمة الله وروح منه)
              فمازال يُصر القمص على التدليس وتسمية عيسى  (كلمة الله) وليس (كلمة من الله)، لأن كلمة من الله تعنى مخلوقة من الله، وهذا لا يخدمه فى تدليسه، ويعرقله عن الوصول إلى أن يسوع هو الكلمة ، والكلمة هى العقل ، التى تجسدت وأصبحت إله. ولكن من الممكن استخدام تعبير أن عيسى  (كلمة الله) بمعنى أمر الله لمريم بتلقى الحمل ، دون زواج طبيعى برجل. كما سيمر علينا فى تفسير أبى السعود الذى اقتبس منه القمص.
              وهذا ما كتبه أبو السعود فى الجزء الأول من تفسيره طبعة دار الفكر صفحة 356: ”"بكلمة من الله" أى بعيسى عليه السلام ، وإنما سمى كلمة لأنه وجد بكلمة كن من غير أب، فشابه البديعيات التى هى عالم الأمر، و”من“ لابتداء الغاية متعلقة بمحذوف وقع صفة لـ ”كلمة“، أى بكلمة كائنة منه تعالى: قيل هو أول من آمن به وصدق بأنه كلمة الله وروح منه“.
              هذا ويُجمع كل المفسرين على أن كلمة الله بشأن عيسى  تعنى أنه وجد بكلمة كن. وهذا ما صدقه المعمدان بطبيعة الحال ، فهو نبى مثله ، يوحى إليهما من إله واحد، أنه روح طاهرة من الله تعالى ، وأنه خُلق بكلمة كن.
              ويعلم أن الله يصطفى النبى فى أنسب قومه ، وأعرقهم وأشرفهم ، ويُنشئه نشأةً صالحة، ويُنبته نباتًا حسنًا متحليًا بكل خلق كريم ، بعيدًا عن كل وصف ذميم، ويهيىء له من أسباب الشرف والرفعة وعلو المنزلة ، كما يوفر فيه جميع الخصال التى تؤهله للقيام بأعباء الرسالة ، التى اصطفاه لها، ليسد الله تعالى على أعدائه باب القدح فيه والتنقيص له، فلا يجد أعداؤه سبيلا إلى إلصاق العيوب به.
              لذلك كان من البديهى عند يوحنا المعمدان أن يؤمن بطهارة مريم وعيسى . ولو لم يؤمن بطهارة عيسى  وأمه ، لكان ذلك سببًا فى سقوط نبوته.
              لأنه لو لم يكن عيسى  نبى مثل المعمدان، أو قل، لو كان عيسى  إلهًا، لكان تصديق المعمدان لا قيمة له، حيث سيكون تصديقه مبنيًا على كلام يسوع فقط، ولا بد من وجود شاهدين أو أكثر ليتم تصديقها!!
              نخلص من هذا أن كون عيسى  كلمة الله أو كلمة من الله ، أنه خُلق بكلمة ”كن“ من الله ، أى بأمر الله لأمه مريم البتول. لذلك تقول الاية (وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ). وأن سياق الآية ينهى عن التثليث، ونسبة الولد لله، ويوضح أن عيسى  نبيًا من الله وعبده ورسوله [إلى بنى إسرائيل]. فلم تترك الآيات مجالاً للقمص ينفذ منه، لذلك يبتر الجزء الذى لا يخدم مفهومه أو عقيدته فى الآيات ، وهو نفس ما يفعلونه فى كتابهم الذى يؤمنون بقداسته.
              * * *
              يواصل القمص إجابته على كيفية التجسُّد:
              ويحضرنى أننى ذات مرة كنت أناقش شخص مسلم وقلت له نفكر .. فرفض تماماً معللاً بأنه هناك قول : الشيطان فى التفاصيل !!! يا خبر أبيض !! أغلقوا العقول !! مع إنه فى التفاصيل أفهم كل شئ وأدرسه فيا عزيزى المشاهد أنت تلاحظ التعليمات أوعى تفكر .. أوعى تفكر .. أوعى تفحص .. وكل حاجة تأخذها كأنها مُسلمات .. ولكننا ندعو أحباءنا المسلمين أنهم يفكروا فى دينهم ويفكروا فى القرآن والأحاديث ويفكروا فى التفسير بتاعهم وليس بتاعنا ويحاولوا أن يفكروا ويفهموا ..
              ========================================
              سوف أعتبر هذا رأيك أنت فى الإسلام ، ودعك من أقصوصة الذى سمَّيته مسلم والذى قال لك (الشيطان فى التفاصيل). فلن أشكك فى وجود مثل هذا المسلم أو فى جهله بدينه، ولن أشكك فى فهمك أنت، ولو أننى أميل إلى التشكيك فى هذا، لخبرتى بك وباستشهاداتك وبتحليلك للنصوص.
              إذن أنت تقارن دعوة الدين لاستخدام العقل بين الإسلام والكتاب الذى تقدسه، وهذا مضمار لم تُحسن إلى نفسك أو دينك أنك أقحمت نفسك فيه، ولن تسىء إلى الإسلام بكلامك عنه كما أردت. وهذا يُذكرنى بتعبير رائع قاله الشيخ محمد الغزالى رحمة الله عليه: ”فالمسألة لا تعدو أن ... غرته الأمانى، فجاء يناوش القلاع الشمّ، فأصابته قذيفة أودت به، ودمرت عليه مكمنه، وبقيت القمم كما هى ترد الطرف، وعاد المغرورون إلى أوكارهم الهشَّة ، فإذا بها مُسوَّاة بالرغام“.
              عزيزى القمص زكريا بطرس: إذا كنت تقصد أن التنوير الغربى المسيحى تفوَّق على التنوير الإسلامى، فأنت تُهين نفسك ودينك وتدعو إلى البروتستانتية أو الكاثوليكية اللتان أفرزتا هؤلاء العلماء. ولكننى أسألك: متى أفرزت الأرثوذكسية علماء أسهموا فى النهضة العلمية سواء وقت أن كان المسلمون أعلم علماء أهل الأرض أم عندما تركوا الإسلام وتخلفوا؟
              ومن الجدير بالذكر أن تعلم أن التنوير الغربى لم ينجح إلى بعد أن تخلى الأوربيون عن الكتاب الذى تقدسه، وطردوه من حياتهم. ولم يتخلف المسلمون إلا بعد أن بعدوا عن الإسلام وقرآنهم. الأمر الذى يعنى أن التقدم والرقى لا يكون إلا فى التخلى عن الكتاب الذى تقدسه والتمسك بالقرآن وتعاليمه. فلم ينجح الغرب إلا بعد أن فصلوا الدين عن الدولة ، والعلم عن سيطرة الكنيسة وهيمنتها على العقول، ورفض المثقفون والعلماء والعقلاء المسيحية ، بل والكتاب الذى تقدسه بأكمله. الأمر الذى يعنى أن التخلى عن الكتاب الذى تقدسه كان سببًا فى تقدم الأوربيين ورفعتهم العلمية.
              وقد تتعجب أن هذا هو رأى يسوع نفسه. إن يسوع رفض تدخل الدين فى الدولة، لعلمه أن هذا الكتاب الذى تقدسه تم وسيتم تحريفه، إضافة إلى فساد رجال الكهنوت، فرفض تدخلهم فى الحياة السياسية والمدنية والعلمية ، فقال: («أَعْطُوا إِذاً مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلَّهِ لِلَّهِ».) متى 22: 21 ، الأمر الذى يُشير إلى فشل المسيحية وانهيار الكتاب الذى تقدسه عزيزى القمص زكريا أمام منطق العقل.
              وسأذكر لك بعض الاستشهادات من علمائك وزملائك وكتابك الذى تقدسه تؤكد أن هذا الدين وهذا الكتاب أبعد ما يكون عن العقل:
              لكن نتفق اتفاق العقلاء على أن الكتاب الذى أعتبره كتاب الله لابد أن يصف على الأقل الله تعالى بما هو أهل له ، وهى كل الصفات الحسنى. ومن هذه الصفات أنه لابد أن يتصف الإله بالعلم ، ليعلم كيف يُحاسب عبيده على أعمالهم.
              ومن هذه الصفات أنه لا بد أن يكون إلهًا عليمًا بالغيب والشهادة. ولننظر إلى إلهك هل تتوفر فيه هذه الصفات:
               لقد نزل الرب على الأرض ليتفقد المدينة والبرج ، التى يبنيها الإنسان على الأرض. (5فَنَزَلَ الرَّبُّ لِيَنْظُرَ الْمَدِينَةَ وَالْبُرْجَ اللَّذَيْنِ كَانَ بَنُو آدَمَ يَبْنُونَهُمَا.) تكوين 11: 5
              فهل عندك من تفسير لهذا؟ فهل لا يرى المدينة من على عرشه؟ فكيف يعلم الأسرار؟ وكيف يطلع على خفايا الصدور؟ أم هل كان نظره ضعيف ولا يصل إلى الأرض؟ أم كانت ملائكته فى أجازة ، ولم يجد من يقوم له بهذه المهمة؟
               كذلك نزل عندما كثُر صراخ سدوم وعمورة وخطيتهم عظمت ليتأكد من سبب صراخها: (20وَقَالَ الرَّبُّ: «إِنَّ صُرَاخَ سَدُومَ وَعَمُورَةَ قَدْ كَثُرَ وَخَطِيَّتُهُمْ قَدْ عَظُمَتْ جِدّاً. 21أَنْزِلُ وَأَرَى هَلْ فَعَلُوا بِالتَّمَامِ حَسَبَ صُرَاخِهَا الْآتِي إِلَيَّ وَإِلَّا فَأَعْلَمُ».) التكوين 18: 20-21
              وذلك على الرغم من النصوص الأخرى التى تتعارض مع هذه الأقوال: (23أَلَعَلِّي إِلَهٌ مِنْ قَرِيبٍ يَقُولُ الرَّبُّ وَلَسْتُ إِلَهاً مِنْ بَعِيدٍ. 24إِذَا اخْتَبَأَ إِنْسَانٌ فِي أَمَاكِنَ مُسْتَتِرَةٍ أَفَمَا أَرَاهُ أَنَا يَقُولُ الرَّبُّ؟ أَمَا أَمْلَأُ أَنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ يَقُولُ الرَّبُّ؟) إرمياء 23: 23-24
              (الرب إله عليم) صموئيل الأول 1: 30 ؛ و2: 3 من نفس السفر.
              (3فِي كُلِّ مَكَانٍ عَيْنَا الرَّبِّ مُرَاقِبَتَيْنِ الطَّالِحِينَ وَالصَّالِحِينَ) الأمثال 15: 3
              والأنكى من ذلك أنه ندم على أعمال قام بها ، ولم يتوقع رد فعل الناس ، ففاجأه الناس بالنكران. كيف تؤلهون من كانت هذه صفاته؟ وبأى حق تؤلهونه؟
               (6فَحَزِنَ الرَّبُّ أَنَّهُ عَمِلَ الإِنْسَانَ فِي الأَرْضِ وَتَأَسَّفَ فِي قَلْبِهِ. 7فَقَالَ الرَّبُّ: «أَمْحُو عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ الإِنْسَانَ الَّذِي خَلَقْتُهُ: الإِنْسَانَ مَعَ بَهَائِمَ وَدَبَّابَاتٍ وَطُيُورِ السَّمَاءِ. لأَنِّي حَزِنْتُ أَنِّي عَمِلْتُهُمْ».) تكوين 6: 6-7
               وأيضًا (وَالرَّبُّ نَدِمَ لأَنَّهُ مَلَّكَ شَاوُلَ عَلَى إِسْرَائِيلَ.) صموئيل الأول 15: 35
               ثم ها هو الرب ينسى ميثاقه مع أنبيائه، ثم يتذكر بسماع أنين بنى إسرائيل: (24فَسَمِعَ اللهُ أَنِينَهُمْ فَتَذَكَّرَ اللهُ مِيثَاقَهُ مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ.) خروج 2: 24 ، أين هذا العقل الذى تتكلمون عنه فى كتابكم؟
              ثم انظر لقول الكتاب الذى تقدسه فى الرب: إنه يصفه بالإرهاب والتطرف، والتعصُّب الأعمى ، وملىء بالتطاول عليه وعلى وملائكته وأنبيائه. فماذا تبقى لإلهكم من قداسة أو عزة أو حتى سمعة طيبة؟
               خروج 20: 5 (5لاَ تَسْجُدْ لَهُنَّ وَلاَ تَعْبُدْهُنَّ لأَنِّي أَنَا الرَّبَّ إِلَهَكَ إِلَهٌ غَيُورٌ أَفْتَقِدُ ذُنُوبَ الآبَاءِ فِي الأَبْنَاءِ فِي الْجِيلِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ مِنْ مُبْغِضِيَّ)
               تثنية 23: 3 (3لا يَدْخُل عَمُّونِيٌّ وَلا مُوآبِيٌّ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. حَتَّى الجِيلِ العَاشِرِ لا يَدْخُل مِنْهُمْ أَحَدٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ إِلى الأَبَدِ ) ، هذا على الرغم أن يسوع جاء من نسل سليمان ، وكانت نعمة العمونية أمه (ملوك الأول 14: 21)
               (10وَأَنَا أَيْضاً عَيْنِي لاَ تُشْفِقُ وَلاَ أَعْفُو. أَجْلِبُ طَرِيقَهُمْ عَلَى رُؤُوسِهِمْ».) حزقيال 9: 10، هذا قول إله المحبة!!
               وأمر بعدم الرحمة أو الشفقة مع المحاربين: ([اعْبُرُوا فِي الْمَدِينَةِ وَرَاءَهُ وَاضْرِبُوا. لاَ تُشْفِقْ أَعْيُنُكُمْ وَلاَ تَعْفُوا. 6اَلشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ. اقْتُلُوا لِلْهَلاَكِ. .. .. .. [نَجِّسُوا الْبَيْتَ, وَامْلأُوا الدُّورَ قَتْلَى. اخْرُجُوا». فَخَرَجُوا وَقَتَلُوا فِي الْمَدِينَةِ.) حزقيال 9: 5-7
               (9طُوبَى لِمَنْ يُمْسِكُ أَطْفَالَكِ وَيَضْرِبُ بِهِمُ الصَّخْرَةَ!) مزامير 137: 8-9
               (16تُجَازَى السَّامِرَةُ لأَنَّهَا قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَى إِلَهِهَا. بِـالسَّيْفِ يَسْقُطُونَ. تُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ وَالْحَوَامِلُ تُشَقُّ) هوشع 13: 16
               (11دَفَعَنِيَ اللهُ إِلَى الظَّالِمِ وَفِي أَيْدِي الأَشْرَارِ طَرَحَنِي. 12كُنْتُ مُسْتَرِيحاً فَزَعْزَعَنِي وَأَمْسَكَ بِقَفَايَ فَحَطَّمَنِي وَنَصَبَنِي لَهُ هَدَفاً.) أيّوب 16: 11-12
               (6فَاعْلَمُوا إِذاً أَنَّ اللهَ قَدْ عَوَّجَنِي وَلَفَّ عَلَيَّ أُحْبُولَتَهُ. 7هَا إِنِّي أَصْرُخُ ظُلْماً فَلاَ أُسْتَجَابُ. أَدْعُو وَلَيْسَ حُكْمٌ. 8قَدْ حَوَّطَ طَرِيقِي فَلاَ أَعْبُرُ وَعَلَى سُبُلِي جَعَلَ ظَلاَماً. 9أَزَالَ عَنِّي كَرَامَتِي وَنَزَعَ تَاجَ رَأْسِي. 10هَدَمَنِي مِنْ كُلِّ جِهَةٍ فَذَهَبْتُ وَقَلَعَ مِثْلَ شَجَرَةٍ رَجَائِي 11وَأَضْرَمَ عَلَيَّ غَضَبَهُ وَحَسِبَنِي كَأَعْدَائِهِ.) أيّوب 19: 6-11
               (12مِنَ الْوَجَعِ أُنَاسٌ يَئِنُّونَ وَنَفْسُ الْجَرْحَى تَسْتَغِيثُ وَاللهُ لاَ يَنْتَبِهُ إِلَى الظُّلْمِ.) أيوب 24: 12 ، فمن المجنون هذا الذى يقول إن هذا الإله إله محبة؟
               (18هُوَذَا عَبِيدُهُ لاَ يَأْتَمِنُهُمْ وَإِلَى مَلاَئِكَتِهِ يَنْسِبُ حَمَاقَةً.) أيّوب 4: 18
               (20إِلَيْكَ أَصْرُخُ فَمَا تَسْتَجِيبُ لِي. أَقُومُ فَمَا تَنْتَبِهُ إِلَيَّ. 21تَحَوَّلْتَ إِلَى جَافٍ مِنْ نَحْوِي. بِقُدْرَةِ يَدِكَ تَضْطَهِدُنِي) أيّوب 30: 20-21
               (19يَذْهَبُ بِالْكَهَنَةِ أَسْرَى وَيَقْلِبُ الأَقْوِيَاءَ. 20يَقْطَعُ كَلاَمَ الأُمَنَاءِ وَيَنْزِعُ ذَوْقَ الشُّيُوخِ. 21يُلْقِي هَوَاناً عَلَى الشُّرَفَاءِ وَيُرْخِي مِنْطَقَةَ الأَشِدَّاءِ. 22يَكْشِفُ الْعَمَائِقَ مِنَ الظَّلاَمِ وَيُخْرِجُ ظِلَّ الْمَوْتِ إِلَى النُّورِ. 23يُكَثِّرُ الأُمَمَ ثُمَّ يُبِيدُهَا. يُوَسِّعُ لِلأُمَمِ ثُمَّ يُشَتِّتُها. 24يَنْزِعُ عُقُولَ رُؤَسَاءِ شَعْبِ الأَرْضِ وَيُضِلُّهُمْ فِي تِيهٍ بِلاَ طَرِيقٍ. 25يَتَلَمَّسُونَ فِي الظَّلاَمِ وَلَيْسَ نُورٌ وَيُرَنِّحُهُمْ مِثْلَ السَّكْرَانِ) أيّوب 12: 19-24
              إرهاب، وتدمير، وإبادة، وتعصُّب أعمى، وسب للرب، وملائكته وأنبيائه! فكيف يُنسب هذا الكتاب لله؟ أين العقل عزيزى القمص زكريا بطرس؟
              كل هذا البطش على الرغم من أنه كان يهرب من اليهود ، بل كان يبكى لأبيه أن يخلصه من ذل الموت وهوانه على الناس، وطبعًا لا مجال هنا لأن يقول القمص إنه فعل ذلك بناسوته ، لأنه معنى ذلك أن لاهوته انفصل عن لاهوته ، وهذا ضد قانون إيمانكم:
               (41وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى 42قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ. وَلَكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ». 43وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ. 44وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ.) لوقا 22: 41-44
               حزقيال 24: 20-21 (25وَأَعْطَيْتُهُمْ أَيْضاً فَرَائِضَ غَيْرَ صَالِحَةٍ وَأَحْكَـاماً لاَ يَحْيُونَ بِهَا 26وَنَجَّسْتُهُمْ بِعَطَايَاهُمْ إِذْ أَجَازُوا فِي النَّارِ كُلَّ فَاتِحِ رَحِمٍ لأُبِيدَهُمْ, حَتَّى يَعْلَمُوا أَنِّي أَنَا الرَّبُّ.) ، هذا هو إله المحبة يُضلِّل، ويُنجِّس، إضافة إلى سوء اختياره لأنبيائه.
              وأين العقل فى حكاية سيدتين اتفقتا على ذبح طفليهما وسلقه وأكله،وعندما أخلفت احداهما الوعد ، ذهبت الأخرى لتشتكى إلى الملك ، فقطَّع الملك ملابسه؟ أعتقد لو أن أم حكت لطفلها هذه الحكاية لأصابته بالذعر ، ولأفقدته الثقة فى أمه وكرَّهته فى الرب وكتابه! فما الهدف من هذه الحكايات إلا إرهاب الأطفال؟ (28ثُمَّ قَالَ لَهَا الْمَلِكُ: [مَا لَكِ؟] فَقَالَتْ: [هَذِهِ الْمَرْأَةُ قَالَتْ لِي: هَاتِي ابْنَكِ فَنَأْكُلَهُ الْيَوْمَ ثُمَّ نَأْكُلَ ابْنِي غَداً. 29فَسَلَقْنَا ابْنِي وَأَكَلْنَاهُ. ثُمَّ قُلْتُ لَهَا فِي الْيَوْمِ الآخَرِ: هَاتِي ابْنَكِ فَنَأْكُلَهُ فَخَبَّأَتِ ابْنَهَا]. 30فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ كَلاَمَ الْمَرْأَةِ مَزَّقَ ثِيَابَهُ وَهُوَ مُجْتَازٌ عَلَى السُّورِ، فَنَظَرَ الشَّعْبُ وَإِذَا مِسْحٌ مِنْ دَاخِلٍ عَلَى جَسَدِهِ.) ملوك الثانى 6: 28-30
              وأين العقل فى أن ينذر نبى أن يذبح ذريته تقربًا للرب ، ويرضى الرب بهذا؟ (30وَنَذَرَ يَفْتَاحُ نَذْراً لِلرَّبِّ قَائِلاً: «إِنْ دَفَعْتَ بَنِي عَمُّونَ لِيَدِي 31فَالْخَارِجُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ أَبْوَابِ بَيْتِي لِلِقَائِي عِنْدَ رُجُوعِي بِالسَّلاَمَةِ مِنْ عِنْدِ بَنِي عَمُّونَ يَكُونُ لِلرَّبِّ, وَأُصْعِدُهُ مُحْرَقَةً». .. .. .. 39وَكَانَ عِنْدَ نِهَايَةِ الشَّهْرَيْنِ أَنَّهَا رَجَعَتْ إِلَى أَبِيهَا, فَفَعَلَ بِهَا نَذْرَهُ الَّذِي نَذَرَ.) القضاة 11: 30-39
              وأين العقل فى أن يأمر الرب بأكل أطفالك فى المجاعات؟ (53فَتَأْكُلُ ثَمَرَةَ بَطْنِكَ لحْمَ بَنِيكَ وَبَنَاتِكَ الذِينَ أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ فِي الحِصَارِ وَالضِّيقَةِ التِي يُضَايِقُكَ بِهَا عَدُوُّكَ.) تثنية 28: 53
              فهل يؤمن العقل بأن يأمر إله المحبة الأب أن يبيع ابنته ويدفع بها إلى العبودية؟ أى عقل ترونه فى ذلك؟ وأى محبة تستمتعون بها فى هذا؟ وإذا كان هذا الأمر قد حرمته القوانين الدولية ، ولم يفعل أى منكم ، فهو دليل على انتصار العقل الواعى لديكم على الرب والكتاب الذى تنسبونه إليه: (7وَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ ابْنَتَهُ أَمَةً لاَ تَخْرُجُ كَمَا يَخْرُجُ الْعَبِيدُ.) خروج21: 7
              وأى عقل ترونه فى أن يكون الابن الأصغر أكبر من أبيه بسنتين: (20كَانَ [أَخَزْيَا] ابْنَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ وَمَلَكَ ثَمَانِيَ سِنِينَ فِي أُورُشَلِيمَ وَذَهَبَ غَيْرَ مَأْسُوفٍ عَلَيْهِ وَدَفَنُوهُ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ وَلَكِنْ لَيْسَ فِي قُبُورِ الْمُلُوكِ. 1وَمَلَّكَ سُكَّانُ أُورُشَلِيمَ أَخَزْيَا ابْنَهُ الأَصْغَرَ عِوَضاً عَنْهُ لأَنَّ جَمِيعَ الأَوَّلِينَ قَتَلَهُمُ الْغُزَاةُ الَّذِينَ جَاءُوا مَعَ الْعَرَبِ إِلَى الْمَحَلَّةِ. فَمَلَكَ أَخَزْيَا بْنُ يَهُورَامَ مَلِكِ يَهُوذَا. 2كَانَ أَخَزْيَا ابْنَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ وَمَلَكَ سَنَةً وَاحِدَةً فِي أُورُشَلِيمَ وَاسْمُ أُمِّهِ عَثَلْيَا بِنْتُ عُمْرِي.) أخبار الأيام الثانى 21: 20- 22: 1-2
              هل من العقل أن يؤمن الإنسان أن الرب أمر بذبح تيسًا له ، وآخرًا ليُقدَّم للشيطان؟ (7وَيَأْخُذُ التَّيْسَيْنِ وَيُوقِفُهُمَا أَمَامَ الرَّبِّ لَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ. 8وَيُلْقِي هَارُونُ عَلَى التَّيْسَيْنِ قُرْعَتَيْنِ: قُرْعَةً لِلرَّبِّ وَقُرْعَةً لِعَزَازِيلَ. 9وَيُقَرِّبُ هَارُونُ التَّيْسَ الَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ لِلرَّبِّ وَيَعْمَلُهُ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ. 10وَأَمَّا التَّيْسُ الَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ لِعَزَازِيلَ فَيُوقَفُ حَيّاً أَمَامَ الرَّبِّ لِيُكَفِّرَ عَنْهُ لِيُرْسِلَهُ إِلَى عَزَازِيلَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ.) لاويين 16: 7-10
              عزيزى القمص زكريا بطرس: إن وجود هذه النصوص فى كتابك لهو كفيل بأن تُعلن خروجك من المسيحية الآن ، وتندم على كل عمرك الذى ضاع فيها!
              عزيزى المسيحى: إن هذه النصوص من كتابك الذى تقدسه! إنها ليست من تأليف إنسان إرهابى! وليست من شخص انعدمت الرحمة من قلبه! زايست من إنسان كفر بالله! إنها ممن تسمونه إله المحبة!
              متى كان هذا الإله إلهًا للمحبة؟ فلم يرحم الجنين فى بطن أمه ، وأمر بشق بطن أمه الحامل به (هوشع 13: 16)، وإذا أنجبت الأم جنينها، فقد أمر بالإمساك برجليه وضرب رأسه فى الصخرة (مزامير 137: 8-9) ، وإن عاش بضعة سنوات فسوف يُقتل فى أى معركة مع جنود إله المحبة دون رحمة أو هوادة (حزقيال 9: 5-7)؟
              ألم أقل لك عزيزى القمص زكريا بطرس إن هذا الكتاب الذى تقدسه أفقدك التمييز بين الصالح والطالح! إن الخير والمبادىء السامية التى يُحث عليها الكتاب الذى تقدسه، يأتى الرب نفسه بعكسها.
              فإذا حرم السرقة تجده يأمر بها ويساعد عليها: (15لاَ تَسْرِقْ.) خروج 20: : 15
              (21وَأُعْطِي نِعْمَةً لِهَذَا الشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ. فَيَكُونُ حِينَمَا تَمْضُونَ أَنَّكُمْ لاَ تَمْضُونَ فَارِغِينَ. 22بَلْ تَطْلُبُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْ جَارَتِهَا وَمِنْ نَزِيلَةِ بَيْتِهَا أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَاباً وَتَضَعُونَهَا عَلَى بَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ. فَتَسْلِبُونَ الْمِصْرِيِّينَ».) خروج 3: 21-22 وكذلك أيضاً (35وَفَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. طَلَبُوا مِنَ الْمِصْرِيِّينَ أَمْتِعَةَ فِضَّةٍ وَأَمْتِعَةَ ذَهَبٍ وَثِيَاباً. 36وَأَعْطَى الرَّبُّ نِعْمَةً لِلشَّعْبِ فِي عُِيُونِ الْمِصْرِيِّينَ حَتَّى أَعَارُوهُمْ. فَسَلَبُوا الْمِصْرِيِّينَ.) خروج 12: 35-36
              بل إنه هو نفسه سرق زوجة عبده وتجسَّدَ منها: (18أَمَّا وِلاَدَةُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَكَانَتْ هَكَذَا: لَمَّا كَانَتْ مَرْيَمُ أُمُّهُ مَخْطُوبَةً لِيُوسُفَ قَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَا وُجِدَتْ حُبْلَى مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.) متى 1: 18
              فلماذا لم ينتق فتاة عذراء غير مخطوبة لرجل آخر؟ فما ذنب المرأة أن تتعرض سمعتها للتلويث؟ وما ذنب أهلها فى نتائج ما فعله إله المحبة بابنتهما؟ وما ذنب الرجل أن يحفظ ماء وجهه أمام جيرانه ومعارفه؟ وهل اهتم الرب بهذا الموضوع وأعلن على الملأ أنه هو الله الذى تجسَّد من هذه السيدة دون أن يمسسها بشر؟ لا. لم يفعل. بل قال على لسانها أن يوسف النجَّار هذا أبوه: (وَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ: «يَا بُنَيَّ لِمَاذَا فَعَلْتَ بِنَا هَكَذَا؟ هُوَذَا أَبُوكَ وَأَنَا كُنَّا نَطْلُبُكَ مُعَذَّبَيْنِ!») لوقا 2: 48 ، بل قال إنه من منى داود: (الَّذِي صَارَ مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ مِنْ جِهَةِ الْجَسَدِ) رومية 1: 3 ، وهى فى الحقيقة ليست (مِنْ نَسْلِ دَاوُدَ) ولكنها (مِنْ مَنِىّ دَاوُدَ):
              concerning his Son, who was born of the seed of David according to the flesh, (ASV)
              περι του υιου αυτου του γενομενου εκ σπερματος δαυιδ κατα σαρκα
              Concerning his Son Jesus Christ our Lord which was made of the seed of David according to the flesh
              وقد كتبت لك فى المناظرة حول صحة عقيدة الثالوث تحليلاً كاملاً بالتراجم المختلفة ، بل بالكلمة اليونانية ومعانيها من أوثق الكتب لديكم.
              وفى الوقت الذى يحرم فيه الخمر ويعتبر شاربها غير قدوس ومن الهالكين ، يحول هو الماء الطيب إلى خمر معتَّق: (15لأَنَّهُ يَكُونُ عَظِيماً أَمَامَ الرَّبِّ وَخَمْراً وَمُسْكِراً لاَ يَشْرَبُ وَمِنْ بَطْنِ أُمِّهِ يَمْتَلِئُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.) لوقا 1: 15
              (9فَلَمَّا ذَاقَ رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْمَاءَ الْمُتَحَوِّلَ خَمْراً وَلَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ هِيَ - لَكِنَّ الْخُدَّامَ الَّذِينَ كَانُوا قَدِ اسْتَقَوُا الْمَاءَ عَلِمُوا - دَعَا رَئِيسُ الْمُتَّكَإِ الْعَرِيسَ 10وَقَالَ لَهُ: «كُلُّ إِنْسَانٍ إِنَّمَا يَضَعُ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ أَوَّلاً وَمَتَى سَكِرُوا فَحِينَئِذٍ الدُّونَ. أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ أَبْقَيْتَ الْخَمْرَ الْجَيِّدَةَ إِلَى الآنَ». 11هَذِهِ بِدَايَةُ الآيَاتِ فَعَلَهَا يَسُوعُ فِي قَانَا الْجَلِيلِ وَأَظْهَرَ مَجْدَهُ فَآمَنَ بِهِ تلاَمِيذُهُ) يوحنا 2: 9-11
              بل يقف هو يسكب الخمر على الشاربين: (8لأَنَّ فِي يَدِ الرَّبِّ كَأْساً وَخَمْرُهَا مُخْتَمِرَةٌ. مَلآنَةٌ شَرَاباً مَمْزُوجاً. وَهُوَ يَسْكُبُ مِنْهَا. لَكِنْ عَكَرُهَا يَمَصُّهُ يَشْرَبُهُ كُلُّ أَشْرَارِ الأَرْضِ.) مزمور 75: 8
              بل يشربها هو نفسه حتى الثمالة: (65فَاسْتَيْقَظَ الرَّبُّ كَنَائِمٍ كَجَبَّارٍ مُعَيِّطٍ مِنَ الْخَمْرِ) مزامير 78: 65
              ألا يدور بخلدك عزيزى المسيحى أن الرب لم يصل لمرتبة القداسة التى وصل إليها عبده يوحنا المعمدان؟
              وما أشد شفقتى على النبى حزقيال الذى أمره الرب أن يأكل الخراء الآدمى، وعندما أنَّ واشتكى النبى لربه ، رحمه الرب ، واستبدل الخراء الآدمى بخراء البقر! فعن أى عقل تتكلم عزيزى القمص؟ (12وَتَأْكُلُ كَعْكاً مِنَ الشَّعِيرِ. عَلَى الْخُرْءِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الإِنْسَانِ تَخْبِزُهُ أَمَامَ عُيُونِهِمْ». 13وَقَالَ الرَّبُّ: [هَكَذَا يَأْكُلُ بَنُو إِسْرَائِيلَ خُبْزَهُمُ النَّجِسَ بَيْنَ الأُمَمِ الَّذِينَ أَطْرُدُهُمْ إِلَيْهِمْ». 14فَقُلْتُ: [آهِ يَا سَيِّدُ الرَّبُّ, هَا نَفْسِي لَمْ تَتَنَجَّسْ. وَمِنْ صِبَايَ إِلَى الآنَ لَمْ آكُلْ مِيتَةً أَوْ فَرِيسَةً, وَلاَ دَخَلَ فَمِي لَحْمٌ نَجِسٌ». 15فَقَالَ لِي: [اُنْظُرْ. قَدْ جَعَلْتُ لَكَ خِثْيَ الْبَقَرِ بَدَلَ خُرْءِ الإِنْسَانِ فَتَصْنَعُ خُبْزَكَ عَلَيْهِ».) حزقيال 4: 12-15
              فى الحقيقة أنت شجاع جدًا عزيزى القمص! أن تقف ممسكًا بقطعة من القماش تُحارب بها خصمك المدجَّج بالأسلحة العقلية الفتَّاكة، فأنا أغبطك على هذه الشجاعة، التى قد يراها البعض تهوُّر، وقد يراها آخرون ضربًا من الجنون، ولكننى أرى فيك الرجل الشجاع المقدام، الذى يذهب إلى النار المتأججة برجليه ليُطفئها دون وسيلة إطفاء لديه!
              ولطالما أننا بصدد الحديث عن العقل عزيزى زكريا ، فأنا أدعو كل إنسان مسلمًا كان أو مسيحيًا لإعمال عقله والتدبُّر فى المواصفات الأخلاقية التى ينبغى على أى نبى أن يتحلى بها. فإن العقل الحكيم والقلب السليم ليؤمن أن الله تعالى أرسل الرسل للناس ليرشدوهم إلى عبادة الله وحده ، والتوبة إليه سبحانه بفعل الخيرات، والبعد عن المنكرات. أى إن الله يريد أن يطهر عباده من الرجس، ويداويهم من أمراضهم. فهل من العقل أن يقود أعمى أُناس فقدوا بصرهم وبصيرتهم؟ فكيف يُعطيهم فرائض غير صالحة ويُنجِّسهم بعطاياه؟ وماذا كان سيفعل الشيطان غير ما فعله الرب؟
              ومن أمراضهم هنا عبادة الأصنام ، والكفر بالله، والاشراك به، والزنا، والدياثة، والسرقة، والخيانة، وقطع صلة الرحم ، والظلم ، والكذب ، وإيذاء الوالدين ، وسوء الخلق ، والانتحار، والقتل.
              إلا أننا نجد في الكتاب المقدس أن الرب إله المحبة حينما اختار أنبياءه "الهداة المهديين" فإنه قد اختارهم ليكفروا بالله ويشركوا به ويزنوا بالابنة والأم والأخت وزوجة الابن، ويقتلوا بلا عفو أو شفقة، والدياثة ديدنهم، وعبادة الأصنام مذهبهم ، والسرقة منهجهم ، والخيانة أملهم، وقطع صلة الرحم والظلم والكذب وإيذاء الوالدين وسوء الخلق والانتحار وسيلتهم، وكل ذلك أثناء فترة نبوتهم!!
              ولعلك عزيزى القارىء لا تصدقنى؟! بل ربما تتهمنى بالتحامل على هذا الكتاب! ولن أضع لك النصوص كاملة ، لأن بعض الصالحين تحامل علىّ باللوم، لإعادة عرضها مرة أخرى، خوفًا على أخلاق أبنائهم وبناتهم. ولكننى سأشير إلى موضعها فى الكتاب الذى يقدسه القمص زكريا بطرس ، وأرجو أن تقرأها:
              فهذا نبى الله إبراهيم كان يتاجر فى عرض زوجته الجميلة سارة (تكوين 12: 11-16)، وهذا يعقوب ضرب الرب (تكوين 32: 24-30)، وهذا لوط زنى بابنتيه وأنجب منهما (تكوين 19: 30-38)، وهذا رأوبين يزنى بزوجة أبيه (تكوين 35: 22 ؛ 49: 3-4) ، وهذا يهوذا زنى بزوجة ابنه وأنجب منها (تكوين الإصحاح 38)، وهذا موسى وهارون خانا الرب (تثنية 32: 48-51)، وهذا داود زنى بزوجة جاره وقَتَلَه وخان جيشه (صموئيل الثانى صح 11) ، ثم قتل أولاده الخمسة من زوجته ميكال إرضاءً للرب (صموئيل الثاني21: 8-9)، وأنه كان ينام فى حضن امرأة شابة فى هرمه (ملوك الأول 1: 1-4)، وهذا أبشالوم ابن داود زنى بزوجات أبيه (صموئيل الثاني 16: 22)، وهذا أمنون ابن داود زنى بأخته ثامار (صموئيل الثانى صح 13)، ناهيك عن الأنبياء الذين تركوا الرب وعبدوا الأوثان ، بل دعوا لعبادتها وبنوا لها المذابح ، وقدموا لها القرابين مثل نبى الله هارون (خروج 32: 1-6)، ونبى الله سليمان الحكيم (الملوك الأول 11: 4-7).
              وبما أنك عزيزى القمص قد آمنت بنبوة هؤلاء ، فأنت قد أغلقت عقلك ، وتسير وراء كتابك على غير هدى. ولو تفكرت فى قول عيسى  إن الشجرة الجيدة تطرح ثمرًا جيدًا، وإن الشجرة الرديئة لا تطرح إلا ثمرًا رديئًا، لنبذت هذا الكتاب، ولعلمت أن الشيطان قد تسلط عليه وتم تحريفه لضرب القدوة الحسنة فيه: (17هَكَذَا كُلُّ شَجَرَةٍ جَيِّدَةٍ تَصْنَعُ أَثْمَاراً جَيِّدَةً وَأَمَّا الشَّجَرَةُ الرَّدِيَّةُ فَتَصْنَعُ أَثْمَاراً رَدِيَّةً 18لاَ تَقْدِرُ شَجَرَةٌ جَيِّدَةٌ أَنْ تَصْنَعَ أَثْمَاراً رَدِيَّةً وَلاَ شَجَرَةٌ رَدِيَّةٌ أَنْ تَصْنَعَ أَثْمَاراً جَيِّدَةً. 19كُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَراً جَيِّداً تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ. 20فَإِذاً مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ.) متى 7: 17-20
              ولو حكَّمنا العقل لوجدنا أنك عزيزى القمص من نبت الشجرة الرديئة ، وتربية هؤلاء الأنبياء، شراذم المجتمع، وحُسالة البشر. وأنا لا أسبك معاذ الله، ولكن الواقع أنك تفخر بأنك تربية الكتاب الذى تقدسه، وأنبيائه الذين تقتدون بهم. إلا إذا كان لك رأى مختلف فى هارون الذى عبد العجل ودعا لعبادته ، أو فى سليمان الذى كفر وترك عبادة الله والدعوة إليه ، وعبد الأصنام ، وفى الأنبياء الزناة والكذابين واللصوص؟ وقبل أن تقول رأيك اقرأ قول يسوع نفسه فيهم: (8جَمِيعُ الَّذِينَ أَتَوْا قَبْلِي هُمْ سُرَّاقٌ وَلُصُوصٌ وَلَكِنَّ الْخِرَافَ لَمْ تَسْمَعْ لَهُمْ.) يوحنا 10: 8
              كما وصفهم يسوع بأنهم سراق ولصوص! فأين كان الرب الذى اختارهم بعلمه الأزلى بهذه الأخلاق؟ وما هى نيته فى ذلك العمل المدمِّر؟ لماذا اختار الرب الأشجار النخرة الرديئة لتُخرج له ثمارًا، يجب أن تُحرق وتُقذف فى النار تبعًا لقوله؟ فأين عقل الرب (سبحانه) فى اختيار أسوأ خلقه ليكونوا قدوة لشعبه المختار؟ وهل الرب الذى فقد عقله سيعطيكم دينًا له مفهوم عقلى أو منطقى؟
              فهل أكل لحم الإله ودمه، ثم إخراجه فضلات ليختلط مع البول والبراز فى المجارى من العقل أو حتى من الأدب مع الرب الذى تعبده؟
              وهل من العقل أن تجمع المتضادات سويًا؟ هل من الممكن أن يكون القمص زكريا بطرس ذكى وغبى ، أو غنى وفقير ، أو بدين ونحيف؟ إن هذا ما تؤمنون به عزيزى القمص: إنكم تؤمنون بثلاثة آلهة ، تقولون عنهم إنهم واحد ، وتؤمنون ببشرية يسوع، وأنه هو الرب الذى أُهين وبُصق فى وجهه، وانتُزعَت منه روحه وحياته. ثم تقولون بأن الرب قدوس لا يُهان ، مع الأخذ فى الاعتبار أن اللاهوت لا يُفارق الناسوت طرفة عين. وتقولون إن الله حى لا يموت ، وتؤمنون بموت يسوع وهو الله عندكم. فما هو التناقض إن لم تُسمِّى هذا تناقضًا؟
              التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 5 نوف, 2020, 05:52 م.

              تعليق


              • #8
                آراء آباء الكنيسة ورجالها فى المسيحية والعقل:
                هل يفهم أحد من المسيحيين أو حتى البابا نفسه ما هية التثليث؟ لا. إنهم يؤمنون بها بلا عقل، ولا يمكن فهمها، وكل محاولات توضيحها فهى محاولات تبوء بالفشل، وذلك لسبب بسيط جداً، وهو أن التثليث سر من أسرار الكنيسة، أى شىء غامض، لا يمكن توضيحه أو شرحه ، أو فهمه. لذلك تجد الكُتَّاب قديمًا وحديثًا يؤكدون هذا المعنى ، وهذا اعتراف بتعارض المسيحية مع العقل.
                يقول الدكتور منقذ السقار فى كتابه (الله جل جلاله واحد أم ثلاثة) تحت عنوان التثليث سر لا يطيقه العقل: كان لابد أن يعمل النصارى عقولهم على جمع هذه المتناقضات التي يستحيل تصورها معًا، وعلى تفهيم البشر قضية الثلاثة الذين هم واحد، والواحد الذى هو ثلاثة.
                وأمام ضعف هذه العقيدة وعجز العقل البشرى عن تصورها، بل رفضه لها لا يجد النصارى من سبيل إلا القول بأن تثليثهم سر من الأسرار التي لا يمكن للعقل أن يقف على كنهها، بل يعترف البعض منهم بتعارض المسيحية والعقل.
                فيقول القديس أوغسطين : "أنا مؤمن، لأن ذلك لا يتفق والعقل".
                ويقول كير كجارد: "إن كل محاولة يراد بها جعل المسيحية ديانة معقولة لابد أن تؤدي إلى القضاء عليها".
                و قد جاء في "التعليم المسيحي": لا يجوز التدخل في أسرار الله، لأننا لا نستطيع إدراك أسرار الإيمان.
                ويقول زكي شنودة: "وهذا سر من أسرار اللاهوت الغامضة التي لا يمكن إدراك كنهها بالعقل البشري".
                ويقول الأب جيمس تد: "العقيدة المسيحية تعلو على فهم العقل".
                ويقول القس أنيس شروش: "واحد في ثلاثة، وثلاثة في واحد، سر ليس عليكم أن تفهموه، بل عليكم أن تتقبلوه".
                وقال القديس ديسقوروس الأول في القرن الخامس: ”اتحاد اللاهوت بالناسوت في المسيح، لم يكن بامتزاج أو اختلاط، لأن كلاً منهما غير قابل للامتزاج أو الاختلاط بالآخر، بل كان بوسيلة إلهية تفوق العقل والادراك.“، وهذا السر الذى هو لب عقيدتهم ويؤمنون به، بعيدًا عن العقل والإدراك.
                وليس التثليث فقط الذى لا يخضع للعقل ، بل كل أسرار الكنيسة ، ولو فهمت واحدة منهم ، لما أسمتها الكنيسة سرًا. ألم أقل لك عزيزى القمص إنك تتبع المثل القائل: (رمتنى بدائها وانسلت).
                بل إنه لا يعبر عن رأى مارتن لوثر الألمانى زعيم المسيحية البروتستانتية الأكثر شهرة في مجال ادعاء العقلانية المسيحية: وهو يهاجم ملكة العقل، مرعدًا في التنديد بها واصفًا إياها بأنها (تلك المجنونة الصغيرة الحمقاء عروس الشيطان السيدة العقل ألد أعداء الله!!)
                لقد يأس إمام العقلانية من المسيحية وأسرارها! لقد يأس أن يفهم هذا الدين! لذلك تكاد تسمعه وهو يئن قائلا: (نحن نعرف أن ملكة العقل من الشيطان لا تفعل سوى التشهير والأذى ، في كل ما يقوله الله ويفعله .. تمسك إذن بالوحي الإلهي ولا تحاول الفهم") نقلا عن "تكوين العقل الحديث" لهرمان راندال ج 1 ص 255-257
                فهل تحتاج إلى تعليق على هذا عزيزى المسيحى، أم أن الأمر واضح؟ هل استوعبت كلمة لوثر إن (العقل ألدُّ أعداء الله) ، وقوله: (تمسك إذن بالوحي الإلهي ولا تحاول الفهم)، فهل من العقل أو الإيمان أن تُفكِّر أو تدعى أن المسيحية دين يدعو لاستخدام العقل؟
                أو كما يقول بيير بايل فيلسوف التنوير الفرنسي (1706م): (لا تحاولوا أن تفهموا الأسرار .. ولا تحاولوا أن تخففوا من ظاهر استحالتها .. اعتقدوا كمسيحيين ولكن امتنعوا عن الاعتقاد كفلاسفة)
                ويقول لللاهوتين المعتمدين على العقل: (ستضطرون إلى الرجوع للسبب الأول الذي تعتمدون عليه: التقليد والسلطة، وأفضل استعمال للعقل في هذه الحالة هو ألا يستعمل العقل) المصدر السابق“
                ويقول القديس «أنسلم» Anselme (1033-1109م) رئيس أساقفة «كنتربرى» وأحد عقلاء الفلسفة المدرسية ومؤسسيها يؤكد موقف غناء العقيدة المسيحية واستغنائها عن العقل والفهم. فيقول: ”يجب أن تعتقد أولاً بما يُعرض على قلبك بدون نظر ، ثم اجتهد بعد ذلك فى فهم ما اعتقدت. فليس الإيمان ، وهو الوسيلة المفردة إلى النجاة ، فى حاجة إلى نظر العقل. والكون وما فيه لا يهم المؤمن أن يُجيل فيه نظره“. (الإسلام بين التنوير والتزوير، د. محمد عمارة ص28-29)
                الأمر الذى حدا بالقس منسى يوحنا أن يُشير إلى تضحية المسيحى بعقله أولاً ليكون مسيحيًا، وليؤمن بمتناقضات المسيحية فالواحد ثلاثة، والثلاثة واحد، والتوحيد هو الشرك، والشرك هو التوحيد، والإله هو الحى الذى لا يموت، ولكنه كان ميتًا، وهو القوى الذى ترتعد مخلوقاته من زجرته، لكنه كان يهرب من اليهود ، وأهانه عبيده وقتلوه صلبًا. فيقول ص115 من كتابه شمس البر: (ولعمرى أى سر أغمض من سر الثالوث؟ فباعترافنا إذن بهذا السر نكرم الله , لأننا حينئذ نضحى له بأعظم شىء فينا وهو العقل , وليس هذا فقط , بل إننا نضحيه من نوع غريب , إذ أننا نعترف بسر لا معرفة لنا به البتة، ويستحيل على عقولنا القاصرة إدراكه أو معرفته. ولكن الله قد أوحاه لنا ونحن أعتقدنا به دون أن نضعه تحت حكم العقل , وهذا يجعل ضحيتنا كاملة لأننا نعتقد بما يسمو عقولنا , ويعلو فوق فهمنا البشرى).
                ويقول ص121 تحت عنوان (إن العقل يقبل سر التثليث وإن كان لا يفهمه): (نعود فنكرر القول أن سر التثليث عقيدة كتابية لا تفهم بدون الكتاب المقدس , وأنه من الضرورى أن لا يفهمها البشر، لأننا لو قدرنا أن نفهم الله لأصبحنا في مصاف الألهة).
                هل قارنت بين هذا القول الذى يُطالبكم فيه المنطق أن تضحى بعقلك لتكون مسيحيًا ، وبين مطالبة الله تعالى للمسلم والكافر بالتدبُّر والتعقُّل؟
                يقول الدكتور محمد عمارة ص30 من كتابه السابق: وهذا القرآن الكريم هو الذى دعا الناس جميعًا إلى العقلانية والتعقُّل فى 49 آية من آياته. ودعا إلى «فقه القلوب» فى 132 موضعًا. وزكى أولى الألباب - العقول، لأن العقل هو لب الإنسان، أى جوهره - فى 16 موضعًا. وعبر عن العقل بالنُهى - لأنه ينتهى إلى ما أمر به ولا يُعْدّى أمره - فى آيتين. ودعا إلى التفكير فى آيات الله المتلوة بالقرآن بالقرآن ، والمنظورة فى الأنفس والآفاق، فى 18 موضعًا. واستنفر الناس أن يفقهوا فى 20 آية من آياته. ودعا إلى التدبر فى 4 آيات، وإلى الاعتبار فى 7 آيات، وإلى الحكمة فى 19 موضعًا. فكأنه قدم للعقلانية الإسلامية -بالنص الصريح- «ديوانًا» يبلغ تعداد آياته فى سوره 267 آية من آيات هذا القرآن الكريم.
                ويواصل قائلا: وغير المعتزلة – فرسان العقلانية الإسلامية – نجد السلفى شيخ الإسلام ابن تيمية (1263-1328م) يجعل من عبارة: «درء تعارض صريح المعقول مع صحيح المنقول» عنوانًا لأحد كتبه!! والغزالى الأشعرى، حُجة الإسلام، (1058-1111م) هو الذى جعل العقل «أساسًا» والشرع «بناء»، ولا يصلح بناء لا أساس له. وجعلهما نورين لا تتأتى المعرفة الحقة إلا إذا اجتمعا، «فمثال العقل: البصر السليم عن الآفات والآذاء، ومثال القرآن: الشمس المنتشرة الضياء، فأخلق بأن يكون طالب الاهتداء، المستغنى بأحدهما عن الآخر، فى غمار الأغبياء. فالمُعرِض عن العقل مكتفيًا بنور القرآن ، مثاله: المتعرض لنور الشمس مغمضًا للأجفان، فلا فرق بينه وبين العميان. فالعقل مع الشرع نور على نور.
                الصلب بين النقل والعقل:
                عندما تفكر فى العقيدة المسيحية بناءًا على الثالوث الذى يؤمنون به ، تجدهم يؤمنون أن الثلاثة أقانيم متحدة فى شخص واحد ، ولا ينفصلون طرفة عين:
                ففى ذلك قال القديس باسيليوس الكبير في القرن الرابع: ”إن لاهوت المسيح لم يفارق ناسوته لحظة واحدة، أو طرفة عين.“
                وقال القديس كيرلس الكبير في القرن الخامس: ”ربنا يسوع المسيح هو أقنوم واحد، لأن ناسوته متحد مع لاهوته باتحاد إلهي لا مجال فيه للتفكك أو الانفصال على الاطلاق.“
                وانطلاقًا من هذا فإن الابن هو الأب هو الروح القدس، فأيهما قتلت فقد مات الكل. فكيف يتفق هذا مع قول الكتاب إن الله خالد لا يموت؟ فهناك العديد من النصوص التى تصف الله بأنه هو الله الحى القيوم إلى الأبد ، منها:
                (إنى أرفع إلى السماء يدى ، وأقول حى أنا إلى الأبد) تثنية 32: 40
                (أَمَّا الرَّبُّ الإِلَهُ فَحَقٌّ. هُوَ إِلَهٌ حَيٌّ وَمَلِكٌ أَبَدِيٌّ.) إرمياء 10: 10،
                (26مِنْ قِبَلِي صَدَرَ أَمْرٌ بِأَنَّهُ فِي كُلِّ سُلْطَانِ مَمْلَكَتِي يَرْتَعِدُونَ وَيَخَافُونَ قُدَّامَ إِلَهِ دَانِيآلَ لأَنَّهُ هُوَ الإِلَهُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ إِلَى الأَبَدِ وَمَلَكُوتُهُ لَنْ يَزُولَ وَسُلْطَانُهُ إِلَى الْمُنْتَهَى) دانيال 6: 26
                ([أَنَا نَبُوخَذْنَصَّرُ رَفَعْتُ عَيْنَيَّ إِلَى السَّمَاءِ فَرَجَعَ إِلَيَّ عَقْلِي وَبَارَكْتُ الْعَلِيَّ وَسَبَّحْتُ وَحَمَدْتُ الْحَيَّ إِلَى الأَبَدِ الَّذِي سُلْطَانُهُ سُلْطَانٌ أَبَدِيٌّ وَمَلَكُوتُهُ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ.) دانيال 4: 34
                (36أَمَّا وَحْيُ الرَّبِّ فَلاَ تَذْكُرُوهُ بَعْدُ لأَنَّ كَلِمَةَ كُلِّ إِنْسَانٍ تَكُونُ وَحْيَهُ إِذْ قَدْ حَرَّفْتُمْ كَلاَمَ الإِلَهِ الْحَيِّ رَبِّ الْجُنُودِ إِلَهِنَا.) إرمياء 23: 36
                (15الَّذِي سَيُبَيِّنُهُ فِي أَوْقَاتِهِ الْمُبَارَكُ الْعَزِيزُ الْوَحِيدُ، مَلِكُ الْمُلُوكِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ، 16الَّذِي وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ، سَاكِناً فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ، الَّذِي لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَاهُ، الَّذِي لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ الأَبَدِيَّةُ.) تيموثاوس الأولى 6: 15-16
                وبهذه الصورة وضع المسيحى نفسه فى مأزق: إما أن يُكذب تعاليم كنيسته، وأقوال بولس، التى تؤكد أن الرب ليس بحى إلى الأبد، ويُصدق أن الرب مات وأُعدم على الصليب، وإما أن يكذِّب كلام الرب وكتابه، القائل بأن الرب حى إلى الأبد، ويقول له: لا. أنت إله كذَّاب، لأنك مُت على الصليب، وأُعدمت على الصليب.
                وبالتالى سيقف أمام مأزق آخر: فإذا كان الأب والابن والروح القدس لا ينفصلون طرفة عين، فمن الذى أحيا الرب الذى مات، وبيده وحده الإحياء والإماتة؟ وهنا تتوقف جميع الإجابات والكلام ، لأن موضوع موت الإله موضوع ليس له علاقة بالعقل ، الذى تكلم عنه القمص زكريا بطرس.
                ولو أن الأب متحد مع الابن والروح القدس، لكان دعاء الابن، وتذللـه للأب أن ينقذه من باب الهراء ، والتهريج الذى لا معنى له. فلك أن تتخيل أنك ترانى أرجو نفسى، وأتضرع إليها أن أفعل أنا شيئًا بنفسى لنفسى، وأملك أن أفعله دون هذه المسرحية، فماذا ستقول على إلا أننى مخبول، فقدت عقلى. فعن أى عقل تتكلم عزيزى القمص زكريا بطرس؟
                وأين العقل فى أن يُخطىء شخص ما، ويُضمر إله المحبة ألوف من السنين الحقد والإنتقام على الجنس البشرى كله ، فيترك المخطىء الأصلى ، وينتقم من ابنه ، أو ينتحر (لأن الابن هو نفسه الأب) ليتمكن من غفران هذه الخطية ، ويوصف بأنه منعدم الشفقة ، وتُنزع منه صفة المحبة اللصيقة به دائمًا؟
                (إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا فَمَنْ عَلَيْنَا! 32اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ) رومية 8: 31-32
                وإليك كلام الرب الذى لم يأت عيسى  لينقضه يؤكد لك قول الله تعالى فى القرآن: {وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ} الأنعام (164)
                {مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} سورة الإسراء (15)
                {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ} فصلت (46)
                {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى} سورة النجم (39)
                {مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ} سورة الروم (44)
                ويقول كتابك عزيزى القمص:
                1- الحكمة (هي التي حفظت أول من جبل أبا للعالم لما خلق وحده ، وأنقذته من زلته وآتته قوة ليتسلط على الجميع) سفر الحكمة 10: 1 ، أعد قراءة هذا النص مرة أخرى ، تجد أن الحكمة هى التى أنقذت آدم عندما كان بمفرده فى العالم من زلة الشيطان ، وأنقذته أيضًا من زلته التى وقع فيها ، وهذا يدل على أن آدم أخطأ ، وندم وتاب ، وتقبل الله توبته ، فلا وجود إذًا للخطيئة الأزلية.
                2- (1وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ: 2[مَا لَكُمْ أَنْتُمْ تَضْرِبُونَ هَذَا الْمَثَلَ عَلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ, قَائِلِينَ: الآبَاءُ أَكَلُوا الْحِصْرِمَ وَأَسْنَانُ الأَبْنَاءِ ضَرِسَتْ؟ 3حَيٌّ أَنَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ, لاَ يَكُونُ لَكُمْ مِنْ بَعْدُ أَنْ تَضْرِبُوا هَذَا الْمَثَلَ فِي إِسْرَائِيلَ. 4هَا كُلُّ النُّفُوسِ هِيَ لِي. نَفْسُ الأَبِ كَنَفْسِ الاِبْنِ. كِلاَهُمَا لِي. النَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. 5وَالإِنْسَانُ الَّذِي كَـانَ بَارّاً وَفَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً, .. .. .. 7وَلَمْ يَظْلِمْ إِنْسَاناً, .. .. وَلَمْ يَغْتَصِبِ اغْتِصَاباً .. .. .. 8وَلَمْ يُعْطِ بِـالرِّبَا, وَلَمْ يَأْخُذْ مُرَابَحَةً, وَكَفَّ يَدَهُ عَنِ الْجَوْرِ, وَأَجْرَى الْعَدْلَ الْحَقَّ بَيْنَ الإِنْسَانِ, وَالإِنْسَانِ 9وَسَلَكَ فِي فَرَائِضِي وَحَفِظَ أَحْكَـامِي لِيَعْمَلَ بِـالْحَقِّ فَهُوَ بَارٌّ. حَيَاةً يَحْيَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. 10[فَإِنْ وَلَدَ ابْناً مُعْتَنِفاً سَفَّاكَ دَمٍ, فَفَعَلَ شَيْئاً مِنْ هَذِهِ 11وَلَمْ يَفْعَلْ كُلَّ تِلْكَ, بَلْ أَكَلَ عَلَى الْجِبَالِ وَنَجَّسَ امْرَأَةَ قَرِيبِهِ 12وَظَلَمَ الْفَقِيرَ وَالْمِسْكِينَ, وَاغْتَصَبَ اغْتِصَاباً, وَلَمْ يَرُدَّ الرَّهْنَ, وَقَدْ رَفَعَ عَيْنَيْهِ إِلَى الأَصْنَامِ وَفَعَلَ الرِّجْسَ, 13وَأَعْطَى بِـالرِّبَا وَأَخَذَ الْمُرَابَحَةَ, أَفَيَحْيَا؟ لاَ يَحْيَا! قَدْ عَمِلَ كُلَّ هَذِهِ الرَّجَاسَاتِ فَمَوْتاً يَمُوتُ. دَمُهُ يَكُونُ عَلَى نَفْسِهِ! 14[وَإِنْ وَلَدَ ابْناً رَأَى جَمِيعَ خَطَايَا أَبِيهِ الَّتِي فَعَلَهَا فَرَآهَا وَلَمْ يَفْعَلْ مِثْلَهَا. 15لَمْ يَأْكُلْ عَلَى الْجِبَالِ وَلَمْ يَرْفَعْ عَيْنَيْهِ إِلَى أَصْنَامِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَلاَ نَجَّسَ امْرَأَةَ قَرِيبِهِ 16وَلاَ ظَلَمَ إِنْسَاناً وَلاَ ارْتَهَنَ رَهْناً وَلاَ اغْتَصَبَ اغْتِصَاباً, بَلْ بَذَلَ خُبْزَهُ لِلْجَوْعَانِ وَكَسَا الْعُرْيَانَ ثَوْباً 17وَرَفَعَ يَدَهُ عَنِ الْفَقِيرِ وَلَمْ يَأْخُذْ رِباً وَلاَ مُرَابَحَةً, بَلْ أَجْرَى أَحْكَـامِي وَسَلَكَ فِي فَرَائِضِي, فَإِنَّهُ لاَ يَمُوتُ بِإِثْمِ أَبِيهِ. حَيَاةً يَحْيَا. 18أَمَّا أَبُوهُ فَلأَنَّهُ ظَلَمَ ظُلْماً وَاغْتَصَبَ أَخَاهُ اغْتِصَاباً, وَعَمِلَ غَيْرَ الصَّالِحِ بَيْنَ شَعْبِهِ, فَهُوَذَا يَمُوتُ بِإِثْمِهِ.) حزقيال 18: 1-18
                3- (19[وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: لِمَاذَا لاَ يَحْمِلُ الاِبْنُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ؟ أَمَّا الاِبْنُ فَقَدْ فَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً. حَفِظَ جَمِيعَ فَرَائِضِي وَعَمِلَ بِهَا فَحَيَاةً يَحْيَا. 20اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ. 21فَإِذَا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُ الَّتِي فَعَلَهَا وَحَفِظَ كُلَّ فَرَائِضِي وَفَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً فَحَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ. 22كُلُّ مَعَاصِيهِ الَّتِي فَعَلَهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. فِي بِرِّهِ الَّذِي عَمِلَ يَحْيَا. 23هَلْ مَسَرَّةً أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ؟ أَلاَ بِرُجُوعِهِ عَنْ طُرُقِهِ فَيَحْيَا؟) حزقيال 18: 19-23
                فقرار الله سبحانه وتعالى هو أن (لاَ يَحْمِلُ الاِبْنُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ)، وبسبب تعجب الناس، أو لكى لا يتعجب الناس من هذا الحكم ، وضح الله لهم السبب: إنه إله رحيم وعادل ، لا يُسر بموت الشرير ، بل بتوبته وعودته إلى الله مرة أخرى ، ويقابل الله توبته وندمه على معاصيه السابقة بالغفران.
                4- (16«لا يُقْتَلُ الآبَاءُ عَنِ الأَوْلادِ وَلا يُقْتَلُ الأَوْلادُ عَنِ الآبَاءِ. كُلُّ إِنْسَانٍ بِخَطِيَّتِهِ يُقْتَلُ.) التثنية 24 : 16 ، ملوك الثانى 14: 6
                5- (حَسَبَ الأَعْمَالِ هَكَذَا يُجَازِي مُبْغِضِيهِ سَخَطاً وَأَعْدَاءَهُ عِقَاباً)إشعياء59: 18
                6- (حَاشَا لِلَّهِ مِنَ الشَّرِّ وَلِلْقَدِيرِ مِنَ الظُّلْمِ. 11لأَنَّهُ يُجَازِي الإِنْسَانَ عَلَى فِعْلِهِ وَيُنِيلُ الرَّجُلَ كَطَرِيقِهِ. 12فَحَقّاً إِنَّ اللهَ لاَ يَفْعَلُ سُوءاً وَالْقَدِيرَ لاَ يُعَوِّجُ الْقَضَاءَ.) أيوب 34: 10-13
                7- (3لاَ تَجْذِبْنِي مَعَ الأَشْرَارِ وَمَعَ فَعَلَةِ الإِثْمِ الْمُخَاطِبِينَ أَصْحَابَهُمْ بِالسَّلاَمِ وَالشَّرُّ فِي قُلُوبِهِمْ. 4أَعْطِهِمْ حَسَبَ فِعْلِهِمْ وَحَسَبَ شَرِّ أَعْمَالِهِمْ. حَسَبَ صُنْعِ أَيْدِيهِمْ أَعْطِهِمْ. رُدَّ عَلَيْهِمْ مُعَامَلَتَهُمْ.) مزمور 28: 3-4
                8- (وَحِينَئِذٍ يُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ عَمَلِهِ.) متى 16: 27 ، أى مطابق لقول الله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا)، ومطابق لقوله تعالى: (وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) ، ومطابق لقوله تعالى: (وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)
                9- (هَلْ قَصَرَتْ يَدِي عَنِ الْفِدَاءِ وَهَلْ لَيْسَ فِيَّ قُدْرَةٌ لِلإِنْقَاذِ؟ هُوَذَا بِزَجْرَتِي أُنَشِّفُ الْبَحْرَ. أَجْعَلُ الأَنْهَارَ قَفْراً. يُنْتِنُ سَمَكُهَا مِنْ عَدَمِ الْمَاءِ وَيَمُوتُ بِالْعَطَشِ. 3أُلْبِسُ السَّمَاوَاتِ ظَلاَماً وَأَجْعَلُ الْمِسْحَ غِطَاءَهَا».) إشعياء 50: 2-3
                10- (19اِصْفَحْ عَنْ ذَنْبِ هَذَا الشَّعْبِ كَعَظَمَةِ نِعْمَتِكَ وَكَمَا غَفَرْتَ لِهَذَا الشَّعْبِ مِنْ مِصْرَ إِلى هَهُنَا». 20فَقَال الرَّبُّ: «قَدْ صَفَحْتُ حَسَبَ قَوْلِكَ.) عدد 14: 19-20
                فالرب قد صفح وسامح وغفر دون أن ينزل أو يتجسد ويُهان ليعدم صلبًا. فما الذى وقف فى نفسه دون أن يغفر لآدم وحواء؟
                11- (لِيَتْرُكِ الشِّرِّيرُ طَرِيقَهُ وَرَجُلُ الإِثْمِ أَفْكَارَهُ وَلْيَتُبْ إِلَى الرَّبِّ فَيَرْحَمَهُ وَإِلَى إِلَهِنَا لأَنَّهُ يُكْثِرُ الْغُفْرَانَ.) إشعياء 55: 7 ، ولماذا يُطالبهم الرب بالتوبة ، إذا كان كل شىء لن يُجدى إلا بنزوله وصلبه؟
                فلا وجود إذن لفرية الفداء والصلب ، التى اخترعها بولس، ولا وجود لخطيئة حواء التى عانت فيها المرأة على مدى العصور التى تسلطت فيها الكنيسة على حياة البشر أشد أنواع التعسف والظلم والجور على كل حقوقها المدنية.
                هذا فى الوقت الذى يعارض فيه بولس كل هذه النصوص، ويدعى أن الرب غير رحيم ، وأن البشرية كانت حاملة للخطيئة الأزلية ، إلى أن نزل الإله وصلب:
                (بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ.) رومية 5: 12
                (6لأَنَّ الْمَسِيحَ إِذْ كُنَّا بَعْدُ ضُعَفَاءَ مَاتَ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ لأَجْلِ الْفُجَّارِ. 7فَإِنَّهُ بِالْجَهْدِ يَمُوتُ أَحَدٌ لأَجْلِ بَارٍّ. رُبَّمَا لأَجْلِ الصَّالِحِ يَجْسُرُ أَحَدٌ أَيْضاً أَنْ يَمُوتَ. 8وَلَكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا. 9فَبِالأَوْلَى كَثِيراً وَنَحْنُ مُتَبَرِّرُونَ الآنَ بِدَمِهِ نَخْلُصُ بِهِ مِنَ الْغَضَبِ.10لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا وَنَحْنُ أَعْدَاءٌ قَدْ صُولِحْنَا مَعَ اللهِ بِمَوْتِ ابْنِهِ فَبِالأَوْلَى كَثِيراً وَنَحْنُ مُصَالَحُونَ نَخْلُصُ بِحَيَاتِهِ.11وَلَيْسَ ذَلِكَ فَقَطْ بَلْ نَفْتَخِرُ أَيْضاً بِاللَّهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ الَّذِي نِلْنَا بِهِ الآنَ الْمُصَالَحَةَ. 12مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ.) رومية 5: 6-14
                (18فَإِذاً كَمَا بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ صَارَ الْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِلدَّيْنُونَةِ هَكَذَا بِبِرٍّ وَاحِدٍ صَارَتِ الْهِبَةُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِتَبْرِيرِ الْحَيَاةِ. 19لأَنَّهُ كَمَا بِمَعْصِيَةِ الإِنْسَانِ الْوَاحِدِ جُعِلَ الْكَثِيرُونَ خُطَاةً هَكَذَا أَيْضاً بِإِطَاعَةِ الْوَاحِدِ سَيُجْعَلُ الْكَثِيرُونَ أَبْرَاراً.) رومية 5: 18-19
                (22وَكُلُّ شَيْءٍ تَقْرِيباً يَتَطَهَّرُ حَسَبَ النَّامُوسِ بِالدَّمِ، وَبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ!) عبرانيين 9: 22
                (23إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ 24مُتَبَرِّرِينَ مَجَّاناً بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ 25الَّذِي قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ لإِظْهَارِ بِرِّهِ مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ عَنِ الْخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللهِ.) رومية 3: 23-25
                (21وَأَنْتُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ قَبْلاً اجْنَبِيِّينَ وَأَعْدَاءً فِي الْفِكْرِ، فِي الأَعْمَالِ الشِّرِّيرَةِ، قَدْ صَالَحَكُمُ الآنَ 22فِي جِسْمِ بَشَرِيَّتِهِ بِالْمَوْتِ، لِيُحْضِرَكُمْ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ وَلاَ شَكْوَى امَامَهُ،) انظر كولوسى 1: 22
                (4أَمَّا الَّذِي يَعْمَلُ فَلاَ تُحْسَبُ لَهُ الأُجْرَةُ عَلَى سَبِيلِ نِعْمَةٍ بَلْ عَلَى سَبِيلِ دَيْنٍ. 5وَأَمَّا الَّذِي لاَ يَعْمَلُ وَلَكِنْ يُؤْمِنُ بِالَّذِي يُبَرِّرُ الْفَاجِرَ فَإِيمَانُهُ يُحْسَبُ لَهُ بِرّاً) رومية 4: 4-5
                (14إِذْ مَحَا الصَّكَّ الَّذِي عَلَيْنَا فِي الْفَرَائِضِ، الَّذِي كَانَ ضِدّاً لَنَا، وَقَدْ رَفَعَهُ مِنَ الْوَسَطِ مُسَمِّراً ايَّاهُ بِالصَّلِيبِ،) كولوسى 2: 14
                (14الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، لِكَيْ يَفْدِيَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، وَيُطَهِّرَ لِنَفْسِهِ شَعْباً خَاصّاً غَيُوراً فِي أَعْمَالٍ حَسَنَةٍ.) ثيطس 2: 14
                (إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا فَمَنْ عَلَيْنَا! 32اَلَّذِي لَمْ يُشْفِقْ عَلَى ابْنِهِ بَلْ بَذَلَهُ لأَجْلِنَا أَجْمَعِينَ) رومية 8: 31-32
                قارن كلام بولس بقول الرب: (37لأَنَّكَ بِكَلاَمِكَ تَتَبَرَّرُ وَبِكَلاَمِكَ تُدَانُ) متى 12: 37 ، وبقوله: (وحينئذ يحاسب كل إنسان على قدر أعماله) متى 16: 27
                فما علاقة صلب الإله بغفران ذنوبى إذا كان حسابى سوف يتوقف على ما أتكلم به أو ما أفعله؟ ولماذا أحمل من خطية آخر وأنا لم أشارك فى هذا العمل بأى صورة من الصور؟ أين العقل فى هذه العقيدة عزيزى القمص؟
                وأين العقل فى تصديقكم أقوال بولس؟
                اقرأ عزيزى القمص اعتراف بولس بنفاقه ليمرر عقيدته الجديدة، ثم أخبرنى أين العقل فى تسميتكم له ”بالرسول“ أو ”القديس“، واتباعكم له من دون المسيح؟:
                لا تتعجب عزيزى البابا! فقد قالها صراحة إنه ينافق ليكسب أتباعًا لدينه ، إنه يكذب ليغلب أتباعه أتباع عيسى  عددًا ، إنه يحتال لينشر دينه ويكون له الغلبة ويتلاشى دين عيسى  ويذوب أتباعه تدريجيًا فى بوتقة بولس ، ومع شديد الأسف فإن مثال بولس يحتذيه الكثير من المنصرين فى كل مكان فى العالم ، وأسأل الله أن يحفظنا جميعًا، ويحفظك يا زكريا بطرس، من الوقوع فى الكذب لنشر الدين:
                لقد نافق بولس كل طائفة حسب عقيدتها، وطالب العاملين معه فى الدعوة ومن يدعوهم لدينه الجديد أن يظل كل واحد على ما اعتاد عليه ، حتى لا تُقابل الدعوة بمعارضة ومؤامرات فى بدايتها ، سواء كان هذا لليهودى الذى اعتاد على تقاليد الكهنة والناموس ، أو كان وثنيًا اعتاد على عبادة الأوثان. فقال: (20اَلدَّعْوَةُ الَّتِي دُعِيَ فِيهَا كُلُّ وَاحِدٍ فَلْيَلْبَثْ فِيهَا.) كورنثوس الأولى 7: 20
                وهذا يعنى أنه إذا دُعى اليهودى للمسيحية وقبلها ، فليعمل بحسب شريعته التى درج عليها، وإذا دُعى اليونانى أو الوثنى إلى المسيحية وقبلها، فليعمل بحسب قوانين شريعته التى تحكمه واعتاد عليها. بمعنى ”إله تفصيل لكل مواطن“ و”شريعة تبع طلب الزبون“ مثل البيتزا تُشكلها كما يحلو لك!!
                ومثل هذا الدين لا سمو له ، ولا يمكن أن ينتشر إلا بالكذب والإلتفاف على الآخرين. وهذا ينفى العقل عنه تمامًا، لأن الدين الذى يعقله كل الناس هو أسرع الأديان انتشارًا ، ما إن علم الناس صحته. وهذا هو الذى يجعل القمص وغيره يُحاربون الإسلام ، ويُشيعون عنه ما ليس فيه ، لأنه إذا ما تواجهت الديانتان بالعقل والمنطق ، إنهارت المسيحية فى أول لقاء.
                فقام بختان تابعه (تيموثاوس) لينافق اليهود (بعد أن كان يحارب الختان) (3فَأَرَادَ بُولُسُ أَنْ يَخْرُجَ هَذَا مَعَهُ فَأَخَذَهُ وَخَتَنَهُ مِنْ أَجْلِ الْيَهُودِ الَّذِينَ فِي تِلْكَ الأَمَاكِنِ ......) أعمال 16: 3 ، فأين الولاء لله ، والبراء من أفعال الشيطان وأوامره؟
                ونافق عبدة الأصنام في أثينا عندما رأى صنمًا مكتوبًا عليه (إله مجهول) فقال لهم لقد جئتكم لأبشركم بهذا الإله؟؟ (23لأَنَّنِي بَيْنَمَا كُنْتُ أَجْتَازُ وَأَنْظُرُ إِلَى مَعْبُودَاتِكُمْ وَجَدْتُ أَيْضاً مَذْبَحاً مَكْتُوباً عَلَيْهِ: «لِإِلَهٍ مَجْهُولٍ». فَالَّذِي تَتَّقُونَهُ وَأَنْتُمْ تَجْهَلُونَهُ هَذَا أَنَا أُنَادِي لَكُمْ بِهِ.) أعمال 17: 23
                وجاهر بهذا النفاق ، وأعلن أنه هو منهاج حياته الذى أقر به: (19فَإِنِّي إِذْ كُنْتُ حُرّاً مِنَ الْجَمِيعِ اسْتَعْبَدْتُ نَفْسِي لِلْجَمِيعِ لأَرْبَحَ الأَكْثَرِينَ. 20فَصِرْتُ لِلْيَهُودِ كَيَهُودِيٍّ لأَرْبَحَ الْيَهُودَ وَلِلَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ كَأَنِّي تَحْتَ النَّامُوسِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ 21وَلِلَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ كَأَنِّي بِلاَ نَامُوسٍ - مَعَ أَنِّي لَسْتُ بِلاَ نَامُوسٍ لِلَّهِ بَلْ تَحْتَ نَامُوسٍ لِلْمَسِيحِ - لأَرْبَحَ الَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ. 22صِرْتُ لِلضُّعَفَاءِ كَضَعِيفٍ لأَرْبَحَ الضُّعَفَاءَ. صِرْتُ لِلْكُلِّ كُلَّ شَيْءٍ لأُخَلِّصَ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَوْماً. 23وَهَذَا أَنَا أَفْعَلُهُ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ لأَكُونَ شَرِيكاً فِيهِ.) كورنثوس الأولى 9: 19-23
                أليس هذا هو النفاق بعينه؟ فهل المنافق يُطلَق عليه قديس؟ وهل المنافق يُؤتَمَن على كلمة الله؟ هل لم يجد الرب بشرًا آخرًا يصطفيه لنقل رسالته غير هذا الكذَّاب؟ لماذا لا يصطفى الرب إلا الكذَّاب أو المنافق أو الزانى أو السارق أو الذى سيكفر ويَضل ويُضلِّل غيره معه؟ هل مثل هذا الإله يُدعى إلهًا حكيمًا أو عاقلاً؟ هل من العقل التسليم لهذا الإله أو الإيمان به؟ كيف يكون إنسان بهذه الشخصية شريكًا فى كتابكم الموحى به من عند الرب؟ وأين عقولكم فى قبول هذه الشخصيات كأنبياء أو رسل؟ ألا يُعد هذا كدليل على تحريف هذا الكتاب، الذى تقدسونه، ودليل على انتفاء وجود المنطق أو العقل فى دينكم؟
                وفكر عزيزى القمص هداك الله لدينه الحق: ماذا كان سيفعل الشيطان لو كان مكان الرب غير ما فعله الرب نفسه؟ أين عقولكم؟ بل أين الأمناء من رجال دينكم؟
                والغريب أنه لا يستحى من كذبه ، ويبرره بأن مجد الله ازداد بكذبه: (7فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟) رومية 3: 7
                فقارن هذا بقول عيسى : (16فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.) متى 5: 16 ، إذن فمجد الله يزداد بالأعمال الصالحة وليس بالكذب كما ادعى بولس.
                والأعجب من ذلك أنه يتفاخر بذلك قائلاً: (16فَلْيَكُنْ. أَنَا لَمْ أُثَقِّلْ عَلَيْكُمْ. لَكِنْ إِذْ كُنْتُ مُحْتَالاً أَخَذْتُكُمْ بِمَكْرٍ!) كورنثوس الثانية 12: 16
                لكن ربما يظن شخص ما أن بولس واصل نشر رسالة عيسى  ولكن بطريقته هو!
                فى الحقيقة هذا افتراض عارى تمامًا من الصحة ، فبولس ليس بالرجل الأمين الذى يفعل ذلك ، وهذا باعترافه بنفسه. ثم ما هى هذه الطريقة التى يُخالف فيها تعليمات معلمه؟ إن مُخالفة المعلم لا تعنى إلا شق طريق جديد يُخالف به الطريق الأمثل ، الذى انتهجه معلمه، ناهيكم عن القول بأنه إلهكم!
                ومع ذلك لقد أقر بولس أنه هو واضع أساس دين جديد، وطالب غيره بالبناء عليه: (10حَسَبَ نِعْمَةِ اللهِ الْمُعْطَاةِ لِي كَبَنَّاءٍ حَكِيمٍ قَدْ وَضَعْتُ أَسَاساً وَآخَرُ يَبْنِي عَلَيْهِ. وَلَكِنْ فَلْيَنْظُرْ كُلُّ وَاحِدٍ كَيْفَ يَبْنِي عَلَيْهِ.) كورنثوس الأولى 3: 10-11، إنه يطالب الكل بالبناء والتأليف فى هذا الدين، ليضمن وجود كم من التناقضات المختلفة والعقائد المتباينة ، التى يستحيل معها عقلاً ونقلاً وحدة هذا الدين وصموده! إنها دعوة علانية للتحريف!
                وهل تتخيلون أنه يرفض أن يبنى على أساس غيره ، ولو كان هذا الغير إلهه؟: (20وَلَكِنْ كُنْتُ مُحْتَرِصاً أَنْ أُبَشِّرَ هَكَذَا: لَيْسَ حَيْثُ سُمِّيَ الْمَسِيحُ لِئَلاَّ أَبْنِيَ عَلَى أَسَاسٍ لِآخَرَ.) رومية 15: 20
                وقال أيضًا: (11وَأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الإِنْجِيلَ الَّذِي بَشَّرْتُ بِهِ، أَنَّهُ لَيْسَ بِحَسَبِ إِنْسَانٍ. 12لأَنِّي لَمْ أَقْبَلْهُ مِنْ عِنْدِ إِنْسَانٍ وَلاَ عُلِّمْتُهُ. بَلْ بِإِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.) غلاطية 1: 11-12
                (17الَّذِي أَتَكَلَّمُ بِهِ لَسْتُ أَتَكَلَّمُ بِهِ بِحَسَبِ الرَّبِّ، بَلْ كَأَنَّهُ فِي غَبَاوَةٍ، فِي جَسَارَةِ الاِفْتِخَارِ هَذِهِ.) كورنثوس الثانية 11: 17
                بل أقر أنه فعل الكثير ضد ما فعله وما قاله يسوع الناصرى: (8لِمَاذَا يُعَدُّ عِنْدَكُمْ أَمْراً لاَ يُصَدَّقُ إِنْ أَقَامَ اللهُ أَمْوَاتاً؟ 9فَأَنَا ارْتَأَيْتُ فِي نَفْسِي أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَصْنَعَ أُمُوراً كَثِيرَةً مُضَادَّةً لاِسْمِ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ.) أعمال الرسل 26: 8-9
                وبذلك لا تتوقع أن يكون بولس مؤيدًا لأقوال عيسى ، ولا شارحًا لها، لأنه قرر منذ البدء أنه لن يبنى على الأساس الذى وضعه غيره، وإن كان ذلك الغير هو الله أو حتى رسوله ، وإنما سيأتى بأساس جديد من عنده يُخالف ما عرفه الناس من موسى وعيسى عليهما السلام.
                ولكى نكون أمناء أكثر فقد حاكى الديانات الوثنية القديمة ، وطبق أقوال الوثنيين على يسوع ، ومن هذه العقيدة ما قاله فى تجسد الإله وموته فداءًا. (راجع: مطابقة العقائد المسيحية للأديان الوثنية، الجزء الرابع من هذه السلسلة ص61 وما بعدها)
                اقرأوا أقوال عيسى  واعترافه بأن الكلام الذى يقوله ، والأعمال التى يعملها هى من عند الله ، وأنه ناقل لها ليس أكثر: (أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «إِنِّي قُلْتُ لَكُمْ وَلَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ. اَلأَعْمَالُ الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا بِاسْمِ أَبِي هِيَ تَشْهَدُ لِي) يوحنا 10: 25
                (وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئاً مِنْ نَفْسِي بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهَذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي.) يوحنا 8: 28
                (24اَلَّذِي لاَ يُحِبُّنِي لاَ يَحْفَظُ كلاَمِي. وَالْكلاَمُ الَّذِي تَسْمَعُونَهُ لَيْسَ لِي بَلْ لِلآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي.) يوحنا 14: 24
                (49لأَنِّي لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنْ نَفْسِي لَكِنَّ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ أَعْطَانِي وَصِيَّةً: مَاذَا أَقُولُ وَبِمَاذَا أَتَكَلَّمُ. 50وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ وَصِيَّتَهُ هِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ. فَمَا أَتَكَلَّمُ أَنَا بِهِ فَكَمَا قَالَ لِي الآبُ هَكَذَا أَتَكَلَّمُ».) يوحنا 12: 49-50
                (6«أَنَا أَظْهَرْتُ اسْمَكَ لِلنَّاسِ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي مِنَ الْعَالَمِ. كَانُوا لَكَ وَأَعْطَيْتَهُمْ لِي وَقَدْ حَفِظُوا كلاَمَكَ. 7وَالآنَ عَلِمُوا أَنَّ كُلَّ مَا أَعْطَيْتَنِي هُوَ مِنْ عِنْدِكَ 8لأَنَّ الْكلاَمَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي قَدْ أَعْطَيْتُهُمْ وَهُمْ قَبِلُوا وَعَلِمُوا يَقِيناً أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِكَ وَآمَنُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي.) يوحنا 17: 6-8
                (14أَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمْ كلاَمَكَ) يوحنا 17: 14
                لذلك تراه لم يتكلم مرة على لسان عيسى ابن مريم  ، ولم يأخذ بنصائح التلاميذ، بل اختلف عقائديًا مع برنابا، وعندما عاد إلى أورشليم أدانه مجمع التلاميذ، وكفروا معتقداته ، وأرسلوا من يُدرِّس العقيدة السليمة والدين الصحيح لمن ضلَّلهم بولس، وأمروه بالإستتابة، وأن يسلك هو أيضًا حافظًا للناموس: (17وَلَمَّا وَصَلْنَا إِلَى أُورُشَلِيمَ قَبِلَنَا الإِخْوَةُ بِفَرَحٍ. 18وَفِي الْغَدِ دَخَلَ بُولُسُ مَعَنَا إِلَى يَعْقُوبَ وَحَضَرَ جَمِيعُ الْمَشَايِخِ. 19فَبَعْدَ مَا سَلَّمَ عَلَيْهِمْ طَفِقَ يُحَدِّثُهُمْ شَيْئاً فَشَيْئاً بِكُلِّ مَا فَعَلَهُ اللهُ بَيْنَ الْأُمَمِ بِوَاسِطَةِ خِدْمَتِهِ. 20فَلَمَّا سَمِعُوا كَانُوا يُمَجِّدُونَ الرَّبَّ. وَقَالُوا لَهُ: «أَنْتَ تَرَى أَيُّهَا الأَخُ كَمْ يُوجَدُ رَبْوَةً مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُمْ جَمِيعاً غَيُورُونَ لِلنَّامُوسِ. 21وَقَدْ أُخْبِرُوا عَنْكَ أَنَّكَ تُعَلِّمُ جَمِيعَ الْيَهُودِ الَّذِينَ بَيْنَ الْأُمَمِ الاِرْتِدَادَ عَنْ مُوسَى قَائِلاً أَنْ لاَ يَخْتِنُوا أَوْلاَدَهُمْ وَلاَ يَسْلُكُوا حَسَبَ الْعَوَائِدِ. 22فَإِذاً مَاذَا يَكُونُ؟ لاَ بُدَّ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَنْ يَجْتَمِعَ الْجُمْهُورُ لأَنَّهُمْ سَيَسْمَعُونَ أَنَّكَ قَدْ جِئْتَ. 23فَافْعَلْ هَذَا الَّذِي نَقُولُ لَكَ: عِنْدَنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ عَلَيْهِمْ نَذْرٌ. 24خُذْ هَؤُلاَءِ وَتَطهَّرْ مَعَهُمْ وَأَنْفِقْ عَلَيْهِمْ لِيَحْلِقُوا رُؤُوسَهُمْ فَيَعْلَمَ الْجَمِيعُ أَنْ لَيْسَ شَيْءٌ مِمَّا أُخْبِرُوا عَنْكَ بَلْ تَسْلُكُ أَنْتَ أَيْضاً حَافِظاً لِلنَّامُوسِ. 25وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْأُمَمِ فَأَرْسَلْنَا نَحْنُ إِلَيْهِمْ وَحَكَمْنَا أَنْ لاَ يَحْفَظُوا شَيْئاً مِثْلَ ذَلِكَ سِوَى أَنْ يُحَافِظُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِمَّا ذُبِحَ لِلأَصْنَامِ وَمِنَ الدَّمِ وَالْمَخْنُوقِ وَالزِّنَا».26حِينَئِذٍ أَخَذَ بُولُسُ الرِّجَالَ فِي الْغَدِ وَتَطَهَّرَ مَعَهُمْ وَدَخَلَ الْهَيْكَلَ مُخْبِراً بِكَمَالِ أَيَّامِ التَّطْهِيرِ إِلَى أَنْ يُقَرَّبَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْقُرْبَانُ.) أعمال الرسل 21: 17-26
                يُضاف إلى أدلة نفاق بولس:
                وتظهر شهادة نفاق بولس أيضًا في مقارنتك لرسائله إلى أهل رومية ورسائله إلى أهل غلاطية:
                1- فقال لأهل رومية إن خلاص الله ومجده لليهودي أولا (طبعًا بالناموس) ، ثم لليوناني من بعده (16لأَنِّي لَسْتُ أَسْتَحِي بِإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ لأَنَّهُ قُوَّةُ اللهِ لِلْخَلاَصِ لِكُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ: لِلْيَهُودِيِّ أَوَّلاً ثُمَّ لِلْيُونَانِيِّ.) رومية 1: 16، ونسى أن كل البشر أمام الله سواسية كأسنان المشط: (11لأَنْ لَيْسَ عِنْدَ اللهِ مُحَابَاةٌ.) رومية 2: 11
                وقال فى غلاطية إنه بأعمال الناموس لا يتبرر أى إنسان أمام الله: (16إِذْ نَعْلَمُ أَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَتَبَرَّرُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ، بَلْ بِإِيمَانِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، آمَنَّا نَحْنُ أَيْضاً بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، لِنَتَبَرَّرَ بِإِيمَانِ يَسُوعَ لاَ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ. لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ لاَ يَتَبَرَّرُ جَسَدٌ مَا.) غلاطية 2: 16
                2- وقال لأهل رومية إن الذين يعملون بالناموس (ينفذون وصايا التوراة) يصيرون أبرارا (يدخلون الجنة): (12لأَنَّ كُلَّ مَنْ أَخْطَأَ بِدُونِ النَّامُوسِ فَبِدُونِ النَّامُوسِ يَهْلِكُ وَكُلُّ مَنْ أَخْطَأَ فِي النَّامُوسِ فَبِالنَّامُوسِ يُدَانُ. 13لأَنْ لَيْسَ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ النَّامُوسَ هُمْ أَبْرَارٌ عِنْدَ اللهِ بَلِ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ بِالنَّامُوسِ هُمْ يُبَرَّرُونَ.) رومية 2: 12-13
                ثم تنكَّر للناموس فى خطابه إلى غلاطية: (وَلَكِنْ أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ يَتَبَرَّرُ بِالنَّامُوسِ عِنْدَ اللهِ فَظَاهِرٌ، لأَنَّ «الْبَارَّ بِالإِيمَانِ يَحْيَا».) غلاطية 3: 11
                3- وقال لأهل رومية إن الإيمان يَثبُت بالناموس (أي بالعمل بشريعة التوراة): (31أَفَنُبْطِلُ النَّامُوسَ بِالإِيمَانِ؟ حَاشَا! بَلْ نُثَبِّتُ النَّامُوسَ) رومية 3: 31
                فى الوقت الذى قال فيه لأهل غلاطية: (10لأَنَّ جَمِيعَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ أَعْمَالِ النَّامُوسِ هُمْ تَحْتَ لَعْنَةٍ، .. .. ..) غلاطية 3: 10
                4- وقال لأهل رومية: (28إِذاً نَحْسِبُ أَنَّ الإِنْسَانَ يَتَبَرَّرُ بِالإِيمَانِ بِدُونِ أَعْمَالِ النَّامُوسِ. 29أَمِ اللهُ لِلْيَهُودِ فَقَطْ؟ أَلَيْسَ لِلأُمَمِ أَيْضاً؟ بَلَى لِلأُمَمِ أَيْضاً؟ 30لأَنَّ اللهَ وَاحِدٌ هُوَ الَّذِي سَيُبَرِّرُ الْخِتَانَ بِالإِيمَانِ وَالْغُرْلَةَ بِالإِيمَانِ. 31أَفَنُبْطِلُ النَّامُوسَ بِالإِيمَانِ؟ حَاشَا! بَلْ نُثَبِّتُ النَّامُوسَ) رومية 3: 28-31
                وقال لأهل غلاطية:( وَلَكِنَّ النَّامُوسَ لَيْسَ مِنَ الإِيمَانِ) غلاطية 3: 12
                5- وقال لأهل رومية إن الناموس مقدس ووصاياه مقدسة وعادلة وصالحة: (12إِذاً النَّامُوسُ مُقَدَّسٌ وَالْوَصِيَّةُ مُقَدَّسَةٌ وَعَادِلَةٌ وَصَالِحَةٌ.) رومية 7: 12
                فى الوقت الذى يقول فيه لأهل غلاطية إن الناموس جاء زيادة (بلا فائدة) لأجل التعديات: (19فَلِمَاذَا النَّامُوسُ؟ قَدْ زِيدَ بِسَبَبِ التَّعَدِّيَاتِ، إِلَى أَنْ يَأْتِيَ النَّسْلُ الَّذِي قَدْ وُعِدَ لَهُ، مُرَتَّباً بِمَلاَئِكَةٍ فِي يَدِ وَسِيطٍ. 20وَأَمَّا الْوَسِيطُ فَلاَ يَكُونُ لِوَاحِدٍ. وَلَكِنَّ اللهَ وَاحِدٌ. 21فَهَلِ النَّامُوسُ ضِدَّ مَوَاعِيدِ اللهِ؟ حَاشَا! لأَنَّهُ لَوْ أُعْطِيَ نَامُوسٌ قَادِرٌ أَنْ يُحْيِيَ، لَكَانَ بِالْحَقِيقَةِ الْبِرُّ بِالنَّامُوسِ.) غلاطية 3: 19-21
                6- وقال لأهل رومية إن اليهود لهم عند الله التبنِّي والمجد والعهود والتشريع والعبادة ولهم الأنبياء ومنهم المسيح: (4الَّذِينَ هُمْ إِسْرَائِيلِيُّونَ وَلَهُمُ التَّبَنِّي وَالْمَجْدُ وَالْعُهُودُ وَالِاشْتِرَاعُ وَالْعِبَادَةُ وَالْمَوَاعِيدُ) رومية 9: 3 (ويقصد أنهم أبناء الله)
                فى حين أنه سبَّ التوراة ومن اتبعها لدى أهل غلاطية ، فيقول: إن الذي ينفذ وصايا الله في التوراة قد تكبَّر على المسيح وسقط من النعمة: (4قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ.) غلاطية 5: 4
                بل شتم أهل غلاطية لأنهم يؤمنون بضرورة تنفيذ وصايا الله في التوراة: (1أَيُّهَا الْغَلاَطِيُّونَ الأَغْبِيَاءُ، مَنْ رَقَاكُمْ حَتَّى لاَ تُذْعِنُوا لِلْحَقِّ؟ أَنْتُمُ الَّذِينَ أَمَامَ عُيُونِكُمْ قَدْ رُسِمَ يَسُوعُ الْمَسِيحُ بَيْنَكُمْ مَصْلُوباً! 2أُرِيدُ أَنْ أَتَعَلَّمَ مِنْكُمْ هَذَا فَقَطْ: أَبِأَعْمَالِ النَّامُوسِ أَخَذْتُمُ الرُّوحَ أَمْ بِخَبَرِ الإِيمَانِ؟) غلاطية 3: 1-2
                وذلك لأن المسيح لا ينفع المختون: (2هَا أَنَا بُولُسُ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنِ اخْتَتَنْتُمْ لاَ يَنْفَعُكُمُ الْمَسِيحُ شَيْئاً!) غلاطية 5: 2
                كيف وهو قد تم ختانه؟ كيف وهو عهد الله الأبدى فى إبراهيم ونسله؟ هل أعلمت عزيزى زكريا المسيحيين بكل هذه التفاصيل؟ أم إنهم لا يعرفون إلا الرب محبة؟
                لقد حرض بولس الناس على ترك الختان: (12جَمِيعُ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَعْمَلُوا مَنْظَراً حَسَناً فِي الْجَسَدِ، هَؤُلاَءِ يُلْزِمُونَكُمْ أَنْ تَخْتَتِنُوا، لِئَلاَّ يُضْطَهَدُوا لأَجْلِ صَلِيبِ الْمَسِيحِ فَقَطْ. 13لأَنَّ الَّذِينَ يَخْتَتِنُونَ هُمْ لاَ يَحْفَظُونَ النَّامُوسَ، بَلْ يُرِيدُونَ أَنْ تَخْتَتِنُوا أَنْتُمْ لِكَيْ يَفْتَخِرُوا فِي جَسَدِكُمْ. 14وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ. 15لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لَيْسَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئاً وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الْخَلِيقَةُ الْجَدِيدَةُ.) غلاطية 6: 12-15
                اقرأ عهد الله الأبدى فى الختان مع إبراهيم ونسله: (9وَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيمَ: «وَأَمَّا أَنْتَ فَتَحْفَظُ عَهْدِي أَنْتَ وَنَسْلُكَ مِنْ بَعْدِكَ فِي أَجْيَالِهِمْ. 10هَذَا هُوَ عَهْدِي الَّذِي تَحْفَظُونَهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَبَيْنَ نَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ: يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ 11فَتُخْتَنُونَ فِي لَحْمِ غُرْلَتِكُمْ فَيَكُونُ عَلاَمَةَ عَهْدٍ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ. 12اِبْنَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ فِي أَجْيَالِكُمْ: وَلِيدُ الْبَيْتِ وَالْمُبْتَاعُ بِفِضَّةٍ مِنْ كُلِّ ابْنِ غَرِيبٍ لَيْسَ مِنْ نَسْلِكَ. 13يُخْتَنُ خِتَاناً وَلِيدُ بَيْتِكَ وَالْمُبْتَاعُ بِفِضَّتِكَ فَيَكُونُ عَهْدِي فِي لَحْمِكُمْ عَهْداً أَبَدِيّاً. 14وَأَمَّا الذَّكَرُ الأَغْلَفُ الَّذِي لاَ يُخْتَنُ فِي لَحْمِ غُرْلَتِهِ فَتُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ شَعْبِهَا. إِنَّهُ قَدْ نَكَثَ عَهْدِي».) تكوين 17: 9-14
                بل قرَّرَ الرب أن يقتل موسى لأنه نسِىَ أن يختن ابنه: (21وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «عِنْدَمَا تَذْهَبُ لِتَرْجِعَ إِلَى مِصْرَ انْظُرْ جَمِيعَ الْعَجَائِبِ الَّتِي جَعَلْتُهَا فِي يَدِكَ وَاصْنَعْهَا قُدَّامَ فِرْعَوْنَ. وَلَكِنِّي أُشَدِّدُ قَلْبَهُ حَتَّى لاَ يُطْلِقَ الشَّعْبَ. 22فَتَقُولُ لِفِرْعَوْنَ: هَكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ: إِسْرَائِيلُ ابْنِي الْبِكْرُ. 23فَقُلْتُ لَكَ: أَطْلِقِ ابْنِي لِيَعْبُدَنِي فَأَبَيْتَ أَنْ تُطْلِقَهُ. هَا أَنَا أَقْتُلُ ابْنَكَ الْبِكْرَ». 24وَحَدَثَ فِي الطَّرِيقِ فِي الْمَنْزِلِ أَنَّ الرَّبَّ الْتَقَاهُ وَطَلَبَ أَنْ يَقْتُلَهُ. 25فَأَخَذَتْ صَفُّورَةُ صَوَّانَةً وَقَطَعَتْ غُرْلَةَ ابْنِهَا وَمَسَّتْ رِجْلَيْهِ. فَقَالَتْ: «إِنَّكَ عَرِيسُ دَمٍ لِي». 26فَانْفَكَّ عَنْهُ. حِينَئِذٍ قَالَتْ: «عَرِيسُ دَمٍ مِنْ أَجْلِ الْخِتَانِ». 27وَقَالَ الرَّبُّ لِهَارُونَ: «اذْهَبْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ لاِسْتِقْبَالِ مُوسَى». فَذَهَبَ وَالْتَقَاهُ فِي جَبَلِ اللهِ وَقَبَّلَهُ. 28فَأَخْبَرَ مُوسَى هَارُونَ بِجَمِيعِ كَلاَمِ الرَّبِّ الَّذِي أَرْسَلَهُ وَبِكُلِّ الآيَاتِ الَّتِي أَوْصَاهُ بِهَا.) خروج 4: 21-28
                وهذا ما فُعِلَ لعيسى ويوحنا المعمدان عليهما السلام (59وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ جَاءُوا لِيَخْتِنُوا الصَّبِيَّ وَسَمَّوْهُ بِاسْمِ أَبِيهِ زَكَرِيَّا. 60فَقَالَتْ أُمُّهُ: «لاَ بَلْ يُسَمَّى يُوحَنَّا».) لوقا 1: 59-60 ، (21وَلَمَّا تَمَّتْ ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ لِيَخْتِنُوا الصَّبِيَّ سُمِّيَ يَسُوعَ كَمَا تَسَمَّى مِنَ الْمَلاَكِ قَبْلَ أَنْ حُبِلَ بِهِ فِي الْبَطْنِ.) لوقا 2: 21
                عزيزى القمص: لقد أخرجكم بولس من عهد الرب ومن عداد المؤمنين نسل إبراهيم؟
                عزيزى القمص: هل الكتاب الذى تأمرك نصوصه بتحمل الغباء، وألا تعتمد على فهمك يدعو إلى استخدام العقل؟ (1لَيْتَكُمْ تَحْتَمِلُونَ غَبَاوَتِي قَلِيلاً!) كورنثوس الثانية 11: 1، و(5تَوَكَّلْ عَلَى الرَّبِّ بِكُلِّ قَلْبِكَ وَعَلَى فَهْمِكَ لاَ تَعْتَمِدْ.) أمثال 3: 5
                عزيزى القمص زكريا بطرس:
                {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} سورة البقرة (44)
                عزيزى المسلم:
                {مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} سورة البقرة (105)
                التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 5 نوف, 2020, 05:50 م.

                تعليق


                • #9
                  استخدام العقل فريضة إسلامية:
                  إن أكرم ما خلق الله فى الكون هو الإنسان، وإن أشرف شيء اختص به الإنسان هو القلب والعقل. لذلك جاء الدين هاديًا للعقل في الإيمان بالله وملائكته ورسله وكتبه واليوم الآخر والغيب.
                  الإسلام يعطى العقل منزلة كبيرة جدًا ، ويعتمد عليه في إقناع الناس بصدق مبادئه، فالبراهين التي عليه في إقناع الناس بصدق مبادئه، فالبراهين التي تثبت للناس عقيدة الإيمان بإله واحد – وهي أساس عقيدة الإسلام – براهين عقلية بحتة، والطريق التي سلكها القرآن لإثبات ذلك هي طريقة الاستدلال العقلي والنظر الفطري. وكثيرًا ما تدعوا الآيات القرآنية إلى التعقُّل أو التدبُّر أو التذكُّر:
                  {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} (44) سورة البقرة
                  {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّورَاةُ وَالإنجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} (65) سورة آل عمران
                  {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} (32) سورة الأنعام
                  {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا} (82) سورة النساء
                  {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (24) سورة محمد
                  {سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } (1) النور
                  ومن هنا اتفق علماء الإسلام أن الإيمان المقبول ما كان عن علم وبرهان لا عن تقليد وإذعان واختلفوا في الإيمان المقلد أيصح منه أم لا؟
                  لقد جعل الإسلام العقل حكمًا فى كل شىء ، وجعله حكماً فى الدين وفى الإيمان نفسه، وردَّ التقليد والإلف والمتابعة من غير تعقل وتدبر، وما جاء فيه من إشارة إلى أن كفر المشركين وزيغ المنحرفين عن الحق إنما كان بسبب: الإلف والعادة والتقليد والإتباع من غير حجة ولا بيّنة، أو سند عقلي مشروع. قال تعالى: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ * وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ} سورة البقرة (170-171)
                  ويقول الشيخ محمد عبده فى تفسير هذه الآية إنّ "التقليد بغير عقل وهداية هو شأن الكافرين وأن المرء لا يكون مؤمناً إلا إذا عقل دينه، وعرفه بنفسه، حتى اقتنع به. فمن ربي على التسليم بغير عقل، والعمل ولو صالحاً بغير فقه، فهو غير مؤمن؛ لأنه ليس القصد من الإيمان أن يذلل الإنسان للخير كما يذلل الحيوان، بل القصد منه أن يرتقي عقله وتتزكى نفسه بالعلم بالله، والعرفان بدينه، فيعمل الخير لأنه يفقه أنه الخير النافع المرضي لله ويترك الشر لأنه يفهم سوء عاقبته، ودرجة مضرته في دينه ودنياه. ويكون فوق هذا على بصيرة وعقل في اعتقاده فلا يأخذه بالتسليم". حتى ذهب بعض العلماء إلى أن أول الواجبات التي يكلّف العبد بها معرفة الله تعالى، ومن ثم معرفة الواجبات الشرعية.
                  بل لقد ذهب بعض المتكلِّمين، استنادًا إلى ما ورد في القرآن الكريم من وجوب النظر ولزوم التقليد والإتباع، إلى القول بأن: "أول الواجبات المفروضة على المكلف هو الشَّك"، وهذا هو ما اختاره أبو هاشم الجبّائي، أول مبشر بفلسفة الشك المنهجي من أجل الوصول إلى اليقين، هو أيضًا ما ذهب إليه وأقرَّه الإمام أبو حامد الغزالي حيث يقول: "من لم يشك لم ينظر، ومن لم ينظر لم يبصر، ومن لم يبصر كان في العمى والضلال".
                  وهو القائل في مناسبة أخرى: "فأية رتبة في عالم الله أخسّ من رتبة من يتجمّل بترك الحق المعتقد تقليدًا، بالتسارع إلى قبول الباطل تصديقًا، دون أن يقبله خبرًا وتحقيقًا". (نقلا عن د. عرفان عبد الحميد فتاح)
                  وقد تردد هذا الإنكار للإلف والعادة والتقليد بوصفه نقيض العلم الصحيح، ولهذا فهو ليس طريقًا إلى المعرفة، حتى لقد نسب الإمام ابن حزم الظاهري إلى عموم الأشاعرة قولهم: "ليس مؤمنًا من لم يستدل" على دينه بعقله. وأكد علماؤنا أن تعطيل العقل عن وظيفته، أعني في التفكير والتدبر وحسن الفهم والتبين وإدراك المعلوم على ما هو عليه، يهبط بالإنسان إلى مستوى الدواب. واستشهدوا لذلك بقول الله تعالى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابَّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ} الأنفال (22)
                  يقول الدكتور محمد عمارة فى كتابه "الإسلام بين التنوير والتزوير" ص15-16: إن القرآن الكريم يعلمنا أن «التعمية» و«حجب الحقيقة» كانا منهاج المشركين الذين أرادوا مصادرة الحقائق، فكان شعارهم: «لا تسمعوا»!!.. {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} (26) سورة فصلت.
                  بينما شعار القرآن الكريم ورسوله  ، ومنهاج أمته:
                  {قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (111) سورة البقرة، و(64) سورة النمل
                  {نَبِّؤُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (143) سورة الأنعام
                  {قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا} (148) سورة الأنعام
                  {قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}(4)الأحقاف
                  وهذا المنهاج القرآنى هو الذى سار على دربه الكندى الفيلسوف (873م) فقال: ”خليق بنا ألا نخجل من الاعتراف بالحقيقة واستيعابها، مهما كان مصدرها“. .. وتابعه ابن رشد (1126-1198م) فقال: ”إنه يجب علينا أن نستعين على ما نحن بسبيله بما قاله من تقدمنا فى ذلك .. سواء أكان مشاركًا لنا فى الملة أو غير مشارك، طالما كان صوابًا“. وعلى دربه سار الأفغانى (1838-1897م) فقال: ”إن أبا العلم وأمه هو الدليل. والدليل ليس أرسطو بالذات، ولا جاليليو بالذات.. والحقيقة تُلتمس حيث يوجد الدليل“.
                  فما دام الإسلام يرفع من شأن العقل إلى هذا الحد، كان طبيعيًا أن يشن على الخرافات والأباطيل حربًا شعواءًا لا هوادة فيها، فهو ينهي أن يتبع الرجل أو يعتقد ما لم يقم عليه برهان قطعي ثابت: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} (36) سورة الإسراء
                  والعلم المطلوب في هذه الآية هو الاعتقاد اليقيني الثابت المطابق للواقع عن دليل وبرهان. وهو يكافح الخرافات في شتى صورها، من عبادة الأوثان التي هي رأس الخرافات والأباطيل إلى الكهانة والسحر والطيرة والاستقسام بالأزلام وما أشبه ذلك مما كان ذائعًا عند الأمم القديمة ولا يزال قسم كبير منه حتى الآن عند الأمم الحديثة ذات المدنية والحضارة.
                  ومن أروع ما يؤثر في هذا الباب عن رسول الله  أن الشمس كسفت يوم مات ولده إبراهيم فظن الناس أنها كسفت من أجله فأنكر ذلك رسول الله  أيَّما إنكار تحريرًا للعقل من رق الخرافات والأوهام وقطعًا لدابر الشعوذة والتدجيل في أوساط العامة.
                  فأخبرنى عزيزى القمص عن نقل جبل المقطم بجذوره؟ وعن تماثيل العذراء التى يتساقط من عيونها الزيت؟ وعن القديسين الذين يشربون السم ، ولا يضرهم شىء! (18يَحْمِلُونَ حَيَّاتٍ وَإِنْ شَرِبُوا شَيْئاً مُمِيتاً لاَ يَضُرُّهُمْ وَيَضَعُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى الْمَرْضَى فَيَبْرَأُونَ) مرقس 16: 18، فلماذا لم تضعوا أيديكم على البابا المريض بدلاً من سفره للخارج للعلاج؟ وكيف يموت المرضى منكم؟ وأين محبتكم فى التعاون مع الدولة ووضع أيديكم على مرضى السرطان، بدلا من بناء هذه المستشفى؟
                  يقول ابن تيمية فى تعريفه للعقل: ”هو علم يعمل بموجبه ، فلا يُسمَّى عاقلاً من عرف الشر فطلبه والخير فتركه“. طبِّق هذا على أنبياء الكتاب الذى تقدسه، ثم أخبرنى من منهم لم يطلب الشر؟ أخشى أن أسألك عزيزى زكريا بطرس من هو قدوتك من شخصيات الكتاب الذى تقدسه ، حتى لا تُسىء فهمى!!
                  ويقول عباس العقاد فى كتابه (التفكير فريضة إسلامية) فى تعريفه للعقل: إن العقل فى مدلول لفظه العام هو ملكة يُناط بها الوازع الأخلاقى أو المنع عن المحظور والمنكر.
                  وهذا المفهوم يُعبِّر عنه القرآن عن حال الكفـار يـوم القيامة. فينفى الكفار استخدامهم للعقل فى الدنيا ، الأمر الذى أودى بهم إلى الهاوية. فسيقولون: {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} (10) سورة الملك
                  فالآية لا تنفي وجود القوة العقلية عنـدهم، وإلا لسقط التكليف ، بل تنفي إدراكهم الحقيقة التي لأجلها خُلق الإنسان، وهى الإهتداء للخالق، واستخدام عقولهم فى التمييز بين ما كان يعبد آباؤهم وبين الحق الذى جاءهم من عند الله. الأمر الذى يثبت أن العقل هو الطريق الذى اعتمده الله سبحانه وتعالى للإيمان به وبرسله، وهى الحقيقة التى سيدركها كل كافر فى جهنم.
                  لذلك ذمَّ الله تعالى أهل الكفر والضلال ووصفهم بالأنعام ، التى تُساق فى الحياة الدنيا على غير هدى ، فقال: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} سورة الفرقان (44)
                  وهى فى الوقت نفسه مدح للذين يسمعون ويستخدمون عقولهم للوصول إلى الرشد.
                  ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية يصور مذهب أهل السنة والجماعة: "العقل شرط في معرفة العلوم، وكمال وصلاح الأعمال. وبه يكمل العلم والعمل، لكنه ليس مستقلاً بذلك لكنه غريزة في النفس، وقوة فيها بمنزلة قوة البصر التي في العين. فإن اتصل به نور الإيمان والقرآن، كان كنور العين، إذا اتصل به نور الشمس والنار. وإذا انفرد بنفسه، لم يبصر الأمور، التي يعجز وحده عن إدراكها، وإن عزل بالكلية كانت الأقوال والأفعال مع عدمه أمورًا حيوانية قد يكون فيها محبة ووجد وذوق كما يحصل للبهيمة. فالأحوال الحاصلة مع عدم العقل ناقصة والأقوال المخالفة بالعقل باطلة" مجموع الفتاوى (3/338).
                  هذا ولم تُستخدم كلمة العقل في القرآن الكريم ولا في السنة المطهرة لتشير إلى عضو التفكير مطلقًا، وإنما استُخدمت هذه الكلمة بصيغة الجمع: يعقلون وتعقلون ونعقل وعقلوه ويعقلها، وذلك في تسع وأربعين موضعاً. ولم ترد بصيغة الماضي إلا مرة واحدة، ووردت في باقي المواضع بصيغة الحاضر أو المستقبل.
                  ومن هذه الآيات:
                  {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (242) سورة البقرة
                  {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّورَاةُ وَالإنجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} (65) سورة آل عمران
                  {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} (32) سورة الأنعام
                  {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (17) سورة الحديد
                  {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (67) سورة غافر
                  {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (164) سورة البقرة
                  {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (12) سورة النحل
                  {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} (46) سورة الحـج
                  {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (151) سورة الأنعام
                  {قُل لَّوْ شَاء اللّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} (16) سورة يونس
                  {يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} (51) سورة هود
                  {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَواْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} (109) سورة يوسف
                  {أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَاء قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ} (43) سورة الزمر
                  {لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (10) سورة الأنبياء
                  {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ} (58) سورة المائدة
                  {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ} (170) سورة البقرة
                  {وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ} (42) سورة يونس
                  {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} (44) سورة الفرقان
                  {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } (171) سورة البقرة
                  {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابَّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ} (22) سورة الأنفال
                  {وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ} (100) سورة يونس
                  {أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (67) سورة الأنبياء
                  والمعنى المستفاد من هذه الآيات غالبا هو دفع الإنسان لاستخدام عقله ، واتخاذ خطوة إيجابية للتخلُّص من الميراث الفاسد، الذى اتبعه الآباء والأجداد، ودفع الإنسان للتفكُّر نحو الإيمان الذى يعتقده ، ليدرك بعقله مدى صدقه ، وبذلك يُدرك العاقبة المنشودة ويعمل لها ويثبت عليها.
                  وبهذه الآيات وما جرى مجراها ، يقول الأستاذ العقاد، ”تقررت ولا جرم فريضة التفكير فى الإسلام. وتبين منها أن العقل الذى يخاطبه الإسلام هو العقل الذى يعصم الضمير ويدرك الحقائق، ويميز بين الأمور، ويمايز بين الأضداد، ويتبصر، ويتدبر، ويحسن الإدراك والرواية، وأنه هو العقل الذى يقابله الجمود والعنت والضلال ، وليس بالعقل الذى قصاراه من الإدراك أنه يُقابل الجنون.“
                  ويواصل قائلاً: ”والذى ينبغى أن نثوب إليه مرة بعد مرة أن التنويه بالعقل على اختلاف خصائصه لم يأت فى القرآن عرضًا ، ولا تردد فيه كثيرًا من قبيل التكرار المعاد ، بل كان هذا التنويه بالعقل نتيجة منتظرة يستلزمها لباب الدين وجوهره ، ويترقبها من هذا الدين كل من عرف كنهه ، وعرف كنه الإنسان فى تقديره.“
                  فالدين الإسلامى دين لا يعرف الكهانة ولا يتوسط فيه السدنة والأحبار بين المخلوق والخالق ، ولا يُفرض على الإنسان قربانًا يسعى به إلى المحراب بشفاعة من ولى متسلط أو صاحب قداسة مطاعة ، فلا ترجمان فيه بين الله وعباده يملك التحريم والتحليل ويقضى بالحرمان أو بالنجاة. وعلى ذلك فإن الخطاب لن يتجه إلا إلى عقل الإنسان حرًا طليقًا من سلطان الهياكل والمحاريب أو سلطان كهانها المحكّمين فيها بأمر الإله المعبود فيما يدين به أصحاب العبادات الأخرى.
                  بل إن نصوص الكتاب والسنة مليئة بالوسائل والأساليب التي تحث على التفكير وتشجع عليه، وتعمل على إزالة العقبات من طريقه، وتدعو الإنسان إلى التفكر والتعقل في الآيات القرآنية والكونية على حد سواء، وتدفعه للبحث عن براهين يؤكد بها إيمانه ، وتتحداه أن يأتى بمثل هذا القرآن وتُعجِزه فكريًا أن يأتى بمثله. ومن هذه الآيات:
                  {وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (111) سورة البقرة
                  {أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُم مُّعْرِضُونَ} (24) سورة الأنبياء
                  {أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (64) سورة النمل
                  {وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ} (75) سورة القصص
                  {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} (88) سورة الإسراء
                  {وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (23) سورة البقرة
                  {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (38) سورة يونس
                  {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (13) سورة هود
                  ومن خصائص العقل ملكة الإدراك التى يُناط بها الفهم والتصور. وهى، على كونها لازمة إدراك الوازع الأخلاقى وإدراك أسبابه وعواقبه، تستقل أحيانًا بإدراك الأمور، فيما ليس له علاقة بالأوامر والنواهى أو بالحسنات والسيئات.
                  لذلك فرض الله على الناس استخدام العقل لبلوغ الهداية، وذلك لأنه من خصائص العقل أنه يتأمَّل فيما يدركه ، ويُقلِّبه على وجوهه ، ويستخرج منه بواطنه وأسراره ، ويبنى عليه نتائجه وأحكامه.
                  ولقد أولى الإسلام للعقل مكانة كبيرة في مجال الإيمان والإهتداء عن طريق التدبُّر والتفكُّر ومجال الاستنباط ، وذلك لصالح البشرية فى الدنيا والآخرة. ويكفى للتدليل على ذلك أنه من مصادر فقه التشريع الإسلامى: الكتاب والسنة والإجماع. واستنباط أى حكم من الكتاب أو السنة يلزمه استخدام العقل للوصول إلى الفهم الدقيق فى ضوء كل العلوم الإسلامية واللغوية.
                  كما يقوم الإجماع على اجتهاد أولى الأمر ، وأهل العلم بما اشتمل عليه من قياس واستحسان أو مصالح مرسلة ، أى غير مقيدة بزمان أو مكان محدد.
                  وعلى ذلك فإن جود الفقه والفقهاء فى الإسلام ، لهو من الشواهد الحية على عدم إلغاء الإسلام للعقل ، بل هو دليل ساطع على تزكية الإسلام للتفكير والعقل.
                  ونقلاً بتصرف عن الدكتور علي بن عمر بادحدح فى "منـزلة العقل في الإسلام" يقول: ووردت الآيات القرآنية التى تشير إلى العقل بوجوه مختلفة، منها:
                  1- خص الله أصحاب العقول بفهم مقاصده من الخلق ، ومعرفة سبب آياته:
                  {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ} (190) سورة آل عمران
                  {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (5) سورة يونس
                  {يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ} (269) سورة البقرة
                  {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ ، وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ} (7) سورة آل عمران
                  {أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ} (19) سورة الرعد
                  {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} (29) سورة ص
                  {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} (18) سورة الزمر
                  ولا يجب أن يُفهم أن الإسلام ، الذى يشجع العلم والتعلُّم، يُفرق بين الدين والعلم. وذلك لأن العلم فى الإسلام بمعناه العام هو ثمرة الوحي والعقل، واقتصر التمييز بينهما حول أهمية العلوم بحسب ثمرتها. فثمرة علوم الدين الوصول إلى الحياة الأبدية ، وثمرة العلوم الأخرى الوصول إلى الحياة الدنيوية.
                  2- قصر الله الانتفاع بالذكر والموعظة على أصحاب العقول: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ} (111) سورة يوسف ، {وَلَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (35) سورة العنكبوت
                  3- كرم الله العقل وجعله مناط التكليف: عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ : ( رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَشِبَّ وَعَنْ الْمَعْتُوهِ حَتَّى يَعْقِل).
                  4- دعا الإسلام إلى التحرر من التبعية العقلية للآباء ، وحذر من مغبتها يوم القيامة، وذمَّ المقلدين لآبائهم ، وذلك حين ألغوا عقولهم وتنكروا لأحكام العقل، وبيَّن أن سبب الكفر والوثنية هى اتباع الأبناء للآباء دون علم: {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ * قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ} (23-24) سورة الزخرف
                  {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ} (170) سورة البقرة ،
                  {إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءهُمْ ضَالِّينَ * فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ} (69-70) الصافات
                  {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا} (67) سورة الأحزاب
                  {بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ} (22) الزخرف
                  {وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} (28) سورة الأعراف
                  وهكذا يقول الإسلام للمرء: يحق لك أن تنظر فى شأنك ، بل فى أكبر شأن من شئون حياتك ، ولا يحق لك أو لآبائك أن يجعلونك ضحية مستسلمة للجهالة التى درجوا هم عليها. فإن الإسلام (كما يقول الأستاذ العقاد) ليأبى أن يحيل أعذاره على آبائه وأجداده، كما يأبى له أن تُحال عليه الذنوب والخطايا من أولئك الآباء والأجداد، وإنه لينعى على الذين يستمعون الخطاب أن يعفوا أنفسهم من مؤنة العقل لأنهم ورثوا من آبائهم وأجدادهم عقيدة لا عقل فيها.
                  وشدَّد الإسلام فى التأكيد على عدم توارث الخطيئة وبالتالى عدم توارث الجزاء: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} (38) سورة المدثر
                  وقال: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} (21) سورة الطور
                  {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} (39) سورة النجم
                  وقال: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (18) سورة فاطر
                  لذلك بيَّن الله تعالى أن جهنم هى عاقبة من لا يستخدم عقله للوصول إلى الإيمان الصحيح ، وشبههم فى الدنيا بالأنعام: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} (179) سورة الأعراف
                  وطالبهم بالتفكر للوصول إلى دليل يؤكد ما يزعمونه: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (111) سورة البقرة ، (64) سورة النمل
                  5- احترم الإسلام العقل أيَّما احترام ، ودافع عنه دفاعًا يُعد بمفرده من أكبر الأدلة على تقديره للعقل ، فقد حرم الإسلام الاعتداء على العقل فحرم كل مسكر أو مُذهب للعقل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (90) سورة المائدة
                  وعن عبد الله بن عُمر قال: قال رسول الله : (‏كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَمَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ) رواه ابن ماجه فى سننه
                  6- شدد الإسلام في النهي عن تعاطي ما تنكره العقول ، وتنفر منه كالتطير والتشاؤم والاعتماد على الكهنة والعرافين والمنجمين، وكذلك النهي عن الرمل والودع والخرافات والظن والأوهام بكل صورها وأشكالها ، فقال تعالى: {أَلا إِنَّ لِلّهِ مَن فِي السَّمَاوَات وَمَن فِي الأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ شُرَكَاء إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} (66) سورة يونس
                  {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى}(23) سورة النجم
                  {وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} (28) سورة النجم
                  7- دافع الإسلام عن حرية العقل فى التفكير ، وحث الناس عليها:
                  (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُوْمُوْا للهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوْا) سبأ: 46
                  (قُلْ انْظُرُوْا مَاذَا فِيْ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ) يونس: 101
                  (أَفَلَمْ يَسِيْرُوْا فِيْ الأَرْضِ فَتَكُوْنَ لَهُمْ قُلُوْبٌ يَعْقِلُوْنَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُوْنَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوْبُ الَّتِيْ فِيْ الصُّدُوْرِ) الحج: 46
                  بل واعتمد في إثبات العقيدة الإسلامية على الأدلة العقلية ؛ ولهذا قال علماء الإسلام: "إن العقل الصريح أساس النقل الصحيح" ، فقضية وجود الله قامت بإثبات العقل، وقضية نبوة محمد  إنما ثبتت بإثبات العقل أولاً، فالعقل هو الذي يقول: هذا رسول ، قامت البينة على صدقه ، ودلت المعجزات على صحة نبوته ، ويقول العقل: هذا كذَّاب وهذا دجال ليس معه بينة ، وليس معه معجزة، فهذا هو احترام الإسلام للعقل ، وللفكر.
                  لذلك قالوا بوجوب التفكير وحصول الدليل العلمي، وبأيّ مستوى للوصول إلى معرفة الله تعالى.
                  وقالوا: لا يجوز معرفة الله بالتقليد، والتقليد هو قبول قول الغير من غير دليل.
                  وقالوا: إنه لا تقليد في أُصول الدِّين، بل يجب تحصيل القناعة الذاتية بالإيمان بالله سبحانه، وبما جاء به محمّد ، وإن مصدر الإيمان بالرسالة الإلهيّة هو العقل.
                  وقد أجمع علماء الإسلام كافّة على وجوب معرفة الله تعالى وصفاته الثبوتية والسلبية، وما يصحّ عليه، وما يمتنع عنه، والنبوّة والإمامة والمعاد، بالدليل لا بالتقليد.
                  ومن هنا ظهر في الإسلام نتيجة للحرية الفكرية، الحرية العلمية، ووجدنا العلماء يختلفون، ويخطئ بعضهم بعضًا، ويرد بعضهم على بعض، ولا يجد أحد في ذلك حرجًا، وجدنا في الكتاب الواحد: المعتزلي والسني، فالكشاف لإمام معتزلي وهو الزمخشري نجد أهل السنة ينتفعون به، ولا يرون حرجًا في ذلك. كل ما يمكن أن يأتي رجل من أهل السنة وعلمائهم كابن المنير يعمل حاشية عليه باسم "الانتصاف من الكشاف" أو يأتي إمام كالحافظ ابن حجر فيؤلف كتابه "الكافي الشافي في تخريج أحاديث الكشاف". وهكذا فكان العلماء ينتفع بعضهم بكتب بعض، وبآراء بعض، ونرى أيضًا اختلاف الفقهاء وسعة صدورهم في الخلاف بين بعضهم وبعض، هذا كله يدل على حرية الفكر وعلى الحرية العلمية في داخل الأمة الإسلامية.
                  8- دافع الإسلام عن حرية الإعتقاد ، التى يصل إليها الإنسان بعقله ، ومنع من إكراه الناس على دين مُعيَّن:
                  قال تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (256) سورة البقرة
                  وقال تعالى مُخاطِباً نبيّه: {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ} (99) سورة يونس
                  {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} (118) سورة هود
                  وقال سبحانه: {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ* لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ} (22) سورة الغاشية
                  {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ} (29) سورة الكهف
                  ومن هذه الآيات نفهم أيضاً أن الإسلام لم ينتشر مطلقًا بالقوة ، لأنه لا دين لمن يلغى عقله، وينقاد مُتَّبعًا لغيره. وأنّ الإيمان الصادق لا يكون بالإكراه، بل بالدليل والبرهان العلمي والوعي لمضمون الرسالة ، وأنّ الإنسان هو الّذي يختار طريقه بعقله ، وهو مسئول عن هذا الإختيار ، وسيقوده اختياره إلى السعادة والنعيم ، أو إلى الشّقاء الجحيم.
                  وانطلاقًا من حرص الإسلام على العقل فقد أمر باستعمال القوّة للدفاع عن الدين الحق ، وإزالة الحواجز الّتي يضعها الطواغيت في طريق العقل ، وفي طريق الإنسان المستضعف ليفسح المجال أمام رسالة الحق ومبادئ الخير الّتي بشّر بها الله لأن تأخذ طريقها ، ليتيح لعقل الإنسان أن يختار على بيِّنة من الأمر.
                  وذم فعل فرعون الذى يُجبر الناس على اعتناق دين ما ، قامت البينة بفساده وكذبه: {قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى} (71) سورة طـه
                  9- جعل الإسلام حرية القول والنقد أكثر من كونها حرية قد يتمتع بها المسلم أو يتركها إن شاء؛ بل قد جعل القول والنقد – إذا تعلقت به مصلحة الأمة، ومصلحة الأخلاق والآداب العامة – أمرًا واجبًا. فمن واجب المسلم أن يقول الحق، ولا يخاف في الله لومة لائم، فيأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويدعو إلى الخير، ويقول للمحسن: أحسنت، وللمسيء: أسأت. فمثل هذا ينتقل من حق إلى واجب إذا لم يوجد غيره يقوم به. أو إذا كان سكوته يترتب عليه ضرر في الأمة، أو فساد عام. فحين ذاك يجب أن يقول الحق، ولا يخْشَ ما يصيبه. قال الله تعالى: {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} (17) لقمان
                  10- طالب الإسلام المسلم بالتفكُّر والتدبر وطلب العلم ، وكان أول ما نزل من القرآن هو الحث على القراءة ، التى هى مفتاح العلم:
                  {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ .. .. * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ} (1 و3) سورة العلق
                  {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (24) سورة محمد
                  {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا} (82) سورة النساء
                  وأمر سبحانه المسلم أن يسعى إلى المزيد من العلم ، بل اعتبرها من عطايا الله له ، التى ينبغى عليه أن يتضرع إلى الله لنيلها ، فأمر رسوله الكريم  أن يدعو الله قائلاً: {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا} (114) سورة طـه
                  ورغب المسلم فى العلم فبيَّنَ لنا أنَّ المتعلم لا يتساوى عنده بغير المتعلم ، فقال: { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} (9) سورة الزمر
                  وخاطب الله المؤمنين وبيَّنَ لهم أن مكانة أهل العلم عنده أعلى فى درجات الرضى والجنة ، فقال: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (11) سورة المجادلة
                  ووصف العلماء بأنهم أهل خشيته: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} (28) سورة فاطر
                  ورفض إيمان الجهال المتزعزع ووصفه بقوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} (11) سورة الحـج
                  وفي وصف القرآن لإيمان الأعراب الّذين تعاملوا مع قيم القرآن ودعوته العلمية الفذّة تعاملاً سطحيًّا يقوم على أساس الجهل نقرأ: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (14) سورة الحجرات
                  وجعل الرسول  طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة: (طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ) ابن ماجه
                  وجعل طلب العلم كفارة لذنوب الإنسان: ‏(مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ كَانَ كَفَّارَةً لِمَا مَضَى) سنن الدارمى
                  وعن أبى هريرة ، قال رسول الله : (‏مَا مِنْ رَجُلٍ يَسْلُكُ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا إِلَّا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ) سنن الدارمى
                  وقال : (‏مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا ‏ ‏يَلْتَمِسُ ‏ ‏فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ)
                  وَإِنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ يَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ حَتَّى الْحِيتَانِ فِي الْمَاءِ وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ
                  إِنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ ‏ ‏وَافِرٍ) ابن ماجه والترمذى وأبو داود
                  بل جعلها من كنوز الدنيا التى يجب أن يغبط الناس بعضهم بعضًا عليها. فقال  : (لا حَسَدَ إلاَّ فى اثنتين: رجل آتاهُ اللهُ مالاً ، فسلَّطهُ على هَلَكَتِهِ فى الحق ، ورجلٌ آتاهُ اللهُ الحِكْمَةَ ، فهو يقضِى بها ويُعلِّمُها) متفق عليه
                  وجعل العلم من أنفع الأشياء لصاحبه حتى فى القبر. فقال : (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفَعُ به، أو ولدٍ صالِحٍ يَدعُوا له) رواه مسلم
                  واستثنى العلم من كون الدنيا وما فيها ملعونًا، وقرنه بذكر الله. فقال : (الدنيا ملعونةٌ، مَلعُونُ ما فيها، إلا ذكرَ الله تعالى، وما والاهُ، وعالماً، أو متعلِّماً) الترمذى
                  بل جعل طالب العلم كالمجاهد فى سبيل الله فقال : (مَنْ خَرَجَ فى طلبِ العِلمِ فهو فى سبيلِ اللهِ حتَّى يَرْجِعَ) الترمذى
                  وجعل كتم العلم من الآثام التى يُلجم فم كاتمه بلجام من النار يوم القيامة ترغيبًا فى نشر العلم ، وترهيبًا من كتمه. فقال : (مَنْ سُئِلَ عن علم فَكَتَمَهُ ، أُلْجِمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ) أبو داود والترمذى
                  وقال  : (فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ) الترمذى
                  وقال : (فَقِيهٌ وَاحِدٌ أَشَدُّ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ) ابن ماجه
                  حتى الجاريات لم يستثنهم الإسلام من طلب العلم. فقد حثَّ رسول الله  على تعليمهن وتربيتهن وعتقهنّ، فقال: (أيّما رجل عنده وليدة [جارية]، فعلَّمها، فأحسنَ تعليمها، وأدَّبها، فأحسنَ تأديبها، ثم أعتقها وتزوجها فله أجران) متفق عليه
                  وبذلك حرَّرَ الإسلام العقل والنفس البشرية وحرص أن يصل بعقل المسلم ونفسه إلى ذروة التحرر من الجهل وعبودية السيطرة وذل الخضوع إلا لله تعالى وحده، كما حرره من عبودية الجمود والقيم الزائفة، ومن اتباع الهوى والشهوة والمتاع الزائل. فهو يرى أن منطلق التحرير عند الانسان هو العقل، وعندما يتحرّر العقل من الجمود والتحجّر والخرافة، ويتنوّر بالعلم والمعرفة والتربية القويمة، يكون الإنسان، قد امتلك الأداة الفعّالة لتحرير الذات، واحترامها. واحترام الذات وحفظ حقّها وحرِّيّتها ، لا يتحقّق إلاّ باحترام حقوق الآخرين وحفظ حرِّيّتهم .
                  وهكذا تأتي دعوة القرآن إلى التفكّر والفهم الواعي وطلب العلم والاستزادة منه. وهذا كان حال المسلمين على مر العصور ، فجاء المأمون فوصلت به دولة العلم إلى أوج قوتها ، ويُقال إنه حمل إلى بغداد من الكتب المكتوبة بالقلم ما يُثقل مائة بعير ، وكان من شروط صلحه مع ميشيل الثالث أن يعطيه مكتبة من مكاتب الأستانة ، فوجد مما فيها من النفائس كتاب بطلميوس فى الرياضة السماوية، فأمر المأمون فى الحال بترجمته وسموه ”المجسطى“.
                  وقد أخذت دول الإسلام تعتنى بديار الكتب عناية لم يسبق مثلها من دول سواها ؛ حتى كان فى القاهرة فى أوائل القرن الرابع الهجرى مكتبة تحتوى على مائة ألف مجلد، منها ستة آلاف فى الطب والفلك لا غير.وكان فيها كرتان سماويتان: إحداهما من الفضة ، يقال إن صانعها هو بطلميوس نفسه ، وأنه أنفق فيها ثلاثة ألف دينارًا، والثانية من البرونز. (من كتاب الإسلام والنصرانية مع العلم والمدنية)
                  كما كانت تحتوى مكتبة الخلفاء فى إسبانيا على ستمائة ألف مجلد ، وكان فهرستها أربع وأربعين مجلدًا. وقد حققوا أنه كان فى إسبانيا وحدها سبعون مكتبة عمومية ، وكان فى هذه المكاتب مواضع خاصة للمطالعة والنسخ والترجمة.
                  ويقال إن سلطان بخارى دعا طبيبًا أندلسيًا ليزوره ، فأجابه أن ذلك لا يمكنه؛ لأن كتبه تحتاج إلى أربعمائة جمل لتحملها ، وهو لا يستغنى عنها كلها. وحوَّل البعض بيته إلى مكتبة عامة ، فكان يسمح لطلاب العلم بالقراءة فى بيته ، واستعارة كتبه إن أمكن ، واهتم الولاة المسلمين بإنشاء المدارس ودور العلم ، الذى أصبح نورًا يشع على العالم كله.
                  والإسـتقراء التأريخي يشهد بأنّ الانسـان قد تفاعل مع الرّسالة الإسلامية وآمن بها واعتقدها بدافع العقل والقناعة، ويشهد القرن العشرون حركة الدخول في الاسلام في أفريقيا وأوربا وآسيا وأمريكا واستراليا وفي كل منطقة من العالَم ، وبشكل مُلفت للإهتمام والدراسة والتحليل ، وسيشهد القرن القادم مع ثورة المواصلات التكنولوحية تحوّلاً كبيرًا في الإقبال على الإسلام، بعد فشل الحضارة المادِّيّة في حلِّ مشاكل الإنسان... لقد أسلم الملايين من الناس في هذه القارات في هذا القرن عن طريق الدعوة الفكرية والتعرّف العلمي على الإسلام. وهذا من أسباب تطاولك عزيزى القمص زكريا بطرس على الإسلام ، ورميه بما هو عليه دينك.
                  كل هذا فى الوقت الذى يؤكد فيه القديس «أنسلم» Anselme (1033-1109م) رئيس أساقفة «كنتربرى» وأحد عقلاء الفلسفة المدرسية ومؤسسيها موقف غناء العقيدة المسيحية واستغنائها عن العقل والفهم. فيقول: ”يجب أن تعتقد أولاً بما يُعرض على قلبك بدون نظر، ثم اجتهد بعد ذلك فى فهم ما اعتقدت. فليس الإيمان، وهو الوسيلة المفردة إلى النجاة ، فى حاجة إلى نظر العقل. والكون وما فيه لا يهم المؤمن أن يُجيل فيه نظره“. (الإسلام بين التنوير والتزوير، د. محمد عمارة ص28-29)
                  بأمر الرب: تسفيه الحكماء ومنع استخدام العقل:
                  قد لا يصدق قارىء ما سيقرأه، وسيأخذه العجب مما سيعرفه!! أتركك عزيزى القارىء أولاً تقرأ ما يؤمن به القمص زكريا بطرس، لتعرف أن الكذب وتلفيق التهم للإسلام، ورميه بما عندهم هو عندهم شرط من شروط بقاء دينهم، أو هكذا يظنون:
                  إن الحكمة والعلم فى رأى رب الكتاب المقدس وفى إيمان زكريا بطرس هو فى الحقيقة أمر مشين. فقد سمَّى الرب سحرة فرعون حكماء ، وقد فهم مفسرو الكتاب المقدس أن المجوس الذين جاءوا من المشرق وسجدوا ليسوع وأوحى إليهم الرب ألا يذهبوا لهيرودس كما وعدوه، وتسبب بذلك فى مقتل كل أطفال بيت لحم دون الثانية، أقول لقد فهم مفسرو الكتاب المقدس أنهم حكماء من الشرق ، ولم يقصد بهم وثنيى الشرق ، حتى لا تكون سبة فى جبين الرب أن يوحى إلى عُبَّاد الأوثان: (1وَلَمَّا وُلِدَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ الْمَلِكِ إِذَا مَجُوسٌ مِنَ الْمَشْرِقِ قَدْ جَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ 2قَائِلِينَ: «أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ فَإِنَّنَا رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ». .. .. 7حِينَئِذٍ دَعَا هِيرُودُسُ الْمَجُوسَ سِرّاً وَتَحَقَّقَ مِنْهُمْ زَمَانَ النَّجْمِ الَّذِي ظَهَرَ. 8ثُمَّ أَرْسَلَهُمْ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ وَقَالَ: «اذْهَبُوا وَافْحَصُوا بِالتَّدْقِيقِ عَنِ الصَّبِيِّ وَمَتَى وَجَدْتُمُوهُ فَأَخْبِرُونِي لِكَيْ آتِيَ أَنَا أَيْضاً وَأَسْجُدَ لَهُ». 9فَلَمَّا سَمِعُوا مِنَ الْمَلِكِ ذَهَبُوا. وَإِذَا النَّجْمُ الَّذِي رَأَوْهُ فِي الْمَشْرِقِ يَتَقَدَّمُهُمْ حَتَّى جَاءَ وَوَقَفَ فَوْقُ حَيْثُ كَانَ الصَّبِيُّ. 10فَلَمَّا رَأَوُا النَّجْمَ فَرِحُوا فَرَحاً عَظِيماً جِدّاً 11وَأَتَوْا إِلَى الْبَيْتِ وَرَأَوُا الصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ فَخَرُّوا وَسَجَدُوا لَهُ ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُمْ وَقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا: ذَهَباً وَلُبَاناً وَمُرّاً. 12ثُمَّ إِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِمْ فِي حُلْمٍ أَنْ لاَ يَرْجِعُوا إِلَى هِيرُودُسَ انْصَرَفُوا فِي طَرِيقٍ أُخْرَى إِلَى كُورَتِهِمْ.) متى 2: 1-12
                  وذلك حتى يُشبِّهوا يسوع بموسى ، وتنطبق عليه نبوءة المسِّيِّا ، ويكون هو النبى الذى وعد الله تعالى موسى عليه السلام أنه سيكون مثله ، ولكنهم هنا بعدوا عن المنطق ، فقد أتى الحكماء لإعلان ولائهم ليسوع ، بينما أتوا فى قصة موسى لمناصرة فرعون، وعلى ذلك فقد شبَّهوا يسوع بفرعون: (11فَدَعَا فِرْعَوْنُ أَيْضاً الْحُكَمَاءَ وَالسَّحَرَةَ فَفَعَلَ عَرَّافُو مِصْرَ أَيْضاً بِسِحْرِهِمْ كَذَلِكَ.) خروج 7: 11
                  والحكمة عند رب الكتاب المقدس وفى إيمان القمص زكريا بطرس لا تعنى غير الجهل ، لذلك اقتضت حكمته أن يُخلِّص المؤمنين بجهالة الوعظ والكرازة: (21لأَنَّهُ إِذْ كَانَ الْعَالَمُ فِي حِكْمَةِ اللهِ لَمْ يَعْرِفِ اللهَ بِالْحِكْمَةِ اسْتَحْسَنَ اللهُ أَنْ يُخَلِّصَ الْمُؤْمِنِينَ بِجَهَالَةِ الْكِرَازَةِ) كورنثوس الأولى 1: 21
                  فأين العقل فى أن يُقدِم الرب على تخليص المؤمنين بجهالة الكرازة ، بل ويستحسن ذلك؟ أليس هذا اعتراف من الرب بفشل الحكمة والعلم فى التعرف عليه والإيمان به، وبالتالى فهو يُزكِّى الجهل والجهلاء للوصول إليه؟ تخيل عزيزى القمص أن الرب لديك لا يتم الوصول إليه أو التعرف عليه إلا بجهل الكرازة، الأمر الذى يدل على أن بولس يسب ما تؤمن به، وما تُعلِّمه أنت الناس!! فهل هذا ما تؤمن به بل تتفاخر به وتتعالى به على الإسلام، وتطالب العالم أجمع باتباعه؟ هل تؤمن أن العالم كله فقد عقله، ومازال يعيش فى عصور الظلام الكنسية للإيمان بهذا؟
                  ولماذا اتخذ الرب موقفا من الحكماء والعلم عزيزى القمص؟ ولم تخبرنا عزيزى زكريا عن موقف دينك الذى تؤمن به من العقل والعلم ومدى تطبيق رجال الكنيسة له؟ لماذا تمنعون أتباعكم من سماع القرآن والأحاديث الإسلامية أو حتى قراءة الكتب الإسلامية؟ هل لتستمر محاكم التفتيش ولتُحكِموا الحجر على الرأى؟ أم إيمانًا منكم أن المسيحية لا تصمد أمام الإسلام لا فى الجانب العقلى ، ولا فى الجانب المنطقى أو الروحى؟
                  حيث ينهى الرب عن استخدام الحكمة وإغلاق العقول وهذا ما يؤمن به البابا ويُفترض أنه يدعو إليه: (21وَيْلٌ لِلْحُكَمَاءِ فِي أَعْيُنِ أَنْفُسِهِمْ وَالْفُهَمَاءِ عِنْدَ ذَوَاتِهِمْ) إشعياء 5: 21
                  ويقول: (..مُرَجِّعٌ الْحُكَمَاءَ إِلَى الْوَرَاءِ وَمُجَهِّلٌ مَعْرِفَتَهُمْ.) إشعياء 44: 25
                  ويقول: (19لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «سَأُبِيدُ حِكْمَةَ الْحُكَمَاءِ وَأَرْفُضُ فَهْمَ الْفُهَمَاءِ».) كورنثوس الأولى 1: 19
                  ففكر عزيزى القمص: لماذا يُحارب الرب حكمة الحكماء ، وفهم الفهماء؟ ولماذا يحارب الرب العلم والعلماء بتزكية الجهل والجهلاء؟
                  الرب يختار الجُهَّال ليخزى الحكماء وعلمهم: (27بَلِ اخْتَارَ اللهُ جُهَّالَ الْعَالَمِ لِيُخْزِيَ الْحُكَمَاءَ .. ..) كورنثوس الأولى 1: 27
                  يقول الرب: (19لأَنَّ حِكْمَةَ هَذَا الْعَالَمِ هِيَ جَهَالَةٌ عِنْدَ اللهِ .. ..) كورنثوس الأولى 3: 19، ألا تشعر أن الرب قد حقَّر كل علم، وكل حكمة فى هذا العالم بهذه الجملة؟
                  الرب يُسفِّه أفكار الحكماء: (20وَأَيْضاً: «الرَّبُّ يَعْلَمُ أَفْكَارَ الْحُكَمَاءِ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ».) كورنثوس الأولى 3: 20 ، فإلى من يَكِلُنا؟ وممن نسمع ونتعلم؟ وإذا كا رجال الدين هم حكماء الأمة ، فهل يأمر الرب بذلك ألا نطيعهم؟ وإذا كان الأنبياء هم أصحاب العلم السماوى ، فلماذا يمنعنا الرب من السماع إليهم والإقتداء بهم؟
                  يقول الرب: (فَكُونُوا حُكَمَاءَ كَالْحَيَّاتِ ..) متى 10: 16 ، فهل أوتيت الحيات حكمة؟ وما هى الحكمة التى يراها العلم فى الحيات؟ وهل الدعوة تقوم على الخداع؟
                  يقول الرب: (25فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ قَالَ يَسُوعُ: «أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لأَنَّكَ أَخْفَيْتَ هَذِهِ عَنِ الْحُكَمَاءِ وَالْفُهَمَاءِ وَأَعْلَنْتَهَا لِلأَطْفَالِ.) متى 11: 25
                  فهل يَكِلُنا الرب بذلك إلى الأطفال لنتعلم منهم ، ونترك الحكماء وأهل العلم لأنهم جهلاء حيث أخفى الرب عنهم الحكمة وأعلنها للأطفال؟ ولماذا لم يتولى طفل من الأطفال قيادة الأمة النصرانية بعد رفع عيسى  لو كان هو قائل هذه العبارة؟ ألا يدل ذلك على أن التلاميذ ومن تبعهم مبتدعون فى الدين وليسوا متبعين لأوامر سيدهم؟
                  وألا يدل ذلك على أن من تبع التلاميذ واقتدى بهم قد ضلوا لأنهم اتبعوا الجهلاء وتركوا الأطفال الحكماء ، وما آتاهم الله من حكمة؟
                  التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 5 نوف, 2020, 05:50 م.

                  تعليق


                  • #10
                    الكنيسة بين الجهل والجهلاء:
                    وصف بولس حكماء العالم بالجهل وأن جهَّال العالم أعلم منهم: (27بَلِ اخْتَارَ اللهُ جُهَّالَ الْعَالَمِ لِيُخْزِيَ الْحُكَمَاءَ) كورنثوس الأولى 1: 27 ،
                    وطالب أتباعه أن يصيروا أغبياء ، لأن فى غبائهم الحكمة. فقال: (إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَظُنُّ أَنَّهُ حَكِيمٌ بَيْنَكُمْ فِي هَذَا الدَّهْرِ فَلْيَصِرْ جَاهِلاً لِكَيْ يَصِيرَ حَكِيماً! 19لأَنَّ حِكْمَةَ هَذَا الْعَالَمِ هِيَ جَهَالَةٌ عِنْدَ اللهِ لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «الآخِذُ الْحُكَمَاءَ بِمَكْرِهِمْ». 20وَأَيْضاً: «الرَّبُّ يَعْلَمُ أَفْكَارَ الْحُكَمَاءِ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ».) كورنثوس الأولى 3: 18-20
                    ولكى يمرر عقيدته التى ناقد فيها تعاليم موسى وعيسى والناموس طالبهم بعدم الجدال. فقال: (14اِفْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ بِلاَ دَمْدَمَةٍ وَلاَ مُجَادَلَةٍ) فيليبى 2: 14
                    ونتيجة للسلطة المطلقة التى أُتيحت للكنيسة ـ فى العصور الوسطى ـ فقد رأت أن أى مصدر من مصادر العلوم والمعرفة ، لا بد أن يكون صادرًا عنها ، وأن أى رأى يُخالِف رأيها فهو باطل يجب مقاومته بكل ما يُستطاع.
                    لهذا فقد أخذت تراقب المطبوعات (وحُتِّمَ على كل مؤلف وكل طابع أن يعرض مؤلفه أو ما يريد طبعه على القسيس أو المجلس الذى عُيِّنَ للمراقبة، وصدرت أحكام المجمع المقدس بحرمان من يطبع شيئًا لم يُعرَض على المراقب أو ينشر شيئًا لم يأذن المراقب بنشره ، وأوعز إلى هذا المراقب أن يدقق النظر حتى لا ينشر ما فيه شىء يومىء إلى مخالفة العقيدة الكاثوليكية.)
                    وإلى جانب ذلك فقد زعم رجال الكنيسة أن الكتب المقدسة تحتوى على كل ما يحتاج إليه البشر من علوم الدين والدنيا ، وعلى الإنسان المؤمن أن يُصدِّق كل ما فيه أولاً ، ثم يجتهد ثانيًا فى حمل نفسه على فهمه وتأويل فهمه ليصل إلى النتائج التى أتى بها الكتاب المقدس مهما عارض ذلك العقل أو خالف شاهد الحس ، كما صرَّحَ بذلك ترتوليان.
                    بالإضافة إلى ذلك فقد احتجزت الكنيسة لنفسها حق فهم وتفسير الكتاب المقدس ، وحظَّرت على أى عقل ـ خارج جهازها الكهنوتى ـ أن يحاول فهمه أو تفسيره أو مناقشة أى مسألة فيه ، ومثال ذلك "مسألة العشاء الربانى" التى لا يستسيغها العقل ، حيث فرضتها الكنيسة على الناس ، وحذَّرت عليهم مناقشتها ، وإلا عرضوا أنفسهم للطرد والحرمان ، ناهيك عن محاكم التفتيش.
                    فعلى سبيل المثال عندما انتشرت فكرة كروية الأرض ، هاجمها رجال الكنيسة هجومًا عنيفًا ، وبرر القديس أوغسطين نقضه لهذه النظرية بقوله: (إن التبشير بالإنجيل طالما لم يصل إلى الجهة المقابلة من الأرض ، فلا يمكن أن يكون هناك من السلالة البشرية أثر ما.)
                    كما هاجم (برو كوبيوس الغزى) كل من يقول بوجود بشر فى الجهة المقابلة للأرض ، مستندًا إلى أنه (إذا كان على الجهة المقابلة فى الأرض أناس ، لوجب أن يذهب المسيح إليهم ، وأن يقضى صلبًا فى سبيل خلاصهم مرة ثانية).
                    وتساءل معلم الكنيسة لاكتانتيوس مستنكرًا: (هل هذا معقول؟ أيعقل أن يُجَن الناس إلى هذا الحد ، فيدخل فى عقولهم أن البلدان والأشجار تتدلى من الجانب الآخر من الأرض، وأن أقدام الناس تعلو رؤوسهم؟)
                    لقد كانت الأرض بالنسبة إلى بعض الناس منهم تلاً تدور الشمس حوله ما بين الشروق والغروب ، وبالنسبة إلى الآخرين مسطحًا تحيط به المحيطات.
                    ورأت الكنيسة أن الأمر لن يُحل إلا باستخدام القوة ، فأنشأت محاكم التفتيش: ففى سنة 1316م أفلت الطبيب (بطرس ألبانو) من أيدى محكمة التفتيش حيث أدركته الوفاة قبل أن تمتد يدها إليه ، جزاء ما روَّجَ إليه من مذهب الأنتيبود (وجود بشر يقطنون فى الجهة الأخرى من الأرض) وغيره من مذاهب العلم.
                    وفى سنة 1327م طردت الكنيسة العالم الفلكى (شيكودا سكولى) ثم أحرقته حيا فى فلورنسا ، وكان أستاذًا بجامعة كولونيا ، لأنه عَلَّم مذهب الأنتيبود وغيره من حقائق العلم.
                    ولاذ آخرون بالصمت خوفًا من عقاب الكنيسة لهم ، مثل:
                    آبيان الذى كان أستاذًا فى جامعة أنجلو ستاد فى عصر شارل الخامس.
                    وريتيكوس الذى كان أستاذًا فى ويتنبرج.
                    كما قامت حملة عنيفة ضد (جاليليو) لأنه اكتشف بمنظاره أن هناك سيَّارات أخرى تزيد عن السبعة التى ذكرها سفر رؤيا يوحنا اللاهوتى بقوله: (19فَاكْتُبْ مَا رَأَيْتَ، وَمَا هُوَ كَائِنٌ، وَمَا هُوَ عَتِيدٌ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ هَذَا. 20سِرُّ السَّبْعَةِ الْكَوَاكِبِ الَّتِي رَأَيْتَ عَلَى يَمِينِي، وَالسَّبْعِ الْمَنَايِرِ الذَّهَبِيَّةِ: السَّبْعَةُ الْكَوَاكِبُ هِيَ مَلاَئِكَةُ السَّبْعِ الْكَنَائِسِ، وَالْمَنَايِرُ السَّبْعُ الَّتِي رَأَيْتَهَا هِيَ السَّبْعُ الْكَنَائِسِ) رؤيا يوحنا 1: 19-20
                    واتهمت الكنيسة هذا الفكر وصاحبه بالكفر والإلحاد، وعللت رأيها المناهض لهذه النظرية قائلة: إن حكمة الله تقتضى أن لا يخلق شيئًا عبثًا، وتبعا لكلام جاليليو، فلا بد من وجود بشر يقطنون هذه السيارات، فكيف يمكن لأهلها أن يكونوا قد تناسلوا من آدم؟ وكيف خرجوا من سفينة نوح (يقول الكتاب المقدس إن الطوفان امتد لكل الأرض، فغرق كل من عليها)؟ وكيف نعتقد أن المسيح منقذ النوع الإنسانى قد كفر عنهم؟
                    أما بالنسبة للمدارس ، فقد كانت الكنيسة هى التى تشرف عليها ، وترسم سياستها التعليمية ، مما طبع الثقافة بطابع لاهوتى ، فمثلاً المدارس التى أمر (شارلمان) سنة 789م بتعميمها فى الأديرة والكاتدرائيات ، كان التعليم فيها يقتصر على الترانيم والموسيقى الدينية.
                    أما بالنسبة لتعليم النساء، فقد ذكر بطرس البستانى أنه كان فى غاية الإنحطاط، حيث لم يكن لهنَّ مدارس ـ إلا ما ندر وفى المدن الكبيرة فقط ـ وكن يتعلمن القراءة فقط وكانت بعض الأديرة تعلم النساء تلاوة الصلاة ، وصناعة التطريز وغيرها من أعمال الأديرة.
                    ولم يقتصر الأمر على هذا الحد من منع العلم ونشر الجهل ، بل اعتبرت الكنيسة بعض الهرطقات والخرافات من العلوم العقلية بمثابة النصوص المقدسة التى يجب على الكل اتباعها والإيمان بها.
                    نذكر فى علم الجغرافيا: الراهب (قوزماس إنديكوبليوستيس) الذى وضع نظامًا خرافيًا عن الكون والأرض ، واستطاع أن يقنع به الكنيسة. وكان مما قاله (نقلا عن موقف الإسلام والكنيسة من العلم ص 132 وما بعدها): (إن الأرض عبارة عن معين منبسط تحيط به أربعة بحار!) ولم يقتصر الأمر على ذلك بل حدد مساحتها فقال: (ويبلغ ـ معين الأرض ـ أربعمائة يوم سفرًا طولاً ، ومائتى يوم عرضًا!)
                    أما بالنسبة لكيفية وضع السماء فقال: (وفى حدود هذه البحار الأربعة الخارجية تقوم جدران عظيمة القدر، هائلة الحجم ، تحوى كل ذلك البناء الكبير، وتحمل من فوقها تلك القبة السماوية ، وقد ثبتت أطرافها إلى أعلى الجدران بمادة فيها صفة الإلتصاق.)
                    كما علل ظاهرة غروب الشمس بقوله: (إن عند طرف الأرض الشمالى يقع جبل عظيم، خلفه يكون مقر الشمس أثناء الليل!)
                    ولم يكتفى بهذه الهرطقة ، بل صبغ عليها المسحة الإلهية ، واعتبرها من وحى الله فقال: (إنه ليس موسى والأنبياء وحدهم ، بل الملائكة والحواريين أيضًا متفقون على أن ما فى هذا مذهبه ، وأن الله فى اليوم الآخر سوف ينزل غضبه على كل من لم يُسلِّم به أو يتشكك فيه).
                    وقبلت أراء قوزماس فى العالم المسيحى على أنها وحى مقدس أنزل على قلبه! بل إن كثيرًا من رجال الكنيسة توسعوا فى شرح نظرياته ، وظل الاعتقاد بها ساريًا حتى نهاية القرون الوسطى.
                    أما بالنسبة لطبيعة الرياح ، وكيفية هبوبها ، فقد ظهرت رموزها على الخرائط الجغرافية فى صورة أدمغة عظيمة الحجم منتفخة الوجنات ترسلها فى اتجاه أورشليم!
                    كما أنهم عللوا احمرار الشمس عند الغروب نتيجة مواجهتها لجهنم ، حيث حدد بعض رجال الكنيسة ، ومن بينهم (دانتى) موقع جهنم فقال: (إنها تقع عرض المحيط الأطلنطى ، وعلى مسافة غير معروفة من شاطىء أوربا.)
                    وبالنسبة لنشأة الضفادع والهوام والبعوض فقد قال القديس (باسيل الكبير) الذى عاش فى القرن الرابع الميلادى: (قدخُصَّت المياه بقوة انتاجية ، وأنه من الطمى والطين اللازب نشأت الضفادع والهوام والبعوض.)
                    تبنى هذا الرأى كذلك القديس (أوغسطين) ، حيث قال: (إن مواد ما قد خصَّها الله بقوة تستطيع أن توجد صوراً خاصة من الحيوانات والنباتات.)
                    وفى القرن السابع للميلاد ظهر قديس اسمه (ايزيدور الأشبيلى) اهتم بقضية الخلق ، وسجَّل أفكاره ، والتى استعان فيها بآراء القديس (باسيل) و(أوغسطين) فى مؤلفه المسمَّى (الإنسيكلوبيدى الكبير)، تعرض فيه لنشأة بعض الحيوانات وكيف تُخلَق، وكان مما قاله: (إن النحل إنما يحدث من لحم الثور المنحل ، والخنافس من لحم الحصان ، والجراد من البغال ، والعقارب من السراطين.)
                    والعجيب أن هذا الكتاب ظل مرجعًا أساسيًا لطلاب العلم فى خصائص الحيوانات وحقيقة الطبيعة لأجيال طويلة.
                    عزيزى القمص: لا تخجل من تاريخ رجال الجهل، الذين تعتبرهم علماء الأمس! ولا تخجل من دينك الذى أفرز أمثال هؤلاء الجُهَّال! ولا تغضب منى فلن أسمح لك أن تخدع هؤلاء البسطاء من المسيحيين، الذين يثقون بك، ظنًا منهم أنه لديك الروح القدس، روح العلم والحكمة والأخلاق. فكم أشكرك أنك بيَّنت للناس أنه لا يوجد شىء اسمه الروح القدس يمتلكها بضعة أشخاص، منهم الجاهل، ومنهم الأحمق، ومنهم الفاسق ، كما رأينا فى الراهب برسوم ومن على شاكلته المئات.
                    ولم يقتصر الأمر على ذلك ، بل تطرق رجال الكنيسة إلى وصف بعض المخلوقات ، وما تقوم به من أفعال ، فهذا (نيدر) عضو محكمة التفتيش يصف فى كتابه المسمى (تل النمل) خصائص بعض المخلوقات ، ومما قاله عن نمل (أثيوبيا): (إن له قرونًا ، وإنه ينمو حتى يصير فى حجم الكلب!) إنه رجل كذاب ، لم يدرس النمل ، ولم يذهب إلى إثيوبيا ، ولو ذهب إليها ، لكان كذابًا وأفَّاقًا أكثر وأكثر، حيث يكتب ما يشد القارىء إليه ، ليلقى كتابه رواجًا ، ونسى أنه يكتب كتابًا علميًا.
                    وقالوا عن الثعابين: (إنها تلقى سمها بعيدًا قبل أن ترد الماء.)
                    ومما قالوه عن السبع: (إنه لكى يضلل من يقوم بمطاردته ، فإنه يمحو بطرف ذنبه آثاره.)
                    ولعل أكثر من تطرق إلى خصائص الحيوانات وطباعها (بارثولوميو) فى كتابه المسمى (خصائص الأشياء)، حيث ذكر فيه خصائص بعض الحيوانات ، وما تقوم به من أفعال ، ومما قاله عن التمساح: (أنه إذا عثر على إنسان على حافة المياه فإنه يقتله ، ثم يبكى عليه ، ثم يأكله!
                    وقال عن التنين: (بأنه أعظم الأفاعى ، ويطير فى الجو فيحرك الهواء! وإذا دخل الماء ، فإن البحر يهيج ويطغى .. .. إلى غير ذلك من الأوصاف.)
                    بالإضافة إلى ما ذُكِرَ ، فقد علل بعض رجال الكنيسة سبب وجود الحيوانات الضارة نتيجة لأخطاء الإنسان ، حيث ذكر ذلك (بطرس لومبارد) فى كتابه المسمى (الجمل) فقال: (إنما أصبحت الحيوانات مضرة مؤذية ، لتزعج الإنسان وتعاقبه على رذائله! ولتحضه على الفضيلة وتكملها فى نفسه ، لقد خلقت العجماوات غير مؤذية ، فلما أن وقعت المعصية ، انقلبت مضرة أبلغ الضرر!)
                    وفى مجال الطب: لقد اختلط الطب عندهم فى أوروبا فى العصور الوسطى بالتعاويذ الدينية والتنجيم ، ولم يعرفوا علم التشريح ، فضلاً عن البساطة والسذاجة فى ممارسة المهنة التى كان يقوم بها الرهبان.
                    وعلى الرغم من ذلك فقد أخذت الكنيسة تعارض اشتغال الرهبان والراهبات فى تلك المهنة ، وذلك لكى يتفرغوا للقضايا الروحية!
                    وعلاوة على ذلك فقد كانت الكنيسة تقوم بعزل المرضى بصورة وحشية ، فقد كان المريض بداء الجذام يمنح قداسًا من قِبَلِ الكنيسة ، كان يذهب بمقتضاه إلى حفرة فى فسحة الكنيسة ، وبقذفه الكاهن بالتراب ثلاث مرات ، ثم يُنفَى إلى بقاع نائية مُخصَّصة لمرضى البرص!
                    كما علل أحد أساتذة جامعة (مونبليه) سنة 1348م أن أسباب انتشار مرض الطاعون ناتج عن نظر المريض! لهذا فقد نصح الطبيب أو الكاهن أن يطلبا من المريض اغماض عينيه أو وضع خرقة عليها قبل أن يَعْمَد إلى معاينته!
                    ويحكى لنا الأمير أسامة بن منقذ (1095-1188)، ابن أخت حاكم قلعى شيزر نادرة من نوادر علاج الغرب للأمراض فيقول: (ومن عجيب طبهم أن صاحب المنيطرة كتب إلى عمى يطلب منه إنفاد طبيب يداوى مرضى من أصحابه. فأرسل إليه طبيبًا نصرانيًا يقال له ثابت. فما غاب عشرة أيام حتى عاد فقلنا له: ما أسرع ما داويت المرضى! قال: إنهم أحضروا عندى فارسًا قد طلعت فى رجله دمَّلة ، وامرأة قد لحقها نشاف. فعملتُ لُبَيْخَة ففتحت الدملة وصلحت. وحميت المرأة ورطبت مزاجها. فجاءهم طبيب إفرنجى فقال لهم: هذا ما يعرف شيئًا يداويهم ؛ وقال للفارس: أيُّما أحب إليك: تعيش برجل واحدة أم تموت برجلين؟ قال أعيش برجل واحدة. قال احضروا لى فارسًا قويًا وفأسًا قاطعة ؛ فحضر الفارس والفأس ، وأنا حاضر ، فحطَّ ساقه على قرمة خشب وقال للفارس: اضرب رجله بالفأس ضربة واحدة! اقطعها! فضربه ، وأنا أراه ، ضربة واحدة ما انقطعت. ضربه ضربة ثانية فسال مخ الساق ، ومات الرجل من ساعته.
                    وأبصر المرأة فقال: هذه امرأة فى رأسها شيطان قد عشقها ، احلقوا شعرها. فحلقوه. وعادت تأكل من مآكلهم الثوم والخردل. فزاد بها النشاف ، فقال: الشيطان قد دخل فى رأسها. فأخذ الموسى وشقَّ رأسها صليبًا وسلخَ وسطه، حتى ظهر عظام الرأس ، وحكه بالملح ، فماتت فى وقتها. فقلت لهم: بقى لكم إلىَّ حاجة؟ قالوا: لا. فجئت وقد تعلمت من طبِّهم ما لم أكن أعرفه.)
                    ونادرة أخرى حدثت للأمير (ديدو الثانى فون روشيليتز وغويز) الذى كان يشكو قِصَرًا فى نفسه ، وسمنة فى بدنه ، وذهب إلى الطبيب ليستشيره إذا كانت السمنة هذه ستزعجه وتتعبه فى الرحلة التى ينوى القيام بها بصحبة الإمبراطور هاينريش السادس إلى (أبولين) الإيطالية. فتناول الطبيب موسًا حادة شقَّ بها بطن الأمير الصغير المسكين ببساطة ، فنزع الشحم الزائد منه ، وانتزع روحه معه كذلك.
                    وفى أثناء رحلة الأمير أسامة بن منقذ من عكا إلى بحيرة طبرية حكى له السيد فيلهلم فون بورن كما سمعها رفاقه فى السفر هذه الأقصوصة: (كان عندنا فى بلادنا فارس كبير القدر ، فمرض وأشرف على الموت. فجئنا إلى قسٍ كبير من قسوسنا وقلنا: تجىء معنا حتى تبصر الفارس فلان؟ قال: نعم. ومشى معنا ونحن نتحقق أنه إذا حطَّ يده عليه عوفى. فلما رآه ، قال: اعطونى شمعًا! فأحضرنا له قليل من الشمع ، فليَّنه وعمله مثل عُقَد الإصبع. وعمل كل واحدة فى جانب أنفه ، فمات الفارس. فقلنا له: قد مات، قال: نعم، كان يتعذَّب، سددت أنفه حتى يموت ويستريح.)
                    هكذا كان العلاج عندهم: أيد توضع ، وشيطان يطرد ، وصلاة تقام .. .. وحفر يُرمى فيها المريض ويقذف عليه التراب .. تلك كانت الوسائل المفضَّلة فى المعالجة التى حاول بها أطباء أوروبا ـ عن طريق مسوح الكهنوت والرهبان ـ إنقاذ الإنسانية المريضة ، وتخليصها من براثن الداء والألم.
                    عملاً بما نسبوه للسيد المسيح أنه قاله لتلاميذه ، ثم سحبوا الكلام على كل طاقم رجال الكهنوت: (8اِشْفُوا مَرْضَى. طَهِّرُوا بُرْصاً. أَقِيمُوا مَوْتَى. أَخْرِجُوا شَيَاطِينَ. مَجَّاناً أَخَذْتُمْ مَجَّاناً أَعْطُوا.) متى 10: 8
                    أما فى علم الكيمياء: فقد كانت الكنيسة تقوم بحملة عنيفة على بعض الذين أوتوا نصيبًا من العلم فيها ، فهذا (لينيوس) استطاع أن يتوصل إلى معرفة سبب احمرار المياه ، ومما قاله: (إن احمرار المياه راجع إلى تكاثر نوع من الجوينيات فيه).
                    ولما علم رجال الكنيسة بأقواله جاهروه العداء ، وأوَّلوا هذه الظاهرة بأنها خارقة من الخوارق الربانية، تحدث عند غضب الله! ونتيجة لحملة العداء التى قامت بها الكنيسة اضطر (لينيوس) إلى التراجع عن رأيه.
                    أما فى مجال العلوم الرياضية والفلك ، فقد كانت دراسة الحساب والهندسة والفلك تسير فى غاية البداوة ، واستمرت على هذا الحال حتى أوائل القرن الثانى عشر.
                    فمثلاً الحساب كان يتم بطريقة بدائية للغاية ، حيث كان يتم بطريقة رسم خطوط طولية على الألواح ، ثم توضع الأرقام فى الخانات ، وفى هذه الخانات كانوا يضعون قطعًا صغيرة من الحجر أو الزجاج أو المعدن ، وبواسطتها استطاعوا أن يجروا عمليات الجمع والطرح. (كما تقول الدكتورة زيجريد هونكه)
                    هذه هى الأفكار والنظريات التى كانت الكنيسة تفرضها على الناس وتحاكم ، وتعاقب ، بل وتعذِّب كل من يخالفها أو يبين زيفها وبطلانها ، وكان ذلك فى كل العلوم التى يقبلها العقل السوى.
                    أما علم الفلك فقد حاربوا أفكار (كوبرنيكوس) و(جاليليو) وفرضوا على طلاب العلم بعض الآراء التى تهدف إلى دحض أراء (كوبرنيكوس) وبيان أنها مناقضة للنصوص المقدسة ، ومن ذلك ما قام به الكاهن (هسل) حيث وضع لطلاب العلم مختصرًا فى علم الفلك أسماه: (الرجوع إلى الأصل الموسوى فى أصل الكون).
                    وقضى هذا التفكير الضيق على كل موهبة ، وعاق كل بحث علمى ، وأجبر كل المفكرين الذين لا تتفق أعمالهم ومعتقدات الكنيسة هذه على إنكار ما قالوه من النظريات العلمية، وإلا كان مصيرهم الحرق العلنى بالنار، لكفرهم وخروجهم على المعتقدات الإلهية.
                    أما ما فعلته الكنيسة فى كل من خالف جهلها ، وأتى بعلم يبين أخطاء الكتاب المقدس ، ويثبت أنه بهذا ليس من وحى الله ، فقد قامت قيامة الكنيسة ولم تقعد ، وقام رجالها بهجمة وحشية عليهم ، وكفروهم ، واستحلوا دماءهم ، وأنشأوا لهم محاكم التفتيش: فقد حكمت محكمة التفتيش فى مدة لا تزيد على 18 عاماً (1481 - 1499) على 10220 شخصًا بأن يُحرَقوا وهم أحياء ، فأحرقوهم! وعلى 6860 بالشنق ، فشنقوا ، وعلى 97023 شخصًا بعقوبات مختلفة ، فنفذت.
                    وينقل الدكتور توفيق الطويل قول المؤرخ (لورنتى) الذى أتيح له البحث بمطلق الحرية فى أرشيفات محكمة التفتيش الإسبانية فيقول: (إن المحكمة وحدها قدمت إلى النار أكثر من 31000 نفس ، وأصلت أكثر من 290000 بعقوبات أخرى تلى الإعدام فى صرامتها ، وهذا الرقم لا يشمل الذين أودت بحياتهم فروع هذه المحكمة الإسبانية فى مكسيكو ، وليما بأمريكا الجنوبية ، وقرطاجة ، وجزر الهند الغربية ، وصقلية ، وسردينيا ، وأوران ، ومالطة)
                    ومن هؤلاء العلماء:
                    جاليليو: الذى عوقب فى سنة 1615م ووقف أمام محكمة التفتيش فى روما وصدر الحكم بسجنه ، وهنا عُذِّبَ عذابًا شديدًا، مما اضطره إلى التراجع عن آرائه، وأُقسِرَ أخيرًا على أن يُعلِن وهو جاث على ركبتيه أمام البابا (أوربان الثامن) الاعتراف الآتى: (أنا جاليليو، وفى السبعين من عمرى، سجين جاث على ركبتى، وبحضور فخامتك ، وأمامى الكتاب المقدس ، الذى ألمسه الآن بيدى ، أعلن أنى لا أشايع ، بل ألعن وأحتقر خطأ القول وهرطقة الاعتقاد بأن الأرض تدور!)
                    وكوبرنيكوس: الذى نفد من قبضة زبانية الكنيسة بموته ، إلا أنها صادرت كتبه وأحرقتها ، وحرم على أتباع الكنيسة الاطلاع عليها.
                    وبافون: الذى ظهر فى القرن الخامس عشر واشتغل بالتاريخ الطبيعى ، وتحت التعذيب تراجع واعتذر علنًا ونشر اعتذاره على الناس وتبرأ من كتبه وأفكاره قائلاً: (أعلن إقلاعى عن كل ما جاء فى كتابى خاصًا بتكوين الأرض ، وجمله عن كل ما جاء به مخالفًا لقصة موسى.)
                    ونيوتن: الذى تبنى نظرية الجاذبية الأرضية ، فقد عوقب من قبل الكنيسة لأن هذا القول معناه ـ من وجهة نظر الكنيسة ـ انتزاع قوة التأثير من الله وتحولها إلى قوة مادية.
                    وجيور دانو برونو: قامت الكنيسة بإحراقه حيًّا ، ثم ذرت بقاياه الترابية مع الريح!
                    وتراجع الكثير من العلماء عن البحث أو تأييد أبحاث غيرهم خوفًا على حياتهم أمثال:
                    آبيان: الذى كان معلما فى علم الفلك ، وكان يُدرِّس فى جامعة (أنجلوستاد) ، فلم يستطع تأييد آراء كوبرنيكوس.
                    وكذلك رينولد الذى لم يستطع تأييد آراء كوبرنيكوس ، بل كان يدافع عن آراء الكنيسة الفاسدة ويلقنها للطلبة.
                    وكذلك كان ريتيكوس الذى كان استاذًا فى (ويتنبرج) فقد آثر الصمت تجاه بعض الحقائق العلمية خشية الإصطدام مع الكنيسة.
                    وكذلك كان ديكارت الذى تبنى المنهج التجريبى من أجل الوصول للمعرفة.
                    ولا يمكنك أن تقول إن هؤلاء قوم ضلوا فأضلوا! إنهم استندوا للكتاب المقدس فى كل أفعالهم ، فى رفضهم العلوم الفلكية، والجغرافية، والطبيعية، وفى كل الإتجاهات العلمية ، الأمر الذى يؤكد اليوم بعد اعتراف العلم بهذه النظريات أن هذا الكلام الذى استندوا إليه فى الكتاب المقدس ليس من وحى الله.
                    فما وصلت إليه الكنيسة وكهنتها فى المجال الدينى، لم يكن عاملاً منقذًا للحضارة، بل كان عائقًا لها. لقد كانت أمامهم الفرصة ، تمامًا كالعرب ، بل إن فرصتهم كانت أكبر فى أن يأخذوا التراث العظيم ، ويتطوروا به ويرتقوا ، كما فعلوا من بعد.
                    وظل الفكر الإغريقى بالنسبة لهم غريبًا على الدوام. فحوالى عام 300م علل أسقف قيصرية أويزيبيوس ذلك المسلك لعلماء الطبيعة من الأسكندرية ، قائلاً: (إن موقفنا هذا ليس جهلاً بالأشياء التى تعطونها أنتم كل هذه القيمة، وإنما لاحتقارنا لهذه الأعمال التى لا فائدة منها. لهذا فإننا نشغل أنفسنا بالتفكير فيما هو أجدى وأنفع).
                    وظل هذا التفكير العقيم سائدًا لا يتغير ، فيتحدث بمثل هذا فى القرن الثالث عشر القديس توما الأكوينى فيقول: (إن المعرفة القليلة لأمور سامية أجل قدرًا من معرفة كبيرة موضوعها أمور حقيرة).
                    ولقد بدت للسادة المهيمنين على الأمور ضرورة تحريم الكتب التى تهتم بالأمور الحقيرة الدنيوية على المتعلمين ورجال الدين. ففى عام 1206م نبه مجمع رؤساء الكنائس المنعقد فى باريس رجال الدين بشدة إلى عدم قراءة كتب العلوم الطبيعية، واعتبر ذلك خطيئة لا تُغتَفَر.
                    كل هذا على الرغم من أن المرأة كانت تسأل عيسى ، وكانت تحضر معه الإحتفالات ، وكانت معه قبل العشاء الأخير ، إلا أنك ترى بولس فى رسائله قد أنزلها منزلة حقيرة ، فمن ناحية العلم ليس لها أن تسأل داخل الكنيسة ، حتى لو لم يحضر زوجها ، وحتى لو لم تفهم ، وحتى لو لم يوضح ويفصح المتكلم. أو لو كان زوجها غبيًا أو لم يتابع الحديث.
                    ولو أردنا دليلاً آخر على مدى الهوة العميقة التى كانت تفصل الشرق عن الغرب، لكفانا أن نسبة 95% على الأقل من سكان الغرب فى القرون من التاسع إلى الثانى عشر ، كانوا لا يستطيعون القراءة والكتابة.
                    بينما كان شارل الأكبر يجهد نفسه فى شيخوخته لتعلم القراءة والكتابة ، وبينما أمراء الغرب يعترفون بعجزهم عن الكتابة والقراءة ، وفى الأديرة يندر بين الكهنة من يستطيع مسك القلم ، لدرجة أنه عام 1291م لم يكن فى دير جالينوس من الكهنة والرهبان من يستطيع حل الخط.
                    بينما كان هذا كله يحدث فى الغرب ، كان آلاف مؤلفة من المدارس فى القرى والمدن تستقبل ملايين البنين والبنات ، وكان الدافع إلى كل هذا هو رغبتهم الصادقة فى أن يكونوا مسلمين حقًا ، كما يجب أن يكون المسلم، ولم يجبرهم أحد على ذلك، بل اندفعوا إليه عن رغبة وإيمان ، لأن من واجب كل مسلم أن يقرأ القرآن، ويتدبر آياته، ويعمل بها ، فعليه الوقوف على أسباب غضب الله على الأمم السابقة وتجنبه، وعليه البحث عن العلم أينما كان ، والإستفادة منه.
                    ولم يجد الناس للكتاب المقدس سبيلا ، إذا استثنينا الكهنة ورجال الدين ، فهم وحدهم يستطيعون قراءته وفهم لغته. ومنذ عام 800م لم يعد الشعب يفهم المواعظ الملقاة باللاتينية، حتى إن مجلس رؤساء الكنائس المنعقد فى مدينة تور أوصى بوعظ الناس باللغة التى يتكلمون بها. ولم تكن هناك حاجة تدعو الشعب فى تلك العصور إلى تعلم اللاتينية ، بل لم تكن هناك أية رغبة فى تعليم الشعب أو تثقيفه.
                    ولم تكن المساجد لتدريس علوم القرآن فقط ، بل كان التلاميذ يتعلمون فيها إضافة إلى القرآن قواعد اللغة والديانة والخطابة والأدب والتاريخ والجغرافيا والمنطق والفلك والرياضة. وبذلك لم تكن المساجد مجرد أماكن تؤدى فيها الصلوات فحسب ، بل أصبحت منبرًا للعلوم والمعارف ، يتساوى فى ذلك الولد مثل البنت.
                    وكان من نتيجة هذا الجهل الذى ضربته الكنيسة على أتباعها:
                    1- أحرقت مكتبة الأسكندرية التى كانت تحتوى على كتب البطالسة والمصريين القدماء على عهد يوليوس قيصر،وكانت قسمين أحدهما مكتبة البروخيوم وتحتوى على 400 ألف مجلد ، والأخرى السرابيوم وتضم 200 ألف مجلد.
                    2- انتحل بطريرك الإسكندرية أدنى الأسباب لإثارة ثورة فى المدينة لإتلاف ما بقى فى مكتبة البطالسة بعضه بالإحراق وبعضه بالتبديد، ولقد قال أوروسيوس المؤرخ إنه رأى أدراج المكتبة خالية من الكتب، بعد أن نال تيوفيل الأمر الإمبراطورى من قيصر الرومان بإتلافها بنحو عشرين سنة.
                    3- جاء بعد تيوفيل ابن أخته سيريل بطريركًا على الإسكندرية، وكان خطيبًا مفوَّهًا ، له على الشعب سلطان بفصاحته ، وكان فى الإسكندرية فتاة تسمى هيباتى الرياضية ، تشتغل بالعلوم والفلسفة ، وكان يجتمع إليها كثير من أهل النظر فى العلوم الرياضية ، وكان لا يخلو مجلسها من البحث فى الفلسفة ، فلم يحتمل سيريل السماع بها وبعلومها ، مع أن الفتاة لم تكن مسيحية ، بل كانت على دين آبائها المصريين القدماء ، فأخذ يثير الشعب عليها حتى قعدوا لها وقبضوا عليها فى الطريق سائرة إلى دار ندوتها. فقبضوا عليها وفعلوا بها الآتى:
                    أولاً : جردوها من ملابسها كلية.
                    ثانيًا : أخذوها إلى كنيسة الإسكندرية مكشوفة العورة.
                    ثالثًا : قتلوها فى مقر الكنيسة.
                    رابعًا : قطعوا جسمها تقطيعًا.
                    خامسًا : ثم فصلوا اللحم عن العظم.
                    سادسًا : ألقوا ما بقى منها فى النار.
                    ويقول مؤرخ هذه القصة وراويها: ولم تسأل الدولة القديس سيريل بطريرك الإسكندرية عما صنع بالفتاة هيباتى ، ولم تنظر الحكومة الرومانية فيما وقع عليها.
                    4- حرق العلماء وكتبهم إذا تعارض علمهم مع جهل الكنيسة ورجالها ، فقد كانت الكنيسة تصف السبب العلمى لقوس قزح بأنه قوسًا حربيًا بيد الرب ينتقم بها من عباده إذا أراد ، فأثبت العالم دى رومنيس أن هذا القوس هو من إنعكاس ضوء الشمس فى نقطة الماء ، فقبض عليه وأحضروه إلى روما ، وحُبِسَ حتى مات ، ثم حوكمت جثته وكتبه فحكم عليها وألقيت فى النار. فلك أن تتخيل أن دعاة الرب محبة ، ودعاة أحبوا أعداءكم يقومون بإحراق جثة عالم مات! ولم يسألهم أحد البتة: هل التمثيل بالجثث يُدرج تحت باب محبة الأعداء؟
                    5- بعد انحسار الإسلام عن بلاد الأندلس فى إسبانيا ، قام الكاردينال اكسيهنيس بإحراق ثمانية آلاف كتاب عربى مخطوطة فى غرناطة ، فيها كثير من ترجمة الكتب المعول عليها عند علماء أوروبا وقتئذ.
                    كان تعلم المرأة سبة تشمئز منها النساء قبل الرجال،فلما كانت اليصابات بلاكويل تتعلم فى جامعة جنيف سنة 1849 ـ وهى أول طبيبة فى العالم الغربى ـ كانت النسوة المقيمات معها يقاطعنها ، ويأبين أن يكلمنها ، ويزوين ذيولهن من طريقها احتقارًا لها ، كأنهن متحرزات من نجاسة يتَّقين مساسها. ولما اجتهد بعضهم فى إقامة معهد يعلم النساء الطب بمدينة فلادلفيا الأمريكية ، أعلنت الجماعة الطبية بالمدينة أنها تصادر كل طبيب يقبل التعليم بذلك المعهد ، وتصادر كل من يستشير أولئك الطبيبات .. ) (نقلا عن المرأة فى القرآن ، لعباس العقاد ص 112)
                    * * *
                    التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 5 نوف, 2020, 05:49 م.

                    تعليق


                    • #11
                      يواصل القمص زكريا بطرس كلامه فيقول:
                      ويستشهد الإمام أبو السعود بتفسير آخر للسدى فماذا يقول .. لقيت أم يحيى أم عيسى فقال أم يحيى يا مريم أشعرت بحبلى فقالت مريم وأنا أيضاً حبلى فقالت أم يحيى إنى وجدت ما فى بطنى يسجد لما فى بطنك.
                      وذلك قوله تعالى مصدقاً لكلمة من الله وهذا الكلام موجود فى تفسير الإمام أبو السعود محمد العمادى صفحة 233 وفى سورة آل عمران كذلك آيه 45 .. وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم ، وأنا قلت هذا الكلام سابقاً أن القرآن هو أساس البلاغة ومن المستحيل أن يخطأ فى النحو واللغة العربية عامة قائمة على القرآن .
                      فنسأل أنفسنا الكلمة مذكر أم مؤنث . فطبعاً الكلمة مؤنث والمفروض يقول أن الله يبشرك بكلمة أسمها عيسى بدلاً من أسمه ولكن القرآن يقول اسمه المسيح عيسى ابن مريم وإذا قال قائل أن اسمه عائدة على المسيح !! نرد عليه لغوياً أن الضمائر تعود على ما قبله وليس على ما بعدها … والكلمة تعرفت بأنها مذكر إذن ليست كلمة بشر عادية … أى هى عقل الله أو علم الله وهذا نفس الكلام الذى قاله معلمنا يوحنا فى البدء كان الكلمة وليست كانت الكلمة والكلمة صار جسداً وليست صارت . إذن القرآن متفق مع الإنجيل أن هذه الكلمة ليست كلمة عادية ولكن هو علم الله الذى تجلى وتجسد للبشر وهذا هو كلام القرآن فى سورة آل عمران وسنرجع لكلام المفسرين فى الإسلام لأن من الجائز أن الأخ المسلم يرد علينا بأن هذا هو تفسيركم أنتم .
                      ========================================
                      يُعيد القمص زكريا نفس الكلام الذى قاله من قبل وذكره الإمام السُّدِّى ، ويستدل بأفعال الأجنة، وأحلام السيدات على ألوهية يسوع ، الذى نسى أن يقول إنه هو الله أو يُدلِّل بأى كيفية على ألوهيته المزعومة.
                      وقلنا إن سجود الشخص لغيره فى الكتاب الذى يقدسه القمص دليل على رياسة المسجود له للساجد أو خضوع الساجد للمسجود له خضوع الأدب والعرفان بالجميل، وليس سجود العبادة. وهذه هى اللغة الإستعارية التى يستخدمها الكتاب ، ويفهمها القمص تبعًا لمراده.
                      وها هو الكتاب الذى يقدسه القمص يشهد أن السجود يعنى الخضوع للمسجود له، وهو من باب الاحترام المفرط: فقد سجدت (بَثْشَبَعُ أُمِّ سُلَيْمَانَ) لزوجها داود ، ودعته سيدى ، وجعلت نفسها أَمَةً له: (15فَدَخَلَتْ بَثْشَبَعُ إِلَى الْمَلِكِ إِلَى الْمَخْدَعِ. وَكَانَ الْمَلِكُ قَدْ شَاخَ جِدّاً وَكَانَتْ أَبِيشَجُ الشُّونَمِيَّةُ تَخْدِمُ الْمَلِكَ. 16فَخَرَّتْ بَثْشَبَعُ وَسَجَدَتْ لِلْمَلِكِ. فَقَالَ الْمَلِكُ: [مَا لَكِ؟] 17فَقَالَتْ لَهُ: [أَنْتَ يَا سَيِّدِي حَلَفْتَ بِالرَّبِّ إِلَهِكَ لأَمَتِكَ أَنَّ سُلَيْمَانَ ابْنَكِ يَمْلِكُ بَعْدِي وَهُوَ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّي.) ملوك الأول 1: 15-17
                      كما سجد نبى الله بلعام للملاك: (9فَأَتَى اللهُ إِلى بَلعَامَ وَقَال: «مَنْ هُمْ هَؤُلاءِ الرِّجَالُ الذِينَ عِنْدَكَ؟») عدد 22: 9؛ (31ثُمَّ كَشَفَ الرَّبُّ عَنْ عَيْنَيْ بَلعَامَ فَأَبْصَرَ مَلاكَ الرَّبِّ وَاقِفاً فِي الطَّرِيقِ وَسَيْفُهُ مَسْلُولٌ فِي يَدِهِ فَخَرَّ سَاجِداً عَلى وَجْهِهِ.) عدد 22: 31
                      كما سجد نبى الله ناثان أمام أبيه: (22وَبَيْنَمَا هِيَ مُتَكَلِّمَةٌ مَعَ الْمَلِكِ إِذَا نَاثَانُ النَّبِيُّ دَاخِلٌ. 23فَأَخْبَرُوا الْمَلِكَ: [هُوَذَا نَاثَانُ النَّبِيُّ]. فَدَخَلَ إِلَى أَمَامِ الْمَلِكِ وَسَجَدَ لِلْمَلِكِ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ.) ملوك الأول 1: 22-23
                      (31فَخَرَّتْ بَثْشَبَعُ عَلَى وَجْهِهَا إِلَى الأَرْضِ وَسَجَدَتْ لِلْمَلِكِ وَقَالَتْ: [لِيَحْيَ سَيِّدِي الْمَلِكُ دَاوُدُ إِلَى الأَبَدِ].) ملوك الأول 1: 31
                      ولم تَدَّعِ أنت عزيزى القمص أن هذا الشخص أو الملك ، الذى سُجِدَ له إله ، وإلا لقال اليهود بتعدد الآلهة! فلماذا هذه الإزدواجية فى فهمك وتطبيقك لنصوص الكتاب الذى تقدسه؟
                      لكن دعونا نأخذ تفسير القمص مأخذ الجد ونرى إلى أى نتيجة سنصل مع تفسيره: هو يدعى أن السجود لله وحده دليل على أن الساجد عبد للمسجود له، وهذا قول حق. فقد قال يسوع للشيطان الذى أسره فى البرية: (لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلَهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ».) متى 4: 10
                      وأمر الله تعالى عباده قائلاً: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ*} (77) سورة الحـج
                      وقال: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} (37) سورة فصلت
                      وقال تعالى: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا*} (62) سورة النجم
                      أليس سجود عيسى  لله تعالى دليلاً على عبودية يسوع له؟
                      لذلك أؤكد عزيزى القمص بوجودها والإزدواجية المتناقضة فى عقيدتك وفى حكمك على الأشياء ، فهى تتجسَّد عندك فى عدم رؤيتك ليسوع يسجد لله ربه. الأمر الذى يُفنِّد عملية الثالوث ، وكون الثلاثة واحد ، ويؤكد عبودية يسوع لله تعالى.
                      فقد كان يسوع يصلى لله تعالى الذى خلقه ، ويتعبد له ، ويفعل كل شىء من أجل رضاه عليه ، بل كان يقضى الليل كله فى الصلاة قائمًا راكعًا ساجدًا لله تعالى: (وَقَضَى اللَّيْلَ كُلَّهُ فِي الصَّلاَةِ لِلَّهِ.) لوقا 6: 12
                      (39ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَكَانَ يُصَلِّي ... ... 42فَمَضَى أَيْضاً ثَانِيَةً وَصَلَّى قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ تَعْبُرَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ إِلاَّ أَنْ أَشْرَبَهَا فَلْتَكُنْ مَشِيئَتُكَ».) متى 26: 39-42
                      (41وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى 42قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ. وَلَكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ». 43وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ. 44وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ.) لوقا 22: 41-44
                      (29وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ».) يوحنا 8: 29
                      لكن لماذا أمر الله تعالى الملائكة فى القرآن أن تسجد لآدم؟ لأن السجود هنا هو خضوع لأمر الله تعالى ، وليس سجود التعبُّد: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى} (116) سورة طـه
                      وكذلك رأى نبى الله يوسف  أن أحد عشر كوكبًا والشمس والقمر سجدوا له، ولم يؤلهه أحد من بنى إسرائيل أو المسلمين، بل كانت علامة على نبوته المستقبلة: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} (4) سورة يوسف
                      وسُئل النبى  عن نفسه فقال: (أنا دعوة أبي إبراهيم ، وبشرى عيسى، ورأت أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاء لها قصور الشام). وما فكر إنسان من البشر أن يؤلهه نتيجة هذا.
                      فلماذا لا يكون سجود يحيى لعيسى عليهما السلام دليلاً على نبوة عيسى  وخضوع يحيى  لقيادة وعلم وإرشاد عيسى ؟
                      * * *
                      يقول الله تعالى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} (45) آل عمران
                      والمُلاحظ أن الكلمة مؤنثة وجاء الضمير فى (اسمه) بالتذكير ، يقول الزمخشرى فى البرهان فى علوم القرآن ج2 ص159 (فإن الضمير فيه عائد الى مدلول الكلمة والمراد بالاسم المسمى فالمعنى المسمى المبشر به المسيح بن مريم. وإطلاق اسم اليمين على المحلوف به كقوله تعالى {وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ} أي لا تجعلوا يمين الله او قسم الله مانعا لما تحلفون عليه من البر والتقوى بين الناس).
                      وتذكير المؤنث وتأنيث المذكر وارد فى القرآن وفى لغة العرب على مدلول الكلمة نفسها ، وليست على الكلمة المذكورة ، مثال لذلك: {إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} (56) سورة الأعراف ، فقد قالتها الآية «قريب»، وليست قريبة لأن الرحمة ذكرت على معنى الإحسان.
                      ومنها أيضًا: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ} (17) سورة الشورى، ويُقصد بالساعة الوقت. ومنها أيضًا: {وَأَرْسَلْنَا السَّمَاء عَلَيْهِم مِّدْرَارًا} (6) سورة الأنعام ، ويعنى بالسماء هنا المطر.
                      وفى السماء قال الجرير:
                      إذا نزل السماء بأرض قوم رعيناه وإن كانوا غضابا
                      وجاء تأنيث المذكر فى قوله تعالى: {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (11) سورة المؤمنون، أى الجنة.
                      وخلاصة القول أن الكلمة التى بشرت بها الملائكة مريم هى أمر الله لها أنها ستحمل بولد اسمه المسيح عيسى ابن مريم، سيكون نبيًا من المقربين. وهذا لا ينطبق على قول يوحنا (فى البدء كان الكلمة) لأن الكلمة كانت هى البداية، والبداية ليس لها مدلول تُقاس عليه.
                      أما قول القمص إن الضمير يعود إلى أقرب اسم فهذا صحيح ، ولكن ليست هذه هى القاعدة فقط ، فهناك أحوال عديدة للضمائر منها ما يعود على أقرب اسم، وهو الأصل. ومنها ما يعود إلى الاسم الأول مثل: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُن فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ} (23) سورة السجدة، فالضمير فى (لقائه) يعود إلى موسى  وليس على الكتاب، وهو الاسم القريب.
                      ومنها أيضًا: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا} (11) سورة الجمعة، فالضمير فى (إِلَيْهَا) يرجع إلى التجارة، فخصها هى بالذكر ، لأنها كانت السبب الأول فى الإنفضاض عنه وهو يخطب.
                      وكذلك فى حالة المضاف والمضاف إليه ، فقد يعود الضمير إلى المضاف وهو الاسم الأول وليس الاسم القريب، مثال لذلك: لقيت غلام زيد فأكرمته. فالهاء تعود إلى المضاف (غلام) ، وليس إلى المضاف إليه زيد. ومنها قول الله تعالى: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا} (18) سورة النحل، فالهاء فى (تُحصوها) يعود إلى المضاف (نعمة) وليس إلى المضاف إليه ، الذى هو أقرب للضمير.
                      ومنها ما يعود على مُضمر غير موجود ، مثل: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا } (8) سورة النساء ، والضمير فى كلمة (منه) يعود على المقسوم وهو مفهوم ضمنيًا.
                      وقد يرجع الضمير إلى اسم غير موجود ، سواء ذُكر من قبل ، ومفهوم من سياق الكلام ، أو لم يُذكر ويُفهم من السياق أيضًا: {يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ} (26) سورة القصص، فالضمير فى (اسْتَأْجِرْهُ) يرجع إلى موسى  ، المذكور فى الآية قبله.
                      وأيضًا: {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ} (11) سورة النساء، فالهاء فى (أَبَوَيْهِ) ترجع إلى المتوفى غير المذكور.
                      وقد يرجع الضمير إلى اسم سيأتى بعده، مثل: {وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} (78) القصص، وأيضًا: {فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ} (39) الرحمن
                      وقد يرجع الضمير لاسم محذوف ولكنه مفهوم ضمنيًا: {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} (32) سورة ص ، يعنى بها الشمس. وأيضًا: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} (1) سورة القدر ، ويعنى القرآن الكريم.
                      ومنها أيضًا: {فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ} (42) يوسف، والضميران هنا يعودان إلى يوسف المذكور فى الآيات قبله. ولاحظ أن الضمير فى (ربه) لا يرجع إلى الاسم القريب وهو الشيطان ، ولكن إلى يوسف ، الذى لم يُذكر فى هذه الآية.
                      ويرى القمص زكريا بطرس أن تذكير الضمير (اسمه) بعد (بكلمة) المؤنثة دليل على ألوهية يسوع. وهذا فى الحقيقة مثير للضحك، لأنه يوجد فى كتابه نصوص يحفظها عن ظهر قلب تُشير إلى وجود مثل هذه الظاهرة.
                      فإذا كان الفعل يُذكَّر أو يؤنَّث تبعًا لاسمه أو فاعله ، فقد أتلفتم القاعدة، لتتفق مع عقيدتكم فى تجسُّد الكلمة.
                      (1فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ.) يوحنا 1: 1
                      وإذا كانت القاعدة التى تتبعها فى عودة الضمير لأقرب اسم ، فها أنتم قد أتلفتم القاعدة ، وذكَّرتم الفعل ، بالرغم من أنه يرجع إلى الكلمة المؤنثة ، ولكنكم فعلتم هذا ليتماشى هذا مع عقيدتكم فى تجسُّد الكلمة رجلاً.
                      (14وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً) يوحنا 1: 14
                      (63اَلرُّوحُ هُوَ الَّذِي يُحْيِي.) يوحنا 6: 63
                      ونفس الشىء فعلتموه مع كلمة الروح المؤنثة ، فقد ذكرتموها لتتفق مع كون الروح القدس الرب عندكم.
                      (32وَشَهِدَ يُوحَنَّا: «إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ الرُّوحَ نَازِلاً مِثْلَ حَمَامَةٍ مِنَ السَّمَاءِ فَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ. ... الَّذِي تَرَى الرُّوحَ نَازِلاً وَمُسْتَقِرّاً عَلَيْهِ فَهَذَا هُوَ الَّذِي يُعَمِّدُ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ.) يوحنا 1: 32-33
                      (39قَالَ هَذَا عَنِ الرُّوحِ الَّذِي كَانَ الْمُؤْمِنُونَ بِهِ مُزْمِعِينَ أَنْ يَقْبَلُوهُ لأَنَّ الرُّوحَ الْقُدُسَ لَمْ يَكُنْ قَدْ أُعْطِيَ بَعْدُ لأَنَّ يَسُوعَ لَمْ يَكُنْ قَدْ مُجِّدَ بَعْدُ.) يوحنا 7: 39
                      (35فَأَجَابَ الْمَلاَكُ: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ فَلِذَلِكَ أَيْضاً الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ.) لوقا 1: 35
                      (25وَكَانَ رَجُلٌ فِي أُورُشَلِيمَ اسْمُهُ سِمْعَانُ كَانَ بَارّاً تَقِيّاً يَنْتَظِرُ تَعْزِيَةَ إِسْرَائِيلَ وَالرُّوحُ الْقُدُسُ كَانَ عَلَيْهِ.) لوقا 2: 25
                      (22وَنَزَلَ عَلَيْهِ الرُّوحُ الْقُدُسُ بِهَيْئَةٍ جِسْمِيَّةٍ مِثْلِ حَمَامَةٍ.) لوقا 3: 22
                      (12لأَنَّ الرُّوحَ الْقُدُسَ يُعَلِّمُكُمْ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ مَا يَجِبُ أَنْ تَقُولُوهُ) لوقا 12: 12
                      (39اُنْظُرُوا يَدَيَّ وَرِجْلَيَّ: إِنِّي أَنَا هُوَ. جُسُّونِي وَانْظُرُوا فَإِنَّ الرُّوحَ لَيْسَ لَهُ لَحْمٌ وَعِظَامٌ كَمَا تَرَوْنَ لِي».) لوقا 24: 39
                      حتى عندما أشارت كلمة الروح إلى الشيطان تم تذكيرها، لأنها تُشير إلى اسم مذكر: (12وَلِلْوَقْتِ أَخْرَجَهُ الرُّوحُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ) مرقس 1: 12
                      وعلى ذلك فإن ما توهمته لا وجود له فى دينك أو كتابك، ويرفضه الإسلام رفضًا قاطعًا:
                      {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (17) سورة المائدة
                      {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} (72) سورة المائدة
                      {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (73) سورة المائدة
                      هل لاحظت أن الآيات التى تكفر القائل بألوهية يسوع ثلاث آيات؟ فأرجو ألا تستدل بها على صحة عقيدة الثالوث الذى تعتبره إلهًا واحدًا!!
                      لكن فى الحقيقة أريد أن أهمس لك بسؤال: هل أنت محرج من نسيان الرب أن يُشير إلى ألوهيته إشارة واضحة لا لبث فيها ، لذلك تحاول أن تتلمس له الإشارة إلى ألوهيته بضمير أو حرف جر أو أداة تعريف؟ هل هذه تصرفات من يؤمن فعلا أن يسوع إله وقادر على إثبات ذلك من كتابه؟
                      ولطالما أنك تؤمن أن الضمير يرجع لأقرب اسم له ، فاقرأ هذا النص من كتابك: (14وَلَكِنَّ الإِنْسَانَ الطَّبِيعِيَّ لاَ يَقْبَلُ مَا لِرُوحِ اللهِ لأَنَّهُ عِنْدَهُ جَهَالَةٌ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَعْرِفَهُ لأَنَّهُ إِنَّمَا يُحْكَمُ فِيهِ رُوحِيّاً.) كورنثوس الأولى 2: 14، فلمن يرجع الضمير فى كلمة (لأَنَّهُ) الأولى و(يَعْرِفَهُ)، فإن رجعت إلى الله فأنت كافر عزيزى القمص! وإن رجعت للفكر فأنت أيضًا كافر!
                      (16لأَنَّهُ مَنْ عَرَفَ فِكْرَ الرَّبِّ فَيُعَلِّمَهُ؟ وَأَمَّا نَحْنُ فَلَنَا فِكْرُ الْمَسِيحِ.) كورنثوس الأولى 2: 16 ، وكذلك يرجع الضمير فى (فَيُعَلِّمَهُ) إلى الفكر وليس إلى الرب.
                      * * *
                      أما بالنسبة لقولك (ولكن هو علم الله الذى تجلى وتجسد للبشر): فإن صدق قولك فى هذا لكان الإله الذى تعبده متعدد الأقانيم ، ولن تتوقف أقانيمه على ثلاثة فقط حيث ستتجسَّد باقى صفاته. وإذا تجسَّدت صفة العلم فقط، فسيصبح إلهًا ناقصًا باقى الصفات التى لم تتجسَّد معه. الأمر الذى تهدم أنت به الثالوث. ولنا أن نسأل لماذا تجسَّد علمه فقط ولم تتجسَّد قدرته؟
                      ولا يمكنك أن تدعى أنه تجسَّدت فيه كل صفات الألوهية ، ولا حتى صفة العلم والحكمة لوحدها.
                      ثم ما علاقة يسوع بتجسُّد علم الرب؟ فقد كان يسوع جاهلاً بكل الحقائق، ولم يعلم إلا ما أطلعه الله عليه ، وهو قد أقر بذلك. فهل تعتقد أن علم الرب تجسَّد ومع ذلك كان يجهل الساعة ، فهل تعى ما تقول؟ إن قولك هذا يتهم الرب بنقص فى العلم، وجهل فى المعرفة، أى نقص فى الألوهية.
                      (36وَأَمَّا ذَلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ وَلاَ مَلاَئِكَةُ السَّمَاوَاتِ إِلاَّ أَبِي وَحْدَهُ.) متى 24: 36
                      ولم يعلم بموعد إثمار التين: (12وَفِي الْغَدِ لَمَّا خَرَجُوا مِنْ بَيْتِ عَنْيَا جَاعَ 13فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ مِنْ بَعِيدٍ عَلَيْهَا وَرَقٌ وَجَاءَ لَعَلَّهُ يَجِدُ فِيهَا شَيْئاً. فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهَا لَمْ يَجِدْ شَيْئاً إلاَّ وَرَقاً لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ التِّينِ. 14فَقَالَ يَسُوعُ لَهَا: «لاَ يَأْكُلْ أَحَدٌ مِنْكِ ثَمَراً بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ».) مرقس 11: 12-20
                      ولم يعلم الذى لمس ملابسه: (25وَامْرَأَةٌ بِنَزْفِ دَمٍ مُنْذُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً 26وَقَدْ تَأَلَّمَتْ كَثِيراً مِنْ أَطِبَّاءَ كَثِيرِينَ وَأَنْفَقَتْ كُلَّ مَا عِنْدَهَا وَلَمْ تَنْتَفِعْ شَيْئاً بَلْ صَارَتْ إِلَى حَالٍ أَرْدَأَ - 27لَمَّا سَمِعَتْ بِيَسُوعَ جَاءَتْ فِي الْجَمْعِ مِنْ وَرَاءٍ وَمَسَّتْ ثَوْبَهُ 28لأَنَّهَا قَالَتْ: «إِنْ مَسَسْتُ وَلَوْ ثِيَابَهُ شُفِيتُ». 29فَلِلْوَقْتِ جَفَّ يَنْبُوعُ دَمِهَا وَعَلِمَتْ فِي جِسْمِهَا أَنَّهَا قَدْ بَرِئَتْ مِنَ الدَّاءِ. 30فَلِلْوَقْتِ الْتَفَتَ يَسُوعُ بَيْنَ الْجَمْعِ شَاعِراً فِي نَفْسِهِ بِالْقُوَّةِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْهُ وَقَالَ: «مَنْ لَمَسَ ثِيَابِي؟» 31فَقَالَ لَهُ تَلاَمِيذُهُ: «أَنْتَ تَنْظُرُ الْجَمْعَ يَزْحَمُكَ وَتَقُولُ مَنْ لَمَسَنِي؟» 32وَكَانَ يَنْظُرُ حَوْلَهُ لِيَرَى الَّتِي فَعَلَتْ هَذَا. 33وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَجَاءَتْ وَهِيَ خَائِفَةٌ وَمُرْتَعِدَةٌ عَالِمَةً بِمَا حَصَلَ لَهَا فَخَرَّتْ وَقَالَتْ لَهُ الْحَقَّ كُلَّهُ. 34فَقَالَ لَهَا: «يَا ابْنَةُ إِيمَانُكِ قَدْ شَفَاكِ. اذْهَبِي بِسَلاَمٍ وَكُونِي صَحِيحَةً مِنْ دَائِكِ».) مرقس 5: 25-34
                      ولم يعلم كم مرَّ من الزمان على إصابة الصبى بالشيطان الذى يصرعه: (21فَسَأَلَ أَبَاهُ: «كَمْ مِنَ الزَّمَانِ مُنْذُ أَصَابَهُ هَذَا؟» فَقَالَ: «مُنْذُ صِبَاهُ. 22وَكَثِيراً مَا أَلْقَاهُ فِي النَّارِ وَفِي الْمَاءِ لِيُهْلِكَهُ. لَكِنْ إِنْ كُنْتَ تَسْتَطِيعُ شَيْئاً فَتَحَنَّنْ عَلَيْنَا وَأَعِنَّا».) مرقس 9: 21-22
                      ولم يعلم أين وضعوا لعازر الميت ، فسأل أخته: (34وَقَالَ: «أَيْنَ وَضَعْتُمُوهُ؟») يوحنا 11: 34
                      ولم يعلم أن أباه سيتركه يُصلب: (46وَنَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: «إِيلِي إِيلِي لَمَا شَبَقْتَنِي» (أَيْ: إِلَهِي إِلَهِي لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟))متى 27: 46
                      ولكن إذا كان عِلْمُ الرب وعقله وحكمته تجسدت فى صورة بشر ، ونفى هذا الشخص العلم التام، والعظمة الكلية، والصلاح غير المنقوص عن نفسه ونسبه لله ربه، فهل مثل هذا يقرك على عقيدتك هذه وفكرك هذا؟ إنه ينفى كل ما تعتقده ، ويسفهه ، بمقولته إن الله وحده هو الذى يعلم الساعة.
                      لقد نسب لنفسه الضعف، وأثبت القوة لله: (30أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئاً.) يوحنا 5: 30 ، وقال أيضًا: (20وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُ بِإِصْبِعِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ.) لوقا 11: 20
                      حتى الكلام الذى كان يتفوَّه به، نسبه لله تعالى: (وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئاً مِنْ نَفْسِي بَلْ أَتَكَلَّمُ بِهَذَا كَمَا عَلَّمَنِي أَبِي.) يوحنا 8: 28 ،
                      (49لأَنِّي لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنْ نَفْسِي لَكِنَّ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ أَعْطَانِي وَصِيَّةً: مَاذَا أَقُولُ وَبِمَاذَا أَتَكَلَّمُ.) يوحنا 12: 49
                      وأن الله بكل شىء عليم: (الرب إله عليم) صموئيل الأول 1: 30
                      (3فِي كُلِّ مَكَانٍ عَيْنَا الرَّبِّ مُرَاقِبَتَيْنِ الطَّالِحِينَ وَالصَّالِحِينَ) الأمثال 15: 3؛
                      (ألعله إله من قريب يقول الرب ولستُ إلهاً من بعيد. إذا اختبأ إنسان فى أماكن مستترة ، أفما أراه أنا يقول الرب. أما أملأ أنا السموات والأرض يقولُ الرب) إرمياء 23: 23-24
                      («عِنْدَ النَّاسِ غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ وَلَكِنْ لَيْسَ عِنْدَ اللَّهِ لأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللَّهِ».) مرقس 10: 27
                      * * *
                      يواصل القمص كلامه:
                      فنرجع إلى العلماء والفقهاء والمفكرين والمفسرين المسلمين لكى نستدل على الحقائق :
                      الشيخ محى الدين العربى فى كتابة فصوص الحكم الجزء الثانى صفحة 35 يقول عن الكلمة : هى الله متجلياً وهى عين الذات الإلهية لا غيرها وفى نفس الكتاب صفحة 143 رجع يركد الحقيقة بقوله الكلمة هى اللاهوت وما معنى اللاهوت هنا : هو طبيعة الله مثل طبيعة الإنسان نسميه الناسوت ومثلما قال سابقاً أن الكلمة هى الله متجلياً ..
                      ومثال عزيزى المشاهد عندما تتكلم فإن كلامك هو تجلى لعقلك وكلمة الله هى تجلى لعقل الله أو علم الله ..
                      ========================================
                      قلنا أيضًا من قبل إن صاحب كتاب "فصوص الحكم" هو محى الدين عربى الشهير بابن عربى، وهو رجل كافر،ويخلط القمص العالم بهذا الأمر اسمه مع الشيخ الجليل محى الدين العربى ، ليوهم القارىء المسيحى أنه يقيم الحجة على المسلمين من كتبهم. وليس هذا من باب الأمانة، بل من باب اتباع الكذب فى الدعوة الذى كان بولس ينتهجه: (7فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟) رومية 3: 7
                      وعن ”عقيدة ابن عربي وحياته” لتقي الدين الفاسي يقول أبو زرعة ابن الحافظ العراقى: ”لا شك في اشتمال "الفصوص" المشهورة على الكفر الصريح الذي لا شك فيه ، وكذلك "فتوحاته المكية"، فإن صحّ صدور ذلك عنه، واستمر عليه إلى وفاته: فهو كافر مخلد في النار بلا شك.“
                      ويقول ابن خلدون فى مقدمته: ”ومن هؤلاء المتصوفة: ابن عربي، وابن سبعين، وابن برّجان، وأتباعهم، ممن سلك سبيلهم ودان بنحلتهم، ولهم تواليف كثيرة يتداولونها ، مشحونة من صريح الكفر ، ومستهجن البدع ، وتأويل الظواهر لذلك على أبعد الوجوه وأقبحها ، مما يستغرب الناظر فيها من نسبتها إلى الملّة أو عدّها في الشريعة.“
                      وقال ابن تيمية "مجموع الفتاوي" ج:2 ص 143: ”مقالة ابن عربى صاحب فصوص الحكم وهى مع كونها كفرا فهو أقربهم إلى الاسلام لما يوجد في كلامه من الكلام الجيد كثيرا ولأنه لا يثبت على الاتحاد ثبات غيره بل هو كثير الاضطراب فيه وانما هو قائم مع خياله الواسع الذى يتخيل فيه الحق تارة والباطل أخرى والله أعلم بما مات عليه.“
                      أما قولك الذى تريد أن تصل به إلى تجلى عقل الله غير المحدود فى جسد إنسان محدود، فأنت تخطىء فى فهمك لمعنى التجلى. أنت تقول: (كلامك هو تجلى لعقلك وكلمة الله هى تجلى لعقل الله أو علم الله)، وتفهم أن التجلى هو حلول عقل الرب فى جسد الإنسان، وأنت مخير بين حلين: إما ذهب عقل الرب وتجسَّد ، وظل الرب بدون عقل ، وإمَّا استنسخ الرب عقله وأرسل نسخة منه تجسَّدت فى صورة الابن.
                      فتتجلى قدرة الله تعالى فى معجزات أنبيائه: فقد أحيا الموتى على يد حزقيال وعيسى عليهما السلام ، وأثبت أنه يقدر على خلق الإنسان من العدم ، فخلق آدم من طين ، ثم حواء من آدم ، ثم عيسى  من امرأة فقط دون رجل.
                      وتتجلى رحمته فى غفرانه لذنوب عباده ، وتوبته عليهم ، ويتجلى انتقامه فى هزيمة أعدائه على يد المؤمنين به المطيعين له، ويتجلى علمه فى آياته العلمية وعلمه الغيب والشهادة.
                      وقد أثبت الكتاب الذى تقدسه أن يسوع لديكم فاقد لكل هذه الصفات: فلم يعلم بموعد قيام الساعة، ولا بموعد إثمار التين، ولا المرأة التى لمسته وخرجت منه قوة، ولا أن ربه سيتركه يُصلب.
                      ولم يعلم أنه لا يوجد طير له أربعة أرجل (لاويين 11: 20 ، 23)، ولا أن الأرض ليست مربعة الشكل (حزقيال 7: 2)، ولا محمولة على أربعة أعمدة (أيوب 9: 6)، ولا أن الوبر والأرنب ليسا من الحيوانات المجترة (لاويين 11: 5)، ولا أن الرجال لا تأتيهم الدورة الشهرية على خلاف السيدات (لاويين 15: 1-15)!!
                      لكن أن يتجسَّد علم الله اللامحدود فى عقل بشرى محدود، ليُصبح جاهلا يتعلم من عبيده ، وينمو علمه على يديهم ، فهذا لا يقول به عاقل أو مؤمن يحترم إلهه ويُجلُّه ويقدسه. (40وَكَانَ الصَّبِيُّ يَنْمُو وَيَتَقَوَّى بِالرُّوحِ مُمْتَلِئاً حِكْمَةً وَكَانَتْ نِعْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ.) لوقا 2: 40 ، و(52وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ يَتَقَدَّمُ فِي الْحِكْمَةِ وَالْقَامَةِ وَالنِّعْمَةِ عِنْدَ اللهِ وَالنَّاسِ.) لوقا 2: 52
                      ومن كل ما ذكرنا يتضح لنا أن الذى تجسَّد ليس هو علم الرب ولا عقله ، حيث أثبتنا أن ما حدث ، إنما هو جهل وغباء وليس بعلم أو حكمة. فما هو الذى تجسَّد إذن؟
                      لو أنت أخلصت النية والبحث عزيزى المسيحى ستجد أن التجسُّد فى حد ذاته منقصًا للرب، والله قدوس، ولا يمكن أن يفعل إلا ما يتفق مع صفاته. حيث إن صفاته هى دستور ثابت بين الله تعالى وعباده، عرَّف لنا به نفسه، ولا يُخلف الله وعده. ولو سلمنا أن علمه سيتجسَّد ، فلماذا لا تتجسد رحمته؟ ولماذا لا تتجسد قدرته؟ ولماذا لا تتجسد محبته؟ ولماذا لا يتجسد بطشه بأعدائه؟ ولن نصل إلى عدد محدد من الآلهة ، ولن ينتهى عصر الوثنية مطلقًا.
                      * * *
                      التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 5 نوف, 2020, 05:49 م.

                      تعليق


                      • #12
                        يواصل القمص لفه ودورانه حول نقطة تجسُّد الإله ، ولم يأتينا بنص من كتابه يقول فيه يسوع إنه الله الكلمة المتجسِّد. وقد رددنا عليه فى هذه النقطة:
                        وهناك مفسرين آخرين هم المعتزلة وهم فرقة من فرق الإسلام المعروفة وكيف أنهم يشرحون تجلى لله لموسى فى الشجرة فى سورة القصص وفى سورة طه وسورة النمل .. يمكننا الآن أن نعيد الكلام للمشاهد بكلام قلناه سابقاً لأن التكرار يعلم الشطار . هل أتاك حديث موسى أنقضى الأجل " بمعنى أنهى المدة " ؟ وصار بأهله فأتت من جانب الطور ناراً { والطور هنا بمعنى جبل واسمه حتى الآن جبل الطور } لعلى آتيكم بخبر منها أو جذوة من النار لعلكم تستدفئون فلما أتاها نودى من شاطئ الوادى الأيمن فى البقعة المباركة من الشجرة يا موسى أخلع نعليك لأنك بالوادى المقدس طوى وحتى الآن يسمى وادى طوى وبالمناسبة الرئيس السابق كان يريد أن يبنى به مجمع أديان كنيسة ومسجد ومعبد يهودى ولم تنفذ الفكرة ..
                        ونكمل حديثنا فيقول له الله أخلع نعليك لأنك فى الوادى المقدس طوى إنى أنا الله رب العالمين وفى سورة طه نفس الكلام ويضيف لا إله إلا أنا وفى سورة النمل نفس الكلام ويضيف إليها بورك من فى النار ومن حولها … وأنا لا أشرح ذلك ولكن تعال معى ماذا يقول المعتزلة عن ذلك :
                        إن كلام الله تجلى فى الشجرة أو تجسد فيها والكلام ده موجود فى كتاب شيعه المعتزلة فى كتاب الملل والأهواء والمحن باب المعتزلة فإذن كلام الله تجلى وتجسد فى شجرة وبكلام وشهادة المعتزلة
                        ========================================
                        مازال يُصر القمص على تأويل المعتزلة المنزهية لله من التجسُّد ، ويدعى عليهم ما لم يؤمنوا به ، ولكن هذه هى عادته ، فلتحذروا!
                        ولو سلمت لك أن كلام الله تجلى فى شجرة ، فهل معنى هذا أن الله ذاته قد تجلى فى هذه الشجرة؟ ما الذى يمنعك أن تعتبر أن تجلى قوة الله فى شمشون أى ظهورها عليه؟ فما الذى يمنع الشجرة أن تنطق بأمر الله دون أن تكون هى الإله؟ ألا تعلم أننا نؤمن أنه فى آخر الزمان ، فى نزالنا الأخير ضد اليهود ، سينطق الحجر والشجر، يقول: يا عبد الله ، ورائى يهودى ن تعالى فاقتله ، إلا شجر الغرقد.
                        ألم تتكلم الأشجار فى كتابك؟ ألم يتكلم الحمار لى كتابك؟ فلماذا لا تتمسَّك بتأليهه؟
                        اقرأ حوار الأشجار ليتأكد لك فساد فكرك ومخالفة تحليلك لواقع كتابك: (8مَرَّةً ذَهَبَتِ الأَشْجَارُ لِتَمْسَحَ عَلَيْهَا مَلِكاً. فَقَالَتْ لِلّزَيْتُونَةِ: امْلِكِي عَلَيْنَا. 9فَقَالَتْ لَهَا الّزَيْتُونَةُ: أَأَتْرُكُ دُهْنِي الَّذِي بِهِ يُكَرِّمُونَ بِيَ اللَّهَ وَالنَّاسَ, وَأَذْهَبُ لأَمْلِكَ عَلَى الأَشْجَارِ؟ 10ثُمَّ قَالَتِ الأَشْجَارُ لِلتِّينَةِ: تَعَالَيْ أَنْتِ وَامْلِكِي عَلَيْنَا. 11فَقَالَتْ لَهَا التِّينَةُ: أَأَتْرُكُ حَلاَوَتِي وَثَمَرِي الطَّيِّبَ وَأَذْهَبُ لأَمْلِكَ عَلَى الأَشْجَارِ؟ 12فَقَالَتِ الأَشْجَارُ لِلْكَرْمَةِ: تَعَالَيْ أَنْتِ وَامْلِكِي عَلَيْنَا. 13فَقَالَتْ لَهَا الْكَرْمَةُ: أَأَتْرُكُ مِسْطَارِي الَّذِي يُفَرِّحُ اللَّهَ وَالنَّاسَ وَأَذْهَبُ لأَمْلِكَ عَلَى الأَشْجَارِ؟ 14ثُمَّ قَالَتْ جَمِيعُ الأَشْجَارِ لِلْعَوْسَجِ: تَعَالَ أَنْتَ وَامْلِكْ عَلَيْنَا. 15فَقَالَ الْعَوْسَجُ لِلأَشْجَارِ: إِنْ كُنْتُمْ بِالْحَقِّ تَمْسَحُونَنِي عَلَيْكُمْ مَلِكاً فَتَعَالُوا وَاحْتَمُوا تَحْتَ ظِلِّي. وَإِلاَّ فَتَخْرُجَ نَارٌ مِنَ الْعَوْسَجِ وَتَأْكُلَ أَرْزَ لُبْنَانَ!) قضاة 9: 8-15
                        اقرأ كلام الحمار: (23فَأَبْصَرَتِ الأَتَانُ مَلاكَ الرَّبِّ وَاقِفاً فِي الطَّرِيقِ وَسَيْفُهُ مَسْلُولٌ فِي يَدِهِ فَمَالتِ الأَتَانُ عَنِ الطَّرِيقِ وَمَشَتْ فِي الحَقْلِ. فَضَرَبَ بَلعَامُ الأَتَانَ لِيَرُدَّهَا إِلى الطَّرِيقِ. 24ثُمَّ وَقَفَ مَلاكُ الرَّبِّ فِي خَنْدَقٍ لِلكُرُومِ لهُ حَائِطٌ مِنْ هُنَا وَحَائِطٌ مِنْ هُنَاكَ. 25فَلمَّا أَبْصَرَتِ الأَتَانُ مَلاكَ الرَّبِّ زَحَمَتِ الحَائِطَ وَضَغَطَتْ رِجْل بَلعَامَ بِالحَائِطِ فَضَرَبَهَا أَيْضاً. 26ثُمَّ اجْتَازَ مَلاكُ الرَّبِّ أَيْضاً وَوَقَفَ فِي مَكَانٍ ضَيِّقٍ حَيْثُ ليْسَ سَبِيلٌ لِلنُّكُوبِ يَمِيناً أَوْ شِمَالاً. 27فَلمَّا أَبْصَرَتِ الأَتَانُ مَلاكَ الرَّبِّ رَبَضَتْ تَحْتَ بَلعَامَ. فَحَمِيَ غَضَبُ بَلعَامَ وَضَرَبَ الأَتَانَ بِالقَضِيبِ. 28فَفَتَحَ الرَّبُّ فَمَ الأَتَانِ فَقَالتْ لِبَلعَامَ: «مَاذَا صَنَعْتُ بِكَ حَتَّى ضَرَبْتَنِي الآنَ ثَلاثَ دَفَعَاتٍ؟» 29فَقَال بَلعَامُ لِلأَتَانِ: «لأَنَّكِ ازْدَرَيْتِ بِي. لوْ كَانَ فِي يَدِي سَيْفٌ لكُنْتُ الآنَ قَدْ قَتَلتُكِ». 30فَقَالتِ الأَتَانُ لِبَلعَامَ: «أَلسْتُ أَنَا أَتَانَكَ التِي رَكِبْتَ عَليْهَا مُنْذُ وُجُودِكَ إِلى هَذَا اليَوْمِ؟ هَل تَعَوَّدْتُ أَنْ أَفْعَل بِكَ هَكَذَا؟» فَقَال: «لا».) عدد 22: 23-30
                        (16وَلَكِنَّهُ حَصَلَ عَلَى تَوْبِيخِ تَعَدِّيهِ، إِذْ مَنَعَ حَمَاقَةَ النَّبِيِّ حِمَارٌ أَعْجَمُ نَاطِقاً بِصَوْتِ إِنْسَانٍ.) بطرس الثانية 2: 16
                        إنك تؤمن أن يسوع هو الله. وقد أثبت لك أنه يستحيل أن يتجسَّد علم الله فيه ، لجهله بأمور عديدة. فلن يتبق لك إلا تجسُّد ذات الله ، التى تعنى الوجود ، والمتحدة مع الابن والروح القدس فى شخص يسوع. ولو قلت بهذا ، ستكون أنزلت من قداسة الله ، وحجَّمته ، على الرغم من إيمانك أنه غير محدود، ولا يُمكن وضع اللامحدود فى الجسد المحدود ، كما تعبرون بذلك أنه لا يُمكن وضع ماء المحيط فى حفرة.
                        * * *
                        ويواصل القمص استشهاداته:
                        وسنذكر شاهد ثالث لأن الكلمة تقوم على شاهدين أو ثلاثة لأنه حتى بتثبيت الحلفانات يقول ثلاثة بالله العظيم ...
                        الحائطين وهى فرقة من فرق الإسلام فى نفس الكتاب الملل والأهواء والمحن: قال الإمام أحمد ابن الحائط إمام فرقة الحائطين عن المسيح فقال: أن المسيح تدرع بالجسد الجسمانى أى لبس أو أخذه درعاً أى تدرع بالجسد الجسمانى وهو الكلمة القديمة الأزلية متجسد كما قالت النصارى وهذا الكلام موجود فى كتاب الملل والمحن والأهواء والجزء الأول صفحة 77 وهذا هو المعنى لتجسد الكلمة .
                        وكما ضربنا أمثلة عديدة سابقة بأن تجلى أفكار وعلم الله فى صورة جسد أيضاً أفكارى أنا أستطيع تجسيدها عن طريق كتابتها بحبر على ورق فأعلنت الفكرة وأظهرت الفكرة وقرأت الفكرة .
                        فالله هنا يريد أن يعرفنا فكرة فبدلاً من أن يكتب على ورق كتب فى جسد إنسان وظهر فى جسد إنسان . مثال أحياناً الإنسان يكتب على ورق على جلد ، أو على صخر أو على عظم …. وهنا الله كتب على جلد وعظم إنسان وأنا لا أجد صعوبة فى فهم هذا الكلام عقلياً .
                        ولكن الإيمان القلبى يحتاج إلى لمسة من ربنا أى يحتاج إلى إشراقة نور فى القلب . لو كنت عزيزى المشاهد فى الوقت الحالى تريد أن تعرف وتشتاق إلى معرفة الله يمكنك أن تردد معى الآتى :
                        {{ يارب أنا أريد أن أعرف حقيقتك .. أنا أريدك أن تشرق بنورك فى قلبى .. أريد يارب أن تنير ذهنى .. وتعرفنى حقيقة الأمر وأِشرق فى قلبى ونور ذهنى والمسنى لمسة مغيرة حتى أغير أفكارى من نحوك وحتى أعرف حقيقة الأمر }}
                        الآن الله يستجيب للذى يطلب بإيمان وثقة ومن قلب مخلص الله الآن يستجيب .
                        ========================================
                        لم أعرف أن الكذب سيأخذ القمص زكريا بطرس لهذا الحد. فالبحث فى كتاب (الملل والنحل) للشهرستانى ، وفى كتاب (الفصل فى الملل والأهواء والنحل) لابن حزم البغدادى لم أعثر على أى شىء مما ذكره القمص ، فلا توجد طائفة تُدعى الحائطين ، ولا يوجد ذكر لمن يُسمَّى أحمد بن الحائط.
                        ويقول القمص مدللا على تجسُّد الرب: (أيضاً أفكارى أنا أستطيع تجسيدها عن طريق كتابتها بحبر على ورق فأعلنت الفكرة وأظهرت الفكرة وقرأت الفكرة.) فهل الكتابة بالله عليكم اتخذت جسدًا؟ ولو فكرتم أعزائى فيما قاله القمص ، وطبقناه تطبيقًا سليمًا ، لوصلنا أن هذا التجسد الفكرى كان فى كتاب الرب. لقد أظهر لنا الرب مراده فى الكتب التى يرسلها لنا مع رسله. فيكون الرب قد أعلن مراده ، وأظهره لنا ، ويمكننا قراءة مراده.
                        فما علاقة هذا بتحوُّل الرب نفسه إلى جسد آدمى؟
                        ما علاقة هذا بتجسُّد القوة المطلقة والقدرة اللامحدودة فى جسد إنسان محدود القدرة والعقل والعلم والجسم؟
                        فيا (1لَيْتَكُمْ تَحْتَمِلُونَ غَبَاوَتِي قَلِيلاً!) كورنثوس الثانية 11: 1
                        {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (67) سورة الزمر
                        * * *
                        وتواصل فيبى عبد المسيح حوارها حول التجسُّد:
                        المذيع: سؤال نحن نقول أن كلمة الله تجسد فى المسيح وقلت سابقاً أن كلمة الله هى عقل الله فكيف يتجسد عقل الله فى إنسان ، وهنا يأتى التساؤل : هل الله سبحانه بدون عقل فى السماء عندما كان عقله متجسداً فى المسيح على الأرض ؟ وهل كان الله بدون عقل فى السماء حتى عندما قُبَّر المسيح ؟ كيف كان حال الدنيا آن ذاك ؟
                        الإجابة: فعلاً هذا سؤال يتردد على الأذهان كثيراً وعلى الإنسان أن يفكر بحرية ومن حق الإنسان أن يتساءل لأنه لا توجد معرفة بدون تساؤل طالما الإنسان يسأل فهو سيعرف وإذا كتم الإنسان الأسئلة فكيف سيعرف والذى يسأل إذاً هو مفكر وقال فيلسوف مشهور أنا أفكر إذن أنا أشك إذن أفكر إذن أنا موجود لماذا لأن الشك يقودنى إلى التفكير والتفكير يقودنى إلى البحث والمعرفة وهذا يكمل كلامى ووجودى ولابد للإنسان أن يسأل وإنه من العيب آلا يسأل .
                        وهنا ماذا يقول المنطق .. المسيح كلمة الله بمعنى عقله وتقول أن كلمة المسيح تجسد فى جسد إنسان بمعنى أن عقله فى جسد إنسان فهل الله كان فى السماء بدون عقل فبالطبع التساؤل ناتج عدم وعى بالكامل … فأنا أسأل الآن السائل هل عقلك ممكن أن ينفصل عن وجودك بالطبع لا … فحيثما ما وجدت كلمة الله وجد الله ..
                        وهذه آية فى الكتاب المقدس فى سفر الأمثال تقول " حيثما وجد كلمة الله فهناك هو لأن الله غير محدود وعقله غير محدود فحيثما وجد العقل وجد الله لأن الله موجود فى كل مكان ولا يحده مكان ومتجلى فى هذا الجسد .
                        ========================================
                        رحماك يا ربى!
                        إن إجابة القمص تنصب على وجود الرب فى كل مكان، وبالتالى فهو موجود فى السماء، وموجود على الأرض. ولكنه أخطأ فى أنه يعتبر أن الله موجود بذاته فى كل مكان. وعبارة فى كل مكان لا يستثنى منها الأماكن النجسة ولا الخربة، حتى أنه قال فى محاضرة أو مداخلة له على النت أنه موجود فى الأمعاء الغليظة.
                        ونحن المسلمون نُخالفه فى هذا المفهوم ، فالله تعالى موجود فى كل مكان بعلمه ، وبرحمته وبقدرته، وبعفوه، و ... و ... وليس بذاته. وذلك لأن كل مكان سيحل (سيتجسد) فيه الرب، لابد أن يكون هذا المكان أكبر منه ليدخل فيه. والله تعالى هو الأكبر. كما أن الله هو العلى الأعلى ، فلا ينزل ولا يهبط ولا يكبره شىء.
                        لكن ليس هذا هو السؤال عزيزى زكريا. إن السؤال يقول: لقد تجسَّد عقل الرب، فكيف بقى الرب بلا عقل؟
                        وعندما دُفن يسوع الذى هو الأب والروح القدس فمن الذى كان يحكم العالم؟ وماذا فعل يسوع وأبوه بعد أن مات العقل بموت الإله ومكوثه فى القبر ثلاثة أيام؟ هل يريد مخترع هذه النظرية أن يقول إنه لا يوجد إله لهذا الكون، وإن وجد فهو فاقد العقل؟
                        وإذا كان يسوع يتكلم دائمًا عن أبيه الذى فى السماوات، فكيف كان يُخاطب ويرجو ويتضرع ويدعو شخصًا فقد عقله؟ ألا يدل هذا على فقدان يسوع نفسه للعقل والمنطق؟
                        وهل كان الأب يخلق فى السماء ويدير كونه بدون عقل؟ هل كان يعتقد أن وظيفته لا تحتاج لعقل ، فتخلى عنه لابنه؟
                        ثم كيف يكون عقل الرب هو ذات الرب نفسه؟
                        وإذا جاز أن يتجسد عقل الرب ، فلما لا تتجسد رحمته أو عدله أو قدرته أو غفرانه؟
                        * * *

                        يواصل القمص مستميتًا لإثبات تجسد الإله قائلاً:
                        وكما قلنا مثل سابق من القرآن لما تجلى الله لموسى فى الجبل وفى الشجرة فإذا كان الله متجلى فى الشجرة إذن هو غير موجود فى مكان آخر ؟
                        وإذا تعمقنا فى كتب الإسلام جيداً نلاحظ فى حديث عن الرسول يقول : إن الله فى الثلث الأخير من الله ينزل إلى السماء الدنيا ... فتأمل معى يا عزيزى ينزل إلى السماء الدنيا وهل ترك السماء العليا ومن فيها عندما نزل ؟
                        فالكلام لا يؤخذ بهذا المفهوم لأن الله موجود فى كل مكان ولكنه يترآى فى مكان معين ويظهر فى مكان معين آخر ولكنه موجود فى كل مكان .
                        والملخص أن الله موجود فى كل مكان وعقله يتجلى ويظهر فى موضع معين وفى مكان معين وهذا لا يمنع وجوده فى كل مكان .
                        ========================================
                        وقلنا له إن تجلى الله تعالى للجبل أى ظهور بدايات نوره ، ولم يتجسَّد فى الجبل. وحتى المنطق يفرض هذا الفهم ، إذ كيف يقول الله تعالى لموسى  إن الجبل لن يستقر مكانه، ولن ترانى ، ثم يتجسَّد فى الجبل ويخر الجبل عليه؟!!
                        وكذلك سمع موسى  صوت الله من الشجرة ، وهذا لا يدل على أن الرب قد تجسَّدَ فى الشجرة ، كما يتمنى القمص زكريا ، ليُدلِّل على صحة عقيدة التجسُّد الوثنية.
                        والمفروض أن يكون هذا هو إيمانك عزيزى زكريا ، لأنه يتفق مع المبادىء الأولية للإيمان فى كتابك:
                        وقال موسى  لقومه: (12فَكَلمَكُمُ الرَّبُّ مِنْ وَسَطِ النَّارِ وَأَنْتُمْ سَامِعُونَ صَوْتَ كَلامٍ وَلكِنْ لمْ تَرُوا صُورَةً بَل صَوْتاً. … .. 15فَاحْتَفِظُوا جِدّاً لأَنْفُسِكُمْ. فَإِنَّكُمْ لمْ تَرُوا صُورَةً مَا يَوْمَ كَلمَكُمُ الرَّبُّ فِي حُورِيبَ مِنْ وَسَطِ النَّارِ. 16لِئَلا تَفْسُدُوا وَتَعْمَلُوا لأَنْفُسِكُمْ تِمْثَالاً مَنْحُوتاً صُورَةَ مِثَالٍ مَا شِبْهَ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى.) تثنية 4: 12 ، 15
                        وعندما طلب موسى من الله أن يراه: (20وَقَالَ: «لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَرَى وَجْهِي لأَنَّ الْإِنْسَانَ لاَ يَرَانِي وَيَعِيشُ») خروج 33: 20
                        ويؤكد سفر إشعياء قائلاً: (حقاً أنت إله محتجب يا إله إسرائيل) إشعياء 45: 15
                        وقال يوحنا: (اَللَّهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ.) يوحنا 1: 18
                        ويؤكد بولس أن الله لم يره أحد قط ، ولم يمت ، بل لم يدن منه أحد: (16الَّذِي وَحْدَهُ لَهُ عَدَمُ الْمَوْتِ، سَاكِناً فِي نُورٍ لاَ يُدْنَى مِنْهُ، الَّذِي لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَاهُ، الَّذِي لَهُ الْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ الأَبَدِيَّةُ. آمِينَ.) تيموثاوس الأولى 6: 16
                        ويحذرك كتابك أن تجرى وراء أوهام ، وتعبد المخلوق دون الخالق، وتستبدل مجد الله الذى لا يفنى بصورة الإنسان الذى يفنى. لأن أمثال هؤلاء سيسلمهم الله لأهواء الهوان: (21لأَنَّهُمْ لَمَّا عَرَفُوا اللهَ لَمْ يُمَجِّدُوهُ أَوْ يَشْكُرُوهُ كَإِلَهٍ بَلْ حَمِقُوا فِي أَفْكَارِهِمْ وَأَظْلَمَ قَلْبُهُمُ الْغَبِيُّ. 22وَبَيْنَمَا هُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ حُكَمَاءُ صَارُوا جُهَلاَءَ 23وَأَبْدَلُوا مَجْدَ اللهِ الَّذِي لاَ يَفْنَى بِشِبْهِ صُورَةِ الإِنْسَانِ الَّذِي يَفْنَى وَالطُّيُورِ وَالدَّوَابِّ وَالزَّحَّافَاتِ. 24لِذَلِكَ أَسْلَمَهُمُ اللهُ أَيْضاً فِي شَهَوَاتِ قُلُوبِهِمْ إِلَى النَّجَاسَةِ لإِهَانَةِ أَجْسَادِهِمْ بَيْنَ ذَوَاتِهِمِ. 25الَّذِينَ اسْتَبْدَلُوا حَقَّ اللهِ بِالْكَذِبِ وَاتَّقَوْا وَعَبَدُوا الْمَخْلُوقَ دُونَ الْخَالِقِ الَّذِي هُوَ مُبَارَكٌ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ. 26لِذَلِكَ أَسْلَمَهُمُ اللهُ إِلَى أَهْوَاءِ الْهَوَانِ) رومية 1: 21-26
                        * * *
                        أما بالنسبة لحديث نزول الله تعالى فى النصف أو الثلث الأخير من الليل:
                        ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ، ‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏قَالَ: (يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ وَمَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ) (صحيح مسلم 1261)
                        ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ، ‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏قَال:‏ (‏يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ كُلَّ لَيْلَةٍ، فَيَقُولُ: مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ ‏‏ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ فَلِذَلِكَ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ صَلَاةَ آخِرِ اللَّيْلِ عَلَى أَوَّلِهِ) (سنن ابن ماجه 1356)
                        يتفق أهل السنة والجماعة من المسلمين أن الله تعالى هو العلى الأعلى، فلا يترك عرشه، كما يدعى المسيحيون عن إلههم، وأنه ليس كمثله شىء ، وأنه قدوس، لا يُهان ، حىٌ لا يموت، ولا يفعل إلا ما يليق بجلال وجهه ، وعظيم سلطانه ، فلا يتجسَّد، ولا يتضاءل، ولا يتحيَّز، ولا يحده زمان أو مكان، ولا يُشرك فى أمره أحد، فهو المهيمن وحده على الأمور كلها من خلق وإحياء وإماتة، ورزق ، ونصر.
                        ويجب أن نتفق على ثوابت فى فهم هذا الحديث:
                        1- أى ثلث من الليل ينزل الله فيه؟ هل الليل والنهار تتفق فى جميع أركان الأرض؟ فالليل هنا ، قد يعنى النهار فى مكان آخر. وعلى ذلك يكون ثلث الليل هذا دائم ديمومة تعاقب الشمس والقمر. ومعنى ذلك أن الله سيترك عرشه إلى الأبد، ولن يصعد عليه، إذا أخذنا بفهم القمص زكريا بطرس، أو سيكون فى حركة مكوكية صعودًا ونزولاً. وهذا لا يليق بالله ، وهو ليس كذلك.
                        2- إن نزول الله تعالى يعنى الهبوط من أعلى إلى أسفل، وهذا لا يليق بجلال وجهه ، ولا بعظيم سلطانه ، فهو الله العلى الأعلى.
                        3- إن النزول يتطلب الجسمية، فهو من صفات الأجسام والمحدَثاتِ، وذلك على الله تعالى مُحال، لأنه لا يتفق مع أسمائه الحسنى.
                        4- يقول الله تعالى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} (255) سورة البقرة، فكيف من وسع كرسيه السماوات والأرض، ينزل من السعة إلى ضيق الحياة الدنيا؟ فإن هذا يتطلب أن يتنازل الرحمن تعالى عن ذلك علوًا كبيرًا، عن صفته أنه الأكبر، ليتضاءل حتى تسعه السماء الدنيا،أو يوسِّع السماء الدنيا، لتكون بحجم عرشه لتسعه. وليس من الإيمان ظن أحد الاثنين فى الله تعالى.
                        5- هل نزول الله يستلزم نزوله بذاته؟ أم من الممكن أن يكون النازل هى رحمته، وغفرانه، أى صفة من صفات الله يُرغِّب بها عبده للتوبة، ليتوب عليه ، ويدخله جناته. لتصلح دنياه وآخرته؟ {قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى} (110) سورة الإسراء
                        6- قال الله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} (1) سورة القدر، فهل أنزله الله تعالى بنفسه، أم أرسل به ملاكه، وكان هو الفاعل بأمره؟ بالطبع لم ينزل الله تعالى بنفسه، فهذا لا يليق بجلال وجهه،ولا بعظيم سلطانه. ولو ظن أحد أن الله تعالى نزل بنفسه لينزله ، فقد شبَّه الله تعالى بخلقه.
                        7- قال الله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} (18) سورة القيامة، فهل الله تعالى هو الذى قرأه بنفسه ، أم قرأه ملاكه جبريل على الرسول ؟ بالطبع قرأه جبريل  بأمر الله تعالى. فمن يظن أن الله كان يقرأ على الرسول القرءانَ كما يقرأ المعلمُ على التلميذ فقد شبه الله بخلقه.
                        8- قال الله تعالى: {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا} (7) سورة مريم ، فالبشارة من الله تعالى ، ولكن الذى نزل بها هو ملاكه. وعلى ذلك فإن نزول الله تعالى تعنى نزول رحمته وغفرانه وودَّه لعباده، الذين تركوا نومهم وراحتهم ليبتغوا فضلا من الله ورضوانًا، وذلك عن طريق ملائكته.
                        وهذا يتطابق مع تفسير أهل السُنَّة الذين ينـزهون اللهَ تعالى عن الجهة والحد. وهذا النـزولُ عندهم ليس نزولاً حسيًا ، يترك فيها الله تعالى عرشه ، أو يكون أقنومًا فى السماء وآخرًا على الأرض، بل عبارة عن نزولِ ملائكة الرحمة إلى السماء الدنيا بأمر الله على حَسَب ليلِ كلِ أرض. هؤلاء ينـزلون ثم يبلّغون عن الله يقولون "إن ربكم يقول هل من داع فأستجيب له هل من مستغفر فأغفر له هل من سائل فأعطيهُ. هم يبلّغون عن الله بأمره ذلك إلى أن يطلع الفجر.
                        وهذا التأويلُ أخذوه من رواية النَّسائي: "إن الله يمهل حتى يمضيَ شطرُ الليلِ الأول ثم يأمر مناديًا ينادى: هل من داعٍ فيستجاب له وهل من سائلٍ فيعطيَه" هذه الروايةُ وهي الصحيحةُ تفسر الروايةَ الأخرى. لأن نزولَ الملائكة لمكان بأمر الله ليبلّغوا عنه عبّر الرسولُ عن ذلك بوحي من الله بعبارة: "ينـزلُ ربنا" إلى ءاخره. كلتا العبارتين أُوحي بهما إليه ولذلك نظير في القرءان، قال الله تعالى في حق آدمَ وحواءَ {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ} (22) سورة الأعراف، فإن المعنى أن الملَكَ بلّغهما ذلك عن الله ليس المعنى أن آدمَ وحواءَ سمِعا ذلك من الله لأن آدم لم يكن نبيًا في ذلك الوقت.
                        ولو اتبع القمص زكريا بطرس هذه القواعد من كتابه لنفى عن إلهه التحيُّز والتجسُّد. يقول الكتاب الذى يقدسه القمص زكريا بطرس: إن الله ليس كمثله شىء، بل يؤنب الله تعالى من يقول بوجود شبه له أو إنه يتجسَّد أو يتشبَّه بأحد من خلقه: (لَيْسَ مِثْلُ الرَّبِّ إِلَهِنَا.) خروج 8: 10،
                        (26«ليْسَ مِثْل اللهِ يَا يَشُورُونُ.) تثنية 33: 26
                        (6لاَ مِثْلَ لَكَ يَا رَبُّ! عَظِيمٌ أَنْتَ وَعَظِيمٌ اسْمُكَ فِي الْجَبَرُوتِ.) إرمياء 10: 6
                        (5بِمَنْ تُشَبِّهُونَنِي وَتُسَوُّونَنِي وَتُمَثِّلُونَنِي لِنَتَشَابَهَ؟) إشعياء 46: 5
                        (20يَا رَبُّ لَيْسَ مِثْلُكَ وَلاَ إِلَهَ غَيْرُكَ) أخبار الأيام الأولى 17: 20
                        وأنه وسع كرسيه السماوات والأرض: (27لأَنَّهُ هَلْ يَسْكُنُ اللَّهُ حَقّاً عَلَى الأَرْضِ؟ هُوَذَا السَّمَاوَاتُ وَسَمَاءُ السَّمَاوَاتِ لاَ تَسَعُكَ، …) ملوك الأول 8: 27
                        وما قلته لك يتناسب مع المفهوم السليم لكتابك. فقد يتكلم بولس عن أناس ينقادون بروح الله، أى بعناية الله وحفظه ومحبته، وليس المقصود منها أن تتلبسهم روح الله، ويمشون بها:
                         رومية 8: 14 (14لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ.)
                        ويقول أيضًا إن الأبرار، قد ولدوا من الله، أى هم أهل الله وخاصته، وإن الأشرار ولدوا من إبليس ، أى هم أهل إبليس وخاصته.
                         (7أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، لاَ يُضِلَّكُمْ أَحَدٌ. مَنْ يَفْعَلُ الْبِرَّ فَهُوَ بَارٌّ، كَمَا أَنَّ ذَاكَ بَارٌّ. 8مَنْ يَفْعَلُ الْخَطِيَّةَ فَهُوَ مِنْ إِبْلِيسَ، لأَنَّ إِبْلِيسَ مِنَ الْبَدْءِ يُخْطِئُ. لأَجْلِ هَذَا أُظْهِرَ ابْنُ اللهِ لِكَيْ يَنْقُضَ أَعْمَالَ إِبْلِيسَ. 9كُلُّ مَنْ هُوَ مَوْلُودٌ مِنَ اللهِ لاَ يَفْعَلُ خَطِيَّةً، لأَنَّ زَرْعَهُ يَثْبُتُ فِيهِ، وَلاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُخْطِئَ لأَنَّهُ مَوْلُودٌ مِنَ اللهِ. 10بِهَذَا أَوْلاَدُ اللهِ ظَاهِرُونَ وَأَوْلاَدُ إِبْلِيسَ. كُلُّ مَنْ لاَ يَفْعَلُ الْبِرَّ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ) يوحنا الأولى 3: 7-10
                         (18نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَنْ وُلِدَ مِنَ اللهِ لاَ يُخْطِئُ، بَلِ الْمَوْلُودُ مِنَ اللهِ يَحْفَظُ نَفْسَهُ، وَالشِّرِّيرُ لاَ يَمَسُّهُ.) يوحنا الأولى 5: 18
                        بل تتصاعد درجة التقوى والورع حتى أطلق داود على المؤمنين آلهة:
                         مزامير 82: 6-7 (6أَنَا قُلْتُ إِنَّكُمْ آلِهَةٌ وَبَنُو الْعَلِيِّ كُلُّكُمْ. 7لَكِنْ مِثْلَ النَّاسِ تَمُوتُونَ وَكَأَحَدِ الرُّؤَسَاءِ تَسْقُطُونَ.)
                        واستعمل يسوع نفس هذا التعبير فى مخاطبة بنى إسرائيل: (31فَتَنَاوَلَ الْيَهُودُ أَيْضاً حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ. 32فَقَالَ يَسُوعُ: «أَعْمَالاً كَثِيرَةً حَسَنَةً أَرَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَبِي - بِسَبَبِ أَيِّ عَمَلٍ مِنْهَا تَرْجُمُونَنِي؟» 33أَجَابَهُ الْيَهُودُ: «لَسْنَا نَرْجُمُكَ لأَجْلِ عَمَلٍ حَسَنٍ بَلْ لأَجْلِ تَجْدِيفٍ فَإِنَّكَ وَأَنْتَ إِنْسَانٌ تَجْعَلُ نَفْسَكَ إِلَهاً» 34أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَلَيْسَ مَكْتُوباً فِي نَامُوسِكُمْ: أَنَا قُلْتُ إِنَّكُمْ آلِهَةٌ؟ 35إِنْ قَالَ آلِهَةٌ لِأُولَئِكَ الَّذِينَ صَارَتْ إِلَيْهِمْ كَلِمَةُ اللَّهِ وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يُنْقَضَ الْمَكْتُوبُ ) يوحنا 10: 31-35
                        وعلى ذلك، عزيزى القمص، فقد فشلت أيضًا فى جر الإسلام للإيمان بتجسُّد الإله ، كما فشلت فى إثباته من كتابك. أما ما خلصت إليه بقولك: (والملخص أن الله موجود فى كل مكان وعقله يتجلى ويظهر فى موضع معين وفى مكان معين وهذا لا يمنع وجوده فى كل مكان). فمعنى أن الرب موجود فى كل مكان ، ويظهر عقله فى مكان معين ، أن الرب فى الأماكن الأخرى بدون عقل. فما قيمة وجوده فى هذه الأماكن الأخرى بدون عقل؟
                        عزيزى القمص زكريا بطرس: أنت لا تعرف حق قدر الله ، وينطبق عليك قول الله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (67) سورة الزمر
                        * * *
                        خلصت فيبى عبد المسيح إلى أن السؤال الذى لم يجب عليه القمص هو سؤال خاطىء، ووافقها القمص على سذاجته:
                        المذيع: إذن يا أبونا عندما يسألنا أحباءنا المسلمين هذا السؤال فطريقة إلقاء السؤال أصلاً خطأ وهذا السؤال غير منطقى .
                        الإجابة: بالطبع هذا سؤال ساذج ...
                        ========================================
                        فكيف يُطرح السؤال إذن؟ لم تخبرنا ، ولم يُخبرنا هو الآخر.
                        * * *
                        تنهى فيبى عبد المسيح حلقتها السادسة بقولها:
                        المذيع: قدسك تكلمت بالدليل من الإنجيل والقرآن لذا نرجو من قدسك أن تعطينا ملخصاً بسيطاً لما قبل .
                        الإجابة: تكلمنا عن ما هو المسيح وقلنا أنه كلمة الله متجسد فى إنسان والإنجيل يقول أن الكلمة " عقل الله " صار جسداً والقرآن نفس المعنى "مبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم ولاحظنا جميع العلماء والفقهاء من الثلاثة أمثلة التى أعطيناها يقولون أن الكلمة هو الله متجلياً والمسيح هو كلمة الله الأزلى ومثلما فكرى يتجسد فى ورقة وقلم هكذا فكر الله يتجسد فى جسد إنسان وهذا منتهى الاختصار. أرجو أن حبيبنا المسلم يستخدم عقله ويحاول يفهم وإذا لم يفهم يا ليته يسأل .
                        أن تدعى المذيعة أن القمص تكلم بالدليل من الإنجيل والقرآن على تجسُّد الله فهذا دليل على إمَّا عدم فهمها أو قدرتها على النقاش، وإمَّا على تآمرهما على إحكام هذه المسرحية الهزلية.
                        وأن يدعى القمص الصادق الأمين، الذى لا يكذب ، ولا يتبع بولس فى نشر دعوته أن العلماء والفقهاء أجمعوا على أن كلمة الله تجلت ، ويقصد بها تجسَّدت، فسأترك لكم الحكم عليه. فقد قال: (ولاحظنا جميع العلماء والفقهاء من الثلاثة أمثلة التى أعطيناها يقولون أن الكلمة هو الله متجلياً)
                        ويستخدم القمص تعبير غريب على الأذن (ومثلما فكرى يتجسد فى ورقة وقلم هكذا فكر الله يتجسد فى جسد إنسان). ما معنى تجسد فكرى فى ورقة وقلم؟ هل تعنى أننى أظهرته فى ورقة وقلم؟ فلو تقصد هذا ، لكان موضوع التجسُّد هذا قد أمرضك ، فأصبحت لا ترى غيره ، ولا تسمع سواه ، ولا تتمنى أن تعرف شيئًا فى الدنيا إلا هو.
                        وتذكرنى بمن يريد أن يثبت صحة عقيدة التثليث فى الإسلام ، فيقول إنكم تحلفون بالله العظيم ثلاثًا ، وتطلقون الزوجة ثلاث طلقات ، وتقولون باسم الله الرحمن الرحيم. بل ذهب أحدهم ليُثبت أن أصل الأشياء فى الكون هو الثالوث ، فشبه إلهه بالحذاء: فهو يتكون من نعل ووجه ورباط. ونسى أن هناك أحذية ثنائية الأقانيم بدون رباط!!
                        عزيزى القمص: إن تعبيرك غير سليم. فلم يتجسد فكرى فى ورقة وقلم ، ولكن سجلت فكرى بالقلم على الورقة. فكان القلم والورقة هم الأدوات التى استعملتها فى إظهار فكرى. وكذلك كان عيسى  ، عبد الله ورسوله، هو الأداة التى استعملها الله تعالى لإظهار مراده وتعاليمه إلينا.
                        * * *
                        المذيع: أرجو فى الختام أبونا أن نركز على الآيات حتى يرجع إليها أحباءنا فى الإسلام .. فهى سورة النساء – آية 171 وسورة آل عمران آية 35 – وسورة القصص - وسورة طه – وسـورة النمل ...
                        يارب عرفنى الطريق حتى أسلك فيه ..
                        ارشدى إلى الحق فأتبعه ..
                        خذ بيدى واهدنى إلى معرفتك يا إلهى الحى ...
                        ========================================
                        انتهت الحلقة السادسة دون أن يُحدد القمص أى إله من الثلاثة يُطالبنا أن ندعوه أن يعرفنا الطريق المستقيم ، ويرشدنا إلى الحق. ولكننى أعتقد أنه يقصد إله يسوع، الذى خلقه ، وجعله بكر كل خليقة ، والذى كان يعبده يسوع ويتبتَّل إليه ويصلى له الليل كله، ولا يفعل إلا ما يُرضيه، ولا يُبلِّغ إلا ما يأمره به، الله الذى فى السماوات:
                        (إِلَهِي إِلَهِي لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟) متى 27: 46
                        (إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى أَبِي وَأَبِيكُمْ وَإِلَهِي وَإِلَهِكُمْ.) يوحنا 20: 17
                        (12وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ خَرَجَ إِلَى الْجَبَلِ لِيُصَلِّيَ. وَقَضَى اللَّيْلَ كُلَّهُ فِي الصَّلاَةِ لِلَّهِ.) لوقا 6: 12
                        (39ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَكَانَ يُصَلِّي ) متى 26: 39
                        (41وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى.) لوقا 22: 41
                        (29وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي لأَنِّي فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ».) يوحنا 8: 29
                        (وَلاَ تَدْعُوا لَكُمْ أَباً عَلَى الأَرْضِ لأَنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ)متى 23: 9
                        (9«فَصَلُّوا أَنْتُمْ هَكَذَا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ.) متى 6: 9
                        (لأَنَّ أَبَاكُمُ السَّمَاوِيَّ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هَذِهِ كُلِّهَا.) متى 6: 32
                        ويقول أيضًا: (24«اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ.) يوحنا 5: 24، والحياة الأبدية هى الخلود فى الجنة.
                        (3وَهَذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ. 4أَنَا مَجَّدْتُكَ عَلَى الأَرْضِ. الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ.) يوحنا 17: 3-4
                        وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
                        ‏سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ


                        علاء أبو يكر
                        التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 5 نوف, 2020, 05:49 م.

                        تعليق

                        مواضيع ذات صلة

                        تقليص

                        المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                        ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ أسبوع واحد
                        ردود 0
                        22 مشاهدات
                        0 معجبون
                        آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                        بواسطة *اسلامي عزي*
                         
                        ابتدأ بواسطة زين الراكعين, منذ 3 أسابيع
                        ردود 0
                        24 مشاهدات
                        0 معجبون
                        آخر مشاركة زين الراكعين  
                        ابتدأ بواسطة زين الراكعين, 9 مار, 2024, 05:43 م
                        ردود 0
                        56 مشاهدات
                        0 معجبون
                        آخر مشاركة زين الراكعين  
                        ابتدأ بواسطة زين الراكعين, 5 مار, 2024, 10:20 ص
                        ردود 3
                        44 مشاهدات
                        0 معجبون
                        آخر مشاركة زين الراكعين  
                        ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 23 ينا, 2024, 11:53 م
                        ردود 0
                        15 مشاهدات
                        0 معجبون
                        آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                        بواسطة *اسلامي عزي*
                         
                        يعمل...
                        X