علوم القرآن من خلال مقدمات التفاسير من نشأتها إلى نهاية القرن الثامن الهجري

يدرس هذا الكتاب مضامين مقدمات التفاسير من نشأتها إلى نهاية القرن الثامن الهجري، خاصة المطبوعة، ويبين ما تضمنته من خلاصة أفكار المفسرين وزبدة آرائهم حول كثير من مسائل علوم القرآن ومباحثه. وهي آراء لم تطرق بعضها للبحث والنقاش . ولهذه الدراسة أهمية أخرى تكمن في معرفة تطور علوم القرآن ومباحثه عند المفسرين. كما تبين تأثر المفسرين بعضهم ببعض.

5

أعتقد أنني سلطت الضوء عليها بنور كاشف هادئ لا يؤذي الناظر ، وأحسبني توفقت إلى حد كبير في مسألة تدوين التفسير وتاريخه وأمية العرب وكتابتها ، وفي الأحرف السبعة التي أنزل عليها القرآن ، وفي جمع القرآن ...الخ

كتب الدكتور عبد الرحمن الشهري تلخيص عن كتاب علوم القرآن من خلال مقدمات التفاسير من نشأتها إلى نهاية القرن الثامن الهجري من أصول التفسير، وكان مما قال:

اهتم العلماء منذ القديم بمضامين مقدمات التفاسير ، فقد ضمنوها خلاصة أفكارهم ، وزبدة آرائهم حول كثير من مسائل علوم القرآن ومباحثه ، وهي أراء لم تطرق بعضها للبحث والنقاش ، وعلوم القرآن إنما يعتنى بها ، وتعطى هذه المكانة والأهمية لأنها توصل إلى معرفة مراد الله تعالى من كلامه للعمل بمقتضاه ، ولكون المفسر قد طرق هذه الأبواب ، وأدلى بدلوه في بيان معاني الآيات ، كان من الضروري دراسة هذه المقدمات دراسة جادة ، ومحاولة الغوص فيها لإبراز الدقائق العلمية في ثناياها ، ومن ثم معرفة مواقف المفسرين من مسائل علوم القرآن ليتبين مدى معرفة المفسر بالعلوم المعينة على فهم كتاب الله الفهم الصحيح ، وليتبين بالتالي مدى إصابة المفسر القول في بيان مراد الله.


ولهذه الدراسة أهمية أخرى تكمن في معرفة تطور علوم القرآن ومباحثه عند المفسرين ، وذلك لأن المفسر قد ضمن مقدمته رأيه في بعض المسائل ، فجاء اللاحق ليتابع السابق فيما قاله وأثبته ، وليستدرك عليه ما لم يقله مما هو مطلوب قوله ، كما يبين تأثر المفسرين بعضهم ببعض ، وغير ذلك مما يتبين منه للقارئ تطور هذه المسائل عند المفسرين.
ثم إن المقدمات هي أول المصنفات التي جمعت أكثر من موضوع من موضوعات علوم القرآن في موضع واحد ، فهي النواة الأولى للتصنيف الموسوعي في علوم القرآن ، وهذا جانب هام.
ولاشك أن بحثاً يضم مثل هذه المعلومات ، ويبين ما كتبه علماؤنا الأجلاء يسهل على طلبة العلم الراغبين في فهم القرآن كثيراً من الوقت والجهد ، ويضع بين أيديهم بإذن الله جهداً جاداً في بيان بعض الموضوعات التي كثر الجدل حولها ، وتباينت الآراء بشأنها.
وبإيجاز يمكن القول : إن أهمية مقدمات التفاسير تنبع من الآتي:
1- أنها النواة الأولى للتصنيف الموسوعي في علوم القرآن.
2- أنها تضمنت كثيراً من الأحاديث والآثار المتعلقة بعلوم القرآن ، والتي رواها المفسرون بأسانيدهم.
3- أنها حوت أقوال وآراء المفسرين في كثير من علوم القرآن ومسائله.
4- أنها تضمنت ردود ومناقشات المفسرين المتأخرين لآراء وأقوال أسلافهم المتقدمين ، فكان في ذلك تحرير لكثير من المسائل المختلف فيها ، وسيمر بالقارئ في الباب الثالث ، كثير من تلك المناقشات.
5- التسهيل والتيسير على القارئ في التفسير ، حيث يجد القارئ مبتغاه وما أشكل عليه من مراد المؤلف بين يديه ، فلا يلجأ إلى غيره لتوضيح ذلك.
6- أنها تقوي المعارف لدى القارئ لحسن الدفاع عن حمى الكتاب العزيز ، دون الحاجة إلى الخوض في غمار المطولات من المصنفات.
7- أنها علامة هامة في بيان تطور علوم القرآن.

* الخاتمة ونتائج الدراسة :
ما سبق جولة في بطون العديد من المصنفات ، استغرقت مني ما يقرب من نيف وثلاث سنين ، بذلت خلالها من الجهد ما الله به عليم ، ولا شك أن هذه الجولة الطويلة في بطون المصنفات والمراجع ، والعيش مع العلماء بمعايشة سيرتهم وتتبع أخبارهم ، ثم تكرار النظر وإدامته في مقدمات تفاسير من شملتهم الفترة المقررة لهذا البحث من المفسرين ، كل تلك الأمور جعلتني أخرج بنتائج عديدة ولله الحمد ، وأذكر من تلك النتائج:
1- إن نشأة العلوم الإسلامية كانت مواكبة للدعوة ، على خلاف ما يذكره جل المصنفين من تأخره إلى القرنين الثاني والثالث ، فرسول الله  منذ أن صدع بوحي الله  ، وتحدث عن نزول الآيات ، نشأ علم نزول الوحي ، وعلم أسباب النزول ، نشأ علم صفة حال النبي  حين نزول الوحي عليه ، وغير ذلك من العلوم التي نشأت فيما بعد مواكبة للدعوة.
2- تَمَّت الكتابة في جملة من علوم القرآن في عهد النبي ، وسجل الصحابة كثيراً من الذي تلقفوه من في رسول الله فيما يتعلق بالآية ونزولها وترتيب الآيات وغير ذلك ، ونقصد بالكتابة التسجيل من إملاء رسول الله أو إملاء أحد الصحابة. أما تدوين تلك العلوم ، أعني نقل تلك المعلومات المكتوبة من قبل الصحابة وترتيبها فقد تأخر إلى القرن الثاني الهجري ، وكذا التصنيف وهو التدوين بعد إدخال عناصر جديدة.
3- إن النصوص المنقولة إلينا تؤكد أن أول من استعمل مصطلح علوم القرآن هو الإمام الشافعي .
4- إن الاهتمام بالتصنيف الموضوعي في علوم القرآن والتأليف فيه كان متقدماً على التصنيف الموسوعي ، والذي نقصد به جمع الحديث عن أكثر من علم في تصنيف واحد ، وكان أول من صنف فيه هو الحارث المحاسبي.
5- إن التصنيف الموسوعي في علوم القرآن وصل إلى الذروة في العقد الثاني من القرن الثامن الهجري ، وذلك حين صنف السيوطي كتابه التحبير والإتقان.
6- إن ثلة من أهل العلم المتخصصين في عصرنا الحالي استطاعوا أن يقدموا بحوثاً جادة في جملة من الموضوعات الهامة في علوم القرآن ، وأن لأقسام الدراسات العليا في الجامعات المتخصصة دور كبير في تطوير هذا العلم ونمائه.
7- إن مقدمات التفاسير احتوت مادة علمية قيمة ، لم يعتمد منها المصنفون في علوم القرآن إلا القليل ، كما أن تلك المقدمات قد احتوت آراء المفسرين في كثير من المسائل والموضوعات وهي آراء من الأهمية بمكان ، ورغم ذلك لم توضع للبحث والنقاش كما ينبغي.
8- إن توزيع مادة المقدمات ونثرها حسب الموضوعات في هذا البحث وضح لنا نشأتها ، وأظهر لنا تطور علوم القرآن ومباحثه عند المفسرين ، وذلك لأن المفسر قد ضمن مقدمته رأيه في بعض المسائل ، فجاء اللاحق ليتابع السابق فيما قاله وأثبته ، وليستدرك عليه ما لم يقله مما هو مطلوب قوله ، وهو أمر يسد حاجة القارئ ويغنيه من الرجوع إلى المقدمات نفسها.
9- إن المفسرين تأثر بعضهم ببعض في ذكر الموضوعات التي تذكر في المقدمة ، كما تأثروا في ذكر أدلة تلك الموضوعات المطروقة ، ولهذا لم يتطور هذا الفن كثيراً بالمقارنة بالعلوم الأخرى.
10- إن أكثر الموضوعات التي أولاها المفسرون اهتمامهم هي تلك الموضوعات المتعلقة بأصول التفسير ، وأنواعه ومراتب المفسرين ، وجمع القرآن وتدوينه ، مع الاهتمام الخاص بموضوع الأحرف السبعة التي أنزل القرآن عليها ، وكذا فضائل القرآن.
11- إن تفسير الأحرف السبعة التي أنزل القرآن عليها ، بسبع قراءات قرآنية هو الأقرب والأصح في اعتقادي ، إذ هو الموافق للأحاديث والآثار الواردة، كما أنه هو التفسير الذي يسلم من الاعتراضات التي ترد على غيره من التفسيرات.
12- وغير ذلك من النتائج التي لا يعدم الناظر في هذا البحث من الوقوف عليها.

المؤلف: محمد صفاء شيخ حقي

الناشر: مؤسسة الرسالة

سنة النشر: 01/03/2004

الطبعة: الأولى

اللغة: العربية

عدد الصفحات: 1058

نوع الملف:PDF

نبذة عن مؤلف الكتاب: محمد صفاء شيخ حقي

محمد صفاء بن شيخ إبراهيم حقي، أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *