كيف نواجه الحزبية؟

تقليص

عن الكاتب

تقليص

الشهيدة مسلم اكتشف المزيد حول الشهيدة
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كيف نواجه الحزبية؟

    كيف نواجه الحزبية؟
    العصبية الحزبية المتجذرة في ساحة العمل الإسلامي ظاهرة مؤذية .. أذهبت ريح الدعوة، وأثقلت صفوف الدعاة بالتدابر والتنازع، وقلَّ من يَسْلم منها؛ حتى بعض الناس الذين لا ينتمون إلى تجمعات حزبية.
    نعم .........
    ربما تكون هناك مسوغات فكرية أو منهجية تؤدي أحياناً لمثل هذه الخلافات، لكن الواقع يشهد أيضاً خلافات أخرى ليس لها تفسير مقنع إلا الهوى والتعنت والتعصب!
    وقد كُتِبَ في هذا الموضـوع كتابات عديدة ومفيدة، وتنادَى لعلاجها الناصحون. وأحسب أننا أمام قضية كبيرة لا يمكن معالجتها بالتباكي وإلقاء التبعة والملامة على الآخرين، لكننا في حاجة ماسَّة للبحث عن الحلول العملية التي قد تُسهِم في التخفيف من حدة الخلاف؛ إن لم تقتلع جذوره. ولا أقل من أن تزيل بعض مظاهر البغي أو الاحتقان والجفوة...
    ومن المقترحات التي أضعها بين يدي الدعاة الكرام ما يلي:

    أولاً: التواصل الأخوي:
    جزء كبير من الجفوة الحاصلة بين الدعاة إنما هو بسبب الإعراض والقطيعة وتناقُل الكلام بين الأتباع؛ فإذا حرصوا على التزاور وأداء الحقوق الشرعية الواجبة كإجابة الدعوة وزيارة المريض... ونحو ذلك؛ كان هذا سبباً في الأُلفة والأُنس...
    ومثل هذه اللقاءات ليست مضيعة للوقت أو إهداراً للجهد؛ كما قد يظن بعضهم، بل فيها من المصالح الدعوية العاجلة والآجلة ما يَجِل عن الوصف، وقد صح عن النبي - صلي الله عليه وسلم - قوله:
    «ليس الواصل بالمكافئ»[1].

    وكثير من أحكام الناس على الآخرين ناتجة في بعض الأحيان عن انطباعات متناقَلة، أو وقيعة معترضة، أو فظ يتجاهــل الإنصــاف، وهــو مــا قد يتحــول إلى مجــازفات أو تعميمات لا تتسم بالموضوعية أو الإنصاف،
    لكن حين يجلس الدعاة مع إخوانهم، ويسمعون منهم مباشرة وبدون واسطة، ويبذلون لهم النصيحة بصدق وإشفاق، ويديرون حواراً راشداً وهادئاً تتضح لهم منطلقاتهم واجتهاداتهم؛ فيشيع بذلك حُسْن الظن والتماس العذر، وليس من الضروري أن يحصل الاتفاق في جميع الاجتهادات.

    ولم أرَ لردِّ قالة السوء وتناقُل الشائعات في حق العلماء والدعاة، مثل اللقاء والتواصل المباشر؛ فهما البلسم الذي يشفي القلوب ويقطع سبل الشيطان، وهذا من الدفع بالتي هي أحسن المأمور به شرعاً. قال الله ـ تعالى ـ:
    {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}.[فصلت: ٤٣ - ٥٣]

    ثانياً: المشاريع المشتركة:
    التعاون في تنفيذ مشاريع دعوية مشتركة، مع الحرص على الوضوح والشفافية والضبط الإداري والمالي عند التنفيذ؛ حتى لا تكون الأخطاء اليسيرة سبباً للتهارش والتدافع، ومن ذلك: عَقْد الندوات أو المؤتمرات أو الدورات التدريبية... ونحوها.
    وهذه الأعمال المشترَكة فرصة كبيرة للتعارف وكَسْر حاجز الجفوة.

    لقد وجدت أن الأعمال الدعوية المشتركة تبني من معاني الإخاء والمودة بين الدعاة ما لا يخطر على بال، كما أن الطلاب والأتباع عندما يتابعون هذه البرامج المشتركة وينظرون إلى اجتماع الرموز الدعوية وتعاونها، فإن ذلك يكون سبباً في امتصاص بعض الاحتقان الذي قد يطغى في بعض الأحيان بينها؛ والقدوةُ لها أثر في التربية كبير.
    وهناك عدة عوامل تساعد على إنجاح هذه المشاريع المشتركة من المهم استصحابها والحرص عليها. منها:
    1 - اختيار نوعية خاصة من الدعاة والرموز لمثل هذه الأعمال، من أهم ما يتميزون به: الأَرْيَحِيَّة والتطاوُع وسَعَة الصدر والقدرة على احتمال الآخرين واستيعاب اجتهاداتهم وآرائهم. والشخصية التوافقية السمحة لها أثر كبير في لَمِّ الشعث، وتطهير القلوب، وتقريب النفوس، كما أن الإنسان الحاد اللجوج المماري لن يجني إلا الخصومة ..
    وهذا أحد مقتضيات قول رسول الله - صلي الله عليه وسلم -:
    «تطاوعا ولا تختلفا» [2].
    2 - الحرص في المشاريع المشتركة على استدعاء جوانب الاتفاق، وتجنُّب إثارة مسائل الاختلاف قَدْر الإمكان.
    وأحسب أن هذا مدخل مهم للتآلف وترسيخ أواصر الأخوة والتعاون.
    ومجالات الاتفاق كثيرة جداً، ويمكن أن نبني من خلالها صروحاً من التعاون الجاد والمثمر، ومن ذلك - مثلاً -: (التعاون في نصرة النبي - صلي الله عليه وسلم -، والدفاع عن المسجد الأقصى، وحماية الأخلاق من طوفان الرذيلة ...) ونحوها كثير ولله الحمد.
    3 - ينبغي أن يكون التعاون بادئ الأمر في المشاريع قصيرة المدى، من أجل تعزيز الثقة والطمأنينة، وبناء جسور التواصل والتكاتف... وإذا لاحت بوادر الاختلاف، فعلى العقلاء أن يبادروا إلى درئه قَدْر الإمكان؛ حتى ولو أدى ذلك إلى تأجيل التعاون، ولعل ذلك من دلائل قول النبي - صلي الله عليه وسلم -:
    «اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم؛ فإذا اختلفتم فقوموا عنه»[3].
    4 - الأعمال المشتَركة لا يمكن أن تنجــح على الإطلاق إذا عُرِضت على الآخـــرين بمنطق المشيخـــة والأستاذيــة، أو بروح الوصاية والاستعلاء. والطريق الصحيح للنجاح يتحقق بالحرص على الموضوعية والإنصاف، والعبرة ليست بأن يتقدَّم فلان أو يتأخر فلان، وإنما العبرة بمن يحقق الهدف الدعوي المشترك في أمثل صورة، وما أجمل قول الإمام الشافعي: (ما كلَّمت أحداً قط إلا ولم أبالِ بيَّن الله الحق على لساني أو لسانه)[4] !
    وأحسب أن التسابق على التصدر، والتدافع على الظهور، من أعظم أساب الاختلاف في الأعمال المشتركة، وقد تنبَّه الفضيل بن عياض إلى هذا وهو يقول:
    (ما من أحد أحب الرياسة إلا حَسَد وبغى، وتتبع عيوب الناس، وكره أن يُذكَر أحد بخير)[5].
    5 - من المهم إعطاء الطرف الآخر قَدْره ومكانته اللائقة به، والتعامل معه بما يحفظ له هيبته، بلا تكلُّف ولا تصنُّع، كما جاء في حديث عائشة - رضي الله عنها -:
    «أمرنا رسول الله - صلي الله عليه وسلم - أن نُنْزل الناس منازلهم» [6].
    والبحث عن الكمال المطلق فيمن نتعاون معهم متعذر، لكن العبرة بكثرة المحاسن وغلبة المحامد، (والمنصف من اغتفر قليلَ خطأ المرء في كثير صوابه) [7].

    خلاصة الأمر: إن بناء أرضية مشتركة تجتمع في رحابها القوى الدعوية الفاعلة بتآلف وتكامل، سيحقق نقلة نوعية في رؤيتنا وبرامجنا الدعوية، وسيؤسس لقاعدة صلبة من الإخاء والتعاون.

    ثالثاً: الذبُّ عن أعراض الدعاة والدفاع عن حقوقهم:
    إذا كان القيل والقال وتتبُّع الشائعات وانتشار النقد الجارح، من أسباب الفرقة ومثيرات التعصب والخلاف، فإن حُسْن الصلة، والذب عن أعراض الدعاة، والدفاع عنهم، والانتصار لهم بالحق، من أعظم أسباب الألفة وتقريب وجهات النظر؛ ويتأكد ذلك في مواجهة الاتجاهات العَلمانية أو الليبرالية التي لا ترقب في مؤمن إلّاً ولا ذمة.

    وأحسب أن هذا ليس من أبـــواب التفضـــل أو المنَّــة، أو الإدلال عـــلى الآخـــرين؛ بل هـــو واجــــب شــرعي أمــر به النبــي - صلي الله عليه وسلم - بقوله:
    «من ذبَّ عن لحم أخيه بالغيبة كان حقاً عـلى الله أن يعتقــــه من النار»[8].

    ويؤكـــد ذلك قــــول النبي - صلي الله عليه وسلم -: «المؤمـــن أخــــو المؤمـــــن، يكف عليـــــه ضيــعته، ويحـــوطه مـــن ورائـــــه»[9].

    ومن الحزبية المقيتة التي تُسْقط المروءة، بَلْهَ العدالة، أن يُؤذَى أحد العلماء، أو يُتَّهم بالباطل، أو تُسلَّط عليه سهام الإعلام الآثمة؛ فيُنْظَر إلى ذلك نظرةً لا مبالاة فيها وبعدم اكتراث؛ بحجة أنه ليس من أصحابه. بل قد يصل الحال عند بعضهم إلى اللوم والتقريع وأنَّ ما يحصل له إنما كان بسبب قصوره ومنهجه المضطرب...!
    وهذا - والعياذ بالله - من قلة التوفيق، ومن أعظم الخذلان، وقد صحَّ عن النبي - صلي الله عليه وسلم - قوله:
    «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله» [10].

    رابعاً: التنسيق عند النوازل:
    التشاور عند النوازل وتدارس المواقف المستجدة، يقرب وجهات النظر، وربما يوحِّد الآراء ويدرأ كثيراً من اللغط والقيل والقال.
    ويتطلب ذلك شعوراً بالمسؤولية، وإحساساً بقيمة الطرف الآخر ومكانته.
    وقد جرب الدعاة في بعض الدول التنسيق في الانتخابات الطلابية في الجامعات - مثلاً - فوجدوا أن التعاون والتكاتف يحقق نتائج إيجابية للجميع، كما أن التدابر يفتح الطريق ممهَّداً للعَلمانيين وبقايا الشيوعيين وأعداء الإسلام.
    وإذا لم يتحقق التعاون أو التنسيق، فليس أقل من التعايش السلمي بين الإسلاميين، كما يعبِّر عنه أحــد المفكـــرين[11]، أو الحرص على كفِّ الأذى كما يرى كاتب آخر[12].

    صحيح أننا إزاء تراكمات تاريخية تتثاقل علينا بآثارها السلبية جيلاً بعد جيل، ولا شك أن اقتلاع الحزبية من جذورها متعذر جداً؛ فأمام ذلك عقبات كثيرة، لكن الإحباط واليأس لن يُغيرا شيئاً من الواقع، وأرى أننا في أمسِّ الحاجة إلى مبادرات جادة ومخلصة تتحمل تبعات ذلك ولوازمه. ولعلَّ هذا أحد مقتضيات قول النبي - صلي الله عليه وسلم -:
    «المسلم الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم»[13].

    ومفتاح النجاح للمقبل على الإصلاح في مدارج هذا الطريق: تجريد القصد لله ـ عز وجل ـ وتطهير القلب من الأهواء والتطلعات الأخرى، التي تفسد العمل وتذهب بحلاوته. قال الله ـ تعالى ـ: {إن يُرِيدَا إصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} [النساء: ٥٣] .
    وقال ـ سبحانه ـ:
    {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: ٤١١].



    http://albayan.co.uk/MGZarticle.aspx?id=178

    ___________________________________________
    [1] أخرجه: البخاري في كتاب الأدب، رقم (5991).
    [2] أخرجه: البخاري في كتاب الأدب، رقم (2488)، ومسلم في كتاب الجهاد، رقم (1733).
    [3] أخرجه: البخاري في كتاب فضائل القرآن، رقم (5060)، و (5061)، ومسلم في كتاب العلم، رقم (2667).
    [4] مناقب الشافعي للرازي: (ص 360 ـ 361)، والفقيه والمتفقه: (2/26).
    [5] جامع بيان العلم وفضله: (1/143).
    [6] ذكره مسلم في مقدمة صحيحه معلَّقاً: (1/6).
    [7] من كلام الحافظ ابن رجب في كتاب القواعد: (ص 3).
    [8] أخرجه: أحمد: (45/483)، رقم (27609)، وصححه الألباني في غاية المرام (431)، وصحيح الجامع، رقم (6116).
    [9] أخرجه: أبو داود في كتاب الأدب، رقم (4918)، وحسَّنه الألباني في السلسلة الصحيحة، رقم (926).
    [10] أخرجه: مسلم في كتاب البر والصلة من حديث أبي هريرة، رقم (2564)، وأخرجه البخـــاري في كــتاب المظــالم والإكـــراه من حديث عبد الله بن عمر، رقم (2442) و (6951) بلفظ: «لا يظلمه ولا يُسْلمه».
    [11] قاله الأستاذ راشد الغنوشي في كتاب: حركة الاتجاه الإسلامي في تونس ـ مقالات في فقه الحركة، رقم (1).
    [12] قاله الأستاذ أحمد فهمي في دراسة له منشورة في تقرير البيان الارتيادي السابع، (ص 211).
    [13] أخرجه: أحمد (9/64)، رقم (5022)، والترمذي في كتاب صفة القيامة، رقم (2507)، وابن ماجة في كتاب الفتن، (4032).

    .. منْ أُلقيَ عنهُ حُبُّ المالِ فقدْ اسْترَاح ..

  • #2


    بارك الله لكِ أختي الحبيبة "الشهيدة" .. ما أحوجنا الآن لمثل هذه الدعوات الهادئة لتأليف القلوب وتوحيد صفوف المسلمين ... أعجبتني جدًا المقترحات .. جزاكِ الله خيرًا وبارك الله فيكِ .
    اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ سورة النور (35)

    تعليق


    • #3
      نصائح في العمل السياسي للإسلاميين في مصر ..


      جزاك الله خيراً حبيبتي سارة ..

      وأحب أن أضيف - نقلاً عن نفس المجلة -
      بعض النصائح التي هي في غاية الأهمية للإسلاميين المشتغلين بالسياسة ..

      أولاً: ليكن الإخلاص وابتغاء وجه الله - سبحانه - حاضراً في كل ما يفعلون؛ لأن دنيا المؤمن هذه دار ابتلاء وليست دار جزاء، فليكن رضا الله مقدَّماً على كل هدف (شخصي أو جماعي)، ولن يوفَّق أهل الدعوة في حقل السـياسة أو غيره إلا بالصلـة بالمولى - عز وجل - وحسن الاتكال عليه.

      ثانياً: العمل السياسي يجلب معه كثيراً من الإغراءات الشخصية والجماعية ومزالقه كثيرة؛ فالوجاهة والمناصب وفرص الكسب المادي تتكاثر على المشتغل بالسياسة يمنة ويسرة؛ فعلى صاحب الدعوة أن يتفقد دائماً نيته ويتأكد أنها لله وليست لحظ النفس.

      ثالثاً: حقل السياسة هو ميدان الخلافات والاحتكاكات وتضارب الآراء واصطدامها؛ سواء داخل الجماعة الواحدة أو بين الصف الإسلامي أو مع الصفوف الأخرى، فَلْيحذر المسلم المشتغل في السياسة أشد الحذر؛ فإن لهوى النفس في هذا الحقل صولات وجولات، فلتكن معاني الولاء والبراء والحب في الله حاضرة في الذهن والقلب؛ لأن من أعطى لله وترك لله .. فقد استكمل الإيمان.

      رابعاً:لزوم الجماعة واجب في العمل السياسي: فإذا حصل الإتفاق على شيء في أيٍّ من حقول العمل السياسي ومشاريعه فعلى جميع أفراد الجماعة التزامه؛ لأن الجماعة قوة ورحمة والفرقةَ ضعف وعذاب، وينبغي أن يتقدم الحرص على وحدة الصف نزعةَ الاعتداد بالنفس والإعجاب بالرأي؛ فإن الفرد قليل بنفسه مهما قوي، وكثير بجماعته.

      خامساً: ليحرص الإسلاميون عموماً - وأخص السلفيين هنا - على حسن بناء الجهاز الذي يقود العمل السياسي؛ لأن قبول القاعدة بالقيادة واقتناعها بها ضروري جداً لنجاح العمل الجماعي، وهذا يستلزم تطوير مبدأ الشورى ليُكـَوّْن قرار وتوجُّه القيادة معبِّراً على توجهات القاعدة مع آلية واضحة للنقد الذاتي والتصحيح، وهذه الآلية ضعيفة أو ربما مفقودة عند معظم جماعات العمل السياسي في عالمنا العربي؛ سواء كانت إسلامية أو غيرها.

      سادساً:ثبت بالتجربة أنه من الأفضل ألا تخوض رموز العمل الدعوي والفقهي للجماعة الإسلامية العمل السياسي المباشر؛ بل الأفضل أن تلعب دور القيادات المعنوية التي تساعد على ترشيد العمل السياسي ونقده وتصحيح اعوجاجه وتوجيه الجماهير.

      سابعاً:ليكن فقه الاختلاف حاضراً عند المشتغلين في العمل السياسي، فالتطابق في الآراء غير قائم بين الناس عموماً والسياسيين خصوصاً؛ فلا يجوز أن يفسد الخلافُ للود قضية، وعلى السياسي أن يبحث عن المتفق عليه ويوسعه لا أن يذهب إلى الخلافات يعظمها؛ سواء كان الخلاف داخل الصف السلفي أو الإسلامي عموماً أو خارجه.

      ثامناً:يجب أيضاً أن يكون فقه الأوليات عنصراً في التوجهات والقرارات واختيار البدائل؛ فلا يتم الاشتغال بالفروع عن الأصول، ولا يتم الإصرار على أمرٍ تغلُب مضارُّه على فوائده حتى لو كان في أصله صحيحاً، والسياسة ميدان أساسيٌّ في غلبة درء المفاسد على جلب المصالح.

      تاسعاً: من أهم مسائل العمل الإسلامي اختيار الخطاب المناسب للجمهور، والتدقيق على ما يصدر من قيادة وأعضاء الجهاز السياسي من تصريحات وبيانات وما يعلَن من مواقف، وقد جاء في الحديث: «بشِّروا ولا تنفِّروا ويسِّروا ولا تعسِّروا»؛ وخصوصاً أن وسائل الإعلام المعادية غالبة على المشهد المصري ومعظم الدول العربية، وهي تبحث عن المثالب على الإسلاميين سواء وجدت أم لم توجد، والغالب عليها اتهام الإسلاميين بالتعسير والتضييق على الناس والافتقار إلى المرونة في التعايش مع المخالفين، فلا يجب أن نساعد هذه الوسائل بما يروج دعاياتها المغرضة.

      عاشراً: السياسة هي فن الممكن: ويجب الانتباه إلى ذلك خصوصاً في الحملات الانتخابية؛ فنزول مرشحي الجماعة يجب أن يدرَس على أسس موضوعية من كفاءة المرشح وإمكاناته ومدى صلاحيته للنزول في هذه الدائرة أو تلك، ويراعى ألا يتم التنافس بين مرشحي الجماعة فيكسر بعضهم بعضاً، وحتى مع إسلاميين آخرين إذا قُدِّر أن فرصة مرشح الجماعة الأخرى أفضل، وإذا قُدِّر أن فرصة النجاح في دائرة ما ضعيفة؛ فالأفضل الاتفاق مع جماعة أو حزب آخر على دعم مرشحه إذا كان أفضل من منافسيه.

      أحد عشر: السياسة هي فن الممكن أيضاً: فبعد الدخول إلى البرلمان، يجب أن توزن الأولويات في المواقف كما يوزن الذهب والفضة؛ لأن الطاقة السياسية لأي حزب أو جماعة لها حدودها كما أن البرلمان له وقته وجهده حدود؛ فيجب أن تقدَّر المبادرات والمشاريع بذكاء.

      إثنا عشر: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الزمر: ٩]: فيجب أن تتسلح الجماعة بأفضل الكفاءات القانونية والدستورية حتى يحسب نواب الجماعة موضع أقدامهم في كل خطوة برلمانية يخطونها؛ وخصوصاً أن الممارسة البرلمانية الجادة لم تُعرَف في مصر من قبل، والآن لم تعد القوانين ومواد الدستور حبراً على ورق بل هي خطة طريق العمل السياسي.

      ثلاثة عشر: من أكثر جوانب العمل السياسي حساسية هي المشاركة في الحكومة؛ لأن النائب ناقد وفي العادة لا يحمل مسؤولية العمل التنفيذي للدولة بينما الوزير موضع نقد الجميع؛ فإذا رأت الجماعة مصلحة في دخول الوزارة، فيجب اختيار أكثر نواب الجماعة صلاحية لذلك ومن يُعرَف عنه صلابة في الدين والشخصية؛ لأن للمناصب سكرة أشد من سكرة الخمور.

      رابع عشر: في دخول العمل الوزاري يجب انتقاء الحقائب المناسبة، وأول ما يجب أن يحرص عليه الإسلاميون هو وزارات التوجيه (التربية، والتعليم العالي، والأوقاف، والإعلام) فإذا لم يروا مناسباً أن يأخذوها فيجب أن يحرصوا ألا تذهب للمعادين للتدين من المغرَّبين فكرياً والبعيدين عن الهوية الإسلامية العربية لمصر.

      خامس عشر:لتكن قضايا الدين والدفاع عن ثوابت وقيم المجتمع على رأس اهتمام الإسلاميين، مع عدم إغفال قضايا الفساد والخدمات طبعاً؛ لأنهم إذا لم يهتموا بها فلن يهتم بها غيرهم.

      سادس عشر:على مستوى العمل السياسي والبرلماني فإن العامة من الناس في المجتمع المسلم لا يُحمَلون على التورع ولا يطلب منهم الالتزام بالمستوى السلوكي الذي يطلب الداعية من نفسه الالتزام به؛ وإنما يطلَب منهم ترك المقطوع بحرمته وأداء أركان الإسلام.

      سابع عشر: في مجال السياسة الخارجية: على الإسلاميين المصريين - خصوصاً - العملُ على أن تستعيد مصر دورها الريادي والقيادي الذي غُيِّبَت عنه على مدى عقود؛ خصوصاً في ما يتصل بالخطر الصهيوني على العرب والمسلمين، ومعاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال.

      ثامن عشر:يجب ألا ينسى الإسلاميون - وخصوصاً السلفيون - أنهم جماعة إصلاح ودعوة في الأساس، فيجب ألا يشغلهم العمل السياسي عن إعطاء العمل الدعوي والاجتماعي حقه؛ لأنه هو الأساس، وألا يقعوا في ما وقعت به الجماعات الإسلامية في الكويت - مثلاً - في الاشتغال بالسياسة عن مسيرة الدعوة إلى الله.


      http://albayan.co.uk/MGZarticle.aspx?ID=959
      .. منْ أُلقيَ عنهُ حُبُّ المالِ فقدْ اسْترَاح ..

      تعليق


      • #4
        أريد أن أبين فقط أن الحزبية ليست مقصورة على الأحزاب السياسية بل إن التيارات نفسها أحزاب فكل تيار له رؤية وربما يتصادم مع التيار الآخر ويتهمه بالجهل مثلا أو عدم تقدير الأمور التقدير السليم أو التصرف الخاطئ أو التساهل إلى آخر ما تعلمون
        قصدت من ذلك أن ننتبه إلى مشكلة موجودة بالفعل وهى التحزب غير المقنن

        تعليق


        • #5
          يقول الله عزوجل (وإعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا )
          وجاء في البخاري أن
          رجلان من المهاجرين والأنصار تشاجرا
          فَقَالَ الأَنْصَارِىُّيَا لَلأَنْصَارِ. وَقَالَ الْمُهَاجِرِىُّيَا لَلْمُهَاجِرِينَ
          فَسَمِعَ ذَاكَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فَقَالَ
          مَابَالُ دَعْوَى جَاهِلِيَّةٍ
          قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ .
          فَقَالَ
          دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ






          كن حين يجلس الدعاة مع إخوانهم، ويسمعون منهم مباشرة وبدون واسطة، ويبذلون لهم النصيحة بصدق وإشفاق، ويديرون حواراً راشداً وهادئاً تتضح لهم منطلقاتهم واجتهاداتهم؛ فيشيع بذلك حُسْن الظن والتماس العذر، وليس من الضروري أن يحصل الاتفاق في جميع الاجتهادات.
          كلمات رائعة وفعالة تُسمى فى Organic Chemistry المجموعة الفعالة تحية وتقدير للاستاذة الشهيدة وسوف انقل لكى نموذج عصرى استسقى به من خاتم النبين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم شعاع من الاخلاق والانتماء لكل ماهو إسلامى "الاستاذ البنا " عندما انشق من جماعة الاخوان بعض الشباب وعملوا جمعية بسم جمعية شباب محمد وكانت اول افتتاحة لهم فى حفلة ذهب اليهم الاستاذ البنا وكان اول المشتركين فى عضوية هذه الجمعية واول المتبرعين وعلى نفس النموذج هذا المجدد عندما سقط فى إنتخابات مجلس الشعب كان انصار شباب الوفد كانوا يقولون "يسقط يسقط حسن البنا " يسقط ....
          وفى هذه الاجواء قام رجل من الجهة الاخرى " الإخوان " وقال يسقط حسن البنا يسقط حسن البنا فاذا الجميع ينظرون اليه ويجدون انه هو حسن البنا ويستكمل الاستاذ الشهيد يسقط حسن البنا ويسقط الإخوان المسلمون وليحيا الإسلام
          ..
          وعلى الرغم من عمق الألم : ما زال قلبى تسكنه السكينة والطمأنينة والثقة بأن آخر هذه المحنة ستتمخض لصالحنا ويخسأ الفسقة والطغاة , وسيكون فرجٌ بعد الشدّة ,وفرحٌ بعد الحزن ..قد ننتظر .. واثقين أن الرياح ستدفع شراعنا !( محمد أحمد الراشد )

          تعليق


          • #6
            وأول ما يجب أن يحرص عليه الإسلاميون هو وزارات التوجيه (التربية، والتعليم العالي، والأوقاف، والإعلام)
            نعم فبحصول الإسلاميين على هذه الوزارات يمكنهم بإذن الله إصلاح ما أفسده العلمانيون في عقود مضت ويا حبذا لو أضيف إليها وزارة الداخلية حتى يتم إحلال الأيدي المتوضئة فيها ويتم تطهيرها من قُطاع الصلاة وصائدي الأعين منتهكي أبسط حقوق الإنسان.

            تعليق

            مواضيع ذات صلة

            تقليص

            المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
            ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 20 ينا, 2023, 12:34 ص
            ردود 0
            34 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة عطيه الدماطى  
            ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 18 مار, 2022, 03:43 ص
            ردود 0
            36 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة *اسلامي عزي*
            بواسطة *اسلامي عزي*
             
            ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 18 مار, 2022, 03:38 ص
            ردود 0
            57 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة *اسلامي عزي*
            بواسطة *اسلامي عزي*
             
            ابتدأ بواسطة صلاح عامر, 1 فبر, 2022, 04:13 ص
            ردود 0
            64 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة صلاح عامر
            بواسطة صلاح عامر
             
            ابتدأ بواسطة صلاح عامر, 22 يول, 2021, 02:08 م
            ردود 0
            53 مشاهدات
            0 معجبون
            آخر مشاركة صلاح عامر
            بواسطة صلاح عامر
             
            يعمل...
            X