الإسلام وشباب الأمة - سلسلة متجددة

تقليص

عن الكاتب

تقليص

Saber Abbas مسلم اكتشف المزيد حول Saber Abbas
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الإسلام وشباب الأمة - سلسلة متجددة



    بسم الله الرحمن الرحيم



    الإسلام وشباب الأمة


    الحمد لله رب العالمين , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن

    محمدا عبده ورسوله بلغ الرسالة ونصح الأمة . وتركنا على المحجة


    البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلاهالك.
    أما بعد:
    إهتمت رسالة الإسلام بالشباب كأهم عنصر من عناصر المجتمع , وبدأ الاهتمام منذ إختيار الأم والتنشئة والتعليم وغرس مبادئ الأخلاق من الصغر .


    وإن شاء الله تعالى نتناول ذلك الموضوع الأهم مستندين إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من خلال الحديث الصحيح,
    والمراجع التى تناولت هذا الموضوع .
    وينقسم هذا البحث إلى ثلاثة أبواب.
    ******


    الباب الأول : أهمية تربية الشباب.. ويتفرع إلى سبعة فصول .


    الفصل الأول : الإهتمام باختيار الأم.


    الفصل الثاني : التربية الإيمانية للطفل وتأثيرها في مرحلة الشباب.


    الفصل الثالث : التعليم والبحث العلمي للشباب.


    الفصل الرابع : أهمية الرياضة للشباب.


    الفصل الخامس : التنمية لموهبة الإبتكار للشباب.


    الفصل السادس : التطبيق العملي لابحاث ومخترعات الشباب.


    الفصل السابع : أهمية الأسوة للشباب..


    ********
    الباب الثاني : أهمية العمل للشباب. وينقسم إلى ثمان فصول.


    الفصل الأول : كيفية توجيه الشباب إلى الحرف.


    الفصل الثاني : تدعيم التخصص لدى الشباب.


    الفصل الثالث : التكامل بين جميع التخصصات وأهميته.


    الفصل الرابع : تشجيع المهارات الفردية في كل التخصصات.


    الفصل الخامس : الإهتمام بالزراعة ودعمها.


    الفصل السادس : الإهتمام بالتربية الحيوانية وتدعيمها .


    الفصل السابع : الإهتمام باسطول الصيد ودعمه.


    الفصل الثامن : الإهتمام بالتعليم والبحث العلمي كمقدمة ضرورية لهذه


    المنظومة المتكاملة.
    *****
    الباب الثالث : دور الشباب في الدفاع عن الأمة. وينقسم إلى ثلاثة فصول..


    الفصل الأول : التدريبات العسكرية وفقالأحدث العلوم العسكرية.


    الفصل الثاني : الإنتاج الحربي وأهميتة للدفاع.


    الفصل الثالث : الإهتمام بإختراعات الشباب في المجال الدفاعي.


    الفصل الرابع : الإهتمام بالإسطول البحري .


    الفصل الخامس : الإهتمام بالإسطول الجوي .


    *******
    وإلى الباب الأول إن شاء الله تعالى.

  • #2

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الإسلام وشباب الأمة

    الباب الأول

    أهمية تربية الشباب

    يعلم الإنسان أنه يمر بمراحل عمرية على ذلك الكوكب الأرضي, تبدأ بمولده طفلا رضيعا ثم غلاما ثم شابا فتيا إلى أن يبلغ أربعين سنة وتكتمل مرحلة الرجولة ثم مرحلة الشيخوخة التي تحمل في طياتها الخبرة والحكمة وتحمل مسؤلية التوجية للأجيال المتتابعة.

    ونلاحظ أن المرحلة الأهم في عمر الإنسان هي مرحلة الشباب. التي تتكون فيها عقيدته وقدرته على العمل . والسعي لتكوين أسرة يتحمل المسؤلية فيها كلا الزوجين في تربية الأجيال القادمة.

    قال تعالى في سورة الأحقاف :

    ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا,
    حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً
    قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ – 15 أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ – 16


    ﴿
    حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ ﴾ أي: نهاية قوته وشبابه وكمال عقله،

    *******

    أهداف التربية في الإسلام

    ومن أول أهداف التربية في الإسلام ترسيخ عقيدة التوحيد والأخلاق الفاضلة , التي ينتج عنها الأمن والأمان للفرد والمجتمع.
    والرخاء في الرزق وسعادة الدنيا والأخرة.

    قال تعالى في سورة الأعراف :

    وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ .. 96

    لو آمنوا بقلوبهم إيمانا صادقا صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى اللّه تعالى ظاهرا وباطنا بترك جميع ما حرم اللّه، لفتح عليهم بركات السماء والأرض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم، في أخصب عيش وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كد ولا نصب،

    بينما نجد الصورة المقابلة التي تبتعد عن التربية الإيمانية لا أمن فيها ولا أمان ويسود فيها الفساد والغلاء والضنك والخوف والرعب ...

    قال تعالى في سورة طه :

    وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى - 124

    *********

    نموذج من التربية الإيمانية

    قال تعالى في سورة لقمان :

    ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ – 12 وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ – 13

    والحكمة مستلزمة للعلم، بل وللعمل، ولهذا فسرت الحكمة بالعلم النافع، والعمل الصالح.
    ولما أعطاه اللّه هذه المنة العظيمة، أمره أن يشكره على ما أعطاه، ليبارك له فيه، وليزيده من فضله، وأخبره أن شكر الشاكرين، يعود نفعه عليهم، وأن من كفر فلم يشكر اللّه، عاد وبال ذلك عليه.

    والله غني حميد فيما يقدره ويقضيه.. فغناه تعالى، من لوازم ذاته، وكونه حميدا في صفات كماله، حميدا في جميل صنعه، من لوازم ذاته، وكل واحد من الوصفين، صفة كمال، واجتماع أحدهما إلى الآخر، زيادة كمال إلى كمال.

    وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ – 13

    فهذا هو الدرس الأهم الذي تقوم عليه الحياة كلها , عدم الشرك بالله.
    فإن من أعظم الظلم أن تجعل لله ندا وهو خلقك.

    قال تعالى في سورة البقرة :

    وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ - 163

    دعوة إلى البشرية الحائرة أن تتوجه بالعبادة والدعاء إلى خالقها الحق , الرحمن الرحيم .
    وإلهكم -أيها الناس- إله واحد متفرد في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله وعبودية خلقه له, لا معبود بحق إلا هو, الرحمن المتصف بالرحمة في ذاته وأفعاله لجميع الخلق, الرحيم بالمؤمنين.

    وأيات الله تبارك وتعالى في الكون المنظور أمامنا كثيرة لا تعد ولا تحصى....

    فإذا رأيت سيارة جميلة سئلت في أي مصنع صنعت ؟ ثم تدرك بعدها أن الذي صنعها إنسان خلقه الله ووضع في فطرته موهبة التصنيع , ثم خلق له المواد الخام مثل الحديد والبترول لكي يستخدمها في تكوين السيارة...
    وهذا المثال البسيط يدلك أن لكل صنعة صانع , ولكل المخلوقات خالق عليم حكيم...

    وكما رأينا في المثال السابق دقة الصنعة تدلك على مقدرة الصانع ومدى علمه...

    والمتأمل في عظمة خلق السماوات والأرض يخر ساجدا لله تعالى...
    حيث تدور الأرض حول محورها دون شعور منا بهذه الحركة الدقيقة الناعمة , فكيف للأرض وهي جماد أن تدور بانتظام عبر ملايين السنيين بهذه الدقة حيث ينشأ الليل والنهار ؟؟؟ !!! وتدور في نفس الوقت في مدار حول الشمس وبنفس الدقة حيث تنشأ الفصول الأربعة , ويختلف طول الليل والنهار مع هذا المدار ....أين المحرك لهذه الأرض ؟؟ ومن يديره ؟؟

    ونهبط إلى الأرض ونرى العجب !!!!!

    أولا البحار

    وتشمل أكثر من سبعين في المائة من مساحة الأرض وبها قوانين مثل قانون الطفو والأمواج لكي تصلح لجريان السفن عليها...

    ثانيا مياه الأمطار

    وتتكون من تبخر مياه البحار ومن سطح الأرض بفعل حرارة الشمس مكونة السحاب الذي سخره الله بحيث لا ينفلت من الأرض , وينقى الماء ثم يعود مرة أخرى إلى ينابيع الأنهار, وتجري الأنهار وتتحرك يشرب منها جميع المخلوقات , فقد نقاها خالقها لكي تصلح للشرب والري ولأنها أي مياه الأنهارمتحركة فهي لا تعطب وتتجه دائما لتصب في البحار.

    وللحفاظ على مياه البحار من العطب وضع الله فيها الأملاح التي لا تتبخر مع الماء الصاعد إلى السحاب....

    سبحان الخالق العظيم...

    قال تعالى في سورة البقرة :

    إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ – 164

    هذه بعض النماذج في التربية الإيمانية القائمة على الأدلة العلمية والأدلة الكونية..
    فأين أدلة من يعبدون غير الله ؟
    وأين أدلة الملاحدة الذين لايعترفون بوجود الخالق الأعظم ؟
    وأين أدلة المشركين ؟

    في الواقع لا أدلة عند منكري الإيمان بالله تعالى ..ولكنه الهروب من التكاليف الشرعية التي تنظم سلوك الإنسان نحو الإصلاح والعدالة الإجتماعية وحرية العقيدة والكرامة لجميع البشر.
    ومكافحة الفساد والاستغلال والطغيان والتسلط..

    *********

    وإلى لقاء قادم إن شاء الله تعالى

    تعليق


    • #3


      بسم الله الرحمن الرحيم

      الإسلام وشباب الأمة

      الباب الأول : أهمية تربية الشباب

      تكلمنا في اللقاء السابق عن أهمية وأهداف التربية للشباب.
      واليوم نتحدث بعون الله تعالى عن إهتمام الإسلام ببداية التنشئة للشباب.

      *********

      الفصل الأول : الإهتمام باختيار الأم.

      إهتمت شريعة الإسلام بالإنسان من قبل أن يولد وذلك بالإختيار الجيد سواء من ناحية الأب أو الأم .

      1- اختيار الزوج

      جاء في الحديث الشريف : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
      إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض .
      رواه ابن ماجه عن أبي هريرة.

      وقال تعالى في سورة القصص :

      قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يٰأَبَتِ ٱسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ ٱسْتَأْجَرْتَ ٱلْقَوِيُّ ٱلأَمِينُ – 26
      قَالَ إِنِّيۤ أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ٱبْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَىٰ أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ - 27

      إنها وأختها تعانيان من رعي الغنم، ومن مزاحمة الرجال على الماء ، ومن الاحتكاك الذي لا بد منه للمرأة التي تزاول أعمال الرجال . وهي تتأذى وأختها من هذا كله , وتريد أن تكون امرأة تأوي إلى بيتها , والمرأة العفيفة الروح ، النظيفة القلب ، السليمة الفطرة ، لا تستريح لمزاحمة الرجال ، ولا للمجهود والمشقة الناشئة من هذه المزاحمة ...

      وها هو ذا شاب قوى أمين. رأت من قوته ما يهابه الرعاء فيفسحون له الطريق ويسقي لهما . ورأت من أمانته ما يجعله عف اللسان والنظر حين توجهت لدعوته ....

      فهي تشير على أبيها باستئجاره ليكفيها وأختها مؤنة العمل والاحتكاك والجهد . وهو قوي على العمل ، أمين على المال . فالأمين على العرض هكذا أمين على ما سواه ....

      فالعفة تتضح في التصرف العادي البسيط بلا تكلف ولا اصطناع ..

      واستجاب الشيخ لاقتراح ابنته. ولعله أحس من نفس الفتاة ونفس موسى ثقة متبادلة ، وميلاً فطرياً سليماً ، صالحاً لبناء أسرة ...

      وهكذا يتم إختيار الأب لزوج إبنته على معاير بدنية وأخلاقية... - وإن شاء الله سوف نتحدث عن حاجة الشباب للرياضة لتحقيق المعيار الأول , أما المعيار الثاني وهو المعيار الأخلاقي فيأخذ من المنهج القرآني وسنة رسولنا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه . والأسوة الحسنة ..وإن شاء الله تعالى نتحدث في هذا الموضوع بالتفصيل في حينه ..

      ********

      2- اختيار الزوجة

      هذا عن جانب إختيار الزوج , ولا يقل أهمية اختيار الزوجة...فإنها الحاضنة المربية للأجيال ...

      جاء في الحديث الشريف , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تنكح المرأة لأربع : لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك .
      الراوي: أبو هريرة - المصدر: صحيح البخاري

      قال تعالى في سورة النساء الآية 34 :

      فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ

      فهذا هو الأصل في المؤمنة الطاهرة العفيفة التي تؤتمن على تربية الأجيال المنوط بهم حماية البلاد من التخلف والفساد بجانب الدفاع عنها من أي إعتداء خارجي .

      وقال تعالى :
      وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ – 21 الروم

      أي جعل بين المرأة وزوجها محبة وشفقة , وسكينة تنعكس بدورها على تربية أولادهم, وفي هذا المناخ الذي يتنسمون فيه عبير المودة والرحمة , والعبودية لله وحده. لا تخضع رقابهم إلا لله , فهم أحرار رحماء فيما بينهم , ويحملون تلك الحرية والرحمة لمن حولهم من العالمين..

      وقد كانت المودة والرحمة من أهم المبادئ في المعاملات الإسلامية , فمن المعلوم أن تلك المبادئ تنعكس على كل المجتمع الإيماني والكل يسعد بها ..
      فالرجل إن كان سعيدا في بيته انعكس ذلك على سلوكه بين الناس في الشارع وفي العمل , فتراه مهذبا مبتسما عطوفا متعاونا بين زملاءه , يعامل من تحت يده من العاملين برحمة مع عدم التفريط .

      أما إذا رأيت شخصا عابس الوجه جبارا نكدا ظالما لمن تحت يديه من العاملين , فيكون غالبا ما يعاني في بيته من عدم المودة والرحمة.

      وكذلك المرأة إن كانت سعيدة في بيتها إنعكس ذلك بالضرورة على سلوكها بين أبناءها وجيرانها وزملاءها في العمل .

      ولذلك جعل الله تعالى المودة والرحمة هي أساس بناء الأسرة المؤمنة.
      ولا يتحقق ذلك إلا بالإختيار السليم على المعاير الإيمانية كما حددها لنا الإسلام..

      وبذلك يتفرغ الإنسان للتفكر في متطلبات الحياة والتقرب إلى الله بعمل الصالحات وأداء الفرائض وتربية الشباب , دون الإنشغال في مشاكل تافهة يصنعها الشيطان للتفريق بين الأسر وشل حركة الحياة في المجتمع بين المحاكم وقضاية الأسرة, بين طلاق وخلع ونفقة وحضانة وغيرها..

      ويعود بنا الحديث عن مكانة المرأة في الإسلام . حيث العناية بها وتكريمها , وروي عن أمير المؤمنين" علي بن أبي طالب" كرم الله وجهه :
      ما أكرم النساء إلا كريم ، و لا أهانهن إلا لئيم.

      ********

      وهكذا نجد إهتمام الشريعة الإسلامية بإختيار كلا الزوجين على معاير إيمانية محددة تصون الحياة الزوجية داخل الأسرة وتعمل على التهيئة السليمة لتربية الشباب ...

      ********

      وإلى الفصل الثاني إن شاء الله تعالى

      تعليق


      • #4


        بسم الله الرحمن الرحيم

        الإسلام وشباب الأمة

        الباب الأول : أهمية تربية الشباب

        تكلمنا في اللقاء السابق عن أهمية وأهداف التربية للشباب.
        واليوم نتحدث بعون الله تعالى عن إهتمام الإسلام ببداية التنشئة للشباب.

        *********

        الفصل الأول : الإهتمام باختيار الأم.

        إهتمت شريعة الإسلام بالإنسان من قبل أن يولد وذلك بالإختيار الجيد سواء من ناحية الأب أو الأم .

        1- اختيار الزوج

        جاء في الحديث الشريف : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
        إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض .
        رواه ابن ماجه عن أبي هريرة.

        وقال تعالى في سورة القصص :

        قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يٰأَبَتِ ٱسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ ٱسْتَأْجَرْتَ ٱلْقَوِيُّ ٱلأَمِينُ – 26
        قَالَ إِنِّيۤ أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ٱبْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَىٰ أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ - 27

        إنها وأختها تعانيان من رعي الغنم، ومن مزاحمة الرجال على الماء ، ومن الاحتكاك الذي لا بد منه للمرأة التي تزاول أعمال الرجال . وهي تتأذى وأختها من هذا كله , وتريد أن تكون امرأة تأوي إلى بيتها , والمرأة العفيفة الروح ، النظيفة القلب ، السليمة الفطرة ، لا تستريح لمزاحمة الرجال ، ولا للمجهود والمشقة الناشئة من هذه المزاحمة ...

        وها هو ذا شاب قوى أمين. رأت من قوته ما يهابه الرعاء فيفسحون له الطريق ويسقي لهما . ورأت من أمانته ما يجعله عف اللسان والنظر حين توجهت لدعوته ....

        فهي تشير على أبيها باستئجاره ليكفيها وأختها مؤنة العمل والاحتكاك والجهد . وهو قوي على العمل ، أمين على المال . فالأمين على العرض هكذا أمين على ما سواه ....

        فالعفة تتضح في التصرف العادي البسيط بلا تكلف ولا اصطناع ..

        واستجاب الشيخ لاقتراح ابنته. ولعله أحس من نفس الفتاة ونفس موسى ثقة متبادلة ، وميلاً فطرياً سليماً ، صالحاً لبناء أسرة ...

        وهكذا يتم إختيار الأب لزوج إبنته على معاير بدنية وأخلاقية... - وإن شاء الله سوف نتحدث عن حاجة الشباب للرياضة لتحقيق المعيار الأول , أما المعيار الثاني وهو المعيار الأخلاقي فيأخذ من المنهج القرآني وسنة رسولنا الكريم صلوات ربي وسلامه عليه . والأسوة الحسنة ..وإن شاء الله تعالى نتحدث في هذا الموضوع بالتفصيل في حينه ..

        ********

        2- اختيار الزوجة

        هذا عن جانب إختيار الزوج , ولا يقل أهمية اختيار الزوجة...فإنها الحاضنة المربية للأجيال ...

        جاء في الحديث الشريف , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تنكح المرأة لأربع : لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك .
        الراوي: أبو هريرة - المصدر: صحيح البخاري

        قال تعالى في سورة النساء الآية 34 :

        فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ

        فهذا هو الأصل في المؤمنة الطاهرة العفيفة التي تؤتمن على تربية الأجيال المنوط بهم حماية البلاد من التخلف والفساد بجانب الدفاع عنها من أي إعتداء خارجي .

        وقال تعالى :
        وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ – 21 الروم

        أي جعل بين المرأة وزوجها محبة وشفقة , وسكينة تنعكس بدورها على تربية أولادهم, وفي هذا المناخ الذي يتنسمون فيه عبير المودة والرحمة , والعبودية لله وحده. لا تخضع رقابهم إلا لله , فهم أحرار رحماء فيما بينهم , ويحملون تلك الحرية والرحمة لمن حولهم من العالمين..

        وقد كانت المودة والرحمة من أهم المبادئ في المعاملات الإسلامية , فمن المعلوم أن تلك المبادئ تنعكس على كل المجتمع الإيماني والكل يسعد بها ..
        فالرجل إن كان سعيدا في بيته انعكس ذلك على سلوكه بين الناس في الشارع وفي العمل , فتراه مهذبا مبتسما عطوفا متعاونا بين زملاءه , يعامل من تحت يده من العاملين برحمة مع عدم التفريط .

        أما إذا رأيت شخصا عابس الوجه جبارا نكدا ظالما لمن تحت يديه من العاملين , فيكون غالبا ما يعاني في بيته من عدم المودة والرحمة.

        وكذلك المرأة إن كانت سعيدة في بيتها إنعكس ذلك بالضرورة على سلوكها بين أبناءها وجيرانها وزملاءها في العمل .

        ولذلك جعل الله تعالى المودة والرحمة هي أساس بناء الأسرة المؤمنة.
        ولا يتحقق ذلك إلا بالإختيار السليم على المعاير الإيمانية كما حددها لنا الإسلام..

        وبذلك يتفرغ الإنسان للتفكر في متطلبات الحياة والتقرب إلى الله بعمل الصالحات وأداء الفرائض وتربية الشباب , دون الإنشغال في مشاكل تافهة يصنعها الشيطان للتفريق بين الأسر وشل حركة الحياة في المجتمع بين المحاكم وقضاية الأسرة, بين طلاق وخلع ونفقة وحضانة وغيرها..

        ويعود بنا الحديث عن مكانة المرأة في الإسلام . حيث العناية بها وتكريمها , وروي عن أمير المؤمنين" علي بن أبي طالب" كرم الله وجهه :
        ما أكرم النساء إلا كريم ، و لا أهانهن إلا لئيم.

        ********

        وهكذا نجد إهتمام الشريعة الإسلامية بإختيار كلا الزوجين على معاير إيمانية محددة تصون الحياة الزوجية داخل الأسرة وتعمل على التهيئة السليمة لتربية الشباب ...

        ********

        وإلى الفصل الثاني إن شاء الله تعالى

        تعليق


        • #5

          بسم الله الرحمن الرحيم

          الإسلام وشباب الأمة

          الباب الأول : أهمية تربية الشباب.

          تكلمنا في اللقاء السابق عن أهمية وأهداف التربية للشباب.
          ثم تناولنا في الفصل الأول أهمية اختيار كلا الزوجين. لبداية التربية السليمة للأجيال..
          واليوم نتحدث بعون الله تعالى عن إهتمام الإسلام بتربية الطفل وتأثيرها في مرحلة الشباب.

          *********

          الفصل الثاني

          التربية الإيمانية للطفل وتأثيرها في مرحلة الشباب.

          بعد الأختيار السليم لكلا الزوجين , أهتم الإسلام بالطفل منذ بداية قدومه إلى الدنيا .

          *****

          الإهتمام بالرضاعة الفطرية

          قال تعالى :

          وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ
          ..233 سورة البقرة

          وقد ثبت علميا أهمية الرضاعة من الأم وأنها أفضل بكثير من اللبن الصناعي....

          فوائد الرضاعة الفطرية

          تجنب الرضاعة من الأم الأطفال كل من داء الربو، الأكزيما التأبتية، الاٍصابة بحساسية الأنف، الحساسية من بروتينات حليب الأبقار..

          تخفيض نسبة الأصابة بالسرطان عند الأطفال والبالغين الذين استفادو من رضاعة الأم..
          نمو جيد للفك وتفادي النمو غير العادي للأسنان ..

          أما عند الأم فيؤدي الاٍرضاع الطبيعي إلى :

          اٍستمرارية اٍفراز هرمونات الحمل
          رفع نسبة أوكسيتوسين الذي يؤدي إلى تقلص الرحم بعد الولادة ويخفض من النزف بعد الولادة...

          البرولاكتين الذي يعمل على اٍدرار الحليب له تأثير منوم على الأم والرضيع ....

          يساعد الأم على اٍستعادة وزن ماقبل الحمل وذلك باستهلاك مخزون الغداء لديها ...

          ******

          التربية الإيمانية للطفل

          التنشئة في رحاب الصلة بالله تعالى ,
          حيث يؤمر الطفل بالصلاة في عمر سبع سنوات , لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
          مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع .
          الراوي: جد عمرو بن شعيب - المصدر: سنن أبي داود - الصفحة أو الرقم: 495

          وبذلك ينمو الأولاد على الفطرة النقية وهي حب الله ورسوله , والمحافظة على الصلة بالخالق المنعم ..
          فحين تأتي مرحلة الشباب تأتي على طهارة النشئة نقية عفيفة ..

          وتصور معي - جيل من شباب الأمة نشأ على هذه التربية ماذا يكون حالنا ؟

          أيكون هناك شباب مدخن ؟
          أيكون هناك شباب يشرب الخمر والمخدرات ؟
          أيكون هناك شباب منحرف أخلاقيا ؟
          أيكون هناك شباب يقترف الفاحشة ؟
          أيكون هناك شباب قاطعا للطريق للسرقة والقتل ؟

          يستحيل , فالإيمان هو سياج الأمان للإنسان ..

          قال تعالى في سورة الكهف :

          إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى – 13

          أي: بسبب أصل اهتدائهم إلى الإيمان، زادهم الله من الهدى، الذي هو العلم النافع، والعمل الصالح، كما قال تعالى:
          ويزيد الله الذين اهتدوا هدى – 76 مريم

          *********

          العدل بين الأبناء

          أمرنا الرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالعدل بين الأبناء ,
          ورد أن صحابيا سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال :
          إني أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية ، فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله ، قال : أعطيت سائر ولدك مثل هذا . قال : لا ، قال : فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم . قال : فرجع فرد عطيته .
          الراوي: النعمان بن بشير المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2587
          خلاصة الدرجة: صحيح


          *********

          تدريب الأبناء السباحة والرمي

          علموا بنيكم السباحة والرمي ...
          المصدر: مختصر المقاصد للزرقاني - الصفحة أو الرقم: 658

          *********

          وعلى رأس العناية بالطفل تحريم قتل الأولاد

          قال تعالى في سورة الإسراء :

          وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءًا كَبِيرًا - 31

          وهذا من رحمته تعالى بعباده , فهو أرحم بهم من والديهم، فسبحان الله الرحيم بنا ,
          فنهى الوالدين أن يقتلوا أولادهم خوفا من الفقر والإملاق وتكفل برزق الجميع ....
          وأخبر أن قتلهم كان خطأ كبيرا أي : من أعظم كبائر الذنوب لزوال الرحمة من القلب والتجرؤ على قتل الأطفال الذين لم يجر منهم ذنب ولا معصية.

          وكان تحريم قتل الأولاد هنا الخوف من الفقر واحتمال وقوعه مع كثرة الأولاد , وجاء التحريم في سورة الأنعام سابقا في حالة الفقر الفعلي للأبوين .

          وبذلك يكون التحريم في كل الحالات سواء الفقر الفعلي أو الخوف من وقوعه.

          قال تعالى :

          وَلا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ..151 الأنعام

          أي: بسبب الفقر وضيقكم من رزقهم، كما كان ذلك موجودا في الجاهلية القاسية الظالمة.

          فقد تكفل الله تعالى برزق الجميع، فلستم الذين ترزقون أولادكم، بل ولا أنفسكم،
          فقد أمرنا الله تعالى بعدم قتلهم بسبب الفقر , فإن الذي خلقنا هو الذي يرزقنا وإياهم , والذي يتصور غير ذلك ليس بمؤمن.

          وورد في الحديث الشريف: عن عبادة بن الصامت قال :

          بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط ، فقال : أبايعكم على أن لا تشركوا بالله شيئا ، ولا تسرقوا ، ولا تزنوا ، ولا تقتلوا أولادكم ، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ، ولا تعصوني في معروف ، فمن وفى منكم فأجره على الله ، ومن أصاب من ذلك شيئا فأخذ به في الدنيا فهو له كفارة وطهور ، ومن ستره الله فذلك إلى الله : إن شاء عذبه وإن شاء غفر له ...
          الراوي: عبادة بن الصامت - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7468
          خلاصة حكم المحدث صحيح ..


          وورد في الحديث الشريف: عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

          لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على خدمكم ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله تبارك وتعالى ساعة نيل فيها عطاء فيستجيب لكم ...
          الراوي: جابر بن عبدالله الأنصاري المحدث: أبو داود - المصدر: سنن أبي داود - الصفحة أو الرقم: 1532


          وهذه الحقوق للطفل سبقت كل قوانين العالم, بل نرى الأن وفي ظل الحضارة الحديثة بيع الأطفال علنا جهارا نهارا في بعض البلدان وذلك بسب الفقر.

          وتتنوع المجتمعات الإنسانية من حيث العناية بالثروة البشرية.
          فهناك بلدان إهتمت بالثروة البشرية وجعلتها سببا في التنمية والبناء .
          وهناك بلدان تعاني من نقص السكان كما هو الحال في بعض البلدان الأوربية ولكنها تهتم بالعناية بالإنسان من حيث الصحة والتعليم بمستويات عالية ....

          أما البلدان التي تعاني من التكدس السكاني والمعانة من عدم توفير الخدمات اللازمة من مرافق ومدارس ومستشفيات , فهذا لا يرجع لكثرة النسل ولكن يرجع لعدم إستغلال هذه الثروة البشرية وتوظيفها في مشاريع عملاقة , مثل إنشاء المدن الجديدة واستصلاح الأراضي الزراعية والثروة الحيوانية وإنشاء اساطيل للصيد , وتشيد مصانع تستوعب هذه العمالة البشرية المتوفرة...

          كما تقوم بعض البلدان الأسيوية بتدريب الأيدي العاملة وتصديرها للبلاد الغنية لتعود بثروات طائلة , وبذلك تعتبر الثروة البشرية موردا هاما لمن يحسن إستخدامها ...

          وبهذا ندرك عناية الإسلام بالأطفال الذين هم بهجة الحاضر وشباب المستقبل ...

          *********

          وإلى الفصل الثالث إن شاء الله تعالى

          تعليق


          • #6


            بسم الله الرحمن الرحيم

            الإسلام وشباب الأمة

            الباب الأول : أهمية تربية الشباب
            تكلمنا في اللقاء السابق عن أهمية وأهداف التربية للشباب.
            ثم تناولنا في الفصل الأول أهمية اختيار كلا الزوجين.
            ثم تناولنا في الفصل الثاني : التربية الإيمانية للطفل
            وتأثيرها في مرحلة الشباب.


            واليوم نتحدث بعون الله تعالى عن إهتمام الإسلام بالتعليم والبحث العلمي للشباب

            *******

            الفصل الثالث
            التعليم والبحث العلمي للشباب.


            مبدأ العلم والبحث العلمي أول ما نزل به القرآن العظيم .
            قال تعالى في سورة العلق :

            اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ – 1 خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ – 2
            اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ – 3 الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ – 4 عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ – 5


            إن المدخل الأول للتعلم هو القراءة , (
            اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ) .
            وإن المدخل الأول للبحث العلمي هو النظر في الحقائق الموجودة في واقع الحياة (
            خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ )...
            وإن المدخل الأول لكلا الأمرين تعلم الكتابة والوسيلة التي تكتب (القلم) والمعلم, لأن العلم مكتسب ولا يولد مع الإنسان , لا بد من معلم ووسيلة للكتابة.. ولذك كان التعلم لأب البشر أدم عليه السلام . قال تعالى في سورة البقرة :
            وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ....
            فمن أهم مقومات الحضارة في الإسلام " العلم والبحث العلمي " فهو المقدمة الأولى لبناء الصرح الحضاري .
            والعلماء ورثة الأنبياء كما ورد في الحديث الشريف : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
            من سلك طريقا يطلب فيه علما ، سلك الله به طريقا من طرق الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع ، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ، ومن في الأرض ، والحيتان في جوف الماء ، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب ، وإن العلماء ورثة الأنبياء ، وإن الأنبياء ، لم يورثوا دينارا ، ولا درهما ، إنما ورثوا العلم ، فمن أخذه أخذ بحظ وافر...
            الراوي: أبو الدرداء المصدر: صحيح الجامع للألباني

            وأن الذين يخافون الله تعالى هم العلماء لما يرونه من حقائق مزهلة في عالم الإنسان والحيوان والنبات والجماد وفي مجرات النجوم والكوكب والأقمار وفي الذرة وفي البحار والأنهار.

            قال تعالى:
            إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ -28 فاطر

            *******

            العلم من أهم صفات من نزل عليهم القرآن العظيم
            قال تعالى: في أول سورة فصلت:

            حم – 1 تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ - 2 كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ – 3

            ﴿
            قُرْآنًا عَرَبِيًّا ﴾ أي: باللغة الفصحى أكمل اللغات، فصلت آياته وجعل عربيًا. ﴿ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ أي: لأجل أن يتبين لهم معناه، كما تبين لفظه، ويتضح لهم الهدى من الضلال، والْغَيِّ من الرشاد.....

            وقد حافظ القرآن العظيم على اللغة العربية ونشرها في ربوع الأرض وجعلها من اللغات الحية في العالم.. وقد استوعبت اللغة العربية جميع علوم الأرض , والدليل على ذلك ما قام به علماء الإسلام بالترجمة لكتب العلوم في العصر الذهبي للدولة الإسلامية , والبحث العلمي في جميع أصول المعرفة سواء الرياضية في الجبر والهندسة أو العلوم الكيمائية أو الطبية أو علم الفلك من نجوم وكواكب أو الجغرافية أو التاريخية والشريعة والقانون..

            فتفوق المسلمون الأوائل في العلوم الصناعية في كافة المجالات مثل صناعة السفن والأساطيل البحرية وإنشاء الترع والسدود و إنشاء المدن وما ترتب عليها من مرافق وإضاءة...
            وهذا الكلام ليس كلام إنشائي بل بالدليل القاطع من القرآن العظيم , وإليكم بعض العلوم التي تضمنتها الآيات في صدر سورة النحل.

            1-علوم السماوات والارض

            خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ – 3

            خلق الله السموات والأرض بالحق , ليستدِل بهما العباد على عظمة خالقهما, وأنه وحده المستحق للعبادة , تنزَّه - سبحانه - وتعاظم عن شركهم .

            2 – العلوم الخاصة بجسد الإنسان

            خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ – 4

            وقال تعالى في سورة المؤمنون

            وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ – 12
            ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ – 13
            ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ – 14
            ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ – 15
            ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ -16


            ويدرك المتخصصون في العلوم الطبية مدى دقة هذه الآيات التي سبقت كل الإكتشافت الحديثة في علم الأجنة.


            3 - العلوم الخاصة بالثروة الحيوانية

            وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ – 5
            وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ – 6
            وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ – 7

            والأنعامَ من الإبل والبقر والغنم خلقها الله لكم -أيها الناس- وجعل في أصوافها وأوبارها الدفء, ومنافع أُخر في ألبانها وجلودها وركوبها, ومنها ما تأكلون ...

            قال تعالى :

            وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ – 66


            4 – العلوم الخاصة بوسائل النقل والمواصلات

            وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ – 7

            وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ – 8

            وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ – 9

            وخلق لكم الخيل والبغال والحمير; لكي تركبوها, ولتكون جمَالا لكم ومنظرًا حسنًا .
            ويخلق لكم من وسائل الركوب وغيرها ما لا عِلْمَ لكم به ..

            فهذا بيان لكل مكتشف في وسائل النقل , فعلى الإنسان تطوير صناعة المواصلات , و على العلماء إستخدام الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية في تسير تلك المركبات بدلا من التلوث البيئي الذي نعاني منه ...

            5 – العلوم الخاصة بالمياه والزراعة

            هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ – 10
            يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ – 11

            هو الذي أنزل لكم من السحاب مطرًا, فجعل لكم منه ماءً تشربونه, وأخرج لكم به شجرًا تَرْعَوْن فيه دوابّكم, ويعود عليكم دَرُّها ونفْعُها.

            يُخرج لكم من الأرض بهذا الماء الواحد الزروع المختلفة, ويُخرج به الزيتون والنخيل والأعناب, ويُخرج به كل أنواع الثمار والفواكه. إن في ذلك الإخراج لدلالةً واضحة لقوم يتأملون, فيعتبرون ....

            6 – العلوم الخاصة بالفلك والفضاء

            وَسَخَّرَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ – 12

            وسخَّر لكم الليل لراحتكم, والنهار لمعاشكم , وسخَّر لكم الشمس ضياء , والقمر نورًا ولمعرفة السنين والحساب , وغير ذلك من المنافع , والنجوم في السماء مذللات لكم بأمر الله لمعرفة الأوقات , والاهتداء بها في الظلمات.

            7 - العلوم الخاصة بالثروات الباطنة في الأرض
            من معادن وبترول وغيرها .


            وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ - 13

            تلفتنا الآيات إلى التنقيب عن المعادن وجميع الثروات التي سخرها الله تعالى لنا في باطن الأرض ...
            وسخَّر ما خلقه لكم في الأرض من الدوابِّ والثمار والمعادن, وغير ذلك مما تختلف ألوانه ومنافعه. إن في ذلك الخَلْق واختلاف الألوان والمنافع لَعبرةً لقوم يتعظون , ويعلمون أنَّ في تسخير هذه الأشياء علاماتٍ على وحدانية الله تعالى وإفراده بالعبادة ...

            8 – علوم البحار

            وما يخرج منها من ثروات , وما تحمله من السفن والمركبات والغواصات..

            وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ – 14

            تلفتنا الآيات إلى قيمة الثروة السمكية التي لو استغلت لم ترى جائعا على وجه الأرض . فهي ثروة مجانية في البحار والأنهار ولكن علينا الهمة والسعي لكي نحصل عليها .....

            وهو الذي سخَّر لكم البحر , لتأكلوا مما تصطادون من سمكه لحمًا طريًا , وتستخرجوا منه زينة تَلْبَسونها كاللؤلؤ والمرجان , وترى السفن العظيمة تشق وجه الماء تذهب وتجيء , وتركبونها , لتطلبوا رزق الله بالتجارة والربح فيها , ولعلكم تشكرون لله تعالى على عظيم إنعامه عليكم, فلا تعبدون غيره ...

            9 - علوم البيئة

            التي تبحث في طبيعة الأرض والجبال والسهول والوديان والانهار والمسالك والطرق ..

            وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ – 15

            وأرسى في الأرض جبالا تثبتها حتى لا تميل بكم , وجعل فيها أنهارًا , لتشربوا منها , وجعل فيها طرقًا , لتهتدوا بها في الوصول إلى الأماكن التي تقصدونها ...

            10 - علوم الفلك و النجوم
            ومواقعها العظيمة ..


            التي تحدد معالم الاتجاهات في الليل وفي الصحاري الواسعة والمحيطات المائية الكبيرة ...

            وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ – 16

            وجعل في الأرض معالم تستدلُّون بها على الطرق نهارًا, كما جعل النجوم للاهتداء بها ليلا. وأيضا للمزيد من المعلومات علينا بالبحث العلمي ..

            هل أدركنا شمول رسالة الله تعالى للحياة كلها ؟ وهل يستطيع مكابر بعد هذه الأدلة أن ينحي الدين عن الحياة الواقعية ؟

            قال تعالى في سورة يونس :
            هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ – 5
            إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ – 6


            *******
            هل أدركنا أهمية العلم والبحث العلمي في ظل عقيدة التوحيد..

            فرسالة الإسلام هي سياج الأمان من إنحراف الحضارات , فبدون مبادئ الإيمان تشتعل الحروب ويروج لها تجار السلاح..

            قال تعالى:
            كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ – 64 المائدة

            ولكن في ظل عقيدة الإسلام , قال تعالى :

            إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
            – 90 النحل

            ********

            وإلى الفصل الرابع إن شاء الله تعالى

            تعليق


            • #7

              بسم الله الرحمن الرحيم

              الإسلام وشباب الأمة
              الباب الأول : أهمية تربية الشباب

              تكلمنا في اللقاءات السابقة عن أهمية وأهداف التربية للشباب.
              ثم تناولنا في الفصل الأول أهمية اختيار كلا الزوجين.
              ثم تناولنا في الفصل الثاني : التربية الإيمانية للطفل
              وتأثيرها في مرحلة الشباب.
              وتناولنا في الفصل الثالث إهتمام الإسلام بالتعليم والبحث العلمي للشباب .

              الفصل الرابع
              أهمية الرياضة للشباب

              اليوم نتحدث بعون الله تعالى عن إهتمام الإسلام بالرياضة وسلامة البنيان الجسدي للشباب.
              فالعقل السليم في الجسم السليم.


              ********

              1 – فوائد الرياضة للشباب

              إِنَّ خَيْرَ
              مَنِ ٱسْتَأْجَرْتَ ٱلْقَوِيُّ ٱلأَمِينُ -26 القصص


              كل التكليفات وجميع الأعمال تحتاج إلى قوة بدنية , والقوة البدنية تحتاج إلى قوة إيمانية ترشدها وتدعمها , فالقلب المؤمن بمثابة قائد السيارة . فهو يقود ذلك الجسد في الإتجاه الصحيح , حيث يستخدم جميع قواه في أوجه الخير والنفع له ولمن حوله من البشر.

              وبناءا على ذلك يجب أن نوفر لشبابنا وسائل الأنشطة التي تدعم تقوية البنية الجسدية .. وفي نفس الوقت مكافحة كل وسائل الهدم لذلك البنيان.
              مثل مكافحة المخدرات والتدخين وأوكار الفساد التي تقدم الخمور والفجور ...فكل هذه معاول هدم لايستطيع معها الشباب بناء أي أمجاد أو حضارات لنفسه أو لأمته..

              فجميع الأعمال تحتاج إلى مهارات وتدريبات ومعانة ومكابدة , وكل ذلك لا يتأتى من أجساد هزيلة وعقول مغيبة ..

              فوجب العمل على دعم الجانب الرياضي وتفعيله وتقديم الأغذية اللازمة للشباب , ثم إستثمار عطلات نهاية العام الدراسي في دورات رياضية مكثفة في جميع الأنشطة..

              ********

              2 - علاقة الرياضة بالأخلاق

              ففي الحديث الشريف : قال صلى الله عليه وسلم
              ليس الشديد بالصرعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب..
              الراوي: أبو هريرة - المصدر: صحيح البخاري

              وكما ذكرنا سابقا فإن قلب المؤمن بما يحمله من مبادئ وقيم هي التي تحدد مسارات الإنفعالات لديه ..

              قال تعالى في سورة أل عمران :
              وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ - 133 الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ
              وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ - 134


              ﴿
              والكاظمين الغيظ ﴾ أي : إذا حصل لهم من غيرهم أذية توجب غيظهم - الموجب للانتقام بالقول والفعل - فلا يعملون بمقتضى الطباع البشرية ، بل يكظمون ما في القلوب من الغيظ ، ويصبرون عن مقابلة المسيء إليهم. وهو مايسمى في عصرنا بالروح الرياضية .
              ﴿
              والعافين عن الناس ﴾ يدخل في العفو عن الناس، العفو عن كل من أساء إليك بقول أو فعل ، والعفو أبلغ من الكظم ، لأن العفو ترك المؤاخذة مع السماحة عن المسيء ، وهذا إنما يكون ممن تحلى بالأخلاق الجميلة ، وتخلى عن الأخلاق الرذيلة ، وممن تاجر مع الله ، وعفا عن عباد الله رحمة بهم ، وإحسانا إليهم ، وكراهة لحصول الشر عليهم ، وليعفو الله عنه ، ويكون أجره على ربه الكريم....


              ***********

              3 - مشاهدة المباريات

              ففي الحديث عن السيدة عائشة رضي الله عنها :
              كان الحبش يلعبون بحرابهم فسترني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أنظر ، فما زلت أنظر حتى كنت أنا أنصرف ..
              المصدر: صحيح البخاري

              إن مشاهدة الرياضة متعة للمشاهدين لها , ولكن أذكر الشباب بأن الرياضة أخلاق أولا وقبل كل شئ, ولا يصح أن تتحول الأندية الرياضية إلى عقائد تتصارع من دونها الشباب ويموت فدائها المشجعون ..
              فالهدف من المشاهدة بجانب المتعة أن تتعلم كيف تمارس الرياضة التي هي بناء للجسم وليس التعصب للنادي بعينه..


              ************

              4 - دور الرياضة في نشر الدعوة

              إن الإنسان يتعلق وينبهر بالقوة وقد يدعوه ذلك بالإقتادأ بذلك القوي وخاصة إن كان ذو خلق وذو دعوة وحامل لرسالة ربه إلى العالم..

              فقد ورد في الحديث الشريف عن ابن عباس رضي الله عنه قال :

              جاء يزيد بن ركانة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ثلاثمائة من الغنم فقال : يا محمد هل لك أن تصارعني ؟

              قال وما تجعل لي إن صرعتك ؟

              قال : مائة من غنمي.

              فصارعه النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه.

              ثم قال : يا محمد هل لك في العود ؟

              قال : وما تجعل لي إن صرعتك ؟

              قال : مائة أخرى.

              فصارعه النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه.

              ثم قال : يا محمد هل لك في العود ؟

              قال : وما تجعل لي ؟

              قال مائة من الغنم.

              فصارعه النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه.

              ثم قال يزيد بن ركانة يا محمد : ما وضع ظهري إلى الأرض أحد قبلك وما كان أحد أبغض إلي منك ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وإنك رسول الله ..
              فقام عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ورد عليه غنمه ..
              الراوي: عبدالله بن عباس
              المصدر: إرشاد الفقيه - ابن كثير
              خلاصة حكم المحدث: إسناده جيد

              وهكذا نجد أن القوة مدخل إلى قلوب الناس ..فيجب على أمة تريد النهوض والتحضر أن تهتم بالرياضة لحماية شبابها من الإنحراف .. ونتذكر قول نبينا صلى الله عليه وسلم :

              المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف .

              وفي كل خير . احرص على ما ينفعك واستعن بالله . ولا تعجز . وإن أصابك شيء فلا تقل : لو أني فعلت كان كذا وكذا . ولكن قل : قدر الله . وما شاء فعل . فإن لو تفتح عمل الشيطان ..

              الراوي: أبو هريرة - المصدر: صحيح مسلم
              خلاصة حكم المحدث: صحيح


              ********

              وإلى الفصل الخامس إن شاء الله تعالى.
              تنمية موهبة الإبتكار للشباب.

              تعليق


              • #8

                بسم الله الرحمن الرحيم

                الإسلام وشباب الأمة
                الباب الأول : أهمية تربية الشباب
                تكلمنا في اللقاءات السابقة عن أهمية وأهداف التربية للشباب.
                ثم تناولنا في الفصل الأول أهمية اختيار كلا الزوجين.
                ثم تناولنا في الفصل الثاني : التربية الإيمانية للطفل
                وتأثيرها في مرحلة الشباب.
                وتناولنا في الفصل الثالث إهتمام الإسلام بالتعليم والبحث العلمي للشباب .
                وتناولنا في الفصل الرابع إهتمام الإسلام بالرياضة لبناء الجسم السليم .


                الفصل الخامس
                تنمية موهبة الإبتكار للشباب.

                اليوم نتحدث بعون الله تعالى عن الإهتمام بالمواهب الشابة والإبتكار.

                إن الإنسان عموما خلقه الله تعالى وأمده بالعقل المفكر وأمده بالعلوم البديهية التي عن طريقها تطورت كل علوم الإنسان عبر تاريخه على الأرض...
                وبناءا على ذلك يكون الإنسان أيا كانت عقيدته إذا إهتم بدعم المواهب العلمية لدى الشباب , فسوف يحقق تقدما هائلا في الصناعات والمبتكرات التي تحقق حاجات ضرورية أو رفاهية للإنسان..

                فهذه فطرة الله الذي فطر الناس عليها , ( التعلم والتطور ) .

                قال تعالى في سورة يونس :

                حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا
                أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
                -24

                فالعلوم الكونية مكفولة لمن يتقنها ويأخذ بأسبابها عن طريق الدعم المالي والبحث العلمي وتشجيع الشباب للإبتكار..

                قال تعالى في سورة الإسراء :

                كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ
                وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا
                – 20

                ﴿
                وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا
                أي: لم يكن العطاء ممنوعا على إي إنسان , بل جميع الخلق متساون بفضله وإحسانه في الدنيا لمن يحسن فيها العمل ويأخذ بالأسباب , أما الأخرة فلها شأن أخر.
                قال تعالى في سورة القصص :

                ﴿
                تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ – 83

                فالمؤمن يجمع بين الحسنيين ..سعادة في الدنيا بالعمل الصالح الذي يتقرب به إلى الله تعالى , وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين..

                *********

                التدبر كمدخل لجميع الإكتشافات

                لم يستطيع أي إنسان أن يكتب دون معرفة مفردات الحروف الأبجدية ..وذلك في كل اللغات الحية , وكذلك الإبتكارات والمخترعات لابد فيها من التعرف على البديهيات العامة والحقائق الكونية بالإضافة إلى التعرف على حاجات الإنسان لكي نخرج مبتكرا يفيد الإنسان مثل التليفون والحاسب الألي والسيارة وجميع الأجهزة التي تساعد الإنسان في كافة المجالات ...

                ومن المعلوم أن الإبتكارات لا تبدأ من الصفر بل تعتمد على التقنيات السابقة عليها , فهو تطور لمنتج سابق وهكذا ...

                قال تعالى في سورة الجاثية :

                وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ – 13

                ﴿
                وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ ﴾ أي: من فضله وإحسانه ، وهذا شامل لأجرام السماوات والأرض ولما أودع الله فيهما من الشمس والقمر والكواكب والثوابت والسيارات وأنواع الحيوانات وأصناف الأشجار والثمرات وأجناس المعادن وغير ذلك مما هو معد لمصالح بني آدم ومصالح ما هو من ضروراته ،

                ﴿
                إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ

                والتفكر في الآيات الكونية هو ما دفع الإنسان للتعامل مع المواد المسخرة له واستخراج منها ما يساعده للتنقل في ربوع الأرض ثم التنقل بين الكواكب ..

                وهذا فرق بين المؤمن وغير المؤمن في نظرته للأشياء وتعامله مع الإبتكارات والمخترعات , فالمؤمن يزداد إيمانا لرؤيته عظيم قوانين الله في الكون وعظيم الإمدادات التي أمدنا بها الله في الأرض..

                قال تعالى في سورة الكهف :

                حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا - 93
                قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا - 94

                قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا – 95
                آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا - 96

                فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا - 97 قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا – 98


                ومن الآيات السابقة ندرك أن التوجه لعمل ما يكون لحاجة دفعت إليه .. (
                قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا )

                ثم إستخدام القوة لبناء السد , وهي متمثلة في الأيدي العاملة ثم المواد الخام, الحديد والنحاس والنار..

                (
                قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا – 95 آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا - 96 )

                أي أعطوني قطع الحديد ، حتى إذا جاؤوا به ووضعوه وحاذوا به جانبي الجبلين ، قال للعمال : أجِّجوا النار ، حتى إذا صار الحديد كله نارًا ، قال : أعطوني نحاسًا أُفرغه عليه ...

                وبهذا تم إقامة السد على قدر ما لديه من إمكانيات وكيفية إستخدامها.. وكذلك كل الصناعات التي نراها الأن..

                وإليكم هذا النموذج المشرف لمهندسة مصرية
                المصدر : إسلام إونلاين .

                آية قرانية توصل لاختراع خرسانه مقاومه للزلازل..

                توصلت عالمة مصرية لاختراع يحمي ...المنشاَت والمباني من مخاطر الزلازل وحصلت بموجبه على وسام الاستحقاق ضمن عشرة علماء على مستوى العالم تم تكريمهم في لندن..

                الإختراع الذي توصلت إليه المهندسة الدكتورة ليلى عبد المنعم يتمثل فى تكوين خرسانة مسلحة من حوائط البيتومين من الحديد المنصهر معتمدة في اختراعها على آية قرآنية كريمة فى سورة الكهف كمرجع أول في هذا الاختراع ،، وهي :
                آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا ..

                تقول الخبيرة المصرية : توقفت أمام هاتين الآيتين وتدبرت موقف نزولهما جيدا و بعد عدة تجارب توصلت إلى تركيبة جديدة من ( الخرسانة المسلحة ) استخدمت فيها نفس المواد التي اعتمد عليها ذو القرنين في إقامة الحاجز بين الجبلين .. من أحد منتجات البترول مضافا إليه الحديد المنصهر مع الإسفلت فتوصلت إلى خلطة شديدة التماسك ولها قدرة على مقاومة الزلازل...

                الدكتورة ليلى لها 100 أختراع .. حصلت من أجلها على جائزة الاستحقاق بلندن ...

                هل أدركنا أهمية التشجيع على الإبتكارات العلمية للنهوض ببلادنا وأنها تحتاج لكثير من البحث والدراسة المكثفة لأنها مبنية على ما قبلها من علوم ؟


                *********

                وإلى الفصل السادس إن شاء الله تعالى..
                التطبيق العملي لابحاث ومخترعات الشباب.

                تعليق


                • #9

                  بسم الله الرحمن الرحيم

                  الإسلام وشباب الأمة
                  الباب الأول : أهمية تربية الشباب
                  تكلمنا في اللقاءات السابقة عن أهمية وأهداف التربية للشباب.
                  ثم تناولنا في الفصل الأول أهمية اختيار كلا الزوجين.
                  ثم تناولنا في الفصل الثاني : التربية الإيمانية للطفل
                  وتأثيرها في مرحلة الشباب.
                  وتناولنا في الفصل الثالث إهتمام الإسلام بالتعليم والبحث العلمي للشباب .
                  وتناولنا في الفصل الرابع إهتمام الإسلام بالرياضة لبناء الجسم السليم .


                  الفصل الخامس
                  تنمية موهبة الإبتكار للشباب.

                  اليوم نتحدث بعون الله تعالى عن الإهتمام بالمواهب الشابة والإبتكار.

                  إن الإنسان عموما خلقه الله تعالى وأمده بالعقل المفكر وأمده بالعلوم البديهية التي عن طريقها تطورت كل علوم الإنسان عبر تاريخه على الأرض...
                  وبناءا على ذلك يكون الإنسان أيا كانت عقيدته إذا إهتم بدعم المواهب العلمية لدى الشباب , فسوف يحقق تقدما هائلا في الصناعات والمبتكرات التي تحقق حاجات ضرورية أو رفاهية للإنسان..

                  فهذه فطرة الله الذي فطر الناس عليها , ( التعلم والتطور ) .

                  قال تعالى في سورة يونس :

                  حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا
                  أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
                  -24

                  فالعلوم الكونية مكفولة لمن يتقنها ويأخذ بأسبابها عن طريق الدعم المالي والبحث العلمي وتشجيع الشباب للإبتكار..

                  قال تعالى في سورة الإسراء :

                  كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ
                  وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا
                  – 20

                  ﴿
                  وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا
                  أي: لم يكن العطاء ممنوعا على إي إنسان , بل جميع الخلق متساون بفضله وإحسانه في الدنيا لمن يحسن فيها العمل ويأخذ بالأسباب , أما الأخرة فلها شأن أخر.
                  قال تعالى في سورة القصص :

                  ﴿
                  تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ – 83

                  فالمؤمن يجمع بين الحسنيين ..سعادة في الدنيا بالعمل الصالح الذي يتقرب به إلى الله تعالى , وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين..

                  *********

                  التدبر كمدخل لجميع الإكتشافات

                  لم يستطيع أي إنسان أن يكتب دون معرفة مفردات الحروف الأبجدية ..وذلك في كل اللغات الحية , وكذلك الإبتكارات والمخترعات لابد فيها من التعرف على البديهيات العامة والحقائق الكونية بالإضافة إلى التعرف على حاجات الإنسان لكي نخرج مبتكرا يفيد الإنسان مثل التليفون والحاسب الألي والسيارة وجميع الأجهزة التي تساعد الإنسان في كافة المجالات ...

                  ومن المعلوم أن الإبتكارات لا تبدأ من الصفر بل تعتمد على التقنيات السابقة عليها , فهو تطور لمنتج سابق وهكذا ...

                  قال تعالى في سورة الجاثية :

                  وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ – 13

                  ﴿
                  وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ ﴾ أي: من فضله وإحسانه ، وهذا شامل لأجرام السماوات والأرض ولما أودع الله فيهما من الشمس والقمر والكواكب والثوابت والسيارات وأنواع الحيوانات وأصناف الأشجار والثمرات وأجناس المعادن وغير ذلك مما هو معد لمصالح بني آدم ومصالح ما هو من ضروراته ،

                  ﴿
                  إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ

                  والتفكر في الآيات الكونية هو ما دفع الإنسان للتعامل مع المواد المسخرة له واستخراج منها ما يساعده للتنقل في ربوع الأرض ثم التنقل بين الكواكب ..

                  وهذا فرق بين المؤمن وغير المؤمن في نظرته للأشياء وتعامله مع الإبتكارات والمخترعات , فالمؤمن يزداد إيمانا لرؤيته عظيم قوانين الله في الكون وعظيم الإمدادات التي أمدنا بها الله في الأرض..

                  قال تعالى في سورة الكهف :

                  حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا - 93
                  قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا - 94

                  قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا – 95
                  آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا - 96

                  فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا - 97 قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا – 98


                  ومن الآيات السابقة ندرك أن التوجه لعمل ما يكون لحاجة دفعت إليه .. (
                  قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا )

                  ثم إستخدام القوة لبناء السد , وهي متمثلة في الأيدي العاملة ثم المواد الخام, الحديد والنحاس والنار..

                  (
                  قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا – 95 آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا - 96 )

                  أي أعطوني قطع الحديد ، حتى إذا جاؤوا به ووضعوه وحاذوا به جانبي الجبلين ، قال للعمال : أجِّجوا النار ، حتى إذا صار الحديد كله نارًا ، قال : أعطوني نحاسًا أُفرغه عليه ...

                  وبهذا تم إقامة السد على قدر ما لديه من إمكانيات وكيفية إستخدامها.. وكذلك كل الصناعات التي نراها الأن..

                  وإليكم هذا النموذج المشرف لمهندسة مصرية
                  المصدر : إسلام إونلاين .

                  آية قرانية توصل لاختراع خرسانه مقاومه للزلازل..

                  توصلت عالمة مصرية لاختراع يحمي ...المنشاَت والمباني من مخاطر الزلازل وحصلت بموجبه على وسام الاستحقاق ضمن عشرة علماء على مستوى العالم تم تكريمهم في لندن..

                  الإختراع الذي توصلت إليه المهندسة الدكتورة ليلى عبد المنعم يتمثل فى تكوين خرسانة مسلحة من حوائط البيتومين من الحديد المنصهر معتمدة في اختراعها على آية قرآنية كريمة فى سورة الكهف كمرجع أول في هذا الاختراع ،، وهي :
                  آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا ..

                  تقول الخبيرة المصرية : توقفت أمام هاتين الآيتين وتدبرت موقف نزولهما جيدا و بعد عدة تجارب توصلت إلى تركيبة جديدة من ( الخرسانة المسلحة ) استخدمت فيها نفس المواد التي اعتمد عليها ذو القرنين في إقامة الحاجز بين الجبلين .. من أحد منتجات البترول مضافا إليه الحديد المنصهر مع الإسفلت فتوصلت إلى خلطة شديدة التماسك ولها قدرة على مقاومة الزلازل...

                  الدكتورة ليلى لها 100 أختراع .. حصلت من أجلها على جائزة الاستحقاق بلندن ...

                  هل أدركنا أهمية التشجيع على الإبتكارات العلمية للنهوض ببلادنا وأنها تحتاج لكثير من البحث والدراسة المكثفة لأنها مبنية على ما قبلها من علوم ؟


                  *********

                  وإلى الفصل السادس إن شاء الله تعالى..
                  التطبيق العملي لابحاث ومخترعات الشباب.

                  تعليق


                  • #10

                    بسم الله الرحمن الرحيم

                    الإسلام وشباب الأمة
                    الباب الأول : أهمية تربية الشباب
                    تكلمنا في اللقاءات السابقة عن أهمية وأهداف التربية للشباب.
                    ثم تناولنا في الفصل الأول أهمية اختيار كلا الزوجين.
                    ثم تناولنا في الفصل الثاني : التربية الإيمانية للطفل
                    وتأثيرها في مرحلة الشباب.
                    وتناولنا في الفصل الثالث إهتمام الإسلام بالتعليم والبحث العلمي للشباب .
                    وتناولنا في الفصل الرابع إهتمام الإسلام بالرياضة لبناء الجسم السليم .
                    وتناولنا في الفصل الخامس إهتمام الإسلام بالمواهب الشابة والإبتكار .


                    الفصل السادس
                    التطبيق العملي لأبحاث ومخترعات الشباب.


                    اليوم نتحدث بعون الله تعالى عن الإهتمام بالتطبيق العملي لابحاث ومخترعات الشباب.

                    إن التقدم الحضاري يعتمد على التطبيقات العملية للأفكار المتطورة وليس فقط مجرد الأفكار والمجلدات والرسائل ..
                    إن الدول المتقدمة حضاريا وصناعيا إعتمدت ذلك المنهج في مدارسها ومعاهدها وجامعاتها حتى الأسر في البيوت تقوم بالتصنيع على أعلى مستوى ..
                    ولعل التجربة اليابانية والصينية والكورية خير دليل على ذلك..

                    ********

                    ولكن المتتبع للمراحل التاريخية للعالم يدرك عظمة التجربة الإسلامية ,
                    فالتجربة الإسلامية هي التي أسست لكثير من العلوم الحديثة اليوم.
                    ظهر المسلمون وتزعموا العالم وعزلوا الأمم المريضة من زعامة الإنسانية التي استغلتها وأساءت عملها ، وسار المسلمون بالإنسانية سيراً حثيثاً متزناً عادلاً ، وقد توفرت فيهم الصفات التي تؤهلهم لقيادة الأمم ، وتضمن سعادتها وفلاحها في ظلهم وتحت قيادتهم .

                    لأنهم أصحاب كتاب منزل وشريعة إلهية فلا يتخبطون في سلوكهم وسياستهم ومعاملتهم للناس خبط عشواء ، قد جعل الله لهم نوراً يمشون به في الناس ..فانتشرت العلوم والصناعات المتقدمة التي كانت أصل من أصول العلوم الحديثة ..

                    بينما كانت الأمم الأوروبية في القرون الوسطى كانت متوغلة في الشمال والغرب فكانت تتسكع في ظلام الجهل المطبق ، والأمية الفاشية ، والحروب الدامية.. ولا تعرف عن العالم ولا يعرف العالم المتمدن عنها إلا قليلاً ..

                    وكذلك الأمم الأخرى في آسيا الوسطى وفي الشرق ، كالمغول والترك واليابانيين ، فقد كانت بين بوذية فاسدة ، ووثنية همجية ، لا تملك ثروة علمية ، ولا نظاماً سياسياً راقياً..

                    أما الحضارة الإسلامية في عصرها الذهبي فكانت أقوى الحضارات التي استمرت أكثر من عشرة قرون رافعة لواء التوحيد حاملة لمشعل الحضارة وناشرة للعلم في كافة المجالات ..وذلك بتشجيع العلم والتطبيق العملي لكل الإبتكارات التي أصبحت نواة العلوم الحديثة..

                    فالعالم متعطش لمثل هذه الحضارة التي تقود الإنسانية للأمان حيث العلم والإيمان , فهما جناحان لحضارة أمنة..
                    ولا يكون ذلك إلا بتقدم المسلمون في العلم والتطبيق العملي لإختراعات الشباب ..
                    وخاصة أننا نملك كل وسائل التطور وأولها ديننا العظيم الذي يعظم من شأن العلم والعلماء ..
                    ثم الثروات الضخمة التي بها ننفق على الأبحاث العلمية والمصانع التي تطبق تلك الأبحاث..
                    ثم المواد الخام المتوفرة مثل البترول والحديد وبقية المعادن ..
                    ثم الأيدي العاملة الرخيصة التي لو استغلت لنهضت أمتنا وأصبحت خير الأمم تحمل الخير للعالمين..

                    بينما نجد الأمم غير المسلمة استغلت العلم في إنتاج أسلحة الدمار الشامل واحتلال وازلال الشعوب الفقيرة..

                    ********

                    فوجب علينا أن نهتم بجانب التطبيق العملي لمخترعات الشباب . وعلى سبيل المثال الإهتمام بصناعة أجهزة الطاقة الشمسية ..

                    إن الطاقة الشمسية من أعظم النعم على منطقتنا , فيمكن تخزينها وتحويلها إلى كهرباء كطاقة نظيفة بدلا من التلوث الذي نعاني منه.. ويمكن تصديرها عبر أسلاك وبطاريات لدول العالم..

                    *******

                    وهذا هو الفهم الصحيح للإسلام فهو حركة وعمل وبناء وتعمير . . يتجه إلى الله . إنه ليس انكماشا وسلبية وانزواء في مكنونات الضمير . وليس مجرد النوايا الطيبة التي لا تتمثل في حركة وهذه طبيعة الإسلام البارزة التي تجعل منه قوة بناء كبرى في صميم الحياة ......

                    والمتتبع لآيات القرآن العظيم يلاحظ إقتران الإيمان بالعمل الصالح من أوله إلى أخره ولم يذكر الإيمان مجرد من العمل قط ...

                    قال تعالى :

                    وَالْعَصْرِ -1 إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ - 2 إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر - 3

                    مما يدلك على أهمية العمل الصالح في الإسلام...وأن الأمر ليس بالأماني..

                    قال تعالى في سورة النساء :

                    لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا – 123 وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا – 124

                    **********

                    وإلى الفصل السابع إن شاء الله تعالى

                    تعليق


                    • #11
                      تسجيل متابعة

                      ما شاء الله

                      جزاكم الله خيراً

                      تعليق


                      • #12
                        بسم الله الرحمن الرحيم

                        الإسلام وشباب الأمة
                        الباب الأول : أهمية تربية الشباب
                        تكلمنا في اللقاءات السابقة عن أهمية وأهداف التربية للشباب.
                        ثم تناولنا في الفصل الأول أهمية اختيار كلا الزوجين.
                        ثم تناولنا في الفصل الثاني : التربية الإيمانية للطفل
                        وتأثيرها في مرحلة الشباب.
                        وتناولنا في الفصل الثالث إهتمام الإسلام بالتعليم والبحث العلمي للشباب .
                        وتناولنا في الفصل الرابع إهتمام الإسلام بالرياضة لبناء الجسم السليم .
                        وتناولنا في الفصل الخامس إهتمام الإسلام بالمواهب الشابة والإبتكار .
                        الفصل السادس التطبيق العملي لأبحاث ومخترعات الشباب.


                        الفصل السابع
                        أهمية الأسوة الحسنة للشباب
                        والمثل الأعلى


                        اليوم نتحدث بعون الله تعالى عن الإهتمام بالأسوة الحسنة والمثل الأعلى للشباب..حيث يجب العناية بكوادر العمل التربوي ودعمه في كل المستويات وخاصة تربية الشباب..

                        إن التناقد بين المبادئ والسلوكيات أساس انهيار التربية لدى الشباب.. ولذلك حرص الإسلام على ضرورة أن يكون العمل وفق المبادئ التي نؤمن بها ..

                        فكيف يقتنع الشباب بما يلقيه عليه المربي في المعهد أو المدرسة أو الكلية ثم يخرج الشاب ويرى نقيض ما سمع ؟ يرى الفساد والكذب والإهمال..!!


                        مبدأ موافقة الأعمال للأقوال


                        قال تعالى في سورة الصف :

                        يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ – 2 كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ - 3


                        أي: لم تقولون الخير وتحثون عليه ، وربما تمدحتم به وأنتم لا تفعلونه ، وتنهون عن الشر وربما نزهتم أنفسكم عنه ، وأنتم متلوثون به ومتصفون به ....

                        فإن من أكبر المقت عند الله أن يقول العبد ما لا يفعل ... ولهذا ينبغي للآمر بالخير أن يكون أول الناس إليه مبادرة ، وللناهي عن الشر أن يكون أبعد الناس منه ..

                        قال تعالى في سورة البقرة :

                        ﴿
                        أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ - 44
                        وورد قول نبي الله ( شعيب ) عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام في سورة هود :
                        ﴿
                        وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه ﴾ 88

                        *********

                        الأسس التي قامت عليه التربية في الإسلام

                        إن التربية في الإسلام قامت في الأساس على القدوة الحسنة ..

                        قال تعالى في سورة الأحزاب:

                        ﴿
                        لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ -21

                        واستدل الأصوليون في هذه الآية، على الاحتجاج بأفعال الرسول صلى اللّه عليه وسلم، وأن الأصل، أن أمته أسوته في الأحكام ، إلا ما دل الدليل الشرعي على الاختصاص به....


                        فالأسوة نوعان : أسوة حسنة ، وأسوة سيئة...

                        فالأسوة الحسنة، في الرسول صلى اللّه عليه وسلم ، فإن المتأسِّي به، سالك الطريق الموصل إلى كرامة اللّه، وهو الصراط المستقيم....

                        وأما الأسوة بغيره، إذا خالفه ، فهو الأسوة السيئة ، كقول الكفار حين دعتهم الرسل للتأسِّي بهم ﴿
                        إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ -22 ﴾ الزخرف

                        *******

                        وبناءا على ما تقدم فإنه يجب على المربي للشباب أن يكون سلوكه هو الموجه والشارح لما يقول .

                        فالسلوكيات والمعاملات إن خالفت الأقوال والمبادئ التي ننادي بها..تؤدي لنتائج عكسية... بل تؤدي إلى نفور الناس من تلك المبادئ بالكلية..

                        فالتربية في الإسلام تقوم على المنطق وعدم التناقض بين الأقوال والأفعال ..

                        وهذه الأسوة الحسنة إستمرت بفاعلية عبر العصر الذهبي للدولة الإسلامية ..
                        قال تعالى في سورة الحشر :

                        وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ – 10

                        وهذه الصورة النظيفة الواعية . وهي تبرز أهم ملامح التابعين . كما تبرز أخص خصائص الأمة المسلمة على الإطلاق في جميع الأوطان والأزمان ...

                        وتتجلى من وراء هذه الآية طبيعة هذه الأمة المسلمة وصورتها الوضيئة في هذا الوجود . تتجلى الآصرة القوية الوثيقة التي تربط أول هذه الأمة بآخرها , وآخرها بأولها , في تضامن وتكافل وتواد وتعاطف . وشعور بوشيجة القربى العميقة التي تتخطى الزمان والمكان والجنس والنسب ; وتتفرد وحدها في القلوب , تحرك المشاعر خلال القرون الطويلة , فيذكر المؤمن أخاه المؤمن بعد القرون المتطاولة , كما يذكر أخاه الحي , أو أشد , في إعزاز وكرامة وحب..

                        وهذه هي الأسوة الحسنة والقدوة الصالحة عبر العصور والأجيال التي لم تنقطع أبدا فهي موصولة بأمر الله تعالى : (
                        لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) .

                        وفي الحديث الشريف :
                        النجوم أمان لأهل السماء وأصحابي أمان لأمتي .
                        الراوي: عبدالله بن عباس
                        المصدر : الأمالي المطلقة - ابن حجر العسقلاني


                        إنها صورة باهرة , تمثل حقيقة قائمة ; كما تمثل أرفع وأكرم مثال للبشرية يتصوره قلب كريم .

                        هل أدركنا ضرورة تفعيل الأسوة الحسنة في التربية ؟
                        إنها الأمانة الكبرى التي تحمل مثالا مضيئا للعالم ليهتدي به في الطريق إلى الله تعالى ..

                        قال تعالى في سورة ال عمران: (
                        كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) - 110

                        *******

                        وإلى الباب الثاني إن شاء الله تعالى
                        وأهمية العمل للشباب

                        تعليق


                        • #13
                          بسم الله الرحمن الرحيم

                          الإسلام وشباب الأمة


                          الباب الثاني : أهمية العمل لدى الشباب

                          وينقسم إلى ثمان فصول.

                          الفصل الأول : كيفية توجيه الشباب إلى الحرف.
                          الفصل الثاني : تدعيم التخصص لدى الشباب.
                          الفصل الثالث : التكامل بين جميع التخصصات وأهميته.
                          الفصل الرابع : تشجيع المهارات الفردية في كل التخصصات.
                          الفصل الخامس : الإهتمام بالزراعة ودعمها.
                          الفصل السادس : الإهتمام بالتربية الحيوانية وتدعيمها .
                          الفصل السابع : الإهتمام باسطول الصيد ودعمه.
                          الفصل الثامن : الإهتمام بالتعليم والبحث العلمي كمقدمة ضرورية لهذه المنظومة المتكاملة.

                          **********

                          العمل الجاد والمتقن

                          إهتم الإسلام بالعمل الجاد والمتقن كضرورة إيمانية في المجتمع المسلم. وكذلك ضرورة حضارية للنهوض بالأمم.

                          ورد في الحديث الشريف الذي روته السيدة عائشة رضي الله عنها عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال :

                          إن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه.

                          الراوي: عائشة المحدث المصدر: صحيح الجامع : الألباني- الصفحة أو الرقم: 1880
                          خلاصة حكم المحدث: حسن


                          وبهذا المبدأ سادت جميع الحضارات وعلى رأسها الحضارة الإسلامية في عصرها الذهبي .. ولن نعود إلى تلك السيادة إلا إذا عدنا لذلك المنهج ( إتقان العمل )

                          وقد ورد نموذج على إتقان العمل في القرآن العظيم . قال تعالى في سورة سبأ :

                          وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ -10

                          أَنْ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ –11

                          ولقد آتينا داود نبوة, وكتابًا وعلمًا, وقلنا للجبال والطير: سبِّحي معه, وألنَّا له الحديد, فكان كالعجين يتصرف فيه كيف يشاء .

                          وياخذنا الحديث هنا عن أهمية صناعة الوسائل الدفاعية للجنود والأفراد لإتقاء إعتداءات العدو . قال تعالى:
                          وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ – 80 الأنبياء

                          والسابغات الدروع . روي أنها كانت تعمل قبل داود - عليه السلام - صفائح . الدرع صفيحة واحدة فكانت تصلب الجسم وتثقله .
                          فألهم الله داود أن يصنعها رقائق متداخلة متموجة لينة يسهل تشكيلها وتحريكها بحركة الجسم , وأمر بتضييق تداخل هذه الرقائق لتكون محكمة لا تنفذ منها الرماح . وهو التقدير في السرد . وكان الأمر كله إلهاماً وتعليماً من الله تعالى .

                          واعملوا صالحاً إني بما تعملون بصير. .

                          لا في الدروع وحدها بل في كل ما تعملون , مراقبين الله الذي يبصر ما تعملون ويجازي عليه , فلا يفلت منه شيء , والله به بصير . .

                          والقطر النحاس . وقد يكون ذلك بأن فجر الله له عيناً بركانية من النحاس المذاب من الأرض . أو بأن ألهمه الله إذابة النحاس حتى يسيل ويصبح قابلاً للصب والطرق . وهو فضل من الله كبير.

                          وندرك من الآيات السابقة مدى أهمية الإتقان في العمل والدقة في التصنيع الذي يرقى بالشعوب والأمم.

                          هذا عن العمل المطلوب من الشباب من حيث الجودة لكي ينافس في السوق العالمية ..أو حتى الإكتفاء الذاتي والتصدير ..

                          وبدون ذلك مهما بلغنا من ثروات نكون معرضون للإستغلال والتبعية للدول التي ترتقي بصناعاتها وتصدر إلينا ما تريد في حدود عدم التفوق عليهم ..

                          وجدير بالذكر أن العمل هنا يشمل جميع التخصصات .
                          وسواء كان عملا جماعيا كالشركات والمؤسسات والمصانع أو عملا فرديا يقوم به شخص واحد كالطبيب في عيادته والمهندس في مكتبه والمحامي في مكتبه والعامل في ورشته والتاجر في متجره.

                          **********

                          الأجواء التي تساعد على العمل

                          لابد للعمل الجاد من عناصر يجب توفرها :

                          أولا - الأهتمام بإدارة واعية تخطط وتدير هذه المنظومة التي يقوم عليها إقتصاد الدولة , وتحديد أولويات العمل والإنتاج. وتحديد أولويات المناهج العملية التي يحتاجها سوق العمل والأطلاع المستمر على السوق العالمية وأخر التطورات في المنتج .. ثم البحث الجاد عن سبل التسويق سواء في الداخل أو الخارج..


                          ثانيا - الخبرة الازمة لعمل معين ويأتي ذلك بالدراسة الجادة والمتخصصة أو التدريبات العملية داخل الورش والمصانع لطلبة الكليات والمعاهد.
                          أما إن كان التعليم في وادي والعمل في وادي أخر فسوف يحدث بطالة مقنعة حيث يتخرج الطالب لايجيد العمل .. وكثير من الأحيان يلتحق الاف الشباب في كليات نظرية لا يحتاجها سوق العمل..وتعد هذه من كوارث التخطيط الفاشل لمنظومة التعليم والعمل..فيعد هذا إهدار للمال الذي ينفق على تعليم ليس له طلب في سوق العمل . وكذلك إضاعة عمالة ومهارات مطلوبة يمكن توجيهها إلى أعمال تفيد في التنمية والبناء.

                          ثالثا - التشجيع المادي وذلك ليتفرغ العامل لذلك العمل دون السعي وراء مورد أخر ليسد حاجاته وحاجات أهله .
                          إن عدالة العائد المادي من أهم الضرورات التي تنهض بالأمم , فلا تكون هناك أعمال محتقرة لها عائد بسيط لا يكفي لسد حاجة الفرد , وهناك أعمال يجني أصحابها الملايين .. فإن ذلك يحدث فجوات إجتماعية وخلل ينعكس على الجميع.

                          رابعا - تهيئة المناخ المناسب للعمل من حيث السعة والهدوء والوصول إلى مقر العمل بيسر وراحة , بحيث يستثمر أكثر الوقت في العمل , وكثيرا ما يضيع الوقت في الدول المتخلفة في مجرد الوصول إلى العمل , ثم بعد ذلك في العودة من العمل.. وينعكس ذلك على منظومة العمل بالكلية . ولذلك حرصت الدول الصناعية الكبري أن تنشئ مجمعات سكنية للعاملين بها حرصا على الوقت والجهد .


                          ********

                          وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا

                          نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ – 58 العنكبوت

                          *******
                          وإلى الفصل الأول إن شاء الله تعالى
                          وكيفية توجيه الشباب إلى الحرف

                          تعليق


                          • #14
                            بسم الله الرحمن الرحيم

                            الإسلام وشباب الأمة

                            الباب الثاني : أهمية العمل لدى الشباب

                            الفصل الأول :
                            كيفية توجيه الشباب إلى الحرف.


                            إن المواهب التي أمدها الله تعالى للبشر - جعل هذا الكم الهائل من التخصصات في كافة المجالات والمهن - تخدم بعضها البعض علموا بذلك أو لم يعلموا.. فهي مواهب متعددة يكمل بعضها الأخر.
                            فانظر إلى رغيف الخبز الذي تأكله , سخر الله لك الزارع الذي حصد القمح وسخر لك المطحن الذي حوله لدقيق وسخر لك الفرن الذي تم فيه عجن الدقيق وخبزه ليصلك رغيف الخبز..
                            وكذلك أنت يجب أن تعمل في تخصص ما- يخدم غيرك من البشر- لكي تحصل على المال لتداول المنافع بين الناس.. وهكذا يكون الأنسان عنصرا خادما لغيره شاء أو لم يشأ في منظومة متكاملة ..

                            إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى – 4 الليل

                            يسعد فيها الراضون بقضاء الله , ويشقى فيها من سخط بقضاء الله..
                            قال تعالى في سورة النساء:

                            وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا – 32

                            فالمبدأ في الموضوع ( كل ميسر لما خلق له )....

                            إن تعدد المواهب لدى البشر يحدث إتزان في الخدمات.. لأن الفرد يستحيل عليه القيام بكل ما يلزمه من إحتاجات .

                            فتصور لو أنك تريد لبس رداءا ولم يوجد من يصنعه لك ..فلزاما عليك صناعة الألياف التي يتكون منها الخيط سواء كان من الصوف أو القطن أو المنتجات البترولية..ثم نسجه وإستخراج منه القماش .. ثم تفصيله وحياكته على المقاس لديك ... فكم تستغرق هذه المهمة ؟؟

                            وقس على ذلك الدواء وصناعته ..!! والطعام وتنوعه ..!! والمواصلات والطرق ...!! والمسكن ومستلزماته ..والمرافق من مياه وكهرباء وغاز..!!

                            كل هذه الخدمات وغيرها يحتاج إلى أعداد هائلة من الشباب المدرب تدريبا علميا دقيقا ومهارات خاصة في التصنيع لتلبية تلك الإحتياجات.

                            فلا أتصور أن يكون هناك بطالة إلا في بلدان متخلفة لا تقدر قيمة ما لديها من ثروة بشرية ..

                            هناك بلدان تستورد العمالة من الخارج للعمل لديها لتقوم بتلك الخدمات وتبذل في ذلك المال الكثير لبناء المدن وإنشاء الطرق والكباري وتوزيع شبكات المياه والصرف الصحي وشبكات الإنارة ..ومحطات التنقية للمياه.. والنظافة وتزين المدن بالتشجير..

                            كل هذه الخدمات تحتاج إلى جيوش من الشباب المدرب.

                            وقد استغلت البلدان المتقدمة الطاقة البشرية وكان على رأسها الدولة الإسلامية في عصرها الذهبي ..

                            وفي العصر الحديث نجد اليابان والصين وماليزيا وكوريا جعلت من الشباب سببا في نهضتها وتفوقها على غيرها من البلدان.

                            *********

                            إن المصلحة العلية تقتضي وضع منهاج لعمل الشباب وتوزيعهم حسب قدراتهم العلمية والعملية على كافة التخصصات دون وضع العراقيل أمام تعليمهم تلك الحرف ..

                            فالموهوب في الهندسة والرياضيات لا نعرقله في دراسة الأدبيات , فلا تكون حائلا دون إلتحاقه بالمعهد أو الكلية الخاصة بدراسة الهندسة .. ولكن أجعلها مواد محفزة وليست معرقلة ...

                            وكذلك الموهوب في دراسة التاريخ لا أعرقله في دراسة الرياضيات..

                            إن منظومة التعليم يجب إعادة النظر في هيكلتها لتكون مفهومة وسهلة لدى الجميع ولدى إحتياجات سوق العمل .. ولا تكون مبهمة متخلفة ولا يحل الغازها إلا المدرس الخصوصي ...

                            إن تطور التعليم في العالم له أهداف حضارية وليس مجرد مكاسب رخيصة لا طائل من ورائها.
                            فالتلميذ يدخل المدرسة يتعلم الفهم والتدريب على حل المسائل بالبحث على الحاسب الألي بحيث إذا انتهي اليوم الدراسي يرجع إلى منزله لا يفكر في عمل واجب أو أخذ درس خصوصي ..

                            فقد درس وفهم وعمل واجباته في المدرسة وكأنها مقر عمله يذهب إليها في الصباح ثم يعود في المساء يستريح يقرأ القرآن يصلي.. يتريض يتنزه . يتواصل مع أصدقاءه عبر مواقع الإنترنت..

                            وكثير من هذه المدارس تكلف الطلبة بالعمل في معاملها فيجمع بين العلم والعمل..

                            فلم يعد الإمتحان مجرد حفظ لمنهج يلقي به الطالب في ورقة الإمتحان ويعود بعدها لا معلومات ولا ثقافة لديه..
                            فالحل أصبح كيف تبحث في الحاسب الألي وتستخرج المعلومات التي هي مكفولة للجميع.. وكيفية الأتصال بالعلماء والتحاور معهم في المشاكل العلمية الدقيقة ..

                            ********

                            وعلى المشاريع القومية العملاقة مثل تعمير الصحراء والتوسع في الرقعة الزراعية وإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية, أن تنشئ معاهد ملحقة بها لتدريب الشباب وصرف مرتبات نظير العمل بها فترات التدريب..

                            بهذا الفهم الواضح لتوجيه الشباب نحو الحرف المختلفة نصون أوطاننا من التخلف ونصون شبابنا من البطالة والإنحراف.


                            *******

                            وإلى الفصل الثاني إن شاء الله تعالى
                            تدعيم التخصص لدى الشباب

                            تعليق


                            • #15
                              بسم الله الرحمن الرحيم

                              الإسلام وشباب الأمة

                              الباب الثاني : أهمية العمل لدى الشباب
                              تكلمنا في اللقاء السابق عن كيفية توجيه الشباب إلى الحرف.
                              واليوم بعون الله نتكلم في تدعيم التخصص..


                              الفصل الثاني : تدعيم التخصص لدى الشباب.

                              والأصل في ذلك الموضوع ( أن يوسد الأمر لأهله ) ..

                              فحين سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الساعة قال :

                              فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة . قال السائل : كيف إضاعتها ؟ قال :

                              إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة .

                              الراوي:أبو هريرةالمحدث:البخاري - المصدر:صحيح البخاري- الصفحة أو الرقم:59
                              خلاصة حكم المحدث:[صحيح]


                              وتدعيم التخصص هو أساس التطور والتقدم على هذه الأرض ولذلك كان اهتمام الإسلام بذلك الأمر واضح وصريح .

                              قال تعالى في سورة الإسراء :

                              وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً - 36

                              هذه دعوة إلى التأكد والتثبت في أي أمر يعمله أو يقوله الإنسان .
                              فالإنسان مسؤول عما استعمَل فيه سمعه وبصره وفؤاده، فإذا استعمَلها في الخير نال الثواب، وإذا استعملها في الشر نال العقاب.

                              ******

                              أمثلة لبعض التخصصات

                              إن تدعيم التخصص ذكر في كثير من الآيات وذلك لأهميته..

                              قال تعالى في سورة البقرة الآية282:

                              يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ,
                              وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ ....

                              فالكتابة أمر مفروض بالنص , غير متروك للاختيار في حالة الدين إلى أجل .
                              وليكتب بينكم كاتب بالعدل..
                              وهذا تعيين للشخص الذي يقوم بكتابة الدين . ( فهو كاتب متخصص..(
                              وهذه إشارة إلى التخصص القانوني للكاتب وإشارة أيضا لذلك العلم الخاص بالشريعة والقانون..

                              ولم تترك الكتابة لأي شخص غير متخصص بدليل الآية التالية لها

                              قال تعالى:

                              وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ....

                              فجعل الرهن عوضا عن الكتابة في توثق صاحب الحق..
                              وهكذا نرى أهمية التخصص في كل المجالات .. وأهمية تدعيمها بالدراسة والخبرات...

                              *******

                              ولا تقاس الخبرة بكثرة المال ولكن تقاس بالقدرة الفعلية والموهبة التي أختص الله به بعض الناس ..

                              قال تعالى في سورة البقرة الآية 247:

                              وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا, قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ,

                              قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ,

                              وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ .

                              أي: كيف يكون ملكا وهو دوننا في الشرف والنسب ونحن أحق بالملك منه. ومع هذا فهو فقير ليس عنده ما يقوم به الملك من الأموال ، وهذا بناء منهم على ظن فاسد ، وهو أن الملك ونحوه من الولايات مستلزم لشرف النسب وكثرة المال ،
                              ولم يعلموا أن الصفات الحقيقية التي توجب القيادة مقدمة عليها ، فلهذا قال لهم نبيهم: ﴿
                              إن الله اصطفاه عليكم ﴾ فلزمكم الانقياد لذلك ﴿ وزاده بسطة في العلم والجسم ﴾ أي : فضله عليكم بالعلم والجسم،
                              أي : بقوة الرأي والجسم اللذين بهما تتم أمور الملك ، لأنه إذا تم رأيه وقوي على تنفيذ ما يقتضيه الرأي المصيب ، حصل بذلك الهدف من القيادة ،
                              ومتى فاته واحد من الأمرين اختل عليه الأمر، فلو كان قوي البدن مع ضعف الرأي ، حصل في الملك خرق وقهر ومخالفة للمشروع ، قوة على غير حكمة ، ولو كان عالما بالأمور وليس له قوة على تنفيذها لم يفده الرأي الذي لا ينفذه شيئا..

                              *******

                              والتدعيم للتخصص تخطى حتى السن إذا كان الإنسان مؤهل لذلك ..ففي الحديث :
                              دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد ، فقال : اغد على بركة الله ، والنصر والعافية ، ثم أغر حيث أمرتك أن تغير...
                              الراوي: عائشة رضي الله عنها
                              المصدر دلائل النبوة للبيهقي

                              ودل الحديث على إسناد قيادة الجيش في تلك الغزوة لإسامة بن زيد وهو الشاب , ولكن لديه كل المؤهلات لتحمل تلك القيادة...

                              *******
                              ومما تقدم ندرك مدى إهتمام الإسلام بالتخصص ودعمه في كافة مجالات الحياة على العلم والخبرة ..

                              قال تعالى في سورة يوسف :

                              قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ – 108

                              قل لهم أيها الرسول : هذه طريقتي , أدعو إلى عبادة الله وحده , على حجة من الله ويقين وعلم , أنا ومن اقتدى بي , وأنزِّه الله سبحانه وتعالى عن الشركاء , ولستُ من المشركين مع الله غيره.

                              *********

                              وقال تعالى في سورة فاطر :

                              وَمِنْ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ,

                              إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ - 28


                              أي أن العلماء يخشون الله تعالى بسبب ما يرونه من دلائل قدرته تعالى على كل شيء , ومنها اختلاف هذه المخلوقات مع اتحاد سببها , ويتدبرون ما فيها من عظات وعبر . إن الله عزيز قويٌّ لا يغالَب , غفور يثيب أهل الطاعة , ويعفو عنهم .

                              وقد حرصت النظم الحديثة على الأخذ بذلك المبدأ الهام وأنشأت المعاهد والكليات المتخصصة في كل علم بحيث يتخرج الشباب وقد تخصص في فرع معين من العلم يجيده ويعمل به في مجال الحياة.

                              ********

                              وجدير بالذكر أن نشير هنا إلى خصائص العلماء في الإسلام .. فرغم أنهم كانوا متخصصون في مجال معين إلا أنهم موسوعيون الثقافة مما تعلموه من كتاب الله تعالى .

                              فإن من أهم المبادئ التي أتى بها الإسلام مبدأ التدبر والعلم في كل ما يحيط بنا , سواء في الأرض أو في السماء , والبحث العلمي المبني على الأدلة ( هو منهج الإسلام (

                              وهناك مدن امتلأت بالعلم والعلماء ، ومعاهد العلم ، في العصر الذهبي للدولة الإسلامية مثل : القاهرة ، وبغداد ، ودمشق ، وقرطبة ، وغرناطة ، وإشبيلية ، وبخارى ، وغيرها من العواصم التي كانت تزخر بكل ألوان الحضارة.

                              وكل هذا بفعل الاتجاهات القرآنية التي غرسها الإسلام في قلوب الناس، والتي أدت إلى تنمية القوى العقلية في الإنسان المسلم ، ففتحت أمامه آفاقا واسعة لا حدود لها .

                              فالمنهج الإسلامي كان أعمق بكثير من الحضارة المادية البحتة , حيث أن الإسلام استوعب تلك الحضارة وتجاوزها وجعلها طريقا للتقرب إلى رب العالمين , الذي وهبنا الحياة وخلق لنا ما في السموات والأرض جميعا منه. وجعل كل ما حولنا مادة للتعلم , نتعلم ولا ننسى الخالق الأعظم..
                              وبهذا المنهج تتحقق الغاية التي يهدف إليها العلم في الإسلام..

                              قال تعالى في سورة يونس:

                              هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ -5
                              إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ – 6


                              ******

                              قال تعالى في سورة الأنعام :

                              وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ,
                              مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ
                              ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ - 38

                              وقال تعالى في سورة النحل الآية 89 :

                              وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ..

                              ******

                              وإلى الفصل الثالث إن شاء الله تعالى
                              التكامل بين جميع التخصصات وأهميته.

                              تعليق

                              مواضيع ذات صلة

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 20 ينا, 2023, 12:34 ص
                              ردود 0
                              34 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة عطيه الدماطى  
                              ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 18 مار, 2022, 03:43 ص
                              ردود 0
                              36 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                              بواسطة *اسلامي عزي*
                               
                              ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 18 مار, 2022, 03:38 ص
                              ردود 0
                              57 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                              بواسطة *اسلامي عزي*
                               
                              ابتدأ بواسطة صلاح عامر, 1 فبر, 2022, 04:13 ص
                              ردود 0
                              64 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة صلاح عامر
                              بواسطة صلاح عامر
                               
                              ابتدأ بواسطة صلاح عامر, 22 يول, 2021, 02:08 م
                              ردود 0
                              52 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة صلاح عامر
                              بواسطة صلاح عامر
                               
                              يعمل...
                              X