سؤال عن ألقرآن

تقليص

عن الكاتب

تقليص

عبد الفادي 2 اكتشف المزيد حول عبد الفادي 2
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سؤال عن ألقرآن

    أعزائي وعزيزاتي مرحبا بكم جميعا
    انا عبد الفادي الذي كنت من قبل في المنتدى وأخبرتكم أني سأغيب لمدة يسيرة
    وكما وعدتكم فقد رجعت إلى المنتدى وأنهيت من الأعمال التي أمرت بها
    لكن وضعت لنفسي اسما جديدا على المنتدى نظرا لغيابي الذي تسبب في نسياني لكلمة مروري
    على أي حال نشكر ربنا ويبارك رينا حياتكم آمين
    لقد توفقت لفهم كلامكم عن الأحاديث وكيفية تدوينها كما فسرتم لي سابقا وأشكركم جزيل الشكر على ذلك خاصة في حواري السابق مع الأخ الشرقاوي والإخوة الآخرين

    لكن لدي سؤال لو سمحتم وهذا السؤال متعلق بكتاب القرآن
    وهو مجرد سؤال للإستطلاع والمعرفة لا للإعتراض مع احترامي للمقدسات الدينية جميعا
    وهو لماذا لا نجد في كتاب القرآن جميع قصص الأمم السابقة والقديسين
    أفسر لكم ما أقصد
    مثلا الذي يقرأ كتاب القرآن يجد قصصا عن أنبياء الله وعن رجال الله القديسين لكنها ليست جميعها فمثلا هو - اي كتاب القرآن - يذكر لنا عن قصة الخليفة آدم وقصة نوح وقصص أخرى أيضا بسطها في مواقع عدة بينما لا يذكر لنا عن الفترة التي قضاها بنو اسرائيل مع يشوع ويفتاح وجدعون وصموئيل
    بينما يذكر لنا عن داود النبي وابنه سليمان
    لكنه لا يكاد يتكلم عن الفترة بينهما وبين السبى البابلي
    مع أن هناك أمور يذكرها الكتاب القرآن لكنه لا يذكرها بتفصيل
    هذه نقطة أولى
    ونقطة أخرة لماذا ليس هناك ترتيب في القصص القرآني؟

    أرجوا منكم أن تشرحوا لي هاتين النقطتين جيدا وأنتم أعلم مني في هذا المجال
    فأنا لا أعرف كثيرا وأريد المعرفة فقط فالمرجوا ان تفسروا لي بتفصيل هتين النقطتين
    وأؤكد أني لا أريد الإعتراض لا على كتاب القرآن ولا على مقدس ديني أيا كان
    وعفوا على الإطالة ان كنت أطلت
    وانا في انتظار ردكم ربنا يبارككم


    مرحبا بالسيد فادي 2

    تم نقل السؤال للمنتدي المعني بالرد علي مثل هذه الاسئله وساجيبك او احد الاخوه قريبا ان شاء الله

    متابعه اشرافيه
    ebn_alfaruk

  • #2
    المشاركة الأصلية بواسطة عبد الفادي 2 مشاهدة المشاركة
    وهو لماذا لا نجد في كتاب القرآن جميع قصص الأمم السابقة والقديسين
    الأستاذ عبد المسيح2 .. أهلا بك معنا .. ويجب عدم وضع هذا السؤال في النصرانيات .. بل في اسئلة غير المسلمين .. ولكن ليس عليك حرج .. ولا مشكلة.

    الأستاذ عبد المسيح .. هل حينما أقص عليك شيئا .. أليس يجب علي أن أقص عليك ماتستفيد منه؟ بالطبع نعم ولذلك يقول الله تعالى "نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآَنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ " .. بالله عليك هل القرآن نزل ليكون كتاب تاريخ .. أم ليكون هاديا ومرشدا لنا في كل مانحتاجه في دنيانا وآخرتنا؟ .. "وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" .. بالله عليك مافائدة أن الرب في الكتاب المقدس يأمر هوشع بأن يتخذ زوجة زانية .. أو أن الرب يأمر اشعياء أن يمشي عريانا .. أو أن نوح شرب الخمر وتعرى؟ .. أو أن الرب ينوح ويولول ويمشي عريانا لأن زوجته اسرائيل خانته مع آلهة أخرى .. أو أن الرب يأمر ابشالوم ابن داود بالانتقام من ابيه داود ويأمره أن ينام في الشمس ويضطجع مع نساء داود .. أو أن يهوذا زنى بكنته ثامار .. أو أن دينا ابنة يعقوب اغتصبوها أو أن أمنون ابن داود زنى بأخته ثامار .. أو أن شمشون قتل ثلاثين ليؤدي الرهان الذي راهن عليه .. أو أنه دخل على امرأة زانية على قارعة الطريق .. أو أن يوسف النجار لم يجامع أم يسوع كما في الكثير من ترجمات متى 25:1 حتى وضعت ابنها الوحيد .. أو أن يسوع ذهب لشجرة تين ولم يجدها مثمرة فلعنها؟


    المشاركة الأصلية بواسطة عبد الفادي 2 مشاهدة المشاركة
    مع أن هناك أمور يذكرها الكتاب القرآن لكنه لا يذكرها بتفصيل
    القرآن يعطيك مايطهرك به في دنياك وماينجيك في آخرتك .. ويعطيك كل العبر .. أليس هذا يكفي .. اعطني مثالا واحدا عن تفصيل يعطيك عظة لم يقصها القرآن.


    المشاركة الأصلية بواسطة عبد الفادي 2 مشاهدة المشاركة
    ونقطة أخرة لماذا ليس هناك ترتيب في القصص القرآني؟
    كلما جاءت فرصة للعبرة والنصح .. أعطاك الله عليها قصة في القرآن .. فالقرآن ليس كتاب قصص ولا كتاب تاريخ .. ولكنه كتاب وعظ وحياة .. بشير ونذير "إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا. وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا" .. "وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ".

    استحلفك بالله الحي .. ماهي القصة التي وجدتها في الكتاب المقدس واستفدت منها ولم تجدها في القرآن؟ .. "وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآَنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا"

    تعليق


    • #3
      المشاركة الأصلية بواسطة Habeebabdelmalek مشاهدة المشاركة

      "وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ "
      اقرأ اشعياء 42 : 19 - 21

      19 من هو اعمى الا عبدي واصم كرسولي الذي أرسله.من هو اعمى كالكامل واعمى كعبد الرب. أليست " وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى" و "وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا"

      20 ناظر كثيرا ولا تلاحظ.مفتوح الاذنين ولا يسمع.أليست "نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآَنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ"
      لقد كان النبي أمينا صادقا قبل الوحي يعتزل اللهو ويتعبد في الغار ولم يسجد للأصنام يوما ما .. يبحث عن رب هذا الكون .. والمشركون حينئذ عاكفون على أصنامهم .. و بعد أن أرسل الله إليه جبريل بالوحي .. عرف النبي محمد ربه وإلهه وقربه الله إليه وجعله نبيا .. فهذا شيئ اكبر .. نعم لقد كان بلا كتاب ولا شريعة" أما الآن فمعه كتاب الله وشريعة الله .. إنه الآن نبي ورسول يعرف الله ويحبه ويبكى من خشيته ويرجو رحمته .. لقد أنعم الله عليه بالرسالة .. وهذا فضل عظيم من الله .. ولذلك يقول الله تعالى في القرآن مخاطبا عبده ونبيه محمد"وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما"

      21 الرب قد سرّ من اجل بره.يعظّم الشريعة ويكرمها. من العبد الرسول الذي أكرم الشريعة التي يعطيها إياه الله ويقول لأسامة بن زيد" اتشفع في حد من حدود الله ياأسامة؟ والله لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها."

      ألم يلغي اليهود والنصارى شريعة الله؟




      الله يقول في كِتَابُ التَّثْنِيَة 26ِ : 26 "مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ لاَ يُطِيعُ كَلِمَاتِ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ وَلاَ يَعْمَلُ بِهَا."

      إلا اننا نجد بولس رسول النصارى يهدم الناموس والشريعة قائلا:

      فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِبْطَالُ الْوَصِيَّةِ السَّابِقَةِ مِنْ أَجْلِ ضُعْفِهَا وَعَدَمِ نَفْعِهَا، إِذِ النَّامُوسُ لَمْ يُكَمِّلْ شَيْئاً. عبرانيين 7: 18-19

      "فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الأَوَّلُ بِلاَ عَيْبٍ لَمَا طُلِبَ مَوْضِعٌ لِثَانٍ" عبرانيين 8: 7
      التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 23 يول, 2020, 04:24 ص.

      تعليق


      • #4
        الأستاذ عبد المسيح2 .. أهلا بك معنا .. ويجب عدم وضع هذا السؤال في النصرانيات .. بل في اسئلة غير المسلمين .. ولكن ليس عليك حرج .. ولا مشكلة.

        الأستاذ العزيز أنا حقا آسف لكن ربما هذا الخطء بسبب غيابي من المنتدى ونسياني لبعض ما يحتويه لكني آسف على خطئي

        الأستاذ عبد المسيح .. هل حينما أقص عليك شيئا .. أليس يجب علي أن أقص عليك ماتستفيد منه؟ بالطبع نعم ولذلك يقول الله تعالى "نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآَنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ " .. بالله عليك هل القرآن نزل ليكون كتاب تاريخ .. أم ليكون هاديا ومرشدا لنا في كل مانحتاجه في دنيانا وآخرتنا؟ .. "وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" .. بالله عليك مافائدة أن الرب يأمر هوشع بأن يتخذ زوجة زانية .. أو أن الرب يأمر اشعياء أن يمشي عريانا .. أو أن نوح شرب الخمر وتعرى؟ .. أو أن الرب ينوح ويولول ويمشي عريانا لأن زوجته اسرائيل خانته مع آلهة أخرى .. أو أن الرب يأمر ابشالوم ابن داود بالانتقام من ابيه داود ويأمره أن ينام في الشمس ويضطجع معهم .. أو أن يهوذا زنى بكنته ثامار .. أو أن دينا ابنة يعقوب اغتصبوها أو أن أمنون ابن داود زنى بأخته ثامار؟

        الأستاذ العزيز
        حسب كلامك وجسب ما فهمت
        فان كتاب القرآن يحكي القصص للفائدة فقط وللإستئهاد على أمر من الأمور التي يريدها الله من الإنسان
        ان كان هذا هو المقصود فان الفكرة سليمة ومعقولة


        لكن لدي سؤال لو سمحت بعد أن فهمت الآن المقصود من حكي القصص القرآني وهو هل يجوز لكم كمسلمين اقتباس القصص من كتب أخرى غير التي تؤمنون بها ؟
        مثلا هل يجوز لكم اقتباس قصة نبي من الأنبياء من العهد القديم مثلا والجمع بينها وبين ما في القرآن ؟
        أو بصيغة أخرى هل هناك مصدرا أو مصادر تستعينون بها لتأخذوا منها وتتعلموا منها غير القرآن الذي تؤمنون به ؟
        شكرا لكم على أجوبتكم وايضاحكم لي

        تعليق


        • #5
          السيد فادي

          مرحبا بك واجيبك ان شاء الله علي ما سئلت

          وهو لماذا لا نجد في كتاب القرآن جميع قصص الأمم السابقة والقديسين
          أفسر لكم ما أقصد
          مثلا الذي يقرأ كتاب القرآن يجد قصصا عن أنبياء الله وعن رجال الله القديسين لكنها ليست جميعها فمثلا هو - اي كتاب القرآن - يذكر لنا عن قصة الخليفة آدم وقصة نوح وقصص أخرى أيضا بسطها في مواقع عدة بينما لا يذكر لنا عن الفترة التي قضاها بنو اسرائيل مع يشوع ويفتاح وجدعون وصموئيل
          بينما يذكر لنا عن داود النبي وابنه سليمان
          لكنه لا يكاد يتكلم عن الفترة بينهما وبين السبى البابلي
          مع أن هناك أمور يذكرها الكتاب القرآن لكنه لا يذكرها بتفصيل
          هذه نقطة أولى

          القران الكريم ليس كتاب قصص و إذا أدركنا أن هدف الله تعالى من إنزال القرآن الكريم هو هدف هدائي وتربوي محض نفهم ان القصه ليس هدف في حد ذاته

          كذلك القصه في القران الكريم لها اهدافها ولم تذكر لمجرد انها قصص السابقين من انبياء ومرسلين
          من أغراض القصة في القرآن، إثبات وحدة الإله، ووحدة الدين، ووحدة الرسل، ووحدة طرائق الدعوة، ووحدة المصير الذي يلقاه المكذبون...

          ويذكر من القصه ما يعزز الموضوع ويوصل الفكره الي المتلقي فالهدف العبره من القصه وليس القصه في حد ذاتها

          اتمني ان تكون هذه النقطه قد وصلت والي الاخري وان لم تكن واضحه فيمكنك طلب زياده التوضيح

          تعليق


          • #6
            بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين
            وبعــــــــــــــــد

            أهلا ومرحبا بعودتك / عبد الفادي 2
            إضافة لما تفضل به أستاذنا / حبيب عبد الملك
            فالقرآن ليس كتاب تاريخ يدون فيه التاريخ بأدق تفاصيله .
            وليس كتاب تشريع يكتب فيه الأحكام التشريعية وطرق المعاملات و.......و..........

            القرآن كتاب دنيا ودين
            القرآن كتاب هداية ودعوة للناس عامة يبين لهم الصلاح لأمور دينهم وآخرتهم معا .
            لذلك لا يكتفي القرآن بسرد قصة دون التعرض لهدف المرجو من القصة ذاتها .
            فالهدف ليس رواية القصة وإنما هناك هدف واحد هو عبادة الله وحده لا شريك له والتذكير بالآخرة .

            أنقل لك هذا الجزء من مقالة لأستاذنا الحبيب / د .هشام عزمي
            ستجد إن شاء الله جواب لسؤالك بشكل أوضح .
            نقلا عن فضيلة الدكتور محمود السيد شيخون وكيل كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر في كتابه (الإعجاز في نظم القرآن) في الفصل الخاص بسرد خواص الأسلوب القرآني ص 109-112:

            الخاصية الخامسة : و هي تداخل أبحاثه و مواضيعه في معظم الأحيان . فإن من يقرأ هذا الكتاب المبين لا يجد فيه ما يجده في عامة المؤلفات و الكتب الأخرى من التنسيق و التبويب حسب المواضيع ، و تصنيف البحوث مستقلة عن بعضها ، و و إنما يجد عامة مواضيعه و أبحاثه لاحقة ببعضها ، دونما فاصل بينها ، و قد يجدها متداخلة في بعضها في كثير من السور ة الآيات .

            و هذه الخاصية قد خيلت لبعض محترفي الغزو الفكري من المبشرين و المستشرقين و أذنابهم و ذيولهم ممن يدورون في فلكهم أن في القرآن ثلمة يمكن الدخول منها إلى اصطناع نقد أو محاولة تهديم ، أو بث تشكيك ، فأخذوا يتساءلون عن سبب هذا التداخل و التمازج في معاني القرآن ، ثم راحوا يجيبون عن تساؤلهم هذا بأنها البدائية و البساطة في منهج البحث ، و أن القرآن لا يعدو كونه مجموعة أفكار منتثرة أنتجها فكر إنسان .

            و الحقيقة أن هذه الخاصة في القرآن الكريم ، إنما هي مظهر من مظاهر تفرده ، و استقلاله عن كل ما هو مألوف و معروف من طرائق البحث و التأليف ، هذا شئ ، و هناك شئ آخر هو أن من الخطأ في أصل النقد و البحث أن نحاكم القرآن في منهجه و أسلوبه إلى ما تواضع عليه الناس اليوم أو قبل هذا اليوم أو إلى ما سيتواضعون عليه مع تطور الزمن - من طرائق البحث و التأليف و تنسيق المعاني .

            فهذا الذي يتوافق عليه الكاتبون تم تقسيم كتبهم إلى أبواب و فصول ، ثم تضمين كل فصل منها لجملة معينة من الأبحاث و المعاني ، ليس مرده إلى أمر إلزامي أو مثل أعلى يفرض عليهم ذلك ، و إنما الأمر فيه تابع للأغراض المتعلقة به ، و هو في جملته عرف يعتادوه ، و طور يمرون عليه ، و يجتازونه بعد حين إلى غيره ، فما هي الحقيقة الثابتة التي تلزم كتاب الله تعالى في منهجه على طور من أطوار هؤلاء العباد ، و أن يتبع تنسيقهم الذي يضعون ، أو أن تتصنف أبحاثه و معانيه حسب المنهج الذي يشاءون ؟ هذا إلى أن المناهج تتناسخ و الأساليب تتطور كما هو معروف .

            على أن هذه الخاصية تابعة لحكمة عليا يدور معها المعنى القرآني كله . ذلك أن جملة ما في القرآن من مختلف المواضيع و المعاني الجزئية ، إنما يدور جميعه على معنى كلي واحد ، هو دعوة الناس إلى أن يكونوا عبيدًا لله بالفكر و الاختيار كما خلقهم عبيدًا له بالجبر و الاضطرار ، و أن يدركوا أن أمامهم حياة ثانية بعد حياتهم هذه ، و أن يستيقنوا ضآلة هذه الحياة بالنسبة لتلك في كل من خيرها و شرها و سعادتها و شقائها . فالقرآن شأنه أن يبث هذا المعنى الكلي الخطير من خلال جميع ما يعرضه من الأبحاث و المواضيع المختلفة من تشريع و وعد و وعيد ، و قصة و أمثلة و وصف ؛ و إنما يتحقق ذلك بهذا النسق الذي جرى عليه من التداخل و التمازج في المعاني .

            فهو حينما يبدأ بعرض قصة لا يدعك - و لو في مرحلة من مراحلها - تنسى ذلك المعنى الكلي الذي ذكرناه ، فهو يخللها بما ليس منها من تهديد أو وعد أو وعيد أو نصيحة أو وعظ تحقيقًا للغرض الذي من أجله تساق القصة ، و حفظًا للفكر أن يتشتت مع أجوائها و أحداثها فينسى مساقها الأصلي .

            و هو حين يشرح لك أحكامًا في العبادات أو المعاملات أو غيرها ، يسلك بك أيضًا نفس المنهج فهو يحاذرأن تستغرق في التأمل في هذه الأحكام من حيث هي علم أو فن برأسه ، كما قد يحصل مع من ينكب على دراسة هذه الأحكام في الكتب العلمية الخاصة بها ، فيوصلها بآيات ليست منها ، فيها وعد أو وعيد أو حديث عن الاخرة أو دليل على وجود الله و عظمته ، ليتنبه الفكر ، و يظل مستيقظًا للحقيقة الكبرى التي تطوف بها جميع المعاني و الأبحاث .

            و لو أن القرآن اتبع في عرض معانيه ، هذا الذي يسلكه الناس في تآليفهم و أبحاثهم ، فأفرد فصولاً خاصة لعرض الأحكام و التشريع ، ثم ميز فصلاً آخر للقصص ، و جاء بفصل ثالث في وصف المغيبات كالجنة و النار و هكذا ... لو درج القرآن على ذلك لفات تحقيق الغرض الذي ذكرناه ، و لما أمكن أن تكون هذه الفصول المتناثرة انعكاسًا لمعنى كلي واحد تشترك في بثه و التوجيه إليه ، و لئن أمكن أن يتذكر القارئ ذلك في تمهيد أو في فصل من الفصول فلسرعان ما ينساه عندما يستغرق في قراءة أو دراسة الفصول الأخرى . و إن هذا الذي نقول ، ليس من الحقائق المستعصية أو الخافية على من يصدق التأمل و النظر في كتاب الله تعالى .
            بين الشك واليقين مسافات , وبين الشر والخير خطوات فهيا بنا نقطع المسافات بالخطوات لنصل الي اليقين والثبات .

            (( أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ))

            تعليق


            • #7
              المشاركة الأصلية بواسطة عبد الفادي 2 مشاهدة المشاركة
              لكن لدي سؤال لو سمحت بعد أن فهمت الآن المقصود من حكي القصص القرآني وهو هل يجوز لكم كمسلمين اقتباس القصص من كتب أخرى غير التي تؤمنون بها ؟
              مثلا هل يجوز لكم اقتباس قصة نبي من الأنبياء من العهد القديم مثلا والجمع بينها وبين ما في القرآن ؟
              أو بصيغة أخرى هل هناك مصدرا أو مصادر تستعينون بها لتأخذوا منها وتتعلموا منها غير القرآن الذي تؤمنون به ؟
              شكرا لكم على أجوبتكم وايضاحكم لي
              الأستاذ عبد المسيح 2 .. هل تعلم من هو الذي أنزل القرآن؟ .. أو على الأقل بمن يؤمن المسلمون أنه أنزل القرآن؟ .. اقرأ .. "اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ. نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ. مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ" .. و اقرأ "وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ " .. إن الله يخاطبكم أنتم واليهود قائلا "وَآَمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ. وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ " .. "قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ" .. " وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ. نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ. عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ. بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ . وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ".

              هل أحد من المسلمين قال إن النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي أخبركم الله في سفر إشعياء بأنه سيرسله من ديار قيدار بن اسماعيل "جزيرة العرب" والذي تجتمع إليه كل غنم قيدار وكباش نبايوت .. هو من كتب القرآن من عند نفسه .. إننا نؤمن بأن الذي أنزل القرآن هو الله إله ابراهيم واسحاق ويعقوب ويوسف وموسى وداود وسليمان وايوب ويونس والمسيح بن مريم عليه السلام .. فلماذا لما استعار المسيح الكثير الكثير من العهد القديم لم تقولوا إنه يستعير القصص و يوفقها .. بل قلتم لأنه نبي كموسى له الحق أن يتكلم من كتب الأنبياء؟

              تعليق


              • #8
                الزميل فادي

                بالنسبه لموضوع ان كان لنا الاستعانه بمصادر اخري ومطابقتها للقران فهذا لا يكون

                لاننا لا نحتاج لمصادر اخري لتاكيد او نفي شئ موجود في القران نحن نعلم انه الحق من ربنا

                واذا تعارض اي مصدر اخر مع القران فيكفينا القران وهو دائما المصدر الصحيح واتحدي

                اما بالنسبه للقص مثلا في التوراه ففي الحديث الاتي ما يوضح لك

                ثبت في الصحيح إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا : آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم

                تعليق


                • #9
                  الأساتذة الافاضل أشكركم على اجاباتكم النافعة
                  لكن حقيقة فهمت قصدكم وكلامكم سليم ومعقول
                  والشكر الجزيل للاساتذة الافاضل السيد ابن الفاروق والسيد حبيب عبد الملك والسيد م الدخاخني
                  فاعتقد بفهمي لمقصودكم
                  لكن مجرد اشكال ضادفني
                  وهو أنه من الكتاب المسلمين بكل تقديري لهم من يقتبس من قصص كتب غير القرآن او يقتبس من الكتب اليهودية المقدسة او المسيحية المقدسة
                  نأخذ كتاب قصص الانبساء لابن كثير مثلا به شيئ من الاقتباس منها وكتب اخرى ايضا على ما أظن
                  فهل في نظركم هذا العمل جائز ؟
                  وكيف تتعاملون مع هذه الكتب التي لا تعترفون بها وبمحتواها ؟
                  شكرا لكم على الاجابة

                  تعليق


                  • #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة عبد الفادي 2 مشاهدة المشاركة
                    وهو أنه من الكتاب المسلمين بكل تقديري لهم من يقتبس من قصص كتب غير القرآن او يقتبس من الكتب اليهودية المقدسة او المسيحية المقدسة نأخذ كتاب قصص الانبساء لابن كثير مثلا به شيئ من الاقتباس منها وكتب اخرى ايضا على ما أظن فهل في نظركم هذا العمل جائز ؟ شكرا لكم على الاجابة
                    الأستاذ عبد المسيح .. إن مرجعنا هو القرآن والصحيح من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم.

                    فإن أراد أحد التسلي بالقصص وقرأ الكتاب المقدس فإن مايوافق القرآن يكون صحيحا ونقبله .. وأما مالا يصادم العقل ولا ينافي الأدب مع الله مثل أن نبيا سار في طريق كذا أو عاش عددا من السنين مثلا .. لم ننفه ولم نصدقه .. فعن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال "إذا حدَّثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم فإما أن يحدثوكم بحق فتكذبوه وإما أن يحدثوكم بباطل فتصدقوه" .. أما ما ينافي العقل والأدب مع الله كقول الكتاب المقدس أن سليمان مات عابدا للأصنام ثم بعد ذلك يجيئ المسيح فيقول إن ملكة التيمن ستقوم في الدينونة لتشهد على هذا الجيل ؟ لأنها جاءت تسمع حكمة سليمان .. ثم نجده يمدح سليمان .. فلابد أن هناك شيئ خطأ في القصة .. وهنا يقول لنا القرآن وما كفر سليمان .. إذن فالمسيح عليه السلام صادق وسليمان لم يمت عابدا للأصنام.

                    المشاركة الأصلية بواسطة عبد الفادي 2 مشاهدة المشاركة
                    وكيف تتعاملون مع هذه الكتب التي لا تعترفون بها وبمحتواها ؟
                    - كما نتعامل مع التعرف على الحمض النووي .. فما وافق القرآن عرفنا أنه من عند الله.

                    - وما تعارض مع القرآن .. عرفنا أنه كما يقول الكتاب المقدس في سفر ارمياء 8 : 8 "حقا انه الى الكذب حوّلها قلم الكتبة الكاذب"

                    - هل إذا جاءك إنسان مشوه .. أليس من السهل عليك أن تعرف الأجزاء المشوهة فيه؟

                    "وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ "

                    تعليق


                    • #11
                      أستاذي العزيز أعتقد أني الآن فهمت قصدك وكلامك معقول وسليم ربنا يبارك لك يبارك حياتك وحياة جميع الاخوة الاستاذة آمين يا رب

                      تعليق


                      • #12
                        الاستاذ فادي

                        نعم هناك الكثير من المفسرين وضعوا قصص وتفسيرات نسميها نحن الاسرائيليات اي مصدرها بني اسرائيل وكتبهم وعقائدهم

                        لكن

                        نحن عندنا لاحجه لمفسر علي النص القراني

                        المفسر انسان يخطئ ويصيب فان اصاب فله اجران وان اخطا فله اجر

                        وكما قال احد السلف وهو واقف علي قبر الرسول عليه الصلاه والسلام كل ياخذ منه ويرد الا صاحب هذا القبر

                        بمعني ان اي شخص يقول قول هو مردود عليه الا قول الرسول عليه الصلاه والسلام


                        وعلي ذلك ان فسر احدهم شئ فلي ان اقبل به او ارفضه اختلف معه او اوافقه طالما ليس شئ منصوص عليه صراحه في القران الكريم كحد من الحدود مثلا او حديث صحيح عن الرسول عليه الصلاه والسلام

                        تعليق


                        • #13
                          لا اله الا الله سيدنا محمد رسول الله
                          حتى يتضح الامر اكثر واكثر الى الزميل عبد الفادى يجب ان تعرف قصة جمع القران الكريم الى ان وصل الى الشكل الذى نراة الان واله اعلى واعلم
                          قصة جمع القران الكريم
                          جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق

                          جمع القرآن في عهد أبي بكر رضي الله عنه سببه بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ارتدت بعض قبائل العرب فأرسل أبو بكر رضي الله عنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم الجيوش لقتال المرتدين ، وكان قوام هذه ا لجيوش هم الصحابة رضوان الله عليهم وفيهم حُفاظ القرآن ، وكانت حروب الردة شديدة قتل فيها عدد من القراء الذي يحفظون القرآن الكريم ، فخشي بعض الصحابة أن يذهب شيء من القرآن بذهاب حفظته ، فأراد أن يجمع القرآن في مصحف واحد بمحضر من الصحابة . وقصة ذلك رواها البخاري في صحيحه عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه قال : ( أرسل إليّ أبو بكر - مقتل أهل اليمامة - فإذا عمر بن الخطاب عنده قال أبو بكر رضي الله عنه : إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقرآء القرآن ، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقرآء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن ، وإني أرى أن تأمر بجمع القرى ، قلت لعمر : كيف تفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال عمر : هذا والله خير ، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر ، قال زيد : قال أبو بكر : إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك ، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتتبع القرآن . فاجمعه ، فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل عليّ مما أمرني به من جمع القرآن ، قلت : كيف تفعلون شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : هو والله خير ، فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع أ حد غيره ، ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم ) حتى خاتمة براءة ، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله ثم عند عمر حياته ثم عند حفصة بنت عمر رضي الله عنه . تاريخ هذا الجمع : هو كما جاء في الحديث بعد معركة اليمامة ، وفي السنة الثانية عشر من الهجرة . أسباب اختيار زيد بن ثابت رضي الله عنه لهذا الجمع : 1. أنه كان من حُفاظ القرآن الكريم . 2. أنه شهد العرضة الأخيرة للقرآن الكريم ، وقد روى البغوي عن أبي عبد ا لرحمن السلمي أنه قال : قرأ زيد بن ثابت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في العام الذي توفاه الله فيه مرتين إلى أن قال عن زيد بن ثابت أنه ( شهد العرضة الأخيرة ، وكان يُقرىء الناس بها حتى مات ، ولذلك اعتمده ابو بكر وعمر في جمعه ، وولاه عثمان كتْبة المصاحف رضي الله عنهم أجمعين ) . 3. أنه من كُتّاب الوحي للرسول صلى الله عليه وسلم . 4. خصوبة عقله ، وشدة ورعه ، وكما خلقه ، واستقامة دينه ، وعظم أمانته وشهد لذلك قول أبي بكر رضي الله عنه له : ( إنك رجل شاب ، عاقل ، لا نتهمك وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ) وقوله نفسه رضي الله عنه ( فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن ) . منهج زيد في الجمع : من المعلوم أن زيد بن ثابت رضي الله عنه كان يحفظ القرآن كله في صدره وكان القرآن مكتوباً عنده ومع هذا فلم يعتمد على ما حفظه ولا على ما كتب بيده وذلك أن عمله ليس جمع القرآن فحسب ، وإنما التوثيق والتثبت فيما يكتب ولهذا يقول الزركشي رحمه الله تعالى عن زيد : (وتتبعه للرجال كان للإستظهار لا لاستحداث العلم ) . وقال ابن حجر رحمه الله تعالى : ( وفائدة التتبع المبالغة في الاستظهار والوقوف عند ما كتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ) . وقد رسم أبو بكر - رضي الله عنه - لزيد المنهج لهذا الجمع فقال له ولعمر بن الخطاب رضي الله عنه ( اقعدوا على باب المسجد ، فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه ). (اسناده منقطع 1 ص169) . وقد امتثلا ذلك فقد قام عمر في الناس فقال : ( من كان تلقى من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً من القرآن فليأتنا به ) (اسناده منقطع - السابق 182) . وقد بيّن زيدُ نفسه المنهج الذي سلكه بقوله رضي الله عنه : (فتتبعت القرآن أجمعه من : الصحف والعسب واللخاف وصدور الرجال ) (وراه البخاري) . وعلى هذا فإنّ منهج زيد في جمع القرآن الكريم في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه يقوم على أُسس أربعة : الأول : ما كتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم . الثاني : ما كان محفوظاً في صدور الرجال . الثالث : أن لا يقبل شيئاً من المكتوب حتى يشهد شاهدان على أنه كُتب بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم ، قال السخاوي ( معناه :من جاءكم بشاهدين على شيء من كتاب الله الذي كتب بين يدي رسول الله صلى ا لله عليه وسلم ) . وقال ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى : ( وكان غرضهم أن لا يكتب إلا من عين ما كتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم لا من مجرد الحفظ ) . الرابع : أن لا يقبل من صدور الرجال إلا ما تلقوه من فم الرسول صلى الله عليه وسلم فإن عمر رضي الله عنه ينادي : (من كان تلقى من رسول ا لله صلى الله عليه وسلم شيئاً من القرآن فليأتنا به ) . ولم يقل من حفظ شيئاً من القرآن فليأتنا به . مميزات جمع القرآن الكريم في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه : 1. جمع القرآن الكريم في هذا العهد على أدق وجوه البحث والتحري والإتقان على الوجه الذي أشرنا إليه في منهج الجمع . 2. أهمل في هذا الجمع ما نُسخت تلاوته من الآيات . 3. أن هذا ا لجمع كان بالأحرف السبعة التي نزل عليها القرآن الكريم كما كان في الرقاع التي كتبت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم . 4. أن هذا الجمع كان مرتب الآيات باتفاق واختلف العلماء في السور هل كانت مرتبة في هذا الجمع أم أن ترتيبها كان في عهد عثمان رضي الله عنه ؟ . 5. اتفق العلماء على أنه كُتب نسخة واحدة من القرآن في هذا الجمع حفظها أبو بكر باعتباره إمام المسلمين . 6. ظفر هذا الجمع بإجماع الأمة عليه وتواتر ما فيه . مكانة هذا الجمع : ظفر هذا الجمع باتفاق الصحابة رضي الله عنهم على صحته ودقته وأجمعوا على سلامته من الزيادة أو النقصان وتلقوه بالقبول والعناية التي يستحقها حتى قال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ( أعظم الناس أجراً في المصاحف أبو بكر فإنه أول من جمع ما بين اللوحين ) . (اسناده حسن). تسميتة المصحف : لم يكن (المصحف) يُطلق على القرآن قبل جمع أبي بكر الصديق رضي الله عنه وإنما عُرف هذا الاسم بعد أن أتم زيد جمع القرآن . فقد روى السيوطي عن ابن أشته في كتابه (المصاحف) أنه قال : ( لما جمعوا القرآن فكتبوه في الورق قال أبو بكر : التمسوا له إسماً . فقال بعضهم السّفر ، وقال بعضهم : المصحف فإنّ الحبشة يسمونه المصحف . وكان أبو بكر أول من جمع كتاب الله وأسماه المصحف ) . خبر هذا المصحف : بعد أن أتّم زيد جمع القرآن في المصحف سلمه لأبي بكر الصديق رضي الله عنه فحفظه عنده حتى وفاته ، ثم انتقل إلى أمير المؤمنين من بعده عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وبعد وفاته انتقل المصحف إلى حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها ، لأن عمر رضي الله عنه جعل أمر الخلافة من بعده شورى ، فبقي عند حفصة إلى أن طلبه منها عثمان رضي الله عنه لنسخه بعد ذلك ثم أعاده إليها - لما سيأتي - ولما توفيت حفصة رضي الله عنها أرسل مروان بن الحكم إلى أخيها عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ساعة رجعوا من جنازة حفصة بعزيمة ليُرسلن بها فأرسل بها ابنُ عمر إلى مروان فمزقها مخافة أن يكون في شيء من ذلك خلاف ما نسخ عثمان رضي الله عنه

                          جمع القرآن ( نَسْخُهُ ) في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه
                          سببه
                          عندما اتسعت الفتوحات الإسلامية انتشر الصحابة رضي الله عنهم في البلاد المفتوحة يعلمون أهلها القرآن وأمور الدين وكان كل صحابي يُعلَّمُ بالحرف الذي تلقاه من الأحرف السبعة فكان أهل الشام يقرأون بقراءة أبي بن كعب رضي الله عنه ، فيأتون بما لم يسمع أهل العراق ، وإذا أهل العراق يقرأون بقراءة عبد الله بن مسعود فيأتون بما لم يسمع أهلُ الشام فيُكفر بعضهم بعضاً .
                          وعندما اتجه جيش المسلمين لفتح (أرمينيه) و(اذربيجان) وكان الجنود من أهل العراق وأهل الشام فكان الشقاق والنـزاع يقع بينهم ورأى حذيفة بن اليمان رضي الله عنه اختلافهم في القراءة وبعض ذلك مشوب باللحن مع إلف كل منهم لقراءته واعتياده عليها واعتقاده أنها الصواب وما عداها تحريف وضلال حتى كفر بعضهم بعضاً فأفزع هذا حذيفة بن اليمان رضي الله عنه فقال والله لأركبن إلى أمير المؤمنين (يعني عثمان بن عفان رضي الله عنه ) وكان عثمان قد رأى نحو هذا في المدينة فقد كان المُعلم يُعلم بقراءة والمعلم الآخر يعلم بقراءة فجعل الصبيان يلتقون فينكر بعضهم قراءة الآخر فبلغ ذلك عثمان رضي الله عنه فقام خطيباً وقال : ( أنتم عندي تختلفون فيه فتلحنون فمن نأى عني من الأمصار أشد فيه اختلافاً وأشد لحناً ، اجتمعوا يا أصحاب محمد ، واكتبوا للناس إماما) .
                          فلمّا جاء حذيفة إلى عثمان رضي الله عنهما وأخبره بما تحقق عند عثمان ما توقعه ، وقد روى البخاري في صحيحه قصة ذلك الجمع في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ( إن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان وكان يُغازي أهل الشام في فتح (أرمينيه) و(أذربيجان) مع أهل العراق فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة ، فقال حذيفة لعثمان : يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك فأرسلت بها حفصة إلى عثمان ) .

                          تاريخ هذا الجمع :
                          كان ذلك في أواخر سنة 24 وأوائل سنة 25 كما قال ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى .

                          فكرة الجمع :
                          لما سمع عثمان رضي الله عنه ما سمع وأخبره حذيفة رضي الله عنه بما رأى استشار الصحابة فيما يفعل ، فقد روى إبن أبي داود بإسناد صحيح - كما يقول ابن حجر - من طريق سويد بن غفلة قال، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه ( يا أيها الناس لا تغلوا في عثمان ولا تقولوا له إلا خيراً في المصاحف .. فوالله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا عن ملأ منّا جميعا ، قال ما تقولون في هذه القراءة ؟ فقد بلغني أن بعضهم يقول إن قراءتي خير من قراءتك ، وهذا يكاد أن يكون كفراً ، قلنا : فما ترى ؟ قال : نرى أن نجمع الناس على مصحف واحد فلا تكون فرقة ولا يكون اختلاف . قلنا : فنعم ما رأيت .. قال علي : والله لو وليت لفعلت مثل الذي فعل ) .

                          اللجنة المختارة :
                          اختار عثمان رضي الله عنه أربعة لنسخ المصاحف هم :
                          زيد بن ثابت ، وعبد الله بن الزبير ، وسعيد بن العاص ، وعبد الرحمن بن الحارث ابن هشام ، وهؤلاء الثلاثة من قريش .
                          فقد سأل عثمان رضي الله عنه الصحابة : من أكتب الناس ؟ قالوا : كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت قال : فأي الناس أعرب ؟ وفي رواية أفصح . قالوا : سعيد بن العاص ، قال عثمان : فليُمل سعيد ، وليكتب زيد .

                          المنهج في هذا الجمع :
                          بعد أن اتفق عثمان مع الصحابة رضي الله عنهم أجمعين على جمع القرآن على حرف سلك منهجاً فريداً وطريقاً سليماً أجمعت الأمة على سلامته ودقته .
                          1. فبدأ عثمان رضي الله عنه بأن خطب في الناس فقال : ( أيها الناس عهدكم بنبيكم منذ ثلاث عشرة وأنتم تمترون في القرآن وتقولون (قراءة أبي) (قراءة عبد الله ) يقول الرجل ( والله ما تقيم قراءتك ) !! فأعزم على كل رجل منكم ما كان معه من كتاب الله شيء لما جاء به ، وكان الرجل يجيء بالورقة والأديم فيه القرآن حتى جمع من ذلك كثرة ، ثم دخل عثمان فدعاهم رجلاً فناشدهم ، لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أملاه عليك ؟ فيقول نعم ) .
                          2. وأرسل عثمان رضي الله عنه إلى أم المؤمنين حفصة بنت عمر رضي الله عنهما أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نعيدها إليك ، فأرسلت بها إليه ، ومن المعلوم أن هذه الصحف هي التي جمعت في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه على أدق وجوه البحث والتحري .
                          3. ثم دفع ذلك إلى زيد بن ثابت والقرشيين الثلاثة وأمرهم بنسخ مصاحف منها وقال عثمان القرشيين : ( إ ذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش ، فإنما نزل بلسانهم )
                          4. إذا تواتر في آية أكثر من قراءة تكتب الآية خالية من أيّة علامة تقصُر النطق بها على قراءة واحدة فتكتب برسم واحد يحتمل القراءتين أو القراءات فيها جميعاً مثل :
                          أ. (فتبينوا) التي قرأت أيضاً فتثبتوا .
                          ب. (ننشزها) قُرأت أيضاً ننشرها .
                          أما إذا لم يكن رسمها بحيث تحتمل القراءات فيها فتكتب في بعض المصاحف برسم يدل على قراءة ، وفي مصاحف أخرى برسم يدل على القراءة الأخرى مثل :
                          أ . (ووصى بها إبراهيم) هكذا تكتب في بعض المصاحف وفي بعضها وأوصى .
                          ب . (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم) بواو قبل السين في بعض المصاحف وفي بعضها بحذف الواو .
                          وبعد الفراغ من نسخ المصاحف بعث عثمان بنسخ منها إلى الأمصار الإسلامية حيث نشط المسلمون في نسخ مصاحف منها للأفراد وكان زيد بن ثابت في المدينة يتفرغ في رمضان من كل سنة لعرض المصاحف فيعرضون مصاحفهم عليه وبين يديه مصحف أهل المدينة .

                          مزايا جمع القرآن في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه :
                          تميز هذا الجمع بمزايا عديدة منها :
                          1. الاقتصار على حرف واحد من الأحرف السبعة ، قال ابن القيم رحمه الله : ( جمع عثمان رضي الله عنه الناس على حرف واحد من الأحرف السبعة التي أطلق لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم القراءة بها لما كان ذلك مصلحة ) .
                          2. إهمال ما نسخت تلاوته :
                          فقد كان قصد عثمان رضي الله عنه جمع الناس على مصحف لا تقديم فيه ولا تأخير ولا تأويل أُثْبِتَ مع تنـزيل ، ولا منسوخ تلاوته كُتب مع مُثبتٍ رسمه ، ومفروض قراءته وحفظه ، خشية دخول الفساد والشبهة على من يأتي بعده .
                          3. الاقتصار على ما ثبت في العرضة الأخيرة وإهمال ما عداه :
                          فقد روى ابن أبي داود في المصاحف عن محمد بن سيرين عن كثير بن أفلح قال : لمّا أراد عثمان أن يكتب المصاحف جمع له اثنى عشر رجلاً من قريش والأنصار فيهم أبي بن كعب ، وزيد بن ثابت قال فبعثوا إلى الربعة التي في بيت عمر فجئ بها ، قال وكان عثمان يتعاهدهم فكانوا إذا تدارأو في شيء أخروه ، قال محمد : فقلت لكثير وكان منهم فيمن يكتب : هل تدرون لم كانوا يؤخرونه ؟ قال : لا ، قال محمد : فظننت ظناً إنما كانوا يؤخرونها لينظروا أحدثهم عهداً بالعرضة الأخيرة فيكتبونها على قوله .
                          4. الاقتصار على القراءات الثابتة المعروفة عن الرسول صلى الله عليه وسلم وإلغاء ما لم يثبت .
                          5. كان مرتب الآيات والسور على الموجه المعروف الآن ، قال الحاكم في ا لمستدرك : ( إن جمع القرآن لم يكن مرة واحدة ، فقد جُمع بعضه بحضرة الرسول صلى الله عليه وسلم ثم جمع بعضه بحضرة أبي بكر ال صديق ، والجمع الثالث هو في ترتيب السور وكان في خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنهم أجمعين ) .

                          الفروق بين جمع أبي بكر وجمع عثمان رضي الله عنهما :
                          كان معنى (الجمع) ظاهراً في جمع القرآن في عهد أبي بكر فقد كان القرآن مفرقاً فأمر بجمعه كما قال المحاسبي : ( كان ذلك بمنـزلة أوراق وجدت في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها القرآن منتشر ، فجمعها جامع ، وربطها بخيط حتى لا يضيع منها شيء ) .
                          إذا فمعنى الجمع فيه ظاهر لا يحتاج إلى تفريق بينه وبين الجمع في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، لكن الإشكال واللبس هو في الجمعين الثاني والثالث ، إذ كيف يأمر عثمان بجمع القرآن وهو مجموع في عهد أبي بكر رضي الله عنهما ؟ ولذا فإن العلماء يولون التفريق بين جمع القرآن في عهد أبي بكر وجمعه في عهد عثمان عنايتهم لإزالة هذا اللبس ، ويذكرون فروقاً :
                          قال القاضي أبو بكر في الانتصار : ( لم يقصد عثمان قصد أبي بكر في جمع القرآن بين لوحين وإنما قصد جمعهم على القراءات الثابتة المعروفة عن النبي صلى الله عليه وسلم وإلغاء ما ليس كذلك ) وقال ابن التين وغيره : (الفرق بين جمع أبي بكر وجمع عثمان أن جمع أبي بكر كان لخشية أن يذهب من القرآن شيء بذهاب حملته لأنه لم يكن مجموعاً في أي موضع واحد فجمعه في صحائف مرتباً لآيات سوره على ما وقفهم عليه النبي صلى الله عليه وسلم وجمع عثمان كان لما كثُر الاختلاف في وجوه القراءة حتى قرءوه بلغاتهم على اتساع اللغات فأدى ذلك بعضهم إلى تخطئه بعض فخشي من تفاقم الأمر في ذلك فنسخ تلك الصحف في مصحف واحد مرتباً لسوره ، واقتصر من سائر اللغات على لغة قريش محتجاً بأنه نـزل بلغتهم .
                          ومن هذين النصين نستطيع أن نستخلص أهم الفروق وهي :
                          1. أنّ الباعث لجمع القرآن في عهد أبي بكر خشية أن يذهب شيء من القرآن بذهاب حفظته وذلك حين استحر القتل بالقراء في حروب الردة ، أما جمعه في عهد عثمان فلكثرة الاختلاف في وجوه القراءة .
                          2. أنّ جمع أبي بكر على الأحرف السبعة ، أما جمعه في عهد عثمان فقد كان على حرف واحد .
                          3. أن جمع أبي بكر كان مرتب الآيات ، أما جمع عثمان فقد كان مرتب الآيات والسور .
                          إنفاذ المصاحف :
                          بعد أن أتمّت اللجنة نسخ المصاحف أنفذ عثمان إلى آفاق الإسلام ينسخ منها وأرسل مع كل مصحف من يوافق قراءته فأمر زيد بن ثابت أن يقرئ بالمدني وبعث عبد الله بن السائب مع المكي والمغيرة بن شهاب مع الشامي وأبا عبد الرحمن السلمي مع الكوفي وعامر بن عبد القيس مع البصري وتلقى التابعون في كل قطر قراءة إمامهم وتفرغ قوم منهم لضبط القراءات حتى صاروا أئمة يُرحل إليهم .

                          المكيُّ والمدنيُّ
                          لم ينـزل القرآن الكريم جملة واحدة ، وإنما نزل منجمًا - على دفعات - آيات وسُورًا في ثلاث وعشرين سنة ، منها ما نزل قبل الهجرة ، في مكة المكرمة ومنها ما نزل بعد الهجرة في المدينة المنورة ، وبعض السُّور أو الآيات نزلت في غزواته صلى الله عليه وسلم لا في مكة ولا في المدينة كسورة "الفتح" نزلت بين مكة والمدينة في شأن الحديبية ، ومن القرآن ما نزل في الليل ، ومنه ما نزل في النهار .
                          والفرق بين المكي والمدني تبع للفرق بين الفترتين ، فالأولى كانت فترة دعوة تحتاج إلى تثبيت العقيدة وتبيان أركان الإيمان ، والثانية كانت فترة بناء المجتمع والدولة المسلمة ، وهي فترة تحتاج إلى تشريع وتنظيم . ومن الملاحظ قصر الآيات المكية وتلاحقها ربما لحاجة المسلم إلى حفظها خفية وهو يعيش حالة الضعف والخوف من أذى المشركين ، بينما الآيات المدنية أطول ، وقد أصبحت السلطة في المدينة بيد المسلمين يأمنون على أنفسهم ويملكون حرية الحركة .
                          وقد ذهب العلماء في تعريفهم للمكي والمدني على ثلاثة مذاهب :
                          الأول : وهو أرجح الأقوال ، أن المكيّ ما نزل قبل الهجرة ،والمدني ما نزل بعدها ، سواء نزل بمكة ، أم بالمدينة ، أم بسفر من الأسفار . فعن أبن عباس قال : "كانت إذا نزلت فاتحة سور ة بمكة كتبت بمكة ، ثم يزيد الله فيها ما يشاء "ولذلك لا يلزم من نزول آية أو آيات من سورة طويلة نزل معظمها بالمدينة أن تكون مكيّة . ففي بعض السور التي نزلت بمكة آيات نزلت بالمدينة فأُلحقت بها . وكل من المكيّ والمدنيّ فيه آيات مستثناه .
                          الثاني : أن المكيّ ما نزل بمكة ولو بعد الهجرة ، والمدنيّ ما نزل بالمدينة ، وما نزل بالسفر والغزوات لا يُطلق عليه مكي ولا مدنيّ ، كقوله : ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى .... ) ( الحجرات : 13 ) ، نزلت بمكة يوم الفتح ، وقوله : ( اليوم أكملت لكم دينكم ... ) ( المائدة ك 3 ) .
                          الثالث : أن المكي ما وقع خطاباً لأهل مكة ، والمدني ما وقع خطابًا لأهل المدينة ؛ كسورة "الممتحنة" فإنها نزلت بالمدينة مخاطبة لأهل مكة ، وقوله : ( والذين هاجروا ... ) ( النحل : 41 ) ، نزل بالمدينة مخاطبًا به أهل مكة . وأول "براءة "نزل بالمدينة لمشركي أهل مكة . ومما نزل في مكة مخاطبًا أهل المدينة قوله : ( إن الله يأمركم أن تؤدُّوا الأمانات إلى أهلها ... ) ( النساء : 85 ) .
                          ولمعرفة المكي والمدني طريقتان : سماعي وقياسي . فالسماعي ما وصف إلينا نزوله بإحداهما .
                          والقياسي : كل سورة فيها ( يا أيها الناس ) فقط ، أو ( كلاَّ ) ، أو كان أولها حروف مقطعة سوى "البقرة "و "آل عمران "و "الرعد "، أو فيه قصة آدم وإبليس سوى "البقرة "؛ فهي مكيّة .
                          وكل سورة فيها : قصص الأنبياء والامم السابقة : مكية . وكل سورة فيها فريضة أو حدّ فهي مدنيّة ، وكل سورة فيها ذكر للمنافقين ، سوى "العنكبوت "مدنيّة .


                          من كتاب " الإتقان في علوم القرآن " مختصراً
                          التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 23 يول, 2020, 04:23 ص.


                          أعظم كلمة. ....الله

                          أنقى الحب. . .الحب في الله ورسوله

                          تعليق


                          • #14
                            أشكركم أيها الاساتذة الكرام
                            ولاحظت سعة علمكم بهذه الأمور وأشكركم لتعليمكم اياي
                            ربنا يبارك لكم
                            وانا متشكر كثيرا للاساتذة الافاضل على أبحاثكم المفيدة

                            تعليق


                            • #15
                              أستاذ عبدالفادي ....أهلاً بك بيننا في كل حين ....

                              ولي سؤال ...سيدي الفاضل :
                              هل قرأت عن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم من مصادرنا الإسلامية؟

                              ألا يجب أن تعرف من هو محمد؟!!
                              سواءاً كنت تُحبه أم لا؟

                              هل تُحب أن نتناقش في الإسلام عامة ...كما أتانا به محمد صلى الله عليه وسلم؟
                              "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
                              رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
                              *******************
                              موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
                              ********************
                              "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
                              وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
                              والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
                              (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

                              تعليق

                              مواضيع ذات صلة

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              ابتدأ بواسطة محمد خالد, منذ 3 أسابيع
                              رد 1
                              31 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                              بواسطة *اسلامي عزي*
                               
                              ابتدأ بواسطة خادم للجناب النبوى الشريف, 22 أكت, 2023, 06:48 ص
                              ردود 0
                              34 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة خادم للجناب النبوى الشريف  
                              ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 28 أغس, 2023, 07:58 ص
                              ردود 0
                              18 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة د.أمير عبدالله  
                              ابتدأ بواسطة mohamed faid, 18 ماي, 2023, 07:38 م
                              ردود 0
                              35 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة mohamed faid
                              بواسطة mohamed faid
                               
                              ابتدأ بواسطة Aiman93, 24 يون, 2022, 11:04 ص
                              رد 1
                              27 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة عاشق طيبة
                              بواسطة عاشق طيبة
                               
                              يعمل...
                              X