مناظرة بيْن الدكتور أمير عبدالله والمهندس محمد الهندي حول شروط صحة سند الحديث بين التنظير والتطبيق

تقليص

عن الكاتب

تقليص

د.أمير عبدالله مسلم اكتشف المزيد حول د.أمير عبدالله
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #31
    مداخلة الإشراف...

    السيد المهندس، الدكتور أمير قد وضع لك حوالي ست أسئلة سابقة، لم تُجب عليها الا بمزيد من تكرار الرأي الخاص بك، وستة لاحِقة،
    نرجو منك التكرم بالاجابة عليها

    1- قد بيّنتُ لكَ الفوارِقَ بالفعل بين الشهادة والرواية، فهات الدليل وما يُثبِت اتفاق كل الفوارِقِ أعلاه .. ومن قال بهِ من المحدثين؟
    2- من مِن المحدثين جعل الشرط الأوحد لقبول التعديل هو التنصيص مع المعاصرة ؟
    3- وما هي شروط قبول التعديل عند المحدثين اصلا .. لنعلم ان خالفوها أم لا؟!
    4- ارفق دليل معتبر واحد فقط من قول شخص واحد فقط اتفق معك أن ان الرواية هي شهادة بالسماع ..
    5- اثبت من اقوال العلماء في اي منهج علمي على وجه الارض ان الشهادة عامة، والرواية مخصصة منها !!
    6- اثبت ادِّعاءَك: أن المحدثين خالفوا البدهيات العقلية وخصصوا الرواية من الشهادة.
    إضافة لهذين السؤالين الإلزامييْن :

    1- الشهادة المذكورة في القرآن الكريم "واشهِدوا ذويْ عدل منكم"، والتي هي محل الحوار، والتي هي قائِمة على العدالة، عدالة الشهود، والتي هي عُمدة الفقه والقضاء الإسْلامي والمحاكم، والتي ذكر لك محاورك فيها أكثر من 20 فرق بينها وبين الرواية، هل تُقر أنها تختلف عن الرواية؟، إن نعم، فقد انتهت النقطة هذه،وإن لا، فأجب بدقة على السؤال الأول، أما دعواك العجيبة أنك تقصِد الشهادة بمفهومها العام .. فهذا اختراع جديد للإلتفاف حول السؤال .. فأي مفهوم عام غير هذا؟.. ألعلك تعني الشهادة في سبيل الله أم شهادة أن لا إله إلا الله .. كفاك تأرجُحا .. واحترم عقول القراء .. وكن واضِحا في جوابِك على محاورك..

    2- ثم كان السؤال: " من مِن المحدثين قال أن الرواية هي نفسها الشهادة" ولم يكن سؤال محاورك كيف استدللت على أن الرواية شهادة؟! .. فلا يوجد داعٍ للالتفاف على السؤال. والاجابة يجب أن تكون واضحة ودقيقة؛ ضع اجابتك على سؤال محاورك: من قال من المحدثين ان الرواية هي نفسها الشهادة؟

    أما فهمك من الحديث وقول " اشهد على ان رسول الله" فهذا فهمك الشخصي ونترك حرية الرد على هذه النقطة من عدمها لمحاورك.
    نأمل أن تكون قد فهمتَ المداخلة الإشرافية.

    تعليق


    • #32
      نقطة أخرى...
      أسبوع أو اسبوعين سنعتبره انقطاعا
      😊

      يتبع عندما أجد وقتا مرة أخرى.. ولا أمكث أسبوعين كما تظن أحضر ردا، فلا أقرأ ردك إلا في نفس اليوم الذي توفر فيه وقت للرد.

      تعليق


      • #33

        المشاركة الأصلية بواسطة د.أمير عبدالله مشاهدة المشاركة
        1- ذكرت أن الطبقة الثانية من الرواة ((يعني رواة الأحاديث)) أكثر من 500، ولا تقصد بالطبع حصر كل التابعين، فهمي صحيح؟ ..

        2- وطبقة تابعي التابعين 2500 راوي .. لم نصل بعد مثلا الى طبقة تابعي تابعي التابعين ولا من بعدهم الى البخاري ومسلم!
        فهل طبقة تابعي التابعين (( الرواة فقط للحديث)) 2500، وعلاما اعتمدت في حصرك لهم؟!!!

        3- وعليه قررت: 5% الى 10% هو ما يصح من الحديثِ حسْب فهمك.. كيف حسبت هذه النسبة؟!
        لم أبن على الأرقام التي ذكرتها للأعداد التقريبية للطبقتين شيئا، فلا حاجة لك بمصادرها، فهي جهد فردي في حصرها، وكذا نسبة من لم يُعدل إلا بسبر جزئي بحساب نسبة من عُدل من معاصر بحصر أقوال علماء الجرح والتعديل في معاصريهم.
        ولا تلازم بين تضعيف حديث الـ 90-95% من رواة الطبقتين بتضعيف 90%-95% من الأحاديث إلا إن كان مجموع المرويات موزع على مجموع الرواة توزيعا متساويا أو قريب وهو ليس كذلك كما هو معلوم.


        المشاركة الأصلية بواسطة د.أمير عبدالله مشاهدة المشاركة
        أ- ما هو تعريف المحدثين للعدالة؟ ..
        ذكرت في بحثي معنى العدالة فإمّا تنقده أو تقبله لا تعيد السؤال عنه.
        وعلى أي حال العدالة صفة تقتضي الثقة فيما يشهد عليه.
        وطرق ثبوتها عند المحدثين الاستفاضة وقول عدل معاصر له واجتهاد علماء الجرح والتعديل بسبر مرويات من لم يلقوهم، والسبر هو العمدة فيما يتعلق بالطبقتين المذكورين وعليه ينصب نقدي.


        المشاركة الأصلية بواسطة د.أمير عبدالله مشاهدة المشاركة
        5- وهل هذا الإصطلاح الذي اصطلحه المحدثون لمجهول العدالة ينطبِق على البخاري ومسلم؟..
        تقصد على صحيحي البخاري ومسلم
        بعض الرواة في الصحيحين مستورو الحال فهم مجهولون (بغض النظر إن أخرجا روايتهم كشاهد لا أصل أو لا)
        ونسبة كبيرة من الطبقتين في الصحيحين معدلون بالسبر الجزئي وهو بيت قصيدنا، فإن كان لا يكفي للتعديل كما أزعم فهم مجهولو الحال.


        المشاركة الأصلية بواسطة د.أمير عبدالله مشاهدة المشاركة
        95 % من ال 3000 المجهولي العدالة!!! = 2850 مجهول العدالة!!!
        عاوز 20 اسم فقط من البخاري، من بين ال 2850 مجهول !!!!
        لم يمر على حوارنا عدد مشاركات كثيرة تنسيك ما أجبتك عليه من إني لا أقول إن ثمة 2850 مجهولا صحح روايتهم أحد من أصحاب الصحاح والمسانيد، بل أقول 2850 مجهول منهم نسبة لا بأس بها هم مجاهيل عين لا يُعرفون أو لم يروي عنهم إلا واحد، ومنهم مجاهيل حال صُرح بجهالتهم أو لم يوثقهم أحد اللهم إلا من كان مذهبه توثيق المجاهيل، ومنهم معدلين بسبر جزئي، وهؤلاء المعدلون بالسبر لم أذكر نسبتهم فضلا عن ذكر نسبة من أخرج لهم البخاري ومسلم منهم..

        المشاركة الأصلية بواسطة د.أمير عبدالله مشاهدة المشاركة
        6- هل البخاري ومسلم مشكوك في عدالتهما عندك ام هما ثقات عدول؟!
        هما ثقتان عدلان

        انتهيت



        تعليق


        • #34
          المشاركة الأصلية بواسطة م. محمد الهندي مشاهدة المشاركة
          يتبع عندما أجد وقتا مرة أخرى.. ولا أمكث أسبوعين كما تظن أحضر ردا، فلا أقرأ ردك إلا في نفس اليوم الذي توفر فيه وقت للرد.

          أنا لا أظن بل انا متأكد انّك لا تُحضِّر ردًا، وليْس بالإمكان أحسَنُ مما كان. لكِن التحضير وأخذ الامر بجديّة يدل على مدى مسؤوليتك او استِهتارِك تجاه دينِك.. فليْس الدين استحسان رأيِ أحدِهم دون أن نُكلِّف خاطرنا بالبحث فيما يلوكه من مغالطاتٍ فضْلًا عن ان نتبناها ونحار في الدفاعِ عنها.

          وما يُكتب من طرفِك، هو آخر ما قد يستطيعه متولي صالح في نظريته العجائِبيّةِ هذه التي أحسنت أنت اختصارها وتنسيقها وتبنيها.

          لكِن يهمني أن تبحَث بنفسِك وبما حباكَ اللهُ من عقل.. وأن تتحلّى بمسؤولية أكبر في ما عليْهِ عماد دينِك وآخرتِك، جنتَك ونارك.

          هدانا الله وإياك إلى الحق.

          يتبع.
          "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
          رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
          *******************
          موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
          ********************
          "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
          وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
          والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
          (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

          تعليق


          • #35

            مناقشةُ الشرْط الأول: العدالة
            الرواية والشهادة


            .

            لازلنا في النقطة الأولى وهي "هل الرواية هي الشهادة؟"، ونُذكّر القارىء الكريم..

            1- بأن المحاور أنكر أولًا أنهُ قالها.
            2- ثمّ استدرك بأنه قالها وقد نسي.
            3- ثم عاد فقال أن هذا لا يؤثِّر بشيء في نظريته ومبحثه.
            4- إلا أنه استدرك من جديد الدفاع عنها بشتى الطرق والوسائِل!

            1- وثبُت بالحُجّةِ والبرهان الفارق بين الشهادة والرواية. وذكرنا 22 وجها من الفرق بينهما .. ثمّ سألناه إن كان يستطيع أن يرُد ما سبق او يُبين انه لا فارق بينهما؟!
            فكان الجواب : ..............لا يوجد اجابة!

            2- و كان قد ادّعى أنه يُحاكم المحدثين بما قالوه وليَس بسوءِ فهْمِه، فسألناه من مِنَ المحدثين قال أن الشهادة هي الرواية ؟!.
            فكان الجواب: ..............لا يوجد اجابة!
            .
            وكان اولى أن يُقر بانقطاعِه، وعدم اجابتهِ وبالتالي سقوط دعواه،
            إلا أنه اثقل على نفسِه، وادعى دعوى جديدة كاذِبة


            .
            3- فزعم أنّ المحدثين خصصوا الرواية من الشهادة.. فطالبناه بدليل نقلي عن محدث واحد او اي عالم من علماء الأمة فقيه او محدث او اصولي؟ وإلا فقد ادعيت عليهم زورًا وبهتانا!
            فكان الجواب: ..............لا يوجد اجابة!

            4- وزعم أنه لا يختلف اثنانِ على هذا .. فأثبتنا له أنه ليس علماء الأمة فقط بل علماء العالم أجمع لم يدّعِ أحد منهم قط ان الرواية مخصصة من الشهادة .. فهات دليل واحد فقط من بين المليارات من علماء الدنيا سلفا وخلفا الذين ادّعيْت أنه لا يختلف اثنانِ منهم على هذا !!
            فكان الجواب: ..............لا يوجد اجابة!
            .
            وبدلا من أن يُقر مرة أخرى بانه يدّعي ادعاءاتٍ وهمية لادليل عليها
            فأتانا بدعوتيْن وهميتيْن جديدتيْن بل مغالطتيْنِ وهما ما سنُناقِشه في الرسالة القادمة ثم نختِم هذا المبحث.
            .


            5- المغالطة الأولى: أنه كان يقصِد المعنى العام الذي يفيده الفعل شهد لا شهادة المحاكم خاصة.. تراجع عجيب .. وغير مُوفق !
            6-
            المغالطة الثانية: أنه قد جاء في الحديث " اشهد على رسول الله" اذن الشهادة = الرواية! .. مغالطة عجيبة .. لم تحفظ ماء الوجه.

            يتبع.
            "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
            رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
            *******************
            موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
            ********************
            "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
            وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
            والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
            (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

            تعليق


            • #36
              المغالطة الأولى: يقول المحاور كنت اقصِد الشهادة بمعناها العام!

              1- الخلط والإضطراب في فهم الفارق بين المعنى اللغوي والإصطلاحي عند المحاور:

              ذكرنا أن الشهادة في اللغة خبر، وذكرنا أن الرواية في اللغة خبر، لكِن وبرغمِ أن كليهما خبر، فهناك فرق كبير بين الرواية والشهادة في الإصطلاح، وقد بيّنا الفروق بين كل أنواع الخبر اصْطلاحا.. منذ شهرٍ مضى!!! فقلت: وقد فرّق العلماء بيْن أنواعِ الخبر، ومايزوا :
              1. فإن كان الخبرُ حكما عاما يتعلق بالأمة ، فإما أن يكون مستنده السماع ، فهو الرواية.
              2. وإن كان الخبرُ حكما عاما يتعلق بالأمة، مستنده الفهم من المسموع ، فهو الفتوى.
              3. وإن كان خبرا جزئيا يتعلق بمعين مستنده المشاهدة أو العلم ، فهو الشهادة.
              4. وإن كان خبرا عن حق يتعلق بالمخبر عنه والمخبر به ، هو مستحقه ، أو نائبه ، فهو الدعوى.
              5. وإن كان خبرا عن تصديق هذا الخبر ، فهو الإقرار.
              6. وإن كان خبرا عن كذبه فهو الإنكار.
              7. وإن كان خبرا نشأ عن دليل ، فهو النتيجة ، ويسمى قبل أن يحمل عليه الدليل مطلوبا.
              8. وإن كان خبرا عن شيء يقصد منه نتيجته ، فهو دليل ، وجزؤه مقدمته.

              والخلاف بيننا وبين المحاور الكريم في الإصطلاح. وليس في اللغة! فلا مهرب له من هذا إلا الإقرار بأن هناك خلاف في الاصطلاح، وبينهما وفوارق كبيرة ذكرنا منها 22 فارقاً.. هل يا ترى يُقر ويُريحنا؟!


              2- اقرار المحاور الضمني بالفرق بين الشهادة والرواية اصطلاحًا!
              في الحقيقةِ هو أقر ضمنًا، ولو على استحياء، حين لجأ إلى تسطيح الخلاف
              وادّعى أنه لا يقصِد الشهادة المعلومة عند المحاكم وإنما يقصِد الشهادة بمعناها العام ! .. فهذا يعني أنه أقر بوجود اختلاف حقيقي بين الشهادة وبين الرواية اصطلاحًا، ولحفظ ماء الوجه، زعم أنه كان كااان يقصِد المعنى العام!

              3- المحاور يبتدع معنى جديد للشهادة!
              وأتساءَل، ما هي الشهادة بمعناها العام؟!
              • شهادة أن لا إله إلا الله مثلا؟!..
              • أم الشهادة في الحرب؟!..
              • أم شهادة بحسن السير والسلوك؟!..
              • أم معناها اللغوي؟!

              أم نسي المحاور فيما يتحاور أصلا؟!

              حوارنا يا محاورنا الكريم، عنالعدالة يعني عنالشهادة التي تستلزم العدالةيعني عننوع واحد ووحيد فقطلا مجال للإلتفاف عليه وهو الشهادة التي قال الله عنها " وأشْهِدوا ذوي عدل منكم" أي شهادة المحاكم، والشهادة عند القاضي، الشهادة الفقهية، هذه هي الشهادة التي تستلزِم العدالة.. وهذه هي الشهادة التي تستلزم المعاصرة والمشاهدة! .. وهذه هي الشهادة في الإصطلاح.


              4- المغالطة بالتلبيس على القارىء بالمشترك اللفظي

              إذا قلنا أنه في اللغة: العين= عين الإنسان، والعين = البئر .
              فمن المغالطة الزعم أن عين الإنسان = البئر!
              هذا ما فعله المحاور ببساطة!
              اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image.png 
مشاهدات:	294 
الحجم:	75.6 كيلوبايت 
الهوية:	809620


              فالمحاور، عنى اللغة ولكن لم يُسعفه اللفظ فقال " معناها العام" .. !!
              اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image.png 
مشاهدات:	288 
الحجم:	9.3 كيلوبايت 
الهوية:	809621



              كذلِك إذا قلنا أن الصلاة في اللغة تعني = الدعاء.
              وأن الصلاة في الإصطلاح (عند المسلمين) تعني= الركوع والسجود

              اذا ذُكِرت الصلاة فجميع المسلمين بلا استثناء ينصرف ذهنهم على " الركوع والسجود"
              فإذا كان الحوار مثلا: حول وجوب قراءة الفاتحة في الصلاة عند المسلمين
              فإذا أثبتنا بالدليل وجوبها، فمن الاستهتار بعقلية القارىء أن يزعم المحاور أني كنت اقصد أنه لا يجب قراءة الفاتحة في الدعاء!
              عُذر أقبح من ذنب، ليس لأنه ابعد في معناه وحسب، بل لأنه لا يوجد أصلا اي علاقة بوجوب قراءة الفاتحة في الدعاء!

              اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image.png 
مشاهدات:	289 
الحجم:	67.1 كيلوبايت 
الهوية:	809622

              اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image.png 
مشاهدات:	310 
الحجم:	27.0 كيلوبايت 
الهوية:	809623


              قوله : ( شهد ) ترد هذه اللفظة في لغة العرب على أربعة معاني :-
              المعنى الأول : بمعنى حضر كما في قول الله تعالى : ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) .
              المعنى الثاني : بمعنى مطّلع قال الله تعالى : ( والله على كل شيء شهيد ) أي مطلع .
              المعنى الثالث : بمعنى الإخبار، من هذا القبيل قول عبد الله بن عباس شهد عندي رجال مرضيون وأرضاهم عندي عمر . بمعنى أخبر.
              المعنى الرابع : بمعنى الإقرار والاعتراف، ومن هذا القبيل قول المسلم : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله

              قال ابن فارس (ت. 394 ه) " فأما قوله - جل ثناؤه -: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} ، فيقال: معناه بيّن وأعلم كما يقال: شهد فلان عند القاضي، إذا بين وأعلم لمن الحق وعلى من هو." مجمل اللغة لابن فارس (ص: 514)

              وقال أيضًا: "شهد: الشهادة: الإخبار بما قد شوهد." مجمل اللغة لابن فارس (ص: 514)

              وهذه المعاني اللغوية، لا يوجد فيها الزام بعدالة إلا إن كانت الشهادة فقهية ((اصطلاحية)) أي كشهادة الشهود في المحاكم وأمام القاضي أو في فض النزاعات وغيرها.. وحوارنا حول العدالة .. فطبيعي لا نعني إلا شهادة بعينها وهي الشهادة التي تستلزم العدالة أي الشهادة في الإصطلاح، التي لا تنصرف العقول لغيرها.

              أخيرًا: كل كما سبق من وهم ومغالطات .. لأجل ماذا؟!
              الحق أحقُّ أن يُتّبَع.


              يتبع
              "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
              رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
              *******************
              موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
              ********************
              "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
              وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
              والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
              (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

              تعليق


              • #37
                المغالطة الثانية: يقول المحاور الدليل على ان الشهادة هي الرواية :
                هو
                استعمال لفظ الشهادة في الرواية!

                طالبنا المحاور بالدليل من اقوال المحدثين او اي عالم على وجه الأرض اتفق معه على ان الشهادة هي الرواية: فلم يجِد أحدًا وافقَه.. وحين لم يجد من يتفِق معه، لجأ إلى أغلوطةٍ عجيبةٍ غريبة!، فقال:

                صحيح البخاري .... حدثني عمرو بن سليم الأنصاري قال أشهد على أبي سعيد قال أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ...
                صحيح البخاري ...عن ابن عباس ، قال : شهد عندي رجال مرضيون ...
                ومثله في مسلم
                ولا يخفى على دارس الصحيحين فضلا عن غيرهما استعمال لفظ الشهادة في الرواية!
                وهذا الكلامُ خروج عن أصل الحوار، اضافة إلى أنه عارٍ من الصحة، مع أن فيه مناقضة لما ادعاه سابقًا، وبيانه:

                1- أن حديثنا عن شهادة الأحكام .. الشهادة الفقهية .. الشهادة في إصطلاح الفقهاء .. وهذه هي الشهادة التي تستلزم " عدالة الشهود"،.. وبيّنا أن هذه الشهادة ((التي تستلزم العدالة)) نختلف عن الرواية من أكثر من عشرين وجها.

                2- وحديثنا ليس عن أن هناك مشترك لفظي، بين الشهادة والرواية من باب أن كليهما خبر وأن لفظ "شهِد" قد يأتي في اللغة بمعنى: أخبر وأعلم وبيّن.. فهذا لا نختلف عليهِ أصلًا وليس محل الحوار، بل قد قرّرناه أعلاه منذ شهر فقلنا:
                اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image.png 
مشاهدات:	300 
الحجم:	45.7 كيلوبايت 
الهوية:	809636


                وبينا أنه برغم أن كليهما "خبر" فإن هذا المشترك اللفظي بينهما لا يعني أنهما نفس الشيء لغةً أو اصطلاحًا، كما بينا في مغالطته الأولى في الرسالة السابقة..
                .
                ففي الإصطلاح والذي عليه مدار الحوار كلِّه، كان الخلاف حول جواب هذا السؤال:
                هل الرواية هي نفسها الشهادة التي تستوجب عدالة شاهدين أم لا؟


                3- قوله " لا يخفى على دارس الصحيحين ..."
                هذه مغالطة بالتهويل، واصطناع لمرجعيةٍ مزيّفة، فيُشغب به على القارىء، فبعد ان غيّر الموضوع، واختلق موطنا للنزاع لا نتنازعُ فيهِ أصلًا، قال " لا يخفى على دارس الصحيحين"، وكأنه يُريد أن يوحيَ للقارىءِ أنه يتكلم في صُلْبِ الموضوع وفي مُسلّمات!، لا تخفى على الدارسين!!..

                ولاحظنا كم المسلمات المزعومةِ التي قالها سابقًا، كتلك التي صاغها بكل ثقة، وكانها معلومة لكل ذي عقل، وحين ناقشناه فيها وجدنا أنها غير موجودة إلا في عقلِ المحاور الكريم وحدَه ولا يُشاركه فيها أحدٌ غيرَه، وعاجز على ان يستدل بدليل واحد على أيٍ منها.. وهذه مثل سابقيها.

                مرة أخرى موضوعنا ليس على أن هناك معنى مشترك بين الرواية والشهادة. فضلًا عن أنه غير دقيق، فالصواب أن يُقال: أنه لا يخفى على دارسِ علم المصطَلَح (سواءًا درس الصحيحيْنِ أو لم يدرُسهما)


                4- وغايةُ ما فهمه أهل اللغة والحديثِ والفقه أن:
                • "شهِد" قد تأتي بمعنى أخبر وبيّن (كمُشترك لفظي) لا أكثر.. ولِذا إذا قال الراوي " أشهد على فلان" : فهذا يُعد من ألفاظ التحمل والأداء (وسنذكره بأدلته)
                  .
                • وأن " أشهد على فلان" : لا يُفهم منها قطعا -ما فهمه المحاور - أنها تعني الشهادة!!!(وسنذكره بأدلته)
                  .
                • وأن " أشهد على فلان" : من اساليب العرب في التعبير اللغوي والتي تُفيد القسم والتأكيد.. بالتأكيد والقسمِ والحلفِ لا أكثر. (وسنذكره بأدلته)
                  .
                وسنُرفِق الأدلة كاملة على كل ما سبق.. لكِن إذا طالبناه هو ان يستدل على ما يدّعيه .. من أن احدًا من علماء الاسلام قد فهِم ما فهمه من ان المشترك اللفظي يعني ان الرواية والشهادة نفس الشيء .. خاصةً أنه قال: "لا يخفى على أحد ...." .. فيقينا: سينقطِع أسبوعين وياتي من جديد بلا أدلة، ومع حجة جديدة وأغلوطةٍ جديدة واعتذار بانه لا يُحضِّر قبل أن يكتب! .. ولِذا سنعتبِر أنه لم يجِد وانقطع، ويقينًا لن يجِد وسينقطِع ... ثم نبدأ الآن نحن بالإفحام والإلجام، بضحْد ادِّعائِهِ هذا بالحُجّةِ والبرهان وسيل لا ينقطِع من الأدلة:


                الدليل على أن "شهِد" ليست أكثر من مشترك لفظي من ألفاظ التحمل، أي قد تأتي بمعنى حدث وأخبر، ولِذا عدّها المحدثون من ألفاظ التحمل:
                .
                .
                1- ويظهر هذا من روايات هذا الحديث فقد جاء اللفظ "شهد عندي رجال مرضيون" في رِوَايَة شُعْبة بلفظ: " حدَّثني رِجال أحبُّهُم إِلَيَّ عمرُ"، ورواه مسدد ومن طريقه البيهقيُّ ولفظه " حدَّثني ناس أعجبهمْ إِلَيّ عُمر ". فهي ليْست أكثرَ من مرادِف لغوي يُفيد التوكيد والقسم.لا علاقة له بشهادة الأحكام التي تستلزِم العدالة.

                2- والدليل على أنها لفظ من ألفاظ التحمل: أي كأن يقول الراوي حدثني وأخبرني وقال وسمعت، نورده من الرامهرمزي (ت. 360 ه) والذي عقدَ بابا في تنويع ألفاظ التحمل والأداء: " من قاله على لفظ الشهادة .. من قال سمعت ... من قال حدثنا" المحدث الفاصل بين الراوي والواعي 1/ 461- 471.

                3- وقال السيوطي (ن. 911ه): "عقد الرَّامهرمزي أبوابًا في تنويع الألفاظ السَّابقة: منها: الإتيان بلفظ الشَّهادة، كقول أبي سعيد: أشْهدُ على رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّه نهى عن الجرِّ أن يُنتبذ فيه. وقول عبد الله بن طاووس: أشهدُ على والدي أنَّه قال: أشهد على جابر بن عبد الله، أنَّه قال: أشْهدُ على رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: «أُمرتُ أن أُقاتل النَّاس ...». وقول ابن عبَّاس: شَهِدَ عندي رِجَالٌ مَرْضيون، وأرْضَاهم عِنْدي عُمر ... الحديث، في الصَّلاة بعد العصر وبعد الصبح." تدريب الراوي 1/ 439.

                4- قال ابن فارس (ت. 394 ه) " فأما قوله - جل ثناؤه -: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} ، فيقال: معناه بيّن وأعلم كما يقال: شهد فلان عند القاضي، إذا بين وأعلم لمن الحق وعلى من هو." مجمل اللغة لابن فارس (ص: 514).

                5- وقال تاج الدين الفاكهاني (المتوفى: 734هـ) " قوله: «شهد عندي»، (شهد) هنا بمعنى: أعلم، وبيَّن؛ أي: بينوا لي هذا، وأعلموني به. قال ابن فارس في «مجمله»: فأما قوله -جل ثناؤه-: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ} [آل عمران: 18]، فيقال: بين وأعلم، كما يقال: شهد فلان عند القاضي، إذا بين وأعلم لمن الحق، وعلى من هو ". رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام 1/ 592- 593.

                6- وقال ابن زكريا الأنصاري (المتوفى: 926 هـ): "(شهد عندي) أي: أخبرني." تحفة الباري 2/ 296.

                7- وقال المباركفوري (ت. 1414هـ): " قال ابن التين: أراد بهذا اللفظ التأكيد للرواية قلت: هو من صنيع أداء الحديث. قال السيوطي في ندريب الراوي (ص135) عقد الرامهرمزي أبواباً في تنويع ألفاظ التحمل والأداء منها الإتيان بلفظ الشهادة كقول أبي سعيد أشهد على رسول الله أنه نهى عن الجر أن ينتبذ فيه، وقول عبد الله ابن طاؤس أشهد على والدي أنه قال أشهد على جابر بن عبد الله أنه قال أشهد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: أمرت أن أقاتل الناس - الحديث. وقول ابن عباس شهد عندي رجال مرضيون وأرضاهم عندي عمر - الحديث." مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح 7/ 470

                8- وقال حمزة قاسم (ت. 1431 ه): ""(شهد عندي رجال مرضيون) أي أخبرني رجال ثقات من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم" منار القاري 2/ 95.


                الدليل من أقوال العلماء سلفا وخلفًا، أن "أشهد على رسول الله" لا تعني أن الشهادة هي الرواية:
                1) قال أبو سليمان الخطابي (ت 388 هـ) لا يُراد بها شهادة الأحكام: "قوله: شهد عندي رجال مرضيون، معناه: أعلموني وبينوا لي، ولم يرد به إقامة الشهادة التي يتحملها الناس ويقيمونها عند الحكام. وقال علماء أهل التفسير في قوله تعالى: {شهد الله أنه لا إله إلا هو} أي أعلم خلقه وبين لهم". أعلام الحديث، 1/ 436

                2) قال ابن الجوزي (ت. 597 ه): "شهد عندي معناه بينوا لي هذا وأعلموني به وليس المراد به إقامة الشهادة التي تكون عند الحكام، ومثل هذا قوله تعالى ( شهد الله أنه لا إله إلا هو )، قال الزجاج معناه بيّن" كشف المشكل من حديث الصحيحين 1/ 52.

                3) قال ابن العطار (ت. 724 هـ): " لا شَكَّ أن الشهادةَ عند ابنِ عباسٍ؛ بمعنى: الإخبار، والرواية له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والتبليغ عنه؛ لا بمعنى الشهادة عندَ الحكام. كيف، وعمر - رضي الله عنه - كان قاضيًا لأبي بكر - رضي الله عنه -، وأميرَ المؤمنين بعده، ومات وهو أميرُ المؤمنين، ولم يكن ابن عباس قاضيًا له، ولا نائبًا في الإمارة؟! فدل على ما ذكرناه". العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام 1/ 332

                4)وقال الدماميني (ت. 827 ه): " ( شهد عندي رجال مَرْضيون): أي: أخبرني وأعلمني، وليس بمعنى الشهادة عند الحاكم قطعًا" مصابيح الجامع 2/ 251

                5) وقال ابن حجر (ت. 852 ه): "قوله شهد عندي أي أعلمنى أو أخبرني ولم يرد شهادة الحكم" فتح الباري 2/ 365.

                6) وقال شمس الدين السفاريني (ت. 1188 ه) "قال: شهد عندي؛ أي: أعلمني وأخبرني، ولم يرد شهادةَ الحكم" كشف اللثام شرح عمدة الأحكام 2/ 49.

                7) قال محمَّد الخَضِر الشنقيطي (المتوفى: 1354هـ): " قوله: "شهد عندي"، أي: أعلمني أو أخبرني، ولم يرد شهادة الحكم". (كوثَر المَعَاني الدَّرَارِي في كَشْفِ خَبَايا صَحِيحْ البُخَاري) 8/ 139.


                والدليل على أن " أشهد على رسول الله" تُفيد التوكيد والقسم وليس الشهادة:
                1- قال شمس الدين البِرْماوي (ت. 831 ه): "(شهد)؛ أي: أَعلَم لكنَّه قصَد المُبالغة والتَّأكيد." اللامع الصبيح بشرح الجامع الصحيح 3/ 398.

                2- وقال الكوراني (ت. 893 ه) " وعبّر عن إخبارهم بالشهادة مبالغة في تصديقهم؛ لأنّ أمر الشهادة أوكد" الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري 2/ 247.

                3- وقال بدر الدين العيني (ت. 855): " وفيه لفظ أشهد في موضعين وأراد به الراوي تأكيدا لروايته وإظهارا لسماعه" عمدة القاري شرح صحيح البخاري 6/ 168.

                4- وقال العيني في موضع آخر: "قوله لصلى بفتح اللامين اللام الأولى جواب قسم محذوف يتضمنه لفظ أشهد لأنه كثيرا ما يستعمل في معنى القسم تقديره "والله لقد صلى" ومعناه "أحلف بالله على أن رسول الله" صلى صلاة العيد قبل الخطبة " عمدة القاري شرح صحيح البخاري، 9/ 8

                5- وقال شهاب الدين القسطلاني (ت. 923 ه): "(قال: أشهد على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) عبر بلفظ أشهد، للتأكيد أنه (قال)" إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري 2/ 158.


                وأخيرًا: وقفة جادة مع المنطق العقلي عند المحاور الكريم!
                عرفنا مما سبق اجماع علماء الأمة سلفًا وخلفا، محدثين وفقهاء ولغويين، انّ " شهد" و " قال" و "حدث" و "أفتى" و "استدل" و "ادّعى"...الخ كلها بينهما اشتراك لفظي .. أي مشتركة في انهم جميعا يحملون معنى الخبر .. أخبر وبيّن ..

                وعرفنا أن هذا الاشتراك بين الالفاظ المختلفة في معنى لا يجعل منهم أنهم متساوون اصطلاحا .. فالتحديث يختلف عن الشهادة ويختلف عن الإفتاء ويختلف عن الإدعاء ... الخ.

                ثمّ أثبتنا بالدليل القاطِع تأكيد العلماء بالنفي أن "شهد" هنا لا يُقصد بها الشهادة .. التي تستلزم العدالة والمعاصرة .. الشهادة الإصطلاحية.


                ثمّ عرفنا بالأدلة والبراهين من أقوال العلماء وأهل اللغةِ أن " أشهد على فلان" تعني التأكيد والقسم .. ففيه معنى زائِد عن مجرد الرواية .. وهو الحلف والقسم والتأكيد ..

                فأنا أشهد على رسول الله انه قال=
                معناها: أنا
                أؤكد أن رسول الله قال =
                ومعناها: أنا
                أحلف أن رسول الله قال =



                لكِن نحتاج وقفة مع منطقِ المحاور .. لنرى كيف يُفكر المحاور وكيف غالط نفسَه وقراءَه!

                يقول بما أن جاء في الحديث: "أشهد على رسول الله أنه قال" .. إذن الشهادة هي الرواية!

                فهل يقول عاقل ان القسَم هو الرواية .. لأننا نقول " أقسم بالله ان فلان قال" ...؟؟!!
                وهل يقول عاقل ان الشهادة هي الكتابة .. لأننا نقول " أشهد على فلان انه كتب " ...؟؟!!
                وهل يقول عاقل ان الشهادة هي الرقص .. لأننا نقول " أشهد على فلان انه رقص" ...؟؟!!
                وهل يقول عاقل ان الشهادة هي الكذب .. لأننا نقول " أشهد على فلان انه كذب" ...؟؟!!
                ​​​​​​​
                فمثله هل يقول عاقل ان الشهادة هي الرواية .. لأننا نقول " أشهد على فلان انه
                قال" ...؟؟!! ..

                لا يقُول عاقل على وجه الأرض أن تأكيد القولِ بهذا اللفظ " اشهد على فلان أنه قال" يعني أن الرواية هي الشهادة .. هذا كلام ساقِط!، ولا يقول عاقل أن القسم هو الرواية لأنه قيل: "احلف ان فلان قال" ..

                أرجو أن يُراجَع المحاور الكريم منطِقَهُ وفهْمَه وإطلاقاتِه
                وأرجو ان يسأل نفسه .. لما في كل مرة يعجزُ أن يجد دليلا واحدًا على كل اطلاقاته
                مع أنه يزعم انها مسلمات ولا يختلف عليها اثنان ؟!!
                قال تعالى : "قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين"


                وفي المقابل لماذا نستطيع بفضْل الله أن نسوق عشرات الأدلة التي تُبين خطأك
                ثم نسوق عشرات الأدلة التي تُبيّن صحة ما أجمع عليه علماء الأمة

                قال تعالى : " بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق"

                قال تعالى : "ولا تقف ماليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا".

                ويتبع


                "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
                رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
                *******************
                موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
                ********************
                "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
                وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
                والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
                (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

                تعليق


                • #38
                  المشاركة الأصلية بواسطة م. محمد الهندي مشاهدة المشاركة
                  ولا تلازم بين تضعيف حديث الـ 90-95% من رواة الطبقتين بتضعيف 90%-95% من الأحاديث إلا إن كان مجموع المرويات موزع على مجموع الرواة توزيعا متساويا أو قريب وهو ليس كذلك كما هو معلوم.
                  نعم هذا ما عنيته أنك تقول أن أحاديث هؤلاء المجاهيل تحديدًا ال 90- 95% من ال 3000 راوٍ ضعيفة.. لا أعني المرويات على وجه العموم.. وإنما أعني المرويات التي جاءت عن طريق هؤلاء المجاهيل.. فأنت تقول يوجد قرابة 2850 مجهولا .. لا أقول اكثر من ذلِك.

                  وعليه سألتك سؤال واضِح .. هل من هؤلاء المجاهيل تستطيع أن تذكر 20 شخص فقط صحح لهم البخاري ومسلم ؟! ..

                  لم أطلب منك أكثر من ذكر اسماء لعشرين شخْص من بين 2850 شخص مجهول!! لم أسألك عن مرويات !

                  يعني طلب لا يحتاج حصرًا أصلًا !



                  المشاركة الأصلية بواسطة م. محمد الهندي مشاهدة المشاركة
                  لم يمر على حوارنا عدد مشاركات كثيرة تنسيك ما أجبتك عليه من إني لا أقول إن ثمة 2850 مجهولا صحح روايتهم أحد من أصحاب الصحاح والمسانيد، بل أقول 2850 مجهول منهم نسبة لا بأس بها هم مجاهيل عين لا يُعرفون أو لم يروي عنهم إلا واحد، ومنهم مجاهيل حال صُرح بجهالتهم أو لم يوثقهم أحد اللهم إلا من كان مذهبه توثيق المجاهيل، ومنهم معدلين بسبر جزئي، وهؤلاء المعدلون بالسبر لم أذكر نسبتهم فضلا عن ذكر نسبة من أخرج لهم البخاري ومسلم منهم..
                  ولم أقل أنك تقول أن ال 2850 مجهول صحح لجميعهم أصحاب الصحاح والمسانيد! .. ولكنك تعني انهم صححوا لبعضهم!
                  طلبت منك بوضوح ذكر 20 اسم فقط صُحِّح له في البخاري ومسلم!، من هؤلاء البعض ! .. عندك اسماؤهم؟!

                  لا داعي لأن أذكِّرْكَ كلّ مرة، أنك ادّعيْت أن علماء الحديثِ وضعوا قواعِد للحديث ثم في التطبيقِ خالفوها!

                  وأقول لك أن علماء الحديث بالإجماع لا يقبلون رواية المجهول عينِه أو المجهول صفتُه أصلًا ..!!
                  وإنما يُمكِن أن تُساق رواية المستور في الشواهِد والمتابعات كما يفعل البخاري ومسلم إن صح من طريقٍ غيره.


                  المشاركة الأصلية بواسطة م. محمد الهندي مشاهدة المشاركة
                  ومنهم معدلين بسبر جزئي، وهؤلاء المعدلون بالسبر لم أذكر نسبتهم فضلا عن ذكر نسبة من أخرج لهم البخاري ومسلم منهم..
                  هذه هي نقطة النقاش القادمة .. بعد ان ننتهي من نقطة النقاش الحالية عن هذا العدد المهول المجاهيل في الطبقتين.

                  يتبع
                  "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
                  رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
                  *******************
                  موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
                  ********************
                  "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
                  وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
                  والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
                  (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

                  تعليق


                  • #39
                    مناقشة شرْط المعاصرة المزعوم:


                    أ) تبيان انقطاع المحاور - مرارا وتكرارًا - عن اثبات ادعاءاتِه على أهل الحديث!

                    طالبت المحاور الكريم منذ شهر ونصف بأن يُثبت ادعاءَه، وأن يأتِنا بدليل على ادِّعائِه أن المحدثين اشترطوا أصلًا " المعاصرة" في التزكية والتنصيص! ..
                    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image.png 
مشاهدات:	316 
الحجم:	45.8 كيلوبايت 
الهوية:	809752


                    فلم يجِد بعد شهر من بحِّ الصوت واستِجداءِ الأدلة، أي دليل .. انقطَع عن اثباتِ هذا، مما يدُل على أنه يتهم المحدثين بما لم يقولوه!، يتقوّل عليهم ويُزين قاعدة من خياله الخصْب ثم ينسِبُها للمحدثين، ثم بعد هذا يفتح موضوع طويل عريض من الشجْب ويُهيىء للقارىء أن المحدثين استنّوا القواعِد ثم خالفوها ولم يُطبِّقوها!!.. هل هذا أخي الكريم يُسمى عِنْدَك شفافية او علمية أو بحث جاد صادِق؟.. أنت مُطالبٌ بالأمانةِ في العلمِ، وفي تقديم المعلومة، وفي البحثِ عنها، الأمانة العلميّة .. لو أنك قلت أنه رأيك الخاص لكفاك، أما أن تزعُم أن المحدثين تبنوه ثم خالفوه فهذا إفْكٌ وبُهتان فاستغفِر الله واتقِه.

                    لكِن المحاور بعد شهر يضرِب عرْض الحائِط بإيرادِ الدليل، ويعود منذ اسبوع، ويُصِر على تكرارِ دعواه الخاصة بِه، يعني لم يكن خطأ غير مقصود منه، بل هو مع سبْق الإصرار والترصُد، هي كده من غير دليل وإن كان عاجبكم ، وزاد تجويدًا على تجويد، وينسبها بكل جرأة مرة أخرى للمحدثين، ويضع شروط أخرى جديدة من عنده، ويؤكد انه لا يتكلم برأيه الشخصي وإنما على لسان المحدثين " عند المحدثين"، فيقول أن اثبات العدالة عند المحدثين لها طرق ثلاثة:
                    1- الإستفاضة ، 2- قول عدل معاصر، 3- سبر المرويات!

                    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image.png 
مشاهدات:	259 
الحجم:	43.6 كيلوبايت 
الهوية:	809753


                    ولم يقُل أهل الحديثِ هذا أبدًا، لم يصِح مما ذكره إلا الفقرة الأولى وهي الإستفاضة!.. طيب والباقي؟.. تجويد حبيبنا الطيب المهندس.

                    فلم يحْدُث قط أي تعديل بسبر المرويات !! .. سبر المروياتِ يخُصُّ الضبْط، والإمام ابن حبّان وحده هو من استخدم سبر المرويات للتعديل الحديثي وليس للتعديل الديني لأن الكل عنده عدول أصلًا، فكيْف يُقال انه استخدم السبر في التعديل وقد أراحك وقال ان الاصل فيهم العدالة؟!.. والأصلُ عنده فيهم العدالة مالم يتبيّن فيهم جرح، ثم يستخدم الضبط ليحكم به على وثاقتهم .. فهنا يأتي دور سبْر المرويات .. أنا غششتَك إللي حعمله فيك لما نيجي للنقطة دي اللي هي أساس موضوعك ونقدك كله كما تقول ! فسأؤجل نقاشها الآن - لكِن عليك أن تستعد وانا بنبهك من بدري : ) - إلى أن يأتي دورها واتعبك بالبحث عن الدليل ثم أغدِق عليك بالحق بفضل الله تعالى.

                    حقيقة أنا واللهِ أشْفِق عليك من نفسَك، أسأل الله أن يردك الى الحق ردًا جميلًا. عُمدتنا أخي الحبيب هو الدليل.

                    الخلاصة: هذا الشرْط والتحكُّم " المعاصرة" لم يثبُت قط عن علماء الحديثِ وأئِمّتِه، فلا يصِحُّ أصلًا أن يُقال أنهم اشترطوه ثمّ خالفوه!. فهذه دعوى مُلفّقة، وقد نسَب المهندس محمد إلى المحدِّثين ما لم يقولوه، ثم زعَمَ أنهم خالفوه في التطبيق: فاضطرَب ابتِداءً فكان حُكمه الخاطىء نتيجة منطِقيّة لهذا الإضْطِراب، وقد ادّعى المحاور أنه سيُبيِّن أنهم خالفوا ما اصطلحوه .. فـأين اصطلحوه؟! وأين المخالفة إذن؟!.. فهذا الشرْطُ هو مغالطةٌ من الأخ المحاور، وقد طالبناه بالدليلِ عليْهِ من أقوال المحدثين، فعجِزَ عن الإتيانِ بالدليلِ وانقطَع، ثم اعتذَر باعتِذاراتٍ -ليعذُرُني إن وصّفتها بأنها - بارِدةٍ تخلو من العلميّة.. وكأن المحاور يلوم على المحدثين مخالفتهم لسوءِ فهمِهِ هو !.


                    ب) هل اشترط أئمة الحديثِ أن يكونَ التنصيص من معاصِر؟!
                    تصحيح المسار وإثبات أقوال أهل الحديث


                    أولًا: للتصحيحِ نقول أن علماء الحديث بل إجماع الأمة، محدثيها وفقهائِها ومتكلميهاعلى أن التنصيص يكون من إمامٍ مُعتبَر في الجرحِ والتعديلِ، يقول الخطيب: " إجماع الأمة على أنه لا يرجع في التعديل إلا إلى قول عدل رضا عارف بما يصير به العدل عدلا والمجروح مجروحا ".. يعني لا قال الرجل معاصر، ولا شيء، فقط يكفي أن يكون إماما عارفًا بشروط التعديل والتجريح، فأين شرْطُ المعاصرِةِ المزعومِ هذا؟ .. وهذا هو الذي ذكَرهُ علماءُ الحديثِ، وأجمعوا عليْه، تنصيص عالمِ من علماء الجرح والتعديل العارفينَ بأحوالِ الرجالِ.

                    ثانيًا: ثمّ أنّ التنصيص من علماء الجرح والتعديل يأتي من أي عالم في الجرح والتعديل، سواءًا عاصَر الراوي أو لم يُعاصِرْه وأتى بعده .. تنصيص عدلٍ عالم ( وليْسَ التنصيصُ من مُعاصِر) .. (شرح تنقيح الفصول 365، الضياء اللامع (2/ 201). ولِذا قُبِل توثيق الرجال في مسْنَدِ مالكٍ (ت. 179 هـ،) ليْس لأجلِ المعاصرة، بل لأجلِ أنّهُ من توثيقِ وتزكيةِ إمامٍ، فقيهٍ، محدثٍ، مجتهدٍ، متقدمٍ، كبيرٍ، متبوعٍ، شهد له أئمة عصره ومن بعدهم بالإمامة في الفقه والحديث دون منازع. وقد قال أنه لم يذْكُر في كتابه راوٍ إلا وهو ثقة عدل.

                    ثالثًا: بل إن المعاصرَة لا يؤْخَذُ بها أصْلًا كقيدٍ لازِم في التزكية ولا يجِب أن تكون قيْدًا .. بل هي باب من أبواب المغالطةِ، كما سيأتي، ففيها حسد الأقران وفيها الانتصار للمذهب، وفيها الكثير من اللغط، ولِذا يظهر حكمة أهل العلم وعلمهم حين جعلوا الأمر بيدِ أئمة الجرح والتعديل العالمين بأحوال الرجال، أو قبلوها في حالة الإختبار ممن عُرِف عنه علمه بالجرح والتعديل، و
                    لم يصِح عن علماء الحديث اشتراط المعاصرةِ في التزكيةِ والتنصيصِ، بل حذّروا منها: فقالوا:
                    .
                    "لا يقبل الجرح المعاصر على المعاصر أي إذا كان بلا حجة؛ لأن المعاصرة تفضي غالبًا إلى المنافرة"

                    وقال الحافظ الذهبي في ترجمة الحافظ أبي نُعيم أحمد بن عبدالله الأصفهاني [في ميزان الاعتدال (1/ 111)]: "كلام الأقران بعضهم في بعض لا يُعْبَأُ به، لا سيما إذا لاح لك أنه لعداوة أو لمذهب أو لحسد وما ينجو منه إلا من عصمه الله، وما علمت أن عصرًا من الأعصار سلم أهله من ذلك سوى الأنبياء والصديقين، ولو شئت لسردت من ذلك كراريس، اللهم فلا تجعل في قلوبنا غِلاًّ للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم".


                    رابعًًا: بالتبعيّةِ يجِبُ أن يُفهَم أن تنصيصَ إمامِ الجرحِ والتعديلِ ليْس من عنديّاتِهِ، ولا بسبْرِ مروياتِهِم، ولا رجْمًا بالغيْبِ، بل هو يحكُم إما عن معاصَرَةٍ أو نقلًا عمّن عاصروهُ وعرفوه، حتى ولو لم يذكُر لنا هذا النقل.. فجميع أحكامِ أئِمةِ الجرْحِ والتعديلِ ليست بالهوى ولا بالسبْر الكلي او الجزئي كما زعم وأدّعى المحاور، بل نقلًا عن من سبقوهم وعاصروهم وعرفوا أحوالَهُم، سواءًا أبرز الأئِمّةُ هذه النقولاتِ أم لم يُبرِزوها.
                    .
                    يقول ابن ابي حاتم " وقصدنا بحكايتنا الجرح والتعديل في كتابنا هنا : إلى العارفين به ، العالمين له ، متأخِّرا بعد متقدِّم ، إلى أنِ انتهت بنا الحكاية إلى أبي وأبي زرعة -رحمهما الله- ، ولم نحكِ عن قوم ، قد تكلّموا في ذلك ؛ لقلّةِ معرفتهم به".

                    خامِسًا: وبداهةً لم يشترِط أحدٌ من العلماء ابراز إمام الجرح والتعديل لنقولاته هذه، أو إثباتِ كيفَ بنى حُكمه، بل يُكتفى بحُكمِه.. لأن حُكْمَهُ محمولٌ على عدالتِه وإمامتِه.. فلا يُظنُّ فيهِ الكذِبُ والتلفيق أو الرجم بالغيب.. كما القاضي لا يُلزَم باثبات كيفيةِ حكمه بعدالة الشهود.. فالإثبات منتفٍ بعدالة امام النقدِ وبعدالةِ القاضي.. وهذه حُجّةٌ عليْك، لماذا لا تُسائِل ولمْ يُسائِل ولا يصوغ أن يسأل أحد القاضي إذا ما حكم بصحة شهادة فلان وعدالته؟!.. لأنه عدل وقد أمرنا الله أن نرجِع لحكمه ورضاه بالعدالة..

                    ومساءلَتُهُم بعد ثبوتِ عدالتهم هو مخالفة لأمر الله بل اسقاط لمنهج العدالة كله! ..
                    .
                    يقول الخطيب البغدادي في الكفاية: "وجب حمل أمر - المزكي- في التزكية على السلامة وما تقتضيه حاله التي أوجبت الرجوع إلى تزكيته من اعتقاد الرضا به وأدائه الأمانة فيما يرجع إليه فيه والعمل بخبر من زكاه ومتى أوجبنا مطالبته بكشف السبب الذي به صار عدلا عنده كان ذلك شكا منا في علمه بأفعال المزكى وطرائقه وسوء ظن بالمزكى واتهاما له بأنه يجهل المعنى الذي به يصير العدل عدلا ومتى كانت هذه حاله عندنا لم يجب أن نرجع إلى تزكيته ولا أن نعمل على تعديله فوجب حمل الأمر على الجملة."

                    ويقول الجويني : "فإن كان المعدل إماما موثوقا به في الصناعة لا يليق به إطلاق التعديل إلا عند علمه بالعدالة الظاهرة فمطلق ذلك كاف منه فإنا نعلم أنه لا يطلقه إلا عن بحث و استفراغ وسع في النظر [فأما] من لم يكن من أهل هذا الشأن وإن كان عدلا رضا إذا لم يحط علما بعلل الروايات فلا بد من البوح بالأسباب وإبداء المباحثة التامة." كما لا يُحتاج أن يُطلب منه لماذا عدّل واسباب العدالة، بعكْسِ الجرح، وقد نقل الجويني قولَ الإمام الشافعي (رحمهما الله): " إطلاق التعديل كاف فإن أسبابه لا تنضبط ولا تنحصر وإطلاق الجرح لا يكفي".وهذا هو مذهب الأئمة حفاظ الحديث ونقاده في القرون الخيريةِ الأولى بالإجماعِ،كالبخاري ومسلم والإمام أحمد.

                    سادِسًا: أما المعاصرة فليْست قيْدًا للتنصيص، بل هي مقبولة في حالةٍ واحِدة، وهي الإختبار من الراوي لشيْخِه، لكن لا تُغني في بعض الأحوال عن التنصيص من إمام عدل، لأن الإمام هو الذي يُراجِع هذا الإختبار وهذه الرواية، ويحكُم هل يصح التعديل بهِ أم لا يصِح !.. فليس كل من روى عن شيْخِه أو عاصره فزكاه هو تزكية له! .. كما سيأتي تفصيله.

                    سابِعًا: وليس التنصيصُ هو الشرْط الأوحد للتعديلِ، بل هو أحد شروط تعديلِ الرُّواةِ.. ولِذا فالحل الذي قدّمتَهُ لنا يا باشمهندس في آخر بحثِك - حيث جعلتَ الشرط الأوحد للحكم على الرجال هو التنصيص من معاصر وكفى!!-
                    لهو حل ناقِصٌ، قاصِرٌ، أعوجٌ، ضيِّقُ الرؤيةِ، مرجوحٌ كما سيأتي بالتفصيل، .. بل إن التنصيص نفسه ليْس بلازِم، فشهرة الراوي أو مجرد عدالته عند القاضي، كافية في اثباتِ عدالتِه ولو غاب النص، يقول الإمام مالِك: "ومن الناس من لا يُسْأل عنهم، وما تُطْلَبُ منهم التزكية، لعدالتِهِم عند القاضي"، فعدالة الشخْص في الشهادةِ عند القاضي تلغي التنصيص على العدالة في الرواية أصلًا! فبانَ أن شرْطَك الذي اشترطته هو قدر زائِد لا يُعول عليه، فيا ترى كم من حديث عن رسول الله صح.. وتسقطه بكل استهتار بهذا الشرْط؟!.

                    ثامنًا: وبعد أن تجلّت الحقائِقُ شيْئًا فشيْئًا، وعرفنا أن التنصيص من إمام في الجرحِ والتعديلِ ليس هو شرْطُ العدالةِ الأوحد، وأن قيد المعاصرة ليس في التنصيص وإنما إن جاء عن اختبار، فإننا نأتي الآن لتبيانِ أن طُرُقَ العدالةِ عند المحدثين - كثيرة وهي:

                    1- تواتر سمعة الراوي الطيبة او بشهرتها والإستفاضة : وهي أقوى من التزكية والتنصيص بإجماع علماء الأمة
                    -
                    كأن يشتهرَ الراوي بطلب العِلم، والاجتهاد فيه، مع الأمانة والثِّقة، بحيث يشيع الثناء عليه. فاستفاضة السُمعةِ الجميلة عنه وعدالته، قطعيّة أي أقوى من ظنية التنصيص من إمام معتبر في الرواية أو من ظنية تنصيص القاضي في الشهادة.
                    - أو أن يشتهر الراوي بالفقه والقضاءِ، فهو الذي يُعدل الناس أصلًا كقاضي أو فقيه، وعدد الفقهاء والقضاةِ من التابعين وحدهم زاد عن 120 فقيه وأكثرهم رواةً للحديث!!.. بل معظم الأحاديث تدور عليهم!، فمثل هؤلاء الذين يقولون للناس انت عدل وانت مجروح، أجمعت الأمة على أنهم عدول فاستحقوا مكطانتهم في الفقه والقضاء، وأمر الله بطاعتهم في حكمهم واجبة، أمثل هؤلاء يحق لمغمورٍ، أن يُناطِحهم ويطالب بنصٍ فيهم يُزكيهم؟!
                    - أو ان يكون عدلًا عند القاضي: يقول الإمام مالِك: "ومن الناس من لا يُسْأل عنهم، وما تُطْلَبُ منهم التزكية، لعدالتِهِم عند القاضي"
                    • وقد روى أبو زرعة عن ابن جابر قوله : " لا يؤخذ هذا العلم إلا عمن شهد له بالطلب ، قال أبو زرعة : فسمعت أبا مسهر يقول : إلا جليس العالم فإن ذلك طلبه .
                    • قال الخطيب البغدادي :" أراد أبا مسهر بهذا القول أن من عرفت مجالسته للعلماء وأخذه عنهم أغنى ظهور ذلك من أمره أن يسأل عن حاله" .
                    • ويقول الإمام القرافي في شرح تنقيح الفصول: "وتُعلم العدالة أيضاً بغير هاتين الطريقتين وهي السُّمْعة الجميلة المتواترة أو المستفيضة، ولذلك نقطع بعدالة أقوام من العلماء والصلحاء من سلف هذه الأمة ولم نختبرهم، بل بالسماع المتواتر أو المستفيض، فهذا كافٍ وقد نصَّ الفقهاء على أن من عُرِف بالعدالة لا تطلب له تزكية".
                    • وقال ابن الصلاح: "وهذا هو الصحيح من مذهب الشافعي، وعليه الاعتماد في أصول الفقه"
                    • وممن ذكره من المحدثين الخطيب "ونقله عن" مالك، وشعبة، والسفيانين، وأحمد، وابن معين، وابن المديني وغيرهم".
                    • قال القاضي أبو بكر: " الشاهد والمخبر إنما يحتاجان إلى التزكية متى لم يكونا مشهورين بالعدالة "الرضا"، وكان أمرهما متشكلًا ملتبسًا"، وصرح بأن الاستفاضة أقوى من "تزكية، الواحد والاثنين
                    2- التزكية (التنصيص) الصريحة من إمام معتبر:
                    وقد تحدثنا عنه أعلاه بما فيهِ الكفاية، وسيأتيس قبعد قليل فيما بعد، فلا حاجة بتكرار الكلام هنا.

                    3- الإختبار:
                    بالمعاملة والمخالطة التي تطلَّع على خبايا النفوس ودسائسها.

                    4- التزكية (التنصيص) الضمنية:

                    وذلِك عند عدم وجودِ جرحٍ صريحٍ في الراوي، وهذا التعديل الضمني أقسام:
                    أ) كل راوٍ ذُكِر في صحيحي البخاري ومسلم سواءًا أجمعا عليه أو انفرد بهِ أحدهما.. لأجماع الأمة على قبول حديثِهم، يعني اجماعهم على عدالةِ رواتهم، إلا قليلًا ، ولعدالةِ الشيْخيْنِ وإمامتهما وعدم منازعتِهِما في أحكامِهِما بالعدالةِ لمن خرّجا لهم.بل إن الإمام ابن القطان في القرن السابع الهجري حين اعترض على توثيق ابن عبدالبر لراوٍ بأن التوثيق لم يأت عن معاصر، فإنه قصَدَ أن كل من كان في القرون الأربعةِ الأولى سكتوا عن التنصيص على عدالته، فكيف لمن أتى بعدهم أن يعرف هذه العدالة؟!.. ثم مع هذا فإنه يحتج بعدالة أي راوٍ ذُكِر في الصحيحيْن، لأنه انسان عاقل فاهم معنى العدالة.
                    ب) وكُل شيوخِ الراوي الذين خرّج لهم في صحيحه، وذكر أنه لا يُخرج الا ما صحّ وثبُت عن العدولِ، برواية العدل عن العدل، فهذه تزكية منه لشيوخِه، وتنصيص، أنهم ثقاتٌ، وأنه خالطهم، وعرفهم، وعاصرهم، واستوثق من عدالتهم فنقل عنهم الحديثِ وخرّجه، إلا إذا تُكُلِّم أو اخْتُلِفَ فيهم، فهنا ياتي دور الأئمة النقادِ في التنصيص بالجرح أو التعديل. ومن هذه الطريقة قولهم: رجاله رجال الصحيح وقولهم: روى عنه البخاري ومسلم أو أحدهما.
                    ج) عمل الراوي بما رواه مع ظهور إسناده العمل إلى الرواية: يقول الجويني: "إذا ظهر أن مستند فعله ما رواه ولم يكن ذلك من مسالك الاحتياط فإنه تعديل وإن كان ذلك في سبيل الاحتياط لم يقض بكونه تعديلا"
                    د) التنصيص أو العلم بأن راوٍ لا ينقُل إلا عن عدول ثُقات:
                    كابراهيم التيمي وابراهيم النخعي و إسماعيل بن أبي خالد الأخمسي وبکیر بن عبدالله الأشج وسعيد بن المسيب ومظفر بن مدرك أبو كامل ومنصور بن المعتمر وموسی بن هارون الحمال، والهيثم بن جميل والإمام مالك ومحمد بن سيرين وابن وضاح ومحمد بن الوليد بن عامر الزبيدي وعبد الرحمن بن مھدي وأحمد بن حنبل وحريز بن عثمان وزائِدة بن قدامة وأبو داود السجستاني ویحیى بن سعید القطان وسليمان ابن حرب وابن أبي ذئب وبقية بن مخلد وأيوب السختياني وأبو زرعة الرازي وأبو مسلمة الخزاعي ويحيى بن أبي كثير وكل من حدّث عنه الشعبي وسماه (إلا نفرا ياعيانهم)، وكل من روى عنه الحسن البصري وسماه، وغیرهم من الحفَّاظ.
                    .
                    قال أبو داود : " قلت لأحمد : إذا روى یحیى أو عبدالرحمن بن مھدي عن رجل مجھولٍ ، یُحتج بحدیثه ؟ قال: (یُحتج بحدیثه )
                    وقال ابن أبي حاتم : "سألتُ أبي عن روایة الثقات عن رجل غیرِ ثقة مما یُقَوِّیه ؟ قال : إذا كان معروفاً بالضعف لم تُقَوِّه روایته عنه ، وإذا كان مجھولاً نَفَعَه روایة الثقة عنه. سألتُ أبا زرعة عن روایة الثقات عن رجل مما یُقَوِّى حدیثَه ؟ قال : أي لعمري ، قلتُ : الكلبي روى عنه الثوري ؟ قال : إنما ذلك إذا لم یتكلم فیه العلماء ، وكان الكلبي .( یُتَكلم فیه )".
                    وقال ابن المنیر : "للتعدیل قسمان صریحي وغیر صریحي ، فالصریحي واضح. وغیر الصریحي وهو الضمني كروایة العدل وعمل العالم".
                    وقال الجويني: "فإن ظهر من عادة ذلك الراوي الانكفاف عن الرواية عمن يتغشاه ريب واستبان أنه [لا يروي إلا] عن موثوق به فرواية مثل هذا الشخص تعديل وإن تبين من عادته الرواية عن الثقة والضعيف فليست روايته تعديلا"
                    فاختاره الجويني، وابن القشيري والغزالي، والآمدي والصفي الهندي، وغيرهم. قال الماوردي: هو قول "الحذاق"
                    وتاسِعًا: بقي أن نُبيِّن أن التعديل والتزكية هو أمر تعبدي أمرنا الله به أخذًا بالظن " ممن ترضوْنَ"، ولا يُطلب فيه اليقين وهو محال. فمن يرُدُّ دينَ الله لأنه لم يجِد اليقين في العدالة ولم يكفِهِ ما أمر الله بِهِ من الظن الراجِحِ، فقد أسْقطَ الدينَ كُلّه. ولم يفقَه في فقه العباداتِ شيْئًا، وهذا قمة الإستهتار بجنتِكَ ونارِك أعاذنا الله وإياكَ من النار، ولِذا لا نعجب أن يكون دعاة هذا المنهج من العلمانيين الناقمين على الدينِ واهله ولا نحسبُ محاورنا منهم ونُحسِن الظن فيه.


                    ج) اثباتُ أن شرْط المعاصرة مخالف للعقل والنقل ودلالة على مرض الوسواس والشك!
                    لا يجوز على علماء الحديث والدين.


                    أتفهم أن شرط المعاصرة ظاهره منطقي وعقلاني عند المعترِض، لكِن نتوقّف عنده لنُبيّن أنه في حقيقته شرط ساقِطٌ بل طاعن في الدين والعقل .. وليس إلا تحكُّمٌ باطِل من المحاور أو قلة بضاعةٍ ممن زعم هذا الزعم وأخذ عنهُ المحاور.. فلماذا لا يقبل العلماء الا تنصيص إمام في الجرح والتعديل سواءا عاصر او لم يُعاصِر؟

                    1- لأنهُ ثبُتَ مما سبَقَ بالأدلةِ القاطِعةِ أن الروايةَ ليْسَت شهادة.

                    2- ولان اشترط العلماء في التنصيص المقبول من الجارِحِ والمعدِّل أن يتسمَ بشروط، تلغي أهمية المعاصرة، وتُضفي عليها العلمية والموضوعية والدقة:
                    .
                    1) أن يكون التنصيصُ من جارح ومعدِّل على علمٍ بالأدلة والقرائن التي تدل على العدالة الدينية أو على انعدامها.يقول الحافظ ابن حجر: "وتقبل التزكية من عارف بأسبابها، لا من غير عارف؛ لئلا يزكي بمجرد ما يظهر له ابتداء من غير ممارسة واختبار". وقال أيضًا: "إنْ صَدَر الجرح من غير عارِف بأسبابه، لم يُعتبر به". وقال بدر الدين بن جماعة: "من لا يكون عالِمًا بالأسباب، لا يُقبل منه جرْحٌ ولا تعديل، لا بالإطلاق ولا بالتقييد".

                    2) أن يكون التنصيصُ من جارح ومعدِّل هو نفسه عدلا؛ يُعرف بالعلمِ وشدة الورع ومتانة الديانة وظهور العدالة ظهورا لا يقبل الشك ؛ لكي يكون محلًّا للثقة بحكمه. فغير العدل ليس أهلا للنقل ، فكيف يكون أهلا لنقد الناقلين ؟!، فهو يجمع كل الأقوال والأحكامِ التي أطلقها من عرفوا الراوي وعاصروه، فيُنقيها من الأهواء وحظوظ النفس ويضعُ حُكْمَهُ بعدلٍ وبكل الإنصاف والموضوعية ، وبهذا المنصِب لم يكن ليكفي في الجارح والمعدِّل ما يكفي في عموم الرواة ، بل لابد فيه من منزلة في العدالة أعلى ، ولابد من رتبة أرفع في متانة الديانة .
                    يقول الحافظ ابن حجر: "وينبغي أن لا يُقبل الجرح والتعديل إلا من عدل متيقظ، أي مستحضر ذي يقظة تحمله على التحري والضبط فيما يصدر عنه". وقال أيْضًا: " وليحذر المتكلِّم في هذا الفن من التساهُل في الجرْح والتعديل، فإنَّه إن عدَّل أحدًا بغير ثبت، كان كالمُثبت حكمًا ليس بثابت، فيُخشى عليه أن يدخل في زُمرة مَن روى حديثًا، وهو يظنُّ أنه كذب، وإن جرح بغير تحرُّز، أقدم على الطعْن في مسلم بريء من ذلك، ووسَمه بميسم سوء يبقى عليه عارُه أبدًا.". ويقول الإمام الذهبي: " والكلام في الرُّواة يحتاج إلى : ورع تامّ ، و براءة من الهوى والميل".


                    3) أن يكون التنصيصُ من جارح ومعدِّل يمتلك الخبرة الكاملة بالحديثِ وعللهِ ورجاله، يقول الإمام الذهبي: " والكلام في الرُّواة يحتاج إلى : ورع تامّ ، و براءة من الهوى والميل ، وخِبرة كاملة بالحديثِ وعِللِه ورجالِه".

                    4) أن يكون التنصيصُ من جارح ومعدِّل عارفًا بمراتب الرجال وأحوالهم في الإنحراف والإعتدال. يقول المعلمي " ثم يحتاج إلى أن يعرف أحوال الراوي متى ولد؟ وبأي بلد؟ وكيف هو في الدين والأمانة والعقل والمروءة والتحفظ؟ ومتى شرع في الطلب؟ ومتى سمع؟ وكيف سمع؟ ومع من سمع؟ وكيف كتابه؟، ثم يعرف أحوال الشيوخ الذين يحدث عنهم وبلدانهم ووفياتهم وأوقات تحديثهم وعادتهم في التحديث، ثم يعرف مرويات الناس عنهم ويعرض عليها مرويات هذا الراوي ويعتبر بها، إلى غير ذلك مما يطول شرحه".

                    5) أن يكون التنصيصُ من جارح ومعدِّل يمتلك الملكة النقدية والتي لا تتأتى إلا بقوة الإتقان وسعة دائرة الرواية وكثرة النظر والتأمل في الرواة ورواياتهم. يقول الذهبي في تذكرة الحفاظ: "ولا سبيلَ إلى أن يصير العارف الذي يزكِّي نقلةَ الأخبار ويجرحهم جهبذًا إلاَّ بإدمان الطلب، والفحْص عن هذا الشأن، وكثرة المذاكرة والسهر، والتيقُّظ والفَهْم، مع التقوى والدِّين المتين، والإنصاف والتردُّد إلى مجالس العلماء، والتحرِّي والإتقان، وإلا تفعل: فَدَعْ عَنْكَ الْكِتَابَةَ لَسْتَ مِنْهَا ♦♦♦ وَلَوْ سَوَّدْتَ وَجْهَكَ بِالْمِدَادِ".


                    3- ولأنه لو تُرِك أمر الدين لتعديل او تجريح المعاصر على اطلاقِهِ هكذا، فلن يكون للجرح والتعديل أي قيمةٍ علميةٍ حقيقية، والعلم يوجب أن يكون هناك شروط ينبغي أن تتوافر في المعدل والجارح، وهذه الشروط لا يُوفيها إلا من استحق لقب الإمامةِ في علم التعديل والترجيح، فتجعل الإطمئان إلى حُكمِ عالمٍ نقادةٍ فذٍ منهم أشد دقة وتثبُتًا من قول معاصر قد يدفعهُ تحامله بالحب أو العداوة إلى تعديل او تجريح أقرانِهِ ممن هو خلاف ذلِك، فيجعل الحكم Biased وهو ما يُعرف في العلم الحديث بالتحيُّز وتمكُّنِ النزْعة. فهذا الشرط الباطِلَ من الإكتفاءِ بتزكية معاصر، لم يُراعِ معرفة المعاصِرِ بالأدلة والقرائن التي تدل على العدالة الدينية أو على انعدامها ؛ فقد يجرح المعاصر بغير جارح ، ويطعن بما لا يطعن به ، أو قد يعدِّل بما لا ينفع دليلا على العدالة .. لأنه على مذهبه مثلًا!
                    يقول اللكنوي في الرفع والتكميل: "لا يقبل الجرح المعاصر على المعاصر أي إذا كان بلا حجة؛ لأن المعاصرة تفضي غالبًا إلى المنافرة"

                    وقال الحافظ الذهبي في ترجمة الحافظ أبي نُعيم أحمد بن عبدالله الأصفهاني [في ميزان الاعتدال (1/ 111)]: "كلام الأقران بعضهم في بعض لا يُعْبَأُ به، لا سيما إذا لاح لك أنه لعداوة أو لمذهب أو لحسد وما ينجو منه إلا من عصمه الله، وما علمت أن عصرًا من الأعصار سلم أهله من ذلك سوى الأنبياء والصديقين، ولو شئت لسردت من ذلك كراريس، اللهم فلا تجعل في قلوبنا غِلاًّ للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم".

                    ولأجل هذا قال ابن دقيق العيد (ت 702 ه) كلمته المشهورة: " ولصعوبة اجتماع هذه الشرائط : عظم الخطر في الكلام في الرجال، لقلة اجتماع هذه الأمور في المزكِّين ! ولذلك قلت : أعراض المسلمين حفرة من حفر النار ، وقف على شفيرها طائفتان من الناس : المحدثون ، والحكّام"


                    4- اشتراطُ العدالة في أئمة الجرحِ والتعديل، تُبطِلُ شرْطَ المعاصرَة، فالمطالبة بشرط المعاصرَة، ليْست إلا شكًا في صدق الإمام وعدالته، في حكمه بالتعديل والتجريح، وكـأن المعترِض يُطالبهم باثباتِ صِدْقِ نقلهم هذا سواءًا بالإسناد (المعاصرة أو النقل عمن عاصر) أو ايراد النقول قولًا قولًا، ومن يشترط المعاصرةَ مع اثبات العدالة للنقاد، فهو كمن يطعن في مبدأ العدالة القرآنيِّ كله، لأن التعديلَ لا يُقبل إلا من أئِمة الجرح والتعديل المعدودون المعلومون بالعدالة، فمن ينقل منهم توثيق أحدٍ من الرواةِ، عمّن سبقوه، حتى لو لم يُسنِد نقلَه، فالأصلُ فيهِ أنه نقلٌ من ثابِتِ العدالةِ، لا يكذِب، لأنه عدل، ويُحمل قوله وحكمه على الصدق في النقل ولو لم نتبيّته.

                    5- واشتراط المعاصرَة يدُل على شك زاعِميه في مبدأ العدالة القرآني، بل على مرضِ قلوبِهم بالوسواس والشك المرضي ! ..بل على سطحية التفكير واختلال المنطق .. فهو يُشكك في صدق الإمام وعدالته، وفي حكمه، وكـأن المعترِض يقول أنت صادق وأنا لا أصدقك .. فأطالبك باثباتِ صِدْقِ نقلك هذا سواءًا بالإسناد (المعاصرة أو النقل عمن عاصر) أو ايراد النقول قولًا قولًا، فمن يشْترِط المعاصَرَةَ فهو كمن يقول أن المعدلين ليسوا على العدالة.!، أو كانه يقول هو عدل وهو ليس بعدل في ذاتِ الوقت!!.. فهذا فيهِ تناقُضٌ من داعيِه، بل فيه عدم فهمٍ للعدالة أصالةً ..! .. فمن يقول مثلاً أن البخاري عدل ثقة، فهذا يعني قولًا واحدًا أنه يثق في تعديلِ البخاريِّ وحكمه على الرواةِ، ويثقُ أن البخاريّ لا يكذب، ويثق أن البخاري ما عدّلّ او زكّى احدًا ممن لم يُعاصِره إلا بعلم ممن عرفوه بإتيانه بالواجبات واجتنابه المقبحات وعدم ملابسته لبدعة، حتى ولو لم يُبينه و لو لم ينقُل اسناد أو متون هذا التوثيق. ويُكتفى بتزكية البخاري او غيره من أئمة الجرح والتعديلِ بعلمنا أنه ثقةٌ، عدل، ارتضيْنا حكمه وقوله وتزكيته وشهادته. فالمطالبة بشرط المعاصرَة، لا تصْدُر من أهل العلم والعقل ..

                    6- بل نُقيم الحُجّة على المعترِض بالشهادة التي زعم انها هي الرواية، فكما القاضي لا يُلزَم باثبات كيفيةِ حكمه بعدالة الشهود أو كيف توصّل اليها او من أعلمهُ بها .. فكذلِك يلزَمُ إمام الجرحِ والتعديل باثباتِ هذا بالمعاصرةِ المزعومةِ، أو كيف حكم بالعدالة، فالإثبات منتفٍ بعدالة امام النقدِ وبعدالةِ القاضي. فحكم القاضي بعدالة الشاهد، وحكم الإمام العالم بعدالة المُخبر، يُعمل بها وجوبًا بإجماعِ الأمة دون الحاجةِ لتبيانِها، ودونَ الحاجة لسؤال القاضي أو الإمام عن كيفيةِ تثبُتِهِ من العدالة، أو كيف وصلت اليه، وهذا يقْضي على قيْدِ المعاصرة المزعومِ بلازِم دعواه.

                    يقول الخطيب:
                    "وقال قوم لا يجب ذكر سبب العدالة بل يقبل على الجملة تعديل المخبر والشاهد وهذا القول أولى بالصواب عندنا. والدليل عليه إجماع الأمة على أنه لا يرجع في التعديل إلا إلى قول عدل رضا عارف بما يصير به العدل عدلا والمجروح مجروحا وإذا كان كذلك وجب حمل أمره في التزكية على السلامة وما تقتضيه حاله التي أوجبت الرجوع إلى تزكيته من اعتقاد الرضا به وأدائه الأمانة فيما يرجع إليه فيه والعمل بخبر من زكاه ومتى أوجبنا مطالبته بكشف السبب الذي به صار عدلا عنده كان ذلك شكا منا في علمه بأفعال المزكى وطرائقه وسوء ظن بالمزكى واتهاما له بأنه يجهل المعنى الذي به يصير العدل عدلا ومتى كانت هذه حاله عندنا لم يجب أن نرجع إلى تزكيته ولا أن نعمل على تعديله فوجب حمل الأمر على الجملة. فان قيل ما أنكرتم من وجوب استخبار المزكى عن سبب تعديله لا لاتهامنا له بالجهل بطرائق المزكى وأفعاله لكن لاختلاف العلماء في ذلك فيما به يصير العدل عدلا فيجوز أن يعدله بما ليس بتعديل عند غيره. يقال هذا باطل وحمل أمره على السلامة واجب وأنه ما عدله إلا بما به يصير عدلا عند بعض الأمة ومثل ذلك إذا وقع لا يتعقب ولا يرد ولو كان ما قلتموه من هذا واجبا لوجب إذا شهد شاهدان بان زيدا باع عمرا سلعة بيعا صحيحا واجبا نافذا يقع التملك به وأنه قد زوجه وليته تزويجا صحيحا أن يسألا عن حال البيع والنكاح وعن كل عقد يشهدان به لما بين الفقهاء من الخلاف في كثير من هذه العقود وصحتها وتمامها. ولما اتفق أهل العلم على أن ذلك لا يجب كشفه للحكام وجب مثله في مسألتنا هذه أيضا فإن أسباب العدالة كثيرة يشق ذكر جميعها ولو وجب على المزكى الأخبار بها لكان يحتاج إلى أن يقول: المزكى هو عدل ليس يفعل كذا ولا كذا ويعد ما يجب عليه تركه ثم يقول: ويفعل كذا وكذا فيعد ما يجب عليه فعله. ولما كان ذلك يطول ويشق تفصيله وجب أن يقبل التعديل مجملا من غير ذكر سببه.".



                    7- ويتبيّنُ من الشروط السابقةِ أن المعاصَرَة شرْطٌ وهميّ، لأنه يُغني عن المعاصرَة أن يسأل امام النقد من عاصرَ الراوي، أو من عرَفَه، أو يعرف أقوال شيوخِه، وأن يجمعَ أقوالَهم، ثم يُوازِن بميزان علميٍ هذه النقولاتِ، ثم يضَعُ حُكْمَه، فلا يُشترط أن يُعاصِرَهُ بنفسِه.. ولا حاجة له لاثبات النقول في حكمه كما بيناه أعلاه لأن الامر محمول على سلامته وعدالته.


                    8- كما أن تعميم حُكْمِ المعاصرةَ والإكتفاء بهِ مغالطة بالدور وتسلسُلٌ لا ينتهي: فيلْزَم الإعتماد على تعديل الراوي بنصِّ معاصرٍ له، البحْثُ عن تعديلَ لهذا المعدِّلِ ممن عاصرَه، وهذا المعدِّل للمعدِّل يحتاج الى تعديلِ ممن عاصرَه، ثم قد ينقل التعديل عن المعدل عن المعدل عن المعدِّل مجروح فيُسْقِط بالتبعيّة كل ما سبقَهُ! فهذا دورٌ لا ينتهي ولا يصِح في العقول، وتكون نتيجتُهُ ردُّ كل الأخبار وإن صحّت! فيسْقُط الدين ويسْقُط التاريخ ويسْقط العلمُ كُلُّه!

                    أخيرًا يقول الإمام الذهبي: " ونحن لا ندّعي العصمة في أئمة الجرح والتعديل ، لكن هم أكثر الناس صوابا، وأندرهم خطأ ، وأشدهم إنصافا ، وأبعدهم عن التحامل، وإذا اتفقوا على تعديل أو جرح ، فتمسك به ، واعضض عليه بناجذيك ، ولا تتجاوزه ، فتندم . ومن شذ منهم ، فلا عبرة به. فخلِّ عنك العناء ، وأعطِ القوس باريها ، فوالله لولا الحفاظ الأكابر ، لخطبت الزنادقة على المنابر".

                    وهكذا، يتبيّن لمحاورنا، وللقارىء الكريم، أن مجرد إيراد مثل هذه الاحتمالات المتهافتة المرجوحةِ التي قد ترِد على العقل، بل قد ترِد على اليقين، فيُضرَب بها ألف عام من اجماع أئِمةٍ وعلماءَ وفقهاءَ، أفنوا أعمارهم في خدمة هذا الدين، ليس إبداعا ولا عبقرية ولا هو موضوعية ؛ إذ لا يعجز عنه كل مموِّه مغالط ، لا يريد الحق ، أو لا يعرف طريقة الوصول إليه ؛ وايراد الشكوك والتشكيك في المسلمات والإتيان بالغرائِب، سببهٌ إما فساد عقل، أو صغر سن واغترار عقل، أو خبث نفس، أو مرض نفسي بالبارانويا او غيره من اضطراب الشحصية، أو بالجهل المركب!.. فليتضِع الإنسان وليحفظ لعلماء الدين قدرَخُم، وليقرأ ويُقدم على العلم وينكب على ارجل العلماء قبل ان يتكلم ويُناطحهم، ثم يلقي بنفسه الى التهلكةِ في دينه ويبقي معه غيرَه، فيتحمل وزرَهُ ووِزْرَ من تبعه يومَ القيامة، وإلا : فعلى داعي الحق إثبات دعواه بدليل صحيح يدل على دعواه ، لا أن يستعذب الحديث فيما لا يسنده برهان ، ويستحلي الهَذَر بلا خطام أو زمام .



                    د) إقامةُ الحُجةِ على المحاورِ من لازِمِ مذهبِه!


                    نعم انتهينا من زمان، وأقمنا الحجة بأكثر من وجه، لكِن إمعانا في أن أقودك قودا للحق من لسانِك وبفمِك، فلما لا نقيم الحجة عليكَ كذلِك من كلامك أنت يا حبيب؟! .. فإن كنا عرفنا أن اشتراط المعاصرة هذا شرْط وهمي بل ساذَجٌ جدًا، لا يصْدُر عن أئِمتنا المحققين، المدققين، أهل العلمِ بالحديث. لكننا سنجعل المهندس محمد يُسقِطُهُ بنفسِهِ، ويُشاركنا هو نفسه في تبيانِ هشاشة هذا الطرْحِ.

                    فقد أجاب المحاور الكريم أعلاه على تساؤلاتنا جوابيْن فيها انهاء لهذا الجدل:


                    السؤال الأول ستضعه للمحاور:
                    ما رأيُك في حُكمِ - شهادة كما يُحب أن يُسميها - العدلِ الإمام العالم بالرجال في الجرح والتعديل، الذي لم يُعاصِر من حكم لهم بالعدالة؟ .. هل حكمه وهو عدل عندَك، محمول على الكذب أم على الثقةِ؟

                    أجاب المهندس:

                    وعلى أي حال العدالة صفة تقتضي الثقة فيما يشهد عليه.
                    انتهت القضيةُ أخي الحبيب، فعلاما الجدل، وهو المطلوب.. إقرارك بأنه عدل، قلت: يقتضي الثقةَ بما يقول ويشهد عليه .. فيسْقُط شرط المعاصرةِ الذي ابتدعته بيدِك أنت! .. وإن تعنّت مع نفسِك باشتراط المعاصرة، تكون اسقطَ الثقة في عدالتِهِ ونقضْت لازِمَ مذهبك، فكنت كمن يقول متناقِضًا: هو عدل، وهو ليس بعدل!

                    وبذلك أحبتنا في الله، نعلم أن التسليم لأئمة الجرح والتعديل باستحقاقهم للقيام بمهمة الجرح والتعديل : إنما حصل لأنهم قد وجدت فيهم المؤهلات العلمية والأخلاقية التي تجعلهم مستحِقِّين لذلك التسليم وللرضا بهم في أداء هذا الواجب . ولم يكن تسليما أعموِيًّا ، ولا كان رِضا إمعِيًّا ، وإنما كان تسليما عِلميّا ، ورضا عادلا موضوعيًّا .


                    السؤال الثاني وقد سألته للمحاور من قبل:
                    هل البخاري ومسلم مشكوك في عدالتهما عندك ام هما ثقات عدول؟!

                    فكان جوابه: هما ثقتان عدلان

                    هما ثقتان عدلان
                    وقال:
                    وعلى أي حال العدالة صفة تقتضي الثقة فيما يشهد عليه.
                    فإذا كان الإمامانِ "البخاريُّ ومسلِم" أئِمّةٌ في الجرحِ والتعديلِ، وكانا عندَكَ ثقتانِ عدلانِ، وقد شهِدا على أنهما لا يُخرجان في كتابِبهما إلا رواية العدل عن العدل .. كما سمّى الإمام مسلم صحيحه فقال: " المسند الصحیح المختصر من السنن بنقل العدل عن العدل عن رسول الله صلى الله علیه وسلم".

                    فتكونُ قد حكمتَ عليهما بالصدق فيما يشهدانِ بهِ، وقبول ما يقولان، وهذا يستلزم أن تقبل تعديلهما في الرواة ممن لم يعاصراهما، لأن تعديلهما محمولٌ عندكَ على الثقة والعدالة، وصدقهما فيما أخبرا به، فتكونُ قد أقمت الحجة على نفسِك بأن عدالتهُما وعلمَهُما تُبطِلُ شرْطَ المعاصرَة!!

                    أما إن قلت لا أقبل تعديلَهُما لمن لم يُعاصراهما، فتكون قد نازعت البخاريّ ومسلِم فيما علِماه، ولم تعلمه أنت، بل واتهمتهُما في عدالتهِما، التي أثبتها لهما أنت .. وجوّزتَ عليهما تعمُّد الكذِبِ في دينِ الله، أو عدمَ الإكتراثِ، فتكون قد وقعت في مناقضةِ ما ادّعيته، ولا سبيل للخروج من هذا التناقُضِ إلا بالتنازُلِ عن قيدِ المعاصرَة المزعوم .. وهو المطلوب اثباتُه.

                    قيد المعاصرة اختراع باطل.. لا دليل عليه، يطعن في العدالة .. وفي حكم الله .. وفي العقل .. وفي النقل قرآنًا وسنة ..

                    وبهذا نكون قد نزعنا بذرة التشكيك الكبرى في منهج المحدّثين في معرفتهم للعدالة الدينية، لأنها بذرة تقوم على منهج التشكيك في المسلمات التي يسلِّم بها المشكِّك نفسه ! وهذا تناقض لا يقبله العقل أبدا ، يخرج صاحبه عن حال الاستواء إلى حال مرض الشكّ والوسواس.

                    والحمدلله رب العالمينَ

                    ويتبع


                    "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
                    رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
                    *******************
                    موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
                    ********************
                    "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
                    وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
                    والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
                    (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

                    تعليق


                    • #40
                      كنت أنوي الإطالة في نقاط أخرى.. لكِن ستؤخرنا عن نقاطٍ أهم .. في صلب الموضوع .. وهي جهالة الرواة والعدالة!
                      ولِذا سأشرع في مناقشة الدعوى الجديدة التالية .. وهي كسابقيها دعوى لا زمام لها ولا خطام!

                      فالأخ المهندس هداه الله اإلى الحق، يقول أن المحدثين واجهوا مشكلة في جهالة الرواة .. وفي عدالتهم .. ولأنهم جهلوا عدالتهم .. فإنهم اقترحوا بدائِل أخرى .. وذكر بديليْن .. وهما:
                      1- الكثرة النسبية لتلاميذ الراوي الثقات!
                      2- سبر مرويات الراوي ..!

                      وهنا يخْلِطُ المحاور بين العدالة الظاهرة والعدالة الباطنة! .. بل وبيخْلِطُ بيْن العدالةِ والضبط !
                      اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	image.png  مشاهدات:	9  الحجم:	104.7 كيلوبايت  الهوية:	810059




                      هذا الكلام إن ثبُت فيكون اتهام خطير لأهل الحديث .. بل وعندها نقول صدقت في دعواك .. انهم قبلوا على رسول الله أن ياخذوا أحاديثه من فمِ العرابِدةِ والرعاع .. وحاشاهم أن يكونوا في لباس السوء هذا الذيب صورهم به المحاور .. فعلى مهندسنا العزيز مؤنة ثقيلة جدًا.. وهي مؤنة الإثبات!!

                      كل مرة يخترع مهندسنا قضية وهمية والمحدثون منها براء .. يسوقها على أنها مسلمات عند المحدثين، ويشرع في صناعة شبهة وهمية ومحاربتها .. مع أنه لا وجود لها إلا في مخيلةِ محاورنا الكريم! .. وما أكثر طواحين الهواء التي تُحاربها يا حبيب !.

                      بل إن ابن حبّان نفسه حين قال أن الأصل في الرواة العدالة .. فلم يعنِ بها إلا العدالة الظاهرة! .. فهو ممن يشترط العدالة الظاهرة مع الضبط .. والضبط عنده بسبر المرويات فان سلم ضبطه مع عدالته الظاهرة حكم للمجهول بالوثاقة، وتابعه على هذا ابن خزيمة والدارقطني، ولم يقبله جمهور المحدثين .. بل فندوا هذه الدعوى في حال مجهول الحال .. وسواءا قبلوها او لم يقبلوها فهي مسألة نظرية جدًا لماذا؟! .. لأنها أثيرت بعد التصنيف أصلا وبعد تدوين الأحاديث .. وبعد أن أثبت المحدثون الأوائِل رواياتهم على العدالة وأجمعوا أن لا يضعوا في مصنفاتهم روايةً عن الراوي المجهول .. بل والمستور إلا في المتابعات والشواهد ..

                      صحيحا البخاري ومسلم ومسند أحمد وموطا مالك، وسنن النسائِي ... الخ ، كل هذا لم يقبلوا فيه مجهول الحال .. فماذا يفيد سبر المرويات لمن جهلوه وحكموا بجهالته؟! ..بل وكُتِبت وصنفت احاديثم جميعًا قبل أن يسوق ابن حبان منهجه .. فلم ياخذوا إلا عمّن كان ثابت العدالة عندهم. وكل كتب الصحاح لم تعتمِد على هذه الدعوى المزيفة والمزورة التي ادعيتها عليهم .. فإن لم تثبُت دعواك عليْهِم ولم تصح فأي حديث سيسْقُط إذن؟! .. وماذا تُسمي أمانتك أنت وعدالتَك في اتهاماتك المتوالية كتوربيد لا يتوقف ويسترسل بلا أدلة؟!..

                      ساتوقف هنا .. حتى أترك لك فرصة للتعقيب على ما سبق أعلاه إن كان عندك فيه جديد .. أو للتعقيب على هذا الموضوع الجديد:

                      1- تفضل اثبِت أن أيًا من المحدثين في عصور التصنيف قد اعتمد على هذين الشرْطيْن المزعوميْن!
                      2- مَن مِنَ المحدثين قال أن العدالة تثْبُت بسبْر المرويات وترتب على قوله تعديل المجاهيل في المصنفات الحديثية؟!


                      انتهى.
                      "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
                      رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
                      *******************
                      موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
                      ********************
                      "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
                      وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
                      والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
                      (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

                      تعليق


                      • #41
                        أولا: الشهادة والرواية

                        1. حاولتُ مرارا عدم التفريع فيما لا يتناوله البحث، ويصر محاوري على التطويل والتفريع والشخصنة وغيرها من آفات المناظرات.
                        2. ليس مما يتناوله البحث مسألة هل الرواية شهادة أم لا، إنما ذُكرت عرضا لغرض لا يختلف عليه محاوري معي.
                        3. ادعى محاوري إني عنيتُ بقولي: [الرواية شهادة] أي شهادة المحاكم خاصة، أي الرواية الحديثية تروى في أروقة المحاكم وأمام القضاة! ثم بنى تطويلات على هذا.
                        4. وقد بيّنت إني لا أريد من قولي ذلك، ولا يُفهم منه ذلك، بل قولي هو إن الرواية هي إخبار يقر فيه صاحبه بسماعه ما يرويه، هذا الإخبار والإقرار لا يلزمنا ممن لم يثبُت عدالته.. هذا غاية كلامي ولم أزد عليه.
                        5. بل زاد محاوري الطين بله عندما أدعى إني رتبّتُ على كون الرواية شهادة كون المعدّل يجب أن يعاصر المُعدَّل (ولا أعلم ما العلاقة أصلا، إنما يترتب على كونها شهادة محاكم أن يجب أن يعاصر الراوي من يروي عنه، وهذا لا خلاف عليه أصلا!).
                        6. كلها ادعاءات يتقولها محاوري على لساني ثم يحاربها، فإن وضّحت إني لا أقول ذلك لم يرعو، بل أخذ يماطل في إني أردت من البداية ما يزعم ثم بعد ذلك تراجعت وتلاعبت بالألفاظ في مشتركها اللفظي!
                        7. مرة أخيرة: الشهادة هي إخبار أو إقرار ممن حضر أو رأى أو سمع ما يخبر به، سواء كان عن نفسه أو غيره، سواء كان في المحاكم أو غير المحاكم، أمام القاضي أو عامة الناس، هذا معنى الشهادة وهذا ما أريده منها، وهذا ما يتسق مع كل كلامي عن إن الرواية جزء من الشهادة.

                        8. يقول محاوري:
                        1- بأن المحاور أنكر أولًا أنهُ قالها.
                        2- ثمّ استدرك بأنه قالها وقد نسي.
                        3- ثم عاد فقال أن هذا لا يؤثِّر بشيء في نظريته ومبحثه.
                        4- إلا أنه استدرك من جديد الدفاع عنها بشتى الطرق والوسائِل!
                        وهذا كذب عدا أول نقطتين، فقولي بعدم التأثير قلته مع إنكاري الأول أصلا، قلت بالنص:

                        2- نعم لسؤاليك، مع توضيح ما يلي:
                        1. مقدمة (بما إن الرواية شهادة) لم أذكرها، وصحتها أو عدم صحتها غير مؤثر على النتيجة.
                        9. يقول محاوري:
                        4- إلا أنه استدرك من جديد الدفاع عنها بشتى الطرق والوسائِل!
                        وهذا تمويه، فقد اضطررتني اضطرارا لأن أخوض معك رغما عني نقطة قلت من البداية إنها غير مؤثرة ولا تحتاج منا توقف، لكنك أصررت إصرارا على إقحامي مستدعيا تصويري بالراجع عن قوله المنجلي له خطؤه، بالرغم إنه ليس خطئا كما وضحت في كلامي آنفا وحاليا.

                        10. ويقول: [فكان الجواب : ..............لا يوجد اجابة!]
                        هذا تمويه آخر أو عدم فهم لإجاباتي، عندما يسألني محاوري سؤالا فيه افتراض لا أقول به، أوضح رؤيتي التي تزيل هذا الافتراض، وعليه يبقى السؤال عديم قيمة لا يلزمني في شيء لكي أرد عليه.

                        11. يقول محاوري:

                        والخلاف بيننا وبين المحاور الكريم في الإصطلاح. وليس في اللغة! فلا مهرب له من هذا إلا الإقرار بأن هناك خلاف في الاصطلاح، وبينهما وفوارق كبيرة ذكرنا منها 22 فارقاً.. هل يا ترى يُقر ويُريحنا؟!
                        وأقول: ليس موضوعنا هل يوجد فوارق بين الرواية وشهادة المحاكم أم لا، وإن وجد هل هي فوارق كبيرة أم لا.
                        لا تثقل كاهلي بما لست متفرغا له، يكفيني هم توفير وقت لهذا الحوار، فدعنا نركز في صلبه ونترك ما يحوم حوله.

                        12.
                        حوارنا يا محاورنا الكريم، عنالعدالة يعني عنالشهادة التي تستلزم العدالةيعني عننوع واحد ووحيد فقطلا مجال للإلتفاف عليه وهو الشهادة التي قال الله عنها " وأشْهِدوا ذوي عدل منكم" أي شهادة المحاكم، والشهادة عند القاضي، الشهادة الفقهية، هذه هي الشهادة التي تستلزِم العدالة.. وهذه هي الشهادة التي تستلزم المعاصرة والمشاهدة! .. وهذه هي الشهادة في الإصطلاح.
                        أمّا أنا فأقول الشهادة التي أردتها هي الشهادة بمعناها اللغوي، والتي تشمل كلا من الرواية وشهادة المحاكم، ولا معنى لاستدلالك بسياق كلام عن عدالة على إرادة المعنى الاصطلاحي دون اللغوي، لأن العدالة أيضا شرط قبول الشهادة بمعناها اللغوي الذي أردتُه، والذي تتفقَ معي عليه، وقولك:

                        وهذه المعاني اللغوية، لا يوجد فيها الزام بعدالة إلا إن كانت الشهادة فقهية ((اصطلاحية)) أي كشهادة الشهود في المحاكم وأمام القاضي أو في فض النزاعات وغيرها.. وحوارنا حول العدالة .. فطبيعي لا نعني إلا شهادة بعينها وهي الشهادة التي تستلزم العدالة أي الشهادة في الإصطلاح، التي لا تنصرف العقول لغيرها.
                        غير مفهوم!
                        أليس الخبر عندك لا يُقبل إلا من عدل؟
                        وأليس من معاني الشهادة اللغوية التي سردتها هي الإخبار؟
                        وعليه أليست الشهادة اللغوية بمعنى الإخبار يلزم لقبولها العدالة؟
                        فكيف فككت الارتباط؟

                        13. ويقول: [طالبنا المحاور بالدليل من اقوال المحدثين او اي عالم على وجه الأرض اتفق معه على ان الشهادة هي الرواية: فلم يجِد أحدًا وافقَه]

                        وافقني كل من شهد بأن من ضمن معانى الشهادة الإخبار والإقرار أصالة، ويدخل فيهم كل اللغويين والأصوليين وأنت بنفسك! وكل المحدثين الذين ذكروا لفظ الشهادة من ألفاظ التحمل، وهذه الأخيرة خفيت على محاوري وإلا لم يكن ليسأل هذا السؤال أبدا الذي قال فيه بالحرف:

                        هل تستطيع عزيزي المحاور أن تقول بدل روى فلان = شهد فلان، وبدل فلان الراوي أن تقول فلان الشاهد؟!
                        فلما أتيت لك بما يثبت أنها من ألفاظ التحمل ذكرت إنها لا تستعمل بمعنى شهادة المحاكم! أين قلت في كلامي أو بحثي أو في تعليق أو مناظرة لي إني أقول الروايات كانت شهادات تتداول في المحاكم!!

                        14. ويقول:

                        لكِن نحتاج وقفة مع منطقِ المحاور .. لنرى كيف يُفكر المحاور وكيف غالط نفسَه وقراءَه!

                        يقول بما أن جاء في الحديث: "أشهد على رسول الله أنه قال" .. إذن الشهادة هي الرواية!

                        فهل يقول عاقل ان القسَم هو الرواية .. لأننا نقول " أقسم بالله ان فلان قال" ...؟؟!!
                        وهل يقول عاقل ان الشهادة هي الكتابة .. لأننا نقول " أشهد على فلان انه كتب " ...؟؟!!
                        وهل يقول عاقل ان الشهادة هي الرقص .. لأننا نقول " أشهد على فلان انه رقص" ...؟؟!!
                        وهل يقول عاقل ان الشهادة هي الكذب .. لأننا نقول " أشهد على فلان انه كذب" ...؟؟!!

                        فمثله هل يقول عاقل ان الشهادة هي الرواية .. لأننا نقول " أشهد على فلان انه قال" ...؟؟!! ..

                        لا يقُول عاقل على وجه الأرض أن تأكيد القولِ بهذا اللفظ " اشهد على فلان أنه قال" يعني أن الرواية هي الشهادة .. هذا كلام ساقِط!، ولا يقول عاقل أن القسم هو الرواية لأنه قيل: "احلف ان فلان قال" ..

                        أرجو أن يُراجَع المحاور الكريم منطِقَهُ وفهْمَه وإطلاقاتِه
                        وهذا من أبجح التقويلات التي قولنيها محاوري، أين قلت إن معنى الشهادة هو القول لأن المشهود عليه قول؟ ما هذا العبث يا د أمير؟
                        هذه المغالطة فاقت أختها عندما ذكرت الرواية الأدبية وأقحمتها في عموم لفظ الرواية، لتشنّع على قولي بإن الرواية شهادة، أي الرواية الحديثية بلا شك فهي موضوع مقالي!، فتركت المعنى الواضح المحقق من السياق لمعنى مستحدث لتحدثني عن روايات نجيب محفوظ وشكسبير!
                        فأنت الحقيق بكلامك عن التلاعب بالمشترك اللفظي.

                        15. هذا آخر كلام لي عن الشهادة والرواية وما دار بيننا بشأنها، فقد رأيتُ إني أدلوت بدلوي فيها بما فيه الكفاية وكفى بالقارئ حكما، ولك أن تختم بما تراه بشأنها، ثم نتجاوزها معا للنقاط الأخرى.

                        يُتبع عندما أجد وقتا، ربما الجمعة القادمة إن شاء الله....

                        تعليق


                        • #42
                          ثانيا: شروط المحدثين والتطبيق

                          1. عنوان مقالي الذي عليه المناظرة هو: [شروط صحة سند الحديث بين التنظير والتطبيق]
                          2. عنوان يوحي بوجود خلاف بين التنظير والتطبيق
                          3. وفي المقال ما أردته من الخلاف، فلا يُفسر عنواني إلا من بيانه داخل المقال أو كلامي خارجه.
                          4. في السطر الخامس من مقالي قلت: [هذه هي الشروط الثلاثة لصحة أي سند، ثم يأتي التطبيق، والذي يختلف بحسب المنهج.]
                          وهو بيان واف للتنظير الذي أزعم خلافا في تطبيقه، فالشروط الثلاثة هي التنظير، وقواعد التطبيق هي ما اعتبرته اختلافا تطبيقيا منهجيا، كقبول عدالة غير المعدل إلا من عالم جرح وتعديل غير معاصر له، وكقبول عنعنات بعض المدلسين..الخ
                          5. وقد أحسن محاوري عندما سألني في مستهل الحوار قائلا:

                          2- السؤال الثاني: ما فهِمتُه: أنك ستُناقِشُ اصطِلاحاتِ المُحدِّثين أنفُسُهم، وتُبيِّنُ عدم التزِامِهم ببعْضِها، وأن المقال دعوة لإلتِزامِ اصطلاحاتِ المحدثين، إذن فأنت لن تُناقِش اصطلاحاتِك أنت الشخصية وتنسِبها مثلًا للمحدثين، ثم تقول لم يلْتزِموا بها؟.. إن كان فهمي صحيح، فبيّن ذلِك أو صحّحْهُ أكرمكم الله.
                          وأجبته صراحة بالتالي:

                          تحت الشروط الثلاثة تعريفات واصطلاحات لا أخرج عنها، ثم تحتها كيفيات لإثباتها كإثبات العدالة لفلان أو الضبط لعلان أو السماع بين راويين الخ... أنتقدُ منها ما كان من كيفيات لا توصِل إلى المقصود، فهي تهاون في إعمال الشروط، سواء عُد تهاون تطبيقي أو تأصيلي، وأنتقدُ ما هو تطبيقي بحت كتصحيح أحاديث مستوري الحال ومجهولي الضبط.

                          فكان ردي واضح بإزاء مقصودي من مخالفة التطبيق التنظير
                          فقسمت التطبيق لقسمين سميت الأول -بما يُفهم من كلامي - تطبيق تأصيلي، وصفته [كيفيات لا توصِل إلى المقصود، فهي تهاون في إعمال الشروط] وسميت الثاني تطبيق بحت... وحوارنا عن الأول.

                          6. ثم تفاجئت بعدها بقول محاوري الكريم:

                          من مِن المحدثين جعل الشرط الأوحد لقبول التعديل هو التنصيص مع المعاصرة ؟، وما هي شروط قبول التعديل عند المحدثين اصلا .. لنعلم ان خالفوها أم لا؟!
                          مما يعني أنه لم يفهم ما قلته رغم صراحته، فمقالي ما هو إلا نقد لقواعد المحدثين التي تفرعوا بها عن تنظير مقبول، وأن بعض تلكم القواعد فرغت شروط الصحة من محتواها، ولهذا قلت في آخر مقالي: [يجب تصحيح تطبيق الشروط الثلاثة بحسب ما جاء في هذا البحث، وعدم قبول أي حديث سواء في العقيدة أو في الأحكام لا ينطبق عليه الشروط انطباقا صحيحا.]

                          قارن بين قولي: كيفيات لإثباتها كإثبات العدالة لفلان..أنتقدُ منها ما كان من كيفيات لا توصِل إلى المقصود، فهي تهاون في إعمال الشروط
                          أي شروط المحدثين لإثبات العدالة أنتقد منها شروط لا توصل إلى المقصود أي العدالة
                          قارن بين قولي وما فهمه محاوري:
                          وما هي شروط قبول التعديل عند المحدثين اصلا .. لنعلم ان خالفوها أم لا؟
                          أي ما هي شروط المحدثين لإثبات العدالة لنعلم إن خالفوا تلك الشروط أم لا!

                          7. لقد اتهمت نفسي بعدم البيان الكافي لما أريده من كلامي عن التنظير والتطبيق، لعل لأن تسميتي التأصيلات التفريعية تطبيق موهم، فردتُ على سؤال محاوري بعد عدم فهمه لمرادي: [اشترطوا العدالة ثم أثبتوها بما لا يصح الإثبات به.. هذا وجه من وجوه المخالفة التي أردتها.]
                          فقد أفضت سابقا الشرح فلم يصل محاوري للمعنى الذي أردته، فاعتبرت العيب في توصيلي المعلومة، فاخترت التبسيط والاختصار بالجملة السابقة... فما كان منك إلا إنك اعتبرتني لم أجب!
                          واستمررت في الأسئلة من نفس النوع:
                          ب- ما هو تعريف المحدثين لمجهولي العدالة والتي على اساسها قررت انهم وضعوا القواعد ثم خالفوها ؟!
                          فأنت ما زلت تظنني أحاكم المحدثين للكيفيات التي وضعوها لإثبات العدالة، وأنا من أول كلامي أقول محور الانتقاد هو تلك الكيفيات.
                          فما كان مني إلا إن أعدت المُعاد وكررت المكرر فقلتُ:
                          قواعد المحدثين
                          1. قواعد أولية يتفرع عنها قواعد أخرى فحكم على الحديث.
                          2. أمّا القواعد الأولية فالعدالة والضبط والاتصال، أمّا ما يتفرع عنها فطرق إثباتها، ثم يكون الحكم بتطبيق ما يتفرع.
                          3. وقد سميتُ ما يتفرع تطبيقا تأصيليا، وقد أبنت ذلك في صدر حوارنا.
                          4. ونقدي منصب على هذا التطبيق التأصيلي في المقام الأول.


                          8. فكان ماذا؟
                          استمر في خطه الموازي لخطي الذي عبرت عنه مرارا ولكنه يأبى التقاطع معه فيقول:
                          فلم يجِد بعد شهر من بحِّ الصوت واستِجداءِ الأدلة، أي دليل .. انقطَع عن اثباتِ هذا، مما يدُل على أنه يتهم المحدثين بما لم يقولوه!، يتقوّل عليهم ويُزين قاعدة من خياله الخصْب ثم ينسِبُها للمحدثين، ثم بعد هذا يفتح موضوع طويل عريض من الشجْب ويُهيىء للقارىء أن المحدثين استنّوا القواعِد ثم خالفوها ولم يُطبِّقوها!!.. هل هذا أخي الكريم يُسمى عِنْدَك شفافية او علمية أو بحث جاد صادِق؟.. أنت مُطالبٌ بالأمانةِ في العلمِ، وفي تقديم المعلومة، وفي البحثِ عنها، الأمانة العلميّة .. لو أنك قلت أنه رأيك الخاص لكفاك، أما أن تزعُم أن المحدثين تبنوه ثم خالفوه فهذا إفْكٌ وبُهتان فاستغفِر الله واتقِه.
                          ويقول:
                          الخلاصة: هذا الشرْط والتحكُّم " المعاصرة" لم يثبُت قط عن علماء الحديثِ وأئِمّتِه، فلا يصِحُّ أصلًا أن يُقال أنهم اشترطوه ثمّ خالفوه!. فهذه دعوى مُلفّقة، وقد نسَب المهندس محمد إلى المحدِّثين ما لم يقولوه، ثم زعَمَ أنهم خالفوه في التطبيق: فاضطرَب ابتِداءً فكان حُكمه الخاطىء نتيجة منطِقيّة لهذا الإضْطِراب، وقد ادّعى المحاور أنه سيُبيِّن أنهم خالفوا ما اصطلحوه .. فـأين اصطلحوه؟! وأين المخالفة إذن؟!.. فهذا الشرْطُ هو مغالطةٌ من الأخ المحاور، وقد طالبناه بالدليلِ عليْهِ من أقوال المحدثين، فعجِزَ عن الإتيانِ بالدليلِ وانقطَع، ثم اعتذَر باعتِذاراتٍ -ليعذُرُني إن وصّفتها بأنها - بارِدةٍ تخلو من العلميّة.. وكأن المحاور يلوم على المحدثين مخالفتهم لسوءِ فهمِهِ هو !.
                          ، فما زال يقولني إني ألتزم مقولات المحدثين كلها ثم أزعم مخالفتهم لها، وقد قسمت مقولاتهم من أول كلامي لقسمين، قواعد أولية سميتها التنظير وهذا ما التزمته، وقواعد فرعية أو تطبيق تأصيلي وهذا ما أنتقدته.. فيأتي زميلي للثاني ويشنّع علي عدم التزامي، فلله الأمر من قبل ومن بعد!


                          9. وفي هذا السياق سألني المحاور:

                          5- وهل هذا الإصطلاح الذي اصطلحه المحدثون لمجهول العدالة ينطبِق على البخاري ومسلم؟..
                          أ) نعم او لا؟..
                          ب) فإن نعم .. فبرجاء ذكر 10 اسماء فقط من صحيح البخاري، من الطبقة الاولى من 500 .. وذكر 10 فقط من صحيح البخاري، من الطبقة الثانية من بين 2500 ..سأكتفي بامثلة من صحيح البخاري (10 و 10) من 3000 راوي! .... وطبعا هؤلاء العشرين من الطبقة الاولى والثانية، هم مجهولي العدالة حسب قواعد المحدثين، وادرجهم البخاري وضرب بهم عرض الحائِط .. أريد 10 فقط من كل طبقة من هاتين الطبقتين !
                          أي يقول محاوري:
                          أنت تلتزم القواعد التي يثبت بها عدالة الراوي
                          وبالتالي تلتزم القواعد التي يُعرف بها جهالة الراوي
                          وتزعم أن 3000 راويا بحسب تلك القواعد مجهولا
                          فهات لي من البخاري عشرة رواة مجاهيل!

                          وأنا أقول من أول الحوار
                          أنا لا ألتزم إلا القواعد الأولية التي هي شروط الصحة، واستخدم مصطلحات المحدثين كالوقف والرفع والإرسال والتدليس وجهالة الحال والعين والضبط الخ وأنتقد انطباق المصطلحات على بعض تكييفاتها.
                          وانتقادي هو مقالي، ولو كنت أقول إني ألتزم تأصيلاتهم الفرعية غير إني استدرك عليهم قبولهم مرويات لم تحز تلك الشروط والتأصيلات لو كنت أقول ذلك لكان مقالي بيان لهذه المرويات لا كما هو عليه من نقد لتأصيلاتهم الفرعية..

                          10. هذا ما لدي في بياني عمّا أريد من مقالي، سواء اقتنع محاوري إن هذا هو قولي من البداية وأن سوء الفهم منه، أو لم يقتنع، أيا كان هذا هو ما أتحاور بشأنه:
                          انتقاد بعض الطرق التي تؤدي لتحقيق الشروط الثلاثة. (وهو ما قلته وكررته طول الحوار وإليك النصوص مجردة تتواتر على نفس المعنى):
                          = أنتقدُ منها ما كان من كيفيات لا توصِل إلى المقصود، فهي تهاون في إعمال الشروط
                          = اشترطوا العدالة ثم أثبتوها بما لا يصح الإثبات به.. هذا وجه من وجوه المخالفة التي أردتها
                          =
                          أمّا القواعد الأولية فالعدالة والضبط والاتصال، أمّا ما يتفرع عنها فطرق إثباتها وقد سميتُ ما يتفرع تطبيقا تأصيليا، ونقدي منصب على هذا التطبيق التأصيلي.

                          يُتبع الجمعة القادمة بمشيئة الله

                          تعليق


                          • #43
                            ثالثا: السبر للحكم على عدالة الرواة

                            1. نفى د أمير تعديل علماء الجرح والتعديل الرواة الذين لم يعاصروهم عن طريق سبر مروياتهم، إنما حكموا على ضبطهم عن طريق السبر! فيقول بثقة منقطعة النظير:

                            فلم يحْدُث قط أي تعديل بسبر المرويات !! .. سبر المروياتِ يخُصُّ الضبْط
                            2. وقد ادعى إني أنسب ذلك إلى علماء الجرح والتعديل بدون دليل! بالرغم إني أرشدتُ في مقالي إلى كلام المعلمي - وهو ممن استشهد به د أمير في نقولاته - وأدلته على أن اعتماد أصحاب الجرح والتعديل إنما كان جلّه على السبر:
                            وهذا نص ما ذكرته في مقالي والذي عليه هذه المناظرة:

                            يقول ”المعلمي“ في التنكيل: {وابن معين والنسائي وآخرون غيرهما، يوثقون من كان من التابعين أو أتباعهم إذا وجدوا رواية أحدهم مستقيمة بأن يكون له فيما يروي متابع أو مشاهد، وإن لم يرو عنه إلا واحد ولم يبلغهم عنه إلا حديث واحد. فممن وثقه ابن معين من هذا الضرب: الأسقع بن الأسلع، والحكم بن عبد الله البلوي، ووهب بن جابر الخيواني، وآخرون. وممن وثقه النسائي: رافع بن إسحاق، وزهير بن القمر، وسعد بن سمرة، وآخرون. وقد روى العوام بن حوشب عن الأسود بن مسعود عن حنظلة بن خويلد عن عبد الله بن عمرو بن العاص حديثاً، ولا يُعرف الأسود وحنظلة إلا في تلك الرواية. فوثقهما ابن معين! وروى همام عن قتادة بن قدامة بن وبرة عن سمرة بن جندب حديثاً، ولا يُعرف قدامة إلا في هذه الرواية. فوثقها ابن معين! مع أن الحديث غريب، وله علل أخرى. راجع سنن البيهقي (3|248). ومن الأئمة من لا يوثق من تقدمه حتى يطلع على عدة أحاديث له تكون مستقيمة وتكثر، حتى يغلب على ظنه أن الاستقامة كانت ملكة لذاك الراوي. وهذا كله يدل على أن جل اعتمادهم في التوثيق والجرح إنما هو على سبر حديث الراوي...}
                            3. ويكفيك كتاب ابن عدي لتعلم إن صنيعه هو سبر المرويات ومن ثم الحكم على الراوي، لا من حيث ضبطه فقط بل عدالته أيضا.

                            4. ويكفيك مطالعة كتب التراجم والسؤالات لتعلم كيف كانوا يوثقون ويضعفون من لم يعاصروهم، أكان عن طريق إسناد إلى معاصر أم بسبر اجتهادي منهم لمروياته.

                            والأمثلة على ذلك كثيرة منها قول أبي حاتم صراحة إن فلان تدل مروياته على صدقه أو كذبه، والصدق والكذب صفتان للحكم على العدالة لا الضبط.

                            - يقول ابن أبي حاتم [الجرح والتعديل (ج6/ص278)]: سألت أبي عنه (أي عيسى بن سليمان) فقال هذا شيخ حمصي يدل حديثه على الصدق

                            - ويقول [الجرح والتعديل (ج2/ص40)]: سألت أبي عنه (أي أحمد بن إبراهيم الحلبي) وعرضت عليه حديثه فقال لا أعرفه وأحاديثه باطلة موضوعة كلها ليس لها أصول يدل حديثه على أنه كذاب.

                            5. وقد ذكرت في مقالي مثالا صارخا لهذا السبر الجزئي المعيب من الإمام يحيى بن معين،

                            وهذا نص ما ذكرته في مقالي:
                            {(887) قلت ليحيى: محمد بن كثير الكوفي؟ قال: «ما كان به بأس، كان قدم فنزل ثم عند نهركم ذاك» ، فظننت أنا أنه يعني نهر كرخايا، قلت: إنه روى أحاديث منكرات، قال: «ما هي؟» ، قلت: عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن النعمان بن بشير يرفعه: «نضر الله امرءًا سمع مقالتي فبلغ بها» ، وبهذا الإسناد مرفوع: «اقرأ القرآن ما نهاك، فإذا لم ينهك فلست تقرؤه» ، فقال: «من روى عنه هذا؟» ، فقلت: رجل من أصحابنا -أعني له: محمد بن عبد الحميد الحميدي-، فقال: «هذا عسى سمعه من السندي ابن شاهك، وإن كان الشيخ روى هذا فهو كذاب، وإلا فإني رأيت حديث الشيخ مستقيمًا»}. [راجع سؤالات ابن جنيد ص489]
                            في هذا المثال لا يعلم ابن معين عن محمد بن الكثير ما يؤهله للحكم عليه بالعدالة سوى أنه رأى حديثه مستقيما، فلما علم أن من المنسوب إليه كذا وكذا، قال إن صحت نسبة هذا إليه فهو كذاب!

                            6. ومثل مثال ابن معين تجد أبا داود يعدّل راويا بالسبر ثم يُقال له روى كذا فيتهمه!

                            ينقل الذهبي في ميزانه (ج4/ص112) عن أبي داود قوله في مسلمة بن محمد (واضح أن النقل من سؤالات الآجري لأبي داود، ولم أجدها):

                            وقال أبو داود: حدثنا عنه مسدد أحاديثه مستقيمه، قال أبو عبيد الآجري: فقلت لأبي داود حدث عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة إياكم والزنج فإنه خلق مشوه. فقال من حدث بهذا فاتهمه.

                            يُتبع...

                            تعليق


                            • د.أمير عبدالله
                              د.أمير عبدالله تم التعليق
                              تعديل التعليق
                              يُرجى أن تُنهي كل ردك اليوم يا مهندس محمد، لا تجعله معلقًا للأسبوع القادم.

                          • #44
                            رابعا: المعاصرة والمعاشرة

                            أ. كيف يعدّل عالم الجرح والتعديل من لم يعاصره فضلا عن أن يلقه فضلا عن أن يعاشره؟

                            1. لقد زعمتُ السبر وقدمت أدلتي.
                            2. وزعم محاوري وجود إسناد صحيح عند عالم الجرح والتعديل إلى عالم معاصر أو أكثر لكنه لم يظهره.

                            3. ولم يقدم دليلا على ذلك، كل ما في الأمر أنه ذكر أن ابن أبي حاتم ينقل عن أبيه وعن أبي زرعة! وإني لا أناهضه أن عالم الجرح والتعديل قد ينقل عن عالم آخر عاصر الراوي أو لم يعاصر هو الآخر!، إنما أسمي نقله نقلا لا حكما، فعندما يروي ابن أبي حاتم توثيق أبي زرعة لفلان فليس ذلك حكما من ابن أبي حاتم على الراوي إنما نقل، ولا أعرف أحدا يجيز أن نأتي لتوثيقات ابن أبي حاتم عن أبيه أو عن أبي زرعة أو عن غيرهما عن فلان وعلان فنقول وثق ابن أبي حاتم فلان وعلان، وإن سمى أحدهم ذلك توثيقا كما يُقال وثقه الذهبي أو ابن حجر أو غيرهما من المتأخرين بمعنى موازنة أقوال القدماء وترجيحها.. فلا مشاحة في الاصطلاح.

                            4. لقد نقل ابن أبي حاتم عن من لم يعاصره، وكان يذكر الأسانيد إليهم، وفي تلك الأسانيد الجيد وفيها التالف.

                            5. وذكر الإسناد عن من يعدّل أو يجرّح عن معاصرة ديدن العلماء، وعليه كل العلماء المتقدمين وما ألفوه في كتب الرجال، فالبخاري نفسه يذكر في تاريخه الكبير الأسانيد إلى المعدلين والمجرحين، فلا حاجة لإخفاء الإسناد! فافتراض أن عند العالم إسناد صحيح بنى عليه تعديله على من لم يعاصره هو افتراض ليس فقط يخلو من الدليل بل هو افتراض عبثي خاصة إن افترضنا أنه ليس استثناء، كما إنه إن صح لا يلزمنا كما سيأتي.


                            ب. لقد وافقني زميلي بعد كلام كثير له عن عيب شرط المعاصرة، وافقني بوجوب المعاصرة من حيث يدري أو لا يدري
                            فقال:

                            رابعًًا: بالتبعيّةِ يجِبُ أن يُفهَم أن تنصيصَ إمامِ الجرحِ والتعديلِ ليْس من عنديّاتِهِ، ولا بسبْرِ مروياتِهِم، ولا رجْمًا بالغيْبِ، بل هو يحكُم إما عن معاصَرَةٍ أو نقلًا عمّن عاصروهُ وعرفوه،
                            فالمعاصرة واجبة بنص كلام محاوري للحكم على الراوي بالعدالة.
                            كل ما في الأمر أنه يعد النقل حكما.

                            ج. وعليه يمكننا تقسيم الحكم على عدالة الراوي إلى قسمين:
                            1- تعديل مباشر هو حكم يطلقه عالم الجرح والتعديل بناء على معاملته مع الراوي وظهور ما يوجب عدالته عنده.
                            2- تعديل غير مباشر هو حكم يطلقه عالم الجرح والتعديل نقلا عن تعديل مباشر من عالم آخر، أو حكم يطلقه عالم الجرح والتعديل بعد موازنة نقولات عن تعديل مباشر لعلماء آخرين.

                            - أمّا الأول فلا اختلف مع زميلي على عدم وجوب تفسير التعديل، لأن هذا التعديل شهادة/خبر، وهي في ذاتها دليل ما دامت من عدل.
                            - أمّا الثاني فهو نقل أو اجتهاد، والنقل ذاته أو الاجتهاد ذاته ليس دليلا ولو صدر من كل العدول، إنما يحتاج لدليل صحة.

                            3- إلا إن محاوري يخلط بينهما ويضعهما في حكم واحد، فيلزمني بنقل مزعوم بدون إسناد صحيح بل بدون ذكر أن ثمة نقل أصلا، بحجة إلزامي بشهادة الشاهد المعاصر.

                            4- وخلاصه الأمر: التعديل أو التزكية حكم يصدره صاحبه
                            - فإن كان هذا الحكم اجتهادا (السبر كما أدعي) فلا يلزمنا الاجتهاد بدون دليل وإلا كان محض تقليد.
                            - وإن كان شهادة كشهادة المحاكم، فلا شهادة إلا لمن شهد أي حضر، وغير المعاصر لم يشهد...
                            - وإن كان خبرا (كما تدعي)، فلا خبر يلزمنا إلا بإسناد صحيح.

                            خامسا: تعديل الرواة الضمني

                            1. مما ذكرته هو اللجوء لتعديل الراوي عن طريق آخر غير السبر، وهو أن يروي عنه عدول.

                            2. فطلب د أمير دليلا على ذلك، ويكفيني أن أجيبه من كلامه الذي ينقله:


                            وقال ابن أبي حاتم : "سألتُ أبي عن روایة الثقات عن رجل غیرِ ثقة مما یُقَوِّیه ؟ قال : إذا كان معروفاً بالضعف لم تُقَوِّه روایته عنه ، وإذا كان مجھولاً نَفَعَه روایة الثقة عنه. سألتُ أبا زرعة عن روایة الثقات عن رجل مما یُقَوِّى حدیثَه ؟ قال : أي لعمري ، قلتُ : الكلبي روى عنه الثوري ؟ قال : إنما ذلك إذا لم یتكلم فیه العلماء ، وكان الكلبي .( یُتَكلم فیه )".
                            وقال ابن المنیر : "للتعدیل قسمان صریحي وغیر صریحي ، فالصریحي واضح. وغیر الصریحي وهو الضمني كروایة العدل وعمل العالم".
                            بغض النظر عن إنه نقله تحت بند من كان معروفا بكونه لا يروي إلا عن ثقة، فالمنقول نفسه لا يشترط ذلك.

                            انتهيت

                            تعليق


                            • #45
                              ختام الكلام حول الرواية والشهادة



                              أولا: الشهادة والرواية

                              1. حاولتُ مرارا عدم التفريع فيما لا يتناوله البحث، ويصر محاوري على التطويل والتفريع والشخصنة وغيرها من آفات المناظرات.
                              2. ليس مما يتناوله البحث مسألة هل الرواية شهادة أم لا، إنما ذُكرت عرضا لغرض لا يختلف عليه محاوري معي.
                              3. ادعى محاوري إني عنيتُ بقولي: [الرواية شهادة] أي شهادة المحاكم خاصة، أي الرواية الحديثية تروى في أروقة المحاكم وأمام القضاة! ثم بنى تطويلات على هذا.
                              4. وقد بيّنت إني لا أريد من قولي ذلك، ولا يُفهم منه ذلك، بل قولي هو إن الرواية هي إخبار يقر فيه صاحبه بسماعه ما يرويه، هذا الإخبار والإقرار لا يلزمنا ممن لم يثبُت عدالته.. هذا غاية كلامي ولم أزد عليه.
                              5. بل زاد محاوري الطين بله عندما أدعى إني رتبّتُ على كون الرواية شهادة كون المعدّل يجب أن يعاصر المُعدَّل (ولا أعلم ما العلاقة أصلا، إنما يترتب على كونها شهادة محاكم أن يجب أن يعاصر الراوي من يروي عنه، وهذا لا خلاف عليه أصلا!).
                              6. كلها ادعاءات يتقولها محاوري على لساني ثم يحاربها، فإن وضّحت إني لا أقول ذلك لم يرعو، بل أخذ يماطل في إني أردت من البداية ما يزعم ثم بعد ذلك تراجعت وتلاعبت بالألفاظ في مشتركها اللفظي!
                              7. مرة أخيرة: الشهادة هي إخبار أو إقرار ممن حضر أو رأى أو سمع ما يخبر به، سواء كان عن نفسه أو غيره، سواء كان في المحاكم أو غير المحاكم، أمام القاضي أو عامة الناس، هذا معنى الشهادة وهذا ما أريده منها، وهذا ما يتسق مع كل كلامي عن إن الرواية جزء من الشهادة.

                              .....عندما يسألني محاوري سؤالا فيه افتراض لا أقول به، أوضح رؤيتي التي تزيل هذا الافتراض، وعليه يبقى السؤال عديم قيمة لا يلزمني في شيء لكي أرد عليه.

                              وأقول: ليس موضوعنا هل يوجد فوارق بين الرواية وشهادة المحاكم أم لا، وإن وجد هل هي فوارق كبيرة أم لا.
                              لا تثقل كاهلي بما لست متفرغا له، يكفيني هم توفير وقت لهذا الحوار، فدعنا نركز في صلبه ونترك ما يحوم حوله.

                              أمّا أنا فأقول الشهادة التي أردتها هي الشهادة بمعناها اللغوي

                              1- لابُد أن تعذرنا بل تعذُر كل من عندهُ أثارةُ علمٍ وقرأ كلامَك:
                              فالكلامُ عنوانُه عندك عن العدالة، وذكرت لنا بالحرف الواحِدِ في مبحثِك القول " لأن الرواية شهادة" تحت نفس هذا المبحث "العدالة"، سواءا نسيت أنك قلته أو تذكرته. وهذا لا ينصرِف عند ذي عقلٍ ودينٍ إلا إلى قول الله عز وجل " واشهِدوا ذوي عدلٍ منكم" وقوله تعالى " ممن ترضوْنَ من الشهداء"، فالعدالة المقرونة بالشهادة والتي قيسَ عليها الرواية، لا يوجد لها اثنان، حتى تقولي لي او للقارىء لم أقصِد! وهي عدالة الشهادة بمفهومها الإصطلاحيِّ الفقهي، بل والاعجب أنك تحدثت عن المعاصرة، وهذا لا ينصرِف يقينًا - مرة أخرى - إلا الى نفس هذه الشهادة الفقهية، وأنت بنفسِك أقررت كما في الإقتباس أعلاه ولونته بالأحمر، أن هذه الشهادة الفقهية تستوجِب المعاصرة .

                              2- لكنك - كما قلت- لم تكُن تعنيها:
                              فيا محاوري الكريم، كونك بعد ما سبق، لا تعنيها، يجعلُك تُراجع أقوالك أنت، ولا تلُمنا على ما صوّرَهُ قلمُك لي وللقارئ، وإن لم ننقُد هذه الفكرة و الأغلوطة، لصرنا أضحوكة كل من يقرأ! .. وسواءًا طلبت منا أن نغفله، وضاق صدرُك بعدم اغفالِه. فلا هو من التطويل ولا من الشخصنةِ!. ونعْذُر أي شخصنةٍ ظهرت منك تجاهنا.

                              3- وبعد تفنيدها، يكفينا أنك تتبرّأ الآن من هذا النوع من الشهادة، وتقول أنك لا تقصِد أكثر من معناها اللغوي!. والذي هو بمعنى الرواية، ونُحسِن الظن ونُصدقك أنك لا تتعمّده.. وأنك لا تعنيه،
                              وإن كان هذا يضعُك أمامنا في مغالطةٍ أخرى بالدورِ، كما في الإقتباس التالي!
                              "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
                              رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
                              *******************
                              موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
                              ********************
                              "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
                              وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
                              والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
                              (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

                              تعليق

                              مواضيع ذات صلة

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              مغلق: علوم الاجنة بواسطة Momen Abedi
                              ابتدأ بواسطة Momen Abedi, 12 ديس, 2021, 07:30 ص
                              ردود 5
                              136 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة د.أمير عبدالله  
                              ابتدأ بواسطة ARISTA talis, 1 ديس, 2021, 08:18 م
                              ردود 9
                              281 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة طالب علم مصري  
                              ابتدأ بواسطة Mohamed Karm, 13 يول, 2021, 12:17 ص
                              ردود 5
                              310 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة Mohamed Karm
                              بواسطة Mohamed Karm
                               
                              ابتدأ بواسطة Mohamed Karm, 20 ماي, 2021, 11:43 م
                              رد 1
                              175 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة Mohamed Karm
                              بواسطة Mohamed Karm
                               
                              ابتدأ بواسطة Mohamed Karm, 15 ماي, 2021, 02:16 ص
                              ردود 0
                              134 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة Mohamed Karm
                              بواسطة Mohamed Karm
                               
                              يعمل...
                              X