أحاديث الصحيحين بين الظن و اليقين - حافظ ثناء الله الزاهدي

تقليص

عن الكاتب

تقليص

د.أمير عبدالله مسلم اكتشف المزيد حول د.أمير عبدالله
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أحاديث الصحيحين بين الظن و اليقين - حافظ ثناء الله الزاهدي

    أحاديث الصحيحين بين الظن و اليقين


    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام عل أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه الطاهرين. أما بعد: فقد كثر كلام النقاد المحققين من الفقهاء والمحدثين في إفادة أحاديث «الصحيحين» القطع والظن مع اتفاقهم على أنه ليس بعد كتاب الله ـ تعالى - أصح من صحيحي البخاري ومسلم.

    فجمعنا في هذه الورقات صفوة كلام كل من الفريقين في هذا لتثبيت ما نراه حقا وراجحا بالدلائل، ورد ما نراه مرجوحا بأحسن الأدلة والوسائل. وسيكون البحث فيها - إن شاء الله في سبع نقاط رئيسية وهي:

    (1) - تعريف الظن واليقين لغة واصطلاحا وحكمهما.
    (2) بيان أقوال من قال بافادة أحاديث «الصحيحين» القطع.
    (3) أدلة القائلين بإفادتها القطع.
    (4) أدلة القائلين بإفادتها الظن.
    (5) مع ابن الصلاح وابن حجر فيما استثنياه من الأحاديث التي لا تفيد القطع من هذين الكتابين.
    (6) بين أحاديث «الصحيحين» والخير المشهور.
    (7) أهم نتائج البحث.

    وليس القصد وراء ذلك كله إلا الاقتداء بالحق والصواب، رجاء من الله تعالى - جزيل الأجر والثواب.

    (1) تعريف الظن واليقين لغة واصطلاحا وحكمهما

    وقبل أن نخوض في البحث يجدر بنا أن نعرف الظن واليقين لغة واصطلاحا.

    فالظن لغة: يستعمل في معنى الشك: وهو التردد بين النقيضين بلا ترجيح لأحدهما على الاخر عند الشاك. (1). ويستعمل بمعنى اليقين، قال ابن منظور: الظن شك ويقين، إلا أنه ليس بيقين عيان، إنما هو يقين تدبر. (2). وقال الزبيدي: الظن هو التردد الراجح بين طرفي الاعتقاد الغير الجازم. ونقل عن المناوي أنه قال: الظن الاعتقاد الراجح مع احتال النقيض ويستعمل في اليقين والشك (3).

    وهذا المعنى الأخير الذي قاله الزبيدي والمناوي هو الذي استقر عليه اصطلاح الأصوليين. قال الآمدي: الظن ترجيح أحد الاحتالين الممكنين عل الآخر في النفس من غير قطع (4). وقال عبد العزيز البخاري: الظن ما كان جانب الثبوت فيه راجحا، ويسمى غالب الرأي. (5)، وقال القرطبي: الظن الشرعي هو تغليب أحد الجانببين، أو هو بمعنى اليقين(6) وقال أبو يعلى الفراء: الظن تجويز أمرين أحدهما أقوى من الآخر(7).


    أما اليقين فلغة: العلم، وإزاحة الشك، وتحقيق الأمر.
    واصطلاحا: اعتقاد الشيء بأنه كذا مع اعتقاده أنه لا يمكن إلا كذا، مطابقا للواقع غير ممكن الزوال. (8).

    فالثابت باليقين لا شك في حجيته، ولا خلاف. وأما ما كان ثبوته مظنونا فأيضا مقبول وحجة بإجماع علماء أهل السنة في الأحكام والعقائد.

    قال ابن عبد البر: أجمع أهل العلم من أهل الفقه والأثر في جميع الأمصار فيما علمت على قبول خبر الواحد العدل وإيجاب العمل به إلا الخوارج وطوائف من أهل البدع. وقال: وكلهم يدين خبر الواحد العدل في الاعتقادات، ويجعلها شرعا، ودينا في معتقده، على ذلك جماعة أهل السنة (9).

    وقال أبو يعلى الفراء: الظن طريق للحكم إذا كان عن أمارة مقتضية للظن، ولهذا يجب العمل بخبر الواحد إذا كان ثقة، ويجب العمل بشهادة الشاهد (10).

    وقال الحافظ بدر الدين العيني: وإجراء الحكم بناءا على غالب الظن واجب؛ وذلك نحو ما تعبدنا به من قبول لشهادة العدول، وتحري القبلة، وتقويم المستهلكات، وأرش الجنايات التي لم ترد مقاديرها بتوقيف من قبل الشرع. فهذا ونظائره قد تعبدنا فيه بغالب الظن (11).

    وقال فخر الدين الرازي: العمل بخبر الواحد الذي لا يقطع بصحته مجمع عليه بين الصحابة (12). وهو المختار عند من بعد الصحابة من التابعين وأتباعهم، و كافة علماء أهل السنة رضوان الله عليهم أجمعين. (13)

    (1) «التعريفات للجرجاني» (ص: 68).
    (2) «لسان العرب» (272/ 13).
    (3) «تاج العروس» (9/ 271).
    (4) «الإحكام للآمدي» (223/ 1).
    (5) «كشف الأسراره (389/ 2).
    (6) نقد ابن حجر في «فتح الباري» (481/ 10).
    (7) «العدة في أصول الفقه» (83/ 1).
    (8) «لسان العرب» (457/ 13)، «تاج العروس» (9/ 370)، «التعريفات» (ص: 136).
    (9) «التمهيد» (1/ 3، 8).
    (10) «العدة في أصول الفقه» ( 83/ 1).
    (11) «عمدة القاري» (22/ 137).
    (12) «المحصول» (1/ 2/ 527، 509).
    (13) انظر الوصول إلى الأصول» (2/ 174، 175)، «شرح تنقيح المحصول» (ص: 356) «المنخول» (ص: 253)، «المعتمد في أصول الفقه» (583/ 2)، «المختصر المنتهي» - (2: 58- 60)، «روضة الناظر» (ص: 92 - 98) ، و«اللمع» (ص: 40) «تهذيب شرح الأسنوي لمنهاج البيضاوي» (210/ 2)، «الإحكام في أصول الأحكام» (1/ 244).
    "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
    رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
    *******************
    موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
    ********************
    "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
    وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
    والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
    (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

  • #2
    (2) أقوال القائلين بإفادة أحاديث الصحيحين القطع:


    (1) قول أبي إسحاق الإسفرايني (ت 418 ه):

    قال في كتابه «أصول الفقه» أهل الصنعة مجمعون على أن الأخبار التي اشتمل عليها «الصحيحان» مقطوع بصحة أصولها ومتونها، ولا يحصل الخلاف فيها بحال، وإن حصل فذاك اختلاف في طرقها ورواتها. قال: فمن خالف حكمه خبرا منها وليس له تأويل سائغ للخبر نقضنا حكمه؛ لأن هذه الأخبار تلقتها الأمة بالقبول. (1)

    (2) قول إمام الحرمين الجويني (ت 478 هـ)
    قال: لو حلف إنسان بطلاق امرأته: أن ما في «الصحيحين» مما حكما بصحته من قول النبي صلى الله عليه وسلم لما ألزمته الطلاق؛ لإجماع علماء المسلمين على صحته. (2)

    (3) قول ابن القيسراني (ت 507)
    قال: أجمع المسلمون عل قبول ما أخرج في «الصحيحين» لأبي عبد الله البخاري، ولأبي الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري، أو ما كان على شرطهما ولم يخرجاه. (1)
    وقال: أما كتاب الترمذي وحده على أربعة أقسام. قسم صحيح مقطوع به وهو ما وافق فيه البخاري ومسلما. (2)

    (4) قول ابن الصلاح (ت 643).
    قال: أهل الحديث كثيرا ما يطلقون عل ما أخرجه البخاري ومسلم جميعا «صحيح متفق عليه» ويعنون به اتفاق البخاري ومسلم، لا اتفاق الأمة عليه، لكن اتفاق الأمة عليه لازم من ذلك وحاصل معه؛ لاتفاقهما على تلقي ما اتفقا عليه بالقبول، وهذا القسم جميعه مقطوع بصحته، والعلم اليقيني النظري واقع به، خلافا لمن نفى ذلك محتجا بأنه لا يفيد في أصله إلا الظن.

    (5) قول الإمام ابن تيمية الحراني (ت 728).
    قال: إن جمهور ما في البخاري ومسلم مما يقطع بأن النبي صلى الله عليه وسلم قاله؛ لأن غالبه من هذا، ولأنه قد تلقاه أهل العلم بالقبول والتصديق، والأمة لا تجتمع على خطأ. فلو كان الحديث كذبا في نفس الأمر والأمة مصدقة له، قابلة له، لكانوا قد أجمعوا على تصديق ما هو في نفس الأمر كذب! وهذا إجماع على الخطا، وذلك ممتنع.
    وإن كنا نحن بدون الإجماع نجوز الخطأ أو الكذب على الخبر، فهو كتجويزنا قبل أن نعلم الإجماع على العلم الذي ثبت بظاهر أو قياس ظني أن يكون الحق في الباطل خلاف ما اعتقدناه، فإذا أجمعوا على الحكم جزمنا بأن الحكم ثابت باطنا وظاهرا.

    ولهذا كان جمهور أهل العلم من جميع الطوائف على أن خبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول تصديقا له، أو عملا به أنه يوجب العلم. وهذا هو الذي ذكره المصنفون في أصول الفقه من أصحاب أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد. إلا فرقة قليلة من المتأخرين اتبعوا في ذلك طائفة من أهل الكلام أنكروا ذلك.

    ولكن كثيرا من أهل الكلام، أو أكثرهم يوافق الفقهاء، وأهل الحديث والسلف على ذلك. وهو قول أكثر الأشعرية كأبي إسحاق، وابن فورك. وهو الذي ذكره الشيخ أبو حامد، وأبو الطيب، وأبو إسحاق، (6) وأمثالهم من أثمة الشافعية، وشمس الدين السرخسي وأمثاله من الحنفية، وأبو يعلى (7)، وأبو الخطاب، وأبو الحسن الزاغوني وأمثالهم من الحنبلية، والقاضي عبد الوهاب وأمثاله من المالكية. وإذا كان الإجماع على تصديق الخبر موجبا للقطع به فالاعتبار في ذلك بإجماع أهل العلم بالحديث، كما أن الاعتبار في الإجماع على الأحكام بإجماع أهل العلم بالأمر والنهي والإباحة.(8)


    (6) قول ابن القيم الجوزية (ت 751 هـ).
    قال: اعلم أن جمهور أحاديث البخاري ومسلم من هذا الباب كما ذكره الشيخ أبو عمرو، ومن قبله من العلماء، كالحافظ أي طاهر السِّلفي وغيره. فإن ما تلقاه أهل الحديث وعلماؤه بالقبول والتصديق فهو محصل للعلم، مفيد لليقين، ولا عبرة بمن عداهم من المتكلمين والأصوليين؛ فإن الاعتبار في الإجماع على كل أمر من الأمور الدينية بأهل العلم به دون غيرهم. كما لم يعتبر في الإجماع على الأحكام الشرعية إلا العلماء بها، دون المتكلمين والنحاة والأطباء، وكذلك لا يعتبر في الإجماع على صدق الحديث وعدم صدقه إلا أهل العلم بالحديث وطرقه وعلله، وهم علماء الحديث، العالمون بأحوال نبيهم، الضابطون لأقواله وأفعاله، المعتنون بها أشد من عناية المقلدين لأقوال متبوعيهم. فكما أن العلم ينقسم إلى عام وخاص، فيتواتر عند الخاصة مالا يكون معلوما لغيرهم فضلا أن يتواتر عندهم. فأهل الحديث لشدة عنايتهم بسنة نبيهم وضبطهم لأقواله، وأفعاله، وأحواله يعلمون من ذلك علما لا يشكون فيه مما لا شعور لغيرهم به ألبتة. (9)


    (7) قول الحافظ صلاح الدين ابن كيكلدي العلائي (ت 761 ه)
    قال: أحاديث الصحيحين ـ لإجماع الأمة على صحتها، وتلقيها بالقبول ـ تفيد العلم النظري، كما يفيده الخبر المحتف بالقرائن. وهذا هو اختيار الأستاذ أبي إسحق الإسفرايني، وإمام الحرمين، وقرره ابن الصلاح. وقد ذكرته بدلائله في مقدمة «نهاية الأحكام». (10)


    (8) قول الحافظ ابن كثير (ت 774 هـ)
    قال: ثم حكى ابن الصلاح: إن الأمة تلقت هذين الكتابين بالقبول، سوى أحرف يسيرة انتقدها بعض الحفاظ كالدارقطني وغيره، ثم استنبط من ذلك القطع بصحة ما فيهما من الأحاديث؛ لأن الأمة معصومة عن الخطا، فما ظنت صحته ووجب عليها العمل به، لابد وأن يكون صحيحا في نفس الأمر. وهذا جيد. وقد خالف في هذه المسألة الشيخ محيي الدين النووي وقال: لا يستفاد القطع بالصحة من ذلك. قلت: وأنا مع ابن الصلاح فيما عول عليه وأرشد إليه. والله أعلم (11)

    (9) قول سراج الدين البلقيني (ت 805 ه).
    قال: وما قاله النووي وابن عبد السلام ومن تبعهما ممنوع؛ فقد نقل بعض الحفاظ المتأخرين عن جماعة من الشافعية كالإسفرايني أبي إسحق، وأبي حامد، والقاضي أبي الطيب، وتلميذه أبي إسحق الشيرازي، والسرخسي من الحنفية والقاضي عبد الوهاب من المالكية، وجماعة من الحنابلة كأبي يعلى، وأبي الخطاب، وابن حامد، وابن الزاغوني، وأكثر أهل الكلام من الأشعرية وغيرهم، منهم ابن فورك، وأهل الحديث قاطبة، ومذهب السلف عامة، أنهم يقطعون بالحديث الذي تلقته الأمة بالقبول. (12)

    (10) قول العلامة أبي الفيض الفارسي الحنفي (ت 837).
    قال: ما روياه أو واحد فهو مقطوع بصحته، أي يفيد العلم القطعي نظرا لا ضرورة. وقيل: لا يفيد إلا الظن. وعليه الأكثرون. (13).

    (11) قول الحافظ أي نصر الوائلي السجزي.
    قال: أجمع أهل العلم الفقهاء وغيرهم على أن رجلا لو حلف بالطلاق أن جميع ما في كتاب البخاري مما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صح عنه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاله. لا شك في أنه لا يحنث، والمرأة بحالها في حبالته. (14)

    (12) قول الحافظ جلال الدين السيوطي (ت 911 هـ).
    قال بعد أن ذكر موافقة ابن كثير لابن الصلاح في هذه المسألة: قلت: وهو الذي اختاره ولا أعتقد سواه. (15)
    وقال في «ألفيته في علم الحديث» والنووي رجح في التقريب - ظنا به - والقطع ذو تصويب. (16).

    (13) قول الحافظ ابن حجر العسقلافي (ت 852).
    قال: قد يقع في أخبار الآحاد ما يفيد العلم النظري بالقرائن على المختار، والخبر المحتف بالقرائن أنواع:
    منها: ما أخرجه الشيخان في صحيحهما مما لم يبلغ حد التواتر فإنه احتف به قرائن منها:
    (1) جلالتهما في هذا الشأن.
    (2) وتقدمها في تمييز الصحيح عل غيرهما.
    (3) وتلقى العلماء لكتابيهما بالقبول. وهذا التلقي وحده أقوى في إفادة العلم من مجرد كثرة الطرق القاصرة عن التواتر.

    إلا أن هذا يختص بما لم ينتقده أحد من الحفاظ مما في الكتابين، وبما لم يقع التجاذب بين مدلوليه مما وقع في الكتابين حيث لا ترجيح لأحدهما لاستحالة أن يفيد المتناقضات العلم بصدقهما من غير ترجيح على الاخر، وما عدا ذلك فالإجماع حاصل على تسليم صحته (17).

    (14) قول الشيخ ولي الله الدهلوي (ت 1176 ه).
    قال: أما الصحيحان فقد اتفق المحدثون على أن جميع ما فيهما من المتصل المرفوع صحيح بالقطع، وأنهما متواتران إلى مصنفيهما، وأنه كل من يهون أمرهما مبتدع، متبع غير سبيل المؤمنين. فإن الشيخين لا يذكران إلا حديثا قد تناظرا فيه مشائخهما وأجمعوا على القول به والتصحيح له، كما أشار مسلم حيث قال: لم أذكر هاهنا إلا ما أجمعوا عليه. (18).

    (15) قول الإمام الشوكاني (ت 1250 ه).
    قال: لا نزاع في أن خبر الواحد إذا وقع الإجماع على العمل بمقتضاه فإنه يفيد العلم؛ لأن الإجماع عليه قد صيره من المعلوم صدقه. وهكذا خبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول فكانوا بين عامل به ومتأول ومن هذا القسم أحاديث صحيحي البخاري ومسلم؛ فإن الأمة له. تلقت ما فيهما بالقبول، ومن لم يعمل بالبعض من ذلك فقد أوله، والتأويل فرع القبول.(19) وقال: فقد أجمع أهل هذا الشأن على أن أحاديث الصحيحين أو أحدهما كلها من المعلوم صدقه بالقبول المجمع على ثبوته (20).

    (16) قول الشيخ محمد أنور الكشميري الحنفي (ت 1352 هـ).
    قال: اختلفوا في أن أحاديث الصحيحين هل تفيد القطع أم لا؟
    فالجمهور إلى أنها لا تفيد القطع، وذهب الحافظ- رضي الله عنه- إلى أنها تفيد القطع، وإليه جنح شمس الأئمة السرخسي من الحنفية، والحافظ ابن تيمية من الحنابلة، والشيخ ابن الصلاح. وهؤلاء وإن كانوا أقل عددا إلا أن رأيهم هو الرأي (21).

    وهذا الذي قاله هؤلاء العلماء هو الذي اختاره الحافظ أبو طاهر السلفي،(22) وأبو عبد الله الحميدي(23) والعلامة محمد المعين ابن محمد الأمين السندي في «دراسات اللبيب» (24) و «غاية الإيضاح في المحاكمة بين النووي وابن الصلاح» (25) والشيخ إبراهيم ابن الحسن الكوراني (26) في كتابه «إعمال الفكر والرويات في شرح حديث «إنما الأعمال بالنيات»(27) ـ والسيد أبو الطيب صديق حسن خان. (28)، والشيخ أبو الحسن محمد صادق السندي(29) والشيخ محمد حسين الهزاروي (30) ومحدث الهند الحافظ محمد الجوندلوى. (31) وأبو نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق اليوسفي (32) والشيخ أحمد محمد شاكر القاضي المصري. (33) والشيخ عبد الله بن إبراهيم العلوي الشنقيطي. (34) والشيخ محمد الأمين بن المختار الشنقيطي.(35)، والشيخ محمد عبد العزيز الرحيم ابادي (36). ومن المعاصرين الشيخ محمد عطاء الله حنيف صاحب «التعليقات السلفية»، والمؤلفات الشهيرة الأخرى (37). والدكتور صبحي



    (1) نقله عنه الزركشي في «نكته على ابن الصلاح» (ورقة/13)، والسخاوي في «فتح المغيث» (51/ 1).
    (2) انظر «تدريب الراوي» (1/ 131، 132)، و «شرح مسلم» للنووي (19/ 1).
    (3) «صفوة التصوف» (ورقة/ 87، 88).
    (4) «شروط الأئمة الخمسة» (ص: 15).
    (5) «علوم الحديث» (ص: 24، 25).
    (6) هو ابو إبراهيم بن علي بن يوسف أبو اسحق الفيروزابادي، الشيرازي، الشافعي المولود سنة (476 هـ) أنكر في «التبصرة في أصول الفقه» (ص: 298 -300) حصول العلم بخبر الواحد المحتف بالقرائن مطلقا، وقال في «اللمع في أصول الفقه» (ص: 40): خبر الواحد الذي تلقته الأمة بالقبول يقطع بصدقه، سواء عمل به الكل، أو عمل البعض، وتأوله البعض. قلت: ولعل ما نسب إليه خصوص «الصحيحين» اختاره بعدما ذكرناه من إنكاره مطلقا أولا، ثم اختياره لما تلقته الأمة بالقبول ثانيا، ثم ما هو في «الصحيحين» أخيرا. وليس هدا ببعيد. والله أعلم.
    (7) هو محمد بن الحسين أبو يعلى الفراء، البغدادي، الحنبلي، توفى سنة (458 ه) قال: «الاستدلال يوجب العلم من اربعة وجوه: أحدها: أن تتلقاه الأمة بالقبول، فدل ذلك على أنه حق؛ لأن الأمة لا تجتمع على الخطا، ولأن قبول الأمة يدل عل أن الحجة قد قامت عندهم بصحته؛ لأن عادة خبر الواحد الذي لم تقم الحجة به لا تجتمع الأمة على قبوله، وإنما يقبله قوم ويرده قوم». «العدة في أصول الفقه» (900/ 3).
    (8) «مقدمة في أصول التفسره (ص: 66 - 69) راجع أيضا «مجموع الفتاوى» (18/ 40- 48)، و«المسودة» (ص: 216، 224).
    (9) نقله الشيخ الألباني في رسالته المسماة «الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام» (ص: 62، 63) من كتاب ابن القيم «مختصر الصواعق» (373/ 2).
    (10) انظر «تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد»(ص: 114).
    (11) «الباعث الحثيث» (ص: 35).
    (12) «محاسن الإصطلاح» (ص: 101).
    (13) «جواهر الأصول» (ص: 20، 21).
    (14) نقله عنه ابن الصلاح في «علوم الحدث «(ص: 22)، وبرهان الدين الأنباسي في «الشذى الفياح (ورقة/9).
    (15) «تدريب الراوي (134/ 1).
    (16) (ص: 3) بتحقيق الأستاذ أحمد شاكر.
    (17) شرح النخبة، ص. 30، 33.
    (18) حجة الله البالغة (134/ 1).
    (19) ارشاد الفحول (ص: 49، 50).
    (20) «قطر الولي» (ص: 230).
    (21) «فيض الباري» (1/ 45).
    (22) نقله عن ابن القي فيما سبق من كلامه.
    (23) عزاه إليه الحافظ ابن حجر في «شرح النخبة» (ص: 24).
    (24) افرد دراسة مستقلة لهذا الموضوع في كتابه المذكور من (ص: 308 إلى ص:327) فأجاد فيه الكلام، وأفاد. جزاه الله خيرا.
    (25) وهذا أيضا كتاب له مستقل ذكره في كتابه «دراسات اللبيب» (ص: 309).
    (26) كان سلفي العقيدة، شافعي المذهب، ولد سنة (1035 ه) وتوف سنة (1101 هـ) ودفن ببقيع الغرقد. انظر ترجمته في «جلاء العينين» (ص: 40) لابن الآلوسي.
    (27) نقله عنه الشيخ أبو الحسن السندي في كتابه» بهجة النظر على شرح نخبة الفكر» (ورقة/25).
    (28) انظر «السراج الرهاج» (5/ 1)، «حصول المأمول» (ص: 49)، «الحطة في ذكر الصحاح الستة» (ص: 126).
    (29) انظر «بهجة النظر» (ورقة/ 24، 25).
    (30) هو أحد أفاضل تلامذة شيخ الهند السيد نذير حسين الدهلوي، له شرح حافل في اللغة الفارسية على «شرح نخبة الفكر «سماه «تصحيح النظر في توضيح نخبة الفكر «انظر (ص: 62 -66).
    (31) هو الإمام العلامة الحافظ أبو عبد الله محمد بن فضل الدين الجوندلوي، ولد عام (1315 ه) وتوفي عام (1405 هـ). درس صحيح البخاري وغيره من كتب الحديث أكثر من خمسين سنة فتخرج عليه طائفة كبيرة من العلماء الفضلاء، منهم العلامة محمد عبيد الله الرحماني صاحب «مرعاة المفاتيح»، والشيخ عمد عطاء الله حنيف صاحب «التعليقات السلفية» على «سنن النسائي»وشيخنا العلامة أبو البركات أحمد المدراسي، وغيرهم.
    والكلام المعزو إليه هو في كتابه القيم بغية الفحول في شرح مختصر الأصول» (ص:81 - 82). واختاره أيضأ فيما أجاب عن أسئلة الشيخ عبد الغفار حسن عنه الني نشرتها المجلة الأسبوعية «الاعتصام» في عددها الخاص بترجمة الإمام الجوندلوي، الصادرة من لاهور في (21/ 4/ 1406 ه)، على (صفحة: 8).
    (32) نقل عنه الذهي في «تذكرة الحفاظ» (634/ 2) وفي «سير أعلام النبلاء» (274/ 13)، والخافظ العلائي في «فح المغيث»( 27/ 1) والشوكاني في «نيل الأوطار» (12/ 1).
    (33) انظر «الباعث الحثيث (ص: 35 - 37)، وتعليقاته عل «ألفية السيوطي» (ص:4، 5 ).
    (34) انظر «نشر البنود على مراقي السعود» (37/ 2).
    (35) انظر «مذكرة أصول الفقه» (ص: 103).
    (36) انظر «حسن البيان فيما في سيرة النعمان» (ص: 95 - 100).
    (37) وجدته كتب بخطه على هامش «تصحيح النظر» (ص: 65) في اللغة الفارسية ما معناه: هذا الذي قاله ابن الصلاح هو المختار عند ابن تيمية وابن كثير، والشاه ولي الله الدهلوي، ومعاصرنا القاضى أحمد محمد شاكر المصري، وهو الصحيح الذي يقتضيه التحقيق.

    "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
    رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
    *******************
    موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
    ********************
    "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
    وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
    والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
    (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

    تعليق

    مواضيع ذات صلة

    تقليص

    المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
    ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 29 يول, 2021, 12:23 ص
    رد 1
    42 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة *اسلامي عزي*
    بواسطة *اسلامي عزي*
     
    ابتدأ بواسطة Ehab_Ehab1, 18 فبر, 2021, 07:48 ص
    ردود 0
    857 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة Ehab_Ehab1
    بواسطة Ehab_Ehab1
     
    ابتدأ بواسطة Ehab_Ehab1, 18 فبر, 2021, 06:48 ص
    ردود 0
    182 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة Ehab_Ehab1
    بواسطة Ehab_Ehab1
     
    ابتدأ بواسطة Ehab_Ehab1, 18 فبر, 2021, 06:10 ص
    ردود 0
    446 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة Ehab_Ehab1
    بواسطة Ehab_Ehab1
     
    ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 8 فبر, 2021, 01:31 ص
    ردود 0
    33 مشاهدات
    0 معجبون
    آخر مشاركة *اسلامي عزي*
    بواسطة *اسلامي عزي*
     
    يعمل...
    X