مراتب الحجاج العقلي في القرآن الكريم

تقليص

عن الكاتب

تقليص

د.اماد كاظم مسلم اكتشف المزيد حول د.اماد كاظم
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مراتب الحجاج العقلي في القرآن الكريم

    مراتب الحجاج العقلي في القرآن الكريم

    1- الحجة البرهانية:
    هي الحجة القائمة على الاستدلال المباشر والقياس الصحيح، وهي تفيد اليقين الجازم، لكونها مكونة من مقدمات يقينية آيلة إلى نتائج يقينية، إذ اليقين في المقدمات والنتيجة سيان، وهي من أعلى مراتب الحجج، وتسمى بالقياس البرهاني. ومن أمثلة الحجة البرهانية في القران الكريم قياس إعادة الخلق على بدئه كما في قوله تعالى: (اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)الروم: ١١. فهذا قياس برهاني للدلالة على إمكان الإحياء الأموات، وهو أنه تعالى لما كان قادرًا على أن يخلقنا ابتداء من غير مثال سابق، فلأن يكون قادرًا على إيجادنا مرة أخرى مع سبق الإيجاد الأول كان أولى. وهذه الدلالة تقريرها في العقل ظاهر، وأنه تعالى ذكرها في مظان عدة من كتابه، منها: قوله سبحانه (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ)يس: ٧٩. وجه الاحتجاج أن إيجاد الأحياء من العدم، هي مقدمة صحيحة عند الكفار، فالذي قدر على خلق الكائنات ابتداءً من العدم قادر على إعادة إحيائها مرة ثانية بالقياس الأولى.

    2-الحجة الجدلية:
    هي الحجة القائمة على مقدمات مشهورة مسلَّمة عند المخاطب، ملزمة للخصم، ومرتبتاها دون اليقين، وفوق الظن الراجح. وتسمى بالقياس الجدلي. ومن أمثلتها في القران الاستدلال المباشر بانتفاء صفة العدل عقلًا في التماثل بين الصالحين والطالحين والمحسنين والمسيئين، كما يفهم من الاستفهام الإنكاري في قوله عزّ وجل: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ،مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) القلم: ٣٥-36. وهذا الاستفهام إنكاري نفي للمساواة بينهم، وحجة غير مباشرة على ضرورة إقام الحساب بالعدل بين الخلائق في يوم القيامة ووجه الإلزام في الآية هو أن قول المشركين: (إن الله تعالى سيفضلنا على المسلمين في ‏الآخرة، أو يساوي بيننا‏)، يستلزم منه الإيمان بالوجود الآخرة والحساب، وإيمانهم هذا يستلزم الإيمان بالخالق العادل، وهذا بحد ذاته حجة عليهم في انتفاء المساواة بين محاربتهم لله، وإطاعة المسلمين له.

    3-الحجة الخطابية:
    هي الحجة القائمة على مقدمات مبنية على الظن الراجح لكنها غير ملزمة للخصم. والظن الراجح على مراتب أعلاها قريب من اليقين وأدناها قريب من الشك. ولم يرد في القرآن الكريم بحسب استقرائي حجج خطابية منفردة في برهنة الحقائق الإيمانية بل وردت مقترنة بالحجج البرهانية والجدلية أي أنها حجج اعتضادية ولست أصلية. ومن الحجج الواردة في القرآن الكريم مضافة إلى الحجج البرهانية، والجدلية لبرهنة حقيقة التوحيد قوله تعالى: (ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) الروم:28 في هذه الآية ضرب الله مثلًا للذين جعلوا له شركاء، هو: استفهامه لهم: هل يرضى أحد منكم أن يكون عبده شريكا له في ماله وولده حتى يكون هو ومملوكه سواء، فإذا لم ترضوا ذلك لأنفسكم فلِمَ رضيتم أن تكون آلهتكم التي تعبدونها شركائي وهم عبيدي. ووجه الاحتجاج أن الله سبحانه احتج عليهم بأمر يستنكفون عنه ورافضين له ظنًا منهم أن ذلك تقليل من شأنهم، فاستنكر عليهم الله تكبرهم على عبيدهم من البشر مثلهم مع إرضائهم ذلك لله مع عبيده وهو خالقهم.

    4- الحجة المغالطة:
    هي الحجة القائمة على مقدمات غير صحيحة، وهي تموه السامع وتخدعه، وهي من الحجج المحرمة شرعًا المرفوضة عقلًا وقد صدرت مثل هذه الحجج من الكفار في جدالهم مع الأنبياءعليهم السلام، كما فعل نمرود في محاجّته لإبراهيم عليه السلام/ في قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)البقرة:258. فالحجة الصادرة من نمرود حجة مغالطة؛ لأنها بنيت على مقدمة خاطئة، وهي تفسير حقيقةَ (الإحياء) بالتخلي عن المسجون و(الإماتة) بقتله. فلا يخلو حال نمرود إما أنه لم يفهم حقيقة الإحياء والإماتة، أو فهم إلا أنه قصد المصادمة والمباهتة، وكلاهما يوجب العدولَ إلى دليلٍ يفضحُ معارضته ويقطعُ حجاجه. ويبدو لي أن انتقال إبراهيم عليه السلام، إلى الحجة الثانية لم يكن إقرارًا منه على حجة نمرود، بل كان ذلك إلزامًا له بحجته في ادعائه الربوبية، مبينًا أن الذي يحي ويميت يكون قادرًا على التصرف في الوجود في خلق ذواته، وتسخير كواكبه وحركاته، فأمره بتحويل نواميس الكون، وذلك بإتيان القمر من المغرب على خلاف العادة. فلما عجز عن ذلك تبين فساد حجته الأولى وبطلانها.

    * ملحوظة: كل ما ذكرته من الحجج هي باعتبار السياق والمخاطب فإن اختلف السياق وتغير المخاطب ستتغير مرتبة الحجة.

    بقلم: د. آماد كاظم

  • #2
    جزاكم الله خيرًا دكتور آماد.. ونفع بكم

    هل هناك فارق بين الحِجاج والإحتجاج؟
    وهل يدخل الحِجاج ضمن علم الجدل والنظر أم أن هذا قسم أو علم مُستقل.. وهل هو علم مُستحدث؟

    جزاكم الله خيرًا.
    "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
    رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
    *******************
    موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
    ********************
    "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
    وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
    والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
    (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

    تعليق


    • د.اماد كاظم
      د.اماد كاظم تم التعليق
      تعديل التعليق
      اهلا ومرحبا بك دكتور أمير عبدالله :

      من حيث الدلالة اللغوية أن الحجاج يأتي بمعنى الجدال وقد وردت لفظة (الحجاج) في المعاجم اللغوية بمعاني عدة هي(الجدال، التخاصم، التنازع، التغالب، إفحام الخصم وإقناعه)(يقال إنه رجل محجاج أي مجادل)

      ومن خلال استقرائي وجدت أن دلالة الحجاج ترتكز على مدلول رئيس وهو المخاصمة والمنازعة بقصد الظفر. وأن وجه الشبه بين الحجاج والجدال هو المنازعة والمخاصمة، ويستلزم ذلك وجود طرفين بينهما سجال أو جدال.


      وقد تناوله عدد من علماء المسلمين وفلاسفتهم ومتكلميهم وعلماء اللغة بوصفه مرادفـــًا للجدال فقد ذهب عدد من العلماء إلى القول بالترادف بين مصطلحي الحجاج والجدال، فعلى سبيل المثال قام الإمام الزركشي والسيوطي بتسمية الفصل الذي عقداه لهذا العلم بـ (جدل القرآن) وقد استخدما الألفاظ(المحاججة) و(الحجاج) و(الاحتجاج) على أنها مترادفة للفظة(الجدل) وتسد مسده..

      في حين ذهب المعاصرون- أمثال الدكتور المغربي: طه عبد الرحمن - بأنه لا ترادف بينهما من الوجوه جميعها، وأن وجه الصلة بينهما هو المنازعة والمخاصمة فحسب، مؤكدين أن الحجاج أوسع من الجدل إذ أن كل جدل حجاج وليس كل حجاج جدل، وعدوا الحجاج قاسمًا مشتركًا بين الجدل والخطابة.

      وانا ارى أن الحجاج علم خاص مستقل ، وان الحجاج أعم من الجدال؛ لأنه يشمل الخطاب أيضًا، فالحجاج الجدلي هو الحجاج القائم على الحجج العقلية الملزمة للخصم يقصد منها إفحامه والغلبة عليه، في حين الحجاج الخطابي مبني غالبًا على الوسائل العاطفية يقصد منه إقناع المخاطب واستمالة قلبه.
      التعديل الأخير تم بواسطة د.اماد كاظم; 29 ماي, 2019, 02:51 ص.

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 1 أغس, 2023, 06:55 م
ردود 0
19 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة د.أمير عبدالله  
ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 11 يول, 2023, 05:19 م
ردود 0
18 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة عطيه الدماطى  
ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 10 يول, 2023, 07:05 م
رد 1
20 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة د.أمير عبدالله  
ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 4 يول, 2023, 10:07 م
ردود 0
12 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة عطيه الدماطى  
ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 30 يون, 2023, 04:06 م
ردود 0
15 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة عطيه الدماطى  
يعمل...
X