نقل نص القرآن الكريم وحفظه وقراءاته ومرسومه عبر القرون - دورة تأصيلية للباحثين والمناظرين

تقليص

عن الكاتب

تقليص

د.أمير عبدالله مسلم اكتشف المزيد حول د.أمير عبدالله
هذا موضوع مثبت
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • نقل نص القرآن الكريم وحفظه وقراءاته ومرسومه عبر القرون - دورة تأصيلية للباحثين والمناظرين

    بسم الله الرحمن الرحيم

    مُقدِّمة:

    كثُر في الآونةِ الأخيرة اهتمام الكثير من المنشغلين بدرأ الشبهات عن كتاب الله بالحديث عن مخطوطات القرآن الكريم ورسْمِه وقراءاتِه، كاستِجابةٍ سريعةٍ وغيورةٍ للرد على مثيري الشُبُهات، وهو جُهْدٌ مُبارك يعوزه الكثير من التدقيق والتِزام المنهج. وغياب المنهج قد يجعل درأ الشبهةِ في ذاتِها شُبهة إن لم يكن الرد سالِمًا، أو كان الرد مُسلِّمًا بشكلٍ أو بآخر لتطعيمات المستشرقين ومُغالطاتِهِم. وكثيرون ممن انشغل بالذوْد عن كتاب الله هم من الفئِة الدُّعاة الذين درسوا عقائِد النصرانية وكتاباتها ومخطوطاتها، ولم يُكلِّفوا وقْتَهم للدراسةِ المقارنةِ مع كتاب الله، أو كانت قراءاتهم يعوزها الضبط المنهجي والتوجيه. وهؤلاء لا يسْلَمُ أن يحْدُث عِنْدَ بعْضِهِم خلْطٌ بيْن نقْل القرآن الكريم ونقل التوراة والإنجيل.

    والحديث في كتاب اللهِ أمرٌ جلَلْ، والخوْضُ فيهِ بغيْرِ علْمٍ ذنْبُ عظيم، ولو خلُصت النوايا، فمن تكلف ما لا علم له به، وسلك غير ما أُمِر به، فلو أنه أصاب المعنى في نفس الأمر لكان قد أخطأ، لأنه لم يأتِ الأمر من بابه، كمن حكم بين الناس على جهل فهو في النار، وإن وافق حكمه الصواب، فقد ورد فيما رواه الإمام أحمد في مسنده: " من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار"، وأخرج الترمذي من حديث جندب بن عبدالله ـ رضي الله عنه ـ قال: "من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ".

    وقال ابن تيمية: "فإن من الناس من يكون عنده نوع من الدين؛ لكن مع جهل عظيم، فهؤلاء يتكلم أحدهم بلا علم؛ فيخطئ، ويخبر عن الأمور بخلاف ما هي عليه خبرا غير مطابق، ومن تكلم في الدين بغير الاجتهاد المسوغ له الكلام، وأخطأ، فإنه كاذب آثم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلّم في الحديث الذي في السنن عن بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «القضاة ثلاثة: قاضيان في النار، وقاض في الجنة؛ رجل قضى للناس على جهل فهو في النار، ورجل عرف الحق وقضى بخلافه فهو في النار، ورجل علم الحق فقضى به فهو في الجنة». فهذا الذي يجهل وإن لم يتعمد خلاف الحق فهو في النار، بخلاف المجتهد الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلّم: «إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر». فهذا جعل له أجرا مع خطئه؛ لأنه اجتهد فاتقى الله ما استطاع، بخلاف من قضى بما ليس له به علم، وتكلم بدون الاجتهاد المسوّغ له الكلام؛ فإن هذا كما في الحديث عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار» وفي رواية: «بغير علم» وفي حديث جندب عن النبي صلى الله عليه وسلّم: «من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ، ومن أخطأ فليتبوأ مقعده من النار» وفي الصحيحين عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن يقبضه بقبض العلماء، فإذا لم يبق عالما؛ اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا؛ فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلّوا» وفي رواية للبخاري: «فأفتوا برأيهم» وهذا بخلاف المجتهد الذي اتقى الله ما استطاع، وابتغى طلب العلم بحسب الإمكان، وتكلم ابتغاء وجه الله، وعلم رجحان دليل على دليل، فقال بموجب الراجح، فهذا مطيع لله مأجور أجرين إن أصاب، وإن أخطأ أجرًا واحدًا. والمقصود أن من تكلم بلا علم يسوغ وقال غير الحق يسمى كاذبًا" .اهـ. (ابن تيمية"الإخنائية"، ت. العنزي، دار الخراز - جدة. ص. 105-107).

    فالواجب على المُسْلِمِ اتباع المنهج والسبيل الصحيح، على بصيرةٍ وبيِّنة، ويتجنب القول بالظنِّ، وسبيل الحق أبلَج، والوسائِل لا تُصْلِحُها أو تُبررها الغايات إلا في حدودٍ وضوابِطَ ليْس هذا محلُّها. قال الله تعالى " قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ". كما أن اتباع العِلْم واجب، وكل قولٍ تقولُه في درأ شبهةٍ أو تفسيرٍ او تأويلٍ أو ادعاءٍ فأنت ستُساءَلُ عليْهِ امام الله، قال تعالى : ( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ) الإسراء/ 36 . قال ابن كثير رحمه الله : " قَالَ قَتَادَةُ: لَا تَقُلْ : رَأَيْتُ ، وَلَمْ تَرَ، وَسَمِعْتُ ، وَلَمْ تُسْمع ، وَعَلِمْتُ ، وَلَمْ تَعْلَمْ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُكَ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ " وَمَضْمُونُ مَا ذَكَرُوهُ : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَهَى عَنِ الْقَوْلِ بِلَا عِلْمٍ ، بَلْ بِالظَّنِّ الَّذِي هُوَ التَّوَهُّمُ وَالْخَيَالُ " انتهى من "تفسير ابن كثير" (5/ 75) . وقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: " لَا تتكلّم بِالْحَدْسِ وَالظَّنِّ " انتهى . "تفسير البغوي" (5/ 92) . وقال السعدي رحمه الله : " أي: ولا تتبع ما ليس لك به علم، بل تثبت في كل ما تقوله وتفعله، فلا تظن ذلك يذهب لا لك ولا عليك " انتهى من "تفسير السعدي" (ص 457) .


    فبدًلا من أن أفنِّد شبهةً ساقطةً واهية أو شُبهات، ارتأيْتُ أن أضع منهجًا تعليميًّا، وتأصيلًا لا يجوزُ للداعيةِ الميْلُ عنه. وهو سبيل الحق وسبيل السلفِ الذي يسعنا ما وسعهم. واعتمدتُ في طرْحِه مؤلفات السلَفِ والخلف مما صحّ وثبُت وعليْهِ الدليل من كتاب الله وسنةِ نبيِّه. وآثرتُ ان أقدِّمهُ في صورةِ محاضرة او مباحِث وأبواب. وكل مبحثٍ متبوع بالنقاط الواجب العلم بها مع أسئِلةٍ وتدريباتٍ عمليّةٍ نافعة للدعاةِ على الإنترنت.

    يتبع
    "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
    رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
    *******************
    موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
    ********************
    "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
    وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
    والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
    (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

  • #2
    جزاكم الله خيراً
    متابعة

    تعليق


    • #3


      الباب الأول: النقل الشفاهی لنص القرآن الكريم من جبريلَ إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلى أمته




      الخطوط العريضة التي نتعلّمها في هذا الباب
      • معاني القرآن لغةً دالةً على وجوب تلقيهِ اقراءًا
      • القرآن لم يؤْخذ من جبريلَ عليْهِ السلام إلا بالتلقي الشفاهي
      • الأصل في نقْلِ القرآن الكريم هو النقل الشفاهي من النبي إلى أصحابِه وإلى يومِنا هذا.
      • سبُلُ نقل القرآن الكريم وحِفْظِهِ هو التلقي والعرض.
      • تدوينُ القرآن الكريم زيادة احتياطٍ بعد التلقي والحِفْظ منذ لحظةِ وحْيِه.
      • القرآن نُقِل مقروءًا، حفظًا في الصدور بالتواتر.


      في هذا الباب نتعلّم أن الأصل في القرآن أن يكونَ مقروءًا لا مكتوبًا، والقراءة يعني القراءة المحفوظة في الصدور، فنحن عندما نتعلم القرآن ننطلق من المقروء، وهذا واجب في تلقي القرآن الكريم وحِفْظِه ولا يجوزُ الاعتماد على غيرهِ من طُرُق الحِفْظِ كالكِتابة. فالقرآنُ تلقاه النبي صلى الله عليه وسلّمَ مشافهةً من جبريل عليْهِ السلام، كما كان الأمر عند الصحابة الذين تلقوا القرآن مشافهة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولم يأخذوه من كتاب، لذا نقول: هم ينطلقون مما يسمعونه من الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ثم يُكتب بعد ذلِك من هذا المحفوظ في الصدور.

      الفصل الأول: معاني القرآن لغةً دالةً على وجوب تلقيهِ اقراءًا وتدوينِهِ كتابةً.
      الفصل الثاني:
      سبُلُ نقل القرآن الكريم وحِفْظِهِ هو التلقي والعرض.
      الفصْل الثالث: القرآن لم يؤْخذ من جبريلَ عليْهِ السلام إلا بالتلقي الشفاهي
      الفصل الرابع: الأصل في نقْلِ القرآن الكريم هو النقل الشفاهي من النبي إلى أصحابِه.
      الفصْل الخامِس: وجوبُ نقل القرآن من الصحابةِ إلى الأمة نقلًا شفاهيًا وتجريمِ نقل المصاحِف
      الفصْل السادس: تجريم النقل والحِفظ من المصاحِف حِرزًا من التصحيف والتحريفِ واللحن.
      الفصل السابع: طبقة العارضين على النبي صلى الله عليْه وسلّم مباشرة .
      الفصل الثامن: طبقة العارضين على الذين عرضوا على رسول الله صلى الله عليْه وسلّم مباشرة.

      الفصل التاسع: صور تبليغ النص القرآنی شفاهية بغير عرض .
      الفصل العاشر: الذين استظهروا القرآن كله في حياة النبي صلى الله عليْه وسلّم.
      الفصل الحادي عشر: مقرئو العامة
      الفصل الثاني عشر: صورة استفاضة قراءة القرآن في الأمة
      الفصل الثالث عشر: الأئمة العشرة ومعنى نسبة القراءات إليهم، وأساس تخصيصهم
      الفصل الرابع عشر: أسناد وصول قراءة القرآن الكريم إلى الأئمة العشرة الذين اعتمدتهم الأمة .
      الفصل الخامس عشَر: سر تعدد القراءات، ومداه .

      "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
      رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
      *******************
      موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
      ********************
      "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
      وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
      والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
      (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

      تعليق


      • #4

        الفصل الثاني: سبُلُ نقل القرآن الكريم وحِفْظِهِ هو الإجازةُ بالتلقي من الصدور والعرض

        اعتمَد نقل القرآنِ على التلقِّي من حِفْظِ الصدور "بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم" استظهارًا بالقلبِ، بأن يتلقّاهُ القارىء من المُقْرِىء المُسْنَدِ لا الْمُصْحَفِيِّ.

        والمقصود بالحِفظ: أن يكون نصّه-کما أنزل - مستظهرا في قلوب الأمة المحمدية. ومعنی استظهار القرآن: حفظه عن ظهر قلب، بحيث يقرؤه المستظهر دون تطلع في المصحف أو تلقین . والمقصودُ بالمقرئ كما عرّفهُ ابن الجزري: إنه العالم بالقراءات رواها مشافهة فلو حفظ التيسير مثلًا ليس له أن يقرئ بما فيه إن لم يشافهه مسلسلًا، لأن من القراءات أشياء لا تحكم إلا بالسماع والمشافهة.

        والمقصود بالمُسْنَد : أي من أخذ القراءة حِفْظًا في الصدورِ عن شيخه بالسند المتصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومن هنا جاءت الإجازة القرآنية . فيستحيل أن تجِد حافِظًا للقرآن الكريم مُجازًا بالإقراء ولايحمِل إجازة -أي سندًا متصلُا- للنبيِّ يُبيِّنُ فيهِ عمّن أخذ القراءة وتلقّاها وعرضها غيْبًا عن ظهر قلب. وهذه الإجازة منذ نزول القرآن الكريم وحتى يومِنا هذا في القرن الواحد والعشرين وإلى ان يرِث اللهُ الأرضَ ومن عليها، فلا يحِل لأحدٍ أن يأخذ القرآن من الصُّحُفِ والمصاحِفِ بل إجازةً بالتلقِّي والعرض.

        فما هي الإجازة؟

        لاحِظ أن ما يُسمّى بالسند المُتّصِلِ عند أهل الحديثِ فإنهُ عند أهل القرآن يُسمّى بالإجازة، فإذا قالوا فلانٌ مُجاز فإن هذا يعني أنه لديْهِ سندٌ صحيحٌ للنبي صلى الله عليْهِ وسلّم بأنه يقرأ ويؤدي القرآن كما قرأه النبي صلى الله عليْهِ وسلّم، ونُقِل عنه بالسند، وأن شيْخَهُ أجازه بأن يُقرىء غيْرَه.

        ونعرِض هنا كمثال إجازة الشيْخ مشاري العفاسي، والتي تشْهَدُ بأنّهُ قرأ القرآن الكريمَ غيْبًا عن ظهْرِ قلْب ترتيلًا وتجويدًا بروايةِ حفْصٍ عن عاصِم من طريقِ الشاطبيّةِ على الشيْخِ أحمد عبدالعزيزِ الزيّات والذي يذكُر كامل اسنادِهِ وأخذِهِ لها غيْبًا وإسناد تلقيهِ وعرضِهِ، اسْمًا، اسْمًا، بمن اقرأوه وحفِظ عنهم وعرضَ عليْهِم، وصولًا إلى أبي عبدالرحمن السلمي عن الصحابةِ الخمسةِ عن النبي صلى اللهُ عليْهِ وسلّم. وهذه الإجازة منذ نزول القرآن الكريم وحتى يومِنا هذا في القرن الواحد والعشرين وإلى ان يرِث اللهُ الأرضَ ومن عليها، فلا يحِل لأحدٍ أن يأخذ القرآن من الصُّحُفِ والمصاحِفِ بل إجازةً بالتلقِّي والعرض.

        اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image.png 
مشاهدات:	177 
الحجم:	1.08 ميجابايت 
الهوية:	810226



        وأركان الإجازة هذه أربعة يجِب أن توجد في كُل إجازة وهي المُجيزُ والمُجازُ له، والمُجازُ بِهِ، ولفظُ الإجازة. فإذا أردنا أن نُوضِّحها من الإجازة أعلاه فنجِد أن:
        .
        المُجيز ( أحمد عبدالعزيز بن أحمد بن محمد الزيات)
        والمُجاز لهُ (مشاري بن راشِد العفاسي).
        والمُجازُ بِهِ فهو (اقراء القرآن عن ظهر قلب ترتيلا وتجويدًا بروايةِ حفصٍ عن عاصم من طريق الشاطبية .. في أيِّ مكانٍ حلّ وأي قُطْرٍ نزل).
        ولفظُ الإجازةِ (فطلب مني الإجازة فأجزته بذلِك .. وقد أجزْتُهُ إجازة صحيحة بشرْطِها المعتبر عند علماء الأثر، وأذِنت له أن يقرأ ويُقرىء بها)
        فائِدة: يجِبُ أن يكتب الشيخُ اسمَه واسْمَ الطالِبِ كاملًا؛ بحيثُ يَذكر كنيتَه إن وُجِدَ، واسمَه واسمَ أبيه وجده أو أكثر-مع مراعاةِ الفصل بين الأسماء بـ (ابن)؛ وذلك لتمييز الأسماء المركَّبة-، ولقبه.

        فائِدة: وإن كان ثمة ملاحظاتٌ على الطالب فإنه يذكُرُها؛ وذلك كأن يكون في المُجازِ عيبٌ خِلْقيُّ في حرفٍ معيَّنٍ، أو نحو ذلك.

        فائِدة: من يقرأ القرآن او يحفظه من المصحف او الصوتيات فهذا لا يطلق عليه قارئاً، إنما القارئ من يتلقى القرآن مشافهة بالإجازة والتلقي والعرض.


        وهكذا نجِدُ أن ملايين الحُفّاظِ المتقنين، اليومَ، لديهم هذه الإجازات، وهو الحالُ نفْسُهُ بالأمس وكُلّ قرنٍ من القرون، وحتى زمان الصحابةِ لابد لهم من هذه الإجازة والإسْناد. فالأمة تلقت القرآن بهذه الأسانيد المتواترة طوال هذه القرون التي مرت بطريق التلقي الشفاهي، ونظرا إلى أن النص القرآنی منزل من عند الله تعالى، فإنه لم يكن متاحًا للاستظهار إلا بتلقيه عن البشري الوحيد الذي أنزل عليه القرآن ليبلغه إلى سائر البشر (وهو محمد صلى الله عليْه وسلّم). ونظرة إلى قداسة النص الكريم وخطره العظيم، من حيث إنه سيكون محور التشريع لحياة البشر= فقد لزم أن يقترن في الحلقات الأولى لتلقيه بعرض يوثق سلامة ذلك التلقي ومن هنا فسنقف وقفة لبيان معنى (التلقي) ، وأخرى لبيان معنى (العرض).

        وأسانيد هذه القراءات موجودة في آلاف الكتب المخطوطةِ التي طُبِع بعضها، اسانيد التلقي والسماع والعرض.

        ماهو التلقي والعرض؟

        التلقي هو الأخذ والقبول والتلقُّن مع الفهم، كما في قَوْلِهِ تَعَالَى:" فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ"، ومنه الحديث أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "كان يتلقى الوحي من جبريل عليه السلام"، أي: يتقبله ويأخذه. فالنبى هو الذي تلقى الكتاب عن اللهِ وأُنْزِل عليْهِ، وأتباعه هم الذين تلقوا الكتاب عن النبي وأُنْزِلَ إليهم، ولهذا كان خطاب النبي: «قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا» وكان خطاب أتباعِه: «قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا»، و «علينا» فيها الدنوّ والمباشرة، بخلاف «إلينا» وما فيها من بعد ومجاوزة.

        والتلقي لا يكون إلا بالإستِماع و الإنصات ... لِذا فمِن أهم العِبادات هو التعبد بالاستماع و الإنصات إلى القرآن الكريم " وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعلَّكُمْ تُرْحمُونَ" . فالاستماع يكون بالقاء السمع والاجتهاد في عدم التشاغل بشاغل كما تلوّح به صيغة الأمر(استمعوا) . والإنصات وهو ترك الكلام بالكلية حتى لايكون هناك أدنى مايشغل عن التلقي.

        وأول خطوات طلب علم القرآن الكريم هو تلقيهِ على شيخ مشافهةً، فإن لم يكن مشافهةً لم يُسِمّ تلقياً؛ على أن يكونَ صوتُ الشيْخِ المُقرىء مسْموعًا بوضوحٍ، لأن المشافهة أن تتلقى عن الشيخ، وليس فقط من صوته، بل أن تتلقى بنظرِك، وبعينيك وبلحظك أيضاً، فهناك من صفات الحروف ومن أحكام التجويد ما يُدْرَكُ بالنظر، ولذلك منع العلماء أن يتلقى أعمى عن أعمى، لأن هناك أحكاماً لا تفهم إلا بالنظر، مثل: الروم والإشمام، ونحو هذه الأشياء، فلابد من النطق بالحرف مع النظر إلى كيفية نطقه، ومعرفة كيف يخرج الحرف مرققاً، وكيف يخرج مفخماً، وهذه لا تدرك إلا بالنظر إلى الشيخ.

        العرْض:
        والعرض هو ان يقرأ الحافظ على شيْخِهِ ما حفظه وسمعه منه، او كما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم القرآن على جبريل عليه السلام. فهذه هي سنة النبي صلى الله عليه وسلم، في تعلم القرآن الكريم وتعليمه، فقد تلقاه عن جبريل عليه السلام عرضا وسماعا، وأخرج البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن جبريل يعارضني بالقرآن في كل سنة، وإنه عارضني العام مرتين" ومعنى هذا أن جبريل يعرض القرآن والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع، ثم النبي صلى الله عليه وسلم يعرض القرآن وجبريل يسمع، ودل على هذا حديث أبي هريرة رضي الله عنه في فضائل القرآن من الصحيح أيضا:" كان يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كل عام مرة، فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه" ففي هذه الرواية عرض جبريل القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم. وكذلِك القراء والحُفّاظ قد ينظرون في المصحف للعرض علي شيوخهم، وقد يعرضون عليهم من صدورهم. فالقرآن أخذ من الصدور، وجاءت السطور تأكيداً له "بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم" (العنكبوت/49).
        "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
        رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
        *******************
        موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
        ********************
        "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
        وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
        والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
        (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

        تعليق


        • #5

          الفصْل الثالث: القرآن لم يؤْخذ من جبريلَ عليْهِ السلام إلا بالإقراء والتلقي الشفاهي

          وقد عرفنا في الفصْلِ السابِقِ أن الأصل في حِفْظِ القرآن ونقْلِهِ هو التلقي الشفهيّ، وهو الأصلُ الذي تلقّى بهِ النبيُّ صلى الله عليْهِ وسلّم القرآن، وعليْهِ أمته إلى ان تقومَ الساعه. ودليلُ ذلِك من كِتاب الله هو قوله تعالى "وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ". وقوله لَتُلَقَّى من التلقي بمعنى الأخذ عن الغير، والمراد به جبريل- عليه السلام-.أى: وإنك- أيها الرسول الكريم- لتتلقى القرآن الكريم بواسطة جبريل- عليه السلام- من لدن ربك الذي يفعل كل شيء بحكمة ليس بعدها حكمة، ويدبر كل أمر بعلم شامل لكل شيء. ودليلُهُ كذلِك قوله تعالى: "إنا سنُلقي عليكَ قولاً ثقيلا"، وقولُهُ تعالى: "نزل به الروح الأمين على قلبِكَ ".

          وقد حرص النّبي صلّى الله عليه وسلّم على تلقّي الوحي وعلى حفظه ومتابعته، وكان يردّده في مبدأ الأمر أثناء التّلقي، فيبادر إلى حفظه وترداده، فقد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم أميًا لا يقرأ ولا يكتب وكان حريصا على حفظ ما ينزل عليه حرصا جعله يسابق الملكَ في قراءته، ويحرّك شفتيه ولسانه بالقرآن، إذا أنزل عليه، قبل فراغ جبريل من قراءة الوحي، فنزل أمرُ اللهِ لهُ: " وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ". وأرشده الله تعالى إلى ضرورة الإصغاء له أولا، ثم يكون التثبيت والحفظ في القلب من فعل الله تعالى، قال تعالى " لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إنّا عليْنا جمعهُ وقُرْآنَه"، إن علينا جمعه في صدرك، حتى لا يذهب عليك منه شيء، وعلينا إثبات قراءته في لسانك على الوجه القويم، فإذا أتممنا قراءته عليك بلسان جبريل عليه السّلام، فاستمع له وأنصت، ثم اقرأه كما أقرأك، وكرره حتى يرسخ في ذهنك. وأخرج البخاري ومسلم وأحمد، عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا أنزل الوحي، يحرّك به لسانه، يريد أن يحفظه، فأنزل الله: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ". ، وكان صلى الله عليه وسلم يخشى أن ينسى شيئا من القرآن، فتكفل الله عز وجل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم برفع مشقة استظهار القرآن وحفظ قلبه له فلا ينسى ما يُقرؤه ربه فقال تعالى: "سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى"، وهكذا تكفل الله عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم بحفظه وجمعه في صدره حتى لا يضيع منه شيء.

          ولم يكُن الوحي مُجرّد التلقي وتبليغ النبي صلى الله عليه وسلّم فقط بل مدارسة أيْضًا مع جبريل عليه السلام بالعرضِ عليْهِ، فكان يقرأه النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل عليه السلام في كل عام مرة حتى يزداد ثبات قلب النبي صلى الله عليه وسلم به ، وليطمئن جبريل عليه السلام أكثر على ما بلغه به. أخرج البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : « كان النبي صلى الله عليه وسلم أجودَ الناس بالخير ، وأجود ما يكون في شهر رمضان ؛ لأن جبريل كان يلقاه في كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ ، يَعْرِضُ عليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم القرآنَ ، فإذا لقيه جبريلُ كان أجودَ بالخير من الريح المرسلة ». ( الحديث أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن ، باب كان جبريل يعرض القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم. صحيح البخاري ج6 - ص101، 102).

          وعندما دنا أجل النبي صلى الله عليه وسلم عارضه جبريل بالقرآن مرتين فقد ورد في صحيح البخاري : قال مسروق عن عائشة رضي الله عنها ، عن فاطمة عليها السلام : « أسَرّ إليَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن جبريل يعارضُني بالقرآن كلَّ سنة ، وأنَّه عارضني العام مرتين ، ولا أُراهُ إلاّ حضر أجلي » (صحيح البخاري ج6 - ص 101 في كتاب فضائل القرآن ، باب كان جبريل يعرض القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم). وأخرج البخاري عن أبي هريرة قال : « كان يَعْرضُ على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كل عام مرةً ، فعرضَ عليه مرتين في العام الذي قبض ، وكان يعتكف كلَّ عام عشرا ، فاعتكف عشرين في العام الذي قبض » . الحديث أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن ، باب كان جبريل يعرض القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم. صحيح البخاري ج6 - ص 102 .


          كيْفيّةُ تلقِّي الوحي:

          (أ) أن يتلقى النبي صلى الله عليْه وسلّم القرآن من جبريل عليه السلام (وجبريل عن رب العزة سبحانه وتعالى). وقد جاء في عدة روایات صحيحة لأحاديث نزول القرآن على سبعة أحرف قوله صلى الله عليْه وسلّم « أقرأني جبريل القرآن...» (تفسير الطبري تح الشيخين أحمد ومحمود شاكر (المعارف) 1/ 29، 31). وإقراء جبريل نبينا محمد القرآن قد یکون بالكيفية التي ذكرها النبي صلى الله عليْه وسلّم في حديثه عن كيفيات الوحي (وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي مايقول) (صحيح البخاري (الشعب) 1/ 2-3) فهذه الصورة للتلقي كصورة التلقي البشري أي نقل البشر العبارة عن بشر سماعًا منه - كما هو واضح .

          (ب) أن يأتيه الوحي في مثل صلصلة الجرس فتستولي على قلبه حالة الوحي ثم تفصِم عنه وقد وعى له ما أوحي إليه. وهذه الكيفية هي التي جاءت في قوله صلى الله عليْه وسلّم عن كيفية أخرى - للوحي (أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشده علي فيفصم عني وقد وعيْت عنه ماقاله) (صحيح البخاري (الشعب) 1/ 2-3) فهذا تلقٍ بالسكب في القلب.

          ولئن كان ذكر اسم جبریل - عليه السلام - في قوله تعالى (قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله) (البقرة ۹۷) وقوله تعالى "نزل به الروح الأمين علی قلبك لتكون من المنذرین" (الشعراء- 154) يوجه الآيتين إلى الكيفية الأولى، فإن ذكر القلب فيهما يجعلهما تتسعان للكيفية الثانية. وليس تفصيل الكيفية (ينظر الإتقان للسيوطي في كيفيات الوحي وهو فصل من النوع السادس عشر) شغلنا هنا .
          فائِدة: تلقِّي النبي صلّى اللهُ عليْهِ وسلّم القرآنَ بالقلبِ (حِفْظًا واسْتِظهارًا) وليس من جنس رؤية الصور بالعين، ولا هو من جنس قراءة المكتوب كما في حالة إنزال التوراة على موسى ألواحا مكتوبة. وبرغْمِ وصفِهِ بالكتاب فإن الله بيّن أنه يؤخَذُ بالتلقي (وما كنت ترجو أن يُلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك).

          "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
          رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
          *******************
          موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
          ********************
          "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
          وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
          والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
          (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

          تعليق


          • #6

            الفصل الرابع: الأصل في نقْلِ القرآن الكريم هو النقل الشفاهي من النبي إلى أصحابِه
            ثم تأتي مرحلة تلقين الصحابة لهذه الآيات بعد تلاوةِ النبيِّ عليْهِم، وهو قوله: «وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ»ـ وتعليم الكتاب وتلقينه يكون بعد التلاوة، قال تعالى: (رَسُولٌ مِنْ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفًا مُطَهَّرَةً)، وفي دعوة ابراهيم واسماعيل عن نبي الأمة «يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ» يبلغهم كلامك الذي توحيه إليه «وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ» يبين لهم معانيه وحقائقه ودلائل التوحيد والنبوة والأحكام. فذكر التلاوة "يَتْلُوا" قبل العلم "وَيُعَلِّمُهُمُ".


            خصائِص التلقينِ النبوي للقرآن:


            1- التبليغ والإقراء كما سمِعَه:
            فليس للرسول صلى الله عليه وسلم من أمر هذا القرآن إلاَّ تبليغه للناس كما سمعه ، دون أي تغيير ، وهذا ما أشار إليه الحديث بدقة بقوله: ( فإذا انطلق جبريل قرأه النبي صلى الله عليه وسلم كما قرأه جبريل ). وقرأ النبي القرآن الكريم على أصحابه ، فحفظه منهم من حفظ، وكتبه منهم من كتب ، قال أبو شامة ( ت 665هـ) : (( وحفظه في حياته جماعة من أصحابه، وكل قطعة منه كان يحفظها جماعة كثيرة ، أقلهم بالغون حد التواتر .)).


            2- اقراء النبي القرآنَ للصحابةِ بالتلقي من فمِه الشريف:
            فقد باشر النبي صلى الله عليه وسلم تعليم المسلمين القرآن بنفسه ، وأمره الله عز وجل بأن يقرأه على الناس على مكث ، أي : تؤدَة وتمهل ، كي يحفظوا لفظه ويفقهوا معناه . كما قال تعالى { وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} (الإسراء : 106 ). وأخرج البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال : "والله لقد أَخذتُ من فيّ -فم- رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة". (أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن ، باب القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم . صحيح البخاري ج6 - ص102). وأخرج عنه أنه قال : « كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنْزِلتْ عليه والمرسلات ، وإنا لنتلقَّاها من فِيه (فمِه)» (أخرجه البخاري في كتاب التفسير تفسير سورة والمرسلات صحيح البخاري ج6 - ص77.).


            3- مباشرةُ تعليمِهِم القرآنَ بنفسِه:
            وأخرج الإمام أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا القرآن ، فإذا مَرّ بسجود القرآن سجد وسجدنا معه » . (الحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج2 - ص157). وأخرج مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنا التشهد كما يُعَلِّمنا السورة من القرآن » وفي رواية ابن رُمْح « كما يُعَلِّمنا القرآن » (أخرجه مسلم في كتاب الصلاة ، باب التشهد في الصلاة . صحيح مسلم ج1 -ص302 ، 303 ، رقم 60 .). وأخرج البخاري عن جابر بن عبد الله قال : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنا الاستخارة في الأمور كما يُعَلِّمُنا السورة من القرآن » . (أخرجه البخاري في كتاب التهجد بالليل ، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى . صحيح البخاري ج2 - ص51 .). وقال أُبي بن كعب: رحت إلى المسجد فسمعت رجلاً يقرأ فقلت:من أقرأك ؟ فقال:رسول الله "صلى الله عليه وآله"


            4- تعضيدُ التلقي بالتدوينِ الفوري:
            و كان صلى الله عليه و سلم إذا ما انتهى الوحي تلا الآيات التي نزلت و أمر كتبة الوحي بكتابتها بين يديه فيكتبوها، و كانوا يكتبون على الرقاع والعسب واللخاف والعظام. وكان يضع بنفسه أماكِن الآيات، عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزلت عليه سورة دعا بعض من يكتب فقال: "ضعوا هذه في الموضع الذي يذكر فيه كذا وكذا". بل لم يكُن يترُك رسول الله الكاتِب حتى يقرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلّم و يُعيد عليه ما كتب : فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلّم يأمر الكاتب أن يقرأ عليْهِ ما كتب حتى يقوِّم ما قد يكون من زلل فى حرف. ومن أدِلّة ذلك ما رُوي عن أن النبى صلى الله عليه وسلم لما أمر بكتابة قوله تعالى: (لا يستوى القاعدون من المؤمنين والمجاهدون فى سبيل الله). وكان ابن أم مكتوم الأعمى حاضرا يسمع فقال: يارسول الله فما تأمرنى؟ فإنى رجل ضرير البصر، فنزلت مكانها: {لا يستوى القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر}. وقد ورد عن زيد بن ثابت انه قال "كنت اكتب الوحى عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يملى على فإذا فرغت قال اقرأه فأقرؤه فان كان فيه سقط أقامه".

            وكان من عنايتِهِ بكتابة القرآن أن أمر صحابته من غير الكتبة ان يكتبوا القرآن ويتعلموه فقال " لا تكتبوا عني شيئا غير القرآن ومن كتب شيْئاً فليَمْحُه ". واشترَط تعليم أسْرى بدْر الكتابة مقابل ان يفدي الاسير نفْسَه. أما الصحابة رضوان الله عليهم فقد كان منهم من يكتبون القرآن ولكن فيما تيسر لهم من قرطاس أو كتف أو عظم أو نحو ذلك بالمقدار الذي يبلغ الواحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولم يلتزموا توالي السور وترتيبها وذلك لأن أحدهم كان إذا حفظ سورة أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أو كتبها ثم خرج في سرية مثلا فنزلت في وقت غيابه سورة فإنه كان إذا رجع يأخذ في حفظ ما ينزل بعد رجوعه وكتابته ثم يستدرك ما كان قد فاته في غيابه فيجمعه ويتتبعه على حسب ما يسهل له فيقع فيما يكتبه تقديم وتأخير بسبب ذلك. وقد كان من الصحابة من يعتمد على حفظه فلا يكتب. وسيأتي تفصيلُهُ في الباب الثاني الفصْل الأول.


            5- تعلُّمٌ وتدبُّرٌ وعملٌ بما فيها عشر آياتٍ بعشْرِ آيات:
            وأخرج الطبري عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : "حدثنا الذين كانوا يقرئوننا : أنهم يستقرئون من النبي صلى الله عليه وسلم ، فكانوا إذا تعلّموا عشر آيات لم يُخلِّفوها حتى يعلموا بما فيها من العمل ، فتعلّمنا القرآن والعمل جميعا". (أخرجه الطبري في تفسيره ج1 - ص36 ، والإمام أحمد بنحوه في المسند ج5 -ص 410 .).


            6- المُناوبةُ في التحصيلِ حتى لا يفوتُ العلم والعمل بالآيات:
            وكان الصحابة رضوان الله عليهم إذا عجز أحدهم عن تفريغ وقت لتحصيل القرآن الكريم مباشرة من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم أناب عنه من يُحصِّلُ عنه، فأخرج البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : كنت أنا وجارٌ لي من الأنصار في بني أمية بن زيد - وهي من عوالي المدينة - وكنا نتناوبُ النزولَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل يوما وأنزل يوما ، فإذا نزلتُ جئتهُ بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره ، وإذا نزل فعلَ مثل ذلك. ( أخرجه البخاري في كتاب العلم ، باب التناوب في العلم ، صحيح البخاري ج1 - ص31).


            7- عرض الصحابةِ على النبيِّ صلى الله عليْهِ وسلّم:
            وكانوا يعرضون على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن ويقرؤونه عليه ، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : "اقرأ عليّ ، قلتُ : اقرأ عليك وعليك أنزل ؟ قال : فإني أحب أن اسمعه من غيري ، فقرأت عليه سورة النساء حتى بلغت { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا } قال : أمسك ، فإذا عيناه تذرفان » ( أخرجه البخاري في كتاب التفسير ، تفسير سورة النساء باب ( فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ) صحيح البخاري ج5 - ص180 .).


            8- الحثُّ على المُدارسةُ في المساجِد وحلقاتِ العلم (سنةُ الكتاتيب):
            عن عقبة بن عامر الجهني قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلمونحن في الصفة فقال : ( أيكم يحب أن يغدو إلى بطحان والعقيق فيأخذ ناقتين كوماوين زهراوين بغير إثم بالله ولاقطع (قطيعة) رحم ؟ ) قالوا : كلنا يا رسول الله ، قال : (فلئن يغدو أحدكم كل يوم إلى المسجد فيتعلم آيتين من كتاب الله خيرا له من ناقتين وإن ثلاث فثلاث مثل أعدادهن من الإبل). رواه مسلم. حتى أصبح مسجد الرسول عامراً بتلاوة القرآن ، يضج بأصوات القراء ، فأمرهم رسول الله عليه وسلم أن يخفضوا أصواتهم لئلا يتغالطوا . وقال (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده). (صحيح مسلم)


            9- الحِرْصُ على تعليمِ من فاته الدرْس أو لم يكن حاضرًا لحظةَ نزولِ الوحي:
            وكان كل حافظ للقرآن ينشر ما حفظه ، ويعلمه للأولاد والصبيان والذين لم يشهدوا نزول الوحي ، بل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يدفع كل مهاجر جديد إلى أحد الحفاظ ليعلمه حفظ القرآن الكريم ، فشاع حفظه بين الرجال والنساء.


            10- توجيه بعْضِ الحُفّاظِ إلى البلدان ليُعلموا الناس تلاوة القرآن(شفاهًا): وكان " صلى الله عليه وآله وسلم، يباشر بنفسه تعليم المسلمين القرآن بالإضافة إلى تعليم بعضهم بعضاً ، وقد أرسل الصحابة إلى الأمصار ممن أسلموا حديثًا ليعلموهم القرآن.


            11- تبيان فضل من تعلّم وعلّم القرآن وتلاه وحفِظَه:

            ( أ ) جعل الله تعالى لعباده الذين يتعلَّمون كتابهُ فضلًا كبيرًا وثوابًا عظيمًا، وجعل لمن يعلِّم الناس كتابه أيضًا أجرًا أعظم وأكبر، فهم:
            • خيْرُ الناس قد جاء في الحديث الذي رواه عثمان بن عفان -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه".
            • وسمّاهُم أهل اللهِ وخاصّتُه، فعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله (إن لله تعالى أهلين من الناس . قالوا : يا رسول الله من هم ؟ قال : هم أهل القران أهل الله وخاصته). (صحيح الجامع2165).
            • وجعل القرآن شفيعًا لقُرّاءِه يوم القيامة "اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه".
            • وجعل منزلة القارىء في الجنة بمقدار ما قرأ فعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يقال لصاحب القران اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها). (صحيح الجامع 8122 ).
            • وضاعف الله ثواب قراءة الحرف الواحد من القرآن أضعافاً كثيرة، فقال رسول الله (من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها لا أقول (الم) حرف ولكن: ألف حرف ولام حرف، وميم حرف) (صحيح الجامع 6469).
            • صاحب القرآن يلبس حلة الكرامة وتاج الكرامة، فعن النبي قال : ( يجيء صاحب القرآن يوم القيامة ، فيقول : يا رب حله ، فيلبس تاج الكرامة . ثم يقول : يا رب زده فيلبس حلة الكرامة ، ثم يقول : يا رب ارض عنه ، فيقال اقرأ وارق ويزاد بكل آية حسنة ) .(حسن) (صحيح الجامع8030).
            • القرآن يرفع صاحبه: قال عمر : أما إن نبيكم قد قال : ( إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين ) . (صحيح مسلم) (يرفع بهذا الكتاب): أي بقراءته والعمل به (ويضع به) : أي بالإعراض عنه وترك العمل بمقتضاه.
            • فضل الماهر بالقرآن مع السفرةِ الكرام، والذي يتتعتعُ فيه له أجران: فعن النبي قال : (مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام ، ومثل الذي يقرأ وهو يتعاهده ، وهو عليه شديد فله أجران) . (البخاري ومسلم).
            • سماعُ اللهِ لمن يقرأ القرآن: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ ، يَجْهَرُ بِهِ) رواه البخاري (6989) ومسلم (1319). والأَذَن : الاستماع . والمعنى : ما استمع الله لشيء كسماعه لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به ، وهو سبحانه وتعالى يسمع أصوات العباد كلهم برهم وفاجرهم ، ولكن استماعه لقراءة عباده المؤمنين أعظم ؛ كما قال تعالى : ( وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ) الآية ، ثم استماعه لقراءة أنبيائه أبلغ ؛ كما دل عليه هذا الحديث.
            • يُباهي الله بالمجتمعين في حلقةِ القرآن الملائِكة: الله تعالى يباهى بالمجتمعين على القرآن الملائكة أن الرسول خرج على حلقة من أصحابه فقال : ( ما يجلسكم ؟ ) فقالوا : جلسنا نذكر الله تعالى ونحمده على ما هدانا الإسلام ، ومن علينا به . فقال : (أتاني جبريل عليه السلام فأخبرني أن الله تعالى يباهي بكم الملائكة). (صحيح مسلم) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عليّ إنها ستكون فتنة، فقلت: وما المخرج منها يا رسول الله؟... قال: كتاب الله عز وجل، فيه نبأ ما قبلكم وفصل ما بينكم وخبر ما بعدكم، وهو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم وهو الذي لا تلتبس به الألسن ولا تزيغ به الأهواء ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا يشبع منه العلماء ولا تنقضي عجائبه ، وهو الذي لم يتناه الجن إذ سمعته أن قالوا: { إنا سمعنا قرآنا عجبا } من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن اعتصم به فقد هدي إلى صراط مستقيم.
            • حافِظُ القرآن وقارِئه يؤتى يوم القيامةِ و يوضع على رأسه تاج الوقار، ويكسى والداه حلتين: كما جاء في الحديثِ " إن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه قبره كالرجل الشاحب يقول: هل تعرفني؟ فيقول له: ما أعرفك، فيقول: أنا صاحبك القرآن، الذي أظمأتك في الهواجر، وأسهرت ليلك، وإن كل تاجر من وراء تجارته، وإنك اليوم من وراء كل [تجارة]، قال: فيعطى الملك بيمينه، والخلد بشماله، ويوضع على رأسه تاج الوقار، ويكسى والداه حلتين، لا يقوم لهما أهل الدنيا، فيقولان: بم كسينا هذا؟ فيقال: يأخذ ولدكما القرآن، ثم يقال: اقرأ واصعد في [درج] الجنة وغرفها، فهو في صعود ما دام (يقرأ) هذا كان أو ترتيلا أن النبي «صلى الله عليه وسلم» قال «إن الله تعالى يرفع بهذا الكلام أقواما ويضع به آخرين" رواه مسلم. وعن رسول الله قال (من قرأ القرآن وعمل بما فيه ألبس الله والديه تاجا يوم القيامة ضوؤه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا فما ظنكم بالذي عمل بهذا) رواه أبو داود.
            • المُنشغل بالقرآن عن سؤالِ الله يُعْطى أفضلَ ما أعطي السائلين: ودليلُهُ قول الله سبحانه وتعالى: ( من شغله القرآن وذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين وفضل كلام الله سبحانه وتعالى عن سائر الكلام كفضل الله تعالى على خلقه) رواه الترمذي.

            ( ب ) جعل النبي بمِقْدارِ الحِفْظ من القرآن مهرا للزواج لمن ليْس له مال: حتى إن المرأة المسلمة كانت ترضى سورة من القرآن أو أكثر مهرا لها ، ومما ورد في ذلك ما أخرجه البخاري عن سهل بن سعد قال : « أتت النبيَّ صلى الله عليه وسلم امرأةٌ فقالت : إنها قد وهبت نفسها لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما لي في النساء من حاجة ، فقال رجل: زوجنيها، قال: أعطها ثوبا ، قال لا أجد ، قال: أعطها ولو خاتما من حديد، فاعتلَّ له، فقال : ما معك من القرآن ؟ قال : كذا وكذا ، قال فقد زوجتكها بما معك من القرآن » (أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن ، باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه . صحيح البخاري ج6 - ص108 ).

            ( ج ) صاحِبُ القرآن مُقدّمٌ في اللحْد: كما جاء في حديث جابر رضي الله عنه كان رسول الله يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد ثم يقول : أيهم أكثر أخذاً للقرآن؟ فإذا أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد. (صحيح البخاري).

            ( د ) جُعِل اكرامهم في الدنيا مرتبِطًا بإجلال الله: قال رسول الله ( إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه وإكرام ذي السلطان المقسط ) . (حسن) (صحيح الجامع 2199)

            ( هـ ) وصية النبي بالقرآن: قال طلحة بن مصرف : سألت عبد الله بن أبي أوفى : هل كان النبي أوصى ؟ فقال : لا . فقلت : كيف كتب على الناس الوصية أو أمروا بالوصية ؟ قال : ( أوصى بكتاب الله) . (صحيح البخاري).

            ( و ) حفظ القرآن خير من متاع الدنيا: فعن عقبة بن عامر الجهني قال : خرج علينا رسول الله ونحن في الصفة فقال : ( أيكم يحب أن يغدو إلى بطحان والعقيق فيأخذ ناقتين كوماوين زهراوين بغير إثم بالله ولاقطع (قطيعة) رحم ؟ ) قالوا : كلنا يا رسول الله ، قال : (فلئن يغدو أحدكم كل يوم إلى المسجد فيتعلم آيتين من كتاب الله خيرا له من ناقتين وإن ثلاث فثلاث مثل أعدادهن من الإبل). رواه مسلم
            ​​​
            ( ز ) ذمّ من لم يحفظ القرآن في صدْرِه: إن الرجل الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب.

            نتاجُ المنهجِ النبوي في تعليم القرآن الكريمِ واقراءِه:

            1- كثرة الحُفاظ وتواترهم في زمان النبي صلى الله عليْهِ وسلّم:
            كان من نتيجة ما سبَقَ، أن كثُر الحفاظ في عهد النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخير دليل على كثرة الحفاظ في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قتل منهم في بئر معونة (2) المعروفة بـ "سرية القراء" سبعون رجلا ، كما قتل منهم يوم اليمامة في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه سبعون قارئا .

            2- عدم الحاجة الى المكتوبِ او المصاحِف إلا للتعليم والمُدارسة في المساجِد والكتاتيب او التدوينِ الفوري لحظةَ الوحي (كما سيأتي تفصيلُه في الباب الثاني).

            التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 28 ينا, 2021, 04:36 م.
            "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
            رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
            *******************
            موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
            ********************
            "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
            وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
            والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
            (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

            تعليق


            • #7

              الفصْل الخامِس: وجوبُ نقل القرآن من الصحابةِ إلى الأمة نقلًا شفاهيًا وتجريمِ نقل المصاحِف


              .
              وعَتْ الأمّةِ منذ النبي وصحابتِهِ والى يومنا هذا أنّ المُعوّل عليْه هو المنطوق و المحفوظ في الصدر، وليس المكتوب المحفوظ في الكُتُب، لينتقِل القرآن من صدر الحافِظ المُتقِن لمن يخلُفُه من الحفظة المُتقِنين. يقول الإمام العلامة ابن الجزري رحِمهُ الله في النشْر (النشر في القراءات العشر , لابن الجزري 1/ 6.):
              .
              " إن الاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور لا على حفظ المصاحف والكتب وهذه أشرف خصيصة منّ الله تعالى لهذه الأمة ففي الحديث الصحيح الذي رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال"إن ربي قال لي قم من قريش فانذرهم فقلت له رب إذاً يثلغوا رأسي حتى يدعوه خبزة فقال : إني مبتليك ومبتلٍ بك ومُنْزِلٌ عليك كِتاباً لا يغسله الماء تقْرؤه نائماً ويقظان فابعث جنداً أبعث مثلهم وقاتل بمن أطاعك من عصاك وأنفق ينفق عليك"صحيح مُسلِم , كتاب الجنة، باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة والنار ,4/1741.



              1- لأن القراءةُ سُنّةٌ متّبعة:

              اشتهر عن بعض السلف قولهم: (القراءة سنة متبعة). وقد تواتر هذا المعنى عن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت، وعروة بن الزبير، وعمر بن عبد العزيز، ومحمد بن المنكدر، وعامر الشعبي وغيرهم رضي الله عنهم جميعاً.
              فعن علي بن أبي طالب أنه قال: (إن رسول الله صلّى الله عليْهِ وسلّم يأمركم أن يقرأ كل رجل كما علم).
              وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (إني سمعت القراء فوجدتهم متقاربين فاقرءوا كما علمتم، وإياكم والاختلاف والتنطع).
              وقال زيد بن ثابت: (القراءة سنة).
              وقال أيضاً: (القراءة سنة فاقرءوا كما تجدوه).
              وقال عروة بن الزبير: (إن قراءة القرآن سنة من السنن, فاقرؤوه كما اقرئتموه).
              وقال عمر بن عبد العزيز: (قراءة القرآن سنة يأخذها الآخر عن الأول).
              وقال محمد بن المنكدر: (قراءة القرآن سنة يأخذها الآخر عن الأول).
              وقال عامر الشعبي: (القراءة سنة، فاقرؤوا كما قرأ أولوكم).


              2- لأنهُ سماع وتلقين فلا يحكُمُه قياسُ العربية:

              قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كما في "البخاري" (4415): "(هَيْتَ لك) وإنما نقرؤها كما علمناها". وعن شقيق، عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قرأ {هيت لك} فقال شقيق: إنا نقرؤها (هئت لك) يعني فقال ابن مسعود: (أقرأها كما عُلِّمْت أحب إلي). أخرجه أبو داود (4/38)

              وقال أبو عمرو البصري: "ما قرأت حرفاً من القرآن إلا بسماع واجتماع من الفقهاء، وما قلت برأيي إلا حرفاً واحداً، فوجدت الناس قد سبقوني إليه (وأملي لهم)". أخرجه الداني في "جامع البيان" (1/105). وذكره الهذلي في "الكامل" ص (65) بلفظ (والله ما قرأت حرفاً إلا بأثر إلا قوله: (إِنْ هَذَانِ) فوجدت الناس قد سبقوني إليه). وقال أبو عمرو أيضاً: "لولا أنه ليس لي أن أقرأ إلا بما قد قرىء به لقرأت حرف كذا كذا وحرف كذا كذا". أخرجه ابن مجاهد في "السبعة" ص (48), والداني في "جامع البيان" (1/106)

              وقال الكسائي: "لو قرأت على قياس العربية لقرأت (كبره) برفع الكاف، لأنه أراد عظمه، ولكني قرأت على الأثر". انظر: "جامع البيان" للداني (1/85).

              وقال محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة لمالك بن أنس: لم قرأتم في ص (ولي نعجة وحدة) موقوفة الياء، وقرأتم في (قل يأيها الكافرون) (ولي) منتصبة الياء؟ فقال مالك: يا أهل الكوفة لم يبق لكم من العلم إلا كيف ولم، القراءة سنة تؤخذ من أفواه الرجال، فكن متبعاً ولا تكن مبتدعاً. انظر: "جامع البيان" للداني (1/84)

              وقال القعنبي: قيل لمالك بن أنس: كيف قرأتم في سورة سليمان (ما لي لا أرى الهدهد) مرسلة الياء، وقرأتم في سورة يس (وما لي لا أعبد) منتصبة الياء؟ قال: فذكر مالك كلاماً، ثم قال: لا تدخل على كلام ربنا لم وكيف، وإنما هو سماع وتلقين، أصاغر عن أكابر، والسلام". انظر: "جامع البيان" للداني (1/84)

              وعن شبل بن عباد، قال: "كان ابن محيصن وابن كثير يقرءان (وأن احكم)، (وأن اعبدوا)، (أن اشكر)، (وقالت اخرج)، (قل رب احكم)، (رب انصرني)، ونحوه، فقال شبل بن عباد: فقلت لهما: إن العرب لا تفعل هذا ولا أصحاب النحو، فقال: إن النحو لا يدخل في هذا، هكذا سمعت أئمتنا ومن مضى من السلف". أخرجه الداني في "جامع البيان" (1/82). وانظر: "الكامل" للهذلي ص (52)

              وعن حمزة قال: "قلت للأعمش: إن أصحاب العربية قد خالفوك في حرفين، قال يا زيات: إن الأعمش قرأ على يحيى بن وثاب، ويحيى بن وثاب قرأ على علقمة، وعلقمة قرأ على عبد الله، وعبد الله قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: عندهم إسناد مثل هذا, ثم قال: غلب الزياتون غلب الزياتون". أخرجه الداني في "جامع البيان" (1/82).

              وقال الأصمعي، قال: سمعت نافعاً يقرأ (يقص الحق)، فقلت لنافع: إن أبا عمرو يقرأ (يقض)، وقال: القضاء مع الفصل، فقال: وي يا أهل العراق! تقيسون في القرآن. انظر: "جامع البيان" للداني (1/83)

              3- لأنهُ سماع وتلقين فلا يحكُمُه الكِتابة والرسْم:

              ومن الأدلة التي سنسوقها سيتبيّن:
              1- أن رسْمَ المُصْحَفِ اصطُلِحَ عليهِ ليكونَ معينًا للقراءة وليْس حاكِمًا عليها.
              2- أن القراءة المتواترة بالتلقي ولم تُرسَم في المُصْحَفِ حاكِمةٌُ على المرسوم.
              3- أن لولا التلقي الشفاهي والتلقين لكان الرسْمُ سببًا للإختلاف.
              4- أن من اعتمَد على المُصْحَفِ بدونِ التلقينِ لن يسْلَم من اللحنِ والتحريف ويُجرّم العلماء صنيعَه.
              ولا يمكن أن يستقل القارئ بمجرد المكتوب، فإن الرسم قد يُنْطق على أوجه كثيرة، ولأن رسم المصحف يختلف عن غيره كما هو معلوم، فلا تصح القراءة إلا بالكيفية التي قرأ بها القراء الأولون. أرأيت مثلاً كلمة (الصلوة) المكتوبة في المصحف، وكذلك (الزكوة)، و(مشكوة) و(الحيوة) و(الربوا) و(النجوة) و(منوة) وغيرها كثير لا يمكن أن تقرأ كما هو مكتوب، لأن القراءة سنة متبعة.

              وقال الأصمعي: "قلت لأبي عمرو بن العلاء: (وبركنا عليه) في موضع (وتركنا عليه) في موضع أيعرف هذا؟ قال: ما يعرف، إلا أن يسمع من المشايخ الأولين". أخرجه ابن مجاهد في "السبعة" ص (48), والداني في "جامع البيان" (1/108).
              فالقراءة تمنع من الغلط واللحْن وهذه الروايةُ تُبيِّن كيْف انه لو تُرِك الأمر لحفظ القرآن من رسْم المصْحَفِ لوقع الخلط واللحن والتحريف.

              وسئل يونس بن حبيب عن قوله: (أُقِّتَتْ) قال: سمعت سيدنا وسيد العلماء يقرأها: (وُقِّتَتْ) (يقصد أبا عمرو البصري). انظر: "الكامل" للهذلي ص (66).

              وقد قرأ الخليفة المأمون على معلمه "ليهب لك" "بالياء"، وهي قراءة صححية (وبذلك قرأ نافع وأبو عمرو)، فقال له مُعلِّمُهُ يحيى بن أكثم: "لا أحب لك يا أمير المؤمنين أن تقرأ بهذه الآية، (أي بهذه القراءة) فقال له المأمون: ولم؟ قال: تخالف المصحف، فالتفت المأمون إلى إبراهيم بن يحيى بن المبارك اليزيدي(4) فقال: ما تقول يا إبراهيم؟ قال: فقلت: يا أمير المؤمنين، هذه قراءة قرأ بها غير واحد من أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، أولهم أبوك عبد الله بن عباس، قال إبراهيم: فالتفت إليَّ أخي محمد بن يحيى ـ وكان ثقيل السمع، فقال لي: ما أنتم فيه يا إبراهيم؟ فقلت: قرأ أمير المؤمنين "ليهب لك"، وأنكر عليه يحيى بن أكثم لمخالفته المصحف، فقال محمد للمأمون: ما ليحيى وهذا؟ حرف قرأ به من أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ جماعة، ومن التابعين، أو كل ما في المصحف يقرأ به؟ قال: فسكت يحيى ولم يتكلم" نقله الونشريسي في المعيار المعرب 12/89.

              وفي هذا المِثال الأخيرِ نرى كيْف أن شرْط موافقة القراءةِ لرسْمِ المُصْحَفِ لا يعني أن يكونَ المُصْحَفُ حاكِمًا على القراءة الثابتة المتواترة لو كان بينهما خلاف، فهذا الرسْمُ الذي ارتضاهُ صحابةُ رسول الله في رسْمِ المصحف العثماني لم يمنَع نقل القراءة الصحيحةِ المتواترة التي لم تُرسَم فيه، ومخالفة يسيرة كهذه رأيتَ كيْف يحاولون المواءمة بينها وبين المرسوم، فدلّك هذا على كيفية الجمع بين مقتضيات القراءة والأداء لما تواتر من الحروف، وبين مقتضى احترام مبدأ الرسم وما درج عليه السلف، دون مجاوزة أو إلغاء.

              4- وحِرْزًا من التصحيف والتحريف:

              فالتحريف والتصحيف واقع لا محالة في أي فنٍ وعِلْم اعتُمِد فيه على المكتوب دون النقل ولِذا فلم يسْلَم من التصحيفِ إلا نقل القراء للقرآن لأنهم اعتمدوا النقل الشفاهي، وفي ذلِك يقول الصفدي من علماء القرن السابع الهجري : "وقد عمّت المُصيبة ورشقَتْ سِهامُها المُصيبة، ولبِس الناسُ أرديتَها المَعيبة، وفَشا ذلك في المحدّثين وفي الفقهاء، وفي النحاة، وفي أهل اللغة، وفي رُواةِ الأخبار، وفي نقَلَة الأشعار، ولم يسْلَمْ من ذلك غيرُ القُرّاء؛ لأنهم يأخذونَ القُرآنَ من أفواه الرّجال". ( تصحيح التصحيف وتحرير التحريف للصفدي)

              واذ علِمت هذا، فنستفيض في الفصْل القادِم عن التصحيف وتجريمِ علماء الأمة لأخذِ القرآنِ من المصاحِف.

              ونختِمُ كُل ما سبق بما خطّهُ الإمام المُقرىء أبي عمرو الداني منذ ألفِ عامٍ، وهو يتحدّثُ عن زمانه، بما لا يختلِف عن زماننا بعد عشرةِ قرونٍ ، وكلامُهُ هذا قد ذكره في شرح قصيدة أبي مزاحم الخاقاني فيما يتعلق بذلك، قال أبو عمرو:

              (( عرض القرآن على أهل القراءة المشهورين بالإمامة المختصين بالدراية سنة من السنن التي لا يسع أحداً تركها رغبة عنه، ولا بد لمن أراد الإقراء والتصدر منها، والأصل في ذلك ما أجمع العلماء على قبوله وصحة وروده وهو عرض النبي صلى الله عليه وسلم القرآن في كل عام على جبريل عليه السلام وعرضه على أبي بن كعب بأمر الله عز وجل له بذلك وعرض أبي عليه وعرض غير واحدٍ من الصحابة على أبي وعرض الصحابة بعضهم على بعض ثم عرض التابعين ومن تقدم من أئمة المسلمين جيلاً فجيلاً وطبقةً بعد طبقة إلى عصرنا هذا، فكل مقرئ أهمل العرض واجتزئ بمعرفته -أي اكتفي -أو بما تعلم في المكتب من معلمه الذي اعتماده على المصحف أو على الصحائف دون العرض أو تمسك فيما يأخذ به ويعلمه بما يظهر له من جهة إعراب أو معنى أو لغة دون المروي عن أئمة القراءة بالأمصار المجتمع على إمامتهم فمبتدع مذموم مخالف لما عليه الجماعة من علماء المسلمين تارك لما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم قراء القرآن من تلاوته بما علمه وأقرئ به، وذلك لا يوجد إلا عندما يكون متواتراً ويرويه متصلاً فلا يقلد القراءة من تلك الصفة ولا يحتج بأخذه ...) اهـ.

              النتيجةُ التي ترتبت على ذلِك:

              ( أ ) صار المعول عليه في تعلُّمِ القرآن الكريم إنما هو الحِفظ والإستِظهار و التلقي والأخذ من صدور الرِّجال ثقة عن ثقة وإماما عن إمام إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

              ( ب ) لم تكن المصاحف ولن تكون هي العمدة في نقل القُرآن.

              ( ج ) أصْبَح التلقي هو الحاكم على الرسْمِ وعلى الغموض في الرسم كائنا ما كان. بل ظهر الرسْم كنتاجٍ للتلقي والحِفظ وها هو أبي عمرو الداني في مقدمة كتابه "نقط المصاحف" (المحكم في نقط المصاحف 1/1) يقول : (هذا كتاب عِلْم نقط المصاحف وكيفيته على صيغ التلاوة ومذاهب القراءة) فنعلم مِن ذلِك أن النقط والكِتابة صيغت لِتتناسب مع القِراءة والتِّلاوة وليس العكس.
              .
              فائِدة: أخبر تعالى أن القرآن لا يحتاج في حفظه إلى صحيفة تغسل بالماء بل يقرؤوه في كل حال كما جاء في نعت أمته"أناجيلهم في صدورهم" . وذلك بخلاف أهل الكتاب الذين لا يحفظونه لا في الكتب ولا يقرؤونه كله إلا نظراً لا عن ظهر قلب.[6]

              "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
              رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
              *******************
              موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
              ********************
              "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
              وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
              والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
              (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

              تعليق


              • #8


                الفصْل السادس: تجريم التلقي من المصاحِف بدون شيْخٍ، حِرزًا من التصحيف والتحريفِ واللحن


                1- فمن شيّخ الصحيفة وليس له عُمدة من حفظ أو تلقي لما يقرأه من الصُحُف فحتْمًا سيقع في التصحيف والتحريف:

                فلم يوجد على وجْهِ الأرضِ من قد يعتمِد على الصحيفةِ والأوراقِ بلا حِفْظٍ او تلقي شفاهيٍّ إلا وسيقعُ حتْمًا في التصحيفِ والتحريف. ويُسيىء نقل كلمةٍ او قراءتِها، ولو كان إمامًا في فنِّهِ، وكثيرون من أئِمّةِ اللغةِ كالخليل بن أحمد، وأبي عمْرو بن العَلاء وعيسى بن عُمر، وأبي عبيدَة مَعْمَر بن المُثنّى وأبي الحسن الأخفش وأبي عثمان الجاحِظ قد اعتمدوا على بعْضِ المكتوبِ في كُتُبِ اللغةِ، فوقعوا في التصحيف والتحريف المُخِل وهم من هُم في العربيّة وعلومِها.

                ولِذا قال صلاح الدين الصفدي في كتابه "تصحيح التصحيف وتحرير التحريف":
                .
                " وبعد فإنّ التصحيفَ والتّحريفَ قلّما سلِم منهما كبير، أو نَجا منهما ذو إتقانٍ ولو رسَخَ في العِلم رسوخَ ثَبير، أو خلَصَ من معرَّتِهما فاضلٌ ولو أنّه في الشجاعة عبدُ اللهِ بن الزُبَيْر، أو في البراعة عبدُ الله بن الزَّبِير، خصوصاً ما أصبح النقلُ سبيلَه أو التقليدُ دَليلَه، فقد صحّفَ جماعةٌ هم أئمةُ هذه الأمّة، وحرّفَ كِبارٌ بيدهم من اللُغةِ تصْريفُ الأزِمّة، منهم من البَصْرة أعيان كالخليل بن أحمد، وأبي عمْرو بن العَلاء وعيسى بن عُمر، وأبي عبيدَة مَعْمَر بن المُثنّى وأبي الحسن الأخفش وأبي عثمان الجاحِظ، والأصمعي وأبي زيد الأنصاري، وأبي عُمر الجَرْمي، وأبي حاتم السجستاني وأبي العباس المُبَرَّد. ومن أئمة الكوفة أكابر: كالكسائي والفرّاء والمفَضَّل الضّبي وحمّاد الرّاوية وخالد بن كُلثوم وابن الأعرابي وعلي الأحمر ومحمد بن حبيب، وابن السِّكيت وأبي عُبيد القاسم بن سلاّم وعلي اللِّحياني والطوال وأبي الحسن الطوسي وابن قادِم وأبي العباس ثعلب. وحسبك هؤلاء السادة الأعلام، والقادة لأرباب المَحابر والأقلام .... وإذا كان مثل هؤلاء قد صحّ أنهم صحّفوا، وحرّر النقلُ أنهم حرّفوا، فما عسى أن تكون الحُثالة من بعدِهم.. وقد عمّت المُصيبة ورشقَتْ سِهامُها المُصيبة، ولبِس الناسُ أرديتَها المَعيبة، وفَشا ذلك في المحدّثين وفي الفقهاء، وفي النحاة، وفي أهل اللغة، وفي رُواةِ الأخبار، وفي نقَلَة الأشعار،ولم يسْلَمْ من ذلك غيرُ القُرّاء؛ لأنهم يأخذونَ القُرآنَ من أفواه الرّجال."

                2- الكُتُب المُقدّسة السابقة لم تعتمِد الا على المكتوب والمخطوط دون الحِفْظ فلم يْمنع قداستها عندهم وقوع التحريف، وقد عرّفنا النبي صلى الله عليْهِ وسلّم ذلِك، وأدرك الصحابة أن التصحيف في أخد العلم من المكتوب وارِد فجرموه!.

                تجريم أخذِ وتلقي القرآنِ بل وعلوم الأمة من الصحف والمصاحِف:

                وحديثُنا لا ينصرِف على القراءة المجردة للقرآن، فنحن مأمورون بقراءة القرآن من المصاحف ومن الصدور ولو تعتعةً، وإنما الحديث عن الأخذِ والتلقي، أي حفظه وإتقانه وتعليمه ونقله من عصرٍ إلى عصر. فهذا الواجِب فيه النقل من الصدور وليْس السطور، وأدائِه كما أنزِل. بل وأجمعوا على أن هذا أمر لا يجيزه المسلمون ولو كان المصحف مضبوطًا بل إنهم يعدون هذا الاكتفاء منافيًّا للدين لأنه ترك للواجب وارتكاب للمحرم.

                فالاكتفاء بالأخذ من المصحف بدون مُوّقف أو معلم أمرًا لا يجيزه المسلمون ولو كان المصحف مضبوطًا بل إنهم يعدون هذا الاكتفاء منافيًّا للدين لأنه ترك للواجب وارتكاب للمحرم. ( علي الضباع بحث في التجويد بمجلة كنوز الفرقان عدد مايو1950 ص13)، وهم يذهبون إلى هذا بناءً على أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

                بل إن العُلماء جرّموا أن يتلقى الإنسان العِلْم من المكتوب في الصُحُف وإنما يتوجّب الأخذ بالتلقي من لِسان الحافِظِ المُتْقِن، فقالوا : من أعظم البلية تشييخ الصحيفة" (تذكرة السامع والمتكلم: ابن جماعة ص87.).

                ونهى الأئِمة والتابِعون عن أخذ القرآن الكريمِ مِن المُصَحِّفِيين: والمُصحفي هو الذي يعلم الناس وينظر إلى رسم المصحف، ومنشأ التسمية بالمصحِّف أن قوما كانوا قد أخذوا العلم عن الصحف والكتب والمصاحِف ، ولم يأخذوه من أفواه العلماء، وكانت الكتابة العربية تكتب عهدا طويلا من غير إعجام للحروف ولا تشكيلٍ كما هي اليوم، ولا عناية بالتفرقة بين المشتبه منها ، لهذا وقع هؤلاء في الخطأ عند القراءة ، فكان عُلماءُ الأمّةِ يسمونهم الصحفيين أي الذين يقرؤون في الصحف، ثم شاع هذا الاستعمال حتى اشتقوا منه فعلا فقالوا صحّف أي قرأ الصحف ، ثم كثر ذلك على ألسنتهم، فقالوا لمن أخطأ قد صحّف، أي فعل مثل ما يفعل قراء الصحف (توضيح الأفكار 2/419-420 ).

                فعن سليمان بن موسى انه قال " كان يقال لا تقرؤا القرآن على المُصْحفِيِّين ولا تحملوا العلم عن الصُّحَفِيِّين" (الحد الفاصِل 1 / 211 . ) ، وكان سعيد بن عبد العزيز يقول : " لا تأخذوا العلم عن صُحُفي ولا القرآن من مُصْحفي". (الجرح والتعديل لابن ابي حاتِم 2/31 , التمهيد 1/46 ، وفتح المغيث 2/232) .

                وقال ابن وهب ، وحدثني مالك ، قال : « أدركت بهذا البلد رجالا ببني المائة ونحوها يحدثون الأحاديث ، لا يؤخذ منهم ، ليسوا بأئمة » فقلت لمالك : وغيرهم دونهم في السن يؤخذ ذلك منهم ؟ قال : نعم « ويجب أن يكون حفظه مأخوذا عن العلماء لا عن الصحف"

                وقال سعيد بن عبد العزيز (ت. 167هـ) : ((لا تأخذوا العلم عن صُحُفِيٍّ، ولا القرآن مِنْ مُصْحَفِيٍّ)) [الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 2/31].

                و قال أحمد بن إسحاق النهاوندي ، قال : " أنشدنا الحسن بن عبد الرحمن لبعضهم يذكر قوما لا رواية لهم ومن بطون كراريس روايتهم لو ناظروا باقلا يوما لما غلبوا والعلم إن فاته إسناد مسنده كالبيت ليس له سقف ولا طنب، والتصحيف والإحالة يسبقان إلى من أخذ العلم عن الصحف".

                وقال ابن عائِشة جاءني أبو الحسن المدائني فتحدث بحديث خالد بن الوليد رضي الله عنه حين أراد أن يغير على طرف من أطراف الشام ، وقول الشاعر في دلالة رافع لله در رافع أنى اهتدى فوز من قراقر إلى سوى خمسا إذا ما سارها الجبس بكى فقال : الجيش ، فقلت : لو كان الجيش لكان بكوا ، وعلمت أن علمه من الصحف »

                وقال سليمان بن موسى (ت. 115هـ): ((لا تأخذوا الحديثَ عن الصُّحُفيِّين، ولا تقرؤوا القرآنَ على الْمُصْحَفِيِّين)) [((الجرح والتعديل)) لابن أبي حاتم (2/31)، و((المحدث الفاصل)) للرامهُرْمزي (211)]. " لا تأخذ العلم من مصحفي ولا العلم من صحفي (شرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف: العسكري ص:10. والفقيه والمتفقه ج2، ص97).

                وقال الشافعي رضي الله عنه: من تفقه من بطون الكتب ضيع الأحكام (تذكرة السامع والمتكلم ص. 40)

                ويقول الوليد بن مسلم (ت. 195هـ): ((لا تأخذوا العلم من الصُّحُفيِّين ولا تقرءوا القرآن على الْمُصَحَفِيِّين؛ إلا مِمَّن سمعه مِن الرجال وقرأَ على الرجال)) [((تاريخ دمشق)) لابن عساكر (63/292)، و((تهذيب الكمال)) للمزي (31/98)].

                ونقل ابن جماعة قولهم " من أعظم البلية تشيخ الصحيفة. أي الذين تعلموا من الصحف" (تذكرة السامع والمتكلم ص. 40)

                وقال ثور بن يزيد: لا يفتي الناس صحفي ولا يقرئهم مصحفي.

                وجاء في مسند الدارمي عن الأوزاعي أنه قال: ((ما زال هذا العلم في الرجال حتى وقع في الصحف فوقع عند غير أهله))

                ويقول الصنعاني في ((توضيح الأفكار)) (2/394): ((ويقال: لا تأخذ القرآن من مُصْحَفِيٍّ ولا العلم من صُحُفِيٍّ)).

                ويقول السخاوي في ((فتح المغيث)) (2/262): ((والأخذ للأسماء والألفاظ من أفواههم - أي العلماء بذلك، الضابطين له ممن أخذه أيضًا عمن تقدم من شيوخه وهلم جرَّا- لا من بطون الكتب والصُّحُف من غير تدريب المشايخ: أَدْفَع للتَّصحيف، وأَسْلَم من التبديل والتحريف)

                ويقولون في أدب طالب العلم مع العلماء: من كان شيخه كتابه كان خطؤه أكثر من صوابه. وتلك قاعدة متبعة لطالب القرآن أن يتلقاه من أفواه المشايخ الضابطين المتقنين وأن لا يعتد أبدًا بالأخذ من المصاحف المكتوبة بدون معلم لما قد يقع في ذلك من تصحيف يتغير به وجه الكلام " .. (تقويم أساليب تعلم القرآن لمحمد بن سبتان). ولم يكن غريبًا أن يكون الاكتفاء بالأخذ من المصحف بدون مُوّقف أو معلم أمرًا لا يجيزه المسلمون ولو كان المصحف مضبوطًا بل إنهم يعدون هذا الاكتفاء منافيًّا للدين لأنه ترك للواجب وارتكاب للمحرم." الشيخ علي الضباع بحث في التجويد بمجلة كنوز الفرقان عدد مايو1950 ص13

                ويقل الشيخ عبدالرحمن القماش في تفسير الحاوي "
                فعلى المشتغل بالحديث أن يتلقى حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم ، من أفواه أهل المعرفة والتحقيق حتى يسلم من التصحيف والخطأ ، ولا يليق بطالب الحديث أن يعمد إلى الكتب والصحف فيأخذ منها ويروي عنها ويجعلهَا شيوخَهُ ، فانه تكثر أخطاؤه وتصحيفاته ، لذا قال العلماء قديماً : " لا تأخذ القرآن من مُصْحَفِيّ ولا الحديث من صَحَفِيّ"

                وذكر د. الطحان في تيسير مصطلح الحديث "فعلى المشتغل بالحديث أن يتلقي حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم ، من أفواه أهل المعرفة والتحقيق حتى يسلم من التصحيف والخطأ ،ولا يليق بطالب الحديث أن يعمد إلى الكتب والصحف فيأخذ منها ويروي عنها ويجعلهَا شيوخَهُ ، فانه تكثر أخطاؤه وتصحيفاته"

                وفي هذا المعنى نَظَمَ الحافظُ محمد بن محمد بن حسن التميمي الداري الشُّمُنّي(ت 821 هـ) بيتين لطيفَين، أوردهما الحافظُ السخاويُّ في "الضوء اللامع" (9/ 75) في ترجمته، وهما:

                مَنْ يَأخُذِ العِلْمَ عن شيخ مُشَافَهةً ... يَكُنْ من الزَّيفِ والتصحيفِ في حَرَمِ
                ومَنْ يَكُنْ
                آخِذًا للعِلْمِ من صُحُفٍ ... فعِلْمُهُ عندَ أهلِ العِلْمِ كالعَدَمِ

                "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
                رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
                *******************
                موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
                ********************
                "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
                وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
                والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
                (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

                تعليق

                مواضيع ذات صلة

                تقليص

                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                ابتدأ بواسطة دكتور أشرف, 14 ينا, 2024, 03:18 م
                ردود 0
                13 مشاهدات
                0 معجبون
                آخر مشاركة دكتور أشرف
                بواسطة دكتور أشرف
                 
                ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 20 فبر, 2023, 03:45 ص
                ردود 0
                185 مشاهدات
                0 معجبون
                آخر مشاركة د.أمير عبدالله  
                ابتدأ بواسطة دكتور أشرف, 9 فبر, 2023, 12:19 ص
                ردود 0
                37 مشاهدات
                0 معجبون
                آخر مشاركة دكتور أشرف
                بواسطة دكتور أشرف
                 
                ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 9 ديس, 2021, 09:29 ص
                ردود 0
                291 مشاهدات
                0 معجبون
                آخر مشاركة د.أمير عبدالله  
                ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 25 نوف, 2021, 06:30 ص
                رد 1
                482 مشاهدات
                0 معجبون
                آخر مشاركة مصري مسلم
                بواسطة مصري مسلم
                 
                يعمل...
                X