بيان الغلط فيما يُتناقل عن سهولة القراءة بدون تنقيط

تقليص

عن الكاتب

تقليص

د.أمير عبدالله مسلم اكتشف المزيد حول د.أمير عبدالله
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بيان الغلط فيما يُتناقل عن سهولة القراءة بدون تنقيط

    يكثُر على الفيس بوك ووسائِل التواصل وجود صورة مكتوبة لجملة بدون تنقيط يسْهُل على أيِّ أحدٍ قراءتها، ويُستدلُّ بهذا على أن المكتوب بدون تنقيط يسْهُل قراءتَه، وان النقْطَ والإعجام وُضِع لغيرِ العرب .. وأنهم كانوا يعرفون الكلام من السياق
    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	image.png  مشاهدات:	19  الحجم:	153.2 كيلوبايت  الهوية:	807604
    هذا مثال لإحدى هذه الصُّوَر والمغالطات


    وهذا المثال مقبول في اطار القراءة المجردة .. انما ان يُستدل بهذه السهولة على الاخذ والتلقي من المكتوب بغير نقْطٍ في القرون الهجريّةِ الأولى، فهذا من الغلط. فأخذَ القرآن من المصاحِف دون الحاجة لسماعِه، هذا لم يصِح في تاريخ أمة الإسْلام وإلى اليوم أن يأخُذ القارىء الحاِفظُ القرآن من المصاحِف. نعم قد يلجأ العامة إلى المصاحِف ويقرأون منها القرآن ولكنهم إنْ لم يسْمعوه -ومع كامل احتياطهم- فسيقعون في التصحيف والتحريف لا محالة.
    .
    والتصحيف -وهو اختلاف النقاط او الشكل مع بقاء الرسْم
    أو التحريف - وهو اختلاف الإعراب والحركات أو تغيير الرسم


    إضافة: فيما يخُص كتاب الله، لم تكُن معرفة القراءةِ (بغير نقْطٍ) او (سهولة قراءتِه) دون سماع - حِرزًا من الغلطِ والتصْحيِف حتى للعربِ الأقحاح.. ولا يُسْعِف الحصيف سياق الآية او الجملةِ دونَ سماع .. فالأحْذ من المصاحِف دون سماعٍ مجرمٌ سلفًا وخلفًا.

    قصور هذا المثال المنتشر عبر الإنترنت في هذه الصورة لأسباب:

    1- زعم أن النقط وُضِع للعجم .. وهذا غيرُ صحيح .. بل إن النقط والإعجام وُضِع للعرب وغير العرب.. وإليكَ هذا المثال:
    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	111.png  مشاهدات:	919  الحجم:	61.0 كيلوبايت  الهوية:	808809



    هذا بيْتٌ واحد من الشعر، وضعه الشاعر ليكون فيه ما يُسمى بلاغيًا جناس التصحيف .. وجناس التصحيف أي أن يقرأه كل واحد من الصحيفة فيقرأه (بتغيير النقط مع بقاء رسْمه كما هو ) بلفظ ومعنى مختلف .. (حاول أن تقراه من الصورةِ أولًا قبل أن تطلع على كلماته)

    البيت الشعري هو:

    سَقَيْنَني رِيِّيْ وغَنَّيْنَنِيْ ...بُحْتُ بحبِّي حين بِنَّ الخُرُدْ

    ويُمكِن أن يُصحف بأكثر من وجه .. ولكِن صحف بنحو:
    شَقَيْتَني ربي وعَنَّيْتَنِيْ ... بحُبِّ يحيى خَتَنِ ابن الجُرُدْ

    ولو اجتمع الشعراء عليْه، بدون سماعٍ، لقرأه كل واحد منهم بطريقة تختلف عن الآخر سواءا في تغيير حرف او تغيير نقاط او تغيير شكل من حركات الإعراب فتكون المحصلة مئات المعاني لنفس البيت وهذا هو التصحيف (تغيير نقاطه أو حروفه مع تشابه الرسْم) والتحريف (تغيير حركات اعرابه من فتح وضم او قلب لفظه وتغيير رسمه).

    وهذا ظاهر في كل كُتُب العلوم، ونتاج القراءة من الكُتُب بدون سماع، وهكذا كان ليكون الحال لو أن الأمّة اعتمدت في قِراءةِ كتابِ ربِّها على الأخذِ من المصاحِفِ، دون التلقي والإقراء والأخذ من صدور الرجال.


    2- أن القرآن الكريم لم يؤخَذ من المصاحِف في القرون الهجريّةِ الأولى، بل يجب أن يُسمع ويقرأ أولا على القراء الحافِظين. بل وقد جرّم علماء الأمة الاخذ من الصحيفة والصحُفِ والمصاحِف دون القراءةِ أولًا على شيْخ " لا تأخذوا القرآن من مُصحفي ولا العلم من صُحَفي". وكان هذا متبع في كل علوم الأمة الاسلامية من قرآنٍ وحديث وفقه ولغة وغيرها.

    3- ما مِن أحدٍ من أساطين اللغة العربية مِثْل الأصمعي وابن العلاء وسيبويه والخليل، وواضعي نحوها إلا وقد وقع في التصحيف حين حاول القراءة من الكُتُب بغير سماعٍ .. وهذا مُدون عنهم، فغيرُ صحيحٍ أن النقط وُضع للعجمِ وليْس العرب.. بل وُضِع للجميع تيسيرًا للقراءة وحِرْزًا من التصحيف واللحن.

    4- هذه الجملة وبهذا الخط "النسْخ" مقروءة .. لكن لم يكُن هذا هو الحال في القرون الهجرية الأولى في صدْرِ الإسْلام مع الخط الحجازي أو الكوفي..
    - فقد كان يحدُث التصحيفُ بيْن الحاء والخاء والعين والغين في أول الكلمة،
    - وبين حرفي الميم والعين إن جاءتا في وسْط الكلمة،
    - أو الياء والنون في آخر الكلمة،
    - أو بيْن الحروف الخمسة ذات الصورة الواحدة وهي: الباء، والتاء، والثاء، والياء، والنون.
    - أو بين الجيم والحاء المهملة والخاء المعجمة ،
    - أو بين الدال المهملة والذال المعجمة ، والراء والزاي .
    - بل إن الإسْم الثلاثي إن تشابهت أحرفه، يُقرأ على ثلاثين وجه مثل: بِنْتُ، نَبْتٌ، نِيبٌ، بِيبٌ، ثَيِّبٌ، ثَبَتَ، ثَبْتٌ، نَبَتٌ، ثَنَتٌ، نَثَتَ، نَبَثَ، ثُبِتَ، نُبْتُ، بَيَّتَ، ثَبَتُّ، نَبُتُّ، بَيَّتَ، يَبُتُّ، تُبْتُ، تُبْتَ، تُبْتُ، يَثِبُ، تَثِبُ، نَثِبُ، بِنْتُ، بِنْتُ، بِنْتَ، بِنْتِ، نَبَتُّ، نَبَتَّ.
    - والطامة إذا كان الاسم الثلاثي في أحد حروفه السين فإنهُ في هذه الحالة يُمكِن قراءتهُ على نحو مائتي وجه (سبب، سبت، شيب، شبت ، شيث....الخ)


    5- أن الأصل في المكتوبِ هو السماع، وبغيرِ هذا فإن التصحيف والتحريف سيكثُر لا محالة أو كما قال الإمام أحمد لا يسْلَمُ منه أحد، وقد وقع في التصحيفِ والتحريفِ أكابر اللغويين، حين تناقلوا أشعارًا من الكُتُب بدون سماع. ولِذا كان الأصل هو الإقراء وتسلُّم المكتوب بقراءتِهِ أولا على مؤلِفه بصوت ظاهر حتى يسْلَمَ من التصحيف.. وقد كان ها هو الحال في كل العلوم الإسْلامية كالفقه والحديث واللغة والأدب وغيرها. ولايزال الحال الى اليوم فيما يخُص القرآن الكريم والحديث الشريف فلا يؤخذ إلا باجازة بالتلقي والعرض حفظا عن ظهر قلب كما في القرآن الكريم أو بالسماع كما في اجازات الحديث..

    اضافة لدفع اي سوء فهم: ولا نقول أن السماع، ينفي التصحيفَ بالكّليّة في كتب العلوم، ولكِنّهُ يحُدُّهُ جدًا حتى يكاد يقضي عليْه.. بينما بدونه سيتفشّى التصحيف ويضيعُ النص.

    6- أن القرآن الكريم لولا سماعه وحفظه في الصدور لصعُب قراءته من المكتوب، وهذا ما أخِذ على حمّاد الراوية حين اختبروه فقرا من المصاحف فألحن في أكثر من ثلاثين حرفًا.

    مرة أخرى : القرآن الكريم يؤْخَذُ بالتلقي، ويسْهُل قراءته من المكتوبِ بعد سماعِهِ وتلقيه، أما بدونِ سماعِهِ فالتحريف والتصحيف واقع عند من يقرأه من المصحف يقينًا. ولِذا فادّعاءُ "سهولةِ القراءةِ بدون نقْطٍ" هذا لا يُغني عن أخذ القرآن الكريم بالتلقي والسماع.

    7- وكان هذا التصحيف حتى في أشعار ودواوين العرب .. فقد كان من البلاغة العربية أن يُكتب البيت ويحتمل رسْمُ كلماتِهِ معانٍ مختلفةٍ ومتخالفة، إذا ما قرأهُ كل انسانٍ بما جال في ذُهْنِهِ ولم يسْمعهُ من قبل.. وقد تراشق الاصمعي وابن الاعرابي الاتهامات فيما بينهما .. هذا يتهمه بالتصحيف في شعر وهو يتهمه بمثل هذا الاتهام.. وكلاهما يقرأ البيت بلغة عربية صحيحة ولكن بمعنى مختلف !!
    فالبيت هو قول الحطيئة، وهذه قراءة ابن الاعرابي لها:
    كفرا سنَتَيْن بالأضياف نقعاً ... على تلك الجفان من التقي

    وأما قراءة الأصمعي:
    كُفُوا سَنِتِينِ بالأَصياف بُقْعاً ... على تلك الجفارِ من النفيّ

    فهؤلاء هم فحول العربية .. وحدث بينهم قلب خمس كلمات في بيت واحد!!
    فماذا لو تُرِك كِتاب الله والعياذ بالله عُرضةً للنقل من المكتوب دون حفظ في الصدور؟!!

    فالحمدلله الذي جعل الحُجة في نقل كتابه على المنقول المحفوظ في الصدور والتلقي والسماع.
    الحمدلله على نعمة الحفظ والتلقي والإقراء

    والحمدلله على نغمةِ الإسْلام.
    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 14 ديس, 2020, 03:21 م.
    "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
    رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
    *******************
    موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
    ********************
    "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
    وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
    والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
    (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

  • #2
    الحمد لله ..

    == خلط الكاتب بين مجرد "القراءة" وبين "الأخذ" والتحمل.
    فتحدث عن "سهولة قراءة المكتوب" و"نقط المكتوب" و"سهولة قراءة القرآن بدون نقط" ..
    ثم إذا به يتوجه بالحديث عن "أخذ" القرآن من المصاحف.
    ومجرد "القراءة" شيء .. و"الأخذ" والتحمل شيء آخر.

    == وقع الكاتب في الغلو فأنكر سهولة قراءة النصوص المكتوبة ومنها القرآن.
    مدفوعاً بحميته على صيانة القرآن من وهم الواهمين أن القرآن "يؤخذ" من المصحف.
    مع أن هذا شيء .. وذاك شيء آخر كما نبهنا.

    == تتبعت كثيراً من المنشورات المشار إليها. ولم أجد فيها الاحتجاج "لأخذ" القرآن من المصحف.
    غاية ما فيها تبيين سهولة "القراءة" بغير نقط على الأولين. وهو صحيح.

    == ذكر الكاتب أموراً ثلاثة :
    1 - سهولة قراءة المكتوب بدون تنقيط.
    2 - وضع النقط والإعجام لغير العرب.
    3 - سهولة قراءة القرآن بدون نقط في القرون الهجرية الأولى.

    ووصفها بأنها "مغالطات" و"غلط فاحش".

    والحق أن الأمور الثلاثة صحيحة إجمالاً ومقررة في كلام أهل العلم والتخصص قديماً وحديثاً.

    == علماء الإسلام منذ القرون الأولى "يقرأون" آلافاً مؤلفة من الكتب والمصنفات.
    ولم يشترط أحد في كل كتاب مقروء أن يتلقاه مسموعاً أولاً من مؤلفه أو من أخذ عنه.
    إنما اشترطوا هذا في القرآن.
    يليه السنة (جعلتها تالية لأنهم أباحوا "الوجادة" وإن بضوابط).
    يليهما الكتب العمدة والأمهات.
    أي المتون والعُمد التي تؤسس للعلوم.
    كالمتون المعتمدة في المذاهب الفقهية مثلاً.
    و"الكتاب" لسيبويه .. وما شابه.
    ولم يشترطوا هذا في كل كتاب ..
    لأن دائرة القراءة والاطلاع أوسع من دائرة الأخذ والتحمل.

    == عقد العلماء أبواباً كاملة في كتبهم لسرد روايات عن فضلاء ونبلاء من القرون الأولى كانوا يأنفون من النقط والشكل .. وكانوا يعدون من الإهانة أن توجه إليهم رسالة منقوطة مشكولة .. لأن في هذا اتهاماً ضمنياً لهم بأنهم ليسوا عرباً أقحاحاً.

    == السهولة المقصودة في هذا المقام نسبية.
    وليس معناها عدم الخطأ بالكلية كما توهم الكاتب.
    وإلا فحتى بعد النقط والشكل يقع التصحيف كما يقر الكاتب.
    بل إن الخطأ قد يقع من السماع أيضاً !
    لكن الخطأ في السماع أقل.
    فدل هذا على أن السهولة في هذا المقام نسبية.
    وعليه، يبطل استدلال الكاتب بوقوع التصحيف من العرب على أن النقط والشكل لم يكونا لغير العرب ابتداءً.

    == قرر الكاتب أن الخطوط الأولى كانت أكثر صعوبة مما نستعمله الآن.
    ورتب على هذا وقوع التصحيف في المقروء أكثر آنذاك.
    والمقدمة خطأ. والنتيجة خطأ.

    الكاتب يحكم بحسب ذوقه هو ومعرفته.
    فلأنه يعهد الخطوط المتأخرة ويستصعب المتقدمة توهم أن الأمر كذلك بالنسبة إلى الأولين.
    والحق أنه يحتاج إلى أن يرى هنا بعيون الأولين لا بعينه هو وما عهده الآن.

    وهذا الوهم يقع كثيراً من المتأخرين إذ يظنون أن ما عهدوه هو "الأسهل" ..
    ثم يتهمون الأقدمين بالنقص لأنهم لم يكونوا يملكون هذا "الأسهل" !
    كمن يتهم الصحابة مثلاً وربما التابعين لأنهم لم يعرفوا بعض الفنون ومصطلحاتها من النحو وأصول الفقه وما شابه.
    والحق أن الأقدمين لم يحتاجوا إلى هذا لاستغنائهم عنه.
    وإنما احتاج إليه من بعدهم لقصور فيهم هم (في المتأخرين).

    وهذا كمن يتهم أهل مصر أيام الفراعنة بأنهم لم يكونوا يفهمون المكتوب على المعابد وأوراق البردى.
    حكم بهذا لأنه يجد هذا صعباً عليه هو !
    وما درى أن قراءة ما يستصعبه هو كان أسهل عليهم ربما من قراءته هو لخطوط زمانه !!

    == وكذا كلام الكاتب عن تعدد صور الكلمة الواحدة ..
    لم يرجع فيه لأهل التخصص .. أو تجاهل كلامهم المكرر في المسألة.
    إذ قرروا وكرروا أن السياق كان المحدد الأعظم لحذف معظم تلك الصور من الاحتمال.

    == والمقصود أن المقال بعيد عما يقرره أهل التخصص، وفيه غلو في مسائل.
    دفع الكاتب إلى هذا فورته للذب عن حياض القرآن وصيانته.

    والواجب الكلام في كل مقام بعلم وعدل.

    تعليق


    • #3
      حياكم الله أخي الحبيب متعلم .. سعيد والله بتواجُدك وتفنيدِك وتوجيهِك .. ولكِن لعلّ هناك استدراك وتوضيح وتصحيح.

      تستشكِل اعتراضي على سهولة القراءة بدون نقط .. وترى في هذا تعارُضًا مع ما أقول .. وأبيِّنُ أني ارى القراءة بدون نقط سهلة وليْس هذا محِل خلاف أصلا .. وإنما أقرِّرُ أن " يُسر وسهولة القراءة بدونِ نقْطٍ لا يعفي من السماعِ في مقامِ كتابِ الله" هذا أولا ..وثانيًا: أن "السهولة بدون السماع نتاجها الحتمي هو التصحيفُ واللحنُ يقينًا"، إذا لم يكن القارىء قد سمِع الكلمة غير المنقوطة والتي يُمكِن قراءتها بأكثر من وجْه. ثمّ إن ادّعاءَ ان "التنقيط وُضِعَ للعجم وليس للعرب وأن العرب كانوا في منأى عن التصحيف" كلامٌ لا يصح او غلط او غير دقيق او غير مقبول ايًا كان توصيفه .. وإلا فالعرب كانوا في منأى عن التحريف (اعراب الكلمة) وليْس التصحيف (القراءة من الصُحُف وخلط الحروف).. والصورة في ذاتها كاستدلال على سهولة ويُسر القراءة لا اشكال فيه .. لكِن المقال حِرْزًا من أن تتجاوز هذه الصورة هذا التقرير ليُعمم بها في التأصيلِ فيُظنّ أن هذا يُمرر على المصاحِف أو أن الأمةَ أخذت القرآن من المصاحِفِ لأن العرب يسهل عليها القراءة بدون نقْط! .. فهنا اقول بل يرُد علماء الأمةِ قاطِبةً: لا ، لم يحدُث قط! . بل استخدامها لهذا الغرض غلط ومغالطة أو قلة علم .. ووجب التصحيح .. والتأصيلُ للمسألة .. وأن علماء الأمة جرّموا أخْذ كتابِ الله من المصاحِفِ دون سماع حتى لو سهُل عليْهِ القراءة .. وهذا الخلط حادث بالفعل سواءًا وقعت عليْهِ عيْنُك أم لا.

      هذه كانت المقدمة السهلة الخفيفة .. قبل أن أبدأ العجن .. وأسعد بتفتيت اعتراضك بالحق وبالعِلْمِ، وبالعدل الذي طلبته مني وأرجوه منكَ، بل وأقسو عليْك قليلا .. قسوة مُستحقةً لولا أنها من مُحب

      بسْمِ الله

      أولا: أنا أسلِّم بسهولة القراءة وليست هي قضيتي اصلا .. بل قضيتي ما نجَمَ عن سهولة القراءةِ من تصحيف.

      سهولة القراءةِ دون سماعٍ تؤدي الى التصحيفِ لا محالة .. ولم توضَع النقاط لتسهيلِ القراءة، السهلة أصْلًا .. بل حرزًا من التصْحيف!
      لو قرأت بيت الشعر في الصورة أعلاه ستقرأه صحيحًا وبسهولة حتى ولو خالف معنى الشاعر .. هذه المخالفة اسْمُها تصْحيف!
      وهذا المثال في الشعر أعلاه ضربتُهُ كتقريب، فإنه مع السهولة لم يمنع السياق من وقوعِ الخطأ .. ثم ان كان الحديث عن كتاب الله في القرن الأول فما معنى السهولة إنْ كان سيتبعُها ظهور التصحيفِ في كتاب الله ؟!.. وقد حاربت الأمة هذا التصحيف بالنقْط ثم بتجريمِ الأخذ من المصاحِف حين استمر تصحيف من يقرأ !

      ثانيًا: لا أخي الحبيب .. لم أخْلِط بيْن مُجرد القراءة والأخْذِ والتحمُّل، فهذا اتهامٌ عجيب ما كان يجِب أن يصْدر مّمن هُم مثلك لمن هُم مثلي !

      والسماعُ هو أحدُ طُرقِ الأخذ والتحمُّل والتي كان ينبغي أن تلتفت لذكرها أعلاه.
      بل المقال كُلُّه مُوجّه لمن خلط بينهما وجعل سهولة القراءة دليلًا على الأخذ من المصاحِف.

      ثالثًا: موافقتك لما في الصورة من معلومات ساذِجة، وادِّعاؤك أن النقْط وُضِع لغير العرب وقولُك أن هذا صحيح إجمالاً ومقرر في كلام أهل العلم والتخصص قديماً وحديثاً .. غير صحيح .. وادعاء باطِل ..

      وأكتفي باسْتِشْهاداتٍ ثلاثة:

      الأول لإمام القراء: يقول أبو عمروٍ الداني في كتابِه "المقنع في معرفة نقط المصاحف:
      --
      "فرُوِّينا أن المبتدئ بذلك كان آبا الأسود الدُّؤلي و ذلك انه أراد أن يعمل كتابا في العربية يقّوم الناس به ما فسد من كلامهم إذ كان قد نشأ ذلك في خواصّ الناس و عوامهّم"


      ---
      والثاني لإمام من أئِمة اللغةِ أبو أحمد بم الحسن العسْكري (293- 382هـ)، في كتابِهِ، "شرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف"، ص. 1
      اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	image.png  مشاهدات:	0  الحجم:	666.6 كيلوبايت  الهوية:	807600



      .
      والثالث عالم من علماءِ اللغة والادب : صلاح الدين الصفدي في القرن الثامن فيقول في كتابه "تصحيح التصحيف وتحرير التحريف":
      ---
      " وبعد فإنّ التصحيفَ والتّحريفَ قلّما سلِم منهما كبير، أو نَجا منهما ذو إتقانٍ ولو رسَخَ في العِلم رسوخَ ثَبير، أو خلَصَ من معرَّتِهما فاضلٌ ولو أنّه في الشجاعة عبدُ اللهِ بن الزُبَيْر، أو في البراعة عبدُ الله بن الزَّبِير، خصوصاً ما أصبح النقلُ سبيلَه أو التقليدُ دَليلَه، فقد صحّفَ جماعةٌ هم أئمةُ هذه الأمّة، وحرّفَ كِبارٌ بيدهم من اللُغةِ تصْريفُ الأزِمّة، منهم من البَصْرة أعيان كالخليل بن أحمد، وأبي عمْرو بن العَلاء وعيسى بن عُمر، وأبي عبيدَة مَعْمَر بن المُثنّى وأبي الحسن الأخفش وأبي عثمان الجاحِظ، والأصمعي وأبي زيد الأنصاري، وأبي عُمر الجَرْمي، وأبي حاتم السجستاني وأبي العباس المُبَرَّد. ومن أئمة الكوفة أكابر: كالكسائي والفرّاء والمفَضَّل الضّبي وحمّاد الرّاوية وخالد بن كُلثوم وابن الأعرابي وعلي الأحمر ومحمد بن حبيب، وابن السِّكيت وأبي عُبيد القاسم بن سلاّم وعلي اللِّحياني والطوال وأبي الحسن الطوسي وابن قادِم وأبي العباس ثعلب. وحسبك هؤلاء السادة الأعلام، والقادة لأرباب المَحابر والأقلام .... وإذا كان مثل هؤلاء قد صحّ أنهم صحّفوا، وحرّر النقلُ أنهم حرّفوا، فما عسى أن تكون الحُثالة من بعدِهم.. وقد عمّت المُصيبة ورشقَتْ سِهامُها المُصيبة، ولبِس الناسُ أرديتَها المَعيبة، وفَشا ذلك في المحدّثين وفي الفقهاء، وفي النحاة، وفي أهل اللغة، وفي رُواةِ الأخبار، وفي نقَلَة الأشعار، ولم يسْلَمْ من ذلك غيرُ القُرّاء؛ لأنهم يأخذونَ القُرآنَ من أفواه الرّجال."



      أكتفي بهذا دون الإطالة.. ولو شئْت لأغرقت المقال بعشراتِ الادلة .. من كل قرنٍ وقرن، ولكِن يكفي النقلُ عن امام القراء وإمامي اللغة .. وعليْه يجِب التصحيح لما في الصورة .. أن النقط وُضِع للجميع عربًا وعجمًا، خواصًا وعوامًا.. فلا يسْلَمُ من التصحيفِ أحد.. وأن المأمن الوحيد من التصحيفِ في كتابِ الله هو أخذه من أفواه الرجال !

      وهذا للعلم : فأريدُ بالتصحيف الخطأ في النقط الناشيء عن القراءةِ من الصُّحُف .. وبالتحريف الخطأ في علامات الإعراب!.


      رابِعًا: ان من يقرأ القرآن أول مرة في حياته فيبدأ من المصحف! .. سيُتأتىء به .. أو سيقع في التصحيف .. ولا سبيل إليه لإصلاحِ هذا إلا بالسماع .. والتعلُّم (الأخذ)، وأقول هو من المحال على طفل حتى في هذا الزمان - مع الضبْط الذي عليْه المصاحِف المطبوعة اليوم - ان يقرأه ويؤديهِ صحيحًًا ولا يكون قد أخده او سمعه او تلقاه او حتى قرأه تحت متابعة ومراقبة الوالدين او شيْخِه .. هذا يقوم مقام الاخذ والسماع..

      ويستحيل أن تكون تركت ابنك يقرأ أول مرة .. وأقول أول مرة في حياته .. ثم تجده قد قرأهُ قراءةً صحيحة وأداها كما هي، ولا يقع في هذا .. بل لابد في مرحلةٍ ما ان يسمعه منك او من شيخ او من شرائِط أو تقرأه أمامه أو او او .. أو تعلمه وتوجهه وتأخذ بيده .. لا أظنك مثلًا اعطيته المصحف ليقرأ دون سماع محتجا بأنها مجرد قراءة .. " يا عمّ كبر دي مجرد قراءة " وتركتهُ يشيبُ على هذا!

      خامِسًا: قضيتنا ليست السهولة ! .. بل التصحيف !!! .. وأن يُمرر هذا على أصْل النقل عند المسلمين.

      وهل كان الخلاف على السهولة أصلًا؟! .. الخلاف على أن نتاجَ: القراءةِ من الصُّحُفِ + مع السهولةِ + بدون سماع = تصحيف يقينا وتحريف .. فإذا ما عُمّمَ هذا على التلقي والأخذ، ونُسِب هذا إلى الصحابةِ والتابعِين فهو من الإتهام الذي ننفيه .. فالمقال عن أنّ الأصل في القرآن هو التلقي الشفهي من صدور الرِّجال ولم يكن قط من المصاحِف .. بل اني قد سلّمتُ بسهولة القراءةِ أعلاه والتي تدفع صاحبها للتجاسُر على القراءةِ من مصحف، دون سماع .. وضربت المثل بماهو واقع حتى في زماننا كما قُلت في أصْل المنشورِ أعلاه "نعم قد يلجأ العامة إلى المصاحِف ويقرأون منها القرآن ولكنهم إنْ لم يسْمعوه -ومع كامل احتياطهم- فسيقعون في التصحيف والتحريف لا محالة." ..

      واعتراضُك على ان يكون مجرد القراءة بابا للتصحيف:
      ==
      ألم يُذكرك اعتراضك هذا بمسيحي عربي من معانديهم قد يقرا القرآن أول مرة دون أن يسمعه لينتقِده؟! .. بل لو قرأه مرتين وثلاثة لن يُحسن القراءة وسيُصحف فيه .. إلا ان يسمعه على اليوتيوب مثلا او في التلفاز .. هذا والقراءة له سهلةٌ يسيرة والحروف مشكلة ومنقطة ! .. ولكنك ترى العجب العُجاب في تصحيفاتِه .. فما بالك في صدر الاسلام وما كان هناك لا يوتيوب او شرائِط كاسيت او راديو او تلفاز .. فلم يكن أمامه إلا أن يذهب إلى الكتاتيب .. ولذا كان الرد على من استدلّ بهذه السهولةِ على قراءةِ المصاحفِ غيرِ المنقوطةِ في صدْرِ الإسْلام على أن المسلمين أخذوا كتاب ربِّهِم من المصاحف.

      بل وحتى في العصْرِ الحديثِ، حتى الطفل الصغير يُلقّن، ابنُك تُقْرِؤهُ أنتَ أوّلا والمصحف في يديْه، وإن لم يكُن انت فمُعلِّمهُ في المدرسةِ، أو يُقرِئْهُ شيْخُه في الكتاتيب والمقارىء، بل ولو تركته يقرأ فسيكون تحت عيْنيْك، وتُصحِحُ له بعد ذلك، بعد هذاالتصحيح والتعليم اترُك له القراءة من المُصْحَف كما شِئْت، وهنا مجرد القراءةِ مقبول لطلبِ الثواب لا أظنُك ستعطي طفلا لم يسْمع قرآنا قط في السادسة أو السابعة من عمره المصحف وتقول له اقرأ مجرد قراءة وانا نازل رايح الشغل وراجع تكون خلصت او قرأت !.. وتكتفي بهذا !، إن فعلت ستعود وتجد عنده مئات التصحيفات ( والمصحف منقوط ومُشكل وأحدث طبعه كمان) فهل ستكتفي بهذا أم تُعلِّمه؟!

      ستضطر الى التصحيح والتعليم وطلب شيْخ إن لزم!= الأخد والتلقي.

      وبيّنت أن تِلْكَ السهولةَ لا معنى لها إن نجَمَ عن القراءةِ هذه تصحيف ولو يتيم، وهو واقعٌ يقينًا ، ممن هم أجلّ واعلم باللغة والقراءات ، وقعوا في التصحيف حين استيسروا واستسهلوا القراءة من المصحف .. وكان حمّادَ الراوية عالمًا بالعربيةِ والقراءات وأراد اسْتِنان القراءةِ من المصاحِف دون السماع - آخذا بسهولة القراءة ويُسرِها - وهو من القراء وعلماء اللغة، ولم يجد عناءًا في القراءة بغيرِ نقْطٍ، ولم يكونوا من العامة.. وقع حماد هذا في نيف وثلاثينَ تصحيفًا !! وسهولةُ القراءةِ من المُحال ان تكون قضيةَ حمادٍ أصْلًا!!

      بل كل غير العرب والعرب تعلّموا العربيةَ وقرأوها وسهُل عليهم القراءة من المصاحِفِ في القرن الهجري الأول .. لقد قرأوا فعلا بسهولة ويُسْر .. ألعلك تظُن ان النقْط وُضِع لأنهم استصعبوا القراءة؟!.. لقد استسهلوها .. فتهاونوا وأخذ بعضُهُم القرآن من المصاحِف .. فوقعوا في التصحيف والتحريف ..
      لا يوجد في كتابِ الله شيء اسْمُهُ مُجرّد القراءة أوّل مرة دون سماع، حتى في زماننا هذا .. بدون تصحيف
      لن يقوى عليْها أحد! .. لا أتحدث عن السهولة أصلا ! .. بل عن نتاج هذه السهولة بدون سماع = التصحيف!


      سادِسًا: المُغالطة والغلط واقع نعم .. فالنقْط والاعجام وُضِع لغير العرب وللعرب .. وليْس لغير العرب وحْدَهم .. وسهولة القراءة لم تمنع التصحيف بين أهل اللغة الأقحاح .. وغلط فاحِش إن استُدِل بهذا على كتاب الله .. فكتاب الله لا يؤخذ من المصاحف .. يُمكِنك ان تقرأه من المصاحف للتعلم، لا يمنعك أحد، لكِن التلقي لا يكون إلا بالسماع .. لابد من السماع ولا خلاف على هذا بين علماء الأمة سلفًا وخلفا.. وما قد يحدث من تعلم أبنائِنا من المُصْحَفِ أول مرة مأمون لأنه سيرجع لك او للشرائِط أو للمعلم فسيتعلم بالسماع .. إنما حديثُنا لبيانِ أصلٍ أصيل وهو نفْي أخذ القرن الأول من المصاحِف وتبيان هذا الأصل وحقيقته سدًا لباب الشُبُهات والغلط.. والذي حاول المستشرقون الطعْنَ به على كتاب الله.

      سابِعًا: دعوى تسلُّم الكتب بغير سماعٍ أو إجازةٍ غير صحيح .. فهذا لم يكن ديْدَنُ العلماء الربانيين .. وهذا قولٌ متجاسِر يعوزه التدقيق..
      وأتحدث عن صدر الإسْلام، فإن كان هذا في الفقهِ واللغة واجِب .. ففي القرآن والحديث أوجب .. وقد ألّف العلماء في صدر الاسلام مئات الكُتُب في التصحيف وخطره الناجِم عن غياب النقط وضربوا مئات الأمثلة للتصحيفِ الذي وقعَ فيهِ علماء اللغة العربية وفطاحِلها بل المحدثين والفقهاء وغيرهم ممن أزرى بهم التصحيف .. وحذروا منه وأكدوا على ضرورة السماع لأن النقط والإعجام وعلامات الاعراب لم تمنع من التصحيف والتحريف .. وخاصة في تصحيفِ الأسماء التي لن يجبرها السياق!..

      وكانت نشأة المسلمين الأولين نشأة تلق ورواية وحفظ، لهذا كانت عنايتهم بالرواية عظيمة فى كل شىء: فى الكتاب الكريم وطريقة أدائه، وفى الحديث والفقه، وفى الشعر والأدب وسائر الفنون.. ولا أقول فردًا فردًا حتى لا يحْدث جدل لا طائِلَ منه .. ولن أتحدث عن القرآن والحديث فهذا مُثبَت مفروغ منه .. لكِن سأتحدث عن الفقهِ فقد كانَ لكل فقيه سنده فيما تلقى من المتونِ الفقهية حتى يصل به إلى مؤلفيها أنفسهم، وقد حرِصوا على رواية الكتب الفقهية - سماعا- عمن نسب إليه، يتلقاه سليما من الزيادة والنقص، وقد تشددوا فيهِ حرْزًا من تحريف النساخ وتصحيفهم: "حتى أن سائلا سأل القاضى بكارا أن يرد على ما جاء بمختصر المزنى مخالفا لمذهب العراقيين، فقال " لم أسمع هذا المختصر لا منه ولا ممن رواه عنه، فلا يحل لى أن أرد عليه، ولما عاد إليه وقد رواه عنه رواية موثوقا بها لديه، قال الآن حل لى أن أقول قال المزنى"

      ثامِنًا: لم أدعي أن السماع واجِب في كل كتاب فردًا فردا .. بل قُلت أنهم حضّوا عليْهِ في أمهات الكتب في الأدبِ والفقهِ واللغةِ والحديثِ والمتون في علوم الأمة.. إلى ان اقتصر في زماننا على ما يخُص القرآن الكريم والحديث الشريف.

      وكل ما سبق أعني السمااااااااع للمكتوب !

      وهذا غير الوجادة والتي تمننت عليْنا بقبول وجودها في أمةِ محمد !!!. ..
      فالوجادة في مقام المنقطِع أصْلًا .. إنما أخصص حديثي عن المتصل وأهمية السماع وأنه كان ديْدن علماءِ الأمة في غيرِ القرآن كذلِك!


      تاسِعًا: ادعاءك أن "العلماء عقدوا أبواباً كاملة في كتبهم لسرد روايات عن فضلاء ونبلاء من القرون الأولى كانوا يأنفون من النقط والشكل .. وكانوا يعدون من الإهانة أن توجه إليهم رسالة منقوطة مشكولة .. لأن في هذا اتهاماً ضمنياً لهم بأنهم ليسوا عرباً أقحاحاً".. أقول أنه ادعاء يعوزه الدليل.. إلا إن كنت تعني أنهم ساقوا الأمثلة عليهم وأثبتوا وقوعهم في التصحيف .. وبيّنوا خطأ مسلكِهم .. فهذا عجيب وانتظر منك احالات لمن استشهد بهذا او استحسنه من علماء الأمة ..!

      عاشِرًا: قراءة الخط غير المنقوطِ في المصاحِف المخطوطةِ يسير على من هم مثلي بل على كل مسلم يقرأ كتاب الله ولا يحفظْه، فلا يوجد مقدمة ولا نتيجة فاسدة او تدخل للذوْقِ كما توهمت .. بل أقول أن التصحيف مع السماع وارِد، وهو أقل بكثير -أو لا يكاد يُذْكَر - ولِذا فلم يُكتفى بالسماع بل قيّدوه بشرطِ الضبطِ والمقابلة، فكيْف يُقارن هذا بطوامِ القراءة بدون السماع بل من الركاكة أن يُقارن بينهما أصْلًا .. أو يُستشهد بهذا لنظريتك " مجرد القراءة" ! ..
      • والتصحيفُ واقع في عدم وجود النقْطِ أكثر بكثير من اعجامِه،
      • والتصحيف واقع في المجرد من علامات الاعراب أكثر بكثير من المُشكل،
      • والتصحيفُ واقعٌ في الرسْم الأول بحروفه المتشابهة التي تأخذ نفس الشكل أكثر بكثيرٍ من خطّ النسْخ الذي استُحْدِث لاحِقا وفرقت فيه الأحرف
      • والتصحيفُ واقعٌ في الكتابة باليد أكثر بكثيرٍ من المطبوع،

      وهذا ليس حُكم بالذوق كما ادّعيت دون تمحيصٍ كالعادة .. بل هو طافح في الكُتُب وأدلته ظاهرة.. فإن تبيّن هذا .. وهذا لا علاقة له باتهامِ المتأخرين للمتقدمين .. فعلماء الأمة الذين احتاطوا بالتنقيط واحتاطوا بالتشكيل من التابعين لم يتهمهم أحد بازْدِراءِ من سبقوهم في طريقةِ كتاباتهم .. ومن استحدث خطّ النسْخ لم يتهم من كتبوا بالكوفي او الحجازي من صحابة رسول الله وتابعيهم وعلماء الأمة، لا يقول أحد بهذا .. أما اتهام المتأخرين للأولين فهذا اتهام سفسطي باطل مردود .. لا علاقة له بما نقوله هنا .. والزج بهِ هو تشغيب من فساد الجواب، بل هو وهمُك أنت كالعادة وكثيرًا ما يقعُ منك هذا ولا يُقلل من مقامِك عندي ..

      الحادي عشر: وأما قولك " كذا كلام الكاتب عن تعدد صور الكلمة الواحدة .. لم يرجع فيه لأهل التخصص .." فهذا من التجاسر مرة أخرى بل والبُهتان .. فمع قلة اطلاعِك وتقصيرِك الذي صوّر لكَ هذا لا تتورّع عن اتِّهامي .. بل من حظِّ النفسِ أن لا تُكلِّف خاطرك طلبَ الدليلِ مني .. مقدما سوء الظنِّ في أخيكَ أن قد يتجاسر بدون الرجوع لأهل الإختصاص .. والحمدلله لا يقعُ هذا منا إلا ما كان بالسهو والنسيان .. فنٌُعاهِد الله عزّ وجلّ ألا نكتُب إلا ما يكونُ مُدقّقًا .. وأقول بل هو منقول عن اهل اللغةِ الأقحاح برسمه وعدده وكلماته وسطورِه .. كما كُتِب نُقِل!.

      الثاني عشر: السياق غيرُ مانع للتصحيف والتحريف..

      وقد قُلْتَ لي: " قرروا وكرروا أن السياق كان المحدد الأعظم لحذف معظم تلك الصور من الاحتمال" .. وهذا التقريرُ لا خلاف عليْهِ أصْلًا .. ومرةً أخرى الزجُّ بِهِ هنا في هذا المقام حشْوٌ لا طائِلَ منه .. فحديثُنا عن كتاب الله .. والسياقُ يُقلِّص خياراتِك نعم .. لكِن السياق لا يمنع التصحيف .. بل قد يكون السياق في ذاتِه بابًا للتصحيف بل والتحريف .. فاعتبار " السياق" هو نفسُه الذي قاد حماد الراوية اللغويُّ الأريب إلى التصحيفِ في كتابِ الله، وجرّم العلماءُ سلوكَهُ هذا .. فهو ومن على شاكلته ممن استحسنوا تلقي كتاب الله من المصاحِف بدون سماع .. ثقة زائِفة .. سيقعُ التصحيفُ لا محالة، وهو مابُني عليه كل هذا الموضوع ولم تتطرق أنتَ له من قريب أو بعيد ..

      فهل منع السياق تصحيف حماد الراوية وغيره من القراء حين قراوا من المصاحِف؟! .. واعتمادا على السليقة العربية.؟!..

      والسياق في ذاتِه غير كافٍ لمنع التصحيف حتى في غير القرآن الكريم، وإلا فهل منع السياق تصحيف البيت هذا ؟!
      اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	111.png  مشاهدات:	806  الحجم:	61.0 كيلوبايت  الهوية:	808812



      فالسياق أجبرك على تصحيف المعنى بغير ما كتبه وأرادهُ الشاعر !.. لأن السياق أجاز واستحسن لك قراءة مغايرة صحيحة عربية.. وهذا المثال من كتب علماء اللغة ومختصيها .. مرة أخرى بالرجوع لأهلِ الاختصاص .. ضربوا به المثل لعُوار الأخذ من الصحف والمصاحِف دون السماع ..

      بل لأجلِ السياق، قلب الأصمعي وابن الاعرابي خمس كلمات في بيت واحد من شعر الحطئية وتراشقوا الاتهامات فيما بينهم .. بالسياق !

      والحديثُ هنا عن كتاب الله .. وبيت الشعر هذا كان مثالا على ما قد يقرأ اول مرة بلا ألفةٍ مُسْبَقَه .. وضرب الأمثلة لتقريب الأفهام .. وإن كان الحديثُ عن كتاب الله ..وبالقياس على كتابِ الله: فهل يُقرأ كتاب الله بلا ألفةٍ مُسْبَقةٍ - بلا سماع- ويُجوّزُ أن تُسْتنبط الكلمات بعُمْدَةِ السياق ؟! .. الموضوع عن كتاب الله .. لا دخل لي بغيرِه مما تزُج به فيكون دعوى السياقِ هذه كمن يدعو لبدعةِ القراءةِ بالإسْتحسان .. فما أجازه السياق كان ! ..

      حديثُنا عن كتاب الله .. والتصحيفِ في كتاب الله .. وكيف أن الأصْل هو السماع أولا ولو بدون حِفْظ، وهذا ما عليه الأمة وندين الله به ..

      وكل مثال على سهولة قراءة غير المنقط وضرب المثل به بقراءة الصحابة والتابعين من المصاحِف هو مثال أعوجٌ أعور .. ولا يُغني عن التنبيه ان عين متعلم لم تقع عليْه .. وكأن الغاية أصْبحت ما رآه متعلم جاز .. وما لم يره لم يجُز !

      ونرفُض تشغيبك عليْه وتعصُّبَك .. وما تُسميه غُلوًّا هو ما ندينُ الله به ونرفُض غيرَهُ من الميوعة والتساهُل الوسطي الجميل !.

      وكلمة أخيره وتلخيص:

      الأخ الحبيب .. الآية يُمكِن قراءتها اذا سمعت القرآن الكريم أو تٌكثر من قراءته او تحفظه .. فيسير جدًا قراءتها في هذه الحالة
      = لابد من السماع أولا حتى تُقرأ. إنما إذا تُركِ لمن لم يقرا القرآن قط هذه الآية وطلبت منه أن يقرأها فستسمع العجب العُجاب من التصحيف وقلب الحروف والنصب والجر والرفع! .. ولِذا سيحتاج السماع لتصحيح قراءتِهِ وتلقيه للقرآن .. ولذا حرّم أئمة الدين وعلماء الأمة أخذ القرآن الكريمِ من المصاحِفِ بدون السماعِ أولا والتلقي .. حتى بدون الحفظ لكن اسمعه وتلقاه أولا .. بل إنهم حين ابتكروا التنقيط والعلامات الإعرابية لتسهيل قراءة القرآن على العامةِ فإن هذا لم يمنع التصحيف .. ولا يُغني عن الأخذ بالسماع .. ولِذا جُرِّم أي أخذٍ للقرآن الكريم من المصاحِف.

      اليوم انت تسمع القرآن الكريم في كل الاذاعات والشاشات .. فيستطيع أكثر الناس ان يقراها.. اوأن يقرا من المصاحِف .. فالأمور والوسائِل تغيرت .. ومرة أخرى السماع أولا ..وقبل أن تتحدث في النقطة (ب = ما بعد الألفة ) - لابُد أن تؤصِّلَ تأصيلًا شرْعيًا للنقطة (أ = ما قبل الألفة) .. ولابد أن يعي الناس جيدًا أن (أ) وهو التلقي والسمع .. قبل ان اقول لهم الآن تقدرون على (ب) وهو سهولة القراءة من المكتوب بنسبة طفيفة جدا من التصحيف (وخليت لك نسبة بسيطة عشان ما تزعلش).. لأن لو أخذوا ب بدون ما يفقهوا الأصل ده يبقى مُصيبة وبنوقع الناس في مغالطات.. وكأننا بنقول ان الاصل الأخذ من المكتوب.. وللأسف هذا غلط متفش بين بعض الدعاة أنفسهم ويجب تصحيحه.

      واللهُ المُستعان
      التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 30 ينا, 2021, 04:36 ص.
      "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
      رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
      *******************
      موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
      ********************
      "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
      وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
      والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
      (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

      تعليق


      • #4
        واسأل الله أن تكون قد وعيْتَ النصيحة فهي للتذْكِرةِ لي ولك
        " والواجب الكلام في كل مقام بعلم وعدل "
        "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
        رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
        *******************
        موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
        ********************
        "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
        وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
        والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
        (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

        تعليق


        • #5
          الحمد لله رب العالمين ..

          (1)
          كنت تقرر: "المكتوب بدون تنقيط يسهل قراءته = مغالطة".
          الآن تقول: "القراءة بدون نقط سهلة".
          هذا تناقض.

          (2)
          تقول: "يسر القراءة بدون نقط لا يعفي من السماع".
          أقول: لم ينازعك أصحاب المنشورات في هذا. ولا أنا أنازعك.
          ففيم القضية ؟!
          الشباب اجتمعوا ببراءة لبعض المنافع.
          ولم يمدحوا المخدرات ولا دعوا إلى تناولها.
          فلماذا تقيم الدنيا ولا تقعدها منددًا بشرب المخدرات ؟!

          (3)
          تقرر أنك قد تقرأ نصاً "صحيحاً وبسهولة" ولو خالف المعنى الذي أراده كاتبه.
          أقول: هذا معنى عجيب وضعته أنت للصحة والسهولة في هذا المقام.
          إذا قيل "الصحة" في مقامنا فإنما المراد الصواب الموافق لما أراده الكاتب.
          وليس المراد أي "صحة" والسلام.
          وكذا "السهولة" إنما تتضمن الدرجة المقبولة من موافقة مراد الكاتب.
          وليس المراد أي "سهولة" والسلام.
          وإذا قال كاتب على الكمبيوتر "سرعتي 60 كلمة في الدقيقة" ..
          فلا يفهم منها عاقل أنها أي 60 كلمة والسلام ولو كانت بلا معنى !
          المفهوم من كلامه أنها سرعة تتضمن صواباً بنسبة مقبولة.
          هذا ما يفهمه العقلاء بداهة .. وهو خلاف فهمك للسهولة والصحة في مسألتنا.

          (4)
          تعترض على أن النقط وُضع لغير العرب.
          وتستشهد بكلام أهل العلم في أن التصحيف وقع من خواص الناس أيضاً وعلمائهم.
          أقول: لا أنا ولا أصحاب المنشورات أنكرنا وقوع التصحيف من خواص الناس وعلمائهم.
          ففيم القضية ؟! وعلامَ التطويل في الاستشهاد على ما لم تُنازع فيه ؟!

          غير أنك تبني على وقوع التصحيف أن النقط وُضع للعرب أيضاً.
          وهذا قصور فهم منك لكلام أهل العلم هنا بأن النقط وُضع لغير العرب ابتداءً.
          فلم يقصد أهل العلم أنه لا أحد من العرب يقع منه التصحيف (كما توهمت) !
          إنما قصدوا أن النقط كان لإصلاح اللسان من الفساد.
          وأكثر الفساد (أو التصحيف هنا) يقع من العجم.
          فكانوا هم المقصودين بالاستفادة من النقط في المقام الأول.
          ويتبعهم كل من كان عربي اللسان وضعف لسانه ولو قليلاً؛ لمخالطته الأعاجم أو مخالطة من خالط الأعاجم.
          وأئمة العربية واللغة ليسوا سالمين من هذا الداء الذي تفشى وإن في القليل.
          لأنهم مهما نقر بإمامتهم في اللغة فهم أقل من العرب الأقحاح الذين لم يخالطوا الأعاجم.
          ولهذا قلت أنا من قبل إن "السهولة" هنا (التي تتضمن الصواب) = نسبية.
          ولم يرد أهل العلم أن كل عالم أصبح يصحف كل نص يقرؤه بغير سماع !

          ومن أدلة هذا أن العلماء المذكورين كأمثلة لوقوع التصحيف كثيراً منهم بعد النقط والشكل.
          فليس المقصود من النقط والشكل منع التصحيف بالكلية.
          إنما المقصود تقليل مضاره لا أكثر.

          هذا .. وما تحتج به حجة عليك لا لك.
          روايات أبي الأسود الدؤلي وغيره كلها تقريباً عن الأعاجم أو مَن فسد بعض لسانه.

          والمقصود هنا أنك لم تفهم معنى كلام أهل العلم أن النقط كان لغير العرب.
          كما لم تفهم من قبل معنى السهولة والصحة في هذا المقام.

          والمقصود أيضاً هنا أنه من الخطأ ترتيبك على وقوع التصحيف من الخواص أن النقط كان للعرب ولغيرهم.
          قد فشلوا إذن في مهمتهم .. لأن التصحيف – بإقرارك – لم ينقطع عن الخواص الذين ذكرتهم.

          والحق أنهم لم يفشلوا .. أنت الذي فشلت في فهم طبيعة مهمتهم.
          كانت مهمتهم تقليل المضار لا عدمها بالكلية كما توهمت.

          وما تحتج به حجة عليك من وجه آخر.
          وذلك أن يقال لك: لماذا حرص العلماء على وضع النقط ما دام فاشلاً ؟!
          ما دام النقط لن يحل المشكلة .. وسيظل التصحيف واقعاً حتى من الخواص كما هو ..
          فما فائدة إتعاب الناس في مراحل النقط ولن تؤتي ثمارها أصلاً ؟!
          إذا كان العلماء يدركون أن سبب التصحيف هو عدم السماع ..
          فلماذا لجئوا للنقط ؟!
          ولماذا حمد لهم صنيعهم العلماء من بعدهم ومنهم الداني والعسكري والصفدي ؟!

          إذا كانوا يريدون منع التصحيف مئة بالمئة ..
          وإذا كان النقط لا يؤدي هذه المهمة ..
          وإذا كان الطريق الوحيد للمهمة هو السماع فقط ..
          فلماذا حرص العلماء الأوائل على النقط (الذي لا يؤدي المهمة) وحمد لهم صنيعهم العلماء الأواخر ؟!

          لماذا لم يقولوا للناس : التصحيف مشكلة .. والحل سهل : لا تقرءوا ولو كلمة دون سماع !
          لكنهم لم يفعلوا ..
          واخترعوا للناس النقط ..
          أفكانوا يلهون الناس بما يعلمون أنه لا يحل المشكلة ؟!
          أوليس اختراعهم النقط للناس تشجيعاً لهم على مطلق القراءة بسماع وبغيره ؟!

          والحمد لله أن العلماء – والناس تبع لهم – لم يأخذوا بقول دكتورنا الحبيب هنا ..
          فلم يمتنعوا عن "القراءة" بغير سماع ..
          وظلوا – العلماء والناس – يقرءون ملايين الكتب على مر القرون بغير سماع.

          وهذا لا ينفي أن السماع هو الأصل .. وهو الأساس الذي يُبنى عليه العلم.
          وأن المقروء غير المسموع يُصحَّح على المسموع المضبوط.
          وأن القرآن لا "يؤخذ" إلا بالسماع.
          وأن الأصل في تناقل كتب السنة هو السماع.

          المشكلة هنا عندك أنت ..
          أقمت تعارضاً بين أمرين لا تعارض بينهما.

          (5)
          ذهبت تقرر وتكرر كلاماً كثيراً عما لم أنازعك فيه ولا أصحاب المنشورات.
          ذهبت تقرر وتكرر أهمية السماع في أخذ القرآن.
          وتسرد قصصاً عن طفلي وطفلك والمسيحي العربي من معانديهم ... إلخ.
          أقول: أول سبب دفعني للتعليق على مقالك هو هذا :
          أنك تنازع فيما لم ينازعك فيه خصمك !
          أقمت الدنيا ولم تقعدها في التنديد بالمخدرات والشباب لم يتعاطوها أصلاً ولا دعوا إلى هذا.

          فالعجب من استمرارك في هذا.
          نعم، هو يكثر كلامك، ويعطيك قضية شريفة تدور حولها وإن كان خصمك لم يثرها أصلاً.

          (6)
          تقرر أن سهولة القراءة تدفع صاحبها للتجاسر على القراءة (أول مرة) من مصحف دون سماع.
          أقول: هذا وهمك الذي حاسبت الناس عليه ولم يفوهوا به.
          إلزام منك بما لا يلزم.
          وهل الإقرار بأن المصريين القدماء كانوا يفهمون الهيروغليفية يشجع الناس على قراءة الهيروغليفية من دون ما يتطلبه ذلك من علم ؟!

          (7)
          أطفالنا لا يتقنون القرآن كله في جلسة واحدة من ساعتين لو لاحظت !
          وأنا – ومعي باقي العقلاء – نحث أطفالنا على قراءة القرآن كثيراً ولا نشترط أن يكونوا سمعوه كله من المعلم فضلاً عن إتقانه.
          لأن – وهذا ما لا تريد فهمه – "القراءة" شيء .. و"الأخذ" المعتمد شيء آخر.
          وأين قرأت للعلماء فتوى بتحريم قراءة الأطفال للقرآن إلا ما أتقنوه فقط ؟!
          ومن أجل مثل هذه "القراءة" وضع العلماء الأولون النقط وما والاه وحمد لهم صنيعهم المتأخرون.

          هل تخشى أن يخطئ الطفل ؟!
          قطعاً سيخطئ ويصحف ويوجع قلب دكتورنا الحبيب !
          لكن هذا شر صغير يفوقه نفع قراءة الكثير الصواب من القرآن وربط الطفل بالقرآن.

          ومجرد السماع لن يمنع الطفل من الخطأ والتصحيف.
          وحتى بعد التعلم على يد الشيخ لن ينقطع الخطأ والتصحيف كما تتوهم !
          اهدأ بالاً وقر عيناً .. ليس الأمر بهذه المأساوية المحزنة !
          وأين أنت من حديث الذي يتتعتع بالقرآن ؟!
          أتراه قرأ بغير سماع والله يثيبه على هذا ؟!
          أم تراه قرأ بعد سماع وتعلم وظل يتتعتع فلم ينفعه السماع ؟!

          (8)
          تقرر أن النقط لم يوضع لتسهيل القراءة .. بل حرزاً من التصحيف.
          أقول: فما بال العلماء – على قولك – قادوا الناس في طريق فاشل لم يمنع التصحيف ؟!
          أفكانوا جاهلين بنتيجة صنيعهم وفشله مقدماً ؟!
          أم كانوا عالمين بالفشل مسبقاً لكن لم يجدوا غيره يقدمونه للناس ؟!

          ما فائدة أن يرى العلماء التصحيف فيحاولون منعه بوضع النقط الذي لن يمنعه ؟!

          (9)
          تقول : "لا يوجد في كتاب الله شيء اسمه مجرد القراءة أول مرة دون سماع، حتى في زماننا هذا".
          أقول: هذه مكابرة للعيان المحسوس.
          ناتجة عن الخلط بين مجرد "القراءة" و"الأخذ" والتحمل.
          والمسلم الذي يكون بعيداً عن القرآن ينصحه الدعاة والعلماء بقراءة القرآن.
          ويقولون له ابدأ من الآن.
          ولا يحرمون عليه قراءة نص قرآني لم يسمعه من قبل.
          نعم، ينصحونه بالبدء في تعلم قراءة القرآن.
          لكن التعلم عملية تستغرق الشهور والسنين.
          وهم لا يحرمون عليه قراءة كتاب ربه إلا ما تعلمه فقط.
          فلو لم يتعلم قراءة جزء عم إلا في شهور ..
          لا يحرمون عليه باقي القرآن خلال تلك الشهور فضلاً عن بعدها.
          نعم، لو قرأ بغير تعلم فسيخطئ وسيصحف وسيتتتعتع ..
          لكن الفائدة أكبر من هذا الشر الصغير.
          وهذا الشر الصغير يُمسح بعد هذا بالتعلم المستمر.
          وكل الناس يعلم هذا عالمهم وجاهلهم .. خلاف فهم دكتورنا الحبيب.

          (10)
          تقول: سهولة القراءة لم تمنع التصحيف بين أهل اللغة
          أقول: وهل منعه النقط والشكل ؟!
          بل أقول: ولماذا ترك العلماءُ الناسَ يقرأون وحاولوا مساعدتهم بالنقط والشكل ؟!
          لماذا لم يقولوا لهم : لا فائدة .. لا يمنع التصحيف إلا السماع .. فلا تقرأوا كلمة بغير سماع !!
          أغاب عن العلماء آنذاك قضية دكتورنا الحبيب ؟!

          (11)
          تقول: دعوى تسلّم الكتب بغير سماع أو إجازة غير صحيح.
          أقول:
          أولاً : ومن قال "تسلّم" ؟!
          إلى متى دكتورنا الحبيب تنشئ دعاوى من عندياتك ثم تنتصر لما لم تنازع فيه ؟!
          قلنا "قراءة" .. أم ما زال الخلط قائماً عندك بين "القراءة" و"التسلم" و"الأخذ" ؟!

          ثانيا : قراءة الكتب بغير سماع ولا إجازة متواترة على مر القرون وإنكارها مكابرة.
          وقد ضربنا مثالاً بأحد العلماء ابن تيمية .. ولم تجب عنه.
          كان يرجع رحمه الله في الآية الواحدة إلى أكثر من مئة تفسير يطالعها.
          فهل تزعم أنه سمع كل هذه المئة سماعاً على أيدي العلماء ؟!
          أوتظن أن هذا دأبه في التفسير فقط ؟!
          كلا كان يرجع إلى مئات الكتب في المسائل المختلفة في العقيدة والتفسير والفقه والأصول ... إلخ.
          فهل تزعم أنه سمع كل هذه المئات والآلاف من الكتب سماعاً على أيدي العلماء ؟!
          بل يلزمك أنه فعل هذا وجوباً – سماعاً وإجازة - وإلا كان آثماً !!
          كلام عجيب !
          أنصحك بتصحيح تصورك للمسألة.

          (12)
          تقرر أن العلماء ألفوا مئات الكتب في التصحيف وخطره وضربوا مئات الأمثلة لما وقع فيه العلماء بل فطاحلهم.
          أقول: ألم تسأل نفسك : لماذا ظل العلماء على مدار القرون يقعون في التصحيف ؟!
          ألم تنتبه: الوقوع في التصحيف معناه أنهم كانوا على الدوام يقرءون في الكتب بغير سماع !!
          (طبعاً خلاف سماع القرآن والحديث والأمهات والأصول).
          ما تحتج به إنما هو حجة عليك.
          أترى علماء الأمة وفطاحلها كانوا سادرين في غيهم يقرءون بغير سماع مخالفين ما ينصحون الناس به ؟!
          بالطبع لم تكن هذه مخالفة منهم.
          لأن أحداً لم يحرم مجرد "القراءة" بغير سماع (عدا دكتورنا الحبيب طبعاً).
          لكن وقع التصحيف !
          نعم، وقع، وسيقع .. لكن هذا لا يمنع فضل القراءة والمطالعة بغير سماع.
          والذين حذروا من التصحيف لم يريدوا منع العلماء والناس من القراءة بغير سماع هكذا بإطلاق كما فهمت.
          إنما أرادوا التحذير من شر لا بد منه ..
          والإرشاد إلى تقليل ضرره ..
          وتبيين فضل السماع على مجرد القراءة ..
          وأن يعرض العلماء والناس ما يقرءونه على ما سمعوه وضبطوه.

          (13)
          تقول: كانت نشأة المسلمين الأولين نشأة تلقٍ ورواية وحفظ، لهذا كانت عنايتهم بالرواية عظيمة في كل شيء.
          أقول: وهؤلاء أنفسهم هم الذين تعج كتب التصحيف بذكر ما وقعوا فيه من تصحيف !
          أفكان تصحيفهم ناتجاً عن الرواية ؟! .. فبماذا نفعتهم إذن ؟!
          أم كان تصحيفهم ناتجاً عما قرأوه بغير سماع ؟! .. فلماذا ارتكبوا ما نهوا عنه ؟!

          (14)
          تقول: كان لكل فقيه سنده فيما تلقى من الكتب الفقهية حتى يصل به إلى مؤلفيها أنفسهم.
          أقول: وكان له أيضاً آلاف المجلدات قرأه بغير سماع.
          لماذا أقررت هذه وتركت تلك ؟!

          (15)
          تقول: لم أدّعِ أن السماع واجب في كل كتاب .. بل حضوا عليه في أمهات الكتب والمتون.
          أقول:
          أولاً: أنت لم تقل "أمهات" ولا شبهها من قبل.
          إنما كنت تعمم في كل العلوم هكذا بإطلاق كما كنت تقول.

          ثانياً: أنت تشنع على التصحيف.
          وتقول إن القراءة بغير سماع تصحيف ولا بد.
          وتنكر قراءة العلماء لكتب بغير سماع.
          وكل هذا يلزم منه وجوب السمع في كل كتاب يقرؤه العالم.
          وإلا فهل تشجع العلماء على طريق التصحيف والتحريف ؟!

          (16)
          تقول: الوجادة في مقام المنقطع أصلاً.
          أقول: الوجادة مقبولة في تحمل العلم ونقل نصوص الأحاديث.
          ولم تجب عن هذا مع شدة تعلقها بمسألتنا.

          (17)
          تستنكر وجود روايات لفضلاء أنفوا من النقط والشكل، وعدوا هذا إهانة لهم واتهاماً في عربيتهم.
          تقول: ادعاء يعوزه الدليل .. إلا أن يبينوا خطأ مسلكهم.
          أقول:
          أما حصول الوقائع فهو ثابت، وإنكارك له دليل عندي على عدم رجوعك إلى أهل الاختصاص قبل الكتابة في موضوعك.
          وحسبك هنا – مثلاً - قول (الصولي) في (أدب الكاتب) :
          (( كره الكُتّاب الشكلَ والإعجام، إلا في المواضع الملتبسة من كتب العظماء إلى دونهم، فإذا كانت الكتب ممن دونهم إليهم تُرك ذلك في المُلبس وغيرهم، إجلالاً لهم عن أن يُتوهم عنهم الشك وسوء الفهم، وتنزيهاً لعلومهم وعلو معرفتهم عن تقييد الحروف )).
          حتى نقلوا عن بعضهم قوله: أنْ يقع التصحيف من القارئ خير من أن يُعاب الكاتب بالنقط !

          وأما مسألة صحة رأيهم أو خطئه .. فلا تعنينا كثيراً هنا.
          الذي يعنينا أنه قد وقع من قوم عرب أقحاح كراهة النقط والشكل، وعدوا هذا اتهاماً لعربيتهم.
          وهذا معناه أنهم كانوا يقرءون المكتوب على وجهه الصواب (إجمالاً) بغير نقط ولا شكل.

          (18)
          تقول: "التصحيف مع السماع وارد".
          أقول: فلماذا تصر على السماع مع ورود التصحيف عليه ؟!
          فإن قلت: الخير الكثير يجبر التصحيف القليل.
          قلت: وكذا التصحيف في القراءة بغير النقط كان قليلاً عند الأوائل قبل أن تمس الحاجة إليه.

          (19)
          ما زلت تصر على أن الخطوط الأولى كانت أكثر صعوبة على أهلها مما نستعمله الآن.
          وتقول: هو طافح في الكتب.
          أقول: فإن لم تأتِ بنقل واحد – ولن تأتي – فاعلم أن الخير في التعلّم قبل الكتابة.
          والمسألة محسومة عقلاً لا تحتاج إلى الرجوع لكتب ولا يحزنون.
          أفكان أهل كل عصر يجهل ما يكتب ويستصعبه ؟!
          وأما ما تجده من تقرير صعوبة الخط المتقدم عن المتأخر ..
          فليس هذا متوجهاً على أهل عصره ابتداءً ..
          إنما هو خاص بالحين الذي انحطت فيه مدارك الناس عن استيعاب الخط الأول ..
          واحتاجوا إلى اختراع المتأخر.

          (20)
          قررت أنا أن كلامك عن تعدد صور الكلمة الواحدة لم ترجع فيه لأهل التخصص.
          لأنهم قرروا وكرروا أن السياق كان المحدد الأعظم لحذف معظم تلك الصور من الاحتمال.
          كان ردك خطبة إنشائية (ليست عصماء). خلت من أي دليل أو الإشارة إليه.
          بل أكدت أنت بعدها أن ما بنيت عليه كلامي "لا خلاف عليه أصلاً" حسب قولك !
          أقول: شكر الله سعيك !

          (21)
          تقول: السياق لا يمنع التصحيف.
          أقول:
          المنع التام الذي تتوهمه لا يمنع السياق ولا السماع بل ولا حتى الضبط !!
          أما إن أردت المنع النسبي .. فالسياق يمنع كثيراً من التصحيف كما قرر أهل التخصص.

          (22)
          تقول: ولا يغني عن التنبيه أن عين (متعلم) لم تقع عليه .. وكأن الغاية أصبحت ما رآه جاز وما لم يره لم يجز.
          أقول: أنت ادعيت دعوى عمومية على المنشورات. ولم تقم دليلاً عليها.
          أعني دعواك أنهم يحرضون الناس بهذا على "أخذ" القرآن من المصاحف بلا سماع.
          والدعوى العمومية يكفي في مقابلها نفيها. وقد حصل.
          وإلى الآن لم تقم الدليل على دعواك حتى بعد ردها والمطالبة بدليلها.
          أنت اكتفيت بقصة (متعلم) يرى ولا يرى وتصويري في صورة المغرور ... إلخ.
          لكن هذا لا يعفيك من دليل ما زلت تعجز عنه مع الرد والمطالبة.

          (وفي ختام مشاركتي أقول وأنصح) ..

          أقول:
          صدر منك في حقي كلام كثير محاولاً النيل من شخصي المتواضع اللّذوذ المهاود !
          وقد رأيت الإعراض عنه حتى لا ينشغل القارئ بغير الموضوع : دعاواه وحججه.
          مع إدراكي لصعوبة المآزق التي وضعت نفسك فيها بسبب الكتابة قبل اكتمال التصور.
          وتقديري أن دافعك كان الغيرة على القرآن العظيم.

          وأنصح ..
          لك أخي الحبيب بالاختصار والاقتصار قدر المستطاع حفاظاً على انتباه القارئ.
          فإن لك تطويلاً في الكتابة وتكثيراً في الكلام بغير كبير فائدة تحته.
          واستعن على هذا بمزيد دراسة في أصول الفقه وفنون البيان.
          فإنك على ثغر تحتاج أول ما تحتاج فيه إلى الإبانة عن مطلوب بأسرع طريق وأيسره.
          هدانا الله وإياك صراطه المستقيم.

          تعليق


          • #6
            لازال التصوُّر للقضيّةِ عندكَ غائِبًا، حديثي ينْصَبُّ على القرآن الكريم والقراءات، وأنت تعلمُ هذا، والقسم الذي وُضِع فيه هذا الشريط يقول هذا!، واسمه " المصاحف والقراءات" وكل الحديثِ وأنت تعلم كان عن اتخاذ هذه المُقدِّمة "سهولة القراءةِ بدون نقْطٍ" كحقيقةٍ مُطلقة وتمريرِها على القرآن الكريم والقراءةِ من المصاحِف في الصدر الأول دون أخذ بالسماع.. وهذه شُبهةٌ ادّعاها المستشرِقون فجعلوا القراءة والاخذ من المصاحِفِ أصْلًا وعزوا القراءات الى التصحيف!، وبيّنا ان هذا لم يحْدُث وهو من قبيل الوهم.. وأن الأصلَ كان الأخذ من الصدور.. وجُرِّم الأخذ من المصاحِف.

            وقد قرات لبعْضِ الإخوة ممن يستدِل بسهولةِ القراءة بغيرِ نقْطٍ لتبرير عدم خطأ الأخذِ من المصاحِف، وكان غائِبًا عنهم الأخذ بالسماع، وكأنهُ يُثبِت شُبهة المستشرقين دون أن يعلَم .. وقد قرأت هذا لبعْض الإخوة وصحّحتُهُ لهم، فلا تقول لي أنه كلام عام .. وأعلمُ أن هناك من قد يحتجُّ به وهو عالم في الأصول لبيانِ مجرد السهولةِ كما ذكرت .. فلا أعارِضُه مادام عالما بالأصول .. وليْس لهذا أوجِّهُ كلامي ولكِن أجد ضرورةَ أن يُبيِّن هو أيْضًا هذا للمبتدئِين ولطُلّاب العلم .. إذا ما ضرب المثل حتى لا يوضَع ما كتب في عيرِ موضِعِه.

            حوارُنا للدُّعاةِ والمناظرين والمنشغلين بعلوم القرآن الكريم، والغايةُ منهُ تقرير أصلٍ أصيلٍ. بينما أنت شغلك الشاغل هو الجدلُ حولَ القراءةِ بدون نقطٍ سهْلة ! .. وسلّمنا أن القراءةَ سهْلة أصْلًا، ولم أخالفك في هذا، وكان يجِب بعْدَ هذا التسليم أن نمر إلى القضيّة الرئيسية التي أريد أن تُضاف كنقطة علمية او معرفيّة، والتي تهم الدعاة .. أما استهلاك الوقت في اعادة القول أن القراءة سهْلة .. فأطفال المسلمين يردون عليْك ويقولون سهلة يا متعلم .. كمل بقى مع أمير .. وتعال نؤصِّل الأصول فيهِ لطالب العلم. كونك لازلت في نفس القضيّة انت حُر! .. وقت المسلمين أثمَن وتقديم الأصول أعظم .. انت على ثغْر .. اللي بتعمله ده اسمه جدل أراه مذمومًا.

            الآن ندْخُل للقضية (أتمنى تكون دخلت لا تقف عند الباب) .. وبالدخول للقرآن الكريم والقراءات نقول .. أن دعوى السهولة على إطلاقٍ هذا لم يعُد لها محل من الإعراب فيما يخُص النصّ المُتلقّى والإصرار عليه فيه غلط أو مُغالطة، لأن الجملة حينئِذٍ يجِب ان تًصحّح هكذا: سهولة قراءة غير المنقوط لا تُغني عن الأخْذِ والتلقّي في مقامِ القرآن الكريم، وإلا فالتصحيف والتحريف واقِعٌ لا محالة .. ويجِب ادراكُ هذا لغلق الباب على المستشرقين والمغالطين .. والتحصُّن بالعلم فلا يقع في فخِّ مغالطاتِهِم.

            إن كان عندك اعتراضٌ على هذا الأصلِ فيما يخُص القرآن الكريم .. بيِّنه .. وإلا فقضيتي وقضيّةُ كل مسلمٍ على الثغر ليْست القراءة المُجردة التي انفعلت انت وتوقفت عندها .. ولا تعنينا في شيء .. انت هنا في حراس العقيدة مش في حصّة مُطالعة، يعني لن تُقرر للناس من هنا ان القراءة سهلة .. لأ.. هذا قرره كمعلومة على الفيس أو للعامة .. أما فيما يخُصُّنا كدُعاة فضع الأصول فيما يخُص كتاب الله ودينَ الله .. عن الأخْذِ .. عن التلقي .. عن تجريمِ أخذِ القرآن من المصاحِفِ في الصدر الأول -ولو سهُلَت قراءتُه- هذا ما أجمعت عليه الأمّةُ سلفًا وخلفًا !
            "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
            رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
            *******************
            موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
            ********************
            "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
            وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
            والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
            (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

            تعليق


            • #7

              (1)
              كنت تقرر: "المكتوب بدون تنقيط يسهل قراءته = مغالطة".
              الآن تقول: "القراءة بدون نقط سهلة".
              هذا تناقض.
              بان لكَ من الرسالةِ السابِقة أنه لا يوجد تناقُض هنا، بل يوجد خلطٌ عندك بيْن قضيّتين ! ..

              إن كانت القراءة بدونِ نقْطٍ سهْلة .. فإن هذا لا يُعتَدُّ بهِ في أخْذِ القرآن الكريمِ والقراءاتِ..

              في مقامِ كتاب الله وعند تأصيلِ الأصول للدعاةِ: فإطلاق القولِ بأن الكتابةَ بدون تنقيطٍ يسيرةٌ ثم تسْكُت، هذا الإطلاق لا يستقيم، لما سينبني عليْهِ من لبْسٍ، والإصْرار عليْهِ غلط أو مُغالطة: ولكي نُزيل اللبس والالتباس ومكمن الغلط نقول: سهولة قراءة غير المنقوط لا تُغني عن الأخْذِ والتلقّي في مقامِ القرآن الكريم، وإلا فالتصحيف والتحريف واقِعٌ لا محالة.

              ثم تقول:

              (2)
              تقول: "يسر القراءة بدون نقط لا يعفي من السماع".
              أقول: لم ينازعك أصحاب المنشورات في هذا. ولا أنا أنازعك.
              الحمدلله.
              "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
              رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
              *******************
              موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
              ********************
              "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
              وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
              والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
              (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

              تعليق


              • #8
                ففيم القضية ؟!
                الشباب اجتمعوا ببراءة لبعض المنافع.
                ولم يمدحوا المخدرات ولا دعوا إلى تناولها.
                فلماذا تقيم الدنيا ولا تقعدها منددًا بشرب المخدرات ؟!
                حديثُنا ليْس عن الشباب الجميل البريء .. وماعندي عليهم اعتراض.
                حديثُنا مع الدعاةِ المتخصصين في درء الشُّبُهات

                فإذا بانَ لك هذا يا أخ متعلم .. تكون قد انتهت قضيّتُك معي في الدفاع عن مجرد القراءة والشباب الطيب ..
                وخلينا في تأصيل الأصولِ لمن يُناظرون او يكتبون أو يريدون تعلم الحوار ..

                تخيّل معي حالَك أخي الحبيب : موضوع كتبته أنا كمقدمة في علم شرعي .. عن التلقي والعرض .. والجمع ..والقراءاتِ والمخطوطات .. وحفظ القرآن الكريم وتواتره.. إلى آخره .. وبدأناه .. اقتطعت مقدمة بسيطة وهامة - لأشْحِذ بها عقل الداعية .. والحديث مع الدعاة مختلف تماما عن الحديث مع الشباب البريء! .. ثم يأتي أخ كريم يقتحِم مجلِس الدُّعاة وهم يتحدثون في أصْلٍ أصيلٍ فيقطع المجلِسَ بالتشغيب على الأصول وقلْبَ الحديثِ إلى أن " مجرد القراءة" و "الشباب البريء" مالهم؟!.. بالله عليْك هل هذا الثغْر يحْتمِل كل هذا الوقت الضائِع لتقول ان حديثك عن مجرد قراءة وبراءة شباب.. وهل هذا المبحَثُ مُوجّهٌ لهم أصْلًا؟!

                أخي الكريم أسجّلها لك كيف؟ .. أعيدها لك ازاي عشان تستوعبها؟.. والله نحن نؤصِّل للدعاة .. لا نتحدّثُ عن " مجرد القراءة" ولا عن نوايا " الشباب البريء".. يا أخي اتق الله في نفسك وفي أوقاتنا.. ارجع يا مُتعلم.
                "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
                رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
                *******************
                موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
                ********************
                "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
                وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
                والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
                (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

                تعليق


                • #9
                  تعترض على أن النقط وُضع لغير العرب.
                  وتستشهد بكلام أهل العلم في أن التصحيف وقع من خواص الناس أيضاً وعلمائهم.
                  أقول: لا أنا ولا أصحاب المنشورات أنكرنا وقوع التصحيف من خواص الناس وعلمائهم.
                  ففيم القضية ؟! وعلامَ التطويل في الاستشهاد على ما لم تُنازع فيه ؟!
                  لأن علم هذه المسألة لايزال غائِبًا عنك .. فالتصحيف عند الأولين .. غير التصحيف الحديث في بالك !

                  التصْحيف الذي تحدّث فيه العلماء الأوّلون كان منهُ تصحيفُ النظر بسبب غيابِ النقْط عن الحروف .. ولا وجودَ له اليومَ بعْدَ اصْطِلاحِ النقط إلا بسهوٍ كاتبٍ في نقطِهِ او خطأ .. والتصْحيفُ يُرادُ به ان يشتبه الفاظ متعددة لنفس الرسْم بسبب غيابِ النقْط على الحروف.

                  التصحيف = الغلط في النقْط
                  التصحيفُ والنقْطُ متلازِمان !

                  ووضعت لك تعريفهم لهذا التصحيف، ويتبيّن لك وجه التلازم .. ولكِنك لازلت لم تقرأ .. وتجادل !

                  ووضعتُ هذا التعريف قبل أن يسردوا أمثلته وهو ما اتفق شكله واختلف نقْطُه .. سواءًا كان هذا قبل النقْط أو بعده .. ضربوا الأمثلة للتصحيف الواقِعِ من الاخذ عن الصحيفة دون سماع .. وجرّموا هذا في مقام القرآن الكريم وعلومِ الأمة .. وجرّموا أخذ القرآن الكريم من المصاحِف أو العلمَ من الصُّحُف .. إلا في مقام التعلُّم.


                  وأرجو يا متعلم .. ان لا تعود إلى دائِرتك المفرغة بالقول انك تتحدث عن مجرد القراءة واني اتحدث عن الأخذ .. أو ان هناك خلط مزعوم عندي .. لاننا تعديناها الآن.. أتمنى هذا !
                  "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
                  رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
                  *******************
                  موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
                  ********************
                  "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
                  وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
                  والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
                  (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

                  تعليق


                  • #10
                    غير أنك تبني على وقوع التصحيف أن النقط وُضع للعرب أيضاً.
                    وهذا قصور فهم منك لكلام أهل العلم هنا بأن النقط وُضع لغير العرب ابتداءً.
                    فلم يقصد أهل العلم أنه لا أحد من العرب يقع منه التصحيف (كما توهمت) !
                    إنما قصدوا أن النقط كان لإصلاح اللسان من الفساد.
                    و
                    "مع إدراكي لصعوبة المآزق التي وضعت نفسك فيها بسبب الكتابة قبل اكتمال التصور."
                    و

                    أم ما زال الخلط قائماً عندك بين "القراءة" و"التسلم" و"الأخذ" ؟!
                    الله يهديك، لكِن والله وأشْهِد الله على هذا أنه قصور فهْمٍ منك، أنت بل وقلة علمٍ .. فلم تقرأ أصْلًا كالعادة .. كما سأبيَّن


                    لكِن لي قبل هذا وقْفَة:


                    اعلم أخي الكريم أني أقدّر وأعظِم من شأن كل مسْلِمٍ على الثغْر.
                    وحينَ أقدّرك وأعلي من شأنِك .. فهذا لأني أحبك في الله وأحسبك والله حسيبك على نقاء سريرة.
                    لكِن لايعني هذا التطاول على إخوانِك .. وكم من طوامٍ علميّة وجدليةٍ لكَ نغُضُ الطرف عنها حبًا فيك.
                    أفيعطيكَ هذا الحق أن تتطاول على أحبتِك وإخوانك بما أظنُّهُ فيكَ وليس فينا؟!

                    بل قد وضعت لك التفريق بيْن التحريف والتصحيف.. وبيْنتُ أكثرَ من مرّة أن حديثي عن التصحيف .. وان التصحيف والنقط في الصورة أعلاه نفس الشيء .. بينتهُ أعلاه دون أن أحاوِل أن أبيِّن قلة علمك وقراءتِك .. ودون أن أحرِجَك .. إلا في مقام الرد بمثلِه .. وآذاكَ هذا .. وهذا لأني لا أضعُك في مقام الكِتابي او المخالف .. أما اعطاكَ هذا اشارة إلى أن تُحسِن الأدب مع اخوانك وتُقلل من اسلوبك العنيف .. الذي خسّرك الدعوة مع أكثر الدعاة ..؟

                    وكلهم عندك غلط وانت صلب الرقبة لا تقرأ ولا تتعلم؟!.. ومع ذلِك أصِر أنا على ان تتواجد.. لأن عندك في المقابل خيرٌ كثير اذا وجهت جُهدك فيه نفعت الدعوة والدعاة .. مع ان اسلوبَك ليْن متساهِل مع غيرهم من أهل الكتاب وما قدّمت لنا في الدعوة إلا التنازلات .. ولم نكُن نسْمَح بها .. وكنا نغُض الطرف عنها!

                    ثم أخي الكريم بالله عليك هل يصِل الغرور بك إلى ان تتهمني أنا في قلة فهمي؟! .. أنا لا أعترِض أن أسيىء الفهم .. أو أخطىء وتُبين .. انما كيف يكون هذا حينَ أكون متمكن من هذا الموضوع وأفنيتُ فيه قدرَ عُمرِك .. وأنت لا ناقة لك فيه ولا جمل .. ثم تأتي بجرة قلم تتهمني بقلة الفهم والعلم؟! وتُضيع في الموضوع وتمُط فيه لأجل ماذا؟.. والله أحسبُه هوى النفس.






                    الآن أبيّن ما اختلَط عليْك:
                    (1)
                    عدم إدْراكِ التلازُمِ بيْن نقطِ الأحرفِ والتصْحيفِ
                    والخلْطُ بجهلٍ بيْن نقطِ الحرْفِ وبيْنَ نقْطِ الشكْل


                    نقْطُ الشكْل:

                    النقْط الذي وُضِع أوّل ما وُضِع للقرآن الكريم .. لغيْرِ العرب .. هو نقْطُ الضمّ والفتحِ والكسْر .. نقط الشكْل!
                    والخطأ فيه اسمُه تحريف وليس تصحيف.

                    وهذا لا يقعُ فيه العرب الأقحاح!

                    نقْطُ الإعجام:

                    انما الصورة هذه ، اللي انت بتُدافع عنها أصْلًا .. تتحدّث عن نقْطِ الأحرُف.. نقط التصحيف.. نقط الإعجام !
                    والخطأ فيه اسمُه تصْحيف وليس تحريف!.

                    وهذا يقعُ فيه حتّى العرب الأقحاح
                    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	image.png  مشاهدات:	4  الحجم:	153.2 كيلوبايت  الهوية:	807604


                    الصورة أعلاه اللي انت اعترضت عليها عن نقط الأحرف (التصحيف)
                    حديثي
                    عن نقْط التصحيف .. لكل من يقرأ القرآنَ من المصاحف ..

                    حديثي ليْس عن نقطِ الشكل (التحريف) الذي لم نتطرّق له أصْلًا !


                    وقد أقررت أنت بوقوع التصحيف من قبل دون فهم!
                    لكِنك لم تكُن تفهَم لماذا استشْهِدُ أنا بالتصحيف !!
                    التصحيف ينشأ عن نقْطِ الأحرُف


                    الآن بعد ما بان لكَ العلم .. تعالى نقرأ ما كنت تقوله:

                    (4)
                    تعترض على أن النقط وُضع لغير العرب.
                    وتستشهد بكلام أهل العلم في أن التصحيف وقع من خواص الناس أيضاً وعلمائهم.
                    أقول: لا أنا ولا أصحاب المنشورات أنكرنا وقوع التصحيف من خواص الناس وعلمائهم.
                    ففيم القضية ؟! وعلامَ التطويل في الاستشهاد على ما لم تُنازع فيه ؟!
                    غير أنك تبني على وقوع التصحيف أن النقط وُضع للعرب أيضاً.
                    هل عرفتَ الآن أنك كُنت تُخلّط؟ .. فمن هو بحاجةٍ الى التعلُّم أولا؟!..
                    هل عرفت كيف أنه لا يستقيم الآن القول "
                    أن نقط الحروف للعجم بينما التصحيف يقع فيه أئمة اللغة والعرب؟!"

                    تعلّم أولًا قبل أن تعترِض كتوربيد هائِج ..

                    اعرف الفرق بين نقط الشكل ونقط الحرف ..
                    اعرف الفرق بيْن قول اللغويين تصحيف وتحريف .
                    (وأقول اللغويين لا اقول المحدثين لأنهم - أي المحدثين- استخدموا نفس اللفظ بالتبادل
                    ولا مشاحة في الإصطلاح، وهذا منعا لاختلاق قضية اخرى تبعدنا عن مجال الحوار)


                    حِرْزًا من اللحن :
                    - جمع المصاحف العثمانية هو الذي كان لاجل اختلاف القراء وظهور العجمة من غير العرب !!

                    حِرْزًا من التحريف:
                    - وضع أبو الأسود الدوؤلي علم النحو ونقط الشكْل (ضم وفتح وكسرة) لغير العرب !!
                    فكانت علامة الفتحة نقطة فوق الحرف وعلامة الضمة نقطة في نفس الحرف وعلامة الكسرة نقطة تحت الحرف وعلامة الغنة نقطتين.

                    حِرْزًا من التصحيف (وهذا موضوعُنا):
                    - فاستحدث نصر بن عاصم الليثي وقيل ابن يعمر النقْط للجميييع .. (النقط على الباء والتاء وغيرها) للعربِ وغيْرِ العرب !
                    وذلِك حين لجأ العامة (عربًا وغيرَ عرَب) الى القراءة من المصاحِف دون السماع فوقع التصحيف والغلط في كتابِ الله .. وسببه ان الناس كانوا يقرأون فى مصحف عثمان نيفا وأربعين سنة الى يوم عبد الملك بن مروان ثم كثر التصحيف وانتشر بالعراق فأمر الحجاج أن يضعوا لهذه الاحرف المشتبهة علامات، فوضع نصر الحروف (النقط افرادا وأزواجا) وخالف بين اماكنها.


                    فلا أراك قرأت أصْلًا قبل أن تكتب !
                    وإذا اعترضت عليك اعتراض علمي تقول لا خلاف !..
                    واذا بيّنت لك، تقول لنا ان قصْدَك مجرد قراءة .. !
                    وإذا سكت اتهمتنا ..
                    مالك يا أخي فيه ايه ؟! ... هو شيطان وراكب وخلاص؟!


                    ويتبع
                    "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
                    رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
                    *******************
                    موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
                    ********************
                    "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
                    وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
                    والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
                    (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

                    تعليق


                    • #11
                      (2)
                      قلْب القضيّة الناجِمِ عن قلة الإطلاع أو العناد


                      والله لا يصْدُر هذا الجوابُ بما فيهِ من قلبٍ وتلبيسٍ عن طالبِ عِلم

                      إذا كانوا يريدون منع التصحيف مئة بالمئة ..
                      وإذا كان النقط لا يؤدي هذه المهمة ..
                      وإذا كان الطريق الوحيد للمهمة هو السماع فقط ..
                      فلماذا حرص العلماء الأوائل على النقط (الذي لا يؤدي المهمة) وحمد لهم صنيعهم العلماء الأواخر ؟!

                      لماذا لم يقولوا للناس : التصحيف مشكلة .. والحل سهل : لا تقرءوا ولو كلمة دون سماع !
                      لكنهم لم يفعلوا ..
                      واخترعوا للناس النقط ..
                      أفكانوا يلهون الناس بما يعلمون أنه لا يحل المشكلة ؟!
                      أوليس اختراعهم النقط للناس تشجيعاً لهم على مطلق القراءة بسماع وبغيره ؟!
                      هذا قلْبٌ للقضيّة .. وقبل الرد .. أذكِرك أن حديثَنا عن الأخد (فلا ترجع رجاءا وتقول انك تتحدّث عن مجرد القراءة، لأن مجرد القراءة لا مشكلة عندي فيها) .. إنما الحديثُ عن الأخذ لنقل العلم .. عن القرآن الكريم .. عن وثاقةِ نقلِ القرآن الكريم.. عن نقلِهِ من صدْر الحافظ إلى الحافظ.. وحديثي عن العلم .. عن نقل العلم عن حديثِ رسول الله .. فلا مجال لمجرد القراءة ولا للشباب اللطيف البريىء يا متعلم هنا .. متفقين من الأول؟!..

                      وعليْهِ نقول:
                      فقد وضعوا كل هذه الإحترازاتِ أوّلًا .. وبعْد ذلِك تبيّن لهم أنها وإن قلّلت من الخطأ، فهي لم تمنع التصحيفَ والتحريف في كتاب الله .. وفي حديثِ رسول اللهِ .. وفي الفقهِ .. فجرموا الأخذَ من مِنَ المصاحِف .. بل وجرّموا أن يُعلِّم الشيْخُ الحديثَ والفِقْهَ من الصحيفة .. إلا إن كان هو كاتِبها أو ضابِطُها أو ممن يؤْمَن عليْهِ التصحيف .. فجرّموا الأخْذَ من الصُّحُف .. أو تشييخَ الصحيفة.. فهذه نتيجة برغم النقط !

                      أما القلب عندك:
                      فقد زعمت قولي أنهم عرفوا (النتيجة) أولا .. ثم خدعوا الناس بالنقط .. وهذه مُقدمة فاسِدة مقلوبة!
                      ثم انبنى على فساد المقدمة فساد الإستنباط: فلأنك ترفُض هذا فإذا تكون النتيجة عندَك : انهم أجازوا النقط والأخذ من الصحف والمصاحف!

                      هذا كلام ساقط .. وسفسطة من يعترَضُ بلا علم وهو لا يكادُ يُميّزٌ كوعه من بوعه .. هذا واللهِ لا يُفضي إلى حق.
                      وإلى جوابك بالعلم .. وأرجوا أن لا تقول لا نعترض على هذا !


                      (3)
                      رد العُلماءِ على
                      مغالطةِ القلْب هذه!
                      واثبات قولهم: لا يمنع التصحيف إلا السماع



                      لماذا لم يقولوا لهم : لا فائدة .. لا يمنع التصحيف إلا السماع .. فلا تقرأوا كلمة بغير سماع !!
                      أغاب عن العلماء آنذاك قضية دكتورنا الحبيب ؟!
                      (8)
                      تقرر أن النقط لم يوضع لتسهيل القراءة .. بل حرزاً من التصحيف.
                      أقول: فما بال العلماء – على قولك – قادوا الناس في طريق فاشل لم يمنع التصحيف ؟!
                      أفكانوا جاهلين بنتيجة صنيعهم وفشله مقدماً ؟!
                      أم كانوا عالمين بالفشل مسبقاً لكن لم يجدوا غيره يقدمونه للناس ؟!

                      ما فائدة أن يرى العلماء التصحيف فيحاولون منعه بوضع النقط الذي لن يمنعه ؟!
                      و
                      وما تحتج به حجة عليك من وجه آخر.
                      وذلك أن يقال لك: لماذا حرص العلماء على وضع النقط ما دام فاشلاً ؟!
                      ما دام النقط لن يحل المشكلة .. وسيظل التصحيف واقعاً حتى من الخواص كما هو ..
                      فما فائدة إتعاب الناس في مراحل النقط ولن تؤتي ثمارها أصلاً ؟!
                      إذا كان العلماء يدركون أن سبب التصحيف هو عدم السماع ..
                      فلماذا لجئوا للنقط ؟!
                      ولماذا حمد لهم صنيعهم العلماء من بعدهم ومنهم الداني والعسكري والصفدي ؟!

                      إذا كانوا يريدون منع التصحيف مئة بالمئة ..
                      وإذا كان النقط لا يؤدي هذه المهمة ..
                      وإذا كان الطريق الوحيد للمهمة هو السماع فقط ..
                      فلماذا حرص العلماء الأوائل على النقط (الذي لا يؤدي المهمة) وحمد لهم صنيعهم العلماء الأواخر ؟!

                      ----
                      واخترعوا للناس النقط ..
                      أفكانوا يلهون الناس بما يعلمون أنه لا يحل المشكلة ؟!
                      أوليس اختراعهم النقط للناس تشجيعاً لهم على مطلق القراءة بسماع وبغيره ؟!

                      ونستهِل الرد من الإمام العسْكري في كتابه شرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف. ص. 10:
                      اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	image.png  مشاهدات:	0  الحجم:	48.4 كيلوبايت  الهوية:	807620





                      وهو ما قاله الصفدي ونقله كذلِك "
                      وغبرَ الناسُ بذلك زماناً لا يكتبون إلا منقوطاً، وكانوا أيضاً مع النقط يقع التصحيف فأحدثوا الإعجام، فإذا أُغفِل الاستقصاءُ على الكلمة ولم تُوَفَّ حقوقها اعترى هذا التصحيف؛ فالتمسوا حيلة فلم يقدروا فيها إلا على الأخذ من أفواه الرجال. وقد ذكرتُ في كتابي فَضّ الخِتام عن التّورية والاستخدام الأماكن التي صحّفها حمادٌ الراوية في القرآن العظيم لما قرأ في المصحيف وهي ما يَنيفُ على الثلاثين موضعاً.



                      إذًا أتاك الرد حاضِرًا من أهل العلم .. أنه كثر التصحيف فوضعوا نقْط الحروف .. ومع ذلِك كان مع النقط يقع التصحيف فاستحدثوا الإعجام ثم استمر التصحيف فلم يجدوا حيلة إلا المنع .. وجرموا الاخذ من الصُحُف وصار الأخذ عن افواه الرجال..

                      يعني احتاطوا وقلّ التصحيف لكن لم ينتهي ولم يكونوا عالمين بالنتيجة قبل وضع النقط .. ولا ان جهدهم كان منقوصًا .. ولا كان هناك خداع ولا هم قالوا اكملوا قراءة واخذ من الصحف كما ادّعيْت عليه كذِبًا ..
                      بل كانت النتيجة تجريم الأخذ من الصحف والاقتصار على السماع.

                      كنت تسألني:


                      لماذا لم يقولوا لهم : لا فائدة .. لا يمنع التصحيف إلا السماع .. فلا تقرأوا كلمة بغير سماع !!
                      أغاب عن العلماء آنذاك قضية دكتورنا الحبيب ؟!
                      هل عرفت الآن أنهم قالوا؟! ..
                      هل عرفت الآن أنها ليست قضيتي بل قضية الأمة .. ولكِن الحبيب متعلّم غافل عنها مولع بجدله ورأيه؟

                      بل قالوا التصحيف مشكلة وجرموا الأخذ بدون سماع! .. اقرأ النقطة (5) كذلِك.


                      (4)
                      وأذكِّرُك مرة أخرى: حديثُنا عن الأخذ شِئْت أم أبيت !


                      وحديثنا عن الأخْذ شِئْت أم أبيت .. وليس تعريفك العائِم " مجرد القراءة " .. ما تغالطش وتقول ان قصْدَك مجرد القراءة.. ووالله لن أسْمَح بالاستهتار في الدين .. او التهاون في هذا الموضوع وتمييعك له حفظًا لماء وجهك على حساب دينِ الله .. أحفظ لك وجهك في غير ذلِك .. إنما في الدين تجلس وتتعلّم ويُقام عليك الحجة شِئْت أم أبيت .. إنما لو قصْدك شيء آخر .. يبقى مش مكانه هنا " لا أفهم أنا "أصلي فهمت كيت وكيت".. " وكان قصدي كيت" ثم تتطاول وتتهم عن جهل !

                      لماذا لم يقولوا للناس : التصحيف مشكلة .. والحل سهل : لا تقرءوا ولو كلمة دون سماع !
                      و
                      والحمد لله أن العلماء – والناس تبع لهم – لم يأخذوا بقول دكتورنا الحبيب هنا ..
                      فلم يمتنعوا عن "القراءة" بغير سماع ..
                      وظلوا – العلماء والناس – يقرءون ملايين الكتب على مر القرون بغير سماع.
                      بل قالوا وأجمعوا على أن هذا أمر لا يجيزه المسلمون ولو كان المصحف مضبوطًا بل إنهم يعدون هذا الاكتفاء منافيًّا للدين لأنه ترك للواجب وارتكاب للمحرم .. بل قالوا حتى في الحديثِ وأجمعوا عليْه .. قالوا حتى في علوم الفقه.. قالوا .. قالوا ..

                      قالوا ..
                      إنما انت تُغالط بالألفاظ فتقول : " ولو كلمة" .. إيش ده؟!.. تعرف الحق وتُجادل فيه ..
                      ولكي تمنع ظهور الحق تُقيده .. بـ" لو كلمة" .. ماهذا التهريج ؟! .. هذه صفة ما توقعت أن يلجأ اليها مثلُك ..

                      وإذا أتيتك بالأدلة تقول انك لست معترض .. انت مش معترض .. لكنهم لم يقولوا عن "ولو كلمة !!.. هل هذا حوار حق؟! ..
                      أو .. انك مش معترض بس انت بتتكلم عن مجرد القراءة.. هذا تضييع أوقات ..!!
                      أو انك مش معترض بس الشباب الجميل البريىء اللي بيقرأ .. ماهذا الكلام؟!

                      كل عالم من علماء السلف كان له شيخ وشيوخ يتعلم على أيديهم، وحتى الصحابي ابن عباس كان يذهب إلى بيت زيد بن ثابت ليسأله، فينام على باب داره حتى يخرج إليه، ولن تجد عالماً في الأولين ليس له شيوخ إلا علماء الكتب، وهذه الكتب لا تخرج شيوخاً، الكتاب مطلوب، لكن لا بد من مدارسته على يد شيخ، فالعلم صنعة، وكل صنعة تحتاج إلى صانع، والعالم يسهل لك الطريق.


                      (5)
                      بل قالوا التصحيف مشكلة وجرموا الأخذ بدون سماع!


                      لماذا لم يقولوا للناس : التصحيف مشكلة .. والحل سهل : لا تقرءوا ولو كلمة دون سماع !
                      و
                      والحمد لله أن العلماء – والناس تبع لهم – لم يأخذوا بقول دكتورنا الحبيب هنا ..
                      فلم يمتنعوا عن "القراءة" بغير سماع ..
                      وظلوا – العلماء والناس – يقرءون ملايين الكتب على مر القرون بغير سماع.


                      الآن إلى أدلة أخْذ العلم وليسَ القرآن وحدَه بالسماع وليس من الكُتُب .. ( وليس قولك: ولو كلمة ) ! ( وليس قولك: مجرد القراءة ) !

                      1-قال ابن وهب ، وحدثني مالك ، قال : « أدركت بهذا البلد رجالا ببني المائة ونحوها يحدثون الأحاديث ، لا يؤخذ منهم ، ليسوا بأئمة » فقلت لمالك : وغيرهم دونهم في السن يؤخذ ذلك منهم ؟ قال : نعم « ويجب أن يكون حفظه مأخوذا عن العلماء لا عن الصحف"
                      قال سعيد بن عبد العزيز (ت. 167هـ) : ((لا تأخذوا العلم عن صُحُفِيٍّ، ولا القرآن مِنْ مُصْحَفِيٍّ)) [الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 2/31].
                      2- قال أحمد بن إسحاق النهاوندي ، قال : " أنشدنا الحسن بن عبد الرحمن لبعضهم يذكر قوما لا رواية لهم ومن بطون كراريس روايتهم لو ناظروا باقلا يوما لما غلبوا والعلم إن فاته إسناد مسنده كالبيت ليس له سقف ولا طنب، والتصحيف والإحالة يسبقان إلى من أخذ العلم عن الصحف"
                      3- قال ابن عائِشة جاءني أبو الحسن المدائني فتحدث بحديث خالد بن الوليد رضي الله عنه حين أراد أن يغير على طرف من أطراف الشام ، وقول الشاعر في دلالة رافع لله در رافع أنى اهتدى فوز من قراقر إلى سوى خمسا إذا ما سارها الجبس بكى فقال : الجيش ، فقلت : لو كان الجيش لكان بكوا ، وعلمت أن علمه من الصحف »
                      قال سليمان بن موسى (ت. 115هـ): ((لا تأخذوا الحديثَ عن الصُّحُفيِّين، ولا تقرؤوا القرآنَ على الْمُصْحَفِيِّين)) [((الجرح والتعديل)) لابن أبي حاتم (2/31)، و((المحدث الفاصل)) للرامهُرْمزي (211)].
                      4- لا تأخذ العلم من مصحفي ولا العلم من صحفي (شرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف: العسكري ص:10. والفقيه والمتفقه ج2، ص97).
                      5- قال الشافعي رضي الله عنه: من تفقه من بطون الكتب ضيع الأحكام (تذكرة السامع والمتكلم ص. 40)
                      6- ويقول الوليد بن مسلم (ت. 195هـ): ((لا تأخذوا العلم من الصُّحُفيِّين ولا تقرءوا القرآن على الْمُصَحَفِيِّين؛ إلا مِمَّن سمعه مِن الرجال وقرأَ على الرجال)) [((تاريخ دمشق)) لابن عساكر (63/292)، و((تهذيب الكمال)) للمزي (31/98)].
                      7- ونقل ابن جماعة قولهم " من أعظم البلية تشيخ الصحيفة. أي الذين تعلموا من الصحف" (تذكرة السامع والمتكلم ص. 40)
                      8- وقال ثور بن يزيد: لا يفتي الناس صحفي ولا يقرئهم مصحفي.
                      9- في مسند الدارمي عن الأوزاعي أنه قال: ((ما زال هذا العلم في الرجال حتى وقع في الصحف فوقع عند غير أهله))
                      10- ويقول الصنعاني في ((توضيح الأفكار)) (2/394): ((ويقال: لا تأخذ القرآن من مُصْحَفِيٍّ ولا العلم من صُحُفِيٍّ)).
                      11- ويقول السخاوي في ((فتح المغيث)) (2/262): ((والأخذ للأسماء والألفاظ من أفواههم - أي العلماء بذلك، الضابطين له ممن أخذه أيضًا عمن تقدم من شيوخه وهلم جرَّا- لا من بطون الكتب والصُّحُف من غير تدريب المشايخ: أَدْفَع للتَّصحيف، وأَسْلَم من التبديل والتحريف)
                      12- يقولون في أدب طالب العلم مع العلماء: من كان شيخه كتابه كان خطؤه أكثر من صوابه.
                      13- "وتلك قاعدة متبعة لطالب القرآن أن يتلقاه من أفواه المشايخ الضابطين المتقنين وأن لا يعتد أبدًا بالأخذ من المصاحف المكتوبة بدون معلم لما قد يقع في ذلك من تصحيف يتغير به وجه الكلام " .. تقويم أساليب تعلم القرىن لمحمد بن سبتان.
                      14- "
                      لم يكن غريبًا أن يكون الاكتفاء بالأخذ من المصحف بدون مُوّقف أو معلم أمرًا لا يجيزه المسلمون ولو كان المصحف مضبوطًا بل إنهم يعدون هذا الاكتفاء منافيًّا للدين لأنه ترك للواجب وارتكاب للمحرم."الشيخ علي الضباع بحث في التجويد بمجلة كنوز الفرقان عدد مايو1950 ص13
                      15- الشيخ عبدالرحمن القماش في تفسير الحاوي "
                      فعلى المشتغل بالحديث أن يتلقى حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم ، من أفواه أهل المعرفة والتحقيق حتى يسلم من التصحيف والخطأ ، ولا يليق بطالب الحديث أن يعمد إلى الكتب والصحف فيأخذ منها ويروي عنها ويجعلهَا شيوخَهُ ، فانه تكثر أخطاؤه وتصحيفاته ، لذا قال العلماء قديماً : " لا تأخذ القرآن من مُصْحَفِيّ ولا الحديث من صَحَفِيّ"
                      16- د. الطحان في تيسير مصطلح الحديث "فعلى المشتغل بالحديث أن يتلقي حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم ، من أفواه أهل المعرفة والتحقيق حتى يسلم من التصحيف والخطأ ،ولا يليق بطالب الحديث أن يعمد إلى الكتب والصحف فيأخذ منها ويروي عنها ويجعلهَا شيوخَهُ ، فانه تكثر أخطاؤه وتصحيفاته"

                      17- وفي هذا المعنى نَظَمَ الحافظُ محمد بن محمد بن حسن التميمي الداري الشُّمُنّي(ت 821 هـ) بيتين لطيفَين، أوردهما الحافظُ السخاويُّ في "الضوء اللامع" (9/ 75) في ترجمته، وهما:
                      مَنْ يَأخُذِ العِلْمَ عن شيخ مُشَافَهةً ... يَكُنْ من الزَّيفِ والتصحيفِ في حَرَمِ
                      ومَنْ يَكُنْ
                      آخِذًا للعِلْمِ من صُحُفٍ ... فعِلْمُهُ عندَ أهلِ العِلْمِ كالعَدَمِ
                      "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
                      رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
                      *******************
                      موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
                      ********************
                      "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
                      وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
                      والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
                      (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

                      تعليق


                      • #12
                        (6)

                        ادعاء أن العرب الأولين كان سهل عليهم القراءة فلم يحتاجوا الى السماع واخذوا من الصحف
                        قول ساقِط .. يقول به من ساء فهمه
                        الشيخ محمد بن سيدي الأمين في كتابه الوجيز في شرح تجويد الكتاب المبين




                        وقع الكاتب في الغلو فأنكر سهولة قراءة النصوص المكتوبة ومنها القرآن.
                        مدفوعاً بحميته على صيانة القرآن من وهم الواهمين أن القرآن "يؤخذ" من المصحف.
                        مع أن هذا شيء .. وذاك شيء آخر كما نبهنا.
                        و
                        وهذا كمن يتهم أهل مصر أيام الفراعنة بأنهم لم يكونوا يفهمون المكتوب على المعابد وأوراق البردى.
                        حكم بهذا لأنه يجد هذا صعباً عليه هو !
                        وما درى أن قراءة ما يستصعبه هو كان أسهل عليهم ربما من قراءته هو لخطوط زمانه !!

                        == وكذا كلام الكاتب عن تعدد صور الكلمة الواحدة ..
                        لم يرجع فيه لأهل التخصص .. أو تجاهل كلامهم المكرر في المسألة.
                        إذ قرروا وكرروا أن السياق كان المحدد الأعظم لحذف معظم تلك الصور من الاحتمال.
                        و

                        وأما ما تجده من تقرير صعوبة الخط المتقدم عن المتأخر ..
                        فليس هذا متوجهاً على أهل عصره ابتداءً ..
                        إنما هو خاص بالحين الذي انحطت فيه مدارك الناس عن استيعاب الخط الأول ..
                        واحتاجوا إلى اختراع المتأخر.
                        وكُنت قد كتبت أنه في مقامِ كتاب الله: إطلاق القولِ بأن الكتابةَ بدون تنقيطٍ يسيرةٌ ثم تسْكُت، هذا الإطلاق لا يستقيم، والإصْرار عليْهِ غلط أو مُغالطة: ولكي نُزيل اللبس والالتباس ومكمن الغلط نقول: سهولة قراءة غير المنقوط لا تُغني عن الأخْذِ والتلقّي في مقامِ القرآن الكريم، وإلا فالتصحيف والتحريف واقِعٌ لا محالة.

                        نترُك الرد عليْك من الشيخ محمد بن سيدي الأمين في كتابه الوجيز في شرح تجويد الكتاب المبين:
                        " وإن تعجب فعجب قول البعض إن القرآن نزل بلغة العرب والعربي يستطيع قراءته بطبعهفلا يحتاج إلى من يعلمه كيفية النطق به. وهذا القول لا يصدر إلا ممن خانه فهمه، ولم يكن عن أهل الذكر آخذا علمه فإن أصاب فعلى غير هدى، وإن أخطأ فهو به أجدى {أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} . فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أفصح من نطق بالضاد قد تلقى القرآن من جبريل عرضا وسماعا وأمر بالإنصات والإصغاء التام حتى يفرغ جبريل من القراءة ثم يقرأ هو بعد ذلك حسب ما سمع وتلقى كما في قوله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ}



                        يتبع
                        "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
                        رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
                        *******************
                        موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
                        ********************
                        "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
                        وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
                        والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
                        (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

                        تعليق


                        • #13

                          استراحة علميّة بسيطة
                          نتحدّث
                          بالعلم ونُوجّه الحديث إلى أحبتنا المهتمين بدرْء الشبهات

                          فنقول أن الأصل في القرآن أن يكونَ مقروءًا لا مكتوبًا، والقراءة يعني القراءة المحفوظة في الصدور، فنحن عندما نتعلم القرآن ننطلق من المقروء، وهذا واجب في تلقي القرآن الكريم وحِفْظِه ولا يجوزُ الاعتماد على غيرهِ من طُرُق الحِفْظِ كالكِتابة. فالقرآنُ تلقاه النبي صلى الله عليه وسلّمَ مشافهةً من جبريل عليْهِ السلام، كما كان الأمر عند الصحابة الذين تلقوا القرآن مشافهة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولم يأخذوه من كتاب، لذا نقول: هم ينطلقون مما يسمعونه من الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ثم يكتبه بعضهم.

                          وهذه أصول ومبادىء وأبواب .. لا خلاف عليْها بين المسلمين سلفًا وخلفا .. قد سطرتها كدورة مصغرة في علوم القرآن لاخوتنا المهتمين بدرء الشبهات وكان من أبوابها:

                          ومعاني القرآن لغةً دالةً على وجوب تلقيهِ اقراءًا.
                          و
                          سبُلُ نقل القرآن الكريم وحِفْظِهِ هو التلقي والعرض.
                          والقرآن لم يؤْخذ من جبريلَ عليْهِ السلام إلا بالتلقي الشفاهي
                          والأصل في نقْلِ القرآن الكريم هو النقل الشفاهي من النبي إلى أصحابِه.
                          وجوبُ نقل القرآن من الصحابةِ إلى الأمة نقلًا شفاهيًا وتجريمِ نقل المصاحِف.

                          وتجريم النقل والحِفظ من المصاحِف حِرزًا من التصحيف والتحريفِ واللحن.

                          وغير معقول أن يكون حديثنا في هذه الأصول ونستهله بمثال يشْحِذ العقول .. والمثال الذي ضربناه صحيح ولو مُرِّر على كتاب الله هذا التنطُّع وهذا الادعاء بسهولة القراءة يكون فيه تلبيس وغلطٍ شنيع واضِح .. وبيّنا ما فيهِ من خطأ .. ثم يأتي أخ ويُضيع يومين من العُمر .. ويُغير الموضوع كله ويتهمنا أنّا لا نُفرق بين الاخذ والقراءة .. ويرجع ويقول: ان قصده أن يتكلم عن مجرد القراءة السهلة والشباب الطيب !!

                          ولا عجب .. فقد تسرّعت من قبل .. ونسبت علم النقد النصي عند أهل الكتاب إلى القرآن وعلوم الأمة ..!! بل ودخلت وقتها برد عنيف على الإخوة وانت غلطان .. وردّ عليك الإخوة وقتها .. ردودًا مفحِمة .. وتعجّبت أن يكون هذا مبلغُ فقهِك .. وإذ بِك تُكمل على نفْس الوتيرة هنا .. من اتهامِ غيرِك بالجهل وقلة العلم وسوء الفهم .. وانت كتوربيد هائِج ماضٍ بعُنْف يدفعك التعالم والتجاسُر على كتاب الله!

                          وأنقل هنا فصولًا مما كتبت من قبل .. لعل الله يهدي
                          (7)
                          الفصْل الثالث: القرآن لم يؤْخذ من جبريلَ عليْهِ السلام إلا بالإقراء والتلقي الشفاهي

                          وقد عرفنا في الفصْلِ السابِقِ أن الأصل في حِفْظِ القرآن ونقْلِهِ هو التلقي الشفهيّ، وهو الأصلُ الذي تلقّى بهِ النبيُّ صلى الله عليْهِ وسلّم القرآن، وعليْهِ أمته إلى ان تقومَ الساعه. ودليلُ ذلِك من كِتاب الله هو قوله تعالى "وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ". وقوله لَتُلَقَّى من التلقي بمعنى الأخذ عن الغير، والمراد به جبريل- عليه السلام-.أى: وإنك- أيها الرسول الكريم- لتتلقى القرآن الكريم بواسطة جبريل- عليه السلام- من لدن ربك الذي يفعل كل شيء بحكمة ليس بعدها حكمة، ويدبر كل أمر بعلم شامل لكل شيء.

                          ودليلُهُ كذلِك قوله تعالى: (إنا سنُلقي عليكَ قولاً ثقيلا)، وقولُهُ تعالى: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ (195) )، و قوله تعالى: (فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ)، والتعبير بـ " قلبك " أي أن التنزيل على قلبك للإشارة إلى أن القرآن ينزل على القلب ليحفظ في الصدور، لَا أن يكتفى فيه بالسطور؛ لأن السطور يجري فيها التصحيف والتحريف، أما ما يحفظ في القلب فإنه في أمان لَا يجري فيه تغيير

                          وقد حرص النّبي صلّى الله عليه وسلّم على تلقّي الوحي وعلى حفظه ومتابعته، وكان يردّده في مبدأ الأمر أثناء التّلقي، فيبادر إلى حفظه وترداده، فقد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم أميًا لا يقرأ ولا يكتب و كان حريصا على حفظ ما ينزل عليه حرصا جعله يسابق الملكَ في قراءته، ويحرّك شفتيه ولسانه بالقرآن، إذا أنزل عليه، قبل فراغ جبريل من قراءة الوحي، فنزل أمرُ اللهِ لهُ: " وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ". وأرشده الله تعالى إلى ضرورة الإصغاء له أولا، ثم يكون التثبيت والحفظ في القلب من فعل الله تعالى، قال تعالى " لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إنّا عليْنا جمعهُ وقُرْآنَه"، إن علينا جمعه في صدرك، حتى لا يذهب عليك منه شيء، وعلينا إثبات قراءته في لسانك على الوجه القويم، فإذا أتممنا قراءته عليك بلسان جبريل عليه السّلام، فاستمع له وأنصت، ثم اقرأه كما أقرأك، وكرره حتى يرسخ في ذهنك. وأخرج البخاري ومسلم وأحمد، عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا أنزل الوحي، يحرّك به لسانه، يريد أن يحفظه، فأنزل الله: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ". ، وكان صلى الله عليه و سلم يخشى أن ينسى شيئا من القرآن، فتكفل الله عز وجل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم برفع مشقة استظهار القرآن وحفظ قلبه له فلا ينسى ما يقرئه ربه فقال تعالى: "سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى"، وهكذا تكفل الله عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم بحفظه وجمعه في صدره حتى لا يضيع منه شيء.

                          ولم يكُن الوحي مُجرّد التلقي وتبليغ النبي صلى الله عليه وسلّم فقط بل مدارسة أيْضًا مع جبريل عليه السلام بالعرضِ عليْهِ، فكان يقرأه النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل عليه السلام في كل عام مرة حتى يزداد ثبات قلب النبي صلى الله عليه وسلم به ، وليطمئن جبريل عليه السلام أكثر على ما بلغه به. أخرج البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : « كان النبي صلى الله عليه وسلم أجودَ الناس بالخير ، وأجود ما يكون في شهر رمضان ؛ لأن جبريل كان يلقاه في كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ ، يَعْرِضُ عليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم القرآنَ ، فإذا لقيه جبريلُ كان أجودَ بالخير من الريح المرسلة ». ( الحديث أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن ، باب كان جبريل يعرض القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم. صحيح البخاري ج6 - ص101، 102).

                          وعندما دنا أجل النبي صلى الله عليه وسلم عارضه جبريل بالقرآن مرتين فقد ورد في صحيح البخاري : قال مسروق عن عائشة رضي الله عنها ، عن فاطمة عليها السلام : « أسَرّ إليَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن جبريل يعارضُني بالقرآن كلَّ سنة ، وأنَّه عارضني العام مرتين ، ولا أُراهُ إلاّ حضر أجلي » (صحيح البخاري ج6 - ص 101 في كتاب فضائل القرآن ، باب كان جبريل يعرض القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم). وأخرج البخاري عن أبي هريرة قال : « كان يَعْرضُ على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كل عام مرةً ، فعرضَ عليه مرتين في العام الذي قبض ، وكان يعتكف كلَّ عام عشرا ، فاعتكف عشرين في العام الذي قبض » . الحديث أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن ، باب كان جبريل يعرض القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم. صحيح البخاري ج6 - ص 102 .


                          كيْفيّةُ تلقِّي الوحي:

                          (أ) أن يتلقى النبي صلى الله عليْه وسلّم القرآن من جبريل عليه السلام (وجبريل عن رب العزة سبحانه وتعالى). وقد جاء في عدة روایات صحيحة لأحاديث نزول القرآن على سبعة أحرف قوله صلى الله عليْه وسلّم « أقرأني جبريل القرآن...» (تفسير الطبري تح الشيخين أحمد ومحمود شاكر (المعارف) 1/ 29، 31). وإقراء جبريل نبينا محمد القرآن قد یکون بالكيفية التي ذكرها النبي صلى الله عليْه وسلّم في حديثه عن كيفيات الوحي (وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي مايقول) (صحيح البخاري (الشعب) 1/ 2-3) فهذه الصورة للتلقي كصورة التلقي البشري أي نقل البشر العبارة عن بشر سماعًا منه - كما هو واضح .

                          (ب) أن يأتيه الوحئ في مثل صلصلة الجرس فتستولي على قلبه حالة الوحي ثم تفصِم عنه وقد وعى له ما أوحي إليه. وهذه الكيفية هي التي جاءت في قوله صلى الله عليْه وسلّم عن كيفية أخرى - للوحي (أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشده على فيفصم عني وقد وعيْت عنه ماقاله) (صحيح البخاري (الشعب) 1/ 2-3) فهذا تلقٍ بالسكب في القلب. ولئن كان ذكر اسم جبریل - عليه السلام - في قوله تعالى (قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله) (البقرة ۹۷) وقوله تعالى "نزل به الروح الأمين علی قلبك لتكون من المنذرین" (الشعراء- 154) يوجه الآيتين إلى الكيفية الأولى، فإن ذكر القلب فيهما يجعلهما تتسعان للكيفية الثانية. وليس تفصيل الكيفية (ينظر الإتقان للسيوطي في كيفيات الوحي وهو فصل من النوع السادس عشر) شغلنا هنا .


                          الفرائِدُ العلمية:
                          فائِدة: تلقِّي النبي صلّى اللهُ عليْهِ وسلّم القرآنَ بالقلبِ (حِفْظًا واسْتِظهارًا) وليس من جنس رؤية الصور بالعين، ولاهو من جنس قراءة المكتوب كما في حالة إنزال التوراة على موسى ألواحا مكتوبة. وبرغْمِ وصفِهِ بالكتاب فإن الله بيّن أنه يؤخَذُ بالتلقي (وما كنت ترجو أن يُلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك).

                          (8)
                          الفصل الرابع: الأصل في نقْلِ القرآن الكريم هو النقل الشفاهي من النبي إلى أصحابِه.
                          ثم تأتي مرحلة تلقي الصحابة لهذه الآيات من تلاوةِ النبيِّ عليْهِم، قال تعالى: (رَسُولٌ مِنْ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفًا مُطَهَّرَةً)، وفي دعوة ابراهيم واسماعيل عن نبي الأمة «يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ» يبلغهم كلامك الذي توحيه إليه «وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ» يبين لهم معانيه وحقائقه ودلائل التوحيد والنبوة والأحكام. فذكر التلاوة "يَتْلُوا" قبل العلم "وَيُعَلِّمُهُمُ".

                          خصائِص التلقينِ النبوي للقرآن:

                          1- التبليغ والإقراء كما سمِعَه: فليس للرسول صلى الله عليه وسلم من أمر هذا القرآن إلاَّ تبليغه للناس كما سمعه ، دون أي تغيير ، وهذا ما أشار إليه الحديث بدقة بقوله: ( فإذا انطلق جبريل قرأه النبي صلى الله عليه وسلم كما قرأه جبريل ). وقرأ النبي القرآن الكريم على أصحابه ، فحفظه منهم من حفظ، وكتبه منهم من كتب ، قال أبو شامة ( ت 665هـ) : (( وحفظه في حياته جماعة من أصحابه، وكل قطعة منه كان يحفظها جماعة كثيرة ، أقلهم بالغون حد التواتر .)).

                          2- اقراء النبي القرآنَ للصحابةِ بالتلقي من فمِه الشريف: فقد باشر النبي صلى الله عليه وسلم تعليم المسلمين القرآن بنفسه ، وأمره الله عز وجل بأن يقرأه على الناس على مكث ، أي : تؤدَة وتمهل ، كي يحفظوا لفظه ويفقهوا معناه . كما قال تعالى { وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} (الإسراء : 106 ). وأخرج البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال : "والله لقد أَخذتُ من فيّ -فم- رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة". (أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن ، باب القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم . صحيح البخاري ج6 - ص102). وأخرج عنه أنه قال : « كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنْزِلتْ عليه والمرسلات ، وإنا لنتلقَّاها من فِيه (فمِه)» (أخرجه البخاري في كتاب التفسير تفسير سورة والمرسلات صحيح البخاري ج6 - ص77.).

                          3- مباشرةُ تعليمِهِم القرآنَ بنفسِه: وأخرج الإمام أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا القرآن ، فإذا مَرّ بسجود القرآن سجد وسجدنا معه » . (الحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج2 - ص157). وأخرج مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنا التشهد كما يُعَلِّمنا السورة من القرآن » وفي رواية ابن رُمْح « كما يُعَلِّمنا القرآن » (أخرجه مسلم في كتاب الصلاة ، باب التشهد في الصلاة . صحيح مسلم ج1 -ص302 ، 303 ، رقم 60 .). وأخرج البخاري عن جابر بن عبد الله قال : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنا الاستخارة في الأمور كما يُعَلِّمُنا السورة من القرآن » . (أخرجه البخاري في كتاب التهجد بالليل ، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى . صحيح البخاري ج2 - ص51 .).

                          4- تعضيدُ التلقي بالتدوينِ الفوري: و كان صلى الله عليه و سلم إذا ما انتهى الوحي تلا الآيات التي نزلت و أمر كتبة الوحي بكتابتها بين يديه فيكتبوها، و كانوا يكتبون على الرقاع و العسب و اللخاف و العظام. وكان يضع بنفسه أماكِن الآيات، عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزلت عليه سورة دعا بعض من يكتب فقال: "ضعوا هذه في الموضع الذي يذكر فيه كذا وكذا". بل لم يكُن يترُك رسول الله الكاتِب حتى يقرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلّم و يُعيد عليه ما كتب : فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلّم يأمر الكاتب أن يقرأ عليْهِ ما كتب حتى يقوِّم ما قد يكون من زلل فى حرف. ومن أدِلّة ذلك ما رُوي عن أن النبى صلى الله عليه وسلم لما أمر بكتابة قوله تعالى: (لا يستوى القاعدون من المؤمنين والمجاهدون فى سبيل الله). وكان ابن أم مكتوم الأعمى حاضرا يسمع فقال: يارسول الله فما تأمرنى؟ فإنى رجل ضرير البصر، فنزلت مكانها: {لا يستوى القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر}. وقد ورد عن زيد بن ثابت انه قال "كنت اكتب الوحى عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يملى على فإذا فرغت قال اقرأه فأقرؤه فان كان فيه سقط أقامه". وكان من عنايتِهِ بكتابة القرآن أن أمر صحابته من غير الكتبة ان يكتبوا القرآن ويتعلموه فقال " لا تكتبوا عني شيئا غير القرآن ومن كتب شيْئاً فليَمْحُه ". واشترَط تعليم أسْرى بدْر الكتابة مقابل ان يفدي الاسير نفْسَه. أما الصحابة رضوان الله عليهم فقد كان منهم من يكتبون القرآن ولكن فيما تيسر لهم من قرطاس أو كتف أو عظم أو نحو ذلك بالمقدار الذي يبلغ الواحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولم يلتزموا توالي السور وترتيبها وذلك لأن أحدهم كان إذا حفظ سورة أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أو كتبها ثم خرج في سرية مثلا فنزلت في وقت غيابه سورة فإنه كان إذا رجع يأخذ في حفظ ما ينزل بعد رجوعه وكتابته ثم يستدرك ما كان قد فاته في غيابه فيجمعه ويتتبعه على حسب ما يسهل له فيقع فيما يكتبه تقديم وتأخير بسبب ذلك. وقد كان من الصحابة من يعتمد على حفظه فلا يكتب. وسيأتي تفصيلُهُ في الباب الثاني الفصْل الأول.

                          5- تعلُّمٌ وتدبُّرٌ وعملٌ بما فيها عشر آياتٍ بعشْرِ آيات: وأخرج الطبري عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : "حدثنا الذين كانوا يقرئوننا : أنهم يستقرئون من النبي صلى الله عليه وسلم ، فكانوا إذا تعلّموا عشر آيات لم يُخلِّفوها حتى يعلموا بما فيها من العمل ، فتعلّمنا القرآن والعمل جميعا". (أخرجه الطبري في تفسيره ج1 - ص36 ، والإمام أحمد بنحوه في المسند ج5 -ص 410 .).

                          6- المُناوبةُ في التحصيلِ حتى لا يفوتُ العلم والعمل بالآيات: وكان الصحابة رضوان الله عليهم إذا عجز أحدهم عن تفريغ وقت لتحصيل القرآن الكريم مباشرة من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم أناب عنه من يُحصِّلُ عنه، فأخرج البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : كنت أنا وجارٌ لي من الأنصار في بني أمية بن زيد - وهي من عوالي المدينة - وكنا نتناوبُ النزولَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل يوما وأنزل يوما ، فإذا نزلتُ جئتهُ بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره ، وإذا نزل فعلَ مثل ذلك. ( أخرجه البخاري في كتاب العلم ، باب التناوب في العلم ، صحيح البخاري ج1 - ص31).

                          7- عرض الصحابةِ على النبيِّ صلى الله عليْهِ وسلّم: وكانوا يعرضون على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن ويقرؤونه عليه ، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : "اقرأ عليّ ، قلتُ : اقرأ عليك وعليك أنزل ؟ قال : فإني أحب أن اسمعه من غيري ، فقرأت عليه سورة النساء حتى بلغت { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا } قال : أمسك ، فإذا عيناه تذرفان » ( أخرجه البخاري في كتاب التفسير ، تفسير سورة النساء باب ( فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ) صحيح البخاري ج5 - ص180 .).

                          8- الحثُّ على المُدارسةُ في المساجِد وحلقاتِ العلم (سنةُ الكتاتيب): عن عقبة بن عامر الجهني قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة فقال : ( أيكم يحب أن يغدو إلى بطحان والعقيق فيأخذ ناقتين كوماوين زهراوين بغير إثم بالله ولاقطع (قطيعة) رحم ؟ ) قالوا : كلنا يا رسول الله ، قال : (فلئن يغدو أحدكم كل يوم إلى المسجد فيتعلم آيتين من كتاب الله خيرا له من ناقتين وإن ثلاث فثلاث مثل أعدادهن من الإبل). رواه مسلم. كان مسجده صلى الله عليه وسلم عامرا بتلاوة القرآن يضج بأصوات الحفاظ فأمرهم رسول الله عليه وسلم أن يخفضوا أصواتهم لئلا يتغالطوا . وقال (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده). (صحيح مسلم)

                          9- الحِرْصُ على تعليمِ من فاته الدرْس أو لم يكن حاضرًا لحظةَ نزولِ الوحي: وكان كل حافظ للقرآن ينشر ما حفظه ، ويعلمه للأولاد والصبيان والذين لم يشهدوا نزول الوحي ، بل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يدفع كل مهاجر جديد إلى أحد الحفاظ ليعلمه حفظ القرآن الكريم ، فشاع حفظه بين الرجال والنساء.

                          10- توجيه بعْضِ الحُفّاظِ إلى البلدان ليُعلموا الناس تلاوة القرآن(شفاهًا):

                          11- تبيان فضل من تعلّم وعلّم القرآن وتلاه وحفِظَه:


                          ( أ ) جعل الله تعالى لعباده الذين يتعلَّمون كتابهُ فضلًا كبيرًا وثوابًا عظيمًا، وجعل لمن يعلِّم الناس كتابه أيضًا أجرًا أعظم وأكبر، فهم:
                          • خيْرُ الناس قد جاء في الحديث الذي رواه عثمان بن عفان -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه".
                          • وسمّاهُم أهل اللهِ وخاصّتُه، فعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله (إن لله تعالى أهلين من الناس . قالوا : يا رسول الله من هم ؟ قال : هم أهل القران أهل الله وخاصته). (صحيح الجامع2165).
                          • وجعل القرآن شفيعًا لقُرّاءِه يوم القيامة "اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه".
                          • وجعل منزلة القارىء في الجنة بمقدار ما قرأ فعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يقال لصاحب القران اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها). (صحيح الجامع 8122 ).
                          • وضاعف الله ثواب قراءة الحرف الواحد من القرآن أضعافاً كثيرة، فقال رسول الله (من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها لا أقول (الم) حرف ولكن: ألف حرف ولام حرف، وميم حرف) (صحيح الجامع 6469).
                          • صاحب القرآن يلبس حلة الكرامة وتاج الكرامة، فعن النبي قال : ( يجيء صاحب القرآن يوم القيامة ، فيقول : يا رب حله ، فيلبس تاج الكرامة . ثم يقول : يا رب زده فيلبس حلة الكرامة ، ثم يقول : يا رب ارض عنه ، فيقال اقرأ وارق ويزاد بكل آية حسنة ) .(حسن) (صحيح الجامع8030).
                          • القرآن يرفع صاحبه: قال عمر : أما إن نبيكم قد قال : ( إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين ) . (صحيح مسلم) (يرفع بهذا الكتاب): أي بقراءته والعمل به (ويضع به) : أي بالإعراض عنه وترك العمل بمقتضاه.
                          • فضل الماهر بالقرآن مع السفرةِ الكرام، والذي يتتعتعُ فيه له أجران: فعن النبي قال : (مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام ، ومثل الذي يقرأ وهو يتعاهده ، وهو عليه شديد فله أجران) . (البخاري ومسلم).
                          • سماعُ اللهِ لمن يقرأ القرآن: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ ، يَجْهَرُ بِهِ) رواه البخاري (6989) ومسلم (1319). والأَذَن : الاستماع . والمعنى : ما استمع الله لشيء كسماعه لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به ، وهو سبحانه وتعالى يسمع أصوات العباد كلهم برهم وفاجرهم ، ولكن استماعه لقراءة عباده المؤمنين أعظم ؛ كما قال تعالى : ( وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ) الآية ، ثم استماعه لقراءة أنبيائه أبلغ ؛ كما دل عليه هذا الحديث.
                          • يُباهي الله بالمجتمعين في حلقةِ القرآن الملائِكة: الله تعالى يباهى بالمجتمعين على القرآن الملائكة أن الرسول خرج على حلقة من أصحابه فقال : ( ما يجلسكم ؟ ) فقالوا : جلسنا نذكر الله تعالى ونحمده على ما هدانا الإسلام ، ومن علينا به . فقال : (أتاني جبريل عليه السلام فأخبرني أن الله تعالى يباهي بكم الملائكة). (صحيح مسلم) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عليّ إنها ستكون فتنة، فقلت: وما المخرج منها يا رسول الله؟... قال: كتاب الله عز وجل، فيه نبأ ما قبلكم وفصل ما بينكم وخبر ما بعدكم، وهو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم وهو الذي لا تلتبس به الألسن ولا تزيغ به الأهواء ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا يشبع منه العلماء ولا تنقضي عجائبه ، وهو الذي لم يتناه الجن إذ سمعته أن قالوا: { إنا سمعنا قرآنا عجبا } من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن اعتصم به فقد هدي إلى صراط مستقيم.
                          • حافِظُ القرآن وقارِئه يؤتى يوم القيامةِ و يوضع على رأسه تاج الوقار، ويكسى والداه حلتين: كما جاء في الحديثِ " إن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه قبره كالرجل الشاحب يقول: هل تعرفني؟ فيقول له: ما أعرفك، فيقول: أنا صاحبك القرآن، الذي أظمأتك في الهواجر، وأسهرت ليلك، وإن كل تاجر من وراء تجارته، وإنك اليوم من وراء كل [تجارة]، قال: فيعطى الملك بيمينه، والخلد بشماله، ويوضع على رأسه تاج الوقار، ويكسى والداه حلتين، لا يقوم لهما أهل الدنيا، فيقولان: بم كسينا هذا؟ فيقال: يأخذ ولدكما القرآن، ثم يقال: اقرأ واصعد في [درج] الجنة وغرفها، فهو في صعود ما دام (يقرأ) هذا كان أو ترتيلا أن النبي «صلى الله عليه وسلم» قال «إن الله تعالى يرفع بهذا الكلام أقواما ويضع به آخرين" رواه مسلم. وعن رسول الله قال (من قرأ القرآن وعمل بما فيه ألبس الله والديه تاجا يوم القيامة ضوؤه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا فما ظنكم بالذي عمل بهذا) رواه أبو داود.
                          • المُنشغل بالقرآن عن سؤالِ الله يُعْطى أفضلَ ما أعطي السائلين: ودليلُهُ قول الله سبحانه وتعالى: ( من شغله القرآن وذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين وفضل كلام الله سبحانه وتعالى عن سائر الكلام كفضل الله تعالى على خلقه) رواه الترمذي.
                          ( ب ) جعل النبي بمِقْدارِ الحِفْظ من القرآن مهرا للزواج لمن ليْس له مال: حتى إن المرأة المسلمة كانت ترضى سورة من القرآن أو أكثر مهرا لها ، ومما ورد في ذلك ما أخرجه البخاري عن سهل بن سعد قال : « أتت النبيَّ صلى الله عليه وسلم امرأةٌ فقالت : إنها قد وهبت نفسها لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما لي في النساء من حاجة ، فقال رجل: زوجنيها، قال: أعطها ثوبا ، قال لا أجد ، قال: أعطها ولو خاتما من حديد، فاعتلَّ له، فقال : ما معك من القرآن ؟ قال : كذا وكذا ، قال فقد زوجتكها بما معك من القرآن » (أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن ، باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه . صحيح البخاري ج6 - ص108 ).

                          ( ج ) صاحِبُ القرآن مُقدّمٌ في اللحْد: كما جاء في حديث جابر رضي الله عنه كان رسول الله يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد ثم يقول : أيهم أكثر أخذاً للقرآن؟ فإذا أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد. (صحيح البخاري).

                          ( د ) جُعِل اكرامهم في الدنيا مرتبِطًا بإجلال الله: قال رسول الله ( إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه وإكرام ذي السلطان المقسط ) . (حسن) (صحيح الجامع 2199)

                          ( هـ ) وصية النبي بالقرآن: قال طلحة بن مصرف : سألت عبد الله بن أبي أوفى : هل كان النبي أوصى ؟ فقال : لا . فقلت : كيف كتب على الناس الوصية أو أمروا بالوصية ؟ قال : ( أوصى بكتاب الله) . (صحيح البخاري).

                          ( و ) حفظ القرآن خير من متاع الدنيا: فعن عقبة بن عامر الجهني قال : خرج علينا رسول الله ونحن في الصفة فقال : ( أيكم يحب أن يغدو إلى بطحان والعقيق فيأخذ ناقتين كوماوين زهراوين بغير إثم بالله ولاقطع (قطيعة) رحم ؟ ) قالوا : كلنا يا رسول الله ، قال : (فلئن يغدو أحدكم كل يوم إلى المسجد فيتعلم آيتين من كتاب الله خيرا له من ناقتين وإن ثلاث فثلاث مثل أعدادهن من الإبل). رواه مسلم
                          ​​​
                          ( ز ) ذمّ من لم يحفظ القرآن في صدْرِه: إن الرجل الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب.


                          نتاجُ المنهجِ النبوي في تعليم القرآن الكريمِ واقراءِه:

                          1- كثرة الحُفاظ وتواترهم في زمان النبي صلى الله عليْهِ وسلّم:
                          كان من نتيجة ما سبَقَ، أن كثُر الحفاظ في عهد النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخير دليل على كثرة الحفاظ في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قتل منهم في بئر معونة (2) المعروفة بـ "سرية القراء" سبعون رجلا ، كما قتل منهم يوم اليمامة في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه سبعون قارئا .
                          2- عدم الحاجة الى المكتوبِ او المصاحِف إلا للتعليم والمُدارسة في المساجِد والكتاتيب او التدوينِ الفوري لحظةَ الوحي (كما سيأتي تفصيلُه في الباب الثاني).
                          الفرائِدُ العلمية:

                          (9)
                          الأصل في نقْلِ القرآن الكريم هو النقل الشفاهي من النبي إلى أصحابِه.

                          وعَتْ الأمّةِ منذ النبي وصحابتِهِ والى يومنا هذا أنّ المُعوّل عليْه هو المنطوق و المحفوظ في الصدر، وليس المكتوب المحفوظ في الكُتُب، لينتقِل القرآن من صدر الحافِظ المُتقِن لمن يخلُفُه من الحفظة المُتقِنين. يقول الإمام العلامة ابن الجزري رحِمهُ الله في النشْر (النشر في القراءات العشر , لابن الجزري 1/ 6.):
                          ==
                          " إن الاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور لا على حفظ المصاحف والكتب وهذه أشرف خصيصة منّ الله تعالى لهذه الأمة ففي الحديث الصحيح الذي رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال"إن ربي قال لي قم من قريش فانذرهم فقلت له رب إذاً يثلغوا رأسي حتى يدعوه خبزة فقال : إني مبتليك ومبتلٍ بك ومُنْزِلٌ عليك كِتاباً لا يغسله الماء تقْرؤه نائماً ويقظان فابعث جنداً أبعث مثلهم وقاتل بمن أطاعك من عصاك وأنفق ينفق عليك"صحيح مُسلِم، كتاب الجنة، باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة والنار ,4/1741.


                          1- لأن القراءةُ سُنّةٌ متّبعة:

                          اشتهر عن بعض السلف قولهم: (القراءة سنة متبعة). وقد تواتر هذا المعنى عن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت، وعروة بن الزبير، وعمر بن عبد العزيز، ومحمد بن المنكدر، وعامر الشعبي وغيرهم رضي الله عنهم جميعاً.
                          فعن علي بن أبي طالب أنه قال: (إن رسول الله صلّى الله عليْهِ وسلّم يأمركم أن يقرأ كل رجل كما علم).
                          وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (إني سمعت القراء فوجدتهم متقاربين فاقرءوا كما علمتم، وإياكم والاختلاف والتنطع).
                          وقال زيد بن ثابت: (القراءة سنة).
                          وقال أيضاً: (القراءة سنة فاقرءوا كما تجدوه).
                          وقال عروة بن الزبير: (إن قراءة القرآن سنة من السنن, فاقرؤوه كما اقرئتموه).
                          وقال عمر بن عبد العزيز: (قراءة القرآن سنة يأخذها الآخر عن الأول).
                          وقال محمد بن المنكدر: (قراءة القرآن سنة يأخذها الآخر عن الأول).
                          وقال عامر الشعبي: (القراءة سنة, فاقرؤوا كما قرأ أولوكم).

                          2- لأنهُ سماع وتلقين فلا يحكُمُه قياسُ العربية:

                          قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كما في "البخاري" (4415): "(هَيْتَ لك) وإنما نقرؤها كما علمناها". وعن شقيق، عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قرأ {هيت لك} فقال شقيق: إنا نقرؤها (هئت لك) يعني فقال ابن مسعود: (أقرأها كما عُلِّمْت أحب إلي). أخرجه أبو داود (4/38)

                          وقال أبو عمرو البصري: "ما قرأت حرفاً من القرآن إلا بسماع واجتماع من الفقهاء، وما قلت برأيي إلا حرفاً واحداً، فوجدت الناس قد سبقوني إليه (وأملي لهم)". أخرجه الداني في "جامع البيان" (1/105). وذكره الهذلي في "الكامل" ص (65) بلفظ (والله ما قرأت حرفاً إلا بأثر إلا قوله: (إِنْ هَذَانِ) فوجدت الناس قد سبقوني إليه). وقال أبو عمرو أيضاً: "لولا أنه ليس لي أن أقرأ إلا بما قد قرىء به لقرأت حرف كذا كذا وحرف كذا كذا". أخرجه ابن مجاهد في "السبعة" ص (48), والداني في "جامع البيان" (1/106)

                          وقال الكسائي: "لو قرأت على قياس العربية لقرأت (كبره) برفع الكاف، لأنه أراد عظمه، ولكني قرأت على الأثر". انظر: "جامع البيان" للداني (1/85).

                          وقال محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة لمالك بن أنس: لم قرأتم في ص (ولي نعجة وحدة) موقوفة الياء، وقرأتم في (قل يأيها الكافرون) (ولي) منتصبة الياء؟ فقال مالك: يا أهل الكوفة لم يبق لكم من العلم إلا كيف ولم، القراءة سنة تؤخذ من أفواه الرجال، فكن متبعاً ولا تكن مبتدعاً. انظر: "جامع البيان" للداني (1/84)

                          وقال القعنبي: قيل لمالك بن أنس: كيف قرأتم في سورة سليمان (ما لي لا أرى الهدهد) مرسلة الياء، وقرأتم في سورة يس (وما لي لا أعبد) منتصبة الياء؟ قال: فذكر مالك كلاماً، ثم قال: لا تدخل على كلام ربنا لم وكيف، وإنما هو سماع وتلقين، أصاغر عن أكابر، والسلام". انظر: "جامع البيان" للداني (1/84)

                          وعن شبل بن عباد، قال: "كان ابن محيصن وابن كثير يقرءان (وأن احكم)، (وأن اعبدوا)، (أن اشكر)، (وقالت اخرج)، (قل رب احكم)، (رب انصرني)، ونحوه، فقال شبل بن عباد: فقلت لهما: إن العرب لا تفعل هذا ولا أصحاب النحو، فقال: إن النحو لا يدخل في هذا، هكذا سمعت أئمتنا ومن مضى من السلف". أخرجه الداني في "جامع البيان" (1/82). وانظر: "الكامل" للهذلي ص (52)

                          وعن حمزة قال: "قلت للأعمش: إن أصحاب العربية قد خالفوك في حرفين، قال يا زيات: إن الأعمش قرأ على يحيى بن وثاب، ويحيى بن وثاب قرأ على علقمة، وعلقمة قرأ على عبد الله، وعبد الله قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: عندهم إسناد مثل هذا, ثم قال: غلب الزياتون غلب الزياتون". أخرجه الداني في "جامع البيان" (1/82).

                          وقال الأصمعي، قال: سمعت نافعاً يقرأ (يقص الحق)، فقلت لنافع: إن أبا عمرو يقرأ (يقض)، وقال: القضاء مع الفصل، فقال: وي يا أهل العراق! تقيسون في القرآن. انظر: "جامع البيان" للداني (1/83)


                          3- لأنهُ سماع وتلقين فلا يحكُمُه الكِتابة والرسْم:

                          ومن الأدلة التي سنسوقها سيتبيّن:
                          1- أن رسْمَ المُصْحَفِ اصطُلِحَ عليهِ ليكونَ معينًا للقراءة وليْس حاكِمًا عليها.
                          2- أن القراءة المتواترة بالتلقي ولم تُرسَم في المُصْحَفِ حاكِمةٌُ على المرسوم.
                          3- أن لولا التلقي الشفاهي والتلقين لكان الرسْمُ سببًا للإختلاف.
                          4- أن من اعتمَد على المُصْحَفِ بدونِ التلقينِ لن يسْلَم من اللحنِ والتحريف ويُجرّم العلماء صنيعَه.
                          ولا يمكن أن يستقل القارئ بمجرد المكتوب، فإن الرسم قد يُنْطق على أوجه كثيرة، ولأن رسم المصحف يختلف عن غيره كما هو معلوم، فلا تصح القراءة إلا بالكيفية التي قرأ بها القراء الأولون. أرأيت مثلاً كلمة (الصلوة) المكتوبة في المصحف، وكذلك (الزكوة)، و(مشكوة) و(الحيوة) و(الربوا) و(النجوة) و(منوة) وغيرها كثير لا يمكن أن تقرأ كما هو مكتوب، لأن القراءة سنة متبعة.

                          وقال الأصمعي: "قلت لأبي عمرو بن العلاء: (وبركنا عليه) في موضع (وتركنا عليه) في موضع أيعرف هذا؟ قال: ما يعرف، إلا أن يسمع من المشايخ الأولين". أخرجه ابن مجاهد في "السبعة" ص (48), والداني في "جامع البيان" (1/108). فالقراءة تمنع من الغلط واللحْن وهذه الروايةُ تُبيِّن كيْف انه لو تُرِك الأمر لحفظ القرآن من رسْم المصْحَفِ لوقع الخلط واللحن والتحريف.

                          وسئل يونس بن حبيب عن قوله: (أُقِّتَتْ) قال: سمعت سيدنا وسيد العلماء يقرأها: (وُقِّتَتْ) (يقصد أبا عمرو البصري). انظر: "الكامل" للهذلي ص (66).

                          وقد قرأ الخليفة المأمون على معلمه "ليهب لك" "بالياء"، وهي قراءة صححية (وبذلك قرأ نافع وأبو عمرو)، فقال له مُعلِّمُهُ يحيى بن أكثم: "لا أحب لك يا أمير المؤمنين أن تقرأ بهذه الآية، (أي بهذه القراءة) فقال له المأمون: ولم؟ قال: تخالف المصحف، فالتفت المأمون إلى إبراهيم بن يحيى بن المبارك اليزيدي(4) فقال: ما تقول يا إبراهيم؟ قال: فقلت: يا أمير المؤمنين، هذه قراءة قرأ بها غير واحد من أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، أولهم أبوك عبد الله بن عباس، قال إبراهيم: فالتفت إليَّ أخي محمد بن يحيى ـ وكان ثقيل السمع، فقال لي: ما أنتم فيه يا إبراهيم؟ فقلت: قرأ أمير المؤمنين "ليهب لك"، وأنكر عليه يحيى بن أكثم لمخالفته المصحف، فقال محمد للمأمون: ما ليحيى وهذا؟ حرف قرأ به من أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ جماعة، ومن التابعين، أو كل ما في المصحف يقرأ به؟ قال: فسكت يحيى ولم يتكلم" نقله الونشريسي في المعيار المعرب 12/89.

                          وفي هذا المِثال الأخيرِ نرى كيْف أن شرْط موافقة القراءةِ لرسْمِ المُصْحَفِ لا يعني أن يكونَ المُصْحَفُ حاكِمًا على القراءة الثابتة المتواترة لو كان بينهما خلاف، فهذا الرسْمُ الذي ارتضاهُ صحابةُ رسول الله في رسْمِ المصحف العثماني لم يمنَع نقل القراءة الصحيحةِ المتواترة التي لم تُرسَم فيه، ومخالفة يسيرة كهذه رأيتَ كيْف يحاولون المواءمة بينها وبين المرسوم، فدلّك هذا على كيفية الجمع بين مقتضيات القراءة والأداء لما تواتر من الحروف، وبين مقتضى احترام مبدأ الرسم وما درج عليه السلف، دون مجاوزة أو إلغاء.


                          4- وحِرْزًا من التصحيف والتحريف:

                          فالتحريف والتصحيف واقع لا محالة في أي فنٍ وعِلْم اعتُمِد فيه على المكتوب دون النقل ولِذا فلم يسْلَم من التصحيفِ إلا نقل القراء للقرآن لأنهم اعتمدوا النقل الشفاهي، وفي ذلِك يقول الصفدي من علماء القرن السابع الهجري : "وقد عمّت المُصيبة ورشقَتْ سِهامُها المُصيبة، ولبِس الناسُ أرديتَها المَعيبة، وفَشا ذلك في المحدّثين وفي الفقهاء، وفي النحاة، وفي أهل اللغة، وفي رُواةِ الأخبار، وفي نقَلَة الأشعار، ولم يسْلَمْ من ذلك غيرُ القُرّاء؛ لأنهم يأخذونَ القُرآنَ من أفواه الرّجال". ( تصحيح التصحيف وتحرير التحريف للصفدي)

                          واذ علِمت هذا، فنستفيض في الفصْل القادِم عن التصحيف وتجريمِ علماء الأمة لأخذِ القرآنِ من المصاحِف.

                          ونختِمُ كُل ما سبق بما خطّهُ الإمام المُقرىء أبي عمرو الداني منذ ألفِ عامٍ، وهو يتحدّثُ عن زمانه، بما لا يختلِف عن زماننا بعد عشرةِ قرونٍ ، وكلامُهُ هذا قد ذكره في شرح قصيدة أبي مزاحم الخاقاني فيما يتعلق بذلك، قال أبو عمرو:
                          (( عرض القرآن على أهل القراءة المشهورين بالإمامة المختصين بالدراية سنة من السنن التي لا يسع أحداً تركها رغبة عنه، ولا بد لمن أراد الإقراء والتصدر منها، والأصل في ذلك ما أجمع العلماء على قبوله وصحة وروده وهو عرض النبي صلى الله عليه وسلم القرآن في كل عام على جبريل عليه السلام وعرضه على أبي بن كعب بأمر الله عز وجل له بذلك وعرض أبي عليه وعرض غير واحدٍ من الصحابة على أبي وعرض الصحابة بعضهم على بعض ثم عرض التابعين ومن تقدم من أئمة المسلمين جيلاً فجيلاً وطبقةً بعد طبقة إلى عصرنا هذا، فكل مقرئ أهمل العرض واجتزئ بمعرفته -أي اكتفي -أو بما تعلم في المكتب من معلمه الذي اعتماده على المصحف أو على الصحائف دون العرض أو تمسك فيما يأخذ به ويعلمه بما يظهر له من جهة إعراب أو معنى أو لغة دون المروي عن أئمة القراءة بالأمصار المجتمع على إمامتهم فمبتدع مذموم مخالف لما عليه الجماعة من علماء المسلمين تارك لما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم قراء القرآن من تلاوته بما علمه وأقرئ به، وذلك لا يوجد إلا عندما يكون متواتراً ويرويه متصلاً فلا يقلد القراءة من تلك الصفة ولا يحتج بأخذه ...) اهـ.


                          النتيجةُ التي ترتبت على ذلِك:
                          ( أ ) صار المعول عليه في تعلُّمِ القرآن الكريم إنما هو الحِفظ والإستِظهار و التلقي والأخذ من صدور الرِّجال ثقة عن ثقة وإماما عن إمام إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
                          ( ب ) لم تكن المصاحف ولن تكون هي العمدة في نقل القُرآن.
                          ( ج ) أصْبَح التلقي هو الحاكم على الرسْمِ وعلى الغموض في الرسم كائنا ما كان. بل ظهر الرسْم كنتاجٍ للتلقي والحِفظ وها هو أبي عمرو الداني في مقدمة كتابه "نقط المصاحف" (المحكم في نقط المصاحف 1/1) يقول : (هذا كتاب عِلْم نقط المصاحف وكيفيته على صيغ التلاوة ومذاهب القراءة) فنعلم مِن ذلِك أن النقط والكِتابة صيغت لِتتناسب مع القِراءة والتِّلاوة وليس العكس.

                          (10)
                          الفصْل الخامس: تجريم النقل والحِفظ من المصاحِف حِرزًا من التصحيف والتحريفِ واللحن.
                          1- فمن شيّخ الصحيفة وليس له عُمدة من حفظ او تلقي لما يقرأه من الصُحُف فحتْمًا سيقع في التصحيف والتحريف: فلم يوجد على وجْهِ الأرضِ من قد يعتمِد على الصحيفةِ والأوراقِ بلا حِفْظٍ او تلقي شفاهيٍّ إلا وسيقعُ حتْمًا في التصحيفِ والتحريف. ويُسيىء نقل كلمةٍ او قراءتِها، ولو كان إمامًا في فنِّهِ، وكثيرون من أئِمّةِ اللغةِ كالخليل بن أحمد، وأبي عمْرو بن العَلاء وعيسى بن عُمر، وأبي عبيدَة مَعْمَر بن المُثنّى وأبي الحسن الأخفش وأبي عثمان الجاحِظ قد اعتمدوا على بعْضِ المكتوبِ في كُتُبِ اللغةِ، فوقعوا في التصحيف والتحريف المُخِل وهم من هُم في العربيّة وعلومِها. ولِذا قال الصفدي " وبعد فإنّ التصحيفَ والتّحريفَ قلّما سلِم منهما كبير، أو نَجا منهما ذو إتقانٍ ولو رسَخَ في العِلم رسوخَ ثَبير، أو خلَصَ من معرَّتِهما فاضلٌ ولو أنّه في الشجاعة عبدُ اللهِ بن الزُبَيْر، خصوصاً ما أصبح النقلُ سبيلَه أو التقليدُ دَليلَه ".
                          2- الكُتُب المُقدّسة السابقة لم تعتمِد الا على المكتوب والمخطوط دون الحِفْظ فلم يْمنع قداستها عندهم وقوع التحريف، وقد عرّفنا النبي صلى الله عليْهِ وسلّم ذلِك، وأدركه الصحابة التصحيف في أخد العلم من المكتوب وارِد:

                          تجريم أخذِ القرآنِ من المصاحِف:

                          الاكتفاء بالأخذ من المصحف بدون مُوّقف أو معلم أمرًا لا يجيزه المسلمون ولو كان المصحف مضبوطًا بل إنهم يعدون هذا الاكتفاء منافيًّا للدين لأنه ترك للواجب وارتكاب للمحرم. ( علي الضباع بحث في التجويد بمجلة كنوز الفرقان عدد مايو1950 ص13)، وهم يذهبون إلى هذا بناءً على أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

                          بل إن العُلماء جرّموا أن يتلقى الإنسان العِلْم من المكتوب في الصُحُف وإنما يتوجّب الأخذ بالتلقي من لِسان الحافِظِ المُتْقِن، فقالوا : من أعظم البلية تشييخ الصحيفة" (تذكرة السامع والمتكلم: ابن جماعة ص87.).

                          ونهى الأئِمة والتابِعون عن أخذ القرآن الكريمِ مِن المُصَحِّفِيين: والمُصحفي هو الذي يعلم الناس وينظر إلى رسم المصحف، ومنشأ التسمية بالمصحِّف أن قوما كانوا قد أخذوا العلم عن الصحف والكتب والمصاحِف ، ولم يأخذوه من أفواه العلماء، وكانت الكتابة العربية تكتب عهدا طويلا من غير إعجام للحروف ولا تشكيلٍ كما هي اليوم، ولا عناية بالتفرقة بين المشتبه منها ، لهذا وقع هؤلاء في الخطأ عند القراءة ، فكان عُلماءُ الأمّةِ يسمونهم الصحفيين أي الذين يقرؤون في الصحف، ثم شاع هذا الاستعمال حتى اشتقوا منه فعلا فقالوا صحّف أي قرأ الصحف ، ثم كثر ذلك على ألسنتهم، فقالوا لمن أخطأ قد صحّف، أي فعل مثل ما يفعل قراء الصحف (توضيح الأفكار 2/419-420 ).

                          فعن سليمان بن موسى انه قال " كان يقال لا تقرؤا القرآن على المُصْحفِيِّين ولا تحملوا العلم عن الصُّحَفِيِّين" (الحد الفاصِل 1 / 211 . ) ، وكان سعيد بن عبد العزيز يقول : " لا تأخذوا العلم عن صُحُفي ولا القرآن من مُصْحفي". (الجرح والتعديل لابن ابي حاتِم 2/31 , التمهيد 1/46 ، وفتح المغيث 2/232) .

                          يتبع

                          "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
                          رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
                          *******************
                          موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
                          ********************
                          "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
                          وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
                          والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
                          (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

                          تعليق


                          • #14
                            (11)
                            عوْدًا على بدْء .. الأنفة من النقط والشكل

                            لم يقُل به أو يستحسنه أحدٌ من علماء الأمة ..!



                            في معْرِض اعتراضِه على وقوع التصحيف، ذكر الأخ الحبيب .. أن العلماء عقدوا أبوابًا يعدون فيها النقط والشكل اهانة .. ولم أسْمَع بهذا ..إلا إذا كانوا يردّون عليْهم ويؤكدون وقوع التصحيف .. وطلبتُ منه طلبيْن.. قبل الرد .. التوثيق ومن مِنَ العُلماء قال به:

                            1- الاستشهاد بعالمٍ قالَ هذا أو
                            2- ذكر من استحسنه من علماء الأمة ..!


                            المشاركة الأصلية بواسطة متعلم مشاهدة المشاركة
                            == عقد العلماء أبواباً كاملة في كتبهم لسرد روايات عن فضلاء ونبلاء من القرون الأولى كانوا يأنفون من النقط والشكل .. وكانوا يعدون من الإهانة أن توجه إليهم رسالة منقوطة مشكولة .. لأن في هذا اتهاماً ضمنياً لهم بأنهم ليسوا عرباً أقحاحاً.
                            و

                            تستنكر وجود روايات لفضلاء أنفوا من النقط والشكل، وعدوا هذا إهانة لهم واتهاماً في عربيتهم.
                            تقول: ادعاء يعوزه الدليل .. إلا أن يبينوا خطأ مسلكهم.
                            أقول:
                            أما حصول الوقائع فهو ثابت، وإنكارك له دليل عندي على عدم رجوعك إلى أهل الاختصاص قبل الكتابة في موضوعك.
                            وحسبك هنا – مثلاً - قول (الصولي) في (أدب الكاتب) :
                            (( كره الكُتّاب الشكلَ والإعجام، إلا في المواضع الملتبسة من كتب العظماء إلى دونهم، فإذا كانت الكتب ممن دونهم إليهم تُرك ذلك في المُلبس وغيرهم، إجلالاً لهم عن أن يُتوهم عنهم الشك وسوء الفهم، وتنزيهاً لعلومهم وعلو معرفتهم عن تقييد الحروف )).
                            حتى نقلوا عن بعضهم قوله: أنْ يقع التصحيف من القارئ خير من أن يُعاب الكاتب بالنقط !
                            فكان استشهاده بقول الصولي في أدب الكتاب .. ثم قال وانكارك دليل على عدم الرجوع لأهلِ الإختصاص! ..

                            وما وجدتُ في كلامِهِ إلا أن بعضَ الكُتّابِ هم من قالوا بهذا .. إنما لا يوجد عالمٌ واحِد حضّ على الاخْذِ من الكُتِب أو أنِفَ من النقْطِ .. وانْقطَع أن ينقُل هذا بالدليل عن أحدٍ من عُلماءِ الأمّة .. بل ونٌنهي القضيةَ باجماع عُلماء الأمةِ على النقْط كما سيأتي في الوقفاتِ التالية .. والحمدلله!!

                            وهنا وقفات:



                            أولا: تجريدُ الكِتاب من النقْطِ في ذاتِه لا إشْكال فيه .. ولكِن الإشكال هو قولُك أن هناك عُلماء حضّوا على التجريدِ أو أنِفوا من النقْط !.. وهل يوجَد أعظمُ من كتاب الله وقد جردوه من النقْط أول ما جمعوا المصحف العثماني خشية ان يُدخلوا فيهِ ماليس منه من نقط وتعشير وغيره؟! .. وحينَ عمّت البلوى ووجَب الإحترازُ من التصحيف.. فكان النقْط للشكل ثم للحرف.. وصار القولُ: وهل هناك أعظَم من كِتاب اللهِ وقد نُقِّط وأشْكِل؟


                            ثانيًا: أُصِر أن هذا الإسْتحسان المزعوم لم يقُل به أو يستحسنه أحدٌ من علماء الأمة.. بل العكْس هو الصحيح وعليْهِ الإجماع كما سيأتي في سادِسًا .. ولكِن هنا فائِدة عقليّة فلا يجوزُ عليْهِم أن يأمروا بالنقْطِ للإحترازِ من التصحيفِ ثم يدعون إلى الكتابةِ بغير نقطٍ .. وطلبتُ منك ان تستشْهِد بقولِ عالمٍ من علماء الأمة قال بهذا .. وإذ بِك تنقل أن الصولي الأديب نقلَ أن هذا حدث من بعْضِ الكُتّاب !! ..وقد بحثْت عن اسم هذا الكاتب الذي قال ما ذكرتهُ أنت فوجدته سعيد بن حميد الكاتب: " لأن يشكل الحرف على القاريء أحبّ إليّ من أن يعاب الكاتب بالشكل" .. إذا فهذا رأي كاتبٍ أو كُتاب .. ولم يحْدُث من أي عالمٍ من علماء الأمة! .. والحمدلله.

                            ثالثًا: أهل التخصُّص العلماء عندنا هم علماء السلف من الفقهاء والمحدثين والقراءممن ألّف في علوم النقْطِ والرسْمِ والتصحيفِ والتحريفِ والمؤتلف والمختلف .. وإليهم كان يجِب أن ترجع .. لا أن ترْجِعَ إلى الأدباء !!. وبِهِم كان يجِب أن تُحاكمني، وتمتحِن إن كُنتُ رجعتُ إلى أهل الإختصاصِ أم لا. ولكنّهُ الميْلُ والهوى، مع نزْعةِ تطاول العزة بالإثم.
                            وقد قُلْتُ لكَ بالحرْف الواحد لن تجِد عالمًا من علماءِ الأمّةِ ينقل هذا الا ويُحذِّر من التصحيف .. وواضِعوا النقْط وإن كان هم اللّغويّون .. فقد وضعوه أوّل ما وضعوه لكتاب الله القرآن الكريم .. ثم لكتُب السنّة .. فكان ردُّكَ عليّ:

                            وإنكارك له دليل عندي على عدم رجوعك إلى أهل الاختصاص قبل الكتابة في موضوعك.
                            وحسبك هنا – مثلاً - قول (الصولي) في (أدب الكاتب) .....
                            1. فإن كان عدم معرفتي أن هذا حدث من بعض الكُتّاب يُسمّى عندك: عدم رجوعٍ لأهل الإختصاص .. فقد عرفنا بضاعتَك في المنطِق!
                            2. وإن كان مجاهيلُ الكُتّابِ هؤلاءِ هم عُلماؤك .. فقد عرفنا بضاعتَك في العِلم!.
                            3. وإن كُنتُ لم أطلّع على ما قُلت وطالبتُك بالدليل وجزمْتُ أنك لن تجِد .. ولم تجِد .. فقد بانَ لكَ فقهي!

                            رابِعًا: الكُتّاب الأنِفون هؤلاء ليس هم كُتّابُ العلم وكُتُب الأمة والأئِمّة ولا عُلماؤنا .. ووجب التنبيه: فقد يوحي نقلك عن مجاهيل الكُتّاب هؤلاء أنهم كُتاب الأمّة وعلماؤها .. لكِن بالبْحْثِ والتمحيصِ- وإن كان يجِب عليْكَ انت أن تُبيّن وأربأ بك من التدليس - تبيّن أنهم يعنون كُتاب الدواوين وكتّاب الديون والأموال وكتّاب الإنشاء وأن المسألة فيها خلافٌ بيْنَهم .. فالحمدلله .. وهل هؤلاء عندَكَ عُلماء الأمّة؟!

                            وقد نقلتَ ما نقله الصولي عنهم .. لكِنّك لم تنقُل لنا صُور التصحيفِ التي ذكرها الصولي فيما وقع في كتُبِ هؤلاء الكُتّاب .. لنقرأ أولا ماذا يقول الصولي:
                            كره الكُتّاب الشكلَ والإعجام، إلا في المواضع المُلتبسة من كتب العظماء إلى دونهم، فإذا كانت الكتب ممن دونهم إليهم ترك ذلك في المُلْبِس وغيرهم، إجلالاً لهم عن أن يتوهم عنهم الشك وسوء الفهم، وتنزيهاً لعلومهم وعلو معرفتهم عن تقييد الحروف، ولولا أن الذي جددناه من ذلك في كتاب الرئيس إلى تابعه يجري مجرى الزيادة في الإيضاح له، ونفي الارتياب عنه، وإيجاب الحجة عليه فيما يؤمر به وينهى عنه، لكان الأحسن أن لا يستعمل في الحالتين معاً. وقد رأى قوم أن تكون كتبهم إلى سلطانهم بأكبر الخطوط وأجلها، واختاروا الشكل والإعجام فيها. وحكوا عن بعض الخلفاء، أنه تأذى من إخلاء الكتب من ذلك في المؤامرات وغيرها. وقال الذين اختاروا ذلك لا نعرضهم للشكوك، ولا نكلفهم إعمال الفكر في المُشكل، وأنه يجب أن نوضح لهم الشكوك ونضبط الحروف، بما يسبق معه المعاني إلى قلوبهم في أول وهلة. ونسبوا الأصل في هذا إلى المأمون، وهذا ما لا يجمع المميزون عليه، ولا يلتفتون إلى ما يتأول فيه، لأن الأمر لو كان على ما يختاره من يشكل وينقط، لما وقع من الكتاب تصحيف، في كثير مما قرأوه في مجالس الخلفاء، حتى أحصيت عليهم غلطات سقطوا بها في عصرهم، وبقي عارها عليهم، كالذي صحف من " حامرطي " جاضرطي، والذي صحف بين يدي المأمون " البريدي " فقال الثريدي، فأمر المأمون أن يطعم، وقال: أبو العباس جائع - يعني وزيره ابن أبي خالد - فغذوه. ثم قرأ فلان الحمصي فقال: الخبيصي، فقال المأمون: ما في طعام أبي العباس خبيص فأطعموه. وقرأ كاتب عبيد الله بن زياد كتاب عبيد الله بن أبي بكرة أنه وجد بعض الخوارج في شرب فقال عبيد الله: وكيف لي بأن أكون ممن يشرب هو ونظراؤه إنما هو في سرب أي سرداب. وكتب رجل من أغبياء الكتاب إلى صاعد بن مخلد كتاباً فصير العين غيناً ونقطعها من فوق ونقط الخاء من مخلد من أسفل فصيرها جيماً. .... وأغفل كاتب سليمان بن عبد الملك الإعجام في كتاب كتبه إلى عامله بالمدينة يأمره بإحصاء المخنثين فقال له: احص من قبلك من المخنثين. فقرأه اخص، فخصى منهم جماعة ... وأخرج كتاب عبيد الله بن سليمان على عامل مالاً، فتظلم منهم، فوقع عبيد الله " هذا هذا " فقدر الرافع لبعد ذهنه أنه وقع هذا هذا أي حجة ثابتة كما تقول: أنت أنت، وأنا أنا، فأخرج التوقيع إليهم فقال: قد قبل حجتي، فلم يعرفوا ذلك، وجاءوا بالتوقيع إلى صاحب الديوان، فرده إلى عبيد الله بن سليمان واستأمره فيه، فما زاد عبيد الله على أنه شدد الذال، ووقع تحته: الله المستعان، كأنه نسب صاحب التوقيع إلى الهذيان. ومثل هذا كثير جداً وإنما جئنا بطرف منه.
                            حدثني يعقوب بن بيان قال: حدثني علي بن الحسين قال: لما أخرج بغا إلى منبج وقلدها، كان معه كاتب فقراً عليه يوماً كتاب عامل بسمساط وأن فلاناً سقط عن برذونه، يريد عن برذونه، فقال له بغا: وما برذونه ويحك؟ فقال: جبل بين سمساط والروم وهو الحد بينهما، فلم يدر من أي شيء يتعجب! من تصحيفه أم من احتجاجه بما احتج به. وكتب بعض الكتاب إلى رجل كتاباً فدقق خطه فيه فكتب الرجل إليه: ما كاتبتني وإنما عوذتني! شبه كتابه بالتعويذ.


                            خامِسًا: وبما أنّ أهل الأدب .. هم علماؤك .. ومجاهيلُ الكُتاب هم من تأخُذ عنْهُم فأقول حتى من علمائِك الأدباء لن تجِد عالمًا ينقل هذا الا ويُحذِّر من التصحيف.. .. فأقيم الحُجّة من كُتُب الأدباءِ عليْك.. فإنه من أدبِهم - أي الكُتّاب- لا يعجمون إلا أذا أمنوا التصحيف والتحريف.
                            فيقول القلقشندي بعد أن ساق الخلاف وأدلة الفريقين من الكُتّاب، ثم ساقَ الأدلة على النقط والعجم: "فالنقط مطلوب عند خوف اللّبس، لأنه إنما وضع لذلك؛ أما مع أمن اللّبس فالأولى تركه لئلا يظلم الخطّ من غير فائدة." ..

                            ويقول في موْضِعٍ آخر: " والحق التفريق في ذلك بين ما يقع فيه اللّبس ويتطرّق إليه التحريف لعلاقته أو غرابته، وبين ما تسهل قراءته لوضوحه وسهولته."
                            أولا: من كتاب القلقشندي صبح الأعشى في صناعة الإنشاء:
                            1- قال محمد بن عمر المدائنيّ: ينبغي للكاتب أن يعجم كتابه، ويبيّن إعرابه، فإنه متى أعراه عن الضبط، وأخلاه عن الشكل والنقط كثر فيه التصحيف، وغلب عليه التحريف.
                            2- وأخرج بسنده إلى ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: «لكلّ شيء نور، ونور الكتاب العجم، وعن الأوزاعيّ نحوه.
                            3- قال أبو مالك الحضرميّ: أيّ قلم لم تعجم فصوله، استعجم محصوله.
                            4- ومن كلام بعضهم:(الخطوط المعجمة، كالبرود المعلمة).
                            5- قال الحسن بن وهب: يحتاج الكاتب إلى خلال، منها: جودة بري القلم، وإطالة جلفته، وتحريف قطّته، وحسن التأتي لامتطاء الأنامل، وإرسال المدة بعد إشباع الحروف، والتحرّز عند فراغها من الكشوف، وترك الشكل على الخطإ والإعجام على التصحيف.



                            سادِسًا: القوْلُ الفصْل وإثباتُ إجماعِ عُلماءِ الأمة على نقْط العجْم والشكل والحثِّ عليْه:

                            1- أنشَد القاضِي عيّاض من شِعْرِهِ في الإلماع:
                            (خَيْرُ مَا يَقْتَنِي اللَّبِيبُ كِتَابٌ ... مُحْكَمُ النَّقْلِ مُتْقَنُ التَّقْيِيدِ)
                            (خَطَّهُ عَارِفٌ نَبِيلٌ وَعَانَاهُمْ ... فَصَحَّ التَّبْيُضُ بِالتَّسْوِيدِ)
                            (
                            لَمْ يَخُنْهُ إِتْقَانُ نَقْطٍ وَشَكْلٌ ... لَا وَلَا عَابَهُ لِحَاقُ الْمَزِيدِ)
                            (فَكَانَ التَّخْرِيج فِي طرنيه ... طُرَرٌ صُفِّفَتْ بِبِيضِ الْخُدُودِ)
                            (فَيُنَاجِيكَ شَخْصُهُ مِنْ قَرِيبٍ وَيُنَادِيكَ نَصُّهُ مِنْ بَعِيدِ)
                            (فَاصْحَبْنَهُ تَجِدْهُ خَيْرَ جَلِيسٍ ... وَاخْتَبِرْهُ تَجِدْهُ أُنْسَ الْمُرِيدِ)


                            2- وَقال القاضِي عيّاضُ أيْضًا في الإلماع "وَكَمَا نَأْمُرُهُ بِنَقْطِ مَا يُنْقِطُ لِلْبَيَانِ كَذَلِكَ نَأْمُرُهُ بِتَبْيِينِ الْمُهْمَلَ بِجَعْلِ عَلَامَةَ الْإِهْمَالِ تَحْتَهُ فَيَجْعَلُ تَحْتَ الْحَاءِ حَاءً صَغِيرَةً وَكَذَلِكَ تَحْتَ الْعَيْنِ عَيْنًا صَغِيرَةً وَكَذَلِكَ الصَّادُ وَالطَّاءُ وَالدَّالُ وَالرَّاءُ وَهُوَ عَمْلُ بَعْضِ أَهْلِ الْمَشْرِقِ وَالْأَنْدَلُسِ"

                            3- وَقال القاضِي عيّاض في الإلماع كذلِك بعد أن بيْن الصواب في وجوب شكْل ما أشكل وما لم يُشْكِل، كيف كان غيابُ الشكْل سببًا من أسباب الخِلافِ الفقهيِّ:
                            "وأَمَّا النَّقْطُ وَالشَّكْلُ فَهُوَ مُتَعَيِّنٌ فِيمَا يُشْكِلُ وَيُشْتَبَه ... أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ سَمِعْتُ ثَابِتَ بْنَ مَعْبَدٍ يَقُولُ نَوَّرَ الْكِتَابُ الْعَجْمَ وَقَدْ رُوي مِنْ قَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّمَا يُشْكَلُ مَا يُشْكِلُ، وَأَمَّا النَّقْطُ فَلَا بُدَّ مِنْهُ وَقَالَ آخَرُونَ يَجِبُ شَكْلُ مَا أَشْكَلَ وَمَا لَا يُشْكِلُ وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب لَا سِيمَا للمبتدىء وَغَيْرِ الْمُتَبَحِّرِ فِي الْعِلْمِ فَإِنَّهُ لَا يُمَيِّزُ مَا أَشْكَلَ مِمَّا لَا يُشْكَلُ وَلَا صَوَابَ وَجْهِ الْإِعْرَاب للكلمة من خطائه. وَقَدْ يَقَعُ النِّزَاعُ بَيْنَ الرُّوَاةِ فِيهَا فَإِذَا جَاءَ عِنْدَ الْخِلَافِ وَسُئِلَ كَيْفَ ضَبْطُهُ فِي هَذَا الْحَرْفِ وَقَدْ أَهْمَلَهُ بَقِيَ مُتَحَيِّرًا. وَقَدْ وَقَعَ الْخِلَافُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ بِسَبَبِ اخْتِلَافِهِمْ فِي الْإِعْرَابِ كَاخْتِلَافِهِمْ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَكَاةُ الْجَنِين ذكاء أُمِّهِ فَالْحَنَفِيَّةُ تُرَجِّحُ فَتْحَ ذَكَاةٍ الثَّانِيَةِ عَلَى مَذْهَبِهَا فِي أَنَّهُ يُذَكَّى مِثْلُ ذَكَاةِ أُمِّهِ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ تُرَجِّحُ الرَّفْعَ لِإسْقَاطِهِمْ ذَكَاتَهُ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ الْجَمَاعَةُ تُرَجِّحُ رِوَايَتَهَا بِرَفْعِ صَدَقَةٍ عَلَى خَبَرِ الْمُبْتَدَأِ عَلَى مَذْهَبِهَا فِي أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا تُورَثُ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْإِمَامِيَّةِ يُرَجِّحُ الْفَتْحَ عَلَى التَّمْيِيزِ لِمَا تَرَكُوهُ صَدَقَةً أَنَّهُ لَا يُورَثُ دُونَ غَيْرِ مَا تُرِكَ صَدَقَةً وَإِذَا كَانَ هَذَا لَمْ يَكُنْ فَرْقًا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ غَيْرِهِمْ وَلَمْ يَكِنْ مَعْنَى لِتَخْصِيصِهِ الْأَنْبِيَاءَ وَقَدْ أَجَازَ النَّحَّاسُ نَصْبَهُ عَلَى الْحَالِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الحَدِيث هولك عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ رِوَايَةُ الْجَمَاعَةِ رَفْعُ عَبْدٍ عَلَى النِّدَاءِ أَوِ اتْبَاعُ ابْنٍ لَهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي نَعْتِ الْمُنَادَى الْمُفْرَدِ مِنَ الضَّمِّ وَالْفَتْحِ وَالْحَنَفِيَّةُ تُرَجِّحُ تَنْوِينَ عَبْدٍ عَلَى الِابْتِدَاءِ أَيْ هُوَ الْوَلَدُ لَكَ عَبْدٌ وَتَنْصِبُ ابْنَ زَمْعَةَ عَلَى النِّدَاءِ الْمُضَافِ فِي كَثِيرٍ مِمَّا لَا يُحْصَى مِنْ هَذَا فَإِذَا أَهْمَلَهُ السَّامِعُ إِذْ لَمْ يَنْتَبِهْ لِوَضْعِ الْخِلَافِ فِيهِ فَإِذَا نُوزِعَ فِي إِعْرَابِهِ وَضَبْطِهِ وَرَجَعَ إِلَى كِتَابِهِ فَوَجَدَهُ مُهْمَلًا بَقِيَ مُتَحَيِّرًا أَوْ جَسَرَ عَلَى الضَّبْطِ بِغَيْرِ بَصِيرَةٍ وَيَقِينٍ


                            4- وقال القاضي عيّاض أيْضًا "أَوْلَى الْأَشْيَاءِ بِالضَّبْطِ أَسْمَاءُ النَّاسِ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ الْقِيَاسُ وَلَا قَبْلَهُ شَيْءٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَلَا بَعْدَهُ شَيْءٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ"

                            5- وقال القاضي عيّاض "وَالْكَلِمَاتِ الْمُشْتَبَهَةِ إِذَا ضُبِطَتْ وَصُحِّحَتْ فِي الْكِتَابِ أَنْ يُرْسَمَ ذَلِكَ الْحَرْفَ الْمُشْكَلَ مُفْرَدًا فِي حَاشِيَةِ الْكِتَابِ قُبَالَةَ الْحَرْفِ بِإِهْمَالِهِ أَوْ نَقْطِهِ أَوْ ضَبْطِهِ لِيَسْتَبِينَ أَمْرُهُ وَيَرْتَفِعُ الْإِشْكَالُ عَنْهُ مِمَّا لَعَلَّهُ يُوهِمُهُ مَا يُقَابِلُهُ مِنَ الْأَسْطَارِ فَوْقَهُ أَوْ تَحْتَهُ مِنْ نَقْطِ غَيْرِهِ أَوْ شَكْلِهِ لَا سِيَّمَا مَعَ دِقَّةِ الْكِتَابِ وَضِيقِ الْأَسْطَارِ فَيَرْتَفِعُ بِإِفْرَادِهِ الْإِشْكَالُ"

                            6- قَالَ أَبُو زُرْعَةَ "وَرَأَيْتُ عَفَّانَ بْنَ مُسْلِمٍ يَحُضُّ أَصْحَابَ الْحَدِيثِ عَلَى الضَّبْطِ وَالتَّقْيِيدِ إِذَا أَخَذُوا عَنْهُ"

                            7- وكان حَماد بن سلمةَ يقول لأصْحابِ الحديثِ " وَيْحَكُمْ غَيِّرُوا يَعْنِي قَيِّدُوا وَاضْبِطُوا".

                            8- وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الزَّيَّاتُ فِي صِفَةِ دَفْتَر: "نَقْطٌ وَأَشْكَالٌ تَلُوحُ كَأَنَّهَا ... نَدَبُ الْخُدُوشِ تَلُوحُ بَيْنَ الْأَسْطُرِ"

                            9- وقد سُئِل الْأَوْزَاعِيَّ عَنِ الْغُلَامِ: "يَكْتُبُ الْحَدِيثَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْحَدَّ الَّذِي تَجْرِي عَلَيْهِ فِيهِ الْأَحْكَامُ؟ فَقَالَ: إِذَا ضَبَطَ الْإِمْلَاء جَازَ سَمَاعُهُ"

                            10- وقال الرامهرمزي (265- 360 ه) "فَلَيْسَ الْمُعْتَبَرُ فِي كَتْبِ الْحَدِيثِ الْبُلُوغَ وَلَا غَيْرَهُ، بَلْ تُعْتَبَرُ فِيهِ الْحَرَكَةُ وَالنَّضَاجَةُ وَالتَّيَقُّظُ وَالضَّبْطُ"، وهنا الرامهرمزي يتحدّثُ عن ضبْطِ الكتاب لا ضبطِ الصدر، فقد جاء تعقيبُهُ هذا على قولِ الأوزاعيِّ عن ضبْطِ الإملاءِ للغلام، وقد يكونُ المُرادُ كليْهما، وضبْطُ الكِتاب أقوى.

                            11- وقال ابن الصلاح:"وإعجام المكتوب يمنع من استعجامه، وشكله يمنع من اشكاله ،ثم لا ينبغي أن يعتني بتقييد الواضح الذي لا يكاد يلتبس ، وقد احسن من قال :"انما يشكل ما يشكل".

                            12- ويقول ابن جماعة في تذكرة السامِع "وقد جرت العادة في الكتابة بضبط الحروف المعجمة بالنقط وأما المهملة فمنهم من يجعل الإهمال علامة، ومنهم من ضبطه بعلامات تذكر عليها من قلب النقط أو حكاية المثل أو بشكلة صغيرة كالهلال وغير ذلك".
                            وهنا يتبيّنُ لك مدى عِنايةِ عُلماءِ الأمة بضبْطِ الحروف خشْيَةَ التصحيف .. فلم يكتفوا فقط بترك الحروف المهملة بدون نقط [والحرف المعجم مثل (ج و خ) والمهمل مثل (ح)]، بل بالغوا في التأكيد على أنها بغيرِ نُقطة من ذكْر العلامات التي ذكرها ابن جماعة وهذه العلامات طافِحة في كتُب علمائِنا الاولين ولها موضوعها المُستقل..

                            13- ويقول طاهر الجزائري الدمشقيفي توجيه النظر إلى أصول الأثر: "الأمر الثالث ينبغي لطالب العلم ضبط كتابه بالنقط والشكل ليؤديه كما سمعه فقد قيل إعجام المكتوب يمنع من استعجامه وشكله يمنع من إشكاله. والإعجام هو النقط تقول أعجمت الحرف إذا أزلت عجمته وميزته عن غيره بالنقط. والاستعجام الاستغلاق يقال استعجم عليه الكلام واستعلق واستبهم إذا أريج عليه فلم يقدر أن يتكلم. والشكل هو إعلام الحرف بالحركة تقول شكلت الكتاب شكلا إذا أعلمته بعلامات الإعراب. والإشكال الالتباس تقول أشكل الأمر إذا التبس"
                            فأيْنَ هدانا اللهُ وإيّاك ما ذكرْت على علماءِ الأمّة .. أين الأنفة وأين الحض على عدم النقط؟!


                            سابِعًا: قد بيّنا أراء العلماء واجماع الأمة سلفًا وخلفًا في تجريم الأخذِ من الصُّحُف والصحيفة دون سماعٍ .. فليُراجَع أعلاه في المشاركة 11 .. الوقفة رقم (5)

                            ثامِنًا: كنتُ سأضْرِب صفحًا عن هذه النقطة.. لولا أنه وجِب إزالةُ أي لبْسٍ قد يُتصوّر من كلام أخي متعلم هذا اولا وثانيًا لأنني وجدت محاولة للإتهام مرة أخرى والتطاول بغيرِ وجْهِ حق.

                            يتبع
                            "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
                            رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
                            *******************
                            موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
                            ********************
                            "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
                            وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
                            والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
                            (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

                            تعليق


                            • #15
                              (12)
                              الخطوط الأولى والخط اليوم

                              أتحدّثُ عن واقِعٍ وحقائِقَ لا خِلافَ عليْها بيْن العلماء، وهو أن الخطّ الأوّل كان أكثرَ عُرْضةً للتصحيفِ والتحريفِ وأقلّ ضبْطًا من الخط اللاحِق أو الخطِّ المطبوعِ اليوم، وأن الخطّ الأول لا يستطيعُ العربي اليومَ أن يقرأه بسهولة - مالم يسْمعه - كما يقرأ الخطّ المطبوع .. فماذا فعل الأخ الكريم؟!

                              ( أولا ) تأثّر الأخ بأسلوبِ الكتابيين من سوْق المغالطات!
                              فتقوّل عليّ ما لم أقُله .. وبنى على سوءِ فهْمِهِ .. ولم يُعالِج الحقيقة التي قدّمتها وبدلًا من أن يُواجِهها ، فإنهُ صنَعَ لنفسِه طرْحًا ضعيفًا مُهلْهلا، مُغايرًا ومتناقِضًا حتى ابني وابنه يستطيع الرد عليْه، وكأنّه ما صنعهُ إلا ليسْهُل عليْهِ الحشو وتنميق الكلام وتضييع الوقت .. المهم أنه نَسَبَهُ لي .. وبدأ ينقدُه !
                              --
                              1- فترجم قولي أن الخط القديم يكثر فيه التصحيف بــ= صعب على أهله!
                              2- وبنى على فرضيته نتيجة جديدة ، فبما أنه صعب إذا فقد = جهل أهل هذا الزمان ما يكتبون ويستصعبونه
                              3- النتيجة: هي قولُه: أن المسألة محسومة عقلاً ولا تحتاج إلى الرجوع لكتب ولا يحزنون
                              فقال :
                              هل كانت الخطوطُ الأولى أكثر صعوبة على أهلها من الخطوط اليوم؟!
                              أفكان أهل كل عصر يجهل ما يكتب ويستصعبه ؟!
                              والصوابُ هو ما قُلتُهُ من قبل مرتيْن وقلته مرة أخرى أعلاه ..واقوله رابِعه: أن الخطّ الأوّل كان أكثرَ عُرْضةً للتصحيفِ والتحريفِ وأقلّ ضبْطًا من الخط اللاحِق أو الخطِّ المطبوعِ اليوم، وأن الخطّ الأول لا يستطيعُ العربي اليومَ أن يقرأه بسهولة - مالم يسْمعه - كما يقرأ الخطّ المطبوع.

                              أما أن يُقال أنّ أهل عصر يجهلون ما يكتبون فهذا قول ساقِطٌ سخيف !، والأسْخَفُ منه أن يُنسَب لي !


                              ( ثانيًا) الدليل على قولي عن الخطّ القديمِ أنّه: "أكثرَ عُرْضةً للتصحيفِ والتحريفِ وأقلّ ضبْطًا" و "أن هذا طافِحٌ في الكُتُب":

                              وهنا أسأتَ الأدب مع اخوانِك كالعادة .. مسوقًا بجهلٍ مركّب (فمع قلةِ علم واطّلاع تظُن أنك تعلَم بل وتنصَحُني أن أتعلم قبل أن أكتب) .. إيه الجسارة دي؟!.. انت ازاي كده؟؟ وسُبحان اللهِ .. كلّ مرةٍ يُساء الأدب وتنال من حقي ينقلِب - بفضْلِ الله - عليْك الحال ويكون شناعةُ الخطأ عندَك أنت .. وينطبِقُ عليْك المثل " رمتني بدائِها وانسلت" !
                              --
                              1- جزم أني لن آتي بأي نقل : "لم تأتِ بنقل واحد – ولن تأتي –"
                              2-
                              اتهمني بالجهل وطالبني بالتعلُّم ! : "فاعلم أن الخير في التعلّم قبل الكتابة".

                              وتقول: هو طافح في الكتب.
                              أقول: فإن لم تأتِ بنقل واحد – ولن تأتي – فاعلم أن الخير في التعلّم قبل الكتابة.
                              والمسألة محسومة عقلاً لا تحتاج إلى الرجوع لكتب ولا يحزنون.
                              أنت لا تترُك أي خيارٍ إلا بالإسْتطالةِ المُستحقةِ عليْكَ بالعلم .. فأقول واللهُ المستعان، أن علم ضبْط الأحرف او ضبط العبارة هو من أعظم علومِ الأمّةِ وأجلِّها، فقُيِّدَت الحروف المتشابهة في الرسم بنقْطِ الشكْل والإعجام وجعل الأمة ضرورة أخذِ العلم من افواهِ العلماء جنبًا إلى جنب مع علم الضبْط.. وهذا العلم مما قيّد له اللهُ الأمّةَ لحفظِ العلوم في الكُتُب.. وقد سُقت الكثير من الأدلة أعلاه، وأسوقُ أدناه المزيدَ مما لم يتكرّر وفيه تفريقُ العلماء بين خطّ اليومِ وبين خطِّ الأمس وكيف أن الضبْط ساهم الى حد كبير في القضاء على التصحيف:

                              1- قال الحافظ الذهبي عن التصحيف في التفسير: " قلت وكان ابن جريج يروي الرواية بالإجازة وبالمناولة ويتوسع في ذلك ومن ثم دخل عليه الداخل في رواياته عن الزهري لأنه حمل عنه مناولة​​​​​​​، وهذه الأشياء يدخلها التصحيف، ولا سيَّما في ذلك العصر، لم يكن حدث في الخطِّ بعد شَكْلٌ ولا نَقْطٌ".

                              2- وأجاب حمزة الأصفهاني في التنبيه على حدوث التصحيف عن سبب التصحيفِ فقال: "سألت، أنجح الله سؤلك، أن أذكر لك سبب حدوث التصحيف في الخط العربي، واعتراض اللبس في تهجَّيه، حتى اضطروا على ممر السنين عليه، إلى توليد النقط والإعجام فيه وأما سبب وقوع التصحيف في كتابة العرب فهو أن الذي أبدع صور حروفها لم يضعها على حكمة، ولا احتاط لمن يجيء بعده، وذلك أنه وضع لخمسة أحرف صورة واحدة وهي: الباء، والتاء، والثاء، والياء، والنون".

                              3- وذكر الخطيب البغدادي في الجامع لأخلاق الراوي: " تحت باب: تقييد الاسماء بالشكل والاعجام حذرا من بوادر التصحيف والايهام : في رواة العلم جماعة تشتبه اسماؤهم وانسابهم في الخط وتختلف في اللفظ مثل بشر وبسر وبريد وبريد وبريد ويزيد وعياش وعباس وحيان وحبان وحبان وحنان وعبيدة وعبيدة وغير ذلك مما قد ذكرناه في كتاب التلخيص فلا يؤمن على من لم يتمهر في صنعة الحديث تصحيف هذه الاسماء وتحريفها الا ان تُنَقط وتُشَكّل فيؤمن دخول الوهم فيها ويسلم من ذلك حاملها وراويها ""

                              4- قال الدكتور شرف الدين على الراجحي في مصطلح الحديثِ وأثره على الدرس اللغوي عند العرب. ص. 151 : " وأضاف اللغويون سببًا آخر للتصحيف هو صعوبة الخط العربي وتشابه حروفه، فقد كانت العربية في صورها الأولى لا تخضع للنقط والشكل، فلم يكن الخط العربي منقوطًا ولا مشكولا".

                              5- وقال أسطيري جمال في التصحيف وأثره في الحديث والفقه وجهود المحدثين في مكافحته ص. 62 : "" وأضاف اللغويون سببًا آخر للتصحيف هو صعوبة الخط العربي وتشابه حروفه، فقد كانت العربية في صورها الأولى لا تخضع للنقط والشكل، فلم يكن الخط العربي منقوطًا ولا مشكولا .. وقد تنبه العسكري إلى ما يحدثه التشابه في رسم بعض الحروف من التصحيف بخصوص الأسماء التي لا يدخلها القياس ولا يدل عليها ما قبلها ولا ما بعدها""

                              6- وقال بشير علي عمر منهج الإمام أحمد في اعلال الحديث ص. 498 "وهذه الصفة في التحمل يدخلها الخلل من الجهة التي يدخل على سائر صفات التحمل ما عدا السماع والعرض، وهو كثرة وقوع التصحيف بها، لأن الكتب كانت في الأولى غير منقوطة ولا مشكولة."

                              7- وقال طاهر الجزائري الدمشقي في توجيه النظر إلى أصول الأثر " وقد كان الخط العربي في أول الأمر خاليا من النقط والشكل فكان لا يؤمن فيه التصحيف والتحريف على كل قارئ ثم وضع بعد ذلك النقط والشكل . أما النقط فللتمييز بين بعض الحروف المشتركة في صورة واحدة فأمن بذلك من التصحيف ، وأما الشكل فلبيان الحركات التي للحروف فأمن بذلك من التحريف فصار الخط العربي مع حسن الصورة وافيا بالغرض المطلوب من الخط".


                              وأعيدُ ما قلته أنا أعلاه : لم يكُن هذا هو الحال في القرون الهجرية الأولى في صدْرِ الإسْلام مع الخط الحجازي أو الكوفي ..
                              - فقد كان يحدُث التصحيفُ بيْن الحاء والخاء والعين والغين في أول الكلمة،
                              - وبين حرفي الميم والعين إن جاءتا في وسْط الكلمة،
                              - أو الياء والنون في آخر الكلمة،
                              - أو بيْن الحروف الخمسة ذات الصورة الواحدة وهي: الباء، والتاء، والثاء، والياء، والنون.
                              - أو بين الجيم والحاء المهملة والخاء المعجمة ،
                              - أو بين الدال المهملة والذال المعجمة ، والراء والزاي .
                              - بل إن الإسْم الثلاثي إن تشابهت أحرفه، يُقرأ على ثلاثين وجه مثل: بِنْتُ، نَبْتٌ، نِيبٌ، بِيبٌ، ثَيِّبٌ، ثَبَتَ، ثَبْتٌ، نَبَتٌ، ثَنَتٌ، نَثَتَ، نَبَثَ، ثُبِتَ، نُبْتُ، بَيَّتَ، ثَبَتُّ، نَبُتُّ، بَيَّتَ، يَبُتُّ، تُبْتُ، تُبْتَ، تُبْتُ، يَثِبُ، تَثِبُ، نَثِبُ، بِنْتُ، بِنْتُ، بِنْتَ، بِنْتِ، نَبَتُّ، نَبَتَّ.
                              - والطامة إذا كان الاسم الثلاثي في أحد حروفه السين فإنهُ في هذه الحالة يُمكِن قراءتهُ على نحو مائتي وجه (سبب، سبت، شيب، شبت ، شيث....الخ)


                              يتبع
                              "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
                              رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
                              *******************
                              موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
                              ********************
                              "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
                              وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
                              والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
                              (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

                              تعليق

                              مواضيع ذات صلة

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              ابتدأ بواسطة دكتور أشرف, 14 ينا, 2024, 03:18 م
                              ردود 0
                              13 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة دكتور أشرف
                              بواسطة دكتور أشرف
                               
                              ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 20 فبر, 2023, 03:45 ص
                              ردود 0
                              184 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة د.أمير عبدالله  
                              ابتدأ بواسطة دكتور أشرف, 9 فبر, 2023, 12:19 ص
                              ردود 0
                              37 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة دكتور أشرف
                              بواسطة دكتور أشرف
                               
                              ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 9 ديس, 2021, 09:29 ص
                              ردود 0
                              291 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة د.أمير عبدالله  
                              ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 25 نوف, 2021, 06:30 ص
                              رد 1
                              481 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة مصري مسلم
                              بواسطة مصري مسلم
                               
                              يعمل...
                              X