ماذا تعرف عن نبي الإسلام .. (محمد صلى الله عليه وسلم)

تقليص

عن الكاتب

تقليص

eng.power مسلم وافتخر اكتشف المزيد حول eng.power
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ماذا تعرف عن نبي الإسلام .. (محمد صلى الله عليه وسلم)

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    [frame="11 98"]ماذا تعرف عن نبي الإسلام .. (محمد صلى الله عليه وسلم)
    [/frame]

    هذا الموضوع موجه لكل إنسان على وجهه الأرض سواء كان

    مسلماً أو نصرانياً أو يهودياً أو ملحداَ أو ....

    هنا ستعرف من هو مُحمد صلوات ربي وسلامه عليه .. نبي الرحمه ..

    هنا ستعرف سيرة الحبيب مختصرة .. هنا ستعرف النبي محمد كما كأنك تراه بعينيك وترى أفعاله ...

    هنا سترى أعظم العظماء ..

    هنا ستعرف الوجه الحقيقي للنبي محمد وليس الوجه الذي يريد أعدائه أن يعرفوك إياه ...






    يتبع إن شاء الله ..


  • #2
    [frame="11 70"]نسبه صلى الله عليه وسلم[/frame]

    هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كِلاَب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فِهْر بن مالك بن النضر بن كِنانة ابن خزيمة بن مُدْرِكَة بن إلياس بن مُضر بن نزار ابن معدِّ بن عدنان ([1]) فهو خيار من خيار ، كما قال عن نسبه : {إن الله اصطفى كِنانة من ولد إسماعيل ، واصطفى قريشًا من كنانة ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم }([2])([3]). فهو من قريش ، وقريش من العرب ، والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ([4]) .

    [frame="11 70"]مولده صلى الله عليه وسلم[/frame]

    ولد عام الفيل بمكة في شهر ربيع الأول ([5]) يوم الاثنين ([6]) الموافق 571م ([7])في قبيلة قريش التي كان العرب يجلونها ويكنون لها كل تقدير واحترام في مكة التي تعتبر المركز الديني لجزيرة العرب، حيث الكعبة المشرفة التي بناها إبراهيم أبو الأنبياء وابنه إسماعيل عليهما السلام، حيث كان العرب إليها يحجون وبها يطوفون .

    [frame="11 70"]نشأته صلى الله عليه وسلم في عناية الله تعالى[/frame]


    نشأ النبي يتيمًا فآواه الله تعالى ، وعائلًا فأغناه الله ، فقد تُوفِّي والده عبد الله وهو حملٌ في بطن أمه ، وأرضعته ثُويْبَةُ أيَّامًا ([8]) وهي مولاة لأبي لهبٍ،ثم أرضعته حليمة السعدية في البريَّة ، وأقام عندها في بني سعدٍ نحوًا من أربع سنين ، وَشُقَّ عن فُؤاده هناك وهو يلعب مع الغلمان ، فعن أنس {أن رسول الله أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان ، فأخذه فصرعه فشق عن قلبه ، فاستخرج القلب فاستخرج منه علقةً فقال : هذا حظ الشيطان منك ، ثم غسله في طستٍ ([9]) من ذهب بماء زمزم ثم لامَهُ ([10]) ثم أعاده في مكانه ، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه ( يعني ظئره ) ([11]) فقالوا : إن محمدًا قد قُتِلَ ، فاستقبلوه وهو مُنتقع اللَّون ([12]) قال أنسٌ : وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره }([13]) وعند هذه الحادثة العظيمة خافت عليه حليمة السعدية رضي الله عنها ، فردَّته إلى أمه آمنة بنت وهب ، فخرجت به أمه إلى المدينة ، تزور أخواله ، ثم رجعت متجهة إلى مكة فماتت في الطريق بالأبواء ، بين مكة والمدينة ، وعمره ست سنين وثلاثة أشهر وعشرة أيام ([14]) ولما ماتت أمه كفله جده عبد المطلب ، فلما بلغ ثماني سنين توفي جده وأوصى به إلى عمه أبي طالب ؛ لأنه كان شقيق عبد الله بن عبد المطلب فكفله ، وأحاطه أتمَّ حياطة .



    يتبع إن شاء الله ..



    ------------------------------------------------------------------------------------------
    ([1]) البخاري مع الفتح ، كتاب مناقب الأنصار ، باب مبعث النبي قبل الحديث رقم 3851 .
    ([2]) مسلم الفضائل (2276) ، الترمذي المناقب (3606) ، أحمد (4/107) .
    ([3]) مسلم ، برقم 2276 .
    ([4]) انظر نسب النبي إلى آدم : البداية والنهاية لابن كثير 2/195 ، وسيرة ابن هشام 1/1
    ([5]) هذا هو الصحيح المشهور أنه ولد عام الفيل في شهر ربيع الأول ، وقد نقل بعضهم الإجماع على ذلك ، انظر : تهذيب السيرة للإمام النووي ص 20 .
    ([6]) التحديد بيوم الإثنين ثابت ؛ لقوله حينما سئل عن صومه : «فيه ولدت وفيه أُنزِل عليَّ» مسلم 2/820 .
    ([7]) انظر : الرحيق المختوم ص 53 .
    ([8]) البخاري مع الفتح ، 9/124 .
    ([9]) طستٍ : إناء كبير مستدير ( فتح الباري بشرح صحيح البخاري ، 1/460 ) .
    ([10]) لامه : جمعه وضم بعضه على بعضٍ ( شرح النووي على صحيح مسلم ) .
    ([11]) ظِئره : هي المرضعة ، ويقال أيضا لزوج المرضعة ( شرح النووي ) .
    ([12]) منتقع اللون : أي متغير اللون ( شرح النووي على صحيح مسلم ) .
    ([13]) مسلم ، برقم 261 - (162) وانظر : البداية والنهاية لابن كثير ، بتحقيق الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي ، 3/413 .
    ([14]) البداية والنهاية ، 4/423 ، والفصول في سيرة الرسول لابن كثير ، ص92
    ([15]) البخاري المناقب (3670) ، مسلم الإيمان (209) ، أحمد (1/210) .

    تعليق


    • #3
      [frame="11 70"]خروجه للتجارة[/frame]

      خرج مع عمِّه أبي طالب إلى الشام في تجارةٍ ، وهو ابن ثنتي عشرة سنة ، وذلك من تمام لطفه به ؛ لعدم من يقوم به إذا تركه بمكة ، فَرَأَى عبد المطلب وأصحابه ممن خرج معه إلى الشام من الآيات فيه ما زاد عمَّه في الوصاة بِهِ ، والحرص عليه ، فعن أبي موسى الأشعري قال : {خرج أبو طالب إلى الشام ، وخرج معه النبي في أشياخٍ من قريشٍ ، فلما أشرفوا على الراهب هبطُوا فحلُّوا رحالهم ، فخرج إليهم الرَّاهبُ ، وكانوا قبل ذلك يمرُّون به فلا يخرج إليهم ، ولا يلتفتُ ، قال : فهم يحلُّون رِحالهم فجعل يتخلَّلهم الراهب حتى جاء فأخذ بيد رسول الله قال : هذا سيدُ العالَـمِين ، هذا رسولُ ربِّ العالمين ، يبعثه الله رحمةً للعالمين ، فقال له أشياخٌ من قريش ما علمك ؟ فقال : إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبقَ شجرٌ ولا حجرٌ إلا خرَّ ساجدًا ، ولا يسجدان إلا لنبي ، وإنِّي أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروفِ كتفهِ مثل التُّفَّاحة . . . }([1]) الحديث ، وفيه : {أن النبي أظلته غمامةٌ ومالت الشجرة بظلها عليه }([2])([3]) وأمر الراهب أبا طالب بالرجوع به إلى مكة ؛ لئلا يراه اليهود ؛ فيحصل له منهم سوء ، فأرسل به عمه إلى مكة ، ثم أرسلت به خديجة بنت خويلد في تجارةٍ لها إلى الشام مع غلامها ميسرة ، فربحت تجارة خديجة رضي الله عنها ، فرأى ميسرة ما بهره من شأنه ، فرجع فأخبر سيدته بما رأى ، فرغبت إلى النبي أن يتزوجها ، لِـمَا رجَتْ في ذلك من الخير الذي جمعه الله لها ، وفوق ما يخطر بِبَالِ بشر ، فتزوجها رسول الله وله من العمر خمس وعشرون سنة ، وكان عمرُ خديجة أربعون سنة ([4]) .


      [frame="11 70"]حماية الله تعالى له من دنس الجاهلية[/frame]

      وقد حماه الله تعالى من صغره من دنس الجاهلية ، ومن كلِّ عيب ، فلم يُعظِّم لهم صنمًا في عمره قط ، ولم يحضر مشهدا ًمن مشاهد كفرهم ، وكانوا يطلبونه بذلك فيمتنع ، ويعصمه الله من ذلك ، وما شرب خمرًا قط ، وما عمل فاحشة قط ، وكان يعلم بأنهم على باطل ، ولم يشرك بالله قطٌّ ، ولم يحضر مجلس لهوٍ ([5]) ولم يعمل شيئًا مما كان يعمله قومه من الفواحش والمنكرات ، فقد نشأ في مجتمعٍ كَثُرت فيه المفاسد وعمت فيه الرذائل ، فالشرك بالله تعالى ، ودعاء غيره معه ، وقتل الأنفس بغير حق ، والظلم ، والبغاء ، والاستبضاع ، والزنى الجماعي ، والأفرادي ، ونكاح أسبق الرجال ممن مات زوجها ، والاعتداء على الأعراض ، والأموال ، والدماء ، كل ذلك كان شائعًا في قومه قبل الإسلام ، لا ينكره أحد ، ولا تحاربه جماعة ، بالإضافة إلى وَأْدِ البناتِ ، وقتل الأولاد خشية الفقر ، أو العار ، ولعب الميسر ، وشرب الخمر ، أمور تعدُّ في الجاهلية من المفاخر ، والتباهي ، وليس من شرط أن يكون المجتمع كلُّه يرتكب هذه الجرائم ، وإنما عدم إنكارها هو دليل على الرضى بها ، والنبي لم يعمل أي عمل أو يباشر أيَّ خُلقٍ من هذه الأخلاق الرذيلة ، وقد أدَّبه ربُّهُ فأحسن تأديبه ([6]) وهذه الأخلاق التي اتصف بها قد عرفها قومه منه ؛ ولهذا لُقِّب بين قومه «بمحمدٍ الأمين» ([7]) . وقد بنت قريش الكعبة في سنة خمس وثلاثين من عمر النبي وعندما وصلوا إلى موضع الحجر الأسود اختلفوا ، واشتجروا فيمن يضع الحجر الأسود موضعه ، فقالت كلُّ قبيلةٍ : نحن نضعه ، ثم اتفقوا على أن يضعه أَوَّلُ داخلٍ عليهم ، فكان أول من دخل عليهم رسول الله ففرِحوا به كثيرًا ، فقالوا : جاء الأمين ، فرضوا به أن يكون حكمًا بينهم ؛ ليحلَّ النزاع ويقف القتال الذي كاد أن يحصل ، فأمر بثوبٍ فَوُضِعَ الحجر في وسطه ، وأمر كلَّ قبيلة أن ترفع بجانب من جوانب الثوب ، ثم أخذ الحجر فوضعه بيديه في موضعه ([8]) .

      [frame="11 70"]تعبده صلى الله عليه وسلم بغار حراء [/frame]

      وبعد ذلك حبب الله إليه الخلوة والانعزال عن الناس ؛ لكي يتعبد لله تعالى ، وكان يخلو بغار حراء يتعبد لله تعالى على ملة إبراهيم ولما كمَّل الأربعين أكرمه الله تعالى بالنبوَّة ، ولا خلاف أن مبعثه كان يوم الإثنين ، وقيل بأن الشهر كان ربيع الأول سنة إحدى وأربعين لثمانٍ خلون منه ، من عام الفيل وهذا قول الأكثرين ([9]) .


      يتبع إن شاء الله ..

      -------------------------------------------------------------------------------------------------------
      ([1]) الترمذي المناقب (3620) . , حادثة الراهب المسمى " بحيرا " حقيقة لا خرافة (للشيخ الألباني)
      ([2]) الترمذي المناقب (3620) .
      ([3]) الترمذي برقم 3620 ، وقال عنه ابن كثير في الفصول في سيرة الرسول ص94 : «بإسناد رجاله كلهم ثقات» وصححه الألباني في صحيح الترمذي ، برقم 3620 ،
      وفي فقه السيرة للغزالي ص68 وقال : «إسناده صحيح» وقال : لكن ذِكر بلال فيه منكر كما قيل قال : «قلت : وقد رواه البزار فقال : وأرسل معه عمه رجلاً» .
      ([4]) قاله ابن القيم في زاد المعاد ، 1/105 ، وقال ابن كثير في البداية والنهاية 3/466 : «وكان عمرها آنذاك خمسًا وثلاثين وقيل : خمسًا وعشرين» .
      ([5]) الفصول في سيرة الرسول لابن كثير ، ص91 - 95 ، والبداية والنهاية ، 3/406 - 451 ، وتهذيب الأسماء واللغات للنووي ، 1/24 .
      ([6]) لم يثبت «أدَّبني ربي فأحسن تأديبي» لكن قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الرسائل الكبرى ، 2/336 : «معناه صحيح ولكن لا يعرف له إسناد ثابت» ،
      وأيده السخاوي والسيوطي ، فراجع كشف الخفاء 1/70 . انظر : سلسلة الأحاديث الضعيفة للألباني برقم 72 .
      ([7]) أحمد في المسند ، 3/425 ، وحسنه الألباني في تخريج فقه السيرة لمحمد الغزالي ، ص84 .
      ([8]) الفصول في سيرة الرسول لابن كثير ، ص95 .
      ([9]) زاد المعاد لابن القيم ، 1/78 ، قال : وقيل : «كان ذلك في رمضان ، وقيل كان ذلك في رجب» .

      تعليق


      • #4
        [frame="11 70"]نزول الوحي [/frame]

        {وجاءه جبريل في غار حراء ، فقال له : اقرأ ، فقال : لست بقارئ ، قال : اقرأ ، قال : لست بقارئ ، فغتَّه ([1]) حتى بلغ منه الجهد ، فقال له : اقرأ ،فقال : لست بقارئ فقال :{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}([2])([3]) ، وبهذه السورة كان نبيًّا ، ثم رجع إلى خديجة رضي الله عنها يرجفُ فؤادُهُ فدخل عليها وقال : «زملوني زمِّلوني» ، فزمَّلوه ([4]) حتى ذهب عنه الرَّوعُ ، فأخبر خديجة الخبر ، فقالت خديجة رضي الله عنها : كلا واللهِ ما يُخزيك اللهُ أبدًا ؛ إنك لتصل الرحم ، وتحمِل الكلَّ ، وتكسِب المعدوم ، وتقري الضيف ،وتعينُ على نوائب الحق . . . الحديث (([5]) ثم أرسله الله تعالى بسورة المدثر إلى الإنس والجن ، قال {بينما أنا أمشي إذ سمعت صوتًا منالسماء فرفعتُ بصري فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض فرُعبْتُ منه ، فرجعت فقلت زمِّلوني} ، فأنزل الله تعالى {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}([6])([7]) فحميَ الوحيُ وتتابع ([8])([9]) وبهذه السورة كان رسولًا .

        [frame="11 70"]الدعوة إلى الإسلام [/frame]



        بدأ بالدعوة إلى الله تعالى سرًا ، فأسلم على يديه : السابقون الأولون ، وكان أول من أسلم خديجة رضي الله عنها ، ثم علي ثم زيد بن حارثة ، ثم أبو بكر رضي الله عنهم ، ثم دخل الناس في دين الله واحد بعد واحد ، حتى فشى الإسلام في مكة ، {ثم أمر الله تعالى نبيه بأن يجهر بالدعوة فقال : {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ }([10])([11])، فدعاهم إلى الله ، وصعد على الصفا وقال : يا بني فهر ، يا بني عدي لبطون قريش ، حتى اجتمعوا ، فقال : أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلًا تخرج عليكم بسفح هذا الوادي أكنتم مصدقي ؟ قالوا : نعم ما جرَّبنا عليك كذبًا ، قال : فإني نذير لكم بين يدي عذابٍ شديد ([12])وقد ناصبه صناديد قريش ومن معهم العداء ، ولكن مع ذلك لم يستطع أحد منهم أن يتهمه بصفة الكذب أو صفة غير لائقة ، وقد قال الله تعالى : {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ }([13]) ، ولو عرفوا خُلُقًا ذميمًا – وقد عاش بينهم أربعين عامًا - ؛ لأراحهم من التنقيب عن خصلة غير حميدة يتهمونه بها أمام الناس ، ووجدوا أن كلمة ( ساحر ) و ( كاهن ) هي أنسب الصفات التي يطلقونها عليه ؛ حيث يفرق بدعوته إلى الله بين الأب وابنه ، والأخ وأخيه ، والزوجة وزوجها ، واتهموه بالجنون ؛ لأنه خالف شركهم ودعا إلى عبادة الله وحده ، وتابع دعوته إلى الله في المواسم ، والأسواق ، وخرج إلى الطائف ، وأسلم الجن في طريقه عند رجوعه من الطائف ، وحصل له من الأذى الكثير فصبر واحتسب .

        ---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
        (
        [1]) غته : حبس أنفاسه ، وفي رواية البخاري : «غطني» ومعناه : ضمَّني وعصرني .
        ([2]) سورة العلق ، الآيات 1 : 5 .
        ([3]) البخاري بدء الوحي (4) ، مسلم الإيمان ( 160 ) ، أحمد باقم مسند الأنصار ( 233/6 ) .
        ([4]) زمِّلوني : أي غطُّوني أو لُفُّوني بثوبٍ أو نحوه .
        ([5]) البخاري ، برقم 3 ، ومسلم ، برقم 160 .
        ([6]) سورة المدثر ، الآيتان 1 : 2 .
        ([7]) سورة المدثر آية : 5 .
        ([8]) البخاري ، برقم 4 .
        ([9]) البخاري بدء الوحي 4 ، مسلم الإيمان 161 ، أحمد باقي مسند المكثرين (377/3 ) .
        ([10]) سورة الشعراء ، الآيات 214 : 216 .
        ([11]) مسلم الإيمان ( 207 ) ، أحمد مسند المكيين ( 477/3 ) .
        ([12]) البخاري ، برقم 4971 ، ومسلم /194 – (برقم 208) .
        ([13]) سورة الأنعام آية : 33 .


        يتبع إن شاء الله

        تعليق


        • #5
          [frame="11 70"]الإسراء والمعراج [/frame]
          ثم أُسريَ به إلى بيت المقدس ليلًا {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ([1]) وعُرِج به إلى السماوات العُلى ، وقبل الإسراء جاء جبريلُ ففرج صدره ثم غسله بماء زمزم ، ثم جاء بطستٍ ممتلئ حكمة وإيمانًا فأفرغه في صدره ، ثم أطبقه ، ثم أخذ بيده فَعُرِج به ([2]) وذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله أن النبي شُقَّ صدره ثلاث مرات ، الأولى في بني سعد وهو صغير ، والثانية عند البعثة فقال : ( وثبت شق الصدر أيضًا عند البعثة كما أخرجه أبو نعيم في دلائل النبوَّة ، فالأول وقع فيه من الزيادة كما عند مسلم من حديث أنس : {فأخرج علقة فقال : هذا حظ الشيطان منك }([3]) ، وكان هذا في زمن الطفولية فنشأ على أكمل الأحوال ، من العصمة من الشيطان ، ثم وقع شق الصدر عند البعث زيادة في إكرامه ؛ ليتلقى ما يُوحى إليه بقلبٍ قويٍّ في أكمل الأحوال من التطهير ، ثم وقع شق الصدر عند العروج إلى السماء ؛ ليتأهب للمناجاة ، ويحتمل أن تكون الحكمة في هذا الغسل لتقع المبالغة في الإسباغ بحصول المرة الثالثة كما تقرر في شرعه ([4]).

          وصل ليلة الإسراء والمعراج إلى مكان يسمع فيه صريف الأقلام فوق السماء السابعة ، وفرضت عليه الصلاة ، وصلى بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام ركعتين ، ورجع قبل أن يصبح إلى مكة ، واستمر في دعوته إلى التوحيد ، وصلَّى في مكة قبل الهجرة ثلاث سنين ، ولما اشتد الأذى من قريش ، وأكمل ثلاثة عشر عامًا في دعوته قومه إلى التوحيد ، أَذِنَ الله له بالهجرة ، فهاجر إلى المدينة ، وفرضت عليه فيها بقية شرائع الإسلام خلال عشر سنواتٍ ، كما تقدم ، وسيأتي إتمام الكلام في صبره على أذى قومه ، وفي غزواته ، وجهاده ، وحجِّه حجة الوداع ، ورجوعه إلى المدينة ، ثم موته بعد أن كمَّل الله به الدين ([5]) .


          يتبع إن شاء الله ..
          ------------------------------------------------------------------------
          ([1]) سورة الإسراء آية رقم 1
          ([2]) البخاري ، برقم 349 ، ومسلم برقم 163 .
          ([3]) مسلم الإيمان (162) ، أحمد (3/288) .
          ([4]) فتح الباري بشرح صحيح البخاري ، 7/204 - 205 .
          ([5]) انظر : زاد المعاد لابن القيم ، 1/71 - 135 ، والبداية والنهاية لابن كثير ، 3/353 - 563 ،
          والفصول في سيرة الرسول لابن كثير ، ص91 - 330 ، وتهذيب الأسماء واللغات للنووي ، 1
          /22 - 33 .

          تعليق


          • #6
            [frame="11 70"]من سيرته صلى الله عليه وسلم[/frame]
            وكان يتجمَّلُ للعيد ، والوفود ، ويُحِبُّ النظافة ، وكان يكره أن يقوم له أحد ؛ فلا يقوم له الصحابة ؛ لعلمهم بكراهته لذلك ([1]) وكان يُحِبُّ السِّواك ، ويبدأ به إذا دخل بيته ، ويشوص فاه بالسواك إذا قام من الليل ، وكان ينام أول الليل ثم يقوم يصلي ، وكان يطيل صلاة الليل حتى تنتفخ قدماه ، ثم يُوتِرُ آخر الليل قبل الفجر ، وكان يُحِبُّ أن يسمع القرآن من غيره ، وكان يعود المرضى ، ويشهد الجنائز ويصلي عليهم ، وكان كثير الحياء ، وكان إذا كره شيئًا عُرِف في وجهه ، وكان يُحِبُّ الستر ، وكان يتوكل على الله حقَّ توكُّلِهِ ؛ لأنه سيد المتوكِّلين ، قال أنس {خَدَمْتُ النبي عشر سنين فما بعثني في حاجةٍ لم أُتِـمَّها إلا قال : لو قُضِيَ لكان ، أو : لو قُدِّر لكان }([2])([3]) ومع هذا فقد كان يأخذ بالأسباب . وكان لا يغدر وينهى عن الغدر ، وقد حفظه الله تعالى من أمور الجاهلية قبل الإسلام ([4]) ورعى الغنم في صغره وما من نبيٍّ إلاَّ رعاها ([5]) وكان الحجر يسلم عليه قبل البعثة ([6]) .

            وكان يكثر الذكر ، دائم الفكر ، ويقل اللغو ، ويطيل الصلاة ، ويقصر الخطبة ، ويحب الطيب ولا يرده ، ويكره الروائح الكريهة ، وكان أكثر الناس تبسمًا ، وضحك في أوقاتٍ حتى بدت نواجذه ([7]) قال جرير {ما حجبني رسول الله منذ أسلمت ، ولا رآني إلا تبسَّمَ في وجهي ، ولقد شكوت إليه أَنِّـي لا أثبت على الخيل ، فضرب في صدري ، وقال : اللهم ثبِّته ، واجعله هاديًا مهديًّا }([8])([9]) ويمزح ولا يقول إلا حقًّا ، ولا يجفو أحدًا ، ويقبل عذر المعتذر إليه ،وكان ويتكلم بجوامع الكلم ، وإذا تكلم تكلَّم بكلامٍ بيِّنٍ فَصْلٍ ، يحفظه من جلس إليه ، ويعيد الكلمة ثلاثًا إذا لم تفهم حتى تُفهم عنه ، ولا يتكلم من غير حاجة ، وقد جمع الله له مكارم الأخلاق ومحاسن الأفعال ، فكانت معاتبته تعريضًا ، وكان يأمر بالرفق ويحثُّ عليه ، وينهي عن العنف ، ويحث على العفو والصفح ، والحلم ، والأناة ، وحسن الخلق ومكارم الأخلاق ، وكان مجلسه : مجلس علم ، وحلم ، وحياء ، وأمانة ، وصيانة ، وصبر ، وسكينة ، ولا ترفع فيه الأصوات ، ولا تنتهك فيه الحرمات ، يتفاضلون في مجلسه بالتقوى ، ويتواضعون ، وَيُوَقِّرون الكبار ، ويرحَمُون الصغار ، ويؤثرون المحتاج ، ويخرجون دعاة إلى الخير ، وكان يجلس على الأرض ، ويأكل على الأرض ، وكان يمشي مع الأرملة والمسكين ، والعبد ، حتى يقضي له حاجته . ومر على الصبيان يلعبون فسلَّم عليهم ، وكان لا يصافح النساء غير المحارم ، وكان يتألف أصحابه ويتفقدهم ، ويكرم كريم كل قوم ، ويُقبل بوجهه وحديثه على من يُحدثه ، حتى على أشرِّ القوم يتألفهم بذلك ، {وخدمه أنس عشر سنين ، قال : فما قال لي أُفٍّ قط ، وما قال لي لشيء صنعته لِمَ صنعته ، ولا لشيء تركته لِمَا تركته ، وكان من أحسن الناس خُلُقًا ولامسست خزًّا ، ولا حريرًا ، ولا شيئًا كان ألين من كفِّ رسول الله ولا شممت مسكًا قط ولا عطرًا أطيب من عرق النبي }([10])([11]) . ولم يكن فاحشًا ولا متفحشًا ولا صخَّابًا ([12]) ولا يجزي بالسيئة السيئة بل يعفو ويصفح ويحلم ، ولم يضرب خادمًا ولا امرأة ولا شيئًا قط ، إلا أن يجاهد في سبيل الله تعالى ، وما خُيِّر بين شيئين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا ، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس عنه .



            يتبع إن شاء الله ..

            ----------------------------------------------------------------------------
            ([1]) أحمد ، 3/134 .
            ([2]) أحمد (3/231) .
            ([3]) أحمد ، 1/352 وهو صحيح .
            ([4]) البخاري ، برقم 3829 ، وأحمد 4/222 .
            ([5]) البخاري ، برقم 2262 ، ورقم 3406 .
            ([6]) مسلم ، برقم 2277
            ([7]) النواجذ : الأنياب ، وقيل : ( هي الضواحك التي تبدو عند الضحك ) النهاية ، 5/20 .
            ([8]) البخاري الأدب (5739) ، مسلم فضائل الصحابة (2475) ، ابن ماجه المقدمة (159) .
            ([9]) البخاري ، برقم 3035 ، ورقم 3822 ، ورقم 6090 .
            ([10]) البخاري الوصايا (2616) ، الترمذي البر والصلة (2015) ، أبو داود الأدب (4773) ، أحمد (3/101) .
            ([11]) البخاري ، برقم 6038 ، ومسلم ، برقم 2309 ، والترمذي في مختصر الشمائل ، واللفظ له ، برقم 296 .
            ([12]) الصَّخَّاب : الصخب والسخب : الضجة واضطراب الأصوات للخصام ، فهو لم يكن صخَّابًا في الأسواق ولا في غيرها . النهاية 3/14 .

            تعليق


            • #7
              [frame="11 70"]حسن معاملته صلى الله عليه وسلم[/frame]

              وكان أحسن الناس معاملة ، فإذا استسلف سلفًا قضى خيرًا منه ؛ ولهذا : {جاء رجل إلى النبي يتقاضاه بعيرًا فأغلظ له في القول ، فَهَّم به أصحابه فقال النبي دعوه فإن لصاحب الحق مقالًا ، فقالوا : يا رسول الله : لا نجد إلا سنًّا هو خير من سنِّه فقال أعطوه ، فقال الرجل : أوفيتني أوفاك الله ، فقال إن خير عباد الله أحسنهم قضاءً }([1])([2]) .{واشترى من جابر بن عبد الله بعيرًا ، فلما جاء جابر بالبعير قال له أتراني ماكستك ؟ قال : لا يا رسول الله ، فقال : خذ الجمل والثمن }([3])([4]) .

              [frame="11 70"]خلقه صلى الله عليه وسلم [/frame]
              وكان أحسن الناس خُلُقًا ؛ لأن خُلُقَهُ القرآن ، لقول عائشة رضي الله عنها : {كان خلقه القرآن }([5])([6]) ؛ ولهذا قال {إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق }([7])([8]) .

              [frame="11 70"]زهده صلى الله عليه وسلم[/frame]

              وكان أزهد الناس في الدنيا ، فقد ثبت عنه {أنه اضطجع على الحصير فأثَّر في جنبه ، فدخل عليه عمر ابن الخطاب ولما استيقظ جعل يمسح جنبه فقال رسول الله : لو اتخذت فراشًا أوثر من هذا ؟ فقال مالي وللدنيا ، ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار ثم راح وتركها }([9])([10]) . {وقال : لو كان لي مثلُ أُحُدٍ ذهبًا ما يَسُرُّني أن لا يمر عليَّ ثلاثٌ وعندي منه شيء ، إلا شيءٌ أرصُدُهُ لدين }([11])([12]) .وعن أبي هريرة قال : {ما شبع آل محمد من طعام ثلاثة أيام حتى قبض }([13])([14]) .
              والمقصود أنهم لم يشبعوا ثلاثة أيام بلياليها متوالية ، والظاهر أن سبب عدم شبعهم غالبًا كان بسبب قلة الشيء عندهم على أنهم قد يجدون ولكن يؤثرون على أنفسهم ([15])

              يتبع إن شاء الله


              ---------------------------------------------------------------------------------------------------------------
              ([1]) البخاري الوكالة (2183) ، مسلم المساقاة (1601) ، أحمد (2/431) .
              ([2]) البخاري رقم 2305 ، ومسلم برقم 1600 .
              ([3]) مسلم المساقاة (715) ، النسائي البيوع (4637) ، أحمد (3/376) .
              ([4]) البخاري مع الفتح 4/320 ، برقم 2097 ، ومسلم 3/1221 ، برقم 715 .
              ([5]) مسلم صلاة المسافرين وقصرها (746) ، النسائي قيام الليل وتطوع النهار (1601).
              ([6]) مسلم 1/513 ، برقم 746 .
              ([7]) أحمد (2/381) .
              ([8]) البيهقي بلفظه 10/192 ، وأحمد 2/381 ، وانظر : الصحيحة للألباني رقم 45 .
              ([9]) أحمد (1/301) .
              ([10]) الترمزي وغيره ، وانظر : الأحاديث الصحيحة برقم 439 ، وصحيح الترمذي 2/280 .
              ([11]) البخاري في الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس (2259) ، مسلم الزكاة (991) ، ابن ماجه الزهد (4132) .
              ([12]) البخاري برقم 2389 ، ومسلم برقم 991 .
              ([13]) البخاري الأطعمة (5059) ، مسلم الزهد والرقائق (2976) ، الترمذي الزهد (2358) ، ابن ماجه الأطعمة (3343).
              ([14]) البخاري مع الفتح 9/517 و549 ، برقم 5374 .
              ([15]) انظر فتح الباري 9/517 و549 برقم 5374 ، ومن حديث عائشة رضي الله عنها برقم 5416 .

              تعليق


              • #8
                [frame="11 70"]النبي الكريم رحمة للعالمين [/frame]


                [gdwl]عموم رحمته للإنس والجن والمؤمنين والكافرين والحيوان[/gdwl]

                قال الله تعالى : {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }([1]) ، . قال ابن عباس رضي الله عنهما : ( من آمن بالله واليوم الآخر كتب له الرحمة في الدنيا والآخرة ، ومن لم يؤمن بالله ورسوله عوفي مما أصاب الأمم من الخسف والقذف ) ([2]) .
                قال الإمام الطبري رحمه الله : ( أولى القولين في ذلك بالصواب القول الذي رُوي عن ابن عباس : وهو أن الله أرسل نبيه محمدًا رحمة لجميع العالم : مؤمنهم وكافرهم ، فأما مؤمنهم فإن الله هداه به وأدخله بالإيمان به وبالعمل بما جاء به من عند الله الجنة ، وأما كافرهم فإنه دفع به عنه عاجل البلاء الذي كان ينزل بالأمم المكذبة رسلها من قبله ) ([3]) .
                ومما يدل على أن رحمة النبي عامة للعالم ؛ حديث أبي هريرة قال : {قيل : يا رسول الله ادعُ على المشركين ، قال : إني لم أُبعث لَعَّانًا وإنما بُعِثْتُ رحمةً }([4])([5]) . وجاء في الحديث عن أبي هريرة ، عن النبي أنه قال : {إنما أنا رحمةٌ مهداةٌ }([6])([7])
                [gdwl]رحمته صلى الله عليه وسلم لأعدائه في الجهاد[/gdwl]
                وقد شملت رحمته الأعداء حتى في قتالهم ومجاهدتهم ؛ فإن قوة الجهاد في سبيل الله تعالى في شريعته لها ضوابط ينبغي أن يلتزم بها المجاهدون في سبيل الله – تعالى – ومن ذلك قوله تعالى : {وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ }([8]) ، فيدخل في ذلك ارتكاب المناهي : من المثلة ، والغلول ، وقتل النساء ، والصبيان ، والشيوخ الذين لا رأي لهم ولا قتال ، والرُّهبان ، والمرضى ، والعُمي ، وأصحاب الصَّوامع ؛ لكن من قاتل من هؤلاء أو استعان الكفَّار برأيه قتل ([9]) .
                ويدخل في ذلك قتل الحيوان لغير مصلحة ، وتحريق الأشجار ، وإفساد الزُّروع والثِّمار ، والمياه ، وتلويث الآبار ، وهدم البيوت ([10]) وقد «وُجدت امرأةٌ مقتولة في بعض مغازي رسول الله فنهى رسول الله عن قتل النساء والصبيان» ([11]) ؛ ولهذا كان إذا أمَّر أميرًا على جيش أوسريَّة أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرًا ، ثم قال : {اغزوا بسم الله في سبيل الله ، قاتلوا من كفر بالله ، اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ، ولا تُمثِّلوا ، ولا تقتلوا وليدًا ، وإذا لقيت عدوَّك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال . . . }([12])([13]) ثم بيَّنها كالآتي :

                ( أ ) الإسلام والهجرة ، أو إلى الإسلام دون الهجرة ، ويكونون كأعراب المسلمين .
                ( ب ) فإن أبوا الإسلام دعاهم إلى بذل الجزية .
                ( ج ) فإن امتنعوا عن ذلك كله استعان بالله وقاتلهم مسلم


                يتبع إن شاء الله



                ------------------------------------------------------------------------------------------------


                ([1]) سورة الأنبياء آية : 107 .
                ([2]) أخرجه الطبري في تفسيره جامع البيان ، 18/552 .
                ([3]) جامع البيان للطبري ، 18/552 .
                ([4]) مسلم البر والصلة والآداب (2599) .
                ([5]) مسلم ، برقم 2599 .
                ([6]) الدارمي المقدمة (15) .
                ([7]) رواه ابن سعد ، 1/192 ، وابن أبي شيبة 11/504 ، والحاكم ، 1/35 ، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة بطرقه ، برقم 490 .
                ([8]) سورة البقرة آية : 190 .
                ([9]) انظر : المغني لابن قدامة 13/175 - 179 .
                ([10]) انظر : تفسير ابن كثير 1/227 وعناصر القوة في الإسلام ص212 .
                ([11]) البخاري برقم 3014 ، ورقم 3015 .
                ([12]) مسلم الجهاد والسير (1731) ، الترمذي السير (1617) ، ابن ماجه الجهاد (2858) ، أحمد (5/358) .
                ([13]) مسلم ، كتاب الجهاد والسير ، باب تأمير الإمام الأمراء على البعوث 3/1357 (رقم 1731) .

                تعليق


                • #9
                  [frame="11 70"]وفاؤه بالعهد مع أعدائه صلى الله عليه وسلم[/frame]


                  من أعظم الضوابط في الجهاد الوفاء بالعهد وعدم الخيانة ؛ لقول الله تعالى : {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْخَائِنِينَ }([1]) . فإذا كان بين المسلمين والكفار عهد أو أمان فلا يجوز للمسلمين الغدر حتى ينقضي الأمد ([2]) . قال رسول الله : {من كان بينه وبين قومٍ عهدٌ فلا يشدُّ عقدة ولا يحلها حتى ينقضيَ أمَدُها أو ينبذ إليهم على سواء }([3])


                  [frame="11 70"]دفعه صلى الله عليه وسلم نزول العذاب على أعدائه[/frame]


                  ومن الأمثلة العظيمة على هذه الرحمة التي شملت حتى أعدائه قصَّته مع مَلَك الجبال حينما بعثه الله إليه ؛ ليأمره بما شاء عندما آذاه المشركون ، فجاء ملك الجبال وسلَّم عليه وقال : {يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك وأنا ملك الجبال ، وقد بعثني ربِّي إليك لتأمرني بأمرك ، فما شئت ([4]) ؟ إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين ( والأخشبان جبلان عظيمان في مكة ، تقع مكة بينهما ) ، فقال رسول الله لملك الجبال : بل أرجوا أن يخرج اللهُ من أصلابهم من يعبُد الله وحده لا يُشرك به شيئًا }([5]) .

                  يتبع إن شاء الله
                  ---------------------------------------------------------------------------------------------
                  (
                  [1]) سورة الأنفال آية : 58 .

                  ([2]) انظر : تفسير ابن كثير 2/321 ، وتفسير السعدي 3/183 - 184 .
                  ([3]) الترمذي السير (1580) ، أبو داود الجهاد (2759) ، أحمد (4/113) .
                  ([4]) استفهام ، أي فمرني بما شئت ، انظر : فتح الباري ، 6/316 .
                  ([5]) البخاري برقم 3231 ، ومسلم برقم 1795 .

                  تعليق


                  • #10
                    [frame="11 80"]سلامة قلبه صلى الله عليه وسلم وحُبُّه الخير لليهود وغيرهم[/frame]

                    ومن الأمثلة العظيمة لرحمته حديث أنس قال : {كان غلام يهوديٌّ يخدم النبي فمرض فأتاه النبي يعوده فقعد عند رأسه فقال له : أسلم فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال : له أطع أبا القاسم ، فأسلم ، ( وفي رواية النسائي فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ) ، فخرج النبي وهو يقول : الحمد لله الذي أنقذه من النار }([1]) ( وفي رواية أبي داود : أنقذه بي من النار ) ([2]) . وغير ذلك كثير .

                    [frame="11 70"]رحمته للمؤمنين[/frame]

                    قال الله تعالى : {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }([3])
                    وقال سبحانه وتعالى : {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ }([4]) . وقد قال {اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فشق عليهم فاشقق عليه ، ومن ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به }([5])([6]) وقال {أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فمن مات وعليه دين ولم يترك وفاءً فعلينا قضاؤُهُ ، ومن ترك مالًا فهو لورثته }([7])([8])

                    [frame="11 70"]رحمته للناس جميعًا[/frame]

                    عن جرير بن عبد الله قال : قال رسول الله {من لا يَرحَمِ الناس لا يَرحَمُه الله }([9])([10]) . وعن أبي هريرة قال : سمعت أبا القاسم يقول : {لا تُنزعُ الرحمة إلاَّ من شقي }([11])([12]) . وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله {الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا مَن في الأرض يرحمكم مَن في السماء ، الرَّحِمُ شُجنةٌ من الرحمن ، فمن وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله }([13])([14]) .

                    [frame="11 70"] رحمته للصبيان و للبنات[/frame]

                    عن أنس بن مالك قال : جاء شيخٌ يريد النبي فأبطأ القوم عنه أن يُوسِّعوا له فقال النبي : {ليس مِنَّا من لم يرحم صغيرنا ، ويوقِّرُ كبيرنا }([15])([16]). عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله {لا يكون لأحد ثلاث بنات ، أو ثلاث أخوات ، أو بنتان ، أو أختان فيتقي الله فيهنَّ ويحسن إليهنَّ إلا دخل الجنة }([17])([18]) .

                    ----------------------------------------------------------------------------------------

                    ([1]) البخاري الجنائز (1290) ، أبو داود الجنائز (3095) ، أحمد (3/175) .
                    ([2]) البخاري ، برقم 1356 ، ورقم 5657 ، وانظر : فتح الباري ، 3/219 .
                    ([3]) سورة التوبة آية : 128 .
                    ([4]) سورة آل عمران آية : 159 .
                    ([5]) مسلم الإمارة (1828) ، أحمد (6/258) .
                    ([6]) مسلم ، برقم 1828 .
                    ([7]) البخاري الفرائض (6350) ، مسلم الفرائض (1619) ، الترمذي الجنائز (1070) ، النسائي الجنائز (1963) .
                    ([8]) البخاري ، برقم 6731 ، ورقم 2298 ، ومسلم ، برقم 1619 .
                    ([9]) البخاري التوحيد (6941) ، مسلم الفضائل (2319) ، الترمذي البر والصلة (1922) ، أحمد (4/360) .
                    ([10]) مسلم ، برقم 2319 .
                    ([11]) الترمذي البر والصلة (1923) ، أبو داود الأدب (4942) .
                    ([12]) الترمذي ، برقم 1923 ، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي ، 2/350 .
                    ([13]) الترمذي البر والصلة (1924) ، أبو داود الأدب (4941) .
                    ([14]) الترمذي ، برقم 1924 ، وصححه الألباني في صحيح الترمذي ، 2/350 .
                    ([15]) الترمذي البر والصلة (1919) .
                    ([16]) الترمذي ، برقم 1919 ، وصححه الألباني في صحيح الترمذي ، 2/348 .
                    ([17]) الترمذي البر والصلة (1912) ، أبو داود الأدب (5147) .
                    ([18]) أبو داود ، برقم 5147 ، والترمذي برقم 1912 و1916 ، وقال عنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب 2/429 : (صحيح لغيره) .

                    تعليق


                    • #11
                      [frame="11 70"]رحمته للأيتام [/frame]

                      عن أبي هريرة قال : قال رسول الله {كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة }([1])
                      عن أبي هريرة أن رجلًا شكا إلى رسول الله قسوة قلبه ، فقال له : {امسح رأس اليتيم ، وأطعم المسكين }([2])([3]) .


                      [frame="11 70"]رحمته للمرأة والضعيف [/frame]


                      عن أبي هريرة قال : قال رسول الله r{اللهم إنِّي أُحَرِّج ([4]) حقَّ الضعيفين : اليتيم والمرأة }([5]) .
                      وعن عامر بن الأحوص أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله فحمد الله وأثنى عليه ، وذَكَّرَ ووعظ ثم قال : {استوصوا بالنساء خيرًا ؛ فإِنهنَّ عندكم عوانٍ ، ليس تملكون منهنَّ شيئًا غير ذلك }([6])([7]) .

                      [frame="11 70"]رحمتهُ للأرملة والمسكين [/frame]


                      عن أبي هريرة قال : قال النبي : {الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله ، أو القائم الليل الصائم النهار }([8])
                      عن أمِّ بُجيدٍ رضي الله عنها ، أنها قالت :
                      {يا رسول الله صلى الله عليك : إن المسكين ليقومُ على بابي فما أجد له شيئًا أُعطيه ، فقال لها رسول الله
                      إن لم تجدي له شيئًا تُعطينه إيَّاه إلا ظلفًا مُحرَّقًا فادفعيه إليه في يده }([9])([10]) وهذا فيه رحمة النبي بالمساكين وحثَّه على إطعامهم ، على حسب القدرة والاستطاعة رحمةً بهم ، وشفقةً عليهم .


                      [frame="11 70"]رحمته للمرضى والشفقة عليهم[/frame]


                      عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله يقول : {حقُّ المسلم على المسلم ستٌّ قيل : ما هُنَّ يا رسول الله ؟ قال : إذا لقيته فسلِّم عليه ، وإذا دعاك فأجبه ، وإذا استنصحك فانصح له ، وإذا عطس فحمد الله فشمته ، وإذا مرض فعده ، وإذا مات فاتبعه }([11])([12]) .


                      [frame="11 70"]رحمتهُ للحيوان والطير والدواب[/frame]


                      في حديث أبي هريرة {أن رجلًا وجد كلبًا يأكل الثرى من العطش ، فسقاه فغفر الله له ، قالوا : يا رسول الله ! وإنَّ لنا في البهائم أجرًا ؟ قال : في كُلِّ كبدٍ رطبة أجر }([13]) وفي لفظ للبخاري : {فشكر الله له فأدخله الجنة }([14])([15]) .

                      عن أبي هريرة عن النبي قال : {غُفِرَ لامرأة مومسةٍ مرَّت بكلبٍ على رأس ركيٍّ كاد يقتله العطش ، فنزعت خُفَّها فأوثقته بخمارها فنزعت له من الماء فغُفر لها بذلك }([16])([17]) .
                      عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله قال : {عُذِّبت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت جوعًا فدخلت فيها النار ، لا هي أطعمتها ولاسقتها إذ حبستها ، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض }([18])([19]) .

                      عن أنس عن النبي أنه قال : {ما من مسلم يغرس غرسًا أو زرعًا ، فيأكل منه طير ، أو إنسان ، أو بهيمة إلا كان له به صدقة }([20])([21])

                      عن ابن عباس رضي الله عنهما : { أن رجلًا أضجع شاةً وهو يحدُّ شفرته ، فقال النبي أَ تُريدُ أن تُميتَها موتاتٍ هَلاَّ أحددتَ شفرتك قبل أن تُضْجِعَهَا ؟ }([22]) .

                      وعن ابن عمر رضي الله عنهما :{أنه مرَّ بصبيانٍ من قريش قد نصبوا طيرًا أو دجاجةً يترامونها ، وقد جعلوا لصاحب الطير كلَّ خاطئةٍ من نبلهم ، فلما رأوا ابن عمر تفرَّقَوا فقال ابن عمر : من فعل هذا ؟ لعن الله من فعل هذا ؛ إن رسول الله لعن من اتخذ شيئًا فيه الروحُ غرضًا ([23])([24])([25])

                      وعن ابن مسعود قال : {كنا مع رسول الله في سفرٍ ، فانطلق لحاجته فرأينا حُـمَّرةً ([26]) معها فرخان فأخذنا فرخيها ، فجاءت الحُمَّرةُ فجعلت تَفرش ( أي تُرَفرِفُ بجناحيها وتقرب من الأرض ) فجاء النبي فقال : من فَجعَ هذه بولدها ؟ ردُّوا ولدها إليها ورأى قرية نملٍ ([27]) قد حرَّقناها فقال : مَن حرَّق هذه ؟ قلنا : نحن ، قال : إنه لا ينبغي أن يُعَذِّب بالنار إلا ربُّ النار }([28]) .

                      وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما {أن النبي مَرَّ على حمارٍ قد وُسِمَ في وجهِهِ فقال : لعن الله الذي وسمه }([29])([30]) ( الوسم الكي بحديدة ) .

                      وعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال : {أردفني رسول الله ذات يوم خلفه ، وفيه : فدخل رسول الله حائطًا لرجلٍ من الأنصار فإذا جملٌ فلمَّا رأى النبيَّ r حَنَّ وذرفت عيناه ، فأتاه النبي فمسح ذفراه ([31]) فسكت ، فقال : من ربُّ هذا الجمل ؟ لمن هذا الجمل ؟ فجاء فتىً من الأنصارِ فقال : لي يا رسول الله ، فقال : أفلا تتقي الله في هذه البهيمةِ التي ملَّكَكَ الله إيَّاها ؛ فإنه شكا إليَّ أنَّك تُجيعه وتُدئبُهُ }([32])([33]) .

                      وهذه نماذج يسيرة من أنواع رحمة النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأعدائه ، وأحبابه ، والمسلم ، والكافر ، والذكر والأنثى ، والصغير ، والكبير ، والإنس ، والحيوان ، والطير ، والنمل ، وغير ذلك كثير لا يحصر في مثل هذا المقام . فصلوات الله وسلامه عليه ما تتابع الليل والنهار .




                      -------------------------------------------------------------------------------------
                      ([1]) مسلم الزهد والرقائق (2983) ، أحمد (2/375) .
                      ([2]) أحمد (2/387) .
                      ([3]) أحمد ، 14/558 ، برقم 9018 ، وقال الإمام المنذري في الترغيب والترهيب ، 3/323 : «رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح» وحسَّنه ، الألباني لغيره في صحيح الترغيب والترهيب.
                      ([4]) ابن ماجه برقم 3678 ، وحسَّنه الألباني في صحيح ابن ماجه ، 2/298 .
                      ([5]) الترمذي تفسير القرآن (3087) ، ابن ماجه النكاح (1851) .
                      ([6]) ابن ماجه ، برقم 1851 ، وحسَّنه الألباني في صحيح ابن ماجه ، 2/120 ، ورواه الترمذي أيضًا والنسائي ، وانظر : إرواء الغليل ، برقم 1997 .
                      ([7]) البخاري النفقات (5038) ، مسلم الزهد والرقائق (2982) ، الترمذي البر والصلة (1969) ، النسائي الزكاة (2577) ، ابن ماجه التجارات (2140) ، أحمد (2/361) .
                      ([8]) الترمذي الزكاة (665) ، النسائي الزكاة (2574) ، أبو داود الزكاة (1667) ، أحمد (6/383) .
                      ([9]) البخاري الجنائز (1183) ، مسلم السلام (2162) ، الترمذي الأدب (2737) ، النسائي الجنائز (1938) ، أبو داود الأدب (5030) ، ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1435) ، أحمد (2/412) .
                      ([10]) البخاري ، برقم 1240 ، ورقم 2162 .
                      ([11]) البخاري المساقاة (2234) ، مسلم السلام (2244) ، أبو داود الجهاد (2550) ، أحمد (2/375) ، مالك الجامع (1729) .
                      ([12]) البخاري الوضوء (172) ، مسلم السلام (2244) ، أبو داود الجهاد (2550) ، أحمد (2/375) ، مالك الجامع (1729) .
                      ([13]) البخاري ، برقم 173 ، 2466 ، ومسلم ، برقم 2244 .
                      ([14]) البخاري بدء الخلق (3143) ، أحمد (2/510) .
                      ([15]) البخاري برقم 3321 .
                      ([16]) البخاري أحاديث الأنبياء (3295) ، مسلم البر والصلة والآداب (2242) ، الدارمي الرقاق (2814) .
                      ([17]) البخاري برقم 2365 ، ورقم 3482 ، ومسلم ، برقم 2243 .
                      ([18]) البخاري المزارعة (2195) ، مسلم المساقاة (1553) ، الترمذي الأحكام (1382) ، أحمد (3/147) .
                      ([19]) البخاري ، برقم 2320 ، ومسلم ، برقم 1552 .
                      ([20]) الحاكم ، 4/233 ، وصححه على شرط الشيخين ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ، 4/33 ، وقال : (رواه الطبراني في الكبير والأوسط ، ورجاله رجال الصحيح) وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ، 2/552 .
                      ([21]) الغرض : بفتح الغين المعجمة والراء : هو ما ينصبه الرماة يقصدون إصابته من قرطاس ونحوه . ( الترغيب والترهيب للمنذري ، 3/153 ) .
                      ([22]) مسلم الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان (1958) ، أحمد (2/141) ، الدارمي الأضاحي (1973) .
                      ([23]) البخاري ، برقم 5515 ، ومسلم ، برقم 1958 .
                      ([24]) حُمَّرةٌ : بضم الحاء وتشديد الميم ، وقد خُفِّف : طائر صغير ، كالعصفور أحمر اللون . ( النهاية في غريب الحديث لابن الأثير ، 1/439 ) .
                      ([25]) قرية نملٍ : موضع النمل مع النمل .
                      ([26]) أبو داود ، برقم 2675 ، وصححه الألباني في صحيح أبي داود ، 2/146 .
                      ([27]) مسلم اللباس والزينة (2117) ، الترمذي الجهاد (1710) ، أبو داود الجهاد (2564) ، أحمد (3/323) .
                      ([28]) مسلم ، برقم 2117 .
                      ([29]) ذفراه : ذفرا البعير بكسر الذال المعجمة مقصور : هي الموضع الذي يعرق في قفا البعير عند أذنه ، وهما ذفران . ( الترغيب والترهيب للمنذري ، 3/157 ) .
                      ([30]) تُدْئِبُهُ : بضم التاء ودال مهملة ساكنة ، بعدها همزة مكسورة ، وباء موحدة : أي تتعبه بكثرة العمل . ( الترغيب والترهيب للمنذري ، 3/157 ) .
                      ([31]) أحمد ، 1/205 ، وأبو داود ، برقم 2549 ، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود ، 2/110 .
                      التعديل الأخير تم بواسطة eng.power; 30 ماي, 2011, 04:24 ص.

                      تعليق


                      • #12

                        [frame="11 70"] رقة قلبه وبُكاؤه في مواطن كثيرة [/frame]

                        بكاؤه من خشية الله في صلاة الليل ، فقال بلال : {يا رسول الله لِـمَ تبكي وقد غفر الله لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخر ، قال : أفلا أكون عبدًا شكورًا ...

                        بكاء النبي
                        عند سماع القرآن ، فعن عبد الله بن مسعود قال : {قال لي رسول الله اقرأ عليَّ القرآن فقلت : يا رسول الله ! أقرأ عليك ؛ وعليك أُنزل ؟ فقال : نعم ، فإني أُحِبُّ أن أسمعه من غيري قال ابن مسعود : فافتتحتُ سورة النساء فلما بلغت : ( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيدًا ) ، فإذا عيناه تذرفان }([1]) ([2]).

                        بكى النبي عند موت ابنه إبراهيم ، فجعلت عيناه تذرفان ، فقال له عبد الرحمن بن عوف وأنت يا رسول الله ؟ فقال : يا ابن عوف ! إنها رحمة . . . إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضى ربُّنا ، وإنَّا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون }([3])([4]) .

                        بكى عند سعد بن عبادة وهو مريض ، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : {اشتكى سعد بن عبادة شكوى له ، فأتاه النبي يعوده مع عبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص ، وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم ، فلما دخل عليه وجده في غاشية أهله([5]) فقال : قد قضى ؟ قالوا : لا يا رسول الله ، فبكى النبي فلما رأى القوم بكاء النبي بَكَوْا ، فقال : ألا تسمعون ؟ إن الله لا يُعذِّب بدمع العين ولا بحزن القلب ، ولكن يُعذب بهذا ([6]) – وأشار إلى لسانه – أو يرحم . . . }([7]) الحديث([8]) .

                        بكى عند القبر ، فعن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال : {كُنَّا مع رسول الله في جنازة فجلس على شفير القبر فبكى حتى بَلَّ الثَّرى ثم قال : يا إخواني ! لِـمِثْلِ هذا فأعِدُّوا }([9])([10]) .

                        بكى في ليلة بدر وهو يصلي يناجي ربه ويدعوه حتى أصبح ، فعن علي بن أبي طالب قال : {ما كان فينا فارس يوم بدرٍ غير المقداد ، ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم إلا رسول الله تحت شجرةٍ يُصلِّي ويبكي حتى أصبح }([11])([12]) .

                        بكى
                        في صلاة الكسوف ، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : {انكسفتِ الشمس يومًا على عهد رسول الله فقام رسول الله يُصلِّي ، ثم سجد فلم يكد يرفع رأسه ، فجعل ينفخ ويبكي ، وذكر الحديث ، وقال : فقام فحمد الله وأثنى عليه ، وقال : عُرِضَتْ عليَّ النار فجعلت أنفخها ، فخفت أن تغشاكم وفيه : ربِّ ألم تعدني ألا تُعذَّبهم }([13])([14]) .

                        بكى النبيُّ شفقة على أمته ، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما :{أنَّ النبيَّ تلا قول الله في إبراهيم : {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }([15])، وقال عيسى عليه السلام : {إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }([16]) فرفع يديه وقال : اللهم أُمَّتي أُمَّتي وبكى ، فقال الله : يا جبريل اذهب إلى محمد وربُّك أعلم فسله ما يُبكيك ؟ فأتاه جبريل عليه الصلاة والسلام فسأله ، فأخبره رسول الله بما قال وهو أعلم ، فقال الله : يا جبريل ! اذهب إلى محمد فقل : إنَّا سَنُرضيك في أُمَّتك ولا نسوءك}([17])([18]).

                        يتبع إن شاء الله


                        ------------------------------------------------------------------------
                        ([1]) البخاري ، برقم 4582 ، ومسلم ، برقم 800 .
                        ([2]) البخاري تفسير القرآن ( 4306 ) ، مسلم صلاة المسافرين وقصرها ( 800 ) ، الترمذي تفسير القرآن ( 3025 ) .
                        ([3]) البخاري الجنائز (1241) ، مسلم الفضائل (2315) ، أبو داود الجنائز (3126) ، أحمد (3/194) .
                        ([4]) البخاري ، برقم 1303 ، ومسلم ، برقم 2315 .
                        ([5]) غاشية أهله : أي الذين يغشونه للخدمة وغيرها ( فتح الباري لابن حجر ، 3/175 ) .
                        ([6]) ولكن يعذب بهذا : أي إن قال : سوءًا . ( فتح الباري 3/175 ) .
                        ([7]) أو يرحم : أي إن قال خيرًا . ( فتح الباري 3/175 ) .
                        ([8]) البخاري ، برقم 1304 ، ومسلم ، برقم 924 .
                        ([9]) ابن ماجه الزهد (4195) .
                        ([10]) ابن ماجه ، برقم 4195 ، وحسَّنه الألباني في صحيح ابن ماجه ، 3/369 ، وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم 1751 . وكذلك أخرجه أحمد ، 4/294 .
                        ([11]) أحمد (1/125) .
                        ([12]) ابن خزيمة ، برقم 899 ، 2/53 ، وأحمد 1/125 ، 2/222 ، وصحح إسناده الألباني والأعظمي في صحيح ابن خزيمة ، 2/52 .
                        ([13]) النسائي الكسوف (1496) ، أبو داود الصلاة (1194) .
                        ([14]) ابن خزيمة في صحيحه ، برقم 901 ، وقال الألباني والأعظمي : إسناده صحيح ، انظر : صحيح ابن خزيمة ، 2/53 ، وصححه الألباني في مختصر شمائل الترمذي برقم 278 .
                        ([15]) سورة إبراهيم آية : 36 .
                        ([16]) سورة المائدة آية : 118 .
                        ([17]) مسلم ، برقم 202 .
                        ([18]) مسلم الإيمان ( 202 ) .

                        تعليق


                        • #13
                          [frame="11 75"] حسن خلقه صلى الله عليه وسلم [/frame]
                          ترغيبه صلى الله عليه وسلم في حسن الخلق

                          1 - الخلق الحسن في حياة المسلم عامة ، وفي حياة الدعاة إلى الله تعالى خاصة من أعظم روابط الإيمان وأعلى درجاته ، لقوله {أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا }([1])([2]) .

                          2 - الخلق الحسن ضرورة اجتماعية لجميع المجتمعات ، وهو من أعظم المهمات التي تتعين على جميع الدعاة إلى الله تعالى ؛ قال {إن من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا }(([3])([4]).

                          3 - الخلق الحسن يجعل المسلم من أحسن الناس ، ومن خيارهم مطلقًا قال : {إن من خياركم أحسنكم أخلاقًا }([5])([6]) .

                          4 - الخلق الحسن من أعظم القربات وأجلِّ العطايا والهبات ، والداعية إلى الله تعالى هو من أحق الناس بهذا الخير العظيم ، ولهذا قال : {ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن }([7])([8]) وقال : {إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم}([9])([10]) وقال لعبد الله بن عمرو : {أربع إذا كن فيك فما عليك ما فاتك من الدنيا : حفظُ أمانةٍ ، وصدق حديث ، وحسن خليقة ، وعفة في طعمة }([11])([12]) وبهذا يحصل المسلم على جوامع الخيرات والبركات ، قال {البر حسن الخلق }([13])([14]) .

                          5 - الخلق الحسن هو وصية رسول الله إلى جميع المسلمين ، وخاصة الدعاة ، فقد أوصى به معاذ بن جبل حينما بعثه إلى اليمن واليًا ، وقاضيًا ، وداعيًا إلى الله فقال له :{ . . . وخالق الناس بخلق حسن }([15])([61]) .

                          6 -قال عليه الصلاة والسلام : {إنما بعثتُ لِأُتمِّمَ مكارم الأخلاق }([17])([18]) وسئلت عائشة رضي الله عنها عن خلقه فقالت : { . . . فإن خلق نبيكم كان القرآن }([19])([20]) .

                          7 - الخلق الحسن من أعظم الأساليب التي تجذب الناس إلى الإسلام ، والهداية ، والاستقامة ؛ ولهذا من تتبع سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام وجد أنه كان يلازم الخلق الحسن في سائر أحواله وخاصة في دعوته إلى الله تعالى ، فأقبل الناس ودخلوا في دين الله أفواجًا بفضل الله تعالى ثم بفضل حسن خلقه فكم دخل في الإسلام بسبب خلقه العظيم ، فهذا يسلم ويقول : {والله ما كان على الأرض وجه أبغض إليَّ من وجهك فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إليَّ }([21])([22]) .


                          8 - الخلق الحسن هو أمنية كل مسلم وكل داعية مخلص خاصة ، فكان يقول في استفتاحه لصلاة الليل : {واهدني لأحسن الأخلاق ، لا يهدي لأحسنها إلا أنت . . . }([23])([24]) وكان يقول : {اللهم كما أحسنت خَلْقي فحسِّن خُلُقي }([25])([26]) .


                          9 – الخلق الحسن من أكثر الأعمال التي يدخل بها المسلم الجنة ، {فقد سُئل النبي عن أكثر ما يدخل الناس الجنة ، فقال : تقوى الله وحسن الخلق }([27])([28]) ويبين أن النار تحرم على كل قريب هَيِّنٍ سهل . فعن عبد الله بن مسعود t قال : قال رسول الله {ألا أُخبركم بمن يحرم على النار – أو بمن تَحرُمُ عليه النار - ؟ ! على كُلِّ قريبٍ هيِّنٍ لَـيِّـنٍ }([29])([30]).



                          -------------------------------------------------------------------------------------
                          ([1]) سنن الترمذي كتاب الرضاع (1162) ، سنن أبي داود كتاب السنة (4682) ، سنن ابن ماجه كتاب الزهد (4259).
                          ([2]) أخرجه الترمذي 3/437 برقم 1162 ، وأبو داود 4/220 برقم 4682 ، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي 1/340 .
                          ([3]) الترمذي البر والصلة (2018) .
                          ([4]) أخرجه الترمذي 4/370 برقم 2019 ، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 2/196 .
                          ([5]) البخاري المناقب (3366) ، مسلم الفضائل (2321) .
                          ([6]) البخاري مع الفتح 10/452 ، برقم 6029 ، ومسلم 4/1810 برقم 2321 .
                          ([7]) الترمذي البر والصلة (2002) ، أبو داود الأدب (4799) ، أحمد (6/446) .
                          ([8]) أبو داود 4/253 برقم 4799 ، والترمذي 4/362 ، برقم 2002 ، وصححه الألباني في صحيح أبي داود 3/911 .
                          ([9]) أبو داود الأدب (4798) ، أحمد (6/90) .
                          ([10]) أبو داود 4/252 برقم 4798 وصححه الألباني في صحيح أبي داود 3/911 .
                          ([11]) أحمد (2/177) .
                          ([12]) أحمد في المسند بإسناد جيد 2/177 ، وانظر : صحيح الجامع الصغير للألباني 1/301 برقم 886 .
                          ([13]) مسلم البر والصلة والآداب (2553) ، الترمذي الزهد (2389) ، أحمد (4/182) ، الدارمي الرقاق (2789) .
                          ([14]) مسلم 4/1980 برقم 2553 .
                          ([15]) الترمذي البر والصلة (1987) ، أحمد (5/177) ، الدارمي الرقاق (2791) .
                          ([16]) الترمذي 4/355 ، برقم 2389 ، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي 2/191 .
                          ([17]) أحمد (2/381) .
                          ([18]) البيهقي في السنن الكبرى بلفظه 10/192 ، وأحمد 2/381 ، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي 2/613 ، وانظر : الأحاديث الصحيحة للألباني 1/75 برقم 45 .
                          ([19]) مسلم صلاة المسافرين وقصرها (746) ، النسائي قيام الليل وتطوع النهار (1601) ، أبو داود الصلاة (1342) ، الدارمي الصلاة (1475) .
                          ([20]) مسلم في صلاة المسافرين ، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض 1/513 ، برقم 746 .
                          ([21]) البخاري المغازي (4114) ، مسلم الجهاد والسير (1764) ، النسائي الطهارة (189) ، أحمد (2/452) .
                          ([22]) البخاري مع الفتح 8/87 ، برقم 4372 ، ومسلم 3/1386 ، برقم 1764 .
                          ([23]) مسلم صلاة المسافرين وقصرها (771) ، الترمذي الدعوات (3423) ، النسائي الافتتاح (897) ، أبو داود الصلاة (760) ، أحمد (1/103) ، الدارمي الصلاة (1238) .
                          ([24]) مسلم 1/534 ، برقم 770 .
                          ([25]) أحمد (1/403) .
                          ([26]) البيهقي وأحمد 6/68 ، وصححه الألباني في إرواء الغليل 1/113 برقم 74 .
                          ([27]) الترمذي البر والصلة (2004) ، ابن ماجه الزهد (4246) ، أحمد (2/442) .
                          ([28]) الترمذي 4/363 برقم 2005 ، وانظر : جامع الأصول 11/694 وحسنه الألباني في صحيح الترمذي 2/194 .
                          ([29]) الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (2488) ، أحمد (1/415) .
                          ([30]) الترمذي 4/654 برقم 2488 ، وصححه الألباني في صحيح الترمذي ، 2/610 . وانظر : جامع الأصول 11/698 .


                          يتبع إن شاء الله

                          تعليق


                          • #14
                            [frame="11 75"]عدله صلى الله عليه وسلم[/frame]

                            وقد رغَّب النبي في العدل ، ومن ذلك أنه قال : {سبعة يُظِلُّهم الله في ظِلِّه يوم لا ظِلِّ إلا ظِلُّه : إمام عادل ، وشاب نشأ في عبادة الله . . . }([1]) الحديث ([2]) . وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله {إن المقسطين عند الله على منابر من نورٍ عن يمين الرحمن وكِلتَا يديه يمينٌ ، الذين يعدلون في حُكمِهم ، وأهليهم ، وَمَا وَلُوا }([3])([4]) .


                            من الأمثلة العظيمة في تطبيق النبي صلى الله عليه وسلم العدل:

                            المثال الأول : مع المرأة المخزوميَّة التي سرقت


                            قد كان النبي أعدل البشر في جميع أموره وأحكامه ، ومما يضرب به المثل في عدله إلى يوم القيامة قصة المخزومية التي سرقت فقطع يدها بعد أن شفع فيها أسامة ، ولكن الرسول لم يحابِ في ذلك ، ولم يقبل الشفاعة في حد من حدود الله تعالى .
                            فعن عائشة – رضي الله عنها – {أن قريشًا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت في عهد النبي في غزوة الفتح ، فقالوا : من يُكلِّم فيها رسول الله ؟ فقالوا : ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد ، حِبُّ رسول الله فأُتيَ بها رسول الله فكلمه فيها أسامة بن زيد ، فتلوَّن وجه رسول الله فقال : أتشفع في حد من حدود الله ؟ فقال له أسامة : استغفر لي يا رسول الله ! فلما كان العشي قام رسول الله فاختطب فأثنى على الله بما هو أهله ، فقال : أما بعد ، أيها الناس : إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، وإني والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها }([5]) .

                            إن العدل خلاف الجور ، وقد أمر الله عزوجل به في القول والحكم ، فقال تعالى : {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا }([6])


                            المثال الثاني : مع النعمان بن بشير وابنه رضي الله عنهما


                            وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال وهو على المنبر : {أعطاني أبي عطيَّةً ، فقالت عمرة بنتُ رواحة : لا أرضَ حتى تُشهِدَ رسول الله ، فأتى رسولَ الله r فقال : إني أعطيتُ ابني من عمرة بنت رواحة عطيَّةً فأمرتني أن أُشهدكَ يا رسولَ الله ، قال : أعطيت سائر ولدك مثل هذا ؟ قال : لا . قال : فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم }([7])قال : فرجع فردَّ عطيته . وفي رواية : أن النبي قال : {ألك ولدٌ سواه ؟ قال : نعم ، قال : فأراه قال : لا تُشهدني على جور }([8]) وفي لفظ : {لا أشهد على جور }([9]) وفي لفظ : { إني نحلتُ ابني هذا غلامًا ، فقال : أَكُلَّ ولدك نحلتَه مثلَهُ ؟ قال : لا . قال : فأرجعه } وفي لفظ لمسلم : { أليس تريد منهم البر مثل ما تريد من ذا ؟ قال : بلى ، قال : فإني لا أشهد }([10])([11]) .

                            والنحلة : العطية بغير عوض ([12]) وفي هذا الحديث حرص النبي على العدل بين الأولاد ، ووصيته بالتقوى ، وبالعدل بين الأولاد وغيرهم

                            المثال الثالث : عدله مع أهله صلى الله عليه وسلم

                            عن عائشة رضي الله عنها قالت : {كان رسول الله يقسم بين نسائه فيعدل ويقول : اللهم هذا قسمي فيما أملكُ فلا تلُمني فيما تَمْلِكُ ولا أَمْلِكُ }([13])([14]).
                            .
                            وعن أبي هريرة عن النبي قال : {من كانت له امرأتان فمال إلى إِحداهما جاء يوم القيامة وشِقُّهُ مائل }([15])([16]) .
                            وهذا الحديث يدل على تحريم الميل الذي يستطيعه الإنسان ، أما الميل الذي لا يستطيعه فالله يقول : {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}([17])، وفي هذا الحديث الوعيد لمن تعمَّد الجور والظلم ، وأنه يأتي يوم القيامة وشقه مائل ، وهذه عقوبة ظاهرة([18])




                            يتبع إن شاء الله

                            -------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
                            ([1]) البخاري الحدود (6421) ، مسلم الزكاة (1031) ، الترمذي الزهد (2391) ، النسائي آداب القضاة (5380) ، أحمد (2/439) ، مالك الجامع (1777) .
                            ([2]) البخاري ، برقم 660 ، ومسلم ، برقم 1031 .
                            ([3]) مسلم الإمارة (1827) ، النسائي آداب القضاة (5379) ، أحمد (2/160) .
                            ([4]) مسلم ، برقم 1827 .
                            ([5]) البخاري أحاديث الأنبياء (3288) ، مسلم الحدود (1688) ، الترمذي الحدود (1430) ، النسائي قطع السارق (4898) ، أبو داود الحدود (4373) ، ابن ماجه الحدود (2547) ، أحمد (6/162) ، الدارمي الحدود (2302) .
                            ([6]) سورة النساء آية : 58 .
                            ([7]) البخاري الهبة وفضلها والتحريض عليها (2447) .
                            ([8]) البخاري الشهادات (2507) ، مسلم الهبات (1623) ، النسائي النحل (3683) .
                            ([9]) مسلم الهبات (1623) ، النسائي النحل (3681) ، أحمد (4/273) .
                            ([10]) مسلم الهبات (1623) ، ابن ماجه الأحكام (2375) .
                            ([11]) البخاري ، برقم 2586 ، 2587 ، 2650 ، ومسلم ، برقم 18 - (1623) .
                            ([12]) انظر : فتح الباري بشرح صحيح البخاري ، لابن حجر ، 5/213 .
                            ([13]) الترمذي النكاح (1140) ، النسائي عشرة النساء (3943) ، أبو داود النكاح (2134) ، ابن ماجه النكاح (1971) ، أحمد (6/144) ، الدارمي النكاح (2207) .
                            ([14]) أبو داود ، برقم 2134 ، والترمذي برقم 1140 ، والنسائي 7/64 ، وابن ماجه ، برقم 1971 ، وسمعت ابن باز يقول أثناء تقريره على بلوغ المرام : (إسناده جيد) . .
                            ([15]) الترمذي النكاح (1141) ، النسائي عشرة النساء (3942) ، أبو داود النكاح (2133) ، ابن ماجه النكاح (1969) ، أحمد (2/471) ، الدارمي النكاح (2206) .
                            ([16]) أحمد 2/347 ، وأبو داود برقم 2133 ، والترمذي برقم 1141 ، والنسائي ، 7/63 ، وابن ماجه برقم 1969 ، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود 1/593 .
                            ([17]) سورة البقرة آية : 286 .
                            ([18]) سمعته من شيخنا ابن باز أثناء تقريره على بلوغ المرام .


                            تعليق


                            • #15



                              [frame="11 80"]تواضعه صلى الله عليه وسلم[/frame]


                              التواضع صفة عظيمة وخلق كريم ؛ ولهذا مدح الله المتواضعين فقال : {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا } ([1]) ، أي يمشون في سكينة ووقار متواضعين غير أشرين ولا متكبرين ، ولا مرحين ، فهم علماء ، حلماء ، وأصحاب وقار وعفة ([2]) . والمسلم إذا تواضع رفعه الله في الدنيا والآخرة ؛ لقوله {ما نقصت صدقةٌ من مال ، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًا ، ومن تواضع لله رفعه }([3]) ([4]) .

                              أمثلة تطبيقية لتواضع النبي صلى الله عليه وسلم


                              وقد كان النبي أعظم الناس تواضعًا ، ومن تواضعه الأمثلة الآتية :


                              عن أنس قال : {كانت ناقة لرسول الله تُسمَّى العضباء وكانت لا تُسْبَقُ ، فجاء أعرابي على قعود له فسبقها فاشتد ذلك على المسلمين وقالوا سُبِقَتِ العضباء ، فقال رسول الله إن حقًا على الله أن لا يرفع شيئًا من الدنيا إلا وضعه }([5]) ([6]) . ورسول الله هو الأسوة الحسنة فقد كان متواضعًا في دعوته للناس .


                              عن أبي مسعود قال : {أتى النبي رجل فكلَّمه فجعل ترعُد فرائصُهُ فقال له : هوِّن عليك نفسك فإني لستُ بِمَلِكٍ ، إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد }([7]) وزاد الحاكم في روايته عن جرير بن عبد الله : " . . . في هذه البطحاء" ، ثم تلى جرير{وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} ([8]) ([9]) . فعلى جميع الناس أن يقتدوا برسول الله فقد كان متواضعًا في دعوته مع الناس ، فكان يمر بالصبيان فيسلم عليهم ، وتأخذه بيده الأمة فتنطلق به حيث شاءت ، وكان في بيته في خدمة أهله ، ولم يكن ينتقم لنفسه قط ، وكان يخصف نعله ، ويرقع ثوبه ، ويحلب الشاة لأهله ، ويعلف البعير ، ويأكل مع الخادم ، ويجالس المساكين ، ويمشي مع الأرملة واليتيم في حاجتهما ، ويبدأ من لقيه بالسلام ، ويجيب دعوة من دعاه ولو إلى أيسر شيء ، فكان متواضعًا من غير ذلة ، جوادًا من غير سرف ، رقيق القلب رحيمًا بكل مسلم خافض الجناح للمؤمنين ، لين الجانب لهم ([10]) .


                              {وقال له رجل : يا خير البرية ! فقال النبي ذاك إبراهيم عليه السلام }([11]) ([12]) وقال {ما ينبغي لأَحدٍ أن يقول : أنا خيرٌ من يونس بن متَّى }([13]) ([14]) . ولاشك أنه أفضل الأنبياء والمرسلين ، وسيد الناس أجمعين ؛ لقوله {أنا سيد الناس يوم القيامة }([15]) ([16]) وقال ([17]) . ومن تواضعه أنه لم يكن له بوَّابٌ يحجبه عن الناس ([18]) وكان يرقي المرضى ويدعو لهم ، ويمسح رأس الصبي ويدعو له ([19]) وكان يشفع لأصحابه ، ويقول : {اشفعوا تؤجروا ، ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء }([20]) ([21]) وقال لأنس يا بُنَيَّ على سبيل الملاطفة والتواضع ([22]) .
                              ومن تواضعه {أن رجلًا كان يَقمُّ المسجد أو امرأة سوداء ، فماتت أو مات ليلًا ، فدفنه الصحابة ، ففقدها النبي أو فقده ، فسأل عنها أو عنه ، فقالوا : مات ، قال : أفلا كنتم آذنتموني فكأنهم صغَّروا أمرها أو أمره ، فقال : دلُّوني على قبرها فدلوه فصلى عليها ثم قال : إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها ، وإن الله ينوِّرها لهم بصلاتي عليهم }([23]) ([24]) .
                              وقال أنس بن مالك {خدمت رسول الله عشر سنين فما قال لي أفٍّ قط ، وما قال لشيء صنعته لم صنعته ؟ ولا لشيء تركته لم تركته ؟ وكان رسول الله من أحسن الناس خُلُقًا . . . }([25]).



                              يتبـــــع إن شاء الله


                              -------------------------------------------------------------------------------------------------------
                              ([1]) سورة الفرقان آية : 63 .
                              ([2]) انظر : مدارج السالكين 2/327 .
                              ([3]) مسلم البر والصلة والآداب (2588) ، الترمذي البر والصلة (2029) ، أحمد (2/386) ، مالك الجامع (1885) ، الدارمي الزكاة (1676) .
                              ([4]) البخاري الرقاق (6136) ، النسائي الخيل (3588) ، أبو داود الأدب (4802) ، أحمد (3/103) .
                              ([5]) البخاري مع الفتح 11/340 ، برقم 6501 .
                              ([6]) ابن ماجه الأطعمة (3312) .
                              ([7]) سورة ق آية : 45 .
                              ([8]) ابن ماجه ، برقم 3312 ، والحاكم 2/466 ، وصححه ووافقه الذهبي ، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه ، 3/128 ، وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني 4/497 ، برقم 1876 .
                              ([9]) انظر : مدارج السالكين لابن القيم 2/328 - 329 .
                              ([10]) مسلم الفضائل (2369) ، الترمذي تفسير القرآن (3352) ، أبو داود السنة (4672) ، أحمد (3/178) .
                              ([11]) مسلم ، برقم 1369 .
                              ([12]) صحيح البخاري كتاب تفسير القرآن (4327) ، صحيح مسلم كتاب الفضائل (2377) ، سنن أبي داود كتاب السنة (4670) ، مسند أحمد (1/443) .
                              ([13]) البخاري ، برقم 4630 ، ومسلم ، 4/1846 ، برقم 2376 .
                              ([14]) البخاري تفسير القرآن (4435) ، مسلم الإيمان (194) ، الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (2434) .
                              ([15]) البخاري ، برقم 3340 و3361 و4712 ، ومسلم ، برقم 194 .
                              ([16]) أبو داود برقم 4763 وصححه الألباني ، 3/138 .
                              ([17]) البخاري ، برقم 1283 .
                              ([18]) البخاري ، برقم 7210 .
                              ([19]) البخاري الزكاة (1365) ، مسلم البر والصلة والآداب (2627) ، أبو داود الأدب (5131) ، أحمد (4/400) .
                              ([20]) البخاري ، برقم 1432 ، ومسلم ، برقم 2627 .
                              ([21]) مسلم ، برقم 2151 ، 2152 .
                              ([22]) البخاري الصلاة (446) ، مسلم الجنائز (956) ، أبو داود الجنائز (3203) ، ابن ماجه ما جاء في الجنائز (1527) ، أحمد (2/388) .
                              (
                              [23]) مسلم ، برقم 956 .

                              (
                              [24]) البخاري الوصايا (2616) ، الترمذي البر والصلة (2015) .

                              ([25]) البخاري بنحوه برقم 6038 ، والترمذي بلفظه في الشمائل كما تقدم تخريجه .

                              تعليق

                              مواضيع ذات صلة

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              ابتدأ بواسطة صلاح عامر, 5 مار, 2023, 03:34 م
                              ردود 0
                              15 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة صلاح عامر
                              بواسطة صلاح عامر
                               
                              ابتدأ بواسطة صلاح عامر, 4 مار, 2023, 10:00 ص
                              ردود 2
                              24 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة صلاح عامر
                              بواسطة صلاح عامر
                               
                              ابتدأ بواسطة صلاح عامر, 4 مار, 2023, 08:33 ص
                              ردود 0
                              32 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة صلاح عامر
                              بواسطة صلاح عامر
                               
                              ابتدأ بواسطة mohamed faid, 16 فبر, 2023, 08:41 ص
                              ردود 0
                              51 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة mohamed faid
                              بواسطة mohamed faid
                               
                              ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 20 نوف, 2021, 03:50 ص
                              ردود 0
                              29 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                              بواسطة *اسلامي عزي*
                               
                              يعمل...
                              X