حركة الشمس ... حقيقة علمية أثبتها القرآن الكريم

تقليص

عن الكاتب

تقليص

خالد بشير مسلم اكتشف المزيد حول خالد بشير
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حركة الشمس ... حقيقة علمية أثبتها القرآن الكريم

    بسم الله الرحمن الرحيم



    حركة الشمس ... حقيقة علمية أثبتها القرآن الكريم


    سينقضي العمر و تبقى عجائب هذا الكون تشغل عقول البشر ، بما أبدع الله في هذا الوجود ، من دقائق الخلق و التكوين ، و بما أظهر من آثار عظمته و جلاله في هذه الأزمان ، مما يحير الألباب و يدهش العقول ... الكون كله يسبح في هذا الفضاء الواسع ، الكواكب ، و النجوم ، تجري و تدور في حركة رتيبة منتظمة { كل في فلك يسبحون } ، لا يصطدم نجم بنجم ، و لا يخرج كوكب عن مداره { الشمس و القمر بحسبان } ، و هي في حال جريانها و دورانها تسجد لله ، حالها كحال الساجد ، العابد ، الخاضع لرب العالمين ...

    تطورت العلوم خلال القرن العشرين بشكل مذهل و اكتشف أن كل شيء في الكون في حركة دائمة و أبطلت كل مزاعم الماديين الواهية من أن المادة ثابتة و غير ذلك من خرافات القرن التاسع عشر ... فقد تطورت المعرفة بالقوى الرئيسية التي أودعها الله في الكون ، و من أهمها قوة الجاذبية التي ينتج عنها حركة جميع الأجرام السماوية في أفلاك ، و هذا ما تقرر في كتاب الله منذ أربعة عشر قرنا في عدة آيات قرآنية ...

    <FONT size=4><FONT color=black><FONT face="Times New Roman">و أهم الأجرام السماوية بالنسبة لنا هي الشمس ، و التي قد ثبت أنها نتيجة للإنجذاب باتجاه مركز المجرة تدور في فلك خاص بها حول مركز المجرة ، و تبعد الشمس عن مركز المجرة 27 c 10 &Ugrave; 16 كلم ، وتقدر سرعتها بحوالي 220 كلم/ث و تستغرق حوالي 250 مليون سنة لتتم الدورة الواحدة ! و قد أكملت 18 دورة فقط خلال عمرها البالغ 4.6 مليار سنة ، وأرضنا التي نعيش عليها ليست إلا كوكبا ًمن كواكب المجموعة الشمسية التي تجري في ركب الشمس وتنقاد معها وفقـا ًلتقدير الخالق العزيز العليم ، هذا مـا أكده الـعـلم ومـا أتت به الآيات القرآنية من خالق الشمس قبل قرون طويلة ...

    أشار الله عزّ و جلّ الى حركة الشمس في مدار خاص بها في أكثر من آية قرآنية ، فقال تعالى : { و هو الذي خلق الليل و النهار و الشمس و القمر كل في فلك يسبحون } [ الأنبياء / 33 ] ، و قال تعالى : { لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر و لا الليل سابق النهار و كل في فلك يسبحون } [ يس / 40 ] ، و قال تعالى : { و سخر لكم الشمس و القمر دائبين } [ إبراهيم / 33 ] ، و قال تعالى : { و الشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم } [ يس / 38 ] ، و قال سبحانه : { وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمّىً أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ } [ الزمر / 5 ] .

    و تنص الآية { و الشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم } على أن هذه الشمس سوف تستقر بعد هذا الجري الدءوب ، و هذا ما يتحدث عنه علماء الفلك اليوم ، فقد ثبت أن الشمس يحدث بهـا التفاعلات النووية الاندماجية لغاز الهيدروجين ، حيث تساعد درجة حرارة باطن الشمس المرتفعة في اندماج ذرتين من ذرات غاز الهيدروجين فتتحولان إلى ذرة واحدة من غاز الهيليوم تقل كتلتهـا عن كتلة ذرتي الهيروجين ، و يتحول الفرق في الكتلة إلى طاقة تبعثهـا الشمس إلينـا ... و يعتبر العلماء أن الشمس الآن في منتصف عمرها ، و يؤكدون على أنها في طريقها الى الموت ( المستقر ) و ذلك عند نفاذ الوقود الهيدروجيني ، فعندها تتوقف التفاعلات النووية و تبدأ قوى الجاذبية بالتغلب مما يؤدي الى تكوير الشمس و موتها .

    و لكن ما الذي يجعلنا نجزم بأن المقصود بحركة الشمس المذكورة في الآيات السابقة هي حركتها حول مركز المجرة ؟

    ان استخدام كلمة ( تجري ) يدل على حركة حقيقية عظيمة القدر تختلف عن الحركة الظاهرية التي نراها للشمس والتي هي بسبب دوران الأرض حول محورها ، فهذا اللفظ ( تجري ) يشير الى السرعة العالية التي لا وجود لها أبدا ًفي حركة الشمس الظاهرية ، كما أن فيه تصوير لحركة الشمس في غاية الإعجاز و الروعة ، فالشمس في دورانها حول مركز المجرة تتحرك حركة أخرى صعودا ًو هبوطا ًتماما ًمثل جريان الخيل في حلبة السباق .





    جريان الشمس


    <FONT size=4><FONT color=navy>كما نجد أن الآيات القرآنية تصف حركة الشمس بالسباحة ، و هذا أمر في غاية الإعجاز ، و يشير بشكل قطعي الى حركة الشمس في الفضاء الخارجي ، فلفظ ( يسبح ) يؤدي المعاني العلمية التالية :

    1- وجود الشمس و جميع الأجرام في الفضاء الكوني غارقة في إشعاعات الضوء المرئي وغير المرئي وأمواج الجاذبية والنيوترينو التي تملأ الكون وكأن الأفلاك كلها تعوم في وسط إشعاعي تموجي وهذا معنى السباحة في أمواج الإشعاع بدلاً من أمواج البحر .

    2- توازن الجرم في مداره بتعادل قوتين أحدهما الجذب العام لمركز الدوران والثانية رد الفعل وهي القوة المركزية الطاردة خارج مركز الدوران ، تماما ًكتعادل وزن الجسم السابح إلى أسفل مع الدفع إلى أعلا كما في قاعدة ارخميدس للطفو والسباحة .

    3- دوران الجرم حول نفسه وحول شيء آخر ؛ أيّ دوران انتقالي للجرم مصحوبا ًبحركة ذاتية وهذا ما يحصل في عملية السباحة .

    و الذي يؤكد بشكل حاسم على أن المقصود بحركة الشمس المشار اليها في الآيات هي الحركة حول مركز المجرة و ليس الحركة الظاهرية للشمس ، هو أن القرآن الكريم قد ذكر سبب حركة الشمس الظاهرية ، فقد أشار الله عزّ و جلّ الى حقيقة دوران الأرض حول محورها في عدة آيات قرآنية ...

    قال تعالى : { و ترى الجبال تحسبها جامدة و هي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون } [ النمل / 88 ] و معنى هذه الآية : و ترى أيها المخاطب و السامع الجبال تظنها ثابتة في مكانها لا تتحرك و هي تسير كالسحاب ... و لكن لماذا كالسحاب و ليس كالريح أو غير ذلك ؟.. لأن السحاب كما هو معروف لعلماء الطبيعة الجوية لا يتحرك بذاته ولكن ينتقل محمولا ًًعلى الرياح ، فكذلك الجبال يراها الرائي فيظنها جامدة في مكانها بينما هي في الحقيقة تمر مسرعة محمولة على الأرض ...

    و قد يقول قائل : إن هذه الآية تتحدث عن الآخرة ، و الإجابة : إننا نجزم بأن هذا القول خاطئ للأسباب التالية :

    أولا ً: أن الآية تشير بكل و ضوح الى حقيقة دوران الأرض حول محورها ، و بشكل لا يحتمل الجدال و التأويل .

    ثانيا ً: اختلاف الصيغة عن الآية السابقة ، فهناك قال سبحانه : { و يوم ينفخ في الصور } بالبناء للمجهول ، و هنا وردت العبارة بلفظ الخطاب : { و ترى الجبال } بالبناء للمعلوم ؛ أي و ترى أيها المخاطب الذي يرى الكون بعينيه ، الجبال تحسبها جامدة و هي تمر مر السحاب ، و لو كان الحديث عن الآخرة لجاء التعبير ( و تُرى الجبالُ ) بالبناء للمجهول على النسق السابق ، فهذه المغايرة تدل على أن الأمر هنا في الدنيا .

    ثالثا ً: الجبال تنسف و تتناثر بعد النفخة الأولى ، كما في قوله تعالى : { و حملت الأرض و الجبال فدكتا دكة واحدة } [ الحاقة / 14 ] ، و قوله سبحانه : { و يسئلونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا * فيذرها قاعا ًصفصفا ً* لا ترى فيها عوجا ًو لا أمتا ً} [ طه / 105 – 107 ] ، و قوله سبحانه : { إذا رجت الأرض رجا ً* و بست الجبال بسا ً* فكانت هباءً منبثا ً} [ الواقعة / 4 – 6 ] ، و قوله سبحانه : { و سيرت الجبال فكانت سرابا ً} [ النبأ / 20 ] ؛ أي نسفت الجبال حتى صارت كالسراب الذي يظنه الناظر ماء و هو في الحقيقة هباء ... إذا ًليس في الآخرة جبال ، و لا وديان ، و لا هضاب ، و هذا ما أخبرنا به النبي – عليه الصلاة و السلام – فقال : (( يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء )) [ صحيح البخاري / صحيح مسلم ] .

    رابعا ً: الآية الكريمة تقول : { تحسبها جامدة } ، و الآخرة ليس فيها حسبان و لا ظن ، إنما تظهر فيها الحقائق على أتم الصور و أكمل الوجوه .

    خامسا:ً لفت القرآن أنظار المتأملين في آياته البينات لفتة بديعة رائعة في قوله سبحانه : { صنع الله الذي أتقن كل شيء } فبين أن هذا الأمر المدهش ( حركة الجبال ) هو أثر صنع الله و تدبيره لهذا الكون ، و هذا لا يكون الا في الحياة الدنيا ، و أما عند قيام الساعة فيحل الخراب و الدمار ، ومثل هذا لا يوصف بالصنع و لا بالإتقان ، فالصنع و الإبداع إنما يكون في البناء لا في التدمير ، فبالإمكان أن ننسف عمارة من خمسين طابق بشيءٍ من المتفجرات خلال ثوان ٍ، فهل يقال ان هذا اتقان و ابداع ؟!

    سادسا ً: ختم الله الآية بقوله : { إنه خبير بما تفعلون } ؛ أي أنه سبحانه عالم بما تفعلونه الآن في الدنيا ، و أما الآخرة فليس فيها فعل و لا عمل ، و إنما هي دار الجزاء ، فكيف يمكن أن يخاطبهم و هم في أرض المحشر بقوله : { إنه خبير بما تفعلون } ؟!

    و من الآيات القرآنية التي تشير الى دوران الأرض حول محورهاقوله تعالى في سورة الشمس : { و النهار اذا جلاها } [ الشمس / 3 ] ، فالآية تقررحقيقة أن دخول منطقة ما الى النصف المضيء من سطح الكرة الأرضية ( النهار ) يؤدي الى ظهور الشمس و تجليتها ، أي أن الآية تشير الى أن الشمس في جميع الأوقات ثابتة في مكانها – بالنسبة للأرض – و لكن الدخول في منطقة النهار هو الذي يؤدي الى ظهورها و تجليتها ... هذه الإشارة واضحة جدا ًفالآية تقرر أن النهار هو الذي يظهر الشمس و ليس الشمس هي التي تظهر النهار كما في الإعتقاد الخاطئ بأن الشمس تدور حول الأرض ...

    و من الآيات التي تشير الى دوران الأرض حول محورها قوله تعالى : { يولج الليل في النهار ويولج النهار فيالليل }[ الحديد / 6 ] ، وحيث إنه لا معنى مطلقا ًلإيلاج زمن الليل في زمن النهار أو بالعكس ،فالمقصود بكل من الليل والنهار هنا هو المكان الذي يتغشيانه ، بمعنى ان الله‏ تعالى يدخل نصف الأرض الذي يخيم عليه ظلام الليل بالتدريج في النصف الذي يعمه النهار، كما يدخل نصف الأرض الذي يعمه النهار بالتدريج في النصف الذي تخيم عليه ظلمة الليل‏ ،‏ وهذا معناه بلغة الطبيعة والفلك : أنه تعالى يجعل الأرض تدور حول نفسها أمام مصدر الضياء .




    آية أخرى تشير الى حقيقة دوران الأرض حول محورها هي قوله تعالى : { و آية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون } [ يس / 37 ] ، وحيث إنه لا معنى لسلخ زمن النهار من زمن الليل ، يتضح ان الله تعالى قد ذكر الليل وقصد مكانه الذي يحدث فيه ، ومعنى الآية ان الله‏ ينزع نور النهار من أماكن الأرض التي يتغشاها الليل بالتدريج كما ينزع جلد الذبيحة عن كامل بدنها بالتدريج‏‏ ، ولا يكون ذلك إلا بدوران الأرض حول محورها امام الشمس ، فالمقصود إذا ًبسلخ الليل من النهار هو فصل النور من مكانه الذي سيصير مكان الليل ،وإن في تشبيه إزالة نور النهار من سطح الأرض بإزالة الجلد من اللحم إشارة قوية لبيان أن ضوء النهار ينشأ في سطح الغلاف الجوي للأرض ولا يمتد إلى باطنها تماما ًكما ينشأ جلد الحيوان من لحمه ولا يمتد إلى باطنه .

    و يشير أيضا ًالى دوران الأرض حول محورها قوله تعالى : { يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا } [ الأعراف / 54 ] ، و معنى هذه الآية أن الله تعالى‏ يغطي بظلمة الليل مكان نور النهار على الأرض بالتدريج فيصير ليلا ً، و هذا بالضبط ما يحصل نتيجة لدوران الأرض حول نفسها ، كما و يشير وصفه تعالى للنهار بأنه يطلب الليل حثيثا ( سريعا ً) الى سرعة حركة الأرض ، و الحقيقة أن هذا الوصف غاية في الإعجاز ، فما كان يراه الناس زمن النبي – عليه الصلاة و السلام – هو أن الليل و النهار يحلان بمنتهى البطء و التدرج !

    النهار هو الذي يجلي الشمس ، و الليل يُسلخ منه النهار ، و النهار يطلب الليل حثيثا ... من كان يجرؤ على استخدام مثل هذه التعبيرات في الأزمان السابقة ، و لكنه التعبير القرآني المعجز الذي يستوعب جميع الأزمان ...



    ازالة الالتباس في حديث سجود الشمس


    <FONT color=black>قال الله تعالى : { و هو الذي خلق الليل و النهار و الشمس و القمر كل في فلك يسبحون } [ الأنبياء / 33 ] ، و قال تعالى : { لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر و لا الليل سابق النهار و كل في فلك يسبحون } [ يس / 40 ] ، و قال تعالى : { و الشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم } [ يس / 38 ] ، من خلال هذه الآيات يتبين لنا أن القرآن الكريم قرر أن كل من الشمس و القمر و الأرض ( عبر عن الأرض بالليل و النهار ) يتحرك في مدار خاص به ، و هذه حقيقة ثابتة ، فالشمس تسبح في مدار حول مركز المجرة ، و القمر يسبح في مدار حول الأرض ، و الأرض تسبح في مدار حول الشمس ، و هذا التفسير لم يتجلى الا بعد تقدم علوم الفلك في القرن الماضي ، أما قديما ًفمن الطبيعي أن نجد فهما ًمختلفا ًلهذه الآيات – كغيرها من الآيات التي تثبت الحقائق العلمية – فبالنسبة للشمس قطعا ًلن يكون تفسير هذه الآيات على هذا النحو لأن حقيقة دوران الشمس حول مركز المجرة لم تكتشف إلا في النصف الثاني من القرن العشرين ، و كانت الفكرة المسيطرة على أذهان الناس في الماضي – و ما تزال الى اليوم عند عامة الناس – أن الشمس تدور حول الأرض ، و أما بالنسبة للقمر فقد كان فهم حركته مختلفا ًنتيجة لعدم ثبوت فكرة كروية الأرض آنذاك ... فاذا ًكيف تم تفسير هذه الآيات ؟ ...

    اتفق أهل التفسير و اللغة على أن ( الفلك ) هو المستدير ، و لكن في حالة دوران القمر حول الأرض و دوران الشمس حول الأرض – كما كان الاعتقاد السائد – اعتبروا أن الفلك غير مكتمل ؛ أي أنه ينتهي عند المشرق و المغرب ، فيقول الحسن البصري في تفسير هذه الآية ( كل في فلك يسبحون ) : " الشمس و القمر و النجوم في فلك بين السماء و الأرض غير ملصقة ، و لو كانت ملصقة ما جرت " ...


    <FONT size=4>و أما بالنسبة لقوله تعالى : { و الشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم } [ يس / 38 ] فإن كلمة ( مستقر ) تعد حاليا ً– ذات معنى علمي دقيق و هو حالة نفاذ الوقود النووي ( الهيدروجين ) من قلب الشمس و بالتالي الموت ، و لكن قديما ًكانت هذه الكلمة نوعا ًما مبهمة ، أضف الى ذلك أنه كان موضوع غروب الشمس و شروقها بمثابة لغز محير للأذهان ، حيث عدت الكثير من الشعوب القديمة الشمس إلها ًكما نجد عند ذكر قوم سبأ في القرآن الكريم ، و في الحضارة المصرية القديمة ، فلطالما عبد المصريون القدامى الشمس باعتبارها أبا ًلجميع الكائنات الحية على الأرض و كانت تسمى بالإله ( أتون ) ، و نجد أن الفرعون ( أمنحوتب الرابع ) أحب هذا الإله فتخلص من اسمه و استبدله بِ ( أخناتون ) ، كما <FONT size=4>كانت الشمس من أشهر الآلهة لدى الشعوب ا%

  • #2
    و أما بالنسبة لقوله تعالى : { و الشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم } [ يس / 38 ] فإن كلمة ( مستقر ) تعد – حاليا ً– ذات معنى علمي دقيق و هو حالة نفاذ الوقود النووي ( الهيدروجين ) من قلب الشمس و بالتالي الموت ، و لكن قديما ًكانت هذه الكلمة نوعا ًما مبهمة ، أضف الى ذلك أنه كان موضوع غروب الشمس و شروقها بمثابة لغز محير للأذهان ، حيث عدت الكثير من الشعوب القديمة الشمس إلها ًكما نجد عند ذكر قوم سبأ في القرآن الكريم ، و في الحضارة المصرية القديمة ، فلطالما عبد المصريون القدامى الشمس باعتبارها أبا ًلجميع الكائنات الحية على الأرض و كانت تسمى بالإله ( أتون ) ، و نجد أن الفرعون ( أمنحوتب الرابع ) أحب هذا الإله فتخلص من اسمه و استبدله بِ ( أخناتون ) ، كما كانت الشمس من أشهر الآلهة لدى الشعوب السامية حيث اعتبروها بمثابة الإله العظيم باعث الحياة و خالق الكائنات ، وأما اليونانيون فكانوا يزعمون أن المرء يمكنه في المساء أن يسمع ( طشطشة ) الشمس الساخنة وهي تغطس في المحيط الواقع وراء الأفق ، فقد كان الإغريق يعتقدون أن الأرض قرص دائري مسطح تحيط به مياه المحيطات من كل جانب ، بل كان علماء أوروبا حتى القرن الثالث عشر الميلادي يرسمون خريطة العالم على شكل صليب ؛ رأسه هو الجنة ، وقدماه هي النار ، وذراعاه : البحر الأبيض والبحر الأحمر ، وبيت المقدس ( أورشليم ) في موضع القلب !!! و لأن القرآن الكريم لم يرسل فقط الى أهل القرن العشرين فما بعد ، كان من المتوقع أن يوضّح رسول الله – عليه الصلاة و السلام – هذه الإستفهامات ، و هذا ما كان ، فعن أبي ذر الغفاري –‏ رضي الله عنه – قال : كنا عند النبي – عليه الصلاة و السلام – في المسجد عند غروبالشمس ، فقال : (( يا أبا ذر ،‏ ‏أتدري أين تذهب؟ )) فقلت : الله ورسوله أعلم ؟ قال : (( فإنها تذهب حتى تسجد تحتالعرش فتستأذن فيؤذن لها ، ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها وتستأذن فلا يؤذن لها يقال لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها ، فذلك قوله تعالى : { والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم }(( [ صحيح البخاري - 3199 ] ، إن اجابة أبي ذر ( الله و رسوله أعلم ) تدل على أن غروب الشمس كان أمرا ًمجهولا تماما ًلدى الناس ، و لكن رسول الله – عليه الصلاة و السلام – بهذا المعنى الجميل الذي يوحي للانسان بخضوع كل شيء لله – جل جلاله – أزال كل الاستفهامات ، كما أنه بهذه الاجابة أبعد مفهوم خاطىء عن أذهان الناس فهو لم يخبر أبو ذر بأن الأرض كروية و أن الشمس تدور حولها – كما ساد الاعتقاد بعد ظهور فكرة كروية الأرض – مع أن هذه الفكرة ممكن أن تكون متقبلة للغاية ... و لا يمكن أن نتخيل أبدا ًأن رسول الله – عليه الصلاة و السلام – سيخبرهم بأن الأرض تدور حول نفسها ، و أن الشمس ثابتة بالنسبة للأرض ، فهذا سيكون بمثابة اصطدام رهيب مع ما تبصره أعينهم و تتخيله عقولهم ...

    و لكن المعنى الذي يُفهم من ظاهر هذا الحديث يتنافى مع ما يخبرنا به علم الفلك الحديث – و قبله بقرون طويلة القرآن الكريم – حول حركة الشمس ...
    في الحقيقة إن هذا الحديث على سبيل التمثيل ، و هذه الأساليب التعبيرية مستفيضة مستساغة فى لغة العرب ... فما هو إذا ًالمعنى الحقيقي لهذا الحديث ؟؟

    إن أول ما يحملنا على تأويل هذا الحديث هو أن حركة الشمس موصوفة بدقة في القرآن الكريم – كما تبين سابقا ً– و الأمر الثاني هو أنه من الثابت في الكتاب و السنة أن الشمس موجودة في جميع الأوقات تحت العرش ، فقد أثبتت الآيات القرآنية و الأحاديث النبوية بشكل قاطع أن العرش يعلو السماوات و الأرض و ما فيهن على الدوام ، فبداية ًنجد تقرير أن السماوات يقع بعضها فوق بعض ، و ذلك في قوله تعالى : { الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور } [ الملك / 3 ] ، و قوله تعالى : { ألم تروا كيف خلق الله سبع سماواتطباقا } [ نوح / 15 ] ، ثم يأتي الإخبار بأن الكرسي يعلو السماوات ، و ذلك في قوله تعالى : {وسع كرسيه السماوات و الأرض } [ البقرة / 255 ] ، و أخيرا ًيخبرنا رسول الله – عليه الصلاة و السلام – بأن العرش يعلو الكرسي ، فيقول لأعرابي قال له ‏:‏ أنا أستشفع بك على الله ونستشفع بالله عليك : (( وَيْحَك إنَّ اللَّهَ لا يُسْتَشْفَعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ شَأْنُ اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ إنَّ عَرْشَهُ عَلَى سَمَوَاتِهِ هَكَذَا وَ قَالَ بِيَدِهِ مِثْلُ الْقُبَّةِ ))[ سنن أبي داوود ] ، وَقَالَ – عليه الصلاة و السلام – : (( ما السماوات السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة ، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة )) [ حلية الأولياء لأبي نعيم / تخريج الكشاف للزيلعي / السلسلة الصحيحة للألباني ] ، و يقول – عليه الصلاة و السلام – أيضا ً: (( ما الكرسي في العرش إلا كحلقة من حديد ألقيت بين ظهري فلاة من الأرض )) [ البداية و النهاية لابن كثير / السلسلة الصحيحة للألباني ] ، و نجد شمول كل ذلك في قول رسول الله – عليه الصلاة و السلام – : (( ما السماء الأولى في السماء الثانية إلا كحبة في صحراء ، و ما الثانية في الثالثة إلا كحبة في صحراء ، و ما الثالثة في الرابعة إلا كحبة في صحراء ، و ما السابعة في الكرسي إلا كحبة في صحراء ، و ما الكرسي في العرش إلا كحبة في صحراء ، و ما العرش في كف الرحمن إلا كحبة في صحراء )) [ الدر المنثور للسيوطي ] ...
    و هنا لا بد من تسائل ... كيف فهم سلف الأمة سجود الشمس تحت العرش عند الغروب مع أنها موجوده تحته على الدوام ؟؟ يقول عكرمة ( أحد كبار التابعين ) : " إن الشمس إذا غربت دخلت محرابا ًتحت العرش تسبح لله حتى تصبح " ( بمعنى أن الشمس موجودة دائما ًتحت العرش و لكن في حالة سجودها عند الغروب تكون في وضعية خاصة و هي دخولها الى محراب ) ، و يقول ابن حجر في شرحه لصحيح البخاري معلقا ًعلى هذا الحديث : " يحتمل أن يكون المراد بالسجود سجود من هو موكل بها من الملائكة ، أو تسجد بصورةالحال فيكون عبارة عن الزيادة في الانقياد والخضوع في ذلك الحين‏ " ، و أما من قال بأن الشمس عند الغروب تصعد في السماوات حتى تصل الى العرش ، فقد أبُطل قوله ، و ذلك لأن الله سبحانه و تعالى يقول : { و لقد زينا السماء الدنيا بمصابيح و جعلناها رجوما ًللشياطين } [ الملك / 5 ] ، و قال تعالى : { إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب } [ الصافات / 6 ] ، و قال تعالى : { تبارك الذي جعل في السماء بروجا ًوجعل فيها سراجا ًوقمرا ًمنيرا ً} [ الفرقان / 61 ] ، فأخبر الله تعالى في هذه الآيات و في غيرها بأن الشمس موجودة في السماء الدنيا ، فلا يمكن أن يدعي أحد أنها تغادرها !.. و لا بد هنا من الإشارة الى أنه عند ظهور فكرة كروية الأرض منذ القرون الإسلامية الوسيطة ، أيد الكثير من أئمة المسلمين هذه الفكرة ، و عندما كانوا يقفون أمام حديث سجود الشمس كانوا يأخذون بلفظ آخر لهذا الحديث ، و هو : عن أبي ذر الغفاري – رضي الله عنه – قال : سألت النبي – عليه الصلاة و السلام – عن قوله تعالى : { والشمس تجري لمستقر لها } ، فقال : (( مستقرها تحت العرش )) [ صحيح البخاري – 7433 / صحيح مسلم - 159 ] ،فيقول ابن حزم في كتابه ( الفصل في الملل و الأهواء و النحل ) معلقا ًعلى هذا الحديث : " صدق صلى الله عليه وسلم لأنها أبدا ًتحت العرش إلى يوم القيامة ، وقد علمنا أن مستقر الشيء هو موضعه الذي يلزم فيه ولا يخرج عنه وإن مشى فيه من جانب إلى جانب ، و سجودها هو سيرها فيه " ...

    و الآن بعد أن عرفنا سبب وجود هذا الحديث ، و ثبت لدينا أن تأويله مقبول ، نطرح السؤال : ما هي صفة سجود الشمس ، و ماذا عن استئذانها بالشروق مرة أخرى ؟؟

    قال الله تعالى : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّه يَسْجُد لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَات وَمَنْفِي الْأَرْض وَالشَّمْس وَالْقَمَر وَالنُّجُوم وَالْجِبَال وَالشَّجَروَالدَّوَابّ وَكَثِير مِنْ النَّاس } [ الحج / 18 ] ، إن السجود في اللغة له معنيان معنى حقيقي ومعنى مجازي ، فمعناهالحقيقي وضع الجبهة على الأرض ، وهو ما يحصل من العاقل المطيع ، ومعناه المجازي التعظيم والخضوع والانقياد ، وهو ما يحصل من غير العاقل ، فسجود العاقل هو سجود حسي و سجود غيره سجود معنوي،و السجود المعنوي هو عبارة عن تسخير للحيوان والنبات والجماد ، وعلى ذلك قوله تعالى : { أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ {[ النحل / 48 ] ، و هذا السجود من قبل الأشياء غير العاقلة هو الدلالة الصامتة الناطقة المنبهة على كونهامخلوقة وأنها خلق فاعل حكيم ، و عند الحديث عن كيفية سجود الشمس فإننا لا نجزم بقول معين ، و لكننا نميل الى ترجيح التأويل الأكثر منطقية ، و هو كالتالي :

    سجود الشمس يكون عند لحظة غروبها في مكة المكرمة ، فهي أرض البعثة ، و فيها أول بيت وضع للناس ؛بيت الله الحرام ، و هي مركز الحج ، و هي قبلة الإسلام فإليها يتوجه المسلمون كل يوم خمس مرات ساجدين لله ، و هي مركز اليابسة ، و مركز الأرض المغناطيسي ... و صفة سجود الشمس هي أنها عند لحظة الغروب في مكة تكون الأشعة الصادرة عنها موازية لسطح الأرض و بالتالي تكون موازية للبيت المعمور الموجود في السماء السابعة ، فقد قال رسول الله – عليه الصلاة والسلام – يوما ًلأصحابه : (( هل تدرون ما البيتالمعمور ؟ )) قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : (( فإنه مسجد في السماء تحته الكعبة لو خر لخر عليها )) [ السلسلة الصحيحة للألباني ] ، إذا ًالشمس تدور حول مركز المجرة ، و الأرض تدور معها ، و بالتالي فان الشمس تعتبر ثابتة بالنسبة الى الأرض ، و لكن الأرض تدور حول محورها مما يؤدي الى تقلب الليل و النهار في جميع أنحاء الأرض ، و عندما تدخل مكة منطقة الليل و تأتي لحظة الغروب ، و تكون أشعة الشمس موازية للبيت المعمور الموجود في السماء السابعة ، و الذي وصفه رسول الله – عليه الصلاة و السلام – بأنه مسجد في السماء ، و بهذه الهيئة تكون الشمس في حالة سجود تحت العرش ... و لم لا تكون هيئة سجودها بهذا الشكل ؟ و هي التي خلقها الله و سخرها من أجل امداد جميع الكائنات الحية على الأرض بالحرارة عن طريق الأشعة ، فكان منطقيا ًللغاية أن يكون سجودها بأن تمد أشعتها بشكل يوازي البيت المعمور الموجود في السماء السابعة تحت العرش ...
    و قد يقول قائل : إن حجم الشمس أضعاف مضاعفة من حجم الأرض ، و أنها ترسل أشعتها في جميع الأرجاء ...
    فنقول : إن ما يعنينا من أشعة الشمس هو ما يصل الى سطح الأرض لا غير ، فهذه الأشعة هي النعمة العظمى التي تملأ الأرض بالحياة ...

    و الآن نأتي الى استئذان الشمس بالشروق مرة أخرى ...

    بعد أن تدخل مكة النصف المعتم من سطح الأرض ، تستمر الأرض في حركتها حول نفسها الى أن تأتي لحظة الشروق في مكة ، و عندها تعود أشعة الشمس موازية لسطح الأرض في مكة ؛ أي أن الشمس تعود لوضعية السجود تحت العرش مجددا ً، و هنا تستأذن الشمس من الله تعالى للشروق مرة أخرى ... و عندها يأتي الاذن من قبل الله – جلّ جلاله – للشمس بالشروق مرة أخرى ، و هذا الإذن هو اذن باستمرار دوران الأرض حول محورها باتجاه معاكس لعقارب الساعة ، و هذا الدوران هو الذي ينتج عنه الليل و النهار ، و بسبب اتجاهه المعاكس لعقارب الساعة تظهر الشمس دائما ًمن الشرق و تغيب من الغرب ، فالتعبير باستئذان الشمس و الإذن لها بالعودة و الشروق من جديد هو أمر تشبيهي لظاهرة كونية تحدث باستمرار ، و مما يؤكد على هذا أن هناك ألفاظ آخرى لحديث سجود الشمس جاء فيها لفظ ( كأنها ) ، و هي : عن أبي ذر الغفاري –‏ رضي الله عنه –‏ ‏قال : كنت مع رسول الله – ‏عليه الصلاة و السلام – ‏ ‏في المسجد حين غربت الشمس فقال : (( يا ‏ ‏أبا ذر أ‏تدري أين تذهب الشمس ؟ )) قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : (( فإنها تذهب حتى تسجد بين يدي ربها عز وجل فتستأذن في الرجوع فيؤذن لها و كأنها قدقيل لها ارجعي من حيث جئت فترجع إلى مطلعها ... )) [ مسند أحمد ] ، و عنه أيضا ً: دخلت المسجد ورسول الله – عليه الصلاة و السلام – جالس ، فلما غربت الشمس قال : (( يا أبا ذر ، هل تدري أين تذهب هذه ؟ )) قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : (( فإنها تذهب تستأذن في السجود فيؤذن لها ، و كأنها قد قيل لها : ارجعي من حيث جئت ، فتطلع من مغربها )) [ صحيح البخاري - 7424 ] ، و أما عن قول رسول الله – عليه الصلاة و السلام – : (( ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها وتستأذن فلا يؤذن لها يقال لها ارجعي من حيث جئت فتطلعمن مغربها )) ، فهو يتحدث عن علامة من علامات الساعة الكبرى ، و هي طلوع الشمس من مغربها ، حيث يأمر الله – عزّ و جلّ – حينها الأرض بالدوران بعكس اتجاه دورانها الحالي ، فتطلع الشمس من المغرب بدلا ًمن المشرق ، و هنا لا بد من الإشارة الى أن علماء الأرض يتحدثون عن هذه الحالة بالضبط ، فقد ثبت لديهم بأن الأرض تبطىء من سرعة دورانها بمقدار جزء من الثانية في كل 100 سنة ، و أنه منذ 4 مليارات سنة كانت مدة اليوم 4 ساعات فقط ، و استمرت حركة الدوران في التباطؤ حتى أصبحت تساوي حاليا ً24 ساعة ، و كنتيجة طبيعية لهذا التباطؤ فسوف يأتي وقت تتوقف فيه الأرض تماما ًعن الدوران و بعد فترة قصيرة – كما يقول العلماء – ستبدأ الأرض بالدوران في اتجاه عكسي ، و لكن ننبه هنا الى أن معرفة معدل تباطؤ سرعة الأرض لا يعني أبدا ًأنه باستطاعتنا معرفة الزمن المتبقي لليوم الذي ستطلع الشمس فيه من مغربها ، و ذلك لأنه حين يأتي الأمر من قبل الله – عز و جل – للشمس بالطلوع من مغربها ، تتلاحم الأسباب من أجل العمل على عكس اتجاه دوران الأرض ، فمثلا ًيمكن أن يقترب نجم ما من الأرض مما يؤدي الى حدوث اختلال في قوى الجاذبية ينتج عنه الإسراع في عملية تغيير اتجاه دوران الأرض ...




    هذه الصورة تمثل كل ما كانت تعرفه البشرية عن غروب الشمس في زمن رسول الله – عليه الصلاة و السلام – لذا فقد حيكت قديما ًالكثير الكثير من الأساطير عن الشمس ، و بالنسبة للإنسان العربي الذي كان سقف بيته هو السماء كان بحاجة لتجلية هذا الحدث الغامض الذي كان يحدث على مرأى من عينيه كل يوم ، و من يُنتظر منه ذلك غير نبي مرسل من عند الله ؟ ؟
    و بعد نزول الآية : { و الشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم } ، لم يُفهم مستقر الشمس بمعناه الذي اتضح في عصرنا الحالي ، و بالتالي أصبح سؤال : أين تغرب الشمس ؟ بالفعل يحتاج الى اجابة شافية ... و هنا جاءت الإجابة النبوية ...
    و لكن .. هل من المعقول أن يخبرهم رسول الله – عليه الصلاة و السلام – بأن حركة الشمس ما هي إلا حركة ظاهرية ناتجة عن دوران الأرض حول نفسها ؟! إن الإنسان اليوم لو صعد على سطح منزله و وقف طوال اليوم يريد أن يلاحظ حركة الأرض و يتخيلها .. لم يستطع .. و لو حتى قضى كل عمره على هذه الحال ... فما بالك بتلك الأزمان البعيدة ؟
    إن من الإعجاز أن رسول الله – عليه الصلاة و السلام – أبعد مفهوم خاطىء عن أذهان الناس فهو لم يخبر أبو ذر بأن الأرض كروية و أن الشمس تدور حولها – كما ساد الاعتقاد بعد ظهور فكرة كروية الأرض – مع أن هذه الفكرة ممكن أن تكون متقبلة للغاية ...
    لقد كانت الإجابة النبوية تتميز بالمعنى الجليل الذي تحمله ، كما كانت تتميز بأنها قابلة للفهم و الإستيعاب ، فهذه هي طبيعة دين الإسلام ، إنه يأخذ بالعقل من حيث يقف ليرقى به في فضاء المعرفة اللامحدود ...
    إن ما ذكر سابقا ًيبرر أن تكون الإجابة غير موجودة في الواقع على أن تكون خاصة بأزمان معينة ، و أما الأزمان التي ستنكشف فيها الأسرار الكونية فإن القرآن الكريم يحتوي على الحقائق الكونية بأسلوب يستوعب جميع الأزمان ... و لكن هيهات أن ينطق رسول الله – عليه الصلاة و السلام – بحرف واحد من غير الحق ...



    تسقط الأشعة الشمسية عل نصف الكرة الأرضية المقابل للشمس ، و نتيجة لدوران الأرض حول محورها تتعرض كل منطقة على سطح الأرض الى تقلب الليل و النهار ، و ينقسم النهار الى أوقات مختلفة ؛ فيبدأ النهار بشروق الشمس ، ثم يأتي وقت الضحى ، و بعد ذلك يدخل وقت الظهيرة ، و هكذا ... و هذا يحصل في جميع مناطق الكرة الأرضية ، و لكن ما يعنينا هو خط الطول الذي تقع عليه مكة المكرمة ...




    عندما تحين لحظة الغروب في مكة تكون أشعة الشمس موازية لسطح الأرض هناك ، و بالتالي تكون موازية للبيت المعمور الموجود في السماء السابعة ... و بهذه الوضعية تكون الشمس في حالة سجود تحت العرش ...




    و عندما تأتي لحظة الشروق في مكة تعود الشمس مجددا ًالى وضعية السجود تحت العرش ، و هنا تستأذن الشمس من الله – جلّ جلاله – للشروق مرة أخرى ، و يأتي الإذن لها بذلك عن طريق ابقاء اتجاه دوران الأرض على ما هو عليه ...

    لنعد الآن الى نص الحديث :

    عن أبي ذر الغفاري –‏ رضي الله عنه – قال : كنا عند النبي – عليه الصلاة و السلام – في المسجد عند غروبالشمس ، فقال : (( يا أبا ذر ،‏ ‏أتدري أين تذهب ؟ )) فقلت : الله ورسوله أعلم ؟ قال : (( فإنها تذهب حتى تسجد تحتالعرش فتستأذن فيؤذن لها ، ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها وتستأذن فلا يؤذن لها يقال لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها ، فذلك قوله تعالى : { والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم }(( [ صحيح البخاري - 3199 ]

    قد يستشكل على البعض قول رسول الله – عليه الصلاة و السلام – : (( فإنها تذهب )) ، و قوله – عليه الصلاة و السلام – في نهاية الحديث : (( ... فذلك قوله تعالى : { والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم }(( ، و لكن في الحقيقة ان مثل هذه العبارات يقتضيها سياق الحديث ، و تأتي ضمن التحدث مع المخاطب بما يعرفه ، و مع ذلك فان رسول الله – عليه الصلاة و السلام – قال عن الشمس أنها تذهب و لم يقل أنها تغرب ، لأن الذهاب يمكن أن يكون ببعض الشيء ( كقولك : أذهب الى رأي كذا ) أما الغروب فيقتضي ذهاب الشيء كله ، كما و يمكن تفسير الذهاب على أن المقصود به هو الذهاب من أمام الأبصار ، و أما عن ذكر رسول الله – عليه الصلاة و السلام – لقوله تعالى : { والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم } في نهاية الحديث و ما يوحيه من أن المقصود بمستقر الشمس هو العرش ، فنقول أنه لا مانع من تفسير المستقر على أنه اسم مكان و ليس فقط اسم زمان ، و بالتالي يمكن اعتبار أن مستقر الشمس هو العرش ، فمستقر الشيء هو موضعه الذي يلزم فيه ولا يخرج عنه و ان تحرك فيه ، و هكذا هي الشمس دائما ًموجودة تحت العرش ...





    ذهاب الشمس من أمام الأبصار


    و قد يستشكل على البعض عدم وجود اشارة الى مكة في الحديث ... و نقول : إن هذا
    أمر طبيعي ففكرة أن الشمس تغيب في مكة في لحظة لا تكون فيها قد غربت بعد في مناطق أخرى لم تكن لتستوعب أبدا ًفي ذلك الزمان ، فالإعتقاد الذي كان سائدا ًهو أنه عندما تغيب الشمس فإنها تغيب في كل مكان ... ثم ان رسول الله – عليه الصلاة و السلام – عندما كان يحدث هذا الحديث كان في المدينة المنورة التي تقع تقريبا ًعلى نفس خط الطول الذي تقع عليه مكة ، فمكة تقع على خط طول 39,49 شرقا ًو المدينة تقع على خط طول 39,36 شرقا ً ، و بالتالي فانهما يشتركان تقريبا ًفي لحظات الغروب حيث يكون الفارق بينهما لا يتجاوز الدقيقتان أو الثلاث...


    * * *


    اللهم علمنا ما جهلنا
    و انفعنا بما علمتنا


    التعديل الأخير تم بواسطة أبو حمزة; 27 فبر, 2010, 02:16 م. سبب آخر: تم الدمج بمعرفتى

    تعليق


    • #3
      1- وجود الشمس و جميع الأجرام في الفضاء الكوني غارقة في إشعاعات الضوء المرئي وغير المرئي وأمواج الجاذبية والنيوترينو التي تملأ الكون وكأن الأفلاك كلها تعوم في وسط إشعاعي تموجي وهذا معنى السباحة في أمواج الإشعاع بدلاً من أمواج البحر .


      أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (6)

      تعليق


      • #4
        المشاركة الأصلية بواسطة أبو حمزة مشاهدة المشاركة

        أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (6)
        مشكور على التعديل ...

        ولكن لم أفهم الملاحظة ...

        تعليق


        • #5
          المشاركة الأصلية بواسطة خالد بشير مشاهدة المشاركة
          مشكور على التعديل ...

          ولكن لم أفهم الملاحظة ...
          يعتقد الناس ان الفضاء الخارجى ما هو إلا عبارة عن فراغ .. لا مادة فيه
          وحديثاً تم إثبات ان الكون لا يوجد فيه فراغ بل ممتلئ بالأشعة الكونية بانواعها .. و هى التى تسبح فيها الأجرام السماوية
          ولذلك فلا يوجد فروج فى السماء .. أى لا يوجد فراغ بين الكواكب .. بل هى بناء " وَالسَّمَاءَ بِنَاءً " أشبه ما يمكن بالنسيج (النسيج الكونى) " وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ"
          وما بين الحبك لا يوجد فراغ "فروج" بل مادة كونية مرئية وغير مرئية

          تعليق

          مواضيع ذات صلة

          تقليص

          المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
          ابتدأ بواسطة Islam soldier, 12 أكت, 2023, 07:10 م
          ردود 3
          73 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة Islam soldier
          بواسطة Islam soldier
           
          ابتدأ بواسطة Islam soldier, 10 أغس, 2023, 04:28 ص
          رد 1
          112 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة Islam soldier
          بواسطة Islam soldier
           
          ابتدأ بواسطة لخديم, 4 مار, 2023, 05:02 م
          ردود 0
          35 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة لخديم
          بواسطة لخديم
           
          ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 3 أكت, 2022, 01:26 ص
          ردود 0
          89 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة *اسلامي عزي*
          بواسطة *اسلامي عزي*
           
          ابتدأ بواسطة د. أحمد نصر الدين, 23 مار, 2022, 12:53 م
          ردود 0
          1,612 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة د. أحمد نصر الدين  
          يعمل...
          X