تويت
النجوم النيترونية ...
: { و السماء و الطارق * و ما أدراك ما الطارق * النجم الثاقب } [ الطارق / 1- 3 ] من يستمع الى هذا القسم لن يعرف للوهلة الأولى ما هو المقصود بالطارق ، لذلك عرفنا سبحانه و تعالى بأنه نجم ثاقب ، فكيف يمكن أن يكون النجم طارق و ثاقب ؟ و هل هناك من تفسير علمي لذلك ؟
الحقيقة أن هذه الآيات حيرت علماء التفسير قديما ً، فقد وقفوا وقفات متأنية عند المقصود بالنجم الثاقب حتى استقر رأيهم على أنه النجم ذو الضوء الشديد الذي يخترق طبقات الجو ، و لم يتحدثوا عن كلمة الطارق أكثر من القول : " أصله كل آتٍ ليلا ًو منه النجوم لطلوعها ليلا ً " [ تفسير الجلالين ] .
لقد اكتشف العلماء في الستينيات من القرن العشرين أنه توجد حالة من حالات النجوم تسمى النجوم النيوترونية ، و يقدر عددها في مجرتنا وحدها بحوالي مائة ألف نجم ، اكتشف منها ما يقارب الألف حتى الآن .
و قد قام العلماء برصد النجوم النيترونية و دراستها منذ لحظة الإكتشاف ، واستعانوا في دراستهم بالرادارات اللاقطة للموجات الراديوية ، و كانت أبرز خاصية مكتشفة لهذه النجوم هي طاقتها العالية ، حيث تبلغ حرارتها حوالي 175 ضعفا ًمن حرارة الشمس ! وأرجع العلماء السبب في ذلك الى أن كتلة النجم النيتروني تزيد عن كتلة الشمس بما يقارب 1.4 من كتلة الشمس على الرغم من أن قطره لا يتعدى عشرة كيلو مترات ، حيث أن الكتلة تتحول الى طاقة حسب معادلة آينشتاين الشهيرة .
تظهر هذه الصورة شدة اضاءة النجم النيتروني بالنسبة للنجوم الأخرى نتيجة لطاقته العالية جدا
و قد قام العلماء أيضا ًبدراسة الموجات المنبعثة من هذه النجوم على شكل طلقات ، فوجدوا أنه يصدر عن هذه الطلقات أصواتا ًتدوي في الفضاء ، و قد سجلت هذه الأصوات – الشبيهة بالطرقات على الباب – بواسطة العديد من الصحون و الرادارات اللاقطة للموجات الكونية .
تغير فيمة التردد نتيجة لرصد الموجات الصوتية الصادرة عن أحد النجوم النيترونية المكتشفة
لا نملك إلا أن نقول : صدق الله العظيم الذي أخبرنا بوجود نجم طارق ثاقب ... هذا الوصف الذي ينطبق انطباقا ًتاما ًعلى النجم النيتروني ... فالنجم النيتروني طارق لأنه يصدر أصوات عالية على شكل طرقات منتظمة ... و النجم النيتروني ثاقب لأنه يثقب ظلمة السماء بإضائته العالية ، و يثقب الصمت المطبق في الفضاء بالأصوات العالية الصادرة عنه ...
و يشير الله عز وجل في القرآن الكريم أيضا ًالى نشأة النجوم النيترونية ، فيقسم قائلا ً : { و النجم إذا هوى } [ النجم / 1 ] ، و هنا لا بد أن نشير الى أنه هناك فرق بين النجم الذي يهوي و بين الشهاب الساقط ، فالشهب هي تلك الأجرام السماوية التي تدخل الغلاف الجوي ، ثم تحترق فيه ، و بعضها يسقط على الأرض ، و الله تبارك و تعالى ذكر الشهب في القرآن من دون أن يقسم بها ، قال تعالى : { إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب } [ الصافات / 10 ] ، و قال تعالى : { و أنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا و شهبا ً} [ الجن / 8 ] ، و أما النجم الذي يهوي فهو ظاهرة موت النجم العملاق الأحمر ( أحد التصنيفات الأساسية للنجوم و تمثل مرحلة الشيخوخة للنجم ) ، حيث ينهار النجم على نفسه و ينكمش بسرعة ، مما يؤدي الى زيادة الضغط على ذرات مواد النجم مما يؤدي الى تحطمها ، و مع استمرار انهيار العملاق الأحمر تسحق الذرات ، فتلتصق الإلكترونات بالبروتونات و تتحد معها مكونة النيوترونات ، و في النهاية تتحد كل الإلكترونات مع البروتونات فيصبح النجم عبارة عن نيوترونات منضغطة على بعضها .
إنهيار العملاق الأحمر وتكون النجم النيتروني
{ و السماء و الطارق * و ما أدراك ما الطارق * النجم الثاقب } ، هذا هو القسم ، فأين جواب القسم ؟ قال تعالى : { إن كل نفس لما عليها حافظ } ، كل حركاتك و سكناتك ، و كل أقوالك و أفعالك ، و كل بواعثك و آمالك ، و كل ما تخفيه عن الناس ، كل ذلك يحفظه الله لك و سيحاسبك عليه ، فالذي يعلم خفايا و أسرار السماوات الشاسعة ، هل يغيب عنه شيءٌ في الأرض ؟؟
