علم الأجنة فى القرآن والسنة / 6

تقليص

عن الكاتب

تقليص

سيف الكلمة مسلم اكتشف المزيد حول سيف الكلمة
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • علم الأجنة فى القرآن والسنة / 6

    الباب السادس

    أطوار خلق الإنسان في الأيام الأربعين الأولى

    جولي سمسون
    عبد المجيد الزندانـي
    مصطفى أحمد


    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :

    مقدمـــة

    دلت نصوص القرآن الكريم على أن الإنسان يخلق على أطوار ومراحل متتالية : قال تعالى : ﴿وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا(14)﴾[نوح:14]
    وقال تعالى : ﴿يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ﴾ [الزمر:6] .


    وقد بينت نصوص السنة النبوية أن الأسبوع السابع يمثل نقطة تميز واضحة في حياة الجنين ، كما وصفت هيئة الجنين في الأربعين يوماً الأولى ثم حالته بعد ذلك .

    وقد حدد الرسول صلى معالم كل فترة وتفاصيلها الدقيقة ، وسنستعرض في هذا البحث الأحاديث النبوية التي تصف الجنين في الأربعين يوماً الأولى .
    وآراء بعض علماء المسلمين لها وفق قواعد اللغة وأصول تأويل النصوص الشرعية وشرحها .

    ثم نذكر ما استقر من الحقائق العلمية في هذا الموضوع ، وتبين أوجه الإعجاز في هذه الأحاديث النبوية الشريفة .

    أ) الأربعون يوما ًالأولى :

    وصف رسول الله حالة الحميل في الأربعين يوماً الأولى ، فيما رواه مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال :
    حدثنا رسول الله وهو الصادق المصدوق قال : ( إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أربعين يوماً ، ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك ، ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك ، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات يكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد) [67].

    ويدل هذا الحديث على حقيقتين أساسيتين :

    الأولى : أن جمع خلق الإنسان يتم في الأربعين يوماً الأولى .
    والحقيقة الثانية : أن مراحل الخلق الأولى : النطفة ، العلقة ، والمضغة إنما تتكون وتكتمل خلال هذه الفترة (الأربعين يوماً الأولى ) .

    ب) جمع الخلق ( المراحل الجنينية الأولى ) :

    لقد وصف رسول الله حالة الجنين خلال الأربعين يوماً الأولى في الحديث الذي رواه ابن مسعود رضي الله عنه بقوله : (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك) صحيح مسلم – كتاب القدر ، وصحيح البخاري بدون لفظ ( في ذلك ) .

    ويقرر علم الأجنة أن في الأسبوع الخامس يكون جسم الحميل مقوساً شبه دائري ، ولا يزيد طوله عن (1) سم تقريباً ، ويكون نصفه العلوي ثلثي طول جسمه الكلي ، و يكتسب في هذا الوقت براعم أطرافه ، ويكون له ما يشبه الذيل ، وقلبه في مرحلة بدائية جداً ، ويخفق بصورة منتظمة .
    وتظهر الأطراف العليا في الأسبوع الرابع ، ويكون شكلها في بداية الأسبوع الخامس متميزاً كشكل المجداف .
    ولكن الأطراف العليا تتطور في نهاية الأسبوع الخامس ، وتشاهد فيها صفائح مبتورة لليد، وإشعاعات إصبعية (الشكل 6-1).

    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	image.png  مشاهدات:	13  الحجم:	83.9 كيلوبايت  الهوية:	812210





    الشكل 6-1 : الجنين في نهاية الأسبوع الخامس وبداية السادس (اليوم 34-36) وهو يتعلق بالأغشية الأولى بواسطة الحبل السري . ويبلغ حجمه من الإكليل حتى الكفل 12 ملم . (1) برعم الذراع (2) القوس الخيشومي (3) الأغشية الأولى (4) العين (5) الدرنة التناسلية (6) بروز القلب (7) برعم الساق (8) الذيل (9) الحبل السري .

    (England, color Atlas of Life Before Birth, Chicago, Year Book Medical Publishers inc. 1983).

    وعند نهاية الأسبوع السادس ، وقبل اليوم الثاني والأربعين لا تكون صورة الوجه واضحة أو شبيهة بصورة وجه الإنسان ( الشكل 6-2) .

    وتكون العين والأذن والأعضاء التناسلية الخارجية في صورة أولية من مراحل تطورها قبل اليوم الأربعين ، وهي لا تعمل ولا تشبه أعضاء الإنسان ، ومع ذلك فتبدأ العين تطورها خلال الأسبوع الرابع مع تكون الحويصلة العينية التي تتغلف لتولد الكأس البصري ، ويحفز هذا تكون العدسة قبل نهاية الأسبوع الخامس .

    ويتم بعد ذلك تمايز الشبكية ، وظهور الألياف البصرية التي تصل الدماغ لتكون التقاطع البصري .
    وتبدأ الأذن الداخلية تطورها في بداية الأسبوع الخامس كصفيحة ثخينة من الأديم الظاهر مكونة الصفيحة الأذنية التي سرعان ما تغطس تحت سطح الصماخ السمعي الظاهر لتكون الحويصلة الأذنية التي تفقد اتصالها مع السطح لتولد الأذن الداخلية ، ولا يكون للأذن في هذه المراحل الأولية شكل أذن الإنسان .

    ويتفق هذا الوصف لتطور الحميل مع كلمة (يجمع خلقه) التي وردت في حديث ابن مسعود لتصف المظهر الخارجي المتقوس المتجمع ، والناحية التشريحية الداخلية ، حيث تكون الأجهزة والأعضاء متجمعة في حالتها الابتدائية وهي في كتلة صغيرة ، فيكون الوصف (يجمع خلقه) معبراً عن الناحية التشريحية بدقة .

    الشكل 6-2 : رسم الجنين في الأسبوعين 6،7 . لا يمكن أن تميز المظهر البشري فيه بوضوح .


    الجنين في الأربعين يوماً الأولى :

    CIBA. Clinical Sumposia, vol. 28,No.3

    مرحلة النطفة :

    تبدأ هذه المرحلة في التكوين من التقاء ماءي الرجل والمرأة ويلاحظ في أول التكوين اندغام الجينات الذكرية والأنثوية كما يلاحظ اختلاط الماء أيضاً .

    إن وجود الوسط السائل يتفق مع المشاهدات الحديثة بأن الحامض النووي الوراثي (DNA) ينتقل من هيولي البييضة إلى الذرية ، فبداية هذا الطور مكونة من نطفة مختلطة منس ائلين وتتحرك في وسط من السائل ، وتستغرق فترة زمنية هي الأيام الستة الأولى من الحمل ، ويبدأ التحول بعد ذلك إلى طور العلقة .

    وبالإضافة إلى المنوي ، والبييضة ، والزيجوت (البييضة الملقحة) الموجودات في سوائل ، فإن ثمة بنيات في تكوين كل منها مليئة بالسائل أيضاً ، وتتطور في التويتة العديد من الخلايا، وبالإضافة لذلك فإن كل هذه العمليات تتم في قناة فالوب ، المحتوية على سائل وتستمر النطفة في نموها .

    وبعد حوالي ستة أ يام من ذلك يشق الجنين طريقه إلى سطح بطانة الرحم حيث يتم انغراس النطفة في الرحم ، وتكتمل بذلك مرحلة النطفة في اليوم الرابع عشر من التلقيح تقريباً وبذلك تأخذ حصتها من الأربعين يوماً .

    طور العلقة :

    تستمر الخلايا في التراكم بعد مرحلة النطفة ، ويتصلب الجنين مع زيادة تراكم الخلايا ، ثم يتثلم عند تكون الطية العصبية ، ويتم تعلقه بجدار الرحم بعد أسبوعين ، ويأخذ الجنين في اليوم (الحادي والعشرين) شكلاً يشبه العلقة [68] ، كما تعطي جزر الدماء المحبوسة في الأوعية الدموية للجنين لون قطعة من الدم المتخثر ويكون هذا إلى الواحد وةالعشرين وبهذا تتكامل المعاني التي يدل عليها لفظ علقة إلى حوالي اليوم الواحد والعشرين .
    وبهذا تأخذ العلقة حصتها من الأربعين يوماً وإلى هذا تشير الآية الكريمة : ﴿ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً ﴾ [المؤمنون:14] .

    طور المضغة :

    يبدأ هذا الطور بظهور الكتل البدنية في اليوم (الرابع والعشرين) أو (الخامس والعشرين) في أعلى اللوح الجنيني ، ثم يتوالى ظهور هذه الكتل بالتدريج إلى مؤخرة الجنين .

    وفي اليوم (الثامن والعشرين) بعد الإخصاب يتكون الجنين من عدة فلقات تظهر بينها انبعاجات ، وبوجودها يصبح شكل الجنين شبيهاً بالعلكة الممضوغة من حيث المظهر الخارجي .

    ويكتسب الجنين تدريجياً شكل المضغة من حيث الحجم (حيث يكون طول الجنين (1سم) وهو أقل ما يمضغ وبهذا يكتمل طور المضغة في بقية الأيام الأربعين الأولى من حياة الجنين، وهذا الترتيب في خلق الأطوار الأولى يجيء فيه طور المضغة بعد طور العلقة مطابقاً لما ورد في القرآن الكريم قال تعالى : ﴿ فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً ﴾ [المؤمنون:14] .
    وينتهي هذا الطور بنهاية الأسبوع السادس .

    وفي الأسبوع السابع تبدأ الصورة الآدمية في الوضوح نظراً لبداية انتشار الهيكل العظمي.

    الحد الفاصل :

    بعد استعراض ما تقدم نرى أن : النطفة ، والعلقة ، والمضغة ، تكتمل خلال الأربعين يوماً الأولى ، وترى الجنين في نهاية هذه المراحل في شكل مضغة لا يدل على مخلوق إنساني .
    وفي اليوم الخامس والأربعين يتم تكون الأعضاء وانتشار الهيكل العظمي ، بصورة ظاهرة ويستمر الانقسام الخلوي والتمايز الدقيق بعد ذلك ، ولكن الخطوات الأساسية للتفريق بين شك المضغة والشكل الإنساني تكتمل بين اليوم 40-45.

    اختلاف في فهم الحديث النبوي :

    وإذا عدنا إلى فهم علماء المسلمين للحديث النبوي المشار إليه سابقاً نرى أنه قد وقع خلاف بين علماء المسلمين القدامى في تحديد مدة النطفة والعلقة والمضغة ، هل هي أربعون يوماً لكل منها أم أربعون يوماً لها جميعاً بناء على تفسيرهم لحديث عبدالله بن مسعود السابق .
    لقد فسر بعض هؤلاء العلماء هذا الحديث على أنه يعني أن النطفة والعلقة والمضغة تتم على التوالي في فترات طول كل منها أربعون يوماً ، وفهموا أن عبارة (مثل ذلك ) تشير إلى الفترة الزمنية (أربعين يوماً) واستنتجوا من ذلك أن المضغة لا تتم إلا بعد (120) يوماً .

    حل الخلاف :

    وبعد تجميع النصوص الواردة في الباب وتحقيقها والنظر فيها جميعاً تبين أن القول بأن المضغة لا تتم إلا بعد مائة وعشرين يوماً قول غير صحيح للأدلة التالية :

    1) روى حديث عبد الله بن مسعود السابق كل من الإمامين البخاري ومسلم ، ولكن رواية مسلم تزيد لفظ (في ذلك) في موضعين قبل لفظ (علقة) وقبل لفظ (مضغة) وهي زيادة صحيحة تعتبر كأنها من أصل المتن جمعاً بين الروايات .

    وعلى هذا تكون الرواية التامة لألفاظ الحديث كما هي ثابتة في لفظ مسلم (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً ، ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك … الحديث).
    فالقول بأن العظام يبدأ تخليقها بعد مائة وعشرين يوماً يتعارض مع ظاهر الحديث الذي رواه حذيفة تعارضاً بيناً .

    2) ذكر القرآن الكريم أن العظام تتكون بعد طور المضغة ، قال تعالى:" فخلقنا المضغة عظاماً"﴿ فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا ﴾ وحدد النبي y في حديث حذيفة أن بدء تخلق العظام يكون بعد الليلة الثانية والأربعين من بدء تكون النطفة فقال (إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكاً فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها … الحديث) [69].

    3) أثبت دراسات علم الأجنة الحديثة والمستيقنة أن تكون العظام يبدأ بعد الأسبوع السادس مباشرة ، وليس بعد الأسبوع السابع عشر مما يؤيد المعنى الواضح الظاهر لحديث حذيفة .
    وعلى هذا يتضح أن معنى (مثل ذلك) في حديث عبد الله بن مسعود لا يمكن أن يكون مثلية في الأربعينات من الأيام [70] .

    وللتوفيق بين أحاديث النبي في هذا الباب نقول : إنه لما كان اسم الإشارة – في قوله مثل ذلك – لفظاً يمكن صرفه إلى واحد من ثلاثة أشياء ذكرت قبله في الحديث ، وهي :

    جمع الخلق ، وبطن الأم ، وأربعين يوماً . فهو لفظ مجمل يحمل على اللفظ المبين للمقصود من اسم الإشارة في قوله ، والذي يبين لنا ذلك حديث حذيفة الذي يمنع مضمونه أن يعود اسم الإشارة على الفترة الزمنية (أربعين يوماً) لأن النص المجمل يحمل على النص المبين حسب قواعد الأصوليين .

    ولا يصح أن يعود اسم الإشارة على (بطن الأم) لأن تكراره في الحديث لا يفيد معنى جديداً فكأنه قال : (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً ثم يكون في ذلك البطن علقة مثل ذلك ثم يكون في ذلك البطن مضغة مثل ذلك) وهذا التكرار للفظ البطن سيكون حشواً في الكلام يتعارض مع فصاحة رسول الله .

    وإذا كان اسم الإشارة في الحديث لا يصح إعادته إلى الأربعين يوماً ولا إلا بطن الأم فيتعين – بناء على ذلك – أن يعود اسم الإشارة في قوله ( مثل ذلك ) على جمع الخلق ، لا على الأربعينات ، وهو ما توصل إليه ، وحققه أحد علماء المسلمين المشهورين – ابن الزملكاني [71] – في القرن السابع الهجري .

    واستنتج من ذلك أن النطفة والعلقة وةالمضغة تتم خلال الأربعين يوماً الأولى .
    قال ابن الزملكاني : ( وأما حديث البخاري [72] فنزل على ذلك ، إذ معنى يجمع في بطن أمه ، أن يحكم ويتقن ، ومنه رجل جميع أن مجتمع الخلق) [73] .

    فهما متساويان في مسمى الإتقان والإحكام لا في خصوصه ، ثم إنه يكون مضغة في حصتها أيضاً من الأربعين ، محكمة الخلق مثلما أن صورة الإنسان محكمة بعد الأربعين يوماً فنصب مثل ذلك على المصدر لا على الظرف .
    ونظيره في الكلام قولك : إن الإنسان يتغير في الدنيا مدة عمره .

    ثم تشرح تغيره فتقول : ثم إنه يكون رضيعاً ثم فطيماً ثم يافعاً ثم شاباً ثم كهلاً ثم شيخاً ثم هرماً يتوفاه الله بعد ذلك .
    وذلك من باب ترتيب الإخبار عن أطواره التي ينتقل فيها مدة بقائه في الدنيا [74] .

    ومعلوم من قواعد ا للغة العربية أن ( ثم ) تفيد الترتيب والتراخي بين الخبر قبلها ، وبين الخبر بعدها ، إلا إذا جاءت قرينة تدل على أنها لا تفيد ذلك ، مثل قوله تعالى : " ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ، ثم آتينا موسى الكتاب … "﴿ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(153)ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ ...﴾ [75] .

    ومن المعلوم أن وصية الله لنا في القرآن جاءت بعد كتاب موسى فـ ( ثم ) هنا لا تفيد ترتيب المخبر عنه في الآية ، وعلى هذا يكون معنى حديث ابن مسعود : [ إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً ثم يكون في ذلك ( أي في ذلك العدد من الأيام ) علقة (مجتمعة في خلقها) مثل ذلك ( أي مثلما اجتمع خلقكم في الأربعين ) ثم يكون في ذلك ( أي في نفس الأربعين يوماً ) مضغة ( مجتمعة مكتملة الخلق المقدر لها ) مثل ذلك أي مثلما اجتمع خلقكم في الأربعين يوماً ] وبهذا التوفيق بين النصوص يرتفع الخلاف .

    وقوله ( ثم يكون علقة مثل ذلك ) أي : ثم إنه يكون في الأربعين المذكورة علقة تامة الخلق ، متقنة محكمة الإحكام الممكن لها ، الذي يليق بنعمه سبحانه وتعالى .

    أوجه الإعجاز في الأربعين يوماً الأولى :

    1) جمع خلق الإنسان : قال عليه الصلاة والسلام : ( إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً ) فظاهر من الحديث أن خلق الإنسان يجمع في أربعين يوماً .

    ويقرر الأطباء بعد رحلة طويلة من الدراسة والتشريح الدقيق لجسم الجنين في الأربعين يوماً الأولى ، أن الأعضاء الرئيسية للإنسان جميعاً ، تتخلق واحداً بعد الآخر فلا تمر الأربعون يوماً الأولى إلا وقد اجتمعت جميع الأجهزة ، ولكن في صورة براعم .
    وتكون مجموعة في حيز لا يزيد عن سنتيمتر .

    كما أن الجنين يكون مجموعاً حول نفسه بالتفاف في شكل قوس ، أوي شبه حرف (C) بالإنجليزية.

    2) ( ثم يكون ، في ذلك علقة مثل ذلك ) .

    أي ثم يكون علقة مكتملة الخلق المقدر لها ، مثل ما اكتمل خلق الإنسان ، واجتمع في الأربعين يوماً الأولى ، كما سبق البيان .
    ويقرر العلم الحديث أن الجنين فيما بين اليوم الخامس عشر إلى اليوم الرابع والعشرين يأخذ صورة العلقة التي تسبح في البرك ، وتتعلق بالماشية
    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	image.png  مشاهدات:	6  الحجم:	73.4 كيلوبايت  الهوية:	812211






    (انظر إلى الصورة المقارنة في العلقة التي في البرك وبين الجنين ، وانظر الصور الأخرى التي تبين تطور الجنين ، حتى يكتمل له شكل العلقة ) ( شكل 6-3 ) ، (6-4) . ثم انظر بحث ( العلقة والمضغة ) .

    الشكل (6-3) : رسمان يوضحان أوجه التشابه بين العلقة ( الدودة ) والجنين البشري.

    أ) رسم لدودة عن كتاب :

    Permission from Hickman, C.P. et al, Integrated Principles of Zoology, 6 th ed . St. Louis , The C.V . Mosby Co., 1979
    .
    ب) رسم يظهر منظراً جانبياً لجنين في اليومين 24 و 25 من طور العلقة خلال عملية تكون الثنيات ويبين مقدم المخ وموقع القلب بإذن من :
    Permission from Moore, K.L . The Developing Human , Clinically Oriented Embryology 4th ed., Philadelphia, Saunders 1988
    .
    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	image.png  مشاهدات:	6  الحجم:	168.0 كيلوبايت  الهوية:	812212




    الشكل (6-4) : رسم بياني للجهاز القلبي الوعائي البدائي في الجنين خلال طور العلقة (حوالي اليوم 20) ويكون الجنين في هذا الطور معتمداً في غذائه على دم الأم . ويتضح لنا سبب وصف العلقة بالدم المتخثر نظراً لكميات الدم الكبيرة في الجنين والمشيمة بإذن من :

    Permission from Moore, K.L . The Developing Human , Clinically Oriented Embryology 4th ed., Philadelphia, Saunders 1988 .

    3) ( ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك ) وهذه معجزة أخرى تبين دقة الاسم الذي أطلق في القرآن الكريم والسنة النبوية ، على الطور الذي يأتي بعد طور العلقة ، وهو اسم : مضغة.

    كما يتجلى الإعجاز مرة ثانية في بيان أن طور المضغة يتطور تدريجياً ، حتى يأخذ شكل المضغة المستديرة المميزة بعلامات تشبه طبع الأسنان عليها ، وبسطح غير منتظم .

    (انظر تطور المضغة شكل 6-5 ، -6-6 ، 6-7 . للجنين في طور المضغة ) [76] وعندئذ سترى التطابق بين الاسم والمسمى ، مع أن الجنين من الصغر بحيث لا يزيد طوله عن (سنتيمتر) واحد ، أي بما لا يزيد عن عرض أنملة .

    وكما ذكرنا في حديث سابق فإن الأعضاء الأساسية في الداخل تبدأ في التمايز ، وتنتج الفراغات بين الكتل البدنية شكلاً أشبه بالمادة الممضوغة ، وبالتدريج يأخذ الجنين شكل المضغة .

    4) يدل الحديث على أن النطفة والعلقة والمضغة تتم خلال الأربعين يوماً الأولى بالرغم من أن الجنين خلال هذه الفترة يكون صغيراً جداً .
    والفترة الزمنية بينها قصيرة ، وتقدير عمر الجنين قبل اكتشاف البييضة وارتباط دورة الحيض بها أمر في غاية الصعوبة .
    والتحديد حينئذ عرضة للخطأ بزيادة أو نقص في تقدير عمر الجنين يصل إلى واحد وعشرين يوماً ، لأن الذي يقدر العمر لا يعلم متى بدأ الحمل من أول الطهر أم في آخره .

    كما أن النطفة ، والعلقة ، والمضغة ، التي ذكرها القرآن الكريم لم تكن معروفة أصلاً في تلك الأيام .
    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	image.png  مشاهدات:	6  الحجم:	119.7 كيلوبايت  الهوية:	812213



    الشكل 6-5 : رسومات للجنين خلال الأسبوع الرابع (أ) (ب) (ج) : مناظر جانبية للجنين تظهر 16،27،33 فقرة على التوالي . (أ) الجنين في اليوم الأخير من طور العلقة . (ب) ، (ج) الجنين في بداية طور المضغة .
    Permission from Moore, K.L . The Developing Human , Clinically Oriented Embryology 4th ed., Philadelphia, Saunders 1988
    .
    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	image.png  مشاهدات:	6  الحجم:	146.2 كيلوبايت  الهوية:	812214




    الشكل 6-6- رسومات توضح منظراً جانبياً للجنين في طور المضغة خلال الأسبوعين الخامس والسادس من التخلق . وتكون الأجزاء المكونة الأولى مجمعة كلها وتظهر على شكل براعم بعد أربعين يوماً بإذن من :
    Permission from Moore, K.L . The Developing Human , Clinically Oriented Embryology 4th ed., Philadelphia, Saunders 1988
    .
    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	image.png  مشاهدات:	6  الحجم:	72.0 كيلوبايت  الهوية:	812215



    الشكل 6-7 : (أ) صورة جنين في كيسه المخاطي وقد ظهر بعد فتح كيس المشمية (1×2) (ب) صورة مكبرة للجنين الذي يبلغ طوله (12) ملم (الطول من الإكليل إلى الكفل) خلال طور المضغة (41-42) يوماً (×6) .


    يكون الجنين مقوس الشكل وتكون أجزاء الأعضاء مجمعة خلال هذا الطور . وتكون حويصلات المخ وبدايات نصفي كرة الدماغ بارزة بشكل ملحوظ .
    بإذن من :
    Permission from Moore, K.L . The Developing Human , Clinically Oriented Embryology 4th ed., Philadelphia, Saunders 1988
    .
    المراجع
    21) القرآن الكريم .
    22) البرهان الكاشف عن إعجاز القرآن الكريم .
    23) حاشية الجمل على الجلالين ، ط . دار التراث العربي ، بيروت .
    24) فتح الباري شرح صحيح البخاري ، ط . دار المعرفة ، بيروت .
    25) صحيح مسلم ، ط . دار إحياء التراث العربي ، بيروت .
    26) مسند أحمد ، دار المكتب الإسلامي ، بيروت .
    27) المعجم الكبير للطبراني ، مطبعة ابن تيمية ، مصر .
    28) الترمذي ، ط دار إحياء التراث العربي ، بيروت .
    29) أبو داود ، ط دار الحديث ، حمص – سورياً .
    30) ابن ماجة ، ط المكتبة العلمية ، بيروت .
    31) مصنف عبد الرزاق ، ط المكتب الإسلامي ، بيروت .
    32) أو نعيم في الحلية ، ط دار الكتب العلمية ، بيروت .
    33) جامع الأصول في أحاديث الرسول y ط دار الفكر ، بيروت .
    34) جعفر الفريابي في الفتح ، ط دار المعرفة ، بيروت .
    35) المفردات للأصفاني ، ط دار المعرفة ، بيروت .
    36) المعجم الوسيط ، ط . دار إحياء التراث الإسلامي ، قطر .
    37) بحث العلقة والمضغة .
    38) بحث المصطلحات القرآنية .

    الهوامش:

    [67] صحيح مسلم ج4 ص 2036 ح 2643 ، وأصل الحديث رواه البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجة وأحمد في مسنده وعبد الرزاق في مصنفه ، وأبو نعيم في الحلية ، وروى أبو عوانة بسند ضعيف حديث عبد الله بن مسعود بإدراج لفظ (نطفة) بعد قوله ( أربعين يوماً ) فكانت الرواية هكذا : (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ، وهذا اللفظ ليس له أصل في جميع روايات البخاري ومسلم ، ولا غيرهما من الروايات فيكتب الأصول : انظر : ( فتح الباري 11/479) . وقال ابن حجر :
    وأما ما أخرجه أحمد من طريق أبي عبيدة قال : قال عبد الله رفعه : ( إن النطفة تكون في الرحم أربعين يوماً على حالها لا تتغير ) ففي سنده ضعف وانقطاع ، انظر : ( فتح الباري 11/481).
    I) دودة تعيش في البرك ( علقة ) .
    II) شيء معلق .
    III) قطعة من الدم الجامد . انظر : المفردات للأصفهاني ص 343 ، المعجم الوسيط 2: 622.

    [69] أخرج الحديث مسلم في صحيحه 4/2037 ح : 2645 . وله طريق آخر عند مسلم في الموطن السابق ح 2644 ، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير 3 : 178 ح 3044 ، وأبو داود في كتاب القدر ورقة 44-45 ، وجعفر الفريابي انظر فتح الباري 11/484.
    [70] انظر حاشية الجمل على الجلالين ج3 ص 185.
    [71] هو كمال الدين عبد الواحد بن عبد الكريم الزملكاني المتوفي عام 651هـ في كتابه البرهان الكاشف عن إعجاز القرآن .
    [72] يقصد حديث عبد الله بن مسعود الذي رواه البخاري .
    [73] قال الشيخ عبد العزيز بن باز : ( وهو مذكور في حديث الشفاعة عند قول الحسن البصري ( لقد حدثني وهو جميع منذ عشرين سنة ) انظر فتح الباري ج13 ص 474. ويشهد لذلك ما ذكره ابن الأثير في جامع الأصول : ج10 ص482 .
    رجل جميع : أي مجتمع الخلق قوي لم يهرم ولم يضعف.
    [74] البرهان الكاشف عن إعجاز القرآن لابن الزملكاني ص 275.
    [75] سورة الأنعام الآيتان : 153-154.
    [76] انظر بحث المصطلحات ، الأشكال من 8-13 – 8-18.
    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 20 أغس, 2020, 09:47 م.
    أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
    والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
    وينصر الله من ينصره

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة Islam soldier, 12 أكت, 2023, 07:10 م
ردود 3
73 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة Islam soldier
بواسطة Islam soldier
 
ابتدأ بواسطة Islam soldier, 10 أغس, 2023, 04:28 ص
رد 1
112 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة Islam soldier
بواسطة Islam soldier
 
ابتدأ بواسطة لخديم, 4 مار, 2023, 05:02 م
ردود 0
36 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة لخديم
بواسطة لخديم
 
ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 3 أكت, 2022, 01:26 ص
ردود 0
90 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة *اسلامي عزي*
بواسطة *اسلامي عزي*
 
ابتدأ بواسطة د. أحمد نصر الدين, 23 مار, 2022, 12:53 م
ردود 0
1,633 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة د. أحمد نصر الدين  
يعمل...
X