القرآن معجزة عقلية خالدة

تقليص

عن الكاتب

تقليص

مصطفى سيف مسلم اكتشف المزيد حول مصطفى سيف
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • القرآن معجزة عقلية خالدة

    القرآن معجزة عقلية خالدة



    تميزت الرسالة الإسلامية بأنها إنسانية عامة خالدة , وأن المعاني التي جاءت بها و الأهداف التي سعت إليها .
    تقررت في كتاب هو دليل والنبوة وبرهان صدقها , وهو في الوقت نفسه وعاء الهدى وكنز الخيرات التي جـــاء بها هذا الدين .
    ولم يقع هذا لِِِِِِنبوة مضت , فإن النبوات التي مضت كانت الرسالات فيها وصايا حسنة , وكلمات طيبة ,وعظات مقبولة وتوجيهات لا ريب فيها ..
    وربما كان الدليل الذي يساق دعماً لصا حبها و بياناً لأنه موفد من عند الله جلّ شأنه ربما كان خارقاً من خوارق العادات أو معجزة من المعجزات الحسيّة التي ترغم الناس علي التصديق.....
    لكن قلنا أن الله ربّي محمداً ليُربّي العرب به , وربي العرب بمحمد ليربي بهم الناس جميعاً .!!
    فهل خوارق العادات عندما تقع تكون سناداً له وتصلح تربية الأمة وصقلاً لمعدنها ورفعاً لخسيستها وبلوغاً بها إلي مستويات أزكي في الخلق وفي المسلك وإلي برامج أدق في الاقتصاد والاجتماع والسياسة ؟ لا خوارق العادات لا تؤدي هذه الرسالة .
    طلب العرب من النبي الخاتم عليه الصلاة والسلام أن تقع علي يديه هذه الخوارق : ( وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعاً (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاء كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ قَبِيلاً (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ (93) )- الإسراء- .
    هذه مقترحات القوم , فيها شيء من آما ل الصحراء , ينبوع يتفجر بالماء وسط الجدب ,أوبساتين ناضرة فيها العنب والبلح تكون طعاماً مبذولاً ميسراً , ورجل يركب فرساً من أفراس الخيال ليصعد إلي السماء و يعود كما تُصوّر الأساطير في ألف ليلة وليلة .!!
    هذه مقترحاتهم , ولكن الله عزّ وجلّ رفض هذه المقترحات كلها وأجري علي لسان نبيه هذا الجواب (قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَراً رَّسُولاً (93) – الإسراء.
    أنا بشر رسول لا أملك إلاّ ما يملكني , أنا أتلقّي الوحي وأُبلّغ ما أتلقاه (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ(6)-فصّلت. رسالتي أن أُحرك عقولكم , رسالتي أن انقي قلوبكم , رسالتي أن أُوحِّد صفوفكم , رسالتي أن أهز هذا المجتمع الراكد ليتحرك وينطلق.!!
    وبم يُهزُ المجتمع ؟ بهذا القرآن الذي يتلوه علي الناس !! إن هذا المجتمع لابد لكي يربي من أن يكون علي أخلاق أخري, كتابي هذا الذي شرفني به الله وأنزله علي قلبي هو المنهاج الذي حوي من القيم ما يزكّي الخلق , و من البرامج والأنظمة ما يد عم المجتمع ويجعل هذه الأمة فعلاً طليعة عالمية تقدم للناس الأفكار التي تنعشهم من خمول , وتحْطِم القيود التي كبّلتهم وكبّلت الإنسانية معهم دهراً , وتمحو الخرافات .
    معجزتي: كتاب يغيّر النفس الإنسانية , كتاب يرقي بالمجتمع البشري , كتاب يترجم عن أشواق الفطرة الإنسانية إلى الكمال و إلي السمو.
    يقول ابن رشد : إن الأدلة علي القضايا نوعان .. أدلة من جنس القضايا وأدلة من خارجها ,وضرب المثل
    وسأضرب أنا المثل رجل يدعي أنه مهندس , تقول له: ما دليلك ؟ يقول لك : أمشي علي الماء , ويمشي فعلاً علي الماء!!,,,,,, يقول ابن رشد : الواقع أن الرجل أتي بدليل يخضعني لأنه مشي علي الماء , وهذا للعادة ,
    ولكنه دليل من خارج القضية .. وهذا صحيح , لأنه لاصلة بين المشي علي الماء والهندسة .. لكن لو قال:دليلي علي إني مهندس أني أبني لك قصراً مُنيف الشرفات واسع الردها ت وبنيه فعلاً فهو بهذا الدليل العملي الذي هو من جنس القضية قد أثبن أنه مهندس. فأي الدليلين أقرب إلي نفسك وأدل علي صحة القضية التي انتصب لإثباتها ؟ بداهة الدليل الثاني لأنه من جنس القضية .يقول ابن رشد : إن دلالة القرآن علي نبوة محمد صلي الله عليه وسلم ليست كدلالة انقلاب العصا حية ولا إحياء الموتى وإبراء المرضي. فلأن تلك وان كانت أفعالاً لا تظهر إلا علي أيدي الأنبياء إلاّ أنها مقطوعة الصلة بوظيفة النبوة .. أما القرآن فدلالته علي صفة النبوة مثل دلالة
    الإبراء الهندسة ... يكفي أن رجلا جاء وقال : اسمعوا لي انتفعوا بي سيروا ورائي ما أطلب ملكاً ولا مالاً ولا لذة
    سأكون طليعتكم يوم أ طلب شيئا سأكون قبلكم منفذه يوم أكفلكم غُرْماً سأكون قبلكم دافعه اتصلوا بي وسيروا ورائي وانظروا ماذا سيكون .
    فأنظر وأجد أن الأصنام المعبودة قد تهشمت وكيف تهشمت ؟ فمشكلة الوثنية ليست في تحطيم الأصنام والدواء ليست في تحطيمها إنما الدواء أن تجيء لعابديها ونصحح لهم عقولهم وتغسل قلوبهم من الأدران وتعيد إليهم وعيهم الصحيح.. وإذا فعلت ذلك معهم فسيحطمون بأنفسهم أصناهم وهذه هي رسالة محمد صلى الله عليه وسلم
    رسالته أنه جاء الناس وقال لهم : أنتم لستم عيالا صغارا تحتاجون إلي من يمشي بكم في الطريق ,لا لقد كبرتم ,سأرسم لكم خريطة تبين لكم الطريق وما فيه من عقبات والمتاعب التي قد تلقاكم و الأعداء الذين يتربصون بكم فانظروا فيها واقرءوها جيداً وسأمشي معكم عشرون سنة أدربكم علي السير ....هذا هو الفارق بين الرسالة الخاتمة وبين غيرها من الرسالات هذا هو الفارق بين الإعجاز في رسالة محمد وبين الإعجاز في غيره من الرسالات... لو كانت معجزة محمد عصا قلبت جبل أحد إلي بستان لآمن بها من رآها ولكن من لم ير هذا سيقول : أنا لم أرهذا. لكن عندما أسمع آية من القرآن تقول : (قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16)- الرعد- وعندما أسمع هذا الكلام يحركني وأنا فى القرن الخامس عشر للهجرة ويحرك عقلي بهذه التساؤلات(قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (59) أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60) أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (61) أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ (62) أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (63) أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (64)
    -النمل-. القرآن بهذا التخاطب العقلي اشتبك مع دماغي وأنا في القرن الخامس عشر للهجرة
    وكأن صاحب الرسالة موجود الآن بيننا يقول(هاتُوا برهانكم)!!
    هذا منطق جديد يقول لي : اتبع الدليل العقلي ,احتكم إلي البرهان , انظر في الكون , انظر في نفسك , وازن بين الأفكار والمبادئ , قلب وجوه النظر في كل شيء!!
    إننا أمام كتاب عمله الأصلي أن يدخل إلي الأجهزة المعنوية في الكيان الإنساني ثم يدير مفتاح هذا الكيان فيضيء , كما تدخل مكاناً مظلماً فتضيء مصباحاً لإنارته .
    هذا القرآن كتاب يحرك العقل الإنساني , وتحريكه للعقل الإنساني يكون بوضع ضمانات حسنة لسير هذا العقل . يقول للعقل الإنساني : احترم نفسك , لا تتبع الأوهام لأتتبع الظنون لأتتبع التخمين , ابحث عن اليقينات . إن أمماً سبقت ضلت لأنها اتبعت التخمين والوهم : (وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (36)يونس.
    ويقول القرآن في ناس ضلّوا (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً (157) ـالنساء ـ نحن نبحث عن اليقين ولذلك يقول القرآن للإنسان :
    (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً (36) ـ
    الإسراء ـ لاتتبع ما تجهل , ابحث فيما يعرض عليك , كن طالب يقين , إن الظنون لا يليق أن تحرك الناس . والغريب أن الناس في كثير من الأزمنة والأمكنة تحركهم إشاعات باطلة
    وكلمات طائرة لا ترتكز علي يقينات! هذا المعني في الرسالة الإسلامية هو الذي جعل نبينا عليه الصلاة والسلام يقارن بين دليل الإعجاز كما خصه القدر به ودليل ألإعجازكما في النبوات الأولي فيقول:"ما من الأنبياء من نبي إلاّ قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشير وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحي الله إليّ فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة " ـ رواه
    البخاري ـ لِمَ يكون أكثر الأنبياء تابعاً يوم القيامة ؟لأن أكثر الكتاب الذي جاء به يجدد الإيمان في كل عصر!!
    افرض أنّي وجدت نسخة من القرآن في أي قارة , في أي بلد , في أي زمن , وأخذت أتأمل في هذا الكتاب , إنني سأجد الحديث في هذا الكتاب حديثاً إنسانياً , حديثاً عن الله رب العالمين لا حديثاً عن الله رب إسرائيل فقط كما جاء في العهد القديم , لا سأجد حديثاً عن الله
    بديع السموات والأرض , سأجد رب العالمين يُعَرِّف نفسه للناس فيقول (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (40) ـ الروم ـ ويقول(اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (61) ـ غافر ـ هذا التعريف بالله فيه لفتٌ لنظري إلي الكون , بل لفتٌ لنظري إلي نفسي :( وفي أنفسِكُمْ أفلاَ تُبصِرونَ ) ـ الذاريات 21 ـ ويقول : ( فلْينُظر الإنسانُ مِمَّ خُلِق) ـ 5الطارق ـ وهناك أسئلة تعطي دفعة علمية تأمل في قوله :( أفَلاَ ينظرونَ إلي الإبل كيفَ خُلِقَتْ ) ـ 17 الغاشية ـ .
    كيف : هذا سؤال علمي يجعل العقل البشري يبحث ! لكن للأسف الأمة العربية التي قلت في أول الحديث أن الله رباها بمحمد صلي الله عليه وسلم ليربي بها الناس , هذه الأمة لم تحسن أن تتجاوب مع التراث الغالي الذي شرفها به الله , ولم ترفع مستواها الفكري لتكون عند حسن الظن بها , ومن باب الإنصاف أقول : إن هذا التخلف العربي طارئ وما هو بأصيل في تاريخنا . والحقيقة أن العرب يوم ظهروا كانوا ـ بتعبير العصر الحديث ـ طليعة تقدمية فكرية واجتماعية طفرت بالمجتمع العالمي ـ علي عهدها ـ طفرة رحيبة , كان العرب يمثلون يومئذ أرقي أطوار الفكر البشري والتقدم الاجتماعي , ويعجبني أن مؤرخين منصفين تحدثوا عن دور العرب في هذا الموضوع . كنت أقرأ كتاب " معالم تاريخ الإنسانية لـ "ولز"
    وهو يتحدث عن تاريخ الإنسانية فقال ما خلاصته : إنه من الغَبن للحق أن نتصور الفتح العربي غزواً عسكرياً فهذا غير صحيح , لقد كان الفتح العربي يمثل انفجارات فكرية واجتماعية صاحبت تقدمه علي أنقاض الاستعمار الروماني الذي شغل الناس بجدل بيزنطي وبحث لاهوتي مرهق عن العلاقة بين التثليث والأقانيم وما إلي ذلك.
    فكان مجئ الإسلام بسهولته في تصور العقيدة , وبالعدل الاجتماعي الذي وفره للجماهير الكادحة , وبالحريات و الكرامات الإِنسانية التي نشرها بين الناس كان ذلك هو الذي وطَّد أركانه ، وجعل العرب لا يعتمدون علي القوة العسكرية في بقائهم , إنما يعتمدون علي المبادئ والمثل في إقبال الناس عليهم وترحيبهم بهم !!
    هذا هو الكلام – وتقريباً – الذي قاله المؤرخ الانكليزي (( ولز)) في كتابه (( معالم تاريخ الإِنسانية )).
    والواقع أني تصورت العرب يومئذ أشبة بالقاطرة التي تشد وراءها سبعين عربة !! العربات – وحدها – كانت موجودة جاثمة في مكانها لا تتحرك محتاجة إلي جهاز قوي يَشُدّ , من الذي صنع الجهاز ؟ من الذي صنع الأمة القاطرة التي شدَّت هذا القطار من العربات ؟ إنه القرآن , القرآن هو الذي كوّن هذا كله !!
    القرآن هو الذي ضبط سلوكهم وأحكم أمورهم روقَّي مستواهم وجعلهم يُمسكون بالقلم الأحمر لينظروا في فلسفات الإِغريق و السُّريان والهنود وآداب الفرس وغيرها ثم ما رأوه صحيحاً استبقوه و نَمَّوْه , وما رأوْه خطأ شطبوه !!
    وكل هذا يعطيك فكرة عن المستوي العلمي الهائل الذي صنعه القرآن للأمة العربية وجعلها طليعة عالمية بالحق لا بالادعاء , بالقدرة لا بالتصنع .
    القرآن لا يزال بين أيدينا ما أرتفع , السنة لا تزال بين أيدينا ما اختفت , أسباب النهوض موجودة في الأمة الإسلامية , والأمة الإسلامية تستطيع أن تؤدي دورها التاريخي للعالم أجمع يوم ترجع إلي القرآن الكريم الذي شرفها الله به وجعلها أرقي أمم الأرض علي الإِطلاق .
    أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم وصلي الله علي سيدنا محمد وآله وسلم .
    والسلام عليكم ورحمته الله وبركاته

    ـــــــــــــــــــــــ
    محاضرة للشيخ محمد الغزالي " في إصلاح الفرد والمجتمع .

  • #2
    جزاك الله خيرا على نقل هذه المحاضرة الرائعة
    لا اله الا الله محمد رسول الله

    وليس في إسلامنا ما نخجل منه، وما نضطر للدفاع عنه، وليس فيه ما نتدسس به للناس تدسساً، أو ما نتلعثم في الجهر به على حقيقته ،ونحن لا ندعو الناس إلى الإسلام لننال منهم أجراً. ولا نريد علوّاً في الأرض ولا فساداً. ولا نريد شيئاً خاصاً لأنفسنا إطلاقاً، وحسابنا وأجرنا ليس على الناس. إنما نحن ندعو الناس إلى الإسلام لأننا نحبهم ونريد لهم الخير، مهما آذونا..

    تعليق


    • #3
      رحمك الله يا غزالي .. القرآن يتحدث عن رب العالمين ..
      جملة رائعة حقاً ..
      من معجزات القرآن العقلية الخالدة ما جاء في الآية الثامنة من سورة المائدة:
      يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا:
      1- كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ
      2- شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ
      3- وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا
      4- اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ
      5- وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8)

      الله أكبر .. لا تعليق ..

      تعليق


      • #4

        وما أعجبني في محاضرة الغزالي رحمة الله عليه وكلها عجب!!!!:
        ـ [ الله ربّي محمداً ليُربّي العرب به , وربي العرب بمحمد ليربي بهم الناس جميعاً .!!].
        ـ [افرض أنّي وجدت نسخة من القرآن في أي قارة , في أي بلد , في أي زمن , وأخذت أتأمل في هذا الكتاب , إنني سأجد الحديث في هذا الكتاب حديثاً إنسانياً , حديثاً عن الله رب العالمين لا حديثاً عن الله رب إسرائيل فقط كما جاء في العهد القديم , لا سأجد حديثاً عن الله
        بديع السموات والأرض , سأجد رب العالمين يُعَرِّف نفسه للناس فيقول (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (40) ـ الروم ـ ويقول(اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (61) ـ غافر ـ هذا التعريف بالله فيه لفتٌ لنظري إلي الكون , بل لفتٌ لنظري إلي نفسي :( وفي أنفسِكُمْ أفلاَ تُبصِرونَ ) ـ الذاريات 21 ـ ويقول : ( فلْينُظر الإنسانُ مِمَّ خُلِق) ـ 5الطارق ـ وهناك أسئلة تعطي دفعة علمية تأمل في قوله :( أفَلاَ ينظرونَ إلي الإبل كيفَ خُلِقَتْ ) ـ 17 الغاشية ـ ..كيف : هذا سؤال علمي يجعل العقل البشري يبحث ! ].
        ـ [لكن للأسف الأمة العربية التي قلت في أول الحديث أن الله رباها بمحمد صلي الله عليه وسلم ليربي بها الناس , هذه الأمة لم تحسن أن تتجاوب مع التراث الغالي الذي شرفها به الله , ولم ترفع مستواها الفكري لتكون عند حسن الظن بها , ومن باب الإنصاف أقول : إن هذا التخلف العربي طارئ وما هو بأصيل في تاريخنا . ].
        ـ [ والأمة الإسلامية تستطيع أن تؤدي دورها التاريخي للعالم أجمع يوم ترجع إلي القرآن الكريم الذي شرفها الله به وجعلها أرقي أمم الأرض علي الإِطلاق .]

        تعليق

        مواضيع ذات صلة

        تقليص

        المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
        ابتدأ بواسطة Islam soldier, 12 أكت, 2023, 07:10 م
        ردود 3
        64 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة Islam soldier
        بواسطة Islam soldier
         
        ابتدأ بواسطة Islam soldier, 10 أغس, 2023, 04:28 ص
        رد 1
        81 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة Islam soldier
        بواسطة Islam soldier
         
        ابتدأ بواسطة لخديم, 4 مار, 2023, 05:02 م
        ردود 0
        32 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة لخديم
        بواسطة لخديم
         
        ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 3 أكت, 2022, 01:26 ص
        ردود 0
        84 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة *اسلامي عزي*
        بواسطة *اسلامي عزي*
         
        ابتدأ بواسطة د. أحمد نصر الدين, 23 مار, 2022, 12:53 م
        ردود 0
        1,565 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة د. أحمد نصر الدين  
        يعمل...
        X