ختان الإناث بين الدين والسياسة .

تقليص

عن الكاتب

تقليص

AH@SH اكتشف المزيد حول AH@SH
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ختان الإناث بين الدين والسياسة .

    الشيخ . السيد عبد المقصود عسكر .




    قضية ختان الإناث التي أثيرت بقوة في الآونة الأخيرة ، وتناولتها وسائل الإعلام بحفاوة كبيرة، وخاض فيها الخائضون تمثل – في نظري – بيانا عمليا لما هو مقصود من إطلاق شعار " لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة " وهو الشعار الذي تبناه الدستور المصري في تعديلاته الجديدة .


    وإذا كان البعض يظن – بحسن نية – أن الشعار يعني الفصل بين الدين والسياسة بحيث يكون للدين مجاله وللسياسة مجالها دون تداخل أو ربط بينهما فإنهم واهمون.
    ذلك لأن التجارب العلميه أثبتت – وما زالت تثبت – أن المقصود هو حصار الدين ومنعه من أن يكون له أي دور في تنظيم شئون الحياة ومنع كل دعاة الإصلاح باسم الدين من إبداء رأيهم أو ممارسة أي نشاط يمت إلي السياسة بصلة .


    وفي الوقت نفسه يفتح المجال واسعا أمام أهل السياسة ليخوضوا في كل الشئون ويتحدثوا في كل القضايا وفق أهوائهم بعيداً عن موقف الدين من القضية المطروحة بحيث لا يكون للدين أي سلطان عليهم.
    بمعني أن ليس من حق الدين أن يوجه السياسة ويرشدها ، أو يهدي السياسيين إلي ما يحبه الله ورسوله. بينما يحق للسياسيين أن يوجهوا الدين نفسه ويطوعوا تعاليمه إلي ما يريده أهل السياسة وليس لعلماء الدين أن يتحدثوا في أي شأن من شئون الحياة إلا إذا كانت أقوالهم تدور في الفلك الذي يرضي أهل السياسة.
    وهو حال يعني جواز تسييس الدين وعدم جواز تديين السياسة.

    والأمثلة التي تؤكد أن هذا هو مقصدهم ومسلكهم كثيرة.
    وطرح قضية ختان الإناث بالطريقة التي تطرح بها الآن مثال صارخ علي صدق ما أقول.
    إذ أن قضية ختان الإناث شأنها شأن كل شئون الحياة لم يهملها الإسلام باعتباره دينا وصفه الله بالكمال والتمام في قوله عز وجل ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً )( المائدة : 3 ).


    وقد كان العلماء والفقهاء يتناقشون ويتحاورون دائما حول كل شئون الحياة في إطار تعاليم الإسلام، وقد يتفقون وقد يختلفون حسب ما يؤدي إليه اجتهاد كل منهم فيما هو من مسائل الاجتهاد. وفق القواعد والأصول وليس اتباعا للهوي أو إرضاء لحاكم أو محكوم. ولهذا كانوا مأجورين غير مأزورين علي كل حال أصابوا أم أخطأوا.


    لكننا اليوم أصبحنا أمام أوضاع جديدة وخطيرة يتم فيها تحريف الكلم عن مواضعه. ويروج فيها لأي رأي في أي مسألة ما دام يوافق هوي أهل الحكم والسياسة ، والعكس صحيح.
    ومن يراجع كتب السنة وأقوال فقهاء المذاهب يجد أن قضية ختان الإناث فصلها الدين الحنيف وأصدر فيها حكمه.
    فما موقف الدين في هذه القضية مجرداً من الهوى والغرض ومتحرراً من أي ضغوط خارجية أو داخلية ؟. سنعرض لهذا فيما يلي .


    أولا:- من المعلوم أن الختان بشكل عام من الفطرة ، التي تعني أصل الخلقة ، كما تعني الدين والسنة أي الملة والطريقة . يقول الله تعالي ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) ( الروم : 30 ).


    ووصف الختان بأنه من الفطرة جاء في الحديث الشريف الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم " الفطرة خمس . أو خمس من الفطرة ، الختان و الاستحداد ونتف الإبط وقص الشارب وتقليم الأظافر ".


    ويظهر من كلام الإمام البيضاوي في شرحه لهذا الحديث أن الختان عام للذكر والأنثى حيث قال " إن معني الفطرة في هذا الحديث تتمثل في مجموع ما ورد من أن الفطرة هي السنة القديمة التي أختارها الأنبياء واتفقت عليها الشرائع فكأنها أمر جبلي ينطوون عليه (1) .


    ويقول الإمام الشوكانى في كتابه " نيل الأوطار " : " إن تفسير الفطرة بالسنة لا يراد به السنة الاصطلاحية المقابلة للفرض والواجب والمندوب ، وإنما يراد بها الطريقة – أي طريقة الإسلام – لأن لفظ السنة علي لسان الشرع أعم من السنة في اصطلاح الأصوليين (2) .


    والإمام ابن حجر العسقلانى في شرحه لهذا الحديث في كتابه " فتح الباري شرح صحيح البخاري " بقول بمثل ذلك (3) .
    ومعلوم أن العام يبقي علي عمومه ولا يجوز تخصيصه إلا بدليل يخصصه ولا وجود لهذا الدليل.


    ومن المعلوم أن الختان من ملة إبراهيم أبي الأنبياء وخليل الرحمن عليه السلام. ودليل ذلك ما رواه البخاري ومسلم أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال : " اختتن إبراهيم وهو ابن ثمانين سنة " كما أن الختان معترف به في التوراه التي بأيدي اليهود والنصارى وهي العهد القديم في مصطلح النصارى .
    وورد في الأناجيل أن " شاؤل " الذي يسمي باسم " بولس الرسول " كان يفاخر بأنه مختون علي دين اليهودية .
    ثانيا :- جاء في الحديث الشريف عن عائشة رضي الله عنها فيما رواه الإمام أحمد والشافعي والبيهقى وغيرهم أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : " إذا التقي الختانان فقد وجب الغسل ".
    والمعني : إذا التقي موضع الختان من الرجل وموضع الختان من المرأة فقد وجب عليهما الغسل.


    ومن المعلوم أنه يجب فهم الألفاظ الواردة في الكتاب والسنة علي ما تدل عليه في أصلها ولا يجوز تأويلها وصرفها عن ظاهرها إلا إذا وجد مانع قوي يمنع إرادة هذا المعني الظاهر. وبما أنه لا وجود هنا لهذا المانع فيبقي النص علي ظاهره ومعناه الأصلي دون تأويل، و أي تأويل في هذه الحالة يصبح تكلفا أو تعسفا . وتحريفا للكلم عن مواضعه. وهو مسلك يهودي ذمه القرآن الكريم و عابه عليهم.
    ثالثا:- مما لا شك فيه أن ختان الإناث معمول به في كثير من البلاد وعند كثير من الأمم قديما وحديثا . وكان موجوداً في بلاد العرب قبل الإسلام وبعد الإسلام .


    وفي الأحاديث النبوية الشريفة ما يدل علي ذلك فقد روي البخاري في أحداث غزوة أحد أن رجلا من المشركين اسمه سباع راح يتحدى المسلمين وينادي بأعلى صوته : هل من مبارز ؟ فخرج إليه أسد الله حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه وقال : يا سباع يا ابن أم أنمار مقطعة البظور أتحاد الله ورسوله ثم شد عليه وقتله وأصبح كأمس الذاهب ".


    وأيضا روي أبو داود والحاكم في المستدرك. وروي الإمام أحمد عن أم عطية رضي الله عنها : أن امرأة كانت تختن بالمدينة. فقال لها النبي صلي الله عليه وسلم " لا تنهكي فإن ذلك أحظى للزوج وأسري للوجه ".
    يقول فضيلة الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر السابق رحمه الله : وقد جاء ذلك مفصلا في رواية أخري تقول " إنه عندما هاجر النساء كان فيهن أم حبيبة وقد عرفت بختان الجواري فلما رآها رسول الله صلي الله عليه وسلم قال لها : يا أم حبيبة هل الذي كان في يدك هو في يدك اليوم ؟. فقالت : نعم يا رسول الله إلا أن يكون حراما فتنهاني عنه . فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم : بل هو حلال " فادن " مني أعلمك. فدنت منه ، فقال : يا أم حبيبة إذا أنت فعلت فلا تنهكي فإنه أشرق للوجه وأحظى للزوج ".


    ويكفينا في الاستدلال بهذه الأحاديث علي مشروعية ختان الإناث إثبات أنه كان موجوداً علي عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم وأنه علم به ولم ينكره، وإنما أقره، وبهذا أصبح داخلا في دائرة السنة التقريرية ، كما هو معروف عند العلماء .


    وعلي من يري خلاف ذلك أن يأتي بدليل ولو ضعيف فيه نهي عن ختان الإناث .


    وأما ما يقوله البعض عن حديث أم عطية إنه ضعيف فقد غفلوا أو تغافلوا عن أقوال العلماء الذين قالوا بوجود شواهد له تقويه بل قالوا بوجود روايات له صحيحة. فقد أخرجه السيوطى في الجامع الصغير من رواية الطبرانى والحاكم عن الضحاك بن قيس. وأشار إليه بعلامة الصحة. كما أن الحافظ ابن حجر في فتح الباري بعد ما نقل قول أبي داود عن حديث أم عطية : ليس بالقوي ، عقب علي ذلك بقوله : وله شاهدان من حديث أنس ومن حديث أم أيمن عن أبي الشيخ في كتاب العقيقة. وآخر عن الضحاك بن قيس عند البيهقي ".
    ويقول الإمام أحمد : وفي هذا دليل علي أن النساء كن يختتن .


    ملحوظات هامة :-


    الأولي :- جرت عادة الفقهاء عند بحثهم لموضوع ختان الإناث استعمال كلمة أخري تميز ختان الإناث عن ختان الذكور وهي كلمة " الخفاص " فيقولون " خفاص الإناث " وهي كلمة أكثر تعبيراً عما هو مقصود شرعا إذ أن ما جاء في الأحاديث يدل علي أن المطلوب هو قطع الجلدة المستعلية فوق البظر وليس قطع البظر كله وهو الخفاص المشروع .


    الثانية :-أم حبيبة المذكورة في الحديث ليست أم المؤمنين السيدة أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنها .


    الثالثة :- بعد بيان درجة الحديث والاعتماد علي أقوال من قالوا بصحته من الأئمة فيه قول رسول الله صلي الله عليه وسلم عن ختان الإناث " بل هو حلال " وهذا حكم رسول الله فيه. وعلي من يقول بحرمته أن يتهيأ للمحاججة مع رسول الله يوم القيامة.


    رابعا:- من كل ما سبق نقول : إن الحق – في رأينا – هو ما توصل إليه فضيلة الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر السابق في قوله : " ومن هنا اتفقت كلمة فقهاء المذاهب علي أن الختان للرجال والنساء من فطرة الإسلام وشعائره وأنه أمر محمود.


    ولم ينقل عن أحد من العلماء – فيما طالعنا من كتبهم التي بين أيدينا – قول بمنع الختان للرجال والنساء أو عدم جوازه وإضراره بالأنثى إذا هو تم علي الوجه الذي علمه الرسول صلي الله عليه وسلم لأم حبيبة.
    أما الاختلاف في وصف حكمه بين واجب وسنة ومكرمة فيكاد يكون اختلافا في الاصطلاح الذي يندرج تحته الحكم (4) .


    خامسا :- وعلي هذا الأساس جاءت أقوال العلماء الراسخين والفقهاء المخلصين علي الوجه الآتي.


    يقول الإمام ابن قيم الجوزية في كتابه " تحفه المودود ":-


    قال الشعبي و ربيعة و الأوزاعي و يحيي بن سعيد الأنصاري ومالك والشافعي وأحمد : هو واجب. وشدد فيه مالك حتى قال : من لم يختتن لم تجز إمامته ولم تقبل شهادته.


    ونقل كثير من الفقهاء عن مالك إنه سنة . حتي قال القاضي عياض : الإختتان عند مالك وعامة العلماء سنة ، ولكن السنة عندهم يأثم تاركها ، فهم يطلقونها علي مرتبة بين الفرض والندب (5) .


    وفي فقة الإمام الشافعي أن الختان واجب علي الرجال والنساء (6) .


    وفي فقة الإمام أبي حنيفة أن الختان للرجال سنة وهو من الفطرة، وللنساء مكرمة. فلو اجتمع أهل مصر – أي بلد – علي ترك الختان قاتلهم الإمام لأنه من شعائر الإسلام وخصائصه (7) .


    وخلاصة أقوال الفقهاء أنهم اتفقوا علي أن الختان في حق الرجال والخفاص في حق النساء مشروع (8) .

    سادسا:- سبق أن خصصت مجلة نور الإسلام عددها الصادر في شهر رمضان 1370 هـ الموافق لشهر يوينة 1951 م لبحث قضية ختان البنات واستطلاع آراء العلماء فيه . فلم تخرج أقوالهم في مجموعها عما ذكرناه.
    وكان من بين العلماء الذين شاركوا بإبداء الرأي فضيلة الشيخ إبراهيم حمروش وفضيلة الأستاذ علام نصار بك مفتي الديار المصرية و فضيلة الأستاذ محمد محمد اللبان، وفضيلة الشيخ محمود شلتوت وغيرهم رحمهم الله، وبعض هؤلاء تولي مشيخة الأزهر فيما بعد.


    سابعا :- لقد تحدث الفقهاء عن السن التي يتم فيها الختان وعن كيفيته بالنسبة للذكور والإناث علي السواء.


    وخلاصة أقوالهم ذكرها فضيلة الشيخ جاد الحق علي جاد الحق رحمه الله فقال " ومن ثم أميل إلي الفتوى بتفويض أمر تحديد وقت وسن الختان للولي بمشورة الطبيب للتثبت من طاقة المختون – ذكراً كان أو أنثي – ومن مصلحته ، ويكون هذا قبل البلوغ الطبيعي لكل منهما (9) .


    وأما كيفيته بالنسبة للإناث كما علمها رسول الله صلي الله عليه وسلم لأم حبيبة رضي الله عنها وكما بينها الفقهاء فهي عبارة عن قطع الجلدة المستعلية أو النواة التي فوق البظر دون أصلها ، ولا يستأصل البظر نهائيا.
    وهو ما أشار إليه الرسول صلي الله عليه وسلم من قوله – في بعض روايات الحديث – " أشمى ولا تنهكي " أي اتركي الموضع أشم والأشم هو المرتفع.


    وقد أكد الثقات من الأطباء أن البظر – في بعض الحالات – قد يكون طويلا جداً بشكل منفر. وقد يكون ضامراً وصغيراً في حالات أخري.


    ومعني هذا أن القول بمنع ختان الإناث علي الإطلاق بعيد عن الصواب ومخالف لحكم الشريعة الإسلامية – كما بينا – وكذلك القول بلزوم القيام بعملية الختان في كل الأحوال يتنافي مع الواقع.
    ولهذا فإن الحكم الصائب يتمثل في عرض كل حالة علي الطبيب المختص ليقرر ما إذا كانت الحالة تستدعي إجراء عملية ختان أم لا.


    والتوجيه النبوي الكريم عن الكيفية المثلي لإجراء هذه العملية يشير إلي أنها ينبغي أن تتم بمعرفة الخبير أو الطبيب الثقة.


    كما يشير أيضا إلي أن هذه العملية إذا تمت علي الوجه الذي بينه الرسول صلي الله عليه وسلم فإنها تؤدي إلي ضبط ميزان الحس الجنسي عند الفتاة، فقد أمر بخفض الجزء الذي يعلو فوق مخرج البول لضبط الاشتهاء مع الإبقاء علي لذات النساء واستمتاعهن مع أزواجهن ، ونهي عن إبادة مصدر الحس واستئصاله.


    وبذلك يتحقق الاعتدال فلم يعدم المرأة مصدر الاستمتاع والاستجابة ولم يبقها دون خفض فيدفعها إلي الاستهتار وعدم القدرة علي التحكم في نفسها عند الإثارة.


    هذا ما انتهي إليه الفقهاء والعلماء الراسخون في بيان موقف الدين من هذه القضية بعيداً عن الهوي والغرض.


    فإذا انتقلنا بعد ذلك إلي الموقف السياسي في هذه القضية – كما في غيرها – سنجد أن السياسيين الذين لا يتخذون الدين هاديا أو مرشداً حينما يتحدثون أو يكتبون لا ينظرون إلي النصوص نظرة موضوعية مجردة لاستخلاص الحكم الشرعي من هذه النصوص بالإضافة إلي أن الكثيرين منهم ليسوا أهلا للاجتهاد في المسائل الفقهية .


    ونلاحظ علي الكثيرين ممن شاركوا بالرأي في هذه القضية أنهم جازفوا بإصدار أحكام لا يؤيدها دليل من كتاب أو سنة أو إجماع وقد جاءت منا قضة لما تنطق به النصوص.
    وغالبا يكون الدافع لهم علي هذا السلوك إرضاء أهل الحكم والسياسة وتبرير ما يريدون. ولهذا فإنهم يتعاملون مع النصوص الواردة حول القضية بالقول بأن بعضها ضعيف لا يصح الاستدلال به. متغافلين عن باقي الأدلة التي تعارض أهواءهم. و يلجأون إلي أراء متهافتة وشعارات خداعة مثل : الحفاظ علي كرامة الإنسان واحترام آدميته ومنع إيذائة نفسيا أو بدنيا. ومثل. انتهاك جسد المرأة ، أو تشويه الأعضاء التناسلية للفتاة .
    وكأنهم أحرص علي عباد الله من خالقهم الذي خلقهم وشرع لهم من الأحكام ما يضمن لهم السعادة في الدنيا والآخرة.


    ومن الأمثلة الدالة علي هذا السلوك ذلك المؤتمر الذي مولته جهة أجنبية معادية للإسلام وتم اختيار عنوانه هكذا " حظر انتهاك جسد المرأة " والمقصود بهذا الانتهاك ختان الإناث والمعني واضح جداً. وهو توجيه المؤتمرين للوصول إلي هذه النتيجة وتأكيد أن ختان الإناث انتهاك وعدوان علي جسد المرأة. ومطلوب إصدار حكم بتحريمه وتسخير النصوص لخدمة الأهواء علي خلاف مدلولها.
    إن هناك منظمات وجمعيات متعددة تتبني الحملة الناهضة لختان الإناث وتعمل لها منذ سنوات. وبعض هذه الجمعيات تبشيرية وبعضها يسيطر عليها اليهود وبعضها جمعيات ومنظمات محلية تعمل وفق الأجندة الغربية بسبب التمويل الأجنبي الذي يأتيها من الخارج وبسبب هوي القائمين علي أمرها. وسنذكر بعضها فيما يلي:-


    1. منظمة " تارجت " الألمانية اليهودية ومؤسسها هو " رود يجرنيرج " اليهودي الألماني. وهذه المنظمة هي التي مولت المؤتمر الذي دعت إليه دار الإفتاء المصرية وانعقد بقاعة المؤتمرات بالأزهر يومي 22، 23 / 11 / 2006 م.


    2. أسهم في تمويل هذا المؤتمر الوزيرة الاتحادية الألمانية السيدة " هايدى مارس فيستوريك " للمساعدة في إنجاح المؤتمر كي يصدر حكما بتحريم ختان الإناث. وقد قالت هذه الوزيرة " إن القرار الذي يجب أن يصدر عن مؤتمر دار الإفتاء والأزهر الأكثر شهرة في العالم الإسلامي لا يمكن أن يقدر بالمال الذي رصد وذلك لأهميته الدينية والسياسية "


    ( وهكذا حددت هذه السيدة القرار الذي يجب أن يصدره المؤتمر قبل انعقاده ).


    3. منظمة " بلان انترناشيونال إيجبت " التبشيرية ومركزها الرئيسي بالولايات المتحدة الأمريكية. ومؤسسها يهودي أمريكي يدعي تيموثي فاريل " . ولها مكتب في القاهرة بشارع المتحف بالمنيل .
    ومدير برنامجها المناهض لختان الإناث هو الدكتور " أيمن صادق " وقد نشرت صحيفة الأهرام في 10/7/2007 م وصحيفة المصري اليوم في 26/7/2007 م تصريحا للدكتور أيمن صادق يقول فيه : إن كلا من مكتب منظمة بلان في ألمانيا والسفارة الهولندية بالقاهرة قد أعلنتا عن تقديم منحة قيمتها مليون دولار لتنفيذ مشروع التوعية ضد ختان الإناث في خمس محافظات هي : القاهرة والإسكندرية والجيزة والبحيرة والقليوبية .


    4. المنظمة المصرية لحقوق الإنسان وهي منظمة مدعومة من الخارج ولا يسمع لها صوت في الدفاع عن حقوق المصريين الذين يعتقلون تعسفيا ويقتلون في مقار أمن الدولة و مراكز الشرطة. والذين يحالون إلي المحاكم العسكرية ظلما وعدوانا.


    بينما هي تتبني الحملة المناهضة لختان الإناث منذ سنوات فقد جاء في تقريرها لعام 95/1996 م المطالبة بضرورة الضغط علي السلطات التشريعية لسن قانون يحرم ختان الإناث. وقد حاولت إثبات خطأ فتوي الشيخ جاد الحق شيخ الأزهر السابق. وخطأ فتوي مجمع البحوث الإسلامية حول مشروعية ختان الإناث .


    5. المجلس القومي للأمومة . وللسيدة مشيرة خطاب الأمين العام لهذا المجلس نشاط بارز في محاربة ختان الإناث وفي إدخال تعديلات علي قوانين الأحوال الشخصية تناهض الشريعة الإسلامية وقد نشرت جريدة الأهرام يوم 19/8/2007 م صفحة 9 ما يلي تحت عنوان " المجلس القومي للأمومة ينظم ملتقى لمناهضة ختان الإناث بالغربية "


    • حيث قالت : إن المجلس قد وضع صياغة لقانون جديد يحرم ممارسة ختان الإناث.


    • و طالبت كل المؤسسات الحكومية والتعليمية والدينية والمدينة والأطباء بضرورة التوعية بأهمية الجزء الذي يتم بتره في الختان .


    • وادعت بأن المجلس قد وثق كل الحقائق العلمية والدينية والتاريخية والقانونية الخاصة بتحريم ختان الإناث.



    ( والحقيقة الناصعة تناقض كل ما ادعته السيدة مشيرة خطاب ).


    عود علي بدء :- وإذا عدنا إلي مؤتمر دار الإفتاء الذي انعقد تحت عنوان " حظر انتهاك جسد المرأة " وما جري في هذا المؤتمر يظهر لنا بوضوح كيف يتم تسخير الدين لأهواء أهل السياسة . ونوجز الأمر فيما يلي :-
    1. علي الرغم من أن عنوان المؤتمر ( المؤامرة ) هو " مؤتمر العلماء العالمي نحو حظر انتهاك جسد المرأة " إلا أن هؤلاء العلماء قد منعوا من المشاركة في صياغة توصيات المؤتمر. كما حرموا حتى من مناقشة هذه التوصيات.


    2. إن علماء الأزهر الذين حضروا المؤتمر. وهم الدكتور يوسف القرضاوى والدكتور نصر فريد واصل والدكتور محمد رأفت عثمان صوتوا ضد تحريم ختان الإناث. وعلي الرغم من ذلك صدرت توصيات المؤتمر علي خلاف آرائهم.


    3. علي الرغم من أن الدكتور محمد رأفت عثمان هو الذي قام بتلاوة توصيات المؤتمر فإنه أعلن بعدها عن عدم رضائه عن هذه التوصيات وقال : بأنها غير موفقة لأن التحريم بشكل عام غير جائز شرعا.


    4. كان واضحا تماما أن المؤتمر قد سار بشكل منحاز وموجه في اتجاه واحد وهو تحريم ختان الإناث بسبب ضغوط ظاهرة من السيدة مشيرة خطاب ومن رئيس منظمة " تارجت " اليهودي الألماني الذي مول المؤتمر .


    5. علي الرغم من كون المفتي هو راعي المؤتمر فإنه لم يحضر جلسة تلاوة التوصيات واكتفي بحضور جلسة الافتتاح هو و شيخ الأزهر ووزير الأوقاف. ويبدو أن لذلك مغزاه .


    6. كان قد أعلن سلفا عن عقد مؤتمر صحفي لكنه تم إلغاء هذا المؤتمر دون ذكر الأسباب فماذا يعني هذا ؟ هل تم الإلغاء منعا للفضائح.


    7. حرص المؤتمر علي عرض وجهة نظر طبية واحدة للدكتور أحمد رجاء عبد الحميد الذي يعمل بالمركز الدولي الإسلامي للدراسات السكانية والتي عارض فيها ختان الإناث وادعي بأن كل الأطباء في مصر يجمعون علي تحريم الختان .


    وهذا غير صحيح لأن كثيراً من الأطباء يطالبون بتنظيم الختان وليس منعه وتؤيد هذا الرأي جمعية الأخلاق الطبية. كما أن الجمعية المصرية للنساء والتوليد تؤكد أن الختان ليس له أضرار أو مضاعفات علي الإطلاق إذا ما تم علي يد طبيب متخصص.


    وأن تجريم عملية الختان ستدفع الكثيرين إلي إجرائها في الخفاء علي يد الجهلاء مما يضر بالفتيات وقد أعد هذا التقرير الدكتور منير فوزي والدكتور حاتم شلبى أستاذ أمراض النساء والتوليد بطب عين شمس . مؤكدين أن تركه يؤدي في بعض الحالات إلي عدد من الاضطرابات الجسدية والنفسية للفتيات اللاتي يحتجن إلي الختان وذلك لوقايتهن من الالتهابات والفطريات التي قد تؤدي إلي العقم في بعض الحالات وممن أيدوا ختان الإناث وبينوا فوائدة الدكتورة نور السيد راشد ، والدكتورة صافيناز السعيد والدكتور ربيع بهنسي وغيرهم (10) .
    وطبعا فإن آراء هؤلاء لم تعرض علي المؤتمر المذكور لأنها ليست في صالح الأجندة الأجنبية التي تقف خلف عقد المؤتمر.


    8. لقد لعب الدكتور محمد شامة مستشار وزير الأوقاف ومقرر المؤتمر دوراً مؤثراً في تيسير عقد هذا المؤتمر ووصوله إلي غايته المحددة بسبب وجود صداقة بينه وبين " روديجرنيرج " رئيس المنظمة اليهويدية الألمانية التي مولت المؤتمر. وقد قال عن صديقه إنه مسلم ألماني مع أن " روديجر " قال عن نفسه " إنني لست مسيحيا و نشطا ولا مسلما نشطا ".


    وزيادة في التموية المفضوح بدأ " روديجر " كلمته في المؤتمر بقوله بسم الله الرحمن الرحيم وأشار إلي زوجته التي ارتدت " إيشارب " صغير وقال هذه زوجتي ونحن المضيفون للمؤتمر. ثم قال : إنه يريد بهذا المؤتمر وتوصياته أن يصحح مفاهيم الإسلام حول الختان بكل صوره.
    و يا للعجب يهودي يأتي إلي مصر بلد الأزهر وفي داخل الأزهر يحاول خداعنا ويزعم أنه جاء ليعلم المسلمين حقيقة دينهم الذي يجهلونه .
    ويهمنا هنا أن نذكر بعض الحقائق الهامة


    • في نوفمبر 2005 م رفض مجمع البحوث الإسلامية طلبا تقدمت به السيدة مشيرة خطاب الأمين العام للمجلس القومي للأمومة للحصول علي فتوي من المجمع بتجريم ختان الإناث وفرض عقوبات علي المخالفين وقرر المجمع بأن ختان الإناث تتنوع آراء العلماء فيه بين كونه واجبا أو سنة أو مكرمة وأنه لا يمكن تقرير عقوبة علي أمر مباح شرعا.
    وهكذا يتم الالتفاف علي قرار مجمع البحوث عن طريق مؤتمر تموله جهات أجنبية مشبوهة.


    • سبق لوزير الصحة أن أصدر القرار رقم 261 لسنة 1996 م بحظر إجراء عملية الختان للإناث. وقد تم الطعن علي هذا القرار أمام القضاء الذي أحالة إلي المفتي الدكتور نصر فريد واصل. فأفتي بأنه لا يجوز تجريم ختان الإناث.


    • لقد أعلن الدكتور يوسف القرضاوى رفضه لتمويل منظمة " تارجت " للمؤتمر لكونه مثيراً للشبهات . كما أعلن تحفظه علي عنوان المؤتمر لأنه يتبنى رأيا مسبقا وغير حيادي في مسألة ختان الإناث وقال بأن الفقهاء أجمعوا علي جواز ختان الإناث. ولم يقل أحد منهم بأنه حرام أو مكروه. وقال بترك المسألة للرأي الطبي لتحديد الحالات التي تحتاج إلي ختان والتي لا تحتاج.


    • وقد أعلن الدكتور نصر فريد واصل بأن حديث " أخفضي ولا تنهكي " حديث صحيح. وقال بأن ختان الإناث أحيانا يكون واجبا و أحيانا يكون مكروها وأحيانا يكون محرما إذا لم تكن الفتاة في حاجة إليه وكان فيه إضرار بها. وأن كل حالة تخضع لتقدير الطبيب.


    • اختتم فضيلة الدكتور طنطاوى شيخ الأزهر كلمته أمام المؤتمر بقوله : إن هذه المسألة يتم الرجوع فيها إلي الأطباء لبيان حاجة الفتاة إليها من عدمه.
    وقد أثار هذا الرأي السيدة مشيرة خطاب لتناقضة مع دعوتها إلي معاقبة الطبيب الذي يقوم بالختان. وقد تأثرت قرارات المؤتمر برأيها.


    توصيات المؤتمر :-


    وقد صدرت عن المؤتمر توصيات خطيرة نذكر أهمها فيما يلي كي نحذر المسلمين من ويلاتها لأنها معارضة للشريعة الإسلامية .


    1. مطالبة الهيئات التشريعية بسن قانون يجرم من يمارس عادة ختان الإناث.


    2. مطالبة المؤسسات التعليمية والإعلامية بأن يبينوا أضرار ختان الإناث.


    3. مناشدة المسلمين بأن يكفوا عن عادة ختان الإناث تمشيا مع تعاليم الإسلام " يعني علي وفق ما يفهمه أعداء الإسلام ".


    وهكذا تعمل السياسة عملها وتحارب الدين باسم الدين وتحارب شريعة الإسلام باسم الإسلام.


    وإذا كانت هذه المؤسسات والمنظمات قد جاهرت بالعمل بكل الوسائل لمنع ختان الإناث فإنهم غداً سيطالبون بمنع ختان الذكور وقد بدأت إحدى النساء اللاتي يحاربن الإسلام تتحدث حول هذا الأمر . ولم لا و النصوص التي طوعت لهوي أهل السياسة وأصحاب الغرض فيما يتصل بختان الإناث هي نفس النصوص التي جاءت بتشريع ختان الذكور.


    إنني أشعر أن البعض منا يسير في الطريق التي حذرنا رسول الله من السير فيها في الحديث الشريف الذي رواه البخاري ومسلم والإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : " لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتي لو سلكوا حجر ضب لسلكتموه. قالوا : اليهود و النصاري ؟ قال : فمن ؟ ".


    طوبي لمن اتبع هدي محمد صلي الله عليه وسلم . وتعساً لمن سلك سبيلا غير سبيل المؤمنين وقلدهم في ضلالاتهم و انحرافاتهم عن هدي الله ورسوله
    يقول الله تعالي ( ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ{18} إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيئاً وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ{19} هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمِ يُوقِنُونَ ) . ( الجاثية : 18-20 ).


    صدق الله العظيم .

  • #2
    وفي فقة الإمام أبي حنيفة أن الختان للرجال سنة وهو من الفطرة، وللنساء مكرمة. فلو اجتمع أهل مصر – أي بلد – علي ترك الختان قاتلهم الإمام لأنه من شعائر الإسلام وخصائصه (7) .

    تعليق


    • #3
      مشكور وبارك الله فيك

      تعليق


      • #4
        المشاركة الأصلية بواسطة ah@sh مشاهدة المشاركة
        ومعني هذا :
        1- أن القول بمنع ختان الإناث علي الإطلاق بعيد عن الصواب ومخالف لحكم الشريعة الإسلامية.
        2- وكذلك القول بلزوم القيام بعملية الختان في كل الأحوال يتنافي مع الواقع.

        ولهذا فإن الحكم الصائب يتمثل في عرض كل حالة علي الطبيب المختص ليقرر ما إذا كانت الحالة تستدعي إجراء عملية ختان أم لا.

        والتوجيه النبوي الكريم عن الكيفية المثلي لإجراء هذه العملية يشير إلي أنها ينبغي أن تتم بمعرفة الخبير أو الطبيب الثقة.
        هذا هو القول الفصل .. وحسبنا الله ونعم الوكيل ..

        تعليق

        مواضيع ذات صلة

        تقليص

        المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
        ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 2 أكت, 2023, 02:47 ص
        ردود 0
        35 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة *اسلامي عزي*
        بواسطة *اسلامي عزي*
         
        ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 21 سبت, 2023, 02:24 ص
        ردود 0
        42 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة *اسلامي عزي*
        بواسطة *اسلامي عزي*
         
        ابتدأ بواسطة Mohamedfaid1, 4 سبت, 2023, 08:03 ص
        ردود 0
        37 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة Mohamedfaid1
        بواسطة Mohamedfaid1
         
        ابتدأ بواسطة Mohamedfaid1, 4 سبت, 2023, 07:55 ص
        ردود 0
        35 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة Mohamedfaid1
        بواسطة Mohamedfaid1
         
        ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 4 سبت, 2023, 02:13 ص
        ردود 0
        19 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة *اسلامي عزي*
        بواسطة *اسلامي عزي*
         
        يعمل...
        X