أنا ... من وحش النسوان إلى انسنة الانسان

تقليص

عن الكاتب

تقليص

أحمد عبدالله. مسلم اكتشف المزيد حول أحمد عبدالله.
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أنا ... من وحش النسوان إلى انسنة الانسان

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله,
    اشتقت اليكم اخواني في الله...

    هذه القصة من الله علي بكتابتهـا, وانا اكفل للقارئ بإذن الله ان يستمتع بها لأنها على احداثها الخيالية تعانق الواقع أي معانقة, فهي تعبر عن احساس شخصي من جهة وعن تساؤلات كثيرة من جهة أخرى. ولا أخفي ان فيها صبغة من التجربة الشخصية في جوهرها لا تفصيلها . وهناك بعض الامور الفقهية حاولت الابتعاد عنها قدر المستطاع لقصور علمي في الفقه فارجو من السادة تصحيح مواضع الزلل, وما اضعه بين قوسين () هو تدخل شخصي في القصة وليس من كلام راويها. اترككم معها!

    أتعلمون الوحش؟... لقد كنت كذلك … إلى ان جاء ذلك اليوم... واي يوم... مهلا … لن أفشي السر الآن... دعونا نبدأ بالقصة من بدايتها... سافرت إلى باريس كي اتعلم الطب وقد وفقني الله ان اتخصص في طب الاطفال… عشت في باريس سنينا طويلة… وها أنا اعود إلى بيروت لأمارس مهنتي في بلدي... لم اتفاجأ كثيرا بجو باريس... اذ كنت أعيش جوا مماثلا في مدرستي قبل السفر... وكي لا استفيض في الكلام اختصر وصف هذا الجو بكلمة واحدة... ما يزعمون انه "انفتاح"... كنت أعمل في مستشفى Appollo (اسم من خيالي ( ... تعلمون حال العمل... زملاء وزميلات الخ... دخلت لاول مرة قسم طب الاطفال وكنت احمل شيئا من الخوف في قلبي... لعلكم تبررون لي ذلك... الجو جديد وإختصاص جديد الخ... المهم, وجدت طبيبة صغيرة تتجه نحوي وتسأل بلكنة فرنسية قح:
    - مرحبا, هل انت دكتور وجيه؟
    - أهلا... نعم انا هو …
    - شرفت القسم... أنا شارلوت charlotte زميلة لك بدأت بالتخصص هنا من 3 اسابيع...

    مددت يدي لاصافحها وقد ازالت عني قسطا من الخوف …
    ثم اخذتني بجولة حول القسم تعرفني على الزملاء وعلى الاطباء الذين ساتخصص على يدهم وعلى امور أخرى تخص القسم. شارلوت هذه لا بد لك ان تسلم لها بالذكاء المبهر ما ان تعمل معها لفترة وجيزة... كانت مخلصة لعملها وتمارس مهنتها بكل انسانية... غير انها لم تكن صاحبة جمال يشد الناظر بل هو تحت العادي… ولعل هذا ما جعل علاقتي بها مقتصرة على العمل وكنت ألوذ بها كثيرا ان صعب علي أمر… ولكن إذا دعتني لنتناول وجبة الغداء سويا في كافيتيريا المستشفى أحس ان شيئا يخنقني… نعم هي ذكية ولم أخف ذلك… ولكن مكانها في العمل لا غير... لم اسع يوما للتقرب منها اكثر أو ملاطفتها… طيب سأكون صريحا وآسف على الانانية… كنت اظنها مسكينة… لا تعرف من الحياة الا العمل… بل قل لا تجيد من الحياة إلا العمل… أما العيش برفاهية و boyfriend وهكذا… فلا اظنها أهلا لذلك…
    مر أسبوع على بداية التخصص... كنت وشارلوت ندرس حال أحد المرضى... كانت الغرفة صغيرة وتعج بالاطباء المتخصصين أو من هم كحالنا في طور التخصص... كل منكب يعمل في ملف مريض خاص به... إلى ان دخلت فتاة فائقة الجمال… كانت تلبس قميصا ابيضا... قميص الاطباء يعني...بدأت أتأملها بعيون واسعة ونسيت ما كنت أعمل به, فلاحظت شارلوت ذلك… وكزتني بكوعها تريدنا ان ننهي ما بدأنا به من دراسة الملف... فهمست لها:

    - من هذه؟
    - انها جوليات Juliette , طالبة تخصص سنة أولى ايضا ولكن كانت في اجازة لمدة أسبوع...
    - طيب طيب, فلنعد إلى العمل …

    قلت هذه الكلمات وأنا لا أريدها… اصبحت أفكر بها… كيف أفاتحها الحديث... مضى 5 دقائق وأنا استرق النظر اليها بين الحين والآخر... قدمت نحو خزانة الملفات تبحث عن ملف أحد المرضى فرأيت ان الفرصة سانحة لاكلمها:

    - عفوا, هل يمكن مساعدتك؟...
    - ابحث عن ملف المريض Frank ...
    - مممم, لم يسبق لي ان درست ملفه... سأحاول ان ابحث معك... آه صحيح… لم أعرفك بنفسي… وجيه زميلكم الجديد هنا…
    - Enchante , أنا جوليات…

    فإذا بـي وجدت الملف والبسمة ترتسم بشكل تلقائي على وجهي دون اذن مني حتى ...ناولتها اياه ... ولم اكترث حينها لصوت الضمير …اصلا كان صوته همسا... كيف تركت شارلوت تتابع واجبنا وحدها وبدأت بمساعدة جوليات في واجبها ؟... اصلا شارلوت ذكية لا تحتاج الي كثيرا...هكذا كنت أبرر لنفسي...
    ومضت الايام … وأنا على هذه الحال... اصبحت انتظر وقت الصباح لأذهب للعمل … ولكني كنت اتقطع من الداخل... فلم أصارح جوليات بما في داخلي... كنت أحبها... لا والله ما كنت افعل... للاسف … لم أحبها … كنت ادعي اني أحبها … ولكني أحب نفسي … نعم... كنت أحب شهوتي... رغبتي … لا اكثر... كنت وحشا … نعم كنت وحشا بعيوني... وبأفكاري... انام على صورة جوليات واستيقظ متذكرا اياها … كنت أكلمها wats up ... أمور سطحية … فقط لاكلمها … أو لأزيح عني بعض تعب الدراسة... كنت اطمع بعلاقة عابرة... علاقة فراش … لم اكن جديا... الطفل يلعب بلعبته ثم يمل منها فيرميها... أريد ذلك … كيف أكون جديا في العلاقة وجوليات تفتن الجميع في المستشفى... ما ان تمر في الكولوار couloire حتى ترى عيون الجميع تلاحقها تتمايل مع تمايلها دون ان تخطئ... رقصة عسكرية بامتياز... هذا مشهد يزعجني... الكل يلاطفها... الكل يعرض عليها تناول وجبة الغداء في الكافيتيريا... وهي ترضي بعضهم وتتحجج بالاعذار لبعض آخر... كنت أريد ان اقطف دورا لي في الطابور... أما ان ادخل معها في علاقة جدية فهذا أمر لا أفكر به... كأن صوت الفطرة يناديني… كأن صوت العرض والغيرة والشرف يرتسم امامي... نعم… كنت اهتم برغبتي أنا … لا اهتم بها... لا يهمني امرها... نجحت في عملها ام لم تنجح... عبدتها ظاهرا ولكني عبدت شهوتي حقيقة... كنت اقفز لمساعدتها عند أي سؤال... أو لاسألها إذا استشكل علي أمر مع انها نادرا ما كانت تجيبني بشكل صحيح … كنت اعود بعدها لاسأل شارلوت المسكينة... وحتى اخلق حديثا مع جوليات إذا جاء دوري في طعام الغداء... تعلمون كيف يسعى العاشق إلى ابتكار الحديث … أي حديث... مهما كان... اصطناع...ويقحم فيه الكثير من النكات والمزاح... لعله يصطاد صيده... كنت للاسف استهزئ بشارلوت امامها حتى أضحكها… هذه ال nerd ... يا لي من حقير… يا لي من ناكر للجميل... يا لي من مغفل...الم اقل لكم اني كنت وحشا… وبأنياب… لم اكن أرى إلا أنا … أنظرني عندما اتمشى على الكورنيش البحري... كنت أسير بقدمي وعيوني تقفز عنها لتستقر عند هذه أو تلك... كعصفور يحط من غصن إلى غصن يلتقم قطعة من الثمرة غير مبال إذا شوهها وتركها مهترئة تموت بمفردها… المهم نصيبه فقط... وإذا كنت أرى عجوزا تمشي... والعجوز عندي ليس السبعينية بل قد تكون عشرينية لا تلفت كثيرا... فهذه اعتبرها خرجت عن دائرة اهتمام عيوني لا بل عن دائرة الانسانية… الم اقل اني كنت وحشا... هكذا كنت أتعاطى مع النساء... وكنت افتخر بشهوتي أمام اصحابي... وهم يفعلون كذلك… فلا تظن اني أساعد هذه أو تلك في مسألة لاني شخص مثالي... ولكني أحب نفسي... عيني على المزيد… تفكيري بعيد… وهكذا كانت حياتي في باريس…
    ثم عدت إلى بيروت... إلى ان جاء ذلك اليوم... واي يوم...

  • #2
    كنت قد غبت عن بيروت حوالي ال 15 سنة... عدت اليها بنفس جديد وبهمة عالية... كيف لا وقد اصبحت دكتورا حائزا على شهادة من جامعة Appollo ... افتتحت عيادة في منطقة راقية واصبحت مقصودا من اقاصي البلد بفضل من الله ومنة... كنت أعمل من الصباح الباكر حتى وقت متأخر من الليل...خاصة واني كنت أعمل ايضا في مستشفى "نجعان" (من خيالي) فأعود إلى البيت منهكا لا البث ان استحم حتى اسقط في الفراش... واترك نهاية الاسبوع للترفيه… كنت اصطحب معي في مشاويري هذه احدى زميلات المستشفى أو حتى احدى تلميذاتي... كان يتخصص على يدي 8 اطباء… منهم 3 ذكور و5 اناث... كانت تلفتني منهن اثنتان أو ثلاث… وكم كنت اكره نفسي عندما نجلس سويا- اقصد ال 8 - في غرفة ثم أحاول ان أبرز كل طاقتي في المزاح لكي أضحك الطبيبات... كم كنت اكره نفسي وانا أركز اسئلتي على من تلفتني منهن واعلم الأخريات بطريقة سطحية وإن كانت كافية لاسكات قاضي الضمير… كم كنت ساذجا عندما عرضت على احداهن الخروج سويا مقابل رفع معدلها السنوي... ولكني كنت وحشا… هكذا كانت حياتي... لم أسأل نفسي ان كنت سعيدا بها … اذ كنت آلة تعمل إلى ان تنتهي "بطاريتها" ليلا ثم اعود للعمل من جديد مع اشراق شمس اليوم التالي...
    طرق احدهم باب عيادتي في مساء يوم الخميس... كان النهار شاقا … لكأني تعبت من التعب... انه الموعد الاخير لهذا اليوم... قلت : "تفضل"... فاذا برجل يحمل ابنه الصغير يدخل مع من؟؟!... يا الهي... امرأة تلبس القماش من أعلى راسها إلى اسفل قدمها … هل هذا الامر حقيقي؟... منذ متى يا بيروت... كنت أسمع عن هؤلاء النسوة في فرنسا في معمعة "حظر النقاب"... ولكن كنت اظنهن من العرب المهاجرات واللاتي لا يتجاوز عددهن عدد الاصابع... وإن كان لا بد من وجودهن في لبنان فقد تكون الضيفة من ضيعة نائية بعيدة عن انفتاح بيروت… نظرت إلى زوجها… يا لك من مجرم... كيف تفعل هكذا بامرأتك؟... يا لها من رجعية… يا له من تخلف… المسكينة أكيد تتعرض للضرب ليل نهار... لا بد من نشر التوعية... حقوق المرأة... الحرية... المساواة... تعليمهـا... تأخير سن الزواج... المساكنة قبل الزواج... باريس... كل هذه الافكار مرت في بالي شريطا في ثوان معدودة ما لبث ان وضع لها صوت الزوج حدا:
    - السلام عليكم, دكتور...
    - وعليكم السلام
    سمعت صوتا خافتا من خلفه يسلم بذات الطريقة ولكن اللكنة لم تكن لبنانية أو هي لبنانية ولكن متكسرة تنم عن صعوبة في النطق... وبعد الترحيب, سألته ما يسأل الطبيب مريضه ثم فحصت الطفل الصغير ونظرت إلى الفحوصات المخبرية ثم جلست خلف مكتبي وانزلت نظارتي إلى مقدمة انفي وبدأت اشرح للاب عن حال ابنه... فقال لي:
    - اسمح لي ان أترجم لامرأتي… لا تجيد العربية بشكل صحيح... إلا القليل منها
    حدثها بلغة غريبة … ليست بالفرنسية ولا الانكليزية... فقلت له بـحشرية...
    - هل هي من اندونيسيا؟ ام من الهند؟ ام باكستان؟
    - كلا… بل هي من المانيا!
    لم اتمكن ان أخفي حجم الصفعة التي تلقيتها …
    - اااا...ااا...الللل...الما... المانيا؟... المانيا يعني ؟
    - نعم… هتلر… النازيين, قالها الزوج ممازحا...
    يا للهول... هل هذا المجرم يضربها؟... هل يستطيع أصلا ان يفعل ذلك... وفي المانيا!!... حقوق المرأة؟... أهذه مجنونة؟... هل غرها المال؟... هل هي المانية الاصل ام مهاجرة؟... هل أهلوس في آخر النهار؟... حاولت ان ابتسم لمزاح الرجل... ابتسامة ارفع بها عن نفسي اللوم… ابتسامة خافتة خرجت تلقائيا وبإكراه... كتلك التي اهديها لشارلوت... سعلت سعلة مصطنعة حتى استعيد زمام الامور… فتوجهت للرجل:
    - ابنك يحتاج لقليل راحة وسأصف له بعض الادوية... انه يعاني من فيروس " HIQ " (من خيالي)...

    ترجم لها ذلك ليتيح لي وقتا وجيزا حتى اعود لهلوستي... كنت احتاج لصفعة أخرى حتى استيقظ... فاذا بها تأتي بالفعل... قلت للوالد:
    - هذا الفيروس يصيب الكبد ويحتاج لأسبوعين حتى تزول عوارضه... لا داعي للقلق... انه يمزق خلايا الكبد بشكل جزئي ولكنها لا تلبث ان تتجدد في القريب العاجل...
    - الحمد لله…

    تركت له متسعا من الوقت ليترجم لزوجه... فإذا به يقول:
    - وماذا بعد دكتور؟
    - ألا تريد ان تترجم لزوجك؟
    - لا داعي لذلك... فلا بد انها تعلم قسطا بسيطا كافيا عن الفيروس... كانت تدرس مادة ال pharmacology في MUB Medical University of Berlin (اسم خيالي ( ...
    - آه... ممتاز !
    أي ممتاز هذا... لم يكن ينقصني ذلك... آخ يا رأسي... هيا يا وجيه... اثبت... هذا آخر موعد... دعهم يخرجوا من عندك بسلام ثم عد إلى التفكير... مهلا... ماذا دعهم ان يخرجوا!!! ... سأجن حتى اعلم السر... الن ينتهي هذا الكابوس...
    كان طفلها يمسك بقارورة الحليب... فسقطت من يده... فاذا بها تنحني لتلمها … فبان شقا من قدمها من تحت الجلباب … فاذا بها تخفي قدمها مباشرة من جديد... ان ذلك لا ينم عن انها مجبورة بالضرب على لبس هذا الثوب… ولكن مهلا... أنا بالفعل مهلوس... وجيه... وجيه... جوليات... زميلاتي الطبيبـات... تلامذتي... النساء... أعرف منهن عددا قياسيا... اصبح عندي خبرة في ملاطفتهن تماما كخبرتي في الطب... كثير من الاصحاب يطلبون مساعدتى في تدبير علاقات عابرة لهم … أنا... وجيه... فارس النساء...استحي ان انظر إلى قدم امرأة مغطاة من أعلى إلى اسفل!!!!... نعم … لقد سحبتها هي ولكن كنت سباقا إلى سحب عيوني… لا ادري لماذا!... استحيت… لم استطع... هي لا تريد ذلك... فلماذا انزع عنها حقها... هذه أول مرة في حياتي انظر إلى المرأة بقيمتها الحقيقية… بعلمها... بادبها… باخلاقها… بإنجازاتها… لا بمظهرها الخارجي... نعم... انسنة الانسان… فهي لم تكن في هذا الموقف سلعة بل انسانة... وأنا لم اكن وحشا بل انسانا... لا ابتغي من حواري لها ملاطفتها... أو الظفر بمحاسنها… أخاطبها على انها انسان… له كيانه... له وجوده... ليس من الانا...اعجبني مستواها العلمي… بغض النظر عن مظهرها... بل سأقولها... نعم سأقولها... اعجبني خيارها بأن ترتدي النقاب... فهي ذهبت اليه... هذه حريتها... قرارها... احترمه... بل أعظمه... فهي من بلد الانفتاح بزعمي... لا بد ان في ذلك خطب ما … فاذا بلساني ينطق ببعض ما رقص في عقلي:
    - عفوا... هل لي ان اسألك سؤالا؟...
    - تفضل دكتور...
    - يعني لا أعرف كيف أبدأ...
    - خيرا... هل تخفي علينا شيء بخصوص الطفل...
    - لا لا لا … ابدا... ولكن … لماذا... احم احم… لماذا ترتدي زوجك النقاب؟...
    - سأخبرك القصة بشكل مختصر... كنت أعمل في ادارة الجامعة ذاتها التي تدرس بها … وقد دار مرة بين الزملاء حديثا حول الحضارات... فسألت وقتها وكانت تقصدني في السؤال لانها تعلم اني لبناني … "هل حقا النساء في الشرق الأوسط يرتدين قطعة قماش على رؤوسهن؟ فأجبت: إذا دخلت على متجر يبيع الذهب قد ترين ان الذهب في كل مكان … ولكن ان سألت التاجر عن أغلى قطعة الماس عنده... فانك لن تتفاجئي ان ادخلك إلى غرفة خاصة لتريها مغلفة في زجاجة خاصة ومحمية … المرأة في الاسلام غالية... ليست سلعة معروضة للقاصي والداني... خاصة وانها محط فتنة... يقال المرأة الفاتنة... فهكذا يعاملها الناس على اساس جسدها... لا على اساس انسانيتها... وكلام من هذا القبيل... فمن وقتها بدأت تقرا المزيد عن الاسلام واولعت به فاعتنقته وعرضت عليها الزواج..."
    - يااه... قصة رائعة
    ودارت بيننا كلمات بسيطة... اعطيتهم قائمة الدواء... وانصرفوا... أما أنا فعدت إلى المنزل... استحممت كالعادة... والقيت بنفسي في احضان السرير... كل شيء كالعادة... الا النوم... لم استطع ان انام لحظة واحدة... وانا اتقلب مع كل تقلب للأفكار في رأسي...
    فجاء صباح الجمعة... وكنت اظن ان الليلة ليلة عابرة... فاذا بجمعة كانت اشد ثقلا على راسي ولكنها خفيفة على صدري… حيث تغيرت حياتي... هل تعلمون كيف؟... انتظروا الشق الثالث من القصة ان شاء الله...

    تعليق


    • #3
      انه يوم الجمعة... اصبحت الساعة الرابعة فجرا... كانت مروحة الافكار لا زالت تدور في جمجمتي … ولكن سرعتها بدأت تخف وكأنها على مشارف ان تنطفئ... لذلك قمت بربط المنبه على الساعة العاشرة... اذ كنت في صبيحة كل يوم جمعة ازور والدي واتناول معهما طعام الفطور... وبعدها اذهب إلى تأدية صلاة الجمعة في المسجد القريب من بيتهما... كنت احتاج لجرعة روحانية كل أسبوع... كإبرة مسكنة للآلام التي لم أعر لها بالا في يوم من الايام… ظننت ان هذا الالم أمر طبيعي... قل مرضا مزمنا... أو حالة فيزيولوجية لدى كل الناس... واني يمكن تخفيف ألمها لا استئصال مصدرها…

      وبالفعل... قصدت منزل الوالدين... فإذا بسخونة الافكار تشعل المروحة من جديد... أفكر وانا في الطريق... لم أكن على ما يرام... ولكن حاولت اخفاء ذلك عنهما قدر المستطاع... وقد أفلحت… ثم حان وقت الصلاة... جلست في المسجد وعقلي في مكان آخر... حتى اني قمت إلى الصلاة ولم اتنبه إلى السور التي قرأها الامام بعد الفاتحة... وإن كنت اكاد اجزم انه قرأ )قل هو الله أحد) في الثانية لانها عادته في ذلك... خرجت وانا أريد ان آخذ حذائي فإذا بيد تستقر على كتفي:

      - دكتور وجيه! السلام عليكم
      - وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته …
      - هل عرفتني؟
      - ممممم... وجهك ليس غريبا عني…
      - تذكر... ملاحقة القطط… القفز على السيارات... الركض في...
      - اهلا اهلا... يا محمد … هذا انت... والله لم اعرفك...تغيرت كثيرا... اشتقت لك!

      عانقته عناقا طويلا... انه جارنا … تربينا سويا … كنا اصدقاء مع انه يصغرني بـ 4 أو 5 سنوات... ولكنه كان اكبر من عمره... كان مشاغبا درجة أولى... علمت من اهله انه كان في الامارات ... يعمل فيها منذ اربع سنوات تقريبا... حصل- قبل ذلك - على شهادة الماجستير في هندسة الميكانيك في الجامعة اللبنانية... ويبدو انه قدم إلى بيروت من اجل اجازة...

      - ما رايك بفنجان قهوة ؟… لدينا الكثير لنتحدث عنه بعد هذا العمر…
      - ممممم... بكل سرور... دوامي في المستشفى يبدأ بعد ساعة... لدينا متسعا من الوقت...

      خرجنا سويا وقصدنا مقهى أبو ديب الذي يبعد عن المسجد قرابة ال 100 متر... فإذا بـ "سلوى" تلتقي بنا ونحن في الطريق... مددت يدي وصافحتها... أما محمد فاكتفى بوضع يده على صدره... وبعد حديث لم يدم لثلاث دقائق استأذنت سلوى بالانصراف … فقلت معنفا محمدا:

      - ما بك؟ … لماذا لم تصافحها؟... اليست كأختك؟...اصلا هي محترمة ومحجبة...الامارات غيرتك...لا تقل لي أنك...
      - ههههه... يبدو أنك اصبحت فرنسي العقل بامتياز...

      قالها ممازحا يريد ان يمتص صدمتي وان لا يفوت علي بأني اتهمته بالتأثر بالبلد الذي يعمل به... فرماني بالمثل... وصلنا المقهى وجلسنا على طاولة في زاوية من زواياه... كانت الطاولة بعيدة عن اخواتها ولم يكن هناك إلا أبو ديب المنهمك في عمله وشخصان يلعبان الشطرنج على طاولة بعيدة... كان الجو مناسبا للحديث عن امور شخصية وعن مغامراتي في فرنسا... كيف كنت اقفز من هذه إلى هذه... خضنا في حديث دام لعشر دقائق ثم قلت:

      - لو ترى يا محمد... لو تراني ماذا فعلت ببنات فرنسا... لقد نصبت لهن شباكا لا اذكر ان واحدة منهن افلتت منه... وانت كيف حالك مع البنات... احم احم... نسيت... انت معقد … لا تصافح النساء... يا محمد كيف ستتزوج؟... ألا تحب النساء؟

      قلت ذلك وانا اسعى إلى استفزازه... فصورة المرأة الألمانية لا تزال في بالي... وإن خفت وطأتها بعد ان ألهاني لقاء محمد... اردت استفزازه لاسحب منه الكلام... لعله يملك الاجابة… فهو لم يصافح سلوى مع اننا نعرفها منذ الصغر... وقد اعفى لحيته وإن كانت خفيفة طبيعة... ولكني جزمت بذلك ان الرجل سلك صراط الالتزام المستقيم...وقد اخبرني بعدها انه ذهب للتدين قبل سفره حتى... فاذا به يبغتني بجوابه... ظننت انه شدد على نفسه... انه عقد الامور... جميل هو الدين… ولكن إذا كان بسيطا... لا مبالغة... المسكين فاته الكثير من اجمل أيام شبابه... نعم... قد يكون محصلا للماجستير... ولكن ماذا يفيد ذلك؟... الدنيا ليست فقط علم ومال... بل كيف نستخدم المال في الترفيه… في المتعة... في اغراء النساء... يا ليتني لم أرك يا محمد بهذه الحال...

      فاذا به يقول لي مع ابتسامة لا زلت أحاول ان أفكك رموزها دون جدوى...
      المزيد في شق رابع قريب ان شاء الله

      تعليق

      مواضيع ذات صلة

      تقليص

      المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
      ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 2 أكت, 2023, 02:47 ص
      ردود 0
      35 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة *اسلامي عزي*
      بواسطة *اسلامي عزي*
       
      ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 21 سبت, 2023, 02:24 ص
      ردود 0
      42 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة *اسلامي عزي*
      بواسطة *اسلامي عزي*
       
      ابتدأ بواسطة Mohamedfaid1, 4 سبت, 2023, 08:03 ص
      ردود 0
      37 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة Mohamedfaid1
      بواسطة Mohamedfaid1
       
      ابتدأ بواسطة Mohamedfaid1, 4 سبت, 2023, 07:55 ص
      ردود 0
      35 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة Mohamedfaid1
      بواسطة Mohamedfaid1
       
      ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 4 سبت, 2023, 02:13 ص
      ردود 0
      19 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة *اسلامي عزي*
      بواسطة *اسلامي عزي*
       
      يعمل...
      X