في أي عام ولد يسوع ؟ يجيبكم عن ذلك السؤال محمد عنان أبي رائد

تقليص

عن الكاتب

تقليص

مسلم عن حق مسلم اكتشف المزيد حول مسلم عن حق
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • في أي عام ولد يسوع ؟ يجيبكم عن ذلك السؤال محمد عنان أبي رائد

    إهداء إلى (أبي رائد) محمد عنان رحمه الله، فهو جهده الذي لم أضف عليه إلَّا اليسير جدًا.

    بالنسبة لعامة الناس مسيحيين وغير مسيحيين ممن يأخذون هذا الأمر المشهور بظاهره، سيبدو السؤال ساذجًا، وستبدو الإجابة ملكًا لتلاميذ المدارس؛ فنحن في نهاية عام 2012 بعد الميلاد (ميلاد يسوع). لكن الأمر عزيزي القاريء ليس بهذه البساطة، فتحديد هذا التاريخ الذي لايبدو مثيرًا للجدل حسب إفادة الروزنامة، ظل في الحقيقة معضلة تاريخية أرقت المؤرخين والباحثين، فاختلفوا في تحديد هذا التاريخ وتفرقوا فيه فرقًا كثيرة.
    قصة العمل على تحديد ذلك العام بدأت منذ مئات القرون، ربما منذ كتابة الأناجيل بين عامي 50 و 70 ميلاديًا (على الأرجح)، وربما قبل ذلك، والقصة لم تنتهِ فصولها حتى اليوم؛ ففي العام الحالي 2012 أصدر بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر كتابًا بعنوان (طفولة يسوع)، صرح فيه بأن التاريخ الحالي لميلاد يسوع خاطيء، وعرض نقاط الخلاف فيه، ولم يصل ببحثه إلى شيء، بل انتهى بالقول (يمكن للنقاشات حول التفاصيل أن تستمر كثيرًا. لكن يظل صعبًا التبحر في أحداث كيان بعيد عن زماننا مثل الإمبراطورية الرومانية. ([1]
    نبدأ أولًا بتقرير البابا الحالي بخطأ هذا التاريخ، ثم نستعرض لاحقًا بشكل أكثر تفصيلًا جميع جوانب البحث باستفاضة.
    يقول البابا : (يوجد جدل واسع بين العلماء حول قصة جمع الضرائب (الإحصاء الثاني). وتتضح أولى المشاكل حول هذا الموضوع في أن الإحصاء قد أجري في عصر هيرودس الكبير، الذي مات عام 4 قبل الميلاد .إن بداية تقويمنا – أو بعبارة أخرى : تحديد العام الذي ولد فيه المسيح - التي ترجع إلى الراهب ديونيسيوس الصغير (550 م) [2] ؛ الذي قد تبين خطؤه في حساباته ببضع سنوات بلا ريب. و بالتالي فإن الموعد التاريخي الصحيح لميلاد يسوع يجب أن يكون قبل عام 1 ميلاديًا بعدة سنوات) [3]
    و بعد ما تبين لنا إقرار البابا المعصوم للكنيسة الكاثوليكية بخطأ هذا التقويم وهذا التاريخ، نتعرف معًا على أصل المشكلة .

    المصدر الوحيد المتوفر بين يدينا والذي يمكن أن نستخرج منه قصة يسوع هو الأناجيل الأربعة. فلقد ورد خبر ميلاد يسوع مرتين. مرة بإنجيل متى [4] والأخرى بإنجيل لوقا[5] . إنجيل متى يقول أن يسوع وُلد بعهد هيرودس الكبير [6]، لكن كاتب إنجيل لوقا المؤرخ والذي دقق وفحص كل القصص والروايات عن يسوع أكد أن يسوع وُلد عندما كان كيرنيوس [7] حاكماً على سوريا. ولقد أجمع العلماء والباحثون المدققون من المسيحيين على استحالة الجمع بين هذين التاريخين. وهذا ليس حكمًا ظنيًا أو قائمًا على الحدس ألقيه إليك عزيزي القارئ، بل سأضع أمامك -كل ما وقفت عليه- مما كتبه العلماء والمؤرخون حول ولادة يسوع بغية الوصول لحل – إن أمكن ذلك- والحكم متروك لك.
    وابتداءً نعلم اتفاق المؤرخين على وفاة هيرودس سنة 4 ق.م [8]، وبناءً على هذه المعلومة التاريخية بدأ الآباء والعلماء واللاهوتيون والمؤرخون في تخمين تاريخ ميلاد يسوع؛ فمنهم من يرى أن ميلاد يسوع يجب أن يكون سنة 5 ق.م [9]. أو أنه بين عامي 5 و6 ق.م [10]؛ وأخرون يظنون أنه وقع بين السنة 4 ق.م إلى 6 ق.م [11]. أو بين عام 6 إلى 5 ق.م [12]؛ في حين يرى آخرون أن الميلاد وقع 6 ق.م أو قبله بقليل [13]. إذن بناءً على هذه الرؤى المختلفة فلابد أن يسوع المسيح وُلد قبل وفات هيرودس، أي بين سنة 4 إلى 7 ق.م.
    وتبدأ المشكلة في التعقيد مع مقارنة تلك الرؤى التي تستند على تاريخ موت هيرودس، بإفادة صاحب إنجيل لوقا المؤرخ الواعي والمدقق والفاحص للشهادات، الذي اعتبره البعض من عظماء المؤرخين [14]، فتبعًا لإنجيل لوقا نعرف أن يسوع قد وُلِد في عهد كيرنيوس والي سوريا؛ وللأسف فإن التاريخ لا يعرف هذا الإحصاء العالمي للدولة الرومانية في عهد هيرودس البتة [15]؛ بل إن كيرنيوس تولى الحكم سنة 6م [16]، أي بعد وفاة هيردوس الكبير بعشر سنوات كاملة [17]. وهذا مايؤكده لفيف من العلماء والمؤرخين المسيحيين ودارسي الكتاب المقدس [18] من أن كيرنيوس قد قام بالإكتتاب - الإحصاء - سنة 6 ميلادية؛ في حين يرى آخرون أن الإكتتاب تم في سنة 7م [19]؛ بينما آخرون يقولون إن الإكتتاب قد تم في عهد ساترينوس سنة 6 ق.م. [20] و يرى آخرون أنها (مشكلة بلا حل) [21] .

    تظل المشكلة بلا حل
    هذه المشكلة أقضت مضاجع علماء اللاهوت والتاريخ المسيحي، خصوصًا المؤمنين بوحي الكتاب المقدس ، والذين يزعجهم اصطدامه بصخرة التاريخ الذي لا يعرف المجاملة ولا يكتم الشهادة. مما حدا بكثير من علماء المسيحية أن يعترفوا بخطأ لوقا التاريخي، أوعلى الأقل اتهام مصادر لوقا التاريخية بالخلط والتشوش، باعتبار لوقا مجرد ناقل وضع ثقته في مصادره ولم يفحص ما تحصَّل عليه وصل إليه لا ينال منه خطأ المصدر.
    يقول لوقا إن الحاكم كان (كيرنيوس)، وهو خطأ فادح اضطر البعض للقول ( لا يتوافر لدينا دليل على الإطلاق يبين كيف خلط لوقا بين كيرنيوس وساترنينوس ، وليس لدينا دليل على قيام ساترنينوس بعمل اكتتاب) [22]
    هذه مشاكل من النوعية التي لا يمكن الوصول إلى حل لها يلقى قبول المؤرخين أو حتى تقديرهم، ولكن الترجمة يمكن تجنيدها لمسح الأشياء الأكثر إحراجًا، لذا لجأت الترجمة الكاثوليكية [23] لهذا الحل للتعمية على الخطأ التاريخي الفاحش لكاتب إنجيل لوقا، فقامت باستبدال كلمة «أثناء» بكلمة «قبل»، هذا تبدو الأمور سهلة جدًا، وغير باعثة على الإجهاد الحاصل للذين ينكبون على المخطوطات والمصادر التاريخية المختلفة، الترجمة ادَّعت أن النص يحتمل اللفظين، وجاءت كالتالي: (وجرى هذا الاكتتاب قبل ولاية كيرنيوس على سورية) [24]
    باتت المسألة إذن واضحة لكل ذي لب، نص إنجيل لوقا لا يمكن التأكد من صحته، ولا يوجد دليل تاريخي يؤكد المعلومات التي وردت به. ومحاولات العلماء لتوجيه تناقضاته وتنسيق فوضاه هي قائمة افتراضات وتخمينات واهية مردودة شكلاً ومضموناً عند قطاع كبير من المؤرخين والعلماء واللاهوتيين المسيحيين.
    هذا، ونختم دراستنا هذه بتعليق يسير لأحد العلماء المسيحيين يقول ما نصه :« قد يكون ضرورياً أن نتخذ قراراً بأن لوقا قد تشوش أو أخطأ ( أو من الأفضل أن مصادر لوقا كانت غير واضحة أو غير كاملة) » [25].


    [1] Joseph Ratzinger (Benedict XVI), L’infanzia di Gesù, Libreria Editrice Vaticana , Vatican City, 2012, p. 76

    [2]Green, Joel B. ; McKnight, Scot ; Marshall, I. Howard: Dictionary of Jesus and the Gospels. Downers Grove, Ill. : InterVarsity Press, 1992, S. 66

    [3]«Su questa riscossione delle imposte (ii censimento) esiste un'ampia disputa tra i dotti, nei cui particolari non dobbiamo qui entrare. Un primo problema e ancora abbastanza facile da chiarire: il censimento avvenne ai tempi del re Erode il Grande che, però, morì già nell'anno 4 a.C. L'inizio del nostro computo del tempo — la determinazione della nascita di Gesù — risale al monaco Dionigi il Piccolo (I-ca.550), che nei suoi calcoli evidentemente sbagliò di alcuni anni. La data storica della nascita di Gesù e quindi da fissare qualche anno prima.»
    Joseph Ratzinger (Benedict XVI), L’infanzia di Gesù, Libreria Editrice Vaticana , Vatican City, 2012, p. 75


    [4]( وَلَمَّا وُلِدَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ، فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ الْمَلِكِ ) [ إنجيل متى إصحاح 2 عد 1 ] .

    [5]( وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ صَدَرَ أَمْرٌ مِنْ أُوغُسْطُسَ قَيْصَرَ بِأَنْ يُكْتَتَبَ كُلُّ الْمَسْكُونَةِ . وَهذَا الاكْتِتَابُ الأَوَّلُ جَرَى إِذْ كَانَ كِيرِينِيُوسُ وَالِيَ سُورِيَّةَ ) ( إنجيل لوقا [ 2 عد 2 ] ) .

    [6]هيرودس الكبير هو ابن أنتباتر الأدومي ولقبه مجلس الشيوخ الروماني بملك اسرائيل في السنة الأربعين ق.م. وقد توفي في السنة 4ب.م . ( سلوان موسي ( أرشمندريت ) ، سر التجسد ، صفحة 141) . لم يكن هيرودس الملك من دم يهودي.فأمه كيبُرس كانت عربية ( صلاح أبو جوده اليسوعي ، مدخل إلى حقائق الإيمان المسيحي ، صفحة 18) .

    [7]( سولبيكوس كيرنيوس تولى وأصبخ الحاكم المفوض الامبراطوري في سورية بعد سقوط أرخيلاوس بن هيرودس الكبير في سنة 7 للمسيح ) ( الياس نجمة ، يسوع المسيح ( حياته ، رسالته ، شخصيته ) ، صفحة 72 ) .

    [8]اسد رستم (مؤرخ الكرسي الأنطاكي دكتور ) ، عصر اوغسطوس قيصر وخلفائٍه ، صفحة 170؛ أنطوان الغزال و صبحي حموي اليسوعي ، تاريخ الكنيسة المفصل ، صفحة 18؛ ويل ديورانت ( دكتور ) ، قصة الحضارة ، جزء 11 ، صفحة 169 ؛ يوسيفوس ، تاريخ يوسيفوس اليهودي ، صفحة 100؛ مجموعة مؤلفين ، موسوعة الكتاب المقدس ، صفحة 330 ؛ مجموعة مؤلفين ، أطلس الكتاب المقدس وتاريخ المسيحية ، صفحة 61 ؛ حنا جرجس الخضري ( دكتور قس ) ، تاريخ الفكر المسيحي ، جزء أول ، صفحة 165؛ سلوان موسي ( أرشمندريت ) ، سر التجسد ، صفحة 59 ؛ سفينسيسكايا ، المسيحيون الأوائل والدولة الرومانية ، صفحة 72 ؛ فهيم عزيز ( دكتور قس ) ، المدخل إلى العهد الجديد ، صفحة 25 .
    G.R.Porter , The Illustrated Bible , Page 156 ؛ Freedman, David Noel: The Anchor Yale Bible Dictionary. New York : Doubleday, 1996, c1992, S. 3:411 ؛Pfeiffer, Charles F. ; Vos, Howard Frederic ; Vos, Howard Frederic: The Wycliffe Historical Geography of Bible Lands. Chicago : Moody Press, 1996, c1967 .

    [9]متى المسكين ، المسيح حياته وأعماله ، صفحة 38 ؛ فاضل سيداروس ، يسوع المسيح في تقليد الكنيسة ، صفحة 10. فريز صموئيل ، يسوع من هو ، صفحة 162.

    [10]الياس نجمة ، يسوع المسيح ( حياته – رسالته ) ، صفحة 381 .

    [11]حنا جرجس الخضري ( دكتور قس ) ، تاريخ الفكر المسيحي ، جزء أول ، صفحة 165؛ مجموعة محررين ، دائرة المعارف الأمريكية ، جزء 29 ، صفحة 41.

    [12] ليون موريس ( القس ) ، التفسير الحديث ، إنجيل لوقا ، صفحة 78

    [13]أسطفان شربنتييه ( أب ) ، دليل إلى قراءة الكتاب المقدس ، صفحة 124 ؛ دار المشرق ، الترجمة اليسوعية ، العهد الجديد ، صفحة 38 ؛ صلاح أبو جودة اليسوعي ، مدخل إلى حقائق الإيمان المسيحي ، صفحة 18 ؛ ويل ديورانت ( دكتور ) ، قصة الحضارة ، صفحة 212 ؛ جون درين ، يسوع والأناجيل الأربعة ، صفحة 38 .

    [14]جوش مكدويل ، برهان يتطلب قرار ، ترجمة منيس عبد النور ، صفحة 95.

    [15]كريفيليوف ، المسيح بين الأسطورة والحقيقة ، صفحة 106 ؛ أنظر أيضاً : سلوان موسي ( أرشمندريت ) ، سر التجسد ، صفحة 59 ؛ دائرة المعارف الكتابية ، جزء رابع ، صفحة 257 .

    [16] Freedman, David Noel: The Anchor Yale Bible Dictionary. New York : Doubleday, 1996, c1992, S. 1:884
    Elwell, Walter A. ; Beitzel, Barry J.: Baker Encyclopedia of the Bible. Grand Rapids, Mich. : Baker Book House, 1988, S. 1808

    [17]G.R Porter , The Illustrated Bible , Page 156 ; Greg Evans, Bible Knowledge Background , Page 37

    [18] ف.ف. بروس ( دكتور ) ، تفسير فرانسيس دايفدسن ، صفحة 323. أنظر كذلك : جون لوريمر ، تاريخ الكنيسة ، جزء 1 ، صفحة 35. ليون موريس ( قس ) ، التفسير الحديث - انجيل لوقا ، صفحة 78. ويل ديورانت ، قصة الحضارة ، جزء 11 ، صفحة 212 ؛ جان كوربون ، المرشد إلى الكتاب المقدس ، ترجمة : سعيد باز ، جبرائيل جبور ، صفحة 516 ؛ جون درين ، يسوع والأناجيل الأربعة ، صفحة 38
    Freedman, David Noel: The Anchor Yale Bible Dictionary. New York : Doubleday, 1996, c1992, S. 1:884

    [19]بولس عطية بسليوس ، الطوائف المسيحية في التاريخ والعقيدة واللاهوت ، صفحة 62 ؛ الياس نجمة ، يسوع المسيح ( حياته ، رسالته ، شخصيته ) ، صفحة 72 .

    [20] ليون موريس ( قس ) ، التفسير الحديث - إنجيل لوقا ، صفحة 78.

    [21] Baker Commentary on the Bible, Page 808. Also : The Encyclopedia of World Religions, Robert S. Ellwood , Page 239

    [22] جون درين ، يسوع والأناجيل الأربعة ، صفحة 38 ؛ دار المشرق ، الترجمة اليسوعية ، العهد الجديد ، صفحة 194.

    [23] وافق على طبعه مطران بيروت : الحقير اغناطيوس زيادة ، دار المشرق ، 1986 .

    [24] دار المشرق ، الترجمة الكاثوليكية ، العهد الجديد ، إنجيل لوقا ( إصحاح 2 عد 2 ) . وقالت بتعليقها : لا يمكن أن يوفق بينه وبين التاريخ إلا بتكلف شديد ( المرجع السابق ، صفحة 476 ) .

    [25] Greg Evans, Bible Knowledge Background , Page 37.

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ 5 يوم
ردود 0
14 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة *اسلامي عزي*
بواسطة *اسلامي عزي*
 
ابتدأ بواسطة زين الراكعين, منذ 2 أسابيع
ردود 0
24 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة زين الراكعين  
ابتدأ بواسطة زين الراكعين, 9 مار, 2024, 05:43 م
ردود 0
55 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة زين الراكعين  
ابتدأ بواسطة زين الراكعين, 5 مار, 2024, 10:20 ص
ردود 3
44 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة زين الراكعين  
ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 23 ينا, 2024, 11:53 م
ردود 0
15 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة *اسلامي عزي*
بواسطة *اسلامي عزي*
 
يعمل...
X