اللُغَةُ العِبْرِيَّةُ بَيِنَ الحَقِيقَةِ والأَوْهَامْ

تقليص

عن الكاتب

تقليص

المهندس زهدي جمال الدين مسلم اكتشف المزيد حول المهندس زهدي جمال الدين
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اللُغَةُ العِبْرِيَّةُ بَيِنَ الحَقِيقَةِ والأَوْهَامْ

    اللُغَةُ العِبْرِيَّةُ
    بَيِنَ الحَقِيقَةِ والأَوْهَامْ

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image.png 
مشاهدات:	1413 
الحجم:	254.6 كيلوبايت 
الهوية:	814329




    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image.png 
مشاهدات:	857 
الحجم:	783.3 كيلوبايت 
الهوية:	814330



    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image.png 
مشاهدات:	925 
الحجم:	85.6 كيلوبايت 
الهوية:	814331



    الباب الأول

    اللغة العبرية

    إحياء أم إنشاء؟

    مقدمة الدراسة

    حينما شرعت في تعلم اللغة العبرية حتى أتمكن من دراسة بعض الأبحاث التي تتعرض لليهودية وذلك من خلال المراجع الأم توقفت كثيرا عند هذه اللغة العجيبة والفريدة في تراكيبها ومفرداتها..
    ولفت نظري أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام والذي هو أب لكل من إسماعيل واسحاق والذي أنجب يعقوب عليهم جميعا السلام.. يحتكره اليهود لأنفسهم باعتباره جدا لبني إسرائيل وحدهم وليس جدا للعرب، فتراهم يكتبون اسمه واسم ولديه هكذا بلغتهم العبرية:
    (أبْرَامْ- אברם)، (يشْمَعَالْ–ישׁמעאל)، (اسحاقיִצְחָק)، (يعقوب יַעֲקֹב).
    والله سبحانه وتعالى يقول:
    (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) آل عمران: ٦٧
    ولما كانت اللغة العبرية هي اللغة التي يتكلم بها بنو إسرائيل، نجد أنها لم تكن لغة قائمة بذاتها، ولكنها كانت تتكون من مجموعة لهجات كنعانية، حيث نشأت أساسا على أرض كنعان قبل نزوح بني إسرائيل إليها.
    وقد أطلق عليها عدة أسماء.. منها لغة كنعان، اللغة اليهودية، اللغة المقدسة، وفي العصر الحديث تم استحداث لغة خاصة بهم هي خليط من الكلمات العبرية والعربية واليديشية والآرامية بالإضافة إلى الإنجليزية والألمانية والروسية والإيطالية، فهي لغة أغلب كلماتها من اللغات الأخرى، وهي قريبة جداً من اللغة العربية في أغلب الكلمات فمثلاً: كلمة:
    (כתב) وتنطق كاتاف وهي تعني كَتَبَ.
    (מים): وتنطق مايم وتعني ماء.
    (שמש): وتنطق شيمش وتعني شمس.
    (ילד): وتنطق يليد وتعني ولد.
    (אוזן): وتنطق "أذن" ومعناها "أذن".
    (בני אדם): وتنطق "بني آدم" ولا يختلف معناها عن معناها بالعربية.
    דמוקרטיה : وتنطق ديموكراتيا وتعني ديمقراطية. كما أنها تشبه اللغة الإنجليزية
    אוּנִיבֶרְסִיטָה وتنطق أونفيرسيتا وهي نفس الكلمة باللغة الإنجليزية University ومعناها الجامعة.

    والباحث المنصف يدرك أن التوراة كتبت باللغة الهيروغليفية وليست العبرية الحديثة، فلماذا مسحت هذه الحقيقة من عقول الناس؟.
    لان الموضوع مرتبط بمشروع نفذته قوة شيطانية، واستطاعت اغراق الناس بكتب ومؤلفات ومراجع تأسيسية مزورة، واستطاع هذا المشروع صناعة وعي جديد ومختلف ومزور، وهذا الوعي الجديد أنتج مخيلة دينية وزمنية وتاريخية جديدة مزيفة في عقول الناس.
    لقد كان مشروع طمس وعي ومخيلة انسان العالم القديم الذي كان يعيش في المنطقة، وأصبح الانسان بعدها يعيش داخل عالم تخيلي افتراضي وهمي، حتى اصبحت مجتمعاتنا عاجزة جدا عن الخروج من هذا العالم الافتراضي والتخيلي الذي تم احاطته برواية جديدة حول أصل الدين.

    والدراسة التي بين يديك تحتوي على الموضوعات التالية:
    الفهرست
    الباب الأول: اللغة العبرية إحياء أم إنشاء؟
    مقدمة الدراسة
    الفصل الأول: منابع تطور اللغة العبرية
    الفصل الثاني: وصول العبرانيين إلى مصر
    الفصل الثالث: مراحل تطور اللغة العبرية
    الفرع الأول: كيف هي لغة سيدنا يوسف عليه السلام

    الفرع الثاني: خروج بني إسرائيل من مصر
    الفرع الثالث: عدم وجود ما يسمى باللغة العبرية زمن موسى عليه السلام
    الفصل الرابع: الجذور التاريخية للغة العبرية ومنابع تطورها
    مقدمة
    الفرع الأول: منشأ الأحرف العبرية
    الفرع الثاني: الجذور التاريخية للغة العبرية
    الفرع الثالث: اللغة العبرية وآدابها
    الفرع الرابع: الحقيقة
    الباب الثاني هل يهود اليوم يهود؟
    الفصل الأول: هل يهود اليوم هم من نسل يعقوب عليه السلام؟
    الفصل الثاني: هل يهود اليوم إسرائيليين. وما علاقتهم بالسامية؟
    الفصل الثالث: القبيلة الثالثة عشرة ويهود اليوم
    الفصل الرابع: هندسة الجينات البشرية تثبت أكذوبة انحدار اليهود الحاليين من نسل يعقوب
    الفصل الخامس: شكوك تتحوّل لكابوس.
    الفصل السادس مسألة المسخ ولماذا قتل هتلر اليهود؟
    الفرع الأول: كل أمر غيبي محروس بمشهد في الدنيا
    الفرع الثاني: عامل الريزوس Rhesus factor يكشف أصول اليهود
    الفرع الثالث: لماذا قتل هتلر اليهود
    الفصل السابع: يهود الخزر والدولار الأمريكي رموز وأسرار
    الفرع الأول: الدولار الأمريكي وخطة الحادي عشر من سبتمبر
    الفرع الثاني: الحادي عشر من سبتمبر
    الفرع الثالث: رموز مخفية في الدولار
    الفرع الرابع عين على العالم
    الفصل الثامن: يهود حول العالم.. كيف هي لغاتهم
    الفرع الأول: الأشكناز
    الفرع الثاني: السفارديم
    الفرع الثالث: يهود اليمن
    الفرع الرابع: يهود المزراحيين
    الفرع الخامس: حراس المدينة (ناطوري كارتا).
    الباب الثالث اللغة واللسان
    مقدمة
    الفصل الأول: اللّغات الاصطناعيّة Artificial languages وحلم الانصهار اللّغوي
    مقدمة
    الفرع الأول لغة برايل
    الفرع الثاني: لغة عالمية واحدة
    الفرع الثالث: لغة الاسبرانتو
    الفرع الرابع: الانترلينجوا
    الفرع الخامس: اللّغات الخياليّة…والإنتاج السّينمائيّ
    الفرع السادس معوقات كثيرة تعترض تحقيق حلم الانصهار اللّغوي
    الفصل الثاني: الفرق بين اللسان واللغة
    مقدمة
    الفرع الأول نظرة تاريخية
    الفرع الثاني خصائص ووظائف اللسان
    الفرع الثالث اللغـة والإنسـان
    الفصل الثالث نصب جورجيا الغامض
    مقدمة
    الفرع الأول وصف النصب
    الفرع الثاني الوصايا العشر بالنصب
    الفرع الثالث تعليق تفرضه الأحداث
    الخلاصة


    هذا والله ولي التوفيق.
    زهدي جمال الدين محمد الأول من يونيو عام 2020م في الذكرى السادسة لغياب العصفور عن عشه.



    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 21 يون, 2020, 09:23 م.

  • #2

    الفصل الأول

    منابع تطور اللغة العبرية

    المطلب الأول
    إن تناول اللغة العبرية ، ورصد تطورها وامتدادها التاريخي ، وما أثير حولها من تساؤلات عديدة، بما يتعلق بنشوئها، وهل هي لغة مستقلة مترابطة، أم أنها نسيج من لغات ولهجات متنوعة، ولقد ساهم في خلق هذا التشويش، مجموعة من المستشرقين الذين حاولوا إعطاء صفة الاستقلالية للغة العبرية، وبأنها لغة متكاملة ، ونسبوا إليها العديد من اللغات الأخرى ، التي لم تستطع البرهنة على سلامة هذا التوجه والمضمون ، بل إن الوقائع استطاعت إثبات أن اللغة العبرية ، ما هي إلا إحدى اللهجات الكنعانية والآرامية ، ولم تتوصل إلى لغة ذات أبعاد مترابطة ومتكاملة إلا في منتصف القرن العشرين ، بل أكثر من ذلك ، فإن الجماعات اليهودية التي يطلق عليها أتباع الديانة اليهودية ، فإنها ما زالت لم تأخذ باللغة العبرية ، وإنما تستخدم العديد من اللغات واللهجات التي كانت ولا زالت تتحدث بها ، بدءاً من اليديشية التي يتحدث بها أعداد كبيرة من هذه الجماعات وخاصة الاشكانيزم ، واليديشية هي رطانة من لغات أوربية عديدة ، وهناك لهجة اللادينو الإسبانية ، وهي التي يتحدث بها السفارديم ، عدا عن جماعات يهودية تتحدث بلغات البلـدان المقيمين فيها ، وعدم استخدامهم أو معرفتهم باللغة العبرية ، وهناك جماعات يهودية كالفلاشا الذين جاؤوا من الحبشة ، أما اليهود الهنود والإيرانيون والصينيون والروس ، ويهود أوروبا والولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية وإفريقيا ، كل هؤلاء ، لازالوا يتكلمون بلغات البلدان التي كانوا يقطنونها ، وانقسموا إلى جماعات متناحرة متنافرة ذات اتجاهات عديدة دينياً وفكرياَ ولغوياً ،مما أصبح من الصعب أن نطلق عليهم ، أنهم أصحاب ديانة يتكلمون بلغة واحدة ، لأنهم بالأصل ليسوا شعباً من الشعوب ، ولا أمة من الأمم ، وإنما هم موزعون على كافة الأمم والشعوب ، فكيف يكون لهم لغة موحدة ، وجرت محاولات لوضع لغة توراتية وتلمودية ، ومع هذا كانت متباينة مع بعضها ، حتى في أداء صلواتهم ، وعليه فإنهم لم يضعوا لغة متكاملة عبر التاريخ الطويل ، وكان أجدادنا السومريون قبل الألف الرابع ق.م في جنوب بلاد الرافدين قد اخترعوا الكتابة نحو 3500 ق.م ، فكانت اللغة السومرية أول لغة مكتوبة ، ومن تاريخ كتابتهم بدأت الحضـارة ، ورغم محاولة البعض التشكيك بعروبتهم ، إلا أنهم قبائل عربية أصيلة كما أن تسميتهم بهذا الاسم تدلل على نقاوة عروبتهم ، لأن سومر تعني لغوياً ضوء القمر ، والعرب يتمتعون بالسهرات الممتعة في ضوء القمر قبل الميلاد ، وحتى هذا التاريخ ، فالتسمية جاءت من واقع معاش ، وعلينا الارتشاف من أقوالهم المأثورة (الدولة الضعيفة التسليح لا يطرد العدو من أبوابها ) و ( من يترك القتال قبل أن ينتهي لن يعيش في سلام ) .
    وهكذا تتابعت القبائل العربية تحمل التراث والحضارة، فكانت رائدة في مجال اللغة والعلوم وغيرها من الإبداعات، واتكأت عليها الشعوب والأمم، فكان اليهود قد استقوا لهجاتهم اللغوية من اللغة الكنعانية والآرامية والفينيقية والعربية بفصاحتها وبيانها الساحر، حتى استحقت عن جدارة ريادة علم اللغة بكل أبعاده ودلالاته ومعانيه وأصوله.
    قد لا يعرف الكثيرون من المثقفين أن اللغة العبرية كانت لغة “ميّتة”، بمعنى أنها كانت لغة مكتوبة فقط طوال سبعة عشر قرنًا من الزمان، حتى أواخر القرن التاسع عشر، حيث كانت الظروف مؤاتية لبدء التحدث بها، وبدأت جهود حثيثة بغية جعلها من جديد لغة محكية في فلسطين لتصبح رويدًا رويدًا كسائر اللغات البشرية الطبيعية.
    السؤال الطبيعي الذي يطرح نفسه هو كيف تمكّن اليهود من « إحياء » العبرية، لغة العهد القديم والتوراة الشفوية “المشناة” وكذلك عبرية التلموديْن، الفلسطيني والبابلي بعد هذه الحقبة الزمنية الطويلة التي تحدثوا في غضونها بشتى اللغات كالآرامية أولا، التي حلّت محلّ العبرية في القرن الثاني للميلاد وغدت اللغة الرسمية (lingua franca) في منطقة الشرق الأوسط، مرورًا بالعربية بعد إقامة الإمبراطورية العربية مترامية الأطراف واحتلال العربية محلّ العديد من اللغات كالآرامية واليونانية واللاتينية والفهلوية والقبطية الخ. لأنّ سُنّة اللغات البشرية هي أن تكون اللغة محكية في البداية، ومن ثمّ تتبلور تدريجيا إحدى اللهجات المركزية ذات الشأن لتصبح لغة الكتابة، في حين أن الوضع في اللغة العبرية الحديثة المحكية معاكس، فهي قد انبثقت من لغة قديمة جدا ومكتوبة منذ ثلاثة آلاف سنة ونيّف.
    زد إلى ذلك أنه ليس هناك أي مثل آخر في التاريخ اللغوي للبشرية، حيث نجد فيه أن لغة اندثرت من حيث الاستعمال الشفوي قد تحوّلت في يوم ما إلى لغة محكية لدى الصغار والكبار كلغة أمّ، هذا لم يحدث في أي بلد من بلدان العالم. هذه اللغة العبرية الحديثة، بشقّيها المكتوب والمنطوق، والهوّة بينهما ما زالت ضيّقة نسبيًا ولكنها في اتّساع مستمر، هي اللغة القومية لليهود ولغة دولة إسرائيل الرسمية الأولى، إذ أن اللغة الرسمية الثانية، على الورق على الأقلّ، هي العربية.
    علينا أن ننوّه بأن هذه العبرية هي لغة التربية والتعليم في كل المراحل التعليمية والتربوية، من رياض الأطفال، لا بل من دور الحضانة، وحتى الجامعات وفي المواضيع الإنسانية والعلمية كافّةً.
    وينظر مثلا في نظرية عالم اللسانيات البريطاني هلليدي (M. A. K. Halliday) حول التطور الوظيفي للغة عند الطفل في السنوات الأولى. إنه يتحدّث عن سبع وظائف كهذه هي:
    كون اللغة أداة؛ كون اللغة وسيلة تنظيمية؛ كون اللغة وسيلة تعبير عن تفاعل مع الغير؛ كون اللغة وسيلة تعبير عن الذات؛ كون اللغة وسيلة استكشاف؛ كون اللغة وسيلة للخيال؛ كون اللغة وسيلة إخبارية
    (Instrumental; Regulatory; Interactional; Personal; Heuristic; Imaginative; Informative).

    وكثيرا ما يقال عن اللغة إنها تؤدّي ثلاث وظائف رئيسية: وصفية وتعبيرية واجتماعية.
    كما ويرى الباحثون بعض جوانب شَبه مشتركة بين إحياء العبرية المحكية الحديثة وإحياء العربية الأدبية المعاصرة، ومن أوجه الشبه هذه يمكن ذكر الحقيقة القائلة بأن العرب واليهود أصحابُ ثقافة دينية تقليدية راسخة، وهم يمارسون حفظ العديد من النصوص عن ظهر قلب، المأخوذة من العهد القديم والمشناة وكتب الصلوات (سِدّوريم) من جهة، والقرآن الكريم والحديث النبوي الشريف والعهد الجديد والصلوات من جهة أخرى.
    وبناء على هذه الأرضية والمناخ التراثي فلا بدّ من نمو ما يمكن تسميته بـ” ملكة لغوية”، أو “حاسّة لغوية” كما يُستخدم في الأبحاث اللغوية الحديثة، لدى صفوة القوم.
    وتجدر الإشارة إلى أن طريقة التعليم الديني التقليدي لدى الشعبين المذكورين في «الكتّاب» و«اليشيڤوت» تركّز على القراءة بصوت عال، فالعين ترى وتقرأ، بعد أن يفهم العقلُ النصوصَ غير المشكّلة، والأذن تسمع ويخزّن هذا المقروء المسموع لا سيّما في الأشعار والصلوات والنثر المقفّى، وكل هذا يساعد على الحفظ عن ظهر قلب.
    ولا نُخفي سرّا إذا ما قلنا بأن معرفة أية لغة طبيعية لا بدّ أن تشمل أربع مهارات: السمع (والفهم طبعا)، والسمع أبو الملكات اللسانية، كما قال ابن خلدون، والقراءة وهاتان سلبيتان أو استقباليتان (passive skill) والتكلم والكتابة وهما مهارتان فاعلتان نشطتان (active skills) وقد يضيف المرء دُربة أو حذاقة خامسة وهي العليا، التفكير بهذه اللغة المقصودة كلغة أمّ.
    مثل هذه المهارات يتحتّم توفرُها لدى أي مدرّس للغات حية كالعبرية والعربية والفنلندية والسواحيلية إلخ. وليس فقط بالنسبة للغات عالمية مثل الإنجليزية والألمانية والفرنسية والإسبانية، وفي كل المستويات التعليمية ولا سيّما العليا.
    هذا الوضع عند اليهود ينسحب جزئيًا على العرب ولغتهم، فالفصحى المكتوبة توحّدهم (رغم وجود بعض الاختلافات المعجمية بين المشرق العربي ومغربه) في حين أن اللهجات تفرّقهم إلى درجات مختلفة وقد تصل إلى حالات تعذر التواصل.
    فلو افترضنا أن مجموعة من العرب المتعلمين المثقفين المتحدّرين من أقطار عربية مختلفة مثل مصر والمغرب وفلسطين واليمن والسودان والسعودية والإمارات العربية المتحدة، وفيهم شباب وصبايا من عائلات الفلاحين والبدو والقرويين والمدنيين، قد عاشت في جزيرة معزولة لعشرات السنين فلسوف نرى أن اللغة العربية توحدهم، بخلاف اليهود ففي أواخر القرن التاسع عشر لم تكن هناك أية لغة حيّة مشتركة تجمع بين اليهود المحليين وبين الذين قدِموا إلى البلاد من بلدان مختلفة فيما يعرف باسم الهجرات اليهودية إلى فلسطين.
    ففي الهجرة الأولى وصل إلى البلاد حوالي خمسة وعشرين ألف يهودي من أوروبا الشرقية في الفترة الواقعة ما بين ١٨٨٢ و١٩٠٤. كانوا طوائف وفرقا شتّى، منهم من تكلم بالإيدش وهم من الإشكناز ومنهم من تكلم بلهجة آرامية حديثة أو بالفارسية أو بلهجات عربية معينة أو باللادينو. والمدارس اليهودية المختلفة كانت تدرّس بلغات مختلفة غير العبرية، فمثلاً مدرسة “ليمل”، التي تأسست في القدس سنة ١٨٥٧، كانت تدرّس بالألمانية النمساوية.
    أما المدارس، التي بدأت جمعية “كل إسرائيل أصدقاء” (כל ישׂראל חברים, כי’’ ח) بإقامتها في البلاد منذ سنة 1896، فقد استخدمت الفرنسية لغة للتدريس في حين أنّ المدارس التي كانت تابعة لـ” منظمة الإخوة” (אגודת אחים) كانت قد استخدمت الإنجليزية للغرض ذاته.
    ولم تنتشر آنذاك لغة السلطة الحاكمة، اللغة التركية لا بين اليهود ولا بين العرب، وبعد الهجرة اليهودية الثانية إلى فلسطين ١٩٠٤-١٩١٤ كان عدد الناطقين بالعبرية في الحياة اليومية ضئيلا، إلا أنه أخذ بالازدياد بمرور الوقت. وفي هذا السياق قد يكون مفيدا الإشارة إلى موقف أحد أعضاء هذه الهجرة، يهوشوع ألترمان، الذي كتب ما معناه: عندما داست قدماي أرض شاطئ يافا نذرت نذرين: الأول ألا أنطق بأية لغة أجنبية بل سأتكلم بلغتنا العبرية، والثاني ألا أعود إلى المهجر/الشتات.ּ
    ألترمان لم يكن وحيدا في موقفه هذا إزاء استعمال العبرية فالكثيرون عقدوا العزم للتحدث بالعبرية فقط. وهذا الزعيم العمالي برل كتسنلسون كتب أيضا ما معناه: عند قدومي إلى البلاد لم أعرف تركيب جملة طبيعية واحدة بالعبرية ولم أنو التحدث بلغة أجنبية، قررت ألا أُخرج من فمي أية كلمة أجنبية، وفي خلال عشرة أيام لم أتكلم بالمرّة، وعندما اضطررتُ الإجابة على شيء ما، كنت أجيب بجملة قريبة من الموضوع.
    فنحن إذن أمامنا موقف حاسم اتخذه معظم القادمين الجدد، الانفصال عن المهجر وثقافته والانخراط في البلاد والثقافة اليهودية وبخاصة تعلم اللغة العبرية والتحدث بها.
    ولعب المعلمون دورا محوريا في نشر العبرية المحكية في كل المراحل التعليمية ابتداء من رياض الأطفال ولغاية الجامعات، فاللغة مفتاح الثقافة والفكر والكيان.


    تعليق


    • #3
      المطلب الثاني

      اللُغةُ العِبْرِيَّةُ (بالعبرية: עברית' عِڤْرِيتْ) من لغة البدو الرحل إلى لغة الدولة:
      الثابت تاريخيا أن فترة تواجد يعقوب عليه السلام وبنيه في مصر كانت في (1991-1786) ق.م، والتي هي فترة تواجد يوسف عليه السلام..
      كما أنهم هم البدو الرحل – قال تعالى: (.... وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ....) يوسف: ١٠٠ - وصفة العبرانيين ما هي إلا تسمية تطلق على كل القبائل والمجموعات والأفراد الذين ينتقلون من مكان إلى آخر طلباً للكلأ والماء ، وفي سبيل ذلك يقطعون الفيافي والقفار والصحارى ، والأنهار ، وهذه التسمية إنما هي صفة تطلق على كافة الأقوام التي تقوم بهذا التحرك ، لتحقيق الغايات والأهداف التي ينشدونها ، وعليه فإن لفظة العبرانيون أو العبيرو أو الخبيرو ما هي إلا صفات ، ولا تدلل على الانتماء إلى شعب من الشعوب ، أو أنها تكوّن شعباً من الشعوب ، سواء كان ذلك في الجزيرة العربية ، أو بلاد ما بين النهرين أو في مجاهل أفريقيا ، أو أمريكا اللاتينية ، أو أوربا أو أيّ جزء من العالم .
      أما إطلاق تعبير (لغة) على العبرية، فهي من باب التجاوز، لأنه لا توجد لغة عبرية، وإنما هي إحدى اللهجات الكنعانية، ولم يتحدث بها اليهود إلا لفترة قصيرة جداً، فلغة الآباء (إبراهيم وإسحق ويعقوب)، إنما كانت لهجة ساميّة قريبة من العربية أو الآرامية، أما العبرية القديمة التي يصعب إطلاق هذه التسمية عليها في المرحلة الأولى من تاريخها، فلم يتوفر لها أسباب الاستقلال اللغوي أو التمايز اللهجي.
      كيف كانت لغة التفاهم بين يوسف وإخوته:
      حينما دخل إخوة يوسف عليه استطاع يوسف عليه السلام التعرف عليهم، لكنهم لم يعرفوه نظراً للتغير الكبير الذي حصل في مظهره وملابسه المصرية.
      (وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ) وبحسب القصة القرآنية كيف خاطبهم يوسف عليه السلام:
      ( .... قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ ۚ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنزِلِينَ * فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ) يوسف:59- 60. وهو يتحدث بلغة غير لغتهم؟..
      بالتأكيد حدث هذا من خلال ترجمان بينهما، فهو مصري وعزيز مصر ويتحدث بلغة المصريين القدماء..
      وعندما أراد يوسف عليه السلام التأكد من إحضارهم شقيقه بنيامين - أصغر أبناء يعقوب - فطلب منهم إبقاء أحدهم رهينة عنده حتى يرجعوا بأخيه.
      وتقول الرواية التوراتية إن يوسف خاطب اخوته قائلا: «إن كنتم أمناء فليحبس أخ واحد منكم... وانطلقوا أنتم وخذوا قمحاً لمجاعة بيوتكم. واحضروا أخاكم الصغير إليَّ، فيستحق كلامكم ولا تموتوا».
      عندئذ تذكر الأسباط ما فعلوه بيوسف عندما ألقوه في البئر رغبة في التخلص منه «وقال بعضهم لبعض حقا إننا مذنبون إلى أخينا الذي رأينا ضيقة نفسه لما استرحمنا ولم نسمع، لذلك جاءت علينا هذه الضيقة.. وهم لم يعلموا أن يوسف فاهم، لأن الترجمان كان بينهم. فتحول عنهم وبكى».
      انتبهوا لهذه الفقرة «وهم لم يعلموا أن يوسف فاهم، لأن الترجمان كان بينهم. فتحول عنهم وبكى».
      ذكرني هذا الموقف بحادثة ظريفة حدثت معي يعرف تفاصيلها كل من هو قريب مني دعوني أحكيها لكم:
      كنت عائداً من أمريكا وذلك اثناء إحدى رحلاتي إلى الخارج على متن طائرة لوفتهانزا، ونزلت ترانزيت في ألمانيا انتظارا للطائرة المتوجهة إلى الإسكندرية حيث كنت أجلس في مقاعد الانتظار والتي كانت عبارة عن كراسي متقاربة مرصوصة في حلقة دائرية، صادف جلوسي بجوار ألماني ينتظر طائرته المتجهة إلى دبي وتناولنا سويا أطراف الحديث باللغة الإنجليزية. جاءت أسرة مصرية مكونة من سيدة معها بناتها الثلاث وأزواجهن وجلسوا في المقاعد المواجهة لنا مباشرة.. وكانوا يتحدثون على راحتهم.. ثم جاء موعد رحيل الرجل الألماني وتركني وحيدا، وفجأة وجهت الأم سؤالاً لبناتها وهي تشير إلىّ بإماءة منها لهن فقالت:
      الخواجة اللي قاعد قدامكم ده يشبه مين عندنا في مصر؟..فراحت كل واحدة منهن تذكر ما يعن لها في خيالها.. وفجأة قاطعهم أحد الأزواج قائلاً:
      اسكتي انت وهي.. دا يشبه (فلان الفلاني- وزير ثقافة مصري- آنذاك) واستكمل كلامه قائلاً: وتلاقوه (كذا كذا مثله) وهذه الكذاءات كلمة قبيحة كان يُنعت بها.. فراحوا يضحكون وتعالت ضحكاتهم بطريقة ملفتة للنظر.. هم لا يعرفون أنني مصري اسكندراني وابن بلد.. فما كان مني إلا أن أخرجت من حقيبتي كتاباً باللغة العربية ورحت أقرأ فيه.. وما حدث بعد ذلك من ردة الفعل عليهم حينما شاهدوا ذلك الفعل مني متروك لخيالكم خصوصا حينما عرفوا أنني متوجه إلى الإسكندرية على متن نفس الرحلة.. هذا الموقف تذكرته لحظة لقاء يوسف بإخوته وهم ينعتونه بالسرقة.
      (قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ ۚ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ ۚ قَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا ۖ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ) يوسف:77... فأبديتها لهم.
      فعائلة يوسف عليه السلام من البدو وكانوا يتحدثون بلهجة غير مصرية فتحدثوا فيما بينهم وقد أساءوا إليه ظانين أنه لا يفهم لغتهم فهو كان يتحدث معهم وبينه بينهم ترجمانا..

      تعليق


      • #4
        الفصل الثاني

        وصول العبرانيين إلى مصر

        إضافة لذلك يمكننا أن نقرأ النقش الخاص بوصول وفد آسيوي رفيع المستوى لمصر على أحد جدران مقابر بنى حسن بالمنيا بشكل مختلف، علما بأنه لم يسجل من قبل في الآثار المصرية تسجيل لزيارات آسيوية بهذا المستوى مما يعكس أهمية الزيارة ويذكر في هذا النقش أن «أبشا» زعيم هذا الوفد ولعله هو «يعقوب» عليه السلام و«أبشا» معناها الزعيم ويعقوب هو قائد أو أب ليوسف وأخوته.
        ومما يعزز هذه الفرضية هو أن الوفد الآسيوي من البدو -رجال ملتحين ونساء وأطفال -مرتدين الملابس الصوفية المزركشة، كانوا غير مقيدين أو ساجدين للفرعون لتخليد انتصار المصريين على إحدى الغزوات الآسيوية بل على العكس فالرسم يظهر القادمين مرفوعين الرأس ومعهم رماحهم وفي موكب يحمل الهدايا.
        أما المنظر الذي تم ربطه بنبي الله «يعقوب» ومنهم من قال أنه «إبراهيم» عليهما السلام، فقد صور على الجدار الشمالي للمقبرة ونرى فيه جماعة من البدو، رجالا ونساء، وقد صوروا وهم يرتدون الملابس المزركشة متعددة الألوان، ويظهر الرجال بلحى صغيرة والنساء بشعور طويلة، وتتكون الجماعة من ثمانية رجال وأربع سيدات وثلاثة أطفال يصحبون معهم حمارين وغزالا ووعلا، وعلى ظهر أحد الحمارين نجد أدوات للتعدين،
        اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image.png 
مشاهدات:	439 
الحجم:	377.1 كيلوبايت 
الهوية:	814439


        ويحمل الرجال القادمون مع إبشا بعض الأسلحة، بينما حمل أحدهم قيثارة غير متناسقة الشكل، ويشاهد إلى اليمين من المنظر صاحب المقبرة «خنوم حتب الثاني» وأمامه وقف كاتب ممسكا برسالة تفيد حضور جماعة الآسيويين.
        وكما أشرت، فإن تلك المحاولة في الربط بين ما هو مصور على جدران مقبرة «خنوم حتب الثاني» وما ورد في التوراة سيظل في محل الافتراض والنظرية، وما من سبيل إلى وصوله إلى درجة الحقيقة واليقين..
        فالأمر ما زال يتعلق بأبي الأنبياء!.ويبقى السؤال حائرا.. هل أبو الأنبياء هو «إبشا» حاكم الصحراء، أم أنه يعقوب عليهما السلام.
        وبالتدقيق في الصورة المنقولة عن جدار مقبرة «خنوم حتب الثاني» والتي يُصوُر فيها أحد «الأسيويين» ونجد مكتوب في الأعلى -المربع الأصفر- وصفه بأنه «حاكم الصحراء» وفي الأسفل -المستطيل الأحمر- مكتوب اسمه «إبشا».
        اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image.png 
مشاهدات:	458 
الحجم:	495.7 كيلوبايت 
الهوية:	814438



        اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image.png 
مشاهدات:	451 
الحجم:	500.3 كيلوبايت 
الهوية:	814437



        (III)
        وكان بعضهم ينتعل نعلا ذا سيور -الصورة العليا في شمال الصورة- على حين كان البعض الآخر ومن بينهم زعيم القبيلة يمشي حافي القدمين وكان بعض الرجال يحملون أقواسا وسهاما. أما النساء فكن يلبسن أثوابا مزخرفة أيضا تغطي إحدى الكتفين وتترك الثاني عارية وكن ينتعلن أحذية حمراء ويضعن فوق رؤوسهن طرحا مثبته بحبل فوق الرأس تشبه الكوفية والعقال.
        وكما قلت أن بعض الباحثين حاول الربط بين هؤلاء الأجانب من الأسيويين وبين قدوم يعقوب الي مصر ولكن ليس هناك الأدلة ما يؤيد ذلك وبغض النظر عن القيمة التاريخية لهذا المنظر فإن له اهمية خاصة لأنه يعطينا صورة واضحة عن مظهر الأسيويين الذين ينتمي يوسف عليه السلام إليهم.
        نري في الصورتين (II) و (III) الشيخ (أبشا) يحمل لقب «هِك أو حِق-سيتو»، والتي تعني حاكم الصحراء أو أمير المرتفعات، يُقدم بين يديه هدية من الوعول المروضة المشهور بها اﻹقليم وخلفه -فيما يبدو- ابنه اﻷكبر يليهما مجموعة تحمل الرماح والأقواس أشبه بـ«الحراس الشخصين» للشيخ وابنه ثم في اﻷسفل من اليمين نرى حماراً عليه طفلين صغيرين ورائهما أربع من النسوة -محتمل زوجات الشيخ- وخلفهن شخص آخر يحمل آلة موسيقية يعزف عليها وعلى ظهرة قربة ماء وفي نهاية الموكب شخص يحمل قوس وبلطة،
        هذا الوفد اﻵسيوي إمّا أنه كان في «زيارة رسمية» لحاكم اﻹقليم للتبادل التجاري أو أتوا بهم مُجبرين لتقديم فروض الولاء والطاعة في صورة "هدايا" للحاكم.
        أو أنهم يعقوب وبنيه جاءوا لعزيز مصر يوسف عليه السلام.
        اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image.png 
مشاهدات:	450 
الحجم:	137.5 كيلوبايت 
الهوية:	814436


        كما يُفهم من الكلام الذي ذُكر على بردية الكاتب الملكي، وخصوصاً أننا نرى في أعلي شمال الصورة –المستطيل باﻷحمر- مكتوب بالهيروغليفية الرقم 37 وبجانبه شخص يجلس مكتوف اﻷيدي، هذا الرمز كان يعني إمّا «أسير» أو «أجنبي» باعتبار أن المصريين هم فقط «اﻷحرار».ويترأس هذا الموكب الكاتب الملكي (نِفر-حُتب) والذي يحمل بردية كُتب عليها:
        «في العام السادس من حُكم جلالة حورس، مُرشد الأرضين وملك مصر العليا والسفلي (سنوسرت الثاني) أتي ابن أمير الإقليم «خنوم حتب الثاني» بـ 37 من العامو (الأسيويين) من أجل إحضار الكُحل.».
        اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image.png 
مشاهدات:	425 
الحجم:	261.5 كيلوبايت 
الهوية:	814435


        يليه رئيس القبيلة وإلى جواره نص هيروغليفي يقول: «حاكم الصحراء إبشا».
        اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image.png 
مشاهدات:	423 
الحجم:	216.0 كيلوبايت 
الهوية:	814434


        وقد أمسك هو والرجل الذي يليه حيوانات الصحراء يقدمانها إلى «خنوم حتب الثاني».
        هذا الوفد القادم من البادية والذي سكن بعد ذلك فِي أَرْضِ جَاسَانَ،‏ طبقاً للرواية التوراتية فلقد ورد في تكوين47: 6 «5 فَقَالَ فِرْعَوْنُ لِيُوسُفَ:‏ «أَبُوكَ وَإِخْوَتُكَ قَدْ جَاءُوا إِلَيْكَ.6‏ أَرْضُ مِصْرَ رَهْنُ تَصَرُّفِكَ.‏ أَسْكِنْ أَبَاكَ وَإِخْوَتَكَ فِي أَفْضَلِ ٱلْأَرْضِ.‏ لِيَسْكُنُوا فِي أَرْضِ جَاسَانَ،‏ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ بَيْنَهُمْ رِجَالًا شُجْعَانًا،‏ فَأَقِمْهُمْ رُؤَسَاءَ مَوَاشٍ عَلَى ٱلَّتِي لِي» (تك 47: 6).
        وبالتدقيق في الرسالة التي يمسك بها المصري والذي يتقدم الوفد الأسيوي نجدها مكتوبة باللغة المصرية القديمة، وبالتأكيد ليست هي لغة البدو القادمين بين يديه.. فهي رسالة مترجمة عن لغتهم الأصلية والسؤال الذي يطرح نفسه الآن ما هي هذه اللغة؟..

        اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image.png 
مشاهدات:	427 
الحجم:	394.7 كيلوبايت 
الهوية:	814433



        على أي اﻷحوال فإن تلك الصورة التي حفظتها اﻷحجار من عهد الدولة الوسطي تدل على أنها ليست للمصريين القدماء واﻷرجح أن موطنهم اﻷصلي هو منطقة شمال الجزيرة العربية، فوجه الشيخ (أبشا) يظهر بشكل واضح أنّه سامي ومقارب لوجه البدوي في الوقت الحاضر، فخط اللحية الضيق الذي ينزل من أعلي الفك ليتسع عند جانب الفم ثم يعود يضيق وصولا للذقن، والأنف الطويل المعقوف، وتعابير الملامح العامة كلها صفات مألوفة في الوجه العبري.

        كما أنّ هذا الأصل السامي يظهر في اسم (أبشا אבשׁא) الذي يوازي اسم (أبيشاي אבישׁי) في العبرية والذي يعني «أبو الهدايا»، ومن المُحتمل أن هذا لم يكن اسم (أبشا) الحقيقي بل وصف أطلقه عليه قومه كنتيجة لمجيئه لمصر وهو يحمل الهدايا أو الخِرَاج للمصريين..




        التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 26 يون, 2020, 09:27 ص.

        تعليق


        • #5
          اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image.png 
مشاهدات:	455 
الحجم:	2.50 ميجابايت 
الهوية:	814432


          والعجيب ان صحيفة هارتز Haaretz الصهيونية كانت قد نشرت مقالا مترجما لي يوم الإثنين الموافق 6 إبريل 2020م وذلك بمناسبة عيد الفصح اليهودي تم استعارته من إحدى المنتديات الحوارية المسيحية تحت عنوان "إعجاز تاريخي في سورة يوسف عليه السلام" وكنت قد تناولت فيه دخول سيدنا يعقوب وأبناؤه على مصر ضيوفاً متناولاً بشيء من التفصيل أشهر ملوك الدولة الوسطى وإنجازاتهم متحدثا عن (الأسرات 13-17) و عصر الاضمحلال الثاني (1778-1570 ق.م) ونهاية الدولة الوسطى ثم تحدثت عن كفاح المصريين ضد الهكسوس بقيادة أحمس الأول قائد الجيش المصري عام 1700 ق.م.
          ثم تحدثت عن عصر يوسف عليه السلام، الذي لعله في زمن الأسرة 12 (1991-1786) ق.م، هو سابق لعصر ملوك الهكسوس (بداية حكمهم في أقدم تقدير 1720 ق.م).
          وتكلمت عن إمنمحات (مؤسس الأسرة 12) والذي بنى سوراً مرتفعاً في شرق البلاد أمام طريق القوافل ووضع حراساً عليه يراقبون من أعلى السور كل ما يحدث في الناحية الأخرى وبذلك تعذر على أي متجول أن يدخل مصر أو حتى يطلب ماء لتشرب منه ماشيته]. وهذا مما قد يُرجّح أن يعقوب عليه السلام في تلك الفترة، وأنه ربما عنى تلك الأبواب أي التحصينات ونقاط المراقبة العديدة لمنافذ شرق مصر.
          ومع انهيار الأسرة التالية (13)، انهارت تحصينات منافذ الحدود الشرقية (وهي أساساً لمنع العامو) أو اُهملت، ودخل الأجانب (العامو) من شرق مصر أفواجاً، وقد استطاع آسيوي اسمه (خنجر) أن يملك مصر، خلال الأسرة 13، وعند نهاية هذه الأسرة (13)، أصبح غالب شرق الدلتا من الآسيويين (العامو)، وكذلك الأسر التالية (14، 15، 16) تكاد تكون من العامو (الهكسوس) أو خاضعة لملوكهم، حتى سُمّيت الدلتا بأرض العامو.
          الأسرة الحادية عشر: كل مصر (2134–1991 ق.م).
          الأسرة الثانية عشر:( 1991–1803 ق.م).
          الأسرة الثالثة عشر :( 1803–1649 ق.م).
          الأسرة الرابعة عشر: (1705–1690 ق.م).
          بينما نعلم أنه في ولاية يوسف كانت العلاقات التجارية قائمة منتظمة، مما يؤيد أن عصر يوسف سابق لعصر ملوك الهكسوس. وتحدثت عن النقش الخاص بوصول وفد آسيوي رفيع المستوى لمصر على أحد جدران مقابر بنى حسن بالمنيا بشكل مختلف، علما بأنه لم يسجل من قبل في الآثار المصرية تسجيل لزيارات آسيوية بهذا المستوى مما يعكس أهمية الزيارة وبالتالي فربما” أبشا “زعيم هذا الوفد هو يعقوب عليه السلام وأبشا معناها الزعيم ويعقوب هو قائد أو أب ليوسف وأخوته...وتناولت بشيء من الفصيل حجر بني إسرائيل والذي عول عليهPhilippe Bohstrom كاتب المقال كثيرا.
          اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image.png 
مشاهدات:	429 
الحجم:	382.3 كيلوبايت 
الهوية:	814431



          Timeline, ancient Egypt, from 1900 BCE to 1100 BCEss
          التسلسل الزمني، مصر القديمة، من عام 1900 قبل الميلاد إلى 1100 قبل الميلاد، تقريبًا
          اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image.png 
مشاهدات:	431 
الحجم:	605.4 كيلوبايت 
الهوية:	814430


          التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 26 يون, 2020, 09:25 ص.

          تعليق


          • #6
            يراجع:
            ) A History of Egypt, Volume I, W. M. Flinders Petrie, 1894(
            هناك فترة زمنية لا تقل عن 800 عام ما بين زيارة الشيخ (أبشا) لمصر وما بين ظهور (أبيشاي- אבישׁי) اليهودي هذا، وهو ابن أخت (دَاودْ- דוד) النبي وأحد قادته المُخلصين أثناء صراعه مع (شاول־ שׁאול) أول ملوك بني إسرائيل؛ فزيارة (أبشا) للوادي تمت تقريباً في بدايات القرن التاسع عشر قبل ميلاد، في حين أنّ (دَاودْ- דוד) خال (أبيشاي- אבישׁי) يُؤرَّخ لوجوده في حوالي القرن الحادي عشر قبل الميلاد، ولذا يجب ألا ينصرف الذهن إلى الربط بين الإثنين واعتبار أن (أبشا) هو الأخر يهودي.
            ففي القرن 19 قبل الميلاد لم تكن اليهودية قد نشأت بعد؛ فبالكاد حوالي تلك الفترة كان قد تحرك لتوّه (أبْرَامْ- אברם) الجد اﻷكبر لـ(دَاودْ- דוד) من أور في العراق لحاران في تركيا بصحبة زوجته (سَارَاي- שׂרי) وأبيه تارَح (ترَحْ- תרח) وابن أخيه (لوطْ - לוט) كما يقص علينا سفر التكوين.
            وفي حاران يموت تارح (ترَحْ- תרח)، وبعدها يأمر (يهوه- יהוה) رب (أبرام אברם) بالذهاب ﻷرض «كنعان»، بفلسطين فيصدع للأمر ويشد الرحال إليها رغم كبر سنه فقد بلغ حينها الخامسة والسبعين وزوجته كانت قد تخطت الستين بخمس سنين؛ وهناك في «كنعان» يأتيه وعد (يهوه- יהוה) بانّه سيورّث نسله اﻷرض الممتدة من موطئ قدميه بكنعان إلى مسقط رأسه بالعراق «سَأُعْطِي نَسْلَكَ هَذِهِ الأَرْضَ مِنْ وَادِي الْعَرِيشِ إِلَى النَّهْرِ الْكَبِيرِ، نَهْرِ الْفُرَاتِ.» (تك 15: 18).
            لكن كيف كان من الممكن أن يتحقق هذا الوعد و(أبرام) شيخاً هرماً بلا ذرية و(ساراي) عجوز عقيم؟! فكّرت (ساراي) في اﻷمر واﻷمل يراودها خصوصاً أن زوجها لم يكن قد تجاوز بعد الـ 85 ربيعاً ورأت أن تدفع له بعبدتها المصرية التي تُسمي (هَاجَرْ-הגר) ليدخل بها لعل وعسى تحمل بولد يرثه من بعده؛ ولم يَخيبْ رجائها وسرعان ما حملت (هاجر) بـ(إسماعيل- (يشْمَعَالْ–ישׁמעאל))،والذي قد يُترجم -بتصرف- لـ«يهوه سميع» فالاسم يتكون من مقطعين «يشمع-ישׁמע» بمعنى يسمع و «إل-אל»التي تعني إله بشكل عام وتستخدم للإشارة لـ(يهوه)، ولكن (إل) في اﻷساس هو كبير آلهة الكنعانيين الذين عاش بينهم (أبرام)، ونجده في الكثير من اﻷسماء «السامية» فعلى سبيل المثال نجده في اسم (العازار-אלעזר) والتي تعني "قد أعان إل" و (إليشوع-אלי̇שוע) أو (إليشع-אלי̇שע) والذي يعني «إل هو المُخلّص»و (إلنتن-אלנתן) والتي تترجم إلي «قد أعطي إل » وعطية (إل) هذا مختلفة عن (نتنياهو-נתניהו) الذي هو عطية خاصة من (يهوه) للحُاكم العرب المُعاصرين.
            يراجع:
            A Hebrew And English Lexicon of The Old Testament, Wilhelm Gesenius
            لكنّها بعد أنْ حملت بـ «وليّ العهد» تغيرت مُعاملتها لسيدتها وتاج رأسها، فغضبت (ساراي) واشتكت لـ (أبرام) من تلك العبدة الناكرة للجميل فما كان مِنهُ إلا أن قال لها «هَا هِيَ جَارِيَتُكِ تَحْتَ تَصَرُّفِكِ، فَافْعَلِي بِهَا مَا يَحْلُو لَكِ». فَأَذَلَّتْهَا سَارَايُ حَتَّى هَرَبَتْ مِنْهَا.» (تك 16: 6).
            سترجع (هاجر) مرة ثانية لـ(ساراي) بعد أن يظهر لها ملاك (يهوه) ويأمرها بالعودة لمولاتها والخضوع ﻷوامرها؛ غضب (ساراي) اتجاه هاجر وابنها لم يرق لـ(أبرام) فـ(إسماعيل) هو وليده الوحيد لكنّه لم يكن ليستطع أن يرفض طلباً أو أمراً لزوجته التي -يبدو- أنها كانت تعلم أنه بعد 15 عام من ولادة (إسماعيل)-وحينها ستكون بنت التسعين- سينبض في أحشائها أولي نبضات قلب (إسحاق(يتْسَحَاقْ יצחק))بمعني «هو يضحك» أو «الضاحك») وسيعقد (يهوه) عهداً بينه وبين (إبرام) هذا العهد الذي سيأخذ شكل عملي وهو الختان، وسيُبدّل اسم كُلاً من الزوجين تعبيراً عن بدء مرحلة جديدة، فاسم (أبرام) والذي قد يعني «أب جليل» سيصبح (إبراهيم-(أبْرَاهَامْ-אברהם)) بمعني «أب لكثيرين»، وإذا كان المُترجم من المولعين بالمبالغة والتضخيم سيترجمها إلي « أب اﻷمم»، أمّا لو كان المترجم مصرياً معاصراً (من اياهم) فالترجمة غالباً ستكون «أبو الدُّنيا».
            أمّا(ساراي) فسيتبدّل اسمها إلى (سارة – שׂרה) بمعني «أميرة» فبعد أن كانت أميرة قومها فقط أصبحت الآن أميرة الدُنيا كلها؛ ويُقال أيضاً أنّه قد أُطلق عليها بسبب أنّ كل مَنْ يراها كان لا يستطيع رفع عينيه عنها لجمالها الساحر الأخَّاذ حتى بدت كُل النساء أمام جمالها كالقردة والخنازير.
            والسؤال الآن بعد كل ذلك الطرح والإسهاب فيه: ماذا كانت لغة الحديث عند كل هؤلاء؟..وماذا كان لسانهم.
            اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image.png 
مشاهدات:	420 
الحجم:	394.5 كيلوبايت 
الهوية:	815078
            שׂרי) هو اسم ذو أصول أكادية حيث كانت عبادة القمر منتشرة بين بابليون وأور مسقط رأس (أبرام)، فكانت زوجه إله القمر الذي يُسمي (سِنْ-Sin) تُعرف تحت اسم (شارّاتو-Sharratu) والذي يعني "الملكة"، حتى أخت (ساراي) أو (سارّاتو) التي تُسمي (مِلْكَة-מלכה) والذي يعني في العبرية « ملكة » مأخوذ عن (مالكاتو- Malkatu) بمعنى «أميرة» وهو من ألقاب (عشتار) ابنة إله القمر.
            يراجع:
            The Cambridge Ancient History, Vol.1, Egypt and Babylonia to 1500 B.C
            Encyclopedia Judaica, Volume 8, 2007
            الخرائط وصورتي مقبرة (نفر-حتب) مأخوذة من الكتب التالية:
            (I) أطلس القرآن، د. شوقي أبو خليل
            (II) Archaeological Survey of Egypt, Beni Hasan, Part. I., Percy E. Newberry.
            (III) Atlas of Egyptian Art, Prisse d'Avennes.
            (IV) Bible Atlas, Zaine Raidling.
            (V) The Penguin Historical Atlas of Ancient Egypt, Bill Manley.
            https://freefromjoy.blogspot.com/2019/05/27.html
            يقول
            The absence of evidence of a sojourn in the wilderness proves nothing. A Semitic group in flight wouldn't have left direct evidence: They would not have built cities, built monuments or done anything but leave footprints in the desert sand.
            الترجمة:
            إن عدم وجود دليل على الإقامة في البرية لا يثبت شيئًا. ما كانت مجموعة سامية أثناء هروبها لتترك دليلاً مباشراً: ما كانوا ليبنون مدنًا، ولا يبنون آثارًا، أو يفعلوا أي شيء سوى ترك آثار أقدام في رمال الصحراء.




            التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 2 يول, 2020, 06:17 م.

            تعليق


            • #7
              الفصل الثالث

              مراحل تطور اللغة العبرية

              الفرع الأول كيف هي لغة سيدنا يوسف عليه السلام


              أكيد اللغة المصرية القديمة وليست لغة آبائه تلك اللغة التي اندثرت وأبدلت باللغة المصرية القديمة سيما وأن يعقوب وبنيه وأحفاده مكثوا بمصر أربعمائة سنة..
              عندما وصل أبناء يعقوب العشرة إلى مصر وأتوا إلى يوسف استطاع يوسف عليه السلام التعرف عليهم، لكنهم لم يعرفوه نظراً للتغير الكبير الذي حصل في مظهره وملابسه المصرية.
              وبعدها التقى يوسف وأهله وقد جسد القرءان الكريم ذلك المشهد في قوله تعالى:
              (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا ۖ وَقَالَ يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ۖ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ۚ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) يوسف:100.
              دقق في قول يوسف عليه السلام:(......وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ......) يوسف:100.
              فهم يتحدثون بلهجة محلية فلما عاشوا في مصر لمدة اربعمائة سنة لم يحافظوا على تلك اللهجة نتيجة لانخراطهم بين المصريين فتحدثوا بلغتهم ومنهم من حافظ على اللهجة البدوية.
              ولا تنسى أن موسى عليه السلام تربى في بيت مصري صميم حتى خرج من مصر تلقاء مدين.. ومن المؤكد أنه كان يتحدث بلغة المصريين فهو لم ينشأ وسط قومه بالفرض أنهم كانوا يتحدثون فيما بينهم بلهجتهم والتي هي من المستحيل الحفاظ عليها طوال هذه المدة.
              يقول سفر التكوين 15: 13 (13فَقَالَ لأَبْرَامَ: «اعْلَمْ يَقِيناً أَنَّ نَسْلَكَ سَيَكُونُ غَرِيباً فِي أَرْضٍ لَيْسَتْ لَهُمْ وَيُسْتَعْبَدُونَ لَهُمْ فَيُذِلُّونَهُمْ أَرْبَعَ مِئَةِ سَنَةٍ. 14 ثُمَّ الأُمَّةُ الَّتِي يُسْتَعْبَدُونَ لَهَا أَنَا أَدِينُهَا. وَبَعْدَ ذَلِكَ يَخْرُجُونَ بِأَمْلاَكٍ جَزِيلَةٍ. 15 وَأَمَّا أَنْتَ فَتَمْضِي إِلَى آبَائِكَ بِسَلاَمٍ وَتُدْفَنُ بِشَيْبَةٍ صَالِحَةٍ.).. ومعنى ذلك أن مدة إقامة بنى إسرائيل في مصر كانت 400 سنة. ويقول سفر الخروج 12: 40 (40 وَأَمَّا إِقَامَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّتِي أَقَامُوهَا فِي مِصْرَ فَكَانَتْ أَرْبَعَ مِئَةٍ وَثَلاَثِينَ سَنَةً.).. وهذا يعنى أن مدة إقامة بنى إسرائيل الفعلية في مصر هي 430 سنة. وعلى أية حال هذه فروق بسيطة لا تذكر، وما يهمنا هنا هو طول مدة مكث بني إسرائيل بمصر والتي كان من المؤكد فيها أنهم كانوا يتحدثون باللسان المصري القديم..


              اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image.png 
مشاهدات:	422 
الحجم:	344.2 كيلوبايت 
الهوية:	815077


              والعجيب أنك تشاهد في السينما العالمية في فيلم الوصايا العشر يسجلون لحظة نزول التوراة على موسى عليه السلام المولود في مصر والذي تم تربيته في قصر الفرعون والذي لم يكن ليعرف أي لغة أخرى غير المصرية القديمة تراهم وقد كتبوها – أي الواح التوراة –باللغة العبرية.. وأنه تمت كتابتها بأصابع الله.. حاشاه جل الله في علاه.
              التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 2 يول, 2020, 06:16 م.

              تعليق


              • #8
                الفرع الثاني
                خروج بني إسرائيل من مصر
                من هو فرعون موسى ؟..
                لقد اختلفت الآراء في تحديد اسم هذا الفرعون اختلافاً كبيراً وسنذكر في هذه المقالة مختلف الآراء التي ذكرت في هذا الشأن، مذكرين بأن بعض هذه الآراء لم يوضع بقصد بيان الحقيقة أو بحثاً عنها بل وضع لهدف سياسي وإن كان قد غُلّف بما قد يبدو للقارئ بأنه حقائق تاريخية، كذلك فإن بعض النظريات التي وضعت اعتمد أصحابها على حادثة معينة وبنوا عليها نظريتهم وراحوا يحاولون تفسير الأحداث كلها حسب نظريتهم هذه ويلوون الحقائق يختلقون أحداثاً ليؤيدوا بها وجهة نظرهم.
                ولا يخفى قصور هذه النظريات التي يجوز تسميتها بالنظريات (أحادية النظرة) إذ هي تنظر إلى الأحداث من زاوية واحدة وتتجاهل الجوانب الأخرى ومن هنا تعددت الآراء ولم تصل إلى نتيجة مرضية.
                ولما كان منهجنا هو النظرة الشاملة وربط القصص الديني بالأحداث التاريخية، ومن هذا المنطلق رأينا أن الطريق السليم للوصول إلى الحقيقة في هذا الشأن هو تحديد بعض النقاط الأساسية من قصة موسى عليه السلام يجب أن تستوفيها النظرية المقترحة وكذلك تحديد صفات هذا الفرعون مما جاء عنه في الكتب المقدسة وعلى رأسها بالطبع القرآن الكريم صحيح أن القرآن الكريم هو كتاب هداية وإيمان، ركّز عند سرد القصص على الجانب الإيماني والعبرة التي تستقى منها ولكنه في نفس الوقت إذا أشار إلى حدث معين أو واقعة معينة فقوله هو القول الحق الذي لا يمكن التغاضي عنه أو إيراد ما يتعارض معه وما سكت عنه القرآن الكريم لا بأس من أن نبحث عما ورد في التوراة بشأنه مدركين ما قد أصاب بعض نصوصها من تحريف وتبديل إذ التوراة التي بين أيدينا هي في حقيقتها سيرة موسى عليه السلام وقد مزج كاتبو التوراة بين ما أوحى إليه من الله وبين أحاديثه الشخصية مضافاً إليها تفسيراتهم لبعض الأحداث واعتماداً على هذه الإضافات الأخيرة فإننا لا نرى بأساً من التجاوز عن معلومة تاريخية وردت في التوراة إذا ارتأينا أنها تتعارض مع حقائق أخرى أو أنها تقف حجر عثرة في سبيل نظرية متكاملة.
                وأخيراً فإن هناك ملحوظة جديرة بالذكر، وهي صمت الآثار المصرية التام عن هذا الموضوع الخطير – موضوع بني إسرائيل وموسى – مع ما هو معروف عن الكتابات المصرية – على جدران العابد والآثار – من دقتها في تسجيل الأحداث ويعلل (سميث) سكوت الآثار المصرية عن قصة الخروج – أي خروج بني إسرائيل من مصر – بأنها من وجهة النظر المصرية الفرعونية لا تزيد عن كونها فرار مجموعة من العبيد من سادتهم المصريين وما كانت هذه بالحادثة التي تسجل على جدران المعابد أو التي تقام لها الآثار لتسجيلها (J.W. Smith God & man in Earty Israel. P38) كما أنه من المؤكد أن هذه التسجيلات لم تكن – كما نقول بلغة عصرنا – صحافة حرة تسجل الأحداث كما وقعت – بل لا بد كانت تحت رقابة صارمة من الفراعنة فلا تسجل إلا ما يسمح به الفراعين أنفسهم ويكون فيه تمجيد لهم ولما كان الفراعنة يدّعون أنهم من نسل الآلهة فليس من المتصور أن تسجل على المعابد دعوة موسى لإله أكبر هو رب العالمين، كما أنه من غير المعقول تسجيل فشل الفرعون في منع خروج بني إسرائيل فضلاً عن غرقه أثناء مطاردتهم، إذ أنها أحداث يجب فرض تعتيم إعلامي كامل عليها وعلى كل ما يتعلق بها والعمل على محوها من ذاكرة الأمة وهو أمر غير مستغرب.. بل ويحدث في أيامنا هذه وكم من حقائق عملت الرقابة والمخابرات على إخفائها عن الشعوب!.
                وإزاء تعدد الآراء في تحديد شخصية من هو فرعون موسى فقد وجدنا أن الأسلوب الأمثل الواجب اتباعه هو وضع النقاط الأساسية الثابتة ثبوتاً لا يرقى إليه الشك ثم عرض النظريات المختلفة – واحدة تلو الأخرى – على هذه النقاط الأساسية وإذا لم تكن تستوفيها تم استبعادها حتى تصل إلى النظرية التي تستوفي هذه النقاط الأساسية – كلها – أو أكبر عدد منها فتكون هي النظرية الصحيحة.
                وفي رأينا أن هذه النقاط الأساسية هي:
                1- تسخير بني إسرائيل هو أول هذه النقاط – وهو أمر ثابت بالقرآن الكريم.
                (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ) [القصص: 4].
                كما ورد أيضاً في التوراة إذ ذُكر كنبوءة لإبراهيم عليه السلام: فقال لأبرام: اعلم يقيناً أن نسلك سيكون غريباً في أرض ليست لهم ويُستبعدون لهم فيُذلونهم أربعة مائة سنة (تكوين 15: 13). كما ذكر عدة مرات في سفر الخروج: فاستعبد المصريون بني إسرائيل بعنف، ومرّروا حياتهم بعبودية قاسية في الطين واللبن وفي كل عمل في الحقل، كل عملهم الذي عملوه بواسطتهم عنفاً (خروج 1: 14).
                ولا بد للنظرية التي توضع أن توضّح لم كان هذا التسخير والتعذيب، فلا يكفي القول بأن بني إسرائيل كانوا مقربين من الهكسوس ليكون ذلك سبباً في هذا التعذيب فكم من جالية بقيت في دولة بعد إجلاء المحتل عنها ولم ينزل بها مثل هذا التنكيل أو بعضه.
                2- تمسك الفرعون بعدم خروج بني إسرائيل من مصر، وليس الأمر رغبة في تسخيرهم في المباني والإنشاءات، فالمصريون بسواعدهم بنو الأهرامات – أكثر من مائة – وبنوا المعابد الضخمة ومئات المدن وأقربها عهداً مدينة أخيتاتون، وما بناء مدينتي بي رعمسيس وفيثوم إلا قطرة من بحر !!! ولا بد من تقديم تفسير كاف لإصرار الفرعون على عدم خروج بني إسرائيل من مصر بالرغم مما نزل به من ضربات من جراء ذلك.
                3- الالتقاط من النهر: إن موسى هو من بني إسرائيل وبنو إسرائيل كانوا يقيمون في أرض جاسان شرق الدلتا وألقى في النهر ليلتقطه آل فرعون، فيجب أن يكون موقع الالتقاط شمالي موقع الإلقاء لأن التيار يمشي من الجنوب إلى الشمال سواء كان الالتقاط من مجرى النهر ذاته أو من إحدى الترع المتفرعة عنه.
                4- عند فرار موسى من مصر بعد قتل المصري لماذا لم يذهب إلى أرض فلسطين وكان بها فلول من بقايا الهكسوس كما كان بها (العايبرو) وهم يمتون بصلة ما إلى بني إسرائيل وكان من الطبيعي أن يلجأ إليهم فلماذا فضل الذهاب إلى أرض مدين!
                5- كثير من النظريات التي قُدمت أهملت إظهار معجزتي العصا واليد في اللقاء الأول بين موسى وفرعون ثم تحدى السحرة بعد ذلك، وكذلك أهملت إظهار باقي الآيات التسع مع أنها أمور ثابتة في كل الكتب المقدسة.
                6- فرعون موسى وصف في القرآن الكريم بأنه ( فرعون ذو الأوتاد ) ويجب تقديم تفسير مقنع لهذا الوصف.
                7- فرعون موسى ادعى الألوهية: {فَحَشَرَ فَنَادَى * فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى } [النازعات: 23-24]، وهو ادعاء فعلي للألوهية، ويجب على النظرية أن تقدّم إثباتاً لهذا ولا يكفي أن يقال إنه نسب نفسه للآلهة، فجميع الفراعين بدءاً من الأسرة الخامسة كانوا يدّعون أنهم من نسل الآلهة.
                8- فرعون موسى غرق أثناء مطاردته لبني إسرائيل، والعبرة تكون أبلغ لو أن الفرعون الذي غرق يكون هو نفسه فرعون التسخير، عما إذا مات فرعون التسخير ميتة طبيعية وكان الغرق من نصيب خَلَفِه، فإذا اتسعت حياة أحد الفراعين بحيث تشمل الأمرين معاً كان في ذلك غنى عن افتراض فرعونين.
                9- حبذا لو أوضحت النظرية أن دماراً ما قد حاق بالآثار التي أقامها هذا الفرعون أكثر مما أصاب آثار غيره من الفراعين، لينطبق عليه قوله تعالى: { وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ } [الأعراف: 137].
                10- وأخيراً يجب أن تتضمن النظرية تفسيراً لقوله تعالى:
                (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً )[يونس: 92] إذ أن لدينا مومياوات كثر من الفراعين، والآية لتمامها وأكتمال الهدف منها – لا بد أن تكون واضحة محددة، فأي المومياوات هي الخاصة بفرعون موسى ؟ وهل فيها شيء يمكن اعتباره آية؟
                لا شك أن القارئ يوافق على أن هذه النقاط اللازم توافرها في أي نظرية توضع لبيان من هو فرعون موسى، والآن نستعرض مختلف النظريات التي قُدّمت ونرى مدى تحقيقها لهذه النقاط.
                1- أحمس الأول هو فرعون موسى:
                يزعم المؤرخ اليهودي يوسيفيوس (يوسف) بن متى، الذي عاش في القرن الأول الميلادي أن مانيتو – المؤرخ المصري الذي كتب تاريخ مصر القديم حوالي عام 280 ق.م – قد ذكر أن العابيروا ( أو الخابيرو) هم أنفسهم العبرانيون أي بنو إسرائيل وهم أيضاً الهكسوس الذين حكموا مصراً وأن طرد الهكسوس من مصر بواسطة أحمس هو نفسه خروج بني إسرائيل من مصر، وبالتالي فإن أحمس هو فرعون موسى ! وما دمنا لا نستطيع الرجوع إلى كتاب مانيتو الذي فقد في حريق مكتبة الإسكندرية عام 48 ق.م فلا نستطيع التأكد من صدق هذا القول بل ويساورنا الشك في صحته إذ الهدف السياسي من وراء هذا العزم واضح إذ هو يرمي إلى القول بأن الهكسوس – الذين هم بنو إسرائيل – قد حكموا مصر فترة طويلة من الزمن (من 1780 ق.م حتى 1575 ق.م أي 205 عاماً) ومن ثم يحق لليهود الادعاء بأن لهم حقوقاً تاريخية في أجزاء من أرض مصر، وقد تبنى هذا الرأي عدد من المؤرخين جلهم من اليهود أو المشايعين لهم.
                والثابت تاريخياً هو أن أول قدوم بني إسرائيل – كفئة متميزة ومستقلة في معيشتها عن المصريين – كان عند مجيء يعقوب وبنيه بدعوة من يوسف الصديق الذي كان نائباً للملك خيان ملك الهكسوس وأسكنهم أرض جاسان وهذا ينفي نفياً قاطعاً أن إسرائيل هم أنفسهم الهكسوس، إذ هم قد وفدوا عليهم واحتفى بهم الهكسوس إكراماً لنائب الملك (يوسف) ولأنهم أهل بداوة مثلهم ورأوا فيهم سنداً يعينهم فيما لو ثار المصريون ضدهم وعند خروج الهكسوس من مصر خرجت معهم طائفة قليلة من بني إسرائيل ارتبطت مصالحهم معهم وسموا (العابيرو) ولكن الغالبية العظمى من بني إسرائيل في مصر فيما بعد كذلك فإن هذه النظرية تتعارض مع ما هو ثابت من تسخير بني إسرائيل بواسطة المصريين إذ لو كانوا هم الهكسوس – حكام البلاد – فأنى يقع عليهم مثل ذلك ؟ والثابت أنهم – أيام المجاعة كانوا يتنعمون بينما المصريون يعانون قسوتها واضطروا لبيع أراضهم لملك الهكسوس كذلك فإن هذه النظرية تتعارض مع ما هو معروف من أن فرعون موسى كان يتمسك ببقاء بني إسرائيل في مصر بالرغم مما أتى به موسى من آيات فهل كان أحمس يتمسك ببقاء الهكسوس المحتلين بلاده ؟.. سبب آخر ذلك أن أحمس كان يحكم من طيبة في أقصى جنوب مصر في حين أن بني إسرائيل كانوا يعيشون في أرض جوشن شرقي الدلتا فكيف يتأتى لأم موسى أن تلقيه في النهر فيلتقطه آل فرعون القاطنين على بعد ألف كيلو متر إلى الجنوب !.
                لهذه الأسباب يمكن باطمئنان استبعاد الرأي القائل بأن أحمس هو فرعون موسى.
                2- أحمس هو فرعون التسخير وتحتمس الأول هو فرعون الخروج:
                قائل هذا الرأي هو الدكتور محمد وصفي في كتاب (الارتباط الزمني والعقائدي بين الأنبياء والرسل ص 156) ويرى أن أحمس هو الذي عذب بني إسرائيل وأضهدهم وله مبرراته السياسية والاجتماعية والحربية والوطنية. فيقول إن أحمس هو محرر مصر من المحتلين الهكسوس الذين كانوا غزاة من الشرق فكان من الطبيعي أن يعمل على القضاء على العناصر الموالية لهم أو على الأقل أن يسلبهم سلطانهم الذي كانوا قد وصلوا إليه بواسطة (يوسف) وبرضاء ملوك الهكسوس، فكان يذبح أبناءهم حتى لا يكبروا فيصبحوا قوة تعمل على هدم ما بناه من تحرير بلاده من الأجانب وكان يستعمل بني إسرائيل في بناء المدن فلم يكن من السياسة أن يبيدهم كلهم، ويقول إن بني إسرائيل ظلوا في التعذيب منذ أن تولى أحمس الحكم في عام 1580 ق.م وأن موسى ولد سنة 1571، ويقول إن موسى عاصر ثلاثة فراعين هم بالترتيب:
                أحمس مدة14 عاماً.
                أمنحتب الأول 16 عاماً.
                ثم تحتمس الأول مدة 39 عاماً.
                وأن موسى لما قتل المصري كان عمره 61 عاماً وتغرب في أرض مدين 8 سنوات ثم عاد وعمره 69 عاماً ودعا الفرعون سنة واحدة ثم كان الخروج، وهذا الرأي يتعارض مع عدة حقائق تاريخية.
                1- كيف التقط أحمس موسى من النهر وأحمس كان يحكم من طيبة في الجنوب.
                2- إن سنة واحدة بين عودة موسى من أرض مدين والخروج لا تتسع لإظهار الآيات التسع الثابتة في الكتب المقدسة.
                3- إن تحتمس الأول ابن امرأة من دم غير ملكي (هي الملكة سنى سونب ) وكان سنده في الوصول إلى العرش هو زواجه من أخت له تجري في عروقها الدماء الملكية من ناحية الأب والأم، ولعله كان يشعر بنقص من هذه الناحية فحاول أن يزجي لنفسه ألقاباً ملكية فأطلق على نفسه (ملك من ابن ملك ) محاولاً بذلك الانتساب إلى سلسلة الفراعين ذوي الحق الشرعي (د. نجيب ميخائيل إبراهيم: مصر والشرق الأدنى القديم. ج3 ص23) ولما كان الأمر كذلك، وبالكاد وصل إلى العرش فإنه لم يكن ليتجاوز ذلك ويدّعي الألوهية كما هو ثابت في حق فرعون وموسى.
                4- لم يرد أن تحتمس الأول مات ميتة فجائية أو غير طبيعية، بل مات ميتة عادية وخلفه ابنه تحتمس الثاني مستنداً إلى زواجه من الوريثة الشرعية (حتشبسوت).
                كل هذه النقاط توجب رفض هذه النظرية أيضاً.
                3- تحتمس الثاني هو فرعون موسى:
                وهذا الرأي قال به ج دي ميسلي (J.De Micelli, 1960) الذي يدعي أنه توصل إلى تحديد زمن الخروج بهامش تقريبي يصل إلى يوم واحد وهو 9 أبريل عام 1495ق.س، وهذا من خلال حساب التقويمات، وعلى ذلك يكون تحتمس الثاني – وكان ملكاً في هذا التاريخ – هو فرعون الخروج، ومما أورده تأييداً لنظريته أن مومياء تحتمس الثاني مكتوب عليها وصف لأورام جلدية، وبما أن واحداً من ضربات مصر التي تذكرها التوراة هي طفح جلدي فهذا رأيه دليل مادي على أن تحتمس الثاني هو فرعون الخروج ! وفي رأينا أن هذا مثال للنظريات (أحاديثة النظرة ) إذ تأخذ من حدث واحد أساساً لنظرية مع تجاهل باقي الأحداث ومدى توافقها مع هذا الافتراض حتى أن موريس بوكاي الذي ذكر هذا الرأي (دراسة الكتب المقدسة ص 259) وصفه بأنه من أغرب الفروض وقال إنه لا يأخذ في اعتباره مطلقاً الأمور الأخرى في رواية التوراة وخاصة بناء مدينة بي رعمسيس، تلك الإشارة التي تبطل كل فرض عن تحديد الخروج قبل أن يكون أحد الرعامسة قد ملك مصر.
                أما فيما يتعلق بأورام تحتمس الثاني الجلدية فإن ابنه – تحتمس الثالث وحفيده أمنحتب الثاني كانا أيضاً مصابين بأورام جلدية يمكن مشاهدتها على مومياواتهم بمتحف القاهرة. ويحدث هذا في الأورام العصبية الليفية المتعددة التي تصيب الجلد (Mutiple neuro Fibromatosis) والمعروفة بظهورها في أكثر من جيل في العائلة.



                تعليق


                • #9
                  4– تحتمس الثالث هو فرعون الخروج:
                  ومعتقدوا هذه الفرضية يعتمدون على فقرة في التوراة تقول وكان في السنة الـ 480 لخروج بني إسرائيل من مصر في السنة الرابعة لملك سليمان على بني إسرائيل في شهر زيو هو الشهر الثاني أنه بني البيت الرب (ملوك أول 1:6) ولما كان حُكم سليمان قد بدأ عام 970ق.م فالعام الرابع هو 966 ق.م فإذا أضفنا إليها الـ 480 سنة لعاد ذلك بنا إلى عام 1446 ق.م أي في أواخر حكم تحتمس الثالث (1468 – 1436 ق.م ).
                  والحقيقة أن فترة الـ 480 عاماً هذه قد أثارت جدلاً كثيراً وسبت بلبلة في حساب الأزمنة. وهي تختلف في بعض ترجمات التوراة عما جاء في ترجمات أخرى، فمنها يجعلها 440 سنة فقط، ومنهم من يزيدها 580 عاماً ! وعلى هذا يرى كثيرون أن هذا الرقم كان تخميناً من أحد كتبة التوراة لأن هناك 12 جيلاً تقع بين الخروج وبين بناء هيكل سليمان وافترض واضع هذا الرقم لكل جيل 40 عاماً فيكون 12 × 40 = 480، ولو افترضنا لكل جيل 25 عاماً بافتراض أن الأبناء سيتزوجون في سن الخامسة والعشرين وهو افتراض معقول لكان 12 × 25 = 300 وهذا يقودنا إلى تاريخ الخروج في عام 1270 ق.م، أثناء حكم رمسيس الثاني.
                  ومعتقدوا الفرضية أن تحتمس الثالث هو فرعون موسى يقولون إن موسى انتشلته من الماء الملكة حتشبسوت عام 1527 ق.م، وأنه تربى في حاشيتها وبلاطها، ولما تولى تحتمس الثالث العرش – ولما هو معروف عنه من عداوة لحتشبسوت فإن موسى خشِيَ غضبته وفر من مصر، ثم عاد وكان الخروج في عام 1447 ق.م، وهذا الرأي يتعارض مع كثير من الحقائق مثل أن فرار موسى من مصر كان بسبب قتله للمصري، كما أنه في عهد تحتمس الثالث كان النفوذ المصري قوياً في فلسطين إذن أن تحتمس الثالث أسس إمبراطورية واسعة وطيدة الأركان واستمر النفوذ المصري قوياً في منطقة الشرق الأدنى وفي فلسطين بالذات أثناء حكم من خلفه من الفراعين أمنحتب الثاني 23 عاماً – تحتمس الرابع 8 أعوام – أمنحتب الثالث 37 عاماً أي لمدة 68 عاماً، فلم يكن باستطاعة بني إسرائيل بعد فترة التيه أن يضعوا قدماً واحدة في أرض فلسطين وحتى إن كان النفوذ المصري قد ضعف قليلاً أيام حكم أختاتون فإنه عاد ثانية بعد انتهاء ثورته الدينية وبلغ أوجه ثانية أيام سيتي ورمسيس الثاني.
                  زد على ذلك أن تحتمس الثالث لم يُدع الألوهية بعكس فرعون موسى الذي قال: {أنا ربكم الأعلى} كان تحتمس الثالث على درجة عالية من الأخلاق والتواضع، يقول عن نفسه: إني لم أنطق بكلمة مبالغ فيها ابتغاء الفخر بما عملته فأقول إني فعلت شيئاً دون أن يفعله جلالتي ولم آت بعمل فيه مظنّة، وقد فعلت ذلك لوالدي الإله آمون لأنه يعرف ما في السماء ويعلم ما في الأرض ويرى كل العالم في طرفة عين ( سليم حسن، مصر القديمة، جـ 4 ص 511)، وكان تحتمس الثالث رجل حرب قضى كثيراً من سنوات عمره في ميادين القتال وليس أدل على تواضعه من أنه لم يُرجع الفضل في انتصاراته إلى مهارته بل أرجعها كلها إلى تأييد إلهه آمون كما تشهد بذلك اللوحة التي أمر بإقامتها في معبد الكرنك وكتب عليها قصيدة على لسان الإله آمون مخاطباً ابنه تحتمس الثالث فيقول له (مع اختصارها ):
                  إن قلبي ينشرح لمجيئك الميمون إلى معبدي، ويداي تمنحان أعضاءك الحماية والحياة، إني أمنحك القوة والنصر على كل البلاد الجميلة، وإني أمكِّن مجدك والخوف منك في كل البلاد، والرعب منك يمتد إلى عمد السماء الأربعة، إني أجعل احترامك عظيماً في كل الأجسام وعظماء جميع البلاد الأجنبية جميعهم في قبضتك، وإني بنفسي أمدّ يدي وأصطادهم لك وأربط الأسرى بعشرات الألوف، إني أجعل الأعداء يسقطون تحت نعليك فتطأ الثائرين، كما أمنحك الأرض طولاً وعرضاً فأهالي المغرب وأهالي المشرق تحت سلطتك، إنك تخترق كل البلاد الأجنبية بقلب منشرح، وإينما حللت فليس هناك من مهاجم، وإني مرشدك ولذلك تصل إليهم، وعندما يسمعون نداء إعلان الحرب يلجئون إلى الجحور، لقد أرسلت رعب جلالتك سارياً في قلوبهم، والصل الذي على جبهتك يحرقهم بلهيبه ويقطع رؤوس الأسيويين ولا يفلت منه أحد بل يسقطون، إني أجعل انتصاراتك تنتشر في الخارج في كل البلاد، لقد عملت على كبت من يقوم بغارات ومن يقترب منك، لقد حضرتُ لأجعلك تتمكن من أن تدوس بالقدم عظماء فينيقيا ولأجعلك تشتت شملهم تحت قدميك، لقد حضرت لأمكنك من أن تطأ أولئك الذين في آسيا، وتضرب رؤساء عامو، لقد حضرت لأجعلك تطأ بالقدم الأرض الشرقية ولأجعلهم يشاهدون جلالتك مثل النجم الذي ينشر لهيبه كالنار، لقد حضرت لأجعلك تتمكن من أن تطأ الأرض الغربية، وهؤلاء الذين في وسط المحيط في الجزر وأن تطأ اللوبيين، لقد حضرتُ لأجعلك تطأ أقصى حدود الأرض.
                  يا أيها الثور القوي الذي يسطع في طيبة ( تحتمس ) المخلد الذي عمل لي كل ما تتوق إليه نفسي، لقد أقمتَ لي مسكناً وهو عمل سيبقى إلى الأبد، وجعلته أطول وأعرض مما كان عليه من قبل، إني لأثبتك على العرش مدة آلاف آلاف السنين حتى ترعى الأحياء إلى الأبد.
                  وهذه القصيدة تبين تواضح تحتمس الثالث واعترافه بفضل الإله ( آمون ) عليه في انتصاراته، فهو ليس ذلك المتكبِّر، المتجبر، مُدَّعي الألوهية، كما هو الحال مع فرعون موسى.
                  5- أمنتحب الثاني هو فرعون الخروج:
                  وهو تحوير بسيط في الفرضية السابقة إذ يزيد من فترة غياب موسى ويجعله يعود أثناء حكم أمنتحب الثاني، وهذا الرأي قال به دانييل روبس Daniel Rops في كتابه شعب التوراة Le people de la Bible.ولسنا في حاجة للإطالة في نقض هذه الفرضية إذ هي واهية كسابقتها.
                  6- أخناتون هو نفسه موسى !:
                  وهذه إحدى الفرضيات ( أحادية النظرة ) إذ ما دام أخناتون دعا إلى التوحيد وموسى كان أيضاً يدعو إلى التوحيد فهما شخص واحد !! وقائل هذا الرأي الغريب هو الأستاذ أحمد عثمان وهو مصري سافر إلى إنجلترا عام 1964 ودرس المصريات وأقام هناك، وألف كتابين: مضمون الأول يويا المصري هو نفسه ( يوسف ) عليه السلام، والثاني نشره عام 1989 شرح فيه نظريته من أن أخناتون هو نفسه موسى عليه السلام واختار له عنواناً جذاباً هو:
                  Moses, Pharaoh of Egypt. The mystery of Akhenaten resolved..
                  وبالرغم من وضوح فساد هذا الزعم فلا بأس من إيراد التصور الذي أورده كاتبه لبيان كيف يجنح الخيال بالبعض فيجعلهم يضعون تصورات غاية في الغرابة ويجعلنا نتساءل عن الدافع وراء كل هذا الافتعال.
                  يقول صاحب هذه الفرضية إن موسى قد أمضى طفولته في شرق الدلتا حيث تأثر بمعتقدات بني إسرائيل عن الإله وتشبع بها، ثم عاد إلى طيبة عاصمة مصر ومركز عبادة آمون وكان والده أمنحتب الثالث قد تدهورت صحته، وكان موسى هو الابن الثاني لأمنحتب الثالث من الملكة ( تي)التي يقول إنها نصف مصرية ونصف إسرائيلية ! وأن الابن الأول لأمنحتب الثالث قد اختفى بطريقة غامضة، ومن هنا تخوَّفت الأم أن يصيب ابنها الثاني الذي هو موسى مكروه من كهنة آمون، ويرى أن كهنة آمون خافوا مغبة اعتلاء العرش شخص غير نقي الدماء المصرية تماماً أما وأباً، ورأى أمنحتب الثالث ما يتهدد العرش من غضب كهنة آمون فشايعهم في عدم تولي هؤلاء الأبناء العرش بل وأوحى إلى القابلات بقتل ابن الملكة إن كان ذكراً، ولما وُلد الابن الثاني – الذي هو موسى – ألقته أمه في النهر حيث سار به التيار من طيبة إلى أرض جوشن حتى التقطته أسرة من بني إسرائيل وتربى معها وتأثر بأفكار الإسرائيليين التوحيدية ولما ضعفت صحة أمنحتب الثالث استدعت الملكة (تي ) ابنها من الأسرة الإسرائيلية التي التقطته، ولكي تكسبه صفة لولاية العرش زوجته من أخته غير الشقيقة (( نفرتيتي )) فهي ابنة امنحتب الثالث من زوجة مصرية وتولى موسى عرش مصر باسم أمنحتب الرابع ثم قام بثورته الدينية، وأعلن عن فكر التوحيد وحرَّم عبادة آمون وجميع الآلهة الأخرى، وتآمر عليه كهنة آمون، وأخبره الكاهن ( آي) بالمؤامرة ونصحه بالهرب إلى سيناء وتولى توت عنخ آمون العرش ثم الكاهن ( أي ) ثم (حورمحب) ثم بدأت الأسرة التاسعة عشرة وتولى رمسيس الأول العرش، وهنا عاد موسى ليطالب بحقه في العرش، ولما لم يفلح في ذلك طلب من رمسيس الأول أن يسمح له بخروج بني إسرائيل من مصر تحت إمرته.
                  وهذه الفرضية المغرقة في الخيال مبنية على لخبطة الأوراق وقلب الأوضاع، فالأب المصري هو الذي يوحي بقتل ابنه أو يوافق الكهنة على فعلهم، والأم المصرية ألقت ابنها في النهر، والتيار يسير به حوالي 1000كم من طيبة حتى أرض جوشن، وأسرة إسرائيلية هي التي تلتقطه وتتبناه، والفرعون – الذي هو أخناتون – يهرب من مصر ثم يعود ليطالب بالعرش !.
                  والهدف السياسي وراء كل هذا الافتعال غير خاف، فما دام موسى هو أخناتون، وأخناتون حكم مصر 17 سنة فإن لبني إسٍرائيل حقوقاً في مصر، ليس لأن موسى عاش بها، بل لأنه حكمها !!.
                  7- توت عنخ آمون هو فرعون موسى:
                  القائل بهذا الرأي هو العالم اليهودي سيجموند فرويد الذي ادعى أيضاً أن موسى مصري وليس من بني إسرائيل وأن الديانة الموسوية مستقاة من عقيدة أخناتون ( سيجموند فرويد – موسى مصرياً – ترجمة محمد العزب موسى ). يقول: إن موسى كان أحد الأمراء المصريين المقربين من أخناتون ولكن لما حدثت الرِّدّة بعد أخناتون تم استبعاد موسى، ولما انهار أمله في حكم بلاده أراد أن يوجد لنفسه دوراً ما كزعيم، فتزعم بني إسرائيل وأعطاهم ديناً جديداً استقاه من عقيدة أخناتون التوحيدية، ثم قاد بني إسرائيل للخروج من مصر خروجاً سلمياً – ليس فيه مطاردة – إلى أرض فلسطين التي كان النفوذ المصري قد انحسر عنها أيام أخناتون لانشغاله بأفكاره الدينية، وكان الخروج في عهد توت عنخ آمون، ويقول جون ويلسون المؤيد لهذه النظرية إن موسى انتهز فرصة الضعف الذي ساد أخريات أيام أخناتون وعهد خليفتيه الضعيفين: ( سمنخ كارع) و (توت عنخ آمون ) ونجح في الخروج ببني إسرائيل من مصر وذلك بأن خادعوا الفرعون وهربوا إلى صحراء سيناء، ويوافق على هذه الفرضية آرثر ويجال ( تاريخ مصر القديمة، باريس، ص146، A. Weigal, 1986) ويحدد تاريخ الخروج بالعام 1346 ق.م ويرى أنه تم في آخر عهد توت عنخ آمون، كذلك يرى المؤرخ ويتش ( حضارة الشرق الأدنى، ص88، E.H. Weech) أن موسى وقد أمضى طفولته وصباه وشبابه في قصر أخناتون، فقد عرف هذه العقيدة وآمن بها، فاستقى منها الديانة التي أعطاها لبني إسرائيل.
                  وهذه النظرية أيضاً تتجاهل حقائق تاريخية كثيرة مثل سابقتها:
                  1- أن موسى من بني إسرائيل وليس مصرياً، وإن كان قد تربى في قصر الفرعون.
                  2- تتجاهل التعذيب الذي نزل ببني إسرائيل، إذ أن طبيعة أخناتون المسالمة لا تتفق مع ذلك فضلاً عن بُعد مكان إقامتهم في شرق الدلتا عن العاصمة التي عاش فيها أخناتون، طيبة في أول أيامه ثم بعد ذلك في عاصمته الجديدة في تل العمارنة.
                  3- مما لا يعقل أن يقبل شعب أن ينصِّب على نفسه زعيماً وقائداً من جنس آخر، إلا أن يكون مفروضاً عليهم بالقوة – أو ارتضوه حتى يخرج بهم من مصر وما إن يتم لهم الخروج حتى يكون من الطبيعي أن ينتقضوا عليه برئيس من بني جنسهم.
                  4- إن التوحيد كان عقيدة بني إسرائيل أخذاً عن يعقوب أبيهم وإبراهيم جدهم والأخناتونية وإن كانت في نظر المصريين توحيداً إلا أنها في نظر بني إسرائيل رِدَّة عن التوحيد لتجسيدها الإله في قرص الشمس.
                  5- تدعى هذه النظرية أن الخروج تم بسلام وبدون مطاردة في حين أن الثابت في الكتب المقدسة هو أن فرعون الذي طارد موسى قد مات غرقاً، وقد أثبت الفحص الطبي لجثة توت عنخ آمون أنه مات مقتولاً بضربة على الرأس.
                  6- لو كان بنو إسرائيل قد خرجوا من مصر في عهد توت عنخ آمون واستقروا في فلسطين لكان حرياً بحور محب وسيتي الأول أو رمسيس الثاني القضاء عليهم في حملاتهم لاسترداد النفوذ المصري في منطقة الشرق الأدنى أو على الأقل كانوا قد أخضعوا الولايات اليهودية في فلسطين للفوذ المصري، الأمر الذي لم يتحدث به أحد، ولم يحدث أصلاً إذ أن بني إسرائيل لم يكونوا قد خرجوا بعد من مصر، ولما رأى فرويد المعارضة الشديدة لنظريته هذه تراجع عنها وقال إنه من المحتمل أن موسى قد عاش في عصر لاحق لأخناتون وتوت عنخ آمون !!
                  ويحق لنا أن نتساءل: كيف يتأتى لعالم مثل فرويد أن يقول بهذا الرأي، وتزول الغرابة إذا علمنا هويته اليهودية، إذ ما دام موسى مصرياً فإن لبني إسرائيل حقوقاً تاريخية في مصر ! وهذا هو الهدف السياسي الذي يرمي إليه كما فعل سلفه يوسف ابن متى عندما زعم أن الهكسوس الذين حكموا مصر هم أنفسهم بنو إسرائيل.

                  تعليق


                  • #10
                    8- حور محب وأربعة فراعين آخرين. أي خمسة !!
                    يقول نيكولاس جريمال ( Nicolos Grimal, A History of Ancient of Ancient Egypt 1997. Blackwell, p 259) إن موسى تلقى تعليمه في سنواته الأولى في قصر الفرعون حو محب ورمسيس الأول، ثم عرف أنه من بني إسرائيل وانضم إليهم في عهد ((سيتي الأول ))، ثم فر من مصر إلى مدين بعد مقتل المصري، ثم كان تلقيه الوحي والرسالة والأمر بالعودة إلى مصر في السنوات الأولى من حكم رمسيس الثاني، ثم هو يوافق على ما يقوله كثير من المؤرخين من أن فرعون الخروج هو مرنبتاح.
                    ولو فرضنا أن حور محب قد تبنى موسى في منتصف مدة حكمه ورباه 13 عاماً يضاف إليها سنتان مدة حكم رمسيس الأول + 20 عاماً سيتي الأول + 67 عاماً مدة حكم رمسيس الثاني + 10 سنوات حكم مرنبتاح فيكون عمر موسى عند الخروج ببني إسرائيل هو 112 عاماً فإذا أضفنا إليها سنوات سيناء ثم التيه 40 عاماً ثم المسيرة حول أرض أدوم لبلغ عمر موسى عند وفاته حوالي 170 عاماً في حين أن عمر موسى لم يزد عن 120 عاماً.
                    9- رمسيس الثاني هو فرعون موسى:
                    وأصحاب هذا الرأي كثيرون، منهم: أولبرايت – إيسفلت – روكسي – أونجر – الأب ديڤو R.P. de Vaux ويتفق هذا الرأي مع حقيقة مكان معيشة بني إسرائيل في أرض جاسان وعاصمة رمسيس الثاني الجديدة في الشمال التي تتيح التقاط موسى من النهر، كما تحقق تسخير بني إسرائيل في بناء مدينتي بي رعمسيس وفيثوم المذكورتين في التوراة، وأكثر ما يثير الدهشة هو أن الأب ديڤو – وهو مدير مدرسة الكتاب المقدس ويؤمن بأن الفرعون قد مات غرقاً وهو يطارد الهاربين، ثم يعود فيقول إن الخروج قد حدث في النصف الأول من حكم رمسيس الثاني، مع أن غرق الفرعون يعني نهاية حكمه لا منتصفه، والحقيقة أن هذه النظرية – أن فرعون موسى هو رمسيس الثاني – تتفق مع كثر من النقاط التي يجب توافرها في ذلك الفرعون، إلا أن عدة عقبات حالت دون القبول التام لهذه النظرية:
                    1- العقبة الأولى من التوراة: وهو ما جاء بسفر الخروج 23:2 (وحدث في تلك الأيام الكثيرة أن ملك مصر مات) إذ معناها أن الفرعون ( رمسيس الثاني ) قد مات وتولى ابنه ( مرنبتاح) العرش، وفي رأينا أنهم اضطروا لهذا القول لسببين.
                    · أن يتمشى ذلك مع عمر موسى الذي قرروه في إصحاح 7 خروج: 7 وكان موسى ابن ثمانين سنة وهارون ابن ثلاث وثمانين سنة حينما كَلَّما فرعون، ولما كان موسى قد فر من مصر وعمره 45 سنة كان معنى ذلك أنه أمضى في مدين 35 سنة، وهي مدة طويلة جداً لا يستقيم معها أن يفكر موسى بعد ذلك في العودة إلى مصر، ويكون بنو إسرائيل في هذه الفترة قد نسوا بطلهم ولا يعود لهم الحماس لقيادته لهم بعد أن غاب عنهم هذه الفترة الطويلة.
                    · أنهم أيضاً قالوا بموت الملك حتى يتمشى مع ما جاء بالإصحاح خروج 19:4 (وقال الرب لموسى في مديان، اذهب ارجع إلى مصر لأنه قد مات جميع القوم الذين كانوا يطلبون نفسك) والواقع أن كلمة ( جميع القوم الذين كانوا يطلبون نفسك ) لا تعني فرعون بقدر ما تعني أهل المصري القتيل، فهم الذين كانوا يطلبون نفس موسى وكان الفرعون ينفذ طلبهم بالثأر لهم والأخذ بدمهم، فلما ماتوا لم يعد لدى الفرعون دافع قوي، وفي رأينا أن الفقرة 23 من الاصحاح 2 خروج كانت ( وحدث في تلك الأيام أن القوم الذين كانوا يطلبون نفس موسى ماتوا) وليس ( ملك مصر مات).
                    2- العقبة الثانية من الآثار المصرية وهي اللوحة المعروفة باسم ( لوح إسرائيل ) أو (لوح مرنبتاح ) والذي كتب على الأرجح في العام 1220 ق.م وفيه يقول مرنبتاح إنه قد أباد بذرة إسرائيل من فلسطين، ولما كان الخروج قد حدث في العام 1225 ق.م فهذا لا يترك فترة بين الخروج من مصر ودخول أرض فلسطين سوى 5 سنوات، وهذا ما جعل كثيراً من المؤرخين – وخاصة الإسلاميين يرفضون الرأي القائل بأن رمسيس الثاني هو فرعون الخروج لأن القرآن الكريم ينص صراحة وبوضوح على أن فترة التيه هي أربعون سنة، ولم يتصد أحد لتفسير ما جاء بلوح مرنبتاح تفسيراً يسمح بفترة التيه وهي أربعون سنة، كما لم يفطنوا إلى ما قد يكون في هذا اللوح من مبالغة، وهو أمر مألوف لدى الفراعين عند تسجيلهم لما قاموا به من أعمال وخاصة نتائج حروبهم، بل تشبثوا بحرفية ما جاء في هذا اللوح وسنناقش ذلك بتفصيل أكثر فيما بعد.
                    3- كذلك كان من الاعتراضات التي أثيرت ضد نظرية أن رمسيس الثاني هو فرعون موسى قولهم إن فرعون موسى ادعى الألوهية في حين أن رمسيس الثاني كان يؤمن بأربعة آلهة هم ( آمون ورع وبتاح وسوتخ )، وسمى فرق جيشه الأربع في معركة قادش بأسماء هذه الآلهة ( الدكتور محمد وصفي، الارتباط الزمني والعقائدي بين الأنبياء والرسل، ص154). ويمكن الرد على هذه النقطة بأن معركة قادش كانت في السنة الخامسة من حكم رمسيس الثاني، في حين أن عودة موسى لمصر كانت في السنة 62 من الحكم أي بعد معركة قادش بـ 57 عاماً وهي فترة طويلة من الحكم المطلق والمديح المستمر من وزرائه ورجال البلاط ومن الشعب، وتمجيد لأفعاله ولابد أن كل ذلك قد أحدث أثره، وخاصة أنه كان عنده نزعة تعاظمية منذ صغره فكان أن نتج عن ذلك شعور بالكمال وظن نفسه مخلداً كالآلهة وانتهى به الأمر أن ادعى الألوهية.
                    4- وكان آخر الاعتراضات التي أثيرت ضد هذه النظرية ما هو معروف من أن رمسيس الثاني كان له ما لا يقل عن مائة ولد ما بين ذكر وأنثى، إذ لم يستطيعوا التوفيق بين ذلك وما ورد في القرآن الكريم من أن فرعون موسى لم يكن له ولد فاضطر إلى تبني موسى ﴿ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً ﴾[ القصص: 9 ] وفهموا من هذه الآية أن فرعون موسى كان عقيماً، وسنشرح فيما بعد ( ص702 ) أن التبني لم يكن بسبب عقم الفرعون أو عقم نسائه، بل كان حرماناً مؤقتاً من الولد بوفاة الأبناء وهم صغار حتى تنفذ إرادة الله في تبنى الفرعون لموسى، ثم بعد ذلك زالت هذه (اللعنة ) وعاش أبناؤه حتى بلغوا أكثر من مائة، وقد ثبت أن رمسيس الثاني – في العشر سنوات الأولى بعد زواجه – كان أبناؤه يموتون وهم رُضَّع، وهذا هو اسبب قبوله لتبني موسى.
                    المهم أن أصحاب نظرية أن رمسيس الثاني هو فرعون موسى لم يستطيعوا الدفاع عن رأيهم فكان أن رضخوا لافتراض آخر هو:
                    10- رمسيس الثاني فرعون التسخير ومرنبتاح فرعون الخروج:
                    وأصحاب هذا الرأي يعتقدون أن خروج بني إسرائيل من مصر كان خروجاً سلمياً ليس فيه مطاردة، وأن مرنبتاح تعقبهم بعد أن وصلوا فعلاً إلى فلسطين، ويعبر عن هذا الرأي ما يراه ( چان يويوت ) ( مصر الفرعونية، مترجم، القاهرة 1966 ص40 ) من أن بني إسرائيل انتهزوا فرصة انشغال جيش مصر في صد غزوة الليبيين لحدود مصر الغربية في السنة الخامسة من حكم مرنبتاح فهربوا من مصر، ثم بعد أن فرغ مرنبتاح من حربه مع الليبيين جرد حملة إلى فلسطين وأباد بني إسرائيل هناك.
                    ويعتمد أصحاب هذه النظرية على عدة نقاط:
                    1- ما ورد في التوراة (خروج 23:2 ) من أن ملك مصر قد مات، أي أن رمسيس الثاني مات وتولى الحكم بعده ابنه مرنيتاح، وقد ذكرنا في الصفحة السابقة أن المفهوم الآخر الوارد في الإصحاح 9:4 هو الأقرب للصحة وأن من مات حقيقة هم أقارب المصري الذي قتله موسى لا الفرعون.
                    2- كذلك قالوا إن مرنبتاح هو القائل: (قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً )[ الشعراء: 18 ] مشيراً بذلك إلى والده رمسيس الثاني الذي ربى موسى، وإن كان يُرَدُّ على ذلك بالسؤال: ولم لا يكون رمسيس الثاني نفسه هو قائلها ؟ ويكون هو الذي يمن على موسى بحق الرباية، كما أن الأكثر إيلاماً للنفس والأدعى إلى الحزن هو أن يرى من كان يربيه ويرجو المنفعة من ورائه ( عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً )[ القصص: 9 ] هو نفسه الذي كان سبباً في هلاكه فكأنه التقطه ليكون له عدواً وحزناً، كما قرر القرآن الكريم: ( فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ )[ القصص: 8 ] وبالرغم من كل أسباب الحيطة والحذر الذي اتخذها رمسيس الثاني دفعاً للنبوءة فقد تحققت النبوءة وكان هلاك الفرعون وجنوده ( وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ )[ القصص: 6 ] وهذا أبلغ في العبرة من أن يكون الذي سخر وتكبر وتجبَّر قد مات في سريره ميتة طبيعية في حين يكون الغرق من نصيب ابنه، وخاصة أن مدة حكم رمسيس الثاني طويلة تسمح بوقوع كل الأحداث في عهده، وتكون الآية بلفظ البحر لجثته تمثيلاً به لأفعاله ( فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً )[ يونس: 92 ].
                    3- إلا أن السند الأساسي لهذه النظرية هو اللوح المسمى ( لوح مرنبتاح ) أو ( لوح إسرائيل ) وقد ذكرناه باختصار في سياق الاعتراضات التي أثيرت ضد نظرية رمسيس الثاني فرعوناً للتسخير والخروج معاً، ومن المناسب أن نتوسع قليلاً في ذكر شيء عن هذا اللوح ما دام هو السند الأساسي لنظرية ( مرنبتاح فرعون الخروج ).
                    هذا اللوح عبارة عن لوحة تذكارية منقوشة على الجرانيت الأسود مكتوب عليها قصيدة تسجل انتصار مرنبتاح على الليبيين واللوح محفوظ بالمتحف المصري، ومن يريد القصيدة كاملة يمكنه الرجوع إلى كتاب مصر القديمة ( سليم حسن ) جـ7 ص96، والقصيدة في مجموعها فخار بالنصر العظيم الذي أحرزه الملك على الليبيين في السنة الخامسة من حكمه وبه نجت مصر من خطر عظيم، والقصيدة تزخر بالاستعارات والتشبيهات المختارة مما أسبغ عليها صورة أدبية أكثر من أن تكون وثيقة تاريخية خالصة، وقد وصف فيها الشاعر هزيمة الأعداء بمهارة والأعمال الجسام التي قام بها ( مرنبتاح ) للذود عن حياض بلاده وتخليصها من غارات الليبيين وكسر شوكتهم، ولم يفته أن يصف الفرعون بالعدل والاستقامة فيقول: فهو يعطي كل ذي حق حقه، فالثروة تتدفق على الرجل الصالح، أما المجرم فلن يتمتع بغنيمة ما، ثم ينتقل الشاعر إلى وصف السلام والطمأنينة والرخاء التي سادت البلاد بعد هذا الانتصار فيقول: فحتى الحيوان قد ترك جائلاً بدون راع في حين أن أصحابها يروحون ويغدون مغنيين، وليس هناك صياح قوم متوجعين، وفي ختام القصيدة يُعدِّد الشاعر القبائل والأقاليم التي أخضعها مرنبتاح وهذا نصها – لأن هذا الجزء هو بيت القصيد:
                    ويقول الرؤساء المطروحين أرضاً: السلام! ولم يعد يَرفع واحد من بين قبائل البدو تسعة الأقواس رأسه (وهذا اسم قديم لجيران مصر المعادين لها).
                    (التحنو) قد خربت (إحدى القبائل التي كانت تسكن ليبيا).
                    وبلاد (خاتي) قد أصبحت مسالمة.
                    وأزيلت (عسقلان).
                    و (جازر) قبض عليها.
                    و (بنوم) أصبحت لا شيء.
                    وإسرائيل خربت وليس لها بذر.
                    و (خارو) أصبحت أرملة لمصر.
                    وكل الأراضي قد وجدت السلم.
                    وكل من ذهب جائلاً أخضعه ملك الوجه القبلي والوجه البحري ابن (رع) محبوب (آمون) ابن الشمس (مرنبتاح) منشرح بالصدق.
                    معطى الحياة مثل (رع) كل يوم.
                    وأهمية هذه القصيدة في نظر المؤرخين هي ذكر قوم بني إسرائيل وبخاصة لأنها المرة الأولى والوحيدة التي يأتي فيها ذكرهم بالاسم في الآثار المصرية، ولما كان بنو إسرائيل قد بدأوا إقامتهم بمصر أيام يوسف ولم يذكر عن ذلك شيء في الآثار المصرية، فإن ذكر اسمهم هنا لابد له علاقة بخروجهم من مصر، وقد اختلف العلماء حول ما يفهم من هذه العبارة.
                    فبعضهم مثل پتري (Petrie, Israel in Eygpt, p.35) يرى أن إسرائيل كانوا في الوقت الذي كتبت فيه هذه اللوحة في فلسطين.

                    لوحة مرنبتاح
                    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image.png 
مشاهدات:	409 
الحجم:	479.3 كيلوبايت 
الهوية:	815076
                    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image.png 
مشاهدات:	425 
الحجم:	821.5 كيلوبايت 
الهوية:	815075



                    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 2 يول, 2020, 06:15 م.

                    تعليق


                    • #11
                      اكتشفت هذه اللوحة عام 1896 على يد عالم المصريات الأنجليزي " فليندرز بيتري" في معبد مرنبتاح الجنائزى وتعد الأولى من نوعها في التاريخ المصري القديم
                      بلغ ارتفاع اللوحة 310 سنتيمتر وعرضها 160 سنتيمتر وسُمكها 32 سنتيمتر، وكانت أساساً لمعبد الموتى لأمينوفيس الثالث من الأسرة الثامنة عشر ومكتوب على خلفيتها تقرير عن المنشآت التي قام بها الملك في غرب طيبة وفي وفي سوليب والأقصر والكرنك وفي عهد العمارنة أزيل جزء من الصيغة المنحوتة عليها، واستخدمها الفرعون سيتوس الأول من الأسرة التاسعة عشر بعد ترميمها كلوحة تذكارية للإله آمون. توجد على مقدمتها وعلى خلفيتها رسماً مزدوجاً يظهر فيه الإله آمون رع واقفاً في الوسط، وفي نصف الصورة إلى اليمين يقدم الملك أمينوفيس الثالث ماءً بارداً "قبحو" ونبيذ "يرب" إلى أمون رع ويتبعه الإله خنس. في نصف الصورة الآخر إلى اليسار يُرى مرنبتاح يستقبل السيف المقوس "شيبش" من أمون رع، وتتبعه الآلهة موت. في الكتابة على هذا المشهد يقول آمون رع:
                      »خذ سيف الشبش لكي تنتصر على جميع بلاد الغرباء«
                      مسألة "إسرائيل" في لوحة مرنبتاح (انشودة النصر) ...
                      اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image.png 
مشاهدات:	418 
الحجم:	791.0 كيلوبايت 
الهوية:	815074

                      يذكر السطر 27 انتصار مرنبتاح ضمن حملة كنعان قائلا "دُمرت يزريآر ولم يعد لها بذور".
                      "يسرائر " أو "يسرائل " بالهيروغليفية حيث كان المصري القديم يخلط بين حرفي الراء و اللام. مكتوب على اللوحة باللغة الهيروغليفية.

                      اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image.png 
مشاهدات:	411 
الحجم:	98.9 كيلوبايت 
الهوية:	815073​​​​​​
                      إن ربط إسرائيل بكنعان في هذا النقش المصري المبكر لا يمكن اعتباره مرادفًا لـ"إسرائيل" الواردة في التوراة، فإذا كان نقش مرنبتاح يعبر عن أي حقيقة تاريخية فإن التوراة لا تذكر عنها شيئًا".

                      لماذا تخالف إسرائيل كل ما قاله العلماء وتصر على تسمية "لوحة مرنبتاح" بـ"لوحة إسرائيل"؟.
                      مرنبتاح هو رابع ملوك الأسرة التاسعة عشر، ابن الملك رمسيس الثاني من زوجته الثانية إيزيس نوفرت، وترتيبه الرابع عشر بين أبناء رمسيس الثاني، إذ كل إخوته الأكبر منه قد ماتوا في حياة والدهم، وقد استمرت مدة حكم الملك مرنبتاح تقريبا عشر سنوات.
                      اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image.png 
مشاهدات:	410 
الحجم:	639.6 كيلوبايت 
الهوية:	815072
                      دفن الملك مرنبتاح في مقبرته بوادي الملوك، و اكتشفت مومياؤه في خبيئة بمقبرة أمنحوتب الثاني مع ثمانية عشر مومياء أخرى عام 1898 م بواسطة فيكتور لوريت.
                      في عام 1896 اكتشف الأثري الفرنسي اليهودي فرناند بتري لوحة من الجرانيت الأسود في خرائب في معبد مرنبتاح الجنائزي في القرنة بطيبة الغربية، أطلق على هذه اللوحة تعسفاً اسم "لوحة إسرائيل".
                      و هي محفوظة في التحف المصري.
                      و هي لوحة قام الملك امنحتب الثالث احد ملوك الاسرة الثامنة عشرة بنصبها في معبده الجنائزي في البر الغربي في طيبة و سجل علي وجهها الامامي نصا عن انجازاته المعمارية التي قام بها في فترة حكمه.
                      أعيد أستخدام اللوحة من قبل الملك مرنبتاح و نقلها الي معبده الجنائزي الذي شيده الي الشمال من معبد امنحتب الثالث في البر الغربي من طيبة و قام بتسجيل نصا اخر علي ظهرها.
                      إذا ففي خلال هذا الوقت تحول معبد أمنحتب الثالث إلى معبد مخرب بفعل الزلازل العنيفة.
                      مرنبتاح لم يطمس النص الخاص بامنحتب الثالث مما يدل علي ان هذه اللوحة كانت قائمة في مكان ظاهر في معبده الجنائزي و لم تكن ملصقة الي جدار او حائط في المعبد و إلا لأثر ذلك علي سلامة نص امنحتب الثالث الذي عثر عليه في حالة جيدة و هو الأمر الذي يدل علي انها كانت مقامة في مكان ظاهر حتي يتمكن من يدخل معبده الجنائزي من ان يقرا النصين معا نص فيه انجازات الملك امنحتب الثالث المعمارية و نص فيه انجازات الملك مرنبتاح العسكرية.
                      و قد عرفت اللوحة لدي الغرب باسم لوحة إسرائيل نظرا لوجود فقرة في السطر السادس و العشرون و السابع و العشرون وردت فيها عبارة " اسرائيل سحقت و لم يعد لها بذور " و التي تقرا حرفيا بالهيروغليفية ( يسيرارو فكت بن برت اف ) "y sy ri3 rw " هكذا تنطق الكلمة ( يسيرارو) او( يزيرارو ) و طبقا لآراء بعض العلماء في اللغة فان (يسيرارو ) يمكن ان تقرا ( يسيرالو ) نظرا لعدم وجود حرف اللام باللغة المصرية القديمة ، و منهم من يقرا التسمية (يسيرائيلو) = (يسرا (ئي) لو) = ( اسرائيل ) .
                      و مما يجدر الإشارة إليه ان الأبجدية المصرية القديمة لا تحتوي علامات الف الوصل و ياء المد ( حركة الكسر الطويلة ).
                      و لقد قرا جوتيه هذا الاسم (isrealou) و لكن من الافضل قراءة و كتابة هذا الاسم كما جاء في النص المصري دون اي تحريف او تعديل ال (يسيرارو ) او يزريل و المقصود بها قبائل يزريل ، اما كلمة ( فكت ) = ( fk3 ) فتعني يحطم او يشرد ، و كلمة ( برت ) = ( prt) تعبر هنا عن البذرة الضرورية للإنبات .
                      ويؤكد العلامة المصري د/ عبدالحميد زايد في كتابه مصر الخالدة ان كلمة برت هنا بمعني حبوب ولا تعني نسل لان المخصص الذي كتبت به كلمة حبوب هو عبارة عن حب من القمح ينتهي بثلاثة خطوط هي التي يكتب بها الجمع في اللغة المصرية القديمة ، أو قد تعني معنويا نسل .
                      وبذلك تكون ترجمة العبارة ( وقبائل يزريل سحقت ( شردت ) ولم يعد لها بذور(حبوب ) _ قطع رزقها أو نسلها)، وهم قوم رحل لم يعرفوا معنى كلمة الدولة لكونهم جماعات قبائلية.
                      أما الأستاذ ناڤيل ( Naville, Archeology of the Old Testament) فيرى أن اللوحة تدل على أن بني إسرائيل قد خرجوا من مصر قبل (( مرنبتاح )) أو في أوائل حكمه، ولكن هذا الافتراض الأخير يتنافى مع الحقيقة المؤكدة وهي أن فرعون الخروج غرق أثناء مطاردته لنبي إسرائيل، فلا يمكن أن يكون الخروج حدث في أوائل حكم مرنبتاح بل يكون قد حدث في أواخر حكم رمسيس الثاني الذي غرق أثناء مطاردتهم، وهكذا نرى أن لوح مرنبتاح الذي اتخذوه دليلاً لمعارضة نظرية – رمسيس الثاني هو فرعون الخروج – في الحقيقة هو دليل على صحتها. نقطة ثانية يقولها ناڤيل ذلك أنه لا يعتقد أن الإشارة إلى سوريا في اللوحة تشير إلى حرب حقيقة وقعت في سوريا. والحقيقة أنه لا يوجد ما يدل على أن مرنبتاح قد قاد أو سيَِّر حملة إلى سوريا، كما أن ما ذُكر من أن ( بلاد خاتي ) أصبحت مسالمة – هو – كما يقال: من قبيل تحصيل الحاصل لأنها كانت مسالمة منذ المعاهدة التي وقعها والده رمسيس الثاني مع ملكها ويكون ذكر ذلك على أنه من أعمال مرنبتاح هو مبالغة من مبالغات الفراعين التي اشتهروا بها عند تدوين سجل أعمالهم، ولعله أراد الإشارة إلى أنه لم يهمل الجبهة الشرقية وكانت له فيها انتصارات كما أحرز الانتصارات في الغرب على الليبيين.
                      ويذكر سليم حسن عالم المصريات (مصر القديمة جـ7 ص111) أن علماء الآثار واللغة قد ترجموا الجملة التي وردت عن إسرائيل (وليس لها بذر) على وجهين بعضهم قال إن محاصيلهم قد ذهبت أو ليس لهم غلة، والأصح الوجه الآخر كما قال پرستد: وإسرائيل قد أقفروا بذرتهم قد انقطعت أو كما قال ناڤيل: وإسرائيل قد مُحي وبذرته لا وجود لها، والواقع أن كلمة (بذرة) تدل على (الخَلَف) وفي الدول العربية للآن نجد أنهم يستعملون كلمة (بذرة) بمعنى (النسل) أو (الأولاد)، وسؤال شائع لديهم: كيف حال البذور؟ ويقال لمن لا نسل له (لقد انقطعت بذرته).
                      كذلك ذكر العالم سليم حسن أن جميع البلاد التي ذكرت: خاتي – جازر – عسقلان وغيرها أُلحق بكل منها رسم مخصص يدل على أنها بلاد أجنبية أما اسم إسرائيل فقد كان الاسم الوحيد الذي استثنى من هذا الرسم وهو ما يعني أنه لم يكن لبني إسرائيل في ذلك الوقت (أرض محددة ) وكان الرسم الذي ألحق باسم إسرائيل هو صورة رجل وامرأة دلالة على أنهم مجرد جمع من الناس وليسوا ( دولة ) مما يدل على أن الشاعر الذي تغنى بانتصار (مرنبتاح ) وصاغ هذا النشيد كان يعني أن بني إسرائيل يومئذ لم يكن لهم مكان محدد في أرض فلسطين، ولا سبيل إلى التشكيك في طريقة كتابة القصيدة بما يقال من احتمال خطأ الكاتب المصري القديم وسهوه، فقد كان واعياً لما يكتب وأورد أسماء الشعوب والبلاد الأجنبية في ذلك النص 19 ( تسعة عشر ) مرة لم يغفل رسم رمز الأرض الأجنبية في واحدة منها سواء ما سبق اسم إسرائيل أو ما ورد بعده، ويخلص من ذلك إلى أن أنشودة النصر هذه تشير إلى طائفة من ( بني إسرائيل ) كانت في بعض بقاع فلسطين أو تخومها حين خرج مرنبتاح لقمع ثورة هناك، وهذا يعني أنهم قد خرجوا من مصر قبل عهده، كما يرى الدكتور عبد العزيز صالح ( الشرق الأدنى القديم جـ1 ص255 ) أن لوح مرنبتاح قد اعتبر ( إسرائيل) من ( نزلاء ) فلسطين ولم يذكر تتبعه لهم من مصر وذلك يعني أنهم دخلوا فلسطين قبل عهده أي أنهم خرجوا من مصر قبل عهده أي في أواخر عصر رمسيس الثاني.
                      وهنا تبرز مشكلة سنوات التيه، إذ الثابت دينياً أن بني إسرائيل بعد خروجهم من مصر لم يتوجهوا مباشرة إلى فلسطين بل أمضوا أربعين سنة في التيه في سيناء ثم بعد ذلك توجهوا إلى أرض فلسطين، فإذا افترضنا سنة قبل التيه وسنة بعده للإعداد لدخول الأرض لكان المجموع 42 سنة وفي أثنائها كان قد توفي ستة من الفراعنة:
                      اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image.png 
مشاهدات:	431 
الحجم:	33.4 كيلوبايت 
الهوية:	815071


                      أي أن بني إسرائيل لما بدأوا دخول أرض فلسطين كان رمسيس الثالث هو فرعون مصر أما قبل ذلك فلم يكن لهم وجود في فلسطين، فكيف يحق لمرنبتاح أن يذكر في أنشودة النصر: (وإسرائيل خربت وليس لها بذر) أو كما ترجمت: وقد أبدت بذرة إسرائيل ؟.
                      بعض العلماء الذين يتمسكون بنظرية (مرنبتاح فرعون الخروج) يُسقطون سنوات التيه من حسابهم وينكرونها ويقولون إن بني إسرائيل توجهوا لفلسطين بعد خروجهم من مصر في آخر حكم رمسيس الثاني وأن مرنبتاح قد طاردهم هناك و (أباد بذرتهم فعلاً) ويستدلون على قوة النفوذ المصري في فلسطين أيام حكم مرنبتاح بعثور الأثريين على إناء مكسور عليه كتابة مصرية لأحد جباة الضرائب المصريين في بلدة (لخيش) في فلسطين وقد سجَّل فيها تسلمه لشحنة من القمح في السنة الرابعة من حكم مرنبتاح، كما يرى البعض ( د. محمد بيومي مهران. مصر والشرق الأدنى القديم جـ3 ص500) أن السيادة المصرية على فلسطين في ذلك الوقت كانت من القوة بحيث لا تتيح لجموع بني إسرائيل – غير المسلحين بأسلحة – دخول أرض فلسطين أصلاً فلا محل للقول بأن بني إسرائيل كانوا قد استقروا في فلسطين لبعض الوقت ثم ذهب مرنبتاح وأباد بذرتهم وأعاد النفوذ المصري إلى فلسطين ثانية.
                      ويَجُبّ هذا كله أن سنوات التيه ثابتة لورودها في القرآن الكريم وفي التوراة أيضاً فلا محل لإسقاطها أو إنكارها، وما دام الأمر كذلك كيف تسنى لمرنبتاح أن يذكر في اللوح أنه أباد بذرة إسرائيل في حين أنهم كانوا لا يزالون في التيه في سيناء؟ والجواب هو في أحد الاهتمامات التالية:
                      1- أنه ذهب إلى فلسطين ووجد بعضاً من (العابيرو) – وهم كما ذكرنا أقرباء لبني إسرائيل وفرع منهم – فأبادهم، وظن أو ادعى أنه أباد بني إسرائيل.
                      2- أنه ذهب إلى فلسطين ولم يجد بني إسرائيل وبحث عنهم في أنحاء فلسطين فلم يجدهم فاعتقد أنهم هلكوا في الصحراء ونسب هلاكهم إلى نفسه.
                      3- الاحتمال الثالث هو أن مرنبتاح لم يقد أو يرسل حملة إلى فلسطين إطلاقاً، وأنه كما نسب السلام مع (خاتي) لنفسه فقد أراد أن يؤكد أنه لم يقل عن سلفه في اهتمامه بأملاك مصر في آسيا، فكان أن ضمَّن نصره على الليبيين نصراً في الشرق أيضاً، فأضاف خاتي وجازر وعسقلان وبالمثل كانت إضافته لاسم إسرائيل وكان ذلك أسهل إذ أنهم لم يكونوا دولة بل قوماً بدون أرض كما هو واضح من طريقة ذكرهم في (لوح إسرائيل).
                      4- ويقول الدكتور محمد بيومي مهران (مصر والشرق الأدنى القديم جـ3 ص506): إن لوح مرنبتاح قد حدد البعض تاريخ كتابته بالعام الخامس من حكم مرنبتاح، وحملة مرنبتاح على سوريا كانت في العام الثالث لحكمه وبما أن الثابت أن الفرعون قد غرق أثناء مطاردته لبني إسرائيل كان معنى ذلك أن هذا اللوح قد كتب بعد غرق الفرعون وكتبه خَلَفه تخليداً لذكرى انتصاره على الليبيين، وأضاف إليهم (بذرة إسرائيل قد أبيدت) كنوع من الافتخار الكاذب إذ كيف يتأتى للفرعون وقد غرق أثناء مطاردتهم أن يدعى أنه أبادهم؟.
                      وما دام الافتخار الكاذب قد وُضع في الاحتمالات فلماذا لا يكون كاتب اللوح هو مرنبتاح نفسه لا خلفه، وأنه هو صاحب الافتخار الكاذب ويكون فرعون الخروج هو رمسيس الثاني وهو الذي غرق أثناء مطاردته لبني إسرائيل.
                      وأنقل لكم من كتاب
                      توت عنخ آمون :مؤامرة الخروج و حقيقة أعظم لغز اثري
                      تأليف: اندرو كولينز و كريس هيرالد
                      ترجمة: رفعت السيد علي
                      يقدم هذا الكتاب نظرية جديدة عن علاقة مصر الفرعونية بالديانات الحديثة، كما يتحدث عن مؤامرة أدت الى اخفاء معلومات مهمة وجدت بالمقبرة تتعلق بخروج بني اسرائيل من مصر، لتعارضها مع القصة التوراتية.
                      ففي ربيع 1924بعد عام ونصف العام من عثوره على مقبرة توت عنخ آمون، فوجئ هوارد كارتر الاثري البريطاني بقرار من السلطات المصرية يمنعه عن العمل في الموقع ـ حيث كان يقوم بجرد وتسجيل آلاف القطع التي عثر عليها في المقبرة ـ والغاء تصريح الكشف الذي صدر قبل عشر سنوات. وذهب كارتر الى القنصلية البريطانية في القاهرة، وطالب مساعد القنصل بالتدخل لدى السلطات المصرية لتسمح له بالعودة الى عمله. ولما كانت العلاقات قد ساءت بين الانجليز والمصريين في اعقاب ثورة 1919، رفض مساعد القنصل مساعدة كارتر. وعلى الاثر غضب كارتر وهدد بأنه ما لم يعد الى عمله، سينشر للعالم كله محتويات مجموعة من الوثائق البردية وجدها في مقبرة توت عنخ آمون تحتوي على القصة الحقيقية لخروج اليهود من مصر، سوف تعيد كتابة تاريخ اليهودية والمسيحية. وهنا احتد مساعد القنصل وألقى بزجاجة الحبر في وجه كارتر، ثم تدارك نفسه وضبط اعصابه. إلا ان السلطات المصرية سرعان ما وافقت على عودة كارتر للعمل بوادي الملوك، حيث استمر عمله سبع سنوات أخرى، لكن وحتى وفاته، لم يعد كارتر الى الحديث عن برديات توت عنخ آمون، التي اختفت تماما بعد ذلك دون ان يعرف احد مكانها وظلت محتوياتها سرا الى وقتنا هذا.
                      يقول المؤلفان: «يبدو انه (كارتر) عثر مصادفة على اسرار تؤدي الى تغيير عناصر رئيسية في القصة التوراتية... (و) لو انها اذيعت (في وقتها) فمن المحتمل انها كانت ستغير مجرى تاريخ القرن العشرين». وبحسب ما جاء بالكتاب، فإن الذين خرجوا من مصر لم يكونوا من اليهود، بل من اتباع الملك اخناتون الذي نادى بعبادة إله واحد لا صنم له، وغالبيتهم من المصريين والمديانيين الى جانب بعض العناصر العبرانية. ولما كان توت عنخ آمون تولى العرش بعد نهاية حكم اخناتون، فقد بدأ الكهنة اضطهاد الموحدين منذ عصر توت عنخ آمون، مما أدى الى خروجهم من مصر الى سيناء ثم فلسطين: «اذا كانت هذه هي القصة التي دلت علىها بردية كارتر، فمن السهل معرفة سبب هيجان الرجل الدبلوماسي. فقد كانت سياسة الشرق الاوسط عندئذ متشابكة في كل مناحيها كما هي الآن، وكان ادعاء اليهود حقا لهم في اقامة موطن لهم هو جوهر الخلاف. اذ كان تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، حلما يداعب عددا من الشخصيات المهمة في الغرب منذ منتصف القرن التاسع عشر، ثم تبنته الحكومة البريطانية سياسيا عند نهاية الحرب العالمية الاولى، وأيده رئيس الوزراء آرثر بلفور.
                      ولكن رغم ما نشر عن بردية توت عنخ آمون، لم يتيسر العثور عليها بعد ذلك عند جرد محتويات المقبرة التي نقلت الى المتحف المصري بالقاهرة. فقد تحدث اللورد كارنارفون الذي موّل عمليات البحث الأثري في وادي الملوك، مرتين عن هذه البرديات قبل موته، في رسالتين بعث بهما الى اصدقائه ونشرت محتوياتهما جريدة «التايمز اللندنية» و«النيويورك تايمز» الاميركية في حينها.
                      كما ذكر البريطاني واليس بادج الذي كان مسؤولا عن الآثار المصرية في الاقصر عند افتتاح المقبرة، ان هوارد كارتر بعث على أثر اكتشافه للمقبرة، برسالة الى عالم اللغويات آلان غاردنر في لندن يطلب منه الحضور فورا الى مصر. والسبب الذي جعل كارتر يطلب حضور غاردنر هو ما ذكره في رسالته من انه وجد صندوقا في مقبرة توت عنخ آمون يحتوي على لفائف مكتوبة من اوراق البردي تحتوي على معلومات سيكون لها أثر كبير على اعتقادات الغرب المسيحي، ويريد من الخبير البريطاني ترجمتها. إلا ان المفاجأة حدثت عندما وصل غاردنر الى الاقصر وفتح الصندوق، وبدلا من العثور على البرديات لترجمتها لم يجد سوى قطع من الملابس الداخلية للملك. واعتذر كارتر بأنه أخطأ في التعرف على القماش التيلي واعتقد انه من اوراق البردي. ومن الغريب حقا اختفاء اي لفائف بردية في مقبرة توت عنخ آمون التي وجدت بكل محتوياتها، ذلك ان قدماء المصريين كانوا يحرصون على وضع نسخ من كتاب الموتى في مقابرهم، فكيف تكون هذه المقبرة خالية منه.
                      وعندما مات كارنارفون بعد ستة أشهر من افتتاح المقبرة، قيل ان السبب كان قرصة بعوضة في موقع جرح حدث اثناء الحلاقة، بينما ذهب البعض الى ان موته جاء بسبب لعنة المومياء. ولوحظ بعد ذلك انتشار شائعات لعنة الفراعنة، وموت عدد كبير من الاشخاص الذين اشتركوا في عملية الكشف عن المقبرة، وبينما يفسر البعض هذه الظاهرة بالقدرة السحرية للتعاويذ القديمة، فإن الكتاب الجديد يرجعها الى مؤامرة بشرية ارادت الاستحواذ على الوثائق البردية لاخفاء ما بها من معلومات، ثم عمدت الى التخلص من كل الشهود.
                      التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 2 يول, 2020, 06:14 م.

                      تعليق


                      • #12
                        مما سبق نرى أن لوح إسرائيل أو لوح مرنبتاح – وهو السند الأكبر لنظرية أن مرنبتاح هو فرعون الخروج تأكد عدم صدق الفقرة الواردة به والمتعلقة ببني إسرائيل ويصبح هذا اللوح في حقيقته دليلاً على أن الخروج تم قبل عصر مرنبتاح، وقد أشار چيمس بيكي – عالم الآثار الشهير – إلى ذلك إشارة مقتضية بقوله – وإن مركز مرنبتاح كفرعون الخروج قد اهتز بسبب كشف لوحة النصر أي لوح إسرائيل – (الآثار المصرية في وادي النيل جـ3 ص171).
                        وبالرغم من كل ذلك فإن هذه النظرية – مرنبتاح هو فرعون الخروج – تلقى قبولاً واسعاً لدى علماء الآثار المصريين والأجانب على السواء، وبلغ التعصب ببعض مؤيدي هذه النظرية إلى حد أن ينكروا غرق الفرعون الذي خرج بنو إسرائيل في عهده، فنرى الدكتور سليم حسن (مصر القديمة جـ7 ص135) يقول: والواقع أنه لا يمكن للإنسان أن يتصور غرق الفرعون وعربته في ماء ضحضاح لا يزيد عمقه عن قدمين أو ثلاثة، بل المعقول أن خيل الفرعون وعرباته قد ساخت في الأوحال وسقط بعض ركابها وهذا يفسر ما جاء في سفر الخروج 25:14. وخلع بكر مركباتهم حتى ساقوها بثقله. ويستمر قائلاً: هذا فضلاً عن أن ما جاء في القرآن الكريم لا يُشعر بأن الفرعون الذي عاصر موسى وطارده قد غرق ومات، بل على العكس نجَّاه الله ببدنه ليكون آية للناس على قدرة الخالق. والتعبير: (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ) [يونس: 92] تعادل التعبير العامي (خُلُص بجلده)!! وهذا منتهى التعسف في تفسير آي القرآن الكريم، إذ أن آيات القرآن الكريم تؤكد بصراحة ووضوح غرق الفرعون هو وجنوده، كما أن مكان الغرق لم يكن قدمين أو ثلاثة كما يدَّعون بل كان: (كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) [الشعراء: 63].
                        هناك دليل أخير يستند إليه أصحاب نظرية (مرنبتاح فرعون الخروج) هو ما يشير إليه عالم الآثار (سايس) إذ يقول إن الآثار المصرية تحصر حادثة الخروج في حكم الفرعون مرنبتاح ولدينا بين الأوراق البردية المحفوظة في المتحف البريطاني وثيقة تعرف بورقة (أنسطاسي السادسة) وتشمل خطاباً من كاتب الملك مرنبتاح كتبه لرئيسه يقول فيه: إن بعض بدو (شاشو) – أدوم – قد سُمح لهم حسب التعليمات التي لديه أن يجتازوا الحصن الذي في إقليم سكوث (تل المسخوطة) في وادي طميلات ليُتاح لهم رعي ماشيتهم بالقرب من بتوم. ونص الخطاب كالآتي: أمر آخر يا سيدي، لقد انتهينا من ملاحظة مرور قبائل (شاسو).. التابعين (لأدوم) من حصن (مرنبتاح حتب حرماعت) له الحياة والفلاح والصحة في (سكوث) نحو برك (بتوم) لأجل أن يطعموهم ويطعموا قطعانهم في ضياع الفرعون له الحياة والفلاح والصحة وهو الشمس الطيبة لكل أرض مصر.. (مصر القديمة، سليم حسن، جـ6 ص588).
                        وتدل وثائق أخرى على أن الحراسة في هذا الوادي كانت شديدة إلى حد بعيد، كذلك كانت المراقبة عظيمة على الطريق الرئيسية إلى آسيا في قلعة (سيلة) (تل أبو صيفة الحالي) إذ وصل إلينا أجزاء من يوميات موظف في إحدى المدن الواقعة على حدود فلسطين في عهد مرنبتاح دوَّن فيها أسماء المبعوثين والأعمال التي كُلِّفوا أداءها ممن يجتازون هذا الحصن في طريقهم إلى فلسطين، وكان المرور منه محرّماً في عهد رمسيس الثاني إلا لمن كان لديه تصريح بالخروج.
                        ويقول الأستاذ (سايس). وهذ الخطاب (ورقة أنسطاسي السادسة) كتب في السنة الثامنة من حكم مرنبتاح. ومن البديهي أن هذا لا يمكن أن يحدث إذا كان بنو إسرائيل لا يزالون يقيمون في أرض (جوشن).
                        وعلى ذلك فلابد أن واقعة الخروج قد حدثت في وقت ما قبل هذا التاريخ.
                        وهذا يجعل تاريخ الخروج على أية حال قريباً من تاريخ نقش اللوحة. أي أنه يستنتج أن هذا الخطاب يؤيد أن الخروج حدث في عهد مرنبتاح في السنة الخامسة من حكمه ولكنه يختم استنتاجه قائلاً عن زمن الخروج: بل يجوز أن يتقدم عن هذا التاريخ.
                        ومن المؤكد أن الخروج – استنتاجاً من هذا الخطاب يتقدم عن هذا التاريخ إذ أن وسائل الاتصالات في ذلك الزمن كانت بطيئة، فإذا فرضنا أن الخروج حدث في زمن ما.
                        فقد يمر عام قبل أن تدري الدول المجاورة التي تقع خارج النفوذ المصري – بخروج بني إسرائيل من مصر. وقد يمر عام آخر حتى يتأكد أنهم قد خرجوا من مصر إلى غير رجعة.
                        وقد يمر عام ثالث إلى أن يقرر رؤساء (آدوم) إرسال بعثة إلى فرعون مصر ليسمح لرعاتهم بالرعي في الأرض التي كان يقطنها بنو إسرائيل.
                        ويمر وقت آخر قبل أن يدرس الفرعون الموضوع مع مستشاريه والتحقق من أن هؤلاء الرعاة ليسوا جواسيس أو أعوان لدولة أجنبية تخطط لغزو مصر.
                        فإذا وضعنا مجموع هذه الأوقات في الاعتبار لعاد بنا زمن الخروج إلى أول عصور مرنبتاح أي آخر عصر رمسيس الثاني.
                        وهكذا يتضح لنا أن هذا الدليل الأخير (ورقة أنسطاسي السادية) تشير أيضاً إلى أن مرنبتاح ليس هو فرعون الخروج.
                        من هذا نخلص إلى أن كل الاعتراضات التي أثيرت ضد نظرية أن رمسيس الثاني هو فرعون الخروج وعلى أساسها افترضوا أن مرنبتاح هو فرعون الخروج – هذه الاعتراضات بعد تفنيدها انقلبت إلى اعتراضات على نظرية مرنبتاح نفسها وأصبحت دلائل على صحة الرأي القائل بأن رمسيس الثاني هو فرعون التسخير وفرعون الخروج معاً، وهذا يؤيد ما ذهبنا إليه من أن أصحاب هذه النظرية لم يستطيعوا أو بالأحرى لم يجتهدوا في الدفاع عنها.
                        اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image.png 
مشاهدات:	474 
الحجم:	1.85 ميجابايت 
الهوية:	815070

                        ولقد حاولت هذه الدراسة الإحاطة بالموضوع من جميع جوانبه وتمحيص الأدلة المقدمة على أوجهها المختلفة وأصبح الميزان الآن يميل لصالح النظرية التي تقول إن رمسيس الثاني هو فرعون التسخير وفرعون الخروج أيضاً. وإن كان البعض قد يرى فيما ذكر بعض الإطالة فما ذلك إلا لاقتناعنا بأن تحديد شخصية هذا الفرعون سيساعد على إبراز جوانب جديدة في قصة موسى عليه السلام كما أنه أثناء سرد القصة – ستتضح للقارئ أدلة أخرى – مستمدة من القرآن الكريم – تؤكد أن رمسيس الثاني هو – بلا شك – فرعون موسى ويكون في ذلك نهاية للجدل الطويل الذي دار حول هذا الموضوع.
                        مثال ذلك ملخص قصة هذا الفرعون التي وردت في سورة النازعات:
                        {هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (15) إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (16) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (17) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (18) وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى (19) فَأَرَاهُ الْآَيَةَ الْكُبْرَى (20) فَكَذَّبَ وَعَصَى (21) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (22) فَحَشَرَ فَنَادَى (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24) فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآَخِرَةِ وَالْأُولَى (25) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى} [النازعات 15-26].
                        فالفرعون طغى بأن سخر وعذب واستعبد بني إسرائيل وذبح أبنائهم، فذهب إليه موسى وأراه معجزات كثيرة عُبّر عنه جميعاً بلفظ الآية الكبرى فكذب الفرعون وراح يدعي لنفسه الألوهية فنكّل به الله في الدنيا بالإغراق في البحر وفي الآخرة له عذاب النار، والضمير في (فأخذه) عائد إلى (فرعون) الذي طغى فهو فرعون واحد من أول الأمر إلى آخره ونفس هذا المعنى يفهم من هذه الآيات من سورة الدخان:
                        (وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (17) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (18) وَأَنْ لَا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آَتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (19) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (20) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (21) فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (22) فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (23) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (24) كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ (27) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آَخَرِينَ (28) فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29) وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ (30) مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ) [الدخان: 17-31].
                        المصدر: كتاب موسى وهارون عليهما السلام من هو فرعون موسى؟ تأليف الدكتور رشدي البدراوي الأستاذ بجامعة القاهرة. وباحث وكاتب إسلامي.


                        التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 2 يول, 2020, 06:13 م.

                        تعليق


                        • #13
                          الفرع الثالث
                          عدم وجود ما يسمى باللغة العبرية زمن موسى عليه السلام
                          اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image.png 
مشاهدات:	449 
الحجم:	1.76 ميجابايت 
الهوية:	815069
                          لقد تحدثنا عن أصل التسمية بكلمة " العبرانيين"، وقلنا إذا كان كل الإسرائيليين الذين نشأوا فى مصر القديمة من العبرانيين، فليس كل العبرانيين فى ذلك الوقت إسرائيليين. وقد اتفقت تسميتهم بلفظ عابيرو Apiro فى المصادر المصرية القديمة مع نفس التسمية فى المصادر والحفائر السومرية والأكادية بالعراق، حيث كان يطلق هذا الإسم على مجموعات البشر التى لاتستقر بمكان، وليس لها وطن دائم، وكانت دائمة التنقل والترحال، وكان ينضم إليهم أثناء تنقلهم بعض الهاربين من العدالة والخارجين عن القانون outlaws، والهجامين والمغيرين raiders من مختلف البلاد.
                          ويقول العالم الأثرى سليم حسن (مصر القديمة جـ 4 ص 196): أن العبرانيين طائفة من أجناس مختلفة وليسوا جنسا واحدا، ويقول فى مكان آخر أنهم كانوا على اتصال وثيق بالهكسوس.
                          وكانت بداية استخدام لفظ العبرانيين هى مع بداية خروج إبراهيم عليه السلام مع بعض قومه ومعه زوجته سارة وابن أخيه لوط عليه السلام. وتطلق عليهم التوراة الحالية صفة sojourners أى القوم الذين لايستقرون بمكان ودائمى الترحال..
                          وقد نشأت تسمية اللغة التى يتحدثون بها من نفس تسميتهم بالعبرانيين، فكانت لغتهم هى اللغة العبرية وهي لغة نشأت وتشكلت من عديد من لغات البلاد التى كانوا يمرون بها، فكانت بهذا الشكل خليطا من عدة لغات لايميزها لغة سائدة.. وإذا علمنا كمثال واحد هو مثال إبراهيم عليه السلام الذي كان له ثلاث زوجات (غير السرارى وماملكت يمينه)، أولهما سارة ولغتها هى الأكادية لغة كلدان (العراق حاليا)، وثانيتهما هاجر ولغتها المصرية القديمة، وثالثتهما قطورة ولغتها هى العربية القديمة لغة أحفاد قحطان Yoktan، وهي اللغة التى تعلمها وطورها بعد ذلك إسماعيل ابن إبراهيم عليهما السلام. وإذا قلنا طبقا لما ترويه التوراة أن أطول إقامة لإبراهيم عليه السلام كانت بأرض كنعان فى حبرون (مدينة الخليل بفلسطين حاليا)، وأن لغة كنعان كانت عبارة عن عدة لغات مشتقة من اللغات السامية ولغة المصريين الحامية كأثر من آثار خضوعها فترات طويلة لحكم فراعنة مصر.. فإننا يمكن أن نستنتج أنه إذا كانت هناك لغة عبرية للعبريين فى ذلك الوقت، فسوف تكون خليطا مشكلا من اللغات السابق ذكرها على الأقل.
                          وبعد أن اختار الله مصر لكى تنموا وتترعرع فيها قبيلة بنى إسرائيل من أولاد يعقوب عليه السلام ، وأقاموا فيها 430 سنة تقريبا ، تعلموا فيها الكثير من مصر ، فكانت إقامتهم فيها هذه المدة الطويلة هى فترة حمل وولادة لشعب بنى إسرائيل كما تقول التوراة فى سفر التكوين 12:40-41 ، وتعلم موسى الحكمة فى قصر فرعون منذ ولادته حتى بلغ الأربعين من عمره كما يقول العهد القديم فى أعمال الرسل Acts 7:22 ، ثم قضى موسى بعد ذلك 10 سنوات أخرى فى مدين هاربا من قصاص المصريين بعد أن قتل واحدا منهم ، وتزوج من هناك بنت الرجل الصالح - ويقول البعض أنه شعيب عليه السلام- والتى تزوجها موسى عليه السلام إسمها صفورة وهذا الإسم ينطق بلفظ "عصفورة" بالعربية الحالية ( وتقول التوراة – سفر الخروج 2:11-15- أن الرجل إسمه يثرون وكان كاهن مدين ، ويقال فى مواضع أخرى أن إسمه رعوئيل Reuel بمعنى خليل الله ) .
                          وفى جميع الأحوال تؤكد التوراة أن لغة أهل مدين كانت اللغة العربية وأن نسبهم ينتهي إلى إسماعيل عليه السلام.
                          ووَلدت صفورة لموسى عليه السلام ولدا إسمه جرشوم Gershom قالت التوراة عنه أنه نصف عربى وكان لايتحدث غير العربية لغة أمه (سفر الخروج 2:15-22).
                          ويقول عباس العقاد فى كتابه (الثقافة العربية أقدم من ثقافة اليونان والعبريين) أن: " سفر التكوين وسفر الخروج صريحان فى تعليم الصالحين من العرب لكل من إبراهيم وموسى عليهما السلام. فإبراهيم تعلم من ملكى صادق، وموسى تعلم من يثرون إمام مدين “.
                          وبهذا الشكل يمكن القول أن موسى عليه السلام بعد أن قضى الأربعين عاما الأولى من عمره تحت رعاية فرعون فى قصره، ثم قضى العشرة أعواما التالية بين أهل مدين وهم من العرب الإسماعيليين ، بأنه قد تأهل بهذا الشكل وتشكّل ثقافيا بثقافة لغتين هما اللغة المصرية القديمة واللغة العربية لغة العرب الإسماعيلييين . فأصبح بذلك مستعدا لإستقبال رسالة الله إلى بنى إسرائيل وفرعون مصر، وكان أمر الله له بالذهاب إلى فرعون.. ولكن التوراة تقول فى هذا الشأن أن الله طلب من موسى أن يذهب إلى فرعون ليطلب منه إطلاق سراح بنى إسرائيل وليس لتبليغه رسالة الله، وأراه الله لهذه المهمة آية العصا وآية اليد ليكون مهابا عند فرعون وليدلل بها على صدق رسالته.
                          ونعود مرة أخرى إلى اللغة العبرية القديمة، حيث قلنا أنها خليط من عدة لغات أهمها اللغة الأكادية واللغة العربية واللغة الهيروغليفية واللغة الآرامية ... ويقول العالم الأثرى سليم حسن أن هجرة الهكسوس ودخولهم ببطء وهدوء إلى أرض مصر بدأت منذ بدايات القرن التاسع عشر ق. م.، وبرهن على ذلك بأدلة من بعض الحفائر وقطع الفخار الأثرية، ولم يجد تضاربا فى ذلك مع بعض الحقائق التاريخية (مصر القديمة جـ 4 ص 55). وتزامن دخول الهكسوس أرض مصر مع خروج إبراهيم وبعض قومه من أرض كلدان (العراق) مارا بكنعان (فلسطين) إلى أن وصل مصر وتزوج منها السيدة هاجر .... واجتاح الهكسوس بعد ذلك مصر وتحكموا فى أقدار شعبها، إلى أن طردهم أحمس الأول (1580 ق.م. – 1558 ق.م.) مؤسس الأسرة الثامنة عشر، وقد وُلد موسى أثناء هذا التاريخ أو بعده، وقد اختلف العلماء فى زمن ميلاد موسى كما اختلفوا فى زمن خروج موسى وقومه من مصر، واختلفوا بالتالى فى الفرعون الذي أخرجهم. وعندما طرد أحمس الأول الهكسوس من مصر خرجت معهم طائفة قليلة من بنى إسرائيل ارتبطت مصالحها معهم، ولكن الغالبية العظمى من بنى إسرائيل بقوا فى مصر بعد طرد الهكسوس، وتعرضوا للتسخير والإذلال من فراعنة مصر جزاء خيانتهم وتعاونهم مع الهكسوس ضد مصالح مصر والمصريين، ووصل حد إذلالهم إلى التنكيل بهم وذبح معظم صغارهم الذكور..، وفى هذا الوقت وُلد موسى عليه السلام، وكانت قصة التقاطه من النهر وتبنى فرعون له، وهي قصة معروفة فى القرآن الكريم كما هى معروفة فى التوراة الحالية. وكأن الله تعالى أراد بعنايته إنقاذ موسى لإعداده للرسالة السماوية.. وقد قلنا من قبل كيف تأهل موسى ثقافيا لمدة أربعين عاما بالثقافتين المصرية القديمة والعربية القديمة، وكان أثر ذلك امتلاء التوراة (أسفار موسى الخمسة) بكلمات كثيرة من اللغة المصرية القديمة وكذلك بكلمات كثيرة من اللغة العربية.. وهما اللغتين التى نشأت منهما لغة التوراة العبرية بصفة أساسية.. ويقول عباس العقاد فى كتابه (الله / سلسلة كتب دار الهلال 1968): " أن كل من هنرى برستيد وآرثر ويجال عقدا مقارنة بين صلوات إخناتون وأحد المزامير العبرية فاتفقت المعانى بينهما اتفاقا لاينسب إلى توارد الخواطر والمصادفات “.
                          ويقول الطبيب اليهودي سيجموند فرويد فى كتابه بعنوان (موسى والوحدانية Moses & monotheism) فى مسألة المقابلة بين عقائد إخناتون وعقيدة موسى أنه بعد أن انتهى من مقابلاته وفروضه قرر أن موسى عليه السلام تربى بمصر فى كنف الوحدانية ونشأ فى أعقاب المعركة بين آتون وآمون، واستعد للنبوة فى هذه البيئة الموحِّدة، فعلّم بنى إسرائيل كيف يوحدون الله ويعظمون صفاته، وكان خروج بنى إسرائيل فيما بين القرن الرابع عشر والثالث عشر قبل الميلاد، أى فى الجيل التانى لإنتشار التوحيد بالبلاد المصرية " ..
                          والعجيب فى الأمر أن هذا العلامة اليهودى وصل فى أحد كتبه بعنوان "موسى مصريا" (ترجمه محمد العزب موسى ومذكورا فى كتاب الدكتور رشدى البدراوى / قصص الأنبياء والتاريخ جـ 4 ص 665 ) إلى القول بأن موسى هو مصرى وليس من بنى إسرائيل ، وأن الديانة الموسوية مستقاة من عقيدة إخناتون ، ويحتمل أن موسى كان أحد الأمراء المصريين المقربين من إخناتون ولكن لما حدثت الردة فى مصر بعد إخناتون تم استبعاد موسى ، ولما انهار أمله فى حكم بلاده (مصر) أراد أن يوجد لنفسه دورا ما كزعيم ، فتزعم بنى إسرائيل وأعطاهم دينا جديدا استقاه من عقيدة إخناتون التوحيدية .
                          ويتساءل الدكتور رشدى البدراوى فى كتابه المذكور من قبل بقوله: " ويحق لنا أن نتساءل: كيف يتأتى لعالم مثل فرويد أن يقول بهذا الرأى، وتزول الغرابة إذا علمنا هويته اليهودية.. إذ مادام موسى مصريا فإن لبنى إسرائيل حقوقا تاريخية فى مصر!، وهذا هو الهدف السياسى الذي يرمى إليه، كما فعل سلفه يوسف ابن متى عندما زعم أن الهكسوس الذين حكموا مصر هم أنفسهم بنو إسرائيل ...
                          قلنا من قبل أن العبرية كلغة هى لغة العبرانيين الذين كانوا يرتحلون من مكان لآخر ولايستقرون فى مكان أومع قوم من الأقوام، فتشكلت لغتهم ونشأت كخليط من لغات الأقوام والأماكن التى مروا بها ... فماذا كانت لغة موسى عليه السلام تحديدا؟، هل هى المصرية القديمة الذي لم يعرف غيرها منذ تم إلتقاطه وليدا من النهر وتبناه فرعون وعاش فى قصره حتى الأربعين عاما الأولى من عمره ... أم هى اللغة العربية التى تعلمها فى مدين وأقام فيها هاربا من قصاص المصريين العشرة أعواما التالية من عمره .... يعتقد الكثير من علماء أصل اللغات وتاريخها أن الأشكال الأصلية لحروف كتابة العبرية القديمة هى نفسها أشكال حروف الكتابة الهيروغليفية لغة مصر القديمة، وأنه بعد خروج موسى وقومه من مصر إلى أرض كنعان، لم تكن لغة أهل كنعان هى اللغة العبرية.. وعلى هذا الأساس يؤكد الكثير من المؤرخين أن العبرية لم تكن هى لغة التوراة الأصلية على خلاف ما زعم به الكثير من اليهود.. ومزاعم اليهود بالنسبة لتاريخهم فى مصر لن تنتهي حتى يصطنعوا من خيالاتهم لأنفسهم تاريخا يبررون به أطماعهم بعد أن تمكنوا من السيطرة على النظام العالمى الجديد فى القرن الواحد والعشرين بعد الميلاد.
                          التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 2 يول, 2020, 06:12 م.

                          تعليق


                          • #14
                            تلك المزاعم يصطنعها اليهود عند نومهم مسترخين فى حجرات مفتوحة النوافذ، فتسقط أوراقهم كما تسقط أغطيتهم من فوق أجسادهم فيتعرون وتظهر الحقيقة، وتصبح رواياتهم مجرد أضغاث أحلام يهودية لاتَخِيل إلا على البلهاء والمغفلين ...
                            ومهما اصطنعوا من أوهامهم تاريخا فليعلموا وليعلم معهم بلهاء وضعفاء هذا العصر أن تاريخ بنى إسرائيل وتاريخ توراة موسى قد تكوّن على أرض مصر، ولقد صمتت الآثار المصرية القديمة تماما عن أى حكاية لهم مع ماهو معروف عن الكتابات المصرية على جدران المعابد والآثار – من دقتها فى تسجيل الأحداث، ويعلل البعض سكوت الآثار المصرية عن أى حكاية لهم، بأنها من وجهة النظر الفرعونية أن بنى إسرائيل منذ نشأتهم فى مصر حتى خروجهم هى حكاية لمجموعة من العبيد اللاجئين لاتستحق التسجيل أو أن يقام لها الآثار والمسلات ...! وأراد الله بذلك أن يضيع تاريخهم فى مصر وتضيع معه توراتهم الأصلية، وتضيع الألواح وتابوت العهد وذلك لحكمة لايعلمها سواه سبحانه وتعالى.
                            يدعى معظم يهود اليوم أن التوراة (أسفار موسى الخمسة وهى أهم أسفار العهد القديم) كتبها موسى بنفسه، ويتساءل كثير من المؤرخين: هل مايدعيه اليهود هو حقيقة تاريخية، وأى دليل أو يقين يملكه اليهود لإثبات مايدعونه ؟؟.. وفى المقابل أكد المؤرخون بالدليل والبرهان أن الأسفار الخمسة لم يكتبها موسى، وأنه قد تم كتابتها بعد موسى بعدة قرون من أشخاص غير معروفين.. راجع رابط الموقع:
                            http://freethought.mbdojo.com/authenticityoldtest.html
                            وقد ذكر هذا الرابط 43 دليلا استند عليهم علماء الآثار والمؤرخين لإثبات عدم وجود مايسمى باللغة العبرية زمن موسى عليه السلام وإثبات أن التوراة (الأسفار الخمسة) كتبها مؤلفون مجهولون بعد وفاة موسى عليه السلام بعدة قرون.. واكتفى هنا بذكر دليلين من بين تلك الأدلة تم طرحهما باللغة الإنجليزية كما يلي:
                            3. The Pentateuch was written in the Hebrew language. The Hebrew of the Bible did not exist in the time of Moses. Language takes centuries to develop. It took a thousand years to develop the English language. The Hebrew of the Bible was not brought from Egypt, but grew in Palestine. Referring to this language, De Wette says: "Without doubt it originated in the land [Canaan] or was still further developed therein after the Hebrew and other Canaanitish people had migrated thither from the Northern country" (Old Testament, Part 2). Gesenius says that the Hebrew language scarcely antedates the time of David.
                            4. Not only is it true that the Hebrew language did not exist, but it is urged by critics that no written language, as we understand it, existed in Western Asia in the time of Moses. Prof. Andrew Norton says: "For a long time after the supposed date of the Pentateuch we find no proof of the existence of a book or even an inscription in proper alphabetical characters among the nations by whom the Hebrews were surrounded." (The Pentateuch, p. 44) Hieroglyphs were then in use, and it cannot be imagined that a work as large as the Pentateuch was written or engraved in hieroglyphics and carried about by this wandering tribe of ignorant Israelites.
                            ويؤكد المؤرخون (الرابط السابق) أن لغة التوراة العبرية لم تكن موجودة فى زمن موسى عليه السلام، وقد أخذت اللغة العبرية عدة قرون بعد موسى لتتشكل كلغة يمكن كتابتها، فلغة التوراة العبرية لم يكن يعرفها بنو إسرائيل حتى خروجهم من مصر، وأنه لزمن طويل بعد التاريخ الحقيقى المفترض لكتابة التوراة، لانجد دليلا واحدا أونقشا واحدا لسفر من أسفار موسى الخمسة فى أى من الدول التى كانت تحيط ببنى إسرلئيل بعد خروجهم من مصر، وقد أكد ذلك أيضا مؤلف سفر التثنية (ص 44).. كما أن لغة مصر القديمة الهيروغليفية هى التى كانت تستعمل فى ذلك الوقت فى أرض كنعان التى خرج إليها بنو إسرائيل، ولايمكن تصور أوحتى مجرد تخيل أن يتم كتابة الأسفار الخمسة باللغة الهيروغليفية، بما يعنى ذلك أحمالا ثقيلة من أوراق البردي أو من مسلات الحجارة التى كان يتوجب على بنى إسرائيل حملها زمن التيه ووقت رحلتهم الشاقة إلى كنعان، وهم الذين قد وصفهم موسى عليه السلام بالجهل والكسل والفساد..
                            والسؤال الذي لايجد إجابة مقنعة ومؤكدة بأى دليل واضح ومقبول حتى الآن هو: ماهى تلك اللغة التى كتب بها موسى التوراة إن كان هو الذي كتبها بالفعل كما يدعون؟، وماهى تلك اللغة التى كتب بها الله تعالى على ألواح موسى؟ وقد جاء فى القرآن الكريم " وكتبنا له فى الألواح " (الأعراف 145)، وأشهر ماعُرف أنه مكتوب بتلك الألواح هو الوصايا العشر، ورُوى فى الخبر أن جبريل عليه السلام قبض على موسى بجناحه فمر به فى العلا حتى أدناه فسمع صرير القلم حين كتب الله له فى الألواح (ذكره الترمذى). ولايوجد دليل واحد يشير إلى اللغة التى كتب بها الله سبحانه وتعالى على ألواح موسى، أو دليل واحد مقنع أن موسى هو الذي كتب التوراة كما يدعى اليهود، أو دليل واحد على اللغة التى كتب بها موسى إن كان قد كتب شيئا فى الأصل. وقد ضاعت الألواح وضاعت التوراة الأصلية وضاع التابوت نفسه الذي كان يحتويهما حيث كان معظمه مصنوعا من الذهب الخالص، ولم يتبقى لنا أو لهم سوى بعض التخمينات والنظريات والإفتراضات وأحيانا بعض التلفيقات ...
                            ويقول اليهود أنه بعد أن ضاعت التوراة الأصلية تم إعادة كتابتها بين عام 450 ق.م. وعام 250 ق.م. بالكتابة العبرية المقدسة فى كتابين هما كتاب عزرا (وهو عزير فى القرآن الكريم) وكتاب نحميا Nehemiah. ونحميا هذا عاد بعد السبى البابلى من أرض فارس إلى أورشليم، أما عزرا أو عزير فكان موظفا فى بلاط فارس ومستشارا لشئون الطائفة اليهودية، وتمكن لثقة الملك فيه – من أخذ موافقته على عودة الفوج الثانى من يهود السبى إلى أورشليم حاملين معهم ماشاءوا من الأموال. وقام نحميا بحركة إصلاح دينى بعد عودته إلى أورشليم، وطلب من عزرا أن يأتى بأسفار موسى من ذاكرته.. وهذه إحدى روايات اليهود لتأكيد عدم ضياع التوراة الأصلية ولتأكيد وجود اللغة العبرية كلغة مكتملة صالحة للكتابة والتسجيل، فى حين يؤكد المؤرخون أن عزرا ونحميا حين كتبا التوراة بعد السبى البابلى كتباها باللغة الآرامية.
                            ومن السرد السابق يعنينا أن نقول للذين يعتقدون أن التوراة قد كتبها موسى بنفسه وباللغة العبرية ، أنه لايوجد مايؤيد اعتقادهم هذا من وثائق ومخطوطات وآثار وحفريات أو حتى مجرد دلائل يمكن أن يتقبلها المنطق البسيط ، وأن لغة التخاطب بين موسى وربه حين خاطبه الله عندما كان يرعى غنم حميه كاهن مدين (سفر الخروج 1/1-8) لم تكن سوى اللغة المصرية القديمة التى لم يكن يعرف غيرها حيث وُلد بمصر وعاش وتربى فيها أو اللغة العربية لغة أهل مدين التى تعلمها من حميه وزوجته حتى مات ولم ينطق بغير هاتين اللغتين ولم تطأ قدمه أرضا غيرأرض مصر وأرض مدين ، هذا ناهيك عن كون كلمة "توراة" ذاتها من الألفاظ المصرية ، ومعنى "توراة" Torah يرتبط بعبادة الثور المقدس فى المصرية القديمة ، وإن كثيرا من العلماء والمؤرخين يشككون أصلا فى وجود مايسمى باللغة العبرية فى زمن موسى عليه السلام .. ومع افتراض وجودها بعد ذلك أو قبل ذلك فقد ماتت تلك اللغة الهجين المصطنعة ولم يعد ينطق بها أحد لمدة لاتقل عن 2300 سنة، إلى أن كانت بداية إعادة هذه اللغة للحياة تحت إسم اللغة العبرية الجديدة، وكانت هذه البداية على يد رجل واحد هو إليعازر بن يهوذا (1858-1922) مع بداية التفكير فى إنشاء وطن يجمع شتات يهود العالم، ولتكون هذه اللغة بالرغم من تعدد لغات اليهود فى شتاتهم رمزا يصطنعونه لوحدتهم فى هذا الوطن تحت علم واحد ...
                            فما هى أصول تلك اللغة العبرية الجديدة لغة دولة إسرائيل الحالية، وكيف تشكلت ونشأت هى الأخرى، وما هو وجه الشبه بينها وبين اللغة العبرية القديمة...؟؟!!.

                            https://atef.helals.net/mental_respo.../session_5.htm
                            ملاحظة مرفقة: يقول عباس محمود العقاد فى كتابه "إبراهيم أبو الأنبياء" ص 131 (الناشر: المكتبة العصرية، صيدا - بيروت):
                            ربما كان من المفاجآت عند بعض الناس أن يقال لهم أن ابراهيم عليه السلام كان عربيا، وأنه كان يتكلم اللغة العربية. ولكنها الحقيقة التاريخية التى لاتحتاج إلى فرض غريب أو تفسير نادر غير ترجمة الواقع بما يعنيه، وإنما الفرض الغريب أن يحيد المؤرخ عن هذه الحقيقة لينسب ابراهيم إلى قوم غير قومه الذين هو منهم فى الصميم ....
                            وليس معنى هذا بالبداهة أنه كان يتكلم العربية التى نكتبها اليوم أو نقرأها فى كلام الشعراء الجاهليين ومن عاصرهم من العرب الأقدمين، فلم يكن فى العالم أحد يتكلم هذه اللغة فى عصر ابراهيم ولا فى العصور اللاحقة به إلى القرن الرابع أو الثالث قبل الميلاد.. وإنما اللغة العربية المقصودة هى لغة الأقوام التى كانت تعيش فى شبه الجزيرة العربية وتهاجر منها وإليها فى تلك الحقبة، وقد كانت لغة واحدة من اليمن إلى مشارف العراق والشام وتخوم فلسطين وسيناء.
                            ولقد عُرفت تلك اللغة حينا بإسم اللغة السريانية غلطا من اليونان فى التسمية ، لأنهم أطلقوا إسم أشورية أو أسورية على الشام الشمالية ، فشاعت تسمية العربية بإسم السوريانية والسريانية من المكان الذى أقامت فيه بعض قبائل العرب الوافدة من شبه الجزيرة منذ أقدم العصور ، قبل عصر ابراهيم بزمن طويل ... واشتملت هذه اللغة السريانية فى بعض الأزمنة على عدة لغات لاتختلف فيما بينها إلا كما اختلفت لهجات القبائل العربية قبل الدعوة الإسلامية ، ومن هذه اللغات لغة آرام وكنعان وأدوم وموآب ومديان وماجاورها فى الأقاليم الممتدة بين العراق وسيناء ، وربما كانت المفاجأة أشد على من يسمع أن الخليل لم يكن عبريا من العبريين .... فقد مضى وقت طويل والناس يفهمون أن العبرية واليهودية كلمتان بمعنى واحد، ولم تكن اليهودية قط مرادفة للعبرية فى معنى صحيح.
                            فالعبرية فى نحو القرن العشرين قبل الميلاد كانت كلمة عامة تطلق على طائفة كبيرة من القبائل الرحل فى صحراء الشام ، وكان من أبناء هذه القبائل من يعمل كالجنود المرتزقة هنا وهناك حسب المواقع والمناسبات ، وبهذا المعنى وردت كلمة العبرى والأبرى والهيبرى وماقاربها لفظا فى أحافير "تل العمارنة وفلسطين وآسيا الصغرى والعراق ، وجاءت بهذا المعنى فى الكتابات المسمارية والفرعونية" ، ولم يكن لليهود وجود فى ذلك الحين ... ولما وجد اليهود وانتسبوا إلى إسرائيل (يعقوب) كانوا هم أنفسهم يقولون عن العبرية أنها لغة كنعان ، ثم انطوت العبرية فى الآرامية التى غلبت على القبائل جميعا بين فلسطين والعراق مع اختلاف يسير بين الآرامية الشرقية والآرامية الغربية .. وأصبحت العبرية مجرد لهجة تختلف بنطق بعض الحروف كما تختلف القبائل بنطق الشين والكاف أو نطق الميم واللام إلى هذه الأيام.
                            التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 2 يول, 2020, 06:11 م.

                            تعليق


                            • #15
                              التوراة الهيروغليفية
                              اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image.png 
مشاهدات:	420 
الحجم:	259.9 كيلوبايت 
الهوية:	815068
                              توضح قصة موسى عليه السلام أنه نشأ وتربى في مصر منذ لحظة ولادته حتى شبابه وغادرها إلى مدين بالأردن وتزوج من ابنة النبي شعيب عليه السلام، وحتى عندما قاد بني إسرائيل خلال القرن الثالث عشر قبل الميلاد إلى فلسطين غير أنه لم يدخلها وتاه في صحراء سيناء مع قومه 40 سنة.
                              واستناداً إلى ذلك فيمكن تأكيد أن الله عز وجل لم يخاطب سيدنا موسى عليه السلام بالعبرية لأنها في الأصل غير موجودة في تلك الحقبة الزمنية.. هذا بجانب أنه وعند الرجوع إلى النسيج اللغوي بمصر القديمة ومدينة مدين يتضح الآتي:
                              أولاً: معروف أن الطفل يتعلم اللغة من البيئة التي نشأ فيها وكذلك المهاجر والوافد لا بد أن يتحدث بلغة الشعب الذي هاجر إليه أو اندمج فيه.
                              عاش موسى عليه السلام في مصر القديمة وتحديداً في زمن آخر فراعنة مصر القديمة التي كانت في ذلك الوقت تتحدث اللغة المصرية القديمة سواء العامية منها أو العربية الفصحى التي هي نفسها اللغة المنطوقة للشعب مصري منذ العهد الفرعوني القديم وحتى العهد الحديث.
                              وعليه يمكن التأكيد على أن موسى عليه السلام كان يتحدث في بداية حياته بلسان أهل مصر لأنه عاش معهم منذ ولادته وكان رسولاً يحمل رسالة إلهية ولا بد أن يحمل رسالة الدعوة والتبليغ لأهل مصر وفرعون باللغة المتداولة في ذلك المكان والزمان باعتبارها لغة القوم الذي عاش وتعامل وتخاطب معهم.
                              ثانياً: كان بمصر القديمة ولا يزال الأقباط وكانت اللغة السائدة عند الأقلية القبطية بمصر القديمة آنذاك هي الهيروغليفية وبالرجوع للموسوعات التاريخية فإن أصل كلمة (هيروغليفي) مشتقة من الكلمتين اليونانيتين (هيروس) Hieros و(جلوفوس) وGlophos المقدستين حيث إنها كانت تستخدم للكتابة على جدران الأماكن المقدسة مثل المعابد والمقابر..
                              كما أن الهيروغليفية كانت عبارة عن كتابة منقوشة تتم على الأحجار بأسلوبي النقش البارز أو الغائر على الجدران الثابتة وعلى الآثار المنقولة مثل التماثيل واللوحات.
                              وتتكوَّن الكتابة الهيروغليفية من مجموعة من النقوش المستمدة من الحياة اليومية فهي كتابة تصويرية.
                              ولا يضاهي الهيروغليفية في القدم سوى الخط المسماري الذي ظهر في بلاد النهرين وهو أقدم خط رمزي وليس أقدم خط حرفي ويجب التفريق بين الخط بأنواعه الرمزي والحرفي وبين اللغة والمحادثة التي سبقت التدوين والكتابة، فأسبقية الخط وبخاصة الخطوط الرمزية لا تعني أسبقية في اللغة، وبالرجوع إلى النقوش اليهودية بمصر والمخطوطات الأولى يتضح أنها كانت بالهيروغليفية لا العبرية وتُعد تلك الآثار والمخطوطات والنقوش الإرث الأول لثقافة وحضارة اليهود.
                              اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image.png 
مشاهدات:	462 
الحجم:	436.7 كيلوبايت 
الهوية:	815067


                              ثالثاً: عندما خرج موسى عليه السلام من مصر إلى مدين بلد شعيب عليه السلام التي عاش فيها عشر سنوات إيفاء بالعهد الذي قطعه مع الرجل الصالح وتزوج إحدى بناته ومعلوماً أن شعيباً عليه السلام كان عربياً وبناء عليه فإن مدين كانت تتحدث العربية القديمة وذلك استناداً إلى حديث شريف مفاده (وأربعة من العرب: هود وشعيب وصالح ونبيك يا أبا ذر)..
                              ذكر الله في كتابه خمسة وعشرين نبياً ورسولاً، فذكر في مواضع متفرقة آدم وهوداً وصالحاً وشعيباً وإسماعيل وإدريس وذا الكفل ومحمداً عليهم السلام.
                              قال تعالى: (إِنّ اللّهَ اصْطَفَىَ آدَمَ)... [آل عمران: 33 ]، وقال : (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً) [هود: 50]، (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً) [هود: 61]، (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً) [هود: 84]، (وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلّ مّنَ الصّابِرِينَ) [الأنبياء: 85]( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ... )[الفتح: 29].
                              وذكر ثمانية عشر منهم في موضع واحد في سورة الأنعام (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلّاً هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلّاً فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ) [الأنعام: 83-86].
                              أربعة من العرب:
                              من هؤلاء الخمسة والعشرين أربعة من العرب، فقد جاء في حديث أبي ذر في ذكر الأنبياء والمرسلين: (وقد روى ابن حبان في صحيحه، وابن مردويه في تفسيره وغيرهما، من طريق إبراهيم بن هشام، عن يحيى بن محمد الغساني الشامي، وقد تكلموا فيه، حدثني أبي، عن جدي، عن أبي إدريس، عن أبي ذر قال: قلت يا رسول الله كم الأنبياء؟ ..... إلى أن قال منهم أربعة من العرب: هود، وصالح، وشعيب، ونبيك يا أبا ذر). رواه ابن حبان (2/76) (361)، وأبو نعيم في (حلية الأولياء) (1/166). وقال: تفرد به يحيى بن سعيد العبشمي عن ابن جريج، وقال الزيلعي في (تخريج الكشاف) (2/388): [فيه] يحيى بن سعيد السعدي قال البيهقي: ضعيف وله طريق آخر، وقال الألباني في (ضعيف الجامع) (2122): ضعيف جداً.
                              وعليه تحدث موسى عليه السلام العربية هناك باعتبارها لغة شعيب وقومه،أما عن بني إسرائيل المتواجدين بمصر منذ زمن يوسف عليه السلام عندما أتى بإخوته وأبويه إلى مصر وعاشوا فيها مكوِّنين الأسباط الاثني عشر لبني إسرائيل فينطبق عليهم ما ينطبق على المهاجر والوافد الذي لا بد أن يندمج مع النسيج اللغوي للمجتمع المصري القديم والحضارة الفرعونية فيه ويتحدث لغة المجتمع الذي يعيش ويتعامل معه وهي اللغة المصرية القديمة.
                              وحتى إن حافظ بنو إسرائيل من ذرية إسحاق عليه السلام على لغتهم الأساسية فهي تاريخياً تُعد كنعانية وليست عبرية، وعليه فاللغة الثانية لسيدنا موسى كانت اللغة الكنعانية وهي العربية القديمة.
                              والكنعانيون هم أصل العرب والسكان الأصليون في فلسطين والأردن وكانوا يتحدثون هم والمهاجرون والوافدون اللغة العربية القديمة لكن بلهجات مختلفة لا تختلف عن اللهجات العربية الحالية كثيراً وهذا هو بالتأكيد لسان أم موسى التي أرضعت ابنها بقصر فرعون عندما رفضت المرضعات وهو لسان النبي شعيب والرجل الصالح حمي موسى وبناته بمدينة مدين.
                              خلال تلك الحقبة الزمنية الممتدة لعشر سنوات والتي عاشها موسى عليه السلام في مدين مع زوجته بالتأكيد تحدث اللغة العربية وتغلب الكنعانية لغوياً واجتماعياً على النسيج المكوِّن لشخصية سيدنا موسى عليه السلام.
                              ومن أجل التلخيص.. يتضح وبالاستناد إلى جغرافية التوراة والنسيج اللغوي المكون لشخصية سيدنا موسى عليه السلام إتقان موسى عليه السلام المصرية القديمة في مصر وإتقانه للعربية الكلاسيكية في مدين التي اشتد وصلب فيها عوده عندما تزوج ابنة الرجل الصالح وعاش عشر سنوات، بعدها خرج في رحلة العودة إلى مصر واصطفاه الله من البشرية لحمل الرسالة وكلمة الله عز وجل بصوت معلوم الهوية مجهول الكيفية.
                              ومن المعلوم لدى علماء أهل الحق أنّ كلام الله تعالى الأزلي الأبدي هو صفته بلا كيف وهو ليس ككلامنا الذي يُبدأ ثم يختم، فكلامه تعالى أزلي ليس بصوت ولا حرف ولا لغة، لذلك نعتقد أنَّ نبي الله موسى عليه السلام سمع كلام الله تعالى الأزلي بعد أن أزال الله تعالى عنه الحجاب الذي يَمنع من سماع كلام الله تعالى الأزلي الأبدي الذي ليس ككلام العالمين، وكذلك سمع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في المعراج كلام الله تعالى الذاتي الأزلي، فقد أسمعه الله تعالى بقدرته كلامه الأزلي في ذلك المكان الذي هو فوق سدرة المنتهى وهو مكان شريف لم يُعص الله فيه وليس هو مكانًا يتحيز فيه الله، لأن الله تعالى موجود بلا مكان ولا يجري عليه الزمان، والله تعالى ليس حجما كثيفا ولا حجما لطيفا كالنور.
                              ولم يكلمه باللسان العبري فلم تكن اللغة العبرية موجودة فرضياً ومنطقياً في عملية الحِراك الاجتماعي أو النسيج اللغوي.
                              وحتى عند الاطلاع على سفر التوراة يُلاحظ عدم ورود كلمة عبرية إطلاقاً وكانت الإشارة إلى اللغة تأتي تحت مسمى لغة كنعان، التي ترجع جذورها إلى اللغة العربية القديمة.

                              وهذه صورة افتراضية للألواح منقوش عليها الوصايا العشر باللغة المصرية القديمة.
                              اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image.png 
مشاهدات:	504 
الحجم:	1.89 ميجابايت 
الهوية:	815066
                              I recently just finished these replicas; The 10 Commandments!! They are made from pavement tiles! The writing, I think according to researchers and Super book, dates back to the time of the exodus, supposedly 1445.
                              لقد أنهيت للتو هذه النسخ المتماثلة؛ الوصايا العشر!! إنها مصنوعة من بلاط الرصيف! أعتقد أن الكتابة، بحسب الباحثين والكتاب العظيم، تعود إلى زمن النزوح المفترض أنه عام 1445.
                              BC!!! #Moses #10commandments #Theexodus #PropReplicas #thetencommandments #exodus #ancientHebrew #replica #MountSinai #Stonetablets #bible #biblearchaeology #godslaws #tenCommandments #LawsofMoses #ProphetMoses #HebrewBible #TheholyBible #PeloHebrew #CommandmentsofGod #AncientTablets #SacredTablets #AncientWriting #Hebrew

                              التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 2 يول, 2020, 06:11 م.

                              تعليق

                              مواضيع ذات صلة

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              ابتدأ بواسطة وداد رجائي, 25 ماي, 2022, 02:53 م
                              ردود 0
                              34 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة وداد رجائي
                              بواسطة وداد رجائي
                               
                              ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 12 مار, 2021, 08:21 م
                              ردود 2
                              2,082 مشاهدات
                              3 معجبون
                              آخر مشاركة Nour Al-Hoda
                              بواسطة Nour Al-Hoda
                               
                              ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 7 ينا, 2021, 09:56 ص
                              ردود 2
                              1,031 مشاهدات
                              1 معجب
                              آخر مشاركة د. نيو
                              بواسطة د. نيو
                               
                              ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 21 ديس, 2020, 02:42 م
                              ردود 0
                              150 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة د.أمير عبدالله  
                              ابتدأ بواسطة إيمان يحيى, 22 نوف, 2020, 05:12 ص
                              ردود 4
                              151 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة إيمان يحيى
                              بواسطة إيمان يحيى
                               
                              يعمل...
                              X