طريقة النسب التاريخي والاعتراف بأهمية الإسناد

تقليص

عن الكاتب

تقليص

أحمد الشامي1 مسلم اكتشف المزيد حول أحمد الشامي1
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • طريقة النسب التاريخي والاعتراف بأهمية الإسناد

    بسم الله الرحمن الرحيم
    طريقة النسب التاريخي والاعتراف بأهمية الإسناد
    من الطرق التي حاول النقاد النصيون استعمالها في تحديد القراءة الصحيحة في مخطوطات العهد الجديد

    الطريقة المسماة ب(التوثيق التاريخي أو النسب التاريخي) , ولكن لم تنجح مع العهد الجديد بسبب أن مخطوطات العهد الجديد قراءاتها متداخلة للغاية , وهناك فترة كبيرة لا تتوفر فيها مخطوطات وهي المائة وخمسون سنة الأولى, وشرط هذه الطريقة هي تحديد الابن والأب بشكل دقيق , تحديد اي مخطوط أخذ عن أي مخطوط إلى أقدم مخطوط ممكن , ثم المقارنة لاستخراج الشاذ .

    هذه الطريقة هي بالضبط طريقة علماء الجرح والتعديل , الفارق وهو قدرة الرجاليين على تحرير الأسانيد , تحديد الراوي وشيخه واقرانه , إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم بلا انقطاع , وعجز النقاد النصيين عن ذلك
    • ملخص الطريقة :
    • اسم الطريقة :
    طريقة التوثيق التاريخيHistorical-documentary method
    أو
    طريقة النسب التاريخي ( بفتح النون)historical- genealogical method
    • خطوطات الطريقة :
    سأذكر ألفاظ إيلدون إيب عالم النقد النصي الشهير في شرحه لهذه الطريقة ثم بعد ذلك أعقب عليها :
    1. تتبع خطوط الانتقال إلى الوراء عبر مخطوطاتنا إلى المراحل المبكرة جدا
    2. يجب أن نكون قادرين على تنظيم جميع مخطوطاتنا إلى مجموعات أو كتل , كل منها تحمل نصا متشابها للغاية.
    3. نحدد أقدم كتلة , ثم نحدد المجموعات الأخرى اللاحقة في سلسلة متعاقبة معروفة
    "an identifiable chronological successiongroups"
    4. هذه الطريقة تسعى لإعادة تكوين تيارات الانتقال النصي التي نقلت لنا المخطوطات معتبرة كل مخطوطة كنقطة في مسار الانتقال النصي
    5.لو أدى هذا لتحديد كتلة واحدة مبكرة للغاية تعقبها كتلة أو أكثر , فإن القراءات التي تنتمي لهذه الكتلة الأقدم ربما يمكن اعتبارها الأقرب للأصل.
    6.القراءة المختارة هي التي تأتي من الكتلة الأقدم أو التيار النصي الأقدم ."the earliest cluster or stream of textual tradition"
    • النتيجة : لم يكن ممكنا تنفيذ أي طريقة نسبية صارمة بسبب تداخل العائلات النصية
    • أوجه التشابه مع الإسناد :
    • تعريف الحديث الصحيح :
    هو الحديث المسند المتصل بنقل العدل الضابط عن مثله من مبدءه إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة.
    • استخراج تعريف الحديث الصحيح وطرق التصحيح الحديثية من طريقة النسب التاريخي :
    1. (تتبع خطوط الانتقال إلى الوراء) :-
    - خط الانتقال = سلسلة الرجال
    - إلى الوراء= من مبدءه إلى منتهاه

    2.(تنظيم جميع مخطوطاتنا إلى مجموعات أو كتل , كل منها تحمل نصا متشابها للغاية.) :

    - مجموعات أو كتل تحمل نفس النص = تتبع طرق الحديث .
    - مخطوطاتنا = الرواة مع المتون
    3. ( نحدد أقدم كتلة , ثم نحدد المجموعات الأخرى اللاحقة في سلسلة متعاقبة معروفة )
    (تحديد كتلة واحدة مبكرة للغايةتعقبها كتلة أو أكثر , فإن القراءات التي تنتمي لهذه الكتلة الأقدم ربما يمكن اعتبارها الأقرب للأصل.)
    - أقدم كتلة = الراوي الأقرب معاصرة للصحابي , محاولة إثبات السماع قدر الإمكان.
    - سلسلة متعاقبة معروفة = المسند المتصل بنقل الرواي معلوم الحال
    - قراءات الكتلة الأقدم هي الأقرب للأصل= هو الأمكن معاصرة وسماعا عن شيخه

    4.(لإعادة تكوين تيارات الانتقال النصي التي نقلت لنا المخطوطات) :
    - تيارات الانتقال = الأسانيد
    - المخطوطات= المتون .
    5. (التيار النصي الأقدم .)
    - التيار= الإسناد المتصل
    - الأقدم = من مبدءه إلى منتهاه
    كلام إيلدون إيب :

    ( هناك ثلاثة طرق رئيسية للتعرف على القراءة التي هي غالبا الأصلية:
    1. طريقة التوثيق التاريخي
    أول طريقة تسعى لإعادة تكوين تاريخ نص العهد الجديدعن طريق تتبع خطوط الانتقال إلى الوراء عبر مخطوطاتنا إلى المراحل المبكرة جدا , ثم اختيار القراءة التي تمثل أقدم مستوى متاح من التقليد النصي .
    بالطبع هي ليست بسيطة , لكن النظرية هي أننايجب أن نكون قادرين على تنظيم جميع مخطوطاتنا إلى مجموعات أو كتل , كل منها تحمل نصا متشابها للغاية.

    ثم كنتيجة لهذه العملية من إعادة التكوين , سوف نكون أو ينبغي أن نكون قادرين على تحديد بين كتل المخطوطات- أو وبشكل مثالي كتلة واحدة – والتي تمثل أقدم مجموعة معروفة, وبهذا نحدد المجموعات الأخرى اللاحقة في سلسلة متعاقبة معروفة.
    ثم إنهذه الطريقة تسعى لإعادة تكوين تيارات الانتقال النصي التي نقلت لنا المخطوطات معتبرة كل مخطوطة كنقطة في مسار الانتقال النصي.
    لو أمكن إعادة تكوين هذه الكتل أو التيارات بأي درجة من الموثوقية , فإننا سنكون قد تمكنا من تحديد الأشكال الأكثر قدما لهذه التيارات أو النقاط الأقدم في هذه المسارات, وسنكون قد عزلنا أيضا الكتل الأقدم و والتي هي أقدم أشكال النص في عملية الانتقال.
    لو أدى هذا لتحديد كتلة واحدة مبكرة للغاية تعقبها كتلة أو أكثر , فإن القراءات التي تنتمي لهذه الكتلة الأقدم ربما يمكن اعتبارها الأقرب للأصل وبأكبر درجة من التعقل هي القراءات الأصلية.
    فعندما نواجه اختلافا , والذي هو فقرة من العهد الجديد يقدم فيها التقليد المخطوطي قرائتين نصيتين مختلفتين أو أكثر ,فإن القراءة المختارة هي التي تأتي من الكتلة الأقدم أو التيار النصي الأقدم .
    هذه هي الطريقة التقليدية للنقد النصي الخارجي أو الوثائقي, سميت بهذا لأنها تركز على المسائل الخارجية, مثل زمن ومصدر الوثيقة أو المخطوط, وكذا الكفاءة العامة لناسخها ونصها...لذلك تسمى " الوثائقي التاريخي" أو حتى " طريقة النسب التاريخي " , مع ذلك فإن أي طريقة نسبية صارمة لم يكن ممكنا أبدا تنفيذها في النقد النصي للعهد الجديد, لأن هناك تداخل نصي كبير للغاية في نظم المخطوطات المعقدة . )

    (There are essentially three ways to identify the most likely original reading
    1.Historical-documentary method A first method attempts to reconstruct the history of the NT text by tracing the lines of transmission back through our extant MSS to the very earliest stages and then choosing the reading that represents the earliest attainable level of the textual tradition
    It is not, of course, that simple, but the theory is that we should be able to organize all of our extant MSS into groups or clusters, each of which has a very similar type of text.

    Then, as a result of this process of reconstruction, we would or should be able to identify some clusters of MSS — or ideally one such cluster — that represent the earliest known group, and therefore to identify other groups that fall into an identifiable chronological succession — groups, that is, that are later.

    Further, this method attempts to reconstruct the streams of textual transmission that have brought our extant MSS to us, conceiving of each MS as a point of a trajectory of textual transmission.
    If these clusters and streams can be reconstructed with any measure of certainty, then we shall have isolated the earliest stages of those streams or the earliest points on those trajectories, and we shall have isolated also the earliest clusters, that is, the earliest types of text in the transmission process.
    If this were to result in the identification of only one very early cluster, succeeded by one or more later clusters, then readings belonging to that earliest cluster might legitimately be
    identified as those closest to the original and as most plausibly the original readings

    Ideally, then, when faced with a variation-unit — that is, a NT passage in which the manuscript tradition presents two or more differing textual readingsthe reading would be chosen that comes from the earliest cluster or stream of textual tradition.
    This is the traditional method of external or documentary textual criticismso-called because it emphasizes external criteria — such as the age and provenance of a document or MS, as well as the general quality of its scribe and its text (on scribal habits, see Colwell 1967: 9-11; 1969: 106-24; Fee 1968b; Royse 1979; Junack (1981 ) It might, therefore, be called the "historical-documentary" (or even the "historicalgenealogical" method, though strict genealogical method has never been feasible in NT textual criticism, for there is too much textual mixture in the complex array of MSS [Colwell 1969: 63-83; Birdsall 1970: 317; cf. Zuntz 1953]

    STUDIES IN THE THEORY AND METHOD OF NEW TESTAMENT TEXTUAL CRITICISM,BY ELDON JAY EPP and GORDON D. FEE.(1993), pg 33.

    بل لقد صرح العديد من العلماء بأن هذه الطريقة هي الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تؤدي لنتائج يقينية , لكنهم عاجزون عن تحقيقها
    والحمد لله رب العالمين


  • #2
    ماشاء الله لا قوة إلا بالله .. اضافة جديدة وقوية كالعادة من أخي الحبيب الدكتور أحمد الشامي.

    وكالعادة مُقارنة بيْن ضدّين تُبين الحق وتُجليه وتفتح الشهية للكتابة والبحث .. بل وتزيد من شحْذ الحميّة .. فجزاه الله عنا خيْرًا ..

    وإذ استفدت من كلام أخي الحبيب وأوافقه فيه إجمالا .. وأتعلم منه وأستفيد .. فالدكتور الشامي يرى أن أهل الحديث قادرون على تحديد عائِلة كل نص .. فهم حُذاقٌ في معرفة من أي مشكاة خرجح المتن او النص، وما إن كان صحيحًا او ضعيفا او موضوعا وكذا مجموع طُرُقه ورواته .. وعدالتهم .. ومدى ضبطهم .. وإنكان سمِع الحديث وصح سلسلة السند وصولا إلى النبي أم لا.. فيستطيعون تحديد نسب كل قولٍ ونص .. بينما أن علماء الكتاب المقدس والنقد النصي عجِزوا عن الوصول إلى هذا او الى تحديد اصل اي نص او عائِلته

    وإذْ أقرّر هذه الموافقة .. وأقرر اعجابي بوقفاته الماتعة .. إلا أني سأتوقّف قليلًا عند قول أستاذنا الكريم أن: "هذه الطريقة هي بالضبط طريقة علماء الجرح والتعديل" .. فهذه الكلمة " بالضبط" أصابت جلدي الهش بالتحسس : ) ، وأجِد أنها تحتاج إلى تفصيل .. وأستغلها فرصة، حتى أتحجج بهذه الكلمة " شماعة" من باب المشاركة في هذه الدرر العلمية التي يُغدِق بها علينا أخونا الحبيب ..وأؤكِّد على أهمية هذه الوقفة للباحثين، لعلها تفتحُ علينا أبوابا من البحث ومزيدا من التدقيق والتصحيح بما يُثري ساحةَ مقارنة الأديان ويكون فيه الفائِدة .. وأؤمّد كذلِك على أن ما قد يبدو ظاهره خلاف في الرؤية فهو من خلاف سائِغ من محب، لكِنه في حقيقتِهِ وفاق واتفاق .. أسأل الله أن يكون فيها الفائِدة لنا والباحثين والقارىء الكريم.. وأن تكون غايته وجهَ اللهِ ونُصرةَ هذا الدين.

    1- أؤكِّد أهميّة مبحثِ أخي الكريم دكتور الشامي .. وأؤيِّد ما فيهِ تماما إذا ما وُضِع في بروازٍ عريض، عُنوانُه: " السبق والهيمنة الإسْلامية"

    2- وذكرتُ أن استِدراكي (بوفاقٍ) على قول استاذنا الكريم عن النقد النصي وطريقة التتبع التاريخي و تتبع النسب " بالضبط طريقة علماء الجرح والتعديل" .. وأقول إنّ النقد النصي هو علم احوجنا إليه أمران:
    1- غياب علم الجرح والتعديل وعلوم المصطلح (السماع والرواية والإسْناد) عند النصارى، او
    2- ظهور التدوين والوجادات (للكُتُب والمخطوطات) عند المسلمين والنصارى.
    فإذا ما فصلنا بيْن هذيْن الوجْهين "الغياب والظهور" فسيتضِح البوادر الأولى حول:
    أين يتفق النقد النصي عند
    المسلمين وعند النصارى وأين يختلفان


    3-فرّقَ عُلماء الإسْلام بيْن عِلْمَيْن:
    1- عِلْم الرواية وضبط الصدور (سماعات الصدور والإسناد) منذ القرن الهجري الأول=منذ القرن الهجري الأول = صاعِد (تقدمي عبر القرون).

    2- وعلم الرواية وضبْطِ السطور (التدوين والضبط والتقييد وسماعات الكِتاب) = منذ القرن الهجري الأول = صاعِد (تقدمي عبر القرون).
    وانبثق عن العلم الثاني علم التحقيق (الضبط والتقييد والمقابلة للوجادات = الكتب غير المسموعه) = النقد النصي في العصر الحديث= منذ القرن الهجري الرابع= نازِل ( رجعي عبر القرون)


    فبخصوص العلم الأول " عِلْم الرواية وضبط الصدور":
    فمنذ بدأ الوحي (القرآن الكريم والسنة) بدأ الجرح والتعديل وبدأ الإسْناد وبدأ التوثُّق من الرواة وضبط الحفظ السماعي وهذا لم يتوافر لأي أمة في قرونها الأولى غير أمة الإسْلام، ولا ولن يتوافر للغرب في العصر الحديث وفي القرن الواحد والعشرين!.
    وهذا علم صاِعد عبر القرون لا ينتهي بفضل الله، بمعنى كلما مرّ الزمان زادت سلسلة الاسناد والتوثيق.. فاليوم هذا مُشاهد في إجازات القرآن الكريم وأسانيد الحديث الشريف.

    وأما ما يخُص العلم الثاني" عِلْم الرواية وضبط السطور":
    فقد ظهر منذ صدر الإسْلام في القرن الهجري الأول، بعد أن بدأ علماء الإسْلام التدوين، واعتُمِد الكِتاب (الرق والورق= المخطوطات) في نقْلِ المصنفات العلمية
    وانصرفت همّتُهُم لضبْط المخطوط او الكتاب، فكانوا يتناقلون الكِتاب روايةً
    بـ "السماع"، وقراءة العلم على الشيْخِ تحرِّيًا للضبْط، فظهرت مجالس الإملاء والتلقي؛ واصطلحَ علماء الحديثِ "الطباق" كشرطٍ لصحةِ سماع الكِتاب وصحةِ نقلِ كتب السنة النبوية وروايتها؛ لضمان سلامة وصحة المنقول، وصارت كل المخطوطات التي تنقل الحديث تحتوي على السماع والطباقات فيُكتب في الكتاب "المخطوط" مَنْ قُرئ الكتاب عليه أو تُلقي عنه، ومن تولى ضبطَ ذلك المجلس، ومن شارك فيه، ومن تولى القراءة، ومكان ذلك وزمانه، والمقدار المقروء أو المسموع، ومقدار المشاركة، إلى غير ذلك مما يعدُّ وثيقةً تاريخية في توثيق النصِّ المنقول، وإثبات حقٍّ للأطراف المشارِكة فيه، حتى صار يرِدُ كثيرا في تعديلِ ومدح العلماء عبارة " وكَتَبَ الطِّبَاق .." أي: إنّ المُتَرجَمَ كاتبٌ ضابطٌ ثقةٌ حسنُ الخط. وهذا علم صاِعد عبر القرون، إلى أن توقف وانحصر .. وقد كان هذا في أكثر أُمات كتب الفقه واللغة والحديث وأصْبَح هو وسيلة نيْل الدرجة العلمية ( المشيخة) في مدارِس المسلمين إلى أن انحصر واقتصر على الحديث ثم انتهى بظهور الطباعة وإن كان لايزال الكثير من الكتب تنتقل بالسماعات كسُنةٍ لا يُميتها كثيرٌ من علمائِنا الغيورين.

    نأتي الى العلم الثالث: علم التحقيق (الضبط والتقييد والمقابلة للوجادات)

    أردتُ أن أفصِل هذا العلم وحْدَهُ هنا لغرضِ التدقيق وإلا فهو داخل في العلم الثاني أعلاه .. والغرض من فصْلِه هنا هو غرضٌ أكاديميّ حتى بتبيّن على وجهِ التدقيق ماهو الذي قد يتشابه مع النقد النصي في القرن الحديث .. وهو هنا الذي يُناسِب مقامَ هذا المبحْث الشيِّق الذي أمتعنا به أخونا الشامي، وهذا وحْدَهُ الذي يصِح القولُ فيهِ أنه هو عيْنُ ما وصل اليه علماء النقد النصي في القرن العشرين وأرسوا قواعِدَه وأن لأمة الإسْلام السبق فيه..
    لكِن لماذا ظهر هذا العلم؟..
    لعل شيوعِ الوجادات في القرن الرابع الهجري، أثّر في ظهور مبادئ هذا العلم في مؤلفات علماء الحديث. والوجادة وهو العلم المأخوذ من الصحف بغيرِ سماع ولا إجازةٍ ولا مناولة (علوم الحديث لابن الصلاح 178) ، فقد كان ينقُل شخْصٌ نصًّا عن كتاب دون أن تكون له روايةٌ تنتهي إلى مؤلف الكتاب. وها النوع من النقل يحتاجُ إلى الضبْط والتوثق من صحةِ نسبتِهِ إلى قائِلِهِ وضبْطِ النص حتى يقل فيه التصحيف والتحريف. والوجادات سبيل هام من سُبُل العلم ونقله .. فوضع له المسلمون الأوائِل ضوابِطَه وقواعده كما فعلوا من قبل في وضعهم لقواعد المرويات الشفاهية أو الكتب المسموعة. وندين لعلماء الحديث وقواعد علم المصطلح بتأسيس قواعد علم المخطوطات وبناءِ هيْكلِه. فما وصل إليه علماء الغرب أخيرًا في علم النقد النصي من ارساء قواعد متينة منذ منتصفِ القرن التاسع عشر في توثيق المخطوطات هو عيْنُ ما هُدِيَ إليه المسلمون وعمِلوا بهِ وظهر على أسسٍ وقواعِدَ علميّة رصينةٍ في القرن الرابع الهجري بعد تدوين علم الحديث.

    وهنا يظْهر الفارق والتفوُّق الزمني والتقعيدي للمسلمين إذا ما قورِن بالاهتمام المتأخر للأوربيين بنقد النصوص القديمة وإرساءِ قواعِدِه على منهجٍ علمي والذي ظهر في منتصف القرن التاسِع عشر حين بدأوا يضعون أصولًا وقواعد علمية لنشر الكُتُب القديمة ونقد النصوص (أصول نقد النصوص ونشر الكتب لبرجشتراسر ص. 11،12) ، في حينِ أنهم ظلوا أربعة قرونٍ منذ القرن الخامس عشر وظهور الطباعة بطباعة أناجيلهم وكُتُبِهِم التراثية القديمة دون بحثٍ عن نُسَخٍ أخرى وبلا منهجٍ علمي. بل نزيدُ ونقول أن المستشرقين الذين عكفوا على مخطوطات المسلمين وهالهم ما عليها من توثيق وضبط وسماعات وطباقات .. أثّر في قواعِدِهم في تحقيق النصوص لكِنهم كعادة الغرب المتنكر للإسْلام وأهله لا ينشبون هذا العلم الا إلى علمائِهم.

    4- وقولي: نازِل ( رجعي عبر القرون) فيما يخُص النقد النصي وتحقيق المخطوطات عامة "الوجادات" (جميع مخطوطات التراث العالمية اسلامية وغير إسْلامية) ..وهو راجِع بسبب أنه غاب عنه السند وضاع .. فنرجع بالسنين الى الوراء بغية التاكد من نسبتِه إلى اصحابه او صحته او البحث عن نصوصه وتحقيقها او تبيان اي نصٍ فيها هو الاصوب .. الخ ، وقد احتيِجَ إليْهِ بسبب غياب علم الجرح والتعديل وعلم المصطلح (فإذا غاب الثبْت والتوثيق الصاعِد إلى الأمام عبر القرون اضطُررنا الى البحث عنه بالرجوع إلى الخلف لتوثيقه)
    1- فعلم النقد النصي هو نتاج طبيعي للإهمال واليقظة المتأخرة .. فلا يُساوى أبدًا على إطلاقِه
    فلابد للأمر من تفصيل والجرح والتعديل والذي ظهر نتيجة للإتقان والتثبُت منذ البدء .. بعلم الحديث

    2- وعلم النقد النصي عند المسلمين في القرن الرابع (ضبط الوجادات) هو الإستنباط الطبيعي من علوم الحديث والذي وصلوا إليه بدون ما يتوافر من كل هذه التكنولوجيا التي توافرت اليومَ للغرب ..فهو مدعاة فخر ونتاج علم الإسْلام والقرآن والسنة.

    3- وعلم النقد النصي عند الغرب الحديث ((ضبط الوجادات) وصلوا إليه .. نتيجة طبيعية لاتباع العلم وتوافر التكنولوجيا وحسْرة وبكاءا على أطلال ضياع أقدس كتاب لأمة النصرانية .. فهو نتاج علم علماني أشبه بالصّراخِ على الأطلال المقدسة!
    ولو شْئنا من (2) و (3) أن نُساوي بيْنهما -تنزُلا - فنقول أن العلم الحديث بكل ما سُخر له من تكنولوجيا أثبت صحة علوم المسلمين ودقتهم وهو ما أراد الشيخ الشامي قوله
    4- والقرآن الكريم والحديث الصحيح .. لا يحتاج للنقد النصي .. للسماع الصاعد والاسناد والتوثيق ولله الحمد.

    5- و متون أهل العلم وأمهات كتب علماء الإسْلام .. لا يحتاج من النقد النصي إلا التحقيق بمعنى: الضبط والمقابلة لكثرة الطباقات وتواتر نقولات اهل العلم.

    6- بينما باقي كتب التراث العربي والعالمي قد تحتاج إما إلى مجرد التحقيق والمقابلة والضبط أو إلى النقد النصي إن ظهر الإختلاف في نصوصها.

    7- اما الإنجيل وكتابات الآباء .. فيحتاج إلى علم نقد نصي من نوع خاص قائِمٌ بِهِ وحْدَه .. لأنه احتياج يائِس عن نص ضائِع في رحِم الأرض!


    5- ثم أن نظرية: "التوثيق التاريخي أو النسب التاريخي" .. احتيجَ إليها بسبب ضياع النقل عند أمة المسيحية .. وضياع الأصول .. وغياب الضبط والتقييد .. و هذا ما قاله "جيرد منك" أحد أفذاذ علم النقد النصي للكتاب المقدس .. وليُراجع كُتُبه او مقدمته المترجمة على هذا الرابط:

    https://www.uni-muenster.de/INTF/Gen...al_method.html

    يقول:
    " عملية نقل نصوص العهد الجديد تمت بدرجة عالية من التشويه. هذا يرجع إلى حقيقة أنه مرارا وتكرارا فإن النصوص المنسوخة لا تعتمد أصلا نفس النسخة الرئيسية. في الواقع ، كما يبدو أنه قد أسفر هذا التلوث عن حالة نصية من خليط مختلف بين النصوص، بدأ ​​خفيفًا إلى حد ما في الجيل الأول من النّسْخ إلى الجيل التالي. وهذا المستوى العالي من التلوث والتشويه فيما بين حالات النصوص الموجودة اليوم، يرجع سببه إلى :
    1- كثرة النسخ مع كثرة النصوص المفقودة خاصة فيما بين تلك النصوص التي تعود إلى حقبة أقدم في تاريخ النص .
    2- في الوقت نفسه ، يجب أن تؤخذ في الحسبان إمكانية ظهور اختلافات بسبب انه تم نقلها من نصوص مختلفة تمامًا عن بعضها البعض 3- وأنها قد تم نسخها مرارًا وتكرارًا فظهر اختلافات جديدة عن طريق الصدفة ، دون أي عملية تلوث.
    "

    وهكذا فقد اضطُروا إليها اضطرارا ليس لتحديد نسب المخطوطة فحسب .. بل لأنهم وجدوا أن النصوص الموجودة بين ايديهم لها عائِلات مختلفة اصلا .. بمعنى كتاب (أ) يُسمى الإنجيل ونصه مختلف عن كتاب (ب) والذي يُسمى الانجيل أيضًا ومُختلف عن كتاب (ج) والذي يُسمى الإنجيل كذلِك .. وكل انجيل مزعوم من هذا يخرج منه مخطوطات تتكاثر فيها الأخطاء مع تكاثر عملية النسْخ، فكان يستحيل أن يجتمع نص ويتفق مع آخر في جميع مخطوطات كتابهنم المقدس !.. فكان لابد من الوصول الى نظرية النسب ومحاولة تقسيم النصوص الى عائِلات .. وهذا نتاج طبيعي لكتاب " الحيص بيص" .. فكان لابد من وقفة جديدة لتحديد النسب لهذا الابن المولود من سفاح وكل يزعمُ أنه أبوه!

    وليتها نجحت .. بل ما زادتهم إلا بُعْدَا .. أو كما قال الدكتور الشامي:

    الطريقة المسماة ب(التوثيق التاريخي أو النسب التاريخي) ، ولكن لم تنجح مع العهد الجديد بسبب أن مخطوطات العهد الجديد قراءاتها متداخلة للغاية , وهناك فترة كبيرة لا تتوفر فيها مخطوطات وهي المائة وخمسون سنة الأولى, وشرط هذه الطريقة هي تحديد الابن والأب بشكل دقيق , تحديد اي مخطوط أخذ عن أي مخطوط إلى أقدم مخطوط ممكن , ثم المقارنة لاستخراج الشاذ .


    6- رأيي في اظهار وجه الشبه بين ما أثبته علم النقد النصي الحديث وبين ما أتقنه علماء الإسْلام: قد يحتاج إلى صياغة أخي الحبيب الدكتور الشامي وعلمه، وأحسبُهُ أقدر مني في إظهار ذلِك .. وهو أن يُبَيَّن كيف أن الحديث اعتمد أعلى درجات الصحة " التي لا تتوافر اليوم للأناجيل وأنّى لعلم النقد النصي ان يحييها بعد موات ! " .. وهذا الفارق في النقل بين وحي الأمة وبين أناجيلِ أهل الكتاب .. وسأستخدِم تعبير أخي الحبيب دكتور الشامي ( خطوط الانتقال):

    1- خطوط الإنتقال الصاعِد إلى الأمام .. " اجازة الرواية للمحفوظ في الصدور- القرآن الكريم"






    2- خطوط الإنتقال الصاعِد الى الأمام .. " إجازة الرواية بالسماع للمكتوب" اجازة بصحيح البخاري في عصرنا هذا متصلة السند إلى البخاري رحمه الله.






    3- خطوط الإنتقال الصاعِد لمخطوطات علومِ أمة الإسلام .. (اجازة السماع للكتاب) ..

    وهذا مثال لأحد كتب علماء الإسْلام وهو كتاب الروضتين لأبي شامة المقدسي المحدث المؤرخ (ت 665 هـ) .. يُنقل الكتاب ويُنسخ من أصل المؤلف بل ويُنقل سماعا فيقرأه العالم ثم يكتبه بخطه ويُقابله على الأصل ويُذكر السماعات وتأريخ الكتابة وغير ذلك وهذا نسْخ بسنة في عام 733 ه النسْخ وبسماعاته.. فهذا هو التوثيق الصاعِد .. وهذا الذي يقول عليه علماء النقد النصي أن نسخة واحدة مقابلة على اصل المؤلف تُعتبر أصلا .. وتفصيل هذا في غير هذا الموضع إن شاء الله !!
    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	image.png  مشاهدات:	0  الحجم:	414.5 كيلوبايت  الهوية:	807994





    4- وأخيرًا خطوط الإنتقال الراجِع أو الهابِط للوجادات .. وهُنا يُبين أصول ضبط المخطوطات والتقييد والمقابلة وكيفية معرفة خط الكاتب التي اعتمدها علماء الإسْلام (علم البصْمة الكتابية)

    وقد فصّل فيها علماء الأمة مثل القاضي ابن عياض في كتابه الإلماع وابن الصلاح وغيرهم من علماء الحديث

    وتفصيله في وقت لاحق إن قدر الله لنا وأعان

    وجزاكم الله خيْْرا
    "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
    رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
    *******************
    موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
    ********************
    "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
    وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
    والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
    (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

    تعليق


    • #3
      بارك الله فيك استاذنا الحبيب الدكتور أمير وزادكم تواضعا ورفعة .
      استدراكك في محله جزاك الله خيرا , وإنما قصدت من قولي (هذه الطريقة بالضبط) ما ذكرته قبلها وهو :
      ( تحديد الابن والأب بشكل دقيق , تحديد اي مخطوط أخذ عن أي مخطوط إلى أقدم مخطوط ممكن , ثم المقارنة لاستخراج الشاذ .)
      وذكرت الفارق بعدها مباشرة , فقلت :
      ( الفارق وهو قدرة الرجاليين على تحرير الأسانيد , تحديد الراوي وشيخه واقرانه , إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم بلا انقطاع , وعجز النقاد النصيين عن ذلك )

      النقاد النصيون لا يستعملون طريقة الرجالين لأنهم لا يمتلكون الأدوات التي يمتلكها الرجاليون , وإنما أقصى ما في الأمر أنه يعترفون بمبادئ منهج الرجاليين , يعترفون بأنه الطريقة الوحيدة المضمونة التي يمكن من خلالها إيجاد اختراق حقيقي يصل بنا للأصل المفقود, فهم جميعا يعترفون بأن الطريقة المستعملة حاليا وهي الانتقاء( eclecticism ) هي طريقة غير مجدية ولا أدل على ذلك من أن النص النهائي لنسخة UBS القياسية النقدية الشهيرة لا يشبه في صورته النهائية أي مخطوطة للعهد الجديد !! لأنهم ينتقون من كل بستان زهرة , فيوافقون السينائية في 65% من القراءات المتنازع عليها ويردون الباقي , وهكذا مع المخطوطات الأخرى , فأدى بهم هذا إلي الاعتراف بأن الطريقة الأمثل هي:

      1- إيجاد علاقة ( سموها تيار مخطوطي متصل) , (سلسلة متعاقبة معروفة)
      2- يصل بنا إلى ما سموه ( أقرب نقطة من الأصل)
      3- مع تحديد كفاءة الناسخ وجودة النص

      يلخص إيلدون إيب هذا في قوله :
      (هذه هي الطريقة التقليدية للانتقائية الوثائقية أو الخارجية للنقد النصي , سميت بذلك لأنها تشدد على المعايير الخارجية, مثل زمن ومصدر الوثيقة أو المخطوط وأيضا الجودة الإجمالية للناسخ وللنص.)
      This is the traditional method of external or documentary textual criticism so-called because it emphasizes external criteria — such as the age and provenance of a document or MS, as well as the general quality of its scribe and its text
      المصدر: نفس المرجع السابق ذكره

      هذا التصرف يشبه بالضبط ما قاله الرجاليون من ضرورة إيجاد سند , متصل, بنقل العدل الضابط , هذه العبارة تشبه هذه العبارة .
      غير أن إيلدون إيب قد اعترف بعجزهم عن تنفيذ ذلك كما هو مذكور في المقال .


      النقد النصي لا يستعمل طريقة الرجاليين , هو فقط يعترف بأنها افضل طريقة , لكنه عاجز عن تطبيقها , أنا عقدت مناظرة مدتها سنتين !! في ( الفرق بين منهج الرجاليين والنصيين في التوثيق) , لا مجال للمقارنة , ولعلي أنشر شيئا تفصيليا بخصوص هذا الشأن إن شاء الله .

      ما أردت توصيله فقط هو : لا تعيبوا طريقة الرجاليين .




      تعليق

      مواضيع ذات صلة

      تقليص

      المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
      ابتدأ بواسطة د تيماء, منذ 4 أسابيع
      ردود 0
      28 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة د تيماء
      بواسطة د تيماء
       
      ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, 4 ديس, 2023, 07:45 م
      ردود 0
      107 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة أحمد الشامي1
      بواسطة أحمد الشامي1
       
      ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, 3 ديس, 2023, 09:45 م
      ردود 0
      106 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة أحمد الشامي1
      بواسطة أحمد الشامي1
       
      ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, 30 نوف, 2023, 12:50 ص
      ردود 0
      69 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة أحمد الشامي1
      بواسطة أحمد الشامي1
       
      ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, 6 نوف, 2023, 01:29 ص
      ردود 0
      208 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة أحمد الشامي1
      بواسطة أحمد الشامي1
       
      يعمل...
      X