تفريغ كتاب ( لن تلحد ) لإبن عقيل الظاهري

تقليص

عن الكاتب

تقليص

ظل ظليل مسلم اكتشف المزيد حول ظل ظليل
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    رد: تفريغ كتاب ( لن تلحد ) لإبن عقيل الظاهري

    ونقول أيضا أن حسنا - مهما كانت طاقته - يعكس لنا شيئا موجودا ، لا يخلع على الأشياء صفات غير صفاتها وإنما يعكس صورة الموجود .
    فرؤيتنا للقمر قرصا اصفر - بالعين المجردة - انعكاس صحيح لصفحة القمر حال بعده .
    ورؤيتنا له وديانا وجبالا « بالتليسكوب المكبر » انعكاس صحيح لصفة القمر حال قربه ولإيضاح هذه الحقيقة أحب أن أناقش صورتين من صور الخداع الحسي ، ليكون ذلك أنموذجاً لنقاش كل صورة من صور الخداع الحسي .
    أ - الصورة الأولى :
    لنأخذ شيئين موجودين في غرفة واحدة في شروط واحدة :
    احدهما : معدني .
    والآخر : خشبي .
    فسنجد أن اليد تحس بأن المعدني ابرد من الخشبي مع أن حرارتهما واحدة فالاحساس باللمس خدعنا . فكيف نجعل الاحساس صورة للواقع ؟
    ويجيب العلماء عن ذلك :
    بأن حرارة المعدن والخشب متساوية ، بلا ريب إلا أن الخشب سيئ النقل لحرارة اليد بخلاف المعدن الذي ينقل الحرارة بسرعة .
    فاحساس جلدنا اللامس انعكاس للفارق بين سرعتي الحرارة .
    وعلى هذا يكون احساسنا نقل لنا صورة من صور الواقع .
    ب - الصورة الثانية :
    اذا وضعت يدي اليمنى في ماء ساخن ووضعت اليسرى في ماء بارد ، ثم نقلتهما إلى ماء عادي : تبين لي : أن اليمنى تشكو البرودة مع أنها خرجت من الماء الساخن - في حين أن اليسرى تشكو الحرارة ( مع أنها خرجت من الماء البارد ) .
    فالحواس نقلت لنا عكس الواقع فكيف تكون صورة له ؟
    ويجيب العلماء عن ذلك .
    بأن قانون الفيزياء يقرر أن الحرارة تنتقل من الأجسام التي تتمتع بحرارة أعظم إلى الأجسام التي تتمتع بحرارة أدنى ، فالحس نقل لنا صورة من صور الواقع .
    انظر المادية الدياليكتيكية ص 164-165 .. وهذا الواقع - من خداع الحواس : لا يعني اطراحنا للحواس وهي مصدر معرفتنا بل يعني : استقراءها وتحليلها بشكل صحيح دقيق .
    ويعني : الإحاطة بقوانين الأعيان وكل ذلك لا يتأتى إلا بعد استخدامنا للحواس . وهو :
    أن نربط معطياتها بنشاط التفكير عندنا قال مؤلفو ( المادية الدياليكتيكية ص 166 ) : ( ليس هناك مجال للشك المبدئي بما تدلنا عليه أعضاء حواسنا ولكن هذا لا يعني ان الاحساسات تعطي صورة دقيقة كل الدقة من الواقع الموضوعي - في ذات اللحظة التي يصبح فيها هذا الواقع موضوع ادارك أعضاء حواسنا .
    ان الصورة الأولية للأشياء المادية - تتوضح وتغتني وتتكامل تدريجيا ، على أساس الادراكات المتكررة كثيرا وعلى أساس عمل الفكر المتحقق منه بمختلف أعضاء الحواس .
    وعلى أساس نشاط الانسان العلمي المتعدد الجوانب ) .



    * * *
    لا اله إلا الله ، محمد رسول الله

    حكمة هذا اليوم والذي بعده :
    قل خيرًا او اصمت



    تعليق


    • #17
      رد: تفريغ كتاب ( لن تلحد ) لإبن عقيل الظاهري

      مصادر المعرفة البشرية

      معرفتنا البشرية على قسمين :
      ( أ ) معرفة اضطرارية لا تفتقر إلى برهان , وهذه لها ثلاثة مصادر لا رابع لها ألبتة ..
      1 - الحس .
      2 - أوائل العقل التي لا تفتقر إلى الحس , وهي التي يسميها أبو محمد ( أوائل التمييز ) ..
      3 - الإلهام ويدخل في ذلك ( الاشراقة الروحية ) .. وهي رؤية القلب ولك أن تعتبرها حاسة سادسة ، وهذه المعرفة موقوفة على من وجدها ، ولا تتعدى إلى الآخرين إلا بالبرهان ولا يبطلها : أن هناك من يدعي الإلهام وهو كاذب ، لان هناك من يدعي الإلهام وهو صادق .
      ( ب ) معرفة تكتسب بالبرهان وهذه مصدرها الحس وأوائل التمييز لأنها تستمد برهانها منهما أو من حدهما ، وليس الإلهام مصدرا للمعرفة البرهانية لان معرفة الملهم خاصة به ، فلا تتعدى غيره إلا ببرهان .. ولأن صدق المعرفة الإلهامية متوقف على وقوعها والفرق بين المعرفتين : أن المعرفة الاضطرارية تحصيل لحقيقة الشيىء وحكمه وان المعرفة البرهانية تحصيل لحكم ذلك الشيىء دون حقيقته خذ مثال ذلك :
      1 - من شرب السنا فقد عرف حكم السنا وهو الإسهال وعرف حقيقة الإسهال ، ولم يحتج إلى برهان .
      2 - من شرب السنا ، ولم يتناول مسهلا قط ، ولم يصب بإسهال قط ، فمعرفته البرهانية الاكتسابية : أن السنا مسهل ولكنه لا يعرف حقيقة الإسهال ، ومعرفته هذه برهانية توصل إليها بالبرهان : وهو مشاهدة الأثر والاستدلال به ، مع ضرورة صدق الناقل . والمعرفة البرهانية من ناحية الحكم والتصديق على قسمين :
      ( أ ) عقلية .
      ( ب ) وغير عقلية .
      فالعقلية : ما اقنع العقل من حس وخبر واستدلال .
      وغير العقلية : مالم يقنع به العقل ، من حس خاطئ ، وشرع مدسوس ، وإشراقة كاذبة ، والمعرفة البرهانية هي قوانين العقل و قوانين العقل على قسمين :
      1 - قوانين اضطرارية وهي التي سميناها ( أوائل التمييز ) لأنها لا تفتقر إلى الحس .
      2 - قوانين اكتسابية تستمد خبرتها من الحس كقولنا ( ما كان تصوره حتميا فوجوده حتمي ) فهذا قانون استنبطه العقل بالتجربة الحسية .
      والملاحظ أن قوانين العقل الاكتسابية تستمد برهانها : إما من الحس ، وإما من قوانين العقل الاضطرارية .
      قال أبو عبدالرحمن :
      إذا ذكر لك العقل ، فالمراد به قوانين الاستدلال الاضطرارية والاكتسابية ، وإذا ذكر لك الفكر فالمراد به هيئة الاحتكام إلى هذه القوانين ، , وإذا ذكر لك الذكاء والنباهة والذهن , فالمراد بكل ذلك ملكة الإنسان ، وقوة قواه النفسية ولا يحصى معرفة العقل الاكتسابية إلا خالق الخلق وإنما نذكر من المعارف الاكتسابية :
      الشرع ( القائم على المعجزة المحسوسة وعلى القوانين الاضطرارية ) فنصوصه باللغة مصدر للبرهان , ونذكر الخبر الذي يثبت به التاريخ ، والأنساب والحقوق فيستدل العقل من الحس ومن القوانين الاضطرارية على أن الخبر المتواتر حق .
      ونذكر علم الحساب مصدرا للبرهان ، لأنه ثابت بالحس وبالقوانين الاضطرارية فكانت قواعد الحساب وأصوله مصدرا للبرهان وهكذا جميع العلوم والمعارف البشرية وإذا استعرضت معارف العقل الاكتسابية في مجال التوفيق بينها فلا تقل : اختلف العقليان وإنما عليك الممايزة بين الأنواع ، فنقول هذا عقلي بالشرع ، وهذا عقلي بالحس ، وهذا عقلي باللغة ولك بعد ذلك أن تقول : اختلف العقلي بالشرع ، والعقلي بالحس ، وحينئذ ننظر في مصدر المعرفة فلابد من ثلاثة أمور لا رابع لها بيقين :
      1 - أن يكون الحس كاذبا .
      2 - أن يكون الشرع مدسوسا .
      3 - أن يكون فهمنا خاطئاً .


      * * *

      لا اله إلا الله ، محمد رسول الله

      حكمة هذا اليوم والذي بعده :
      قل خيرًا او اصمت



      تعليق


      • #18
        رد: تفريغ كتاب ( لن تلحد ) لإبن عقيل الظاهري

        تفكيرنا لم يتطور .. ولكن استراح

        يقول مجموعة من الأساتذة السوفيت في كتاب لهم اسمه ( المادية الديالكتيكية ) ( إن تفكيرنا تطور ) . وهذا بناء على الإعجاز العلمي الذي حققه السوفيت وهذا التطور يسمونه ( الديالكتيك الذاتي ) وتقول كيف تطور تفكيرنا ؟
        فيقولون إنه انعكاس للديالكتيك الموضوعي ، ويراد بالموضوعي العالم خارج الذات الحاسة العاقلة ( العالم المادي ) ولقد تطورت ظواهر العالم المادي فتطور تفكيرنا تبعا لذلك ، وهذا التطور يبنونه على خلفيات ( الديالكتيك التاريخي ) كان الإنسان قردا فأصبح مفكرا ، تطور الديالكتيك الذاتي والتاريخي والمادي على أنقاض صراع المتناقضات والأضداد فكان البقاء للأصلح أي المتطور .
        ولا ندري هل سيطبقون هذه الظنون على الحزب الشيوعي السوفيتي أم لا ؟ هل تطورت من اللينينية إلى المادية ؟ هل تطورت الشيوعية من ماركس إلى لينين ؟ وهل سيفضى صراع المتناقضات إلى ما هو أصلح من الشيوعية واشد تطورا ؟ كل هذه الظنون علمها عند الله .
        وإنما نريد هنا أن تفكيرنا في العصر الحديث لم يتطور ولكنه استراح واضرب المثال لذلك بعاملين استعملا آلتين بدائيتين كالمعول متكافئتين في قوتهما وصنعهما فاستعمل احدهما المعول الأول في حفر بئر لم يتجاوز عمقها أكثر من متر لأنه صخور وشظايا ثم مات العامل وانكسر المعول ، فجاء عامل أخر يكافئ العامل السابق في قدرته ومهارته فحفر سبعة أمتار في وقت أوجز ولم ينكسر المعول وكانت الأرض هشة فهل نقول أن المعول تطور وإن القدرة البشرية تطورت ؟ كلا .. إنما كان العامل الثاني متمما لمسيرة العامل الأول ولولا ذلك لأنفق ما أنفقه الأول من جهد ووقت وخسارة ، وتفكيرنا اليوم لم يتطور بحيث يصل إلى الحقيقة مباشرة أو في وقت قصير لأنه تفكير لا يوجد مثله عند الإسلاف .
        وإنما كان تفكيرنا اليوم لا يزيد عن تفكير العباقرة في الأمس غاية ما هنالك أن مفكر الأمس اختصر الطريق بمليون فرض خاطئ ومليون تجربة غير ناجحة .
        فاستغنى الفكر الحديث عن اتخاذ هذه المحاولات ، وبرهان آخر وهو أن أعظم مخترع في العصر الحديث لا يقال إنه أذكى العالم إلا بالنسبة لأفراد ، أو مادة علم ، وليس بالنسبة للأجيال السالفة .
        إن أعظم مخترع لآلة أو أسبق الناس إلى اكتشاف قانون : لا يملك بذلك أنه أذكى من الخليل بن أحمد أو ابن تيمية وإنما الاختلاف في مجال العمل الفكري .
        أما تطور الخلق فيعني زيادته وتعدد صوره والله يزيد في الخلق ما يشاء ويخلق ما لا نعلم والله خالق الخلق وما صنعوا .
        إلا أن الفكر الحديث لم يخلق المادة ولم يخلق قوانينها ، ولم يرتب النتائج على الأسباب ، وإنما اكتشف بإرادة الله - مادة مخلوقة واكتشف قانونا مخلوقا .
        واكتشف علاقات مخلوقة ، والله المستعان .


        * * *
        لا اله إلا الله ، محمد رسول الله

        حكمة هذا اليوم والذي بعده :
        قل خيرًا او اصمت



        تعليق


        • #19
          رد: تفريغ كتاب ( لن تلحد ) لإبن عقيل الظاهري

          ظاهرية سـارتر

          من المقرر في إفهام الناس أن للموجودات ظاهراً وباطناً ، ولا مشاحة في هذا إلا إذا أحال الظاهر والباطن الوجود إلى ثنائية فعبقرية شكسبير وجودان :
          1
          - وجود بالقوة وهو استعداد شكسبير وقابليته - أي عبقرية شكسبير الباطنية أو الداخلية .
          2 - وجود بالفعل وهو عمل شكسبير في المسرحية الفلانية « أي عبقرية شكسبير الظاهرية أو الخارجية » . بيد أن سارتر « في كتابه الوجود والعدم » ص 13-20 يرفض هذه « الثنائية » ويقرر واحدية الظاهرة ، إذ يرى أن الموجود سلسلة من المظاهر فالقوة لا تحتجب خلف آثارها من التسارعات والانحرافات . الخ . بل جماع هذه الآثار هو « القوة » وعلى هذا فالظاهر ليس مقابلا للوجود ولا مرادفا له . ولكنه مقياس له .
          وكل شيء عند سارتر بالفعل وليس وراء الفعل قوة ولا حال ولا قدرة . والفعل هو ما تجلى للعيان ، وما يتجلى مظهرا من الموضوع قال سارتر : « والموضوع كله : في هذا المظهر وخارج المظهر :
          1 - إنه فيه بكله من حيث هو يتجلى في هذا المظهر .
          2 - وهو خارجه بكله لأن « المتوالية » نفسها لن تظهر أبداً .. ولا يمكن أن تظهر " اهـ .. بتصرف واختصار ص 16 ..
          قال أبو عبد الرحمن : المتوالية هي التجليات التي نسميها وجودا بالفعل . واعتبر سارتر الظاهر مقياسا للوجود ، وليس ضداً ولا مرادفاً له : لأن تعريف الوجود عنده ببساطة أنه « شرط كل كشف » .
          إنه وجود من أجل الكشف وليس وجوداً منكشفا ص 17 . وقد فر سارتر من « ثنائية » فوقع في أخرى ؛ لأن مظاهر كل موجود غير متناهية ، هذا الوجود متناه . فثمة ثنائية المتناهى واللامتناهى .. أو « اللامتناهى في المتناهى » .
          قال أبو عبد الرحمن الظاهري : هذه الثنائية مدخل إلى الانطولوجيا الظاهراتية الكفورة . إن سارتر أخطأ جهة القسمة فأصحاب الثنائية « الظاهر والباطن » لا يجعلون الظاهر وجودا والباطن عدما . وإنما يقسمون الموجودات إلى قسمين :
          1 - موجود مغيب ، وهو الوجود بالقوة .
          2 - موجود مشهود ، وهو الوجود بالفعل وإنكار هذا خروج على البداهة . ولا ضير عندنا أن يسمى أحد الموجودين « واحدية الظاهرة » إذا لا يأبى الفكر أن تكون موجودات ما ظاهرات لموجود ما .
          إذن من أخطاء سارتر في وجوديته انه حصر الواقع في الظاهرة !! راجع ص 21 .
          قال أبو عبد الرحمن : الظاهرة قبل أن تظهر من الواقع ، لأن من الواقع مالم يظهر ! ..
          وحركة الشمس إذا أصفقت للمغيب لا تظهر لنا في ثانية .. ولكنها تظهر بعد دقائق .. فهل حركة الفيء في هذه الثواني : غير واقع ؟
          وسارتر يقول : « فما يقيس وجود الظهور هو أنه يظهر » .. ص 21 .
          قال أبو عبد الرحمن : ونحن نقول بهذا فكان ماذا ؟ ان حصره الواقع في الظاهرة لا يعني أن الظهور مقياس الوجود . وإنما يعني أن الظهور يمنح الوجود ، وهذا ما يأباه الفكر . ويحسب سارتر انه أضاف إلى الفكر الفلسفي جديدا إذ قال : « إن وجود الظهور هو الظهور » ليحل هذه العبارة محل عبارة باركلي « الوجود هو كون الشئ مدركا » .. ص 21 .
          قال أبو عبد الرحمن : هذا إمعان في الخطأ ومضغ لفلسفة « الحسبانيين » وإنما نقول : الوجود هو كون الشيء مدركا بالنسبة لرب الكائنات لأنه سبحانه لا يند عن ادراكه أدنى موجود إذ هو خالق كل موجود . أما البشر فليس ادراكهم مهيمناً ، وان قووه بالتلسكوب والفولسكوب ومالم يدركه البشر من الموجودات أكثر مما أدركوه .
          إن الإدراك يدل على الوجود ولكنه لا يمنح الوجود . وإذ ذلك كذلك : فليس الوجود كون الشيء مدركا .. ولكننا إن ادركناه علمنا بوجوده .



          * * *

          لا اله إلا الله ، محمد رسول الله

          حكمة هذا اليوم والذي بعده :
          قل خيرًا او اصمت



          تعليق


          • #20
            رد: تفريغ كتاب ( لن تلحد ) لإبن عقيل الظاهري

            نقد العلية عند العرب والأوربيين


            كان نقد العلية ظاهرة انحراف فكري في تاريخ الحضارة العربية قديما ! .
            ثم كان هذا الانحراف الفكري تقليدا أمينا لأخطاء أسلافنا عند كل من : مالبرانش وباركلي وديفيد هيوم من رواد الحضارة الأوربية المعاصرة ! ..
            إن العلية قانون حتمي في تصور العقل البشري ، ولقد استخدم أرسطو هذا القانون ، واعتبره من بديهيات العقل .
            ومن ثم اغرم متفلسفو المسلمين بهذا القانون ، واستعملوه في أعوص مشكلاتهم الفلسفية فقالوا : لكل حادث محدث .
            ولا تزال العلية اساسا صلبا أقام عليه ابن حزم وابن تيمية وغيرهما بناءهم المنطقي .
            وفي الفلسفة الأوربية وجد مفكرون نقدوا هذا القانون نقدا استحوذ على عقول بعض الناشئة وليس هذا هو المهم ، بل الأهم من ذلك : أن مفكري المسلمين لم تخف عليهم هذه النقدات ، ولم تهز إيمانهم بقانون العلية بحيث يصح القول بأن هؤلاء الأوربيين سبقوا إلى نقد العلية .
            أو القول : بأن مفكري المسلمين لولاب بذهنهم هذا النقد لهجروا هذا القانون .
            وأول هؤلاء الفلاسفة الغربيين الفيلسوف العقلاني « مالبرانش » الذي بنى إيمانه بالحقيقة الأزلية على البرهان الاونطولوجي تبعا لسلفه ديكارت ولهذا قال :
            لا يوجد إلا الموجود الكامل الذي لا نهاية له .
            أي لا يوجد إلا الله .
            وهذا النفي فيه مؤاخذة ، لأنه لم يفرق بين أنواع الوجود .
            وليس هذا غرضنا .
            وإنما غرضنا قوله :
            « لا علة إلا ما أدرك العقل بينها وبين معلولها علاقة ضرورية والله - جل جلاله - هو العلة الحقيقية للأشياء » .. اهـ .
            قال أبو عبد الرحمن :
            ونحن لا نسمى الله إلا بما سمى به نفسه ، ولا نصفه إلا بما وصف به نفسه ولكن لا محيص لنا عن الاحتفاظ بعبارة مالبرانش لتصور مذهبه .
            يقول مالبرانش :
            لا اقتران ولا ارتباط ضروري بين الله وبين العلة وإنما هناك ارادة ربنا الحرة في فعل ما يشاء .
            فان ذكرت العلل الطبيعية فان مالبرانش يقول : هذه ليست عللا حقيقية ولكنها علل مناسبات .
            ثم جاء « باركلي » و « هيوم » فقالا :
            إن ما نسميه عللا لا ينطوي على ضرورة حتمية مستقرة بين العلة والمعلول .
            وإنما هذه الضرورة ظاهرة تجريبية ، ليست قانونا لما وراء التجربة .
            اننا اذا رأينا دائما في حدود مشاهدتنا وتجربتنا ظاهرة حسية تتبع أخرى : فاننا نصطلح على تسمية الأولى علة وننتظر دائما في كل مشاهدة - أن نرى الأخرى تتبعها فإذا تكرر تلازم الحدوث وتكررت ملاحظاتنا لهذا التلازم : تكونت لنا هذه العادة العقلية .
            يعني تصورنا لمعنى العلية .
            إذن العلة مجرد عادة عقلية .
            قال أبو عبد الرحمن :
            والواقع أنه لا جديد في نقد مالبرانش وباركلي وهيوم .
            فهذا أمر فرغ المسلمون من فحصه بعد أن فرغ بعضهم من استدراكه . ففكرة مالبرانش قد قال بها بعض أئمة الاشاعرة كالباقلاني والغزالي والهروي .
            قال الهروى الأنصاري : ليس في الوجود شيء يكون سببا لشيء أصلا ولا شيء جعل لشيء بل محض الارادة الواحدة يصدر عنها كل حادث .
            هكذا نقل عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في « منهاج السنة » .
            ويريد بالارادة الواحدة ارادة الله سبحانه .
            وفكرة العادة العقلية عند هيوم قال بها الهروي والغزالي والباقلاني في التمهيد .
            قال الهروي :
            إن الحادث يصدر مع الآخر مقترنا به اقترانا عاديا لا أن أحدهما معلق بالآخر ولكن لأجل ما جرت به العادة والاقتران .
            وتجد هذه الفكرة بتوسع عند الغزالي في « التهافت » ولقد نقد ابن تيمية نقدهم للعلية نقدا بارعا .
            قال أبو عبد الرحمن :
            والحق عندنا : أن العلة ناموس إلهي خلقها ربنا ، وجعل نتائجها في معلولاتها ضرورة حتمية لا تختل إلا بإعجاز يخرق الناموس .
            والكل من الله سبحانه .
            وإذا وجد الاقتران في بعض ظاهرات الكون دون ضرورة فلا يعني ذلك أن كل ظاهرات الكون كذلك ولا يعني أن هذه الظاهرة خلت من علة بل يعني أنه ظهر الاقتران ولم تظهر العلة .
            والحقيقة أن محصول العالم من التجربة والمشاهدة منذ كان العقل البشري طفلا حتى الآن لم يجد ظاهرة كونية تنفصل عن علة آو سبب .
            وحسبك بقوة وصلابة برهان العلية انه لم يشذ في كل تجربة بشرية .
            ومن ثم تنطلق من المحسوس إلى غير المحسوس ، وما غرضنا هنا أن نحق برهان العلية أو نبطله إنما بحثنا الموضوع من ناحية حضارية بحته وهي أن مفكري المسلمين أحاطوا علما بكل ما وجه لقانون العلية من نقد إلى هذا اليوم وردوه فلم يضعف من إيمانهم ببرهان العلية .
            وكان المنحرفون فكريا من أعلام الفلسفة الأوربية مقلدين أمينين للمنحرفين فكريا من أعلام الفلسفة العربية القديمة في هذه المسألة إن لم يكن هذا إتباعاً مقصودا فهو إتباع بالمصادفة .


            * * *
            لا اله إلا الله ، محمد رسول الله

            حكمة هذا اليوم والذي بعده :
            قل خيرًا او اصمت



            تعليق


            • #21
              رد: تفريغ كتاب ( لن تلحد ) لإبن عقيل الظاهري

              الاستقراء التلخيصي

              يقول أرسطو : ( الإنسان والحصان والبغل حيوانات طويلة العمر ، وهي كل الحيوانات التي لا مرارة لها ، إذن كل الحيوانات التي لا مرارة لها طويلة العمر ) وهذا النوع من الاستدلال يسمونه ( الاستقراء التام ) أو ( الاستقراء الشكلي ) .
              ولقد نوقش هذا الاستدلال ووجهت إليه المآخذ .
              قال أبو عبد الرحمن محمد : انظر على سبيل المثال : ( التقريب لشيخنا إمام الدنيا ابن حزم ص 163 - 173 .. ومعيار العلم لأبي حامد الغزالي ص 160 - 161 .. والاستقراء والمنهج العلمي للدكتور محمود فهمي زيدان ص 27 - 34 .. والمنطق الحديث ومناهج البحث للدكتور محمود قاسم ص 62 - 66 ) .
              قال أبو عبد الرحمن بن عقيل : في هذه الردود مضلة يصاب قارئها بالدوار ، ولتذليل علم المنطق لقراء الجرائد جنحت إلى التحليل الديكارتي المحبب فقلت : نقد هذا الاستدلال يتعلق بأمور مختلفة :
              أولها : أن المثال الذي أورده ( أرسطو ) لا ينطبق على ( الاستقراء التام ) , لان الاستقراء إحصاء .
              فهل أحصى ( أرسطو ) كل إنسان وحصان وبغل ، فعرف أن كل فرد منها طويل العمر ؟
              وهل أحصى ( أرسطو ) كل موجود في الوجود فلم يجد حيوانا ذا مرارة غير هؤلاء ؟
              لا ريب أن هذه الأنواع من الأنواع الثابتة المحدودة ، وان النوع دال على كل أفراده .
              إلا أن ( طول العمر ) و ( امتلاك المرارة ) ليستا من ماهية النوع الإنساني حتى نقول أن معرفة النوع دالة على أفراده ، وإذن فلابد من إحصاء أفراد النوع الإنساني والبغلي والحصاني وهذا مستحيل ، لان الفرد الإنساني متناه ، والإنسان أعداد لا متناهية بالنسبة للفرد المستدل بالاستقراء ، والبديهة : أن المتناهي لا يحصى اللامتناهي .
              وإذن مثال أرسطو غير صحيح ، وأكثر أمثلة المنطقيين ( للاستقراء التام ) من هذا النوع .
              وكذلك الأنواع قد يكون ما لا نعرف منها أكثر مما نعرف .
              وثانيها : أننا لا نقول ( كما قال بعض المتسرعين ) أن الاستقراء التام مستحيل ، بل هو ممكن في الأفراد المحصورة المتماثلة .
              ولكننا نقول : إذا وجد الاستقراء التام فانه لم يفد معرفة جديدة ولم يكن انطلاقا من المعلوم إلى المجهول ، وإنما يلخص لنا ما قد عرفناه مسبقا ، خذ مثال ذلك :
              كل شهر من شهور السنة يتألف من اقل من ( 32 ) يوما ، لأنه باستقراء شهور السنة من يناير إلى ديسمبر - وهي اثنا عشر شهرا فقط - لم نجد ما يبلغ ( 32 ) يوما ، بل بعضها ( 28 ) يوما ، أو ( 30 ) يوما ، أو ( 31 ) يوما .
              الاستقراء لزيدان ص ( 31 ) .
              ولهذا قال ( جون استيوارت ميل ) : ( انه تلخيص لما سبق لنا معرفته ) .
              وثالثها : قولنا انه لم يفد معرفة جديدة ، وانه تلخيص لمعرفة سابقة ، لا يعني انه ليس بحجة ، ففرق بين هذا وذاك .
              انه - إن كان تاما - حجة بيقين على الإطلاق وان كان غير تام فهو حجة في الفقه , لان الصواب في الفقه اعتباري وليس واقعيا .



              * * *

              لا اله إلا الله ، محمد رسول الله

              حكمة هذا اليوم والذي بعده :
              قل خيرًا او اصمت



              تعليق


              • #22
                رد: تفريغ كتاب ( لن تلحد ) لإبن عقيل الظاهري

                المنطق ثابت ، لا يتغير

                قالوا : أن العلم القديم - الذي عاش في ظله أرسطو : -
                يتكلم عن كيفيات الأشياء ، دون كمياتها .
                فهو - مثلا - يعتبر أن الحرارة ضد البرودة ، لأنه نظر إلى كيفيتهما دون كميتهما ..
                وقال العلم الحديث - ليس هناك بارد وحار ، وإنما هناك درجات من الحرارة تختلف ..
                ومن هذا الاختلاف تختلف الحرارة والبرودة .. وبقدر كمية هذه الدرجات تكون الحرارة .
                وقال أبو عبد الرحمن : لم يتغير منطق أرسطو لناحيتين :
                أولاهما : أن الاختلاف الكمي لدرجة الحرارة نتج عنه اختلاف في الكيفية ، ويجب أن يكون للكيفية عبارة تدل عليها كلفظ البارد مثلا .
                وأخراهما : أن قانون التضاد يضبط الكيفيات كما يضبط الكميات ..
                وقالوا : أن العلم القديم : لا يهتم باستكناه العلاقات بين الأشياء وإنما يعتبرها أمورا عرضية .. والمنطق الأرسطي تبعا لذلك ، يعتبر العلاقات أمورا خارجة عن المحتوى .
                أما العلم الحديث فيعتبر العلاقات اخص خصائص البحث العلمي ، لأنها تربط بين المتغيرات .
                وقال أبو عبد الرحمن : لم يتغير منطق أرسطو وإنما تعثر وضاق لناحيتين :
                أولاهما : أن التأصيل الأرسطي للعلاقات في المحتويات : تأصيل صحيح - ولكن الخطأ في التنفيذ والتطبيق بسبب قصور العلم آنذاك .
                وثانيهما : أن استكناه العلم الحديث لحقيقة العلاقات يعطى تربة خصبة للمنطق الأرسطي ، فيجنى عددا كثيرا من الأمثلة التطبيقية .
                فيكون المثال حقيقيا بدل أن يكون فرضيا .
                ومن هذين المثالين : عن الاختلاف الشديد بين العلم القديم والحديث - قال بعض المعاصرين :
                ان العلم القديم ملئ بالأوهام والفروض والتصورات الخاطئة ، وان المنطق الأرسطي يساير ذلك العلم ، فيجب علينا أن نصطنع المنطق التجريبي الحديث ، لا منطق أرسطو التصوري ، لان المنطق الحديث ابن للعلم الحديث .
                وقال أبو عبد الرحمن محمد :
                كلا ان المنطق الأرسطي ثابت لا يتغير ، وقواعده الصلبة لاقتناص المعرفة وإقامة الحجة لا تزال نبراسا هاديا في ميدان المعرفة والعلم .
                وقد رام أناس الخروج على قوانينه الثلاثة : الهوية - والثالث المرفوع - والتناقض ، وكانوا من الحسبانيين ، والحسبانية ضرب من السفسطة إلا وقد رام أناس الخروج على قوانينه الثلاثة : الهوية - والثالث المرفوع - والتناقض ، وكانوا من الحسبانيين ، والحسبانية ضرب من السفسطة إلا أن تكون منهجا لا غاية .. وإنما نذكر أشياء يعذر بها منطق أرسطو ولا يهجر .
                فمن ذلك الناس مختلفون في نظرية المعرفة ( الابستمولوجيا ) إلا أن أرسطو وضع منطقا لكل نظرية وكل أصحاب النظريات في المعرفة : يأخذون منطق أرسطو الجزئي ولا يستغنون عنه ، فهذا معنى ثبات منطق أرسطو ..
                ومنها : أن البرجماتيين وغيرهم يعتبرون كليات أرسطو التجريدية مجرد فروض .
                ولكنهم لم يستطيعوا بعد أن يزيفوا كلية من كلياته في ميدان الخبرة والتجربة . فهذا معنى آخر للثبات .
                ومنها : أن أرسطو يستمد أمثلته من علم عصره الناقص ، وتكون أمثلته من باب الفرض ، والعلم الحديث يجيز الأمثلة لان المثال شارح ولا يلزم من بطلان المثال بطلان القضية .
                ومنها : أن تقدم العلم الحديث يساعد على صياغة المنطق الأرسطي صياغة امتن وهذا شيء غير الثبات .
                ومنها : أن منطق أرسطو لم يأخذ في حسبانه أن الشرائع السماوية مصدر من مصادر أي معرفة .
                والمسلم يأخذ منطقه من حقيقة الشرع أولا ويجد في منطق أرسطو أداة لاجتهاده مساعدة غير معاندة .
                ومن الله نستمد العون ونستلهم الرشد ،،

                * * *
                لا اله إلا الله ، محمد رسول الله

                حكمة هذا اليوم والذي بعده :
                قل خيرًا او اصمت



                تعليق


                • #23
                  رد: تفريغ كتاب ( لن تلحد ) لإبن عقيل الظاهري

                  الفـكر المعتزلي

                  لا يزال شعور العامة الإيمان الشديد بعدم جدوى الفلسفة ، مسوغين ذلك الزعم الخاطئ بأنه مر عليها كأثر علمي قرون كثيرة وهي مجرد أفكار و الزامات وانعكاسات جدلية تلوب بالأذهان ولا تتلامس مع الواقع ولم تظفر الفلسفة بما يشبه التأييد الشعبي بل كانت عرضة للطعن ، وفلاسفة المسلمين الذين دخلوها من أوسع أبوابها تمنوا إيماناً كإيمان العجائز كما اثر عن الجويني والرازي . فإذا كان رأيي أن في الفلسفة خيرا كثيرا وكنت شديد الإيمان بجدواها فإنما اصطدم بشعور شعبي بيد أن هذا لا يهمني اذا كانت براهيني على جدوى الفلسفة ضرورية فأول ما استند عليه في هذه الدعوى أن الفلسفة الحديثة دفعت بأوربا إلى حياة علمية عملية فالمذهب التجريبي فتق آفاقا بعيدة في مضمار الاختراعات والمصنوعات والطب والتشريح والاتجاهات العقلية محصت الكثير من الخرافات في الآداب والتصورات و مرويات التاريخ وان للمنهاج الديكارتي يدا بيضاء في التآليف العلمية المعاصرة التي اتسمت بطابع التجرد والاستفاضة في البحث والارتباط بالموضوع والترتيب والتنسيق والأصالة الفكرية وما الفنون النظرية الجديدة والتنظيمات الإدارية والاقتصادية التي تعيشها الدول الراقية اليوم إلا نتاج فكر فلسفي عتيد والبرهان الضروري الأخر الذي اعتمد عليه على أهمية الفلسفة أن الذين حملوا عليها قديما وحديثا لم يقفوا على ثنتيهم إلا بتقعيدات فلسفية فالتفلسف أمر لا بد منه ، قال أرسطو حسبما نقل عنه المترجمون « إذا لزم التفلسف وجب أن نتفلسف ، وإذا لم يلزم التفلسف وجب أيضا أن نتفلسف حتى نثبت عدم لزوم التفلسف » .
                  ولقد كان أبو محمد علي بن حزم شديد الإيمان بجدوى المنطق وأنه يعصم الذهن في تلقي الحقائق من الخطأ ولكنه جعل للسمعيات الصدارة وغير أبي محمد ممن هو في مثل عبقريته كابن تيمية كان سيئ الظن بالفلسفة والمنطق معا ، بيد انه كان يرد بالمنطق على المنطق وبالفلسفة على الفلسفة أفلا يكونان عنده كحب الشعير مأكول ومذموم ؟ إننا لكي ندفع عن تقي الدين بن تيمية هذه الدعوى لا بد أن نفهم غرضه من ذم الفلسفة والمنطق رغم استفادته منهما واليكم ما افهمه .
                  أفهم أن من موضوعات الفلسفة ما يسمونه بالإلهيات أو علم « ما وراء الطبيعة » أو « الميتافيزيقا » كما يصطلح عليه المتأخرون ، وكانت أهم ما شغل الفكر البشري وكانت موضوع علم الكلام الإسلامي الذي أثاره المعتزلة وكانت محل سخط أئمة المسلمين وكان الجدل فيها عقيما ولن يزال عقيما إلا بالمنهج الذي سنوضحه فيما بعد ولهذا فموضوع الميتافيزيقا وحده من مواد الفلسفة هو الذي نرى خطورة فلسفته ولا نقول عدم جدواها فحسب ، لأن التقنينات المنطقية تعتمد - قديما وحديثا - على ادراكات حسية وعقلية ينبثق منها مدركات تجريبية وقياسية وحيث إن هذه الماورائيات غير محسوسة وغير خاضعة لمعمل التجربة وغير داخلة في قياس شمولي أو تمثيلي ، فلابد من ثلاثة أمور لا رابع لها ألبته : إما إيمان يملأ القلب بتلك الماورائيات لاتجر إليه دالة من الحس وإما الادعاء الكاذب بمعارف حدسية وإلهامات إيحائية تدل على ما بعد الطبيعة وإما الحاد يقذف بها في حظيرة الخرافات ويتحقق الأمر الأول بإبعاد الفلسفة عن هذه الغيبيات ويتحقق الأمران الآخران بإخضاع الغيبيات . لتمنطقات الفلاسفة واقطع قطعا باتا بأن الفلسفة من الحسنات حتى عند ابن تيمية لو أن الفلاسفة المسلمين بلغوا النضج في الطبيعيات المحسوسة من الأجسام العنصرية وما يتكون منها من المعدن والنبات والحيوان والأجسام الفلكية والحركات الطبيعية التي كانت قوام الحياة العلمية الآلية في مخترعات أوربا اليوم أو لو أن الفلاسفة المسلمين بلغوا النضج في فلسفة الأمور العلمية وهي علوم الهندسة والمقادير والأعداد والإبعاد والموسيقى وعلوم الهيئة ، فكل ذلك قوام الحضارة المادية في الغرب اليوم ، ولكن غالبيتهم وقفوا نشاطهم الفكري في فلسفة الروحانيات والإلهيات واستكناها ، وهي أمور غيبية غير محدودة ، أما الفكر البشري فمحدود بزمانه ومكانه ، والمحدود لا يدرك اللامحدود فكان أن تبدد الفكر البشري وتاه خارج إطاره وناداه دعاة الإصلاح لان يعمل داخل الإطار فهذا ما نفهمه من إنكار الفلسفة والى هذا أظن أنني عبرت عن وجهة نظري في الفلسفة على العموم وفي الفلسفة الحديثة بوجه خاص وأعود مرة ثانية فأقول :

                  إن الفلسفة الحديثة فكر حيوي عتيد هيأ من أوربا نشأ متوثبا متحفزاً ، وحققت لها فتحا ماديا مبينا ولا استثنى منه إلا الفكر الميتافيزيقي الذي جعل أوربا تفقد إلهها وتتذبذب بين آلهة عديدة لم يجد شبابها الراحة في الإلحاد ، فإذا تلمسنا الفكر المعتزلي في الفلسفة الحديثة فإنما نهدف إلى ثلاثة أمور :
                  لا اله إلا الله ، محمد رسول الله

                  حكمة هذا اليوم والذي بعده :
                  قل خيرًا او اصمت



                  تعليق


                  • #24
                    رد: تفريغ كتاب ( لن تلحد ) لإبن عقيل الظاهري

                    الأمر الأول : أن المغرمين بالفكر الأوربي المعاصر يحسبونه شيئا جديدا لدى المسلمين يدعون إلى الاستعاضة به عن كثير من التصورات الإسلامية باسم التجديد ، فالتماس سابقة المعتزلة إلى الكثير من النظريات الغربية مع لفت الانتباه إلى أن أئمة الإسلام ناقشوها وزيفوا منها ما يستحق التزييف ببيان قوي ومنطق منظم لا يبقى مثارا للشك يعني أن اطراحها من جانب المسلمين كان عن قناعة لا عن جهل لأنهم بذلك النقاش بأسلوب جدلي مفحم كانوا عباقرة الفكر وعمالقته .
                    والأمر الثاني : أن حسنات الفكر الغربي الحديث في منهج البحث وفي الواقع العملي في الطبيعيات والنظريات العلمية ارتادها لهم الفلاسفة المسلمون يوم كانت تسود الغرب خرافة وأنانية ونفاق القسس والبابوات .
                    والأمر الثالث : أن كثيرين من الفلاسفة يهزأون بالمعتزلة ولا يعتبرونهم أصحاب فلسفة حقيقة ، لأنها لم ترد بأسلوب علمي مبوب ، بل كانت أفكارهم فلتات وكانت أدلتهم مقتضبة وهذا صحيح وعيبهم أنهم ألفوا - مثلا - منهجا متكاملا في تقييم المعارف بادراكات العقل ، ولكنهم لم يعطوا الدلالة الكافية المتكاملة على أولوية العقل بالتحكيم وكيفما كان فمنهاجهم سبق فلسفي ، وقد تكون أدلتهم كاملة ولكنها لا تتجاوز حلقات المناظرات وإلا فأين جدلهم الكثير وهم أهل جدل ، وهل يكون جدل إلا ببراهينه ودلائله ؟ أو لعل تقعيداتهم واستدلالاتهم ضاعت مع ما ضاع من كتبهم وأرائهم التي لم يحفل بها المسلمون وتجدر الإشارة إلى أن فلسفة المسلمين فكر معتزلي لأن المعتزلة هم أهل الكلام والكلام هو نواة الفلسفة الإسلامية , ورغم هذا فلن نبحث إلا ما كان فكرا معتزليا أصيلا صادرا عن المعتزلة أنفسهم ، فلن نناقش رسالة الأسلوب والتأملات لديكارت التي كانت صورة لرسالة المنقذ من الضلال للغزالي وقد لاحظ الكاتب الفرنسي شارل شومات : أن العبارات في الرسالتين تكاد تكون متقاربة ، والغزالي مات قبل ديكارت بحوالي خمسمائة سنة لن نتعرض لذلك لأن الغزالي غير منسوب إلى المعتزلة وإن كان ربيب فكرهم ، ولن نتعرض إلى ما سبق إليه الباقلاني والجويني والغزالي من المطالبة بإبعاد الصفة العقلية عن علم الإلوهية وكانوا يعدون مطالبة الفيلسوف ( كانت ) بإفساح المجال لإيمان القلب وإبعاد العمل العقلي عن مجال الإلوهية تفردا وسبقا عجيبين ، لن نتعرض لذلك لان الباقلاني والجويني والغزالي لا ينسبون للاعتزال وان كانوا ربيبي فكره وتجدر الإشارة أيضا إلى أن للمعتزلة فكراً أصيلا يصح أن ينسب إليهم ، فقد يتوهم متوهم أن المعتزلة أرباب فلسفة يونانية قديمة ، وينسى أنهم بدأوا حيث وقفت الفلسفة اليونانية وورثوا إلى جانبها فكرا إسلامياً فكونوا منهما رأيهم الأصيل ، وقد كانوا تلامذة الحسن البصري ، وكانت لحلقات درسه ميزتان :
                    1 - حرية الرأي والقول .
                    2 - وسعة الأفق .
                    فكان كل رأي جديد يعرض ويدرس ويمحص ليعرف مدى تلاقيه أو تجافيه مع مصادر العقيدة الإسلامية حتى الآراء السياسية ونقد الخلفاء والولاة ، وقد قال في مجلسه وعلى جمع من تلامذته : أربع خصال في معاوية لو لم تكن فيه إلا واحدة لكانت موبقة ، ففي هذا الجو من الحرية أثير الكلام في مسألة القدر التي ما كان أحد يستطيع أن يبحثها لو كان عمر حيا ، وكان الحسن البصري متعدد جوانب المعرفة بحكم التلوين في مظاهر بيئته ، فكان يقيم بين أهل المدينة من الصحابة والتابعين وهي بيئة أثرية بحتة ثم أقام بقية حياته في العراق وهي الطينة التي نبتت بها بذور الرأي والقياس ، فكان تلامذته يجدون عنده كل شيء ، قال أبو حيان التوحيدي :
                    كان يجلس تحت كرسيه قتادة صاحب التفسير وعمرو وواصل صاحبا الكلام وابن أبي إسحاق صاحب النحو وفرقد السنجي صاحب الرقائق كان يجلس تحت كرسيه قتادة صاحب التفسير وعمرو وواصل صاحبا الكلام وابن أبي إسحاق صاحب النحو وفرقد السنجي صاحب الرقائق وأشباه هؤلاء ونظراؤهم . هذا ما أردت بسعة الأفق في دروس الحسن البصري - رحمه الله - فإذا ما أغفلنا هاتين الميزتين فلا يفوتنا أن المعتزلة هم تلامذته ثم ليكن بدهيا ما للحسن البصري من اثر في نمو واستقلال الفكري المعتزلي الذي قام أول ما قام على حرية الفكر وسعة آفاق المعرفة . ولا يحسبن أحد أنني سأتجاوز هاتين الميزتين الملحوظتين في استقلال الفكر المعتزلي دون أن استنتج استنتاجا آخر ، هو تأرجح الفكر المعتزلي بين المدرسة الأثرية وبين المدرسة العقلية الفلسفية التي تفسر ظواهر الكون وتستخلص الحقائق النهائية القطعية في شتى أنواع المعارف ، فهل يعتز التاريخ الإسلامي بالفكر المعتزلي لان المعتزلة فرقة إسلامية ولان فكرها ربيب الحسن البصري وهو ثبت مأمون عند الأمة حمل لها دينها والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول :
                    « يحمل هذا الدين من كل خلف عدوله » ؟ أم أن التاريخ الإسلامي يبرأ من هذا الفكر ويشكو تبعته ؟ ثم ما مدى اعجابنا بآرائهم ، وما الذي نتمثله فيها ؟
                    لا اله إلا الله ، محمد رسول الله

                    حكمة هذا اليوم والذي بعده :
                    قل خيرًا او اصمت



                    تعليق


                    • #25
                      رد: تفريغ كتاب ( لن تلحد ) لإبن عقيل الظاهري

                      الحق أن الإطار المكتنف لهذا الفكر رائق وجذاب فحرية القول والفكر نحبها وندعو إليها إلى أن نصل إلى حقيقة يقينية صحيحة ، فان تمادى النقاش إلى الشك والقول بتعادل الأدلة وسفسطة اللاأدريه كان ذلك من الجدل المذموم لأن الأمة تظل في بلبلة فكرية . أجل اننا نعشق الإطار لذلك الفكر ولكن تلك الأفكار وتلك المسلمات عند المعتزلة غير مرضية وغير صحيحة لأنهم لم يحفظوا توازنهم بين العقل والنقل ، ولأنهم دعوا إلى حرية الرأي فضلوا سبيلها ، فنلخص من هذا إلى أن الإطار جذاب ورائق ولكن الفكر ذاته ضال ومنحرف كأي مذهب هدام لا تلبث التجارب أن تكشف عن وجهه الكالح ويعلل الشيخ محمد أبو زهرة منهج المعتزلة العقلي بهذه الأسباب :
                      أولا : أن مقامهم في العراق وفارس وقد كانت تتجاوب فيها أصداء . مدنيات وحضارات قديمة .
                      ثانيا : أنهم سلائل غير عربية ، وأكثرهم من الموالي .
                      ثالثا : أن كثيرا من آراء الفلاسفة الأقدمين سرت اليهم لاختلاطهم بكثيرين من اليهود والنصارى وغيرهم ، ومن فضل ثقتهم بالعقل أثاروا الفكر وحملوه على البحث ووجهوا نظره إلى مسائل لم تثر قبلهم ، وهم أصحاب الأسلوب العلمي الأدبي لما رزقه الكثيرون من رجاحة العقل وفصاحة اللسان والقدرة على الخطابة ، ولقد كان بشر بن المعتمر المعتزلي واضع أصول الخطابة في اللغة العربية برسالته القيمة .
                      قال الجاحظ عنهم : كانوا فوق أكثر الخطباء وابلغ من كثير من البلغاء وهم تخيروا الألفاظ لتلك المعاني وهم اشتقوا لها من كلام العرب تلك الأسماء ، وهم اصطلحوا على تسمية مالم يكن له في لغة العرب اسم ، ومن فضل ثقتهم بالعقل . أن كان لهم السبق في وضع أسس علم البحث والمناظرة بدليل هذا الذي رواه الراغب الأصفهاني في محاضرات الأدباء ، قال :
                      اجتمع متكلمان فقال أحدهما : هل لك في المناظرة ؟ فقال : على شرائط : ألا تغضب ولا تعجب ولا تشغب ولا تحكم ولا تقبل على غيري وأنا أكلمك ولا تجعل الدعوى دليلا ولا تجوز لنفسك تأويل آية على مذهبك إلا جوزت لي تأويل مثلها على مذهبي وعلى أن تؤثر التصادق وتنقاد للتعارف وعلى أن كلا منا يبغي من مناظرته على أن الحق ضالته والرشد غايته . لقد قدس المعتزلة العقل واشتطوا في ذلك حتى في باب اللغة والنحو كانوا يميلون إلى العقل فزعيم القائلين بالقياس (1) واستعمال ما لم يروه العرب قياسا على ما رووه وذلك - من غير شك - يحتاج إلى قوة عقلية لا مجرد رواية .
                      وقد قال متطرفوهم :
                      إن حجة العقل تنسخ الأخبار كما جاء في كتاب « تأويل مختلف الحديث » لابن قتيبة ، قال جولد تسيهر :
                      والذين يقفون على جناح التطرف من المعتزلة يصرحون تصريحا حاسما بأن ثمرات النتائج العقلية تزيل المعارف المأثورة من الطريق . أهـ .


                      _____________________

                      (1) هو أبو علي الفارسي وتلميذه ابن جنى ، وهما من المعتزلة .
                      لا اله إلا الله ، محمد رسول الله

                      حكمة هذا اليوم والذي بعده :
                      قل خيرًا او اصمت



                      تعليق


                      • #26
                        رد: تفريغ كتاب ( لن تلحد ) لإبن عقيل الظاهري

                        ولهذا ، كان التأويل و التمحل في رد دلالات النصوص بأوجه يعلمون يقيناً أنها غير مرادة للشارع في تفاسيرهم ونتيجة لمنهجهم العقلي المتطرف لم يسلموا بمنهج السمعيات مصدراً للمعرفة دون بحث عقلي يحكمون به عليها ، لأن العقل عندهم يبين ما ينبغي وما لا ينبغي قبل ورود الشرع . وصدى ذلك في قول أبي العلاء المعرى .
                        أيها الغر إن خصصـت بعقل .. فاسألنـه فكل عقل نـبي
                        وهذا معنى مسألتي التحسين والتقبيح العقليتين اللتين بني عليهما مؤمنوهم مسألتهم الأصولية بأن الناس يحاسبون بمعارف و توجيهات عقولهم قبل ورود الشرع , وتناسوا قول الله تعالى : « وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا » .. وقوله : « وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون » ولقد ردوا نصوصا ثابتة قطعية الثبوت بمجرد استشكالات عقولهم ، وتصدى لمناقشتها نقاشا علميا محكما الشيخ ابن قتيبة في كتابه تأويل مختلف الحديث ، ومن آثار تحكيمهم العقل في السمعيات وإن ثبتت سنداً الأمور التالية :
                        أولا : أنكروا المعجزات وبعضهم حصرها في دائرة ضيقة ، فكان النظام يكذب الصحابة ويقول في وقاحة : زعم ابن مسعود أن القمر انشق ، وأنه رآه وهذا من الكذب الذي لا خفاء به ، لان الله تعالى لا يشق القمر له وحده ولا لآخر معه . وإنما يشقه ليكون آية للعالمين وحجة للمرسلين ومزجرة للعباد وبرهانا في جميع البلاد فكيف لم تعرف بذلك العامة ولم يؤرخ الناس بذلك العام ولم يذكره شاعر ولم يسلم عنده كافر ولم يحتج به مسلم على ملحد ؟ أهـــ .
                        فبهذا الدليل الخطابي يتناسى النظام آية : - وانشق القمر . فان حملها على يوم القيامة لم يطاوعه السياق ، وكان ينكر نبع الماء من بين أصابع النبي صلى الله عليه وسلم .
                        الأمر الثاني : إنكارهم كرامات الأولياء وفعالية السحر ورؤية الجن ، وللجاحظ في نفي رؤية الجن إفاضة عجيبة في كتابه " الحيوان " ونساء المعتزلة لا يخشين الجن وكذلك صبيانهم ولذا قال بعض الباحثين : من بركة المعتزلة أن صبيانهم لا يخافون الجن وقد تعرض النظام لتوهمات الأعراب وحللها - كما قال الدكتور أحمد أمين - تحليلا نفسيا فلسفيا دقيقا .
                        قال : « أصل هذا الأمر وابتداؤه أن القوم لما نزلوا ببلاد الوحش عملت فيهم الوحشة ومن انفرد وطال مقامه في البلاد والخلاء والبعد عن الناس استوحش ولاسيما مع قلة الاشتغال والمذاكرين والوحدة ولا تقطع أيامهم إلا بالمنى أو بالتفكير والفكر وبما كان من أسباب الوسوسة وإذا استوحش الإنسان مثل له الشيء الصغير في صورة الكبير وارتاب وتفرق ذهنه » وبتحكيم العقل أسسوا مناهج فلسفية بارزة هي :
                        أولا : مبدأ الشك فقالوا في شجاعة : ينبغي أن نبدأ في كل معرفة بالشك والتحفظ حتى إذا وصلنا إلى اليقين كان يقينا معززا سليما ، وقد كان الشرط الأول للمعرفة عندهم هو الشك ، وقال بعض أئمتهم : خمسون شكا خير من يقين واحد . وقد قال النظام : الشاك اقرب إليك من الجاحد ولم يكن يقين قط حتى صار فيه شك ، ولم ينتقل احد من اعتقاد إلى اعتقاد غيره لا يكون بينهما حال الشك . وقال الجاحظ تلميذ النظام : تعلم الشك في المشكوك فيه تعلما فلو لم يكن من ذلك إلا تعرف التوقف والتثبت ، لقد كان ذلك مما يحتاج إليه ، والعوام اقل شكوكا من الخواص لأنهم لا يتوقفون في التصديق ولا يرتابون بأنفسهم فليس عندهم إلا الإقدام على التصديق المجرد أو على التكذيب المجرد وألغوا الحال الثالثة من حال الشك .
                        ثانيا : أنهم قالوا حقائق العقل نهائية قطعية وهو الحكم في مصادر المعرفة كلها ومعارفه ضرورية .
                        ثالثا : أنهم وضعوا تجربة الحواس في الصف الأخير من أدلة المعرفة ولم يصح دليلها لديهم إلا بسند العقل وشهادته .
                        رابعا : أن النظام استثقل أحكام الشريعة ولم يجسر على إظهار دفعها فأبطل الطرق الدالة عليها كالقياس والإجماع والخبر وقال بجرأة : إنه لا يعلم بأخبار الله ولا بأخبار رسوله شيء على الحقيقة ، لأن المعارف عنده قسمان محسوسة وغير محسوسة والمحسوس أجسام لا تعلم إلا بالحس وغير محسوسة ولا تعلم إلا بالقياس والنظر .
                        لا اله إلا الله ، محمد رسول الله

                        حكمة هذا اليوم والذي بعده :
                        قل خيرًا او اصمت



                        تعليق


                        • #27
                          رد: تفريغ كتاب ( لن تلحد ) لإبن عقيل الظاهري

                          وإن هذه العناصر من منهج المعتزلة العقلي هي التي تتألف منها فلسفة ديكارت فالشك أول ما يميز مذهبه ومن قواعد منهجه ألا يقبل شيئا على أنه حق حتى يكون في وضوح وهذا ما قاله الجاحظ أحد رؤوس المعتزلة فيما نقلناه عنه آنفا .
                          ويرى ديكارت أن جميع أفعال الذهن التي نستطيع أن نصل بها إلى معرفة الأشياء دون أن نخشى الزلل عبارة عن فعلين هما الحدس والاستنباط والحدس عنده هو رؤية الفكر المتينة التي تقوم في ذهن خالص منتبه ، وتصدر عن نور العقل وحده ، والاستنباط هو استخلاص نتائج تلزم عن أمور لنا بها معرفة يقينية ، والفكر المعتزلي واضح في المدرسة الديكارتية التي يمثلها ديكارت نفسه ومالبرانش وسبينوزا ولايبنتز ، وقول المعتزلة إن حقائق العقل قطعية يبدو بوضوح في عدم اعتداد ديكارت بغير دليل العقل ، كما يبدو بوضوح عدم إيمان المعتزلة بالمجربات إلا بشاهد الحس وفي تقرير ديكارت أن أصح البراهين يقوم بالرياضيات لاعتمادها على النشاط العقلي وان كان أصحاب المدرسة التجريبية والوضعيون يرون أن البرهان الرياضي تجريبي بحت يعتمد على الحواس ، وقد يقول قائل : إن الشك مذهب أقدم من ديكارت والغزالي والمعتزلة وإن الجدل البيزنطي من ثمار مدرسة الشك والشكاك يسمون بالسوفسطائية ومنكرة الحقائق ، وهم ثلاث فرق : العنادية واللاأدرية والعندية ، وقد ناقشهم ابن حزم وابن الجوزي في « تلبيس ابليس » والغزالي في كثير من كتبه وغيرهم من العلماء قال ابن الجوزي نقلاً عن الشيخ أبي الوفاء علي ابن عقيل في التندر عليهم : إن أقواما قالوا : كيف نكلم هؤلاء وغاية ما يمكن المجادل أن يقرب المعقول الى المحسوس ويستشهد بالشاهد فيستدل به على الغائب وهؤلاء لا يقولون بالمحسوسات ففيم يكلمون ؟ قال أبو الوفاء : هذا كلام ضيق العطن ولا ينبغي أن نيأس من معالجة هؤلاء فان ما اعتراهم ليس بأكثر من الوسواس ولا ينبغي أن يضيق عطننا عن معالجتهم فأنهم قوم أخرجتهم عوارض انحراف مزاج ، وما مثلنا ومثلهم إلا كرجل رزق ولداً أحول فلا يزال يرى القمر بصورة قمرين فقال له أبوه : القمر واحد وإنما السؤ في عينيك ، غض عينك الحولاء وانظر ، فلما فعل قال : أرى قمرا واحدا لأني عصبت إحدى عيني فغاب أحدهما فجاء من هذا القول شبهة ثانية فقال له أبوه : إن كان ذلك كما ذكرت فغض الصحيحة ففعل فرأى قمرين فعلم صحة ما قاله أبوه . فالآفة آفة العين الحولاء لا آفة القمر ، إن الآفة في افهام الشكاك من السوفسطائية لا في حقائق الأشياء بطبائعها .
                          فمن يزعم أن مذهب الشكاك أقدم من شك المعتزلة نقول له : كلا لان شك المعتزلة الذي كان منهج ديكارت فيما بعد غير شك السوفسطائية والفرق بينهم أن شك المعتزلة بناء وشك السوفسطائية هدام ، وشك المعتزلة والديكارتيين مصطنع مفتعل في بداية الأمر يراد منه التجرد من كل شيء إلا من النظر الصحيح ، وأما شك السوفسطائية فهو شك لازم في البداية والنهاية لا ينفك منهم ولا ينفكون منه ، والمعتزلة والديكارتيون لا يشكون فيما وضح وقام دليله ، أما السوفسطائية فلا يقوم عندهم دليل ولا تصح لهم حقيقة وقبل أن أوضح رأيي في المنهج العقلي عند المعتزلة أحب أن أمر مرة عابرة على مصادر المعرفة عند الناس ليكون النقد اشمل وأوسع .
                          مصادر المعرفة : المصدر الأول عند المليين السمعيات والأخبار ، وهي التوراة والإنجيل بالنسبة لليهود والنصارى ، أو القرآن والسنة بالنسبة للمسلمين أو أقوال الأئمة المعصومين بزعم الأمامية والباطنية والمصدر الأولى عند عوام الفقهاء والمقلدين أقوال أئمتهم ، وقد توسع أبو العلاء وطرد هذا المصدر في قوله :
                          في كل أمـرك تقليـد رضيت به .. حتى مقالك ربي واحد أحد
                          وقول الشاعر أهم مصادر المعرفة عند محترفي الأدب فإذا استدل الأديب ببيت شعر على معنى من المعاني كان عنده بمثابة الدليل القطعي المتيقن والاشراقيون من الفلاسفة وضلال المتصوفة يرون المصدر الأولى في المنامات والإلهامات والاشراقة الروحية ولقد غلا ابن سينا في رسالته الاضحوية وقال :
                          إن النبوة تكتسب بالخيال إذا تجرد الجسد من شهواته ، وهو في ذلك متأثر بالمثل الأفلاطونية التي تقول :
                          إن الروح تعلم كل شيء فإذا حلت في الجسد نسيت معارفها ، وقد فلسف هذه النظرية في عينيته التي مطلعها :
                          هبطــت إليك من المحــل الأرفع .. ورقــاء ذات تعـزز وتمنع
                          و أهل هذه النظرية لا يقولون إن الإنسان علم مالم يكن يعلم ، وإنما ذكر شيئا كان يعلمه فنسيه ، وقد استأنس بعض المسلمين بهذا المذهب في تفسير آية : « وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم » .. وقال : إن الأرواح تعلم هذا العهد فلما حلت الجسد نسيت .
                          وما ذكرناه آنفا من مصادر المعرفة عن المليين والروحانيين ، والمنهج العقلي الذي يتخذ العقل مصدرا أوليا للمعرفة تكلمنا عنه آنفا ويقابل كل أولئك الماديون من التجريبيين والوضعيين الذين يقولون أولى مصادر المعرفة براهين الحس ، والمجربات تنبثق من الحسيات .
                          لا اله إلا الله ، محمد رسول الله

                          حكمة هذا اليوم والذي بعده :
                          قل خيرًا او اصمت



                          تعليق


                          • #28
                            رد: تفريغ كتاب ( لن تلحد ) لإبن عقيل الظاهري

                            وقد حصر إخوان الصفاء المدركات فقالوا : إن ما يدرك بطريق اللمس عشرة أنواع : هي الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة والخشونة واللين والصلابة و الرخاوة والخفة والثقل ، وما يدرك بالذوق هي الطعوم وهي تسعة أنواع الحلاوة والمرارة والملوحة والدسومة والحموضة والحراقة وهي طعم يلذع اللسان بحرارة والعفوصة وهي المرارة والقبض والعذوبة والقبوضة وما يدرك بالشم وهو الروائح وهي نوعان : الطيب والنتن ، وما يدرك بطريق السمع نوعان : حيوانية وهي إما منطقية أو غير منطقية ، والمنطقية إما دالة أو غير دالة ، وغير حيوانية وهي إما طبيعية كصوت الرعد أو آلية ، والمبصرات المدركات بطريق البصر وهي عشرة أنواع : الأنوار والظلم والألوان والسطوح والأجسام أنفسها وأشكالها وأوضاعها وأبعادها وحركاتها وسكونها . وفي فلسفة إخوان الصفا : أن ما تدركه الحواس الخمس يجتمع عند القوة المتخيلة وهي عصبات لطيفة لينة في مقدم الدماغ فتدفعها إلى القوة المفكرة التي مسكنها وسط الدماغ ثم تؤديها إلى القوة الحافظة لتحفظها إلى وقت التذكار. وقد اعتبر البلخي الحواس أربعا وجعل الذوق ضمن الملموسات ، قال ابن حزم وما تفهمه النفس بواسطة محسوساتها الخمس معرفة ضرورية يقينية والبرهان منها قطعي ، والذي يحس بهذه الوسائط الخمس هو النفس لا الجسد فالنفس هي : الحساسة المدركة من قبل هذه الحواس المؤدية إليها ، وهذه الحواس منافذ إلى النفس كالأبواب والأزقة والمنافذ والطرق ، ودليل ذلك أن النفس إذا عرض لها عارض أو شغلها شاغل بطلت الحواس كلها مع كون الحواس سليمة . أهــ .. ومن الذين توسطوا بين المدرسة التجريبية والعقلية ( كانت ) قال جون ديوي :
                            لقد كان لدى ( كانت ) أول الأمر ميول نحو الجانب العقلي لكنه اخذ ينحرف عن هذا الجانب حين استيقن من أن الادراك العقلي بغير إدراك حسي يكون خواء ، وأن الادراك الحسي بغير إدراك عقلي يكون أعمى .. أهــ .. وشر ما في المذهب التجريبي انه ينبذ ما أخذ به العقليون من أفكار واضحة في الماروائيات لأنها تفلت من زمام التجربة ، وقد تفرع عن المذهب التجريبي التفكير الوضعي أو المادي الذي انتهى غلوه إلى تفكير الشيوعية ، وأصبح بعد الحرب العالمية الثانية يتصارع مع جميع الأديان في عنف كما تفرع عنه المذهب الأسمى الذي كان شعاره شعار الماديين : ( البطن قبل الروح ) وقالوا : يجب أن تنبثق الأخلاق من المتع الحسية الحاضرة ولا اعتبار بالمثاليات ولا بالعبارات العامة الدالة على الأنواع والأجناس ، فالإنسان والحيوان عبارات ليس لمدلولها طابع واقعي بمعنى انه ليس هناك خارج التصور الذهني لها شيء موضوعي حقيقي ، وإنما العبارات المعينة للأشخاص هي التي تدل على حقائق واقعية في الخارج تعرف بالحواس ، وقد كانت التجربة الحسية هي مصدر المعرفة الحقيقة اليقينية عند ( هيوم ) في القرن الثامن عشر ، وعمل العقل في نظره وقف على ما تأتي به الحواس والتجارب يربط بينها ، ورفض الفيلسوف الفرنسي ( بايل ) أن يقوم من العقل دليل على وجود حقائق دينية ولم يعتبر ( أوجست كونت ) - زعيم الوضعية في القرن التاسع عشر شيئا ما حقيقيا وواقعيا إلا ما كان وضعيا أي ما كان أثرا لتجارب الحس ، وكان تلامذته يقولون : الله كان فكرتنا الأولى ، والعقل كان فكرتنا الثانية ، والإنسان بمحيطه الواعي هو فكرتنا الثالثة والأخيرة ، وفلسفتهم في الحياة العملية والأخلاقية : أنها تبتدئ من الأنانية أو الذاتية كي تصل حتما إلى الإحساس أو الشعور الاجتماعي .
                            لا اله إلا الله ، محمد رسول الله

                            حكمة هذا اليوم والذي بعده :
                            قل خيرًا او اصمت



                            تعليق


                            • #29
                              رد: تفريغ كتاب ( لن تلحد ) لإبن عقيل الظاهري

                              والذي أراه في مسألة المعرفة أجمله فيما يأتي :
                              أولا : أن تحكيم العقل في كل شيء على الإطلاق إحالة إلى مجهول . فعقل من الذي له الأولوية ؟
                              ثانيا : أن العقل مخلوق كأي حاسة من الحواس فهو لا يدرك المجهول ولا يخترعه .
                              ثالثاً : أن مهمة العقل فهم مافي محيطه بأسبابه وعلله وغائياته التي تثبتها شواهد الحس والعيان وسنن الكون المطردة .
                              رابعا : ان العقل محدود بالبيئة والمكان وبالزمان والثقافة الخاصة وبالجو الطبيعي والاجتماعي والسياسي فلا يأتي بيقين واقعي إذا اجتاز مرحلة الإنسان والقاعدة المنطقية أن المحدود لا يدرك اللامحدود .
                              خامسا : أن معارف العقل متضادة بتضاد عادات الناس وتقاليدهم ومفاهيمهم للحياة والنظم فقد يكون حسناً ما كان قبيحا عند آخرين فلابد من هاد للعقل ومرشد ، ولا أجدر من السمعيات بهذه الوظيفة .
                              سادسا : أن عدم علم العقل بالشيء وإدراكه له لا يسلبه حقيقته لأن عدم العلم بالشيء لا يساوي العلم بعدمه .
                              سابعا : أن السمعيات تثبت بالمعجزة وبتواتر الأخبار وهي أمور يقنع بها العقل .
                              ثامنا : أن وجود الله وصحة النبوة وصدق النبي كل ذلك قام عند المعتزلة بدليل العقل ولهم تأليف في هذا الموضوع فإنكار ثبوت الخبر إذا صح سندا معناه تكذيب المخبر الذي قد دل الدليل العقلي على صدقه ، ولذا قيل القدح في النقل قدح في العقل .
                              تاسعا : الدليل العقلي أقوى من الدليل التجريبي لأنه هو الذي حكم بصحة أو فساد التجربة ولأن المعارف الحسية مجرد إدراكات ولا يقوم منها البرهان إلا بالنظر العقلي .
                              عاشرا : أن المعرفة العقلية محترمة في محيط الإنسان وهذا معنى قول البوصيري في مدحه للرسول صلى الله عليه وسلم :
                              لم يمتحنـا بمـا تعيـا العقول به حرصـا علينا فلـم نرتـب ولـم نهم
                              الحادي عشر : أن تحكيم المعتزلة للعقل في السمعيات التي صح سندها يعني تراجع عقولهم عن إيمانها بالنبوة وصدق المخبر فإيمانهم مموه وتسميتهم به ادعاء يوضح هذا سيرة أسلافهم فمن أئمتهم ثمامة بن الأشرس لما رأى الناس يتراكضون ليلحقوا صلاة الجمعة قال لقرينه : ترى ما فعل هذا الإعرابي - يعني محمداً صلى الله عليه وسلم - بهؤلاء الحمير ، وهذه لا تخرج من قلب ملؤه الإيمان .
                              الثاني عشر : أن الماديين من التجريبيين والوضعيين الذين يقولون لا نؤمن بإله غير منظور ولا ملموس ولا مذوق إلى آخر كلامهم محجوجون : بأن الأثير يملأ الفضاء ويبلغنا الضياء ويحمل الأصوات من وراء الجدار وهو غير ملموس ولا منظور ولا مذوق ولا مشموم ولا مسموع والمادة غير محسوسة ، وكذلك الموت والروح كل ذلك غير محسوس بالحواس الخمس ومع هذا فلم تهدر حقيقتها ، وان من ينكر حقيقة ما ذكرنا ينكر علما ضروريا .
                              ونقول لهؤلاء : ما أدركتموه هل له حقيقة أم لا ؟ فان قالوا له حقيقة نقضوا أصلهم إذ آمنوا بما لم تدركه حواسهم وإن قالوا لا حقيقة له كذبوا إذ بينت حواسهم أن له حقيقة .
                              الثالث عشر : أن الحواس أحقر من العقل في تجاوز محيطها فان الفيء يتحرك فلا يحس احد الناس بصراً تحركه إلا بعد نقلة طويلة .
                              الرابع عشر : ان مذهب ( هيوم ) و تأييدات الأبحاث العلمية الحديثة تقضي بأن كافة العلوم حتى الرياضيات الدقيقة نسبية في حقيقتها . والعلم يقنع برجحان كفة الاحتمال دون أن يطالب بحقيقة مطلقة وفي هذا رد لدعوى من يقول اليقينيات من المجربات .
                              الخامس عشر : قال ( كانت ) : لا يمكن بأية حال أن تكون التجربة هي الميدان الوحيد الذي تنحصر عقولنا في حدوده فالتجربة تدلنا على ما هو واقع ولكنها لا تدلنا على أن هذا الواقع لابد بالضرورة أن يكون هكذا ولا يكون على صورة أخرى .
                              السادس عشر : أن المعتزلة الذين نقدوا مرويات الصادق بعقولهم القاصرة لم يشككوا في بيت من الشعر أو في اثر يروونه عن احد فلاسفة اليونان منذ آلاف السنين ولم يمتحنوه بمعيارهم العقلي .
                              السابع عشر : أن دعوة المعتزلة إلى الحرية كاذبة بدليل فرضهم آراءهم باستعداء الحكام يوم كانوا تحت سلطانهم الفكري كما في مسألة خلق القرآن .
                              الثامن عشر : أنه يصح قيام البرهان من الحسيات وقيام برهان من العقليات وقيام برهان من ذينك - كما قال لايبنتز - ولكن لكل برهان وظيفته ووقته ولا يجوز قصر النتيجة القطعية في كل شيء على برهان واحد لأن لكل واحد خاصية .
                              التاسع عشر : أن لفظ الجلالة « الله » يدل على واحد وليس لفظ جنس وليس تحته نوع ولا فصل ومع هذا لا يدخله المذهب الاسمي في الحقائق لأنه لا رصيد له من الحس والتجربة فالمذهب الاسمي ينكر وجود الله .
                              العشرون : أن الله لا يدخل في قياس شمولي ولا تمثيلي حتى يدركه العقل فإذا كان العقل الذي يقدسه المعتزلة لا يعلم حقيقة الإلوهية فلازمهم الإلحاد ، والواقع أن إيمانهم صوري لتعطيلهم معبودهم من صفات الكمال .
                              الحادي والعشرون : أن الراحة في الإيمان بالسمعيات لأنها قامت على الإعجاز والبراهين العقلية ، ولأن حسياتهم وتجاربهم لو عمرت عمر إبليس ما خرجت عن الكون ولما بلغت اللا محدود .

                              لا اله إلا الله ، محمد رسول الله

                              حكمة هذا اليوم والذي بعده :
                              قل خيرًا او اصمت



                              تعليق


                              • #30
                                رد: تفريغ كتاب ( لن تلحد ) لإبن عقيل الظاهري

                                وبعد فهذه فلسفة المعتزلة العقلية التي أثرت في مذهب ديكارت ، ولهم غير هذا بعض التجريبات البدائية ، ذكر الجاحظ أنموذجا منها ، وفلسفة الغرب في القرون الأخيرة لمسألة القدر والجن لم تزد عن مناقشات المعتزلة لها ، وهم سلف الهدامين في إنكار المعجزات والفيلسوف ( هيوم ) من خلفهم في هذه المسألة ، وقد رد عليه ( استيورت مل ) ناقد المنطق الأرسطي وقد ذكر الأستاذ قدري حافظ طوقان : أن الجاحظ سبق بعض الفلاسفة في هذا العصر في ملاحظاتهم الدقيقة عن الإنسان ومزاياه .
                                قال أبو عبد الرحمن :
                                مصادر هذا البحث الحيوان والبيان والتبيين للجاحظ , والفصل للإمام أبي محمد بن حزم ، والملل للشهرستاني والفرق وأصول الدين للبغدادي ، وفجر الإسلام وضحاه وظهره للدكتور احمد أمين والمنطق لجون ديوي ، ومعيار العلم والمنقذ من الضلال والقسطاس المستقيم والمعارف العقلية وكلها لأبي حامد الغزالي ، والبدء والتاريخ للبلخي ، ونهاية الأقدام للشهرستاني ، ومقدمة ابن خلدون ، وتاريخ الفرق الإسلامية للشيخ علي مصطفى الغزالي ومقدمة نقض المنطق والعقل والنقل لابن تيمية وبعض الرسائل له أيضا والفكر الإسلامي الحديث للدكتور محمد البهي ، والعقيدة والشريعة ومذاهب التفسير الإسلامي وكلاهما للمستشرق اليهودي جولد تسيهر ، وتلبيس إبليس لابن الجوزي وتراث الإنسانية لعدد من الكتاب ، وتاريخ المذاهب الإسلامية للشيخ محمد أبي زهرة والعلوم عند العرب لقدري طوقان ، والجاحظ معلم العقل والأدب لشفيق جبري ، وتقريب المنطق لابن حزم ، وعيون الأنباء لابن أبي أصيبعة ومقالات الإسلاميين لأبي الحسن الأشعري , وتحت راية القرآن للرافعي وتاريخ الفلسفة الحديثة ترجمة عبد المجيد عبد الرحيم وديكارت للدكتور عثمان أمين ، ولايبنتز للدكتور جورج طعمة ، والمعرفة للدكتور الشنيطي والله والتفكير فريضة إسلامية وكلاهما للعقاد ، وتأويل مختلف الحديث لابن قتيبة ، ولزوم ما لا يلزم للمعري ، وموقف العقل والعلم والعالم من رب العالمين وعباده المرسلين لفضيلة الشيخ مصطفى صبري ، والروح لابن القيم ، والأحكام للآمدي ، وأصول الفقه للشيخ أبي زهرة ، وأصول الفقه للشيخ الخضري ، وآخر دعوانا : أن الحمد الله رب العالمين وسلام على عباده المرسلين .
                                لا اله إلا الله ، محمد رسول الله

                                حكمة هذا اليوم والذي بعده :
                                قل خيرًا او اصمت



                                تعليق

                                مواضيع ذات صلة

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 24 ينا, 2024, 12:01 ص
                                ردود 0
                                6 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                                بواسطة *اسلامي عزي*
                                 
                                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 24 ينا, 2024, 12:00 ص
                                ردود 0
                                2 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                                بواسطة *اسلامي عزي*
                                 
                                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 23 أغس, 2023, 08:53 م
                                ردود 0
                                27 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                                بواسطة *اسلامي عزي*
                                 
                                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 6 يون, 2023, 01:37 ص
                                ردود 0
                                14 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                                بواسطة *اسلامي عزي*
                                 
                                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 4 يون, 2023, 03:05 ص
                                ردود 0
                                16 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                                بواسطة *اسلامي عزي*
                                 
                                يعمل...
                                X