مقارنة بين نقل القرآن الكريم ونقل العهد الجديد بين العصور

تقليص

عن الكاتب

تقليص

محمد سني الإسلام اكتشف المزيد حول محمد سني
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مقارنة بين نقل القرآن الكريم ونقل العهد الجديد بين العصور

    مقدمة :
    نقدم لكم مقارنة بسيطة بين آلية نقل القرآن الكريم عبر العصور إلى يومنا هذا وبين آلية نقل العهد الجديد، وسنبين لكم بإذن الله الدقة والإتقان في نقل القرآن الكريم سواءً كان ذلك شفاهية أو كتابة، ومن الطرف الآخر التحريف وقلة الضبط وضعف الآلية في نقل نص العهد الجديد ووصوله إلينا.

    وقبل الشروع في الدخول إلى شرح آلية نقل كل من القرآن الكريم والعهد الجديد، فإننا نود أن نذكر الطرق المتبعة عبر التاريخ في نقل نصوص الأديان المقدسة، مع بيان عيب أو دقة كل من هذه الطرق :

    1. الكتابة : عن طريق مخطوطة تعود لمؤسس الدين نفسه (بمعنى أنها بخط يده)
    وهذا طريق قوي وآلية ممتازة إلا أنه يعيبها شيء واحد ألا وهو :
    أن هذا الكتاب معرض للتخريب والتحريف
    أما التخريب : كالحرق أو الضياع أو الطمس أو تضرر الكتاب بالعوامل الطبيعية كالتآكل خاصة إن أخذنا في عين الاعتبار أن النصوص المقدسة القديمة كانت تكتب على أوراق البردي أو جلود الحيوانات أو بضعة نقوشات على الصخر.
    أما التحريف : الإضافة أو النقص أو التبديل على مر العصور.

    2. الكتابة : عن طريق مخطوطة تعود لزمن مؤسس الدين نفسه دون أن تكون مكتوبة بخط يده :
    و هذا طريق قوي إلا أنه يعيبه ما يعيب الطريق الأول وكذلك إثبات هوية الكاتب إذ أن جهالة هوية الكاتب تشكك في وثاقة الكاتب وضبطه وأمانته من ناحية وسلامة النص من ناحية أخرى، فالكاتب قد يكون غير ثقة في نقله (أي يتعمد التحريف ) أو أنه ينقل من حفظه ولكن حفظه ليس بمضبوط أو أنه كثير الخطأ في الكتابة أو .....

    3. الكتابة : عن طريق مخطوطة تعود لزمن ما بعد مؤسس الدين :
    وهذا سيئ بل سيئ جداً لأنه جمع بين احتمالية التحريف والتخريب وجهالة الكاتب، وبين تأخر الزمن عن زمان مؤسس الدين، فحينها يحق لنا أن نسأل :
    من هذا الذي كتب هذه المخطوطة، ومن أين استاق مصادره، وممن نقل هذا الكلام، وهل من نقل عنه أدرك زمن المؤسس أم هو أيضاً مجرد ناسخ مجهول لا نعرف عمن نسخ؟؟؟؟
    وكلما تأخر الزمان صار الاعتماد على هذا النوع أقل وثاقة بل أقل اعتماداً.
    ويدخل ضمن هذا النوع كل ما فيه من مخطوطات أي حتى وإن وصلنا لمرحلة من الزمان انتشرت فيها المخطوطات الخاصة بنص مقدس انتشاراً عظيماً، وكل هذه المخطوطات ليست فقط متشابهة بل متطابقة، لما زاد الأمر ثقة لأنه حينها لا نستطيع أن نجزم بصحة النص المقدس فيما هو أبعد من زمن الانتشار وأقرب إلى زمن مؤسس الدين، وعلى أحسن الأحوال فإن الانتشار حينها لا يشير لنا إلا إلى صعوبة أو استحالة تخريب أو تحريف ذلك النص المقدس بعد زمن الانتشار وليس قبله.

    4. التواتر المعنوي : وهو التواتر الذي يكتفي بضمان أن نصاً مقدساً كان منتشراً في زمن معين إلى ما قبله من الأزمنة حتى زمان مؤسس هذا الدين بمعنى :
    أن هذا النص المقدس يمكن الوثوق به بشكل عام (وليس بشكل خاص) بأنه قد تُلقِّي جيلا بعد جيل عبر الزمان ومع اختلاف المكان بشكل شفهي إلى زمان مؤسس هذا الدين وضابط هذا الطريق وشرطه : أن يكون متواتراً منذ الجيل الأول أي يكون معلوماً انتشاره بين كافة أو معظم أفراد الجيل الأول.
    و هذا طريق قوي جداً ويمتاز بأنه محصن من التحريف والتخريب إلا أنه يعيبه شيء واحد وهو:
    أنه يحصن ضد التحريف والتخريب بشكل عام، ولكنه معرض للتحريف أو التبديل الداخل في السياق الخاص البسيط (هجاء الأحرف وطريقة إلقائها) بالإضافة إلى أنه لا يجيب عن السؤال التالي :
    ما أدرانا عن حال الجيل الأول وكيف كانت آلية نقل النص من مؤسس الدين أو تلقفها منه؟؟
    هل تواترت كتابة بينهم أو شفاهية، وهل كانوا ضابطين للكتابة أو الحفظ، وهل كانت بيئتهم الثقافية تعتمد على الحفظ الشفهي أو الكتابة أو كليهما ؟؟؟

    5. التواتر المعنوي المدعوم بأسانيد صحيحة ترجع إلى مؤسس ذلك الدين، وروايات تاريخية ثابتة تشرح لنا كيفية نقل النص الديني كتابة وشفاهية، وتعليمه بين أفراد الجيل الأول وعبر الأجيال والعصور والأمكنة.
    و هذا بلا شك أقوى الطرق لأنه محصن من التحريف والتخريب، ومدعوم بعامل الحفظ الموثق بسلسلة الحفاظ الثقات المعروفين والمشهود لهم من أصحاب التخصص بقوة الضبط والحفظ وأمانة النقل وعدالة الطبع، بالإضافة إلى وجود عامل الاتصال الزمني بين النص وبين مؤسس هذا الدين وانتساب النص الديني إليه.
    بالإضافة إلى أن هذا الطريق يحفظ لنا وجه النص العام والخاص، ويخبرنا عن حال الأجيال وخاصة الجيل الأول، وكيف تلقفوا هذا النص من مؤسس الدين وعلموه للأجيال القادمة واللاحقة، وآلية جمع أو انتشار هذا النص على المكتوب أياً كان هذا المكتوب وموافقته للمقروء شفاهية .

    هذه هي الطرق التي أحصيتها فيما يخص نقل النصوص عبر التاريخ وقد استفرد القرآن الكريم بالطريق الخامس وهو أقوى وأعدل هذه الطرق، بينما أخذ العهد الجديد نصيبه عبر الطريق الثالث المذكور آنفاً.

    وسنعرج في مقارنتنا هذه بإذن الله على طرق نقل القرآن الكريم شفاهية وكتابة، بالإضافة إلى التحدث قليلا عن مخطوطات القرآن.

    ثم سنتحول بعدها إلى الحديث عن العهد الجديد وكيفية انتقاله عبر العصور، ومخطوطاته، مع ذكر أمثلة على تحريف العهد الجديد.

    يتبع بإذن الله...
    التعديل الأخير تم بواسطة إيمان يحيى; 23 ينا, 2020, 10:58 م.

  • #2
    الجزء الأول : نقل القرآن الكريم

    نبدأ بإذن الله بنقل القرآن الكريم وكيف حفظه الله عز وجل من التحريف عبد العصور والأجيال
    وسنقسم هذا الجزء إلى ثلاثة أقسام :
    1. كتابة القرآن وجمعه
    2. نقل القرآن شفاهية بشكل متواتر بالأسانيد الصحيحة
    3. الكلام عن مخطوطات القرآن


    القسم الأول : نقل القرآن كتابة .
    مر جمع القرآن وتدوينه ونشر مصاحفه بثلاث مراحل مهمة

    الأولى : مرحلة كتابة القرآن زمن النبي صلى الله عليه وسلم .
    شدد النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه رضوان الله تعالى عليهم على الاهتمام بالقرآن وتعلمه وقد تلقى أصحابه الكرام رضوان الله تعالى عليهم هذا التعليم بالطاعة التامة. ومن آثار ذلك أنهم كانوا رضوان الله تعالى عليهم يكتبون القرآن بين يديه على العسب واللخاف والحجر وغيرها.
    ومن شديد حرصه عليه الصلاة والسلام في بادئ الأمر على القرآن أن أمر ألا يُكتب عنه شيءٌ غير القرآن حتى لا يختلط القرآن بأحاديثه عليه الصلاة والسلام (وقد نُسخ المنع من كتابة الحديث في أواخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم).

    نقرأ من صحيح مسلم كتاب الزهد والرقائق
    3004 حدثنا هداب بن خالد الأزدي حدثنا همام عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه وحدثوا عني ولا حرج ومن كذب علي قال همام أحسبه قال متعمدا فليتبوأ مقعده من النار

    ومن حرصه عليه الصلاة و السلام أنه كان إذا نزلت آية عليه كان يدعو أحد أصحابه ليكتبوها وكان عليه الصلاة والسلام يذكر لهم مكان الآيات في كل السور
    نقرأ من سنن الترمذي كتاب التفسير
    باب ومن سورة التوبة
    3086 حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد ومحمد بن جعفر وابن أبي عدي وسهل بن يوسف قالوا حدثنا عوف بن أبي جميلة حدثنا يزيد الفارسي حدثنا ابن عباس قال قلت لعثمان بن عفان ما حملكم أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني وإلى براءة وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتموها في السبع الطول ما حملكم على ذلك فـقال عثمان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان وهو تنزل عليه السور ذوات العدد فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب فيقول ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا وإذا نزلت عليه الآية فيقول ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا وكانت الأنفال من أوائل ما أنزلت بالمدينة وكانت براءة من آخر القرآن وكانت قصتها شبيهة بقصتها فظننت أنها منها فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها فمن أجل ذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم فوضعتها في السبع الطول قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح لا نعرفه إلا من حديث عوف عن يزيد الفارسي عن ابن عباس ويزيد الفارسي هو من التابعين قد روى عن ابن عباس غير حديث ويقال هو يزيد بن هرمز ويزيد الرقاشي هو يزيد بن أبان الرقاشي وهو من التابعين ولم يدرك ابن عباس إنما روى عن أنس بن مالك وكلاهما من أهل البصرة ويزيد الفارسي أقدم من يزيد الرقاشي.
    والحديث مختلف في صحته فقد حسنه ابن حجر والترمذي من قبله وقال عنه ابن كثير رحمه الله : ((إسناده جيد قوي)) ولكن ضعفه الشيخ أحمد شاكر والشيخ شعيب الأرنؤوط وضعفه الألباني رحمه الله والاختلاف هو في يزيد الفارسي هل هو نفسه يزيد بن هرمز أم أنه مجهول.

    ومن الذين كانوا يكتبون القرآن أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    زيد بن ثابت رضي الله عنه
    :
    نقرأ من سنن الترمذي كتاب المناقب
    3954 حدثنا محمد بن بشار حدثنا وهب بن جرير حدثنا أبي قال سمعت يحيى بن أيوب يحدث عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن شماسة عن زيد بن ثابت قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن من الرقاع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم طوبى للشام فقلنا لأي ذلك يا رسول الله قال لأن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليها قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب إنما نعرفه من حديث يحيى بن أيوب
    صححه الإمام الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن الترمذي رحمه الله وقال ((صحيح))

    و نقرأ صحيح البخاري كتاب التفسير
    باب لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله
    4316 حدثنا إسماعيل بن عبد الله قال حدثني إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان عن ابن شهاب قال حدثني سهل بن سعد الساعدي أنه رأى مروان بن الحكم في المسجد فأقبلت حتى جلست إلى جنبه فأخبرنا أن زيد بن ثابت أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أملى عليه لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله فجاءه ابن أم مكتوم وهو يملها علي قال يا رسول الله والله لو أستطيع الجهاد لجاهدت وكان أعمى فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وفخذه على فخذي فثقلت علي حتى خفت أن ترض فخذي ثم سري عنه فأنزل الله غير أولي الضرر.

    ونقرأ من صحيح البخاري كتاب البيوع
    باب قول الله تعالى لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين إلى قوله غفورا رحيما
    2676 حدثنا أبو الوليد حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال سمعت البراء رضي الله عنه يقول لما نزلت لا يستوي القاعدون من المؤمنين دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا فجاء بكتف فكتبها وشكا ابن أم مكتوم ضرارته فنزلت لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر.

    ومن هؤلاء الذين كانوا يكتبون الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم أمير المؤمنين معاوية رضي الله عنه
    نقرأ في سير أعلام النبلاء الجزء الثالث في ترجمة معاوية رضي الله عنه :
    (( أبو عوانة : عن أبي حمزة ، عن ابن عباس ، قال : كنت ألعب مع الغلمان ، فدعاني النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال : ادع لي معاوية . وكان يكتب الوحي))
    قواه شعيب الأرنؤوط رحمه الله في تخريجه لسير أعلام النبلاء وقال : ((سنده قوي ))

    وكان القرآن ينزل على ويتلى من رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجوه عديدة بل على سبعة أوجه من الاختلاف كما جاء ذلك ثابتاً
    نقرأ من صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن باب نزول القرآن على سبعة أحرف
    4706 حدثنا سعيد بن عفير قال حدثني الليث قال حدثني عقيل عن ابن شهاب قال حدثني عروة بن الزبير أن المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن عبد القاري حدثاه أنهما سمعا عمر بن الخطاب يقول سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فكدت أساوره في الصلاة فتصبرت حتى سلم فلببته بردائه فقلت من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ قال أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت كذبت فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أقرأنيها على غير ما قرأت فانطلقت به أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت إني سمعت هذا يقرأ بسورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسله اقرأ يا هشام فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك أنزلت ثم قال اقرأ يا عمر فقرأت القراءة التي أقرأني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك أنزلت إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه .

    وكان جبريل عليه السلام يعارضه القرآن كل سنة في رمضان
    نقرأ من صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن
    باب كان جبريل يعرض القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم وقال مسروق عن عائشة عن فاطمة عليها السلام أسر إلي النبي صلى الله عليه وسلم أن جبريل كان يعارضني بالقرآن كل سنة وإنه عارضني العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلي
    4711 حدثنا يحيى بن قزعة حدثنا إبراهيم بن سعد عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير وأجود ما يكون في شهر رمضان لأن جبريل كان يلقاه في كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن فإذا لقيه جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة

    وفي السنة الأخيرة عرض عليه جبريل عليه السلام القرآن مرتين
    صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن (نفس الباب السابق)
    4712 حدثنا خالد بن يزيد حدثنا أبو بكر عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة قال كان يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كل عام مرة فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه وكان يعتكف كل عام عشرا فاعتكف عشرين في العام الذي قبض فيه .

    وهذه العرضة تُعرف بالعرضة الأخيرة وقد حضرها جمع من الصحابة كزيد بن ثابت وابن مسعود رضي الله عنهما
    نقرأ من كتاب البرهان في علوم القرآن الجزء الأول النوع الثالث عشر تاريخ القرآن واختلاف المصاحف:
    ((قال أبو عبد الرحمن السلمي : كانت قراءة أبي بكر وعمر وعثمان وزيد بن ثابت والمهاجرين والأنصار واحدة ; كانوا يقرءون القراءة العامة ، وهي القراءة التي قرأها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جبريل مرتين في العام الذي قبض فيه ، وكان زيد قد شهد العرضة الأخيرة وكان يقرئ الناس بها حتى مات ، ولذلك اعتمده الصديق في جمعه ، وولاه عثمان كتبة المصحف))

    وكان معظم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقرؤون إلا بالعرضة الأخيرة، وبعضهم لم يدركوا العرضة الأخيرة فقرؤوا ما قبلها من عرضات (وهو ما يعرف الآن بالقراءات الشاذة)، وبعضهم كان يقرأ بالعرضة الأخيرة وما قبلها من عرضات (فجمعوا بين المتواتر والشاذ).
    نقرأ من مشكل الآثار للإمام الطحاوي رحمه الله بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ فِي الْحُرُوفِ الْمُتَّفِقَةِ فِي الْخَطِّ ، الْمُخْتَلِفَةِ فِي اللَّفْظِ
    (( ثُمَّ احْتَمَلَ اخْتِلَافُهُمْ فِي الْأَلْفَاظِ بِهَذِهِ الْحُرُوفِ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمْ حَضَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ بِهَا فَأَخَذَهَا عَنْهُ كَمَا سَمِعَهُ يَقْرَأُ بِهَا ثُمَّ عَرَضَ جَبْرَائِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ فَبَدَّلَ بَعْضَهَا ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى النَّاسِ الْقِرَاءَةَ الَّتِي رَدَّ جَبْرَائِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ يَقْرَأُ مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ إلَى مَا قَرَأَهُ عَلَيْهِ بَعْدَهُ ، فَحَضَرَ مِنْ ذَلِكَ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِهِ ، وَغَابَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ ، فَقَرَأَ مَنْ حَضَرَ ذَلِكَ مَا قَرَأَ مِنْ تِلْكَ الْحُرُوفِ عَلَى الْقِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ مَنْ حَضَرَ الْقِرَاءَةَ الْأُولَى وَغَابَ عَنِ الْقِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ ، فَلَزِمَ الْقِرَاءَةَ الْأُولَى , وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُ كَمِثْلِ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَحْكَامِ مِمَّا نَسَخَهُ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى لِسَانِهِ بِمَا نَسَخَهُ بِهِ ، وَمِمَّا وَقَفَ بَعْضُهُمْ عَلَى الْحُكْمِ الْأَوَّلِ وَعَلَى الْحُكْمِ الثَّانِي ، فَصَارَ إلَى الْحُكْمِ الثَّانِي ، وَغَابَ بَعْضُهُمْ عَنِ الْحُكْمِ الثَّانِي مِمَّنْ حَضَرَ الْحُكْمَ الْأَوَّلَ وَعَلِمَهُ فَثَبَتَ عَلَى الْحُكْمِ الْأَوَّلِ , وَكَانَ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ عَلَى فَرْضِهِ وَعَلَى مَا يُعْتَدُّ بِهِ فَمِثْلُ تِلْكَ الْحُرُوفِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا , وَذَكَرْنَا اخْتِلَافَهُمْ فِيهَا مِنَ الْقُرْآنِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى ، وَكُلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْهَا مَحْمُودٌ ، وَالْقِرَاءَاتُ كُلُّهَا فَعَنِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَجِبُ تَعْنِيفُ مَنْ قَرَأَ بِشَيْءٍ مِنْهَا وَخَالَفَ مَا سِوَاهُ ، وَاللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ .))


    المرحلة الثانية : جمع أبي بكر رضي الله عنه للقرآن .
    وذلك لما استشهد من استشهد من حفظة القرآن في معركة اليمامة خشي عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يموت باقي القراء ولم يجمع القرآن في مصحف واحد فأشار على أبي بكر رضي الله عنه بجمع القرآن في مصحف واحد.
    وقد اعتمدوا على زيد بن ثابت رضي الله عنه لهذه المهمة.
    نقرأ من صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن باب جمع القرآن
    ​​​​​​4701 حدثنا موسى بن إسماعيل عن إبراهيم بن سعد حدثنا ابن شهاب عن عبيد بن السباق أن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال أرسل إلي أبو بكر مقتل أهل اليمامة فإذا عمر بن الخطاب عنده قال أبو بكر رضي الله عنه إن عمر أتاني فقال إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء بالمواطن فيذهب كثير من القرآن وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن قلت لعمر كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عمر هذا والله خير فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ورأيت في ذلك الذي رأى عمر قال زيد قال أبو بكر إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتتبع القرآن فاجمعه فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن قلت كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هو والله خير فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع أحد غيره لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حتى خاتمة براءة فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله ثم عند عمر حياته ثم عند حفصة بنت عمر رضي الله عنه.

    وكان اختيار أبي بكر وعمر رضي الله عنهما لزيد بن ثابت رضي الله عنه قائم على ثلاثة أسباب :
    1. أنه رضي الله عنه كان يكتب الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم في زمانه.
    2. أنه من الذين حفظوا القرآن كاملا زمن النبي صلى الله عليه وسلم.

    نقرأ من صحيح البخاري كتاب مناقب الانصار ، باب مناقب زيد بن ثابت رضي الله عنه
    3599 حدثني محمد بن بشار حدثنا يحيى حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أربعة كلهم من الأنصار أبي ومعاذ بن جبل وأبو زيد وزيد بن ثابت قلت لأنس من أبو زيد قال أحد عمومتي
    قال ابن حجر رحمه في فتح الباري شرح صحيح البخاري
    ((قوله : ( جمع القرآن ) أي استظهره حفظا .))
    3. أنه حضر العرضة الأخيرة كما ذكرنا (وسنذكر لاحقاً رواية سمرة بن جندب رضي الله عنه التي تصرح أن مصاحفنا اليوم على العرضة الأخيرة) .

    وكان زيد رضي الله عنه حسب الرواية لا يقبل إلا أن يؤتى بالآية كتابة وحفظاً
    نقرأ من فتح الباري شرح صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن باب جمع القرآن :
    (( وكانوا يكتبون ذلك في الصحف والألواح والعسب قال : وكان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد شاهدان " وهذا يدل على أن زيدا كان لا يكتفي بمجرد وجدانه مكتوبا حتى يشهد به من تلقاه سماعا ؛ مع كون زيد كان يحفظه ، وكان يفعل ذلك مبالغة في الاحتياط . وعند ابن أبي داود أيضا من طريق هشام بن عروة عن أبيه " أن أبا بكر قال لعمر ولزيد : اقعدا على باب المسجد فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه " ورجاله ثقات مع انقطاعه ، وكأن المراد بالشاهدين الحفظ والكتاب ، أو المراد أنهما يشهدان على أن ذلك المكتوب كتب بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو المراد أنهما يشهدان على أن ذلك من الوجوه التي نزل بها القرآن . وكان غرضهم أن لا يكتب إلا من عين ما كتب بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - لا من مجرد الحفظ . ))

    و هكذا جُمع القرآن كله كتابةً في مصحف واحد زمن أبي بكر رضي الله عنه على العرضة الأخيرة.

    يتبع...
    التعديل الأخير تم بواسطة إيمان يحيى; 25 ينا, 2020, 12:32 ص.

    تعليق


    • #3
      المرحلة الثالثة : نسخ المصاحف زمن عثمان رضي الله عنه .
      لما اختلفت الألسن ودخل الإسلام من دخل من العجم وممن لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، اختلف حديثو العهد بالإسلام وبعض التلاميذ الذين أخذوا القراءة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجوه القراءة بين بعضهم البعض.
      و لهذا الاختلاف أسباب يمكن حصرها في :
      1. دخول تفسير الآيات أحياناً في قراءتهم وفي مصاحفهم.
      2. الاختلاف المبني على وجوه القراءة المنزلة (من الأحرف السبعة) سواءً تلك التي وافقت العرضة الأخيرة أو تلك التي خالفتها
      .

      فلما سمع عثمان رضي الله عنه بالخبر آلى على نفسه أن يجمع الناس على مصحف واحد وهو نفسه الذي جمعه أبو بكر رضي الله عنه، فجهز لجنة يقودها زيد بن ثابت رضي الله عنه، ونسخوا المصحف الذي جمعه أبو بكر رضي الله عنه والذي كان في ذلك الوقت عند أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها، فعمل منه خمس نسخ على الأشهر وأمر بإتلاف كل المصاحف الأخرى.
      نقرأ من صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن باب جمع القرآن

      صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن باب جمع القرآن
      4702 حدثنا موسى حدثنا إبراهيم حدثنا ابن شهاب أن أنس بن مالك حدثه أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان وكان يغازي أهل الشأم في فتح إرمينية وأذربيجان مع أهل العراق فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة فقال حذيفة لعثمان يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك فأرسلت بها حفصة إلى عثمان فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق قال ابن شهاب وأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت سمع زيد بن ثابت قال فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف قد كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فألحقناها في سورتها في المصحف

      وثبت أن العدد في اللجنة كان أكثر فقد كانوا اثني عشر رجلا منهم أيضاً أبي بن كعب رضي الله عنه
      في كتاب المصاحف لابن أبي داود السجستاني الجزء الأول باب جمع عثمان للمصاحف
      حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ قَالَ: " لَمَّا أَرَادَ عُثْمَانُ أَنْ يَكْتُبَ الْمَصَاحِفَ، جَمَعَ لَهُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ، فِيهِمْ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ فَبَعَثُوا إِلَى الرَّبْعَةِ الَّتِي فِي بَيْتِ عُمَرَ، فَجِيءَ بِهَا قَالَ : وَكَانَ عُثْمَانُ يَتَعَاهَدُهُمْ، فَكَانُوا إِذَا تَدَارَءُوا فِي شَيْءٍ أَخَّرُوهُ قَالَ مُحَمَّدٌ: فَقُلْتُ لَكَثِيرٍ، وَكَانَ فِيهِمْ فِيمَنْ يَكْتُبُ: هَلْ تَدْرُونَ: لِمَ كَانُوا يُؤَخِّرُونَهُ؟ قَالَ: لَا قَالَ مُحَمَّدٌ: فَظَنَنْتُ ظَنًّا، إِنَّمَا كَانُوا يُؤَخِّرُونَهَا " لينظروا أحدثهم عهدا بالعرضة الآخرة فيكتبونها على قوله ))
      و صحح الرواية ابن كثير رحمه الله في مقدمة تفسيره الجزء الأول وقال : ((صحيح أيضاً.))

      وقد امتازت عملية النسخ هذه بأربع خصال رئيسية من الدقة والضبط :
      1. أن الذين نسخوا المصاحف لم يختلفوا في كل القرآن إلا على موضع واحد بناءً على كيفية كتابة التابوت حسب لغة قريش ولغة الأنصار.
      نقرأ في شرح السنة للإمام البغوي رحمه الله كتاب فضائل القرآن
      وَرُوِيَ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفْلَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ، يَقُولُ : " اتَّقُوا اللَّهَ أَيّهَا النَّاسُ ، إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي عُثْمَانَ ، وَقَوْلكُمْ : حَرَّاقُ الْمَصَاحِفِ ، فَوَاللَّهِ مَا حَرَّقَهَا إِلا عَلَى مَلإٍ مِنَّا أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمِيعًا ، فَقَالَ : مَا تَقُولُونَ فِي هَذِهِ الْقِرَاءَةِ الَّتِي اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهَا ؟ يَلْقَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ ، فَيَقُولُ : قِرَاءَتِي خَيْرٌ مِنْ قِرَاءَتِكَ ، وَقِرَاءَتِي أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَتِكَ ، وَهَذَا شَبِيهٌ بِالْكُفْرِ ، فَقُلْنَا : مَا الرَّأْيُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ قَالَ : فَإِنِّي أَرَى أَنْ أَجْمَعَ النَّاسَ عَلَى مُصْحَفٍ وَاحِدٍ ، فَإِنَّكُمْ إِذَا اخْتَلَفْتُمُ الْيَوْمَ كَانَ مَنْ بَعْدَكُمْ أَشَدَّ اخْتِلافًا ، فَقُلْنَا : نِعْمَ مَا رَأَيْتَ ، فَأَرْسَلَ إِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، وَسَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ ، فَقَالَ : لِيَكْتُبْ أَحَدُكُمَا ، وَيُمْلِ الآخَرُ ، فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ فِي شَيْءٍ ، فَارْفَعَاهُ إِلَيَّ ، فَمَا اخْتَلَفْنَا فِي شَيْءٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلا فِي حَرْفٍ وَاحِدٍ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ ، قَالَ سَعِيدٌ : التَّابُوتُ سورة البقرة آية 248 ، وَقَالَ زَيْدٌ : 0 التَّابُوهُ 0 ، فَرَفَعْنَاهُ إِلَى عُثْمَانَ ، فَقَالَ : اكْتُبُوهُ التَّابُوتُ سورة البقرة آية 248 ، قَالَ عَلِيٌّ : وَلَوْ وَلِيتُ الَّذِي وَلِيَ عُثْمَانُ لَصَنَعْتُ مِثْلَ الَّذِي صَنَعَ.

      نقرأ في كتاب المصاحف لابن أبي داود السجستاني رحمه الله الجزء الأول باب جمع عثمان رحمة الله عليه المصاحف
      قال الزهري: فاختلفوا يومئذ في التابوت والتابوه، فقال النفر القرشيون: التابوت، وقال زيد: التابوه، فرفع اختلافهم إلى عثمان، فقال: اكتبوه التابوت، فإنه بلسان قريش. حدثنا عبد الله قال: حدثنا محمد بن يحيى ، قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، قال: حدثنا أبي ، عن ابن شهاب ، عن أنس بهذا "

      يقول المحقق شعيب الأرنؤوط في هامش تحقيقه لسير أعلام النبلاء الجزء الثاني في ترجمة زيد بن ثابت رضي الله عنه
      (( حفص: هو ابن سليمان الأسدي أبو عمر البزاز الكوفي، صاحب عاصم، وهو إمام في القراءة، متروك في الحديث، وفي الباب عن سويد بن غفلة قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول: اتقوا الله أيها الناس وإياكم والغلو في عثمان وقولكم حراق المصاحف، فوالله ما حرقها إلا على ملا منا أصحاب محمد جميعا. وفيه أن عثمان أرسل إلى زيد بن ثابت وسعيد بن العاص، فقال: ليكتب أحدكما ويملي الآخر، فإذا اختلفتم في شيء فارفعاه إلي، فما اختلفنا في شيء من كتاب الله إلا في حرف واحد في سورة البقرة، قال سعيد " التابوت " وقال زيد " التابوه " فرفعناه إلى عثمان، فقال: اكتبوه " التابوت " قال علي: " ولو وليت الذي ولي عثمان، لصنعت مثل الذي صنع " ذكره البغوي في " شرح السنة " 4 / 524، 525، ووراه ابن أبي داود في " المصاحف ": 22، 23، وإسناده صحيح، كما قال الحافظ في " الفتح " 9 / 16))

      2. أن ما نُسخ طابق ما جُمع زمن أبي بكر رضي الله عنه مطابقة تامة
      ​​​نقرأ من تخريج شرح مشكل الآثار الجزء الثامن الصفحة 127
      و كما حدثنا يونس : قال حدثنا نعيم بن حماد قال : حدثنا عبد العزيز بن محمد عن عمارة بن غزية عن ابن شهاب عن خارجة بن زيد بن ثابت عن ابيه قال :لمَّا قُتِلَ أصحابُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ باليَمامةِ، دخَلَ عُمَرُ رضيَ اللهُ عنه على أبي بَكرٍ رضيَ اللهُ عنه، فقال: إنَّ أصحابَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَهافَتوا يومَ اليَمامةِ، وإنِّي أَخْشى ألَّا يَشهَدوا مَوطِنًا إلَّا فَعَلوا ذلك فيه حتى يُقتَلوا، وهم حَمَلةُ القُرآنِ، فيَضيعُ القُرآنُ ويُنْسى، فلو جمَعْتَه وكتَبْتَه، فنفَرَ منها أبو بَكرٍ رضيَ اللهُ عنه، وقال: أفعَلُ ما لم يَفعَلْ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ! ثُم أرسَلَ أبو بَكرٍ رضيَ اللهُ عنه إلى زَيدِ بنِ ثابتٍ، وعُمَرَ مُحزَئِلٌّ -يَعْني شِبهَ المُتَّكئِ- فقال أبو بَكرٍ: إنَّ هذا دَعاني إلى أمْرٍ فأبَيْتُ عليه، وأنتَ كاتبُ الوَحيِ، فإنْ تَكنْ معه اتَّبعْتُكما، وإنْ توافِقَني لم أفعَلْ ما قال، فاقتَصَّ أبو بَكرٍ قولَ عُمَرَ، فنفَرْتُ من ذلك، وقُلتُ: نَفعَلُ ما لم يَفعَلْ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ! إلى أنْ قال عُمَرُ رضيَ اللهُ عنه كلمةً، قال: وما عليكما لو فعَلْتُما، فأمَرَني أبو بَكرٍ رضيَ اللهُ عنه، فكتَبْتُه في قِطَعِ الأَدَمِ، وكِسَرِ الأكتافِ، والعُسُبِ -قال الشيخُ: يَعْني الجَريدَ- فلمَّا هلَكَ أبو بَكرٍ وكان عُمَرُ قد كتَبَ ذلك كلَّه في صَحيفةٍ واحدةٍ، فكانت عندَه، فلمَّا هلَكَ كانت عندَ حَفصةَ، ثُم إنَّ حُذَيفةَ بنَ اليَمانِ قدِمَ في غَزوةٍ غَزاها فَرْجِ أَرْمينيَةَ، فلم يدخُلْ بيْتَه حتى أتى عُثمانَ، فقال: يا أميرَ المُؤمِنينَ أدْرِكِ الناسَ، فقال عُثمانُ: وما ذاك؟ فقال: غزَوْتُ أَرْمينيَةَ، فحضَرَها أهْلُ العِراقِ وأهْلُ الشامِ، وإذا أهْلُ الشامِ يَقرَؤونَ بقِراءة أُبَيٍّ، فيأْتونَ بما لم يَسمَعْ أهْلُ العِراقِ، فيُكفِّرُهم أهْلُ العِراقِ، وإذا أهْلُ العِراقِ يَقرَؤونَ بقِراءةِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ، فيأْتونَ بما لم يَسمَعْ أهْلُ الشامِ، فيُكفِّرُهم أهْلُ الشامِ، قال زَيدٌ: فأمَرَني عُثمانُ أنْ أكتُبَ له مُصحَفًا، وقال: إنِّي جاعِلٌ معكَ رَجلًا لَبيبًا فَصيحًا، فما اجتَمَعْتُما فيه فاكْتُباه، وما اختَلَفْتُما فيه، فارْفَعاه إليَّ، فجعَلَ معه أبانَ بنَ سعيدِ بنِ العاصِ، فلمَّا بلَغَ: {إنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ} [البقرة: 248]، قال زَيدٌ: فقُلْتُ أنا: التَّابُوهُ، وقال أبانُ: التَّابُوتُ، فرَفَعْنا ذلك إلى عُثمانُ، فكتَبَ: التَّابُوتَ، ثُم عرَضْتُه -يَعْني المُصحَفَ- عَرْضةً أُخْرى، فلم أجِدْ فيه شيئًا، وأرسَلَ عُثمانُ إلى حَفْصةَ أنْ تُعطيَه الصحيفةَ وحلَفَ لها: لَيَرُدَّنَّها إليها، فأعطَتْه، فعرَضْتُ المُصحَفَ عليها، فلم يَختَلِفا في شيءٍ، فرَدَّها عليها، وطابَتْ نفْسُه، وأمَرَ الناسَ أنْ يَكتُبوا المَصاحِفَ.

      3. أن الصحابة من المهاجرين والأنصار رضوان الله تعالى عليهم في المدينة أجمعوا على ما نسخه عثمان رضي الله عنه .
      من كتاب المصاحف لابن أبي داود السجستاني رحمه الله باب جمع عثمان القرآن في المصحف نقرأ
      قال أبو داود: وحدثنا محمد بن أبان الجعفي سمعه، من علقمة بن مرثد وحديث محمد أتم عن عقبة بن جرول الحضرمي قال: لما خرج المختار كنا هذا الحي من حضرموت أول من يسرع إليه،، فأتانا سويد بن غفلة الجعفي فقال: إن لكم علي حقا وإن لكم جوارا، وإن لكم قرابة، والله لا أحدثكم اليوم إلا شيئا سمعته من المختار، أقبلت من مكة وإني لأسير إذ غمزني غامز من خلفي، فإذا المختار فقال لي: يا شيخ ما بقي في قلبك من حب ذلك الرجل ؟ يعني عليا، قلت: إني أشهد الله أني أحبه بسمعي وقلبي وبصري ولساني، قال: ولكني أشهد الله أني أبغضه بقلبي وسمعي وبصري ولساني، قال: قلت: أبيت والله إلا تثبيطا عن آل محمد، وترثيثا في إحراق المصاحف، أو قال حراق، هو أحدهما يشك أبو داود، فقال سويد : والله لا أحدثكم إلا شيئا سمعته من علي بن أبي طالب رضي الله عنه سمعته يقول: " يا أيها الناس، لا تغلوا في عثمان ولا تقولوا له إلا خيرا أو قولوا له خيرا في المصاحف وإحراق المصاحف، فوالله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا عن ملأ منا جميعا ....قال: قال علي: " والله لو وليت لفعلت مثل الذي فعل
      و صححه الدكتور محب الدين واعظ محقق كتاب المصاحف في هامش الصفحة 206:
      (( إسناده : صحيح ))

      نقرأ في كتاب المصاحف لابن أبي داود السجستاني الجزء الأول باب جمع عثمان رضي الله عنه المصحف
      حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: "أَدْرَكْتُ النَّاسَ مُتَوَافِرِينَ حِينَ حَرَّقَ عُثْمَانُ الْمَصَاحِفَ، فَأَعْجَبَهُمْ ذَلِكَ، وَقَالَ: لَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَحَدٌ
      و علق ابن كثير رحمه الله على هذه الرواية في الجزء الأول من تفسيره باب جمع القرآن ((وهذا إسناد صحيح))

      4. أن ما نسخه عثمان رضي الله عنه وافق العرضة الأخيرة للنبي صلى الله عليه وسلم.
      ​​​​في مستدرك الحاكم الجزء الثاني كتاب التفسير
      2857 - أخبرنا جعفر بن محمد بن نصير الخلدي ، ثنا علي بن عبد العزيز البغوي ، بمكة ، ثنا حجاج بن المنهال ، قال : ثنا حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة رضي الله عنه ، قال : «عرض القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم عرضات » فيقولون : إن قراءتنا هذه هي العرضة الأخيرة.
      حسن إسناد الرواية الإمام ابن حجر رحمه الله في فتح الباري شرح صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن باب كان جبريل يعرض القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم وقال ((إسناده حسن))
      وهذا دليل على حضور زيد بن ثابت رضي الله عنه العرضة الأخيرة كون كتابة المصحف زمن أبي بكر ونسخها زمن عثمان رضي الله عنهما وكلت إليه

      و من القرائن أيضاً على أن النسخ كان على العرضة الأخيرة :
      قال السيوطي رحمه الله في الإتقان الجزء الأول
      ((" أَخْرَجَ ابْنُ أَشْتَةَ فِي الْمَصَاحِفِ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي فَضَائِلِهِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ السَّلْمَانِيِّ قَالَ :الْقِرَاءَةُ الَّتِي عُرِضَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَامِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ ، هِيَ الْقِرَاءَةُ الَّتِي يَقْرَؤُهَا النَّاسُ الْيَوْمَ .
      وَأَخْرَجَ ابْنُ أَشْتَةَ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ : كَانَ جِبْرِيلُ يُعَارِضُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّ سَنَةٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مَرَّةً ، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ عَارَضَهُ مَرَّتَيْنِ ، فَيَرَوْنَ أَنْ تَكُونَ قِرَاءَتُنَا هَذِهِ عَلَى الْعَرْضَةِ الْأَخِيرَةِ .
      وَقَالَ الْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ :
      يُقَالُ إِنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ شَهِدَ الْعَرْضَةَ الْأَخِيرَةَ الَّتِي بُيِّنَ فِيهَا مَا نُسِخَ وَمَا بَقِيَ ، وكتبها لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَرَأَهَا عَلَيْهِ ، وَكَانَ يُقْرِئُ النَّاسَ بِهَا حَتَّى مَاتَ ، وَلِذَلِكَ اعْتَمَدَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فِي جَمْعِهِ وَوَلَّاهُ عُثْمَانُ كَتْبَ الْمَصَاحِفِ"))

      في كتاب المصاحف لابن أبي داود السجستاني
      حدثنا عبد الله، قال: حدثنا محمد بن بشار ، قال: حدثنا عبد الأعلى ، قال: حدثنا هشام ، عن محمد ، قال: " كان الرجل يقرأ حتى يقول الرجل لصاحبه: كفرت بما تقول، فرفع ذلك إلى عثمان بن عفان فتعاظم ذلك في نفسه، فجمع اثني عشر رجلا من قريش والأنصار، فيهم أبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وأرسل إلى الربعة التي كانت في بيت عمر فيها القرآن، فكان يتعاهدهم "
      . قال محمد: فحدثني كثير بن أفلح، أنه كان يكتب لهم فربما اختلفوا في الشيء فأخروه، فسألت: لم تؤخرونه ؟ قال: لا أدري، قال محمد: فظننت فيه ظنا، فلا تجعلوه أنتم يقينا، ظننت أنهم كانوا إذا اختلفوا في الشيء أخروه حتى ينظروا آخرهم عهدا بالعرضة الآخرة فيكتبوه على قوله))

      و نقرأ من كتاب البرهان في علوم القرآن الجزء الأول النوع الثالث عشر تاريخ القرآن واختلاف المصاحف:
      ((قال أبو عبد الرحمن السلمي : كانت قراءة أبي بكر وعمر وعثمان وزيد بن ثابت والمهاجرين والأنصار واحدة ; كانوا يقرءون القراءة العامة ، وهي القراءة التي قرأها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جبريل مرتين في العام الذي قبض فيه ، وكان زيد قد شهد العرضة الأخيرة وكان يقرئ الناس بها حتى مات ، ولذلك اعتمده الصديق في جمعه ، وولاه عثمان كتبة المصحف))

      و المعلوم أن عثمان رضي الله عنه جرد المصاحف من النقط لتحتمل وجوه القراءات الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في العرضة الأخيرة وعلى هذا
      فإن مصاحفنا شاملة لوجوه القراءات الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحتمله الرسم العثماني وما قرئ ووافق العرضة الأخيرة.
      قال ابن الجزري رحمه في النشر في القراءات العشر الجزء الأول المقدمة :
      (( وذهب جماهير العلماء من السلف والخلف وأئمة المسلمين إلى أن هذه المصاحف العثمانية مشتملة على ما يحتمله رسمها من الأحرف السبعة فقط جامعة للعرضة الأخيرة التي عرضها النبي - صلى الله عليه وسلم - على جبرائيل - عليه السلام - متضمنة لها لم تترك حرفا منها .
      ( قلت ) : وهذا القول هو الذي يظهر صوابه ؛ لأن الأحاديث الصحيحة والآثار المشهورة المستفيضة تدل عليه وتشهد له..... ثم إن الصحابة - رضي الله عنهم - لما كتبوا تلك المصاحف جردوها من النقط والشكل ليحتمله ما لم يكن في العرضة الأخيرة مما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وإنما أخلوا المصاحف من النقط والشكل لتكون دلالة الخط الواحد على كلا اللفظين المنقولين المسموعين المتلوين شبيهة بدلالة اللفظ الواحد على كلا المعنيين المعقولين المفهومين ، فإن الصحابة - رضوان الله عليهم - تلقوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أمره الله تعالى بتبليغه إليهم من القرآن لفظه ومعناه جميعا ، ولم يكونوا ليسقطوا شيئا من القرآن الثابت عنه - صلى الله عليه وسلم - ولا يمنعوا من القراءة به .))

      فأما ما خالف المصحف من رسم وقراءة فهو شاذ وإن صح سنده فإنه يكون حينها من جملة القراءات التي لم تقرأ في العرضة الأخيرة وكانت بحكم المنسوخ تلاوة.
      قال الإمام ابن الجزري رحمه الله في كتابه النشر في القراءات العشر الجزء الأول المقدمة :
      ((وكان اتفاقهم على حرف واحد يسيرا عليهم ، وهو أوفق لهم أجمعوا على الحرف الذي كان في العرضة الأخيرة ، وبعضهم يقول إنه نسخ ما سوى ذلك ; ولذلك نص كثير من العلماء على أن الحروف التي وردت عن أبي وابن مسعود وغيرهما مما يخالف هذه المصاحف منسوخة))

      وقد أجمع القاصي والداني على أمانة النسخ العثماني وعلى دقته وأنه لا يجوز مخالفة قراءة المصاحف العثمانية.
      نقرأ من صحيح البخاري كتاب التفسير
      باب والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير يعفون يهبن
      4256 حدثني أمية بن بسطام حدثنا يزيد بن زريع عن حبيب عن ابن أبي مليكة قال ابن الزبير قلت لعثمان بن عفان والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا قال قد نسختها الآية الأخرى فلم تكتبها أو تدعها قال يا ابن أخي لا أغير شيئا منه من مكانه

      ونقرأ ما نقله أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله في كتابه فضائل القرآن جماع أحاديث القرآن وإثباته في كتابه وتأليفه وإقامة حروفه
      (( عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ ، قَالَ : قَالَ أَبُو مِجْلَزٍ : " أَلا تَعْجَبُ مِنْ حُمْقِهِمْ , كَانَ مِمَّا عَابُوا عَلَى عُثْمَانَ تَمْزِيقِهِ الْمَصَاحِفَ ، ثُمَّ قَبِلُوا مَا نَسْخَ " . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ يَقُولُ : إِنَّهُ كَانَ مَأْمُونًا عَلَى مَا أُسْقِطَ ، كَمَا هُوَ مَأْمُونٌ عَلَى مَا نَسَخَ وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَوْ وُلِّيتُ الْمَصَاحِفَ لَصَنَعْتُ فِيهَا الَّذِي صَنَعَ عُثْمَانُ. وَقَالَ مُصْعَبُ بْنُ سَعْدٍ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ حِينَ فَعَلَ عُثْمَانُ مَا فَعَلَ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَنْكَرَ ذَلِكَ، يَعْنِي مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَأَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَالَّذِي أَلَّفَهُ عُثْمَانُ، هُوَ الَّذِي بَيْنَ ظَهْرِي الْمُسْلِمِينَ الْيَوْمَ، وَهُوَ الَّذِي يُحْكَمُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ مِنْهُ شَيْئًا مِثْلَمَا يُحْكَمُ عَلَى الْمُرْتَدِّ مِنَ الِاسْتِتَابَةِ، فَإِنْ أَبَى فَالْقَتْلُ))

      وبالنسبة لمصحف أبي بكر رضي الله عنه فكما قلنا بعد أن طابق عثمان رضي الله عنه المصاحف المنسوخة بما فيه وتأكد من تطابقهما أرجعه إلى أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها وبقيت عندها حتى توفيت زمن معاوية رضي الله عنه فطلب المصحف مروان بن الحكم رحمه الله من عبد الله بن عمر رضي الله عنه وعن أبيه فأحرقه.
      نقرأ من صحيح بن حبان كتاب السير باب في الخلافة والإمارة
      قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَحَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَتْ حَفْصَةُ أَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِعَزِيمَةٍ لِيُرْسِلَ بِهَا، فَسَاعَةَ رَجَعُوا مِنْ جَنَازَةِ حَفْصَةَ أَرْسَلَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى مَرْوَانَ فَحَرَقَهَا، مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ اخْتِلَافٌ لَمَّا نسخ عثمان رضي الله تعالى عنه .

      وخوف الاختلاف المراد به في الرواية ليس في حروف وألفاظ آيات القرآن، ولا في ترتيب الآيات في السورة الواحدة لما ذكرنا في الأعلى من تطابق المصاحف المنسوخة مع مصحف أبي بكر رضي الله عنه - كما في رواية مشكل الآثار للطحاوي رحمه الله - بل الاختلاف المراد به هو في ترتيب سور القرآن. ​​​​​​
      نقرأ ما قاله أبو شامة المقدسي في المرشد الوجيز الجزء الأول الباب الثاني :
      (( ويمكن أن يقال: إن عثمان طلب إحضار الرقاع ممن هي عنده، وجمع منها، وعارض بما جمعه أبو بكر، وعارض بتلك الرقاع، أو جمع بين النظر في الجميع حالة النسخ، ففعل كل ذلك أو بعضه، استظهارا ودفعا لوهم من يتوهم خلاف الصواب، وسدًّا لباب القالة: إن الصحف غيرت أو زيد فيها ونقص، وما فعله مروان من طلبه الصحف من ابن عمر وتمزيقها -إن صح ذلك- فلم يكن لمخالفة بين الجمعين، إلا فيما يتعلق بترتيب السور، فخشي أن يتعلق متعلق بأنه في جمع الصديق غير مرتب السور، فسد الباب جملة.))

      وقد أجمعت الأمة في مصاحفها على ما نسخه عثمان رضي الله عنه قراءة ورسماً ولذا لقب خط المصحف بالرسم العثماني وقد تصدى لبيان وجوه رسم المصاحف العثمانية علماء منهم أبو عمرو الداني في كتابه المقنع في رسم مصاحف الأمصار والذي نقل الرسم العثماني الأول في كتابه وفصله تفصيلا.
      يقول أبو عمرو الداني في كتابه المقنع في رسم مصاحف الأمصار الجزء الأول في افتتاح حديثه :
      (( هذا الكتاب أذكر فيه إن شاء الله ما سمعته من مشيختي ورويته عن أئمتي من مرسوم خطوط مصاحف أهل الأمصار: المدينة ومكة والكوفة والبصرة والشام وسائر العراق المصطلح عليه قديما مختلفا عن الإمام مصحف عثمان بن عفّان رضي الله عنه وعن سائر النسخ التي انتسخت منه الموجّه بها إلى الكوفة والبصرة والشام وأجعل جميع ذلك أبوابا، وأُصنفه فصولا، أُخليه من بسط العلل ورح المعاني لكي يقرب حفظه، ويخفف متناوله على من التمس معرفته من طالبي القراءة وكاتبي المصاحف وغيهم ممن قد أهمل شرح ذلك وأضرب عن روايته، وأكتفى فيه دهرا بظنه ودرايته، وقد رأيت أن أفتح كتابي هذا بذكر بض ما تأدى اليّ من الأخبار والسنن في شأن أهل المصاحف وجمع القرآن فيها إذ لا يستغنى عن ذكر ذلك فيه أولا، وبالله استعين وعلى إلهامه للصواب اعتمد، وهو حسبي ونعم الوكيل.))

      يتبع...
      التعديل الأخير تم بواسطة إيمان يحيى; 25 ينا, 2020, 12:02 ص.

      تعليق


      • #4
        القسم الثاني : نقل القرآن تواتراً بحفظ الصدور بالأسانيد الصحيحة .
        حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه وأمته على تعلم القرآن وتعليمه للناس ووصى بذلك أصحابه كما ثبت في أحاديث كثيرة

        نقرأ من صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن
        ​​​​​​باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه
        4739 حدثنا حجاج بن منهال حدثنا شعبة قال أخبرني علقمة بن مرثد سمعت سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن عثمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال خيركم من تعلم القرآن وعلمه قال وأقرأ أبو عبد الرحمن في إمرة عثمان حتى كان الحجاج قال وذاك الذي أقعدني مقعدي هذا .

        و نقرأ من صحيح مسلم كتاب صلاة المسافرين وقصرها
        ​​​​​​باب فضل قراءة القرآن وسورة البقرة
        804 حدثني الحسن بن علي الحلواني حدثنا أبو توبة وهو الربيع بن نافع حدثنا معاوية يعني ابن سلام عن زيد أنه سمع أبا سلام يقول حدثني أبو أمامة الباهلي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه اقرءوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة قال معاوية بلغني أن البطلة السحرة

        وجعل الله عز وجل الثواب الكبير لقارئ القرآن وحافظه
        نقرأ من سنن الترمذي كتاب فضائل القرآن
        ​​​​​​باب ما جاء فيمن قرأ حرفا من القرآن ماله من الأجر
        2910 حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو بكر الحنفي حدثنا الضحاك بن عثمان عن أيوب بن موسى قال سمعت محمد بن كعب القرظي قال سمعت عبد الله بن مسعود يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف ويروى هذا الحديث من غير هذا الوجه عن ابن مسعودورواه أبو الأحوص عن ابن مسعود رفعه بعضهم ووقفه بعضهم عن ابن مسعود قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه سمعت قتيبة يقول بلغني أن محمد بن كعب القرظي ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ومحمد بن كعب يكنى أبا حمزة
        صححه الألباني رحمه الله في صحيح و ضعيف سنن الترمذي

        ونقرأ في سنن ابن ماجه كتاب المقدمة باب فضل من تعلم القرآن وعلمه
        215 حدثنا بكر بن خلف أبو بشر حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا عبد الرحمن بن بديل عن أبيه عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لله أهلين من الناس قالوا يا رسول الله من هم قال هم أهل القرآن أهل الله وخاصته
        صححه الألباني رحمه في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه

        وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعلمون القرآن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما يسمعوه من فمه الشريف فيحفظونها ويرتلونها في صلواتهم حتى تستقر في صدورهم كما سمعوها من أبي القاسم عليه الصلاة والسلام
        نقرأ من صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن
        4714 حدثنا عمر بن حفص حدثنا أبي حدثنا الأعمش حدثنا شقيق بن سلمة قال خطبنا عبد الله بن مسعود فقال والله لقد أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة والله لقد علم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أني من أعلمهم بكتاب الله وما أنا بخيرهم قال شقيق فجلست في الحلق أسمع ما يقولون فما سمعت رادا يقول غير ذلك

        ووصى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته بأخذ القرآن من أصحابه ممن تعلموا القرآن منه مباشرة
        نقرأ من صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن
        ​​​​​​باب القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
        4713 حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن عمرو عن إبراهيم عن مسروق ذكر عبد الله بن عمرو عبد الله بن مسعود فقال لا أزال أحبه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول خذوا القرآن من أربعة من عبد الله بن مسعود وسالم ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب .

        وقد تلقى الصحابة رضي الله عنهم القرآن كما ذكرنا حفظاً بالسماع والترتيل من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم فمشوا من بعده على ذلك فصار النقل بالصدور عن طريق الإقراء هو الأصل في نقل القرآن وحفظه جيلا بعد جيل حتى تواتر القرآن بين الصحابة ثم بين التابعين و من يلونهم و من يلونهم حتى عصرنا هذا.

        نقرأ من المرشد الوجيز لأبي شامة الجزء الأول الباب الأول :
        ((وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلما نزل من القرآن شيء أمر بكتابته ويقول في مفرقات الآيات: "ضعوا هذه في سورة كذا" ، وكان يعرضه على جبريل في شهر رمضان في كل عام، وعرضه عليه عام وفاته مرتين، وكذلك كان يعرض جبريل على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كل عام مرة، وعرض عليه عام وفاته مرتين.
        وحفظه في حياته جماعة من أصحابه، وكل قطعة منه كان يحفظها جماعة كثيرة، أقلهم بالغون حد التواتر، ورخص لهم قراءته على سبعة أحرف توسعة عليهم))

        ولما كان هذا هو الأصل في النقل صارت القراءة سنة متبعة بين حفظة و نقلة القرآن الكريم
        في الطبقات الكبرى لابن سعد الجزء السادس
        أَخْبَرَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ ، أَنَّ أَبَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ ، قَالَ : " إِنَّا أَخَذْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَنْ قَوْمٍ ، أَخْبَرُونَا أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا تَعَلَّمُوا عَشْرَ آيَاتٍ لَمْ يُجَاوِزُوهُنَّ إِلَى الْعَشْرِ الأُخَرِ حَتَّى يَعْلَمُوا مَا فِيهِنَّ ، فَكُنَّا نَتَعَلَّمُ الْقُرْآنَ وَالْعَمَلَ بِهِ ، وَإِنَّهُ سَيَرِثُ الْقُرْآنَ بَعْدَنَا قَوْمٌ لَيَشْرَبُونَهُ شُرْبَ الْمَاء ، لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ ، بَلْ لا يُجَاوِزُ هَاهُنَا ، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْحَلْقِ " ))

        صحيح البخاري كتاب فضائل القرآن
        ​​​​​​باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه
        4739 حدثنا حجاج بن منهال حدثنا شعبة قال أخبرني علقمة بن مرثد سمعت سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن عثمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال خيركم من تعلم القرآن وعلمه قال وأقرأ أبو عبد الرحمن في إمرة عثمان حتى كان الحجاج قال وذاك الذي أقعدني مقعدي هذا .

        وفي فضائل القرآن لأبي عبيد القاسم بن سلام باب ذكر قراء القرآن ومن كانت القراءة تؤخذ عنه من الصحابة والتابعين ((حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: كَانَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ يُصَلِّي الصُّبْحَ فِي الْمَسْجِدِ، يَقُومُ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهُ فَيَقُولُ: مَنْ أُقْرِئُ؟ فَيَأْتِيهِ نَاسٌ فَيُقْرِئُهُمُ الْقُرْآنَ حَتَّى تَطْلُعُ الشَّمْسَ، وَتُمْكِنُ الصَّلَاةُ، فَيَقُومُ فَيُصَلِّي حَتَّى يُصَلِّي الظُّهْرَ، ثُمَّ يُصَلِّي حَتَّى تُصَلَّى الْعَصْرُ، ثُمَّ يَقُومُ إِلَى مَجْلِسِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ فَيَقُولُ: مَنْ أُقْرِئُ؟ فَيَأْتِيهِ نَاسٌ فَيُقْرِئُهُمُ الْقُرْآنَ حَتَّى يَقُومَ لِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ، ثُمَّ يُصَلِّي حَتَّى تُصَلَّى الْعِشَاءُ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَيَأْخُذُ أَحَدَ رَغِيفَيْهِ مِنْ سَلَّتِهِ، فَيَأْكُلُهُ، وَيَشْرَبُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَضَعُ رَأْسَهُ، فَيَنَامُ نَوْمَةً خَفِيفَةً، ثُمَّ يَقُومُ لِصَلَاتِهِ، فَإِذَا كَانَ مِنَ السَّحَرِ أَخَذَ رَغِيفَهُ الْآخَرَ فَأَكَلَ وَشَرِبَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ))

        وروي في فضائل القرآن لأبي عبيد القاسم بن سلام باب فضل القرآن و تعلمه و تعليمه للناس
        ((حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَبَّارُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، قَالَ: مَرَّ أَعْرَابِيٌّ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَهُوَ يُقْرِئُ قَوْمًا الْقُرْآنَ، أَوْ قَالَ: وَعِنْدَهُ قَوْمٌ يَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ، فَقَالَ: مَا يَصْنَعُ هَؤُلَاءِ؟ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: «يَقْتَسِمُونَ مِيرَاثَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ))

        نقرأ في كتاب فضائل القرآن للقاسم أبي عبيد بن سلام الجزء الأول
        (( حدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:إِنِّي قَدْ سَمِعْتُ الْقَرَأَةَ، فَوَجَدْتُهُمْ مُتَقَارِبَيْنِ، فَاقْرَءُوا كَمَا عَلِمْتُمْ، وَإِيَّاكُمْ وَالِاخْتِلَافَ وَالتَّنَطُّعَ، فَإِنَّمَا هُوَ كَقَوْلِ أَحَدِكُمْ: هَلُمَّ وَتَعَالَ))
        وأخرجه الإمام أحمد رحمه الله في مسنده وصححه شعيب الأرنؤوط في تخريجه للمسند وقال : ((إسناده صحيح ))

        ونقرأ أيضاً في فضائل القرآن لأبي عبيد القاسم بن سلام باب عرض القراء للقرآن وما يستحب لهم من أخذه عن أهل القراءة، واتباع السلف فيها والتمسك بما تعلمه به منها
        ((حدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الضَّحَّاكِ عِرَاكُ بْنُ خَالِدِ بْنِ صَالِحِ بْنِ صُبَيْحٍ الْمُرِّيِّ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ الْحَارِثِ الذِّمَارِيَّ، يَقُولُ: كُنْتُ خَتَمْتُ الْقُرْآنَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ الْيَحْصِبِيِّ، وَقَرَأَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي شِهَابٍ الْمَخْزُومِيِّ، وَقَرَأَهُ الْمُغِيرَةُ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ أَحَدٌ
        ...
        ​​​​​​حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ شِبْلِ بْنِ عَبَّادٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: عَرَضْتُ الْقُرْآنَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ))

        وقد انتشر قراء القرآن بعد جيل الصحابة رضوان الله تعالى عليهم وكان كل قارئ متقن للقراءة يقرأ القرآن ويتعلمه من شيوخه كما تعلموا هم من شيوخهم في القراءة وكما تعلموا ممن قبلهم من شيوخ القراءة وهكذا حتى زمن الصحابة الذين تلقوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فصار لقارئ القرآن المتقن الضابط لكلماته ومخارج حروفه سنداً متصلا بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم لقراءته الموافقة لرسم المصاحف العثمانية وكذلك لوجوه أو لوجه من وجوه اللغة العربية.
        وعلى هذا وضع علماء القراءات ضوابط وشروط لقبول القراءة وللتفريق بين القراءات الموجودة في الأمصار الإسلامية لمعرفة أيهم الصحيح من الضعيف من الشاذ وهذه الضوابط والشروط هي على الترتيب الآتي :
        1. صحة السند
        2. موافقة الرسم العثماني
        3. موافقة العربية و لو بوجه من الوجوه
        .
        قال ابن الجزري رحمه الله في النشر في القراءات العشر الجزء الأول المقدمة :
        ((ثم إن القراء بعد هؤلاء المذكورين كثروا وتفرقوا في البلاد وانتشروا وخلفهم أمم بعد أمم ، عرفت طبقاتهم ، واختلفت صفاتهم ، فكان منهم المتقن للتلاوة المشهور بالرواية والدراية ، ومنهم المقتصر على وصف من هذه الأوصاف ، وكثر بينهم لذلك الاختلاف ، وقل الضبط ، واتسع الخرق ، وكاد الباطل يلتبس بالحق ، فقام جهابذة علماء الأمة ، وصناديد الأئمة ، فبالغوا في الاجتهاد وبينوا الحق المراد ، وجمعوا الحروف والقراءات ، وعزوا الوجوه والروايات ، وميزوا بين المشهور والشاذ ، والصحيح والفاذ ، بأصول أصلوها ، وأركان فصلوها ، وها نحن نشير إليها ونعول كما عولوا عليها فنقول :
        كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه ، ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالا وصح سندها ، فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردها ولا يحل إنكارها ، بل هي من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن ووجب على الناس قبولها ، سواء كانت عن الأئمة السبعة ، أم عن العشرة ، أم عن غيرهم من الأئمة المقبولين ، ومتى اختل ركن من هذه الأركان الثلاثة أطلق عليها ضعيفة أو شاذة أو باطلة ، سواء كانت عن السبعة أم عمن هو أكبر منهم ، هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلف ، صرح بذلك الإمام الحافظ أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني ، ونص عليه في غير موضع الإمام أبو محمد مكي بن أبي طالب ، وكذلك الإمام أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي ، وحققه الإمام الحافظ أبو القاسم عبد الرحمن بن إسماعيل المعروف بأبي شامة ، وهو مذهب السلف الذي لا يعرف عن أحد منهم خلافه . ))

        واستقر الأمر عند أهل التحقيق من علماء القراءات وأهل الحديث على عشر قراءات (وهي المعروفة اليوم بالقراءات العشر) والتي وافقت الشروط الثلاثة المذكورة آنفا (صحة السند وموافقة الرسم العثماني وموافقة العربية ولو بوجه)
        واتفق أهل العلم أن كل قراءة خالفت شرطاً من الشروط السابقة فهي قراءة ضعيفة أو شاذة لا يصح أن يحتج بها ولم تقرأ في العرضة الأخيرة.


        ونضع أدناه بعض أسانيد القراءات العشر والتي ترجع إلى جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :

        إسناد قراءة ابن كثير
        نقرأ في النشر في القراءات العشر الجزء الأول الصفحة 120
        ((وَقَرَأَ الْقِسْطُ أَيْضًا وَمَعْرُوفٌ وَشِبْلٌ عَلَى شَيْخِ مَكَّةَ وَإِمَامِهَا فِي الْقِرَاءَةِ أَبِي مَعْبَدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَاذَانَ بْنِ فَيَرُوزَانَ بْنِ هُرْمُزَ الدَّارِيِّ الْمَكِّيِّ. فَذَلِكَ تَتِمَّةُ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ طَرِيقًا عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ.
        وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ عَلَى أَبِي السَّائِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ أَبِي السَّائِبِ الْمَخْزُومِيِّ وَعَلَى أَبِي الْحَجَّاجِ مُجَاهِدِ بْنِ جَبْرٍ الْمَكِّيِّ وَعَلَى دِرْبَاسٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّائِبِ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَقَرَأَ مُجَاهِدٌ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ، وَقَرَأَ دِرْبَاسٌ عَلَى مَوْلَاهُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَقَرَأَ أُبَيٌّ وَزَيْدٌ وَعُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.))

        إسناد قراءة أبي عمرو
        ونقرأ في النشر في القراءات العشر الجزء الأول الصفحة 133
        ((وَقَرَأَ السُّوسِيُّ وَالدُّورِيُّ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنِ الْمُبَارَكِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْيَزِيدِيِّ، وَقَرَأَ الْيَزِيدِيُّ عَلَى إِمَامِ الْبَصْرَةِ وَمُقْرِئِهَا أَبِي عَمْرٍو زِيَّانِ بْنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَمَّارٍ الْعُرْيَانِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُصَيْنِ بْنِ الْحَارِثِ الْمَازِنِيِّ الْبَصْرِيِّ، فَذَلِكَ مِائَةٌ وَأَرْبَعٌ وَخَمْسُونَ طَرِيقًا عَلَى أَبِي عَمْرٍو، وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ يَزِيدَ بْنِ الْقَعْقَاعِ وَيَزِيدَ بْنِ رُومَانَ وَشَيْبَةَ بْنِ نِصَاحٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرٍ وَمُجَاهِدِ بْنِ جَبْرٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَأَبِي الْعَالِيَةِ رَفِيعِ بْنِ مِهْرَانَ الرِّيَاحِيِّ وَحُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْأَعْرَجِ الْمَكِّيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيِّ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَعِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ وَعِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَيْصِنٍ وَعَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ وَنَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ وَيَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ، وَسَيَأْتِي سَنَدُ أَبِي جَعْفَرٍ وَتَقَدَّمَ سَنَدُ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ وَشَيْبَةَ فِي قِرَاءَةِ نَافِعٍ، وَتَقَدَّمَ سَنَدُ مُجَاهِدٍ فِي قِرَاءَةِ ابْنِ كَثِيرٍ، وَقَرَأَ الْحَسَنُ عَلَى حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ وَأَبِي الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ، وَقَرَأَ حِطَّانُ عَلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَقَرَأَ أَبُو الْعَالِيَةِ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَرَأَ حُمَيْدٌ عَلَى مُجَاهِدٍ، وَتَقَدَّمَ سَنَدُهُ، وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ عَلَى يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ وَنَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ، وَقَرَأَ عَطَاءٌ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، وَتَقَدَّمَ سَنَدُهُ، وَقَرَأَ عِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ عَلَى أَصْحَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَتَقَدَّمَ سَنَدُهُ، وَقَرَأَ عِكْرِمَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَرَأَ ابْنُ مُحَيْصِنٍ عَلَى مُجَاهِدٍ وَدِرْبَاسٍ، وَتَقَدَّمَ سَنَدُهُمَا، وَسَيَأْتِي سَنَدُ عَاصِمٍ، وَقَرَأَ نَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ وَيَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ عَلَى أَبِي الْأَسْوَدِ، وَقَرَأَ أَبُو الْأَسْوَدِ عَلَى عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَقَرَأَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.))

        إسناد قراءة حمزة الزيات
        و نقرأ في النشر في القراءات العشر الجزء الأول الصفحة 165
        ((وَقَرَأَ حَمْزَةُ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ سُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ الْأَعْمَشِ عَرْضًا، وَقِيلَ: الْحُرُوفُ فَقَطْ، وَقَرَأَ حَمْزَةُ أَيْضًا عَلَى أَبِي حَمْزَةَ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ، وَعَلَى أَبِي إِسْحَاقَ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السَّبِيعِيِّ، وَعَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَعَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ الْيَامِيِّ، وَعَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرٍ الصَّادِقِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَاقِرِ بْنِ زَيْنِ الْعَابِدِينَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيِّ، وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ وَطَلْحَةُ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ الْأَسَدِيِّ، وَقَرَأَ يَحْيَى عَلَى أَبِي شِبْلٍ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيْسٍ، وَعَلَى ابْنِ أَخِيهِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ قَيْسٍ، وَعَلَى زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، وَعَلَى زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ وَعَلَى عُبَيْدَةَ بْنِ عَمْرٍو السَّلْمَانِيِّ، وَعَلَى مَسْرُوقِ بْنِ الْأَجْدَعِ، وَقَرَأَ حُمْرَانُ عَلَى أَبِي الْأَسْوَدِ الدَّيْلَمِيِّ، وَتَقَدَّمَ سَنَدُهُ، وَعَلَى عُبَيْدِ بْنِ نَضْلَةَ، وَقَرَأَ عُبَيْدٌ عَلَى عَلْقَمَةَ، وَقَرَأَ حُمْرَانُ أَيْضًا عَلَى الْبَاقِرِ، وَقَرَأَ أَبُو إِسْحَاقَ عَلَى أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، وَعَلَى زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، وَتَقَدَّمَ سَنَدُهُمَا وَعَلَى عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، وَعَلَى الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمَذَانِيِّ، وَقَرَأَ عَاصِمٌ وَالْحَارِثُ عَلَى عَلِيٍّ، وَقَرَأَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَلَى الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو وَغَيْرُهُ، وَقَرَأَ الْمِنْهَالُ عَلَى سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَتَقَدَّمَ سَنَدُهُ، وَقَرَأَ عَلْقَمَةُ وَالْأَسْوَدُ وَابْنُ وَهْبٍ وَمَسْرُوقٌ وَعَاصِمُ بْنُ ضَمْرَةَ وَالْحَارِثُ أَيْضًا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَقَرَأَ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ عَلَى أَبِيهِ مُحَمَّدٍ الْبَاقِرِ، وَقَرَأَ الْبَاقِرُ عَلَى زَيْنِ الْعَابِدِينَ، وَقَرَأَ زَيْنُ الْعَابِدِينَ عَلَى أَبِيهِ سَيِّدِ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْحُسَيْنِ، وَقَرَأَ الْحُسَيْنُ عَلَى أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَقَرَأَ عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.))

        إسناد قراءة عاصم
        نقرأ في النشر في القراءات العشر الجزء الأول الصفحة 155
        (( وَقَرَأَ حَفْصٌ وَأَبُو بَكْرٍ عَلَى إِمَامِ الْكُوفَةِ وَقَارِئِهَا أَبِي بَكْرٍ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ ابْنِ بَهْدَلَةَ الْأَسَدِيِّ مَوْلَاهُمُ الْكُوفِيِّ فَذَلِكَ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ طَرِيقًا لِعَاصِمٍ، وَقَرَأَ عَاصِمٌ عَلَى أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ رَبِيعَةَ السُّلَمِيِّ الضَّرِيرِ وَعَلَى أَبِي مَرْيَمَ زِرِّ بْنِ حُبَيْشِ بْنِ حُبَاشَةَ الْأَسَدِيِّ وَعَلَى أَبِي عَمْرٍو سَعْدِ بْنِ إِلْيَاسَ الشَّيْبَانِيِّ، وَقَرَأَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَقَرَأَ السُّلَمِيُّ وَزِرٌّ أَيْضًا عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَقَرَأَ السُّلَمِيُّ أَيْضًا عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَأُبَيٌّ وَزَيْدٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.))

        إسناد قراءة ابن عامر
        نقرأ في النشر في القراءات العشر الجزء الأول الصفحة 144
        (( وَقَرَأَ الذِّمَارِيُّ عَلَى إِمَامِ أَهْلِ الشَّامِ أَبِي عِمْرَانَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ تَمِيمِ بْنِ رَبِيعَةَ الْيَحْصُبِيِّ، فَذَلِكَ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ طَرِيقًا لِابْنِ عَامِرٍ.
        وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ عَلَى أَبِي هَاشِمٍ الْمُغِيرَةِ بْنِ أَبِي شِهَابٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيِّ بِلَا خِلَافٍ عِنْدِ الْمُحَقِّقِينَ، وَعَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ عُوَيْمِرِ بْنِ زَيْدِ بْنِ قَيْسٍ فِيمَا قَطَعَ بِهِ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو وَالدَّانِيُّ وَصَحَّ عِنْدَنَا عَنْهُ، وَقَرَأَ الْمُغِيرَةُ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَقَرَأَ عُثْمَانُ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.))

        إسناد قراءة نافع
        نقرأ في النشر في القراءات العشر الجزء الأول
        (( وَقَرَأَ نَافِعٌ عَلَى سَبْعِينَ مِنَ التَّابِعِينِ مِنْهُمْ أَبُو جَعْفَرٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزَ الْأَعْرَجُ وَمُسْلِمُ بْنُ جُنْدُبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ وَصَالِحُ بْنُ خَوَّاتٍ وَشَيْبَةُ بْنُ نِصَاحٍ وَيَزِيدُ بْنُ رُومَانَ. فَأَمَّا أَبُو جَعْفَرٍ فَسَيَأْتِي عَلَى مَنْ قَرَأَ فِي قِرَاءَتِهِ، وَقَرَأَ الْأَعْرَجُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيِّ، وَقَرَأَ مُسْلِمٌ وَشَيْبَةُ وَابْنُ رُومَانَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ أَيْضًا، وَسَمِعَ شَيْبَةُ الْقِرَاءَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَقَرَأَ صَالِحٌ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَرَأَ الزُّهْرِيُّ عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَقَرَأَ سَعِيدٌ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عَيَّاشٍ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَقَرَأَ أُبَيٌّ وَزَيْدٌ وَعُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ))

        إسناد قراءة يعقوب الحضرمي
        نقرأ في النشر في القراءات العشر الجزء الأول 186
        وَقَرَأَ يَعْقُوبُ عَلَى أَبِي الْمُنْذِرِ سَلَّامِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمُزَنِيِّ مَوْلَاهُمُ الطَّوِيلِ، وَعَلَى شِهَابِ بْنِ شَرِيفَةَ، وَعَلَى أَبِي يَحْيَى مَهْدِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ الْمِعْوَلِيِّ، وَعَلَى أَبِي الْأَشْهَبِ جَعْفَرِ بْنِ حَيَّانَ الْعطَارِدِيِّ، وَقِيلَ: إِنَّهُ قَرَأَ عَلَى أَبِي عَمْرٍو نَفْسِهِ، وَقَرَأَ سَلَّامٌ عَلَى عَاصِمٍ الْكُوفِيِّ، وَعَلَى أَبِي عَمْرٍو، وَتَقَدَّمَ سَنَدُهُمَا، وَقَرَأَ سَلَّامٌ أَيْضًا عَلَى أَبِي الْمُجَشِّرِ عَاصِمِ بْنِ الْعَجَّاجِ الْجَحْدَرِيِّ الْبَصْرِيِّ، وَعَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ دِينَارٍ الْعَبْقَسِيِّ مَوْلَاهُمُ الْبَصَرِيِّ، وَقَرَآ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَتَقَدَّمَ سَنَدُهُ، وَقَرَأَ الْجَحْدَرِيُّ أَيْضًا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ قَتَّةَ التَّمِيمِيِّ مَوْلَاهُمُ الْبَصْرِيِّ، وَقَرَأَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَقَرَأَ شِهَابٌ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ هَارُونَ بْنِ مُوسَى الْعَتَكِيِّ الْأَعْوَرِ النَّحْوِيِّ، وَعَلَى الْمُعَلَّا بْنِ عِيسَى، وَقَرَأَ هَارُونُ عَلَى عَاصِمٍ الْجَحْدَرِيِّ وَأَبِي عَمْرٍو بِسَنَدِهِمَا، وَقَرَأَ هَارُونُ أَيْضًا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيِّ، وَهُوَ أَبُو جَدِّ يَعْقُوبَ، وَقَرَأَ عَلَى يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ وَنَصْرِ بْنِ عَاصِمٍ بِسَنَدِهِمَا الْمُتَقَدِّمِ، وَقَرَأَ الْمُعَلَّا عَلَى عَاصِمٍ الْجَحْدَرِيِّ بِسَنَدِهِ، وَقَرَأَ مَهْدِيٌّ عَلَى شُعَيْبِ بْنِ الْحَجابِ، وَقَرَأَ عَلَى أَبِي الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ، وَتَقَدَّمَ سَنَدُهُ، وَقَرَأَ أَبُو الْأَشْهَبِ عَلَى أَبِي رَجَا عِمْرَانَ بْنِ مِلْحَانَ الْعُطَارِدِيِّ، وَقَرَأَ أَبُو رَجَا عَلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَقَرَأَ أَبُو مُوسَى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ -، وَهَذَا سَنَدٌ فِي غَايَةٍ مِنَ الصِّحَّةِ وَالْعُلُوِّ.

        للتنبيه :
        شدد أهل العلم على أن النقل بالصدور هو الأصل في حفظ وتواتر القرآن الكريم وانتقاله عبر الأجيال وليس الكتابة على صحف أو مخطوطات أو رقائق يمكن أن تحرق أو تغسل بالماء أو تضيع، وهذه الوسيلة هي الأسلم والأضبط لحفظ النص المقدس عبر الأجيال كما بينا في المقدمة.
        نقرأ في صحيح مسلم كتاب الجنة و صفة نعيمها وأهلها
        5109 باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار
        2865 حدثني أبو غسان المسمعي ومحمد بن المثنى ومحمد بن بشار بن عثمان واللفظ لأبي غسان وابن المثنى قالا حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن عياض بن حمار المجاشعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم في خطبته ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا كل مال نحلته عبدا حلال وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب وقال إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء تقرؤه نائما ويقظان .

        قال الإمام ابن الجزري رحمه الله في كتابه النشر في القراءات العشر الجزء الأول المقدمة
        ((ثم إن الاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور لا على حفظ المصاحف والكتب ، وهذه أشرف خصيصة من الله تعالى لهذه الأمة ، ففي الحديث الصحيح الذي رواه مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إن ربي قال لي : قم في قريش فأنذرهم فقلت له : رب إذا يثلغوا رأسي حتى يدعوه خبزة ، فقال : مبتليك ومبتلي بك ومنزل عليك كتابا لا يغسله الماء ، تقرؤه نائما ويقظان ، فابعث جندا أبعث مثلهم ، وقاتل بمن أطاعك من عصاك ، وأنفق ينفق عليك . فأخبر تعالى أن القرآن لا يحتاج في حفظه إلى صحيفة تغسل بالماء ، بل يقرءوه في كل حال كما جاء في صفة أمته : " أناجيلهم في صدورهم " ، وذلك بخلاف أهل الكتاب الذين لا يحفظونه لا في الكتب ولا يقرءونه كله إلا نظرا لا عن ظهر قلب ، ولما خص الله تعالى بحفظه من شاء من أهله أقام له أئمة ثقات تجردوا لتصحيحه وبذلوا أنفسهم في إتقانه وتلقوه من النبي - صلى الله عليه وسلم - حرفا حرفا ، لم يهملوا منه حركة ولا سكونا ولا إثباتا ولا حذفا ، ولا دخل عليهم في شيء منه شك ولا وهم ، وكان منهم من حفظه كله ، ومنهم من حفظ أكثره ، ومنهم من حفظ بعضه ، كل ذلك في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - . ))

        وفي كتاب مناع القطان مباحث في علوم القرآن الجزء الأول نقرأ :
        ((كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مولعا بالوحي ، يترقب نزوله عليه بشوق ، فيحفظه ويفهمه ، مصداقا لوعد الله : إن علينا جمعه وقرآنه ، فكان بذلك أول الحفاظ ، ولصحابته فيه الأسوة الحسنة ، شغفا بأصل الدين ومصدر الرسالة ، وقد نزل القرآن في بضع وعشرين سنة ، فربما نزلت الآية المفردة ، وربما نزلت آيات عدة إلى عشر ، وكلما نزلت آية حفظت في الصدور ، ووعتها القلوب ، والأمة العربية كانت بسجيتها قوية الذاكرة ، تستعيض عن أميتها في كتابة أخبارها وأشعارها وأنسابها بسجل صدورها....ومن هذه النصوص يتبين لنا أن حفظة القرآن في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- كانوا جمعا غفيرا ، فإن الاعتماد على الحفظ في النقل من خصائص هذه الأمة ، قال ابن الجزري شيخ القراء في عصره : " إن الاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور ، لا على خط المصاحف والكتب أشرف خصيصة من الله تعالى لهذه الأمة " . ))

        ونقرأ في مناهل العرفان للزرقاني رحمه الله الجزء الأول :
        ((قلنا: إن همة الرسول وأصحابه كان متصرفة أول الأمر إلى جمع القرآن في القلوب بحفظه واستظهاره ضرورة أنه نبي أمي بعثه الله في الأميين. أضف إلى ذلك أن أدوات الكتابة لم تكن ميسورة لديهم في ذلك العهد
        ومن هنا كان التعويل على الحفظ في الصدور يفوق التعويل على الحفظ بين السطور
        . على عادة العرب أيامئذ من جعل صفحات صدورهم وقلوبهم دواوين لأشعارهم وأنسابهم ومفاخرهم وأيامهم))

        ونقرأ في فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي الجزء الثالث :
        (( سبيل السلامة من اللحن ] :
        ( والأخذ ) للأسماء والألفاظ ( من أفواههم ) ; أي : العلماء بذلك الضابطين له ممن أخذه أيضا عمن تقدم من شيوخه ، وهلم جرا ، ( لا ) من بطون ( الكتب ) أو الصحف من غير تدريب المشايخ .
        ( أدفع للتصحيف ) وأسلم من التبديل والتحريف ، ( فاسمع ) أيها الطالب ما أقوله لك ، ( وادأب ) أي : جد في تلقيه عن المتقنين المتقين ، وقد روينا عن سليمان بن موسى أنه قال : كان يقال : لا تأخذوا القرآن من مصحفي ، ولا العلم من صحفي . وقال ثور بن يزيد : لا يفتي الناس صحفي ، ولا يقرئهم مصحفي . ولله در القائل :
        ومن بطون كراريس روايتهم لو ناظروا باقلا يوما لما غلبوا والعلم إن فاته إسناد مسنده
        كالبيت ليس له سقف ولا طنب ))

        يتبع مع القسم الثالث و هو الكلام عن مخطوطات القرآن....
        التعديل الأخير تم بواسطة إيمان يحيى; 24 ينا, 2020, 11:59 م.

        تعليق


        • #5
          القسم الثالث : الكلام عن مخطوطات القرآن الكريم .
          قبل الشروع للحديث عن مخطوطات القرآن الكريم ينبغي التنبيه على ما أشرنا إليه سابقاً من أن الأصل في نقل القرآن الكريم هو التواتر عن طريق حفظ الصدور بالأسانيد الصحيحة
          ومن هذا الباب فإننا ننوه على أن المخطوطات القرآنية لا تمثل حجة إطلاقاً على القراءات القرآنية لا من باب ثبوتها ولا من باب الطعن عليها، إذ أن الاعتماد في نقل القرآن لن ولم يكن إطلاقا بناءً على مخطوطات، ولا كانت المخطوطات على البردي أو على جلود الحيوان هي الوسيلة أو الآلية التي تمسك بها المسلمون منذ 1440 سنة لنقل القرآن الكريم.

          وحتى إن تنزلنا وأسقطنا عليها بعضاً من الأهمية العملية في مجال حوار الأديان فإن هذه الأهمية لن تكون إلا ضمن نطاق أو دائرة : إلزام الآخر بما يلتزم به، فإن هذه المخطوطات - وإن كان أغلبها في صالح قراءات المصاحف العثمانية - إن أسبلنا عليها ثوب الحجية والاستدلال أو أدخلناها في دائرة ما يعرف بتراثنا الإسلامي الحديثي أو الروائي فإنها في أحسن أحوالها لن تتجاوز حد ما يعرف بالأثر الضعيف !!!!
          إذ أن كاتبها مجهول والسند مفقود ومقياس ضبط الكاتب غير معلوم فأنى لها أن تقارع أو توازي أو تقرب حتى من قراءة واحدة صحيحة (من ضمن القراءات العشر) قرأها اليوم شيخ بالإجازة عن شيخه سنداً حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هذا مع كون هذه المخطوطات في مجملها توافق هذه القراءات العشر
          .

          وعلى هذا فإن عليَّ أن أشدد للقارئ الكريم أن كلامي عن المخطوطات لا يضفي أي زيادة في تأكيد الحفظ الإلهي للنص القرآني إذ أن ما ذكرناه سابقاً هو الأصل، وإنما حديثي هو كما قلت من باب : إلزام الآخر بما يلتزم به.

          والملاحظ في هذا الشأن وعلى عكس مخطوطات العهد الجديد (كما سيتبين لاحقاً ) فإن المخطوطات القرآنية تعود لزمن مبكر جداً إذ أننا نملك مخطوطات كثيرة تعود للقرن الهجري الأول

          وسينقسم هذا القسم الخاص بالمخطوطات إلى قسمين
          1. مخطوطات من زمن ما قبل النسخ العثماني (وهما فقط مخطوطتي بريمنغهام والنص السفلي لمخطوطة صنعاء)
          2. مخطوطات ما بعد النسخ العثماني (ونضرب على ذلك مثالين : مخطوطة سمرقند ومخطوطة طوب قابي)
          .

          يتبع......
          التعديل الأخير تم بواسطة إيمان يحيى; 25 ينا, 2020, 12:25 ص.

          تعليق


          • #6
            أولا : مخطوطات من زمن ما قبل النسخ العثماني :
            يتميز هذا النوع من المخطوطات بقلة الفترة الزمنية التي نتكلم عنها (حوالي خمسة عشر سنة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم )، وبشحه إذ لا نمتلك اليوم من تلك الحقبة إلا مخطوطتين
            1. مخطوطة بريمنغهام : و هي المخطوطة الأقدم على مستوى كل المخطوطات القرآنية.
            2. النص السفلي لمخطوطة صنعاء : و تأتي بعد مخطوطة بريمنغهام زمنياً .

            ونأخذ كلا منهما على حدة :
            1. مخطوطة بريمنغهام .

            تاريخها :
            بعد التحليل الكربوني للمخطوطة تبين أنها تعود بنسبة 95.4٪ إلى ما بين عامي 568 و 645 ميلادي .
            و المعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاش بين عامي 570 و 632 ميلادية مما يعني أن في أحسن أحوالها فإن المخطوطة تكون كتبت زمن النبي صلى الله عليه وسلم وفي أسوء أحوالها فإنها كتبت في أول سنة من خلافة عثمان رضي الله عنه .

            المحتوى :
            تحتوي مخطوطة بريمنغهام على أجزاء من سورة مريم وطه والكهف
            مريم الآيات 91-98
            طه الآيات 1-40
            الكهف الآيات 17-31

            أهميتهما وتطابقها :
            محتوى المخطوطة (من آيات القران ) مطابق تماماً للمصاحف العثمانية التي عندنا اليوم ولا اختلاف بينها وبين ما عندنا اليوم، وهي شاهد حي لمن يتحجج بالمخطوطات على الموثوقية النصية للقرآن الكريم وتناقله عبر الأجيال.

            يقول الدكتور ديفيد ثوماس عن هذه المخطوطة :
            ​​​​​​According to Muslim tradition, the Prophet Muhammad received the revelations that form the Qur’an, the scripture of Islam, between the years AD 610 and 632, the year of his death. At this time, the divine message was not compiled into the book form in which it appears today. Instead, the revelations were preserved in “the memories of men”. Parts of it had also been written down on parchment, stone, palm leaves and the shoulder blades of camels. Caliph Abu Bakr, the first leader of the Muslim community after Muhammad, ordered the collection of all Qur’anic material in the form of a book. The final, authoritative written form was completed and fixed under the direction of the third leader, Caliph Uthman, in about AD 650.

            ‘Muslims believe that the Qur’an they read today is the same text that was standardised under Uthman and regard it as the exact record of the revelations that were delivered to Muhammad.

            ‘The tests carried out on the parchment of the Birmingham folios yield the strong probability that the animal from which it was taken was alive during the lifetime of the Prophet Muhammad or shortly afterwards. This means that the parts of the Qur’an that are written on this parchment can, with a degree of confidence, be dated to less than two decades after Muhammad’s death. These portions must have been in a form that is very close to the form of the Qur’an read today, supporting the view that the text has undergone little or no alteration and that it can be dated to a point very close to the time it was believed to be revealed.’

            https://www.birmingham.ac.uk/news/la...41BdezjUHWUizM

            و نقرأ من Investigation on the Ancient Quran Folios of Birmingham الصفحة التاسعة
            توثيق الدكتور حليم سيود لما في هذه المخطوطة ومطابقتها لما في القرآن، ولذا يختم بحثه ليقول أن المخطوطة دليل حي على موثوقية النص القرآني وحفظه من التغيير.
            ​​​​​​Consequently, and since the ancient Birmingham scripture was found to be similar to the present holy scripture, it appears that the Quran has been safely preserved during the last 14 centuries without alteration. Hence, if the radiocarbon dating is quite accurate, we can say that this new discovery confirms that the present holy book represents an authentic copy of the first original Quran that was recited by the Prophet fourteen centuries ago.
            http://sayoud.net/Folio_investigation.pdf

            يتبع مع النص السفلي لمخطوطة صنعاء....
            التعديل الأخير تم بواسطة إيمان يحيى; 25 ينا, 2020, 04:24 ص.

            تعليق


            • #7
              2. مخطوطة صنعاء (النص السفلي) .
              تتميز مخطوطات صنعاء بأنها تحتوي على طبقتين من النصوص : سفلي وعلوي
              أما العلوي فلا خلاف أنه تم بعد النسخ العثماني وأنه موافق للقراءة العثمانية.
              أما السفلي فهو يعود لزمن ما قبل النسخ العثماني ومتأخر عن مخطوطة بريمنغهام.

              وقبل الحديث عن مخطوطة صنعاء نحب أن نعرج على المناهج المتبعة في دراسة وتحليل النص السفلي لمخطوطة صنعاء و هي على ثلاثة مذاهب :
              1. المذهب التشكيكي النقدي : وهو المذهب القائم على رفض كل التراث الشفهي والاعتماد فقط على المخطوطات أو بالأحرى اتباع ما يخرجه رمل الأرض لنا. وهذا مذهب متزمت قائم على إنكار كل التراث الاسلامي فلا هو اعترف بالقراءات متواترها ولا حتى شاذها وضعيفها، ولا اعترف بالروايات الصحيحة ولا حتى الضعيفة، بل لا يقر أصلا أو لا يهمه ولا يدخل في اعتباره الجمع البكري ولا النسخ العثماني!!!! ومن هذه المدرسة جيرد بوين الذي أصبحت مخطوطة صنعاء ترتبط باسمه ارتباطاً وثيقاً.

              2. مذهب المخطوط التعليمي : وهو المذهب القائل بأن النص السفلي لمخطوطة صنعاء ليس إلا نصاً تعليمياً ناتجاً عن كتابة تلميذ وتصحيح معلم، وإن القراءات المخالفة في النص السفلي كلها ناتجة عن كون هذا النص مكتوباً من قبل تلميذ يكتب من ذاكرته الضعيفة وحفظه المضطرب، ومن أنصار هذا المذهب الدكتورة أسماء الهلالي. وإن كان المذهب الأول متزمتاً فإن هذا المذهب يمتاز بأنه متراخٍ بل متراخٍ جداً، ومن باب الإنصاف فإننا نرفضه كما رفضنا المذهب الأول إذ لا دليل حقيقي عليه .

              3. المذهب الجامع للتراث الإسلامي : وهو المذهب القائم على دراسة النص السفلي لمخطوطة صنعاء في ضوء التراث الاسلامي وما تحكمه الروايات التاريخية، مع الأخذ بعين الاعتبار تراث القراءات (المتواترة والشاذة والضعيفة) وكذلك الروايات التاريخية من المصادر الاسلامية التي تتحدث عن النسخ العثماني وآلية جمع القرآن كتابةً وكيفية تناقله. ومن أنصار هذا المذهب الدكتور بيهنام صديقي، وللإنصاف فإننا وإن كنا لا نوافق على بعض ما صدر من أنصار هذا المذهب إلا أننا نراه الأفضل بين الثلاثة.

              ولذلك فإن كلامنا عن النص السفلي لمخطوطة صنعاء سيعتمد على البحث الذي قدمه الدكتور بيهنام صديقي والمسمى
              The Codex of a Companion of the Prophet and the Quran of the Prophet
              https://bible-quran.com/wp-content/u...p8qLxzb1a3bKtY

              وسنبين من خلال هذا البحث والاقتباس منه أن :
              1. قراءات المصاحف العثمانية هي الأصح تمثيلا لقراءة النبي صلى الله عليه وسلم.
              2. أن مخطوطة صنعاء في أحسن أحوالها لا تتجاوز أن تكون قراءة شاذة مشمولة ضمن الأحرف السبعة (مما لم يقرأ في العرضة الأخيرة).
              3. أن مخطوطة صنعاء لا يمكن أن نعتبرها قراءة أقدم من القراءات العثمانية بل في أحسن أحوالها كما ذكرنا أنها قراءة من القراءات الداخلة في الأحرف السبعة
              .

              و يمكن لنا أن نقسم الاختلافات بين النص السفلي والقراءات العثمانية إلى قسمين :
              الأول : قراءات مخالفة للمصاحف العثمانية والقراءات الشاذة وهذا الأغلب.
              الثاني : قراءات مخالفة للمصاحف العثمانية وموافقة لبعض القراءات الشاذة (وهذا أقل من الأول).
              الثالث : أخطاء من الكاتب سواءً كان سهواً في الكتابة أو خطأ ناتج عن اضطراب من حفظ القارئ (وسنذكر أمثلة على هذا النوع دون الخوض في التفاصيل).

              نبدأ أولا بتاريخ النص السفلي للمخطوطة :
              يعود تاريخ المخطوط بعد التحليل الكربوني لها إلى الفترة ما بين 578 إلى 669 ميلادية بنسبة 95٪ ، والتحليل أيضاً يفيد بأن النص السفلي لا يتعدى سنة 646 ميلادية (السنة الأولى أو الثانية من خلافة عثمان رضي الله عنه) بنسبة 75.1 ٪ . فهي بهذا التحليل ثاني أقدم نص بعد نص مخطوطة برمنغهام .

              "ومع ذلك، ولأسباب تاريخية، فإن الأمر الأكثر أهمية هو احتمال أن يكون الرق أقدم من التاريخ المعين. يتم احتساب مثل هذه الاحتمالات بسهولة وهي موضحة في الجدول (١). كما أن احتمال أن يكون الرق أقدم من عام ٦٤٦م هو ٧٥.١% ، أو (ثلاثة إلى واحد). لذلك فمن المرجح جداً أن المخطوطة صنعاء١ يرجع تاريخها إلى مالا يزيد عن ١٥ عام بعد وفاة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم-".
              الجدول١.. نتيجة التأريخ بالكربون المشع، يورد الرسم البياني في خمس سنوات الزيادات في احتمالية أن تكون المخطوطة أقدم من تاريخ معين (م)، بينما الجدول على اليمين يعطي الاحتمالات لسنين محددة."


              اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	Screen Shot 2020-01-06 at 10.22.31 PM.png  مشاهدات:	130  الحجم:	190.0 كيلوبايت  الهوية:	810312






              وكما قلنا فإن النص السفلي يرجع نوع الاختلافات التي فيه عن مصاحفنا إلى الثلاثة أنواع التي ذكرناها سابقاً والمشتملة على أخطاء وقراءات مخالفة.

              وقبل الدخول إلى القراءات المخالفة نذكر أنواع الأخطاء التي ذكرها بيهنام في بحثه والتي احتوتها مخطوطة صنعاء
              ويذكر بيهنام في بحثه في الصفحات 386- 389 ولن ننخرط كثيراً في تفاصيل هذه الأخطاء بل سنكتفي بعرض ما ذكره بيهنام فقط ونتركها للقارئ

              يقول : "
              الاختلافات الناتجة عن عملية الإملاء تميل إلى اتباع أنماط معينة تأثراً بقصور الذاكرة البشرية، ويمكن تسمية أبسط هذه الاختلافات باسم "اختلافات المستوى الأول". وتُعد اختلافات المستوى الأول هي الأكثر احتمالاً في وقوعها وبالتالي الأكثر شيوعاً. وتحدث بسبب محدودية الذاكرة ويمكن لمثل هذه الاختلافات أن تقع حتى في ظل الإملاء المتسم بالدقة لدرجة مقبولة. ومع ذلك فيمكن للاختلافات أن تتجاوز "المستوى الأول" في حالة عدم تحري الكاتِب الدقة أو إذا تم الإملاء بسرعة أكبر أو إذا زاد الوقت بين الإملاء وبين التدوين.

              بشكل أدق يمكن تعيين اختلافات المستوى الأول تحت خمسة عناوين رئيسية:
              1. اختلافات في العناصر الثانوية. وأشير بهذا المصطلح "الثانوية" – اختصاراً- إلى أكثر العناصر شيوعاً في الاستخدام اللغوي. وهي أكثر أنواع المورفيم -الوحدة الصرفية- عرضة إلى الإضافة أو الحذف أو الاستبدال نظراً لصعوبة تذكرها. وتلك العناصر الثانوية تتضمن المورفيم الوظيفي كالحروف وأدوات التعريف وحروف العطف وحروف الجر والضمائر وبعض البادئات واللاحقات. كما تتضمن العناصر الثانوية أيضًا مورفيم مثل "الله" والتي وردت ٢٦٨٩ مرة في القرآن. ومن بين أكثر المتغيرات نجد كلاً من "و" و "فـ" . وبينما نرى مثل هذه الاختلافات ظاهرة في النقل المكتوب إلا أنها تظهر بصورة أكبر في حالة الإملاء الشفهي.

                التذييل رقم ١ يوضح أنه في C-1 يوجد ٣٥ اختلافاً ثانوياً مع "عثمان" تتضمن ١٢ حذف و١٩ استبدال (منهم ٨ اختلافات في الضمائر الشخصية). وأربعة إضافات. تجدر الإشارة إلى وجود تطابق وثيق بين C-1 و عثمان، وأن هذه الاختلافات هي الاستثناء وليست القاعدة حتى عندما يتعلق الأمر بالعناصر الثانوية. هذا لا يدع مجالًا للشك في أن عملية النقل كانت تنطوي على الكتابة (والإملاء كذلك) بدلاً من أن يكون النقل شفهيًا بحتًا. أما باقي أنواع اختلافات المستوى الأول فهي تنطبق على العناصر غير الثانوية أو "الرئيسية" والتي تشكل نسبة كبيرة من الاختلافات الناتجة عن عملية الإملاء مقارنة بما يحدث في حالة النسخ الكتابي وذلك نتيجة لاعتماد عملية الإملاء على الذاكرة بشكل كبير.
              2. حذف العناصر الرئيسية: كثيراً ما ننسى شيئاً ما أو نتذكر شيئاً بشكل مختلف عن تذكرنا لشيء لم نسمعه مطلقاً. وبالتالي فإن الكلمات تُغْفَل أو تُغير بسهولة أكثر من أن تُضاف. وعلاوة على ذلك، فإنه من الأسهل نسيان كلمة إذا كانت بنداً في قائمة. وسواءً كان التدوين عن طريق الإملاء أو النسخ الكتابي فإننا نجد في كليهما أن نسبة الإسقاطات أكثر احتمالا للوقوع مقارنةً بنسبة الإضافات. وبشكل عام٨٤ سواء كان التغير بسيطاً أو كان حذفًا فإنه لا يحتاج تفسيرًا خاصًا لكيفيةِ حدوثِه. ، بل إن حدوث التغير مفهومٌ أكثر إن كان يتضمن كليهما (تغير بسيط وحذف). وعلى النقيض، إن كان الاختلاف إضافة فلا يمكن اعتبار هذا الاختلاف من المستوى الأول بديهياً ، بل يجب علينا أن نتسائل حول ما إذا كانت هناك آلية للمستوى الأول نستطيع من خلالها تعيين كيفية حدوث ذلك مثل التلوث الذاتي.
              3. التلوث الذاتي: يشير إلى تأثير جزء من النص القرآني على جزء آخر ضمن نفس التقليد النصي. وهذا لتمييزه عن التلوث المتبادل والذي يشير إلى تقليد نصي واحد. لنقُل مثلًا أن C1 تأثر عند نقطةٍ معينة بتقليدٍ نصي آخر، لنقل عثمان أو ابن مسعود. والتلوث الذاتي ٥٨ له شكلان مختلفان: (أ) استيعاب المرادفات (ب) استيعاب المعاني القريبة
                أ) استيعاب المتشابهات: ويشير هذا إلى كاتبٍ يُغير النص ليجعله أكثر تماثلُا مع نص مشابه في نفس العمل المنقول (التلوث الذاتي) أو في فرع آخر للتقليد النصي (التلوث المتبادل). والنوع الأول من نوعي استيعاب المتشابهات عن طريق التلوث الذاتي هو محل الدراسة هنا.
                القرآن هو – وكما يصف نفسه – "متشابه" (القرآن ٣٩ ، ٢٣). فهو مليء بالعبارات والجمل المتكررة والتي تختلف فيما بينها فقط في كلمة أو كلمتين أو عدة كلمات. وهذا هو السبب، وحتى في يومنا هذا، أن يجد حفظة القرآن أنفسهم يقومون بإضافة أو استبدال كلمة عن غير قصد إذا ما ظهرت تلك الكلمة المضافة في فقرة مشابهة في آية أخرى. معرفة المرء بالعبارات الأخرى يُشكل وعيه وذاكرته عن الآية التي في متناول يده الآن وتتسبب في الاستبدال والإضافة وإغفال الكلمات أو العبارات من أجل الوصول لحالة من التماثل بين النصوص. أما في الإملاء، فإن كلا من السمع والذاكرة يتم تشكيلهم من خلال تداول النص القرآني. واستيعاب المتشابهات يحدث أثناء التدوين بالنسخ ولكننا نراه أكثر أثناء التدوين بالإملاء نظراً لاعتماد عملية التدوين بالإملاء على الذاكرة.
                الحذف أو التغيير البسيط لا يحتاج أي شرح إضافي حيث أنه من الممكن وقوعه بطبيعة الحال كتغيير من المستوى الأول. وإذا كان المتغير أيضاً معرضاً للوقوع تحت التلوث الذاتي فإن احتمالية وقوعه تصبح أكثر منطقية.

                بينما تختلف إضافات العناصر الأساسية، حيث أنها لا تقع ببساطة مثل الحذف. فلا يمكن اعتبارها تغييرات من المستوى الأول إلا في حالة وجود آلية للمستوي الأول يمكنها شرح التغير (علي سبيل المثال: استيعاب المتشابهات).
                ب) استيعاب المعاني القريبة : من المحتمل أن يتم استخدام كلمة عن طريق الخطأ في مكان معين إذا كان قد سبق استخدامها في عبارة أو مقطع سابق. أو توجد كلمة عالقة بذهن الشخص سمعها منذ لحظات ويتوقع أن يسمعها قريباً بسبب الألفة مع أسلوب النص القرآني وبالتالي يمكن لهذه الكلمة أن تدس نفسها إلى النص المكتوب" *.
              4. في حالة التبديلات الرئيسية يظهر تأثير المحادثات السماعية بسبب تعدد الأبعاد السماعية (يقصد مثل تشابه بعض الكلمات في السماع أو عدم وضوح الصوت أثناء تلقي الكلمات مما يعد سبباً رئيسياً لوجود اختلافات بين المصاحف المختلفة "المترجم") وفي حالة إبدال متغير رئيسي فسوف يكون في معظم الحالات مشابهًا في النطق للكلمة الأصلية. ومن أمثلة ذلك نجد نفس الكلمات ولكن بترتيب مختلف أو نجد فعلا قد تم استبداله بفعل آخر من نفس الجذر اللغوي. وفي الجدول التالي نرى أمثلة أكثر توسعاً من أنواع التبديلات الرئيسية للمحادثات السماعية في العمود الأيسر من الجدول رقم ٦

                الجدول رقم ٦. أنواع التبديلات الرئيسية في المحادثات السماعية مع أمثلة
                اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	image.png  مشاهدات:	0  الحجم:	146.7 كيلوبايت  الهوية:	810637






                ومن إجمالي ٢٥ حالة من التبديلات ، ومنها علي سبيل المثال ، اختلافات بين كلٍ من مصحف C-1 ومصحف عثمان تم فيها استخدام كلمات أو عبارات مختلفة ، نجد أن ١٨ حالة منهم تتضمن متغيرات متشابهة في النطق بينما نجد ٧ حالات فقط لا تتشابه متغيراتها في النطق. الملحق رقم (١) يتضمن الاختلافات (في العناصر الرئيسية) بين مصحف C-1 ومصحف عثمان المصنفة تحت بند المحادثات السماعية بينما الملحق رقم (٢) يتضمن الاختلافات غير الواقعة تحت هذا البند.
              5. الاعتياد على المصطلحات / التعابير المتكررة: التغييرات من نوع المستوي الأول لا ينتج عنها أي إضافات – وإن نتج عنها تكون طفيفة للغاية ولا يمكن أخذها في التعبير كعامل للتأثير التلقائي في النص. وإن حدث ووجدت هذه الإضافة على أية حال فلابد أن تكون إحدى الكلمات المستخدمة بشكل متكرر. وتغييرات المستوى الأول لا تتضمن إضافة كلمة غريبة أو غير متوقعة في سياق النص على أي حال.
              اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	Screen Shot 2020-01-06 at 10.34.33 PM.png  مشاهدات:	120  الحجم:	217.3 كيلوبايت  الهوية:	810313










              اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	Screen Shot 2020-01-06 at 10.34.44 PM.png  مشاهدات:	122  الحجم:	246.1 كيلوبايت  الهوية:	810314










              اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	Screen Shot 2020-01-06 at 10.34.53 PM.png  مشاهدات:	118  الحجم:	319.1 كيلوبايت  الهوية:	810315










              اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	Screen Shot 2020-01-06 at 10.35.03 PM.png  مشاهدات:	117  الحجم:	296.6 كيلوبايت  الهوية:	810316




              أما القراءات المخالفة للقراءات العثمانية :
              فكما ذكرنا من قبل هناك بعض القراءات التي وافقت بعض القراءات الشاذة المروية عن بعض الصحابة رضوان الله تعالى عليهم إلا أنها قليلة مقارنةً بتلك القراءات المخالفة الموجودة في النص السفلي لصنعاء بل إنه حينما يتعلق الأمر بالاختلافات فإن مصحف صنعاء يتفق مع القراءات الشاذة لابن مسعود وأبي بن كعب رضي الله عنهما في نوع الاختلاف وليس في نص أو حرفية الاختلاف، ولذا فإن بيهنام يستنتج أن القراءات المخالفة في صنعاء تجعل من نص مصحف صنعاء نصاً مغايراً ومختلفاً عن ما روي من مصاحف بعض الصحابة كابن مسعود وأبي بن كعب رضي الله عنهما فهو يمثل قراءة لمصحف لحاله .
              وهذا ما قاله بيهنام صديقي في الصفحة 360 من بحثه: "تم تسجيلها في العديد من المصاحف بالخط الحجازي.
              يمكن الجزم بعدم مطابقة النص السفلي للمصحف العثماني من خلال شيئين:
              الأول : الاختلاف اللفظي مع المصحف العثماني يوضح بأنها نوع مختلف من النصوص القرآنية وبالتالي فإنها قد تنتمي إلي فرع مختلف من النموذج الجذعي – شجرة العائلة-. بجانب وجود اختلافات مشابهة في طبيعتها لتلك الاختلافات التي تم رصدها في المصاحف الأخرى.
              الثاني: ترتيب السور، ففي الورقة البحثية الخاصة ب "كريستي" نجد أن السور (الجمعة – المنافقون – الفجر – البلد) تظهر في هذا الترتيب الذي نجده قريباً من ترتيب السور في مصحف أبي بن كعب – وهذه نقطة سيتم مناقشتها لاحقاً – (ص 51). أما فيما يتعلق بالصياغة فإننا نجد أن النص السفلي يوافق المتغيرات الموجودة بالمصاحف غير العثمانية في مواضع قليلة كما هو موضح بالجدول رقم 4 ومع ذلك، كقاعدة عامة، لا نجد هذه المتغيرات -غير العثمانية- في مصحف C-1 كما أننا لا نجد أيضاً متغيرات مصحف C-1 في هذه المصادر. وبالتالي يجب عدم إدراج مصحف C-1 ضمن باقي المصاحف التي بها متغيرات تم تعيينها بمصاحف ابن مسعود وأبي بن كعب، فهو يمثل مصحفاً مستقلا ونسقاً نصياً متفرداً.".
              اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	Screen Shot 2020-01-06 at 10.46.44 PM.png  مشاهدات:	116  الحجم:	164.7 كيلوبايت  الهوية:	810317






              ثم يقوم الدكتور بيهنام بعمل دراسة بين النصوص الثلاثة وهي : قراءة المصاحف العثمانية - القراءات الشاذة المروية عن ابن مسعود رضي الله عنه - قراءة مصحف صنعاء لتحديد أيهم الأقدم.
              وحسب الدراسة فإن نص المصاحف العثمانية في معظم الأحوال يتفق مع نص الأغلبية بمعنى أنك في معظم الأحوال تجد:
              1. قراءة ابن مسعود رضي الله عنه مصطفة مع قراءة المصاحف العثمانية ومخالفة لمصحف صنعاء.
              2. قراءة مصحف صنعاء مصطفة مع القراءات العثمانية ومخالفة للقراءة الشاذة المروية عن ابن مسعود رضي الله عنه.
              وهذه إحدى الطرق التي استخدمها بيهنام صديقي لمعرفة أيهم النص الأقدم.


              نقرأ من بحث بيهنام صديقي في الصفحة 394 : "كيف يمكن تحديد النص القرآني الأقدم؟ الوسيلة لذلك هي : الجذعية (يقصد بمقارنة النصوص وتشكيل ما يعرف بشجرة العائلة وتحديد النص الأصلي -الجذع – الذي تفرعت منه القراءات الأخرى).
              سأحاول الآن بناء شجرة العائلة للنصوص (أو الجذعية) لثلاثة أنواع من النصوص (مصحف ابن مسعود ومصحف عثمان ومصحف C-1) بناءً علي أنماط الاتفاقات والاختلافات بينهم. ومن المثير للدهشة أن مصحف ابن مسعود يتفق مع مصحف C-1 في عدة مواضع كما هو مبين في الجدول رقم 4، ولكن ما يلفت النظر حقاً هو كم أن هذه الاتفاقات استثنائية. فعادةً عندما نجد اختلافاً بين مصحف عثمان ومصحف ابن مسعود (أو بين مصحف عثمان وأي مصحف آخر) فإن مصحف C-1 يتفق مع مصحف عثمان.
              بتعبير آخر فإننا -تقريباً في كل الاختلافات بين الثلاثة مصاحف- نجد أن مصحف عثمان يقف بجانب الأغلبية: فنجد إما مصحف عثمان ومصحف C-1 ضد مصحف بن مسعود، أو نجد في أحيان أخري مصحف عثمان ومصحف ابن مسعود ضد مصحف C-1.
              نادراً ما نجد مصحف عثمان متفرداً بنص، ونادراً أيضاً ما نجد إجماعاً من مصحف ابن مسعود ومصحف C-1 على مصحف عثمان، ولذلك نجد أن مصحف عثمان يحتل مكاناً متوسطاً بين المصحفين على النحو التالي:
              مصحف C-1 - مصحف عثمان – مصحف ابن مسعود

              ونرى أن هذا النموذج ينتج عنه ترابط وبيانات مختلفة نرصدها في النموذج الجذعي للنصوص تبعاً لصعود وهبوط عقد البيانات في النموذج الاحصائي، والقيود المفروضة على هذا النموذج الإحصائي تؤدي إلى تقليل عدد نقاط البيانات وحصرها من ستة عشر نقطة إلى ست نقاط فقط كما هو موضح في الرسم البياني التالي (أ) ووصولا للرسم البياني (ح). أما الحالات التي انخفضت فيها عقدة البيانات الخاصة بمصحف عثمان عن باقي المصاحف نجدها موضحة بالرسم البياني (ط).".
              اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	Screen Shot 2020-01-06 at 10.53.14 PM.png  مشاهدات:	112  الحجم:	223.8 كيلوبايت  الهوية:	810318






              وقد استخدم الدكتور بيهنام في بحثه طرقاً أخرى لإثبات ما قاله وصرح به منذ بداية كتابته للبحث وهو :
              أن قراءة المصاحف العثمانية تعتبر أفضل تمثيلا للقراءة النبوية من مصحف صنعاء .


              نقرأ هذا في الصفحة 364 من بحثه : " إن معرفتنا في هذه الأساسيات لا تعتمد على القبول بدون نقدٍ لتقارير الأشخاص (atar)، في أول جزئية معرفية لنا في هذا الخصوص، أن عثمان بن عفان هو من أسس للنسخة القياسية للقرآن، قد يلاحظ المرء نوعين من الحجج حول ذلك، الأولى مستوحاة عن طريق ملاحظة عابرة من حسين مُدرّسي عن الذاكرة الجمعيّةِ للمُجتَمعات الأولى، والأخرى مُستوحاة من الدراسات الحديثة لمايكل كوك وآخرين والتي أظهرت موثوقية القراءات القرآنية. أما المسألة الثانية، أن التركيبة الصرفية للنص العثماني جاءت تماماً كما أوردتها المصادر، بناءً على نتائج كوك في هذا الخصوص. ومن الممكن إضافة التأييد الظرفي لهذه الحجج لكي يتم عرضها في هذا النص: فالتحليل النصي يدل على أن النص العثماني يحفظ نموذج النص النبوي أفضل من ال C-1، وبعد فإن الكتابة الدنيا أقدم من العام ٦٥٦ بعد الميلاد، من المحتمل أنها تعود إلى الخمسة عشرَعاما بعد...

              اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	image.png  مشاهدات:	0  الحجم:	480.7 كيلوبايت  الهوية:	810597





              وهذا ما ختم به بحثه وأكد عليه في الصفحة 414 من بحثه بأن النقد النصي يشير الى أن قراءة المصاحف العثمانية هي القراءة الأفضل أمانة والأفضل تمثيلا للقراءة النبوية، فيقول: " في كل الأحوال، يُرجح النقد النصي بأن النسخة القياسية هي أكثر الممثلين أصالة من بين المخطوطات المعروفة للقرآن كما تم تلاوتها من قبل الرسول. هذا يَظهر للوهلة الأولى كصدفة غريبة، ولكن بعد ذلك لا يشكل أي مفاجأة: إذا كان هنالك أحد يمتلك من المصادر ما يجعله يختار النسخة ذات الموثوقية، فسيكون خليفة المسلمين، وإذا كان أحد أكثر خسارة بسبب إفساد هذه المهمة، مجدداً سوف يكون عثمان، والذي اعتمدت خلافته ذات الشرعية السياسية والفاعلية بشكل كامل على النوايا الحسنة لرفقائه والتي ميزت صحابة الرسول، أن الاختلافات القليلة والضئيلة الملاحظة في البنية الصرفية بين المخطوطات التي أرسلها عثمان للمدن تُعتبر دليلا آخر على العناية والاهتمام في العملية المعيارية وتوحيد المقاييس".
              اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	Screen Shot 2020-01-06 at 10.59.29 PM.png  مشاهدات:	112  الحجم:	116.2 كيلوبايت  الهوية:	810319




              يتبع....


              * الشكر موصول لفريق حراس العقيدة للترجمة: أحمد مقدادي و محمود العشري.
              الملفات المرفقة
              التعديل الأخير تم بواسطة إيمان يحيى; 25 ينا, 2020, 06:00 ص.

              تعليق


              • #8
                ومن هذا المنطلق فقد رد الدكتور بيهنام على من يتحجج بقدم أو أقدمية مصحف صنعاء على زمن النسخ العثماني للمصاحف بأن القول بأقدمية النص السفلي لا يعني إطلاقاً عدم وجود قراءة المصاحف العثمانية قبل زمن النسخ العثماني أو أن تلك القراءة ظهرت إلى العلن مع ظهور النسخ العثماني، بل على العكس إن القول بعدم وجود قراءة المصاحف العثمانية نظراً للأقدمية المتوفرة لمصحف صنعاء هو قول ساذج وسطحي لأنه حينها يمكن نسبة نفس الأقدمية لقراءة المصاحف العثمانية من ناحية التراث الشفهي، إذ أنها كانت أيضاً منتشرة قبل النسخ العثماني كما يثبت ذلك الدليل المخطوطي والتراث المحفوظ والمنطق السليم .
                اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	image.png  مشاهدات:	33  الحجم:	112.1 كيلوبايت  الهوية:	810732





                نقرأ من بحث الدكتور بيهنام صديقي في الصفحة 383 - 384 : " ثانياً، من السذاجة أن نقول، لأن الكتابة العليا جاءت بعد الكتابة السفلية في هذه المخطوطة بالذات، أن صياغة "القرآن العثماني" يجب أن تكون متأخرة عن C-1. هذا بمثابة افتراض أنه عندما ظهرت الكتابة العليا، فإنها مثلت مجمل التقليد العثماني، وهذا يعني أن صياغة مصحف عثمان لم تكن موجودة قبل ظهورها في هذه المخطوطة بالذات. لكن الكتابة العليا يجب أن تكون واحدة من بين عدد لا يحصى من المخطوطات العثمانية المتداولة، وهي حقيقة يدعمها سجل المخطوطات والأدلة الأدبية والحس السليم. من غير المحتمل أيضاً أن تمثل الكتابة الأدنى بداية ونهاية التقليد النصي في C-1. بمعنى آخر، يجب التمييز بين الكتاب كشيء مادي وبين الكتاب كنص، لأن الصياغة عادةً ما تكون أقدم من المخطوطة، وأنواع النصوص تكون دائماً أقدم من النصوص. وكون أن أحد المخططات تم إنتاجها بعد الأخرى لا يعني أن صيغتها جاءت لاحقًا. بل إن الطبقة العليا من مخطوطة صنعاء1 ، بدلاً من تصوير نشأة التقاليد النصية العثمانية، فإنها قد تُمثل تعديها على تقليد نصي في C-1 موازٍ معاصر. على الأقل، لا يمكن استبعاد هذا الاحتمال قبل التحليل".
                اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	image.png  مشاهدات:	0  الحجم:	822.9 كيلوبايت  الهوية:	810625




                وأما مصدر اختلاف المصاحف الثلاثة فإن بيهنام يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد يكون علم بهذه الاختلافات وأن هناك رواية من ابن مسعود رضي الله عنه تشرح لنا سبب هذه الاختلافات، ويحيل الدكتور بيهنام إلى رواية الأحرف السبعة التي ذكرها ابن أبي داود رحمه الله في كتابه المصاحف الجزء الأول باب رضاء عبد الله بن مسعود لجمع عثمان رضي الله عنه المصاحف: " حدثنا عبد الله، قال: حدثنا عبد الله بن سعيد ، ومحمد بن عثمان العجلي ، قالا: حدثنا أبو أسامة ، قال: حدثني زهير ، قال: حدثني الوليد بن قيس ، عن عثمان بن حسان العامري ، عن فلفلة الجعفي ، قال: فزعت فيمن فزع إلى عبد الله في المصاحف، فدخلنا عليه، فقال رجل من القوم: إنا لم نأتك زائرين، ولكنا جئنا حين راعنا هذا الخبر، فقال: " إن القرآن أنزل على نبيكم من سبعة أبواب على سبعة أحرف، أو حروف، وإن الكتاب قبلكم كان ينزل، أو نزل من باب واحد على حرف واحد، معناهما واحد "

                وقد وردت الرواية نفسها في مسند الإمام أحمد رحمه الله، وقد صححه الشيخ أحمد شاكر في تحقيقه لمسند الإمام أحمد و قال ((إسناده صحيح ))، وذكرها الإمام الألباني رحمه الله في الجزء الثاني من السلسلة الصحيحة وقال : ((إسناده جيد موصول))، بينما ضعفه المحقق شعيب الأرنؤوط رحمه الله في تخريجه لمسند الإمام أحمد وقال (( إسناده ضعيف))
                وأشار الإمام الهيثمي رحمه الله في مجمع الزوائد الجزء السابع إلى وجود مجهول في السند.

                يقول بيهنام: "مع الأخذ في الاعتبار أنه قد تم حث المؤمنين على تلاوة القرآن قدر الإمكان (سورة المزمل الآية رقم 20) فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو ما إذا كان النبي على علم بوجود بعض هذه الاختلافات أم لا ... وإن كان يعلم، فماذا كانت ردة فعله تجاه ذلك. ربما قال ابن مسعود هذه الكلمات المنسوبة إليه وربما لا ولكنها بلا شك تمثل أحد أوائل النظريات التي تفسر الفوارق بين مصاحف الصحابة.
                (عن أبو اسامه عن زهير عن الوليد بن قيس عن عثمان بن حسن الاميري عن فلفلة الجعفي قال: فزعت فيمن فزع إلى عبد الله في المصاحف، فدخلنا عليه، فقال رجل من القوم: إنا لم نأتك زائرين، ولكنا جئنا حين راعنا هذا الخبر، فقال: إن القرآن أنزل على نبيكم من سبعة أبواب على سبعة أحرف، أو حروف، وإن الكتاب قبلكم كان ينزل، أو نزل من باب واحد على حرف واحد، معناهما واحد).



                والتقرير هنا يفترض بأن النبي قد أقر قراءة ابن مسعود للقرآن، كما أقر مصحف عثمان. وليس من الصعب تخيل أن يقرأ كتبةٌ متعددون لقراءاتٍ مختلفة جميعاً على النبي. وهذا ما توافق مع قبوله الضمني عندما قاموا بفعل ذلك. وحتى الآن، يجب التأكيد على أنه لا يوجد في وقتنا الحاضر أي أدلة قطعية مع أو ضد هذا. على أي حال فإن كان الرسول قد وافق ضمنياً على أكثر من رواية، فإن هذا لا يعني بالضرورة أن جميع القراءات تتساوى من حيث دقة التلاوة كما خرجت من فمه".
                اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	image.png  مشاهدات:	3  الحجم:	753.5 كيلوبايت  الهوية:	810599





                اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	image.png  مشاهدات:	3  الحجم:	245.7 كيلوبايت  الهوية:	810600





                وعلى هذا فإن قراءة مصحف صنعاء لا تخرج في حقيقتها في أحسن أحوالها عن كونها مجرد قراءة شاذة ضمن قراءات الأحرف (التي لم تقرأ في العرضة الأخيرة) حالها حال بعض القراءات الشاذة المروية عن ابن مسعود وأبي بن كعب رضي الله عنهما. قال الإمام ابن الجزري رحمه الله في كتابه النشر في القراءات العشر الجزء الأول المقدمة :
                .
                ((وكان اتفاقهم على حرف واحد يسيراً عليهم، وهو أوفق لهم أجمعوا على الحرف الذي كان في العرضة الأخيرة، وبعضهم يقول إنه نسخ ما سوى ذلك؛ ولذلك نص كثير من العلماء على أن الحروف التي وردت عن أبي وابن مسعود وغيرهما مما يخالف هذه المصاحف منسوخة)).



                و نضيف أيضاً :
                أن مصحف صنعاء ليس بحجة لما ذكرناه آنفا من أن المخطوطات ليست بحجة أضف إلى هذا العلل التالية :
                1. افتقاد المخطوطة للسند.
                2. جهالة الكاتب وبالتالي افتقادنا لدرجة ضبط و حفظ الكاتب للمخطوطة.
                3. مخالفة المصحف لما أجمع عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
                4. مخالفة المصحف للرسم العثماني وقراءة المصاحف العثمانية والتي طابقت ما في مصحف أبي بكر رضي الله عنه مما جمعه زيد بن ثابت رضي الله عنه في خلافته وهو الموافق للعرضة الأخيرة كما في رواية سمرة بن جندب رضي الله عنه.
                5. مخالفة ما ورد في السنة الصحيحة أو ما ورد عن بعض السلف من الصحابة وما بعدهم في التفاسير في قراءة الآيات حيث جاءت موافقة لما عندنا في المصاحف و مخالفة لما ورد في هذه المخطوطة المتأخرة.

                مثال 1 : الآية 19 في سورة التوبة : (( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِين )) جاءت في مخطوطة صنعاء كما ذكر النصراني (وجاهد) بالمفرد بينما نقرأ في سنن البيهقي كتاب السير باب في فضل الجهاد في سبيل الله:

                17925 ( أخبرنا ) أبو علي الروذباري ، وأبو عبد الله الحافظ قالا : ثنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن أيوب ، ثنا أبو حاتم الرازي ( ح وأخبرنا ) أبو عبد الله ، أخبرني أحمد بن محمد بن عبدوس ، ثنا عثمان بن سعيد الدارمي ، قالا : ثنا أبو توبة ، ثنا معاوية - يعني ابن سلام - عن زيد هو ابن سلام - أنه سمع أبا سلام قال : حدثني النعمان بن بشير - رضي الله عنه - قال : كنت عند منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رجل : لا أبالي أن لا أعمل عملا بعد الإسلام إلا أن أعمر المسجد الحرام . وقال الآخر : الجهاد في سبيل الله أفضل مما قلتم . فزجرهم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ثم قال : لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يوم الجمعة ، ولكني إذا صليت الجمعة دخلت فاستفتيته فيما اختلفتم فيه . فأنزل الله - عز وجل : ( أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله ) . . الآية . رواه مسلم في الصحيح ، عن الحسن بن علي الحلواني ، عن أبي توبة

                مثال 2: الآية 107 من سورة التوبة : ((وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ)) جاءت في مخطوطة صنعاء : (وارصادا للذين حاربوا الله) بينما نقرأ في تفسير الطبري رحمه الله :
                ((17196 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن أيوب عن سعيد بن جبير في قوله : ( والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا ) قال : هم حي يقال لهم : " بنو غنم " . قال : أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة قالت : ( وإرصادا لمن حارب الله ورسوله ) أبو عامر الراهب انطلق إلى الشأم ، فقال الذين بنوا مسجد الضرار : إنما بنيناه ليصلي فيه أبو عامر . ))

                مثال 3: الآية 108 من سورة التوبة : ((لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ)) جاءت في مخطوطة صنعاء (ان الله يحب المتطهرين) بينما نقرأ :
                سنن الترمذي كتاب تفسير القرآن
                3100 حدثنا محمد بن العلاء أبو كريب حدثنا معاوية بن هشام حدثنا يونس بن الحارث عن إبراهيم بن أبي ميمونة عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال نزلت هذه الآية في أهل قباء فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين قال كانوا يستنجون بالماء فنزلت هذه الآية فيهم قال هذا حديث غريب من هذا الوجه قال وفي الباب عن أبي أيوب وأنس بن مالك ومحمد بن عبد الله بن سلام
                صحح الإمام الألباني الحديث في صحيح وضعيف سنن الترمذي الحديث رقم 3100 و قال (صحيح)

                مثال 4: الآية 113 من سورة التوبة : ((مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ)) جاءت في مخطوطة صنعاء ( و ما كان للنبي و المؤمنين ان يستغفروا للذين اشركوا) بينما نقرأ :
                سنن الترمذي كتاب تفسير القرآن :
                3101 حدثنا محمود بن غيلان حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن أبي إسحق عن أبي الخليل كوفي عن علي قال سمعت رجلا يستغفر لأبويه وهما مشركان فقلت له أتستغفر لأبويك وهما مشركان فقال أوليس استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين) قال أبو عيسى هذا حديث حسن قال وفي الباب عن سعيد ابن المسيب عن أبيه.
                حسن الحديث الإمام الألباني رحمه الله في صحيح وضعيف سنن الترمذي وقال (حسن)

                مثال 5 : الآية 74 من سورة التوبة : ((يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ )) جاءت في مخطوطة صنعاء بدون عبارة (و كفروا بعد اسلامهم) بينما نقرأ :
                في تفسير ابن أبي حاتم رحمه الله :
                [10401] حدثنا أبي , ثنا الحسن بن الربيع, ثنا عبد الله بن إدريس, قال ابن إسحاق : فحدثني الزهري , عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك , عن أبيه، عن جده كعب قال: لما نزل القرآن فيه ذكر المنافقين وما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال الجلاس: والله لئن كان هذا الرجل صادقا لنحن أشر من الحمير. قال: فسمعها عمير بن سعد فقال: والله يا جلاس, إنك لأحب الناس إلي، أحسنهم عندي أثرا أو أعزهم علي أن يدخل عليه شيء يكرهه، ولقد قلت مقالة لئن ذكرتها لتفضحنك، ولئن سكت عنها لتهلكني، ولأحدهما أشر علي من الأخرى، فمشى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ما قال الجلاس، فحلف بالله ما قال عمير، ولقد كذب علي، فأنزل الله يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم .

                مثال 6 : الآية 80 من سورة التوبة : ((اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)) جاءت في مخطوطة صنعاء (لا يغفر الله لهم) بينما نقرأ :
                سنن الترمذي كتاب تفسير القرآن:
                3097 حدثنا عبد بن حميد حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن محمد بن إسحق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس قال سمعت عمر بن الخطاب يقول لما توفي عبد الله بن أبي دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة عليه فقام إليه فلما وقف عليه يريد الصلاة تحولت حتى قمت في صدره فقلت يا رسول الله أعلى عدو الله عبد الله بن أبي القائل يوم كذا وكذا كذا وكذا يعد أيامه قال ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتبسم حتى إذا أكثرت عليه قال أخر عني يا عمر إني خيرت فاخترت قد قيل لي (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم) لو أعلم أني لو زدت على السبعين غفر له لزدت قال ثم صلى عليه ومشى معه فقام على قبره حتى فرغ منه قال فعجب لي وجرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ورسوله أعلم فوالله ما كان إلا يسيرا حتى نزلت هاتان الآيتان (ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره) إلى آخر الآية قال فما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده على منافق ولا قام على قبره حتى قبضه الله قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح غريب.
                وصحح الإمام الألباني رحمه الله الحديث في صحيح وضعيف سنن الترمذي حيث قال ((صحيح))

                و هذه النقطة الأخيرة لم يستخدمها بيهنام في بحثه فأحببت أن أضعها هنا لتكون شاهداً للقراءات العشر وحجة على من يطعن فيها باستخدام مصحف صنعاء
                يتبع مع المخطوطات بعد زمن النسخ العثماني....


                * الشكر موصول لفريق حراس العقيدة للترجمة: أحمد مقدادي و محمود العشري.
                التعديل الأخير تم بواسطة إيمان يحيى; 25 ينا, 2020, 08:07 ص.

                تعليق


                • #9
                  ثانياً : مخطوطات ما بعد النسخ العثماني .
                  وهذه المخطوطات موافقة في معظمها لقراءة المصاحف العثمانية ونستعرض على سبيل المثال لا الحصر بعضاً من المخطوطات المشهورة خلال هذه الفترة :

                  1. مخطوطة طوب قابي سراي .
                  ​​​​​​التاريخ :

                  أواخر القرن الهجري الأول إلى بداية القرن الهجري الثاني.
                  بداية القرن الثامن الميلادي إلى منتصف القرن الثامن الميلادي.

                  المحتوى:
                  القرآن كاملا إلا ورقتين تحتويان على الآيات 3-8 من سورة المائدة والآيات 17-33 من سورة الإسراء.

                  المخطوطة كتبت بالخط الكوفي وهي أحد المصاحف التي تنسب خطأ وزوراً إلى عثمان رضي الله عنه وسنعتمد على كتاب المصحف الشريف المنسوب إلى عثمان بن عفان لطيار آلتى كولاج
                  http://ia600503.us.archive.org/1/ite...moa/msmoap.pdf

                  وبعد تحليل محتوى المصحف نجد أن قراءة مصحف طوب قابي موافقة لقراءة المصاحف العثمانية من بداية (( بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين )) في سورة الفاتحة إلى قوله تعالى : (( من الجنة و الناس)) في سورة الناس كما قال الدكتور طيار ألتى كولاج في خاتمة بحثه لمصحف طوب قابي:

                  "أما مصحف طوپقاپی، فقد ظل محفوظاً منذ عصور في المكتبات كمصحف قيل إنه ملك سیدنا عثمان بن عفان، وكانت آخر محطة توقف فيها هي مكتبة متحف طوپقاپی، ولم يحدث قبل هذه الدراسة أن قام أحد بقراءته وتدقيقه من أوله لآخره. فهل هناك حقاً تناظر أو توافق بينه وبين المصاحف التي تقرأ اليوم في شتى بلدان العالم؟ لم يكن هناك أحد يعلم شيئاً عن ذلك. أو إلى أي مدى كانت قواعد التلاوة التي تناقلتها الألسنة تتفق في أدائها مع إملائه؟ وهذا الموضوع أيضاً لم يكن هناك من قال شيئاً فيه. وتجدر الإشارة إلى أننا عندما قررنا تدقيقه ونشره كنا نضع كل تلك الأسئلة في الاعتبار، ولطالما عشنا أوقاتاً مثيرة إزاء هذه الخطة حتى تم الانتهاء من دراسته وكتابة نصه على الكمبيوتر. وقد رأينا عند انتهاء الكتابة أن : هذا المصحف الذي يبدأ بقوله تعالی: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين» وينتهي بقوله « من الجنة والناس» وجرى استنساخه قبل نحو ثلاثة عشر قرناً من الزمان إنما هو في تطابق تام مع المصاحف التي يقرؤها الناس اليوم على وجه البسيطة. أو بمعنی أصح فإن نسخ المصاحف التي تجري قراءتها اليوم تتطابق مع هذا المصحف الذي كتب قبل نحو ثلاثة عشر قرناً. والبديهي أن بعض الأمور الموجودة في هذا المصحف أيضاً - مثل ضیاع ورقتين منه واحتوائه على فروق إملائية موجودة أيضاً في المصاحف في بلدان مختلفة وفي عهود مختلفة ولا تؤثر في أساسه - لا تنطوي على شيء يناقض هذه النتيجة. ويكون من الطبيعي جداً أن توجد هذه الفروق في أي نص تحركت لكتابته يد الإنسان.
                  والواضح مما سلف أن القرآن الكريم لا تحفظه صدور الحفاظ وحدهم، وإنما تحفظه أيضاً نصوصه المكتوبة وإملاؤه. وهو اليوم بين أيدينا بالصورة التي نزل بها وكتب قبل أربعة عشر قرناً. وهذه الوثائق المدونة(۹۸) إنما هي في الوقت نفسه من التجليات الفعلية الملموسة للبيان الإلهي في قوله تعالى : « إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحفظون» (۵۹).





                  ويتميز مصحف طوب قابي بأنه يجمع بين عدد من القراءات العشر المعروفة اليوم، فهو تارة ينقل آية حسب قراءة أهل المدينة كنافع وقراءة أبي جعفر وتارة كقراءة أهل الشام كقراءة ابن عامر وتارة كقراءة أهل الكوفة كقراءة عاصم - وإن كان أكثر ما في المصحف هو على قراءة أهل المدينة - وينقل لنا الدكتور طيار ألتى كولاج بعضاً من هذه النماذج :

                  أ)- رغم أن الأمر طبيعي أن توجد فروق إملائية بين نسخ المصاحف فقد يحدث - إذا قمنا بدراسة الموضوع من زاوية المواضع التي تضم فروقاً في بنية الكلمة والزيادة أو النقص في الحروف مما يؤدي إلى إحداث تغيير في القراءة - أن نتمكن من الخروج بشيء تقريبي حول نسب مصحف طوپقاپی . إذ يمكننا القول أن هذا المصحف يقرب من النسخة التي جعلها الخليفة عثمان للمدينة المنورة، بل قد يكون مستنسخاً منها أو من نسخة مستنسخة منها. وقد توصلنا في نهاية المقارنة التي قمنا بها بين 44 فرقاً من الفروق الخاصة بالتلفظ والخاصة ببنية الكلمة بين مصاحف سیدنا عثمان - إلى أن مصحف طوپقاپی يتطابق مع مصحف المدينة في ۳۹ موضعاً من تلك المواضع (۲۰). وفي موضعين من المواضع الخمسة الباقية أضيف حرف الواو في كل منهما بتدخل جرىء من بعد بقلم مختلف (۲۹). أي أنه يمكننا القول إن مصحف طوپقاپی في هذين الموضعين أيضاً في أصل النسخة يكشف عن تطابق مع مصحف المدينة الخاص بسیدنا عثمان. أما في أحد المواضع الثلاثة الأخرى فهو وإن لم يكن متوافقاً مع مصحف المدينة فإنه يتفق وقراءة الإمام أبي جعفر یزید بن القعقاع أحد قراء المدينة وأحد أئمة القراءات الاثني عشر المشهورين. وبتعبير آخر فإن في إملاء هذا المصحف تأثيراً لقراءة كانت جارية في المدينة، أو أن لهذا الإملاء انعكاساً على القراءة المذكورة وتأثير فيها. وعن الموضعين الأخيرين من المواضع الخمسة المذكورة(۲۷) فليس من الممكن التعليق بشيء في هذا الموضوع، كما لا نعلم أحداً من أئمة قراءات المدينة كانت له قراءة توافق الإملاء في هذين الموضعين، ورغم كل هذا فإن مصحف طوپقاپی يقرب من مصحف المدينة الخاص بسيدنا عثمان، وتأثر في إملائه بهذا المصحف وتأثر بقراء المدينة حتى وإن كان نسبياً.

                  وعندما نقول إن مصحف طوپقاپی يقرب من مصحف المدينة فإنه يكون من المفيد أيضاً أن نضع نصب أعيننا علاقته بمصاحف أخرى لسیدنا عثمان. وعند دراسة الموضوع انطلاقاً من الـــ 44 كلمة المختلفة التي وضعناها في الحسبان ونحن نناقش مسألة نسب مصحف طشقند نلاحظ أن هذا المصحف يختلف عن مصحف مكة في خمسة عشر موضعاً . فإذا أضفنا إلى هذا العدد موضعين جرت كتابتهما بقلم مختلف من بعد لحرف الواو في مصحف طوپقاپی فإن هذا الفرق سوف يرتفع إلى 17. وظهر لنا عندما قمنا بعمل مقارنة مشابهة مع المصاحف الأخرى أن عدد المواضع التي يختلف مصحفنا عنها هي مع مصحف الكوفة ۲۱ موضعاً، ومع مصحف البصرة 15 موضعاً، ومع مصحف الشام ۱۸ موضعاً (۲۸).

                  ب) توجد في مصحف طوپقاپی - كما سنذكر فيما يلي - إشارات التحريك والتنقيط. والدراسة التي سنقوم بها للإجابة على سؤال ما هي القراءة المشهورة التي اعتمدت لوضع تلك الإشارات سوف تساعدنا للخروج برأي حول العهد الذي كتب فيه وكذلك حول المنطقة التي اختص بها. - فكلمة (تغفر الواردة في سورة البقرة (2/ 58 الورقة 5b ، سطر 6 ) قد قرأها على هذا الشكل كل من إمام القراءات المكي وأحد الأئمة العشرة المشهورين عبد الله بن كثير، وإمام القراءات الكوفي عاصم بن بهدلة وحمزة بن حبيب الزيات وخلف بن هشام والبصري أبو عمرو بن العلاء، بينما قرأها على شكل ( يغفر) كل من المدني بالفتح، ولهذا فهو يتفق وقراءة الإمام المدني نافع، بينما جری تشکیل حرف الباء بالكسر في المثال الثاني توافقاً مع قراءات الأئمة الآخرين - وفي قوله تعالى ( إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة ) في سورة التوبة ( 9/ 66 ورقة 121b، سطر ۱۲) فقد قرأه الكوفي عاصم بن بهدلة أحد الأئمة المذكورين كما ورد هنا، بينما قرأه الأئمة التسعة الآخرون على شکل ( إن يعف عن طائفة منكم تعذب طائفة )(۳۱).

                  وعند التدقيق في إشارات التشكيل والتنقيط ( هناك نقاط بدل الحركات وخطوط قصيرة ذات میل خفيف بدل النقاط ) في مصحف طوپقاپی نري أنها تتوافق مع قراءة الأئمة | التسعة، إلا عاصم بن بهدلة. - كلمة (الكفر) الواردة في سورة الرعد ( 13/ 42 ورقة 159b، سطر ۱) قد كتبت في مصاحف عثمان | بشكل يسمح بقراءتها على الإفراد والجمع(۳۲)، بينما جاءت في مصحف طوپقاپی مکتوبة بالألف ( الكافر). وهذا الشكل الإملائي رغم توافقه وقراءات أئمة المدينة ومكة والبصرة إلا أنه لا يسمح بالقراءة على الجمع مثلما قرأه قراء الكوفة والشام (۳۳). - في كلمة (نيا ) الواردة في سورة مريم ( ۲۳ / ۱۹ الورقة 192b ، سطر ۱۳) نلاحظ أن حرف النون جاء بالفتح بحسب إحدى تلاوات عاصم (اعتماداً على رواية حفص بن سلیمان ) وقراءة حمزة بن حبيب الزيات، بينما | قرأها الأئمة الآخرون بكسر حرف النون ( 34). أما في مصحف طوپقاپی فقد وضعت کسرة تحت الحرف المذكور، | أي أن التشكيل هنا يوافق قراءات المدينة ومكة والبصرة والشام. - وقوله تعالى ( ولم يقتروا ) في سورة الفرقان (25/ 67 الورقة 233a ، سطر ۱) قرأه أئمة الكوفة بهذا | الشكل، بينما قرأه أئمة المدينة والشام بضم الياء وكسر التاء ( ولم يقتروا )، أما المكيون والبصريون فقد قرأوه بفتح الياء وكسر التاء ( ولم يقتروا ) (۳۵). وجاء في مصحف طوپقاپی بفتح الياء وكسر التاء، مما يعني أنه يتفق هنا مع تلاوة المكيين والبصريين.".













                  ​​​​​




                  وأما رسم مصحف طوب قابي فعليه ملاحظتان :
                  ​​​​​​على الرسم في المصحف :

                  1. يحتوي المصحف على بعض الأخطاء التي تصنف بالأخطاء الإملائية لا أقل ولا أكثر

                  مثال :
                  الآية 192 من سورة الأعراف كلمة (ولا) مكتوبة (وولا) بواو زائدة
                  مثال آخر :
                  الآية 48 من سورة الأنفال عبارة (اني اخاف) مكتوبة (ااني اخاف) بألف زائدة

                  نقرأ ما قاله الدكتور طيار ألتى كولاج:

                  " ب) - هناك في المصحف بعض الأخطاء التي يمكن اعتبارها سهواً من الكاتب .
                  - وهناك كلمة ( كلوا ) في سورة البقرة ( 2/ 57)، فقد جاءت في نهاية الورقة (5a)، ومع ذلك تكرر ورودها في أول الورقة التالية (5b) كأول كلمة فيها.
                  - كلمة (إذا) في سورة الأنعام (6/ 152) جاءت على شكل (إذ).
                  - كلمة ( ولا) في سورة الأعراف ( ۷/ ۱۹۲ ) جاءت على شكل ( وولا).
                  - قوله ( إني أخاف ) في سورة الأنفال ( 8/ 48 ) جاء على شكل ( إني أأخاف ) بألف زائدة .
                  - وكلمة ( صديد ) في سورة ابراهيم (14/ 16 ) وردت على شكل ( صدد).
                  - في قوله ( أولا الألبب ) في سورة الزمر ( ۱۸/ ۳۹ ) سقطت اللام ألف الثانية .
                  - في سورة فصلت ( 41/ 19) نسي حرف الألف في نهاية كلمة ( اعدا).
                  - وقوله ( یاولی ) في سورة الحشر ( 59/ 2، 13 ) جاء على شكل ( بالاولی )، وقوله ( لأنتم) جاء على شكل
                  (لا أنتم ) .
                  ".






                  2. عدم وجود الألف الممدودة في بعض الكلمات ككلمة قال مثلا كتبت قل وحسب السياق فإنها تقتضي أن تقرأ قال وهذا رسم معروف بين العرب وموجود في بعض الحالات في الرسم العثماني زمن عثمان رضي الله عنه

                  نقرأ في الجزء الأول من المقنع في رسم المصاحف لأبي عمرو الداني رحمه الله :

                  ((قال أبو عمرو: وأجمع كتاب المصاحف على حذف الألف من الرسم بعد [يا] التي للنداء وبعد [ها] التي للتنبيه اختصاراً أيضاً وذلك في نحو قوله " يايها الناس " و " يارض " " ياولي الالبب " و " ياخت هرون " و " ينوح " و " يلوط " و " يهود " و " يشعيب " و " يصلح " و " يهرون " و " يمريم " و " يفرعون " و " يهمن " و " يملك " و " ياسفى " و " يويلتي " و " ويحسرتي " و " يرب " و " يبنّي " و " يقوم " و " هانتم " و " هؤلاء " و " هذا " و " هذه " و " هذن " و " هتين " و " هكذا " وما كان مثله حيث وقع. والألف الثانية في الخط بعد الياء والهاء فيما كان بعدهما فيه همزة هي الهمزة لكونها مبتدأة.
                  وكذلك أجمعوا على حذف الألف في قوله " الرحمن " عز وجل حيث وقع وفي قوله " ذلك " و " ذلكم " و " ذلكن " و " اولئك " و " اولئك " و " لكن " و " لكنه " و " لكني " ولكنكم " و " ولكن لا " وشبههه من لفظه حيث وقع.
                  وكذلك حذفوا الألف بعد اللام في قوله " الملئكة " و " وملئكة " و " ملئكته " و " السلم " وسلم " و " اله " و " الهكم " و " الهنا " و " الهه " وشبهه من لفظه. وكذلك حذفوها في قوله " سبحن " وسبحنه " و " سبحنك " حيث وقع إلا موضعاً واحداً في الإسراء قوله " قل سبحان ربي " فإن المصاحف اختلفت فيه لا غير، ورأيته في مصاحف أهل العراق العتق بالألف.
                  وكذلك رسموا التثنية المرفوعة بغير ألف كقوله " وامرأَتن " و " رجلن " و " سحرن " و " مل يعلمن " و " يحكمن " و " يقتتلن " و " اضلنا " وشبهه وسواء كانت الألف اسماً أو حرفاً ما لم تقع طرفاً ووقعت حشواً.
                  وكذلك حذفوا الألف بعد النون التي هي ضمير جماعة المتكلمين نحو قوله " انجينكم " و " ءاتينكم " و " اغوينكم " و " مكّنّهم " وءاتينه " و " علّمنه " و " ءاتينك " و " ارسلنك " و " ءاتينها " و " فرشنها " وففهمنها " و " انشأئهن " و " فجعلنهن " وما كان مثله.
                  وكذلك حذفوا الألف بعد اللام في قوله " بغلم " " وغلما " و " غلمين " و " خلئف " و " ءالف " و " السلسل " و " البلغ " و " بلغا " و " الخلّق " وكذلك " الضلل " و " في ظلل " و " الضللة " و " الكللة " و " لا حلل " و " من خلله " و " ضلله " و " ظللها " و " ظللهم " و " حلل " و " اغللا " و " الاغل " و " من سللة " وشبهه مما فيه لامان حيث وقع. وكذلك حذفوا الألف بعد العين في قوله " تعلى الله " و " فتعلى الله " حيث وقع. وكذلك حذفوها بعد الباء في قوله " تبرك " حيث وقع وكذا " بركنا " و " مبركنا " و " مبركة " و " المبركة " وكذا حذفوها بعد.....
                  ))

                  و هذا ما أكده الدكتور طيار ألتى كولاج في كتابه حيث قال:

                  (( ب ) - جاء حرف الجر ( على ) بهذا الشكل أي بالياء في 24 موضعاً، بينما ورد في المواضع الأخرى بالألف على شكل ( علا). وهذه الحالة تدلنا على أن المصحف لم يخضع لنظام إملائي ثابت، وأن شكل الكتابة لا يتطابق مع أي من مصاحف عثمان، أو بتعبير آخر فإن هذا الخط يكشف لنا أن هذا المصحف ليس من مصاحف عثمان . إذ ذكر أن هذه الكلمة قد كتبت بالياء في مصاحف عثمان وبلا استثناء (43).
                  ج) - ورد لفظ ( حتی ) بهذا الشكل في سورة النساء فقط ( 4 / 43 الورقة 52b ، سطر ۱۷ ) أي بحرف الياء، بينما ورد في المواضع الأخرى بالألف على شكل ( حتا ). أما في مصاحف عثمان فقد ذكرت المصادر أنها وردت بالياء في كل المواضع (44).
                  د)- يُلاحظ في مصاحف عثمان أن حرفي الياء المتجاورين إذا كان أحدهما علامة للجمع كما هو الحال في : ربنين والأمين والحوارين والنبين - إلا في كلمة ( عليين) الواردة في سورة المطففين ( ۸۳/ ۱۸)(4)
                  ".

                  " تلاوة عرف بها إمام من أئمة القراءات - تؤكد هذه التوقعات.
                  ٥- هناك فروق بين مصحف طوپقاپی و مصحف الملك فهد في نحو ۲۲۷۰ موضعاً وإن كان قسم كبير منها في كتابة الكلمة بالألف أو بغير الألف. والسبب في ظهور الرقم بهذا الارتفاع هو أن أغلب الكلمات والألفاظ المكتوبة بإملاء مختلفة هي من النوع الذي يتكرر وروده في نص القرآن الكريم. وهاك بعض الأمثلة على ذلك:|
                  - وردت كلمتا ( على وحتى ) في مصحف طوپقاپی مکتوبتين بالألف على شكل ( علا وحتا ) في مواضع تزيد على ۷۸۰ موضعا.
                  - وردت كلمات ( بایتنا، بایته، بایتی، بایت ) المسبوقة بباء الجر بهذا الشكل، أي بحرف ياء واحد في مصحف الملك فهد، بينما جاءت في مصحف طوپقاپی بیائین وعلى شكل ( باييتنا، باييته، باییتی، باییت )، والمواضع التي وردت فيها تزيد على 90 موضعا(54)."












                  يتبع مع مخطوطة طشقند.....
                  التعديل الأخير تم بواسطة إيمان يحيى; 25 ينا, 2020, 09:59 ص.

                  تعليق


                  • #10
                    2. مخطوطة باريسينو .
                    المخطوطة كتبت بالخط الحجازي وسنعتمد على البحث أدناه للحديث عن هذه المخطوطة :
                    http://www.islamicmanuscripts.info/n...9SfU4H7-OuJYs8

                    تاريخ المخطوطة :
                    مخطوطة تعود إلى الربع الثالث من القرن الأول الهجري وتحتوي على عددٍ من سور القرآن و تمثل 45٪ من القرآن

                    "لا يمكن تحديد مكان إنتاجها. لا تعني حقيقة أن المخطوطة محفوظة في الفسطاط أنها أنتجت هناك وأن انتشار القراءات السورية في الشرق الأدنى لا يمكن أن يقدم أي دليل في هذا الصدد لأنه معروف فقط في أوقات لاحقة. يمكن أن يرجع تاريخ الباريسينو بيتروبوليتانوس إلى الربع الثالث من القرن الأول / السابع ومن الواضح أنها نسخة من مخطوطة قديمة. تسبق النسخ الأموية بمجموعة متنوعة من الحروف الهجائية الأكثر تطوراً ، لكن خط النسخة D يعرض ميزات يمكن أن ترتبط بها (ص. 156-158). من السمات المثيرة للاهتمام لهذه المخطوطة استخدامها الطويل في القرن الثالث / التاسع: بعض التصحيحات وعقود أبجدية يمكن تأريخها في هذه الفترة (ص. 158-159). تُعتبر نسخة الباريسينو بيتروبوليتانوس نسخة خُصصت للإستخدام العام، وتُمثل مجموعة من المخطوطات القرآنية مُنحِت هوية مرئية خاصة، مما يوحي بأنها كانت مستوحاة من نموذج موثوق ، سواءً كان مصحفًا لعثمان أو بعض المخطوطات المدنيّةِ القديمة، على الرغم من أن النص ككل يتوافق مع النص العثماني.

                    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	image.png  مشاهدات:	0  الحجم:	572.3 كيلوبايت  الهوية:	810626






                    ملاحظة عن الكاتب :
                    يقدر العلماء أن للمخطوطة خمسة كتبة بعضٌ منهم يصحح للبعض الآخر أو يكمل كتابة الآخر، وهؤلاء الكتبة مجهولون لا نعرف من هم ولا مدى وثاقتهم أو ضبطهم في القراءة والرسم.

                    القراءة :
                    تميل إلى قراءة ابن عامر الشامي رحمه الله في معظمها.
                    "الاختلافات في الرسم موجودة كذلِك في بارسيبنيو بيتوبوليتانس. واذا نظرنا إلى الاختلافات المعروفة في التقليد، فإن المخطوطة تتبع القراءة الشامية لابن عامر (ص. 102- 105). ولكن يوجد كذلِك نقاط في النص لا تتبع نسخة القاهرة أو أي من القراءات القانونية الأخرى. وأغلبها مُحِي وصُحح بأيدٍ لاحقة، بعضها يظهر بالتأكيد أنها أخطاء الناسخ والتي يُمكن تمييزها بسهولة كما في (ص. 1050 106). أمثلة آخرى يُمكن اعتبارها اختلافات كانت سارية في توقيت كتابة المخطوطة. والعديد منها اختلافات قريبة جداً من الناحية النمطية للاختلافات المعروفة من التقليد القانوني."
                    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	image.png  مشاهدات:	0  الحجم:	318.7 كيلوبايت  الهوية:	810627




                    وأما الرسم فعليه بعض الملاحظات أهمها :
                    يختلف الرسم في المخطوطة عن ذلك الموجود في الرسم العثماني فمثلا أحد الكتبة لا يذكر المدود أبداً في كتابته فكلمة كان تكتب كن وكلمة قال تكتب قل، والكاتب الثاني والثالث ينوع بين هذا وذاك والكاتب الرابع مثلا غير معروف توجهه بالنسبة للمدود.
                    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	image.png  مشاهدات:	40  الحجم:	592.3 كيلوبايت  الهوية:	810628



                    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	image.png  مشاهدات:	36  الحجم:	405.4 كيلوبايت  الهوية:	810629





                    3. مخطوطة طشقند .
                    المخطوطة كتبت بالخط الكوفي وسنعتمد للكلام عن مصحف طشقند و ما فيه على نفس المصدر أعلاه (المصحف الشريف المنسوب إلى عثمان بن عفان) للدكتور طيار ألتى كولاج.

                    تاريخ المخطوطة : ​​​​​​
                    ما بين عامي 765 و 855 ميلادية، أي ما بين منتصف فترة حكم أبي جعفر المنصور رحمه الله إلى بداية عهد المتوكل رحمه الله. أي أنها مخطوطة متأخرة جداً.

                    المحتوى:
                    سورة البقرة الآية 7 إلى سورة الزخرف الآية 10

                    القراءة :
                    موافقة للقراءة العثمانية إلا في أمثلة بسيطة تخالف فيها القراءة العثمانية نتيجة اخطاء وسهو من الكاتب و بعضها نتيجة التدخل و الإفساد الذي قام به المستشرق بيساريف كما ذكر الدكتور طيار ألتى قولاج :
                    1. قوله تعالى ((إن الله يرزق من يشاء بغير حساب)) كتبت بدون عبارة ((إن الله)).
                    2. قوله تعالى ((هذا صراط مستقيم )) كتبت بدون كلمة ((هذا)).
                    3. قوله تعالى ((ويقولون هو من عند الله و ما هو من عند الله)) كتبت بدون عبارة ((و ما هو من عند الله)).
                    4. قوله تعالى ((وإن هم الا يخرصون)) كتبت بدون الضمير ((هم)).

                    "ب) - يتضمن المصحف عدداً من الأخطاء التي يمكن اعتبارها من الوهلة الأولى سهواً من الكاتب. ولكن الواضح أن قسماً كبيراً من تلك الأخطاء وقع أثناء التدخل الذي قام به المستشرق پیساریف قبيل الطبعة العينية المطابقة (Faximile)، وفسدت الإملاء الأصلية مع ذلك التدخل. والجدير بالذكر أيضاً أن بعض الأخطاء كانت من سهو الكاتب، أي كانت موجودة من الأصل في المصحف . ونعتقد أن ذكر بعض الأخطاء التي نظن أنها من أصل مصحف طشقند وسردها هنا قد يكون مفيداً للقارئ ليعرف طبيعة ذلك المصحف:
                    - آية : «إن الله يرزق من يشاء بغير حساب » في سورة آل عمران ( ۳۷/۳ ) لا تضم عبارة « إن الله » .
                    - آية: «هذا صرط مستقيم» في سورة آل عمران (3/ 51) لا تضم ضمير الإشارة ( هذا ).
                    - آية : « ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله في سورة آل عمران ( ۳/ ۷۸) تنقصها كتابة عبارة وما هو من عند الله » .
                    - آية: « وإن هم إلا يخرصون » في سورة الأنعام (6/ 116 ) کتبت بغیر الضمير « هم ».


                    وفي اعتقادنا أن نسبة الأخطاء في هذه الأمثلة إلى المستشرق پیساريف ليست صحيحة، فالواضح أن هذه النسخة لم تخضع لمراجعة دقيقة بعد كتابتها، ولم ينظر فيها أحد من علماء القراءات. وهذا أيضاً أمر طبيعي. أضف إلى ذلك أن هذا الوضع إنما يدلنا على أن هذا المصحف ليس واحداً من المصاحف التي دقق فيها الصحابة وحظيت برضاهم ثم جرى إرسالها من قبل سیدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى الأمصار .
                    ج)- مقاس هذه النسخة : 68X53 سم، وتقع في ۳۰۳ ورقة، وتضم كل صحيفة ۱۲ سطرا (۷).
                    د)- تنقص النسخة أوراق كثيرة في مواضع متعددة، إذ يبلغ عدد الأوراق الناقصة طبقا لحساباتنا التقريبية 420 ورقة.


                    كما أن مجموعة السور التي تبدأ بالآية الحادية عشرة من سورة الزخرف حتى نهاية القرآن الكريم ( حوالي ۱۷۰ ورقة ) ناقصة. وعلى ذلك يمكننا أن نتوقع أن تمام هذا المصحف إنما هو في ۹۰۰ ورقة تقريبا (353+ 420 +۱۷۰ = 943). ولسوف يظهر بعد تفحص القائمة التالية أن هناك سورتین فقط تامتان هما الأنعام وطه، بينما لا توجد آية واحدة من ۸۹ سورة أغلبها من السور القصيرة وعلى رأسها الفاتحة. أي أنه لا يوجد إلا آيات من 25 سورة فقط، ومن تلك السور ما يضم عدداً كبيراً من الآيات، وسور أخرى تضم عدداً قليلا من الآيات . وبحساب آخر قمنا به على مصحف طشقند فإنه يضم 4172 آية، أي أن القسم المفقود منه نحو ثلثيه. وهذه النسبة تساوي عدد الورق تقريباً. وكان المسئولون عند زيارتي لطشقند في أكتوبر 1985م قد أخبروني أن المصحف قبل نقله إلى بترسبورغ عام 1869م كان معروضاً لرؤية الزوار في العهود التي كان موضوعاً فيها تحت رقابة وحماية الأجهزة الدينية الإسلامية، ويبدو أن بعض الزوار كانوا يقدمون أثناء ذلك على انتزاع ورقة أو أكثر منه، فكانت النتيجة هو هذا الوضع الذي عليه المصحف(۸).".
                    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	image.png  مشاهدات:	40  الحجم:	799.6 كيلوبايت  الهوية:	810630



                    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	image.png  مشاهدات:	36  الحجم:	1.04 ميجابايت  الهوية:	810631





                    ملاحظات على الرسم :
                    ​​​الرسم في المصحف موافق للرسم العثماني إلا في مواضع :
                    1. كلمة شيء كتبت هكذا شاى.
                    2. كلمة حتى كتبت هكذا حتا.
                    3. كلمة علا كتبت هكذا علا .
                    ​​​​
                    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	image.png  مشاهدات:	36  الحجم:	1.03 ميجابايت  الهوية:	810632





                    4. مخطوطة المسجد الحسيني بالقاهرة .
                    المخطوطة كتبت بالخط الكوفي وللكلام عن المخطوطة سنعتمد على كتاب معجم الرسم العثماني للدكتور بشير الحميري.

                    التاريخ :
                    نهاية القرن الهجري الأول إلى بداية القرن الهجري الثاني.

                    المحتوى:
                    القرآن كاملا إلا في بعض الأماكن نتيجة التآكل.

                    القراءة : ​​​​​​
                    موافقة للقراءة العثمانية إلا في أمثلة بسيطة هي في الحقيقة أخطاء وسهو من الكاتب وليست قراءة مخالفة مثل :
                    1. كلمة يمسسني في سورة ال عمران الاية 47 كتبت بسين واحدة (يمسني).
                    2. كلمة سندخلهم سورة النساء الاية 57 بدون السين (ندخلهم).
                    اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	image.png  مشاهدات:	37  الحجم:	812.3 كيلوبايت  الهوية:	810633





                    ​​​​​​الرسم العثماني :
                    موافق للرسم العثماني إلا في مواضع :
                    1. حذف مدود الألف في بعض المواضع ككلمة اصطفاك في سورة آل عمران كتبت اصطفك.
                    2. كلمة حتى كتبت هكذا حتا.
                    3. كلمة علا كتبت هكذا علا.

                    انتهينا ولله الحمد من القسم الإسلامي الخاص بنقل القرآن الكريم، يتبع مع القسم النصراني الخاص بنقل العهد الجديد....
                    التعديل الأخير تم بواسطة إيمان يحيى; 26 ينا, 2020, 10:00 ص.

                    تعليق


                    • #11
                      الجزء الثاني : نقل العهد الجديد .
                      قبل الشروع في الدخول إلى تفاصيل كيفية نقل العهد الجديد عبر العصور والملاحظات التي عليه، فإننا نذكر بأن العهد الجديد يعتمد في نقله على الطريق الثالث الذي ذكرناه في أول بحثنا هذا، ألا وهو الكتابة عن طريق مخطوطات تعود لزمن ما بعد المؤسس.

                      ومن هذا المنطلق سوف نقوم بتقسيم هذا الجزء بإذن الله إلى عدة أقسام :
                      1. لمحة عامة عن كيفية بداية كتابة العهد الجديد في القرن الأول .
                      2. ضياع المخطوطات الأصلية للعهد الجديد.
                      3. جهالة هوية مؤلفي بعض أسفار العهد الجديد.
                      4. التحريف في العهد الجديد وأنواعه :
                      أ. أخطاء النساخ في العهد الجديد (مثال : تيموثاوس 3: 16 ونص التعميد في متى).
                      ب. الزيادة في نصوص العهد الجديد (مثال : نهاية إنجيل مرقس، قصة المرأة الزانية والفاصلة اليوحانوية).

                      5. الأسفار الأبوكريفية والاعتماد على بعضها من قبل بعض آباء الكنيسة (سفر راعي ورؤيا بطرس).

                      نسأل الله عز وجل أن يوفقنا لإتمام هذا الجزء أيضاً كما وفقنا في إتمام الجزء المتعلق بنقل القرآن الكريم عبر العصور.
                      التعديل الأخير تم بواسطة إيمان يحيى; 26 ينا, 2020, 10:05 ص.

                      تعليق


                      • #12
                        أولا : لمحة عامة عن كيفية بداية كتابة العهد الجديد في القرن الأول :
                        العهد الجديد بدأت كتابته في القرن الأول، ولعل أول كتابة ظهرت في القرن الأول هو رسائل بولس، ثم كتبت بعدها الأناجيل الأربعة، والملاحظ أن الأناجيل بشكل عام مرت بفترة ما يعرف بالنقل الشفهي حيث كانت القصص الخاصة بسيرة المسيح عليه الصلاة والسلام تُتداول بين الناس وبين النصارى الأوائل. إلا أن المعلوم أن هذه القصص لم تدون كلها في الأناجيل الأربعة فهناك قصص فُقدت.
                        نقرأ من المدخل إلى العهد الجديد لعزيز سريال الصفحة 106 :
                        (( ولكن هذا لا يعني أن كتابات الرسول بولس كانت أول ما وضع على ورق، بل لابد أن أشياء كثيرة كتبت قبلها لم تصل إلينا في شكلها التي كتبت فيه ويدلنا على ذلك ما قاله البشير لوقا في مقدمة إنجيله : (( إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا، كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّامًا لِلْكَلِمَةِ)) (لوقا 1: 1 و2) ))

                        ونستنتج من هذا أن التناقل الشفهي المذكور اتسم بالخصائص التالية :
                        1. أن آلية هذا النقل لم تكن تعتمد على الحفظ الحرفي للنص بل كان الناقل ينقل القصة وتفاصيلها - التي سمعها- إلى الآخرين بصياغته الخاصة وليس بشكل حرفي.
                        2. أن هذه القصص لم تصلنا كاملة فهناك قصص قد ضاعت وطوى عليها الزمان!
                        3. أننا لا نعرف أسماء هؤلاء الذين نقلوا هذه القصص ولا نعرف ما مدى أمانتهم ولا نعرف مدى قوة حفظهم ولا ممن سمعوها إلا أن الأسلوب الذي تتبعه الكنيسة هو : أنه و إن كان هذا هو فإنهم بالتأكيد سمعوها من شهود عيان أو المصدر الأخير للقصص كان شهود العيان !! هكذا بلا دليل !!!!!
                        .

                        وقد كانت الكتابة في هذه الفترة الوجيزة - وأقصد هنا كتابة سيرة المسيح - شبه معدومة لعدة أسباب أهمها أن جمهور النصارى في ذلك الوقت كانوا يعتقدون بأن المسيح عليه الصلاة والسلام سينزل قريباً جداً !!

                        نقرأ من المدخل إلى العهد الجديد لعزيز سريال الصفحة 106 - 107 :
                        (( ويمكن للدارس أن يجد سببين مهمين لعدم إسراع المسيحيين الأوائل في تدوين هذه الشهادة، السبب الأول هو أنهم كانوا يؤمنون أن المسيح آت سريعاً ونهاية العالم قد قربت.... أما السبب الثاني فهو عقيدة الأوائل بأن الكلمة المقولة أعظم كثيراً من الكلمة المكتوبة. وما دام الرسل الذين كانوا معاينين لا زالوا موجودين، ولديهم الخبر اليقين فلا داعي للكتابة فكلمتهم أعظم من أية كلمة تكتب. ولقد ظل هذا الرأي سائداً حتى بعد أن كتبت الأناجيل وانتشرت))
                        ​​​​​​


                        وهذا صريح في أن النقل الشفهوي كان الأساس والعمدة وأنه كان ينظر إليه على أنه المقدم على المكتوب !!!

                        ويرجح أن بدايات هذه القصص المتناقلة في تلك الفترة كانت في حقيقتها لا تحتوي إلا على الأقوال المنسوبة للمسيح عليه الصلاة والسلام وبعض الحوادث، والحق يقال أننا لا نستطيع جزم أو تحديد ما هي الأقوال المنسوبة للمسيح عليه الصلاة والسلام التي تناقلوها بالضبط وكيف كان الهيكل العام لها، وكل ما يقال في هذا الباب يعتمد على التخمين فنحن ليست عندنا مخطوطة تعود لهذه الفترة تسجل لنا تلك الأقوال المتداولة بين النصارى الأوائل سواءً في فلسطين أو في آسيا الصغرى .
                        نقرأ من كتاب المدخل إلى الكتاب المقدس للقس حبيب سعيد الصفحة 215-216:
                        (( ويسوع نفسه لم يكتب شيئاً ولا فكر أتباعه في تدوين قصة مكتوبة عن سيدهم وتسليمها للأجيال اللاحقة. ونظراً لعدم وجود أدلة مباشرة نسترشد بها فإننا مضطرون إلى أن نلجأ إلى الحدس والتخمين. ومن المرجح جداً أن بعض تلاميذ يسوع قد جمعوا لاستعمالهم الخاص مجموعات من أقوال المسيح والحوادث التي رأوها ذات شأن خطير. ))


                        ونحن نعلم من أقوال علماء النقد النصي وعلماء مخطوطات العهد الجديد أن إنجيل مرقس يعتبر الإنجيل المرجع لكلٍ من إنجيلي متى ولوقا، بمعنى أن كاتبي إنجيلي متى ولوقا اعتمدا على إنجيل مرقس لكتابة إنجيلهما كأحد المصادر. إلا أنه عند الحديث عن مرحلة ما قبل كتابة إنجيل مرقس فإنه يمكن القول أن هذه الفترة قد اقتصرت على تناقل الأقوال المنسوبة للمسيح عليه الصلاة والسلام وبعض أعماله دون أن تشتمل على السرد التاريخي لسيرة المسيح عليه الصلاة والسلام.
                        نقرأ من الترجمة الرهبانية اليسوعية في المدخل إلى انجيل مرقس الصفحة 120 :
                        (( إن مسألة مراجع مرقس تبقى هي هي بأسرها إذاً. فالنقاد يتخيلونه على وجه يختلفون فيه على قدر ما يجعلون لمرقس من شأن. عندما يقارنونه بمتى ولوقا. فيرى بعضهم أنه الأصل الذي استندا إليه. ويرى غيرهم أن هناك، قبل مرقس، مجملا أولا فيه تقليد على يسوع. ومهما يكن من أمر فإنه يستشف من تأليف إنجيل مرقس أن هناك مرحلة سابقة للتقليد كان الناس يتناقلون فيها أقوال يسوع وأعماله بمعزل عن أي عرض شامل لحياته أو لتعليمه.))


                        وقد ذهب علماء المخطوطات والنقد النصي إلى النظر إلى دراسة الأقوال المنسوبة للمسيح عليه الصلاة و السلام في إنجيلي متى ولوقا والغير موجودة في إنجيل مرقس وأطلقوا عليها لقب Q. وذكر النقاد أن الأقوال هذه مأخوذة من مصدر أقدم كان يستخدمه المعلمون المسيحيون في الكنائس.
                        نقرأ من كتاب المدخل إلى الكتاب المقدس للقس حبيب سعيد الصفحة 216 -217 :
                        (( وفي بشارتي متى ولوقا مواد كثيرة متشابهة أكثرها من أقوال يسوع وتشمل أيضاً بعض القصص مما لا أثر له في بشارة مرقس. وقد أطلق العلماء حرف Q على المواد المشتركة في لوقا ومتى وغير الموجودة في مرقس... ويتفق أغلب العلماء على أن المواد المشار إليها بحرف Q مأخوذة من وثيقة قديمة العهد وكانت أشبه بكتاب جدلي يستعين به المعلمون المسيحيون ... والمرجح جداً أن الوثيقة Q ومجموعة آيات العهد القديم الإثباتية كانت ضمن القصص التي أشار إليها البشير لوقا في مقدمته. وقد أدت البحوث الحديثة بالعلماء إلى الاعتقاد بأنه كان في أورشليم قصة أطلق عليها حرف M وتشبه الوثيقة Q المشار إليها آنفاً ))


                        .



                        فيتضح إذاً مما سبق عدة أمور :
                        1. أن النقل الشفهي في فترة ما قبل كتابة الأناجيل الأربعة كان هو الأساس لنقل فقط الأقوال والأفعال المنسوبة للمسيح عليه الصلاة والسلام، إلا أن هذا النقل لم يكن مضبوطاً بشكل حرفي من ناحية الحفظ، بالإضافة إلى أننا نفتقد إلى أسماء من نقلوا هذه الأقوال والأفعال، ومدى وثاقتهم وقوة حفظهم وضبط نقلهم وعمن سمعوا، وليس عندنا غير التخمين لمعرفة شكل وهيكل هذا المنقول الشفهي.
                        2. أن هذه الأقوال والأفعال المنسوبة للمسيح عليه الصلاة والسلام والمتناقلة شفهياً في مرحلة ما قبل كتابة الأناجيل كانت تمثل بحد ذاتها مصدراً للمسيحيين الأوائل في أورشليم - يطلق عليها المصدر(M) -، وتميزت بأنها كانت خالية من السرد التاريخي لسيرة المسيح عليه الصلاة والسلام حيث اكتفت بذكر الأقوال والأفعال.
                        3. اعتمد إنجيلا متى ولوقا في التأليف على إنجيل مرقس، إلا أنه يُعتقد بأن بعض الأقوال المنسوبة للمسيح عليه الصلاة والسلام في كلا الإنجيلين - وغير الموجودة في إنجيل مرقس - يرجع أصلهما إلى تقليد شفهي أقدم من إنجيل مرقس - يطلق عليها المصدر ( Q )
                        .
                        4. تعتبر فترة كتابة إنجيل مرقس (حوالي 60 - 70 ميلادي) نقطة تحول حيث أصبح أو بدأ الاعتماد في نقل الأناجيل - أو بالأحرى النص المقدس أيا كان شكله - على المكتوب، ووضعت الأقوال والأفعال المنسوبة للمسيح عليه الصلاة والسلام ضمن محتوى أكبر يشمل سرداً تاريخياً لحياة المسيح عليه الصلاة والسلام، حيث أصبح النص بكل بساطة سيرة وحياة المسيح عليه الصلاة والسلام من وجهة نظر الكاتب بعد أن كان النص أقوال وأفعال المسيح عليه الصلاة والسلام (قال المسيح وفعل المسيح) حتى صار عندنا ما يعرف بالأناجيل الأربعة.

                        ولنا أن نتساءل ونطرح عدة أسئلة:
                        1.ما هي تلك الأقوال والأفعال المنسوبة للمسيح عليه الصلاة والسلام والتي كانت متناقلة في تلك الفترة ولكنها لم تدخل الأناجيل الأربعة ؟؟؟
                        2. ما هو الضمان والدليل القاطع أن أصل كل ما في الأناجيل الأربعة يرجع إلى شهود العيان ؟؟؟
                        3. ما هي درجة الوثاقة العلمية المرتبطة بهذا التراث الشفهي المنقول وما اعتمد عليه، إن كنا لا نعلم حتى أسماء من نقلوا هذا التراث الشفهي ولا أمانتهم وضبطهم ودرجة حفظهم ؟؟؟؟
                        4. على أي أساس تحول النص من نقل لأقوال وأفعال إلى سرد تاريخي، مع العلم أن كل من كان في تلك الفترة من المعلمين بحسب ما ذكرنا كانوا يكتفون بنقل الأقوال والأفعال الخاصة بالمسيح عليه الصلاة والسلام دون أن يضعوا تلك النصوص في قالب تاريخي أو قصصي خاص بما يتصورونه أنه سيرة المسيح عليه الصلاة والسلام وحياته؟؟؟؟


                        يتبع مع ضياع المخطوطات الأصلية للعهد الجديد...
                        التعديل الأخير تم بواسطة إيمان يحيى; 26 ينا, 2020, 12:48 م.

                        تعليق


                        • #13
                          ثانياً :ضياع المخطوطات الأصلية للعهد الجديد:
                          من المعلوم أنه بالرغم من اعتماد نقل العهد الجديد على المخطوطات إلا أن المخطوطات الأصلية لكل أسفار العهد الجديد ضائعة بالكلية إلى درجة أننا لا نمتلك ولو صفحة أو أقل منها.

                          نقرأ من كتاب مخطوطات الكتاب المقدس بلغاته الأصلية الصفحة 19:
                          (( ليس بين ايدينا الآن المخطوطة الأصلية، أي النسخة المكتوبة بخط يد كاتب أي سفر من أسفار العهد الجديد أو العهد القديم. فهذه المخطوطات ربما قد تكون استهلكت من كثرة الاستعمال، أو ربما يكون بعضها تعرض للإتلاف أو الإخفاء في أزمنة الاضطهاد، خصوصاً أن بعضها كان مكتوباً على ورق البردي، وهو سريع التلف. ولكن قبل أن تختفي هذه المخطوطات نُقلت عنها نسخ كثيرة. لأنه منذ البداية كانت هناك حاجة ماسة لنساخة الأسفار المقدسة لاستخدامها في اجتماعات العبادة في مختلف البلاد )).


                          فكل ما عندنا من مخطوطات العهد الجديد هي نسخ عن نسخ وليس عن أصل، مجهولة المؤلف ولا نعلم مدى دقة ضبطه في الحفظ أو النقل.
                          وبشكل عام فإن مخطوطات العهد الجديد تنقسم إلى قسمين:
                          1. مخطوطات البردي : وهي المكتوبة على أوراق البردي. والبرديات المكتشفة الخاصة بالعهد الجديد تعود معظمها إلى ما بين القرن الثاني والقرن الثامن. وأقدم بردية عندنا هي البردية 52 والتي تعتبر قصاصة صغيرة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة تحتوي على فقرة من إنجيل يوحنا.
                          2. مخطوطات الرقوق : وهي المكتوبة بحروف يونانية كبيرة. وهذا النوع من المخطوطات لا نجد له أي أثر قبل القرن الرابع حيث أن أقدم مخطوطة تحتوي على العهد الجديد هي المخطوطة السينائية وتعود إلى بداية القرن الرابع الميلادي.

                          نقرأ من قاموس الكتاب المقدس :
                          ((ثانياً - أما أهم المخطوطات اليونانية للعهد الجديد فهي ما يلي:
                          1 - المخطوطات المكتوبة على أوراق البردي، وجميع هذه صدرت عن مصر أو جاءت من هذه البلاد وهي:
                          أ - جزازة مكتبة جون ريلندس من إنجيل يوحنا وقد جاءتنا هذه من حوالي عام 120 الميلادي. وهذه هي أقدم قطعة من مخطوطة للعهد الجديد يعرفها العالم إلى الآن. وهي محفوظة الآن في مانشستر بانجلترا.
                          ب - بردي بودمر ويرجع هذا إلى حوالي عام 200 الميلادي ويشمل هذا البردي بشارتي لوقا ويوحنا، والرسائل الجامعة وهذا البردي محفوظ الآن في جنيف بسويسرا.
                          ح‍ - بردي تشستر بيتي ويرجع هذا البردي إلى حوالي عام 250 الميلادي وهو يشمل أجزاء من الأناجيل وأعمال الرسل والرسائل وسفر الرؤيا وهذا البردي محفوظ الآن في دبلن بأيرلندا.
                          2 - مخطوطات مكتوبة على الرقوق - وقد كتب أقدم هذه المخطوطات بحروف يونانية كبيرة ومن بين هذه المخطوطات ما يلي:
                          1 - النسخة السينائية وهي تحتوي على أسفار العهدين القديم والجديد باللغة اليونانية وترجع إلى القرن الرابع الميلادي وهي الآن محفوظة في المتحف البريطاني في لندن.
                          ب - النسخة الفاتيكانية وتشمل أسفار العهدين القديم والجديد باللغة اليونانية وترجع إلى القرن الرابع الميلادي وهي الأساس الرئيسي الذي بنى عليه وستكوت وهورت نسختهما للعهد الجديد التي قاما بتحريرها. والنسخة الفاتيكانية محفوظة الآن في الفاتيكان بروما.
                          ج - النسخة الاسكندرانية وتشمل أسفار العهدين القديم والجديد باللغة اليونانية وترجع إلى القرن الخامس الميلادي وهي محفوظة الآن في المتحف البريطاني بلندن أيضاً.
                          ع‍ - نسخة أفرايم التي أعيد نسخها وهي تشمل أسفار العهدين القديم والجديد باللغة اليونانية وقد محيت من عليها أسفار الكتاب المقدس. ونسخت في مكانها مواعظ أفرايم فظهرت كتابة هذه المواعظ فوق كتابة أسفار الكتاب المقدس، ومع ذلك فقد أصبح من الممكن لنا أن نقرأ نسخة الكتاب المقدس التي ترجع إلى القرن الخامس الميلادي وهي محفوظة الآن في باريس.

                          ه‍ - نسخة بيزي وهي تشمل الأناجيل وسفر أعمال الرسل وجزءاً من رسالة يوحنا الأولى وقد كتبت باللغتين اليونانية واللاتينية وترجع إلى القرن الخامس أو السادس الميلادي وهي الآن محفوظة في كمبردج بانجلترا.
                          و - نسخة واشنطون وهي تشمل الأناجيل وترجع إلى القرن الرابع أو الخامس الميلادي وهي الآن محفوظة في واشنطون بالولايات المتحدة الاميركية.
                          وقد نشرت هذه المخطوطات جميعها في المائة عام الفائتة. وقد أعانت العلماء كثيراً في تحقيق نص أكثر قرباً إلى النص الأصلي من ذي قبل. وهي تؤيد النص الكتابي وتزيد كثيراً في ثقة العلماء بنص الكتاب المقدس.))
                          https://st-takla.org/Full-Free-Copti...4_M/M_079.html

                          ملاحظة :
                          التعليق الأخير المذكور في الاقتباس من تأييد هذه المخطوطات للنص الكتابي هو تضليل لا يمثل الواقع بتاتاً ومجرد عبارة فضفاضة لذر الرماد على العيون
                          .

                          وحقيقة الأمر أننا أمام واقع مر، فنحن لا نمتلك إسناداً واحداً لكل سفر من أسفار العهد الجديد حتى نقول ونتأكد أن التراث الشفهي (إن كان هناك تراث شفهي بعد القرن الأول أو بعد بداية كتابة إنجيل مرقس) نقل لنا أسفار العهد الجديد كما هي، وليس عندنا المخطوطات الأصلية بل ليس عندنا أي شيء من القرن الأول !!! و أقدم ما عندنا في العهد الجديد هي بردية بسيطة صغيرة لا تتجاوز حجم كف اليد الواحدة تحتوي على فقرة من إنجيل يوحنا ترجع إلى النصف الأول من القرن الثاني !!!

                          وما يزيد الطين بلة هي قصة اكتشاف المخطوطة السينائية حيث من المعلوم أن تشندروف اكتشفها في دير سانت كاثرين داخل سلة مهملات تحتوي على أوراق قديمة !!!
                          وإننا لنعجب من القوم كيف تكون المخطوطات هي عمدتهم في نقل نص العهد الجديد ثم نسمع أن أقدم مخطوطة عندهم للعهد الجديد كانت في حاوية مهملات !!!!!

                          نقرأ القصة من كتاب مخطوطات الكتاب المقدس بلغاته الأصلية الصفحة 40



                          يتبع مع جهالة هوية مؤلفي بعض أسفار العهد الجديد....
                          التعديل الأخير تم بواسطة إيمان يحيى; 26 ينا, 2020, 01:17 م.

                          تعليق


                          • #14
                            ثالثاً : جهالة هوية مؤلفي بعض أسفار العهد الجديد:
                            إنه من المعروف والمعلوم اليوم أن معظم مؤلفي أسفار العهد الجديد مجهولو الهوية، ولا يمكن التحقق بالضبط من هوية كاتب كل سفر. كل ما نستطيع فعله هو قراءة تلك الدعاوى التي تطلق أسماءً لكتاب أسفار العهد الجديد، وتحليل صدق أو كذب كل دعوى من خلال قراءة سياق نصوص الأسفار ودراستها لمعرفة العوامل المؤثرة على الكاتب كالبيئة والخلفية الثقافية وطريقة الكتابة وتوجيه الكلام في النص.
                            وليس هذا الأمر بغريب إذ أنها النتيجة الطبيعية لضياع النسخ الأصلية لمخطوطات العهد الجديد وفقدان التراث الشفهي لأي مستند تقوم عليه (مثال: إسناد واحد متصل من الناقل إلى القائل ضمن ضوابط نعلم من خلالها وثاقة الرجال في سلسلة السند وأمانتهم وقوة حفظهم وعدم الانقطاع الزمني بين بعضهم البعض).

                            1. إنجيل متى :
                            إنجيل متى وهو أول أناجيل العهد الجديد ومع هذا فإن مؤلفه مجهول الهوية، ونسبته إلى متى مجرد نسبة عابرة تمت متأخراً. وعلى أرجح الظن من خلال قراءة الإنجيل وملاحظة كثرة الاقتباسات الموجودة من العهد القديم، نستطيع أن نقول أن الكاتب هو نصراني من خلفية يهودية لا نعلم هويتها، وأنه كان كما ذكرنا سابقاً يقتبس من إنجيل مرقس ومن مصادر أخرى كالمصدر Q. وما قيل أن بابياس نسب هذا الإنجيل لمتى نفسه فهو مردود لعدة لأسباب :
                            1. أن بابياس عاش في القرن الثاني ولم يذكر لنا مصدر كلامه أو دليله أن هذا الإنجيل جمع أقواله متى.
                            2. بابياس ذكر أن متى جمع أقوال المسيح باللغة العبرية ولم يقل أبداً أنه كتب بشارة المسيح أو سيرة المسيح.
                            فنسبة الإنجيل لمتى هو مجرد تقليد كنسي متأخر لا دليل عليه!!
                            3. أن بابياس طعن في يوسابيوس (كما سنأتي في ذكر ذلك لاحقاً إن شاء الله)

                            نقرأ من المدخل إلى الكتاب المقدس للقس حبيب سعيد الصفحة 222:
                            ((أما متى فلا ينعقد الإجماع على أنه مؤلف البشارة التي تحمل اسمه - ذلك لأن واضع هذه البشارة كان يهودياً غير معروف ربما من مدينة أنطاكية كتب سيرة يسوع في اللغة اليونانية وأدمج فيها أجزاء كثيرة من بشارة مرقس ومن المصادر الأخرى التي أشرنا إليها من قبل. على أن العنوان إنجيل متى لا يمكن أن يكون أعطي لهذا الكتاب دون أن يكون للرسول متى علاقة به. وقد قلنا فيما سبق أن متى - في رأي الأسقف بابياس - قد وضع الأقوال (أي أقوال المسيح) باللغة العبرية. ومن المحتمل جداً أن تكون هذه البشارة قد عرفت -تقليداً - بأنها بشارة متى لأنها ضمت تلك الأقوال التي جمعها متى أحد الرسل الأصليين. وكانت هذه العادة في تسمية الكتب مثل عادة النقل عن مؤلف آخر دون الإشارة إلى ذلك- ظاهرة شائعة في القرون الأولى. على أن كون متى ليس هو واضع هذه البشارة الأولى لا يؤثر مطلقاً في صحة هذا الكتاب ومحتوياته وقيمته التاريخية. ومن السخف أن نثير حوله الشك لأن التقاليد وضعت له عنواناً غير اسم المؤلف الحقيقي.))
                            ​​​​​​
                            اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	image.png  مشاهدات:	23  الحجم:	438.1 كيلوبايت  الهوية:	811153


                            وقول القس حبيب سعيد الأخير - أن جهالة المؤلف لا تؤثر على مصداقية الإنجيل وأنه من السخافة الطعن في التقليد لعدم معرفتنا من هو الكاتب - هو ترقيع أو جملة يقولها لذر الرماد على العيون!!!!
                            إذ إن لم يكن هو متى فمن هو؟؟؟ و ما أدرانا أن عقيدته كانت نفس عقيدة متى!!!.
                            وكيف نبني عقيدتنا على كتاب مجهول المؤلف؟؟ وما أدرانا بدرجة وثاقته؟؟؟ خاصة أنه اقتبس من مرقس ولم يعترف باقتباسه منه، كما ذكر واعترف القس حبيب سعيد، فكيف نصدقه أو نطمئن إلى موثوقيته ككاتب؟؟؟
                            وإذا كان التقليد قد أخطا واعتمد على التخمين فعلى أي أساس نصدق هذا التقليد بعدئذ؟؟؟


                            ونقرأ من الترجمة الرهبانية اليسوعية الصفحة 34:
                            ((كان الأمر بسيطاً في نظر الآباء الأقدمين فإن الرسول متى هو الذي كتب الإنجيل الأول ((للمؤمنين الذين من أصل يهودي)) أوريجنس. وهذا ما يعتقده أيضاً كثير من أهل عصرنا، وإن كان النقد الحديث أشد انتباهاً إلى تعقد المشكلة. وهناك عوامل كثيرة تمكن من تحديد مكان الإنجيل الأول. فإن الواضح أن النص كما هو الآن يعكس تقاليد آرامية أو عبرية، منها المفردات بفلسطين (ربط وحل 16/ 19 وحمل النير وملكوت السماوات) والعبارات التي لا يشرحها متى لقرائه والعادات المتنوعة (5/ 23 و 12/ 5 و 23/ 5 و 15 و 23). وعلى جهة أخرى فليس هو، فيما يبدو، مجرد ترجمة عن الأصل الآرامي بل هناك ما يدل على أنه دُوِّن باليونانية . ومع أنه مجبول بالتقاليد اليهودية، فلا سبيل إلى إثبات أصله الفلسطيني. ومن المعتقد عادة أنه كتب في سورية ربما في أنطاكية (اغناطيوس يستشهد به في أوائل القرن الثاني)، أو في فينيقية وكان يعيش في هذه البلاد عدد كبير من اليهود.... و لذلك فالكثير من المؤلفين يجعلون تاريخ الإنجيل الأول بين السنة 80 والسنة 90 وربما قبلها بقليل ....أما المؤلف فالإنجيل لا يذكر عنه شيئاً. وأقدم تقليد كنسي (بابياس أسقف هيابوليس، النصف الأول من القرن الثاني) ينسبه إلى الرسول متى- لاوي. وكثير من الآباء (أوريجنوس، هيرونيميس وأبيفانيوس) يرون ذلك الرأي.... لكن البحث في الإنجيل لا يثبت هذه الآراء دون أن يبطلها مع ذلك على وجه حاسم. فلما كنا لا نعرف اسم المؤلف معرفة دقيقة، يحسن بنا أن نكتفي ببعض الملامح المرسومة في الإنجيل نفسه، فالمؤلِف يُعرف من عمله. فهو طويل الباع في علم الكتاب المقدس والتقاليد اليهودية، يعرف رؤساء شعبه الدينيين ويوقرهم، بل يناديهم بقساوة، بارع في فن التعليم وتقريب يسوع إلى سامعيه، يشدد على ما في تعليمه من نتائج عملية: فجميع هذه الصفات توافق صفات يهودي مثقف أصبح مسيحياً ((ورب بيت يخرج من كنزه كل جديد و قديم (13 / 53 ))).
                            اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	image.png  مشاهدات:	21  الحجم:	375.6 كيلوبايت  الهوية:	811154


                            اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	image.png  مشاهدات:	22  الحجم:	618.9 كيلوبايت  الهوية:	811155




                            واحتجاج من يحتج بقول بابياس مردود للأسباب الثلاثة المذكورة بالأعلى، ومنها كما قلنا طعن يوسابيوس القيصري في كتابه تاريخ الكنيسة بحفظ وفهم بابياس للنصوص وقلة إدراكه ووصفه بأنه كان محدود الإدراك
                            حيث يقول يوسابيوس في كتابه: تاريخ الكنيسة، الفصل التاسع والثلاثون تحت عنوان كتابات بابياس، الصفحة 175- 177 :
                            (((2) أما بابياس نفسه فإنه في مقدمة أبحاثه لا يصرح بأي حال من الأحوال بأنه كان مستمعاً أو معايناً للرسل المباركين، ولكنه يبين في كلماته بأنه قد تلقى تعليم الإيمان من أصدقائهم، فهو يقول : ....
                            (11) ويُدوِّنُ نفس الكاتب روايات أخرى يقول: إنها وصلته من التقليد غير المكتوب. وأمثالاً وتعاليم غريبة للمخلص وأموراً خرافية.
                            (12) من ضمن هذه قوله: ستكون فترة ألف سنة بعد قيامة الأموات وإن ملكوت المسيح سوف يؤسس على نفس هذه الأرضية بكيفية مادية. وأظن أنه وصل إلى هذه الآراء بسبب إساءة فهمه للكتابات الرسولية غير مدرك أن أقوالهم كانت مجازية.
                            (13) إذ يبدو أنه كان محدود الإدراك جداً كما يتبين من أبحاثه. وإليه يرجع السبب في أن الكثيرين من آباء الكنيسة من بعده اعتنقوا نفس الآراء مستندين في ذلك على أقدمية الزمن الذي عاش فيه، كإيريناوس وغيره ممن نادوا بآراء مماثلة.
                            ))
                            اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	image.png  مشاهدات:	23  الحجم:	624.5 كيلوبايت  الهوية:	811156


                            اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	image.png  مشاهدات:	21  الحجم:	707.4 كيلوبايت  الهوية:	811157


                            اضغط على الصورة لعرض أكبر.   الإسم:	image.png  مشاهدات:	22  الحجم:	545.6 كيلوبايت  الهوية:	811158




                            يتبع مع إنجيل يوحنا.....
                            التعديل الأخير تم بواسطة إيمان يحيى; 26 ينا, 2020, 02:35 م.

                            تعليق


                            • #15
                              ماشاء الله لا قوة إلا بالله .. نفع الله بكم وأثابكم

                              يوجد صورة يا شيخ محمد في الرسالة رقم 7 في المرفقات .. هل بالخطأ أم كان يجب أن توضع في أصل المقال؟

                              "يا أيُّها الَّذٍينَ آمَنُوا كُونُوا قوَّاميِنَ للهِ شُهَدَاء بِالقِسْطِ ولا يَجْرِمنَّكُم شَنئانُ قوْمٍ على ألّا تَعْدِلوا اعدِلُوا هُوَ أقربُ لِلتّقْوى
                              رحم الله من قرأ قولي وبحث في أدلتي ثم أهداني عيوبي وأخطائي
                              *******************
                              موقع نداء الرجاء لدعوة النصارى لدين الله .... .... مناظرة "حول موضوع نسخ التلاوة في القرآن" .... أبلغ عن مخالفة أو أسلوب غير دعوي .... حوار حوْل "مصحف ابن مسْعود , وقرآنية المعوذتين " ..... حديث شديد اللهجة .... حِوار حوْل " هل قالتِ اليهود عُزيْرٌ بنُ الله" .... عِلْم الرّجال عِند امة محمد ... تحدّي مفتوح للمسيحية ..... حوار حوْل " القبلة : وادي البكاء وبكة " .... ضيْفتنا المسيحية ...الحجاب والنقاب ..حكم إلهي أخفاه عنكم القساوسة .... يعقوب (الرسول) أخو الرب يُكذب و يُفحِم بولس الأنطاكي ... الأرثوذكسية المسيحية ماهي إلا هرْطقة أبيونية ... مكة مذكورة بالإسْم في سفر التكوين- ترجمة سعيد الفيومي ... حوار حول تاريخية مكة (بكة)
                              ********************
                              "وأما المشبهة : فقد كفرهم مخالفوهم من أصحابنا ومن المعتزلة
                              وكان الأستاذ أبو إسحاق يقول : أكفر من يكفرني وكل مخالف يكفرنا فنحن نكفره وإلا فلا.
                              والذي نختاره أن لا نكفر أحدا من أهل القبلة "
                              (ابن تيْمِيَة : درء تعارض العقل والنقل 1/ 95 )

                              تعليق

                              مواضيع ذات صلة

                              تقليص

                              المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                              ابتدأ بواسطة ابن الوليد, منذ 4 يوم
                              رد 1
                              41 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة ابن الوليد
                              بواسطة ابن الوليد
                               
                              ابتدأ بواسطة Guardian26, 22 ينا, 2024, 02:18 ص
                              ردود 3
                              109 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة محب المصطفى
                              بواسطة محب المصطفى
                               
                              ابتدأ بواسطة Muslim1989, 13 ديس, 2023, 02:27 ص
                              ردود 8
                              88 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                              بواسطة *اسلامي عزي*
                               
                              ابتدأ بواسطة Muslim1989, 11 ديس, 2023, 12:39 م
                              ردود 9
                              145 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة أحمد عربي أحمد سيد  
                              ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 21 أكت, 2023, 11:53 م
                              ردود 0
                              171 مشاهدات
                              0 معجبون
                              آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                              بواسطة *اسلامي عزي*
                               
                              يعمل...
                              X