كيف تنفر الناس من الإسلام؟

تقليص

عن الكاتب

تقليص

الشرقاوى مسلم اكتشف المزيد حول الشرقاوى
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كيف تنفر الناس من الإسلام؟

    كيف تنفر الناس من الإسلام؟

    د. يوسف القرضاوي

    من مظاهر التبشير المطلوبة من الدعاة: التدرج بالناس في الدعوة والتعليم، فلا يطلبون من الإنسان حديث العهد بالإسلام ما يطلبونه من المسلم الذي ولد في الإسلام، ونشأ عليه، وتربى في أحضانه، وورث ثقافته وتقاليده من أسرته ومجتمعه.

    ومن ثَم يكون من الخطأ: أن يطالب هذا بأداء الفرائض والسنن والنوافل، وأن نطالبه باجتناب المحرمات والشبهات والمكروهات، وأن نشدد عليه في ذلك، كما نشدد على المسلم الملتزم الذي ارتقى في درجات الخير، وأصبح أسوة للناس.

    وقد عبت على إخواني في اليابان أنهم حين يعلمون الداخلين في الإسلام يثقلونهم بتفصيلات الأحكام، ويشغلونهم بالواجبات والتطوعات، حتى قالوا لي: إن اليابانيين لا ينتشر الإسلام بينهم؛ لأنهم يقولون: إن دينكم كثير التكاليف.

    قلت لهم: أنتم السبب، وطريقتكم في التعليم هي التي تنفر ولا تبشر.

    المفروض فيمن يعلم الداخلين الجدد في الإسلام أن يقتصر في المأمورات على الفرائض الأساسية. ويقتصر في المنهيات على المحرمات القطعية، لا على الشبهات ولا على المكروهات.

    بل أقول: يجب التركيز أولاً على اجتناب الكبائر، فإن الصغائر تكفرها الصلوات الخمس، وصلاة الجمعة، وصيام رمضان وقيامه، كما جاء في الحديث الصحيح: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان: مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر"(1).

    وفي الصحيحين: "أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات، فهل يبقى على بدنه من درنه شيء؟ فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا". والمراد بها: صغائر الخطايا، فإن الكبائر لا تكفرها إلا التوبة.

    يؤكد هذا ما جاء في كتاب الله: "وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفًا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات" [هود: 114].

    وفي الصحيحين: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه".

    وفي الصحيح أيضًا: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما".

    بل قرر القرآن الكريم أن مجرد اجتناب الكبائر يكفر الصغائر، وهذا إذا اجتُنبت الكبيرة تدينًا وخشية من الله تعالى، لا عجزًا عنها، وهو حريص عليها راغب فيها. يقول تعالى: "إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلاً كريمًا" [النساء: 31].

    ومثل الرفق بحديث العهد بالإسلام والتيسير عليه: التيسير على حديث العهد بالتوبة، فإذا عاش الإنسان عمرًا في أوحال المعصية، ثم شرح الله صدره للتوبة، وهداه إلى طريق الاستقامة، فالواجب أن نترفق به، ونعتبر كأنه دخل الإسلام من جديد، ونأخذ بالأخف من الأعمال، والأيسر من الأحكام، حتى ترسخ قدمه، وتمتد جذوره في أرض الصلاح والتقى، ثم بعد ذلك نرقى به شيئًا فشيئًا، بل هو في الواقع هو الذي سيجتهد أن يترقى، فإذا كان في أول الأمر يكتفي بالفرائض سيحاول أن يضيف إليها السنن أو بعضها في أول الأمر. وكذلك إذا كان يكتفي باجتناب الكبائر، سيجتهد أن يضم إليها الصغائر، بل يترقى فيها بعد ذلك، حتى تبقى الشبهات، ومن اتقى الشبهات، فقد استبرأ لدينه وعرضه.

    وهكذا ندع هذا المسلم يروض نفسه ويجاهدها، ويرقى بها من منزلة إلى منزلة، حتى يصل إلى درجة المتقين الذين ورد فيهم الحديث: "ولا يبلغ عبد درجة المتقين، حتى يدع ما لا بأس به حذرًا مما به بأس"(2).

    ولقد أسفت غاية الأسف حين وجدت بعض الإخوة الدعاة يذهبون إلى بلاد عاشت في الشيوعية نصف قرن أو أكثر، وُولد شبابها وبناتها في هذا الجو الملحد الكافر، وقد جُهِّلوا بالإسلام، وعزلوا عنه تمامًا، ولم يتح لهم أن يتعرفوا عليه قط. كل ما يربطهم بالإسلام هو الشهادتان، وعاطفة موروثة نحو هذا الدين. فرأيت هؤلاء الإخوة يبدءون مع هؤلاء الناس من رجال ونساء بالأمور المختلف فيها، ويلزمونهم بمذهبهم وطريقتهم، ويوجبون على الرجل أن يلتحي، وعلى المرأة أن تلبس النقاب!!.

    إن منكم منفرين!!

    ومن أسباب التنفير: الفظاظة والغلظة والخشونة في التعامل مع الناس. فإن حسن الخلق والرفق ولين الجانب وبشاشة الوجه تحبب صاحب الدعوة إلى الناس، وتقربهم منه. بخلاف الغلظة والعنف والخشونة، فإن الناس لا يطيقون من كانت هذه أخلاقه، فهي أخلاق طاردة، وليست جاذبة، كما هو مشاهد ومعلوم.

    والقرآن الكريم يقرر ذلك بوضوح، فقد خاطب الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: "فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضوا من حولك" هذا مع أنه المرسل إليهم من الله، والمؤيد بوحيه، والمعصوم من ربه. ولكن البشر لا يطيقون بطبيعتهم مصاحبة الفظ والغليظ، ولو كان هو الرسول المعصوم، فكفى بهذا عبرة ودرسًا.

    ولا غرو أن وجدناه صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقًا، وأكثر الناس رفقًا، وألطف الناس عشرة، وأقرب الناس إلى العفو عن المسيء، والصفح عمن هفا وزل قدمه. وقد قال تعالى في وصفه: "لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم" [التوبة: 128].

    سوء المظهر من المنفرات

    ومن أسباب التنفير: سوء المظهر، في الصورة واللباس والسمت، مما يعطي انطباعًا لدى جمهور الناس -وخصوصًا العصريين منهم- بأن هذا الشخص متخلف، أو يعيش خارج دائرة العصر.

    ولقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم حريصًا على أن يرقى بذوق أصحابه في سمتهم ومظهرهم، كما يرقى بهم في مخبرهم.

    ولقد قال يومًا لأصحابه: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر"، فقال رجل: يا رسول الله، إني رجل أولعت بالجمال في كل شيء، حتى ما أحب أن يفوقني أحد بشراك نعل. فهل هذا من الكبر؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق، وغمط الناس".

    وما أروعها وأصدقها عبارة: إن الله جميل يحب الجمال.

    صورة جاذبة وصورة طاردة

    وأهم من ذلك كله: الصورة التي تقدم بها الإسلام للناس. فهناك صورة جاذبة، وصورة طاردة، صورة مبشرة، وصورة منفرة، وإنما نكسب من حولنا بالصورة المبشرة.

    هناك أناس يقدِّمون الإسلام في صورة تقشعر من هولها الجلود، وترتعد من قساوتها الفرائص، وتوجل من ذكرها القلوب.

    إنه الإسلام الذي يدعو إلى "اللفظية" في العقيدة، و"الشكلية" في العبادة، و"السلبية" في السلوك، و"السطحية" في التفكير، و"الحرفية" في التفسير، و"الظاهرية" في الفقه، و"المظهرية" في الحياة.

    إنه الإسلام المقطب الوجه، العبوس القمطرير الذي لا يعرف غير العنف في الدعوة، والخشونة في المجادلة، والغلظة في التعامل، والفظاظة في الأسلوب.

    إنه الإسلام الجامد كالصخر الذي لا يعرف تعدد الآراء، ولا يعترف بتنوع الاجتهادات، ولا يقر إلا بالرأي الواحد، والوجه الواحد، ولا يسمع للرأي الآخر، ولا للوجهة الأخرى، ولا يرى أحدهم أن رأيه صواب يحتمل الخطأ، وأن رأي غيره خطأ يحتمل الصواب، بل رأيه هو الصواب الذي لا يحتمل الخطأ، ورأي الآخرين هو الخطأ المحض الذي لا يحتمل الصواب بوجه.

    إنه الإسلام الذي ينظر بريبة إلى المرأة، فهو يدعو إلى حبسها في البيت، وحرمانها من العمل، ومن المشاركة في الدعوة والحياة الاجتماعية والسياسية.

    إنه الإسلام الذي لا تعنيه العدالة في توزيع الثروة، ولا توكيد قاعدة الشورى في الحكم، ولا إقرار الحرية للشعب، ولا مساءلة اللصوص الكبار عما سرقوه وما اقترفوه، ولا تحذير الناس من الوقوع في براثن التبعية للقوى الأجنبية، أو الاستسلام للقوة الصهيونية التوسعية العدوانية، لكن يشغل الناس بالجدال في مماحكات لفظية، وفرعيات فقهية، وجزئيات خلافية، في العبادات أو المعاملات، لا يمكن أن ينتهي فيها الخلاف.

    إنه الإسلام الذي يتوسع في منطقة التحريم، حتى يكاد يجعل الحياة مجموعة من المحرمات، فأقرب كلمة إلى ألسنة دعاته، وأقلام كتابه: كلمة "حرام".

    إن الإسلام المنشود، هو الإسلام الأول، إسلام القرآن والسنة، سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وسنة الراشدين المهديين من بعده، إسلام التيسير لا التعسير، والتبشير لا التنفير، والرفق لا العنف، والتعارف لا التناكر، والتسامح لا التعصب، والجوهر لا الشكل، والعمل لا الجدل، والعطاء لا الادعاء، والاجتهاد لا التقليد، والتجديد لا الجمود، والانضباط لا التسيب، والوسطية لا الغلو ولا التقصير.

    إسلام يقوم على عقيدة روحها التوحيد، وعبادة روحها الإخلاص، وأخلاق روحها الخير، وشريعة روحها العدل، ورابطة روحها الإخاء، وثمرة ذلك كله حضارة روحها التوازن والتكامل.

    هذا الإسلام وحده هو الذي يقربنا من العالم، ويقرب العالم منا، وهو الإسلام الذي تتبناه الصحوة الإسلامية، أو ما يجب أن تتبناه الصحوة بكل فصائلها، فلا يخفى أن من فصائلها ما هو في حاجة أن يتجاوز طور المراهقة إلى الرشد.
    الـ SHARKـاوي
    إستراتيجيتي في تجاهل السفهاء:
    ذبحهم بالتهميش، وإلغاء وجودهم المزعج على هذا الكوكب، بعدوى الأفكار،
    فالأفكار قبل الأشخاص، لأن الأفكار لها أجنحة، فأصيبهم بعدواها الجميلة. وهذا الواقع المظلم الذي نعيش سيتغير بالأفكار،
    فنحن في عصر التنوير والإعصار المعرفي، ولا بد للمريض أن يصح، ولا بد للجاهل أن يتعلم، ولا بد لمن لا يتغير، أن يجبره الواقع على التغير،
    ولا بد لمن تحكمه الأموات، الغائب عن الوعي، أن يستيقظ من نومة أهل الكهف أو يبقى نائما دون أثر، لا يحكم الأحياء!

  • #2
    فعلا يا اخ شرقاوي وانا شايف انالدين يسر مش عسر
    وطبعا انا مش هفتي بس بيتهيألي لازم التدرج بمعني مثلا الصلاه والصوم والزكاة والحج لمن استطاع وطبعا تعريفهم المحرمات والكبائر
    وبعد كده الباقي لان في رأي الشخص الي بيدخل الاسلام هو نفسه الي هيطلب يتعرف علي الباقي
    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 21 أغس, 2020, 10:21 م.
    إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ ءادَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ(59)الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ(60) ال عمران

    تعليق


    • #3
      إن الإسلام المنشود، هو الإسلام الأول، إسلام القرآن والسنة، سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وسنة الراشدين المهديين من بعده، إسلام التيسير لا التعسير، والتبشير لا التنفير، والرفق لا العنف، والتعارف لا التناكر، والتسامح لا التعصب، والجوهر لا الشكل، والعمل لا الجدل، والعطاء لا الادعاء، والاجتهاد لا التقليد، والتجديد لا الجمود، والانضباط لا التسيب، والوسطية لا الغلو ولا التقصير.
      وطبعا الى جانب هذا وحتى لا ياخذ الناس كلام الشيخ بالظاهر

      ان ديننا اصلا وسطيه يعنى ما قاله الله من تشريع وما قاله النبى صلى الله عليه وسلم هو الوسطيه

      يعنى ان قلت لاحد قال الله وقال الرسول ............... لا ينبغى ان يرد ويقول الدين يسر مش عسر

      لانى لم اتى له بشيئ من عندى وانما اتيته بما قاله الله ورسوله .......... اذن فهو اليسر وهو الخير

      بارك الله فيك اخى شرقاوى وجزيت خيرا على الموضوع الطيب
      التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 21 أغس, 2020, 10:21 م.

      :: للبحث عن كل شيئ وأى شيئ ::










      إِذا كُنْتَ لاَ تَدْرِي ، وَلَمْ تَكُ بِالَّذِي ** يُسائِلُ مَنْ يَدْرِي ، فَكَيْفَ إِذاً تَدْرِي

      تعليق


      • #4
        جزاك الله خيرا
        المشاركة الأصلية بواسطة الشرقاوى مشاهدة المشاركة
        إن منكم منفرين!!

        ومن أسباب التنفير: الفظاظة والغلظة والخشونة في التعامل مع الناس. فإن حسن الخلق والرفق ولين الجانب وبشاشة الوجه تحبب صاحب الدعوة إلى الناس، وتقربهم منه. بخلاف الغلظة والعنف والخشونة، فإن الناس لا يطيقون من كانت هذه أخلاقه، فهي أخلاق طاردة، وليست جاذبة، كما هو مشاهد ومعلوم.
        .
        بالفعل هذا الكلام صحيح مئه بالمئه
        فيجب علي الدعاه اتخاذ اللين والرفق اسلوبا لهم
        وعدم التشدد في الدعوه لان هذا سببا رئيسيا في نفور غير المسلمين عن الاسلام
        التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 21 أغس, 2020, 10:21 م.



        تعليق


        • #5
          رد: كيف تنفر الناس من الإسلام؟

          للأسف الشديد أسلوب كثير من الدعاة يُنفر الناس منهم..!!

          حتى المسائل الخلافية لا شأن للمسلم العادى بها ويكفيه الأخذ بما يتيسر له دونما تفريط

          موضوع هام جداً ولكن وجب التنبيه على ضعف هذا الحديث

          حتى يصل إلى درجة المتقين الذين ورد فيهم الحديث: "ولا يبلغ عبد درجة المتقين، حتى يدع ما لا بأس به حذرًا مما به بأس"(2).

          لا يبلُغُ عبدٌ درجةَ المتَّقينَ حتَّى يدعَ ما لا بأسَ بهِ حذرًا مِمَّا بهِ بأسٌ

          الراوي : عطية بن عروة السعدي | المحدث : الألباني | المصدر : غاية المرام

          الصفحة أو الرقم: 178 | خلاصة حكم المحدث : ضعيف
          وَريحُ يوسفَ لا تَأتي نَسائمُها
          إِلا لِقلبٍ كانَ هواهُ يَعقوبا



          تعليق

          مواضيع ذات صلة

          تقليص

          المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
          ابتدأ بواسطة عبدالمهيمن المصري, 25 يون, 2022, 01:36 ص
          ردود 0
          18 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة عبدالمهيمن المصري  
          ابتدأ بواسطة عبدالمهيمن المصري, 28 أغس, 2020, 02:19 ص
          ردود 0
          99 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة عبدالمهيمن المصري  
          ابتدأ بواسطة salhinawfal, 13 مار, 2020, 08:35 م
          ردود 0
          62 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة salhinawfal
          بواسطة salhinawfal
           
          ابتدأ بواسطة عبدالمهيمن المصري, 8 ديس, 2019, 11:45 م
          ردود 0
          73 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة عبدالمهيمن المصري  
          ابتدأ بواسطة salhinawfal, 18 أغس, 2019, 05:53 م
          ردود 3
          113 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة د.أمير عبدالله  
          يعمل...
          X