أثر جهود السريان على الحضارة العربية السريانية

تقليص

عن الكاتب

تقليص

د/ أحمد الجمل مسلم اكتشف المزيد حول د/ أحمد الجمل
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أثر جهود السريان على الحضارة العربية السريانية






    أثر جهود السريان على الحضارة العربية الإسلامية









    د . أحمد محمد على الجمل
    كلية اللغات والترجمة ـ جامعة الأزهر










    القاهرة 2005م







    ملحوظـة :
    · أرقام صفحات البحث مطابقة للأصل .


    أثر جهود السريان على الحضارة العربية الإسلامية
    د. أحمد الجمل


    السريان جنس سامى عُرف فى التاريخ القديم بالآراميين ، والآراميون هم بنو آرام بن سام بن نوح عليه السلام ، وكانوا يعيشون فى البلاد التى تسمى فى التوراة " آرام " وهى المعروفة ببلاد الشام والعــراق ، واللغة السريانية هى امتداد للغة الآرامية فى العصر المسيحى حيث كانت فــى بادئ أمرها تسمى بالآرامية والمتكلمون بها باللآراميين ([i][1]) .
    ومن الخطأ اعتبار اللغة السريانية احدى لهجات الآرامية تبعا للمستشرقـين ، لأن السريانية هى عين اللغة الآرامية المعروفة فى التاريخ والتى اشتهرت قبل الميلاد بمئات السنين ، والآثار الآرامية التى ظهرت أخيرا تؤيد هذا القول ، ولاسيما كتاب أحيقار وزير سنحاريب ملك آشـور ، وكانت الآراميـة السريانية هى السائدة فى سورية والعراق وفلسطـين منذ القرن السـادس قبل المسيح ([ii][2]) .
    وبعد ظهور المسيحية فى بلاد الآراميين ، جعل هؤلاء الذين اعتنقوها ينفرون من تلك التسمية القديمة ، ويعدونها مرادفة للوثنية والإلحاد لذلك سارعوا بالأخذ بكلمة سريان ، تلك التسمية التى أطلقها عليهم اليونانيون الذين كانوا يحتلون بلادهم 312 ق.م ، كما سموا لغتهم السريانية ، وجعلوا اسم الآراميين لسكان القرى الوثنية ، وصـارت كلمة آرامى تطلق على الوثنى ، وكلمة سريانى تطلق على النصرانى ([iii][3]) .
    وكانت بلاد الآراميين مسرحاً للنزاع بين الفرس والروم ، فهى حيناً فى أيدى الفرس وحيناً فى أيدى الروم ، وقد تأثروا بحضارة الفرس والروم وثقافتهم ، وكانت اللغة الآرامية شائعة فى الشرق كله حتى بين طبقات الحاكمين من الفرس ، فجعلوها لغة للتفاهم بين أجزاء الإمبراطورية فأصبحت بذلك لغة المكاتبات الرسمية .
    ولم تكن الآرامية لغة الإمبراطورية الفارسية الرسمية فحسب ، وإنما كانت لغة دولية – إن صح هذا التعبير - نعلم ذلك من الكتاب المقدس ، فقد جاء فى سفر (الملوك الثانى 18-26) " كلم عبيدك بالآرامى لأننا نفهمه ولاتكلمنا باليهودى " وكان ذلك عندما حاصر سنحاريب بيت المقدس فى أوائل القرن السابع قبل الميلاد ([iv][4]) .
    وقد أُتيح للسريان أن يتأثروا تأثراً ملموساً بالثقافة اليونانية، وذلك فى أعقاب غزو الإسكندر الأكبر لمنطقة الشرق الأدنى سنة 312 ق م ، إذ كان دخوله للشرق وما تلاه من تكوين إمبراطورية يونانية فى الشرق بمثابة نقطة تحول فى التاريخ السياسي والاجتماعى والفكرى بها ([v][5]) . وكان هذا التأثير نتيجة طبيعية للعوامل التى مهدت له ، وأدت إلى نتائجه ، وقد اختلط اليونان بالسريان اختلاطاً كبيراً ، كذلك انتشرت الأديرة والمدارس التى اضطلعت بالنشاط العلمى الذى تناول العلوم السريانية واليونانية على حد سواء ([vi][6]) .
    وأدى هذا الالتحام المباشر بين السريان وعلوم اليونان إلى أن جعل الثقافة اليونانية تعيش فى كيان هؤلاء القوم ، مما جعلهم يتمكنون منها ، ويصبحون معلمين لها ، ومن المؤكد أن الاساليب اليونانية كانت ذات أثر فيما وصلت إليه اللغة السريانية ، فقد حاكى السريان الأبنية اليونانية فى بعض كتاباتهم وقلدوهم فى طريقة استعمال الكلمات بل إنهم نقلوا إلى لغتهم كثيراً من الكلمات اليونانية ، وبالرغم من أن تعلم اللغة اليونانية كان مقصوراً على أبناء الأغنياء ، فإن بعض الأدباء كان يؤلف بها ثم تُنقل كتبه إلى اللغة السريانية لكى يفهمها سـائر الناس ، ولذلك كان من السهل عليهم نقل العلوم اليونانية إلى السريانية ([vii][7]) .
    ولم تكن الثقافة الإغريقية وافدة من أثينا بل كانت بؤرتها مدرسة الإسكندرية فى مصر ، ولم تكن ثقافة هلينية ولكنها كانت تدور فى فلك الهلينيـة *، ولا شك أن ثقافة الإسكندرية تعتبر تطوراً طبيعياً وضرورياً لثقافة الإغريق القدماء ، وبصفة خاصة الفلسفة ثم ركزت جهودها من بعد فى الطب والفلك والرياضيات ([viii][8]) وقد كانت مدرسة الإسكندرية ملتقي الشرق والغرب ثم فيه امتزاج عجيب بين الدين اليهودي والفلسفة اليونانية ، وتمت الترجمة اليونانية للعهد القديم فى هذا المكان ([ix][9]) ، وبعد دخول المسيحية أقدم كثير من آباء الكنيسة على الفلسفة يتدارسونها لأنهم رأوا من الضروري أن يؤيدوا أنفسهم وعقائدهم أمام الوثنيين ([x][10]) .
    وعندما ظهرت المسيحية لم تكن مدينة أنطاكية * أقل مكانة من الإسكندرية التى وفد عليها المبشرون الأوائل ومنهم بطرس – أحد الحواريين الأثني عشر – الذي أسس كنيستها عام 34م فأصبحت أحد المراكز الرئيسية لنشر الدعوة المسيحية ([xi][11]) ولأنطاكية فى تاريخ الشرق الأدني أهمية عظيمة بفضل مدرستها اللاهوتية التي كان علماؤها يركزون دراستهم على التفسير الحرفي للكتاب المقدس ، ويبدون اهتماماً كبيراً لإنسانية المسيح الكاملة ، ويرجع الفضل فى تأسيس مدرسة أنطاكية إلى كاهن يدعي لوسيان وذلك فى عام 290م ([xii][12]) ، وإليه يرجع الفضل فى المكانة التى بلغتها هذه المدرسة والتي جعلتها تناقس مدرسة الإسكندرية خلال القرن الرابع والنصف الأول من القرن الخامس الميلادي ([xiii][13]) .
    وبعد إنشاء مدرسة أنطاكية والتى ذاع صيتها فى الشرق ، أنشأ السريان مدارس قريبة من مجتمعاتهم وكنائسهم تُدرس فيها مبادئ الدين مع مبادئ الفلسفة والعلوم الأخري ، ويقول الأستاذ أحمد أمين : كان للسريان فيما بين النهرين نحو خمسين مدرسة تعلم فيها العلوم السريانية واليونانية وكانت هذه المدراس تتبعها مكتبات ([xiv][14]) أشهرها مدرسة نصبين الأولي والثانية والرها وقنسرين وجنديسابور ([xv][15]) .
    وكانت هذه المدارس بمثابة جسور عبرت فوقها علوم الأوائل كالفرس واليونان والتى كانت فى مجموعها ذات أثر فعال ومباشر على النهضة العلمية التى شهدها العالم العربي الإسلامي .
    المدارس السريانية

    · مدرسة نصيبين * الأولي :
    يرجع الفضل فى تأسيس مدرسة نصيبين الأولي إلى الأسقف يعقوب أفراهاط الذي استهوته شهرة مدرسة أنطاكية التى كانت تشبه مدرسة الإسكندرية فى ذلك الوقت ، فأسس مدرسة مماثلة فى نصيبين 325م وكان هدفها هو نشر اللاهوت اليوناني بين المسيحيين الذين يتكلمون السريانية ، وبعد وفاه الأسقف يعقوب أفراهاط واصل مار افريم الدور بدأه مؤسس المدرسة وسار على نهج أستاذه حتي بلغت المدرسة فى عهده مبلغاً عظيماً من الشهرة ([xvi][16]) .
    وقد فاق مار أفريم أستاذه توسعاً وانتشاراً فى مجالات الترجمة وتفسير الكتاب المقدس وشرحه ([xvii][17]) وظل يدير المدرسة بدأب ونشاط حتى عام 363م ([xviii][18]) حيث أُغلقت المدرسة بعد سيطرة الفرس على مدينة نصيبين ([xix][19]) فاضطر مار أفريم إلى الرحيل عن المدينة قاصداً الرها وهكذا كان خروج مار أفريم من نصيبين بمثابة نقطة النهاية فى حياة مدرسة نصيبين الأولي ([xx][20]) .
    وكانت الدراسة فى مدرسة نصيبين باللغة السريانية وكانت تدرس فيها اللغة اليونانية أيضاً ، وكان يغلب عليها الطابع الديني حيث كان اهتمام المدرسة منصباً على دراسة الكتاب المقدس فى ضوء التفسير الذي أعده مار أفريم ، وفى الوقت نفسه اهتمت المدرسة بالترجمة وعملت على وضع تراجم سريانية للكتب الدينية المكتوبة باللغة اليونانية والتى كانت تدرس فى مدرسة أنطاكية ([xxi][21]) .
    · مدرسة الرها :
    كانت الرها* أهم مراكز اللغة السريانية ([xxii][22]) ، ولما دخلتها المسيحية فى مستهل القرن الثاني اكتسبت هذه اللغة نفوذاً سما بها إلى أن يُنقل إليها الكتاب المقدس ، وأن يتخذها المسيحيون لغة لهم ، وتصبح الوسيلة المعبرة عن الثقافة المسيحية ، ويقول فيليب حتي فى ذلك : إن الترجمات الرئيسية للتوراة السريانية هناك فى أواخر القرن الثاني ([xxiii][23]) .
    وقد قامت مدرسة الرها على أكتاف أساتذة نصيبين الذين هجروها سنة 363 م بعد سقوطها فى أيدي الفرس ، وكان القديس أفريم السرياني المتوفي 375م أحد هؤلاء الأساتذة ([xxiv][24]) ويري بعض المؤرخين أن مدرسة الرها كانت قائمة قبل مار أفريم إلا أنها ازدهرت وذاع صيتها بعد عام 363م تحت رعاية مار أفريم ، وعلى ذلك يمكن القول بأن إدارة مار أفريم لمدرسة الرها ( 363م – 373م ) ([xxv][25]) كانت بمثابة بداية حقبة جديدة فى تاريخ تلك المدرسة ([xxvi][26]) . وكان مار أفريم بحق أحد مشاهير كتاب السريان فى النظم والنثر وقد وضع العديد من القصائد والأناشيد التى كان بعضها يستخدم فى الطقوس الدينية فى الكنيسة ([xxvii][27]) .
    ويعد إيهيبا ( ت 457م ) من أبرز شخصيات مدرسة الرها وأبعدها أثراً على تطور فكر هذه المدرسة ونشاطها ([xxviii][28]) وقد نشطت حركة الترجمة خلال فترة إدارته للمدرسة حيث اعتني بترجمة المنطق الأرسطي وشروحه إلى اللغة السريانية ([xxix][29]) وإليه يرجع الفضل فى نقل الدراسات الفلسفية والدينية الإغريقية إلى السريان ([xxx][30]) وقد ظل إيهيبا مديراً للمدرسة حتى اختير عام 435م أسقفا لمدينة الرها فى أعقاب وفاة أسقفها السابق ربولا ([xxxi][31]) ويري البعض أن إيهيبا اختار تلميده " برصوما " ( 415 – 496م ) ليحل محله فى رئاسة المدرسة وتدبير شئونها بعد تعيينه أسقفاً ([xxxii][32]) ويكاد يكون هناك إجماع من معظم المصادر التى تناولت أحداث تلك الفترة أن إيهيبا اختار تلميذة العلامة نرساي ( 399 – 502م ) ليكون مديراً للمدرسة وقد ظل فى منصبه حتي رحيله عن الرها ([xxxiii][33]) .
    وقد واصل نرساي ما بدأه أستاذه إيهيبا من ترجمة أعمال مفكري مدرسة أنطاكية ، كما وضع شروحاً لأجزاء من العهد القديم ، واتسمت فترة إدارة نرساي للمدرسة بانتشار التعاليم النسطورية على نطاق واسع ، مما أدي إلى تعــرض المــدرسة لكثير من الصعوبات والتى انتهت بإصدار قرار من الإمبراطور " زينون " بإغلاق المدرسة عام 489م بسبب طابعها النسطوري ([xxxiv][34]).
    · مدرسة نصيبين الثانية :
    أنشأـ مدرسة نصيبين الثانية لتكون بدبلاً عن مدرسة الرها بعد أن تعرض أنصار التعاليم النسطورية ([xxxv][35]) فى مدرسة الرها لأشكال مختلفة من الاضطهاد بسبب الخلاف المذهبي الذي وقع فى المدرسة بسبب أفكار نسطوريوس ، فهاجر إلى نصيبين معلمي مدرسة الرها ([xxxvi][36]) وقد وجد هؤلاء المهاجرين فى مدينة نصيبين ملجأ ومستقراً لهم ، إذ كانت المدينة آنذاك تحت سيطرة الدولة الفارسية ([xxxvii][37]) والتى رحبت بالوافدين من الرها وقدمت لهم العون لتضمن ولاءهم لها فى صراعها مع الدولة الرومانية التى كانت تسيطر على مدينة الرها فى ذلك الوقت ([xxxviii][38]) .
    وقد تمت الهجرة إلى نصيبين على عدة مراحل ([xxxix][39]) مرحلة هاجر فيها بعض المعلمين ومنهم برصوما عام 457م ثم هرب نرساي من الرها فى وقت لاحق عام471م ثم تبعه عدد كبير من تلاميذ المدرسة ([xl][40]) وحظي برصوما بمكانه رفيعة فى نصيبين فصار مطراناً لنصيبين نفسها ، وعندما قدم نرساي إلى نصيبين طلب برصوما منه أن يفتح مدرسة فى نصيبين عوضاً عن مدرسة الرها ، ونظم برصوما لائحة بمواد الدروس والفروض ليجري عليها المعلمون والتلاميذ ([xli][41]) .

    وقد اعتمدت المدرسة فى البداية على تلاميذ مدرسة الرها ومعلميها ممن هربوا إلى نصيبين ، وفى غضون فترة وجيزة كان عدد كبير من طلاب العلم فى المناطق المحيطة بنصيبين قد توافد على مدرستها نظراً لشهرة مديرها العلامة نرساى حتى وصل عدد تلاميذ المدرسة – فى عهده – أكثر من ألف تلميذ ([xlii][42]) .
    ومجمل القول بأن مدرسة نصيبين كانت تشبه كلية لاهوتية من الدرجة الأولي رغم أنها تخصصت فى اللاهوت العقيدي ولكن وجدت هناك علوم أخري مكملة كالفلسفة والمنطق واللغة والخط والموسيقي والطقوس وبعض العلوم التى تخدم الدراسات اللاهوتية ، وقد استمرت مزدهرة بعد الفتح العربي فترة من الوقت ، ثم ضعفــت فاغلقت وربما كان ذلك لأنها كانت لاهوتية فى المقام الأول ([xliii][43]) .
    · مدرسة دير قنسرين * :
    قامت مدرسة دير قنسرين فى القرن السادس ، وبقيت مزدهرة حتى القرن التاسع الميلادي ، وذاعت شهرتها فى القرن السابع بوصفها مركزاً هاماً للدراسات اليونانية ، وكان التعليم فيها باللغتين اليونانية والسريانية ، وكانت تدرس فيها آداب اللغة اليونانية بشكل خاص ، وتعلم فيها العلوم اللغوية والأدبية والكتابية والمنطقية والفلسفية والطبيعية واللاهوتية والفقية ([xliv][44]) ومن أبرز علماء هذه المدرسة " ساويرا سابوخت " ( ت 667م ) الذي جمع بين الاهتمام بالـدراسات الدينية والتبحر فى دراسة الفلسفة والرياضيات وعلم الفلك ، وقد تتلمذ " لساويرا " عدد كبير من التلاميذ فى مدرسة دير قنسرين أبرزهم العلامة يعقوب الرهاوي ( ت 708م ) والذي يعد ظاهرة فذة بين المفكرين السريان حيث تميز بسعة معارفه العلمية وتنوعها ([xlv][45]) واشتملت مؤلفاته على دراسات دينيــة وفلسفية ولغوية وتاريخية وأدبية ([xlvi][46]) وهو صاحب أول مؤلف للنحو عــند السريان والذي من خلال وضعت القواعد والضوابط للغة السريانية ، وإليه تنسب الحركات الخمس المعبر عنها بصور أحرف يونانية صغيرة وهى َ ُ ٍ ِ ٌ ([xlvii][47]) .
    · مدرسة جنديسابور* :
    أســس كسري الأول أنوشروان ( 531 – 578م ) مدرسة جنديسابور وكانت بدايتها مستشفي لمعالجة المرضي وتعليم صناعة الطب ، وكان الرومان أول من علم الطب بها ، وكان أنوشروان شديد الإعجاب بالثقافة الإغريقية الرومانية ، فرحب بالفلاسفة الذين شتتوا عندما أغلق ستينيان مدارس أثينا ([xlviii][48]) .
    وقد ترسمت مدرسة جنديسابور خطواط مدرسة الإسكندرية واستلهمت خططها ومناهجها ، بل واستعارتها منها ، وافسحت لها المجال فى دراستها ، فكان برنامج الدراسة فيها صورة لما كان عليه فى الإسكندرية وعندما أُغلق الإمبراطور زيتون مدرسة الرها 489م لاعتناق أساتذتها المذهب النسطوري ، فر إلى جنديسابور جمــع من الفلاسفة وأبائهم فاحتضنهم أكاسرة بني ساسان ([xlix][49]) وأقيمت فى جنديسابور كلية الفلك ، أُلحق بها مرصد أُنشئ على غرار ما وجــد فى الإسكندرية أما دراسة الرياضيات فقد كانت تابعة لدراسة الفلك ([l][50]) .
    ووجدت الثقافات الأخري مكاناً لها وسط هذه الدراسات الجادة مما يشير إلى أن أساس التعليم فى مدرسة جنديسابور لم يكن مقصوراً على المؤلفات اليونانية والسريانية ، بل أضيف إلى ذلك تعاليم من فلسفة الهند وآدابها وعلومها ([li][51]) وهكذا التقت فى جنديسابور الحكمة الهندية والفارسية واليونانية إلتقاء خصباً أدى بمدرستها إلى أن اشتهرت فى بلاد فارس اشتهار مدرسة الإسكندرية فى مصر ([lii][52]) .
    ولم تكـن لغة أهل جنديسابور واحدة ، وإنما كان فيها من يتكلم الإغريقية ، ومن يتكلم السريانية ، وقد تكون الظروف قد اضطرت السكان إلى استعمال الفارسية ، غير أن السريانية أصبحت لغة الدراسة فى الطب وفى العلوم الطبيعية فى مدارس الفرس تحت حكم الساسانيين ، وكان ذلك على الخصوص فى مدرسة جنديسابور ([liii][53]) .
    وبعد أن فتح المسلمون جنديسابور فى أيام الخليفة عمر بن الخطاب ظلت المدرسة تولي عنايتها للدراسات الإغريقية ولا سيما ما يتعلق بالطب([liv][54]) .
    جهود السريان فى الحضارة
    العربية الإسلامية

    كان لإتساع دولة الإسلام ، وحاجة العرب إلى ما عند الأمم فى العلوم أقوي البواعث على طلب الفلسفة والعلوم ، ونقل كتب العلم إلى اللغة العربية ، وبما أن الطابع العربي هو الذي ميز الدولة الإسلامية فى عهد الأمويين 41 – 132 هـ / 661 – 749م لهذا بقيت الدولة الأموية عربية المظهر ، كما لم يبعد الخلفاء الأمويون عن هذا الطابع إلا فى المجالات التى دفعتهم الظروف إليها دفعاً ، لقد كانوا بصدد إرساء أسس جديدة لدولة ناشئة على نهج لم يكن العرب به عهد من قبل ، وكان بودهم أن يستكملوا لها كل مقوماتها ، ولم يكن بد إذن من أن تواجههم مشكلات نتيجة لما يمارسون من نشاط جديد ، كل ذلك جعلهم يلجأون إلى ذوي الخبرة فيما جد من أمور ، فهم لم يناقضوا أنفسهم حين استمدوا العون من كل قادر عليه من أهل الثقافات اليونانية والسريانية ، مما أتاح للعقلية العربية أن تلقح بلقاح علمي جديد حمله إليها السريان على وجه التحديد ([lv][55]) .
    وكان للناطقين بالسريانية الفضل فى يقظة العرب العامة ونهضتهم الفكرية فى بغداد زمن العباسيين ، مالم يكن مثله لأمة واحدة سواهم ، تلك النهضة التى غدت ولا تزال مفخرة العصر العباسي القديم ، فقد كان العالم العربي الإسلامي ما بين 133 – 236 هـ / 750 – 850 م مسرحاً لحركة من أبرز الحركات وأخطرها فى تاريخ الفكر ، ولقد تميزت هذه الحركة بالنقل إلى العربية عن الفارسية واليونانية والسريانية ، إذ أن العربي لم يحمل معه من الصحراء فناً ولا علماً ولا فلسفة ، وإنما رافقته رغبة ملحة فى الإطلاع وفهم شديد للعلم وشئ كثير من المواهب الفكرية الكافية ، ولقد سنح للعربي فى الهـلال الخصيب أن يصبح الوريث الفكري لعلوم اليونان ومعالم حضارتهم ، فما أن مضى على تأسيس مدينة بغداد 145 هـ - 762م عقود قليلة حتى وجد الجمهور الناطق بالعربية فى متناوله أهم مؤلفات أرسطو وشروح أفلوطين وأعظم مؤلفان أبقراط وجالينوس الطبية وأبرز كتب أقليدس الرياضية وأروع آثار بطليموس الجغرافية ([lvi][56]) .
    وكان السريان هم القنطرة التى عبرت عليها هذه العلوم لتصل إلى العرب ، ولقد جري هذا التزاوج فى البيئات التى تعبق بالروح الهلينية بدافع من مساواة الإسلام بين معتنقية، إذ لم يكن ثمة تعصب أو انحياز ، وإنما كانت المساواة هى الأساس الذي بني عليه الإسلام معاملته لأهل الأديان السماوية الأخرى ، وقد كان لذلك أثره فى استثاره هممهم وتحريك رغبتهم فى المشاركة فى النشاطات المختلفة التى تـدور حولـهم ([lvii][57]) .
    والحق يقال ، أن شغف بعض الخلفاء بالعلم وتعلقهم بالمعرفة كان لهما الفضل فى بروز هذه الناحية ، ولقد وجد هؤلاء المثقفون من الخلفاء ورجالات البلاط إسناد هذه المهمة السامية والضرورية إلى علماء السريان ليكونوا واسطة العقد فى حركة الترجمة والنقل التى نشطت على أيديهم أكثر من سائر الأمم ، إيماناً منهم بقدرة هؤلاء على القيام بهذه المهمة الشاقة ، وقد ساعدهم فى ذلك مرونة لغتهم – السريانية – وإحاطتهم الشاملة فى العلوم التى ترجموها مع تضلعهم العميق فيها ، بالإضافة إلى تعمقهم فى آدب اللغتين العربية واليونانية ([lviii][58]) . وقد مرت الترجمة فى العالم العربي الإسلامي – عبر أربعة قرون من تاريخها – بمراحل مختلفة من التطور ، ابتداءً من القرن الأول الهجري حتى وصلت إلى قمتها فى بغداد فى القرن الرابع ، ويمكن تقسيم هذه الفترة إلى أربعة مراحل رئيسية ، وهي :


    · المرحلة الأولي : الترجمة فى العصر الأموي
    ( القرن الأول الهجري – السابع الميلادي ) .
    · المرحلة الثانية : الترجمة فى بداية العصر العباسي
    ( القرن الثاني الهجري – الثامن الميلادي ) وتنقسم إلى دورين :
    الأول : زمن أبي جعفر المنصور الثاني : زمن هارون الرشيد .
    · المرحلة الثالثة : الترجمة فى عهد المأمون
    ( القرن الثالث الهجري – التاسع الميلادي ) .
    · المرحلة الرابعة : الترجمة فى القرن الرابع الهجري–العاشر الميلادي.
    وهذا التقسيم لا يعني أن هناك حدوداً فاصلة بين كل مرحلة ، لأن الظواهر الفنية والحركات الأدبية متداخلة ومتشابكة ، فضلاً عن ذلك فإن الكثير ممن قاموا بالترجمة قد عاصروا أكثر من مرحلة فيوحــنا بن ماسوية ( ت 243هـ - 857م ) مثلاً ، قد خدم الأمين والمأمون والمعتصم والواثق والمتوكل ([lix][59]) .
    المرحلة الأولي : العصر الأموي
    لقد كان انتقال الخلافة من الحجاز إلى سوريا من العوامل التي فتحت الباب أمام السريان ليسهموا بجهودهم فى بناء الدولة الإسلامية ، كما كان لهذا الانتقال أثره فى تطور الحضارة ([lx][60]) فلقد وجد العرب أنفسهم حكاماً لمنطقة كانت ولاية رومانية خاضعة لقانون روماني كامل التطور وإدارة منظمة جداً ، وقد ابقو كل هذا كما كان ([lxi][61]) .
    وأخذ معاوية وخلفاؤه من بعده فى دمشق بالعادات اليونانية ، فحول الخلفاء الأمويون جمهورية المدينة الدينية العربية إلى امبراطورية حقيقة سورية ، فضربوا الدنانير الذهبية على نسق الدراهم البيزنطية ، وجعلوا الخلافة وراثية بعد أن كانت انتخابية ، واستخدموا عمالاً كثيرين من اليونان والسريان ([lxii][62]) .
    وحقيقة الأمر أن الخلفاء الأمويين لم يفرغوا للشئون العلمية بقدر ما فرغوا للأمور السياسية إلا أننا نصادف من بينهم من لم يدخر وسعاً فى سبيل تشجيع الحركة الأدبية ، والتقدم العلمي ، وإذا لم يقدر لنتائج جهودهم أن تظهر بجلاء فإن هذا يرجع لعدم استقرار الأمور طوال أيامهم وقرب العهد بالعصر الجاهلي ، وعلى ذلك يمكننا القول بأن الازدهار الذي اصابته الحياة العلمية فى العصر العباسي قد وضعت أولياته على أيام الأمويين ، ذلك لأن الظواهر الحضارية دائماً فى حاجة إلى فسحة من الوقت لكي تخرج ثمارها([lxiii][63]) .
    ويمثل العصر الأموي فى حقيقة الأمر أول دور من أدوار حركة الترجمة وعلى الرغم من أن الترجمة فى هذا العصر كانت بدائية وضعيفة المستوي إذا ما قورنت بالترجمات الأخري فى المراحل التالية ، إلا أن هذا العصر كان بحق حجر الأساس لبناء هذه الحركة عموماً ، كما أنه كان المنطلق الأول لها فى أنحاء العالم الإسلامي مشرقة ومغربة ، وكانت الترجمة فى تلك الفترة مقصورة على بعض العلوم الطبيعية كالكيمياء والطب دون أن يتعدي ذلك إلى العلوم العقلية كالمنطق وعلم النفس وما وراء الطبيعة ، ولعل السبب فى ذلك يرجع إلى أن اهتمام الناس كان موجهاً بكليته إلى العلوم الدينية الإسلامية ، وكانوا ينظرون إلى العلوم التى تدرس فى المراكز الثقافية القديمة على أنها علوم غير المسلمين ، مما أدى إلى انصرافهم عنها ([lxiv][64]) .
    وكان خالد بن يزيد الشخصية الأولي التى عملت بمشورة علماء السريان فأقدم على الاشتغال بالكيمياء ، والعناية بإخراج كتب القدماء فيها ، ونستطيع أن نذكر إلى جانب محبته للعلوم أمر إبعاده عن الخلافة ، فلقد كان راغباً فيها بعد وفاة أخيه معاوية الثاني ، ولكن مروان بن الحكم غلبه على ذلك ، فراح يحاول اكتساب العلا بالعلم ([lxv][65]) .
    ويمكن القول : إن العلوم الطبية التى احتكت بها العقلية العربية قد خرجت من أيدي أصحابها ، ونعني بهم اليونان ، وتلقفها الدارسون والشارحون الذين يعرفون اليونانية والسريانية ، وشارك الأطباء السريان فى هذه الدراسـة بنصيب وافـر، وكان لـهم دورهم فى النقـل والترجمة ([lxvi][66]) .
    ومن أشهر النقلة فى العصر الأمـوي " ما سرْجوية " ويسمي أيضــاً " ماسرجيس" وهو سرياني اللغة يهودي المذهب ، وقد نقل من السريانية إلى العربية " كُناش فى الطب " من تأليف أهرون بن أعين القس ، وقد ترجمه فى خلافة مروان بن الحكم ( ت 65 هـ - 685م ) ووجد عمر بن عبد العزيز هذا المصنف بعد ترجمته فى خزائن الكتب ، فأمر بإخراجـه ووضعه فى مصلاه ، واستخار الله فى إخراجه إلى المسلمين لينفع به ، فلما تم له فى ذلك أربعون يوماً أخرجه إلى الناس وبثه فى أيديهم ([lxvii][67]) .
    وقد اشتهر فى العصر الأموي أيضاً " ابن آثال " قال عنه ابن أبي أصيبعة " كان من الأطباء المتميزين فى دمشق ، نصراني المذهب ، ولما ملك معاوية بن أبي سفيان دمشق اصطفاه لنفسه ، وأحسن إليه ، وكان كثير الافتقاد له ، والاعتقاد فيه ، والمحادثة معه ليلاً ونهاراً ([lxviii][68]) .
    المرحلة الثانية : الترجمة فى بداية العصر العباسي
    1- أبو جعفر المنصور :
    حين جاء العصر العباسي كانت دعائم الإسلام قد ثبتت وتوطدت ، واصبحت عقائد الناس لا يخشي عليها من أن تنال منها آراء غريبة على بيئتهم ، فتغيرت المكانة التى كان يضع فيها المسلمون الفلسفة ، بل علوم الأوائل كلها ، وقد وجدوا أنهم فى حاجة إلى البحث فيها ودراستهـا ، والتزود بما تتيحه من وسائل فى الجدل والمناقشة ليتمكنوا من رد الشبهات ومقارعة الخضوم ، والدفاع عن الإسلام ([lxix][69]) .
    ويعتبر أبو جعفر المنصور أول خليفة عباسي يقوم على رعاية حركة الترجمة – وهي التى بدأ أمرها كما رأينا فى العصر الأموي – ويعمل على تشجيعها وتنشيطها بمختلف الوسائل والسبل ، فترجمت فى عهده المؤلفات المختلفة من مصادر عدة : يونانية وفارسية وهندية ، وذلك لما عرف عنه من محبته للعلم وتقريبه للعلماء ، وقد ترجم فى زمن المنصور بعض كتب الفلك ، ومن بين هذه الكتب : الكتاب الهندي فى النجوم المعروف باسم " السند هند " كما أنه أول خليفة ترجمت له كتب أرسطو طاليس فى الفلسفة والمنطق ، ومن المؤلفات التى ترجمت فى عهده أيضاً كتاب " المجسطي " فى الفلك لبطليموس وكتاب " أصول الهندسة " لأقليدس ([lxx][70]) .
    ومن أهم النقلة الذين كان لهم دور إيجابي فى ازدهار حركة الترجمة فى بغداد أيام المنصور يوحنا بن البطريق والذي ذكره القفطى بقوله : كان أمينا على الترجمة ، حسن التأدية للمعاني ، وكانت الفلسفة أغلب عليه من الطب ، وقد تولي ترجمة كتب ارسطوطاليس خاصة ، وكتب لأبقراط فى الطب ([lxxi][71]) ومن أهم النقلة فى هذا العصر أيضاً " جورجيوس بن جبرائيل بن يختيشوع " يقول عنه ابن أبي أصيبعة : أنه أول من ابتدأ فى نقل الكتب الطبية إلى اللسان العربي عندما استدعاه المنصور ليعالجه ، وكان من أمهر أطباء زمانه وذاعت شهرته ، وكان رئيس أطباء جنديسابور ([lxxii][72]) .
    2- هارون الرشيد :
    عندما تولي هارون الرشيد الخلافة كانت بغداد فى عهده مركزاً لحركة تهدف إلى ترجمة المؤلفات العلمية اليونانية إلى العربية ، وقد كانت المؤثرات فى السنوات الأربع والعشرين التى مرت بين تأسيس بغداد وتولي هارون الرشيد الخلافة ، تفعل فعلها لإذكاء هذه الحركة ، وبرز من هذه المؤثرات عامـلان أحدهما يشع من " مرو" _ وهي بعيدة فى خراسان ، وهي مدينة فارسية ، وقد نشأ هارون الرشيد نفسه فى "مرو" _ والآخر من جنديسابور .
    وكانت جنديسابور تقع بالقرب من بغداد ، وكان الأطباء النابهون يستدعون منها إلى البلاط فى عهد الخلفاء العباسيين ، فلما وفق الأطباء فى أعمالهـم استقروا فى بغداد ليكونوا أطباء البلاط وأصبحوا ذوي الثراء والنفوذ ، وقد كون هؤلاء مع العلماء القادمين من " مرو " جماعة مشمولة برعاية البلاط صارت أشبة ما تكون بالجامعة ولكنها أقرب إلى الجمعية العلمية منها إلى هيئة التدريس ، وكان علماء جنديسابور معتادين على دراسة العلوم اليونانية فى الترجمات السريانية ، وقد كانت الترجمات العربية تكمل الترجمات السريانية شيئاً فشيئاً ، ثم مالبثت الترجمات العربية أن حلت محل الترجمات السريانية آخر الأمر ([lxxiii][73]).
    وقد بدأت أعمال الترجمة فى عهد هارون الرشيد بتشجيع من الوزير جعفر البرمكي ، وكانت الترجمة قاصرة فى أول الأمر على كتب الرياضة والفلك ... وقد نقلت الكتب الطبية أولاً عن طريق الترجمات السريانية ، وكذلك كان الأمر فى بعض الكتب الرياضية والفلكية على الأقل ، ولكن الرجوع إلى الأصول اليونانية رأساً كان أسبق فى هذين الفرعين ، والسبب فى ذلك هو أن الدقة الشديدة فى المصطلحات الرياضية فى غاية الأهمية ، وقد كانت اللغة العربية تفتقر إلى المصطلحات الفنية التى يصطنعها العلماء اليونانيون ، فكانت تكتب أحياناً كما هي بحروف عربيـة ([lxxiv][74]) .
    ومن أشهر النقلة فى ذلك الوقت يوحنا بن ماسويه الذي قدم من جنديسابور ، وقد ولاه الرشيد ترجمة الكتب الطبية القديمة التى وجدت بأنقره وعمورية وسائر بلاد الروم حين افتتحها المسلمون ، ووضعه أمينا على الترجمة ، ورتب له كتاباً حذاقاً يكتبون بين يديه ، وقد ألف يوحنا كتباً كثيرة بلغت ثمانية وعشرين كتاباً ([lxxv][75]) منها كتاب جامع الطب ، كتاب التشريح ، وكتاب السموم وعلاجها ([lxxvi][76]) وقد تتلمذ عليه حنين بن اسحاق فترة من الزمن .
    المرحلة الثالثة : الترجمة فى عهد المأمون
    كانت حركة الترجمة فى عهد المأمون قد بلغت ذروتها من حيث النشاط والدقة ، وهذه المرحلة شهدت إقامة بيت الحكمة وتُرجم خلالها عدد كبير من كتب أبقراط وجالينوس وأرسطو وبعض كتب أفلاطون ، الأمر الذي يمكن معه أن يطلق على هذا القرن اسم ( قرن الترجمة ) وذلك بسبب التحولات الجذرية التى شهدها فى هذا الميدان بصفة خاصة ، وما رافق ذلك من نتائج بصفة عامة .
    ولعل أهم ما يميز تلك المرحلة من تاريخ الترجمة أن الحصول على كتب الأوائل بأنواعها أصبح مطلباً ثقافياً عاماً ، وأن البحث عنها فى بلاد الروم واستدعاء التراجمة لها ، وإجزال العطاء لهم ، كان ضروريا ، وفى هذا الدور تقاطر إلى بغداد المترجمون من أنحاء العراق والشام وفارس ، وكثر فى بغداد الوراقون وباعة الكتب ، وتعددت مجالس العلم والمناظرة ، وأصبح هم الناس البحث والدرس ، وظلت تلك النهضة بعد المأمون حتي نقلت أهم كتب القدماء إلى اللغة العربية ([lxxvii][77]) .
    وكما كان المأمون وغيره من الخلفاء فى القرن الثالث الهجري ينفقون على الترجمة من أموالهم ، كان الناس بدورهم يبذلون من غناهم ، فيذكر ابن أبي أصيبعة أنه كان لدي حنين بن اسحاق كاتب يعرف بالأزرق ينسخ له كتبه بخط مولَّد كوفي – وهي حروف كبار بخط عليظ فى أسطر متفرقة ، وورقها كل ورقة منها بغلظ ما يكون من هذه الأوراق المصنوعة يومئذ ثلاث ورقات أو أربع – وكان قصد حنين بن اسحاق بذلك تعظيم حجم الكتاب وتكثير وزنه لأجل ما يقابل به من وزنه دراهم ([lxxviii][78]) .
    ولم يمض وقت طويل حتى وجد الطلاب من العرب أنه قد تيسر لهم الاطلاع فى العربية على الشطر الأكبر من مؤلفات جالينوس وأبقراط وبطليموس وأقليدس وأرسطو وغيرهم من فطاحل المؤلفين اليونانيين ، وكان عمل الترجمة من شقين ، فقد كانت توضع الترجمات فى العربية والسريانية على السواء ([lxxix][79]) .
    وقد درس حنين ابن اسحاق الطب فى مدرسة جنديسابور ، وحضر مجالس يوحنا بن ماسوية فى بغداد ([lxxx][80]) مما كان له دافعاً على أن يهتم بنقل الكتب الطبية وخصوصاً كتب جالينوس حتى أنه فى أغلب الظن لم يوجد شئ من كتب جالينوس إلا بنقل حنين ([lxxxi][81]) كذلك نقل حنين عدداً كبيراً من كتب أبقراط وأرسطو ، ومن المؤلفات التى نقلها إلى العربية أصول الهندسة لإقليدس ، وأصلحه فيما بعد ثابت بن قَُرة ، وكتاب المعطيات لإقليدس أيضاً ، ثم كتاب المجسطي فى الفلك لبطليموس ([lxxxii][82]) .
    ومن أبرز علماء بغداد فى تلك الفترة ثابت بن قُرة الذي كانت له شهرة فى علوم متعددة كالفلك والطب والرياضيات والفلسفة ، وترجم كتباً عديدة فى كل هذه العلــوم لمقدرته على إجادة اللغات الثلاثة : اليونانية والسريانية والعربية ، وألف فى العربية مائة وخمسين كتاباً فى المنطق والرياضيات والفلك والطب ([lxxxiii][83]) .
    وخير شاهد على هذا العصر هو " بيت الحكمة " احدي حلقات الاتصال بين العــرب والسريان ، ويري البعض أن الذي انشأه هو الخليفة هارون الرشيد ، وبينما يري البعض الآخر أن الخليفة المأمون هو الذي أمر بإنشائه ، فعلي سبيل المثال : يذكر د. جورج قنواني : أن المأمون أنشأ دار الحكمة أو بيت الحكمة فى بغداد وكان فى ذلك مقلداً لأكاديمية جنديسابور القديمة ([lxxxiv][84]) .
    ويرى أحمد أمين : أن الرشيد هو الذي وضع أساس هذه الدار ثم نماها المأمون وقواها ، وولي يوحنا بن ماسوية ترجمة الكتب الطبية القديمة ووضعه أميناً على الترجمة ([lxxxv][85]) .
    وكانت دار الحكمة تضم شراحاً ونقلة أى مترجمين يجيدون اللغات اليونانية والسريانية والفارسية فضلاً عن العربية ، وكان المأمون يرسل وفوداً من عماء حاشيته إلى القسطنطينية للحصول على مخطوطات من هناك ، كما أنه كان يوجد قسم للتجليد ثم توزع الكتب حسب لغتها وعلمها ، وكان كل قسم تحت رئاسة مسئول ([lxxxvi][86]) .
    ومن أهم الشخصيات التى أحدثت نقطة تحول فى تاريخ بيت الحكمة هو بلا جــدال " حنين بن اسحاق " فهو من أشهر نقلة العلوم اليونانية إلى العربية ، وكان عالماً باللغات اليونانية والسريانية والفارسية والعربية ، ووضعه المأمون على رأس بيت الحكمة ، ومن ذلك التاريخ سارت الترجمة قدماً ويُذكر أن ثابت بن قرة قد أصلح عدداً كبيراً من ترجمات اسحاق بن حنين الفلسفية والرياضية ، ومن الترجمات التى أصلحها ، النسخة التى نقلها اسحاق بن حنين من المجسطي لبطليموس إلى العربية، ثم إنه نقل هذا الكتاب نقلاً جيداً وأصلحه وأوضحه ([lxxxvii][87]) .
    المرحلة الرابعة : الترجمة فى القرن الرابع الهجري العاشر الميلادي
    أما العصر الذهبي للترجمة العربية فقد كان فى القرن الرابع الهجري – العاشر الميلادي – حيث كانت معظم النصوص اليونانية والشروح عليها متوفرة باللغة السريانية ، ومن ثم نحت الترجمة منحني آخر ، فبعد أن كانت الأعمال تُترجم من اليونانية إلى السريانية ، أصبحت معظم الترجمات فى هذا العصر تُنقل من السريانية إلى العربية ، ويرجع ذلك إلى ندرة المترجمين الذين يجيدون اليونانية ، بالإضافة إلى أن أكثر المؤلفات اليونانية الفلسفية قد ترجمها رجال المرحلة السابقة بأنفسهم إلى السريانية تمهيداً لترجمتها بعد ذلك إلى العربية ([lxxxviii][88]) .
    ومن المترجمين الذين ترجموا عن السريانية مباشرة فى هذه المرحلة أبو بشر متي بن يونس والذي ترجم كتابي البرهان والشعر لأرسطو ، وشرح الإسكندر الأفروديسي على الكون والفساد ، وشرح ثامسطيوس على الكتاب الثلاثين من الميتافيزيقا ، ومن المترجمين الذين ترجموا عن السريانية أيضاً يحي بن عدي التكريتي– وكان تلمـيذاً لحنيين بن اسحـاق – الذي أعد ترجمات جديدة للمقولات والسفسطة والشعر والميتافيزيقا لأرسطو ، وكذلك نقل النواميس وطيماوس لأفلاطون ، وتعليق الإسكندر الأفروديسى على المقولات ، وشرح ثيوفراسطس لكتاب الأخلاق ، كما ترجم أبو على عيس بن زرعة كتاب المقولات وكتاب التاريخ الطبيعي وكتاب الحيوان لأرسطو ([lxxxix][89]) .
    ومما سبق يتضح لنا أن جهود السريان كان له أكبر الأثر فى الفكر العربي الإسلامي ، وساعدهم فى ذلك : إجادتهم للغات كالسريانية واليونانية والفارسية والعربية ، كما أنهم قطعوا شوطاً كبيراً فى مجال ترجمة التراث القديم قبل الفتح العربي الإسلامي ، وذلك من خلال مدارسهم الشهيرة ، مثل مدرسة نصيبين والرها وجنديسابور وديرقنسرين ، فكانت هذه المدارس بمثابة جسور عبرت فوقها العلوم من حضارات مختلفة ، فامتزجت علوم الإسكندرية واليونان والهند والفرس مروراً بهذه المدارس لتنتهي المسيرة العلمية فى بغداد تلك المدينة التى قُدِّر لها أن تكون عاصمة الدنيا عدة قرون ومركزاً حضارياً للعالم أجمع .
    وكانت سماحة الإسلام دافعاً قوياً للسريان فى بذل الجهد حيث رضي الإسلام أن يظل أهل الأديان الأخري على أديانهم ، كما أن الفتوحات الإسلامية لم توقف سير الحياة العقلية فى البلاد المفتوحة ، كما شجع الخلفاء أهل العلم وأجزلوا لهم العطاء حيث كان الخليفة المأمون يزن ما يُترجم ذهباً وفضة ويمنحه للمترجم ، كل ذلك كان له أثره فى استثاره هممهم ، وتحريك رغبتهم فى المشاركة فى كل ما يدور حولهم .

    الهوامش


    [i][1] - السريانية نحوها وصرفها – د. زاكية رشدي – دار الثقافة للطباعة والنشر ، الطبعة الثانية ، القاهرة 1978م ، ص 10 .

    [ii][2] - السريان قديماً وحديثاً ، سمير عبده ، دار الشروق للنشر والتوزيع ، عمان ، الأردن 1997م ، ص 24 .

    [iii][3] - السريانية وعلاقتها بالعربية ، د. زاكية رشدي ، مجلة الدراسات الشرقية ، العدد الثالث ، القاهرة 1985م ، ص 10 .

    [iv][4] - تاريخ الأدب السرياني من نشأته إلى العصر الحاضر ، د. مراد كامل ، د. محمد حمدي البكري ، د. زاكية رشدي ، دار الثقافة للطباعة والنشر ، القاهرة 1979م ، ص 13 – 14 .

    [v][5] - روح الحضارة العربية ، هانز شيدر ، ترجمة : د. عبد الرحمن بدوي ، بيروت ، دار العلم للملايين 1949م ، ص 21 .

    [vi][6] - السريان والحضارة الإسلامية ، الشحات السيد زغلول ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، الإسكندرية 1975م ، ص 75 .

    [vii][7] - السريان قديماً وحديثاً ، سمير عبده ، ص 56 – 57 .

    * للحضارة اليونانية عصر " هيليني " وعصر " هيلينستي " الأول عصر الحضارة اليونانية فى نشأتها وتطورها ونضجها فى بلاد اليونان ومستعمراتها بوجة عام ، وحول أثينا بوجة خاص ، أما العصر الثاني فبدأ عند الاسكندر ، وامتد عدة قرون بعده ، وامتاز بانتشار الحضارة " الهلينية " ذاتها ، لا فى بلاد اليونان ومستعمراتها فحسب ، وإنما فى حوض البحر المتوسط بين مصر وايطاليا ، وفى الشرق الأدني من آسيا ، وفى شرقها الأقصي أيضاً .
    انظر : تمهيد لتاريخ مدرسة الإسكندرية وفلسفتها ، د. نجيب بلدي ، دار المعارف بمصر ، 1962م ، ص 55 .

    [viii][8] - مسالك الثقافة الإغريقية إلى العرب ، أوليري ، ترجمة : د. تمام حسان ، مكتبة الأنجلو المصرية ، ص 26 – 27 .

    [ix][9] - السريان والحضارة الإسلامية ، د. الشحات السيد زغلول ، ص 43 .

    [x][10] - فجر الإسلام ، أحمد أمين ، القاهرة 1928م ، ص 32 .

    * بعد غزو الاسكندر لمملكة فارس 331 ق . م وموته فى 323 ق . م تم تقسيم المملكة بين المتنافسين من قواده ، وقد حصل سيليوقوس فى هذا التقسيم على القسم الأسيوي والذي بني فيه عاصمته الجديدة أنطاكية فى غرب سورية حوالي عام 300 ق . م .
    انظر : مسالك الثقافة الإغريقية إلى العرب ، اوليري ، ترجمة : د. تمام حسان ، ص 8 – 9 .

    [xi][11] - أنطاكية القديمة ، جلانفيل داوني ، ترجمة : ابراهيم نصحي ، القاهرة ، دار نهضة مصر للطباعة والنشر 1967م ، ص 6 .

    [xii][12] - المسيحية والحضارة العربية ، د. جورج قنواتي ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، بيروت ، بدون تاريخ ، ص 73 .

    [xiii][13] - أنطاكية القديمة ، جلانفيل داوني ، ترجمة : ابراهيم نصحي ، ص178 .

    [xiv][14] - ضحي الاسلام ، أحمد أمين ، ج 1 ، ص 59 – 60 .

    [xv][15] - انظر : ثقافة السريان فى القرون الوسطى ، نينا بيغوليفسكايا ، ترجمة : د. خلف الجراد – سورية 1990م .

    * مدينة نصيبين يسميها اليونان انطاكية ميكدونيا ، وكانت تحتل موقعاً هاماً فى المنطقة التى ضمت إلى روما 278م ، وبذلك أصبحت أحدي مدن الحدود بين المملكتين الرومانية والفارسية ، وتقع نصيبين اليوم على الحدود التركية السورية فى أقصي شمال سورية .
    انظر : تاريخ كلدو وآثور ، أدي شير ، ج 2 ، ص 41 .
    المراكز الثقافية السريانية ، غريفوريوس يوحنا ابراهيم ، دار ماردين حلب ، دمشق 1997م ، ص 19 .

    [xvi][16] - السريان والحضارة الاسلامية ، د. الشحات السيد زغلول ، ص 82 .

    [xvii][17] - اللؤلؤ المنثور فى تاريخ العلوم والآداب ، افرام برصوم ، ص 197 .

    [xviii][18] - تاريخ كلدو وآثور ، أدي شير ، ج 2 ، 146 .

    [xix][19] - تاريخ الأدب السرياني ، د. مراد كامل وآخرون ، ص 127 .

    [xx][20] - السريان والحضارة الاسلامية ، د. الشحات السيد زغلول ، ص 83 .

    [xxi][21] - انظر : المسيحية والحضارة العربية ، د. جورج قنواتي ، ص 77 .
    تاريخ الأدب السرياني ، د. مراد كامل وآخرون ، ص 27 .

    * تقع مدينة الرها فى الجزء الشمالي الغربي من اقليم ما بين النهرين ، وقد بناها سلوقس سنة 304 ق . م ، وأطلق عليها العديد من الأسماء فكان اسمها بالسريانية " أورهاي " نسبة لأحد ملــوك الآراميين القدماء ، وأسماها اليونانيون " الروهة " ودعاها السلوقيين " إديسا " وتعرف عند العرب " الرها " وحرفها الأتراك إلى " أورفا " وهو اسمها الحالي ، وقد لعب الصراع الفارس الروماني دوراً هاماً فى تاريخها السياسي حيث كانت على الدوام محط انظارهم وأطماعهم حتي فتحها العرب المسلمون سنة 637م عام 16 هـ .
    انظر : دائرة معارف البستاني ، ج 8 ، ص 686 ، 687 .

    [xxii][22] - فجر الاسلام ، أحمد أمين ، ص 155 .

    [xxiii][23] - تاريخ سورية ولبنان وفلسطين ، فيليب حتي ، ترجمة : كمال اليازجي ، ج 2 ، دار الثقافة ، بيروت 1985م ، ص 301 .

    [xxiv][24] - السريان قديماً وحديثاً ، سمير عبده ، ص 59 .

    [xxv][25] - اللؤلؤ المنثور فى تاريخ العلوم والآدب ، افرام برصوم ، ص 197 .

    [xxvi][26] - السريان إيمان وحضارة ، اسحاق زاكا ، ج 3 ، ص 157 ، 158 .

    [xxvii][27] - تاريخ الأدب السرياني ، د. مراد كامل وآخرون ، ص 96 – 114 .

    [xxviii][28] - الفكر العربي ومركزه فى التاريخ ، أوليري ، ترجمة : اسماعيل البيطار ، ص 43 .

    [xxix][29] - مسالك الثقافة الإغريقية إلى العرب ، أوليري ، ترجمة : د. تمام حسان ، ص 90 .

    [xxx][30] - السريان والحضارة الاسلامية ، د. الشحات السيد زغلول ، ص 79 .

    [xxxi][31] - أدب اللغة الآرامية ، ألبير ابونا ، ص 159 .

    [xxxii][32] - تاريخ الفلسفة فى الاسلام ، دي بور ، ترجمة : د. محمد عبد الهادي أبو ريده مكتبة النهضة المصرية ، القاهرة 1948م ، ص 16 .

    [xxxiii][33] - انظر : أدب اللغة الآرامية ، ألبر ابونا ، ص 127 .
    تاريخ الأدب السرياني ، د. مراد كامل وآخرون ، ص 158 .
    تاريخ كلدو وآثور ، ادي شير ، ج 2 ، ص 274 .
    السريان إيمان وحضارة ، اسحاق زاكا ، ج 3 ، ص 159 .

    [xxxiv][34] - تاريخ سورية ولبنان وفلسطين ، فيليب حتي ، ج 1 ، ص 409 .

    [xxxv][35] - التعاليم النسطورية – والتي دعمها نسطوريوس الراهب الأنطاكي – وهي أن فى المسيح شخصيتين احداهما إلهي والآخر إنساني غير ملازمين بالضرورة أحدهما للأخر ، فالمسيح عندما ولد كان إنسانا محضا ثم سكنت فيه الإلوهية ولازمته إلى حين صلبه حينئذ فارقته فلم يكـن على الصلــيب سوي إنسان متألم ، ولذلك كان اتباع هذا المذهب يسمون العذراء مريم " والدة المسيح " وليس " والدة الله " .
    انظر : المسيحية والحضارة العربية ، د. جورج قنواتي ، ص 78 – 79 .

    [xxxvi][36] - المراكز الثقافية السريانية ، غريغوريوس يوحنا ابراهيم ، ص 20 – 21 .

    [xxxvii][37] - تاريخ الحضارة الإسلامية ، ف . بارتولد ، ترجمة : د. حمزه طاهر ، دار المعارف ، القاهرة 1983م ، ص 48 .

    [xxxviii][38] - تاريخ الأدب السرياني ، د. مراد كامل وآخرون ، ص 128 .

    [xxxix][39] - تاريخ كلدو وآثور ، أدي شير ، ج 2 ، ص 138 .

    [xl][40] - مسالك الثقافة الإغريقية ، اوليري ، ص 84 – 85 .

    [xli][41] - أدب اللغة الآرامية ، البير ابونا ، ص 119 – 121 .

    [xlii][42] - المدارس السريانية فى الشرق الأدني القديم ، ماجدة انور ، رسالة ماجستير غير منشورة ، جامعة القاهرة 1988م ، ص 99 .

    [xliii][43] - المراكز الثقافية السريانية ، غريغوريوس يوحنا ابراهيم ، ص 23 .

    * قنسرين لفظ سرياني مركب من كلمتين ومعناه " وكر النسور " ويقع الدير على الضفة الشرقية لنهر الفرات ، وقد تأسس الدير حوالي 530م ، انظر اللؤلؤ المنثور فى تاريخ العلوم والآداب ، افرام برصوم ، بغداد 1976م ، ص 20 .

    [xliv][44] - انظر : الفكر العربي ومركزه فى التاريخ ، دي لاس اوليري ، ترجمة : اسماعيل البيطار ، بيروت 1972م ، ص 45 .
    المراكز الثقافية السريانية ، غريغوريوس يوحنا ابراهيم ، دار ماردين للنشر ، حلب ، سورية 1997م ، ص 11 – 12 .

    [xlv][45] - تاريخ الأدب السرياني ، د. مراد كامل وآخرون ، ص 261 – 264 .

    [xlvi][46] - أدب اللغة الآرامية ، ألبير أبونا ، بيروت 1970م ، ص 368 .

    [xlvii][47] - المراكز الثقافية السريانية ، غريغوريوس يوحنا ابراهيم ، ص 15 .

    * انشأ سابور بن أردشير ( 241 – 272م ) مدينة جنديسابور لتكون معسكراً للأسري الرومان الذين كانوا يقعون فى أسر الدولة الفارسية خلال الحروب المتواصلة بينها وبين الدولة الرومانية ، وقد عومل هؤلاء السجناء معاملة كريمة لأنهم كانوا على ثقافة عالية ، وقد نجح سابور فى استغلال مواهب هؤلاء الأسري واستثمار مهاراتهم فى تنفيذ كثير من المشروعات الهندسية حتي تحولت جنديسابور إلى مركز علمي وثقافي .
    انظر : مسالك الثقافة الإغريقية ، ص 19 .

    [xlviii][48] - المسيحية والحضارة العربية ، د. جورج شحاته قنواتي ، ص 80 .

    [xlix][49] - السريان والحضارة الاسلامية ، د. الشحات السيد زغلول ، ص 65 / 67 .

    [l][50] - تاريخ الفكر العربي ، اسماعيل مظهر ، 1928م ، ص 13 .

    [li][51] - مسالك الثقافة الإغريقية ، اوليري ، ترجمة : د. تمام حسان ، ص 105 .

    [lii][52] - تاريخ آداب اللغة العربية ، جرجي زيدان ، ج 2 ، القاهرة ، دار الهلال ، ص 212 .

    [liii][53] - العراق وما توالي عليه من حضارات ، حسن عون ، مطبعة رويال ، الإسكندرية 1952م ، ص 121 .

    [liv][54] - السريان والحضارة الاسلامية ، د. الشحات السيد زغلول ، ص 70 – 71 .

    [lv][55] - السريان قديماً وحديثاً ، سمير عبده ، ص 66 .

    [lvi][56] - حركة الترجمة والنقل فى العصر العباسي ، موسي يونان مراد ، بيروت 1973م ، ص 23 .

    [lvii][57] - السريان قديماً وحديثاً ، سمير عبده ، ص 67 .

    [lviii][58] - حركة الترجمة والنقل فى العصر العباسي ، موسي يونان مراد ، ص 5 .

    [lix][59] - انظر : - الحضارة الإسلامية ، د. طه عبد المقصود ، القاهرة 2003م ، ص 162 .
    - بيت الحكمة احدي حلقات الاتصال بين العرب والسريان ، د. ماجدة انور ، مجلة الدراسات الشرقية ، العدد 25 لسنة 2000م ، ص 184 – 185 .
    - السريان قديماً وحديثاً ، سمير عبده ، ص 70 .

    [lx][60] - السريان والحضارة الإسلامية ، د. الشحات السيد زغلول ، ص 129 .

    [lxi][61] - مسالك الثقافة الإغريقية إلى العرب ، أوليري ، ترجمة : د. تمام حسان ، ص 206 .

    [lxii][62] -المعجزة العربية ، ماكس فانتاجو ، ترجمة : رمضان لاوند ، دار الكشاف ، بيروت 1954م ، ص 121 .

    [lxiii][63] - السريان والحضارة الإسلامية ، د. الشحات السيد زغلول ، 127 – 128 .

    [lxiv][64] - الحضارة الإسلامية ، د. طه عبد المقصود ، ص 163 .

    [lxv][65] - تاريخ آداب اللغة العربية ، جرجى زيدان ، ج 2 ، ص 332 .

    [lxvi][66] - السريان قديماً وحديثاً ، سمير عبده ، ص 67 .

    [lxvii][67] - إخبار العلماء بأخبار الحكماء ، أبو الحسن على بن يوسف القفطي ( ت 646 هـ - 1248م ) مكتبة المتنبي ، القاهرة ( بدون تاريخ ) ، ص 213 .

    [lxviii][68] - عيون الأنباء فى طبقات الأطباء ، ابن أبي أصيبعة ، المطبعة الوهبية ، القاهرة ( بدون تاريخ ) ج 1 ، ص 170 .

    [lxix][69] - السريان والحضارة الإسلامية ، الشحات زغلول ، ص 172 .

    [lxx][70] - الحضارة الإسلامية ، طه عبد المقصود ، ص 165 .

    [lxxi][71] - أخبار العلماء بأخبار الحكماء ، القفطي ، ص 248 .

    [lxxii][72] - عيون الانباء فى طبقات الأطباء ، ابن أبي أصيبعة ، ج 1 ، ص 203 .

    [lxxiii][73] - علوم اليونان وسبل انتقالها إلى العرب ، اوليري ، ترجمة : د. وهيب كامل ، ص 212 – 215 .

    [lxxiv][74] - المصدر السابق ، ص 219 – 220 .

    [lxxv][75] - اخبار الحكماء ، القفطي ، ص 249 .

    [lxxvi][76] - انظر : حركة الترجمة والنقل فى العصر العباسي ، موسي يونان مراد ، ص 98 .

    [lxxvii][77] - الحضارة الإسلامية ، د. طه عبد المقصود ، 168 .

    [lxxviii][78] - المرجع السابق ، ص 169 .
    وانظر : عيون الأنباء فى طبقات الأطباء ، ابن ابي أصيبعة ، ج 1 ، ص 183 .

    [lxxix][79] - انظر : - حركة الترجمة والنقل فى العصر العباس ، موسي يونان مراد ، ص 132 .
    - علوم اليونان وسبل انتقالها إلى العرب ، اوليري ، ترجمة : د. وهيب كامل ، ص 227 .

    [lxxx][80] - اخبار العلماء بأخبار الحكماء ، القفطي ، ص 120 .

    [lxxxi][81] - عيون الانباء فى طبقات الأطباء ، ابن أبي اصيبعة ، ج 1 ، ص 188 .

    [lxxxii][82] - السريان والحضارة الإسلامية ، د. الشحات زغلول ، ص 195 .

    [lxxxiii][83] - حركة الترجمة والنقل فى العصر العباس ، موسي يونان مراد ، ص 140 .

    [lxxxiv][84] - المسيحية والحضارة العربية ، د. جورج قنواتي ، ص 103 .

    [lxxxv][85] - ضحي الإسلام ، أحمد أمين ، ج 2 ، ص 61 .

    [lxxxvi][86] - المسيحية والحضارة العربية ، د. جورج قنواتي ، ص 103 .

    [lxxxvii][87] - أخبار العلماء بأخبار الحكماء ، القفطي ، ص 83 .

    [lxxxviii][88] - بيت الحكمة احدي حلقات الاتصال بين العرب والسريان ، د. ماجدة انور ، ص 186 – 188 .

    [lxxxix][89] - الفكر العربي ومركزه فى التاريخ ، اوليري ، ترجمة : اسماعيل البيطار ، ص 101 .

    للذهاب إلى موقع المؤلف

    اضغط هنا
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 1 نوف, 2020, 11:11 ص.

  • #2
    الأخ الفاضل السيد/ عاكف
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    سعدت جدا بمشاركتك وهذا الكم الهائل من المعلومات ولكن لى بعض التحفظ على ماورد فى مشاركتكم
    من الناحية اللغوية فاللغة السريانية يوجد بها تضعيف فى اللفظ ولكن لاتوجد له علامة للتضعيف فى الخط ، كلمة ابن المقابل الصوتى لها فى السريانية ( برا) وكلمة ابنة (برتا) إلا إذا كنت من أهل معلولا ولك لهجة خاصة .
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 1 نوف, 2020, 11:11 ص.

    تعليق


    • #3
      تسلم اخوى على الموضوع الرائع
      التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 1 نوف, 2020, 11:11 ص.

      تعليق


      • #4
        الأخ الفاضل /عاكف الروضة
        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
        اشكرك أولا على المتابعة كما أشكرك على بحث (محمد فى الكتاب المقدس ) الذى ورد باسم شادى الشام
        والذى أعتبره من الأبحاث الراقية والذى بُذل فيه جهدا كبيرا ، بارك الله فيك .
        أعلم جيدا الفرق بين اللهجتين الشرقية والغربية وبصفة خاصة الفتحة الطويلة التى تنطق ضمة ، احيك مرة أخرى وأشكرك على المتابعة .
        التعديل الأخير تم بواسطة محمد شبانه; 1 نوف, 2020, 11:10 ص.

        تعليق


        • #5
          اشكرك استاذنا الفاضل على هذا الفيض العظيم والمبارك من المعلومات
          والتى أرجو أن ينفعنا الله بها
          وما فهمته من فضيلتكم أن اللغات التى كانت منتشره بين المدارس المتتابعه
          فى الشرق كانت مابين السريانيه واليونانيه وذلك قبل الفتح الاسلامى
          ولكنى قرأت فى بعض المواقع وسمعت من بعض المثقفين ان المصريين كانوا
          يتحدثون باللغه القبطيه فهل هذا كلام صحيح وهل هناك فعلا لغه تسمى القبطيه
          وكيف كانت تكتب ؟
          برجاء الافاده وجزاكم الله خير الجزاء

          تعليق

          مواضيع ذات صلة

          تقليص

          المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
          ابتدأ بواسطة عادل خراط, 14 ديس, 2022, 12:39 م
          ردود 0
          29 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة عادل خراط
          بواسطة عادل خراط
           
          ابتدأ بواسطة د/ احمد الجمل, 5 مار, 2020, 03:37 م
          رد 1
          280 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة د.أمير عبدالله  
          ابتدأ بواسطة د/ احمد الجمل, 3 مار, 2020, 10:01 ص
          ردود 0
          69 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة د/ احمد الجمل  
          ابتدأ بواسطة وليد اليحصبي, 4 سبت, 2014, 01:54 ص
          ردود 2
          5,525 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة وليد اليحصبي  
          ابتدأ بواسطة د/ أحمد الجمل, 17 ماي, 2010, 08:33 م
          ردود 8
          14,070 مشاهدات
          0 معجبون
          آخر مشاركة الفضة
          بواسطة الفضة
           
          يعمل...
          X